Important Announcement
PubHTML5 Scheduled Server Maintenance on (GMT) Sunday, June 26th, 2:00 am - 8:00 am.
PubHTML5 site will be inoperative during the times indicated!

Home Explore القواعد والأصول وتطبيقات التدبر

القواعد والأصول وتطبيقات التدبر

Published by كتاب فلاش Flash Book, 2020-05-01 07:25:17

Description: لخالد السبت

Search

Read the Text Version

‫د‪.‬‬

‫الطبعة الأولى‬ ‫‪ 1437‬ـه‪2016 -‬‬ ‫الرياض ـ الدائري الشرقي ـ مخرج ‪15‬‬ ‫هاتف ‪ 011 2549993‬ـ تحويلة ‪333‬‬ ‫ناسوخ ‪011 2549996‬‬ ‫ص‪.‬ب‪ 93404.‬الرمز‪11684 :‬‬ ‫البريد الحاسوبي‪[email protected] :‬‬ ‫‪www.tadabbor.com‬‬ ‫‪.............................‬‬ ‫ح خالد عثمان السبت‪ 1437 ،‬ـه‬ ‫فهرسة مكتبة الملك فهد الوطنية أثناء النشر‬ ‫السبت‪ ،‬خالد عثمان‬ ‫القواعد والأصول وتطبيقات التدبر‪ / .‬خالد عثمان السبت‪ ،‬الرياض‪ 1437 ،‬ـه‬ ‫‪ 96‬ص؛ ‪ 22 × 17‬سم‬ ‫ردمك‪978-603-01-9613-5 :‬‬ ‫أ‪ .‬العنوان‬ ‫‪ -1‬القرآن ‪ -‬مباحث عامة ‪ -2‬القرآن ‪ -‬أحكام ‬ ‫‪1437 / 161‬‬ ‫ديوي ‪ 229‬‬ ‫رقم الإيداع‪1437 / 161 :‬‬ ‫ردمك‪978-603-01-9613-5 :‬‬



‫المقدمة‬ ‫إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره‪ ،‬ونعوذ بالله من شرور أنفسنا‬ ‫وسيئات أعمالنا‪ ،‬من يهده الله فلا مضل له‪ ،‬ومن يضلل فلا هادي له‪ ،‬وأشهد أن‬ ‫لا إله إلا الله وحده لا شريك له‪ ،‬وأشهد أن محم ًدا عبده ورسوله‪ ،‬صلى الله وسلم‬ ‫وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين‪ ،‬أما بعد‪:‬‬ ‫فهذه ُجلة من الأصول والقواعد والضوابط وطرق الدلالة ال ُمنوعة‪ ،‬وما له‬ ‫نوع اتصال بذلك مما ُي َت َو َّصل به إلى استخراج المعاني والهدايات من القرآن الكريم‪،‬‬ ‫مقرونة بتطبيقاتها وأمثلتها التي توضحها وتجليها‪ ،‬إلى غير ذلك مما تجده مسطو ًرا‬ ‫في هذا الكتاب‪.‬‬ ‫قال الشيخ عبد الرحمن السعدي ‪« :r‬ومن أصول التفسير‪ :‬إذا َف ِه ْمت ما دلت‬ ‫عليه الآيات الكريمة من المعاني ُم َطا َب َقة وتَ َض ُّمنًا‪ ،‬فاعلم أن لوازم هذه المعاني‪ ،‬وما‬ ‫لا تتم إلا به‪ ،‬وشرو َطها وتواب َعها؛ تابع ٌة لذلك المعنى؛ فما لا يتم الخبر إلا به فهو تابع‬ ‫للخبر‪ ،‬وما لا يتم الحكم إلا به فهو تابع للحكم‪ .‬وأن الآيات التي ُي ْف َهم منها‬ ‫ال َّت َعا ُرض والتنا ُقض‪ ،‬ليس فيها َت َنا ُق ٌض ولا َت َعا ُرض‪ ،‬بل يجب َ ْحل كل منها على‬ ‫الحالة ال ُمنَا ِسبة اللائقة بها‪ .‬وأن َح ْذف ال ُمتَ َع َّل َقات ‪-‬من َم ْف ُعولا ٍت وغيرها‪ -‬يدل‬ ‫على تعميم المعنى؛ لأن هذا من أعظم فوائد الحذف‪ .‬وأنه لا يجوز حذف ما لا يدل‬ ‫عليه السياق اللفظي‪ ،‬والقرينة الحالية» اهـ(‪.)1‬‬ ‫وقبل الشروع في المقصود‪ ،‬فإني أضع بين يدي القارئ الكريم بعض الجوانب‬ ‫التي ينبغي اعتبارها؛ فمن ذلك‪:‬‬ ‫‪ )1‬تفسير السعدي (‪.)941‬‬ ‫‪5‬‬

‫ً‬ ‫أول‪ :‬لم أتعرض لمعنى التدبر وبعض المقدمات المتعلقة به اكتفاء بما ذكرته‬ ‫في الكتاب الآخر الموسوم بـ (الخلاصة في تدبر القرآن) الذي يختص بالجوانب‬ ‫النظرية المتصلة بموضوع التدبر‪.‬‬ ‫ثان ًيا‪ :‬ينبغي أن نعلم أن التدبر لا يخضع لقواعد محددة‪ ،‬لكن إذا كان‬ ‫ال ُمتَ َدبِّر ُم َت َح ِّق ًقا بالعلوم التي ي ُ ْس َت ْخ َرج بواسطتها أنواع المعاني وال ِح َكم‬ ‫والأحكام؛ فإن ذلك يكون أدعى إلى َن َظ ٍر أَ َس ّد‪ ،‬وتَ َدبُّ ٍر أَ َد ّق‪ ،‬و َغ ْو ٍص أعمق‬ ‫عند قراءة القرآن الكريم‪.‬‬ ‫ثالثًا‪ :‬تتنوع مطالب المتدبرين من تدبرهم للقرآن الكريم(‪)1‬؛ فمنهم من يقرؤه‬ ‫ل ُ َيقِّق قلبه‪ ،‬ويقرؤه آخر للوقوف على مواعظه ومواطن ال ِع َب فيه‪ ،‬ويقرؤه ثالث‬ ‫ليتعرف على َمَا ِّب الله و َم َسا ِخ ِطه‪ ،‬وأوصاف أوليائه‪ ،‬و ِس َمات أعدائه‪ ،‬وربما قرأه‬ ‫لمعرفة ربه ومولاه بأسمائه وصفاته ودلائل قدرته وعظمته‪ ،‬أو يقرأ لاستخراج‬ ‫هداياته المتنوعة من ال ِح َكم والأحكام والآداب وغيرها؛ فإن ذلك لا ُي َت َو َّصل إليه‬ ‫إلا بالتدبر‪ ،‬ولا يصح الفصل بين هذه المطالب وبين التدبر بحال‪.‬‬ ‫ولا يخفى أن هذه المطال َب متفاوتة فيما يتوقف حصولها عليه؛ فمنها ما يفتقر‬ ‫إلى آلة يتمكن معها ال ُمتَ َدبِّر من استخراج المعاني والهدايات الدقيقة المبنية على‬ ‫أُ ُسس وقواعد صحيحة في الاستدلال‪.‬‬ ‫ومن هنا جاءت الإشارة إلى هذه الجملة من ُطرق الدلالة والقواعد التي‬ ‫تضبط الفهم‪.‬‬ ‫‪ )1‬في الكتاب الآخر (الخلاصة في تدبر القرآن الكريم) جملة من هذه المطالب‪ ،‬فيمكن مراجعتها‪.‬‬ ‫‪6‬‬

‫راب ًعا‪ :‬إنما أردت في هذا الكتاب إيراد قدر صالح من ُطرق الدلالة وما من‬ ‫شأنه أن يُو ِصل إلى المطلوب من المعاني ونحوها؛ ليتعرف به القارئ الكريم على هذه‬ ‫الأصول والقواعد و ُطرق الدلالة من جهة‪ ،‬ومن جه ٍة أخرى يربط بين ذلك وبين‬ ‫الجانب التطبيقي؛ ليكون ذلك أوعى وأبين وأرسخ في الفهم‪.‬‬ ‫ولم يكن المقصود الاستيعاب والاستقراء للأصول النظرية‪ ،‬ولا النماذج‬ ‫به‬ ‫يحصل‬ ‫منها‬ ‫َط َرف‬ ‫ْ‬ ‫أردت‬ ‫ولكن‬ ‫الحصر‪،‬‬ ‫يفوت‬ ‫مما‬ ‫فذلك‬ ‫التطبيقية؛‬ ‫ِذكر‬ ‫المقصود‪ ،‬ويتضح به المراد‪ ،‬ويدل على غيره‪ ،‬فيتتبعه طالب العلم في َم َظانِّه‪.‬‬ ‫خام ًسا‪ :‬انتقي ُت النماذج التطبيقية مما كن ُت أجمعه عند قراءتي في كتب‬ ‫التفسير وغيرها؛ إذ كن ُت أُ َد ِّون ما أستحسنه من اللطائف واللفتات الدقيقة‬ ‫ال ُمستخرجة بثاقب النظر وال ِف ْكر مما َجا َد ْت به َق َرائح العلماء وفُهومهم‪ ،‬كما قرأت‬ ‫المجموعات الخمس(‪ )1‬التي صدرت عن (مركز تدبر للدراسات والاستشارات)‬ ‫تحت عنوان (ليدبروا آياته)‪ ،‬وانتقيت بعض الأمثلة منها‪ ،‬فأورد ُّت في هذا الكتاب‬ ‫من هذا وذاك أحسن ما جمع ُت‪.‬‬ ‫ساد ًسا‪ :‬رتب ُت الكتاب على طريقة ُمتَ َسلْ ِسلة بالنظر إلى ال ُّطرق التي‬ ‫ُيتَ َو َّصل بها إلى ال ُمراد من ألوان الدلالات‪.‬‬ ‫وهناك بعض النماذج والأمثلة لا تخضع لشيء من ال ُطرق والأنواع‪،‬‬ ‫فألحقتُها في آخر الكتاب وجعلتُها تحت عنوان يُ َو ِّضح ذلك‪.‬‬ ‫‪ )1‬وقد صدر منها الآن ثمان مجموعات‪.‬‬ ‫‪7‬‬

‫ومما يدخل في هذا النوع ما ي ُس َّم بـ (التفسير الإشاري)‪.‬‬ ‫وهذا النوع من التفسير إنما يُقال له‪( :‬تفسير)‪ ،‬على سبيل ال َّت َج ُّوز‪ ،‬وإلا فإنه‬ ‫لا يدخل تحت التفسير‪ ،‬كما أن عامة ما يُذكر فيه لا يصح‪.‬‬ ‫وقد أفرد ُّت له عنوانًا في آخر الكتاب وأَورد ُّت فيه نماذج صالحة ُم ْس َت ْح َسنة‬ ‫مما ذكره العلماء الثقات‪ :‬كشيخ الإسلام ابن تيمية‪ ،‬وتلميذه ابن القيم‪ ،‬والحافظ‬ ‫ابن كثير‪ ،‬والشيخ عبد الرحمن السعدي‪ ،‬والشيخ محمد الأمين الشنقيطي؛ رحمهم‬ ‫الله‪ ،‬سواء َ َّص ُحوا فيه بأنه من قبيل الإشارة‪ ،‬أو لم يُ َ ِّصحوا بذلك‪ ،‬لكنه داخل تحته‪.‬‬ ‫كما أورد ُّت في آخر الكتاب ما يتصل بالتطبيق والعمل والامتثال؛ لكون ذلك‬ ‫يتصل بالتدبر من جهة أن بعض السلف قد ف َّس التدبر بالعمل به؛ كما أوضحنا‬ ‫ذلك في كتاب (الخلاصة في تدبر القرآن)‪ .‬ولا شك أن من مطالب المتدبرين‪:‬‬ ‫العمل والامتثال‪.‬‬ ‫هذا بالإضافة إلى الربط بين تدبُّر الآيات المتلوة‪ ،‬والتفكر في الآيات المشهودة‪،‬‬ ‫وقد صار ذلك ُمتا ًحا لكل أحد بصورة أعمق في هذا الوقت؛ نظ ًرا لما توفر من‬ ‫الوسائل الحديثة التي يمكن لعموم الناس مشاهدة ذلك من خلالها‪.‬‬ ‫وفي هذا الكتاب أَ ْو َرد ُّت نماذج من هذا النوع؛ لتدل على غيرها‪.‬‬ ‫قال ابن القيم ‪« :r‬والتفكر في القرآن نوعان‪ :‬تفكر فيه ليقع على ُمراد الرب تعالى‬ ‫منه‪ ،‬و َت َف ُّكر في معاني ما دعا عباده الى ال َّت َف ُّكر فيه؛ فالأول‪َ :‬ت َف ُّكر في الدليل القرآني‪،‬‬ ‫والثاني‪َ :‬ت َف ُّكر في الدليل العياني؛ الأول‪ :‬تف ُّكر في آياته المسموعة‪ ،‬والثاني‪ :‬تف ُّكر في آياته‬ ‫المشهودة؛ ولهذا أنزل الله القرآن ليُتدبَّر‪ ،‬و ُيتف َّكر فيه‪ ،‬و ُيع َمل به»اهـ(‪.)1‬‬ ‫‪ )1‬مفتاح دار السعادة (‪.)537-536/1‬‬ ‫‪8‬‬

‫وحاصل ذلك جاء مستوفى في ستة أبواب ومقدمة وخاتمة؛ وإليك مجملها‪:‬‬ ‫الباب الأول‪ :‬النظر الكلي – الإجمالي – لآيات السورة؛ وذلك يشمل‪:‬‬ ‫‪ -1‬تدبر الآيات إجمال ًا للتوصل إلى الموضوع أو الموضوعات التي تدور حولها الآيات في‬ ‫السورة‪.‬‬ ‫‪ - 2‬تدبر الآيات إجما ًل للتوصل إلى مقاصد السورة‪.‬‬ ‫‪- 3‬تدبر المعنى العام للآية للتوصل إلى المعنى الأساسي الذي نزلت لتقريره‪.‬‬ ‫الباب الثاني‪ :‬في المعاني والهدايات المستخرجة وفق القواعد والأصول المعتبرة‪:‬‬ ‫فمن ذلك‪:‬‬ ‫ً‬ ‫أول‪ :‬إعمال أنواع الدلالة في استخراج الهدايات من الآيات الكريمة؛‬ ‫وذلك نوعان‪:‬‬ ‫النوع الأول‪ :‬دلالة المنطوق؛ وهو قسمان‪:‬‬ ‫‪ -1‬المنطوق الصريح؛ وهو نوعان‪:‬‬ ‫‪ )1‬دلالة المطابقة‪.‬‬ ‫‪ )2‬دلالة ال َّت َض ُّمن‪.‬‬ ‫‪ -2‬المنطوق غير الصريح (دلالة الالتزام)؛ ويدخل تحتها ثلاثة أنواع‪:‬‬ ‫الأول‪ :‬دلالة الاقتضاء‪.‬‬ ‫‪9‬‬

‫الثاني‪ :‬دلالة الإشارة؛ وله صورتان‪:‬‬ ‫الثالث‪ :‬دلالة الإيماء والتنبيه‪.‬‬ ‫النوع الثاني‪ :‬دلالة المفهوم؛ وهو قسمان‪:‬‬ ‫‪ -1‬مفهوم الموافقة‪.‬‬ ‫‪ -2‬مفهوم المخالفة‪.‬‬ ‫ثان ًيا‪ :‬العموم والخصوص‪.‬‬ ‫ثالثًا‪ :‬الإطلاق والتقييد‪.‬‬ ‫راب ًعا‪ :‬ما ي ُ ْس َت َفاد من بعض القواعد في التفسير‪.‬‬ ‫خام ًسا‪ :‬القواعد القرآنية‪.‬‬ ‫الباب الثالث‪ :‬النظر والتدبر في المناسبات‪.‬‬ ‫الباب الرابع‪ :‬ما يتوصل إليه بالنظر إلى النواحي اللغوية والجوانب البلاغية‪:‬‬ ‫فمن ذلك‪:‬‬ ‫‪ -1‬الحقيقة والمجاز (عند القائل به)‪.‬‬ ‫‪ - 2‬ما يتصل بمرجع الضمير‪.‬‬ ‫‪ -3‬ما يُ ْؤ َخذ من الإظهار في موضع الإضمار‪ ،‬وعكسه‪.‬‬ ‫‪ -4‬الالتفات‪.‬‬ ‫‪10‬‬

‫‪ - 5‬الفروق اللفظية‪.‬‬ ‫‪- 6‬المتشابه اللفظي‪.‬‬ ‫‪ -7‬دلالات الجملة (الاسمية والفعلية)‪.‬‬ ‫‪- 8‬ما يرجع إلى تصريف اللفظ‪.‬‬ ‫‪ -9‬ما يرجع إلى معاني الحروف‪ ،‬ودلالاتها‪ ،‬والتضمين‪.‬‬ ‫‪ -10‬التقدير والحذف والزيادة‪ ،‬والتكرار‪ ،‬والتقديم والتأخير والترتيب بين‬ ‫الأمور المذكورة في الآية‪.‬‬ ‫‪ -11‬الإيجاز والبسط والاستطراد‪.‬‬ ‫‪ -12‬الأمثال والتشبيهات‪.‬‬ ‫الباب الخامس‪ :‬ما لا يدخل في شيء مما سبق؛ وهو نوعان‪:‬‬ ‫الأول‪ :‬صور من التدبر لا تخضع لشيء مما سبق‪.‬‬ ‫الثاني‪ :‬التفسير الإشاري‪.‬‬ ‫الباب السادس‪ :‬التدبر ال َع َملي؛ وهو نوعان‪:‬‬ ‫الأول‪ :‬التطبيق والعمل والامتثال‪.‬‬ ‫الثاني‪ :‬النظر في الكون والآيات المشهودة‪.‬‬ ‫الخاتمة‪.‬‬ ‫‪11‬‬

‫ساب ًعا‪ :‬تجد في هذا الكتاب تخريج الأحاديث تخري ًجا موج ًزا‪ ،‬فما أخرجه الشيخان‬ ‫أو أحدهما اكتفي ُت به‪ ،‬وإن لم يكن فيهما فأكتفي بتخريجه من بقية الكتب الستة‪،‬‬ ‫فإن لم يكن في شيء منها فمن بقية الكتب التسعة‪ ،‬فإن لم يكن في شيء منها‬ ‫َخ َّر ْجتُه من غيرها‪.‬‬ ‫كما َع َّرفْ ُت بالمصطلحات العلمية التي يحتاج القارئ إلى معرفة المراد بها‪،‬‬ ‫وترجم ُت لغير المشاهير من الأعلام ترجم ًة ُمو َج َزة‪.‬‬ ‫وألحقت بالكتاب فهر ًسا للمصادر‪ ،‬وآخر للموضوعات‪.‬‬ ‫وقد أسميتُه بـ (القواعد والأصول وتطبيقات التدبر)‪.‬‬ ‫هذا‪ ،‬وأسأل الله تعالى أن يتقبله بقبول حسن‪ ،‬وأن يجعله ذخ ًرا لي يوم أن‬ ‫ألقاه؛ إنه سميع مجيب‪.‬‬ ‫وكتبه‪ :‬خالد بن عثمان السبت‬ ‫‪ 1436/09/05‬ـه‬ ‫‪[email protected]‬‬ ‫‪12‬‬

‫الباب الأول‬ ‫النظر الكلي ‪-‬الإجمالي‪ -‬في آيات السورة(‪)1‬‬ ‫‪ )1‬تُع ُّد المطالب الداخلة تحت هذا الباب من الأمور المه َّمة في التدبُّر‪.‬‬ ‫‪13‬‬



‫ً‬ ‫‪ -1‬تدبر الآيات إجمال للتوصل إلى الموضوع أو الموضوعات التي تدور حولها‬ ‫الآيات في السورة(‪.)1‬‬ ‫التطبيق‪:‬‬ ‫قال شيخ الإسلام ابن تيمية ‪« :r‬وقد ذكر ُت في مواضع ما اشتملت عليه‬ ‫(سورة البقرة) من تقرير أصول العلم وقواعد الدين‪ :‬أن الله تعالى افتتحها ب ِذ ْكر‬ ‫كتابه الهادي للمتقين‪ ،‬ف َو َص َف حال أهل الهدى‪ ،‬ثم الكافرين‪ ،‬ثم المنافقين؛ فهذه‬ ‫(جمل خبرية)‪ .‬ثم ذكر (الجمل الطلبية)‪ ،‬فدعا الناس إلى عبادته َو ْحده‪ ،‬ثم ذكر‬ ‫لاللدعلباائد‪،‬لثعملىَق َّرذلر الكرمسانل َفة‪ْ،‬رو َذش َاكلرأارلوعض‪،‬دووبانلاوءعايلدس‪،‬مثامء‪َ ،‬ذو َإكنرزاَمبْل َادلأماالء‪،‬نبووإةخوارالهجدالىث‪،‬ماورما ِر َبْز َّث ًقها‬ ‫في العالَم من الخلق والأمر‪ ،‬ثم َذ َكر تعليم آدم الأسماء‪ ،‬وإسجاد الملائكة له لِ َما‬ ‫َ َّشفه من العلم؛ فإن هذا تقرير ل ِجنْس ما بُ ِعث به محمد ‪ g‬من الهدى ودين الحق‪،‬‬ ‫َف َق ّص ِجنْس دعوة الأنبياء‪.‬‬ ‫ثم انتقل إلى خطاب بني إسرائيل وقصة موسى معهم‪ ،‬و َض َّمن ذلك تقرير‬ ‫وهما‬ ‫الله‪،‬ذ ويآدهموأَأ َكولل‪،‬مونماولسشىجالرذة فيتاهوبنَ ِعظلييرهه‪،،‬‬ ‫إذ هو قرين محمد ‪ ،g‬فذكر آدم‬ ‫نبوته؛‬ ‫وكان‬ ‫احتجا‪ ،‬وموسى َق َتل نف ًسا ف ُغ ِفر‬ ‫اللذان‬ ‫في قصة موسى َر ٌّد على الصابئة ونحوهم ممن يُ ِق ّر بجنس النبوات‪ ،‬ولا يُو ِجب اتّباع‬ ‫‪ )1‬موضوعات السورة‪ :‬هي القضايا التي تناولتها السورة من القصص والأخبار والوقائع‪ ،‬أو الأحكام‪،‬‬ ‫أو الأوصاف‪ ،‬أو الوعد والوعيد‪ ...‬إلى غير ذلك‪ .‬والسورة قد تكون ذات موضوع واحد؛ كسورة‬ ‫الإخلاص‪ ،‬وقد تكون ذات موضوعات متعددة؛ كسورة البقرة وآل عمران‪ ،‬وغيرهما كثير‪.‬‬ ‫‪15‬‬

‫ما جاؤوا به‪ ،‬وقد يتأ َّولُون أخبار الأنبياء‪ ،‬وفيها ر ٌّد على أهل الكتاب بما تَ َض َّمنه‬ ‫ْ‬ ‫من‬ ‫حال‬ ‫و ِذكر‬ ‫نبوته‪،‬‬ ‫وتقرير‬ ‫‪،g‬‬ ‫محمد‬ ‫به‬ ‫جاء‬ ‫بما‬ ‫بالإيمان‬ ‫الأمر‬ ‫من‬ ‫ذلك‬ ‫وَعأ َدنلال ُأع َّم َتنيانلنلبونةيإرلىضاولا ِّسع ْنحهر‪،‬حوتِذى ْكيَرتَّ ِبالعنَّ ِمْس َلّ َتخهامل؛ذ كيلينهكذارهفبيعتقضرهيرم‪،‬أو ِصذوْكلر‬ ‫النصارى‪،‬‬ ‫الدين؛ من‬ ‫الوحدانية والرسالة‪.‬‬ ‫ثم أخذ سبحانه في بيان شرائع الإسلام التي على ِم َلّة إبراهيم‪ ،‬فَ َذكر إبراهيم‬ ‫الذي هو إمام‪ ،‬وبناء البيت الذي بتعظيمه َي َت َم َّي أهل الإسلام عما سواهم‪ ،‬و َذ َكر‬ ‫استقباله‪ ،‬وقَ َّرر ذلك؛ فإنه شعار ال ِم ّلَة بين أهلها وغيرهم؛ ولهذا ُي َقال‪ :‬أهل القبلة‪،‬‬ ‫كما يُقال‪َ « :‬من ص َّل صلاتنا‪ ،‬واستقبل قِ ْبلتنا‪ ،‬وأكل ذبيحتنا؛ فهو ال ُم ْسلِم»(‪ .)1‬و َذ َكر‬ ‫من المناسك ما يختص بالمكان؛ وذلك أن الحج له مكان وزمان‪ ،‬والعمرة لها مكان‬ ‫فقط‪ ،‬والعكوف والركوع والسجود ُ ِشع فيه ولا يتقيد به ولا بمكان ولا بزمان‪،‬‬ ‫لكن الصلاة تتقيد باستقباله‪ ،‬فذكر سبحانه هذه الأنواع الخمسة‪ :‬من العكوف‪،‬‬ ‫والصلاة‪ ،‬والطواف‪ ،‬والعمرة‪ ،‬والحج؛ والطواف يختص بالمكان فقط‪ ،‬ثم أتبع ذلك ما‬ ‫يتعلق بالبيت‪ ،‬من الطواف بالجبلين‪ ،‬وأنه لا ُجنَاح فيه؛ جوابًا لما كان عليه الأنصار‬ ‫في الجاهلية من كراهة الطواف بهما لأجل إهلالهم ل َم َناة‪ ،‬وجوابًا لقوم تَ َو َّق ُفوا عن‬ ‫الطواف بهما‪ .‬وجاء ذكر الطواف بعد العبادات ال ُمتَ َعلِّقة بالبيت ‪-‬بل وبالقلوب‬ ‫والأبدان والأموال‪ -‬بعد ما أُ ِم ُروا به من الاستعانة بالصبر والصلاة ال َّ َلين لا يقوم‬ ‫الدين إلا بهما‪ ،‬وكان ذلك مفتاح الجهاد المؤسس على الصبر؛ لأن ذلك من تمام أمر‬ ‫البيت؛ لأن أهل ال ِملَل لا ُ َيا ِل ُفون فيه‪ ،‬فلا يقوم أمر البيت إلا بالجهاد عنه‪.‬‬ ‫‪ )1‬أخرجه البخاري (‪ )391‬من حديث أنس ‪.h‬‬ ‫‪16‬‬

‫وذكر الصبر على المشروع والمقدور‪ ،‬وب َّي ما أنعم به على هذه الأمة من‬ ‫البشرى للصابرين؛ فإنها أُ ْع ِط َيت ما لم ُت ْع َط الأم ُم قبلها‪ ،‬فكان ذلك من خصائصها‬ ‫وشعائرها؛ كالعبادات ال ُم َت َعلِّقة بالبيت؛ ولهذا َي ْق ِرن بين الحج والجهاد؛ لدخول كل‬ ‫منهما في سبيل الله؛ فأما الجهاد فهو أعظم سبيل الله بالنص والإجماع‪ ،‬وكذلك‬ ‫الحج في الأصح؛ كما قال‪« :‬الحج من سبيل الله»(‪ .)1‬وب َّي أن هذا معروف عند أهل‬ ‫الكتاب‪ ،‬بِ َذ ِّمه لكاتِم العلم‪.‬‬ ‫ثم ذكر أنه لا يقبل دي ًنا غير ذلك؛ ففي أولها‪ :‬ﱫﯛﯜﯝﯞﯟ‬ ‫ﯠ ﯡ ﱪ (البقرة)‪ ،‬وفي أثنائها‪ :‬ﱫﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ‬ ‫ﮄﱪ (البقرة‪ ،)165 :‬فالأول نهي عام‪ ،‬والثاني نهي خاص‪ ،‬و َذ َك َرها بعد البيت‬ ‫ليُنْتَ َه عن َق ْصد الأنداد ال ُم َضا ِه َية له‪ ،‬و ِ َليْ ِته من الأصنام والمقابر ونحو ذلك‪،‬‬ ‫و َو َّحد َن ْفسه قبل ذلك‪ ،‬وأنه‪ :‬ﱫﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅﰆ ﰇ ﱪ (البقرة)‪.‬‬ ‫ثم َذ َكر ما َي َت َع َّلق بتوحيده من الآيات؛ ثم ذكر الحلال والحرام‪ ،‬وأَ ْطلَق ال َأ ْمر‬ ‫البيت‪ ،‬و َذ َكر َسما َحتها‬ ‫ومن أَ ْخذ الديّة؛ ثم ذكر‬ ‫وشعارها؛ وهو‬ ‫ال َمطا ِعم؛ لأن الرسول بُ ِعث بالحَ ِنيف َّية‬ ‫في‬ ‫من ال ِق َصاص‪،‬‬ ‫الأحوال المباحة‪ ،‬وفي الدماء بما َ َشعه‬ ‫في‬ ‫العبادات ال ُمتَ َعلِّقة بالزمان؛ فذكر الوصية ال ُم َت َعلِّقة بالموت‪ ،‬ثم الصيام ال ُمتَ َعلِّق‬ ‫برمضان وما يتصل به من الاعتكاف َذ َك َره في عبادات المكان‪ ،‬وعبادات الزمان؛‬ ‫ً‬ ‫بين‬ ‫أول‬ ‫َو َوسطه‬ ‫الصيام‪،‬‬ ‫بوقت‬ ‫وجو ًبا‬ ‫أو‬ ‫استحبابًا‬ ‫وبالزمان‬ ‫بالمسجد‬ ‫يختص‬ ‫فإنه‬ ‫الطواف والصلاة؛ لأن الطواف يختص بالمسجد الحرام‪ ،‬والصلاة ت ُ ْ َشع في جميع‬ ‫‪ )1‬أخرجه أبو داود (‪ )1989‬من حديث أم معقل ‪ ،i‬وصححه ابن خزيمة (‪ ،)2376‬والألباني في‬ ‫صحيح أبي داود (‪.)1736‬‬ ‫‪17‬‬

‫الأرض‪ ،‬والعكوف بينهما‪ .‬ثم أتبع ذلك بالنهي عن أكل الأموال بالباطل‪ ،‬وأخبر‬ ‫أن ال ُم َح َّرم نوعان‪ :‬نوع ل َعيْ ِنه؛ كالميتة‪ ،‬ونوع ل َك ْسبه؛ كالربا والمغصوب‪ ،‬فأَ ْت َبع المعنى‬ ‫ل َعيْ ِنه‪ ،‬وذكر في أثناء عبادات الزمان المنتق ِل الحرا َم‬ ‫االل ُثَمانْبِتَ ِقتَلب؛الوُمله َحذَّرامأَاْتلبَث َعابِه بتقتوحلهر‪:‬يمهﱫ‬ ‫ﮮ ﮯ ﮰﱪ الآية (البقرة‪ ،)189 :‬وهي‬ ‫أعلام العبادات الزمنية‪ ،‬وأخبر أنه جعلها مواقيت للناس في أمر دينهم ودنياهم‬ ‫وللحج؛ لأن البيت َ ُت ُّجه الملائكة والجن‪ ،‬فكان هذا أي ًضا في أن الحج ُم َو َّقت‬ ‫بالزمان‪ ،‬كأنه ُم َو َّقت بالبيت المكاني؛ ولهذا ذكر بعد هذا من أحكام الحج ما يختص‬ ‫بالزمان مع أن المكان من تمام الحج والعمرة‪.‬‬ ‫وذكر ال ُم ْح َص‪ ،‬و َذ َكر تقديم الإحلال ال ُمتَ َعلِّق بالمال ‪-‬وهو الهدي‪ -‬عن‬ ‫الإحلال ال ُم َت َعلِّق بال َّن ْفس ‪-‬وهو الحلق‪ -‬وأن ال ُم َت َحلِّل َيْ ُرج من إحرامه‪ ،‬فيَ ِح ّل‬ ‫بالأسهل فالأسهل؛ ولهذا كان آخر ما َ ِيل عين الوطء؛ فإنه أعظم المحظورات‪ ،‬ولا‬ ‫َي ْف ُسد النُّ ُسك بمحظور سواه‪.‬‬ ‫وذكر التمتع بالعمرة إلى الحج ل َت َع ّلُقه بالزمان مع المكان؛ فإنه لا يكون ُمتَ َمتِّ ًعا‬ ‫المسجد الحرا َم‬ ‫لا يكون أهله حاضري‬ ‫في أشهر الحج‪ ،‬وحتى‬ ‫‪-‬حوتهىو ُايْل ُِأر ُفم ِ ّبقال‪-‬عفإمنرهة‬ ‫السفرين عنه‪،‬‬ ‫حقه؛ ل َ َت ُّف ِهه بسقوط أحد‬ ‫الذي َي ْظ َهر ال َّت َم ُّتع في‬ ‫أما الذي هو حاضر ف ِس َّيا ِن عنده تمتع أو اعتمر قبل أشهر الحج‪.‬‬ ‫ثم ذكر وقت الحج‪ ،‬وأنه أشهر معلومات‪ ،‬وذكر الإحرام والوقوف بعرفة‬ ‫ومزدلفة؛ فإن هذا مختص بزمان ومكان؛ ولهذا قال‪ :‬ﱫﭕ ﭖ ﭗ ﭘﱪ‬ ‫(البقرة‪ ،)197 :‬ولم يقل‪ :‬والعمرة؛ لأنها ُت ْف َرض في كل وقت‪ ،‬ولا ريب أن ال ُّس َّنة‬ ‫َف ْرض الحج في أشهره‪ ،‬ومن فَ َرض قبله خالف ال ُّس َّنة؛ فإما أن يلزمه ما التزمه‬ ‫‪18‬‬

‫كالنذر ‪-‬إذ ليس فيه َن ْقض للمشروع‪ ،‬وليس كمن صلى قبل الوقت‪ -‬وإما أن يَلْ َزم‬ ‫الإحرام‪ ،‬وي َ ْس ُقط الحج‪ ،‬ويكون ُم ْع َت ِم ًرا؛ وهذان قولان مشهوران‪.‬‬ ‫ثم أمر عند قضاء المناسك ب ِذ ْكره‪ ،‬وقضاؤها ‪-‬والله أعلم‪ -‬قضاء ال َّت َفث‬ ‫والإحلال؛ ولهذا قال بعد ذلك‪ :‬ﱫﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖﱪ‬ ‫(البقرة‪ ،)203:‬وهذا أي ًضا من العبادات الزمانية المكانية؛ وهو ذكر الله تعالى مع‬ ‫رمي الجمار‪ ،‬ومع الصلوات‪ ،‬ود ّل على أنه مكاني قوله‪ :‬ﱫﭘ ﭙ ﭚ ﭛﱪ‬ ‫الآية (البقرة‪ ،)203:‬وإنما يكون التعجيل والتأخير في الخروج من المكان؛ ولهذا‬ ‫تُ َضاف هذه الأيام إلى مكانها فيُقال‪ :‬أيام منى‪ ،‬وإلى عملها ف ُيقال‪ :‬أيام التشريق‪،‬‬ ‫كما يُقال‪ :‬ليلة َ ْجع‪ ،‬وليلة مزدلفة‪ ،‬ويوم عرفة‪ ،‬ويوم الحج الأكبر‪ ،‬ويوم العيد‪،‬‬ ‫ويوم الجمعة؛ ُفتضاف إلى الأعمال وأماكن الأعمال؛ إذ الزمان تابِع للحركة‪،‬‬ ‫والحركة تابعة للمكان‪.‬‬ ‫فتدبَّر تناسب القرآن‪ ،‬وارتباط بعضه ببعض‪ ،‬وكيف َذ َكر أحكام الحج فيها‬ ‫في موضعين‪ :‬مع ذكر بيته‪ ،‬وما يتعلق بمكانه‪ ،‬و َم ْو ِض ٍع َذ َكر فيه ال َأ ِهلَّة‪ ،‬فذكر ما‬ ‫يتَ َع َّلق بزمانه‪ ،‬وذكر أي ًضا القتال في المسجد الحرام‪ ،‬والم َقا َّصة في الشهر الحرام؛‬ ‫لأن ذلك مما يتع ّلَق بالزمان ال ُمتَ َعلِّق بالمكان؛ ولهذا قَ َرن سبحانه ِذ ْكر كون الأهلة‬ ‫مواقيت للناس والحج و ِذ ْكر أن ال ِ ّب ليس أن ي ُ ْش ِق الرج ُل َن ْف َسه‪ ،‬ويفعل ما لا‬ ‫فائدة فيه؛ من كونه َي ْ ُبز للسماء فلا ي َ ْستَ ِظ ّل ب َس ْقف بيته‪ ،‬حتى إذا أراد دخول‬ ‫بيته لا يأتيه إلا من ظهره‪ ،‬فأخبر أن الهلال الذي ُج ِعل ِميقاتًا للحج َ ْش ٌع مثل‬ ‫هذا‪ ،‬وإنما تَ َض َّمن َ ْش َع التقوى‪.‬‬ ‫‪19‬‬

‫ثم ذكر بعد ذلك ما يتَ َعلَّق بأحكام النكاح والوالدات‪ ،‬وما يتع َّلق بالأموال‬ ‫والصدقات والربا والديون وغير ذلك‪ ،‬ثم ختمها بالدعاء العظيم ال ُم َت َض ِّمن َو ْضع‬ ‫الآصار والأغلال‪ ،‬والعفو والمغفرة‪ ،‬والرحمة وطلب النصر على القوم الكافرين الذين‬ ‫هم أعداء ما َ َش َعه من الدين في كتابه المبين‪ .‬والحمد لله رب العالمين» اهـ(‪.)1‬‬ ‫وقال الشاطبي ‪« :r‬ثم لما هاجر رسول الله ‪ g‬إلى المدينة كان من أول ما‬ ‫نزل عليه سورة البقرة‪ ،‬وهي التي ق َّر َرت قواعد التقوى ال َمبْنِ َّية على قواعد سورة‬ ‫الأنعام؛ فإنها بَيَّنَت من أقسام أفعال المكلفين ُ ْجلَتها‪ ،‬وإن تَبَ َّي في غيرها تفاصيل‬ ‫لها؛ كالعبادات التي هي قواعد الإسلام‪ ،‬والعادات من أصل المأكول والمشروب‬ ‫وغيرهما‪ ،‬والمعاملات من البيوع والأنكحة وما َدا َر بها‪ ،‬والجنايات من أحكام‬ ‫الدماء وما يليها‪.‬‬ ‫وأي ًضا؛ فإن ِح ْفظ الدين فيها‪ ،‬و ِح ْفظ ال َّن ْفس والعقل والنسل والمال‬ ‫ُم َض َّمن فيها‪ ،‬وما خرج عن ال ُم َق َّرر فيها فبحكم ال َّت ْك ِميل‪ ،‬فغيرها من السور‬ ‫المدنية المتأخرة عنها َمبْ ِن عليها‪ ،‬كما كان غير الأنعام من ال َم ِّك ال ُم َتأ ِّخر‬ ‫عنها َمبْ ِن ًّيا عليها‪ ،‬وإذا َت َ َّنلْت إلى سائر السور بعضها مع بعض في الترتيب؛‬ ‫وجدتَّها كذلك‪ ،‬حذو ال ُق َّذة بال ُق َّذة؛ فلا يَ ِغي َ ّب عن ال َّناظر في الكتاب هذا‬ ‫المعنى؛ فإنه من أسرار علوم التفسير‪ ،‬وعلى َح َسب المعرفة به َتْ ُصل له المعرفة‬ ‫بكلام ربه سبحانه» اهـ(‪.)2‬‬ ‫‪ )1‬مجموع الفتاوى (‪.)47-41/14‬‬ ‫‪ )2‬الموافقات (‪.)257/4‬‬ ‫‪20‬‬

‫ً‬ ‫‪ -2‬تدبر الآيات إجمال للتوصل إلى مقاصد السورة(‪.)1‬‬ ‫التطبيق‪:‬‬ ‫‪( -1‬سورة العنكبوت) ‪:‬‬ ‫قال ابن القيم ‪« :r‬فمضمون هذه السورة هو ِ ُّس الخلق والأمر؛ فإنها سورة‬ ‫الابتلاء والامتحان‪ ،‬وبيان حال أهل البلوى في الدنيا والآخرة‪ ،‬ومن تأمل فاتحتها‬ ‫ووسطها وخاتمها‪ ،‬وجد في ضمنها أن أول الأمر ابتلاء وامتحان‪ ،‬ووسطه صبر‬ ‫وتوكل‪ ،‬وآخره هداية ونصر»(‪.)2‬‬ ‫‪( -2‬سورة الرحمن) ‪:‬‬ ‫قال ابن القيم ‪« :r‬تأمل قوله تعالى‪ :‬ﭽﭷﭸﭹﭺﭻﭼ‬ ‫ﭽﭾ ﭿﮀﮁﭼ(الرحمن)‪ ،‬كيف جعل الخلق والتعليم ناشئًا‬ ‫عن صفة الرحمة ُم َت َع ِلّ ًقا باسم الرحمن‪ ،‬وجعل معاني السورة ُمرتبطة بهذا الاسم‪،‬‬ ‫وختمها بقوله‪ :‬ﭽﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﭼ (الرحمن)‪ ،‬فالاسم الذي تبارك‬ ‫هو الاسم الذي افتَ َتح به السورة؛ إذ مجيء البركة كلِّها منه‪ ،‬وبه ُو ِض َعت البركة في كل‬ ‫مبارك‪ ،‬فكل ما ُذ ِكر عليه بُورك فيه‪ ،‬وكل ما َخ ِ َل منه نُ ِز َعت منه البركة»(‪.)3‬‬ ‫‪ )1‬مقصود السورة‪ :‬هو القضية ال ُكِّية وال ِم ْح َور الأساس الذي تدور عليه الآيات وتَلْتَئِم عليه موضوعاتها‪.‬‬ ‫‪ )2‬شفاء العليل (‪.)247/1‬‬ ‫‪ )3‬مختصر الصواعق المرسلة (ص ‪.)369‬‬ ‫‪21‬‬

‫‪( -3‬سورة الليل) ‪:‬‬ ‫«عن ابن عباس ‪ k‬قال‪« :‬إني لأقول‪ :‬هذه السورة نزلت في السماحة‬ ‫والبخل»(‪.)1‬‬ ‫‪( -4‬سور‪ :‬الكافرون‪ ،‬الإخلاص‪ ،‬المعوذتان) ‪:‬‬ ‫فمقصود سورة الكافرون‪ :‬تقرير البراءة من عبادة الكافرين ومن معبوداتهم؛‬ ‫فهي في توحيد الطلب والقصد (توحيد العبادة)‪.‬‬ ‫أما سورة الإخلاص‪ ،‬فمقصودها‪ :‬تقرير الوحدانية لله تعالى بذكر صفاته‬ ‫الدالة على ذلك؛ فهي في توحيد الإثبات والمعرفة (الأسماء والصفات)‪.‬‬ ‫وأما المعوذتان‪ ،‬فمقصود سورة الفلق‪ :‬الاستعاذة من جميع الشرور‪.‬‬ ‫وأما الناس‪ :‬فالاستعاذة من شر الوسواس الخناس‪.‬‬ ‫‪ )1‬الدر المنثور (‪ ،)533 /8‬وعزاه لابن مردويه‪.‬‬ ‫‪22‬‬

‫‪ -3‬تدبُّر المعنى العام للآية للتو ُّصل إلى المعنى الأساسي الذي نزلت لتقريره‪.‬‬ ‫وهذا أمر لابد من مراعاته؛ ذلك أن المعنى المقصود أصال ًة‪ ،‬قد ُي ْف َقد‬ ‫عند تَتَ ُّبع ال َّلطائف البلاغية‪ ،‬وال ُملَح التدبُّر َّية في وجوه التعبير المتنوعة؛ ولذا‬ ‫نجد أن ابن جرير ‪ r‬يُو ِرد المعنى العام بعد الآية مباشرة‪ ،‬ثم يذكر التفاصيل‬ ‫والأقوال بعد ذلك‪.‬‬ ‫وهذا وسط بين رأي من أنكر الاشتغال بالمناسبات والدقائق‬ ‫واللطائف‪ ،‬ومن أغرق في ذلك على حساب المعنى الأصلي للآية‪ ،‬مما يصرف‬ ‫القارئ عن ملاحظته(‪.)1‬‬ ‫‪ )1‬انظر‪ :‬الموافقات للشاطبي (‪ .)261 /4‬وانظر كلام الشوكاني في المناسبات في كتابه‪ :‬فتح القدير (‪-85/1‬‬ ‫‪ ،)87‬وانظر‪ :‬الفوز الكبير في أصول التفسير ص ‪.67‬‬ ‫‪23‬‬



‫الباب الثاني‬ ‫في المعاني والهدايات المستخرجة‬ ‫وفق القواعد والأصول المعتبرة(‪)1‬‬ ‫‪ )1‬تُع ُّد المطالب الداخلة تحت هذا الباب من الجوانب المهمة في التدبُّر في الأعم الأغلب‪.‬‬ ‫‪25‬‬



‫أولاً‪ :‬إعمال أنواع الدلالة في استخراج الهدايات من الآيات الكريمة‪.‬‬ ‫توطئة‪:‬‬ ‫من المعلوم أن معاني الألفاظ‪ :‬إما أن تكون ُم ْستَفادة من منطوق اللفظ‪،‬‬ ‫أو من مفهومه‪.‬‬ ‫وكل نوع من هذين (المنطوق والمفهوم) تحته أنواع‪ ،‬سنعرض جملة منها‬ ‫مع تطبيقاتها‪.‬‬ ‫قال السعدي ‪« :r‬القاعدة الحادية عشرة‪ُ :‬م َرا َعة دلالة ال َّت َض ُّمن‬ ‫وال ُم َطابَقة والالتزام‪.‬‬ ‫كما أن ال ُم َف ِّس للقرآن يُ َرا ِع ما دلت عليه ألفاظه ُم َطابَقة‪ ،‬وما دخل في‬ ‫ضمنها‪ ،‬فعليه أن يُ َرا ِع لوازم تلك المعاني‪ ،‬وما تستدعيه من المعاني التي لم ُي َع َّرج‬‫ْ‬ ‫ِف ْكر‪،‬‬ ‫أَ َج ّل‬ ‫اللفظ على ِذك ِرها‪.‬‬ ‫في‬ ‫وهذه القاعدة‪ :‬من‬ ‫و ُح ْسن‬ ‫قوة‬ ‫وت َ ْس َتدعي‬ ‫وأنفعها‪،‬‬ ‫التفسير‬ ‫قواعد‬ ‫تدبر‪ ،‬وصحة قصد؛ فإن الذي أنزله للهدى والرحمة هو ال َعالِم بكل شيء‪ ،‬الذي‬ ‫أحاط علمه بما تُ ِك ّن الصدور‪ ،‬وبما تَ َض َّم َنه القرآن من المعاني‪ ،‬وما يتبعها وما‬ ‫يتقدمها‪ ،‬وتتوقف هي عليه‪.‬‬ ‫ولهذا أجمع العلماء على الاستدلال باللوازم في كلام الله لهذا السبب‪.‬‬ ‫والطريق إلى سلوك هذا الأصل النافع‪ :‬أن َت ْف َهم ما دل عليه اللفظ من المعاني‪،‬‬ ‫فإذا فهمتها فه ًما جي ًدا‪َ ،‬ف َف ِّكر في الأمور التي تتوقف عليها‪ ،‬ولا تحصل بدونها‪،‬‬ ‫وما ي ُ ْش َتط لها‪ ،‬وكذلك فَ ِّكر فيما يترتب عليها‪ ،‬وما يتفرع عنها‪ ،‬وينبني عليها‪،‬‬ ‫‪27‬‬

‫على‬ ‫ال َغ ْوص‬ ‫في‬ ‫جيدة‬ ‫َملَ َكة‬ ‫لك‬ ‫تصير‬ ‫حتى‬ ‫عليه‪،‬‬ ‫و َدا ِوم‬ ‫التفكير‬ ‫هذا‬ ‫من‬ ‫وأَ ْك ِث‬ ‫َ‬ ‫المعاني الدقيقة؛ فإن القرآن حق‪ ،‬ول ِزم الحق حق‪ ،‬وما يتوقف على الحق حق‪ ،‬وما‬ ‫يتفرع عن الحق حق؛ ذلك كله حق ولا بد‪.‬‬ ‫فمن ُوفِّق لهذه الطريقة‪ ،‬وأعطاه الله توفي ًقا ونو ًرا‪ ،‬انفتحت له في القرآن العلوم‬ ‫النافعة‪ ،‬والمعارف الجليلة‪ ،‬والأخلاق السامية‪ ،‬والآداب الكريمة العالية»اهـ(‪.)1‬‬ ‫تطبيقات شاملة(‪:)2‬‬ ‫‪ -1‬قال تعالى‪ :‬ﭽﯓ ﯔﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛﯜ ﯝ‬ ‫ﯞ ﯟﯠﯡﯢﯣﭼ (الأعراف)‪.‬‬ ‫قال ابن القيم ‪« :r‬وقوله‪ :‬ﭽﯝﯞﯟﯠﯡﯢﭼ له دلالة‬ ‫بمنطوقه‪ ،‬ودلالة بإيمائه وتعليله‪ ،‬ودلالة بمفهومه؛ فدلالته بمنطوقه على قُ ْرب‬ ‫الرحمة من أهل الإحسان‪ ،‬ودلالته بتعليله وإيمائه على أن هذا ال ُق ْرب ُم ْس َت َح ٌّق‬ ‫بالإحسان؛ فهو السبب في قُ ْرب الرحمة منهم‪ ،‬ودلالته بمفهومه على ُب ْعد الرحمة من‬ ‫غير المحسنين؛ فهذه ثلاث دلالات لهذه الجملة»(‪.)3‬‬ ‫‪ -2‬قال تعالى‪ :‬ﭽﭦﭧﭨﭩﭪﭫ ﭬﭭ ﭮﭯﭰ‬ ‫ﭱﭲﭳﭴﭵﭶ ﭷ ﭸ ﭹﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄ‬ ‫ﮅ ﮆﮇﮈﮉﮊﮋﭼ (غافر)‪.‬‬ ‫‪ )1‬القواعد الحسان لتفسير القرآن (ص‪.)32‬‬ ‫‪ )2‬المقصود بهذه التطبيقات‪ :‬التمثيل لإعمال العلماء أنواع الدلالات‪ ،‬لاستخراج ال ِح َكم والأحكام‬ ‫والهدايات؛ من آي القرآن الكريم‪.‬‬ ‫‪ )3‬بدائع الفوائد (‪.)17 /3‬‬ ‫‪28‬‬

‫قال ابن القيم ‪« :r‬وتَأَ َّمل كيف ا ْفتَتَح الآية بقوله‪ :‬ﭽﭓﭔﭼ‪،‬‬ ‫والتنزيل ي َ ْس َتلْ ِزم ُعلُ َّو الـ ُم َ َّنل من عنده؛ لا َت ْع ِقل العرب من لغتها ‪-‬بل ولا غيرها‬ ‫من الأمم السليمة الفطرة‪ -‬إلا ذلك‪.‬‬ ‫وقد أخبر أن تنزيل الكتاب منه‪ ،‬فهذا يدل على شيئين‪:‬‬ ‫أحدهما‪ُ :‬علُ ّوه تعالى على خلقه‪.‬‬ ‫والثاني‪ :‬أنه هو المتكلم بالكتاب المنزل من عنده لا غيره‪.‬‬ ‫ًً‬ ‫فإنه أخبر أنه منه‪ ،‬وهذا يقتضي أن يكون منه قول‪ ،‬كما أنه منه تنزيل‪.‬‬ ‫فإن غيره لو كان هو المتكلم به لكان الكتاب من ذلك الغير‪ ،‬فإن الكلام إنما‬ ‫يُ َضاف إلى ال ُمتَ َكِّم به‪ ،‬ومثل هذا‪ :‬ﭽﭨﭩﭪﭫﭼ (السجدة‪ ،)13:‬ومثله‪:‬‬ ‫ﭽﯰﯱﯲﯳﯴﯵﭼ(النحل‪،)102:‬ومثله‪ :‬ﭽﮝﮞﮟﮠﭼ‬ ‫(فصلت‪ ،)42 :‬فا ْستَ ْم ِسك بحرف ( ِمن) في هذه المواضع‪ ،‬فإنه يقطع ُح َجج َش ْغب‬ ‫المعتزلة والجهمية‪.‬‬ ‫وتأمل كيف قال‪ :‬ﭽﮝﮞﭼ‪ ،‬ولم يقل‪( :‬تنزيله)‪ ،‬فتضمنت الآية إثبات‬ ‫علوه‪ ،‬وكلامه‪ ،‬وثبوت الرسالة‪.‬‬ ‫ثم قال‪ :‬ﭽﭪﭫﭼ (فصلت‪ ،)2 :‬فتضمن هذان الاسمان ِص َف َت ال ُقدرة‬ ‫والعلم وخلق أعمال العباد و ُح ُدوث كل ما سوى الله؛ لأن ال َق َدر هو ُقدرة الله؛ كما‬ ‫قال أحمد بن حنبل؛ فتضمنت إثبات القدر؛ ولأن عزته تمنع أن يكون في ُملْ ِكه‬ ‫ما لا يشاؤه‪ ،‬أو أن يشاء ما لا يكون؛ فكمال عزته ُتبْ ِطل ذلك‪.‬‬ ‫وكذلك كمال قدرته تُوجب أن يكون خالق كل شيء‪ ،‬وذلك ينفي أن يكون‬ ‫في العالم شيء قديم لا يتعلق به خلقه؛ لأن كمال قدرته وعزته ُيبْ ِطل ذلك‪.‬‬ ‫‪29‬‬

‫ثم قال تعالى‪ :‬ﭽﭭﭮﭯﭰﭼ (غافر‪ ،)3 :‬والذنب مخالفة شرعه‬ ‫وأمره‪ ،‬فتضمن هذان الاسمان إثبات شرعه وإحسانه وفضله‪.‬‬ ‫ثم قال تعالى‪ :‬ﭽﭱﭲﭼ‪ ،‬وهذا جزاؤه للمذنبين‪ ،‬ﭽﭳﭴﭼ جزاؤه‬ ‫للمحسنين‪ ،‬فتضمنت الثواب والعقاب‪.‬‬ ‫ثم قال تعالى‪ :‬ﭽﭶﭷﭸﭹﭻﭼﭼ (غافر‪ ،)3 :‬فتضمن ذلك التوحيد والمعاد‪.‬‬ ‫فتضمنت الآيتان إثبات صفة العلو‪ ،‬والكلام‪ ،‬والقدرة‪ ،‬والعلم‪ ،‬والشرع‪،‬‬ ‫وال َق َدر‪ ،‬وحدوث العالم‪ ،‬والثواب والعقاب‪ ،‬والتوحيد والمعاد‪ ،‬وتنزيل الكتاب منه‬ ‫على لسان رسوله ‪ g‬يتضمن الرسالة والنبوة؛ فهذه عشرة قواعد الإسلام والإيمان‬ ‫تجلى على سمعك في هذه الآية العظيمة‪.‬‬ ‫‪.)1( .........................................‬‬ ‫ولكن‪..‬‬ ‫َخـ ْو ٌد تُـ َز ُّف إلى ضـرير ُم ْق َعـد‬ ‫فهل خطر ببالك قط أن هذه الآية تتضمن هذه العلوم والمعارف مع كثرة‬ ‫قراءتك لها وسماعك إياها؟! وهكذا سائر آيات القرآن‪ ،‬فما أ َش َّدها من حسرة‬ ‫وأعظمها من َغبْنَة على من أفنى أوقاته في طلب العلم‪ ،‬ثم يخرج من الدنيا وما فهم‬ ‫حقائق القرآن ولا باشر قلبه أسراره ومعانيه‪ ،‬فالله المستعان»(‪.)2‬‬ ‫‪ )1‬شطر بيت من قصيدته النونية (‪ ،)1037/1‬وشطره الثاني‪:‬‬ ‫‪ *** ......................................‬يا ِ ْم َنة ال َح ْس َناء بالعميان‬ ‫وأصله شطر بيت للحسين بن الحجاج‪ ،‬وشطره الأول‪:‬‬ ‫وكأنهـا لما أحلـت عنـده *** ‪.....................................‬‬ ‫انظر‪ :‬المنتحل (ص‪.)158‬‬ ‫‪ )2‬بدائع الفوائد (‪.)194-193/1‬‬ ‫‪30‬‬

‫وبعد هذا الإجمال إليك شي ًئا من التفصيل في هذه الأنواع‪:‬‬ ‫النوع الأول‪« :‬دلالة المنطوق»(‪: )1‬‬ ‫وهو قسمان‪:‬‬ ‫‪ -1‬المنطوق الصريح؛ وهو نوعان‪:‬‬ ‫(أ) دلالة المطابقة (‪:)2‬‬ ‫التطبيق‪:‬‬ ‫‪ -1‬قال تعالى‪ :‬ﭽﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠ‬ ‫ﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮ ﮯﮰ‬ ‫ﮱ ﯓ ﯔ ﯕﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞﯟ‬ ‫ﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﭼ (البقرة)‪.‬‬ ‫قال ابن عثيمين ‪« :r‬هذه الهداية تشمل‪ :‬هداية العلم وهداية العمل‪ ،‬وهي‬ ‫التي ُي َع َّب عنها أحيانًا بهداية الإرشاد‪ ،‬وهداية التوفيق؛ فالإنسان إذا صام رمضان‬ ‫وأكمله‪ ،‬فقد م ّن الله عليه بهدايتين‪ :‬هداية العلم‪ ،‬وهداية العمل‪.‬‬ ‫‪ )1‬وهو‪ :‬المعنى المستفاد من اللفظ من حيث النطق به‪ .‬انظر‪ :‬شرح الكوكب المنير (‪.)473 /3‬‬ ‫‪ )2‬هي دلالة اللفظ على تمام المعنى الموضوع له اللفظ‪ .‬انظر‪ :‬البحر المحيط في أصول الفقه (‪،)269 /2‬‬ ‫معالم أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة (‪ .)446‬والمقصود‪ :‬أنك إذا حملت اللفظ على المعاني الداخلة‬ ‫تحته جمي ًعا فذلك من قبيل المطابقة‪ .‬وبناء على ذلك يمكنك تطبيق ذلك على الأمثلة المذكورة وغيرها‪.‬‬ ‫‪31‬‬

‫قوله تعالى‪ :‬ﭽﯦﯧﭼ؛ أي‪ :‬تقومون بشكر الله ‪b‬؛ و (لعل)‬ ‫هنا للتعليل‪ ،‬و ﭽﯧﭼ على أمور أربعة‪ :‬إرادة الله بنا اليُ ْس‪ ،‬عدم إرادته‬ ‫ال ُع ْس‪ ،‬إكمال ال ِع َّدة‪ ،‬التكبير على ما هدانا؛ هذه الأمور كلها نِ َعم تحتاج منا أن‬ ‫نشكر الله ‪ b‬عليها؛ ولهذا قال تعالى‪ :‬ﭽﯦﯧﭼ‪ ،‬و(الشكر) هو‬ ‫القيام بطاعة ال ُمنْ ِعم بفعل أوامره‪ ،‬واجتناب نواهيه»(‪.)1‬‬ ‫‪ -2‬قال تعالى‪ :‬ﭽﮱﯓﯔﯕﭼ (البقرة‪.)١٩٦ :‬‬ ‫لا ُت َف ِّكر في تصميم حج ُمتصر(‪.)2‬‬ ‫‪ -3‬قال تعالى‪ :‬ﭽﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢ ﭣﭤﭥﭦﭼ‬ ‫(البقرة‪.)231 :‬‬ ‫ً‬ ‫إنها تربية قرآنية تؤكد على أن الاعتداء على الآخرين هو ظلم للنفس أول؛‬ ‫بتعريضها لسخط الله وغضبه(‪.)3‬‬ ‫‪ -4‬قال تعالى‪ :‬ﭽﮠ ﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﭼ‬ ‫(العنكبوت‪.)69 :‬‬ ‫قال السعدي ‪« :r‬دل هذا على أن أحرى الناس بموافقة الصواب أهل الجهاد‪،‬‬ ‫وعلى أن من أحسن فيما أُ ِم َر به أعانه الله ويسر له أسباب الهداية‪ ،‬وعلى أن من جد‬ ‫واجتهد في طلب العلم الشرعي‪ ،‬فإنه يحصل له من الهداية والمعونة على تحصيل‬ ‫‪ )1‬تفسير القرآن الكريم (البقرة) للعثيمين (‪.)336/2‬‬ ‫‪ )2‬ليدبروا آياته (‪.)19/5‬‬ ‫‪ )3‬السابق (‪.)52/1‬‬ ‫‪32‬‬

‫مطلوبه أمور إلهية خارجة عن ُم ْد َرك اجتهاده‪ ،‬وتيسر له أمر العلم؛ فإن طلب‬ ‫العلم الشرعي من الجهاد في سبيل الله‪ ،‬بل هو أحد نوعي الجهاد الذي لايقوم به‬ ‫إلا خواص الخلق»(‪.)1‬‬ ‫وقال ابن القيم ‪َ « :r‬ع َّلق سبحانه الهداية بالجهاد‪ ،‬فأكم ُل الناس هداية‬ ‫أعظمهم جها ًدا‪ ،‬وأَفْ َر ُض الجهاد‪ :‬جهاد ال َّنفس‪ ،‬وجهاد الهوى‪ ،‬وجهاد ال َّشيطان‪،‬‬ ‫وجهاد ال ُّدنيَا؛ فمن جاهد هذه الأربعة في الله‪ ،‬هداه الله سبل ِرضا ُه الموصلة إلى‬ ‫جنته‪ ،‬ومن ترك الجهاد‪ ،‬فَاتَ ُه من الهدى ِ َبسب ما َع َّطل من الجهاد‪ ،‬قال الجُنَيد‪:‬‬ ‫َّ‬ ‫من‬ ‫ي َت َم َّكن‬ ‫ولا‬ ‫الإخلاص‪.‬‬ ‫سبل‬ ‫لنهدينهم‬ ‫بالتوبة‪،‬‬ ‫ِفينَا‬ ‫أهواءهم‬ ‫جاهدوا‬ ‫والين‬ ‫جهاد عدوه في ال َّظاهر إلا من جاهد هذه الأع َداء باط ًنا؛ فمن نُ ِص َعلَي َها نُ ِص على‬ ‫عدوه‪ ،‬ومن نُ ِصت عليه نُ ِص عليه عدوه»(‪.)2‬‬ ‫ب‪ -‬دلالة ال َّت َض ُّمن(‪: )3‬‬ ‫التطبيق‪:‬‬ ‫‪ -1‬قال تعالى‪ :‬ﭽﭣﭤﭥﭦ ﭧﭨﭩﭪ ﭫﭬ‬ ‫ﭭﭮﭯﭰﭱﭼ (البقرة)‪.‬‬ ‫قال شيخ الإسلام ‪« :r‬لكن أهل الكتابين ب ّدلوا؛ ولهذا نهى النبي ‪ g‬عن‬ ‫تقدم رمضان باليوم واليومين‪ ،‬و َع ّلَل الفقهاء ذلك بما ُ َياف من أن يُ َزاد في الصوم‬ ‫‪ )1‬تفسير السعدي (ص ‪.)635‬‬ ‫‪ )2‬الفوائد (ص‪.)59‬‬ ‫‪ )3‬وهي‪ :‬دلالة اللفظ على بعض معناه‪ .‬انظر‪ :‬البحر المحيط في أصول الفقه (‪ .)269 /2‬والمعاني المشار‬ ‫إليها في الأمثلة أعلاه هي من هذا النوع‪ .‬فتأمل‪.‬‬ ‫‪33‬‬

‫المفروض ما ليس منه‪ ،‬كما زاده أهل الكتاب من النصارى‪ ،‬فإنهم زادوا في صومهم‪،‬‬ ‫وجعلوه فيما بين الشتاء والصيف‪ ،‬وجعلوا له طريقة من الحساب يتعرفونه بها»(‪.)1‬‬ ‫وقال السعدي ‪« :r‬وفيه تنشي ٌط لهذه الأمة بأنه ينبغي لكم أن ُتنَا ِف ُسوا‬ ‫غيركم في تكميل الأعمال‪ ،‬وال ُمسارعة إلى صالح ال ِخ َصال‪ ،‬وأنه ليس من الأمور‬ ‫الثقيلة التي اختصيتم بها»(‪)2‬؛ إشارة إلى أصل الفرضية‪ ،‬وذلك بعض معنى الآية‪.‬‬ ‫‪ -2‬قال تعالى‪ :‬ﭽﭯﭰ ﭱ ﭲﭳﭴﭵ ﭶﭷﭸﭹ‬ ‫ﭺﭻ ﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈ‬ ‫ﮉﮊﮋﭼ (آل عمران)‪.‬‬ ‫قال ابن كثير ‪« :r‬قال الضحاك ‪ ... :r‬حق على من تعلم القرآن أن يكون‬ ‫فقي ًها»(‪ .)3‬وذلك أحد المعاني الداخلة تحت هذا الوصف (الرباني)‪.‬‬ ‫‪ -3‬قال تعالى‪ :‬ﭽﭺﭻﭼﭽ ﭾﭿﮀﮁﮂﮃ‬ ‫ﮄﮅﭼ (السجدة)‪.‬‬ ‫قال ابن كثير ‪« :r‬قال قتادة وسفيان‪ :‬ﭽﭿﮀﭼ عن الدنيا‪ ...‬قال سفيان‪:‬‬ ‫هكذا كان هؤلاء‪ ،‬ولا ينبغي للرجل أن يكون إما ًما ُي ْق َت َدى به حتى يتحامى عن‬ ‫الدنيا»(‪)4‬؛ وهو بعض معنى الآية‪.‬‬ ‫‪ )1‬اقتضاء الصراط المستقيم (‪ .)286/1‬فراعى هنا مدة الصوم‪ ،‬وهي شهر‪ ،‬وذلك بعض معنى الآية‪.‬‬ ‫‪ )2‬تفسير السعدي (ص ‪.)86‬‬ ‫‪ )3‬تفسير ابن كثير (‪.)66/2‬‬ ‫‪ )4‬السابق (‪.)371/6‬‬ ‫‪34‬‬

‫‪ -2‬المنطوق غير الصريح (دلالة الالتزام)(‪: )1‬‬ ‫ويدخل تحتها ثلاثة أنواع‪( :‬اقتضاء‪ ،‬وإشارة‪ ،‬وإيماء وتنبيه)‪:‬‬ ‫الأول‪ :‬دلالة الاقتضاء(‪:)2‬‬ ‫التطبيق‪:‬‬ ‫‪ -1‬قال تعالى‪ :‬ﭽﮎﮏﮐﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ‬ ‫ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢﮣ ﮤ‬ ‫ﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰ ﮱﭼ (البقرة)‪.‬‬ ‫قال ال َق َّصاب ‪« :)3( r‬دليل واضح لمن تدبره أن حرمان التوفيق أقعدهم عن‬ ‫الإيمان؛ لما حسدوا عليه غيرهم وتبين لهم حقيقته؛ إذ محال أن يحسدوا غيرهم‬ ‫على ما هو باطل وفي أيديهم ‪-‬بزعمهم‪ -‬ما هو خير منه»(‪.)4‬‬ ‫‪ )1‬وهي دلالة اللفظ على خار ٍج عن ُم َس َّماه‪ ،‬لازم له لزو ًما ذهن ًّيا‪ ،‬أو خارج ًّيا‪ .‬انظر‪ :‬البحر المحيط في‬ ‫أصول الفقه (‪ ،)229 /1‬معالم أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة (ص‪.)446‬‬ ‫‪ )2‬وهي‪ :‬أن يتضمن الكلام إضما ًرا ضرور ًّيا لابد من تقديره؛ لأن الكلام لا يستقيم دونه‪ :‬إما لتوقف‬ ‫الصدق عليه‪ ،‬وإما لتوقف الصحة عليه نق ًل‪ ،‬أو عق ًل‪ .‬انظر‪ :‬الإحكام في أصول الأحكام للآمدي (‪/3‬‬ ‫‪ ،)64‬معالم أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة (ص‪.)447‬‬ ‫‪ )3‬هو‪ :‬أبو أحمد محمد بن علي بن محمد الكرجي الغازي المجاهد‪ ،‬و ُع ِرف بالقصاب؛ لكثرة ما َقتَل في‬ ‫مغازيه‪ .‬عاش إلى حدود ‪360‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬سير أعلام النبلاء (‪.)213 /16‬‬ ‫‪ )4‬نكت القرآن (‪.)132 /1‬‬ ‫‪35‬‬

‫‪ -2‬قال تعالى‪ :‬ﭽﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭ‬ ‫ﭮﭯﭰﭱﭲ ﭼ (النساء‪.)8:‬‬ ‫قال السعدي ‪« :r‬و ُي ْؤ َخذ من المعنى أن كل من له َت َط ُلّع وت َ َش ّوف إلى ما حضر‬ ‫بين يدي الإنسان‪ ،‬ينبغي له أن يعطيه منه ما تيسر؛ كما كان النبي ‪ g‬يقول‪« :‬إذا‬ ‫لُ ْق َمة أو‬ ‫خاد ُمه بطعامه َفلْ ُي ْجلِ ْسه معه‪ ،‬فإن لم ُ ْيلِ ْسه معه َفلْ ُي َنا ِو ْل‬ ‫أتوا بها‬ ‫كما قال‪ .‬وكان الصحابة ‪- j‬إذا بدأت باكورة أشجارهم‪-‬‬ ‫جاء أح َدكم‬ ‫لُ ْق َم َتين»(‪ ،)1‬أو‬ ‫رسول الله ‪ g‬فب َّرك عليها‪ ،‬ونظر إلى أصغر وليد عنده فأعطاه ذلك(‪)2‬؛ عل ًما منه‬ ‫بشدة ت َ َش ّوفه لذلك‪ ،‬وهذا كله مع إمكان الإعطاء»(‪.)3‬‬ ‫‪ -3‬قال تعالى‪ :‬ﭽﮜ ﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨ‬ ‫ﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱ ﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚ‬ ‫ﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﭼ (المائدة)‪.‬‬ ‫قال السعدي ‪« :r‬وهذا يدل على قوة هممهم وعزائمهم؛ فإن ضعيف‬ ‫القلب ضعيف الهمة‪ ،‬تنتقض عزيمته عند لوم اللائمين‪ ،‬و َت ْف ُت قوته عند َع ْذل‬ ‫العاذلين‪ ،‬وفي قلوبهم َت َع ُّبد لغير الله‪ ،‬بحسب ما فيها من مراعاة الخلق وتقديم‬ ‫‪ )1‬وأصله مخرج في صحيح البخاري (‪ ،)5460‬من حديث أبي هريرة ‪h‬؛ أن رسول الله ‪ g‬قال‪« :‬إذا أتى أح َد ُكم‬ ‫َخا ِد ُمه بطعامه‪ ،‬فإن لم ُيْ ِل ْسه معه فليناوله أكلة أو أكلتين‪ ،‬أو لقمة أو لقمتين؛ فإنَّ ُه َو ِ َل ح َّر ُه و ِعلا َج ُه»‪.‬‬ ‫‪ )2‬وأصله مخرج في صحيح مسلم (‪ ،)1373‬من حديث أبي هريرة ‪h‬؛ أن رسول الله ‪ g‬كان يُ ْؤ َت بأول‬ ‫الثمر‪ ،‬فيقول‪« :‬اللهم بارك لنا في مدينتنا‪ ،‬وفي ثمارنا‪ ،‬وفي ُم ِّدنا‪ ،‬وفي صاعنا بركة مع بركة»‪ ،‬ثم يعطيه‬ ‫أصغر من يحضره من الولدان‪.‬‬ ‫‪ )3‬تفسير السعدي (ص ‪.)165‬‬ ‫‪36‬‬

‫رضاهم ولومهم على أمر الله‪ ،‬فلا يسلم القلب من التعبد لغير الله؛ حتى لا‬ ‫يخاف في الله لومة لائم»(‪.)1‬‬ ‫‪ -4‬قال تعالى‪ :‬ﭽﯥ ﯦ ﯧ ﯨﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﭼ‬ ‫(الأنبياء)‪ .‬وفي قراءة الجمهور‪{ :‬قل رب احكم بالحق}(‪.)2‬‬ ‫قال ابن هبيرة ‪« :)3(r‬ال ُمراد منه‪ُ :‬كن أنت ‪ -‬أيها القائل ‪ -‬على الحق ِلُمكنك‬ ‫أن تقول‪ :‬اح ُكم بالحق؛ لأن الـ ُمبْ ِطل لا يمكنه أن يقول‪ :‬اح ُكم بالحق»(‪.)4‬‬ ‫‪ -5‬قال تعالى‪ :‬ﭽﭑ ﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙ ﭚﭛ‬ ‫ﭜﭝﭞ ﭟﭠﭡﭢﭣﭤ ﭥﭦ ﭧﭨﭩﭪ‬ ‫ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵﭶ ﭷ ﭸ‬ ‫ﭹﭺﭻ ﭼ (النور)‪.‬‬ ‫قال ابن القيم ‪« :r‬فإذا جعل من لوازم الإيمان أنهم لا يذهبون مذهبًا إذا‬ ‫لَ َوا ِز ِم ِه ألا‬ ‫مذه ٍب‬ ‫ولا‬ ‫قو ٍل‬ ‫إلى‬ ‫يذهبوا‬ ‫ما جاء به‬ ‫إلا باستئذانه‪ ،‬فأولى أن يكون من‬ ‫كانوا معه‬ ‫َ‬ ‫بعد استئذانه‪ ،‬وإذنه يُعرف بدلالة‬ ‫علمي إلا‬ ‫على أنه أ ِذن فيه»(‪.)5‬‬ ‫‪ )1‬السابق (ص ‪.)235‬‬ ‫‪ )2‬انظر النشر (‪.)325/2‬‬ ‫‪ )3‬هو‪ :‬يحيى بن هبيرة بن محمد بن هبيرة الذهلي الشيبان ّي‪ ،‬أبو المظفر‪ ،‬عون الدين‪ ،‬من كبار الوزراء في‬ ‫الدولة العباسية‪ ،‬عالم بالفقه والأدب‪ ،‬له نظم جيد‪ ،‬ولد في قرية من أعمال ُدجيل (بالعراق)‪ ،‬ودخل‬ ‫بغداد في صباه‪ ،‬فتعلم صناعة الإنشاء‪ ،‬وقرأ التاريخ والأدب وعلوم الدين‪ .‬توفي سنة‪560 :‬هـ‪ .‬انظر‪:‬‬ ‫وفيات الأعيان (‪ ،)230 /6‬والأعلام للزركلي (‪.)175 /8‬‬ ‫‪ )4‬ذيل طبقات الحنابلة (‪.)145/2‬‬ ‫‪ )5‬إعلام الموقعين (‪.)41/1‬‬ ‫‪37‬‬

‫‪ -6‬قال تعالى‪ :‬ﭽﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘ ﯙ‬ ‫ﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﭼ (الحشر)‪.‬‬ ‫قال أبو بكر بن َع َّياش ‪« :)1(r‬أبو بكر الصديق خليفة رسول الله ‪ g‬في‬ ‫القرآن؛ لأن الله تعالى يقول‪ :‬ﭽﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘ‬ ‫ﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﭼ‪ ،‬فمن َس َّماه الله‬ ‫صادقًا فليس يكذب‪ ،‬هم قالوا‪ :‬يا خليفة رسول الله ‪.)2(»g‬‬ ‫‪ -7‬قال تعالى‪ :‬ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ‬ ‫ﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠ ﭡﭢﭣﭤﭥﭦ‬ ‫ﭧﭨﭼ (الحشر)‪.‬‬ ‫قال السعدي ‪َ « :r‬ذ َكر الله في هذا الدعاء َن ْف ال ِغ ّل عن القلب‪ ،‬الشامل‬ ‫لقليل ال ِغ ّل وكثيره الذي إذا انتفى ثبت ضده‪ ،‬وهو المحبة بين المؤمنين والموالاة‬ ‫والنصح‪ ،‬ونحو ذلك مما هو من حقوق المؤمنين»(‪.)3‬‬ ‫هو‬ ‫أو‬ ‫لهم‪،‬‬ ‫متبعون‬ ‫أنهم‬ ‫للسلف‪:‬‬ ‫والخَلَف‬ ‫للسابق‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫بدعاء‬ ‫«وال ُمراد‬ ‫الل ِحق‬ ‫تعليم لهم بأن يدعوا لمن قبلهم‪ ،‬ويذكروهم بالخير»(‪.)4‬‬ ‫‪ )1‬هو‪ :‬أبو بكر بن عياش الكوفي ال ُمقرئ الأسدي الحَ َّناط‪ :‬اخ ُت ِلف في اسمه على عشرة‬ ‫أقوال؛ أصحها قولان‪ :‬أن اسمه كنيته‪ ،‬أو ُشعبة‪ ،‬كان من مشاهير القراء‪ ،‬وقرأ القرآن ثلاث‬ ‫مرات على عاصم‪ ،‬وكان عال ًما فقي ًها في الدين‪ ،‬توفي سنة‪193 :‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬معرفة القراء الكبار‬ ‫للذهبي (‪ ،)83- 80 /1‬الأعلام للزركلي (‪.)165 /3‬‬ ‫‪ )2‬تاريخ دمشق (‪.)298 /30‬‬ ‫‪ )3‬تفسير السعدي (ص ‪.)851‬‬ ‫‪ )4‬حاشية الشهاب على تفسير البيضاوي (‪.)179 /8‬‬ ‫‪38‬‬

‫‪ -8‬قال تعالى‪ :‬ﭽﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﭼ (التكاثر)‪.‬‬ ‫عن ميمون بن ِم ْهران ‪ r‬قال‪« :‬قرأ عمر بن عبد العزيز ‪ :r‬ﭽﮋ‬ ‫ﮌﭼ‪ ،‬فبكى‪ ،‬ثم قال‪ :‬ﭽﮎﮏﮐﭼ‪ :‬ما أرى المقابر إلا زيارة‪ ،‬ولا بد لمن‬ ‫يزورها أن يرجع إلى الجنة‪ ،‬أو إلى النار»(‪.)1‬‬ ‫وقال ابن القيم ‪« :r‬وتأمل كيف جعلهم عند وصولهم إلى غاية كل حي زائرين‬ ‫غير مستوطنين‪ ،‬بل هم ُم ْس َتو َدعون في المقابر مدة‪ ،‬وبين أيديهم دار القرار‪ ،‬فإذا‬ ‫كانوا عند وصولهم إلى الغاية زائرين‪ ،‬فكيف بهم وهم في الطريق في هذه الدار؟!‬ ‫فهم فيها عابرو سبيل إلى محل الزيارة‪ ،‬ثم ُمنت ِقلون من محل الزيارة إلى ال ُمستقر»(‪.)2‬‬ ‫الثاني‪ :‬دلالة الإشارة‪ )3(:‬وله صورتان‪:‬‬ ‫الصورة الأولى‪ :‬ما ي ُ ْستَ ْخ َرج من نص واحد‪:‬‬ ‫التطبيق‪:‬‬ ‫‪ -1‬قال تعالى‪ :‬ﭽﯯﯰﯱﯲﭼ (البقرة‪.)168:‬‬ ‫فتسمية استدراج الشيطان (خطوا ٍت) فيه إشارتان‪:‬‬ ‫(‪ )1‬الخطوة مسافة يسيرة؛ وهكذا الشيطان يبدأ بالشيء اليسير من البدعة‪،‬‬ ‫أو المعصية‪ ،‬حتى تألفها النفس‪.‬‬ ‫‪ )1‬الرقة والبكاء لابن أبي الدنيا (‪.)279/1‬‬ ‫‪ )2‬عدة الصابرين (ص ‪.)194‬‬ ‫‪ )3‬هو‪ :‬دلالة اللفظ على معنى ليس مقصو ًدا باللفظ في الأصل‪ ،‬ولكنه لازم للمقصود‪ ،‬فكأنه مقصود‬ ‫بالتبع لا بالأصل‪ .‬انظر‪ :‬التعريفات للجرجاني (‪ ،)27 /1‬المذكرة في أصول الفقه (ص ‪.)283‬‬ ‫‪39‬‬

‫(‪ )2‬قوله‪ :‬ﭽﯱﭼ بالجمع‪ ،‬دليل على أن الشيطان لن يقف عند أول‬ ‫خطوة في المعصية(‪.)1‬‬ ‫‪ -2‬قال تعالى‪ :‬ﭽﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭼ (البقرة‪.)187:‬‬ ‫تأمل قوله تعالى‪ :‬ﭽﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭼ‪ ،‬وما فيها من تربية ال َّذ ْوق‬ ‫والأدب في الكلام‪ ،‬إضاف ًة إلى ما في اللباس من دلالة الستر‪ ،‬والحماية‪ ،‬والجمال‪،‬‬ ‫والقرب‪ ...‬وهل أحد الزوجين للآخر إلا كذلك؟! وإن كانت المرأة في ذلك أظهر أث ًرا‬ ‫كما يشير إلى ذلك ال َب ْدء بضميرها‪ :‬ﭽﭙﭼ(‪.)2‬‬ ‫‪ -3‬قال تعالى‪ :‬ﭽﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶ‬ ‫ﭷﭸﭹﭺﭻﭼ ﭽﭾﭼ (البقرة‪.)187 :‬‬ ‫قال البيضاوي ‪« :r‬وفي تجويز ال ُم َبا َشة إلى الصبح؛ الدلالة على جواز تأخير‬ ‫ال ُغسل إليه‪ ،‬وصحة صوم ال ُمصبح ُجنُ ًبا»(‪.)3‬‬ ‫‪ -4‬قال تعالى‪ :‬ﭽﮱ ﯓ ﯔ ﯕﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﯝ ﯞ ﯟ‬ ‫ﯠﯡﯢ ﯣﯤﯥﯦﯧ ﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳ‬ ‫ﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼ ﯽ ﯾﯿ ﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈ ﰉ‬ ‫ﰊ ﰋ ﰌﰍﰎ ﰏ ﰐ ﰑﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ ﰗ ﰘ ﰙ ﰚﰛ ﰜ‬ ‫ﰝﰞﰟﰠﰡﰢﰣ ﭼ (البقرة)‪.‬‬ ‫‪ )1‬ليدبروا آياته (‪.)54/1‬‬ ‫‪ )2‬السابق (‪.)56/1‬‬ ‫‪ )3‬تفسير البيضاوي (‪.)126/1‬‬ ‫‪40‬‬

‫قال القرطبي ‪« :r‬ففي دعاء رسول الله ‪ g‬لل ُم َحلِّقين ثلاثًا ولل ُم َق ِّصين‬ ‫مرة(‪ ،)1‬دليل على أن الحلق في الحج والعمرة أفضل من التقصير؛ وهو مقتضى قوله‬ ‫تعالى‪ :‬ﭽﯞﯟﯠﭼ‪ ،‬ولم يقل‪ُ :‬ت َق ِّصوا»(‪.)2‬‬ ‫‪ -5‬قال تعالى‪ :‬ﭽﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙ‬ ‫ﮚ ﮛﮜﮝﮞﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ‬ ‫ﮧﮨ ﮩﮪ ﮫﭼ (التحريم)‪.‬‬ ‫قال الشيخ بكر أبو زيد ‪« :r‬فقوله سبحانه‪ :‬ﭽﮚﭼ إعلام بأنه لا سلطان‬ ‫لهما على زوجيهما‪ ،‬وإنما السلطان للزوجين عليهما؛ فالمرأة لا ت ُ َسا َوى بالرجل ولا‬ ‫تعلو فوقه أب ًدا»(‪.)3‬‬ ‫الصورة الثانية‪ :‬ما ي ُ ْس َت ْخ َرج من مجموع دليلين فأكثر‪:‬‬ ‫التطبيق‪:‬‬ ‫‪« -1‬إن موسى ‪ n‬سأل أَ َج َّل الأشياء؛ فقال‪ :‬ﭽﯗﯘﯙﯚﭼ‬ ‫ﮈﮉ‬ ‫األيأ ًشضياانء؛سألف اقاللله‪:‬أَ َج َّﭽل الأﮃشياﮄء؛ﮅوهي خيﮆراﮇت‬ ‫أقل‬ ‫(الأعراف‪ ،)143:‬وسأل‬ ‫الآخرة‪،‬‬ ‫فنحن‬ ‫ﮊﮋﭼ (القصص)‪،‬‬ ‫وأقلها؛ وهي خيرات الدنيا؛ فنقول‪ :‬ﭽﯜﯝﯞﯟ ﯠﯡﯢ‬ ‫ﯣﭼ (البقرة‪.)4(»)201:‬‬ ‫‪ )1‬أخرجه البخاري (‪ ،)1727‬ومسلم (‪.)1301‬‬ ‫‪ )2‬الجامع لأحكام القرآن (‪.)381/2‬‬ ‫‪ )3‬حراسة الفضيلة (ص‪.)19‬‬ ‫‪ )4‬من أسرار التنزيل (ص ‪.)132‬‬ ‫‪41‬‬

‫‪ -2‬قال تعالى في سورة البقرة‪ :‬ﭽﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮﮯ ﮰ‬ ‫ﮱ ﯓﯔﯕﭼ (البقرة‪ ،)233 :‬وقال في سورة الأحقاف‪ :‬ﭽﭜﭝ‬ ‫ﭞﭟ ﭼ (الأحقاف‪.)15 :‬‬ ‫قال القرطبي ‪« :r‬استنبط عل ٌّي ‪ h‬مدة أقل الحمل ‪-‬وهو ستة أشهر‪ -‬من قوله‬ ‫تعالى‪ :‬ﭽﭜﭝﭞﭟ ﭼ‪ ،‬وقوله تعالى‪ :‬ﭽﮪﮫﮬ‬ ‫ﮭﮮﭼ‪ ،‬فإذا فَ َصلْنا الحولين من ثلاثين شه ًرا‪ ،‬بقيت ستة أشهر»(‪.)1‬‬ ‫‪ -3‬قال تعالى في سورة طه‪ :‬ﭽﮕﮖﮗﮘﮙ ﮚﮛﭼ (طه‪،)94:‬‬ ‫وقال في سورة الأنعام‪ :‬ﭽﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ‬ ‫ﮂﮃﮄﮅﮆﮇﭼ‪...‬إلى قوله‪ :‬ﭽﯬﯭﯮﯯﯰﯱ‬ ‫ﯲﭼ (الأنعام‪.)90 -84 :‬‬ ‫قال الشنقيطي ‪« :r‬هذه الآية الكريمة بِ َض ِمي َم ِة آية (الأنعام) إليها تدل على‬ ‫لزوم إعفاء اللِّحية؛ فهي دليل قرآني على إعفاء اللِّحية وعدم حلقها»(‪.)2‬‬ ‫‪ -4‬قال تعالى عن أيوب ‪ n‬في سورة الأنبياء‪ :‬ﭽﭫ ﭬ ﭭ ﭮ‬ ‫ﭯ ﭰ ﭱﭲﭳﭴ ﭵﭶ ﭷﭸ ﭹﭺﭻﭼﭼ‬ ‫(الأنبياء)‪ ،‬وقال عنه في سورة ص‪ :‬ﭽﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗ‬ ‫ﭘﭙﭚ ﭼ (ص‪.)43 :‬‬ ‫‪ )1‬تفسير القرطبي (‪ ،)262 /5‬وانظر نحوه‪ :‬مجموع الفتاوى (‪ ،)10 /34‬ومختصر الصواعق المرسلة (ص ‪.)104‬‬ ‫‪ )2‬أضواء البيان (‪.)630/4‬‬ ‫‪42‬‬

‫قال الشنقيطي ‪« :r‬قوله في (الأنبياء)‪ :‬ﭽﭺﭻﭼ‪ ،‬مع قوله في‬ ‫(ص)‪ :‬ﭽﭘﭙﭚﭼ؛ فيه الدلالة الواضحة على أن أصحاب العقول‬ ‫السليمة من شوائب الاختلال‪ ،‬هم الذين يعبدون الله وحده ويطيعونه‪ .‬وهذا يؤيد‬ ‫قول من قال من أهل العلم‪ :‬إن من أوصى بشيء من ماله لأعقل الناس؛ أن تلك‬ ‫الوصية تُ ْ َصف لأتقى الناس وأشدهم طاعة لله تعالى؛ لأنهم هم أولو الألباب؛ أي‪:‬‬ ‫العقول الصحيحة السالمة من الاختلال»(‪.)1‬‬ ‫‪ -5‬قال تعالى‪ :‬ﭽﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺ ﯻﯼﯽﯾﯿﰀ‬ ‫ﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊ ﭼ (الحديد‪ ،)10:‬وقال ‪ :b‬ﭽﯢﯣ‬ ‫ﯤﯥﯦﯧ ﯨﯩﯪﭼ (الأنبياء‪.)101:‬‬ ‫قال ابن حزم ‪« :r‬فجاء النص أن من َص ِح َب النبي ‪ ،g‬فقد وعده الله تعالى‬ ‫الحسنى‪ ،‬وقد نص الله تعالى‪ :‬ﭽﰅﰆﰇﰈﰉﭼ (آل عمران‪.)2(»)9 :‬‬ ‫‪ -6‬قال الإمام سفيان بن عيينة ‪« :r‬إني قرأت القرآن‪ ،‬فوجدت صفة‬ ‫سليمان ‪ n‬مع العافية التي كان فيها‪ :‬ﭽﮀﮁﮂﮃﮄﭼ (ص‪ ،)30:‬ووجدت‬ ‫صفة أيوب ‪ n‬مع البلاء الذي كان فيه‪ :‬ﭽﭨﭩﭪﭫﭬﭼ (ص‪ ،)44:‬فاستوت‬ ‫الصفتان؛ وهذا ُم َعافى‪ ،‬وهذا ُمبتلى‪ ،‬فوجدت الشكر قد قام مقام الصبر‪ ،‬فلما‬ ‫اعتدلا كانت العافية مع الشكر أح َّب إلي من البلاء مع الصبر»(‪.)3‬‬ ‫‪ )1‬أضواء البيان (‪ ،)849 /4‬وانظر نحوه‪ :‬في تفسير النيسابوري (‪.)603 /5‬‬ ‫‪ )2‬المحلى (‪.)44/1‬‬ ‫‪ )3‬تهذيب الكمال (‪.)193/11‬‬ ‫‪43‬‬

‫‪ -7‬قال تعالى‪ :‬ﭽﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ‬ ‫ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ‬ ‫ﮗ ﮘﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﭼ (الشورى)‪،‬‬ ‫مع قوله‪ :‬ﭽﮛﮜﮝﮞﮟﭼ (لقمان‪ ،)15 :‬مع العلم بأحوال الصحابة ‪،j‬‬ ‫وشدة إنابتهم دليل على أن قولهم حجة‪ ،‬خصو ًصا الخلفاء الراشدين ‪ j‬أجمعين(‪.)1‬‬ ‫‪ -8‬قال تعالى في سورة فاطر‪ :‬ﭽﯞﯟﯠﯡﯢﯣﭼ (فاطر‪،)٢٨ :‬‬ ‫وقال في سورة البينة‪ :‬ﭽﯝ ﯞﯟﯠﯡﯢﯣ ﯤﯥﯦ‬ ‫ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙ ﭚ ﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣ‬ ‫ﭤﭥﭦﭧ ﭨﭼ (البينة)‪.‬‬ ‫قال ابن جماعة ‪« :)2(r‬فاقتضت الآيتان‪ :‬أ َّن العلماء هم الذين يخشون الله‬ ‫تعالى‪ ،‬وأ َّن الذين يخشون الله تعالى هم خير البر َّية؛ فينتج بهذا أن العلماء هم‬ ‫خير البر َّية»(‪.)3‬‬ ‫‪ )1‬تفسير السعدي (ص‪.)754‬‬ ‫‪ )2‬هو‪ :‬محمد بن إبراهيم بن سعد الله بن جماعة الكناني الحموي الشافع ّي‪ ،‬بدر الدين‪ ،‬أبو عبد الله‪،‬‬ ‫قاض‪ ،‬من العلماء بالحديث وسائر علوم الدين‪ ،‬ولد في حماة‪ ،‬وولي الحكم والخطابة بالقدس‪ ،‬ثم القضاء‬ ‫بمصر‪ ،‬فقضاء الشام‪ ،‬ثم قضاء مصر إلى أن شاخ وعمي‪ ،‬كان من خيار القضاة‪ ،‬وتوفي بمصر سنة‪733 :‬هـ‪.‬‬ ‫انظر‪ :‬معجم الشيوخ الكبير للذهبي (‪ ،)130 /2‬والأعلام للزركلي (‪.)297 /5‬‬ ‫‪ )3‬تذكرة السامع والمتكلم (ص ‪.)6‬‬ ‫‪44‬‬

‫الثالث‪ :‬دلالة الإيماء والتنبيه(‪:)1‬‬ ‫التطبيق‪:‬‬ ‫‪ -1‬قال تعالى‪ :‬ﭽ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ‬ ‫ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣﮤ ﮥ ﮦ ﮧﮨ ﮩ‬ ‫ﮪﮫﮬ ﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗ‬ ‫ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ‬ ‫ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫﯬ ﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳ ﯴﯵﯶﯷ‬ ‫ﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﭼ (المائدة)‪.‬‬ ‫قال السعدي ‪« :r‬دل على أن طهارة القلب سبب لكل خير‪ ،‬وهو أكبر دا ٍع إلى‬ ‫كل قول رشيد وعمل سديد»(‪.)2‬‬ ‫‪ -2‬قال تعالى‪ :‬ﭽﮨﮩﮪ ﮫﮬﮭ ﮮﮯﮰﮱﭼ‬ ‫(الأعراف)‪.‬‬ ‫قال ابن القيم‪« :‬في قوله‪ :‬ﭽﮭ ﮮﮯﮰﭼ عقب قوله‪ :‬ﭽﮨ‬ ‫ﮩﮪﮫﭼ‪ ،‬دليل على أن من لم يَ ْد ُعه تضر ًع و ُخ ْف َية‪ ،‬فهو من ال ُمعتدين‬ ‫الذين لا ُيبهم‪ ،‬فقسمت الآية الناس إلى قسمين‪ :‬دا ٍع لله تضر ًع و ُخفية‪ ،‬و ُم ْع َت ٍد‬ ‫بترك ذلك»(‪.)3‬‬ ‫‪ )1‬وهي‪ :‬أن يُ ْذ َكر وصف ُم ْق َ ِت ٌن بحكم في نص من نصوص الشرع على وجه لو لم يكن ذلك الوصف ِع َلّة‬ ‫لذلك الحكم لكان الكلام معيبًا‪ .‬انظر‪ :‬نشر البنود (‪ ،)286 -285 /1‬المذكرة في أصول الفقه (ص ‪.)283‬‬ ‫‪ )2‬تفسير السعدي (ص ‪.)231‬‬ ‫‪ )3‬بدائع الفوائد (‪.)14 /3‬‬ ‫‪45‬‬

‫‪ -3‬قال تعالى‪ :‬ﭽﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﭼ‬ ‫(الأعراف)‪.‬‬ ‫قال السعدي ‪« :r‬فإن َمن لا َزم على هذين الأمرين حين يُت َل كتاب الله‪ ،‬فإنه‬ ‫ينال خي ًرا كثيرا‪ ،‬وعل ًما غزيرا‪ ،‬وإيمانًا مستم ًّرا متجددا‪ ،‬وهدى متزايدا‪ ،‬وبصيرة‬ ‫في دينه؛ ولهذا َرتَّب الله حصول الرحمة عليهما؛ فدل ذلك على أن من تُلي عليه‬ ‫الكتاب‪ ،‬فلم يستمع له و ُينْ ِصت‪ ،‬أنه محروم الحظ من الرحمة‪ ،‬قد فاته خي ٌر كثير»(‪.)1‬‬ ‫‪ -4‬قال تعالى‪ :‬ﭽﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫ ﯬ‬ ‫ﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵ ﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽ‬ ‫ﯾ ﯿﰀﭼ (مريم)‪.‬‬ ‫قال السعدي ‪« :r‬ولما كان ُم َفا َرقة الإنسان لوطنه و َمأْلَ ِفه وأهله وقومه‬ ‫من أشق شيء على النفس؛ لأمور كثيرة معروفة‪ ،‬ومنها انفراده عمن يتعزز بهم‬ ‫ويتكثر‪ ،‬وكان من ترك شيئًا لله عوضه الله خي ًرا منه‪ ،‬واعتزل إبراهيم قومه‪ ،‬قال‬ ‫الله في حقه‪ :‬ﭽﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﭼ‬ ‫‪-‬من إسحاق ويعقوب‪ -‬ﭽﯿﰀﭼ»(‪.)2‬‬ ‫وقال الشنقيطي ‪ r‬عند تفسير الآية‪« :‬بين تعالى‪ ...‬أن اعتزال الكفار‬ ‫والأوثان والبراءة منهم من‪ ‬فوائده‪ :‬تفضل الله تعالى بالذرية الطيبة الصالحة»(‪.)3‬‬ ‫‪ )1‬تفسير السعدي (ص ‪.)314‬‬ ‫‪ )2‬السابق (ص ‪.)494‬‬ ‫‪ )3‬أضواء البيان (‪ ،)570/2‬وانظر نحوه‪ :‬تفسير ابن كثير (‪ ،)236/5( ،)573-572/4‬والقواعد‬ ‫الحسان (ص‪.)164‬‬ ‫‪46‬‬

‫‪ -5‬قال تعالى‪ :‬ﭽﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ‬ ‫ﮫﮬ ﮭﮮﮯﭼ (طه)‪.‬‬ ‫قال ابن القيم ‪« :r‬وظاهر الآية أن الحامل لموسى على العجلة هو طلب رضا‬ ‫ربه‪ ،‬وأن رضاه في المبادرة إلى أوامره والعجلة إليها؛ ولهذا احتج السلف بهذه الآية‬ ‫على أن الصلاة في أول الوقت أفضل؛ سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يذكر ذلك‪،‬‬ ‫قال‪ :‬إن رضا الرب في العجلة إلى أوامره»(‪.)1‬‬ ‫النوع الثاني‪« :‬دلالة المفهوم»(‪:)2‬‬ ‫وهو قسمان‪:‬‬ ‫‪ -1‬مفهوم الموافقة(‪)3‬؛ وهو نوعان‪:‬‬ ‫الأول‪ :‬الأَ ْولَوي(‪:)4‬‬ ‫التطبيق‪:‬‬ ‫‪ -1‬قال تعالى‪ :‬ﭽﯨﯩﯪﯫﭼ (البقرة‪.)93 :‬‬ ‫‪ )1‬مدارج السالكين (‪.)60/3‬‬ ‫‪ )2‬وهو‪ :‬المعنى المستفاد من حيث السكوت اللازم للفظ‪ .‬انظر‪ :‬شرح الكوكب المنير (‪.)473 /3‬‬ ‫‪ )3‬وهو‪ :‬ما وافق المسكو ُت عنه المنطو َق في الحكم‪ .‬وي ُسمى‪( :‬فحوى الخطاب) و (لحن الخطاب)‪ .‬انظر‪:‬‬ ‫شرح الكوكب المنير (‪.)481 /3‬‬ ‫‪ )4‬وهو‪ :‬ما كان المسكوت عنه أولى بالحكم من المنطوق‪ .‬انظر‪ :‬شرح الكوكب المنير (‪ ،)482 /3‬المذكرة‬ ‫في أصول الفقه (ص ‪.)284‬‬ ‫‪47‬‬

‫به‬ ‫تجوز‬ ‫لا‬ ‫الذي‬ ‫المخلوق‬ ‫كان‬ ‫فإذا‬ ‫ُح َّبه‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫«أي‬ ‫‪:r‬‬ ‫الإسلام‬ ‫شيخ‬ ‫قال‬ ‫أش ِربوا‬ ‫محبته قد ُ ِيبه القلب ُح ًّبا يجعل ذلك شرابًا للقلب‪ ،‬ف ُحب الر ّب تعالى أن يكون‬ ‫َشابًا يشربه قلوب المؤمنين أولى وأحرى»(‪.)1‬‬ ‫‪ -2‬قال تعالى‪ :‬ﭽﭑﭒﭓ ﭔﭕﭖﭗﭘﭙ ﭚﭛﭜ‬ ‫ﭝﭞﭟﭠﭼ (البقرة)‪.‬‬ ‫قال ابن كثير ‪« :r‬روى ابن أبي حاتم‪ ...‬عن ُو َهيْب بن الورد‪ ،‬أنه قرأ‪ :‬ﭽﭑﭒ‬ ‫ﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭼ‪ ،‬ثم يبكي ويقول‪ :‬يا خليل الرحمن‪،‬‬ ‫ترفع قوائم بيت الرحمن وأنت مشفق ألا يتقبل منك!»(‪)2‬؛ يعني‪ :‬أنه مع منزلته‬ ‫و ِع َظم عمله هذا ُم ْش ِفق‪ ،‬فغيره من باب أولى‪.‬‬ ‫‪ -3‬قال تعالى‪ :‬ﱫ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ‬ ‫ﭚﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟﭠ ﭡ ﭢﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨﭩ‬ ‫ﭪﭫ ﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸ ﭹ‬ ‫ﭺﭻﭼﭽﭾﭿ ﮀ ﮁ ﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉ‬ ‫ﮊ ﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓ ﮔﮕﮖﮗ‬ ‫ﮘﮙﮚﮛ ﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦ ﮧ ﮨ‬ ‫ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ‬ ‫ﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥ ﯦﯧ‬ ‫ﯨ ﯩ ﯪﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶﯷ‬ ‫ﯸ ﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂ ﱪ (البقرة)‬ ‫‪ )1‬جامع المسائل لابن تيمية (‪.)133 -132/1‬‬ ‫‪ )2‬تفسير ابن كثير (‪.)427/1‬‬ ‫‪48‬‬

‫قال الشنقيطي ‪« :r‬قال بعض أهل العلم‪ :‬أرجى آية في كتاب الله َع َّز َو َج َّل‬ ‫آية ال َّديْن‪ ،‬وهي أطول آية في القرآن العظيم‪ ،‬وقد أوضح الله ‪ f‬فيها ال ُّط ُر َق الكفيل َة‬ ‫بصيانة ال َّديْ ِن من الضياع ولو كان ال َّد ْي ُن حقي ًرا؛ كما يدل عليه قوله تعالى فيها‪:‬‬ ‫ﭽﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﭼ الآية (البقرة‪)282:‬؛ قالوا‪ :‬هذا‬ ‫قلي ًل يدل‬ ‫املعننااليمةحاالف َّتاظ َّمة ِةفبيمآيةصاالل َّدحيْاِلنمعسللىم‪،‬صيواذنلةكمايلداللم عسللىم‪،‬أنوعالدَلّمطيضيفا اعلهخبوليرو‬ ‫على‬ ‫لا يُ َضيِّ ُع ُه‬ ‫يوم‬ ‫القيامة عند اشتداد الهو ِل‪ ،‬وشدة حاجته إلى ربه»(‪.)1‬‬ ‫يعني‪ :‬أنه إذا احترز لماله من أجل ِح ْف ِظه؛ فذلك يدل على أن ِح ْفظ عبده‬ ‫المؤمن من باب أولى‪.‬‬ ‫‪ -4‬قال تعالى‪ :‬ﭽﭡﭢﭼ (آل عمران‪.)17:‬‬ ‫قال شيخ الإسلام ‪« :r‬قد أمر الله سبحانه عباده أن َيْ ِت ُموا الأعمال‬ ‫من الصلاة يستغفر ثلاثًا ويقول‪:‬‬ ‫ا«لاللص ُاهلَّمحاَأنْتَتبااللاَّسس َتلغمفُ‪،‬ا َرو؛ ِم ْفنكاكنالا َّلسَّن َِلُّب ُم‪َ ،‬ت‪َg‬باإ َرذ ْاك ست َّليَ َما‬ ‫َذا ا ْ َل َل ِل َوا ْ ِل ْك َرا ِم»(‪)2‬؛ كما ثبت‬ ‫ذلك في الحديث الصحيح عنه‪ ،‬وقد قال تعالى‪ :‬ﭽﭡﭢﭼ‪،‬‬ ‫فأمرهم أن يقوموا بالليل ويستغفروا بالأسحار‪.‬‬ ‫وكذلك ختم سورة المزمل ‪-‬وهي سورة قيام الليل‪ -‬بقوله تعالى‪ :‬ﭽﮤﮥﮦ‬ ‫ﮧﮨﮩﮪﮫﭼ (المزمل)»(‪.)3‬‬ ‫‪ )1‬أضواء البيان (‪.)183 /6‬‬ ‫‪ )2‬أخرجه مسلم في صحيحه (‪.)591‬‬ ‫‪ )3‬مجموع الفتاوى (‪.)254 /11‬‬ ‫‪49‬‬

‫وإذا كان ذلك بعد هذه الطاعات؛ فإنه يكون بعد التقصير والمعصية‬ ‫أولى وآكد‪.‬‬ ‫‪ -5‬قال تعالى‪ :‬ﭽﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩ ﮪ‬ ‫ﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯟﭼ (النساء)‪.‬‬ ‫قال الشيخ بكر أبو زيد ‪« :r‬فإذا كان هذا النهي ‪ -‬بنص القرآن ‪ -‬عن مجرد‬ ‫التمني‪ ،‬فكيف بمن ينكر الفوارق الشرعية بين الرجل والمرأة‪ ،‬وينادي بإلغائها‪،‬‬ ‫ويطالب بالمساواة‪ ،‬ويدعو إليها باسم المساواة بين الرجل والمرأة؟!»(‪.)1‬‬ ‫‪ -6‬قال تعالى‪ :‬ﱫﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤ ﯥ‬ ‫ﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﱪ (النساء‪.)65:‬‬ ‫قال ابن مفلح ‪« :)2(r‬وإذا كان توقف القلب عن الرضا بحكم الرسول ‪g‬‬ ‫ُ ْي ِرج عن الإيمان‪ ،‬فكيف يصح الإيمان مع الاعتراض على الله تعالى؟!»(‪.)3‬‬ ‫‪ -7‬قال تعالى‪ :‬ﭽﯰﯱ ﯲﯳﯴﭼ (الأعراف‪.)21:‬‬ ‫قال ابن كثير ‪ r‬في تفسير الاستعاذة‪« :‬وقد أقسم للوالد‪ :‬إنه لمن الناصحين‪،‬‬ ‫وكذب‪ ،‬فكيف معاملته لنا وقد قال‪ :‬ﭽﰖﰗﰘﰙﰚﰛﰜ‬ ‫ﰝﰞﭼ (ص)؟!»(‪.)4‬‬ ‫‪ )1‬حراسة الفضيلة (ص ‪.)21‬‬ ‫‪ )2‬هو‪ :‬محمد بن مفلح بن محمد بن مفرج‪ ،‬أبو عبد الله‪ ،‬شمس الدين المقدسي الراميني ثم الصالحي‪،‬‬ ‫أعلم أهل عصره بمذهب الإمام أحمد بن حنبل‪ ،‬ولد ونشأ في بيت المقدس‪ ،‬وتوفي بصالحية دمشق سنة‪:‬‬ ‫‪ 763‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬الدرر الكامنة (‪ ،)14 /6‬الأعلام للزركلي (‪.)303 /5‬‬ ‫‪ )3‬الآداب الشرعية (‪.)194/2‬‬ ‫‪ )4‬تفسير ابن كثير(‪.)110/1‬‬ ‫‪50‬‬


Like this book? You can publish your book online for free in a few minutes!
Create your own flipbook