Important Announcement
PubHTML5 Scheduled Server Maintenance on (GMT) Sunday, June 26th, 2:00 am - 8:00 am.
PubHTML5 site will be inoperative during the times indicated!

Home Explore في الدلالة الفلسفية للتقابل بين آل عمران 7 وفصلت 53 - أبو يعرب المرزوقي

في الدلالة الفلسفية للتقابل بين آل عمران 7 وفصلت 53 - أبو يعرب المرزوقي

Published by أبو يعرب المرزوقي, 2020-12-11 20:01:54

Description: في الدلالة الفلسفية للتقابل بين آل عمران 7 وفصلت 53 - أبو يعرب المرزوقي

Search

Read the Text Version

‫‪53 7‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫وهذا الرب الذي هو ربا ومربوبا في آن ومقسم إلى أربعة مستويات هو معنى \"الكاوزا سوي\" أو‬ ‫الرب الذي هو علة نفسه أو خالق ذاته فيكون خالقا ومخلوقا وأمرا ومأمورا‪ .‬وبذلك يتبين أن‬ ‫الإلحاد مستحيل لأنه في الحقيقة لا يختلف عن الإيمان السوي إلا بالمقابلة بين المفارقة والمحايثة‬ ‫لكنه يتلعثم للخروج من مأزق الفرق بينهما إذ يترتب عليهما أن وصف المنفعل بصفات الفاعل‬ ‫والعكس بالعكس بمعنى أن الرب يتصف بالحدود مثل المربوب والمربوب يتصف بالقدم مثل الرب‪.‬‬ ‫ويمكن القول إن غاية الملحد والمتصوف مهما نافق الأول بادعاء التواضع والحط من منزلة الإنسان‬ ‫في الوجود إلى مجرد كائن طبيعي مثل غيره التواضع بتقية التدين إلى مجرد العابد المطيع هي‬ ‫قولة ابن عربي الله عين العالم ويقصد الذي لا فرق فيه بين عالم الشهادة وعالم الغيب لأن‬ ‫الثاني لا وجود له ما دام الكشف يثبت في تخريفه أنه من \"خيال\" الإنسان الكامل متطابق مع‬ ‫الرب‪.‬‬ ‫المعادلة السليمة‬ ‫نفس الشكل السابق مع الاضافات التالية‪:‬‬ ‫‪ .1‬وضع الرب في القلب مكان الإنسان فوق الآفاق والأنفس بأي الطبيعي والعضوي والتاريخي‬ ‫والروحي‪.‬‬ ‫‪ .2‬ووضع الإنسان في القلب تحت الآفاق بعنصريها أي الطبيعي والعضوي والانفس بعنصريها‬ ‫التاريخي والروحي‪.‬‬ ‫‪ .3‬اعتبار العلاقة بين الرب من فوق والإنسان من تحت دالة على معنى الاستخلاف‬ ‫‪ .4‬واعتبار العلاقة بين الإنسان والطبيعي والعضوي دالة على الاستعمار في الارض‪.‬‬ ‫‪ .5‬واعتبار العلاقة بين الإنسان والتاريخي والروحي دالة إيجابا على اتباع قيم الاستخلاف إن‬ ‫عملت بها أو على نفيها إن عملت بضدها‪.‬‬ ‫أبو يعرب المرزوقي‬ ‫‪296‬‬ ‫الأسماء والبيان‬

‫‪53 7‬‬ ‫‪--‬‬ ‫فتكون المعادلة السوية والمعادلة المحرفة كلتاهما موضوع الرسالة الخاتمة أو الوجه الموجب والوجه‬ ‫السالب منها‪:‬‬ ‫‪ .1‬فالوجه الموجب هو الديني والفلسفي اللذين يؤمنان باستحالة المطابقتين ومن ثم فهما‬ ‫يقولان بوجود عالمين منفصلين من طبيعتين مختلفتين والأول هو عالم الشهادة الثاني هو‬ ‫عالم الغيب الموجود في ذاته وفي ما يمكن تسميته ماوراء العالم الشاهد وهي المتشابه من‬ ‫آيات الله التي تشير إليه لكنها تعتبره غير معلوم للإنسان‪ .‬ولذلك فكل ما في القرآن من‬ ‫كلام على الغيب إشارات إلى ما وراء عالم الشهادة المتعالي عليه والمختلف من حيث الطبيعة‬ ‫والفاعلية‪.‬‬ ‫‪ .2‬والوجه السالب هو ما يترتب على أن الإيمان بما يؤدي وظيفته حتمي حتى عند من لا يؤمن‬ ‫بوجود رب مفارق لأنه لا يمكن أن ينكر فاعلية في الطبيعة وفي الكيان العضوي وفي التاريخ‬ ‫وفي الكيان الروحي بل يعترف بها ويجعلها محايثة فيها فيؤلهها ويكون ليس كافرا بالأديان‬ ‫بل عائدا إلى الأديان الطبيعية التي مثلجت هذا الوجه منها‪.‬‬ ‫ولذلك فالأديان والفلسفات لهما وجهان ابستمولوجي واكسيولوجي أحدهما يقول بالمطابقتين‬ ‫والثاني يقول باستحالتها‪:‬‬ ‫‪ .1‬والأول يؤدي إلى وحدة الوجود ووحدة العالم مع القول بثنائية تجعل الفاعل محايثا في‬ ‫المنفعل والثانية تثبت تعدد الوجود وتعدد العوالم مع القول بعلاقة بين عالم الشهادة‬ ‫وعالم الغيب‪.‬‬ ‫‪ .2‬والثاني هو عالم فاعلية الرب الخالق والآمر وتمتد هذه الفاعلية إلى عامل الشهادة وهو ما‬ ‫لا يمكن تعليله عقلا لأنه يتعلق بأمر واقع لا تفسير له سواء قلنا بالخلق والامر أو بالصدفة‬ ‫والفوضى‪.‬‬ ‫وبين أن الحل الثاني هو الاقرب للمعقولية لأنه لا يوجد اليوم من يستطيع أن يزعم أن علم‬ ‫الإنسان محيط وأن عمله تام‪ .‬ولا يمكن نفي أن الإنسان الذي يحاول أن يفهم الوجود يفترض أن‬ ‫أبو يعرب المرزوقي‬ ‫‪297‬‬ ‫الأسماء والبيان‬

‫‪53 7‬‬ ‫‪--‬‬ ‫له نظاما سواء بفعل فاعل غيره أو بفعله ومن ثم فحتى لو كان من عتاة الملحدين فلا بد أن ينتهي‬ ‫إلى أنه إذا كان منظم نفسه فهو قد ألهه فصار مخيرا بين القول بالصدفة أو القول بأنه وهو‬ ‫بصدد خلق نفسه يكون في تكوينيته وتوالي مراحلها وكأنه مبرمج مسبقا أو مبدعا لكل مرحلة من‬ ‫عدم‪.‬‬ ‫ولعل أفضل مثال هو الكيان العضوي‪ .‬لكن القرآن يستعمل في الاستدلال المستويات الأربعة من‬ ‫الآفاق والانفس ليثبت أن لها ماوراء يعلل وجودها بدلا من عدمها ويعلل كيفها المعين بدلا من‬ ‫غيره‪ .‬وللكيان العضوي حضور كبير في الاستدلال القرآني وفيه دائما أضافة الكيان الروحي لأن‬ ‫الأول يبين حضور شرط النظام الطبيعي أو الضرورة والثاني حضور شرط النظام التاريخي أو‬ ‫الحرية‪ .‬ولهذه العلة قلت إن القرآن ليس نصا دينيا فحسب بل هو نص الواحد بين الديني‬ ‫والفلسفي‪.‬‬ ‫والله أعلم‪.‬‬ ‫أبو يعرب المرزوقي‬ ‫‪298‬‬ ‫الأسماء والبيان‬

‫‪53 7‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫أبو يعرب المرزوقي‬ ‫‪299‬‬ ‫الأسماء والبيان‬


Like this book? You can publish your book online for free in a few minutes!
Create your own flipbook