التحول إلى جامعة عالمية المستوى :تجربة جامعة الملك عبد العزيز -3دور الدينيلعب الدين دورا مهما في كلا البلدين ،ولكن بطريقتين متغايرتين .ف�سنغافورة بلد متعدد ا ألعراقوالديانات ويتمتع ب�سجل ُيح�سد عليه من الان�سجام الديني على مدى خم�سين عاما منذ الا�ستقلال.وتعد القوات الم�سلحة التي ت�ضم قادة من �سبعة �أديان مختلفة على الأقل من ا ألمثلة اللافتة للنظر التي تمثل التعاي�ش بين ا ألديان في �سنغافورة.إ�ن المملكة العربية ال�سعودية هي الدولة الم�س�ؤولة عن الحرمين ال�شريفين في مكة والمدينة ،وهيت�ست�ضيف ملايين الحجاج كل عام وتبدي في هذا المجال كفاءة ومقدرة ت�ستحق ا إلعجاب .هذهالمكانة الفريدة للمملكة العربية ال�سعودية في ا إل�سلام ،بالإ�ضافة �إلى نفوذها الم�ستمد من كونها�أكبر منتج للنفط في العالم ،يمنحها م�ستوى مماثلا من النفوذ والمكانة لا مثيل لهما في غرب �آ�سياوفي العالم العربي والإ�سلامي .و ُيعد تثقيف قادة الم�ستقبل في هذا البلد المهم من ا ألدوار المهمةللجامعات الطليعية في المملكة العربية ال�سعودية ،مثل جامعة الملك عبدالعزيز .ويتطلب هذا التثقيفمن جامعة الملك عبد العزيز زرع ثقافة وا�سعة في جميع طلابها ،ت�شمل نظرة عالمية ودولية .و�سيكونمثل ه�ؤلاء الخريجين ،الذين يتمتعون بنظرة كهذه ،والذين ا�ستفادوا من تعليم وا�سع النطاق عالميالتوجه ،م ؤ�هلين لتولي القيادة �ضمن �إدارة م�ستنيرة تدعم قيادة الدولة .فخريجو جامعة الملكعبد العزيز بحاجة إ�لى خبرة عملية ،و إ�لى ا إل�سهام ب�شكل �إيجابي في مهن تتما�شى مع احتياجاتالمجتمع ال�سعودي وبنيته الاقت�صادية .ولكي تتحقق هذه المتطلبات تحتاج جامعة الملك عبد العزيزإ�لى تثقيف �شباب ا ألمة في طائفة وا�سعة من التخ�ص�صات والمهن .وعلى الرغم من اعتماد بع�ضالمناهج الخا�صة على المجالات المتوقعة من جهود خريجي الم�ستقبل ،ف إ�ن أ�ف�ضل جامعات العالم ترى�أن من المفيد للخريجين وللبلاد �أي�ضا اكت�ساب قاعدة عري�ضة في العلوم الإن�سانية والعلوم الأ�سا�سية ت�شمل مدى وا�سع ًا من المهن.إ�ن تدويل أ�نموذج التعليم في جامعة الملك عبد العزيز يت�ضمن �إتاحة الفر�ص �أمام طلاب الجامعةلكي يتعرفوا على التنوع العرقي والديني ال�دولي ،وا ألدي��ان ،والح�وار ال�دولي متعدد المجالات.فالا�ستفادة الحكيمة من فر�ص كهذه تم ّكن طلاب جامعة الملك عبد العزيز من التكيف ،وتمنحهمنظرة �سعودية فريدة ت أ�خذ في ح�سابها تعقيدات العولمة .ويكت�سب الخريجون في أ�ثناء تقدمهم فيحياتهم المهنية القدرة على الإ�سهام في �صياغة الا�ستجابات الفعالة والمنا�سبة من بلد إ��سلامي 82
التميز في التعليم :أ.د .جوانينج سو حديث ل�ضغوط العولمة وت أ�ثيرها .فالتوفيق الناجح بين القيم الإ�سلامية التقليدية وت�أثير التطور الاقت�صادي ال�سريع للتقنية الحديثة يمكن بدوره أ�ن ي�سهم في تر�سيخ موقع المملكة العربية ال�سعودية الريادي بين دول العالم ا إل�سلامي. مركز الملك في�صل للم�ؤتمرات في جامعة الملك عبد العزيز (ت�صوير جوانينج �سو). -4مسائل تواجهها الجامعات السعودية الرئيسة في التدويل المملكة العربية ال�سعودية مجتمع محافظ ب�سبب تاريخه .ف أ��سلوب الحياة البدوية الذي كان �سائدا قبل جيلين وح�سب ،والمكانة الخا�صة التي تتمتع بها الملكية ال�سعودية والم ؤ��س�سة الدينية ب�صفتها راعية الحرمين ال�شريفين في مكة المكرمة والمدينة المنورة تمنح ال�شعب ال�سعودي مكانة خا�صة، وتلزمه ب أ�ن يكون م�ضرب المثل في الف�ضائل التي ن�ص عليها القر�آن الكريم .هذه ال�صفة المحافظة هي قوة وطنية ألنها تمنح ال�شعب ال�سعودي تراثا ثقافيا متينا وقوة كبيرة للم�ضي نحو الأمام .وهذا يم ّكنهم من مقاومة الت�آكل بفعل العنا�صر الدخيلة غير المرغوب فيها وت�أثير الحداثة ،كما ت�سمح للمملكة العربية ال�سعودية بتطوير الترابط الاجتماعي .لكن هذا قد ي�شكل عبئا ثقيلا على المملكة83
التحول إلى جامعة عالمية المستوى :تجربة جامعة الملك عبد العزيزالعربية ال�سعودية �إذا ما ركزت نظرها نحو الداخل ،وحجبت كثي ًرا من العالم الخارجي �سعيا لإبعادالف�ساد عنها� .إن لجامعة الملك عبد العزيز دو ًرا مه ًما في التوفيق بين �أوجه الخلاف الظاهرة بين القيم المت�صارعة.تمثل الجامعة قمة التعلم .وفي عالم اليوم لابد لهذا التعلم من �أن يتم بطريقة فكرية باحثة تتعاملبجدية مع التعقيدات الكثيرة في عالم خارجي متباين ا أللوان .وجامعة الملك عبد العزيز فريدة بينالجامعات ال�سعودية ،من حيث مكانتها التاريخية وموقعها الجغرافي .فهي لم تحمل ا�سم م�ؤ�س�سالمملكة العربية ال�سعودية وح�سب ،بل تقوم في مدينة جدة – الميناء الرئي�س على البحر الأحمر،وفيها �أحد مطارات البلاد الرئي�سة ،وتتمتع بعلاقات دولية جيدة ،وهي قريبة من أ�هم رموز الثقافةوالقيم الإ�سلامية ،ونق�صد مكة المكرمة والمدينة المنورة .ويفتح المطار والميناء �أبواب العالم أ�مامطلاب جامعة الملك عبد العزيز لكي يفهموا ت�أثيرات العالم الخارجي ويتمثلوها ويتكيفوا معها .كماأ�ن القرب من الحرمين ال�شريفين يذ ّكر مجتمع جامعة الملك عبد العزيز بمكانة المملكة العربية ال�سعودية الفريدة وم�س ؤ�ولياتها.الغروب في ميناء جدة (ت�صوير جوانينج �سو). 84
التميز في التعليم :أ.د .جوانينج سو ومع �شروع جامعة الملك عبد العزيز في تنفيذ خطتها الا�ستراتيجية الثالثة ،تتبدى �أمام الجامعة فر�صة ا�ستثنائية لكي تبرز من بين الجامعات ا ألخرى ،لي�س في المملكة العربية ال�سعودية وح�سب ،بل في العالم �أجمع ،وذلك من خلال �إيجاد أ�نموذج جديد من التعليم �ألا وهو «تعليم جامعة الملك عبد العزيز – أ�ف�ضل العالمين :العالم الحديث والعالم الإ�سلامي». -5أهمية فهم الطلاب السعوديين للتوجهات العالمية الجارفة وتجربتها لا نغالي �إذا قلنا�إن التعليم في جامعة الملك عبد العزيز ج�سر يربط العالم الحديث بالعالم ا إل�سلامي، فالعالم الحديث �شهد انفجا ًرا معرف ًيا هائل ًا ،وتو�س ًعا �سري ًعا في ال�شبكات المو�صلة إ�لى المعرفة .لكن هذا الانفجار المعرفي َج َل َب معه �أكاذيب ،و أ�ن�صاف حقائق ،وادعاءات ما �أنزل الله بها من �سلطان، ودعايات مرجفة من كل جن�س ولون .ولم يبد�أ العالم في فرز الغث من ال�سمين إ�لا م ؤ�خرا. ومن التوجهات الحديثة الأخرى ،انت�شار المكت�شفات على الحدود الفا�صلة بين التخ�ص�صات ،أ�ي ما ي�سمى بالبحث العابر للتخ�ص�صات والمنهج ال�شامل لحل الم�شكلات .وتعد المملكة العربية ال�سعودية ذاتها مثالا ممتازا .فكون المملكة بلدا وافر الطاقة �شحيح المياه يوفر فر�ص الت�آزر بين النفط والعلوم البيئية والزراعية ،ب�سبب العلاقة الوثيقة بين توفر المياه و�إنتاج المحا�صيل الغذائية ،وعمليات التبادل بين ا�ستخراج المياه وتحلية مياه البحر وا�ستهلاك الطاقة .وقد تدفع فر�ص اكت�شاف الحلول وتطويرها على الح�دود الفا�صلة بين هذه التخ�ص�صات المتباينة بالبحوث العلمية والابتكارات وال�صناعة ال�سعودية نحو ا ألم�ام .فب�إمكان المملكة العربية ال�سعودية أ�ن تتبو أ� مكانة متقدمة في تطوير كمية من الطاقة المثلى لا�ستغلالها في ا إلنتاج الزراعي والح�صول على المياه النقية. وعلى �صعيد العلوم الإن�سانية ،هناك تحد لتطوير ال�صلة بين القيم ا إل�سلامية التقليدية التي تطبع الحياة البدوية التاريخية في الجزيرة العربية من جهة ،وبين البنية التحتية عالية التطور في المملكة العربية ال�سعودية الحديثة من جهة �أخرى ،بالإ�ضافة �إلى ال�شعب ال�سعودي الذي بات يجوب بلدان العالم .ويثير هذا ت�سا�ؤلات مهمة حول القيم والثقافة ا إل�سلامية في إ�طار حديث .ويمكن إ�قحام النتائج التي تتمخ�ض عن البحوث في هذه المجالات في برامج التعليم في المرحلة الجامعية الأولى والبرامج المهنية في جامعة الملك عبد العزيز.85
التحول إلى جامعة عالمية المستوى :تجربة جامعة الملك عبد العزيز ا ألمير في�صل بن �سلمان� ،أمير المدينة المنورة (في اليمين) ي�ستقبل في مكتبه في فبراير 2015م فريق جامعة الملكعبد العزيز ،الذي �أجرى درا�سة حول المناطق البركانية في المدينة المنورة بح�ضور وكيل الجامعة للدرا�سات العليا والبحث العلمي (في الخلف).يخبرنا التاريخ عن ا إليقاع المنتظم لظهور القوى والح�ضارات واندثارها .وقد مرت �آ�سيا وال�شرقا ألو�سط تاريخيا بع�صور مزدهرة وتمتعت فيها بال�سلطة وال�سيطرة ،لكن قيادة التقنية الحديثة فيال�سنوات الثلاثمائة ا ألخيرة آ�لت �إلى أ�وروبا الغربية .ولم يبد أ� التقدم في الولايات المتحدة ا ألمريكيةالذي منحها موقعها القيادي الحالي إ�لا قبل مائة عام .فمن منظور الزمن الذي يقا�س ب�آلاف ال�سنين نرى �أن �سيطرة الغرب على التقنية يمكن أ�ن تكون ظاهرة عار�ضة.أ�ما �آ�سيا ،فقد بد أ�ت بالفعل في ا�ستعادة مكانتها ال�سابقة بقيادة ال�صين واليابان وكوريا ،و�أثبتتأ�ن التقدم التقني لي�س حكرا على الغرب .و�إذا ما نظرنا إ�لى ازدهار الثقافة الإ�سلامية حين كانالعرب في جنوب �أوروبا وكانت دولة الخلافة لخلفاء الر�سول محمد �صلى الله عليه و�سلم ت�شمل كلال�شرق ا ألو�سط وجنوب أ�وروبا ،ر�أينا أ�ن الإ�سلام كان التربة الخ�صبة المفيدة لمجتمع التميز الفكري. وازدهرت الأفكار والمخترعات التي تركت أ�ثرا م�ستداما في العالم تحت راية الإ�سلام آ�نذاك.ويمكن لهذا أ�ن يتكرر في العالم ا إل�سلامي والمملكة العربية ال�سعودية .كما يمكن لجامعة الملك عبدالعزيز أ�ن تكون عاملا مهما في التغيير ،وهي تقود الم�سيرة ب أ�نموذج تعليمي متميز .فاجتماع القيم 86
التميز في التعليم :أ.د .جوانينج سو الإ�سلامية مع التقنية الحديثة وا إلنترنت يوفر التربة الخ�صبة لتهيئة طلاب جامعة الملك عبد العزيز .فجامعة الملك عبد العزيز بو�صفها إ�حدى الجامعات ا أل�سا�س التي ت�ضم 100,000طالب، ت�ستطيع �أن تكون بالدرجة الأولى بوابة جديرة بالثقة تفتح على العالم بالن�سبة إ�لى طلابها ،كما ي�ستطيع الطلاب �أنف�سهم أ�ن يكونوا بوابة مهمة للمملكة العربية ال�سعودية. �صورة للاجتماع ا ألول للهيئة الا�ست�شارية الدولية الذي عقد في جامعة الملك عبد العزيز. ثمة م�ضامين رئي�سة لكون الجامعة بوابة تدويل بالن�سبة �إلى جامعة الملك عبد العزيز ،حيث �ش ّكل هذا الدور �إحدى القوى الدافعة التي حدت بالجامعة �إلى ت أ��سي�س الهيئة الا�ست�شارية الدولية ،وكان وراء طرح أ�ول خطتين ا�ستراتيجيتين لجامعة الملك عبد العزيز والتح�ضير للخطة الا�ستراتيجية الثالثة .وي�ش ّكل هذا الدور ب�صورة غير مبا�شرة جز ًءا من الدافع الذي اعتمدت عليه قيادة الجامعة في تح�سين �سمعتها الدولية ،وبالتالي تح�سين ترتيبها في الت�صنيف العالمي. إ�ن �إعداد جامعة �ضخمة الحجم لاحتلال مركز ا�ستراتيجي جديد لي�س عملية ي�سيرة .فهي تبد�أ ب��إدارة تتقبل ا ألفكار وتقدر على تنفيذ التغيير ،كما تحتاج إ�لى هيئة تدري�س م ؤ�هلة ون�شطة في مجال البحوث العلمية� ،أع�ضا�ؤها لي�سوا حجة دولية وح�سب ،بل على دراية أ�ي�ضا بالمملكة العربية ال�سعودية ،وقادرون على تطبيق خبراتهم لم�صلحة البلد .فبف�ضل هذه الاعتبارات تتقدم كثير من مبادرات الخطط الا�ستراتيجية .و�سوف تنفذ هذه الخطط بالتتابع على مدى ال�سنوات القليلة القادمة بتوجيه من قيادة الجامعة ودعم من الهيئة الا�ست�شارية الدولية.87
التحول إلى جامعة عالمية المستوى :تجربة جامعة الملك عبد العزيز عميد �ش�ؤون الطلاب في جامعة الملك عبد العزيز (الرابع من الي�سار) وعميد القبول والت�سجيل (الرابع من اليمين) في �صورة تذكارية مع الخريجين الجدد. -6التعليم في جامعة الملك عبد العزيزيجب �أن يراعى عند ت�صميم أ�نم�وذج التعليم في جامعة الملك عبد العزيز �أن ينا�سب الظروفوالمتطلبات ا إلقليمية والوطنية للمملكة العربية ال�سعودية .إ�لا �أن ثمة خيوطا م�شتركة تمر عبر �أف�ضل نماذج التعليم الجامعي رغم الاختلافات الثقافية.في عام 2007م وا�ستجابة لحاجة �سنغافورة الوطنية للتحول الاقت�صادي ب�صفتها مجتمعا ذا قيمة�إ�ضافية عالية� ،ش ّكلت جامعة نانيانغ التقنية «لجنة ال�شريط الأزرق» لمراجعة التعليم في المرحلةالجامعية ا ألولى من قاعدة الهرم إ�لى قمته .وقد تم تنفيذ تو�صيات تلك اللجنة تباعا على مدى�سنوات ،وكانت عن�صرا رئي�سا للمتطلبات التي قادت الخطة الرئي�سة لجامعة نانيانغ التقنية ،والتي اكتملت عام 2010م ،والتي يتم تنفيذ مقترحاتها على مراحل [.]5ويمكن تطبيق بع�ض ا أل�ساليب والنتائج التي تمخ�ضت عنها مراجعة جامعة نانيانغ التقنية ،وكذلكالمراجعات التي أ�جرتها جامعات �أخ�رى ،في جامعة الملك عبد العزيز .وفيما يلي نقترح بع�ض العنا�صر التي قد تنطبق على تطوير �أنموذج التعليم في جامعة الملك عبد العزيز. 88
التميز في التعليم :أ.د .جوانينج سو «قبل كل �شيء عليك بتطوير �سجايا النف�س وف�ضائلها .ف� إ�ذا تحقق لك ذلك، انتقل إ�لى ت أ��سي�س أ��سرة قوية من�سجمة .وح�ين تكون كل الأ�سر قوية ،ت�صبح البلاد قوية تحت حكم جيد .حينئذ فقط يمكننا �أن ننجح في حل م�شكلة العالم». كونفو�شيو�س ف� إ�ذا �أخذنا بالاعتبار ن�صيحة حكيم ال�صين كونفو�شيو�س ،فما هي �صفات خريج جامعة الملك عبدالعزيز؟ �أنا على يقين من أ�ن الكثيرين �سيوافقونني على النقاط الخم�سة التالية: •ال�شخ�صية ا ألخلاقية •الان�ضباط والتعلم مدى الحياة •الابتكار والإبداع •القيادة والعمل الجماعي •الاحترافية والخدمة العامة وربما كانت هناك ت�صنيفات وتركيبات أ�خرى ،لكن هذه ال�سمات أ��سا�سية بالن�سبة �إلى المثقف� ،سواء �أكان في المملكة العربية ال�سعودية أ�م في �سنغافورة .وبما �أن ل إل�سلام أ�همية كبيرة ويتغلغل في �شتى جوانب الحياة في المملكة العربية ال�سعودية ،كان من الواجب أ�ن تف�سر هذه ال�صفات الخم�سة في �سياق �إ�سلامي. -7أهمية التعليم الداخلي لدي �إيمان را�سخ في فائدة التعليم الداخلي الذي يقوم به معلمون يو�صفون ب أ�نهم أ�مثلة بارزة في غر�س القيم المطلوبة في نفو�س خريجينا .فالفئة العمرية بين 22-18عاما التي تتلقى التعليم الجامعي هي في مرحلة الت�شكل المطواع .فتوفير الفر�ص لهم للتطور في مجتمع م�صغر مع قدر معين من ا إل�شراف يطور قدراتهم الاجتماعية التي ت�ضعهم في موقع جيد حين يتخرجون ويواجهون العالم الخارجي .ويتطلب التعليم الداخلي تنظيم وحدات �سكنية في الجامعة وتدريب م�شرفين �أكاديميين ملائمين� .أما في المملكة العربية ال�سعودية فيكت�سب الإ�سلام أ�همية كبرى في جميع مرافق الحياة حتى في الحياة الجامعية .فللن�ضوج في جامعة إ��سلامية مكر�سة لاكت�ساب المعرفة فائدة إ��ضافية تبين89
التحول إلى جامعة عالمية المستوى :تجربة جامعة الملك عبد العزيزكيف يمكن لل�شباب التوفيق بين المعتقدات والقيم الإ�سلامية من جهة والن�شاطات التي يحتاجها مجتمع ع�صري من جهة أ�خرى.هناك بالطبع م�صاعب في تنفيذ التعليم الداخلي في جامعة ت�ضم 100.000طالب ،مثل جامعة الملكعبد العزيز .لكن كثيرا من طلاب هذه الجامعة يتبعون نظام الانت�ساب .فيمكن أ�ن يعطى المتفوقونمن البقية أ�ف�ضلية الح�صول على م�سكن في المدينة الجامعية ،لا �سيما �إذا كانوا منخرطين فين�شاطات علمية أ�و تجارية .وبهذا يتمكن أ�ف�ضل الخريجين من الا�ستفادة من ميزة التعليم الداخلي.وثمة م�س أ�لة أ�خرى تتعلق بفكرة التعليم الجامعي المختلط ،حيث يدر�س الطلاب والطالبات معا.وهذا �شيء م�ألوف في الجامعات العالمية� .صحيح �أن با�ستطاعة م�ؤ�س�سة تجريبية مثل جامعة الملكعبد الله للعلوم والتكنولوجيا الح�صول على ت�صريح خا�ص لمثل هذا ا ألنم�وذج التعليمي� ،إلا أ�نهمن الم�ستبعد ح�صول جامعة الملك عبد العزيز بو�صفها �إحدى الجامعات الرئي�سة على مثل هذاالت�صريح في الظروف ال�سائدة حاليا .وي�شكل هذا قيدا على التعليم الوا�سع لكنه يعك�س حالة المجتمع ال�سعودي الحالي ،ولذلك ف�إنه يلقى القبول ولا حاجة لبحث هذا المو�ضوع. -8منظمات الطلاب�سواء أ�كان الطالب يقيم في ال�سكن الجامعي �أم خارجه ،ف إ�ن نظام منظمات الطلاب الفعال هو مفتاحتعليم المهارات الحياتية وممار�سة ا إلدارة في الجامعة .ففي جامعة نانيانغ التقنية ثلاثة أ�نواع منالتنظيمات الطلابية� ،أولها و�أقواها هو الذي تنظمه وحدات ال�سكن الجامعي .وثانيها هو منظماتطلابية في كل مدر�سة ح�سب التخ�ص�ص� .أما ثالثها فهو تطوعي مح�ض ،ويت أ�لف من مجموعاتتت�شكل بمبادرة الطلاب أ�نف�سهم على أ��سا�س اهتماماتهم ،مثل المو�سيقى والريا�ضة وخدمة المجتمعوالثقافة .وتن�ضوي هذه المنظمات كلها تحت منظمة �شاملة تتمثل باتحاد الطلاب الذي ير�أ�سه رئي�سمنتخب .ولعل جامعة الملك عبد العزيز ترغب في تطوير �أنموذج خا�ص بها م�ستفيدة من النماذجالمتبعة في جامعات العالم .هنا لابد من ذكر �أمرين مهمين في نظري :منظمة رئي�سة مثل الوحداتال�سكنية التي توفر �إح�سا�سا بالانتماء على م�ستوى إ�ن�ساني في جامعة هائلة الحجم ،ومنظمة مركزية موحدة تمثل الطلاب تمثيلا حقيقيا وتعمل مع �إدارة الجامعة بانتظام.ولا ينح�صر الهدف من منظمات الطلاب في تمكين الطلاب من الا�ستعداد لمواجهة الحياة في بيئة 90
التميز في التعليم :أ.د .جوانينج سو الم�ستقبل ،بل ت�ساعد أ�ي ً�ضا على التوا�صل بين قيادة الجامعة ومجتمع الطلاب ،لا �سيما في وقت الأزمات .ونذكر هنا على �سبيل المثال ما حدث في جامعة نانيانغ للتقنية ،حيث أ�ثبتت �آلية التوا�صل هذه قيمة لا تقدر بثمن إ�بان أ�زمة مر�ض الالتهاب الرئوي الحاد (ال�سارز )SARSعام 2003م. -9قاعدة عريضة من العلوم الإنسانية والعلوم الأساسية �إن العقل المتعط�ش للمعرفة هو من دعائم الف�ضول الفكري والدافع للاكت�شاف والتعلم الذي لا ينقطع طوال الحياة .ففي �أف�ضل جامعات العالم يتم الجمع بين الآداب والعلوم ا أل�سا�سية في أ��سا�س متين في الأنموذج التعليمي .وقد كان هذا هو الاتجاه ال�سائد في جامعتين من جامعات �سنغافورة، وهما جامعة نانيانغ التقنية وجامعة �سنغافورة الوطنية ،وكلتا الجامعتين حققتا تقدما على �سلم الت�صنيف الدولي في ال�سنوات الأخيرة. فعلى �سبيل المثال ،وفي جامعة �ستانفورد المعروفة ب أ�نها م�صدر وادي ال�سيليكون ،كانت درا�سة العلوم الإن�سانية من متطلبات الدخول لجميع الم�ستجدين مع قراءات مطلوبة قبل دخول الجامعة� .أما متطلبات العلوم الأ�سا�سية فتتحقق من خلال مقررات �إجبارية واختيارية .وهذا ا أل�سا�س العري�ض �شائع في أ�ف�ضل الجامعات ا ألمريكية ،مثل جامعات رابطة أ�يفي ) ،((((Ivy Leagueوجامعات �ستانفورد ) ،(Stanfordو إ�م �آي تي ) ،(MITوكالتك ) ،(Caltechبالإ�ضافة إ�لى �أف�ضل الجامعات الحكومية مثل جامعة كاليفورنيا بيركلي ومي�شيغان. و�سيتوجبعلىبرنامجت أ��سي�سيكهذا أ�ني�أخذبعينالاعتبارالظروفالمحليةفيالمملكةالعربيةال�سعودية. وهناك مخزون غني من التقاليد الأدبية العربية التي يمكن الاعتماد عليها في العلوم الإن�سانية .ولعل في الفنون الإ�سلامية وهند�سة الم�ساجد مجالات خ�صبة للفنون ،مثلما ي�شكل التراث العربي وا إل�سلامي في مجالات الريا�ضيات والعلوم ا أل�سا�سية م�صادر غنية للمعرفة في ميدان العلوم ،كما يمكن النظر في ا�ستنباط مو�ضوعات منا�سبة للدرا�سات ا أل�سا�سية من التاريخ الإ�سلامي والتاريخ ا إلقليمي. (( ( الجامعات الداخلة في هذه الرابطة هي ثماني جامعات خا�صة في �شمال �شرق الولايات المتحدة ،وهي جامعة براون ) ،(Brown Universityجامعة كولومبيا ) ،(Columbia Universityجامعة كورنل ) ،(Cornell Universityمعهد دارتماوث ) ،(Dartmouth Collegeجامعة هارفارد ) ،(Harvard Universityجامعة بن�سلفانيا (University of ) ،Pennsylvaniaجامعة برن�ستون ) ،(Princeton Universityجامعة ييل ) .(Yale Universityوهذه الجامعات متميزة وانتقائية في قبول الطلاب( .المترجمان).91
التحول إلى جامعة عالمية المستوى :تجربة جامعة الملك عبد العزيز وكيل جامعة الملك عبد العزيز للتطوير (�سابقا) ي�ستقبل مراج َعي موقع ABET في أ�ثناء زيارتهما لجامعة الملك عبد العزيز. -10التعليم المهنييكت�سب التعليم المهني في دولة نامية مثل المملكة العربية ال�سعودية أ�همية خا�صة .فخريجو الهند�سةي�شيدون أ��س�س البنية التحتية ويمل ؤ�ون ال�شواغر في ال�صناعة النامية� .أما خريجو كليات إ�دارةا ألعمال فيدعمون الم�شروعات التجارية في الت�سويق وال�ش ؤ�ون المالية ،كما ي�ضمن المحا�سبون �شفافيةا أل�سواق ومو�ضوعيتها .وي�ضاف �إلى ذلك المعماريون ،والأطباء ،و أ�طباء ا أل�سنان والعديد من �أ�صحابالمهن ا ألخرى .وقد اتخذت جامعة الملك عبد العزيز قرا ًرا حكي ًما بال�سعي نحو الح�صول على كل مايمكنها من ك�سب الاعتراف لأن المعايير الدولية ت�ساعد خريجي جامعة الملك عبد العزيز على البروزبين خريجي الجامعات ا ألخرى .و�أنا على ثقة ب أ�ن جامعة الملك عبد العزيز �سوف تواظب على رفعم�ستوى التعليم المهني القائم على معايير الجودة الدولية و�ضمانها .إ�ن توفير أ��سا�س م�شترك منالعلوم الإن�سانية والعلوم الأ�سا�سية للجميع قد ي�شكل تحديا ب�سبب اكتظاظ المناهج .لكني على يقين 92
التميز في التعليم :أ.د .جوانينج سو من قدرة جامعة الملك عبد العزيز على العثور على الحل المنا�سب� .أما في جامعة نانيانغ التقنية ،فقد تم حذف كثير من المقررات التخ�ص�صية التي كانت ترهق كاهل الطلاب من المنهج و�أعيد التركيز على التدريب على العمل الفعلي ،مما ي�ؤدي غالبا إ�لى التوظيف مبا�شرة. -11البحوث وبرامج العلوم والتقنية للنخبة في المرحلة الجامعية الأولى من الم�شكلات ال�شائعة التي تواجه الجامعات الكبيرة ،مثل جامعة الملك عبدالعزيز ،هي الطيف الوا�سع من القدرات الأكاديمية بين �أعداد الطلاب الهائلة .ولما كان من ال�ضروري �أن تعد المقررات والبرامج الدرا�سية ب�شكل يلائم �أغلبية الطلاب ،ف إ�ن المتفوقين منهم يجدون أ�نف�سهم في و�ضع لا يح�سدون عليه ألن المناهج الاعتيادية قد ت�صيبهم بالملل وت�صرف انتباههم؛ فربما �شكل ه�ؤلاء المتفوقون� ،إذا ما أ�عدوا �إعدا ًدا منا�س ًبا ،الجيل الجديد من القادة ا ألكاديميين ال�سعوديين. �إن وجود برنامج بحث قوي في المرحلة الجامعية ا ألولى مك ِّون مهم في العلوم والتقنية للنخبة يمكن الا�ستفادة منه في إ�ثارة اهتمام الطلاب في البحوث في تلك المرحلة .ف�سجل بحوث جيد في المرحلة الجامعية الأولى وعدد من الأعمال المن�شورة يوفر للطلاب التميز عند التقدم �إلى مدار�س الدرا�سات العليا .ولا بد لهذا البرنامج من �أن يكون قائما على أ��س�س متينة حتى يكون فعالا ،ومفتوحا ألكبر عدد من المتقدمين ،ويوظف �أف�ضل أ�ع�ضاء التدري�س المعروفين بغزارة أ�بحاثهم ليت�سلموا زمام ا إل�شراف. وهذا متوفر بالفعل إ�ذاما نظرنا إ�لى تزايد البحوث في جامعة الملك عبد العزيز. وبالإ�ضافة إ�لى ما تقدم ،نرى أ�ن التو�سع في البرامج الخا�صة بالمتفوقين من طلاب العلوم والهند�سة في جامعة الملك عبد العزيز يكمل خطة البحوث في المرحلة الجامعية الأولى ،مما ي�صب في م�صلحة �إنتاج الجيل التالي من ا ألكاديميين ال�سعوديين. -12التدريب مع ات�ساع ت أ�ثيرات العولمة يتزايد تنوع فر�ص التوظيف المهني المتاحة لخريجي جامعة الملك عبد العزيز .ولم يعد تدريب الخريجين على �شتى أ�نواع الوظائف مجديا ولا ممكنا .لذا ظهرت الحاجة �إلى رجوع التعليم المهني �إلى ا أل�س�س ،و�صار التعلم ا إل�ضافي ُيكت�سب من الممار�سة أ�و من خلال برامج93
التحول إلى جامعة عالمية المستوى :تجربة جامعة الملك عبد العزيز تدريب تخ�ص�صية ينظمها �أرباب العمل.وي�ستطيع الخريجون اكت�ساب خطوة إ�لى الأم�ام لدى تلقيهم التدريب في �أثناء العمل من خلالالاتفاق على ق�ضاء فترة تدريب مع �أرباب العمل المعنيين� .صحيح �أن هذا ي�ستغرق بع�ض الوقت ،لكنهيوفر تدريبا يتعذر الح�صول عليه في ال�صف .وغالبا ما يتلقف �أرباب العمل المتفوقين من المتدربين حين يثبتون جدارتهم في أ�ثناء فترة التدريب.ولما كانت ال�صناعات الكبيرة في المملكة العربية ال�سعودية لا توفر جميع �أنواع التدريب المرغوبة،ف إ�ن الو�سيلة الناجعة للتغلب على هذه الم�س أ�لة هي البحث عن التدريب خارج البلاد .ولهذا التدريب الخارجي ميزة �إ�ضافية� ،ألا وهي منح المتدرب خبرة دولية ثمينة. -13الخبرة الدوليةلعل من المفيد للطلاب في أ�ثناء �إعدادهم لمواجهة بيئة العولمة بعد تخرجهم �أن يق�ضوا ف�صلا فيدولة �أجنبية أ�و �أكثر خلال درا�ستهم في جامعة الملك عبدالعزيز .أ�ما الترتيبات ال�شائعة في هذاالخ�صو�ص فتتم من خلال برنامج التبادل الطلابي .وعلى اعتبار أ�ن الإنجليزية باتت الآن لغةالتبادل الدولي ،ف إ�ن من ال�ضروري المحافظة على م�ستوى عا ٍل من المعايير والكفاءة اللغوية في جامعةالملك عبد العزيز .كما �إنه من المهم للجامعة تطوير مقررات في ا إلنجليزية لطلاب التبادل القادمين على اعتبار أ�ن عدد الطلاب في برنامج التبادل مع أ�ية م ؤ��س�سة �شريكة يتحدد وفق مبد�أ الم�ساواة. -14عولمة التعليم تعزز فهم المملكة العربية السعودية لدى العالم الخارجييعد طلاب جامعة الملك عبد العزيز الم�شتركون في البرامج الدولية أ�ف�ضل �سفراء لبلادهم ،وممثلينللعالم ا إل�سلامي أ�ي�ضا ،ب�سبب المكانة الخا�صة التي تتمتع بها المملكة العربية ال�سعودية .فالتجربةالدولية لطلاب جامعة الملك عبد العزيز �ستح�سن فكرة البلاد الأجنبية حول المملكة العربيةال�سعودية ومواطنيها تماما مثلما �أ�سهمت زيارة �أع�ضاء الهيئة الا�ست�شارية الدولية إ�لى المملكةفي جلاء نظرتهم عن المملكة وتفاعلهم الأكاديمي مع الطلاب المتفوقين و أ�ع�ضاء هيئة التدري�س المخل�صين في عملهم. 94
التميز في التعليم :أ.د .جوانينج سو -15التكيف مع أفضل الممارسات في الخارج إ�ن تدويل التعليم في جامعة الملك عبد العزيز يب�سط أ�جنحة الجامعة على الأر��ض ا ألجنبية من خلال مدر�سيها وطلابها وزياراتهم المتكررة .وغالبا ما تحتاج هذه العلاقات �إلى دعم من قيادات الجامعات الأجنبية .فا�ستثمار الوقت في تطوير ال�شبكة الدولية لجامعة الملك عبد العزيز ودعم أ�نموذجها التعليمي يمنح قيادة الجامعة فر�ص التفاعل مع عمليات الجامعات العالمية المتميزة ذائعة ال�صيت وملاحظتها ،لأن مثل هذه التفاعلات تميط اللثام عن ممار�سات النماذج الجيدة� .أ�ضف إ�لى ذلك ف�إن تطوير مثل هذه ال�شبكات والروابط لا يمكن �إلا أ�ن ينجح في رفع م�ستوى ال�صفات الدولية لجامعة الملك عبد العزيز ،ويزود قيادتها بدرا�سات حالات يمكن �إطلاق مبادرات مهمة منها وتكييف أ�فكار م�ستنبطة منها. �صورة يظهر فيها رئي�س جامعة الملك عبد العزيز �أ�سامة طيب (في الي�سار) ووكيل الجامعة للأعمال والإبداع المعرفي (في الو�سط) ووكيل الجامعة لل�ش ؤ�ون الأكاديمية (في اليمين) في أ�حد اجتماعات الهيئة الا�ست�شارية الدولية التي عقدت في الجامعة.95
التحول إلى جامعة عالمية المستوى :تجربة جامعة الملك عبد العزيز -16الابتكار :الربط بين الصناعة والمدرسين والطلابلم يكن في المملكة العربية ال�سعودية أ�ية �صناعة قبل ظهور النفط بو�صفه الوقود الرئي�س الذي يحركالثورة التقنية الحديثة .واليوم ،ورغم تطوير تقنيات الطاقة النووية ،ت�ستمر التقنية الحديثة في الاعتماد ال�شديد على حرق الوقود ا ألحفوري ،ومع ذلك نرى �أن العالم يقف على منعطف.في عالم اليوم يتزايد الاعتقاد ب أ�ن �سكان ا ألر�ض ،وبف�ضل التقنية التي بين �أيديهم ،قادرون علىالت أ�ثير في بيئة الكرة الأر�ضية .فالوعي بالتحول المناخي الناتج عن ن�شاط الإن�سان وما ي�صحبهمن تطوير المواد المتقدمة وتقنيات توفير الطاقة يعمل الآن على تحويل الر أ�ي العام ل�صالح تقنياتتوليد الطاقة الم�ستدامة .فتكاليف الطاقة ال�شم�سية باتت قريبة من تكاليف ت�شغيل الم�صانع التيتعمل بالوقود الأحفوري الم�ألوف ،كما ات�سع ا�ستخدام طاقة الرياح ،والمركبات التي تعمل بالطاقةالكهربائية �أو بالطاقة المزدوجة ،و�صارت تقنيات البناء المتطورة تخف�ض من ا�ستهلاك الطاقة.ويظهر أ�ن هذا توجه كبير في القرن الحادي والع�شرين ،ويحمل في ثناياه مخاطر وب�شائر بالن�سبة �إلى المملكة العربية ال�سعودية.�إن الخطر الوا�ضح يكمن في ا�ضمحلال أ�همية النفط ودوره في تلبية احتياجات العالم من الطاقة،مما ي�ؤدي في أ��سو أ� ا ألحوال إ�لى انهيار أ��سعار النفط والت�أثير �سلبا على ع�صب الاقت�صاد ال�سعودي.وبالرغم من �ضعف احتمال هذا ال�سيناريو ،إ�لا أ�نه من الأجدى أ�ن ت�ستعد المملكة العربية ال�سعوديةلليوم الذي تفقد فيه مكانتها بو�صفها المنتج الرئي�س لم�صدر الطاقة المهيمن في العالم .وبا إل�ضافةإ�لى ما تقدم ،ينبغي على جامعة الملك عبد العزيز أ�ن ت�ضمن �أن يكون خريجوها م�ستعدين تمامالا�ستعداد ل إل�سهام في التحول الاقت�صادي الذي �سيحدث خلال فترة حياتهم المهنية .ومن الفر�صالوا�ضحة والممكنة البحث في ا�ستغلال �أ�شعة ال�شم�س المتوفرة بكثرة في المناطق الداخلية ال�صحراوية ال�شا�سعة من �شبه الجزيرة العربية من أ�جل تطوير الطاقة ال�شم�سية.لقد بد�أ الا�ستعداد بالفعل لمرحلة ما بعد النفط في المملكة العربية ال�سعودية .ويجب على جامعةالملك عبد العزيز تقديم مقررات درا�سية لطلابها في مو�ضوعات مثل :الطاقة الم�ستدامة ،والبيئة في�شبه الجزيرة العربية ،والعلاقة بين الماء والطاقة وال�صناعة ،والمواد المتقدمة ،واقت�صاد الا�ستدامة.في الوقت ذاته ،على جامعة الملك عبد العزيز أ�ن تكون في طليعة �أ�صحاب المبتكرات التي تهدف إ�لى 96
التميز في التعليم :أ.د .جوانينج سو تنويع الاقت�صاد ال�سعودي .وثمة حاجة بجامعة الملك عبد العزيز وهي تطوير جهودها البحثية إ�لى منهج محدد الهدف يكمل الخطط الاقت�صادية الوطنية ،كما ينبغي عليها �إتاحة الفر�صة لتعلم ريادة الأعمال لمن يرغب من الطلاب من أ�جل زيادة احتمالات التطبيقات العملية لنتائج البحوث .وفي هذا ال�سياق نرى �أن من ال�ضروري إ��شراك ال�صناعات القائمة ،ولو �أن هذا غير كاف في حد ذاته .ولزيادة فعالية هذه الجهود لابد من إ��شراك ال�صناعات التي تتمتع فيها المملكة العربية ال�سعودية بميزة ن�سبية حتى ولو كانت أ�جنبية ،ألن كثيرا من ال�صناعات التي تحتاجها المملكة العربية ال�سعودية غير موجودة في البلاد حتى ا آلن .وبتوفر القوة المالية في المملكة العربية ال�سعودية والتميز في البحوث الجامعية ،م�ضافا �إليها توجه الطلاب نحو ا إلبداع والمبادرة ،ف إ�ن با�ستطاعة العمل الجاري اليوم في جامعة الملك عبد العزيز �أن ي�ؤ�س�س ل�صناعات الغد في المملكة العربية ال�سعودية. في هذا ال�سياق يمكن النظر في برنامجين ،الأول ر أ�ينا فائدته في �سنغافورة ،وهو تطوير تخ�ص�ص فرعي في ريادة الأعمال ومتاح للطلاب كافة .ومن المفيد �إيجاد بيئة من المبادرات المتعلقة با ألعمال التجارية في الجامعة .ولي�س المهم �أن ي�صبح الطلاب رجال أ�عمال في الجامعة ،أ�و عند تخرجهم ،أ�و بعد اكت�سابهم خبرة عملية .فالنتيجة الرئي�سة هي تزويد خريجي جامعة الملك عبد العزيز ب�أ�س�س ريادة ا ألعمال ،لكن ت�صميم برنامج كهذا يجب أ�ن يتلاءم واحتياجات الجامعة والبلد. أ�ما البرنامج ا آلخر فهو بناء الحا�ضنات في الجامعة ليتيح للباحثين والمبتكرين بمن فيهم طلاب المرحلة الجامعية ا ألولى تجريب أ�فكارهم وتطبيق �أبحاثهم في الحياة العملية ،من خلال بناء نماذج �أولية ونماذج للعر�ض التي تثير اهتمام الزبائن وال�صناعة والم�ستثمرين .إ�ن بناء مثل هذا التفكير وهذه العادات بين الطلاب والمدر�سين يحتاج إ�لى وقت طويل ،لذلك ف إ�ن من المهم البدء مبك ًرا في تر�سيخ هذه العادة في الجامعة ،و�إ�شراك ال�صناعة والم�ستثمرين ور�أ�س المال .إ�ن �شركة وادي جدة التي أ�ن�ش أ�تها جامعة الملك عبد العزيز بهدف ا�ستغلال ابتكاراتها تجاريا لت�شجيع الابتكار وا ألعمال التجارية ،تربط جامعة الملك عبد العزيز بال�صناعة وهو هدف �سام ي�ستحق كل جهد.97
التحول إلى جامعة عالمية المستوى :تجربة جامعة الملك عبد العزيز وكيل جامعة الملك عبد العزيز للدرا�سات العليا والبحث العلمي (اليمين) ورئي�س الجامعة المكلف (الثاني إ�لىاليمين) ورجل ا ألعمال ال�سعودي ال�شيخ �صالح كامل (الثاني من الي�سار) ووكيل الجامعة ل ألعمال والإبداع المعرفي في الاجتماع العا�شر لمجل�س �شركة وادي جدة. -17بناء ال ُلحمة الوطنيةمن �أهم أ�دوار الجامعات الحكومية ،ومنها جامعة الملك عبد العزيز ،بناء لحُ مة وطنية تكون �صفة مميزة لتعليم متميز.تتطلب اللحمة الوطنية قبل كل �شيء �صورة توحي بالثقة بالنف�س .فب�صرف النظر عن التباين فيوجهات نظر العالم حول المملكة العربية ال�سعودية ،ف إ�ن من المهم بالن�سبة للمواطنين ال�سعوديينامتلاك �صورة ذاتية ثابتة تدح�ض ال�سلبية لدى بقية دول العالم .و�أف�ضل ميدان يمكن لهذا الت�أثير�أن يتطور من خلاله هو المقررات الأ�سا�س في ا آلداب والعلوم التي يدر�سها جميع طلاب جامعةالملك عبدالعزيز .فمثلا عند درا�سة الدين ا إل�سلامي ،وب�صرف النظر عن درا�سة ا ألحكام الفقهيةوالعبادات ودرا�سة القر آ�ن الكريم ،ينبغي على خريج جامعة الملك عبد العزيز أ�ن ي�شارك فيالمناق�شات الفكرية حول ا ألديان ا ألخرى ،و أ�ن ي�شرح لأ�صحاب الديانات الأخرى �إذا لزم الأمر كيف 98
التميز في التعليم :أ.د .جوانينج سو يكون ل إل�سلام دور المر�شد في الحياة وي�سهم في ال�صالح العام .ومن الأمثلة الأخرى ،ينبغي على الطلاب أ�ن يتعلموا كيف تعمل المملكة العربية ال�سعودية ب�صفتها نظاما ملكيا ،و أ�ن يفهموا الجوانب ا إليجابية وال�سلبية لاحتياطيات النفط الهائلة ،و�ضرورة بناء مملكة عربية �سعودية ت ؤ�دي دورها في الم�ستقبل في حماية موارد ا ألر�ض .ولا حاجة للدوغماتية في بناء اللحمة الوطنية بهذه الطريقة ،إ�ذ إ�ن من الواجب بناءها ،لا بو�صفها دعاية ،بل ك أ��سلوب تعلم مو�ضوعي مفيد للمواطنين ال�سعوديين ي�ضمن التلاحم مع المواطنين ا آلخرين والت�ضامن في الوطن. -18الخاتمة ب ّينا في هذا الف�صل كيف يمكن بناء التميز التعليمي في جامعة الملك عبدالعزيز .وبما �أن درجة الدكتوراه وثيقة ال�صلة بم�شروعات البحث ،فقد تركناها للف�صول المخ�ص�صة للبحوث .لذلك ف�إن هذا الف�صل يركز على التعليم المهني والتعليم في المرحلة الجامعية ا ألولى .ومن المو�ضوعات التي لم نعر�ض �إليها التعليم في الطب الذي هو من اخت�صا�ص قطاعات الطب والم�شافي الجامعية. وكانت هناك مناق�شة للمتطلبات الوطنية للمملكة العربية ال�سعودية تبعتها مقترحات لبناء التميز في التعليم من الأ�سا�س �صعودا نحو ا ألعلى .فقد بد أ�نا بال�صفات المرغوبة في خريجي جامعة الملك عبد العزيز وارت�أينا إ�ر�ساء أ��سا�س قوي من المقررات ا ألدبية والعلمية لجميع الطلاب ،وعززنا ذلك ببحوث يجريها طلاب مختارون في المرحلة الجامعية ا ألولى ،ثم ناق�شنا التعليم الداخلي ،والخبرة الدولية .أ�ما مهارات الحياة ،فقد نوق�شت من خلال المنظمات الطلابية .و أ�خيرا عرجنا على كيفية تحقيق الا�ستفادة الق�صوى من ا إل�سهامات المجتمعية لجامعة الملك عبدالعزيز وخريجيها من خلال الابتكار و إ�دارة الأعمال ،مما ي�ؤدي إ�لى تطوير الجيل التالي من ال�صناعات ،وا ألهم من هذا وذاك دعم اللحمة الوطنية في المملكة العربية ال�سعودية. المراجع 1. Duderstadt, J. A., University for the 21st Century. University of Michigan Press (2000). 2. Encyclopedia Britannica (2015), Saudi Arabia. Retrieved from http://global.99
تجربة جامعة الملك عبد العزيز:التحول إلى جامعة عالمية المستوى britannica.com/EBchecked/topic/525348/Saudi-Arabia/259142/ Other-resources3. Knipfer, C. (2013), Arriving at the Kingdom: ‘A Journey to Saudi Arabia Pt.2’. Retrieved from www.reallygoodblog.com4. McConnell, B. (2013), Solar Energy: This is what a disruptive technol- ogy looks like. Retrieved from www.medium.com5. Shah, H. et al., The Blue Ribbon Commission Report on Undergraduate Education. Nanyang Technological University (2007). 100
التميز في البحث الفصل الخامسالأستاذ الدكتور مايكل آرثر
التحول إلى جامعة عالمية المستوى :تجربة جامعة الملك عبد العزيز 102
التميز في البحث :أ.د .مايكل آرثر -1مقدمة تعرف الجامعات العالمية من خلال التعليم الجامعي القائم على جودة ن�شاطاتها البحثية وغزارتها، �سواء في مرحلة البكالوريو�س أ�و الدرا�سات العليا ،حيث تجري هذه الجامعات بحوثا متميزة على الم�ستوى الدولي ،وت�سهم في تطوير العلوم والتقنية وا آلداب والعلوم الإن�سانية والاجتماعية في المجتمع الإن�ساني العالمي. وبالرغم من المكانة البارزة التي تتمتع بها بحوث الجامعات العالمية الرائدة ،نرى �أن معظمها يفتخر بجودة خريجيه وقدرتهم على ا إل�سهام في المجتمع الدولي .ولكي يت�سنى لجامعة ما الالتحاق بم�صاف جامعات العالم البارزة وحيازة الاعتراف بمكانتها العالمية ،لابد لها من �أن تحقق التميز في التعليم والبحوث .وثمة دليل يثبت �أن لكليهما أ�ث ًرا مهما في المجتمع الدولي من خلال الترجمة والإبداع ور�سم ال�سيا�سات. إ�ن ال�سعي الد�ؤوب نحو تح�صيل المعرفة �سمة من �سمات الجهد ا إلن�ساني العالمي الحيوي بالن�سبة �إلى م�ستقبل كوكبنا� .صحيح أ�ن التميز البحثي ربما يتحقق في الجامعات ،والم ؤ��س�سات الوطنية ،والهيئات الحكومية أ�و القطاع ال�صناعي ،لكن من الأهمية بمكان أ�ن يت�سع نطاق هذا التميز لي�شمل الثقافات العالمية ب�أ�سرها .ويعد هذا التنوع في الثقافات من أ�هم عنا�صر البيئة البحثية المبدعة وعاملا �أ�سا�ًسا في حل أ��شد م�شكلات العالم تعقيدا. -2تعريف البحث للبحث تعريفات عدة ،فمنظمة التعاون الاقت�صادي والتنمية (Organisation for Economic Co- )) operation and Development (OECDتعرف البحث ب أ�نه «عمل �إبداعي يما َر�س على أ��سا�س ممنهج بهدف زيادة الح�صيلة المعرفية ،بما فيها معرفة ا إلن�سان والثقافة والمجتمع والا�ستفادة من هذه الح�صيلة المعرفية في �إدخال تطبيقات جديدة»[ .]1وينطبق هذا التعريف ب�شكل خا�ص على مجموعة العلوم ،لا �سيما �إذا أ�خذت عبارة «تطبيقات جديدة» بمفهومها الوا�سع ،بحيث ت�شمل الإ�سهامات المعرفية في الفنون والعلوم ا إلن�سانية وفي ال�سيا�سات العامة والاجتماعية.103
التحول إلى جامعة عالمية المستوى :تجربة جامعة الملك عبد العزيز -3ما هي مواصفات التميز البحثي؟مما لا �شك فيه �أن لكل علم من العلوم تميزه البحثي الخا�ص ،لكن ال�سمة الم�شتركة بين الباحثينالعالميين هي �أنهم جميعا معنيون بتغيير الفر�ضيات الأ�سا�س ،وب�إيجاد أ�نماط جديدة من الفهمالإن�ساني ،ويهتمون ب�شكل فاعل في توجيه النقد البناء إ�لى الحكمة المتلقاة في مجال بعينه� .أماآ�را�ؤهم فتقوم عادة على ملحوظات جديدة بما فيها الملحوظات النوعية أ�و البرهان العلمي الكمي،أ�و تعتمد على تف�سيرات جديدة تدعم في نهاية المطاف نتائج منطقية .وكثي ًرا ما ي�ؤدي تطبيق تقنيات جديدة والتقدم في المنهجيات �إلى تحفيز مثل هذه الملحوظات.وت�ضم كبرى جامعات العالم كتلة حرجة من الباحثين القادرين على العمل في هذا الم�ستوى� ،سواء�أكانوا فرادى �أم �ضمن فرق بحثية ،با إل�ضافة إ�لى تميز بحثي هائل ي�سمح بتطبيق مناهج مبتكرةللتعامل مع �أ�شد م�شكلات العالم العلمية تعقيدا و�صعوبة [ .]2وي�شكل هذا التركيز في التميزالبحثي المفاهي َم الأ�سا�س التي ينبغي على ر ؤ��ساء الم�ؤ�س�سات البحثية كافة تعزيزها ودعمها .وفيأ�على م�ستويات الأداء العالمي تبدي الجامعات هذا الم�ستوى من التميز ،لي�س على م�ستوى �أ�شخا�ص بعينهم ،بل �ضمن مجالات علمية متعددة ومتقاطعة فيما بينها أ�ي�ضا.وتح�اول الجامعات البحثية العالمية – ع�ادة -إ�يجاد حل للم�شكلات بالغة التعقيد التي تواجهمجتمعاتها أ�و المجتمع ال�دولي ،وذلك بطريقة من�سقة وممنهجة عبر أ�ق�سام متعددة و�شراكاتموثوقة مع م�ؤ�س�سات عالمية أ�خرى ،و�صناعات محلية أ�و دولية ،ومع حكومات ووزارات ونظم الرعايةال�صحية ،والتعليم ،والرعاية الاجتماعية ،وال�سيا�سة العامة التابعة لها .وتعد ال�شراكة الفعالة والجدية الآن من المتطلبات الأ�سا�س للالتحاق بم�صاف الجامعات العالمية.ولما كان من ال�صعب على �أية جامعة عالمية �أن تحقق التميز في كل �شيء ،وجب على كل م�ؤ�س�سةأ�ن تحدد مجال تركيز جهودها ومواردها .وينبغي �أن تكون لدى قادة الم�ؤ�س�سات العلمية ال�شجاعةالكافية لتركيز مواردهم ،بحيث تترك أ�كبر الأثر في ا ألداء البحثي و�صفاته .ويعد تحديد المجالالذي يمكن للجامعة �أن تتميز فيه بالفعل ،وتحقق �أكبر الأثر في ن�شاطها البحثي على ال�صعيد الدولي عن�ص ًرا بالغ الأهمية للالتحاق بم�صاف الجامعات العالمية. 104
التميز في البحث :أ.د .مايكل آرثر -4تكامل البحث والتدريس في الجامعات العالمية الرائدة في العالم اليوم 17.000م�ؤ�س�سة من م�ؤ�س�سات التعليم العالي ،منها 1000على أ�قل تقدير مهتمة بالبحوث على نطاق وا�سع .وينبغي �أن نعترف ب أ�ن ثمة بحوثا �أخرى تقابلها وت�ساويها في الحجم تقوم بها م ؤ��س�سات عامة �أو �صناعية لا علاقة لها بالجامعات ،ت�شكل قوة هائلة تدفع المجتمع الإن�ساني نحو ا ألمام .ومن الوا�ضح أ�ن البحوث المتميزة منت�شرة في �سائر أ�رجاء العالم. وينبغي على الجامعات البحثية �أن تركز على �ضمان الفائدة لطلابها من تعليم تم �إدراجه بعناية وب�شكل متكامل �ضمن اهتماماتها و�شراكاتها البحثية .كما ينبغي على جميع الطلاب في ر أ�يي� ،سواء أ�كانوا في المرحلة الجامعية الأولى �أم في الدرا�سات العليا ،الا�ستفادة من الم�شاركة في «البحث» ب�صرف النظر عن مجال درا�ستهم ،حيث �إن للانخراط في البحث أ�همية حيوية في تطوير المهارات الحياتية لدى الطلاب و�إعدا ِدهم لمواجهة الم�ستقبل .ومن خلال الانخراط في العملية البحثية يتعلم الطلاب ممار�سة التفكير الناقد الم�ستقل وكيفية حل الم�سائل التي تعتر�ضهم .كما يتعلمون كيف تتولد المعرفة ،وكيف تتغير بمرور الزمن ،ويتدربون على مواجهة الحالات الملتب�سة الواقعة على «حافة المعرفة» ويكت�سبون خبرات في هذا المجال .وفي الوقت ذاته يكت�سب ه ؤ�لاء الطلاب مزي ًدا من الخبرة في العمل كفريق ،ومزي ًدا من الاهتمام في تطوير قدراتهم على التوا�صل الفعال .فالخريجون الذين يتمتعون بخبرة كهذه يتميزون بقدر كبير من الإبداع ،ولهم �ش أ�ن رفيع لدى المنظمات التي يلتحقون بها للعمل فيما بعد .وكثير من ه�ؤلاء الخريجين ي�صبحون «قادة الم�ستقبل» بف�ضل قدرتهم على البحث عن المعلومات الأ�سا�سية وتحليل الم�شكلات من المبادئ الأولية ،وبالتالي تتكون لديهم الثقة في تبني منهجيات وطرق مبتكرة لحل الم�شكلات. -5دور التدريب في إجراء أبحاث متميزة لنيل درجة الدكتوراه هناك تنوع وا�سع في المنهج المتبع في الدرا�سات الخا�صة بدرجة الدكتوراه في العالم؛ فمعظم ا ألنظمة تختار أ�ح�سن الطلاب أ�دا ًء في الدرا�سة الجامعية الأولى وفي درجة الماج�ستير ،ثم ت�ساعد ه�ؤلاء الطلاب على تطوير مهاراتهم البحثية من خلال الجمع بين تدري�سهم مقررات مف�صلة حول مناهج البحث وتقنياته وم�شروعاتهم البحثية الذاتية .ومن نافلة القول ،إ�ن الإ�شراف الجيد على البحث والتفاني في ذلك عامل أ��سا�س ،كما أ�ن الإ�شراف المزدوج (الذي يقوم به م�شرف �أول وم�شرف ثا ٍن،105
التحول إلى جامعة عالمية المستوى :تجربة جامعة الملك عبد العزيزالذي عادة ما يكون ذا خبرة مختلفة) �صار من ا ألعراف الم أ�لوفة .وفي المملكة المتحدة بد�أ ممولوالبحوث والجامعات في ت�شكيل مراكز تدريب متميزة خا�صة بدرجة الدكتوراه ،توفر تدريبا عالميالم�ستوى و�إ�شرافا متميزا لنيل هذه ال�شهادة .وينبغي على طلاب الدكتوراه تلقي تدري ًبا في أ�خلاقياتالمهنة ،والنزاهة في البحث ،و أ�همية إ��شراك العامة في نتائج بحوثهم ،والتقيد في التركيز المكثف فيم�شروعاتهم البحثية الم�ستقلة .ومن ال�ضروري وجود كتلة حرجة من الطلاب توفر الح�س بالعملالجماعي والأكاديمي في الجامعة البحثية .ولا يتعلق هذا بالعدد المطلق لطلاب الدكتوراه في الجامعةوح�سب ،بل يتعلق أ�ي�ضا بطريقة تنظيمهم .وي�شكل مفهوم الخبرة المتميزة لدى طلاب الدكتوراه�سمة جوهرية عند كثير من مدار�س الدرا�سات العليا ومراكز تدريب طلاب الدكتوراه .وفي الكليةالجامعية بلندن UCLلدينا ما يقرب من 4.900من طلاب الدكتوراه في مدر�سة الدرا�سات العلياومراكز تدريب طلاب الدكتوراه ،وذلك من �إجمالي عدد الطلاب الذي يزيد قليل ًا عن 30.000 طالب.وتتراوح المدة المطلوبة لتدريب طلاب الدكتوراه و�إنهاء بحوثهم في دول العالم بين 3و � 7سنواتتبعا لكل مجال من المجالات ،أ�ما في المملكة المتحدة فالمدة المطلوبة عادة هي �أربع �سنوات .وت�شكلكتابة ر�سالة الدكتوراه الق�سم الأ�سا�س من تدريب طلاب الدكتوراه ،حيث تخ�ضع في النهاية لفح�صخارجي دقيق من قبل فاح�صين من ذوي الخبرة العالمية .ويحتل ا إل�سهام الجديد في المعرفة والقدرةعلى تقديم مجموعة منطقية ومتكاملة من البراهين والنتائج البحثية جوهر كل ر�سالة ناجحة من ر�سائل الدكتوراه. -6ما بعد الدكتوراه وتميز الباحث المنفرد والباحث الرئيسإ�ن الح�صول على درجة الدكتوراه لي�س �سوى بداية الم�ستقبل المهني للباحث في معظم المجالات.فق�ضاء فترة تتراوح بين 3و � 9سنوات في بحوث ما بعد الدكتوراه أ��صبح عرفا م�ألوفا في معظمالجامعات العريقة في العالم قبل �أن يت�سلم الباحثون �أولى �أعمالهم ا ألكاديمية .وت�شمل هذه الفترةالانتقال إ�لى م ؤ��س�سة مختلفة ،أ�و بلد آ�خر ،مما يعر�ض طلاب ما بعد الدكتوراه إ�لى ثقافة بحثيةمختلفة و إ�لى �أفكار وتقنيات جديدة قبل كل �شيء .وفي اعتقادي �أن هذه الفترة هي الأهم من حيث ت�شكيل م�ستقبل العمل في المجال البحثي. 106
التميز في البحث :أ.د .مايكل آرثر وت�ضطلع الجامعات العالمية العريقة بم�س�ؤولية توفير بيئة تدريب م�ساندة وممتازة للباحثين الم�شتغلين ب�أبحاث ما بعد الدكتوراه ،ومنحهم الإ�شراف الم�ستمر من قبل الخبراء ،والدعم والم�شورة والتحدي الب ّناء .وفي هذه الفترة يبد�أ باحثو ما بعد الدكتوراه عادة في تطوير أ�فكارهم الم�ستقلة ومتابعتها، وفي اكت�ساب خبرة متزايدة في مجال تخ�ص�صهم .وينبغي ت�شجيع الموهوبين منهم على الح�صول على منح لتمويل �أبحاثهم ،بحيث يتمكنون من الانطلاق ب�صورة منهجية و�سهلة نحو بناء م�ستقبل مهني في البحث العلمي .كما ينبغي على باحثي ما بعد الدكتوراه الراغبين في متابعة م�ستقبل مهني أ�كاديمي ال�شروع في تعلم �أ�ساليب التعليم الجامعي ،واكت�ساب الخبرة والم ؤ�هلات المهنية الخا�صة بالتدري�س في �إحدى م�ؤ�س�سات التعليم العالي خلال تلك الفترة. ومن الم�ؤكد �أن مدة التطوير هذه خلال المراحل ا ألولى من الم�ستقبل المهني الأكاديمي تختلف اختلافا كبي ًرا من بلد �إلى آ�خر .ففي بع�ض البلدان يمكن التقدم في مرحلة مبكرة نحو المراحل التمهيدية من الم�ستقبل المهني الأكاديمي .وهناك �أي ً�ضا اختلافات بين مجال و آ�خر .لكن الرغبة في بناء بيئة بحثية وفي تحقيق �سمعة عالمية للجامعة تجعل الاهتمام بهذه الفترة أ�م ًرا جوهر ًيا ،مع توفير المتابعة الم�ستمرة والدعم والتوجيه .وتعد هذه الفترة في العالم الغربي فترة تطوير لا ينجح في اجتيازها �سوى النخبة الممتازة من الذين يتابعون م�ستقبلهم الوظيفي المهني بو�صفهم باحثين من الطراز الأول ،حيث ت�سهم هذه الانتقائية في بناء أ�داء بحثي عالمي في الم ؤ��س�سات ا ألكاديمية. -7أهمية البحوث متقاطعة التخصصات مع أ�ن ق�سطا كبي ًرا من ا ألبحاث العالمية يقت�صر على تخ�ص�صات بعينها ،يتزايد الاعتراف ب�أن كثيرا من أ�عقد م�شكلات العالم يجب �أن يت�صدى لها باحثون من تخ�ص�صات مختلفة� .أما نحن في الكلية الجامعية بلندن فنف�ضل لكل فرد يعمل في فريق مكون من تخ�ص�صات متقاطعة �أن ي أ�تي بتميزه في التخ�ص�صات المتعددة للت�صدي لم�شكلة كبيرة؛ لذلك نحبذ ا�ستعمال عبارة «متقاطع التخ�ص�صات »cross-disciplinaryبدلا من «متداخل التخ�ص�صات � »inter-disciplinaryأو «عابر للتخ�ص�صات � .»trans-disciplinaryصحيح أ�ن هذه الم�صطلحات ت�ستعمل دون تمييز ،لكن الم�صطل َحين ا ألخيرين أ�بلغ تعبي ًرا عن �أنا�س تخ�ص�صوا في مجال بعينه ثم بد�ؤوا العمل في مجال آ�خر .ومع �أن هذا القفز من مجال �إلى �آخر قد يكون منتجا ،لكنه لا ي�صيب النجاح دوما .وفي اعتقادنا �أن من الأهمية بمكان107
التحول إلى جامعة عالمية المستوى :تجربة جامعة الملك عبد العزيز�أن نطرح مو�ضوع التميز العلمي على الطاولة عند ت�شكيل فرق البحث؛ فحين ي�ضع الباحثون ،كلعلى حدة ،طرقهم الخا�صة على الطاولة ،ويطلعون الفريق على أ�فكارهم ومفاهيمهم لدى مواجهة م�شكلات معقدة نجد أ�ن �أ�سلوب التخ�ص�صات المتقاطعة أ��شد �إبداعا من ا أل�ساليب ا ألخرى.هناك عوائق عدة تقف في وجه ت�شكيل فرق البحث في التخ�ص�صات المتقاطعة ينبغي على قادةالم�ؤ�س�سات البحثية اكت�شافها والتعامل معها� .أما �أكثر الم�شكلات �شيو ًعا فهي التي تتعلق بالبنية الماليةالخا�صة بكل علم من العلوم �ضمن م�ؤ�س�ساتنا وغيرها .زد على ذلك �أن معظم المنظمات الخارجية،كما هي حال كثير من ممولي البحوث ،والدوريات ،والجمعيات الثقافية ،منظمة بح�سب مجالاتها،مما يوحي ب أ�نه من الأ�سهل لنا الح�صول على التمويل للن�شر ،وعلى الاعتراف ال�شخ�صي ،والترقية، من خلال البقاء على بر ا ألمان �ضمن حدود مجال بعينه.ومن الأهمية بمكان بالن�سبة إ�لى قادة الم�ؤ�س�سات البحثية و�ضع �سمة وا�ضحة ب�ش�أن أ�همية البحوثالمتقاطعة وتهيئة الفر�ص �أمام هذه الن�شاطات للنمو والازدهار� .أما الفوائد التي نح�صل عليها منالقيام بهذا العمل على الوجه ال�صحيح فهي كثيرة بح�سب الخ�صائ�ص البحثية العالمية الخا�صةبالم ؤ��س�سة� .أما عن الطريقة المثلى إلنجاز هذا العمل فتختلف من م�ؤ�س�سة �إلى أ�خرى .فنحن في الكليةالجامعية بلندن طورنا مفهوم «التحدي الكبير» وعملنا على ترويجه من خلال �سل�سلة اجتماعاتا�ست�ضافت عددا من الخبراء ،وعقدت مناظرات ومناق�شات مفتوحة .وقد �أطلقت هذه الاجتماعات مناق�شات حول تخ�ص�صات متقاطعة و�أدت إ�لى ظهور بحوث جديدة ون�شاطات تعليمية.ويعمل فريق تنفيذي رئي�س على دفع كل تحد كبير نحو ا ألم�ام .كما تتوفر من ٌح �صغيرة ت�ساعدعجلة الم�شروعات الجديدة على الدوران وال�شروع بالعمل .لكن مع تطور الن�شاطات الجديدة تظهرالحاجة إ�لى منح خارجية .أ�ما تحدياتنا الحالية الكبيرة فهي ال�صحة العالمية ،والرعاية الإن�سانية،والتفاعل بين الثقافات ،والمدن الم�ستدامة [ .]3ولقد ت أ��صلت هذه المنهجية في ثقافة البحث عندناإ�لى الحد الذي جعلها ت�شكل ا�ستراتيجية الم�شاركة العالمية (التدويل) ومنهجيتنا الخا�صة بالمقرراتالمفتوحة والمكثفة على ا إلنترنت () )Massive Open On-line Courses (MOOCsوبالتعلم عن ُبعد بوا�سطة الإنترنت.ومن الممكن أ�ي�ضا أ�خذ �أ�سلوب تعاملنا في ترويج الن�شاط متقاطع التخ�ص�صات في البحوث والتعليم.ففي البيئة التعليمية ،حيث الأعمال الخيرية م�ألوفة و�سخية ،ف�إنه من الم�ألوف �أن نجد تبرعات هائلة 108
التميز في البحث :أ.د .مايكل آرثر ُتدفع خ�صي�صا لت�شجيع مثل هذه «المراكز» الجديدة. وثمة أ�نموذج آ�خر ،وهو الذي َع ِلم ُت به من زملائي في جامعة ولاية بن�سلفانيا في الولايات المتحدة ثم طبقته في جامعة ليدز ،حين كنت نائبا للرئي�س فيها .ويمكن أ�ن يو�صف ب�أنه أ�نموذج الرعاية الم�شتركة ،والذي يمكنني القول بنا ًء على تجربتي ب�أنه حقق نجاحا باهرا .ويعتمد هذا الأنموذج على تجميع ا ألموال �سنويا في �صندوق ا�ستراتيجي مركزي (بتطبيق ر�سوم إ��ضافية قدرها ٪1على �سبيل المثال) بحيث يكون هناك �صندوق مركزي للأموال المتكررة يدعم ن�شاطات متقاطعة من �أعلى الم�ستويات .ويتم اختيار الم�شروعات المتميزة بطريقة التناف�س من خلال ت�صفية يجريها �أع�ضاء هيئة التدري�س .بعدئذ يمنح المركز التمويل بطريقة الم�شاركة منا�صفة مع ا ألق�سام المعنية والمدار�س أ�و الكليات ذات العلاقة .وعند ال�شروع بالتمويل الم�شترك تو�ضع معالم محددة ت�شمل عائدات كبيرة على الا�ستثمار ،فيما يخ�ص زيادة التمويل الخارجي والتفاعل ال�صناعي� ... ،إلخ .وتتم مراجعة كل ن�شاط متقاطع يمول بهذه الطريقة مرة كل خم�س �سنوات ،ف�إذا ما �أثبت نجاحه ،ا�ستمر التمويل خم�س �سنوات أ�خرى .ومن ا ألمثلة المهمة على النجاح الكبير الذي حققه التمويل الم�شترك ت�شكيل مجموعة متقاطعة التخ�ص�صات في ليدز من المهتمين بالماء والتحكم به في �أثناء الفي�ضانات والجفاف �أطلق عليها ا�سم .]4[ Water@Leedsوتتمتع هذه المجموعة اليوم بنجاح كبير و�سمعة دولية حيث حققت عائدات على الا�ستثمار ( أ�موال ا ألبحاث العائدة مقارن ًا بالمال الم�ستث َمر) بلغت أ�كثر من .1: 10 -8أهمية تمويل البحوث التنافسية قد تختلفت الطرق الرئي�سة في تمويل البحوث الجامعية من بلد إ�لى آ�خر .فقد تكون هناك رعاية حكومية لهيئة التدري�س في الجامعة ،والباحثين ،والم�شروعات والبرامج� ،أو ربما كانت هناك نظم تمويل للمنح الحكومية التناف�سية ،أ�و تبرعات من الم ؤ��س�سات الخيرية� ،أو من الأوق�اف أ�و من ال�صناعة مبا�شرة .وربما كانت الحكومة في أ�ماكن معينة هي التي تدفع كامل رواتب أ�ع�ضاء هيئة التدري�س مبا�شرة ،لكن في أ�ماكن أ�خرى ،لا �سيما في الولايات المتحدة ،نرى �أن كثيرا من �أع�ضاء هيئة التدري�س يح�صلون على ق�سم من رواتبهم �أو على كامل رواتبهم من �صناديق البحوث .أ�ما موارد التمويل المخ�ص�صة لل�صناديق التعاونية الدولية فقليلة ن�سب ًيا ،و�أهمها تمويل نطاق الاتحاد109
التحول إلى جامعة عالمية المستوى :تجربة جامعة الملك عبد العزيزا ألوروبي (( )European Union framework fundingوي�سمى البرنامج الحالي �أفق 2020م).وفي الفترة الأخيرة �صار مجل�س البحوث ا ألوروبي م�صد ًرا مه ًما ج ًدا من م�صادر التمويل الدولية التي تعتمد على تقييم جودة الطلبات الواردة.أ�ما في المملكة المتحدة ،فثمة نظام مزدوج لدعم البحوث ،حيث تت�سلم كل جامعة من الجامعاتمنحة حكومية يعتمد حجمها على تقييم دوري ألداء البحوث التي أ�نجزت في ال�سنوات ال�ست أ�وال�سبع ال�سابقة .وقد أ�طلق على هذا ا إلجراء ا�سم ممار�سة تقييم البحوث (Research Assessment)) Exercise (RAEأ�و كما يعرف في �شكله ا ألحدث �إطار التميز البحثي (Research Excellence)) .Framework (REFويمكن الاطلاع على تف�صيل �إجراءات هذا العمل من خلال الموقع الخا�ص به [.]5وباخت�صار ،ف إ�ن هذه العملية تخ�ص كل ع�ضو من أ�ع�ضاء هيئة التدري�س الذين قدموا �أف�ضل أ�ربعةمخرجات بحثية خلال الفترة ال�سابقة ،مع و�صف لبيئة البحث ،وا�ستراتيجيته ،وخطته ،والدليلعلى ت�أثيره في �شكل «درا�سات لحالة الت�أثير» .أ�ما بالن�سبة إ�لى الكلية الجامعية بلندن ف إ�ن هذا النظام يحدد منح ما يقرب من 115مليون جنيه �سنويا بو�صفه �أحد طرفي الدعم المزدوج.�أما العن�صر ا آلخر من الدعم المزدوج فيتمثل في تمويل الحكومة لمجال�س البحوث في المملكة المتحدة،وهو نظام نمطي يقدم المنح بنا ًء على التحكيم ،ويعتمد تنظيمه إ�لى حد كبير على مجموعات متماثلةمن المجالات العلمية .ويقوم هذا النظام بتمويل م�شروعات البحث والبرامج المنفردة من خلالمنح مح ّكمة تقدم إ�لى فرق البحث �أو الباحثين الفرادى بوا�سطة م ؤ��س�ساتهم .وقد بلغ دخل الكليةالجامعية بلندن في العام الما�ضي من هذه الم�صادر الحكومية وغيرها (الم�ؤ�س�سات الخيرية ،والاتحادالأوروب��ي ،وال�صناعة ،وا ألق�سام الحكومية ا ألخ�رى ،ومعاهد المملكة المتحدة الوطنية للبحوث ال�صحية) 375مليون جنيه إ��سترليني.وتعد المناف�سة على التمويل القائم على المنح المح ّكمة من الأعراف الم أ�لوفة في كثير من بلدان العالم،على اعتبار أ�نها �أف�ضل ال�سبل لتوزيع مخ�ص�صات البحث العلمي ،على قلتها ،على أ�جود البحوث(وهي في كثير من الحالات من المال العام) .و�أعتقد من خلال تجربتي أ�ن هذا الأ�سلوب في التمويلعن�صر حيوي في دفع التميز البحثي ال�شخ�صي نحو ا ألمام .فطلب منحة تناف�سية من �أعلى م�ستوىعملية �شاقة وم�ضنية ،لكن في هذه الحالة لابد من �أن تكون جودة الفكرة ،والإع�داد ،والمنهجية، 110
التميز في البحث :أ.د .مايكل آرثر والمعطيات الأولية في و�ضعها ال�صحيح ،بالإ�ضافة �إلى العناية ال�شديدة في �صياغة خطة البحث قبل الح�صول على المنحة في �آخر الأمر. وفي كثير من المجالات ،يوفر هذا دافعا للباحثين الفرادى لاكت�ساب منهجيات بحوث متقدمة وتطويرها ،بحيث تمكنهم فيما بعد من الت�صدي للم�شكلات المهمة والمعقدة .ويتجلى هذا في عدد من المجالات لا �سيما في الطب الحيوي ،والهند�سة الحيوية الطبية ،ب�سبب الانفجار الذي �شهدته تقنيات التحكم بالجينات الوراثية في ال�سنوات الأخيرة على �سبيل المثال. �إن الطبيعة التناف�سية لتمويل البحوث ترفع م�ستوى الجودة وتطال الجهود البحثية ب أ�كملها� .صحيح �أنها لي�ست بمتطلب �سابق لجودة البحوث ،لكنها ت�ساعد دون �شك على دفعها عاليا على �أ�س�س ت�شمل النظام بالكامل .فالطبيعة التناف�سية العالية لطرفي نظام التمويل المزدوج هي في اعتقادي عامل �أ�سا�س وراء ا ألداء الجيد للبحوث في المملكة المتحدة وقدرتها التناف�سية على ال�صعيد الدولي. -9كيفية الكتابة للحصول على منح بحثية من أ�هم المراحل الانتقالية التي يمر بها الباحث الناجح هي التحول من باحث جيد يعمل على طاولات المختبر ،أ�و في المكتبة ،إ�لى باحث رئي�س م�ستقل .وهذا انتقال �صعب ،لكنه غالبا ما يكون هو الوقت الذي تولد فيه �أفكار جديدة وتتطور فروع معرفية مثيرة .ومن العنا�صر المهمة في و�صولك �إلى رتبة باحث رئي�س هو قدرتك على اجتذاب تمويل تناف�سي لمقترح م�شروعك المح َّكم الذي يمكنك من ا�ستك�شاف �أفكارك. للبحوث الحائزة على التمويل عنا�صر رئي�سة متعددة: •�أولا وقبل كل �شيء ،يجب أ�ن تعالج البحوث م�شكلة جديرة بالاهتمام وتجذب انتباه وكالات التمويل وهيئاتها والمح َّكمين �إلى درجة تمكنهم من ت�صور النتائج التي �ستتمخ�ض عنها و أ�ثرها في المجال العلمي. •كثير من طلبات المنح تقدم مبررات قوية و /أ�و معطيات أ�ولية تدعم طلب التمويل .وفي اعتقادي أ�ن الوقت الذي ُينفق في اكت�ساب معطيات �إ�ضافية داعمة ثمين ج ًدا. •يجب أ�ن تحتوي البحوث على فر�ضية وا�ضحة قابلة للاختبار ،وعلى تقنيات متطورة ت�ساعد على111
التحول إلى جامعة عالمية المستوى :تجربة جامعة الملك عبد العزيزمعالجة �أ�شد الم�سائل تعقي ًدا .فعلى �سبيل المثال ،نرى في مجال العلوم أ�ن البحث الذي يحدد آ�ليات جديدة �أهم بكثير من البحث الو�صفي ال�صرف. •يجب أ�ن تكون البحوث مكتوبة ب�صورة جلية ت�سمح للمح َّكمين با�ستيعاب النقاط الرئي�سة ب�سرعة، في�سهل عليهم اتخاذ القرار بتمويل البحث.في ال�سنوات العديدة التي أ�م�ضيتها في البحث الن�شط ،كان اهتمامي من�صبا على مهاراتي في �صياغةطلب الح�صول على المنح ،ومن ح�سن الطالع �أنني أ��صبت ق�سطا كبيرا من النجاح .ما كنت أ�بدالأر�ضى عن نف�سي ب�سهولة ،بل كنت أ�طلب من زملائي المقربين وا أل�ساتذة (كان اثنان منهم علىالأقل من أ��ساطين العلماء الم�ستقلين) قراءة طلباتي وانتقادها قبل تقديمها بوقت كا ٍف� ،أما إ�ذا�أدى ذلك �إلى فوات وقت التقديم وا�ضطراري إ�لى تقديم الطلب في وقت لاحق ،فقد كنت دائماعلى ا�ستعداد لقبول ذلك ،إ�ذ لا يوجد �أهم من �ضمان �أن تكون المنح من �أرفع الدرجات عند تقديم الطلب. - 10قيادة البحوثتمثل الجامعات العالمية العريقة موئلا لعدد كبير من أ�ب�رز رواد البحث العلمي .أ�ما الجامعاتا ألخرى ،فت�ساعد على الا�ضطلاع بدور قيادي أ�ي�ضا .ولرواد البحث البارزين العديد من ال�سماتالمهمة .ف� أ�ولا وقبل كل �شيء ،نرى أ�ن ه� ؤ�لاء �أنا�س مبدعون – كل في مجال تخ�ص�صه -حققوامكانتهم العلمية من خلال تميز بحثي حافظوا عليه فترة طويلة من الزمن .وبالإ�ضافة إ�لى ذلكيقوم ه� ؤ�لاء بن�شر أ�بحاثهم على �أعلى الم�ستويات الدولية ،و ُيدعون لإلقاء كلمات في الجل�ساتالافتتاحية للم ؤ�تمرات ،وربما كانوا من الفائزين بجوائز مهمة ،مثل :جائزة نوبل ،وجائزة كافلي، وجائزة لا�سكر أ�و ميدالية فيلدز.وعادة ما يكون لدى ه ؤ�لاء الرواد وعي كبير بتاريخ تخ�ص�صهم وقراءة لم�ستقبله ،ولهم ت�أثير فعاليتخذه الآخرون قدوة لهم .ه ؤ�لاء الرواد قادرون على ر�سم م�ستقبل مجالهم العلمي ،با إل�ضافة �إلىقدرتهم على تطوير ا�ستراتيجية بحوثهم با�ستمرار ،و إ��صرارهم بعزيمة لا تلين على التو�صل إ�لى �إجابات عن �أ�سئلة البحوث المعقدة ،ناهيك عن الا�ستعداد لقبول المخاطرة في منهجيتهم.ومن ناحية �أخرى ُيق ِبل قادة البحوث على دعم الباحثين ال�شباب والإ�شراف عليهم .وغالبا لا ي�ضن 112
التميز في البحث :أ.د .مايكل آرثر البارزون منهم بوقتهم على الآخرين فين�شئون بيئة بحثية يمار�س فيها ا آلخرون ن�شاطهم وي�سيرون في ركبهم .وكثيرا ما يتمتع قادة البحوث بمواهب غير اعتيادية ،فهم مبدعون من الطراز الأول، وت أ�ثيرهم كبير في جمع م�ستويات عالية من المنح البحثية ،كما ي�شكلون قوة جاذبة ت�ستقطب �أف�ضل أ�ع�ضاء الجيل القادم للعمل معهم (مثل :طلاب الدكتوراه ،وباحثي ما بعد الدكتوراه ،و أ�ع�ضاء هيئة التدري�س الجدد) ،فهم يولدون ا إلثارة ،ويعطون البحوث قوة دافعة في الم�ؤ�س�سات التي يعملون فيها، وي�ضربون ل ألجيال القادمة من الباحثين أ�مثلة تحتذى. ومن الممكن تحديد الكثير من المهارات المطلوبة وتدري�سها من خلال برامج خا�صة بقيادة البحوث تهدف �إلى الارتقاء بمهارات الجيل الجديد من الباحثين حتى ي�صبح الباحث رائ ًدا متمي ًزا .ومن المقررات في الكلية الجامعية بلندن مقرر يدعى «القيادة الفاعلة (.]6[ »)Leadership in Action ويت أ�لف هذا المقرر من برنامج مكثف مدته ثلاثة �أيام يع ّد الباحثين لتولي القيادة في حقل بحثي من اختيارهم أ�و �ضمن مجتمع الجامعة ال�شامل .ويهدف هذا المقرر إ�لى م�ساعدة الباحثين الجدد في باكورة حياتهم المهنية على اكت�شاف مفهوم القيادة وتطوير الثقة في �أ�سلوب قيادتهم .والهدف من هذا المقرر تعريف الم�شاركين بمختلف الاختيارات المتعلقة بكيفية القيادة ،وتزويدهم بفهم الأثر الذي يمكن أ�ن يتركوه لدى مر ؤ�و�سيهم ،حتى يتعلم الم�شاركون في المقرر كيفية الت�أثير في النا�س ب�شكل فعال فيما يخ�ص هدفا م�شتركا ،وكيفية الا�ستفادة من كل هذه المهارات في �أدوارهم البحثية الحالية وما بعدها .ويعتمد المقرر على ا�ستبدال المحا�ضرات بالتجربة العملية و�سيلة للتعلم ،ويعطي فر�صا لجميع الم�شاركين لقيادة م�شروع جماعي .ويتولى مدربون من ذوي الخبرة الطويلة تقديم الدعم والتغذية الراجعة طوال فترة المقرر ب�ش�أن �أ�سلوب القيادة .ون�أمل أ�ن يتمكن هذا المقرر من توليد كادر م ؤ�هل من باحثي الم�ستقبل يتمتعون بالمهارات ال�ضرورية لقيادة بحوث الم�ستقبل. -11النزاهة والتعامل مع معطيات البحث وسوء إدارة البحث من واجب كل جامعة من الجامعات العالمية المرموقة الالتزام ب�أعلى معايير النزاهة في البحوث والارتقاء بها .وهذا يعني إ�يجاد الظروف التي ت�ضمن �أن يكون إ�جراء كافة البحوث على خلفية الوعي بالم�سائل ا أل�سا�س ،أ�لا وهي :ال�شفافية ،والأمانة ،والتعاون الأكاديمي بين الزملاء ،والا�ستقامة، والم�س ؤ�ولية ال�شخ�صية .ولا بد من تدريب الباحثين الفرادى (�سواء أ�كانوا من الطلاب أ�و من هيئة113
التحول إلى جامعة عالمية المستوى :تجربة جامعة الملك عبد العزيزالتدري�س) على ال�سيا�سات والممار�سات البحثية الخا�صة بالم�ؤ�س�سات ووك�الات تمويل البحوثوالنا�شرين ،كما ينبغي على ه ؤ�لاء أ�ن يكونوا على دراية بهذه ال�سيا�سات والممار�سات والالتزام بهاخلال ن�شاطاتهم اليومية وفق �أق�صى معايير ال�سلوك البحثي المن�ضبط .ولا بد لهذا من أ�ن ي�شملالتميز في ت�صميم م�شروعات البحث و�أطرها ،وت�شغيلها لاحقا ،والالتزام بالمبد أ� الذي ين�ص على أ�نتكون �سلامة المعطيات وقابليتها للتوليد من جديد م�س ؤ�ولية �شخ�صية تقع على عاتق كل من له علاقة بالبحث .لذا يجب على الباحثين �إظهار ا ألمانة الفكرية في �سائر الأوقات.وبالإ�ضافة �إلى ما ذكر �سابقا ،ت�شمل معايير النزاهة البحثية في أ��سمى �صورها عنا�صر عدة لابد من الالتزام بها ،وهي كما يلي: •�أخلاقيات البحث .يجب أ�ن تجرى البحوث في إ�طار قانون أ�خلاقي عام ،ولهذا العن�صر أ�همية كبيرة لا �سيما إ�ذا كان للبحث علاقة بالب�شر أ�و الحيوان. •الحاجة إ�لى الت�صريح عن �أي ت�ضارب في الم�صالح� ،سواء �أكان واقعا فعلا أ�و ممكنا �أو متوق ًعا؛ مال ًيا �أو غير مالي. •م�س ؤ�ولية طرح ا أل�سئلة ،والدراية ،والإخبار عن �أي ارتياب ب�سوء ال�سلوك البحثي أ�و الأخلاقي. •م�س ؤ�ولية ت�سجيل المعطيات ا أل�صلية الخا�صة بالبحث وتخزينها في �شكل يثبت التقارير الخا�صةبنتائج البحث ون�شرها ويتيح للآخرين �سهولة الو�صول إ�ليها عند اللزوم .وبما �أن لكثير منوكالات التمويل والنا�شرين متطلبات محددة تخ�ص فترة تخزين المعطيات ا أل�صلية ،لذا ف�إن منالأهمية بمكان الالتزام بهذه المتطلبات ب�شكل تام .ولابد من تخزين المعطيات الخا�صة بالبحث بطرق آ�منة بحيث تبقى موثوقة وكاملة. •النزاهة وروح الزمالة والتعاون عند التعامل مع الزملاء والمتعاونين بما في ذلك الحاجة �إلى النزاهة في التحكيم. •تجنب الت�ضليل في الإ�سهام ال�شخ�صي في م�شروع بحثي معين أ�و عمل من�شور.ومن المهم أ�ي�ضا �أن يكون للم ؤ��س�سات نظم تحدد �سوء ال�سلوك البحثي ،وتحقق فيه ،وتتعامل معهفي حال وقوعه .ول�سوء ال�سلوك هذا أ��شكال عدة ذكرتها هيئة مجال�س البحوث في المملكة المتحدة ( )Research Councils UKكما يلي [:]7 114
التميز في البحث :أ.د .مايكل آرثر •اختلاق� ،أو تلفيق معطيات كاذبة أ�و وثائق بحثية مثل الموافقة على الم�شاركة. •التزوير؛ وي�شمل انتقاء المعطيات ،أ�و ا أل�شكال و�/أو التلاعب بها. •ال�سرقة؛ وت�شمل الا�ستيلاء أ�و ا�ستعمال أ�فكار ا آلخرين ،والملكية الفكرية ،أ�و العمل (مكتوبا أ�و غيره) دون معرفة �صاحبها أ�و �إذنه. •ا إلخلال بواجب الحر�ص� ،سواء أ�كان متعمدا� ،أو ب�سبب التهور �أو ا إلهمال والتق�صير .وي�شمل هذا البند التهاون في ال�سرية� ،أو تعري�ض الم�شتركين في البحث ل ألذى� ،أو مخالفة المتطلبات القانونية أ�و الأخلاقية أ�و الد�ستورية و�سوء الت�صرف فيما يخ�ص التحكيم بما في ذلك عدم الت�صريح عن ت�ضارب الم�صالح. •التعامل غير اللائق مع ادع�اءات �سوء ال�سلوك ،بما في ذلك محاولات الت�ستر أ�و الانتقام من المخبرين ،وعدم التعامل بال�شكل المنا�سب مع الادعاءات الكيدية. في المواقع [ ]10-8خلفية مف�صلة حول هذا المو�ضوع للراغبين في المزيد من المعلومات ،والإر�شادات حول كيفية الالتزام بقواعد البحوث المتميزة ،وكيفية التعامل مع حالات ا إل�ساءة في البحث العلمي. -12من البحث إلى الابتكار والمشروعات تقود الجامعات العالمية المرموقة الابتكار ،والأعمال ،والم�شروعات من خلال توليد الملكية الفكرية وا ألفكار الجديدة ،إ�ذ ت�سهم في دعم ريادة ا ألعمال المحلية والوطنية والدولية ،وت�ساعد على توليد النمو الاقت�صادي .ولا يقت�صر هذا بالطبع على الا�ستغلال التجاري لن�شاطاتها البحثية وح�سب، بل يتعلق أ�ي�ضا بعدد الخريجين بو�صفهم �أنا�سا موهوبين ي�سهمون في التطور الاقت�صادي الحالي. وهناك طرق عدة ت�سهم الجامعات من خلالها بالنمو الاقت�صادي بف�ضل ن�شاطاتها التجارية ،ت�شمل ما يلي: •تحديد الملكية الفكرية وحمايتها والا�ستفادة منها .من واجب الجامعة تدريب أ�ع�ضاء هيئة التدري�س كافة على الاع�رتاف بالملكية الفكرية وتعلم حمايتها والا�ستفادة منها عند اللزوم. وينبغي ت�شكيل فريق محترف لتقديم الدعم لتحديد المفاهيم الجديدة التي لا تقت�صر على تطوير ا�ستراتيجيات لتحويلها إ�لى مفاهيم تجارية وح�سب ،بل توفر �أي�ضا الم�ستثمرين القادرين على115
التحول إلى جامعة عالمية المستوى :تجربة جامعة الملك عبد العزيزدعمها مال ًيا .والغاية هي أ�ن مثل هذا الجهد ا ألكاديمي والاحترافي لا يو ِّلد ملكية فكرية وح�سب،بل يحولها �أي�ضا إ�لى منتجات ذات قيمة تجارية يمكن ترخي�صها ،و�أحيانا ت�سهيلها ،لت�ؤ�س�س�شركات فرعية تو ِّلد بدورها منتجات و�أعمالا جديدة ذات قيمة تجارية طويلة الأجل� .صحيحأ�ن التعقيدات والمخاطر التي ينطوي عليها توليد هذا الم�ستوى من النجاح لا يمكن تجاهلها،لكن المكاف�أة التي تنتج عن �أدائه بال�شكل اللائق قد تكون كبيرة أ�ي�ضا .ويجب ال ِتما�س التوجيهوالم�شورة ممن نجحوا في التعامل مع هذا المجال وممن لديهم خبرة مبا�شرة في ت�أ�سي�س �شركاتتقنية عالية من ملكيتهم الفكرية ال�شخ�صية .وتجد الجامعات �أن لها حاجة متزايدة لتو�ضح لحكوماتها ومموليها أ�ن بحوثها الأ�سا�سية والتطبيقية يمكن أ�ن ت ؤ�تي ثمارها. • إ�ن الاعتراف ب�ضرورة قيام الجامعات العالمية العريقة بدعم طلابها و�أع�ضاء هيئة التدري�سفيها لكي يدخلوا مجال الأعمال على الم�ستوى ال�شخ�صي اتجاه يحظى باهتمام متزايد .وينبغيأ�ن ي�شمل هذا الاعتراف ب أ�ن رجال الأعمال من طلاب و أ�ع�ضاء هيئة تدري�س بحاجة إ�لى الم�شورةلكي يدعموا ويطوروا �أفكارهم التجارية الخا�صة ،ويمار�سوا العمل التجاري بهدف ت�أ�سي�سأ�عمال جديدة ناجحة .كما ينبغي على الجامعة �إذا ما توفرت لها الإمكانات تقديم مرافقها،حيث يتمكن رجال الأعمال من طلاب و�أع�ضاء هيئة تدري�س من إ�جراء بحوثهم المتميزة وتطويرأ�فكارهم الخا�صة .كما يجب أ�ي ً�ضا أ�ن تكون المرافق والخ�ربات الموجودة في الجامعة متوفرة للأعمال خارج الجامعة بما يتيح الا�ستفادة من أ�فكار البحث والتطوير ب�شكل �إيجابي. • إ�ن الجامعات العالمية العريقة بحاجة �أي�ضا �إلى نظم و�أنا�س مخل�صين للتفاعل مع عالم ا ألعمالالخارجية من �أج�ل توفير الا�ست�شارات والخ�ربات ودع�م �شراكات ا ألع�م�ال .وه�ذه مجالاتتخ�ص�صية ،حيث يتمتع الأفراد أ�و الفرق المتخ�ص�صة في هذا المجال من ال�شراكات الخارجيةب أ�همية بالغة ألنها �صلة الو�صل للتفاعل مع عالم الأعمال وال�شركات .كما يمكن لمثل هذه الفرقأ�ن تكت�سب أ�همية غير اعتيادية في تح�سين خ�صائ�ص الجامعة و�سمعتها في عالم ا ألعمال علىال�صعيد العالمي .ونرى أ�ي�ضا أ�ن الفرق المتخ�ص�صة في هذا المجال مفيدة إ�لى حد كبير في توجيهالجهاز ا ألكاديمي في متاهات هذا العالم غير الم أ�لوف ،مما ي�ساعد كثيرا في �إدارة المخاطر والحفاظ على �صورة الجامعة. 116
التميز في البحث :أ.د .مايكل آرثر -13خمسة إجراءات أساسية على جامعة الملك عبد العزيز اتخاذها لدعم الأداء البحثي حققت جامعة الملك عبد العزيز بالفعل نجاحا باهرا بو�صفها جامعة قائمة على البحوث المكثفة وم�ؤ�س�سة رائدة في ال�شرق ا ألو�سط ذات �سمعة دولية متينة ا ألركان .ولهذه الجامعة قيادة ر�شيدة ارت�أت ت�شكيل هيئة ا�ست�شارية دولية ذات خبرات عالية من �أرفع الم�ستويات لي الفخر أ�ن �أكون واحدا من أ�ع�ضائها .وحيث إ�ني ما زلت �أكت�سب المزيد من المعرفة بجامعة الملك عبد العزيز ،لذا ف إ�ني �أقدم الن�صائح التالية ممثلة بخم�سة إ�جراءات �أ�سا�سية: 1 )1من المهم بناء كتلة حرجة من الباحثين والتميز البحثي المر َّكز في عدد محدد ووا�ضح من مجالات البحث عالية التميز .ولا بد من الاختيار وتركيز الموارد ل�ضمان أ�ن يكون الأداء المتميز هذا على أ�على الم�ستويات� .أما ر�أ�س المال الب�شري الممثل في هيئة الباحثين والأكاديميين من الم�ستوى العالمي فهو أ�هم العنا�صر في تحقيق هذا الم�ستوى من النجاح. 2 )2مع تح�سن الأداء البحثي من ال�ضروري التفكير بخط �سير البحوث والاع�رتاف ب أ�همية و�ضع �سيا�سة �شبابية وا�ضحة ح�ول تدريب الجيل ال�ق�ادم� .صحيح �أن التدريب العالي في مرحلة الدكتوراه أ�مر جوهري ،لكن لابد له من �أن يواكب دعما وتدريبا وا�ضحا وم�ستمرا في مرحلة ما بعد الدكتوراه وفي المراحل المبكرة من الم�ستقبل المهني. �3 )3إن ال�سعي للح�صول على دعم م�صادر تمويل البحوث المتميزة طريقة ممتازة ل�شحذ بروتوكولات البحث ودعم البرامج البحثية ،كما يحرك الحاجة �إلى البقاء على �صلة بالتقدم المنهجي الذي ي�سهم في نهاية المطاف في الارتقاء بالجودة الدولية للن�شاط البحثي. 4 )4لابد من و�ضع النظم في مكانها بهدف دعم البحوث متقاطعة التخ�ص�صات وتر�سيخها مما ي�سمح لفرق الباحثين من مجالات متعددة بالتجمع لمواجهة الم�شكلات المجتمعية والعالمية المعقدة .ويجب �إدراج الإ�سهام في العمل الجماعي وفي العمل متقاطع التخ�ص�صات �ضمن نظم الترقية والمكاف�آت في الجامعة. 5 )5تحتل نتائج البحوث مكان ال�صدارة في عملية الابتكار ،لكن البحث وحده لا يدفع عجلة النمو الاقت�صادي ولا يحقق الازدهار .ولا بد من و�ضع النظم في مكانها من �أجل دفع الابتكار ودعمه،117
التحول إلى جامعة عالمية المستوى :تجربة جامعة الملك عبد العزيزبحيث ي�ؤدي �إلى ترخي�ص منتجات جديدة و�/أو ظهور �شركات جديدة متفرعة عن الجامعة.ويجب �أن يت�ضمن هذا فرق الخبراء لت�شجيع الن�شاطات التجارية والا�ست�شارات وزيادة التفاعل مع ال�صناعة. -14الخلاصة والنتائجيعتمد تقدم المجتمع الإن�ساني �إلى حد كبير على اكت�شاف معرفة جديدة بف�ضل بحوث الجامعات،والم�ؤ�س�سات ،والوكالات الحكومية وال�صناعة .و�إن فرق الباحثين الذين ينتمون �إلى ثقافات مختلفةعابرة للحدود الوطنية والقطاعية ويعملون في مجالات علمية متعددة هي التي �ستت�صدى لحل أ�عقدالم�شكلات في م�ستقبل عالمنا .وتقع الجامعات العالمية المتقدمة في �صميم هذه الجهود .أ�ما الهيئةا ألكاديمية عندنا فلن تكتفي بقيادة الجهود البحثية� ،سواء في الوقت الحالي �أو على المدى البعيد،بل �ستكون على علاقة وطيدة بتدريب الجيل القادم من الباحثين من خلال التعليم الجامعي� ،سواءفي مرحلته الأولى �أو في درجتي الماج�ستير والدكتوراه ،وفي ا إل�شراف على البحوث؛ فالجمع بين تعليمالطلاب (من الم�ستويات كافة) ون�شاطات البحوث �سي�ستمر في تحديد الجامعات الرائدة في العالم.�إن بناء جامعة على �أ�س�س البحوث المكثفة يتطلب قيادة م�ؤ�س�ساتية متميزة تركز على بناء جودةرائدة عالمية في عدد محدد من المجالات البحثية وعلى توفير مرافق بحثية عالمية .كما أ�ن للقدرةعلى ا�ستقطاب �أف�ضل الهيئات الأكاديمية من الباحثين الن�شطاء� ،سواء �أكانوا طلابا في مرحلةالدكتوراه �أم من الباحثين في مرحلة ما بعد الدكتوراه� ،أهمية ق�صوى ،مثلها مثل أ�همية الحركةثنائية الجهة بين الطلاب و أ�ع�ضاء هيئة التدري�س في إ�يجاد بيئة بحثية �إيجابية .بالإ�ضافة إ�لىأ�همية دعم �أع�ضاء هيئة التدري�س في �سعيهم للح�صول على المنح التناف�سية .وي�شكل التوجيه حولا ألخلاقيات ،والنزاهة البحثية وطريقة التعامل مع المعطيات ا ألولية للبحث وتخزينها عن�صرا جوهريا من عنا�صر التدريب البحثي.�إن م�ستقبل الجامعات الرائدة في العالم مثير للاهتمام ،ونحن ما�ضون في رحلتنا على طريق عولمةالتعليم العالي المت�صاعدة يوما بعد يوم .والجامعات التي تواجه التحدي الذي عر�ضناه في هذاالف�صل هي التي �ستحتل موقعا ممتازا تمار�س منه ت�أثيرها فتحرز مكانة في م�صاف الجامعات العالمية اعترافا ب�إ�سهامها في تقدم المعرفة وم�ستقبل الب�شرية. 118
مايكل آرثر.د. أ:التميز في البحث المراجع 1. OECD (2002) Frascati Manual: proposed standard practice for surveys on re- search and experimental development, 6th edition. Retrieved 27 May 2012. from www.oecd.org/sti/frascatimanual. 2. Jewels in the Crown: The importance and characteristics of the UK’s world- class universities. http://russellgroup.org/JewelsInTheCrown.pdf 3. http://www.ucl.ac.uk/grand-challenges 4. http://www.wateratleeds.org 5. http://www.ref.ac.uk 6. http://www.ucl.ac.uk/hr/od/pdp/sdlia/index.php 7. http://www.rcuk.ac.uk/Publications/researchers/grc 8. http://www.grad.ucl.ac.uk/research-integrity 9. http://www.admin.ox.ac.uk/researchsupport/integrity 10. http://www.universitiesuk.ac.uk/aboutus/AssociatedOrganisations/Partner- ships/Pages/ResearchIntegrity.aspx119
التميز في خدموةالاإلنمسجاتنيمةع الفصل السادس الأستاذ الدكتور توماس ڤيلهلمسون
التحول إلى جامعة عالمية المستوى :تجربة جامعة الملك عبد العزيز 122
التميز في خدمة المجتمع والإنسانية :أ.د .توماس ڤيلهلمسون -1المقدمة حظيت المهمة الثالثة للجامعات ،أ�لا وهي خدمة المجتمع ،باهتمام كبير في المناق�شات الدولية الخا�صة ب�سيا�سة الجامعات .ويتزايد طرح هذه المهمة بو�صفها من المهمات ا أل�سا�س للجامعات، با إل�ضافة �إلى مهماتها التقليدية المتمثلة بالبحث العلمي والتعليم. وتقدم الجامعات خدماتها للمجتمع بطرق متعددة ،بينما ت� ؤ�دي مهمتيها الأ�سا�س� ،أي البحث والتعليم ،لم�صلحة المجتمع .لذلك لي�س من الغريب �أن نرى أ�ن هذه التعريفات والعبارات تختلف اختلافا كبيرا بين المهتمين ومن بلد �إلى آ�خر .وفي هذا الف�صل نتناول بالمناق�شة والتحليل عبارات مثل «المهمة الثالثة»« ،دور المجتمع»« ،خدمات المجتمع»« ،الامتداد خارج الجامعة»« ،التفاعل المجتمعي»، بالإ�ضافة �إلى الو�سائل والطرق المختلفة التي تحقق من خلالها خدمة المجتمع. ويمكننا �أن نعزو الأهمية المتزايدة للمهمة الثالثة �إلى أ��سباب عدة .فبع�ض المهتمين يرى أ�نها تنبع من الاعتقاد ب أ�ن للتعليم والبحث دو ًرا مبا�ش ًرا في مجتمع العولمة المعرفي ،وب أ�نها ت�ؤثر في قوته التناف�سية، في حين ي ؤ�كد �آخرون على دور الجامعات غير المبا�شر كمراكز ل إلبداع ت�ستقطب المواهب ،وتدعمها لفائدة المجتمع .لكن تحقيق المهمة الثالثة لا يتم لم�صلحة الغير وح�سب ،حيث �إن التفاعل الن�شط مع المجتمع يرفع من م�ستوى التعليم والبحوث العلمية بالجامعة. من هنا كانت �صعوبة ت�صنيف الجامعات ذات ا ألداء المتوا�ضع من حيث المجهود والتركيز على أ�نها جامعات عالمية .فالمناق�شة في هذا الف�صل تتركز على و�سائل تح�سين التفاعل المجتمعي نوعا وكما. ما الذي ت�ستطيع الجامعات �أن تفعله؟ وما الذي ينبغي عليها أ�ن تفعله لكي تحقق التميز في خدمة المجتمع والب�شرية؟ -2المهمة الثالثة كر�س المعر�ض والم�ؤتمر الدولي للتعليم العالي الذي عقد في الريا�ض �سنة � 2013أعماله لمعالجة محور معا�صر ،أ�لا وهو «الم�س ؤ�ولية الاجتماعية للجامعات» .وجاء في مطلع بيان م ؤ�تمر الريا�ض الإعلان التالي: «للجامعات وظائف ثلاثة رئي�سة :التعليم ،والبحث العلمي ،وخدمة المجتمع .لكن م�س ؤ�ولية الجامعات123
التحول إلى جامعة عالمية المستوى :تجربة جامعة الملك عبد العزيزفي خدمة المجتمع لا تنال الأهمية التي ت�ستحقها� .إلا �أن خدمة المجتمع والمنظومة ا ألكاديمية هي من ا ألهمية المركزية ،والعن�صر المهم في خدمة المجتمع هو الم�س ؤ�ولية المجتمعية».�إن الفهم التقليدي للجامعات ،وربما كان فهما خاطئا� ،أ�ضفى عليها �صورة أ�براج عاجية ،فيها يتمالتعليم والبحوث في عزلة تامة عن المجتمع المعا�صر .ولقد �أ�صبح انتقاد هذه العزلة الخيالية منالم�سائل المهمة في المناق�شات الدولية حول دور النظم الجامعية وتطويرها .ففي مجتمع المعرفة نرىأ�ن المنطق معكو�س .فبا�ستطاعة الجامعات ،بل من واجبها ،بو�صفها ركنا مهما من �أركان نظام المعرفة� ،أن تقدم خدماتها للمجتمع والب�شرية با إل�ضافة إ�لى دورها في التعليم والبحث العلمي.لكن مناق�شة هذا المو�ضوع تبدو م�ضطربة من الناحية الفكرية .فقد ا�س ُتخدمت ت�صورات عدةللدلالة على م�سائل مت�شابكة ومعقدة .ونواجه في هذا ال�سياق عبارات مثل« :الم�س�ؤولية المجتمعيةللجامعات» ،و «ارتباط الجامعات بالمجتمع» ،و «خدمة المجتمع» ،و «الامتداد خارج الجامعة» ،و«التفاعل المجتمعي» .ولبع�ض هذه العبارات نطاق �أو�سع من بع�ضها ا آلخر ،كما �أن بع�ض دول العالم تف�ضل ا�ستخدام عبارات دون غيرها.ولا حاجة بنا للخو�ض في المزيد من التفا�سير الفكرية الت�صورية ،لكن الأهم هو مناق�شة المو�ضوعالراهن ،وهو الحاجة للتفاعل بين الجامعات ومجتمعاتها .لذلك �سيتم ذكر �أكثر العبارات حياديةوا�ستخداما وهما« :الوظيفة الثالثة» �أو «المهمة الثالثة» .وعلى اعتبار أ�ن �أهم وظيفتين للجامعاتهما التعليم والبحث العلمي ،ف�إن مناق�شة الوظيفة الثالثة تطرح ال�س�ؤال التالي :هل من المفتر�ض �أن تخدم الجامعات المجتمع وكيف لها ذلك ،با إل�ضافة إ�لى أ�دائها وظيفتيها الرئي�ستين.إ�ن مناق�شة المهمة الثالثة لا تعني بال�ضرورة �أنها مهمة م�ستقلة على قدم الم�ساواة مع المهمتينالأخريين ،بل تعني �أن من الممكن ،بل من الواجب� ،أن ُينظر �إليها من منظور مختلف عن منظورالمهمات الأ�سا�س .فالتعليم والبحث العلمي المتميز يقدمان خدمات جليلة للمجتمع .أ�ما مناق�شةالمهمة الثالثة فت�ؤكد أ�ن من الممكن توجيه التعليم والبحث العلمي والن�شاطات ا ألخرى للجامعاتالمرتبطة بهاتين المهمتين لخدمة المجتمع ب�صورة �أف�ضل .فالتفاعل بين الجامعات والمجتمع يجب�أن يقوم على المهمات الرئي�سة ،أ�ما منظور المهمة الثالثة فيمكن �أن يوفر و�سائل تطويرها لكي تقدمخدماتها للمجتمع ب�صورة أ�ف�ضل .وقد قيل على �سبيل المثال يجب على الجامعات من خلال فهمها لم�س�ؤولياتها تجاه الا�ستدامة العالمية أ�ن: 124
التميز في خدمة المجتمع والإنسانية :أ.د .توماس ڤيلهلمسون -تحول التعليم ،ب أ�ن تع ّلم �أبناء الجيل القادم ،وت�شركهم ،وتزودهم بالقوة والطاقة لي�صبحوا قادرين على حل الم�شكلات، -تنفذ برنامج عمل معد لتحديد الحلول لمعالجة التحديات الهائلة والا�ستدامة العالمية واختراعها واختبارها ون�شرها، -ت�صر على التو�سع بعمق لكل علم من العلوم في التخ�ص�صات وكذلك التو�سع بين التخ�ص�صات في البحث العلمي والتدري�س ،بحيث ت�سخر العلوم والهند�سة والتقنية والريا�ضيات والعلوم الاجتماعية والفنون والعلوم الإن�سانية لخدمة المجتمع، -تق ّيم الحاجة للعمل المجتمعي وتنقل المعلومات الموثقة �إلى الم�ستفيدين ،ومن ثم تنقل المعرفة إ�لى حيز التطبيق والعمل في �شراكات جديدة [.]2 وربما يتغير التوكيد على مختلف جوانب المهمة الثالثة بتغير الخطاب والموقع .ففي بع�ض الحالات تكون العنا�صر ا ألخلاقية هي محور الاهتمام .فكثير من �إ�سهامات معر�ض وم�ؤتمر التعليم العالي الدولي لعام 2013م تبنت هذه النظرة ،وهذا ما نراه في بيان الم�ؤتمر: «يمكن تعريف الم�س ؤ�ولية الاجتماعية للجامعات ب�أنها الالتزام بتمثيل مجموعة من المبادئ والقيم وممار�ستها� .إنها التزام بالعدل ،والحق ،والتميز ،ودعم الم�ساواة الاجتماعية والتطور الم�ستدام، واعتراف بكرامة الفرد وحريته ،وقبول التنوع وتعدد الثقافات ،ودعم حقوق الإن�سان والم�س�ؤولية المدنية». �أما في �أن�واع الخطاب ا ألخ�رى وبيانات المهمات القانونية فنرى أ�ن التركيز ين�صب على التطور ا إلقليمي ،حيث يطلب من الجامعات أ�ن تكون محركات مهمة للتطور الاجتماعي والاقت�صادي في بيئتها المجاورة .ومن منظور أ�و�سع يتم التركيز على دور الجامعات بو�صفها محركات للاقت�صاد والثقافة والعلاقات الاجتماعية لمجتمعات ب�أكملها .وفي أ�نواع أ�خرى من الخطاب ين�صب التوكيد على ق�درة الجامعات على دعم المجتمعات التي تعمل فيها ،في حين تركز جامعات �أخ�رى على خدماتها ل إلن�سانية جمعاء. كل ه�ذه ال�ر ؤ�ى مهمة ،ويجب ع�دم �إهمال أ�ي منها .فالمهمة الثالثة للجامعات مهمة �أخلاقية واقت�صادية وثقافية واجتماعية و�إقليمية ووطنية وعالمية .وبالطبع ف إ�ن الوزن الن�سبي ومدى و�ضوح125
التحول إلى جامعة عالمية المستوى :تجربة جامعة الملك عبد العزيز هذه العنا�صر يعتمد �إلى حد كبير على طبيعة كل جامعة وظروفها ومجتمعاتها.وت�شكل �إ�سهامات الجامعة في الابتكارات وفي اقت�صاد الابتكار ب�صفة عامة جز ًءا مه ًما من تفاعلهامع المجتمع .فكثير من تعريفات المهمة الثالثة ت�شتمل على ن�شر البحوث العلمية في �صورة ابتكاراتمفيدة اقت�صاديا وعلى إ�يجاد فر�ص للعمل .وبما أ�ن هذا الكتاب يفرد ف�صل ًا خا ً�صا عن اقت�صادالابتكار ف إ�نني لن أ��سهب في مناق�شة هذا المو�ضوع ،بل �س�أركز على �أنواع �أخرى من التفاعل المجتمعي في هذا الف�صل. -3ما سبب أهمية المهمة الثالثة؟على اعتبار �أن للمهمة الثالثة ت أ�ثيرا �أخلاقيا واجتماعيا وثقافيا واقت�صاديا ،ف�إنها كانت ولا تزالجز ًءا من ر�سالة الجامعات ولو لم ُي�شر إ�ليها لكي ُتعرف وت�سمى بو�ضوح كوظيفة م�ستقلة .فالجامعاتالأوروبية ت�أ�س�ست في الع�صور الو�سطى لكي تخ ّرج إ�داريين وكهنة يخدمون المجتمع .ومنذ ذلك الحينلعبت كثير من الجامعات دو ًرا حيو ًيا في تطور المجتمعات .فقد كانت تربية مواطنين على الأخلاق الحميدة جز ًءا وا�ض ًحا و�ضوح ال�شم�س من فهم الجامعات لذاتها.وفي العقود الأخيرة ،حدث تغير وا�ضح في الخطاب الخا�ص بالمهمة الثالثة حيث انتقل التركيز مناعتبارها نتاجا طبيعيا للتعليم والبحث العلمي إ�لى التوكيد عليها بو�ضوح كمهمة م�ستقلة و�ضرورة دعمها ب�شكل م�ستقل .فالتحول في التركيز جاء نتيجة التغيرات الجذرية في المجتمع والعالم.وت�زداد �أهمية ال�دور الرئي�س للتعليم والبحوث العلمية في المجتمع المعرفي المعولم ،حيث يرتبطتناف�س المجتمعات ارتباطا مبا�شرا بالطريقة التي تتخذ فيها هذه المجتمعات مواقعها في إ�طار إ�نتاجالمعرفة وا�ستخدامها .فمع ت�سارع �إنتاج المعرفة ت�صبح القدرة على الو�صول �إلى المعرفة و�إيجادها وا�ستخدامها عامل ًا رئي�ًسا من عوامل النجاح.وللجامعات دور رئي�س في �إن�شاء هذه المقدرة ،فهي لاعب رئي�س في لعبة إ�نتاج المعرفة ون�شرها ،ولهذاف�إنها ت ؤ�ثر في المجتمعات ،وفي الاقت�صاد بطرق كثيرة .وبا إل�ضافة �إلى ما تقدم ،ف�إن من اللاعبينالأ�سا�س في إ�دخ�ال المعرفة الجديدة إ�لى المجتمعات تعليم القادة الجدد والقوى العاملة ،وتوليدالابتكارات ودعمها ،أ�و بعبارة �أ�شمل ،ا�ستقطاب العقول الجديدة من البلدان الأخرى و إ�دخال أ�نماط جديدة من التفكير �إلى المجتمعات. 126
التميز في خدمة المجتمع والإنسانية :أ.د .توماس ڤيلهلمسون وعلى ال�صعيد العالمي ،تعد الجامعات أ�هم منتج للمعرفة ال�ضرورية لمواجهة التحديات الهائلة التي تواجه بني الب�شر في الوقت الحا�ضر .ويت�ضح ذلك من بيان م ؤ�تمر اليون�سكو العالمي للتعليم العالي لعام 2009م [:]3 «�إن للتعليم العالي م�س�ؤولية اجتماعية تتمثل في تنمية فهمنا للعديد من الم�سائل. وينبغي على التعليم العالي أ�ن يقود المجتمع في توليد معرفة عالمية تهدف �إلى مواجهة التحديات العالمية ،بما فيها الأمن الغذائي والتبدل المناخي ،وا�ستخدام المياه ،والحوار الفكري ،والطاقة المتجددة ،وال�صحة العامة». ومن المهم أ�ن ن ؤ�كد أ�ن الجامعات لا ت�ضع المعرفة تحت ت�صرف المجتمع وح�سب ،بل تجعل ا إلبداع �أ�سا�س المناق�شة في مجتمع المعرفة .فالجامعات الجيدة موطن ا إلبداع ،حيث يزدهر الفكر النقدي الجريء والجديد .فالتفاعل بين هذه المحاور مع البيئة المجتمعية التي تحيط بها تمد المجتمعات بالطاقة بطرق عدة .وقد بين ريت�شارد فلوريدا ( )Richard Floridaفي كتابه ال�شهير «ظهور الطبقة المبدعة» [ ]4كيف ينجذب �أع�ضاء الطبقة المبدعة ح�سب تعبيره إ�لى مواقع العبقرية المبدعة .هذا التركيز المزدهر من المقدرة الكامنة المبدعة يتركز غالبا حول الجامعات التي تبدي تفاعلا وثيقا مع لاعبين مبدعين آ�خرين في المجتمع .فالجامعات التي توفر الإلهام المبدع ت ؤ�ثر في التناف�سية العالمية للمجتمعات والتطورات الإقليمية. إ�ن الجامعات تعزز القيم لدى المجتمعات وتولدها وت�ستخدمها وتعلمها .ففي مجتمعات ما بعد العولمة والحداثة نرى �أن نظم القيم التقليدية بد أ�ت تتفكك و أ�ن حلقات القيم الم�شتركة الوا�ضحة كال�شم�س آ�خذة في الا�ضمحلال .ونتيجة لهذه الاتجاهات ظهرت حاجة متزايدة لمناق�شة القيم و�إنتاجها ومن ثم تقديمها للمجتمع .وكما ذكرنا آ�نفا ،ف�إن التفاعل المجتمعي مثقل بالقيم مثلما ينبغي �أن يكون. �إن الجامعات التي ت�ؤدي مهمتها في التدري�س والبحث العلمي بنجاح ت ؤ�ثر بال�ضرورة في المجتمعات بالطريقة التي و�صفناها فيما �سبق .فوجود الجامعات (الجيدة) في حد ذاته يترك في المجتمعات بالغ الأثر .والتركيز الوا�ضح على المهمة الثالثة في المناق�شة مبني على الاعتقاد ب أ�ن من الممكن زيادة هذا الت أ�ثير ،وربما م�ضاعفته ،إ�ذا ما لقي العناية ب�صورة ا�ستراتيجية وا�ضحة .فحاجة المجتمع �إلى خطاب حول المهمة الثالثة وا�ضحة. إ�ن المطالبة بتحقيق المهمة الثالثة بكفاءة يجب �أن توجه إ�لى الجامعات التي تمولها الحكومة127
التحول إلى جامعة عالمية المستوى :تجربة جامعة الملك عبد العزيزبالدرجة ا ألولى .فللقطاع العام وال�سيا�سة م�صلحة في ا�ستخدام الأموال ب أ�ق�صى درجات الكفاءةلم�صلحة المجتمع .وبالنظر إ�لى �أهمية الجامعات في تحقيق رفاهية المجتمعات ،ف�إن هذا ال�ضغطمن القطاعات ال�سيا�سية وو�سائل ا إلع�الم وعامة ال�شعب أ�مر مفهوم ،إ�ذ ينبغي على الجامعاتالتي ترغب في الحفاظ على هويتها أ�ن تكون قادرة على الدخول في مثل هذه المناق�شات .فالت�صديللمهمة الثالثة يجب �أن يحركه الحما�س لتلبية مطالب ال�سا�سة وا إلعلاميين وعامة ال�شعب ،أ�ومطالب الكفلاء في القطاع الخا�ص وح�سب� ،إذ يتعذر تحقيق المهمة الثالثة بنجاح �إلا إ�ذا كانت قائمةعلى قيم الجامعات ذاتها� ،أي على الإيمان ال�صادق لدى الجامعات ب�أنها وجدت لكي تعمل علىتح�سين الأو�ضاع في المجتمع والعالم .وكما �س أ�بين لاحقا ،ف إ�ن هذه م�س�ألة تتطلب قيادة ا�ستراتيجية �ضمن الجامعات.ومن الأركان المهمة �أي�ضا فيما يخ�ص ر�ؤية التميز وجود جذور را�سخة في القيم الخا�صة بالجامعة.وفي المناق�شات العامة ،غالبا ما يكون هناك إ��صرار على تحقيق نتائج �سريعة وملمو�سة ،أ�و علىالأقل ،قابلة للقيا�س والعر�ض� ،إذ لي�س من ال�ضروري أ�ن تكون قابلية التطبيق المجتمعي ق�صيرةالمدى هي الدافع لتطور الجامعات .فعدم وجود التزام كاف بالبحوث العلمية طويلة الأجل والتعليمالم�ستقر ي ؤ�دي �إلى انحدار الجودة في �أداء الجامعات .فالجامعة المتميزة يجب أ�ن تكون وفية لر ؤ�يتها الخا�صة بت�أثيرها الاجتماعي.بيد أ�ن الجامعات المتميزة تحقق مهمتها الثالثة لا لمجرد تبنيها لقيم حب الخير للغير ،بل ألنهاتحتاج �إلى التفاعل المجتمعي لكي تتطور هي بالذات .فالتفاعل الجيد لي�س عملية �أحادية الجهةتقوم فيها الجامعة بتقديم الخدمات فيما يجني المجتمع الفوائد منها .فالتفاعل الحقيقي يو ّلدالفوائد لكلا الطرفين .ونرى في الجامعات أ�ن البحث العلمي والتعليم ي�ستفيدان من التوا�صلالمتبادل والفعال مع القطاعات الرئي�سة في المجتمع .فبع�ض البحوث العلمية يتعذر القيام بها ،علىالوجه ال�صحيح على ا ألقل ،بدون التعاون الوثيق مع قطاع الأعمال وقطاعات المجتمع الأخرى .ومنالوا�ضح �أن ب إ�مكان مدخل ًا منظم ًا (تحت �سيطرة الجامعة) في العمليات التعليمية أ�ن يح�سن م�ستوىجودتها .ويجب أ�ن تبنى م�شاركة م ؤ��س�سات التعليم العالي في المجتمعات التي تعمل �ضمنها على«مبد أ� التبادلية في التعلم والتعليم من خلال هذه الم�شاركة( ».كر�سي اليون�سكو للبحوث المجتمعية والم�س ؤ�ولية الاجتماعية في التعليم العالي� .إطار للعمل .)]5[ 2016-2012 128
التميز في خدمة المجتمع والإنسانية :أ.د .توماس ڤيلهلمسون إ�ن الجامعات المتميزة بحاجة إ�لى مهمتها الثالثة� .إنها بحاجة لفهم �أن لمهمتها الثالثة إ�طا ًرا عالم ًيا. فما ع�سى الجامعات �أن تفعل لدفع هذه المهمة الثالثة قدما نحو الأمام؟ -4طرق مختلفة لخدمة المجتمع ر أ�ينا في المقدمة �أن تعريف المهمة الثالثة للجامعات لا يخلو من �صعوبة .فبو�سع الجامعات أ�ن تخدم المجتمع ،بل هي تخدمه بالفعل ،بطرق مختلفة .فبالتعريف الوا�سع للمهمة الثالثة ،بما في ذلك �سائر أ��شكال التفاعل المجتمعي الم�ستخدمة في القوانين الجامعية في فنلندا وال�سويد ،نرى عد ًدا لا ح�صر له من �إجراءات التفاعل الممكنة .و�سوف نو�ضح فيما يلي م�ؤ�شرات ن�شاطات المهمة الثالثة للجامعات. لا �شك في أ�ن لمهمة التعليم التي ت�ضطلع بها الجامعات ت�أثيرا عميقا في مجتمعاتها .فالتفاعل بين الجامعات و�سوق العمل مهم بالن�سبة �إلى جودة المهمة التعليمية وت�أثيرها .وتتم درا�سة احتياجات �سوق العمل بطرق مختلفة ،و ُت�ستخدم في اتخاذ القرارات لا في إ�طار جودة الجامعات وح�سب ،بل في متطلبات الاعتراف الخارجي ،كما هي الحال في �ألمانيا و إ�يطاليا وهولندا .فالطلاب الذين يدر�سون منهجا جيدا يحافظون على التوا�صل مع �سوق العمل من خلال فترة التدريب وو�سائل أ�خرى .وربما كان دور الجامعات في خدمة �سوق العمل ،كما هو بالفعل أ�حيانا ،أ�حد عنا�صر المهمة الثالثة ،لكن يجب أ�ن يفهم �أي�ضا على أ�نه جزء لا يتجز أ� من مهمة تعليمية فائقة التطور من الناحية النوعية. فالمهمة الأولى هي التعليم بهدف الح�صول على عمل. وتنعك�س العنا�صر ا ألو�ضح من �إحدى طرق فهم المهمة الثالثة للتعليم في الاعتقاد ب�أن على الجامعات �أن تخدم مجتمعاتها ،من خلال ن�شاطات تنمي في الطلاب الح�س بالم�س ؤ�ولية تجاه ت أ�ثير �أعمالهم في هذه المجتمعات وفي الإن�سانية جمعاء .ومن الخيارات المطروحة في هذا المجال مناق�شة كيفية �إ�شراك الطلاب في جميع ا ألق�سام العلمية في الن�شاطات المجتمعية كجزء من المنهج الدرا�سي .ويبدو �أن منهج المعر�ض والم�ؤتمر الدولي للتعليم العالي – 2013م ي ؤ�كد هذا النوع من المهمة .ونرى من جديد �أن من الممكن اعتبار ذلك العن�صر جز ًءا لا يتجز أ� من مهمة تعليمية فائقة التطور من الناحية النوعية. لدى مناق�شة المهمة التعليمية ،ي�ستح�ضر بع�ضهم التعليم بهدف الح�صول على �شهادة جامعية .لذا ربما كانت م�س�ؤولية تنظيم تعليم يدوم مدى الحياة جز ًءا من المهمة الثالثة .ويبدو هذا طبيعيا في129
التحول إلى جامعة عالمية المستوى :تجربة جامعة الملك عبد العزيزالجامعات والنظم الجامعية ،حيث يجري التعليم الم�ستمر في معاهد منف�صلة .ويتم التعامل مع هذهالم�س أ�لة في كثير من الا�ستراتيجيات الجامعية على �أنها جزء من الم�س�ؤولية الاجتماعية للجامعات.ومهما كان الأمر ،فقد حظي التعليم الم�ستمر في مجتمع المعرفة ب أ�همية كبيرة على جدول أ�عمال العديد من البلدان وفي الاتحاد ا ألوروبي ،ولا ي�سع الجامعات أ�ن تتجاهل هذا.أ�ما الأثر المجتمعي لمهمة البحوث العلمية فوا�ضح أ�ي�ضا .والإب�داع هو المفهوم الذي يربط البحثالعلمي بالمجتمع .وكما ذكرنا �سابقا ،ف إ�ني لن �أخو�ض في تحليل هذه الم�س�ألة أ�كثر على اعتبار �أنها محور ف�صل م�ستقل.وعلى اعتبار �أننا �أكدنا أ�همية تعزيز م�س ؤ�ولية الطلاب في ا إل�سهام في بناء مجتمع جيد ب�صفتها ركنامهما من أ�ركان المهمة الثالثة ،ف�إني لا أ��ستطيع �إغفال قدرة الطلاب على الإبداع في هذا ال�سياق .فلوتوفرت الظروف المواتية والبرامج المفيدة لن�شاطات الإبداع لدى الطلاب لا�ستطاعت أ�فكار الطلابالجديدة المتحررة من التفكير التقليدي المتجذر أ�ن تثبت فائدتها للمجتمع .إ�ن الم�شروعات ال�صغيرة التي يبد ؤ�ها الطلاب ون�شاطاتهم الإبداعية الأو�سع تقوم في الغالب على الالتزام القوي بالقيم.وب�صفة عامة ،تتحمل الجامعات م�س�ؤولية اجتماعية تجاه البيئة الاجتماعية والاقت�صادية التي تعملفيها ،لا من خلال البحوث العلمية والتعليم وح�سب ،بل بو�ساطة ن�شاطات أ�خرى أ�ي�ضا .فالجامعات،من خلال �أدائها أ�دوارا ن�شطة ،قادرة على تن�شئة مجتمعات م�ستدامة مت�ساوية وديمقراطية ومتقدمة اقت�صاديا وثقافيا.ومن الطرق التقليدية لخدمة المجتمع وتحقيق هذه الغايات الم�شاركة في الخطاب العام .فامتدادالجامعات يتم من خلال الجامعات وباحثيها في و�سائل ا إلعلام التقليدية وعبر و�سائل التوا�صلالاجتماعي ب�صورة متزايدة ،حيث تعاظمت �أهمية أ�ق�سام التوا�صل في الجامعة ومراكز الإعلام معزيادة الاعتقاد ب أ�ن على الجامعات والباحثين �أن ي�شاطروا ا آلخرين معرفتهم في ميدان الخطاب العام.ويعد التوا�صل المبا�شر مع الجماهير من خلال المحا�ضرات العامة وحلقات البحث ج�ز ًءا منا�ستراتيجية توا�صل فعال .ومن الممكن دعم الاهتمامات الأكاديمية وت�شجيعها لدى ا ألطفال منخلال القيام بزيارات تثقيفية للمدار�س وا�ستقبال �صفوف مدر�سية في مباني الجامعة .وللح�صولعلى نتائج طيبة ،يمكن �أن يتم هذا بطريقة منظمة .و أ�ذكر على �سبيل المثال مركز لوما ()LUMA 130
التميز في خدمة المجتمع والإنسانية :أ.د .توماس ڤيلهلمسون التابع لجامعة هل�سنكي الذي يعد مظلة للتعاون بين المدار�س والجامعة وقطاع ا ألعمال .ويهدف هذا المركز �إلى ت�شجيع التعليم الم�ستمر ودرا�سة مقررات ( STEMالعلوم والتقنية والهند�سة والريا�ضيات) وتدري�سها على جميع الم�ستويات» [.]6 ُت�ستخدم المعرفة التي تنتجها الجامعات والخبرات الجامعية في عمليات �صنع القرار على ال�صعيدين العام والخا�ص ،بالإ�ضافة إ�لى تقديمها �إلى عامة ال�شعب .ف أ�هم ت أ�ثير للباحثين في كثير من البلدان يتم في واق�ع ا ألم�ر من خلال الم�شاركة في لجان الخ�رباء ،وجل�سات الا�ستماع العامة ،و�صياغة القرارات وعمليات �صنع القرار الأخرى .وبو�سع الجامعات �أن ت�ضع قرارات ا�ستراتيجية ت ؤ�كد أ�ن مهمات مثل هذه هي إ��سهامات معينة للمهمة الثالثة .فمثلا ،نرى �أن الجامعة ا أل�سترالية الوطنية ( )Australian National Universityجعلت دعم ال�سيا�سة العامة في البلاد و�صياغتها و�سيلتها الرئي�سة للم�شاركة في خدمة المجتمع ،كما �أ�س�ست معهدا لهذا الغر�ض [.]7 وعلى اعتبار �أن الجامعات من المنظمات ا إلقليمية الم�ؤثرة أ�و ا أل�سا�سية ف إ�ن لم�س�ؤوليتها الاجتماعية جانبا إ�قليميا أ�ي�ضا تختلف طبيعته الن�سبية بح�سب موقع كل جامعة و�صفاتها .فالم�س�ؤولية الإقليمية تت�ضمن مجموعة �أخرى من الم�ستفيدين يجب التفاعل معها .وقد ت�ؤدي ال�سلطات المحلية ورجال الأعمال المحليين أ�دوا ًرا مهمة وربما كانوا �شركاء في تفاعلات الجامعة المجتمعية. ولكون الجامعات مثال ًا يحتذى به فقد تدعم ،ومن خلال أ�دائها ،القيم التي ت�سعى �إلى بثها في المجتمع .فالجامعة التي تدعو النا�س لن�شر الوعي البيئي لن تقنع النا�س إ�ذا لم يكن هذا الوعي موجودا في ن�شاطاتها ب�صفتها �إحدى المنظمات .فعلى �سبيل المثال ،كانت خطوة طبيعية بالن�سبة �إلى جامعتي ،وهي جامعة هل�سنكي� ،أن تن�ضم إ�لى برنامج المكتب ا ألخ�ضر (WWF Green Office ) schemeو أ�ن توقع على م�س�ؤولياته .أ�ما في الولايات المتحدة الأمريكية فقد برز الالتزام بالمناخ عام 2006م الذي دعا �إليه ر ؤ��ساء المعاهد والجامعات ا ألمريكية ب�شكل وا�ضح في المناق�شات الخا�صة بالتعامل مع التغير المناخي [.]8 تحقق الجامعات مهمتها الثالثة من خ�الل مجموعة معقدة من الن�شاطات المختلفة في المدى والم�ضمون .ومن الممكن تقييم هذه الن�شاطات وجمعها بطرق مفيدة متعددة .ولي�س ثمة أ�نموذج للطريقة المثلى لأداء المهمة الثالثة ،فكل �شيء يعتمد على بيئة الجامعات المعنية وعلى بنية الجامعات ذاتها وعلومها ،ناهيك عن قيمها.131
Search
Read the Text Version
- 1
- 2
- 3
- 4
- 5
- 6
- 7
- 8
- 9
- 10
- 11
- 12
- 13
- 14
- 15
- 16
- 17
- 18
- 19
- 20
- 21
- 22
- 23
- 24
- 25
- 26
- 27
- 28
- 29
- 30
- 31
- 32
- 33
- 34
- 35
- 36
- 37
- 38
- 39
- 40
- 41
- 42
- 43
- 44
- 45
- 46
- 47
- 48
- 49
- 50
- 51
- 52
- 53
- 54
- 55
- 56
- 57
- 58
- 59
- 60
- 61
- 62
- 63
- 64
- 65
- 66
- 67
- 68
- 69
- 70
- 71
- 72
- 73
- 74
- 75
- 76
- 77
- 78
- 79
- 80
- 81
- 82
- 83
- 84
- 85
- 86
- 87
- 88
- 89
- 90
- 91
- 92
- 93
- 94
- 95
- 96
- 97
- 98
- 99
- 100
- 101
- 102
- 103
- 104
- 105
- 106
- 107
- 108
- 109
- 110
- 111
- 112
- 113
- 114
- 115
- 116
- 117
- 118
- 119
- 120
- 121
- 122
- 123
- 124
- 125
- 126
- 127
- 128
- 129
- 130
- 131
- 132
- 133
- 134
- 135
- 136
- 137
- 138
- 139
- 140
- 141
- 142
- 143
- 144
- 145
- 146
- 147
- 148
- 149
- 150
- 151
- 152
- 153
- 154
- 155
- 156
- 157
- 158
- 159
- 160
- 161
- 162
- 163
- 164
- 165
- 166
- 167
- 168
- 169
- 170
- 171
- 172
- 173
- 174
- 175
- 176
- 177
- 178
- 179
- 180
- 181
- 182
- 183
- 184
- 185
- 186
- 187
- 188
- 189
- 190
- 191
- 192
- 193
- 194
- 195
- 196
- 197
- 198
- 199
- 200
- 201
- 202
- 203
- 204
- 205
- 206
- 207
- 208
- 209
- 210
- 211
- 212
- 213
- 214
- 215
- 216
- 217
- 218
- 219
- 220
- 221
- 222
- 223
- 224
- 225
- 226
- 227
- 228
- 229
- 230
- 231
- 232
- 233
- 234
- 235
- 236
- 237
- 238
- 239
- 240
- 241
- 242
- 243
- 244
- 245
- 246
- 247
- 248
- 249
- 250
- 251
- 252
- 253
- 254
- 255
- 256
- 257
- 258
- 259
- 260
- 261
- 262
- 263
- 264
- 265
- 266
- 267
- 268
- 269
- 270
- 271
- 272
- 273
- 274
- 275
- 276
- 277
- 278
- 279
- 280