أبو يعرب المرزوقي re nils frahm تونس والانتقال الديمقراطي الأسماء والبيان
المحتويات 2 -تونس في خطر داهم ،التفاؤل لن ينفع في حواسم اللحظات1 - -تونس في خطر ،وهم الانتقال السلس خداع ذاتي 4 - -سفيان بن فرحات ،هل هو يهجو السبسي؟ أم يمدحه؟9 - \" -البزناسة\" ،محاولة في تصنيفهم بقيم النخاسة12 - -انتخابات تونس أو عدم الوعي بقواعد اللعبة16 - -الانتخابات الرئاسية ،نتيجتها محسومة بحساب العقل السليم 21 - -مرشح التوافق ،مواصفاته وشروط القبول به24 - -أمراء الحرب السياسية ودورهم الخبيث في الانتخابات الرئيسية31 - -معارضة وازنة أفضل من مشاركة تابعة في الحكم37 - -إشارات سريعة أو نصائح لوجه الله 43 - -سيناريو خيالي قد يكون الوحيد الدال على رشد السياسة في تونس46 - -سبر الآراء بين فن الشائعات وعلم الواقعات 51 - -سبر الآراء وصناعة البالونات السياسية 60 - -الفصل الأول 60 - -الفصل الثاني 63 - -الفصل الثالث 67 - -الفصل الرابع 70 - -الفصل الخامس 74 - -الفصل السادس 77 - -لست يؤوسا لكن الوضعية ميؤوس منها 82 - -في دلالات برنامج المرشح للرئاسة د.الزبيدي 87 - -هوامش جوهرية على برنامج د.الزبيدي للرئاسية 90 - الفصل الأول 90 الفصل الثاني 94 -الشاهد ،هل بقي له ما يخاطب به الشعب؟ 97 - -محاولة في توصيف \"نخبة\" تونس السياسية وما يحركها 101 - -الرئاسيات علام يتنافس المرشحون؟ 105 -
-الحمقى عندما يهددون أسيادهم 109 - -ايدز السياسة ،ذلك هو مرض تونس العضال113 - -ما المزعج؟ ضعف الخطاب؟ أم سطحية التشخيص؟117 - -تربيع الدائرة في علاج أدواء تونس المزمنة121 - -القوى السياسية ،تصنيفها بالمرجعيات؟ أم بالغايات؟130 - -هل المهمة مستحيلة؟ حكم يحقق شرطي السيادة ويحفظهما136 - -الشيخ مورو أو نهاية خرافتين143 - -المناظرات ،ما جليها الذي يلهي عن خفيها؟146 - -العنتريات الثورية أفضل خدمة لإعادة نظام العبودية152 - -تصنيف المعايير التي قُ ّوم بها المترشحون ودلالتها 154 - -الأستاذ مورو خطأ استراتيجيته الانتخابية 158 - -ثوار الاقوال ،هم أعداء الثورة بالأفعال 162 - -الثابت أن دعاة الثورة هم أعداؤها 166 - -دين العجل ،هل حصيلة الانتخابات صدفة؟ 169 - -النهضة ،أو \"سفينة نوح\" للربيع العربي 172 - -الوسط ،من يمثله في تونس؟ 175 - -ثقافة الشعب ،التبرؤ منها هل هو حمق؟ أم عمالة؟ 180 - -المصالحة في راهننا ،شروطها ،بين الامكان والاستحالة 184 - -كلام الزبيدي على الدبابات ،هل هو تذكير بما فات ،للتهديد بما هو آت؟ 189 - -ثورة تونس ،يدمرها بالأفعال دعاتها بالأقوال192 - -ملاحظة سريعة ،لابد من تداركها قبل الفوت 195 - -ثورة الأقوال ،القصور النظري والفوضى العملية196 - -لا فخر ،شبه رد على وقاحة الأميين202 - الفصل الاول 202 الفصل الثاني 205 -معركة الكاريكاتورين غباوة التزهد وحماقة التفلسف207 - -كشف الداء ،قطعنا نصف الطريق 214 - -موقفي من سع ّيد ،وعلل توجسي من برنامجه 221 - -انتخابات تونس مناسبة لإنهاء الثورة لا لاستئنافها226 - -في السيستام ،طبيعته ومنهج عمله 231 -
-قلة الحيلة علامتها الارتجال التكتيكي 234 - -عود على بدء بمنطق التعافي في القوى السياسية 238 - -هوية القطيع ،دلالتها متضايفة مع هوية الراعي243 - -السياسي ،كيف نقيمه في الحكم وفي المعارضة؟ 249 - المعيار الأول :العلاقة بين قول المعارض وفعل الحاكم251 . المعيار الثاني :العلاقة بين الغايات ووسائل تحقيقها ومناهجه252 . المعيار الثالث :العلاقة بين الشرعية اصلا والشوكة أداة لها 253 المعيار الرابع :استراتيجية \"الحاذق والسفيه\" مع الأعداء255 . المعيار الخامس والأخير :وهو أصل الأربعة السابقة 255 -الفاعلية السياسية والقدرة على تحديات ثورة الحرية والكرامة258 - \" -حزوهم\" راهم يتعاركوا على راسي262 - -الخيار بين مافية الدينار ومافية الخوار 268 - -مناظرة بين متعلمَ ْين للحجامة في رؤوس اليتامى 271 - أمن الوطن272 . الديبلوماسية274 . -بعدا العجل ،معدنه وخواره في انتخابات الرئاسة 277 - -اللغز لم يبق لغزا 281 - -تونس لن تكون العاصمة الخامسة 287 - -سكارى الزبيبة أو التطفل في النظر والعمل 293 - -ثورة الشباب ،استئناف الأمة لدورها التاريخي 302 - -أزمة النخب وشروط الاصلاح للاستئناف 308 - -العنتريات ومحددات التفاوض وظروفه 316 - -ليست نصائح لأحد ،تساؤلات حول الأمانة السياسية 322 - -ما هكذا تورد الابل إلى متى ستظل النهضة \"غفاصة\"؟ 326 - -ثورة المتقاعدين ،أو في الوصاية مصدر البلايا 329 -
- - لا يوجد بلد عربي واحد يمكن للمرء فيه أن يقول \"مات الملك يحيا الملك\" .ما ينبغي أن يقال هو مات ملك مصنوع سابق فمن يا ترى سيكون الملك المصنوع الموالي؟ ومن الصانع؟ هل القديم أو صانع جديد .لست متفائلا بخلاف ما سمعته من أفواه بعض المعلقين في الجزيرة من نخبة تونس وساسييها مثل كلامهم على أن المسار الديموقراطية ليس مهددا. إنه مهدد حقا .وتونس مهددة فعلا .وذلك بصورة واضحة المعالم. فلننظر إلى خارطة القوى السياسية .لم يبق فيها إلا قوتان يمكن أن تحسم احداهما المعركة لصالح مواصلة المسار الديموقراطي والثانية لصالح الثورة المضادة .فتحقيق التوازن المطلوب ليس من جنس ما حاوله السبسي في انتخابات 14لأن هذا لم يبق ضروريا للصف الذي كان يمثله السبسي بل من يحتاج إليه هو صف الثورة .إنه الآن ضرورة لمن كانوا القوة الأولى لما قام السبسي بما قام به .لكنهم الآن مهددون بألا يبقوا قوة لا أولى ولا ثانية ولا حتى ثالثة .وقد تفقد الثورة السلطات الثلاث :الرئاسة والمجلس والقصبة. فيمكن القول إن كل من كانوا يسعون لما لم يحققه السبسي جاءتهم الفرصة لتحقيق ما لاموه على عدم تحقيقه وتفضيله العمل بحكم الصندوق .فسعوا إلى الانفصال عنه واستطاع بوزنه وحنكته الصمود إلى أن جاء أجله .اليوم يمكنهم تحقيق أحلامهم إذا واصل صف الثورة النوم وما أراه إلا نائما إن صدقت ما سمعته من تفاؤل ساذج. اعتقد وآمل أن أكون مخطئا .فنواة الجبهة الجديدة أعلنت عن نفسها حتى قبل وفاة المرحوم .إنها الاتحاد .فبعد السبسي يمكن للاتحاد أن يصبح نواة هذا الحلف التابع للثورة المضادة ولكن باسم الثورة مواصلة للخداع فيجمع من حوله كل الذين يعتبرون الفرصة قد جاءت لتحقيق ما لاموا المرحوم السبسي على عدم تحقيقه. ابو يعرب المرزوقي 1 الأسماء والبيان
- - سيكون هذا الحلف جبهة النكوص دون كل مطالب الثورة خاصة والإقليم وحتى القوى الأجنبية لن يخذلوهم وقد يدفعونهم دفعا لتحقيق ذلك مع مواصلة استعمال ريتوريك الثورة لتنويم الشعب .ودون إطالة فإذا لم تتفق جبهة الثورة أيا كانت حساسيتها السياسية حول نواة صلبة عليهم أن يحددوها فلن يبقى لهم أدنى حظ في التصدي للثورة المضادة. وأكاد أجزم أنـي لم أنتظر هذه اللحظة بل توقعتها ودعوت للاستعداد ولكن بالتعليقات المرة حول الوضع في تونس عامة وفي مواقف حركة النهضة وتفتت صف الأحزاب التي تسمي نفسها ديموقراطية أو حراكية إلخ ...من الأسماء الرنانة. فنحن الآن أمام لحظة بمعيار الخيارات الكبرى .وهي تبدو بصدد الحسم بصورة مماثلة لثلاث لحظات سابقة عاشتها تونس: • لحظة الحسم بين بورقيبة والثعالبي. • ولحظة الحمس بين بورقيبة وابن يوسف. • ولحظة الحسم بين بلاط بورقيبة ومزالي. اللحظة الحالية مماثلها لها ثلاثتها في ما أتوقعه من الحسم .فـمن سيعوض السبسي بمساندة الاتحاد هو الذي سيربح المعركة خاصة إذا تمكن من لحم الشقوق واستعادة وحدة النداء .ومن صدف التاريخ وجود جسر الوصل بين الاتحاد والنظام القديم بمرحلتيه: الرئيس الذي يخلف السبسي في المرحلة الانتقالية. فتكون اللحظة الرابعة الحالية من نفس الطبيعة :قوى النظام القديم بحلف مع الاتحاد تفوت على تونس آخر خياراتـها الكبرى أعني المسار الديموقراطي .ولكن هذه المرة ليس بوصف الاتحاد رديفا للحزب بل العكس إذ هو سيكون القوة للثورة المضادة في تونس بذاته وبمن فيه من اليسار والقوميين والتجمعيين. وإذن فإذا بقيت القوى السياسية التي تؤمن حقا بأهداف الثورة وبأصل كل هذه الأهداف أعني الديموقراطية فالمطلوب منها أن تسارع لتنظم صفوفها على الأقل لتحول دون فقدان الثورة السلط الثلاث في آن. ابو يعرب المرزوقي 2 الأسماء والبيان
- - فالمعركة بينة المعالم ومن لا يراها ليس فاقدا للبصيرة فسحب بل هو فاقد حتى للبصر. وحينها فلنقرأ على المسار الديموقراطي السلام .وما أتوقعه هو حلف جديد بين رئيس الحكومة وكل شقوق النداء مع الجبهة حول الاتحاد قلب الرحى وذلك بالتوافق مع الثورة المضادة والقوى الأجنبية لإعادة النظر في كل ما حصل منذ بداية الثورة. ويخطئ من يتصور أن المستهدف هو النهضة وحدها .فكل قوى الثورة من جميع التيارات مستهدفة خاصة وتشتتها يفقدها الوزن .وكما يعلم الكثير فإني كنت أحلم بل ودعوت إلى الصلح بين البورقيبية والثعالبية فلم أسمع .ودعوت إلى البحث في طرق توحيد الحركات ذات الميول الاجتماعية الديموقراطية مع الحركة الإسلامية التي لم تكن مستهدفة بسبب سياسي بل لعلة عقدية ونمط اجتماعي يراد فرضه سواء بالدخيل أو بالأصيل. لكنـي أعتقد أن الفرصة قد وآمل أن يكون الخطر الداهم والبين على الديموقراطية كافيا للتدارك على الأقل بصفة محدودة للخروج من مرحلة الخطر ثم فليعودوا إلى صدام الحضارات الداخلي الذي هو من الحماقات التي لا تليق بنخب تدعي الديموقراطية والحريات الفردية وحقوق الإنسان. ابو يعرب المرزوقي 3 الأسماء والبيان
- - كتبت أمس على ما أتوقعه وأخشاه على تونس. وبالتدقيق على تواصل المسار الديموقراطي بالأفعال وليس بالأقوال .فكل قطيعة معه ستستعمل الريتوريك المعبرة عنه .لكنها لن تبقي منه شيئا .وما أريد قوله الآن هو التصدي لما توقعته هو المطلوب لأني شبه متأكد من أنه سيحصل وخاصة إذا واصل التونسيون الكذب على أنفسهم فيعتبروا تونس استثناء في الاقليم. وكثرة الكلام على النقلة الهادئة والسلسة في انتقال الحكم سنة 14والآن يقابلهما نقلتان كانتا داميتين: .1النقلة الأولى من خلال الصراع بين البورقيبية واليوسفية. .2والنقلة الثانية هي الثورة سنة .2011-2010 ومن ثم فما حدث هذه المرة لعله كان جنيس 87بنحو ما ربما بعملية ما زلنا نجهل مجرياتها. فنحن إلى الآن لا نعلم ما الذي جرى منذ وعكة الرئيس رحمه إلى وفاته .والسكوت عما جرى وعدم الاهتمام به يبدو لي مدعاة للحيرة خاصة والرهان كان معلوما والمنتظر من دور الرئيس كان مصيريا للكثير من المتنافسين. ما أخشاه هو أن يكون ما يفاخر به التونسيون اليوم بسذاجة كذب على الذات لأنه لا يتماشى مع كل الصراعات التي تعرفها الساحة منذ هروب ابن علي .والارجح أن ما يبدو عاديا حاليا هو كذب تونسي عن النفس ولا يعبر عن حقيقة الوضع. ولعله الهدوء الذي يسبق العاصفة .ولا أريد أن أبالغ في التشاؤم لكني لست واثقا أن الأمور تجري كما يحالون أيهامنا .فالرهان معلوم .فهو محلي وجهوي واقليمي ودولي .وليس لأن لتونس دورا يفوق حجمها الفعلي بل لأن الأمر يتعلق بقضية تتجاوز تونس وهي قضية ابو يعرب المرزوقي 4 الأسماء والبيان
- - شملت المحل والجهة (المغرب) والاقليم (الشرق الإسلامي) والعالم كما يتبين في الحروب الجارية من حولنا وخاصة في سوريا واليمن وحتى في العراق وإيران والسودان. وسأبدأ بالبداية الواجبة :المحلي .من يمكن أن يصدق أن الذين عادوا السبسي وخرجوا عن حزبه لأنه عمل بمنطق الصندوق وقبل التوافق مع النهضة لن ينتهزوا الفرصة للوصول إلى ما اعتبروا السبسي قد كان عائقا دونه؟ يعسر أن يكونوا غافلين عن الفرصة السانحة ويعسر أن يبرئهم الإنسان من انتظارها إن لم يكون قد أسهموا في توفيرها. ولذلك افترضت أن الشقوق ستلتئم وأن الجبهة التي قادها السبسي قد تكون فاقدة حاليا لشخصية وازنة مثله .لكن الاتحاد منظومة وازنة وتستطيع أداء هذا الدور ولن يتورع عن لعبه .وذلك أمر كثير الاحتمال إذا ما قرأنا مراحل تاريخ تونس التي أشرت إليها في محاولة الأمس بذكر التجارب الثلاث السابقة التي حسمت بسند الاتحاد. ويبدو لي أن القوى التي يمكن اعتبارها فعلا مع الثورة وتعمل على تحقيق الانتقال الديموقراطي ليست مستعدة للتكيف مع تغير قواعد اللعبة بعد ذهاب السبسي .وقد ألام على عدم كلامي على الاحتمالات التي مثلت موضوع الهرج والمرج حول تعديل قانون الانتخابات .والعلة أني اعتبر أن رافضيها الفرصة تغنيهم عن ذلك .فإذا حصل ما أتوقعه من جبهة بقيادة الاتحاد والجبهة والتجمعيين فإن معارضي التعديل سينضموا إلى الجبهة. ولن ينشغلوا بدخول المعركة كما كانون ينوون بوصفهم بديلا من الشقوق والجبهة التي يمكن أن يكون لبها الاتحاد للتصدي لما يسمونه الحلف بين النهضة ورئيس الحكومة الذي هو بدروه سيكون له دور في الجبهة بسبب وجوده في الحكم. قد يتوهم الكثير أني أقول هذا خوفا على النهضة .وهذا من سذاجة المحللين لأني لا علاقة لي بها لا قبل ولا بعد ولا خلال مشاركتي معهم على هامش الحكم علما وأنهم هم بدورهم كانوا على هامشه حتى وإن أراد خصومهم تحميلهم “بيلان” الستين سنة الماضية. ذلك أنـي لا أعتقد أن النهضة مستهدفة بمنطق المقابلة بين الحداثي والظلامي التي يلح عليها الإعلام الأجير أو بـمنطق نموذج المجتمع كما يزعمون بل هو بمنطق يتحدد في الإقليم ابو يعرب المرزوقي 5 الأسماء والبيان
- - كله وأساسه الاستجابة لما يجعل اصحاب الجبهة يستفيدون من إرضاء من يسندهم من قوى الثورة المضادة في الاقليم والعالم تمويلا وإعلاما وحتى بالمخابرات التي تصول وتجول في البلاد طولا وعرضا. والمعلوم أن هؤلاء لا يعادون النهضة لأنها نهضة أو لأنها إسلامية أو لأنها تنوي تغيير نمط المجتمع وإلا لكان موقفهم منها قبل الثورة مثله بعدها إذ إن جل قياداتها كانت تعيش بين ضهرانيهم .هم يعادونها لأنهم يعتبرونها القوة الوازنة في صف الثورة على الأقل بالمعنى الذي أرادوا إشاعته بوصفها ليست ثورة بل مؤامرة عالمية اخوانية وليس حركة شعبية لها أصل دافع حقيقي وضع الشعوب السياسي والاجتماعي والثقافي. فإذا كانت القوى الأخرى التي تدعي الديموقراطية والتي تقدم نفسها هي بدورها بديلا من حلف النهضة ورئيس الحكومة لا تصدق الخرافة القائلة إن الثورة مؤامرة دولية اخوانية ويؤمنون بأنها ثورة شعبية حقيقية فمن المفروض أن تتحير على الأقل لمجرد ما أصفه ليس مستبعدا .فالبديل الثاني الذي سيضرب الثورة وليس النهضة وحدها. فإذا بقوا يعملون بنفس قواعد اللعبة التي كانت موجودة قبل وفاة الرئيس وأهملوا التغير الجذري في الساحة بمعنى امكانية حصول الفرضية التي اعتبرها شديدة الاحتمال أعني جبهة جديدة من جنس جبهة الرز بالبندق لتحقق أهداف الثورة المضادة التي في الإقليم والتي تسندها في العالم فهم إذن سيسهمون في ضرب الانتقال وإن بغير قصد. أمر الأن إلى عامل الجهة أو نصف الإقليم أعني المغرب العربي .فأولا كلنا يعلم أن تونس توجد بين بلدين أحدهما دخل في حرب أهلية والثاني لم يستقر وضعه بعد وسبق أن عاش حربا أهلية .وعلة الحرب الأهلية ذات صلة بالثورة المضادة وعدم استقرار الوضع الجزائري كذلك ومن ثم فكل شيء يكاد ينطق بأن الداخل سيجد تأييدا كبيرا في الجهة. فليبيا تبحث عن الاستقرار ولو بالصلح مع حفتر .وفرنسا تتدخل فيها .والثورة المضادة المصرية والخليجية كذلك .وهم طبعا يستدفون تونس والجزائر التي تسعى للخروج من ابو يعرب المرزوقي 6 الأسماء والبيان
- - أزمتها وتتمنى ألا تبقى تونس في وضع هش وتتمنى قياداتها أن تتجنب ما تطلبه النخبة التي تعتبر الثورة مؤامرة استعمارية واخوانية. وإذا كانت ليبيا والجزائر تبحثان عن الاستقرار وليس لهما مشكل وجود النظام السياسي الوراثي كما في الثورة المضادة الاقليمي في المشرق الإسلامي فإن الإقليم يضيف إلى العاملين الجهوي والمحلي عاملا ثالثا للعمل كل ما يستطيعون لإخراج تونس عن مسارها الديموقراطي بكل الوسائل وخاصة بالمال والإعلام والاستعلام. ولهذه العلة اعتبرت أن من كانوا يخافون من تعديل القانون الانتخابي لم يعد يعنيهم حتى لو نشر واستعمل .ذلك أن تكوين الجبهة التي وصفت بقيادة الاتحاد يغنيهم عن الدخول المباشر في المعركة بديلا ثالثا كما كانوا ينوون قبل وفاة السبسي ولن تمانع هذه الجبة بإعطائهم سهما من الغنيمة .فيكون جميعا معا لتحقيق البديل الجامع والخامس إذا ظل من ينتسبون إلى صف الثورة بالتشتت الحالي. وحتى لو استفاقوا وتوحدوا فإنهم لن يستطيعوا الحصول على الأغلبية .ومن ثم فسيخسرون على الأقل اثنتين من السلطات .ولن يبقى لهم إلا ما يشبه الثلث المعطل في المجلس لأن الأغلبية في هذه الحالة مستحيلة .ذلك أن مجموعهم حتى لو حافظت النهضة على قوتها السابقة -وهو ما لا أتوقعه بل علي أتوقع الأسواء-لن تكون كافية للحصول على غالبية المجلس أو الرئاسة أو القصبة. سيقال لي :إذن ما الفائدة من كل هذا الكلام؟ إذا كانت المعركة مخسورة سواء اتحدوا أو لم يتحدوا فما منفعة ما تدعو إليه؟ المنفعة كبيرة وكبيرة جدا .ذلك أن الجبهة المتوقعة بقيادة الاتحاد لما تحصل على الأغلبية لا تجهل أن الجيش الوطني والأمن لن يسمح لها بالانقلاب الواضح على الدستور .لذلك فستحاول المناورة لتغييره بأحد الشكلين الممكنين دستوريا. ابو يعرب المرزوقي 7 الأسماء والبيان
- - فإذا لم تستطع تغييره بالأغلبية الدستورية للتحوير أي بشروط التغيير التي يقرها الدستور فستلجأ إلى الاستفتاء .وإذا بقيت القوى السياسية المؤمنة بالديموقراطية وبقيم الثورة مفتتة وتتناحر في ما بينها فإنـهم سيجعلون المعركة وكأنها ضد مؤامرة استعمارية اخوانية فيربحون الرهان في الحالتين. فالتفتت في الانتخابات سيجعل المعارضة شديدة الضعف وقد يمر التعديل في المجلس وإذا منعته في المجلس فلن تستطيع منعه في الاستفتاء لأنها لن تكون لها القوة الكافية لربحه إذ هو سيكون عاكسا للرئاسيات والنيابيات .وبعدها يقع التخلي عن كل ما جاءت به الثورة. فيحصل ما تطلبه الثورة المضادة في الداخل وفي الجهة وفي الإقليم وفي العالم الذي يريد أنهاء اللعبة لأجل محمياته. وسأكتفي بهذا في ما يخص المستوى الأخير أي المستوى العالمي .فلا حاجة للإطالة فيه إذ يكفي أن نرى دور فرنسا في ليبيا وما تحاوله في الجزائر وما نراه بأم العين في تونس وما نراه في مصر وفي الخليج وفي السودان إلخ. ابو يعرب المرزوقي 8 الأسماء والبيان
- - قرأت اليوم بالصدفة مقالا لسفيان بن فرحات -الذي اعتبره من أعمق صحافيينا ثقافة- مقالة في حذق السبسي لفن الانتقام يبدو في ظاهره مدح للرجل وهو في الحقيقة هجاء لا مثيل له في لحظات حياته السياسية والعضوية التي لا تبعد كثيرا عن غايتها .فعجبت وتساءلت هل كان ذلك بقصد أم سهوا؟ فرهان الفلورنسيين إذا تجاوزنا حذق المناورة السياسة وعيرناه بأمير ماكيافال أستاذ امرائها علمنا أنه يتعلق بأمرين يخلو منهما فكر السبسي تماما في مناوراته .فشتان: .1بين اسرة الميديسيس التي تريد توحيد إيطاليا ويرشحها ماكيافال لاستعادة الجمهورية الرومانية. .2وبين قزم همه مطالب أسرة لا علاقة لها بأي هدف سياسي سام لا لتونس ولا لغيرها. وجه الشبه في المناورة من دون ما لأجله يناور ا لسياسي يعني الاهتمام ب َصغار عوامل التاريخ الصغير وليس بما ورائه من جليل الأمور .ففي الرذائل جل البشر متشابهون إذ كما يقول هيجل فخادم الغرفة لا يفهم معنى البطولة لأنه يرى العادي من حياة البطل ولا يرى ما وراء هذا العادي من لا عادي :اهداف التاريخ الكبير لا وجود لها في مناورات السبسي لأن الانتقال هو لشخصه وليس من أجل قضية تتعلق بما يعظم في عين العظام. ويتأكد ذلك لما نمر إلى القياس على \"عيافة\" الجنرال دوجول لسلوك من كان \"يتصورهم أبطالا مثله\" لأنهم شاركوه في اخراج فرنسا من الهزيمة ومن منطق فيشي .فهنا أيضا يمكن ان نجد وجه شبه بين الإنساني الأدنى في الشعور بالعيافة عند الرجلين .لكن لا وجود لشبه بين عيفوا ولا من عافوا ولا ما لأجله حصل الشعور المستبشع للسلوك من الكبار للصغار بمنطق المجد التاريخي للرجال التاريخيين .فعلاقة قزم بأقزام لا تقبل المقارنة بعلاقة بطل بأبطال. ابو يعرب المرزوقي 9 الأسماء والبيان
- - وأصل إلى بيت القصيد :هل كان سفيان واعيا بأنه يهجو إذ يبدو مادحا وأنه في المقابل يمدح خصوم السبسي إذ يبدو هاجيا في مسألة الانتقام؟ هل يعلم السبسي أنه يستجيب لأحوال نفسه المريضة ويعرض تونس إلى أخطار قد تفوق ما عرضتها إليه نهاية بورقيبة المريضة وحتى نهاية ابن علي الدرامية؟ فموقف الجنرال دو جول من الجيش الفرنسي في الجزائر لم يكن بسبب ما يعاني منه شعور إزاء خصومه بل لأنه قدر أن الجزائر لو صارت فرنسية لكانت فرنسا هي التي ستصبح جزائرية بدليل قوله :هل تريدون مدينتي التي تسمي صاحبة الكنيستين أن تصبح صاحبة المسجدين؟ لم يكن ما فعله دوجول رد فعل بـ\"حال نفس\" بل كان فعلا استراتيجيا يحافظ على هوية فرنسا وعظمتها وليس رد فعل ينتقم ممن لم يريدوا أن يجعلوا فرنسا لعبة لابنه واسرته مثل السبسي .ذلك ما لم يقله سفيان وما أظنه يجهله .ونأتي إذن إلى مشكل هذا المقال الذي كتبه سفيان بلغة تستمد مجدها من عظام أهلها وإلا لما استعملها سفيان وهو يجيد العربية :التاريخ الصغير الذي ينسينا التاريخ الكبير هجاء وليس مدحا .ولست بحاجة للتذكير ببيتي المتنبي حول قدر العزم. وقد اكتفيت بالكلام على الرهانات الدنيوية لأني لا اعتقد أنه يحق لي أن افترض مشاركة الأخ سفيان لي في الاعتقاد بأن للدنيا ما وراء .لكن ثقافتنا توجب دائما أن نتصور أن الإنسان في سن السبسي مهما كانت عقيدته يفكر في المجدين الآخرين: .1السمعة الطيبة بعد الوفاة في الدنيا. .2وربما تجنب غرق شعبه في الفوضى إذا آمن بملاقاة ربه. وأخيرا وبصرف النظر عن موقف سفيان وقصده فإني أفهم أنه يفهم ضرورة ألا يصبح التشابه السطحي مدعاة للخلط بين وجوه الشبة بين أحوال النفوس في ما هو \"إنساني بلا حد في الضعف الدنايا\" بالمعنى النيتشوي الذي قد تشترك في كل أحوال النفوس إذا أخذناها معيارا لعظائم الأمور .وبين أنه ليس في سلوك السبسي شيء منها إطلاقا فهو قزم ابو يعرب المرزوقي 10 الأسماء والبيان
- - عضويا وروحيا نأمل أن ينجي الله تونس من أفاعليه وخاصة من اعتماده على المافية الثانية في البلاد أعني الاتحاد الذي هو أفسد من مافية ابن علي وشريكها في مآل تونس الحالية. ابو يعرب المرزوقي 11 الأسماء والبيان
\"- - كتبت سابقا محاولة في تصنيف النخب معتمدا ما ينسبه المتكلمون من صفات ذاتية للذات الإلهية أعني الإرادة والعلم والقدرة والحياة والوجود وللإنسان منها نصيب.وكان التصنيف بمبدأين :كل إنسان له شيء من هذه الصفات مع غلبة واحدة منها عليه .فتكون الحصلية خمسة أنواع من النخب .ثم نسبت إليهم تميزا بحسب الصفة الغالبة عليهم. فاعتبرت من تغلب عليهم صفة الإرادة ذوي ميل إلى السياسة ومن تغلب عليهم صفة العلم ذوي ميل إلى المعرفة ومن تغلب عليهم صفة القدرة ذوي ميل إلى الإبداع الاقتصادي والثقافي ومن تغلب عليهم صفة الحياة ذوي ميل إلى الإبداع الذوقي والجمالي ومن تغلب عليهم صفة الوجود ذوي ميل إلى الرؤى الدينية والفلسفية. ثم استنتجت من ذلك أن هذه النخب إذا كانت بحق مسماها مطابقا لاسمها فإنها تكون نخبا حقيقية وبفضلها تتكون الأمم العظائم .لكن الأمم التي لا يكون لنخبها من ذلك إلا الاسم فهي أمم الصغائر. واليوم خلال انتظاري ابني الأصغر في احدى مقاهي تونس-العاصمة-سمعت أشياء جعلتني أفكر في تصنيف هذا النوع الثاني. وما حصل كان فعلا مفاجأة لي. لم أكن محتاجا إلا لمعرفة طبيعة التمثيل لهذه النخب بهذه بأضداد هذه الصفات عند ترجمتها بطبيعة الميول الزائفة التي لا يطابق اسمها مسماها والتي تعوض الميول التي يطابق اسمها مسماها بمعنى أن كل نوع من النخب في كل المجتمعات له وجود فعلي وله نسخة منحطة تمثل بالصغائر ظاهر الوجود. وكنت قد بينت أن القدرة من حيث هي فاعلية هي خلق وإبداع سواء كانت اقتصادية أو ثقافية ولها كيانيا وتقنيا صفتان تتقدمان عليها هما الميل إلى العلم والميل إلى الإرادة ابو يعرب المرزوقي 12 الأسماء والبيان
\"- - وصفتان خلقيتان تتلوانها هما ذوق الحياة وجلال الوجود .فكان يكفي أن أبحث عن النخب التي تمثل ظاهر هذه القيم الخمس لأنها ضديدة لحقيقة هذه النخب. وسأكتفي باقتراح نماذج هذه الشبائه كما استقرأتها مما سمعته من كلام خلال هذا الانتظار الذي دام ما يقرب من ساعتين لم أجد مفرا من البقاء خلاله في المقهى هربا من حرارة المناخ وانشدادا لما كنت أسمع أطرافه من أحاديث كانت مناسبة التفكير في الأمر من خلال نموذج تونسي لا يخلو منه بلد عربي. ولست أستبعد كونية هذه النسخ المسائخ التي تكثر في بلاد العرب التي تدعي الحداثة والتقدم ولعلها توجد في كل بلد فيه الشروط التي تجعل مثل هذه الظاهرة تسود الحياة الجماعية .فشبائه هذه الأنواع الخمسة تتميز بكون تمثيلها لما تشوهه بمحاولة تمرير ظاهر منه على أنه هو ليس إلا ظن الأقوال كافية لتعويض الافعال. فيكون من إرادته لا تتجاوز القول ذا ميل لزائف السياسي دون فعل ومن كان علمه لا يتجاوز ا لقول ذا ميل لزائف المعرفة ومن كانت قدرته لا تتجاوز القول ذا ميل لوهمي لإبداع الاقتصادي والثقافي ومن كانت حياته لا تتجاوز الاقوال ذا ميل لزائف الذوق وأخيرا فمن وجوده يقتصر على الاقوال دون أفعال يصدق على الجلال عنده قول المتنبي \"وتعظم في عين الصغير الصغائر\" .ويكفي ان بماذا يتفاخر العرب في ما بينهم وبماذا يتنابزون في اعلامهم. ويمكن الآن تعيين النخب التي تمثل النظائر المسيخة من الأصول الصريحة (من الصراح وليس من الصراحة) .وهو القصد بالبزناسة وتصنفيهم بقيم النخاسة. .1فأصحاب القدرة التي هي القلب والفعلي منها هم أصحاب الإبداع الاقتصادي والثقافي الذي يولي أهمية كبرى للسياحة التي هي اقتصاد زائف وثقافة زائفة لا تحرر أصحابها بل هي تحول الجماعة إلى تجار صناعات بدائية وجنس. .2وطبعا فشرطها ليس المعرفة والسياسة الفعليتان كما في القدرة الفعلية بل العلم الزائف وارادة \"العنتريات\" .وما أظن أحدا يشك في أن ذلك هو الغالب على ثقافة البلاد التي ابو يعرب المرزوقي 13 الأسماء والبيان
\"- - القدرة فيها هي السياحة التي هي هذا المسخ من القدرة المحررة لأنها بالتدريج تحول نخب البلاد إلى بزناسة في الخردة والجنس بإيديولوجيا تسمي ذلك حداثة وتقدما. .3وذلك هو شرطها التقني بمعنى أنك في غنى عن علم معرفة حقيقين وفي غنى إرادة وسياسية حقيقيتين لأن القدرة التي تنتج عنهما هي بيع الهواء والكلام حول الخردة والجنس وجعل الجماعة خدما للسواح بوصف ذلك من علامات الحداثة والتقدم خاصة إذا صار جل الشباب \"بزناس\" في خدمة \"الضيوف\" ومحاكيا لعاداتهم. .4ونأتي الآن إلى الشروط الخلقي :لن تحتاج هذه القدرة بهذا العلم والمعرفة وبهذه الإرادة والسياسة لذوق حقيقي ولوجود جليل بل سيكون الذوق محددا سلفا لأنه الذوق الذي يتحول إلى دعاية للخردة والجنس مادة السياحة ويسمونه فنونا والوجود الجليل يتحول إلى وجود ذليل مناه الاقصى إرضاء السائح الحريف. .5رأينا النسخ المسيخة من أصحاب القدرة ومن أصحاب العلم ومن أصحاب الإرادة أي أصحاب السياحة واصحاب العلم الزائف أو المثقفون والمثقفات والسياسيون والسياسيات. فمن يا ترى يكون النوعين الآخرين؟ نهم الفنانون والفنانات وأداتا الجميع وهما صنفان في شكلين يدعيان تمثيل الجماعة ضميرا سياسا وحقوقيا. وبهما أختم تصنيفي .فقسمهم الأول-وقد قيمه نيتشة قبلي-هو الإعلاميون والنوع الثاني أيضا قيمه نيتشه ولكن بسندهم الرؤيوي أعني حقوقيات الديموقراطية المستوردة والمفرض شكلها الموزي وأقصد \"بزناسة\" ما يسمى بالمجتمع المدني الذي تموله مخابرات الأسياد لما وصفت وضعهم اي من لم يبقوا عباد الله بل صاروا عبيد العباد.. آمل أن يكون وصفي مطابقا لظاهرة هي من أعراض المرض الذي تعاني منه الأمم التابعة وفاقدة السيادة وليست من علله .فعلله هي ما يجعل مثل هذا الظاهرات تطغى على مجتمعاتنا فيصبح كل شيء اسماء بلا مسميات فتشعر وكأن هذه النخب الزائفة حولت كيان الإنسان تربية وحكما إلى كيان أجوف يغلب عليه \"الباراتر\" من دون \"آتر\". ابو يعرب المرزوقي 14 الأسماء والبيان
\"- - فـ\"الباراتر\" أي ظاهر الوجود الذي يعوض \"الآتر\" أي حقيقة الوجود هو الذي يعيشه نخب العرب على أنها حداثة وهو قشورها التي قد تصنع فترينات كان فضل الثورة أنها كسرت بلورها فأفقدتها بريقها وأظهرت ما كانت تخفيه بماكياج بدائل زائفة من الإرادة والعلم والقدرة والحياة والوجود فتعظم في عين الصغير الصغائر. ابو يعرب المرزوقي 15 الأسماء والبيان
- - سيقول \"خبراء السياسة\" والساسة المحنكون وما أكثرهم في تونس بلد أمراء \"الحرب السياسية\" التي كل حزب فيها يرأسه زعيم يعتبر نفسه ولد للرئاسة ولا شيء دونها :ما دخل أبي يعرب في الكلام على ما يجري حاليا في تونس والأمور تبدو محسومة ومخطط لها بدليل ترشح الشيخ للنيابية؟ حسن :ما رأي السائل بأن التدخل علته بالذات هذا الحسم المزعوم لأني أشعر حدسيا ربما لأن السياسة لم تسطير علي إلى حد فقدان البصيرة بأن الحسابات التي ترتب عليها هذا الترشح لم يبق لها أدنى وجود بعد ضم موت السبسي العضوي إلى موته السياسي وهي إذن كلها بحاجة إلى إعادة نظر جذرية لأن قواعد اللعبة كلها تغيرت؟ فقد فهم الجميع-ولست وحدي -أن هذا الترشح يعني أمرين: .1يأس الشيخ من الترشح للرئاسية. .2توافق على قسمة من جنس قسمة الترويكا المعكوسة-يعني لم يعد للنهضة فيها دور رئيس الجوقة -لقربها من قسمة .2014 كان حزب رئيس الحكومة سيكون له في ترويكا جديدة المنزلة التي كانت لنداء تونس إلا سلطة من الثلاث التي حصل عليها النداء في عهدة السبسي أي سلطتان لـ\"تحيا تونس\" وابقاء واحدة رمزية هي رئاسة المجلس للنهضة. وهي رمزية لأن رئيس المجلس ليس له سلطة بل السلطة هي للمجلس ولا تكون السلطتان الأخريان خالصتين للشاهد من دون حيازة الأغلبية فيه .ومن ثم فالترشح لرئاسة المجلس اعتراف مسبق بالهزيمة في النيابية فضلا عن اليأس من الرئاسية. ابو يعرب المرزوقي 16 الأسماء والبيان
- - وحتى هذا التوافق فإنه لم يعد ممكنا .فقد لا يحصل رئيس الحكومة على شيء من السلطتين الأخريين .ومن ثم فالتوافق أصبح فاقدا لكل معنـى .وإذا لم يعد الحساب من جديد فإن الدخول في الانتخابات على أساسه يكون خطأ سياسيا فادحا. فما هي إذن قواعد اللعبة الجديدة؟ ما نسمعه من مناشدات يمكن أن تكون من علاماتها. شخصيا عرفت الدكتور الزبيدي خلال مشاركتي في حكومة الثورة الأولى بوصفي وزيرا مستشارا ولم أر منه ما يمكن أن يشكك في وطنيته واخلاصه وصدقه :وأذكر أنه مع قائد الجيش عارضا فكرة مقترحة من أمريكا لتكوين معهد تكوين عسكري في تونس .فاعتبرت ذلك دليلا على وطنية الرجلين وتكذيبا لدعوى تعليل عدم تدخل الجيش ضد الثورة كان بأمر أمريكي. لكن هل المناشدون يناشدون الدكتور الزبيدي لهذه الخصال أم لعلتين أخريين يمثلان علامة على موقفين غير بريئين: .1إما على خوف من مجهول التجربة الديموقراطية. .2أو عن انتهازية التموقع بالانضمام إلى صف يضمن البقاء السياسي؟ وأفهم جيدا من يخافون من المجهول بسبب هشاشة التمشي إلى الديموقراطية تحت سيف ديموقليس الذي يسلطه البنك الدولي والطمع الذي يغري به أصحاب الثورة المضادة الأحزاب الفقاعية التي هي أصول تجارية لا علاقة لها بالحرص على مستقبل تونس أو مستقبل الديموقراطية .إنه خوف مشروع واعترف أن لي منه شيئا. لكن عيب حل الموقف الاول هو أن الاطمئنان فيه مبني على مغالطة :هل المطمئن هو شخص الزبيدي وخصاله الخلقية أم كونه وزير الدفاع؟ وهل كونه وزير الدفاع بحد ذاته يمكن أن يكون مطمئنا إذا لم يكن ضميره حلا وسطا بين آمال من كانوا ينادون بالبيان رقم 1وبين العسكرة الزاحفة بالتدريج؟ كيف نحدد طبيعة الدوافع في مناشدة المناشدين؟ ابو يعرب المرزوقي 17 الأسماء والبيان
- - وبقدر أقل هل من يعتقد أن الشاهد ما يزال له حظ في الرئاسية لو ترشح يبنون ذلك على كونه رئيس الحكومة أم على خصال سياسية يجدونها في الرجل؟ لن اجزم بشيء لأني لا أعرف الرجل ولا أريد أن أظلمه رغم أن نتائج الحكم التي كان مشرفا عليها كارثية في جميع المستويات ومن جميع الوجوه. فإذا كان الاعتقاد مبنيا على \"كونه رئيسا للحكومة\" فهو لن يبقى إلا إذا نجح حزبه في الحصول على الأغلبية وهو مستبعد جدا جدا بعد تغير قواعد اللعبة لأن موت السبسي العضوي ألغى موته السياسي فأحياه سياسيا فضلا عن الـحلقة الـمفرغة الواصلة بين النجاحين :فكلاهما شرط الثاني .فهو لن يبقى رئيس حكومة أو لن يصبح رئيس دولة إن ترشح لها إلا إذا افترضنا أنه سينجح في الرئاسة وأن حزبه سينجح الأول في الانتخابات ولن ينجح في الانتخابات إلا إذا غلب افتراض أنه سيكونه رئيس حكومة أو رئيس دولة. وطبعا مثل هذا الكلام لا يقبله المحللون في السياسة لأنهم يعتبرونه إدخالا للمنطق في السياسة وهو \"تفلفس\" بلغتهم التحقيرية من التحليل المبني على المنطق .فالسياسة عندهم سلسلة من الصدف لا منطق لها عدى ما يسمونه الاكراهات .ولا يعلمون أن جل الاكراهات هي نتيجة غياب الرؤية المبنية على التحليل لمنطق .فصحيح أن وفاة السبسي لا يمكن تعليلها بأي منطق إذا كانت عضوية رغم أن سنه كان ينبغي أن يضعها في الحسبان عند التخطيط السياسي .لكنـها حتى في غياب هذا الشرط يوجد ما يقبل التعليل المنطقي في وفاته: .1فهل وفاته بمعزل عما يجري أم هي ذات صلة فمن يدري فقد تكون غير طبيعية رغم أنها عضوية بل بفعل فاعل؟ .2وهل كان حيا سياسيا قبل وفاته أم هو قد قتل سياسيا بما لا يختلف عن الفرضية الأولى أي بفعل فاعل؟ فلو كان السبسي ما يزال حيا سياسيا هل كان التوافق البديل بين النهضة والشاهد الذي حدد قواعد اللعبة في الاستعداد للانتخابات يكون ممكنا؟ ابو يعرب المرزوقي 18 الأسماء والبيان
- - أليس شرطه أن يكون السبسي قد دفن سياسيا حتى لو كان ما يزال حيا عضويا؟ ألا يعتبر موته العضوي هو الشرارة التي قد تغير اللعبة جذريا لأنها بعثته سياسيا سواء كان طبيعيا أو بفعل فاعل-إذا صدقنا قصة التسمم :هذا المحدد لما سيجري؟ كتبت هذا الكلام لأني فعلا أتوقع ما لا تحمد عقباه خاصة والتفتت في القوى السياسية مرعب لكأن البلاد تدخل حربا بمنطق المليشيات \"وأمراء الحرب السياسية\" الذين نراهم في كل الحركات التي تدعي المقاومة باسم ثورة الربيع العربي كما في سوريا وليبيا .لم أر إلى الآن صفا واحدا يعمل السياسة باسم الثورة. فأدعياء الديموقراطية وأدعياء العلمانية وأدعياء الإسلامية وأدعياء القومية وأدعياء اليسارية كلهم يعتبرون المعركة بينهم مقدمة على المعركة بين الثورة والثورة المضادة. وإذن فكلهم أصحاب \"أصول تجارية\" وكلهم أمراء حرب سياسية ولا علاقة لهم بصف يؤمن بثورة حدثت ولم تحقق شيئا من قيمها وبأنها مهددة وجوديا. ولست بحاجة إلى الاستدلال بل يكفي أمثلة :كم من مترشح للرئاسة؟ وكم من قائمة للنيابة؟ وكل من زعيم هو في الحقيقة \"أمير حرب سياسية\" حول الكراسي في المجلس المتوقع أو في الحكومة المتوقعة لكأن الديموقراطية التي يدعيها الجميع استقرت ولم يبق إلا التنافس على المراكز في الفعل السياسي العادي دون اعتبار للظرفية الخاصة. وأخيرا فإني اعترف لخبراء التحليل السياسي ولجهابذة السياسة عن جهلي بمناوراتها خاصة إذا كانت تكتيكا دون استراتيجية أو بمنطق \"دعها حتى تقع” .فإذا وقعت الواقعة فإنها ستكون صاعقة :والواقعة هي أن ما سيحدث سيكون زلزالا بعد الانتخابات أيا كانت نتائجها لأن كل ما حصل إلى حد الآن سيقتلع من جذوره :سيغير الدستور حتما. وهو دستور كنت ضده من البداية لأنه لا يصلح لتونس وليس دستورا بل هو أحلام مراهقين ليسوا دارين بمعنى الدستور من حيث هو أداة عمل الدولة وليس مجرد تعبير عن قيم دون أن يخلو منه .لكن التغيير الذي يجعله صالحا لتونس لن يكون من أجل هذا الصلاح بل هو سيكون نكوصا إلى ما يظنه من يحاربون الثورة قد كان موجودا لظنهم أنها ابو يعرب المرزوقي 19 الأسماء والبيان
- - مؤامرة غربية بأيد اخوانية .وهذه هي إيديولوجية القوى التي عملت كل ما تستطيع لإفشال التجربة كلها. وبهذا المعنى فأيا كان المرشح للرئاسة وأيا كان من سينجح فإن قواعد اللعبة ستتغير جذريا .ذلك أن تفتت حزب السبسي وعدم تركز حزب الشاهد والاجماع شبه التام بين الجميع على خوض معركة ضد الإسلام السياسي بتمويل خليجي وتشجيع فرنسي هو الذي سيحدد قواعد اللعبة القادمة وآمل أن أكون مخطئا. وأخيرا خوض الانتخابات الحالية بقواعد اللعبة السابقة قبل وفاة السبسي سواء كانت طبيعية أو بفعل فاعل ليس دليل فهم سياسي سليم رغم أني اعترف للجهابذة بأني لست سياسيا متمرسا مثلهم .لكنهم لا يستطيعون تفسير حمى الـ 15000مرشح وما يقرب من ألف قائمة وكثرة \"أمراء الحرب السياسية\" الذين يتوهمون الأهلية لرئاسة تونس. كل من هب ودب أصبح يعتبر نفسه كفؤا لسياسة الوطن حتى ولو لم يمر بأي تجربة سياسية حتى في تسيير أسرهم أو دشرهم أو بلدياتهم أو أي خبرة في الأعمال أو في الإبداع الفكري أو الفني او الرياضي.. ابو يعرب المرزوقي 20 الأسماء والبيان
- - هل يمكن أن يجهل بعض المترشحين للرئاسيات شروط النجاح فيها؟ لا أصدق أن السياسي مهما كان متدني المستوى يمكن أن يغامر بسمعته فيخوض مغامرة خاسرة إلا إذا كان في بداية حياته طلبا لمنصة للانطلاق في حياته السياسية وكان له وراءه \"مكينة\" الفاعلية السياسية أي حزب كبير أو مساعدة كبرى غالبا ما تكون مقابل عمالة. في هذه التغريدة التي أبدا بها بحثا عقلانيا لتحديد حظوظ المترشحين وضعت ثلاثة معايير أريد استعمالها لتقييم حظوظ الأسماء التي يتردد اسمها في قائمة الساعين إلى الترشح .وابدأ بالمعيار الأخير ليسر الحسم فيه :ورغم أني لا يمكن أن اسمي أحدا من المنتسبين إلى هؤلاء لأني لا اعتقد أنهم مجهولون من المتابعين للشأن العام اعتقد أن حظوظهم لا تكاد تذكر. ولست أقول ذلك لأني متأكد من أن القاعدة الانتخابية بلغ عامة الناس فيها درجة من الوعي يمكن أن يستعمل هذا المعيار لاستبعادهم نظرا لفاعلية اغراء المال الفاسد الذي سيأتي مدرارا .لكني أعتقد أن من جندوا للعمالة ينقصهم بريق زعامة أو \"وهرة\" ذات جاذبية لأن شراء الضمائر لا يضمن تطبيق الوعد أمام الصندوق. الملاحظة الوحيدة التي سأقولها هي الخوف من أن من قد نستبعد أن يكون دمية المافيات لعله فعلا في هذا الوضع لأنه يتخفى وراء هؤلاء الكمبارس للتلهية حتى يمرروا من لا يمكن التفطن إليه :من منا كان يعلم أو يدور بخلده أن السبسي اختاره الشابي مع أحد زعماء المافية مع سنده أو المسؤول الكبير بشهادة كاتب الدولة للداخلية لديه؟ ابو يعرب المرزوقي 21 الأسماء والبيان
- - أمر الآن إلى المعيار الثاني .فالشاب الذي يبحث عن منصة الانطلاق وهو في إحدى حالتين: .1إما له مكينة كما حدث مع ماكرون .2أو ليس له مكينة كما حدث منافسه في فرنسا وهو ألف مرة أفضل منه .والنتيجة بينت أن المكينة والسند المالي -وهو في فرنسا داخلي لأن الرجل صهر آل روتشيلد -هما المحددان حتى للإعلام والدعاية دون شراء الضمائر .وبالمناسبة إذا كان هو قد استعمل عبارة \"انسولونس جيفينيل\" يستحق أن نتكلم على فهلوته بـ \"مكيافيلية باللعب على السنيل\". ولا أرى في تونس اليوم مثل هذا النوع علما وأن النوع الأول بمقتضى هذا المعيار عبث في عبث في تونس حتى لو نجح وهو عندي من رابع المستحيلات .لكن لنفرض أن \"الديجو\" (عيفة الطبقة السياسية) تمكن سعيد من النجاح .فستكون مهزلة لأن الرئيس من أصله لا سلطان له ناهيك عمن سينزع منه حتى ما له. وبهذا المعيار حذفت 99في المائة من الطامحين الذين ليس له أدنى حظ في الفوز .وستكون جهدهم مشكورا في أفشال الثورة واثقال اللعبة لأن هؤلاء الطامحين لو كانوا حقا يؤمنون بما يقولون ولا ينطبق عليهم \"مقت الله لأنهم لا يعملون ما يقولون\" لفضلوا خدمة الثورة لا استخدامها ولأسهموا في اختيار مرشح واحد يعملون ما يستطيعون لإنجاحه أو على الأقل للنجاح في الحصول على إحدى السلطات الثلاث في النظام الهجين. بقي الواحد في المائة وهم نوعان: .1من جربوا حظهم سابقا في الحكم مع الترويكا .فهؤلاء حكم الشعب فيهم معلوم بأنهم -حتى بدون ذنب منهم -رمز الفشل. .2ومن لم يجربوا قد يكون لهم بعض الحظ إن حصل حولهم أجماع أحد الصفين صف الثورة أوصف الثورة المضادة. وقد استعملت القسمة الأفلاطونية وشجرة فرفريوس: ابو يعرب المرزوقي 22 الأسماء والبيان
- - .1فالذين جربوا حظهم نصحتم بعدم تكرار التجربة لأن الشعب -حتى بكثير من الظلم- صار يعتبرهم عنوان الفشل السياسي .وقد نصحتهم بخدمة الثورة ومساعدة الشباب بدلا من تعريض أنفسهم لفضيحة لا تليق بمقامهم لأن نجاحهم مستحيل حسب رأيي المتواضع. وأختم بسرعة: .2والذين لم يجربوا حظهم سابقا إذا كانوا ممن لهم بصمة وجود في الحقل السياسي ولم تلصق بهم تهمة الفشل السياسي وهم نوعان. • من كان من النظام القديم • ومن كان من معارضته .فمن كان من معارضته لن ينجح لأن الشرط شبه مستحيل عند النظر إلى ساحة الأحزاب فاتحاد معارضات النظام القديم كلها ومعها كل من يؤمن بالثورة مستحيل. وإذن فالنتيجة محسومة لصالح من يجمع عليه أتباع النظام القديم .ومرة أخرى آمل أن يكون حسابي خاطئا. ابو يعرب المرزوقي 23 الأسماء والبيان
- - ظرفية تونس الحالية توجب الكلام في معنى \"المرشح التوافقي\" لرئاسة الدولة وفي دلالة مفهوم التوافق معيارا لاختيار أحد المرشحين من القوى السياسية التي ستتوافق على تزكيته للترشح أولا ولضمان نجاحه بقدر من الشرعية يجعله يعبر عن هذا التوافق تعبيرا هو \"مدى شرعيته\" التي بمقتضاها سيؤدي واجبه من حيث هو رئيس يؤدي وظيفته في رعاية أمن البلاد وسيادتها. وسأبدأ بالمعنى السلبي للتوافقية التي اعتبرت معيار الاختيار لأن القصد بها توافق بين حزبين هما النهضة وبقايا حزب النداء أو ما تفرع عنه بعد تفتته .فهي أولا تنفي أن تكون العلاقة مباشرة بين من سيكون رئيسا والشعب بل تجعل القوى السياسية النافذة وصية عليه تختار له ما عليه أن يختاره .وهذا يسمى في فقه السياسة حكم الأحزاب وليس حكم الشعب حتى وإن لم أشكك في أن الأحزاب منه .وهو تصور غير مقبول حتى في الشأن السياسي وحده ناهيك عن الرهانات التي تواجه البلاد وهي أعمق من السياسي العادي. لذلك فالأخطر هو غياب معايير التوافق وخاصة موضوعه بل وعدم الكلام فيه باعتباره مسألة تهم الشعب ليفهم طبيعة التحديات التي ينبغي علاجها .فإذا أخذناه كما يتجلى في تونس في حديه الأقصيين هذين فهو ذو دلالة متقابلة تمام التقابل ولا يتعلق بالسياسة في بلد متحد الهوية بل هو يتعلق بمعركة هوية فيجعل التوافق حول ما يضمن عدم تحول الصدام الحضاري في الجماعة إلى حرب أهلية. فهل يوجد هذا الشخص الذي يضمن ذلك؟ هل السبسي مثلا كان ضامنا له ضمانا يحقق فعلا تجاوز صدام الحضارات الذي بدأ منذ انشقاق بورقيبة على الثعالبي انشقاقا لعله كان في البداية متعلقا بالمنهج السياسي في التعامل مع الحامي -تونس محمية كانت وهي لا تزال-لكنه صار في الأخير صداما حضاريا ابو يعرب المرزوقي 24 الأسماء والبيان
- - داخليا بسبب ما سنرى من مليشة أجهزة الدولة حتى لو بقي الجيش الوطني بمعزل عنها لعلل ليس هذا محل البحث فيها رغم أني بدأت أخشى من أن يصبح من أجندات هذه الحلول المرتجلة؟ والصدام الحضاري الداخلي الذي علامته النزعة الاستئصالية باستعمال قوة الدولة ضد ثقافة المجتمع أي مواصلة الاستعمار بأيد من أبناء الشعب وهم في الغالب أدعياء التحديث العلماني سواء كان ليبراليا او ماركسيا باستعمال أدوات شوكة الدولة أي الاستعلامات والأمن والجيش والإدارة ضد ثقافة الشعب. وكان الغالب في تاريخ المسلمين الحديث قد بدأ بتبني فكرتين :الدولة \"القومية\" و\"العلمانية\" .ولعل النموذج التطبيقي قد بدأ مع أتاتورك رغم أن الفكرتين سابقتان على نزعته التي بدأت الحرب على ثقافة الشعب وتكليف الجيش بحماية ما يسميه دولة وهو أداة فرض رؤيته على ثقافة الشعر ورغم أن البداية الفعلية على ثقافة الشعوب بدأت في روسيا مع ثورة 2017وفرض ماركسية ستالينية. ومنذئذ لم تعد الدولة دولة بل أصبحت أداة بيد إحدى القوى السياسية تستعملها لهندسة المجتمع انطلاقا من ايديولوجيا-الفاشيات اليمينية أو اليسارية-بمعنى أن الدولة لم تعد على صورة المجتمع كما ينبغي أن تكون بل المجتمع هو الذي صار على صورة من بيده أدوات الشوكة كما لا ينبغي أن يكون .فأصبح الجيش والأمن مليشيات حزبية وليست أدوات دولة الشعب. صحيح أن تونس لم تصل إلى هذا المستوى في عهد بورقيبة أولا لأنه حيد الجيش وثانيا لأن الداخلية تمت مضاعفتها بما يشبه نظام مخابرات حزبي \"للكنترول العام\" وللمرحوم محمد الصياح في ذلك دور أساسي -وهو من مدرسة يسارية\" -تبرقب\" مثل كل المنتسبين إلى الوطد منذ عهد ابن علي فصار من أدوات النظام فمليشه بل وساعد في مليشة الإسلاميين للتصدي لليسار الذي كان منه .وقد واصل ابن علي هذه السياسة وعممها أكثر. ابو يعرب المرزوقي 25 الأسماء والبيان
- - وبالمناسبة فتعريب الفلسفة كان بنفس القصد .ولم يكن المرحوم محمد مزالي هو من عربها ولا بقصد التعريف في رؤيته بل عربها ادريس قيقة لأن بورقيبة اقتنع أن خصومه من اليسار كانوا يستغلون دروس الفلسفة لمركسة الشباب فتوهموا أن المركسة لا تكون إلا بالفرنسية مثل العلمنة التي كان يسعى إليها بورقيبة فعربوها متوهمين أن العربية ستؤدي دور الحد من المد اليساري مثل ميلشة الجامعة بالإسلاميين واليساريين .وإلى اليوم ما زالت تونس تعاني من هذه المليشة المضاعفة التي قضت على الجامعة والسياسة في آن بحرب المراهقين الذين \"تمومأوا\" في مراهقتهم إلى الآن ومنهم عملاء ابن علي وصبابته من الوطد. لذلك فأي رئيس توافقي بهذا المعنى قد يكون جنيسا لوعود ابن علي بالأقوال ولنتائجه في الأفعال .فيعد بالإنقاذ والديموقراطية لكنه سيواصل نفس سياسة النظام القديم ويضفي عليها أكثر نسقية تماما كما فعل ابن علي وحاول السبسي في مدتي حكمه قبل انتخابات 11وبعد 14مواصلة نفس السياسة حتى وإن صار الكثير إما لعدم الفهم أو للنفاق يزعم أنه أصبح ديموقراطيا رغم أنه يقول دائما إنه لا يحكم إلى وحده. فما حصل في مدتيه كان هدنة لتوازن القوى وليس تجاوزا لصدام الحضارات .وما حدث خلال عقد الثورة كان رفضا قاطعا من قادة صدام الحضارات لتجاوزها بحيث إن \"الحرب\" ظلت جارية وكانت ضحيتها البلاد التي هدم اقتصادها واستقرارها وعمت الفوضى في إدارتها وخدماتها إذ توقفت البلديات والإنتاج وكانت الأداة نفس أدوات النظام السابق - أي المليشيات اليسارية والقومية والاتحاد والمليشيات الحزبية-وأرادت الاستحواذ التام على ما بقي من الدولة. والسبسي استعمل هذه الأدوات لكنه كان يخشاها لعلمه بتغلغلها في كل وظائف الدولة التي تميلشت .فكان ما يسمى توافقا مع النهضة ليس توافقا معها بل هروبا مما كان يخشاه ممن استعملهم وكان يعلم -لكونه يعرفهم جيد المعرفة -أنهم يريدون استعماله لتحقيق ما ابو يعرب المرزوقي 26 الأسماء والبيان
- - يمكن القول إنهم لم يتخلوا عنه أبدا :صدام الحضارات بمليشيات تريد أن تصبح هي النظام. ولا بد من الاعتراف بأنهم لم يخفوا ذلك :فيكفي ما شهد به صاحب نسمة بخصوص الاستعداد للتضحية بـ 20الف تونسي من أجل استئصال الإسلام السياسي في تونس .وكانت من نتائج هذه السياسة ضحيتان ليس لأنهما ضد الاستئصال بل لحاجة الاستئصاليين لتقديم ضحايا لتجميع الصفوف .فمن يمكن ان يكون هؤلاء الاستئصاليون؟ والجواب كان يكون سهلا لو لم تختلط الأمور بين: .1طالبيه للمحافظة على مصالح المستعمر الذي كنا نتوهم أنه ذهب مع الجلاء. .2وطالبيه ممن يحاربون ما اعتبرناه ثورة الشعب من اجل الحرية والكرامة .والجامع بين الأمرين هو طبيعة المطالب المشتركة بينهما :إنها تجتمع في الحرب على ثقافة الشعب بتنكر. والتنكر مضاعف كذلك: • فالاستعماري لم يعد يخفي أن حربه هي على الإسلام ليس في بلده فحسب بل في مستعمراته التي تسعى باسم هويتها الإسلامية للتحرر من مواصلته استعبادها واستغلال ثرواتها وشعوبها • وأعداء الثورة من عربان الخليج يخفون ذلك بدعوى البحث عن الإسلام الوسطي والتحديث السريع ضد \"الظلامية\" لكأن الحمقى من أمرائهم فلاسفة التنوير. لذلك فالمتكلمون على التوافق هل يقصدون أنهم سيجدون مترشحا قادرا على تحقيق التوافق الدولي حول إخراج تونس من صدام الحضارات هذا ومنع من يتوهمون القدرة على الحسم بالسلاح كما يحدث في ليبيا ومصر وسوريا من استعماله وقد عبروا عن استعدادهم للتضحية ب 20ألف ممن دمهم ليس أحمرا؟ من يسمعني يظن أني ضد التوافق عامة .لكني أقوله لأني أريده توافقا داريا صاحبه بموضوعه الفعلي إذا نظر إليه من حيث هو توافق يحسم صراع الحضارات في البلاد بين ابو يعرب المرزوقي 27 الأسماء والبيان
- - التحديثي والتأصيلي ثم يمر إلى ما يتعلق به الفعل السياسي في دولة تكون في خدمة شعبها وليس في خدمة المستقوين باعدائه. وحينئذ إذا وجد من يستطيع ذلك فلا يكون رئيسا لدولة الأحزاب بل لدولة الشعب. وحينها يمكن أن نتكلم على الكسور الخمسة التي يجب السعي لجبرها حتى يستعيد الشعب عافيته فيصبح قادرا على التداول السياسي السوي: .1الكسر الأول هو كسر الجهوية التي نتجت عن استعمال موارد الدولة لخدمة جهة على حساب البقية وهو كسر عميق .فمن يتجول في مدن الساحل يجد الفترينة ومن يتجول في بقية البلاد يجد حقيقة تونس التي لا تقبل المقارنة مع أي بلد استقل في نفس الوقت معها دون أن يكون له أكثر منها موارد .وهذا أمر عاينته بنفسي لما درست في ماليزيا التي استقلت في نفس التاريخ مع تونس وانطلقت من مستوى سابق لا يقبل المقارنة معها لأنها كانت بلدا شبه بدائي في حين أن تونس كانت مهد حضارات. .2والكسر الثاني هو كسر الطبقية التي تستمد تغذيتها من استغلال الدولة وليست من جهد أصحابها .فبرجوازية تونس وكل البلاد العربية ليست ثمرة عمل بل هي ثمرة نهب عن طريق السياسة والجاه .ذلك أن ثروة البلاد تتقاسمها مافيات الاستعمار مع مافيات تونسية معلومة .وهي نوعان: • واحدة تعمل مع الاستعمار مباشرة • والثانية تنافسها بالتهريب والاقتصاد الموازي .ثم اجتمعت واتحدتا للسيطرة على كل موارد الدولة المباشرة والموازية وعلى إدارتها العلنية والخفية. .3والكسر الثالث هو كسر \"ميلشة\" الدولة النسقية من الجامعة إلى أدنى وظيفة في المجتمع التونسي .و\"الميلشة\" هي تحويل الدولة إلى إقطاعيات لكل منها مليشيا تدعي النخبوية المافياوية فتتنافس الاقطاعيات بمليشياتها في سحب الغطاء كل لصالح جماعته وعروا بقية الشعب ثم تقاسموا \"بالتوافق\" كل خيرات البلاد وللاتحاد في ذلك الدور الرئيس في كل وظائف الدولة والمجتمع كما في التعليم الإدارة. ابو يعرب المرزوقي 28 الأسماء والبيان
- - وما يصح على إدارة وظائف الدولة التي صارت اقطاعيات يصح على كل الخدمات والقطاعات الاقتصادية التي صارت هي بدورها اقطاعيات لا يعمل فيها إلا ورثة الإقطاعيين وبقية الشعب ينتهي أبناؤها إلى البطالة حتى لو كانوا عباقرة عصرهم إذ إن التوظيف صار وراثيا خاص بأبناء الاقطاعيين الحكم والاتحاد .وبذلك نصل إلى القطب الثاني بعد السياسي والاقتصادي والاجتماعي قطب الثقافي والكسر الرابع يتعلق به. .4الكسر الرابع هو كسر الهوية الزائف لأن الحرب الجارية كلها ليس لها أصل في ثقافة الشعب بل ينبغي فهمها على أنها \"حماية\" للثقافة الفرنسية التي تريد توطيد وجودها في تونس بعد أن ثبت فشل الفرنسة التي فرضت على بورقيبة في اتفاقية الاستقلال وصمود العربية لأن مصيرها أعم من تونس. وهذا المشكل مطروح اليوم بنفس الحدة في الجزائر وفي المغرب .وهو الرهان الفرنسي ليس حبا في الثقافة ولا في اللغة بل لأن التحرر من هيمنة الثقافة الفرنسية هو نهاية النهب النسقي لثروات هذه الأقطار نهبها الذي ما كان ليحصل لو لم يكن عملاء ثقافة فرنسا هم الذين يمثلون أدواته ودماه فيها. وبذلك يتبين أن صدام الحضارات الداخلي ليس داخليا إلا في الظاهر .إنما هو في الحقيقة صدام بين ثقافة الشعب وعملاء الاستعمار الفرنسي حتى وإن ظن بعضهم أنهم فعلا يمثلون التقدمية والحداثة والتنوير وهم أجهل خلق الله .ولم أعد بحاجة لإثبات ذلك :يكفي أن ترى من يعانقهم ماكرون والسفير الفرنسي في تونس. وقد ذهبت الوقاحة بماكرون في حضوره في مراسم تأبين الرئيس أن يتدخل مباشرة في الشأن الداخلي وأن يجلب معه رمز العمالة ليس في أدنى شيء بل في أقدس المقدسات أعني استعمال الدين الإسلامي للتطبيع الحقير من أحقر من عرفت البشرية هذا الكلب الذي هو من المدينة التي اقطن فيها منزل بورقيبة. .5الكسر الخامس والأصلي الذي تتفرع عنه الكسور الأربعة وهو الذي يمكن الكلام بمناسبته على رئيس توافقي إن توفر فيه شرط الإعلان في برنامجه عن التصدي الصريح ابو يعرب المرزوقي 29 الأسماء والبيان
- - له :فهل يوجد مترشح له الوزن الكافي للتصدي إلى هذه الكسور وأصلها جميعا أعني التبعية للاستعمار الفرنسي وبرمجة مراجل استكمال شروط الاستقلال؟ هل يوجد مرشح له وزن سياسي أي له وراءه قوة سياسية ممثلة للشعب كله وليس لصراع بين قوتين على كراسي الحكم قوة مستعدة للتوافق على ما بدأت الجزائر تتوافق عليه أعني استكمال معركة التحرير التي تبين أنها هي التي تحول دون نجاح معركة التحرر؟ إني انتظر اعلان المرشحين عن استراتيجية هذا التحرير الشارط للتحرر ومدى تمثيلية القوة السياسة التي تسندهم للشعب وليس لمليشيات حزب معين. ابو يعرب المرزوقي 30 الأسماء والبيان
- - لما أنظر في قائمة أسماء المترشحين للرئاسة وملامحهم وما أعلمه من سلوكياتهم أستطيع أن أقول إن من يدعون الترشح باسم قيم الثورة كلهم كاذبون فضلا عمن يزعمون الدفاع عن الحرية الكرامة والديموقراطية واستقرار تونس وتنمية شروط مناعتها. فهم يعلمون علم اليقين أن تفرقهم دليل على رهانهم الحقيقي الذي سيكون أهم العوامل التي ستسهم في انتصار الثورة المضادة :إنهم خدم لها وبوعي. لو كانوا حقا مؤمنين بالثورة وبقيمها وساعين للديموقراطية والمناعة الوطنية لاتفقوا على مرشحين اثنين لا أكثر يقدرون أن لهما حظوظا معقولة ومتقاربة للنجاح في الدورة الأولى دون أن نعلم على وجه الدقة أيهما من سيمر للثانية ولأجمعوا على التصويت لمن يبقى منهما في الدورة الثانية وهو الشرط الوحيد لهزيمة الثورة المضادة. يعلمون ألا أحد منهم له أدنى حظ في النجاح إذا بقوا مفتتين كما هم حاليا .ولا أتكلم على الفسدة والمافيات والمهازل التي تترشح مع العلم أنها لن تتجاوز صفر فاصل وخاصة من لا يمكن أن يعول عليهم \"المسؤول الكبير\" الذي يستعملهم ليخفي لعبته ويمرر \"جوكاره\". أنا أعني بالتدقيق الخمسة الذين يباهون بالديموقراطية وثورية: .1النهضة أو ما بقي فيها من إسلامي. .2والتيار وما بقي في ديموقراطية. .3والحراك وما بقي فيه من مواطنية. .4والجبهة وما بقي فيها من يسارية .5وبعض المستقلين وما بقي فيهم من استقلالية. فما يبدو في خطابهم من حرص على خدمة الوطن والثورة والديموقراطية والإسلام واليسارية يكذبه التنافس المقيت على شيء الكل يعلم أنه ليس في متناول أي منهم اللهم ابو يعرب المرزوقي 31 الأسماء والبيان
- - إلا إذا كانوا \"غفاصة\" أي لا يفهمون شيئا في ميول شعبهم الذي لا يمكن أن يستجدهم وهو يعلم أنهم لا يتسابقون في الخيرات بل يتنافسون عليها كأصول تجارية. واللغز المحير هو أنهم جميعا يتصورون أنهم ولدوا زعماء وأهلا للرئاسة في حين لا أحد منهم مارس المسؤولية في عمل سياسي ذي بال حتى تسيير بلدية .وكلهم لما تراهم منتفخي الأوداج تظنهم زعماء دول ذات سيادة وهم يستعدون لكرسي في محمية فرنسية لا سيادة لها حتى على لسانها. فتفهم أنهم مصابون بداء الزعامة التي هي أكبر أمراض العرب من المحيط إلى الخليج: فكلهم يرى في نفسه أهلية القيادة .ولما كنت أعرف الكثير منهم فإني أستطيع أن أجزم أن الأفضل منهم لا يستطيع أن يسير قرية وليس بلدا كاملا عندما يجد الجد ويصبح عليه أن يقف موقف الرجال فتجده من أول الهاربين .ويكفي أن ترى من شارك منهم في الدورتين النيابيتين. فمن ليس بعد مراهقا من جل جماعة اليسار والقوميين فهو انتهازي وخاصة المنشقين على الاحزاب التي تكونت بمناسبة الانتخابات حتى صارت النيابة بضاعة تباع في سوق النخاسين وأول من اقترع هذه البدعة صاروا يعتبرون زعيما كبيرا يكيلون له المديح في حين أنه هو الذي أنهى مهابة كل المؤسسات وأولها الرئاسة التي جعل بلاطها ملاذ ا لحثالة من نخب تونس وإعلامييها. أما الحثالة المافياوية من جنس من لم تسمع ببورقيبة طيلة حبسه 13سنة والتي أصبحت تدعي أنها بورقيبية مثلها مثل السبسي قبلها الذي لم يرزه خلالها ولم يحضر حتى جنازته وكل \"الزعماء\" الذين يدعون البورقيبية كانوا خونة للرجل في عملهم مع ابن علي واليوم يدعون تمثيل فكره حتى صبابة ابن علي من الأحزاب اليسارية ومن المليشيات النقابية. كل ذلك جعلني أعاف السياسة والسياسيين الذين هم بصدد اغراق البلد وقد يدفعون الشعب دفعا لأن يطالب مثل بعض عملاء ابن علي وخادمات الحجامة بالبيان رقم .1ما ابو يعرب المرزوقي 32 الأسماء والبيان
- - رأيت في حياتي نخبة بهذه الضحالة :فالسياسية صارت لعب مراهقين وليست استراتيجية لحل مشكلتين :الرعاية للتحرر من التسول والحماية لاسترداد السيادة. فلا يوجد متسول يحكم نفسه .ولا يوجد أعزل يستطيع حماية نفسه .تونس ما تزال مستعمرة فرنسية اقتصاديا وثقافيا ومن ثم سياسيا وكل المترشحين فرحين بهذه الوضعية وينتظرون تزكية المقيم العام الاقرع أو ما يمكن أن يكون أقوى منه أعني سفير أمريكا ونواب اسرائيل في حكومة تونس وبين رجال أعمالها. فإذا كان ذلك كله لا يستاهل أن يتحدوا من أجله فهم ليسوا سياسيين بل \"أمراء حرب سياسية\" تماما كأمراء الحرب الذين يدعون مقاومة الأعداء وهم من أدوات مخابراتهم. والسياسة مقاومة هؤلاء الأعداء وما يتسببون فيه من الأعداء الأشرس أي الفقر والمرض والتبعية والنذالة المافياوية التي هي سرطان الأنظمة العربية .كفى كذبا. لذلك فإني اعتبر أنه إذا نجح مافيوزي أو معاد للثورة وللديمقراطية فالمسؤول هم هؤلاء الذين شتتوا القوى السياسية التي كان يمكن أن تحصل على شروط مواصلة المشوار في الانتقال الديموقراطي بمجرد التنازل لبعضهم البعض بدءا بتخلي من جربوا حظهم ولم يحققوا نتائج يمكن أن تشجع الشعب للتصويت لهم .تكرار الفشل غباء. لكنهم بدلا من ذلك يتسابقون مع العلم المؤكد حتى بالنسبة لمن ليس له خبرة سياسية مثلي أنه لا أحد منهم يمكن أن ينجح إذا ظلوا متفرقة صفوفهم لكأنهم في سباق للحصول على كرسي مستحيل وإذا حصل فلا فائدة منه لأن القوى المفتتة لا تجعله ذا سلطة تؤثر في ما غرقنا فيه من \"ميلشة ومفوزة\" للمجال السياسي منذ 60سنة. ولست غافلا عن أن هذه المحاولة قد تجعل البعض يظنني أعمم على الجميع فتقضي على ما بقي لي من أصدقاء بين ساسة البلد وهم قلة يعدون على أصابع اليد الواحدة .لكن القساوة في الحكم لا تعمم بل هي تستثني من قد تكون شكاتهم مثلي أو أكثر إذ لا سلطان ابو يعرب المرزوقي 33 الأسماء والبيان
- - لهم على ما يجري لكونهم من أفاضل الساسة وقد يكون حكمهم الصامت أشد من حكمي الناطق بخصوص ما يغلب على الساحة. ولا بد من محاولة ولو سريعة لتقديم فرضية حول تكوينية هذه السلوك الذي حول الساسة إلى \"أمراء حرب\" سياسية بخلاف ما عليه الأمر في كل بلاد العالم الذي له نخبة سياسية بحق تخضع الخلافات السياسية إلى الاستراتيجيات التي تجعل الدولة تؤدي وظيفتها أعني ا لرعاية والحماية وهما اللتان تحددان حدود الاختلاف وشروط الائتلاف المحافظ على شروط تحقيقهما. فإذا بحثت عن مصدر هذه العاهة التي أصابت ما يسمى بالنخبة السياسية في تونس فحولتهم إلى \"أمراء حرب سياسية\" متى بدأت حقا ومن شجعها وجدت الأمر متعلقا بظاهرتين بدأتا منذ الانشقاق الذي حصل في الحركة الوطنية .فبورقيبة وحزبه الدستوري الجديد \"انتصر\" على الثعالبي والحزب القديم بأداتين: .1مساعدة الاستعمار الفرنسي ضد العروبة والإسلام. .2والدوكارات و\"الخلايق\" ضد المشائخ والنخبة التقليدية. ولـما حدث ذلك لم أكن موجودا .لكني عشت نظيرتها بين البورقيبية واليوسفية لأن أسرتي كانت من ضحايا هذا الصراع إذ تمت الوشاية بوالدي رحمه الله بأنه من اليوسفية فـحوصر بيتا مدة ثلاثة أيام من الجندرمة -الجارد موبيل-بتهمة تخزين السلاح ولم يكن لدينا إلا \"مقرون\" أي سلاح مدني لحماية انعامنا بسبب كثرة السرقات التي تشبه ما عاد الآن. وأشهد أني رأيت بأم عيني وأنا شاب صغير شاحنات الجيش الفرنسي تنقل \"باندية\" لشق الحزب التابع لبورقيبة يفتشون عن المنتسبين إلى شقه الحزب التابع لابن يوسف وسمعنا أن بعضهم قطعوا عضوه التناسلي وبعضهم عذبوه إلخ ..وقد تكرر ذلك مع الإسلاميين بالنوع الثاني من الدوكارات ومليشيات الحزب وبنفس الأسلوب. ابو يعرب المرزوقي 34 الأسماء والبيان
- - ومن جمعهم السبسي تحت اسم جبهة الانقاذ هم من هذا النوع للإطاحة بالترويكا مدعيا تحقيق التوازن .ولم يقل التوازن مع من؟ فالترويكا بخلاف ما يتوهمون لم تكن خاضعة للنهضة بل كانت تقاوم ما بدأ يدب فيها من تسلط قيادي أضر بالنهضة أكثر مما أضر بالحزبين الآخرين .لكن سلوكه قيادتها قصير النظر هو والمتعجل في الاستحواذ على سلطة وهمية وفوقية أدى إلى خلافات هي مصدر التفتت الذي يملأ الساحة الآن وقد تكون النهضة آخر ضحاياه. وبذلك يتبين من المسؤول الأول والأخير على ما يسيطر على الساحة من التفتت والتشتت :إنه فرعا الحزب الأول في تونس اللذان عملا بعكس ما كان ينبغي أن يفعلاه بعد الثورة أي أن يتصالحا من أ جل مستقبل تونس والثورة .فهذا \"الروش\" المحموم على تكوين \"الأصول التجارية\" لأمراء الحرب السياسية أو ما يسمونه أحزاب وجمعيات مدنية حول السياسة لغطاء مافيات الاقتصاد الموازي في المخدرات والمسكرات والملهيات للجاه والإثراء السريع وكان ذلك متوقعا ولأجل منعه دعوت إلى وحدة البورقيبية والثعالبية جدار صد لما ورثناه من تعفن طيلة سنوات الاستقلال الخدعة. وهذا الداء هو نفسه بدأت أعراضه تتجلى في النهضة نفسها لأن الكثير ممن لهم هذه الخاصيات ظنها الجواد الرابع في السباق المزعوم ديموقراطيا بسبب الاستعمال الانتهازي المتبادل .وأصبحت القيادات تخادع الشعب بدعوى الانفتاح المضاعف على \"الكفاءة\" المزعومة فكرية والكفاء المزعومة فنية بالسفورين: .1سفور التطبيع مع الصهيونية مثل كل العربان. .2وسفور التطبيع مع الخروج عن العادات التقليدية. وهكذا اختلط الحابل بالنابل أو لنقل إن الجامع بين الانفتاحين على \"الخلايق\" و\"الصبابة\" لم يعد مقصورا على ما فعله السبسي تقليدا للنهج البورقيبي بل إن النهضة نفسها \"تبرقبت\" وبدأت تنافس السبسي .والوسيط في البرقبة أو في \"صعلكة السياسة\" هو مافية الاتحاد العام الذي لم يعد حشاديا منذ معركة اليوسفية واقتسم السلطة مع الحزب ابو يعرب المرزوقي 35 الأسماء والبيان
- - الحاكم ثم هو صار يسعى لأن يستفرد بها بمحرك داخلي هو نفس المافيات اليسارية والقومية وأي نوع من المافيات التي يمكن تصورها والتي كانت في آن شاغلة للحزب والاتحاد أداتي الحكم منذ بداية العهد البورقيبي إلى اليوم. فما نراه في تعدد الأحزاب بالاسم هو تعدد المليشيات التي تمولها المافيات بعد أن ذهبت المافية الكبيرة التي كان يتحكم فيها ابن على وكانت تحتكم إليه ليقسم بينها غنيمة الحكم العميل الذي أبقى على سلطة فرنسا على اقتصادها وثقافتها وسياستها .والثورة اضفت الشرعية ذلك كله باسم الديموقراطية وبخدعة \"الأحزاب\" \"والجمعيات\" التي تمولها المافيات المحلية والمخابرات الأجنبية. ابو يعرب المرزوقي 36 الأسماء والبيان
- - كنت ولا زلت لا أفهم تكتيك من دون استراتيجيا وخاصة الحلول البدائل في الوضعيات اللامتوقعة رغم أن عمر الرئيس كان ينبغي أن يضع موته الفجائي في الحسبان حتى لو كان طبيعيا .وكل الحركات الإسلامية تكتك وليس لها استراتيجيا في أفعالها رغم أن مجرد اسمها يعني أن لها استراتيجيا تمكنها من تجاوز \"إكراهات\" المحلي وحتى الإقليمي إذ إن الخيار الإسلامي دولي بالجوهر لا بالعرض كما قد يتوهم الكثير أنه ناتج عن الطابع الدولي لأعدائه. وطبعا فالإقليمي والدولي كلاهما يتعينان ويبرز دورهما في المحلي وخاصة إذا كان وضعية استثنائية في اللحظة التاريخية التي تماثل ما تعيشه تونس حاليا بسبب ما نتج عن وفاة عضوية أحيت ميتا سياسيا .فالسبسي كان شبه ميت سياسيا .وكان من أخطاء الحركة أنها شاركت في ذلك .لكن موته العضوي أحياه سياسيا أو لنقل أحي مشروع الجبهة التي كونها في البداية ضد الثورة باسم التوازن مع الترويكا أو بصورة أدق ضد الإسلاميين. وهذا الانبعاث السياسي لخطة السبسي -وقد عرفها عندما حكى قصة التارزي التي أطلت في شرحها وباشرها بداية من حكمه سنة 20 11ثم استأنفها بعد السنة الأولى من حكم الترويكا-لها طريقتان في تحقيق الغاية: .1إما توحيد الشقوق قبل الانتخابات لتقزيم الخصوم. .2أو بعدها إذا تعذر ذلك لسرعة الأحداث برئيس قد يكون اختاره السبسي. والخطة ستكون تغيير الدستور لاحقا بشخصية لعله قد عينها .وهذا الأمر هو الذي غير قواعد اللعبة كلها .وطبعا فقد سقط كل ما خطط له قبله ممن ظنوا أنهم قد قتلوه سياسيا. وقد كتبت حينها بأن العملية غير شرعية وأن النهضة ما كان لها أن تشارك فيها لأنها فعل دال على قصر النظر إذ لا شيء يضمن وفاء الشاهد لهم بما وعدهم به. ابو يعرب المرزوقي 37 الأسماء والبيان
- - وهذا هو مأزق النهضة ومأزق رئيس الحكومة .كلاهما كان يتصور أن الشقوق ستساعده على الابقاء على غالبيته حتى ولو تدنت لأن الغالبيات في السياسة نسبية بحسب الأوزان وليست مطلقة .وكانت الخطة ربما تقاسم السلطة إذا لم يحصل أحد منهما عليها كلها. وكانت الشقوق بنوعيها الحاليين تساعد على هذه الاستراتيجية. لكن من يحسب وحده يفضل له .فهذه الحسبة كلها سقطت في الماء .كيف يمكن تخيل الخطة \"ب\" وهي غائبة في حسابات سابقة لعل من أبرز علاماتها ترشح شيخ النهضة للنيابية؟ طبعا لا أنوي تقديم مقترحات لعلتين: .1أولا ليس لي دخل في ما يجري واعتبر نفسي محايدا في معركة غادرتها يوم قدمت استقالتي كما هو معلوم. .2وثانيا حتى لو تطوعت فلن أسمع إذ حتى بعض قيادات النهضة من ذوي \"البون سنوس\" لم تعد مسموعة. وإذن فلأواصل التحليل دون مقترحات .والسؤال الجوهري هو :هل المطلوب تدارك ما فات؟ طبعا تدارك الماضي مستحيل .وإذن فالسؤال هو كيف يكون الاستعداد للمستقبل: .1فهل المطلوب القبول بالأمر الواقع الذي يحدد مجرى الانتخابات والتعامل معه كما هو في غياب استراتيجية لما بعده؟ .2أم إن المطلوب هو الاستعداد لما بعده؟ وهذا أمر قابل للتوقع بدقة لأن الاجماع حول النكوص إلى الماضي وحول التحالف على الإسلاميين لم يعد خافيا على البصر فضلا عن البصيرة. لكن يبدو ألا أحد يفكر في الاستعداد لما بعده لأن الجميع أصبح يحلم بأن يكون له وجود قوي في المجلس يمكنه من المشاركة في الحكم الذي صار غاية .صحيح أن الحكم غاية في السياسة .لكن الحكم الذي هو غاية في السياسة هو الحكم الفعلي وليس وهم الحكم أو الخوف منه عندما لا يشارك فيه السياسي. ابو يعرب المرزوقي 38 الأسماء والبيان
- - وفي هذه الحالة لا يصبح الحكم هدفا سياسيا بل هو من جنس خرافة \"المحافظة على الشقف\" ولو بدون صيد حتى زهيد .والعلة طبعا هي نسيان طبيعة المطلوب .فما المطلوب عند الذات وعند الخصم؟ فإذا كان المطلوب عند الذات هو تنمية الرصيد السياسي كان ما يحصل حاليا منافيا للسياسي من حيث هو سعي للحكم لأن في العجلة الندامة. ذلك أن ما بعد الانتخابات لن يكون -بسبب ما أشرت إليه من انبعاث مشروع السبسي الذي أعلن عنه في قصة التارزي بعد موت صاحبه – إلا مشروعه .فهو الذي سيحكمها وسيحسم ما بعدها لخطأ حسابي إذا بقي الفكر مركزا على المعادلة التي تجاوزها الحدث كما قد يوحي بذلك الحديث. فكل الأحزاب التي تدعي معارضة السبسي والشاهد والنهضة ما تزال تعمل بفرضية أن قواعد اللعبة بقيت على ما كانت عليه قبل هذا الانبعاث .لكن هذه اللعبة انتهت وإذا واصلوا العمل بمقتضاها فهم الذين سيعيدون رسميا النظام القديم وهم الذين سيحققون مشروع السبسي الذي تكلمت عليه إما خلال الانتخابات أو بعدها .وهو عين مشروع الثورة المضادة العربية وفرنسا (تذكروا خطاب ماكرون) وإسرائيل وحتى إيران. لو كانت هذه الأحزاب-ومنها النهضة في أذهان قاعدتها وليس في تكتيك قياداتها-فاهمة لهذا التغير الجذري في قواعد اللعبة لاختارت من الآن تكوين جبهة انقاذ من هذا المشروع وذلك بالاتفاق على خطة للانتخابات بمستوييها: .1الرئاسية. .2النيابية. فكلتاهما سيكون ربحها من نصيب الثورة المضادة بسبب تفتت صفهم فضلا عن السند الاجنبي من الثورة المضادة العربية ومن التدخلات الأجنبية وخاصة من فرنسا وإسرائيل. والهدف من هذا الاستعداد المطلوب من المعارضات هو تحقيق شروط الوزن للتفاوض على ما سيتلو الانتخابات .ولا بد إذن من: ابو يعرب المرزوقي 39 الأسماء والبيان
- - .1الاتفاق على مرشح أو مرشحين مشتركين في الدورة الأولى والاتحاد وراء من يمر منهما للدورة الثانية.. .2ولا بد من تكوين جبهة في النيابات من الآن على الأقل بتنازل بعضهم للبعض بحسب تقدير الحظوظ في الدوائر. فمع تبدل قواعد اللعبة لا بد من تنظيم جديد لشروط اللعب .الجماعة التي تدعي الانتساب إلى الثورة ما زالوا يخوضون معركة انتهت ولا يفهمون أن المعركة البديل لصالح الثورة وضعتهم في وضعية السبسي سابقا. فهو حقق التوازن أولا كمعارضة ثم قلب العلاقة بمن كان يعارضهم فأصبح هو صاحب الأغلبية والحاكم .في هذه المرحلة يمكن أن تحقق الثورة المضادة استعادة نهائيا للأغلبية إما قبل الانتخابات أو بعدها وعلى من يدعون الكلام باسم الثورة أن يحققوا التوازن كمعارضة لمنع خطتها :تغيير الدستور. وبهذا المعنى فكل الإيهام بأن النهضة تفكر في مخرج وتوحي بالجدية من خلال إطالة الحوارات الزائفة فإن المطلوب هو: .1فهم أنه عليها أن \"تمصمص\" من المشاركة في الحكم بعد الانتخابات أيا كان الرئيس. .2وأن الواجب هو ما بعد ذلك أي تكوين جبهة معارضة لا تكون فيها وحدية حتى تحقق التوازن لمنع الكوارث القادمة. وماذا أعني بعبارة \"على النهضة أن تمصمص من الحكم\"؟ لا أعني أنها قد لا تشارك فيه .فقد يكون الرئيس المقبل شديد الذكاء فيواصل سياسة السبسي فيستعملها لتمرير كل ما يريد مما يتنافى ليس مع مرجعيتها فحسب بل وكذلك مع الثورة .فيأكل المشوي بأصابع قيادات النهضة المستعجلين الذين يتوهمون أنهم يشاركون في الحكم وهم في الحقيقة أداة لحكم من يسعى لقتل المشروع الذي تمثله فيقتلعها بالتدريج من الجذور .ذلك أن السبسي حقق نصف هذه الخطة .والذي سيليه سيواصلها بجعلها: ابو يعرب المرزوقي 40 الأسماء والبيان
- - .1تتنكر لقيم مرجعيتها السياسية أي البعد الاجتماعي خاصة وذلك بقبول منطق البنك الدولي والمافية الاقتصادية في البلاد. .2وهو في آن التنكر لأهداف الثورة .لأن الرئيس القادم سيلغي ما وضع في النصوص باسم هذين العنوانين بدأ بتغيير الدستور. والامتحان الأول سيكون تمرير نص المواريث والحقوق الفردية .وبذلك فالنهضة ستصح \"زنطة\" أمام قاعدتها .ويكون مصير المشروع نفسه رهن مصير قيادات لا تنظر لما هو أبعد من أنفها .ولأختم بجملة :وجود النهضة في المعارضة يحمي القيادات أكثر من وجودهم في الحكم فالثورة المضادة ستحافظ على الشكليات كلامي هذا ليس نصائح لأحد .لكنه هو ما يؤدي إليه التحليل بالعقل السليم .فالسياسة ليست \"دقازة\" بل هي فن يخضع لمنطق التحليل للاستنتاج الشرطي .إذا انطلقنا من مقدم دقيق فسنصل إلى تال دقيق. والمعلوم أن الفكر العلمي لا ينتهج هذا المنهج حتى في السياسة :الشرط الجديد هو انبعاث مشروع السبسي. وما قلته للنهضة يصح على الشاهد .فلن يقبل به قائدا للمشروع بل سيزل وزنه في بورصة السياسة محليا واقليميا ودوليا .ولعل السبسي قد عين القائد البديل .فلكأن السبسي يحقق \"الروفنش\" وهو ميت ما عجز عنه وهو حي .والعلة هي تسرع الصفين عندما ظنوه قد مات سياسيا .فإذا بموته العضوي يبعث مشروعه السياسي بصورة تغير كل قواعد اللعبة لمن يستقرأ صورة الساسة في الرأي العام. فإذا كان كل من هب ودب يرى في نفسه الكفاءة لقيادة البلاد فليس لذلك من هدف لدى المخططين لعودة النظام القديم الرسمية إلا \"تعييف\" الشعب من الساسة والسياسة واعتبار ما تقدم -ومن هنا تمجيد السبسي-الحالة المثالية التي ينبغي استعادتها مخرجا لما يعاني منه الشعب وتحميل المسؤولية للثورة :وقد نجحوا. ابو يعرب المرزوقي 41 الأسماء والبيان
- - فإذا كان الحرص على المشاركة في الحكم هو الخوف من \"التمصير\" فهذا ليس عذرا كافيا لسبب بسيط .فمشروع السبسي لم يختر غيره .لكنه أذكى من السيسي .فقد أراده على نار هادئة بالطريقة اللطيفة \"الا دوس\" أي إنه أراد من قيادات النهضة أن يقضوا على مشروع الحركة بدلا منه .وقد نجح إلى حد كبير بسبب هذا الخوف وربما بسبب الطمع في الحكم .والخوف مشروع بسبب التجربة المرة لكن الطمع في الحكم ليس مشروعا خاصة بالطريقة التي رأيتها والتي جعلتني أندم على ما أضعته من وقتي. لكن من سيأتي بعد الانتخابات سيحاول اتمام خطة السبسي إذا كان له شيء من ذكائه. فإذا تعذر ذلك فسيمصرها .ولذلك فمن الحكمة قلب القاعدة .فهم بحاجة لاحترام الشكليات نظرا إلى أن اعرافهم في الغرب يريدون ذلك .ومن ثم فالوجود في المعارضة أضمن من الوجود الصورة في الحكم لأن هذا الوجود لا يمثل أدنى مناعة ضد تلفيق التهم. ابو يعرب المرزوقي 42 الأسماء والبيان
- - بعد أن تأكد أن شورى النهضة حسمت الأمر بما يقتضيه العقل السليم والحكمة الاستراتيجية التي تفكر في تونس وفي مستقبل شروط القوى السياسية السوية في بلد يسعى إلى تأسيس ديمقراطية فتية تتخلص من \"الاصول التجارية\" التي تسمى أحزابا والتي فرخت بما لا يقبله عقل سليم أود تقديم إشارات سريعة للفواعل التي تحرك الحياة السياسية لأي جماعة تريد أن يكون لها دولة مستقلة يحكمها القانون المطبق على الجميع سواسية. • الإشارة الاولى: باختيار النهضة خوض انتخاب الرئيس صارت قوة سياسية طبيعية قبالة ما يناظرها في الشق الثاني من الحركة الوطنية .فهي تقريبا استئناف التأصيل بعد استيعاب علاقته بالتحديث والحزب البورقيبي إذا اتحد يمثل التحديث بعد استيعاب علاقته بالتأصيل. فأصبح لتونس قوتان قادرتان على التداول أو التعاون لقيادة تونس إلى بر الأمان. والنصيحة أوجهها للذين كانوا يتصورون أن فرصة تقاسم قاعدة النهضة لكأنها \"رزق لبلا موالي\" عليهم أن \"يمصمصوا\" وأن يكرموا لحيهم بأيديهم فينسحبوا من السباق أو يكونوا مجموعة ثالثة أو على أقصى تقدير مجموعتين اخريين وأن \"يفرقوا الحضبة\". • الاشارة الثانية: إذا فهم شقا الحركة الوطنية-أي الثعالبية الجديدة والبورقيبية الجديدة المتصالحتين- دورهما التكاملي ولم يواصلا سخافة الاستثناء المتبادل فعليهما أن يحولا دون توظيف أجهزة الدولة في العلمية الانتخابية .والنوع الاول والاخطر من أجهزة الدولة التي كان النظام الاستبدادي يستعملها هي الاجهزة التي تتبع السياسي من وظائفها (أي الدفاع والداخلية وما يتبعها من أدوات مثل الاستعلامات والولاة والمعتمدين والعمد). ابو يعرب المرزوقي 43 الأسماء والبيان
- - • الإشارة الثالثة: والنوع الثاني من أجهزة الدولة التي كان النظام الاستبدادي يستعملها هي الاجهزة الخدماتية من وظائفها (مثل الإدارة والبلديات) .وأن يقتصر دور هذه الأجهزة الثانية مثل تلك الاولى على تسيير شؤون الجماعة والدولة بصرف النظر عمن يختاره الشعب ليحكم أو ليعارض .فالانتخابات تختار من يحكم وكذلك من يعارض أي من هو أقرب لأن يحكم بعده وذلك هو معنى سيادة الشعب ومن يمثل الشعب في أجهزة الدولة هو في خدمة إرادة الشعب ومن يختاره لتمثيله وينبغي أن تبقى محايدة كما هي الحال في البلاد الديموقراطية. • الإشارة الرابعة: تخص المنظمات الاجتماعية أعني النقابات بصفنيها نقابات العمال ونقابات أرباب العمل. فهم إذا تدخلوا في السياسية أفسدوها .الاولى بالشعبوية النقابية التي تفسد شرط قيامها أعني العمل نفسه .كما حدث في السنوات الثمانية التي مرت .والثانية تفسد سرط عدلها أعني \"مفيزة\" تمويل الانتخابات كما حدث في الانتخابات السابقة. • الإشارة الاخيرة: وأتكلم على ما لا يمكن ألا يكون له دورما في الانتخابات بسبب دوره في توجيه الراي العام في كل جماعة حرة .ولا مانع منه إذا كان علنيا وفي حدود ما يخوله القانون المتعلق بحرية التعبير وبحرية البحث العلمي والاجتهاد القيمي :وأعني كل المنظمات ذات الوظيفة المتعلقة بالخيارات القيمية سواء كانت من الحقوقيات أو من الروحيات أو من العلميات. فمن حق الجمعيات الحقوقية أن تدافع عن قيم بصورة عامة دون أن توظفها لصالح قوة سياسية معينة ومثلها بالنسبة إلى الجمعيات الدينية أو الثقافية .فهذا المنظمات تنتسب إلى حرية التعبير ودور الجماعة في تحديد خيارات الجماعة الأسمى من السياسي بشرط ألا تتجاوز وظيفتها التعبيرية بصورة عامة والا تتحول إلى أدوات دعاية لزيد أو عمرو. ابو يعرب المرزوقي 44 الأسماء والبيان
Search
Read the Text Version
- 1
- 2
- 3
- 4
- 5
- 6
- 7
- 8
- 9
- 10
- 11
- 12
- 13
- 14
- 15
- 16
- 17
- 18
- 19
- 20
- 21
- 22
- 23
- 24
- 25
- 26
- 27
- 28
- 29
- 30
- 31
- 32
- 33
- 34
- 35
- 36
- 37
- 38
- 39
- 40
- 41
- 42
- 43
- 44
- 45
- 46
- 47
- 48
- 49
- 50
- 51
- 52
- 53
- 54
- 55
- 56
- 57
- 58
- 59
- 60
- 61
- 62
- 63
- 64
- 65
- 66
- 67
- 68
- 69
- 70
- 71
- 72
- 73
- 74
- 75
- 76
- 77
- 78
- 79
- 80
- 81
- 82
- 83
- 84
- 85
- 86
- 87
- 88
- 89
- 90
- 91
- 92
- 93
- 94
- 95
- 96
- 97
- 98
- 99
- 100
- 101
- 102
- 103
- 104
- 105
- 106
- 107
- 108
- 109
- 110
- 111
- 112
- 113
- 114
- 115
- 116
- 117
- 118
- 119
- 120
- 121
- 122
- 123
- 124
- 125
- 126
- 127
- 128
- 129
- 130
- 131
- 132
- 133
- 134
- 135
- 136
- 137
- 138
- 139
- 140
- 141
- 142
- 143
- 144
- 145
- 146
- 147
- 148
- 149
- 150
- 151
- 152
- 153
- 154
- 155
- 156
- 157
- 158
- 159
- 160
- 161
- 162
- 163
- 164
- 165
- 166
- 167
- 168
- 169
- 170
- 171
- 172
- 173
- 174
- 175
- 176
- 177
- 178
- 179
- 180
- 181
- 182
- 183
- 184
- 185
- 186
- 187
- 188
- 189
- 190
- 191
- 192
- 193
- 194
- 195
- 196
- 197
- 198
- 199
- 200
- 201
- 202
- 203
- 204
- 205
- 206
- 207
- 208
- 209
- 210
- 211
- 212
- 213
- 214
- 215
- 216
- 217
- 218
- 219
- 220
- 221
- 222
- 223
- 224
- 225
- 226
- 227
- 228
- 229
- 230
- 231
- 232
- 233
- 234
- 235
- 236
- 237
- 238
- 239
- 240
- 241
- 242
- 243
- 244
- 245
- 246
- 247
- 248
- 249
- 250
- 251
- 252
- 253
- 254
- 255
- 256
- 257
- 258
- 259
- 260
- 261
- 262
- 263
- 264
- 265
- 266
- 267
- 268
- 269
- 270
- 271
- 272
- 273
- 274
- 275
- 276
- 277
- 278
- 279
- 280
- 281
- 282
- 283
- 284
- 285
- 286
- 287
- 288
- 289
- 290
- 291
- 292
- 293
- 294
- 295
- 296
- 297
- 298
- 299
- 300
- 301
- 302
- 303
- 304
- 305
- 306
- 307
- 308
- 309
- 310
- 311
- 312
- 313
- 314
- 315
- 316
- 317
- 318
- 319
- 320
- 321
- 322
- 323
- 324
- 325
- 326
- 327
- 328
- 329
- 330
- 331
- 332
- 333
- 334
- 335
- 336
- 337
- 338
- 339
- 340
- 341
- 342
- 343
- 344