أ َّما ما ظهر من طوابؾ بعد ذلك ،فك ٌّل ٌتبع هواه ،وٌسٌر ورار تؤوٌلبت باطل ٍة ،وأفكار منحرفة ،لٌس أدل على بطلبنها من مخالفتها لمنهج السلؾ الصالح ،ومناقضتها لأصول الدٌن التً بنً علٌها، وزٌؽها فً فهم النصوص عما كان علٌه أول هذه الأمة ،فً عهد رسول الله صلى الله علٌه وسلم ،ومن بعده عهد الشٌخٌن الإِ َمامٌن الجلٌلٌن -أبً بك ٍر وعمر رضً الله عنهما -الَّذٌن كانا كما قال معاوٌة بن أبً سفٌان رضً الله عنه \" :أما أبوبك ٍر فلم ٌرد الدنٌا ولم ترده،وأما عمر فؤرادته الدنٌا فلم ٌردها ،وأما نحن فتمرؼنا فٌها ظهراً لبطن\" ( ) وقد اقتفا أثرهما ،الخلٌف ُة الذي جار بعدهما ،عثمان ذي النورٌن رضً الله عنه ،ثم عل ًٌّ زوج البتول ،وابن عم الرسول صلى الله علٌه وسلم ،رضً الله عنهم ،وعلى من تبعهم بإحسا ٍن ،إلى ٌوم الدٌن . وقد ظهرت هذه الطوابؾ ،ونمت ،وترعرع ت ،بحكم الخلبفات الحاصلة فً الآرار ومن هو الأحق بالخلبفة والإمارة ،وقامتالمنازعات وتوالـت المحن فً تارٌخ الأمـة الإسلبمٌة ،بظهور ولا ٍة ًٍ ٌطلبون الدنٌا وٌبحثون عن الجـاه والمنصب . وٌعزو بعض العلمار ظهور الطوابؾ لظهور الفتن بعد مقتل الخلٌفتٌن الثالث والرابع فً الإسلبم ،عثمان وعلً رضً الله عنهما، وكان من تلك الفرق التً ظهرت فً هذه الفترة ،وفً عصر الإِ َمام َمالِك بحكم كثرة الخلبفات والافتتان بالدنٌا ،بعد فتوح البلدان ،ودخول أمصا ٍر بعٌدة فً دولة الإسلبم لم ٌكن لها عه ٌفد قبل بالإسلبم ،وتؽٌرت -البداية والنياية ج7ص. 109 301
ال ِّطباع وماجت الأرض بالفتن ،وصارت الحاجة مل َّح ًة إلى الرجوع إلى ال َّنبع الصافً والمعٌن الذي لا ٌنضب ،من سنة الحبٌب المصطفى صلى الله علٌه وسلم ،وقد كان بطبٌعة الحال المكان الذي ظ َّل محافظاًعلى الجذور ،متمسكاً بالأؼصان الزاخرة ،والظلبل الوارفة -هو -مدٌنةالمصطفى ،و ُم َها َج ُره ،المكان الذي شاع منه النور ،وسطعت منه أنوار الحقٌقة (دار الهجرة) المدٌنة المنورة ،على ساكنها الصلبة والسلبم . ولقد ظهرت فرق ضال ٌفة احترفت بدعة الكلبم زمن الإِ َمام َمالِك- رحمه الله -ولا ٌخفى موقؾ َمالِك من هذه الفرق ،فموقفه كما ب ٌَّنه شٌخ الإسلبم ابن تٌمٌة ،فً كتابه الاستقامه ،معرو ٌفؾ عند أهل العلم ،حٌث قال ابن تٌمٌة :إن كلبم َمالِك فً ذم أهل البدع والأهوار ،وال َّتبرإ منهم كثٌ ٌفر ،ومن أخطرهم عنده الجهمٌة ،الذٌن ٌقولون إن الله لٌس فوق العرش ،وإن الله لم ٌتكلم بالقرآن ،وٌنفون نحو ذلك من الصفات لله تعالى \"( ( . ومن المناسب هنا أن نؤخذ لمحة بسٌطة عن علم الكلبم ونشؤته، ورأي أبمة السلؾ فً المتكلمٌن ،مع الوقوؾ على رأي الإِ َمام َمالِك، بِ َش ْك ٍل خاص . المطلب ال الث :نشؤة علم الكلام : -شيخ الإسلام ابن تيمية ،الاستقامة ،2002 ،ص. 14 302
لكً ندرس علم الكلبم بشً ٍر من التفصٌل ،لابد أن نتعرؾ أولاً على أصل هذه الكلمة ،وماذا تعنً فً اللؽة العربٌة ،ومتى كان أول ظهور لهذا المصطلح ،فنقول :الكلام لغة :هو القول المع َّبرعنه باللفظ ،وقٌل :ما كان مكتفٌا بنفسه، قال سٌبوٌه :اعلم إن قلت :إنما وقع ُت فً الكلبم ،على أن ٌُحكى بها ما كان كلبما لا قولا ،ومن أد ِّل ال َّدلٌل على ال َفرق بٌن الكلبم والقول، إجماع الناس على أن ٌقولوا القرآن كلبم الله ،ولا ٌقولوا :القرآن قول الله ،وذلك أن هذا موضع ضٌق متحجر لا ٌمكن تحرٌفه ،ولا ٌسوغ تبدٌل شًر من حروفه ،فعبر لذلك عنه بالكلبم الذي لا ٌكون إلا أصواتا تامة مفٌدة\"( ).وٌمكن أن نعرؾ الكلبم مما سبق على أنه ما دل على معناه اللؽوى، أي ٌدل على كل لفظ تم معناه ،وكان دالاً علٌه بنفسه .وفً الاصطلاح :فإن علم الكلبم له عدة تعرٌفات ،منها تعرٌؾ الإِ َمام الإٌجً حٌث قال :والكلبم علم ٌقتدر معه على إثبات العقابد الدٌنٌةبإٌراد الحجج ودفع الشبه ...إلى أن قال :والمراد بالعقابد :ما ٌقصد به نفس الاعتقاد دون العمل ،وبالدٌنٌة :المنسوبة إلى دٌن محمد صلى الله علٌه وسلم ،فإن الخصم وإن خطؤناه لا نخرجه من علمار الكلبم ( ) . -لسان العرب ،ابن منظور ،طبعة جديدة منقحة ،دار صادر بيروت 2000 ،م ،ج 7مادة كمم ص. 290 -المواقف في عمم الكلام ،الإيجي ،دارالكتب ،بيروت ( ،بدون تاريخ طباعة ) ص. 7 303
فقد اعتبر علم الكلبم من الأدلة ،حٌث ٌستدل به على إثبات العقابد الدٌنٌة بالمنطق والح َّجة ،وبعضهم ٌسمً هذا العلم علم الأسمار والصفات ،لأن هذا المبحث ٌعتبر من أهم المباحث التً كثرت فٌها الاختلبفات ،وتعددت فٌها الآرار ،وانقسمت فٌها فرق المتكلمٌن .وبعضهم ٌسمٌه علم المنطق ،قال الشهرستانً :إما لأ َّن أظهر مسؤلة تكلموا فٌها ،وتقاتلوا علٌها ،هً مسؤلة الكلبم ،فسمً النوع باسمها، وإما لمقابلتهم الفلبسفة فً تسمٌتهم ف ًنا من فنون علمهم بالمنطق، والمنطق والكلبم مترادفان)( ). وقد سماه الإِ َمام أبوحنٌفة بالفقه الأكبر فً كتاب له ،كل مباحثهجعلها فً المسابل الاعتقادٌة ،وٌمكن أن نعبر عن هذه التعرٌفات وهذه المسمٌات بمصطلحً(:الحوار والنقاش) وذلك بمناقشة الأدلة النقلٌة، ومحاولة الاستدلال علٌها بواسطة العقل ،وإن كان كثٌر من السلؾ ٌعتبر هذا من البدع ،كما سٌؤتً بٌانه إن شار الله . فائدته : ذكر الإٌجً جملة من الفوابد ٌمكن أن ٌحصلها المشتؽل بهذا العلم فجعلها فً خمس فوابد وأهداؾ : -الممل والنحل ،لمشيرستاني ،ج1ص. 29: 304
الترقً من حضٌض التقلٌد إلى ذروة الإٌقان ،قال تعالىْ ٌَ ( :ر َف ِعال َّلهُ الَّ ِذٌ َن آ َم ُنوا ِمن ُك ْم َوالَّ ِذٌ َن أُو ُتوا ا ْل ِع ْل َم َد َر َجا ٍت َوال َّلهُ بِ َما َت ْع َملُو َن َخ ِبٌ ٌفر ) (). إرشاد المسترشدٌن بإٌضاح الح َّجة ،وإلزام المعاندٌن بإقامة الح َّجة. حفظ قواعد الدٌن عن أن تزلزلها شبه المبطلٌن. عل ٌفم تنبنً علٌه العلوم الشرعٌة ،فهو ٌعتبر أساس العلوم الشرعٌة ،وإلٌه ٌإول أخذها ،واقتباسها. صحة النٌة والاعتقاد ،إذ بها ٌرجى قبول العمل ،وؼاٌة ذلك كله الفوز بسعادة الدارٌن( ) . نشؤته : مر علٌنا أن الطوابؾ والفرق َن َشؤة بعد ظهور الفتن ومقتل عثمان رضً الله عنه وانقسام الناس فرٌقٌن بعد مإٌد للثؤر من قتلة عثمانوبٌن مرجح بقٌام الأمر لعلً رضً الله عنه ،ثم بعد ذلك ٌرى ما ٌكون فً قتلة عثمان ،وٌذكر الشٌخ الحوالً وجهة نظر أخرى لبعضالمإرخٌن حٌث ٌقولٌ :ذكر بعض المإرخٌن أن بوادر ظهور هذا العلم -سورة المجادلة الآية . 11 -المواقف في عمم الكلام للإيجي ،ص. 7 305
كان بعد مقتل الإِ َمام علً رضً الله عنه ،حٌث انقسم المسلمون إلى طوابؾ وفرق هذه أصولها :الخوارج ،الشٌعة ،المرجبة ،القدرٌة ( ). وراحت كل فرقة تبرر اتجاهها السٌاسً بإضفار الصبؽة الأصولٌة على توجهها وتمذهبها أما الشهرستانً ،فٌرى أن تطور هذا العلم كانخاصة أٌام الخلفار العباسٌٌن ،حٌث ٌقول( :أما رونق الكلبم فابتداإه من الخلفار العباسٌٌن ،هارون ،والمؤمون ،والمعتصم ،والواثق ،والمتوكل، وانتهاإه من الصاحب بن عباد ،وجماعة من الدٌالمة )( ). أما ازدهار هذا العلم على ٌد شٌخ المتكلمٌن وصاحب الكلمة القاطعة والحجة الدامؽة ،الإِ َمام أبً الحسن الأشعري ،وخلفه من بعده تلبمذته الذٌن هذبوا أصوله وقعدوا قواعده ،حٌث استوى على سوقه وترعرعفً أحضانهم ،كالباقلبنً (ت 403هـ ) والإِ َمام الجوٌنً (ت 478هـ) والفخر الرازي (ت 606هـ) وقد كان علم الكلبم عند المتقدمٌن خالٌا من الفلسفة ،لكنه تطور بعد ذلك فؤدخلت بعض مباحث الفلسفة إلى مسابله ،لأجل هذا قال العلبمة ابن خلدون ،واصفا تطور تناول علم الكلبم بٌن السلؾ والخلؾ ( :وأما محاذاة طرٌقة السلؾ بعقابد علم الكلبم فإنما هو فً الطرٌقة القدٌمة للمتكلمٌن وأصلها كتاب الإرشاد ومن حذا حذوه ،ومن أراد إدخال الرد على الفلبسفة فً عقابده فعلٌه بكتب الؽزالً والإِ َمام ابن الخطٌب ،فإنها وإن وقع فٌها مخالفة -ظاىرة الإرجاء في الفكر الإسلامي ،سفر بن عبد الرحمن الحوالي،مطبعة المعارف ،الرياض 2002ص. 22: -الممل والنحل ،مصدر سابق ،ص.30 : 306
للبصطلبح القدٌم فلٌس فٌها من الاختلبط فً المسابل والالتباس فً الموضوع ما فً طرٌقة هإلار المتؤخرٌن من بعدهم) ( ) . أقوال الأئمة الأربعة فً حكم الاشتلال بعلم الكلام : لقد ذكر العلبمة السٌوطً رأي الأبمة الأربعة فً علم الكلبم، وسنكتفً بسرد أقوالهم فً هذا الباب ،ففٌها الؽنى ،لأنهم شٌوخ أهل السنة وأبمة المذاهب الأربعة المعتمدة ،ولنعرؾ كٌؾ كان رأٌهم فً هذه المسؤلة الحساسة التً مازالت تثٌر جدالاً واسعاً بٌن أوساط المثقفٌن إلى زماننا الٌوم . أولااًل :الإِ َمام أبوحنٌفة النعمان :روى عنه محمد بن الحسن تلمٌذه قال: \"قال أبوحنٌفة :لعن الله عمرو بن عبٌد( ) فإنه فتح للناس الطرٌق إلى الكلبم فٌما لا ٌعنٌهم من الكلبم )( ) . والظاهر من خلبل كلبم الإِ َمام أبً حنٌفة أنه ٌقصد بالكلبم المذموم هنا كلبم القدرٌة المعطلة ،وعمرو بن عبٌد (ت 144هـ) من مإسسً هذا الاتجاه ،ولهذا ألؾ أبوحنٌفة كتابه الفقه الأكبر ،وهو كتاب خاص بالعقابد للرد على أمثال هإلار . -المقدمة ،ابن خمدون ،تحقيق :د .عمي عبد الواحد وافي ،نيضة مصر ،طبعة2004،م ،ج ،3 :ص.973 : -ىو أبو عثمان عمرو بن عبيد من باب ،ولد في بمغ سنة 80ىـ ،وكان جده من سبي فارس ،تتممذ أول الأمر عمى الحسن البصري إلى أن انفصل ىو وواصل بن عطاء،ويعتبر ىذان الرجلان مؤسسي مذىب الاعتزال،مات سنة144ىـ. -صون المنطق والكلام عن فن المنطق والكلام ،جلال الدين السيوطي ،تحقيق عمي سامي النشار ،دار الكتب العممية ،بيروت ،بدون تاريخ.ص.101-100 307
انٌاًلا :أقوال الإِ َمام َمالِك نقل السٌوطً عن طرٌق عبد الرحمن بن مهدي ،أنه قال\" :دخلت على َمالِك وعنده رجل ٌسؤل فقال (:لعلك من أصحاب عمرو بن عبٌد ،لعن الله عمراً ابتدع هذه البدعة من الكلبم، ولو كان الكلبم علما لتكلم فٌه الصحابة والتابعون كما تكلموا فً الأحكام والشرابع )( ) . وفً كلبم الإِ َمام َمالِك أٌضاً ترجٌ فٌح لما قاله الإِ َمام أبً حنٌفة ،وذلك من خلبل موقفه من عمرو بن عبٌد المبتدع المارق ،الذي تكلم فً أشٌار لم ترد عن الصحابة رضوان الله علٌهم ،ولم ٌكن للسلؾ الصالح فٌها قدم سبق . ال اًال :موقؾ الإِ َمام الشافعً فقد ذكر عبد الله بن محمد بن علً الأنصاري الهروي فً كتابه ( ذم الكلام ) كثٌرا من الآثار التً ٌذم فٌها الإِ َمام علم الكلبم المتطرؾ ،منها قوله ( :لأن ٌبتلً الله امرراً بكل ما نهى عنه خلب الشرك ،خٌر من أن ٌبتلٌه بالكلبم )( ) . من خلبل كلبم الشافعً ٌبدو أن الإِ َمام الشافعً كان قد اتخذ موقفاً متشدداً جداً من علم الكلبم ،ولكن الشافعً -رحمه الله -إنما قصد بهذا أن ٌرمً كلبماً على أولبك المبتدعة الذٌن ٌخوضون فً الكلبم المذموم الذي ٌجر إلى التعطٌل والزٌػ عن الحق والصراط المستقٌم . -صون المنطق والكلام ،لمسيوطي ،ص.33-32 : -ذم الكلام ،اليروي ،تحقيق :الدكتور سميح دغيم ،ص ،255 :دار الفكر المبناني ،بيروت ،بدون تاريخ طباعة . 308
رابعاًلا :أقوال الإِ َمام أحمد بن حنبل -رحمه الله -ومنها قوله\" :أبمة الكلبم زنادقة \"( ) . وهو حتماً ٌقصد بهذا أهل الكلبم المتن ِّطعٌن الذٌن لا ٌوافقون الكتاب والسنة ،ومما ٌدلل على هذا -موقفه المشهور من قضٌة ،خلق القرآن حٌث امتحن فٌه ،وأ َّنى له ذلك لو لم ٌخض فً مسابل هذا العلم الشرٌؾ ،لٌرد على أولبك الذٌن ٌقولون بخلق القرآن .ومما سبق ٌتبٌن أن الأبمة -رحمهم الله ،-قد اتخذوا موقفاً موحداً منعلم الكلبم ،حٌث اعتبروه بدع ًة منكر ًة لم تكن زمن الصحابة والتابعٌن، لكن لما صارت هذه البدعة قابم ًة ،وهذا البلبر -كما سماه الإِ َمام الشافعً -قد ظهر كان لابد لعلمار السنة وأهل الحدٌث أن ٌردوا علىالشبهات التً أثارها هإلار المبتدعة ،كالجهمٌة ،والمعتزلة ،والخوارج، وؼٌرهم . مع كراهته للعامة واتخاذه دٌدناً فً المجالس ،فالعامً قد تفتنه هذه المسابل ،قال الشٌخ صالح بن عبد العزٌز آل الشٌخ فً هذه المسؤلة:ولهذا نهى الإِ َمام َمالِك -رحمه الله -لما حدث عنده بحدٌث الصورةنهى المتحدث بذلك؛ لأن العامة لا ٌحسنون فهم مثل هذه المباحث،وهكذا فً بعض المسابل فً الأسمار والصفات لا تناسب العامة ،فقدٌكون سبب الجحد تحدٌث الرجل ببحث لا ٌعقله ،فٌإول به ذلك إلى أن -صون المنطق ،السيوطي ،ص.84 : 309
ٌجحد شٌبا من العلم بالله -جل وعلب -أو ٌجحد شٌبا من الأسمار والصفات ( ). أما العالم الذي ٌرد على هإلار المثٌرٌن للشبهات فً العقٌدة فهو أمر مشروع له بل مطلوب ،وٌثاب علٌه إذا ابتؽى به وجه الله تعالى ولٌس أدل على ذلك من احتراؾ كثٌرٌن من علمار السنة لهذا ،كؤمثال الإِ َمام أبً الحسن الأشعري ،والباقلبنً ،والؽزالً ،وؼٌرهم وسٌكون حدٌثنا عن الطوابؾ والفرق التً ظهرت زمن الإِ َمام ماك وقبله ،والتً احترفت علم الكلبم وقد انحرفت كلٌاً عن مذهب أهل السنة والجماعة، وسنذكرهذه الفرق والطوابؾ ،وهً كثٌر ٌةف ولكن الفرق الأساسٌة المعروفة منها والتً عدها العلمار ومنهم ابن حزم وؼٌره خمس فرق( ) ،ومنها التً كان ظهورها قبل الإِ َمام َمالِك ومنها ما كان فً عصره ،وسنورد الحدٌث عنها فرق ًة فرق ًة ،بحسب تارٌخ نشؤتها والبلدان التً ترعرعت فٌها وآرار كل فرق ٍة منها ،أما الأشعرٌة والماتردٌة فقد كان ظهورهما بعد الإِ َمام َمالِك بؤكثر من قرن ،حٌث ظهرت الأشعرٌة على ٌد الإِ َمام أبً الحسن الأشعري ( ) أما الماتردٌة -اٌزّ١ٙل ٌْوػ وزبة اٌزٛؽ١لِ،ؾبٙواد ٌٍْ١ـٕ-بٌؼ ثٓ ػجلاٌؼي٠يثٓ ِؾّل آي اٌْ١ـ،كاهاٌزٛؽ١ل،اٌطجؼخ الأ.375 َ2003 ،ٌٝٚ -كهاٍبد ف ٟاٌفىو الإٍلاِ. 50 ٓ ٟ ٛ٘ -ػٍ ٟثٓ ئٍّبػ ، ً١ثٓ ػٍ ٟثٓ أث ٟثْو الأّؼو ٞاٌجٖو ٞهؽّٗ الله ،اٌؼبٌُ اٌّؼوٚف ،ئِبَ الأّبػوح ،ػف ثنٔجٗ ػٓ إٌَخ ٚلّغ اٌجلػخ ٚ ،وبْ ّل٠لاً ػٍ ٝأً٘ اٌطٛائف ٚاٌفوق ِٓ إٔؾبة الأ٘ٛاء ِ ٌٗ ،إٌفبد وض١وحٌ ، ِٓ أّٙو٘ب الإثبٔخ ػٍ ٝإٔٛي اٌل٠بٔخ ٚ ،هٍبٌخٌ ئٌ ٝأً٘ اٌضغو ،وبْ ِؼزيٌ١بًّ فأهاك الله ٌٗ اٌق١و فبػزيي الاػزياي ،ٚم َّة ػٓ إٌَخ ٌٚ ،مل موو اثٓ وض١و أْ أثب اٌؾَٓ ِو ثضلاصخ أٛٛاه – الأٚي هؽٍخ الإػزياي صُ ػفبٖ الله ِٕٙب ٚؽّبٖ ،اٌطٛه اٌضبٔ ٟؽبٌخ ئصجبد اٌٖفبد اٌؼمٍ١خ اٌَجغ ٟ٘ٚاٌؾ١بح ٚ ،اٌؼٍُ ٚ ،اٌملهح ٚ ،الإهاكح ٚ ،اٌَّغ ٚ ،اٌجٖو ٚاٌىلاَٚ ،رأ ً٠ٚاٌقجو٠خ وبٌٛعٗ ٚ ،اٌ١لٚ )... ٓ٠اٌؾبٌخ اٌضبٌضخ :ئصجبد عّ١غ اٌٖفبد لله ػي ٚعً ِٓ غ١و رى١١ف ٚلا رْجٗ١ ،عو٠بً ػٍِٕٛ ٝاي اٌٍَف ٛ ٟ٘ٚو٠مزٗ ف ٟالإثبٔخ اٌزٕٕ ٟفٙب أف١واً ٌٚ ،مل فبٌفٗ ثؼ٘ أرجبع ِن٘جٗ ف٘ ٟنا ٌٚل أثٛاٌؾَٓ الأّؼوٍٕ ٞخ ٘260ـ ٚرٛف ٟهؽّٗ الله ٍٕخ ٘324ـ ) ( هٍبٌخ ئٌ ٝأً٘ اٌضغو ،رؾم١ك ػجل الله ّبوو اٌغٕ١لٞ ،اٌّلٕ٠خ إٌّٛهح ،اٌطجؼخ اٌضبٔ١خ ٚ ) 77 ، 65ٓ َ 2002 ،أظو ( الإثبٔخ ػٓ إٔٛي اٌل٠بٔخ ٓ. ) 112 -104 310
فعلى ٌد أبً منصورالماترٌدي ( ) ،فً ما ورار النهر ،و لا ٌختلؾ الماترٌدي كثٌراً عن أبً الحسن الأشعري ،فهو خصم لدود للمعتزلة، وقد خالفهم فً المسابل التً اشتهروا بمخالفة أهل السنة فٌها مثل مسابل الصفات وخلق القرآن ،وإنكار الرإٌة لله تعالى فً الآخرة للمإمنٌن ،والقدر ،وتخلٌد أهل الكبابر فً النار ،والشفاعة وؼٌرها ،وقد ألؾ فً ذلك كتبا مستقلة . ومع ذلك فالماترٌدي لم ٌنطلق فً ردوده علٌهم من منطلق منهج السلؾ – رحمهم الله تعالى – وإنما كان متؤثرا بمناهج أهل الكلبم، ولذلك وافقهم فً بعض الأصول الكلبمٌة ،والتزم لوازمها فؤدى به ذلك إلى بعض المقالات التً لا تتفق مع مذهب السلؾ ،وإنما كان فٌها قرٌبا من مذهب الأشعرٌة . وهما كما ذكر الأستاذ المحمودي عن تقارب منهج الأشعرٌة والماتردٌة فقال :إن كلبً من الأشعرٌة والماتردٌة متقارب فً كثٌ ٍر من المسابل ،وقد وافقوا أهل السنة فً كثٌر من المسابل العقدٌة ،ؼٌرأنهما اختلفاعن مذهب أهل السنة وأصحاب الحدٌث فً تؤوٌلهم للصفات، كتؤوٌلهم الاستوار بالاستٌلبر ،والٌد بالقدرة ،وؼٌرها من الصفات الواردة ،ومع هذا فٌعتبران من أقرب المذاهب الكلبمٌة لأهل السنة -اٌّبرو٠لِ :ٛ٘ ٞؾّل ثٓ ِؾّٛك اٌّبرو٠ل ٞاٌَّولٕلِٚ ،ٞبرو٠ل ِؾٍخ ٍّولٕل فّ١ب ٚهاء إٌٙو ،رزٍّن ػٍ ٝػلحّٛ١ؿ ِٓ أّٙوُ٘ :أثٖٔٛواٌ ِؼَ١بٚ ،ٟٙأثٛثىواٌغٛىأٚ،ٟغ١وُ٘ٛ٘ٚ ،ؽٕف ٟاٌّن٘ت ٛ١ّٚفٗ رزٍّنٚا ػٍ ٝإٔؾبةأث ٟؽٕ١فخ ٌنٌه ار ُٙاٌجؼ٘ ثأٔٗ ِٓ ِوعئخ اٌفمٙبء ٌٗٚػلح ِٖٕفبد ف ٟاٌفمٗ ٚإٔٚ ٌٗٛف ٟاٌزفَ١و ٚػٍُ اٌىلاَ، ٚغبٌت وزجٗ اٌىلاِ١خ ف ٟاٌوك ػٍ ٝاٌّؼزيٌخ ٚاٌجب١ٕٛخ ِٓٚ ،أّٙو وزجٗ اٌزأ٠ٚلاد اٌ َُّ َّّ ٝرأ ً٠ٚأً٘ إٌَخٚ ،لل ٍٕٕٚب وبِلا ٚ ،وزبة اٌزٛؽل٠ل ٚ ،وزبة اٌؼم١لح اٌنّ ٞوؽٗ اٌَجىّٚ ،ٟوػ اٌفمٗ الأوجو ٚلل وبٔذ ٚفبرٗ ٍٕخ ٘333ـ . 311
والجماعة ،وٌرجع وجه الشبه بًن الأشعري والماترٌدي إلى أن كلبًّ منهما ٌمٌل إلى التوسط بٌن العقل والنقل( ) . وٌدور نقاش كثٌر فً زماننا الٌوم ،بٌن المنتسبٌن للتٌار السلفً المتمسكٌن بظاهر النصوص فً مسابل العقابد المختلفة ،وبٌن من ٌعتقدون العقٌدة الأشعرٌة على سبٌل التقلٌد ،وهذا الصراع الحدٌث القدٌم ،سببه التباٌن فً وجهات النظر بٌن كل من الفرٌقٌن وكلبهماٌنتسب إما بالتمنً ،أوالادعار ،أوالاتباع لأهل السنة والجماعة ،وسنقؾعلى شاطا هذه الأزمة ونلقً نظر ًة متفحص ًة لهذا الموضوع ،من دون تعص ٍب لوجهة نظ ٍر معٌن ٍة ،لٌكون الأمر أكثر وضوحاً ،ولنتعرؾ على جذور الأزمة بٌن ك ٍّل من التٌارٌن -التٌار السلفً من جهة ،والمد الأشعري والماترٌدي الذي نما وترعرع وصار له أتباع ،لهم وز فٌن، وشؤ ٌفن ،وتجلٌة الموضوع كما ٌلً: الأشعرٌة نشؤتها وأسبابها : كان أهل السنة والجماعة هم المثل الأول والوحٌد لعقٌدة الإسلبم فً المجتمع الأول الذي أقامه الرسول صلى الله علٌه وسلم ،وسار علىهذا الدرب صحابته من بعده فً القرون الفاضلة ،قبل ظهور الخلبفات والشقاقات المختلفة التً أ َّججت نارها ،وأذكت لهٌبها الفرق الظلبمٌة التً ظهرت بعد مقتل الخلٌفة عثمان رضً الله عنه ،كان من بٌنها، كما ٌذكر الحافظ الذهبً :المعتزلة ،والجهمٌة ،و الك ّرامٌة ،لكن أهل -ػجل اٌوؽّٓ ثٓ ٕبٌؼ اٌّؾّٛك ِٛ ،لف ّ١ـ الإٍلاَ ِٓ الأّبػوح ٛ ،جؼخ ِىزجخ ا٢صبه الإٍلاِ١خ ،اٌطجؼخ الأ ،َ2006 ٌٝٚط ٔ ، 489 ٓ 2ملا ػٓ ّجىخ ٔٛه الإٍلاَ . www.islamlight.net ، 312
السنة -مع ذلك -ظلوا ظاهرٌن ٌمثلون جمهور الأمة الإسلبمٌة ،مقابل هإلار الذٌن انفصلوا عنهم ،كالخوارج الشٌعة ،والمعتزلة، والمجسمة( ) . أما منهجٌة أهل السنة والجماعة وأصولهم فثابت ٌفة معلوم ٌفة مدارهما على الكتاب والسنة ،والقول بؤن العقٌدة تمثل القول باللسان، والعمل بالأركان ،والاعتقاد بالجنان ،وأن الأعمال جز فٌر من الإٌمان لاتنفك عنه ،وهذا اعتقاد عموم أهل السنة والجماعة . وهم مع هذا ٌقدمون النقل على العقل ،وٌقفون على ما كان علٌه الرعٌل الأول من لدن رسول الله صلى الله علٌه وسلم ،وخاصة أصحابه -كؤبً بكر وعمر ،وعثمان وعلً ،وعابشة ،والزبٌر، وعبدالرحمن بن عوؾ ،وؼٌرهم ،وأنهم عدو فٌل كلهم وأفضلهم على الترتٌب الخلفار الأربعة ،ثم الأمثل فالأمثل . ومن أصول عقٌدة أهل السنة والجماعة -إثبات ما أثبته تعالى لنفسه وما وصفه به رسوله صلى الله علٌه وسلم ،من ؼٌر تشبٌ ٍه ،ولا تمثٌ ٍل ،ولاتكٌ ٍؾ ،ولاتعطٌ ٍل . وأقوال السلؾ فً إثبات الصفات كثٌرة جدا ،منها -أن الأبمة : سفٌان الثوري ،و َمالِك بن أنس ،واللٌث بن سعد ،والأوزاعً ،كانواٌقولون عن الصفات :أمروها كما جارت ،مع نفً العلم بالكٌفٌة ( )وعلى هذا القول عند عموم السلؾ ،لم ٌعرؾ فٌه مخال فٌؾ لهم قال عبد اٌن٘ج١ٍ : ٟو أػلاَ إٌجلاء ،اٌطجؼخ اٌزبٍؼخ ،ث١وٚدِ ،إٍَخ اٌوٍبٌخ ٘ 1413 ،ـ ،ط . 236 ٓ ،11 أث ٛثىو اٌقلاي :إٌَخ ،اٌو٠بٗ ،كاه اٌوا٠خ ، ٖ1410 ،ط. 259 :ٓ 1 313
العزٌز الماجشون :إن الصفات ُتمر دون التع ّرض له ،لأن العقولعاجزة عن إدراك صفاته تعالى وتحقٌقها ،بدلٌل عجزها – أي العقول- عن تحقٌق صفة أصؽر مخلوقاته ،ومن جحد صفاته تعالى تعمقا وتكلفا ،فقد استهوته الشٌاطٌن فً الأرض حٌران( ).و قال شٌخ المفسرٌن الطبري :إن صفات الله تعالى ٌجب إثباتها علىطرٌقة السلؾ ،بلب نفً ولا تؤوٌل ،ولا تشبٌه بصفات المخلوقٌن( ) أما المتكلم أبوالحسن الأشعري ،فقد قررهذا عندما ذكر قواعد مذهب السلؾ فً الصفات ،حٌث قال إنها ُتمر كما جارت ولا ُتإ ّول ( ) .وجار فً العقابد النسفٌة :الأدلة القطعٌة قابمة على التنزٌهات ،فٌجبأن ٌفوض علم النصوص إلى الله تعالى ،على ما هو دأب السلؾ ،إٌثاراً للطرٌق الأسلم ،أو ُت َإ َّول تؤوٌلبت صحٌحة على مااختاره المتؤخرون، دفعاً لمطاعن الجاهلٌن ،وجذباً ب ُضبع ( ) القاصرٌن ،سلوكاً للسبٌلالأحكم ( ) ،وهو فً هذا إنما ٌشٌر إلى ما تناقله جمهور الأشاعرة بعدذلك من أ َّن مذهبهم هو مذهب السلؾ ،وٌسمونهم بؤهل الحق ،فٌقولون: أهل الحق سلفهم طرٌقتهم أ ْسلَم ،وخلفهم ،طرٌقتهم أ ْع َلم وأ ْح َكم، والجمٌع أهل السنة . اٌن٘ج١ٍ : ٟو أػلاَ إٌجلاء ،ط . 312 :ٓ 7 اٌن٘ج : ٟاٌّٖله اٌَبثك ،ط . 280 -279 :ٓ 4 ٔفٌ اٌّٖله ،ط. 86 :ٓ ، 15 -اٌٚجغ :ث ُٚاٌٚبك اٌؼٚل وٍٙبِ ،قزبه اٌمبِ. 369 ٓ ،ًٛ ٍ -ؼل اٌلَِ ٓ٠ؼٛك ثٓ ػّو اٌزفزبى ،ٞاٌؼمبئل إٌَف١خ ،رؾم١كِ -ؾّل ػلٔبْ كهِ ،ِ٠ٚىزجخ اٌغوة،ث١وٚد ، .161 ٓ َ1990 314
فإذا كان أهل السنة والجماعة أم ٌفة واحد فٌة ،فمتى انقسموا إلى أشعر ٍّي وسلف ًٍّ ،وكٌؾ تسموا بالأشاعر ِة وأهل الحدٌث -لتبٌٌن هذا سنتكلم أولاً عن نشؤة المذهب الأشعري فنقول : تؤسٌس المذهب الأشعري: ٌُرجع كثٌ فٌر من الأشاعرة هذه التسمٌة إلى الإِ َمام أبً الحسن الأشعري ،ؼٌر أن التحقٌق فً هذه المسؤلة ٌثبت أن نشؤة هذه الطرٌقة وأفكارها تعود إلى النصؾ الأول من القرن الثالث الهجري ،وذلك على ٌد المتكلم أبً محمد عبدالله بن سعٌد بن كلبب البصري المتوفى240هـ ،الذي ظهر بؤفكا ٍر مخالفة لمذهب أهل السنة ،بإثباته الصفات الخبرٌة الواردة فً الكتاب و السنة ،كالعلو ،والنزول ،و الاستوار على العرش ،لكنه خالفهم بإنكاره قٌام الأفعال الاختٌارٌة بذات الله تعالى ،المتعلقة بمشٌبته وقدرته – ونفى الكلبم عنه سبحانه وتعالى، ورحمته بعباده ،فوافق بذلك الجهمٌة فً نفٌهم لها ،و خالؾ السلؾ فً إثباتهم لتلك الأفعال( ). وعلى كلبم ابن كلبب وزعمه ،كما نقل الذهبً فً سٌر أعلبم النبلبر وابن تٌمٌة فً مجموع الفتاوى فقد ادعى ابن سعٌد الكلببً :أن الله تعالى لا ٌستطٌع التكلّم بمشٌبته ،وأن كلبمه هو معنى واحد قدٌم قابم بذاته تعالى ،إن ُعبر عنه بالعربٌة كان قرآنا ،وإن ُعبر عنه بالعبرٌة كان توراة ،وإن ُعبر عنه بالسرٌانٌة كان إنجٌلبً ،كما زعم كذلك أناٌن٘ج١ٍ، ٟو أػلاَ إٌجلاء،ط ٚ. 175 ،174 ٓ 11 ،اثٓ ر١ّ١خ :كهء اٌزؼبهٗ ث ٓ١اٌؼمً ٚإٌمً ،ؽممٗ هّبك ٍبٌُ ،اٌو٠بٗ ،كاه اٌىٕٛى، 1399 ،ط . 18 :ٓ 2 315
القرآن المن ّزل لٌس هو بحرؾ و لا بصوت ،و لٌس هو كلبم الله حقٌقة، و إنما هو حكاٌة و عبارة عنه لا عٌنه ،و زعمه هذا لم ٌسبقه إلٌه أحد من المسلمٌن( ) . وكلبم بن كلبب باط فٌل جمل ًة وتفصٌلبً ،فالله سبحانه وتعالى ف ّعا ٌفل لما ٌرٌد ٌفعل ما ٌشار وٌختار ،وقد تص َّدى لابن كلب ٍب هذا جمل فٌة من أهل السن ِة ممن عاصروه ،على رأسهم الإِ َمام العلم -أحمد بن حنبل -وقد ح َّذر -رحمه الله -منهم ،وس َّبهم ،وذمهمن و ن َّفر الناس من الجلوسإلٌهم ،و أمر بهجر الحارث بن أسد المحاسبً و ح ّذر منه ،ووصفه بؤنه جهمً ،وقال ر ًّدا علٌهم -إن القول بؤن القرآن حكاٌة عن الله هو ضلبل ،و ق ّرر أن الله تعالى تكلّم بحرؾ وصوت ( ). و منهم أٌضا الفقٌه أبو بكر بن خزٌمة ،فإنه لما علم بوجود طابف ٍةتنسب إلى الكلببً ،ومن تؤثر بهم ٌنشرون هذه الأفكار البدعٌة الكفرٌة، أنكر علٌهم ذلك بشدة وتصدى لهم ،وحذر منهم ورد على مقالتهم المنحرفة ،وك ّذبهم ولعنهم ( ). أما الأشعري فكما ٌذكر ابن كثٌر وؼٌره ،أنه كان معتزل ًٌّا ،ثم أعلن توبته من الاعتزال ولكنه تؤثر بهذه الأفكار الكلببٌة ،فنسبت إلٌه- ؼٌر أنه رجع عن المذهب الكلببً والتزم مذهب أهل السنة والجماعة فً الأسمار والصفاة ،وهً طرٌقته فً الإبانة ،ورسالة إلى أهل الثؽر،اٌن٘ج١ٍ،ٟو أػلاَ إٌجلاء،ط ٚ. 517 ،174 :ٓ11اثٓ ر١ّ١خِ :غّٛع اٌفزب ،ٜٚرؾم١ك اثٓ اٌمبٍُ ،اٌطجؼخ الأ ٌٝٚاٌو٠بٗ٘1381 ،ـ ،ط ٚ. 557 . 366 ،178 :ٓ 12اثٓ ؽغو :فزؼ اٌجبه،ٞط . 493 :ٓ 13 -اٌن٘ج : ٟاٌّٖله اٌَبثك ،ط . 378 :ٓ14 اٌن٘ج : ٟاٌَ ّ١و ،ط ،378 :ٓ 14اثٓ ر١ّ١خ :كهء اٌزؼبهٗ ،ط. 82 :ٓ2 316
وؼٌرها من الكتبٌ -قرر فٌها التزامه مذهب السلؾ فً الأسمار والصفات ( ). الإشكال بٌن الأشاعرة والسلفٌة: ٌذكر ابن كثٌ ٍر أن أتباع مذهب أبً الحسن الأشعري ٌخالفونه فً مسؤلة الأسمار والصفات ،فبعضهم مازال ٌجرٌها على الطرٌقة الكلببٌة ،ولكنهم ٌنتسبون إلٌه ،فهم ٌنتسبون إلٌه إسماً وهو ٌبرأ منهم طرٌق ًة ،ؼٌر أنه بقٌت آثار الاعتزال عالق ًة بالأشعري ومذهبه كما اعتبره أبمة السلؾ وأهل الحدٌث ،كما ٌذكر الأستاذ – خالد علبل- حٌث ذكر أنه قامت معارض فٌة سلفٌ فٌة كبٌر فٌة لمذهب الأشعري ،وآراره، وآرار تلبمذته ،ومازال الصراع قاب فٌم بٌن المذهبٌن إلى زماننا هذا وكلهم ٌستنصر بالمذهب السنً وٌدعٌه ( ) . ومن أهم المسابل التً اختلفوا فٌها مع أبمة السلؾ والحدٌث ،تؤوٌل أسمار الله وصفاته ،والقول فً كلبم الله بخلبؾ ما تعارؾ علٌه السلؾ الأول ،وٌذكر بعض المهتمٌن بالمذهب الأشعري ومنهم Richard franckأن الخلبؾ القابم بٌن الحنابلة -وٌقصد أهل السنة- والأشاعرة ،أن الحنابلة ٌرون أن العقابد إنما تكون بالاتباع والتقلٌد ،أما الأشاعرة فٌقولون :أنه لابد أن ٌستدل على المسابل العقدٌة بالأدلة العقلٌة ( ) . -هٍبٌخ ئٌ ٝأً٘ اٌضغو ،رؾم١ك ػجل الله ّبوو اٌغٕ١ل ، ٞاٌّلٕ٠خ إٌّٛهح ،اٌطجؼخ اٌضبٔ١خ 77 ، 65 ٓ َ 2002 ، .فبٌل وج١و ػلاي ،الأىِخ اٌؼمل٠خ ث ٓ١الأّبػوح ٚأً٘ اٌؾل٠ش فلاي اٌمؤ 6-5 ٓ١اٌٙغو، ٓ١٠كاهال ِإ َِبَ َِبٌِه ،اٌجٍ١لح اٌغيائو ،اٌطجؼخ الأ. َ2005 ٌٝٚ3- Frank, Richard M. Knowledge and Taqlid,pp.37,45 . 317
ومما قاله بعض الأشاعرة فً القرآن ،وكان له آثار سٌبة فً تعاملبعضهم مع القرآن الكرٌم ،ما قاله أبوجعفر بن المشاط الأشعري بجامع ببؽداد ،فقد كان ٌُسؤل :هل (ألم ذلك الكتاب ) سورة البقرة ،كلبم الله ؟ فٌقول :لا ،و ٌقول فً القصص القرآنً كذلك :هذا كلبم موسى ،و هذا كلبم النملة ،وعندما قٌل له (:التٌن والزٌتون) قال :التٌن فً الرٌحانٌٌن ،والزٌتون ٌُباع فً الأسواق ،فؤفسد بذلك عقابد الناس( ) .ومما ٌذكر فً هذا الصدد أنه قامت معارض ُة كبٌر فٌة من علمار السنة، للئمام الباقلبنً فً ذلك الوقت ،لتبنٌه علم الكلبم ،والقول فً كلبم الله تعالى ،وعندما صارت جماعة تختلً بالباقلبنً ،وتحضر مجالسه ودروسه خفٌ ًة ،لٌؤخذوا عنه مذهبه ،كان الإسفراٌٌنً شٌخ الشافعٌة فً زمانهٌ ،خاؾ أن ٌزعموا أنهم تعلّموا علم الكلبم منه إذا رجعوا إلى بلدانهم ،ف ٌُعلن أمام الناس أ َّنه برير من مذهب الباقلبنً فً كلبم اللهتعالى ،و قد نهى بعض أصحابه عن الدخول على الباقلبنً لدراسة علمالكلبم ،و قال له :إٌاك ،فإنه مبتدعٌ ،دعو الناس إلى الضلبلة ،و إلا فلب تحضر مجلسً( ). وقد كان الحال بٌن كل من المذهبٌن فً م ًّد وجزر ،ولما صنؾ أبوبكر بن فورك الأصبهانً الأشعري (المتوفى 406هـ) ،كتابا فً تؤوٌل صفات الله تعالى ،على طرٌقة المإ ّولٌن للصفات والمعطلٌن لها ،جار القاضً أبو ٌعلى الفرار الحنبلً البؽدادي(ت 458هـ) ،ور ّد علٌه بكتا ٍب سماه( :إبطال التؤوٌلبت لأخبار الصفات ) أثبت فٌه الصفات اثٓ اٌغٛى :ٞإٌّزظُ ،كاه ٕبكه ،ث١وٚد ،اٌطجؼخ الأ٘1358 ،ٌٝٚـ،ط . 218 ،194 :ٓ ، 10 اثٓ ر١ّ١خ :كهء اٌزؼبهٗ ،ط . 96 :ٓ 2 318
التً أ ّولها ابن فورك ،وزاد علٌها كثٌرا ،فاتهمه الأشاعرة بتجسٌم الله تعالى وتشبٌهه بمخلوقاته ،و كان ذلك سنة 429هـ ( ) . ومن هنا ُعرؾ المذهب الأشعري وصار له أتبا ٌفع ودعا فةٌ من كبار العلمار ،بل وصارعلمار الأشاعرة ٌقولون :إن المذهب الأشعري هو الذي ٌمثل مذهب أهل السنة والجماعة ،وإن ؼٌرهم انحرؾ عنه، كؤمثال -الصوفً عبد الكرٌم ابن هوازن القشٌري ،والفقٌه أبو إسحاق الشٌرازي الشافعً ،الذي ع َّد أبا الحسن الأشعري إمام أهل السنة، وحجة الإسلبم أبوحامد الؽزالً ( ). ؼٌر أن المشكلة ماتزال قابم ًة بٌن أتباع التٌارٌن -كما أسلفنا -وكلهم ٌدعً وصلبً لل ٌْلى ،حتى إنك تقرأ من العلمار المعاصرٌن من ٌعتبر الأشعرٌة هً أساس مذهب أهل السنة والجماعة ،حٌث ٌذكر مصطفى ال َّشكعة ذلك فٌقول :إن لقب أهل السنة أُطلق أول ما أُطلق على جماعة الأشاعرة ،ثم اتسعت دابرته لتشمل أصحاب أبً حنٌفة ،و َمالِك، والشافعً ،وأحمد ( ) . وهذا الكلبم بعٌداً عن التعصب لمذه ٍب معٌ ٍن ،دون ش َك ًٍ كلبم باطل فالمعروؾ أن أهل السنة والجماعة كانوا قبل أن تظهر هذه الطوابؾ والمسمٌات ،بل إن المذاهب السنٌة ماهً إلا امتداد لمذهب السلؾ الصالح وقد عرفنا سابقاً أن مذهب أهل الحدٌث والأثر ما قام إلا علىاثٓ الأص١و :اٌىبًِ ف ٟاٌزبه٠ـ ،ث١وٚد ،كاه ٕبكه1965 ،ط ٚ. 228 ، 104 ،16 :ٓ 8اثٓ ر١ّ١خِ :غّٛع اٌفزب ،ٜٚط . 54 :ٓ 6 -فبٌل ػلاي ،الأىِخ اٌؼمل٠خ ث ٓ١الأّبػوح ٚأً٘ اٌؾل٠ش. 75ٓ، اٌْىؼخ :ئٍلاَ ثلا ِنا٘ت ،اٌمب٘وح ،كاه اٌمٍُ . 269 :ٓ ، 1961 ، 319
أكتاؾ َمالِك والشافعً ،وأحمد بن حنب ٍل ،وما ظهرت الأشعرٌة إلا فً منتصؾ القرن الثالث الهجري ،فشتان بٌن الجٌلٌن ،وٌابعد مابٌن الفرٌقٌن فً العلم والفضل ،ولنترك الإقرار الحقٌقً بهذا ،والقولالفصل فً هذه المسؤلة لأبمة السنة وكبارعلمابها وأساتذتها كؤمثال َمالِك والشافعً ،وأحمد بن حنبل ،والأوزاعً ،والثوري ،وابن عٌٌنة ،ومن سار على نهج السلؾ الصالح ،من أمثالهم ،والقضٌة برمتها قد حسم الكلبم فٌها والنقاش حولها من قبل ،حسمه هإلار الأبمة أنفسهم ،فقد وضعوا قاعد ًة لما هو س ُّن ًٌّ محم ِد ٌّي ،وما هو بدع ًٌّ جهم ًٌّ -فما كان موافقاً للكتاب والسنة ،متمشٌاًّ مع فهم السلؾ الصالح ،فهو طرٌقة أهل السنة والجماعة ،وما كان ؼٌر ذلك ،فهو مخال ٌفؾ علٌه الإتٌان بالدلٌل . ولا أدل على ذلك من رجوع كثٌ ٍر من علمار الأشعرٌ ِة عن منهجهم فً احتراؾ علم الكلبم ،والإقرار بؤن المذهب الأحوط ،والأسلم، والأنقى فً المعتقد ،هو منهج السلؾ الأول ،منهج أبمة الحدٌث الذٌن ٌبقون النصوص على ظاهرها فً مسؤلة الأسمار والصفات ،ومن أول من رجعوا عن هذا الإِ َمام أبوالحسن الأشعري بنفسه ،والؽزالً، وؼٌرهم. وخروجاً من هذا الخلبؾ ٌرى -الدكتور علبل أ َّن -كلبًّ من أصحابالحدٌث و الأشاعرة– أي السلؾ والخلؾٌ -دخلون فً دابرة أهل السنة والجماعة ،اعتماداً على المبادئ الأساسٌة التً تجمعهم ،لكن مواقعهم بداخلها – أي الدابرة -تختلؾ حسب قربهم من مذهب السلؾ و بعدهم عنه ،فؤصحاب الحدٌث ٌحتلون مركز الدابرة ،ثم ٌلٌهم الأشاعرة 320
المتقدمون ،ثم ٌلٌهم الأشاعرة المتؤخرون المحتلون للموقع المحصور بٌن محٌط الدابرة و الأشاعرة المتقدمٌن ،والله أعلم بالصواب ( ).وقد ذكر كذلك الأستاذ -صلبح الدٌن الأدلبً -وبعد مناقشته لعدٌد منوجهات النظر التً أثٌرت حول عقٌدة الأشاعرة فقال :أقول إننً لستأشعرٌاً مقلداً بمعنى أننً لا ألتزم بكل ما فً كتب الأشاعرة ،وإن كنتأرى أن معظم ما قالوه صواب ،ومن مآخذي على الأشاعرة إجمالاً دخولهم فً الفلسفة وتب ِّنٌهم طرقها ومناهجها ،دون التن ُّبه إلى عقم تلكالطرق والمناهج ،فنحن أمة أؼنانا الله تعالى بالطرق القرآنٌة فً إثبات العقابد ،ولا حاجة لنا إلى ؼٌرها ( ) . ومما سبق ٌمكن تقسٌم الأشاعرة إلى عدة أقسام: - 1الأشاعرة المتقدمون أمثال أبً الحسن الأشعري ،والباقلبنً، والرازي ،والؽزالً ،ومن كان على شاكلتهم ،فهإلار علمار لهم رأ ٌفيونظ فٌر ،وقد خاضوا فً مسابل كان السلؾ الصالح ٌتورع عن الخوض فٌها ،أوالبحث فً تفاصٌلها أو مناقشة جزبٌاتها -بل آمنوا بها حقٌق ًة-وفوضوا علم الكٌفٌة لله وحده ،ولك َّن الأشاعرة المتقدمٌن على كل حال، قد كان لهم فض فٌل فً الر ِّد على الجهمٌة ،والمعتزلة ،وؼٌرهم، بالأسلوب الفلسفً الذي ٌفهمه أولبك ،ودحضوا ال ُّشبه التً أثاروها حول أسمار الله وصفاته ،ونظ َن ًُ أنهم أرادوا الخٌر ،فالله سبحانه فبٌل ػلاي ،الأىِخ اٌؼمل٠خ ث ٓ١الأّبػوح ٚأً٘ اٌؾل٠ش. 79ٓ، ٕ ،لاػ اٌل ٓ٠ثٓ أؽّل الأكٌج ،ٟػمبئل الأّبػوح ف ٟؽٛاه ٘بكب ِغ ّجٙبد إٌّبٚئ ،ٓ١كاه ا٢صبه الإٍلاِ١خ، اٌمب٘وح ،اٌطجؼخ الأ. 2007 ،ٌٝٚ 321
وتعالى ٌجازي كلبًّ على ن ٌَّته فإنما الأعمال بالنٌات ،وهم فً آخر المطاؾ تابوا ،ورجعوا إلى مذهب السلؾ ،وبرإوا من التؤوٌل . - 2أشعرٌ فٌة بالتقلٌد ،وظهر التقلٌد عندما قوي هذا المذهب وصار لهأتباع من كبار العلمار ،فقلدهم قوم من العامة ،لٌس لهم دراٌ فٌة بمدلولات الألفاظ ،ولم ٌكن لهم عل فٌم بما كان علٌه السلؾ الأول من هذه الأمة، فاعتقدوا العقٌدة الأشعرٌة ،أوالماتردٌة ،ولو سؤلت أي واح ٍد منهم ،هلاعتقادك مبن ًٌّ على الكتاب والسنة ؟ فإنه ٌجٌبك دون أدنى تر ُّد ٍد -نعم أنا لا أعتقد إلا الكتاب والسنة -ومن هإلار العوام متعصبون للؤشعرٌ ِة والماتردٌة وكؤنها هً الدٌن الذي لا تجوز مخالفته ،وأ َّن عقٌدة التوحٌد إنما هً فً(الاعتقاد الأشعري أوالماترٌدي) وهإلار ٌعذرون بجهلهم فإنما هم مقلدون لا أكثر ،وإنما أرادوا الخٌر ،وهم كذلك إنما ٌعتقدون أنهم إنما ٌتل َّمسون عقٌدة السلؾ ،وٌرون أنهم على عقٌدة الأبمة الأربعة ،أهل السنة والجماعة . - 3قو ٌفم على دراٌ ٍة وعل ٍم -لكنهم مازالوا متمسكٌن بمذهب المتكلمٌن الأول على تعص ٍب وتح ٌُّ ٍز ومن دون موضوعٌة ،وهذا ٌمثل شرٌحة المتعلمٌن أو أشباههم ،وهإلار مقتنعون أن مذهب التؤوٌل هو المذهب الأعلم ،والأحكم ،وهذا مذهب الخلؾ ،وأن مذهب السلؾ هو الأسلم . - 4نخب فٌة أخرى محسوبة على الأشعرٌ ِة إسماً -ولكنها على مذهبأهل السنة والجماعة حقٌق ًة ومضموناً ،فهإلار على الفطرة السلٌم ِة ،ولم تتؤثر سرابرهم بؤحادٌث المتكلمٌن الأوابل ،وهإلار هم عامة الأشعرٌة الٌوم . 322
وكذلك فإن ما قٌل عن الأشعرٌة ٌقال عن الماترٌدٌة ،فمنهجهما واحد كما سبق ،أما الطوابؾ والفرق التً ابتدعت علم الكلبم ،وانحرفت عن مذهب أهل السنة ،وجاوزت الحد ،فهً على النحو التالً : أولالاً :الخوارج أو الحرورٌة : لابد أن نعرؾ أ َّن الخروج أول ما عرؾ إنما عرؾ فً عهد عثمان رضً الله عن ،حٌث خرج علٌه الزمرة من المارقٌن من أهل مصر، والكوفة ،وأهل البصرة ،وتآمروا على حرب الخلٌفة عثمان ،وز َّورت كتباً ورساب َل ،بؤسمار بعض الصحاب ِة كذباً بالدعوة إلى قتال عثمان وأنه أعظم الجهاد( ) وهذا ٌعتبره بعض علمار السٌرة أول ظهو ٍر للخوارج . والخروج الثانً :كان زمن خلبفة عل ًٍّ كرم الله وجهه ،ورضً عنه، حٌث انشق فرٌ ٌفق من الموالٌن له والمناصرٌن له رافضٌن مبدأ التحكٌم معلنٌن كلمتهم المشهورة \" لا حكم إلا لله \"( ) ،لذلك سموا بالخوارج، لخروجهم على الإِ َمام ،وتن ُّكلهم وتل ُّك ِبهم( )عن النصرة والطاعة لول ًِّ الأمر ،وسمٌت هذه الطابفة بالحرورٌة ،وهو موض ٌفع بالكوفة ،وهو أول مكان اجتمعوا فٌه حٌن خالفوا عل ًٌّا رضً الله عنه ،وأعلنوا خروجهم علٌه ( ) ،مخالفٌن بذلك قول الله تعالى ٌَ (:ا أَ ٌُّ َها الَّ ِذٌ َن آ َم ُنو ْا أَ ِطٌ ُعو ْا ال ّل َه َوأَ ِطٌ ُعو ْا ال َّر ُسو َل َوأُ ْولًِ الاَ ْم ِر ِمن ُك ْم َفإِن َت َنا َز ْع ُت ْم فًِ َش ًْ ٍر َف ُر ُّدو ُه إِلَى -كهاٍبد ف ٟاٌفىو الإٍلاِ. 140 ٓ ٟ -ؽّبك فلاػ اٌغياٌ ،ٟكهاٍبد ف ٟاٌفىو الإٍلاِ ٟاٌلاه اٌؼوث١خ ٌٍىزبةٛ ،جبػخِ ،له٠ل ،أٍجبٔجب49ٓ ،َ19885 ، . - اٌّؼٕ :ٝاٌغجٓ ٚاٌزمبػٔ ػٓ ارجبع ٚلاح الأِو ٛٚبػز ُٙفّ١ب ٌ ٌ١ف ٗ١غٚت الله ػي ٚعً . -الإثبٔخ ،لأث ٟاٌؾَٓ الأّؼو. 42ٓ ، ٞ 323
ال ّل ِه َوال َّر ُسو ِل إِن ُكن ُت ْم ُت ْإ ِم ُنو َن بِال ّلهِ َوا ْل ٌَ ْو ِم الآ ِخ ِر َذلِ َك َخ ٌْ فٌر َوأَ ْح َس ُن َتؤْ ِوٌلبً )( ). وهم فرق ،وطرابق متعدد ة ،وجماعات مختلفة ،كالأزارقة،والصلتٌة ،والأباضٌة ،وؼٌرهم ،وعامة الخوارج ٌقولون :بتكفٌر علً، وعثمان ،وطلحة والزبٌر ،وعابشة ،وجٌشٌهم ا ،وبتكفٌر معاوٌة وؼٌرهم من الصحابة الأطهار المبررٌن ،رضوان الله علٌهم أجمعٌن( ) ،كما ،وٌكفرون مرتكبً الكبٌرة ،وأنكروا الشفاعة لهم ،و قالوا بتخلٌدهم فً النار ( ) . وبلػ من الطؽٌان والضلبل من طابف ٍة منهمٌ ،قال لها (المحكمة )، أنهم قتلوا عبد الله بن خباب بن الأرت رضً الله عنه ،وقاتلهم عل ًٌّ رضً الله عنه ،وقد تاب منهم عدد كبٌ ٌفر ،ورجعوا بعد المناظرة المشهورة معه ،وٌقال أنه بقً منهم أربعة آلاؾ ،فقاتلهم ،وقال ،والذي نفسً بٌده لا ٌقتلون منا عشراً ولا ٌبقى منهم عش ٌفر ،وكان كما قال رضً الله عنه( ) . ومنهم طابف ٌفة ٌقال لهم( :النجدات ) ،التً أسقطت ح َّد شرب الخمر، ومنهم فرق فٌة ضال فٌة أخرىٌ ،قال لها ( :الصفرٌة ) التً ادعت أ َّن صاحب كل ذنب مشرك )( ) ،ومنهم من قال بالمنزلة بٌن المنزلتٌن،، 2006 ٍٛ -هح إٌَبء ا٠٢خ . 59 -اًٌٍّ ٚإٌؾً ٓ. 60 -ئثوا٘ ُ١ثٓ ػبِو اٌوؽ ، ٍٟ١اٌزىف١و ٛٙٚاثطٗ ،كاه ال ِإ َِبَ اٌجقبه ، ٞاٌلٚؽخ ،لطو ،اٌطجؼخ الأٌٝٚ ٓ .177 -اٌفوق ث ٓ١اٌفوق ٓ. 96 -اٌّٖله اٌَبثك ٓ108 324
فسموا المعتزلة( ) فالمعتزلة إذاً كما ٌذكر العلمار فرق فٌة من الخوارج، ووصفوا بالاعتزال ،لأن شٌخهم واصل قد اعتزل أستاذه وشٌخه التابعً الكبٌرالحسن البصري ،وأقام حلق ًة فً مسجد البصرة ،وكذلك لقولهم المخالؾ لعموم الأمة بؤن مرتكب الكبٌرة هو فً المنزلة بٌن المنزلتٌن ،ومن العلمار من أطلق على المعتزلة ( مخانٌث الخوارج ). وقد افترقت الخوار ج إلى فرق متعدد ٍة ،منها :المحك َّم ُة الأولى، والأزارقة ،والنجدٌة ،والصفرٌة ،والمٌمونٌة ،والشبٌبٌة ،والحمزٌة، والحازمٌة ،والمعلومٌة ،والمجهولٌة ،والصلتٌة ،والأخنسٌة ،والمعبدٌة، والشٌبانٌة ،والشٌدٌة ،والحفصٌة ،والٌزٌدٌة ،والحارثٌة ،وعد بعضهم الخوارج إلى نحو(عشرٌن فرق ًة) ( ) ،وأكثرها شهرة ما ٌلً : أ -المحكمة الأولى :وهم الذٌن خرجوا على أمٌر المإمنٌن علً بن أبً طالب -رضً الله -عنه وقاتلوه بالنهروان ،فهزمهم ،وكان من زعمابهم – عبدالله ابن وهب الراسبً – وهو أول من بوٌع بالإِ َمامة، وحرفوص بن زهٌر البجلً المعروؾ بذي الثدٌة ( ) . ب -الأزارقة :وهم أصحاب نافع بن الأزرق ،وقد كان خروجهم من البصرة ،وقد أؼاروا على الأهواز ،فؽلبوا علٌهم ،ولم تكن للخوارج فرقة أكثر عدداً ولا أقوى شوكة منهم ( ) . -أٔظو اٌّٖله اٌَبثك ٓ39 -ػجل اٌمب٘و ثٓ ٛب٘و ثٓ ِؾّل اٌزّ، ّٟ١اًٌٍّ ٚإٌؾً ،رؾم١ك أٌج١و ٖٔؤ ٞبكه ،كاه اٌْوٚق ،ث١وٚد ٌ ،جٕبْ ٚ 57ٓ َ1970 ،أظو وزبة -كهاٍبد ف ٟاٌفىو الإٍلاِ. 49ٓ ٟ ِ -ؾّٛك ٔبك ٞػج١لادَِ ،بٌِه ثٓ أٌٔ ُٚهٖ ف ٟػٍُ اٌؾل٠ش. 10ٓ ، -اٌفوق ث ٓ١اٌفوق . 50ٓ ، 325
ت -الصفرٌة :ومإسس هذه الفرقة هو زٌاد بن الأصفر ،وهم لا ٌختلفون عن الأزارقة كثٌراً ،ؼٌر أنهم لم ٌتشددوا فً موقفهم ممن خالفهم كما فعل الأزارقة ،فلم ٌكونوا ٌقولون بقتل أهالً مخالفٌهم كما فعل الأزارقة ،وٌذكر الشهرستانً ال َفرق بٌنهم وبٌن الأزارقة، والنجدات ،والأباضٌة ،فً أمور منها :أنهم لم ٌحكموا بكفر من لم ٌقاتلهم ،إذا وافقوهم فً العقٌدة ،وأٌضاً :ولم ٌحكموا بقتل أطفال المشركٌن ،ولا بتخلٌدهم فً النار ،وقالوا كذلك :بجواز ال َّتقِ ٌَّة فً باب الأقوال ،لا فً الأعمال ( ) .وجملة القول فإن جماعات الخوارج بجمٌع أطٌافها ،كلها فرق ضال فٌة لاه َّم لها إلا تكفٌر الصحابة ،وتكفٌر مرتكب الكبٌرة ،والخروج علىالولاة والأمرار ،إلى ؼٌر ذلك من المعتقدات والأباطٌل المخالفة للكتاب والسنة ،وقد مثلت الجماعات ال َّتكفٌر ٌَّة فً ذلك العصر ،وهذا لا ٌعنً أنه لم ٌكن من بٌنهم مص ُل ًُو َن وع َباداً ومجاهدون مخلصون ،ولكنهم تؤولوا النصوص تؤولاً خاطباً بتكفٌرهم المسلمٌن ،واستباحتهم دمارهم،وأعراضهم ،وأموالهم ،وسنوضح أفكارهم ،وسنعرض إلى أقوال الإِ َمام َمالِك ،فً الخوارج وؼٌرهم من ال ِفرق ،وكذلك سنذكر أقوال ؼٌره منالأبمة والفقهار فٌهم ،عند عرض آرابهم على الكتاب والسنة ،والله نسؤل أن ٌرشدنا إلى الصواب . انٌالًا الشٌعة : -اًٌٍّ ٚإٌؾً . 137ٓ ، 326
وهً من الفرق والطوابؾ التً ظهرت فً الزمن الأول ،وتقوم آراإهم على موالاة آل البٌت ،وتقدٌمهم على سابر الصحابة ،وهناك من ٌعد الشٌعة من أقدم الطوابؾ والفرق الإسلبمٌة ،حٌث ٌقولون بظهورها بعد وفاة النبً صلى الله علٌه وسلم ،لأنهم قالوا بؤحقٌة عل ًٍّ رضً الله عنه بالخلبفة )( ) . وعلى هذا فإن أول ظهور للشٌعة كان بعد وفاة رسول الله صلى الله علٌه وسلم ،حٌث قالوا بإمامة عل ًٍّ ،وٌقدمونه على الشٌخٌن الأكبرٌن\" أبً بك ٍر وعمر\" كما و أ َّن للشٌعة آرار مختلفة خالفت فٌها عموم الأُمـَّـة ،وابتعدت فٌها عن منهج السلؾ الصالح ،وؼالت فً موالاتها لآل البٌت ،وبخاص ٍة بعد وفاة عثمان رضً الله عنه ،حٌث ٌذكر -أنأول من ر َّوج لهذه الفرقة الضالة -هو عبد الله بن سبؤ ( ) ()والشٌعةفر فٌق وطوابؾ متع ِّدد ٌفة تزٌد عن العش ِر فرق ،ومنها :الزٌدٌة ،والإِ َمامٌة،والروافض( ) الصفوٌة ،والسببٌة ،وؼٌرها ،ومنهم المتش َّدد فً تشٌعه، ومنهم الأق ُّل تش ُّدداً ،وؼالبٌة الشٌعة حال ًٌّا موجودون فً :إٌران، والعراق ،وأجزار من باكستان. ِ -نووح اٌزٛؽ١ل ٚاٌفوق طٚ ،10ٓ1أظو -كهاٍبد ف ٟاٌفىو الإٍلاِ. 45ٓ ٟاٌّلائٓ ،صُ ٌّب لزً ثؼٔٚ ُٙٚف ٝاثٓ ئٌٝ ) فؾوق ػٕٗ ( ه ٟٙالله اٌن ٓ٠اكػ ٛأٌ١٘ٛخ ػٍ ٍّٟ ٛ٘ - ئِبَ اٌوافٚخ،ئٌ ٝإٌَبء وّب ٕؼل ٚ ،أْ ػٍ١بًّ ئّٔب ٕؼل ثٖٛهرٗ رّضً ٘١ّ ٛطب ٌْ اٌّمزٛي ٌ ٌ١ػٍٚ ٟئّٔب ػٍ ٟىػُ اثٓ ٍجاٍ أْػ َٝ١ثٓ ِوٚ، ُ٠اثٓ ٍجاٍ ٘نا ٛٙ٠ك ٌّ ، ٞاكػ ٝالإٍلاَ ،صُ هاػ ًٍٚ٠ػٍ ٝاٌٍَِّّ ِٓ ٓ١ؾج ٟال ِإ َِبَ ػٍ ًّ ٟفًٚٚأ ، ًٙأظو اٌفوق ث ٓ١اٌفوق ٓ ٚ - 237 ، 40ػم١لح أً٘ إٌَخ ِٓ ،أرجبع اٌ َّب ٌِى١خ ٚ ،عّ١غ اٌّنا٘ت هٛٙاْالله ػٍٕ٠ ، ُٙ١يٌ ْٛػٍ ٟإٌّيٌخ اٌز ٟأٔيٌٙب ٌٗ الله رؼبٌٚ ، ٝهٍِ ٌٗٛؾّل ٍٕ ٝالله ػٍٕ ٚ ، ٍٍُٚ ٗ١لق ِؾّلاٌمؾطبٔ ٟالأٔلٌَ ٟاٌ َّب ٌِى، ٟاٌن ٞلبي ف ٟأ٘غٛىرٗ ٚ ،وبْ ّ٠لػ ػًٍّ١ب ه ٟٙالله ػٕٗ * ٌٟٚاٌقلافخ ٕٙو أؽّل ثؼلٖ( ٠ؼٕ ٟثؼل ػضّبْ ) * أػٕ ٟػٍ ٟاٌؼبٌُ اٌوثبٔ* ٟلا رٕزمٖٗ ٚلا ريك ف ٟللهٖ * فؼٍ ٗ١رٍٖ ٝإٌبه ٛبئفزبْ * ئؽلاّ٘بلا رور ٗ١ٚفٍ١ف ًخ * ٚرٕٖٗ الأفو ٜئٌٙبً صبٔ١ٔٛٔ (** ٟخ اٌمؾطبٔ ٟاٌ َّبٌِىِ ، ٟؾّل الأٔلٌَ ، ٟكاه ا٢صبه ،اٌمب٘وح ، ِٖو . َ 2002 ، -ربه٠ـ الإٍلاَ ٓ . 322 -هاّل ػجل الله فوؽبْ ،أك٠بْ ِؼٖبهح ،عّؼ١خ اٌلػٛح الإٍلاِ١خ ٛ ،واثٌٍ ١ٌ ،ج١ب ،اٌطجؼخ اٌضبٔ١خ ، َ1985 ، ٓ. 8 327
ومن الأخطار الجسٌمة التً وقعت فٌها هذه الطابفة وخالفت فٌهعموم الأمة ،هً مؽالاتها فً توقٌر آل البٌت علٌهم السلبم ،مما لم ٌكن علٌه العمل زمن النبً صلى الله علٌه وسلم ،بل وبلػ الؽلو من فرق ٍة منهم أنها قدمت علٌاً رضً الله عنه على الشٌخٌن الكرٌمٌن ،صاحبً رسول الله صلى الله علٌه وسلم ووزٌرٌه بخلبؾ من كان ٌقدمهما من شٌعة علً( ) . وقد أثر عنه -رضً الله عنه -أنه كان ٌقول على المنبر :لا أوتىبؤحد ٌفضلنً على أبً بك ٍر وعمر إلا جلدته ح َّد المفتري ( ) ولكن ؼالبٌة الشٌعة قد انحرفت عن المنهج الصحٌح ،منهج آل البٌت ،الذٌن عرفوا مكانة أصحاب رسول الله صلى الله علٌه وسلم ،وهم كما ٌذكرشٌخ الإسلبم ابن تٌمٌة أكثر الطوابؾ كذباً( )وما ق َّدروا أهل البٌت حققدرهم ،إذ تقدٌرهم هو إنزالهم المنزلة التً أنزلهم الله إٌاها ،وتعتبر هذه الفرقة من الشٌعة هم أهم الفرق وتسمى بالشٌعة الإِ َمامٌة ،وسموا بذلك لأنهم ٌقصرون الإِ َمامة على اثنً عشر إماماً من آل البٌت ،وهم عل ًٌّ واثنً عشر من ذرٌته ،على ألا ٌزٌد عددهم عن اثنً عشر إلى قٌام الساعة ،وٌسمونهم( :المعصومون ) ( ) . ومن الانحرافات المشاهدة عند الشٌعة ،إحٌا َرهم اللٌالً الحسٌنٌة بالبكار والعوٌل ،وضرب الصدور ،بالحدٌد ،والسٌاط ،حتى تسٌل منها -إٌّزمِٕٙ ِٓ ٝبط الاػزلاي ٌ ،لإِبَ ِؾّل ثٓ ػضّبْ اٌن٘ج ٟرؾم١ك ِؾت اٌل ٓ٠اٌقط١ت ،اٌّىزجخ اٌّووي٠خ عبِؼخ لبه ، ًْٛ٠ثٕغبى١ٌ ،ٞج١ب ،ط360 ٓ 2 -اٌّٖله اٌَبثك ٓ361 ١ّ -ـ الإٍلاَ ثٓ ر١ّ١خٕ ،ؾخ إٔٛي ِن٘ت أً٘ اٌّلٕ٠خ ٓ. 31 -هاّل ػجل الله فوؽبْ،أك٠بْ ِؼبٕوح ،عّؼ١خ اٌلػٛح الإٍلاِ١خ ،اٌطجؼخ اٌضبٔ١خ. 87ٓ َ1985 ، 328
الدمار ،مدعٌٌن بذلك محبتهم لآل البٌت ،ومتندمٌن ومتح ِّسرٌن على تنازل الحسن بن عل ًٍّ رضً الله عنهما للخلبفة لمعاوٌة \" ولم ٌكن للشٌعة من الأمر ؼٌر الحزن والبكار والعتاب ،مما لا ٌم َّت للئسلبم بصلة ،وٌعطً فرصة للمش ِّك ِكٌن والعابثٌن لٌنالوا من الإسلبم بسبب جهل أتباعه ،والإسلبم بري ٌفر من الجهل وأهله\" ( ) . وهناك فرق ٌفة من الشٌعة أضل عن سوار السبٌل ،وهم السببٌة الذٌناتبعوا المنافق الضال ابن سبؤ الٌهودي الذي ادعى الإسلبم ،وأخذ ٌنشر دعوته وأفكاره الضالة ،ومما كان ٌقول فً هذا الصدد تبنـٌِّه لمذهب الرجعة ،والذي زعم فٌه ،وافترى دعوته التً كساها بردار الدٌن، مدعٌاً القول برجعة محم ٍد صلى الله علٌه وسلم ،وكان ٌقول إ ِّنً لأعجب ممن ٌقول برجوع عٌ َسى ابن مرٌم ،ولا ٌقول برجوع محم ٍد،وقد قال الله عز وجل( :إِ ًِ َّن الَّ ِذي َف َر َض َع َل ٌْ َك ا ْلقُ ْرآ َن َل َرا ُّد َك إِلَى َم َعا ٍد قُل َّر ِّبً أَ ْعلَ ُم َمن َجار ِبا ْل ُه َدى َو َم ْن ُه َو فًِ َضلبَ ٍل ُّمبٌِ ٍن) ( ). ومنهم الشٌعة \"الروافض \" وهذه من أخطر طوابؾ الشٌعة وهً فرقة كبٌرة جداً ،وسموا بذلك لأن زٌد بن علً بن الحسٌن بن علً امتنع من لعن أبً بكر وعمر ،وقال هما وزٌرا جدي محمد صلى الله علٌه وسلم ،فرفضوا رأٌه ،وقٌل لأنهم رفضوا رأي الصحابة ،لأنهم باٌعوا أبابكر وعمر( ) ،وهم فرق وجماعا ٌفت ،ومنها :الزٌدٌة، والإِ َمامٌة ،والكٌسانٌة ،وقد زعمت طابف ٌفة منهم ،أن الرسول صلى الله -هاّل ػجل الله فوؽبْ ،أك٠بْ ِؼبٕوح. 95 ٓ ، ٍٛ -هح اٌمٖٔ ا٠٢خ . 85 ١ّ -ـ الإٍلاَ ثٓ ر١ّ١خٕ ،ؾخ إٔٛي أً٘ اٌّلٕ٠خ ،رؼٍ١ك :ىوو٠ب ػٍٍٛ٠ ٟف.21ٓ ، 329
علٌه وسلم نص بالخلبفة لعل ًًّ بالوصؾ ،وأ َّن الصحابة كفروا بتركهمبٌعة عل ًٍّ \"( ) ،وعلى هذا المنوال من الافترارات والادعارات التً ما أنزل الله بها من سلطان ،وهً ولا رٌب مخالف ًة للواقع ،ولما كان علٌه الرسول صلى الله علٌه وسلم وصحبه . قال الشهرستانً :وبعضهم ٌمٌل فً أصوله إلى الاعتزال ،وبعضهم إلى السنة ،وبعضهم إلى التشبٌه ( ) ،ومن أهم طوابفهم ما ٌلً: أ -الزٌدٌة :وهم الذٌن قالوا بإمامة زٌد بن علً بن الحسن ابنعلً بن أبً طالب ثم قالوا بالإِ َمامة من بعده فً ولد فاطمة -رضً الله عنها -ولا ٌرون بالإِ َمامة فً ؼٌر أبنار الحسن والحسٌن -رضً الله عنهما . ب -الإِ َمامٌة :وهم الذٌن قالوا بإمامة علً رضً الله عنه بعد النبً صلى الله علٌه وسلم ،وقالوا إنه لم ٌكن فً الدٌن من أمرأه ُّم من الإِ َمامة ،ونصوا على أن النبً صلى الله علً وسلم ع ٌَّ َن علٌاً رضً الله عنه وأوصى بتعٌٌنه إماماً بعده فً أكثر من موضع ( ) . ت -الؽلبة :وهم الذٌن ؼالوا فً أبمتهم وبالؽوا مبالؽة فاحش ًة فًرفع قدر الإِ َمام حتى إن بعضهم من ٌشبه الإِ َمام بالإله ،وقد ظهرت هذه الآرارار بٌنهم نظراً للؽلوا والخطل الذي أصابهم ،وتؤثرهم بمذاهب التناسخٌة والحلول ،وبعضهم تؤثر بالٌهودٌة والنصرانٌة وقد حصر -اٌفوق ث ٓ١اٌفوق ث ٓ١اٌفوق ٓ52 -اًٌٍّ ٚإٌؾً. 147ٓ ، -اٌّٖله اٌَبثك ٓ .162 330
الشهرستانً بدع الؽلبة فً أربعة :التشبٌه ،والبدارة ،والرجعة، والتناسخ ( ). ال الاً القدرٌة و المعتزلة : وهم أتباع واصل بن عطار الؽزال ،الذي احترؾ الاعتزال بانشقاقه عن شٌخه الحسن البصري ،إمام التابعٌن ،وبمخالفته لعموم رأي الأ َّمة فً مرتكب الكبٌرة ،وآرار أخرى احترفها المعتزلة مخالف ًة لأهل السنة، ومفارق ًة لإجماع الأمة ،قال الدكتور خالد بن القاسم ( :والحق أن المعتزلة فرقة خرجت بعقابد جدٌدة محدثة عن إجماع المسلمٌن ،وما ٌدافعون عنه هو عن تلك العقابد ،ولٌس بالضرورة عن الإسلبم)( ). وانض َّم لواص ٍل ،عمرو بن عبٌد بن باب ،وتوارم مع واصل فً أفكاره ،ومناقضاته التً خالؾ فٌها الشرع ،وانحرؾ عن سوار السبٌل، ومن العلمار من ٌعتبرهم فرق ٌفة من القدرٌة ( ) التً تنقسم بدورها لأكثر من عشرٌن فرق ًة وهم :الواصلٌة ،الهذلٌة ،والنظامٌة ،والأسورٌة، والإسكافٌة ،والجعفرٌة ،والبشرٌة ،والهاشمٌة ،والحاٌطٌة ،والمعمرٌة، والثمالٌة ،والكعبٌة ،والجبابٌة وؼٌرهم كثٌر( ) ،وٌذكر البؽدادي أن هذه الفرق العشرٌن قدرٌة محضة ( ). -اًٌٍّ ٚإٌؾً ٓ ٚ ،173أظو َِ :ب ٌِه ٚأصوٖ ف ٟػٍُ اٌؾل٠ش ٓ. 13 -فبٌل ثٓ ػجل الله لبٍُ ،كهاٍخ ثؼٕٛاْ :اٌّؼزيٌخ ف ٟكائوح اٌّؼبهف الإٍلاِجخ ،وٍ١خ اٌزوث١خ ،عبِؼخ اٌٍّه اٍؼٛك ، اٌو٠بٗ . 6ٓ ،َ2003 ، -اًٌٍّ ٚإٌؾً ٓ. 82 ٔفٌ اٌّوعغ اٌَبثك . -اٌفوق ث ٓ١اٌفوقٌٍ ،جغلاك. 67ٓ ، ٞ 331
وصار الاعتزال ٌترعرع ،وٌتنامى بعد وفاة الحسن البصري رحمه الله ،ولقد اعتمد المعتزلة والقدرٌة على عقولهم ،فضلوا وأضلوا، والقدرٌة كذلك ،وهً فرق ٌفة منهم ،قد عمٌت عن الح ِّق ،ومن أقوالهم: أنهم ٌنفون عن الله تعالى صفاته الأزلٌة ،وأنه سبحان ُه َج َّل وتعالى عما ٌقولون \" :لٌس له عل فٌم ،ولا قدر ٌفة ،ولا حٌا فةٌ ،ولاسم ٌفع ،ولابص ٌفر، ولاصف ٌفة أزلٌة فٌ \"( ) وانشؽلوا بما لم ٌكلفهم الله تعالى به ،وهو قولهم فً الذات العلٌة ،وبكلبمهم فً كلبم الله عز وج ل وأنه حاد ٌفث وأنكلبمه مخلو ٌفق ،وٌقولون بؤن \" :أفعال الناس والحٌوان لٌس لله عز وجل فٌها صن ٌفع وتقدٌ ٌفر وأنها من قدرة المخلوق ولذلك سماهم المسلمون بالقدرٌة \"( ) .وللمعتزلة خمس ُة أصول ،وهً :نفً الصفات عن البار ِئ جل وعلب، وٌوجبون على الله إثابة المطٌع ،وعقوبة العاصً ،فلٌس له أن ٌعفو، وٌوجبون على الله إنفاذ وعده ووعٌده ،وٌقولون إن مرتكب الكبٌرة فً منزلة بٌن المنزلتٌن ،فلب ٌسمى مإمناً ولا كافراً ،وٌفرضون على كل من ٌعتقد مذهبهم أن ٌدعو إلٌه ،ولو بالقوة ( ) ولكونهم ٌعتبرون مرتكب الكبٌرة ،بمنزل ٍة بٌن المنزلتٌن فهم لا ٌكفرونه كما فعلت الخوارج ولكنهم ٌقولون بخلوده فً النار ،لهذا قٌل للمعتزلة بؤنهم مخانٌث الخوارج ،لأن الخوارج لما رأوا لمرتكب الكبٌرة الخلود فً النار سموهم كفاراً ،أما المعتزلة فما تجرروا على تكفٌرهم ،لكونهم -اٌّٖله اٌَبثك ٓ . 131 اٌّٖله اٌَبثك ٓ. 132 ١ّ -ـ الإٍلاَ ثٓ ر١ّ١خ ٕ ،ؾخ إٔٛي ِن٘ت أً٘ اٌّلٕ٠خ ،رؼٍ١ك ىوو٠ب ػٍٍٛ٠ ٟف ٓ. 21 332
ٌنطقون بالشهادتٌن ،فقالوا إنهم بمنزل ٍة بٌن المنزلتٌن ،مخالفٌن بذلك الكتاب والسنة( ). وقالوا أٌضاً :إن العبد قد ٌموت بؽٌر أجله ،وأن الحوادث التً تإدي إلى موته فجؤ ًة تقطع قدر الله الذي قدره علٌه ،كمن ٌؤكله سبع ،أو ٌموت ؼرقاً ،أو من حرٌ ٍق ونحوه ( ) . ومن أقوالهم ،وافتراراتهم كذلك ،سلوكهم طرٌقة -البلخً الذي ٌقول: إن الله لٌس بسمٌع بصٌر على الحقٌقة ،وأن وصفه نفسه بذلك مجاز واتساع ،وعلى معنى العلم له ،دون أن ٌكون سمٌعاً على الحقٌقة ،أو بصٌراً ( ) . رابعاًال :الجهمٌة : وهم أتباع جهم بن صفوان ( )وتلمٌذه الجعد بن درهم الزندٌق ،أول من ابتدع القول بخلق القرآن وهو مبتد ٌفع ضا ٌّل ،زعم أن الله لم ٌتخذ إبراهٌم خلٌلبً ) (\" ،وأنكر تكلٌم الله لعبده ورسوله موسى علٌه السلبم، والجهمٌة ،تقول أٌضاً بالإجبار ،والاضطرار فً الأفعال ،وأنكروا اختٌار العبد فً الأعمال . -اٌّٖله اٌَبثك ٓ . 135 ّ -وػ ػم١لح اثٓ أث ٟى٠ل اٌم١وٚأٌٍ ،ٟمب ٟٙػجل اٌ٘ٛبة. 257ٓ ، ِ -مبلاد الإٍلاِٚ ٓ١١افزلاف اٌٌٍّٖ ٓ١لإِبَ أث ٟاٌؾَٓ الأّؼو ،ٞرؾم١كِ -ؾّل ِؾ ٟاٌل ٓ٠ػجل اٌؾّ١ل ،اٌّىزجخ اٌؼٖو٠خ ،ث١وٚد ،َ1990 ،ط. 261 ٓ1 ٕٚ فٗ اٌؾبفع اٌن٘ج ٟثأٔٗ اٌّجزلع اٌٚبي ،هأً اٌغ١ّٙخٍ٘ ،ه ف ٟىِبْ اٌزبثؼِٚ ،ٓ١بػٍّزٗ ه١ّ ٜٚبً ،أظو رؾم١كِ -ؾّل ِؾ ٟاٌل ٓ٠ػجل اٌؾّ١ل ،ػٍ ٝوزبة اٌفوق. 221ٓ ،ػجل اٌمبكه ثٓ ٛب٘و ثٓ ِؾّل اٌجغلاك ،ٞاٌفوق ث ٓ١اٌفوق ،رؾم١ك ِؾ ٟاٌل ٓ٠ػجل اٌؾّ١لِ ،ىزجخ كاه اٌزواسّ ،بهع اٌغّٛٙه٠خ ،اٌمب٘وحِٖ ،و. 221ٓ ، 333
وٌع ُّد العلمار الجهمٌة من الفرق الضالة التً قالت بفنار الجنة والنار، ومنهم طابف ٌفة كفرت أصحاب الكبابرمن الذنوب من أمة محمد صلى الله علٌه وسلم وقالوا كذلك أن( :صاحب الكبٌرة عاب ٌفد للشٌطان ،ومن العجب قول طابف ٍة منهم فً الفقه بتحرٌم أكل الثوم والبصل ،وبوجوب الوضور من قرقرة البطن)( ) . ومنهم فرق ٌفة كذلك ٌقال لهم الضرارٌة ،وهم أتباع ضرار بن عمر، ومن ضلبلاتهم ،وعماهم عن الحق ،أنهم ٌقولون فً أبً بن كع ٍب ( ،) وعبد الله ابن مسعو ٍد رضً الله عنهما أنهما ضالاَن فً مصحفٌهما، وأن حروفهما لم ٌنزلها الله تعالى )( ). وسنعرض أقوالهم على نصوص الكتاب والسنة ،وكذلك سنبٌن أقوال أهل العلم فٌهم ،وفٌما ذهبوا إلٌه من باطل ،مب ٌِّ ِنٌن رأي َمالِك فً الجهمٌة ،وفً الطوابؾ والفرق عموماً . خامساًال :المرجئة : المرجبة :جمع ،واحده مرجا ،وهو اسم فاعل ،للفعل الرباعً أرجؤ، ومعناه التمهل ،ومنه -أرجؤ الأمر أ َّخره ( ) وسموا بذلك لقولهم بالإرجار فً الإٌمان ،وعموم قولهم :أنه لا تضر مع الإٌمان معصٌة ٌف، -اًٌٍّ ٚإٌؾً لاثٓ ٛب٘و اٌجغلاك. 146ٓ ٞ ٛ٘ - اٌٖؾبث ٟاٌغٍ ً١أث ٛإٌّنه أث ٟثٓ وؼت ِٓ ثٕ ٟإٌغبه ه ٞٚػٕٗ أٔٗ لبي :لبي هٍٛي الله ٍٕ ٝالله ػٍٗ١ : ٍٍُٚأ ٞآٍ ٠خ ِؼه ف ٟوزبة الله أػظُ ؟ لٍذ ( :الله لا ئٌٗ ئلا ٘ ٛاٌؾ ٟاٌمٍٛ ) َٛ١هح اٌجموح ا٠٢خ -225لبي :فٚوة ٍٛي الله ٍٕ ٝالله ػٍ ٍٍُٚ ٗ١فٕ ٟلهٚ ٞلبي ٕٙ١ٌ :ه اٌؼٍُ ف ٛاٌنٔ ٞفَ ٟث١لٖ ئْ ٌٙب ٌٍَبٔبً ّٚفز ٓ١رملًاٌٍّه ػٕل ٍبق اٌؼوُ ،رٛف ٟف ٟفلافخ ػّو ٍٕخ ٘22ـ ٚلبي ػٕٗ ػّو ِ َٛ٠بد اٌِ َٛ١بد ٍ١ل اٌٍَّّٚ ، ٓ١لً١ رٛفٍٕ ٟخ 30ف ٟفلافخ ػضّبْ ه ٟٙالله ػٕٗ . -اًٌٍّ ٚإٌؾً ٓ. 148 ِ -قزبه اٌمبِ. 18ٓ ًٛ 334
ومنهم من قال بالجبر فً الأعمال( ) ،وفً زمنهم ظهرت فرقة الجبرٌة ،الذٌن ٌقولون :إن الإنسان مجب فٌر على أعماله ،ولا اختٌار له،وسٌؤتً بٌان آرابهم فً الحدٌث عن آرا ر الفرق والطوابؾ الضالة إن شار الله ،وهم ثلب ُث طوابؾ ،ومنهم من ٌُ َع ُّد من أصناؾ الجهمٌةو ُم َإ ٌِّدٌهم ،ومنشبوها :هم أبو ش َّمر المرجا ،ومحمد بن شٌب البصري، وؼٌرهما ،وسنورد آرارهم إن شار الله فً توضٌح آرار هذه الفرق وتبٌٌن ما ذهبوا إلٌه ،مع تحلٌل أقوالهم ،على ضور الكتاب والسنة .وللمرجبة آرار متعددة ،ومن أهل العلم المعاصرٌن من ٌقسم المرجبةإلى أربعة أقسام ،بحسب آرابهم من الإرجار فً مسؤلة الإٌمان ،كما م َّر علٌنا فً الفصل الثالث ،فً مبحث العمل وعلبقته بالإٌمان . ومنهم من ٌجمع بٌن الإرجار والقول بالقدر على مذهب القدرٌة، فهإلار هم مرجبة القدرٌة ،ومنهم من خلط الإرجار فً أعمال الإٌمان مع قول جهم بن صفوان فً الأعمال وهإلار هم مرجبة الجهمٌة،والخلَّص ُهم المرجبة المحضة من ؼٌر قدرٌة ،ولا جبرٌة ،ولا جهمٌة، وهإلار ٌنقسمون إلى خمسة أقسام وهم :الٌونسٌة ،والؽسانٌة ، والثوبانٌة والتوفٌة والمرٌسٌة وتنسب هذه الفرق إلى أسمار رإسابها وتكفر كل منها الأخرى ( ) . تنبٌه : -اٌفوق ث ٓ١اٌفوق ٌٍ ،جغلاك. 211ٓ ، ٞ َِ -ب ٌِه ثٓ أٌٔ ٚأصوٖ ف ٟػٍُ اٌؾل٠ش ِ ،ؾّٛك ٔبك ٞػج١لاد . 16ٓ ، 335
لم أَ ُع َّد أهل السنة والجماعة فً الفرق والطوابؾ ،على خلبؾ ما جرت علٌه عادة الباحثٌن والك َّتاب من ادراجها ضمن الفرق ،وذلك لأنً لم أعتبرها فرقة ،ولا طابفة -بل هم أصل الدٌن ،ومنبته، وقاعدته ،ودعامته ،وكما هو معلو فٌم منذ عهد النبً صلى الله علٌه وسلم ،لم تكن تعرؾ الفرق والطوابؾ ،لأن الناس كانوا جماع ًة واحد ًة، هً جماع ُة الإسلبم ،والجمٌع على رأي واح ٍد لا اختلبؾ بٌنهم ،ولا تفرق ،بل هم أم ٌفة واحدة . جار فً حدٌث النعمان بن بشٌ ٍر ،رضً الله عنهما ،قال :قال رسول الله صلى الله علٌه وسلم( :ترى المإمنٌن فً تراحمهم ،وتوادهم، وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عض ٌفو ،تداعى له سابر جسده بالسهر والحمى) ( ) ،وهم ال َّناجون ٌوم القٌامة ،وٌوم الفزع الأكبر، وذلك لما جار فً حدٌث أنس بن َمالِك رضً الله عنه ،عن النبً صلى الله علٌه وسلم ،قال :إن بنً إسرابٌل افترقت على إحدى وسبعٌن فرقة، وإن أمتً ستفترق على اثن َتٌن وسبعٌن فرقة ،كلها فً النار إلا واحدة، وهً الجماعة ( ) . والحدٌث فً سنن ابن ماجة ،ونصه\" عن عوؾ بن َمالِك قال :قال رسول الله صلى الله علٌه و سلم :افترقت الٌهود على إحدى و سبعٌن ٕ -ؾ١ؼ اٌجقبه ،ثّقزٖو اٌيث١ل467 ٓ ، 2018 ، ٞ -اٌفوق ث ٓ١اٌفوق ٚ ، 24 ٓ ،لل موو اٌجغلاك ٞولاِبً ػٍّ١بًّ ف ٟرقو٠ظ ٘نا اٌؾل٠ش ،فلإزٗ ،أْ ٘نا اٌؾل٠ش لل ٙؼفٗ أً٘ اٌؾل٠ش ٌٚ ،ىٕٗ ػًٍ ؽغ١خ الاؽزغبط ثٗ ف٘ ٟنا اٌجبة ِٓ -ؽ١ش الافزلاف ف ٟاٌؼم١لح ٘ ٛالافزلاف اٌّمٖٛك ف ٟاٌؾل٠ش ٌ١ٌٚ ،افزلاف اٌؾوف ٚ ،اٌٖٕبئغ ،أ ٚافزلاف اٌّنا٘ت اٌفم١ٙخ ،فٙنا ِٓ الافزلاف اٌن ٞلاغٕ ٝػٕٗ ٚ ،ئْ الافزلاف ف ٟاٌؾوف ٘نا ٌٚوٚهح اٌؼ ٛ٘ ٚ ، ِ١ثلٚ ، ٟٙ٠أْ افزلاف اٌّنا٘ت اٌفم١ٙخ ٘ ِٓ ٛلجً١ الافزلاف ف ٟا٢هاء اٌفم١ٙخ اٌن٠ ٞغّغ الأِخ أوضو ِّب ٠فولٙب ٌ ،ىٓ الافزلاف ف ٟاٌؼمبئل ٛ٘،الافزلاف اٌمبرً ٚأْ إٌج ٍٕٝ ٟالله ػٍ ٍٍُٚ ٗ١لل رون الأِخ ػٍ ٝاٌّؾغخ اٌجٚ١بء ٌٍٙ١ب وٕٙبه٘ب لا ٠ي٠غ ػٕٙب ئلا ٘بٌه ٚ ،أْ إٌبع، ٓ١ ٚاٌفبئي ُ٘ ، ٓ٠اٌن ٓ٠صجزٛا ػٍِٕٙ ٝظ إٌجٛح ٛٚ ،و٠مخ اٌٍَف اٌٖبٌؼ. 336
فرقة ،فواحدة فً الجنة ،وسبعون فً النار ،وافترقت النصارى على اثنتٌن وسبعٌن فرقة ،فإحدى و سبعون فً النار ،وواحدة فً الجنة، والذي نفس محمد بٌده ،لتفترقن أمتً على ثلبث وسبعٌن فرقة ،واحدة فً الجنة وثنتان وسبعون فً النار قٌلٌ :ا رسول الله ،من هم ؟ قال: الجماعة\" ( ) وسنورد ردود الإِ َمام َمالِك -رحمه الله -على هذه الفرق الضالة بِ َش ْك ٍل خاص ،وسنركز على آرابهم بمزٌد من التوضٌح ،ثم سنورد آرار الإِ َمام َمالِك فً هذه الفرق ،وآرار ؼٌره من أبمة السلؾ . ولكون الإِ َمام َمالِك -رحمه الله ٌ -شكل محوراً من محاور أهل السنة ،لا ؼنى عنه ،وهو من كبار علما ر الأمة ،والمدافعٌن عن عقٌدة السلؾ الصالح ،فسنكتفً بذكر ردوده على هذه الفرق ،وردود بعض تلبمذته ورفقابه من علمار السلؾ ،الذٌن سلكوا المسلك الأول ،وساروا فً الطرٌق الأمثل الذي اختطه النبً صلوات ربً وسلبمه علٌه، والذي لا محٌد عنه لمن أراد النجاة ،وسنتخذ هذه الآرار الساطعة والردود الواضحة ،نموذجاً ٌمثل حقٌق َة منهج علمار السلؾ ،وأهل السنة والجماعة -فً محاربة أهل الأهوار ودحض آرار المخالفٌن من الفرق الضالة – وهذه الآارر تمثل ما كانوا علٌه من صفار العقٌدة، ونقار الفهم لهذا الدٌن ،ودوام المتابعة والاستقامة على دٌن الله ومنهاج النبوة . المبحث ال انً :رأي َمالِك فً الفرق : ٍٕٓ -اثٓ ِبعخأث ٟػجل الله ِؾّل ثٓ ٠ي٠ل ،رؾم١ك ( ِؾّل فإاك ػجل اٌجبلِٖ ،ٟطفِ ٝؾّل ؽَ ) ٓ١كاه اٌؾل٠ش، اٌمب٘وحِٖ ،و اٌطجؼخ الأ ، َ1998 ٌٝٚوزبة اٌفزٓ ،ثبة افزواق الأِخ ط. 414 ٓ3 337
قد عرفنا حقٌقة ماكان علٌه إمام دار الهجرة من دوام المتابعة لمنهج الرسول الأعظم صلى الله علٌه وسلم وما هً نظرته للزوم اتباعالسنة ،وترك البدع والأهوار ،فمما لا شك فٌه أن نجد أ َّن َمالِكاً -رحمه الله -قد كان سٌفاً مصلتاً على هذه الفرق الضالة ،ومرجعاً ٌلت ِج ُا إلٌه من أراد السلبمة فً دٌنه ،والنجاة من الانحراؾ ،والانجرار ورار تٌارات المتكلمٌن بالأهوار التً بدأت تبث ُش ُبهاتها فً الأمة ،وت ُض ُّل بآرابها العوام ،وتستهوي المبتدبٌن من طلبة العلم ،فكان َمالِك -رحمه الله -الحصن الحصٌن لل ُّسنة ،و المتجرئ على قهر المبتدعه ،وكانت كلمته الفصل ،ورإٌته الحل الأمثل ،التً لا تشوبها شاببة ،ولا تعترٌهاناببة ،وسٌتبٌن لنا إن شار الله من خلبل هذا المبحث -ما كان ل َمالِك من رأيٍ حكٌ ٍم ،ومنه ٍج سلٌ ٍم ،حر ٍّي بالدعاة إلى الله أن ٌسلكوه ،لٌزٌلوا الكربة عن المسلمٌن ،وٌعٌدوا للدٌن بهاره ورونقه ،ولٌكون الدٌن كلهلله كما أمر الله عز وجل ،بعٌداً عن الصراعات ،وال َّضلبلات ،ومنسجماًمع كل عص ٍر بما تقتضٌه ظروفه ،ل ٌُعلَم أن هذا الدٌن صال ٌفح لكل زما ٍنو مكان ،وصدق الله العظٌم ،حٌث ٌقولَ ( :و َك َذلِ َك َج َع ْل َنا ُك ْم أُ َّم ًة َو َسطاً لِّ َت ُكو ُنو ْا ُش َه َدار َع َلى ال َّنا ِس َو ٌَ ُكو َن ال َّر ُسو ُل َع َل ٌْ ُك ْم َش ِهٌداً ) ( ). تقٌٌم للفرق على ضوء الكتاب والسنة : لقد بار المارقون عن طاع ِة الله ،وطاع ِة رسوله صلى الله علٌه وسلمبالخسران المبٌن ،فما عرفوا للطرٌق المستقٌم سبٌلبً ،وظ ُّنوا أن العقول ٍٛ -هح اٌجموح ا٠٢خ .143 338
وحدها ستهدٌهم ،وتنقذهم من حٌرتهم ،من دون الرجوع إلى النصوص الشرعٌة التً لا محٌد عنها ،فمن اعتمد على عقله ض َّل وأض َّل ،ومن اعتمد على ربه ا ْه ُت ِد َي و َه َدى . ٌقول ابن القٌم :الخارجون عن طاعة الرسل صلوات الله علٌهم ومتابعتهمٌ ،تقلبون فً عشر ظلمات ظلمة الطبع ،وظلمة الجهل، وظلمة الهوى ،وظلمة القول ،وظلمة العمل ،وظلمة المدخل ،وظلمة المخرج ،وظلمة القبر ،وظلمة القٌامة ،وظلمة دار القرار -وأتباع الرسل صلوات الله علٌهم ٌتقلبون فً عشرة أنوار ،ولهذه الأمة من النور ما لٌس لأمة ؼٌرها ،ولنبٌها صلى الله علٌه وسلم من النور ما لٌس لنبً ؼٌره ،فإن لكل نبً منهم نورٌن ،و ل َن ِب ٌِّنا صلى الله علٌهوسلم ،تحت كل شعر ٍة من رأسه ،وجسده ،ن فٌور تا ٌّم كذلك صفته ،وصفةأمته فً الكتب المتقدمة ،وقد قال الله تعالىٌَ ( :ا أَ ٌُّ َها الَّ ِذٌ َن آ َم ُنوا ا َّت ُقوا ال َّل َه َوآ ِم ُنوا ِب َر ُسولِ ِه ٌُ ْإتِ ُك ْم ِك ْف َل ٌْ ِن ِمن َّر ْح َم ِت ِه َو ٌَ ْج َعل لَّ ُك ْم ُنوراً َت ْم ُشو َن بِ ِهَو ٌَ ْؽفِ ْر َل ُك ْم َوال َّلهُ َؼ ُفو ٌفر َّر ِحٌ فٌم) ( ) ثم قال -رحمه الله ،-وفً قوله تعالى تمشون به إعلب فٌم بؤن تصرفهم وتقلبهم الذي ٌنفعهم إنما هو النور وأن مشٌهم بؽٌر النور ؼٌر مجد علٌهم ،ولا نافع لهم بل ضرره أكثر مننفعه -إلى أن قال -رحمه الله -ومن لا نور له فإنه لا ٌستطٌع أن ٌنقل قدماً عن قدم على الصراط ،فلب ٌستطٌع المشً وهو أحوج ما ٌكون إلٌه ( ) .انتهى كلبمه . ٍٛ -هح اٌؾل٠ل ا٠٢خ . 28 -اثٓ اٌم ُ١اٌغٛى٠خ ،ئعزّبع اٌغ ُٛ١الإٍلاِ١خ ػٍ ٝغي ٚاٌّؼطٍخ ٚاٌغ١ّٙخ ،اٌطجؼخ الأ ،ٌٝٚكاه اٌْو٠ؼخ، اٌمب٘وحِٖ ،و. 14 ٓ َ2004 ، 339
وأرى أن كلبم ابن القٌم ٌصلح أن ٌكون منطلقاً لتوضٌح ما كانتعلٌه هذه الفرق من المخالفة ،والخروج عن منهج ال َّسلؾ الصالح ،فهم بعدما صاروا فً طرٌق التؤوٌل والاجتهادات المتكلَّفة بؽٌر هد ًى منالله ،صار طرٌقهم الذي ٌسلكون أظلم ما ٌكون ،وأوحل ،وأوحش ،وهم فً هذا أشبه بمن ٌسٌر فً برك ٍة من الطٌن والوحل ،كلما قدم رجلبً ؼاصت الأخرى ،كؤبعد ما ٌكون من الأولى ،وهكذا حتى ٌؽرق فً الوحل ،وكلما أسرع فً الرجوع إلى الٌابسة وبر الأمان كلما كانت نجاته أضمن ،والخروج من مؤزقه أٌسر وأسهل ،وكلَّما سار فًالأوحال كلما ؼرق وتهاوى ،وصدق الله العظٌم حٌث ٌقولَ ( :فإِن لَّ ْمٌَ ْس َت ِجٌ ُبوا لَ َك َفا ْع َل ْم أَ َّن َما ٌَ َّت ِب ُعو َن أَ ْه َوار ُه ْم َو َم ْن أَ َض ُّل ِم َّم ِن ا َّت َب َع َه َواهُ بِ َؽ ٌْ ِر ُه ًدى ِّم َن ال َّلهِ إِ َّن ال َّل َه لاَ ٌَ ْه ِدي ا ْل َق ْو َم ال َّظالِ ِمٌ َن )( ) قال ابن عبد ال َب ِّر إمام ال َمالِكٌة فً المؽرب( :أهل السنة مجمعون على الإقرار بال ِّصفات الواردة كلها فً القرآن والسنة ،والإٌمان بها، وحملها على حقٌقتها ،لا على المجاز ،أما أهل البدع الجهمٌة، والمعتزلة كلها ،والخوارج ،فكلهم ٌنكرونها ،ولا ٌحملون شٌباً منها على الحقٌقة ،وهم عند من أقر بها نافون للمعبود ،والحق فٌها ما قاله القابلون بما نطق به كتاب الله وسنة رسوله صلى الله علٌه وسلم ،وهم أبمة الجماعة ) ( ) . ٍٛ -هح اٌمٖٔ ا٠٢خ . 50 -اٌفز ٜٛاٌؾّ٠ٛخ اٌىجو١ّ ، ٜـ الإٍلاَ اثٓ ر١ّ١خ ،رملِ ُ٠ؾّل ػجل اٌواىق ؽّيح ِ ،طجؼخ اٌّلِٖٔ ، ٟو . 89 ٓ1983 340
وٌمكن أن نجمل ما وقعت فٌه الفرق على اختلبؾ مسمٌاتها ،من المخالفة للكتاب والسنة ،فٌما ٌلً : - 1لقد خالفت الخوارج صرٌح النصوص بتكفٌرهم مرتكب الكبٌرة ،ونصبوا أنفسهم حكاماً على مراد الله بؽٌر ما شرع على لسان رسوله صلى الله علٌه وسلم ،وهذا فً الواقع مخال فٌؾ لصرٌح الكتاب والسنة ،حٌث قال الله عز وجل ( :إِ َّن ال ّلهَ لاَ ٌَ ْؽ ِف ُر أَن ٌُ ْش َر َك ِب ِه َو ٌَ ْؽ ِف ُر َما ُدو َن َذلِ َك لِ َمن ٌَ َشا ُر َو َمن ٌُ ْش ِر ْك بِال ّلهِ َف َق ْد َض َّل َضلبَلاً َب ِعٌداً) ( ) . وحٌث إن الله تعالى ٌؽفر كل ذن ٍب عدا الشرك بهٌ ،ستلزم أن هذا الذنب ؼٌر مخر ٍج من ملَّ ِة الإسلبم ،بدلٌل قوله عز وجل( :وٌؽفر ما دون ذلك لمن ٌشار ) فما هو أقل من الشرك ،فإنه مرجو من الله تعالى أن ٌؽفره. فإذا قبلتم بتوبته ،فإن هذا ٌستلزم أن تقبلوا إسلبمه ،لأنه لو كان ؼٌر مسل ٍم ،لما دخل فً هذا الوعد من رجار مؽفرة الله تعالى ورحمته ،جار فً صحٌح مسلم من حدٌث المعرور بن سوٌد ،قال \" :سمعت أبا ذر ٌحدث عن النبً صلى الله علٌه وسلم ،أنه قال :أتانً جبرٌل علٌه السلبم ،فب َّش َر ِنً أنه من مات من أمتك لا ٌشرك بالله شٌباً دخل الجنة ، قلت :وإن زنى وإن سرق ؟ قال :وإن زنى وإن سرق\"( ) ،وفً رواٌة ٍٛ -هح إٌَبء ا٠٢خ . 116 ٕ -ؾ١ؼ ٍَُِ ثْوػ إٌ ، ٞٚٛوزبة الإّ٠بْ ،ثبة ِٓ ِبد لا ْ٠ون ثبلله ّ١ئبً كفً اٌغٕخ ،ط370 ٓ 1ؽل٠ش هلُٚ ، 154ف ٟاٌجقبه ِٓ ٞؽل٠ش ى٠ل ثٓ ٍ ٘ٚت ػٓ أث ٟم ٍّه ه ٟٙالله ػٕٗ لبي :فوعذ ٌٍ١خ ِٓ اٌٍ١بٌ ، ٟفاما هٍٛي الله ٍٕ ٝالله ػٍٚ ّْٟ٠ ٍٍُٚ ٗ١ؽلٖ ِ ٌ١ٌٚ ،ؼٗ ئَٔبْ ،لبي :فظٕٕذ أٔٗ ٠ىوٖ أْ ِ ّْٟ٠ؼٗ أؽل ،لبي :فغؼٍذأِْ ٟف ٟظً اٌمّو ،فبٌزفذ فوآٔ ، ٟفمبي ٘ ِٓ( :نا) .لٍذ :أث ٛمه ،عؼٍٕ ٟالله فلاءن ،لبي ٠( :ب أثب مه رؼبي) . لبي :فّْ١ذ ِؼٗ ٍبػخ ،فمبي ( :ئْ اٌّىضو ُ٘ ٓ٠اٌّمٍ َٛ٠ ْٛاٌم١بِخ ،ئلا ِٓ أػطبٖ الله ف١واً ،فٕفؼ فٕٗ١ّ٠ ٗ١ ّّٚبٌٗ ٚث٠ ٓ١لٚٚ ٗ٠هاءٖ ٚ ،ػًّ ف ٗ١ف١واً) .لبي :فّْ١ذ ِؼٗ ٍبػخ ،فمبي ٌ( : ٟاعٌٍ ٘ب ٕ٘ب) .لبي : 341
أبي الأسود الدٌلً ،أ َّن أبا ذر ح َّدثه قال :أتٌت النبً صلى الله علٌه وسلم وهو نابم ،علٌه ثوب أبٌض ،ثم أتٌته فإذا هو نابم ،ثم أتٌته وقد استٌقظ، فجلست إلٌه ،فقال :ما من عبد قال :لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة قلت :وإن زنى وإن سرق ؟ قال :وإن زنى وإن سرق ،قلت: وإن زنى وإن سرق ؟ قال :وإن زنى وإن سرق ثلبثاً ،ثم قال فً الرابعة :على رؼم أنؾ أبً ذر ،قال ،فخرج أبو ذر وهو ٌقول :وإن رؼم أنؾ أبً ذر. وهذا تؤكٌ ٌفد من النبً صلى الله علٌه وسلم ،والذي ما ٌنطق عن الهوى إن هو إلا وح ٌفً ٌوحى ،تؤكٌ فٌد منه علٌه الصلبة والسلبم ،على أن الذي ٌنطق بالشهادتٌن ،موق ٌفن بها قلبه ،حتى وإن وقع فً المعاصً وكبابر الذنوب ،والتً سٌحاسب علٌها بالطبع ،ولكن أصل الإٌمان موجو فٌد فً قلبه وأنه سٌدخل الجنة برحمة الله تعالى . ومن الفتن العظٌمة التً وقع فٌها الخوارج ،وأتوا باباً لم ٌإت قبلهم، ولم ٌكن مقبولاً فً المجتمع المسلم ،وقابله كل مسلك بالنكار والاستهجان ،وقد سعوا إلى ما ل ْم ٌُ ْسع إلٌه قبلهم ،وأ ّججوا فتن ًة عظٌم ًة باستباحتهم دمار المسلمٌن من أهل الكبابر ،وهذا من أعظم الذنوب وأشنعها عند الله . فأعٍَٕ ٟف ٟلبع ؽ ٌٗٛؽغبهح ،فمبي ٌ( : ٟاعٌٍ ٘ب ٕ٘ب ؽز ٝاهعغ ئٌ١ه) .لبي :فبٔطٍك ف ٟاٌؾوح ؽز ٝلا أهاٖ .فٍجش ػٕ ٟفأٛبي اٌٍجش ،صُ ئٍّٔ ٟؼزٗ ِ ٛ٘ٚمجً ٠ ٛ٘ٚمٛي ٚ( :ئْ ٍوق ٚ ،ئْ ىٔ . )ٝلبي :فٍّب عبء ٌُ إٔجوؽزٝ لٍذ ٠ :ب ٔج ٟالله عؼٍٕ ٟالله فلاءن ِٓ .رىٍُ ف ٟعبٔت اٌؾوح ِ ،ب ٍّؼذ أؽلاً ٠وعغ ئٌ١ه ّ١ئبً ؟ لبي ( :مٌه عجوً٠ ػٍ ٗ١اٌَلاَ ،ػوٗ ٌ ٟف ٟعبٔت اٌؾوح ،لبي :ثْو أِزه أٔٗ ِٓ ِبد لا ْ٠ون ثبلله ّ١ئبً كفً اٌغٕخ ،لٍذ ٠ :بعجوٚ ، ً٠ئْ ٍوق ٚ ،ئْ ىٔ ٝ؟ لبي ٔ = =:ؼُ) .لبي :لٍذ ٚ :ئْ ٍوق ٚ ،ئْ ىٔ ٝ؟ لبي ٔ( :ؼُ ٚ ،ئْ ّوة اٌقّ .و (ٕؾ١ؼ اثقبه ، ٞوزبة اٌولبق ثبة اٌّىضو ُ٘ ْٚاٌّمٍ ْٛط. .234 ٓ ، 3 342
روا الترمذي فً سننه بسنده عن نافع عن ابن عمر ،قال :صعد رسول الله صلى الله علٌه وسلم المنبر ،فنادى بصوت رفٌع ،فقالٌ :ا معشر من قد أسلم بلسانه ولم ٌفض الإٌمان إلى قلبه ،لا تإذوا المسلمٌن ،ولا تعٌروهم ،ولا تتبعوا عوراتهم ،فإنه من تتبع عورة أخٌه المسلم ،تتبع الله عورته ،ومن تتبع الله عورته ٌفضحه ،ولو فً جوؾ رحلة قال :ونظر ابن عمر ٌوماً إلى البٌت أو إلى الكعبة فقال :ما أعظم ِك ،وأعظم حرمت ِك ،والمإمن أعظم حرمة عند الله منك( ) . والخوارج ،وللؤسؾ لم ٌسلم منهم أح فٌد ،خرجوا على سٌدنا عثمان، فقتلوه ،وقاتلوا علٌاًّ رضً الله عنه ،وجادلهم ،وحاورهم ،وتاب منهم من تاب ثم قاتل من لم ٌرجع إلى جادة الصواب ،وبرئ رضً الله عنه منهم فً خطبته المعروفة بالزهرار( ) . - 2أما الشٌعة فقد خالفوا مخالفة صرٌح ًة ،وا َّتبعوا سبٌلبً ؼٌر سبٌل جماعة المسلمٌن ،وما كان علٌه السلؾ الصالح من صحابة رسول الله صلى الله علٌه وسلم ،حٌث أنزلوا عل ٌّاً ،رضً الله عنه، منزل ًة لم ٌكن رسول الله صلى الله علٌه وسلم -قد أنزله إٌاها ،حٌث قدموه على الشٌخٌن الأكبرٌن -أبً بك ٍر وعم َر رضً الله عنهما،- والمشهور عند عموم الأمة ،أ ّن أصحاب رسول الله صلى الله علٌه وسلم ،كلهم عدو فٌل وقد أثنى الله عز وجل علٌهم فً كتابه ،وقد أجمعوا على إمامة أبً بك ٍر رضً الله عنه ،وباٌعوه ،وأقروا له بالفضل، ٍٕٓ -اٌزوِن ، ٞأث ٟػِ َٝ١ؾّل ثٓ ػ َٝ١ثٓ ٍٛهح ،رؾم١كِٖ ،طفِ ٝؾّل ؽَ ، ٓ١كاه اٌؾل٠ش،اٌمب٘وح ( َ1999 ،وزبة اٌجَ ِّو ٚاٌٍٖخ،ثبة ِب عبء ف ٟرؼظ ُ١ؽوِخ اٌّإِٓ ) طٚ ،145 ٓ4لبي اٌزوِن ٞؽل٠ش ؽَٓ غو٠ت . -اٌفوق ث ٓ١اٌفوق ٓ. 25 343
وانقادوا له ،وقد باٌعه عل ًٌّ والعباس رضً الله عنهما وأقروا له بالإِ َمامة ( ). وبثبوت إمامة الصدٌق رضً الله عنه ،تثبت إمامة الفاروق عمر رضً الله عنه ،لأنه أوصى له ،واختاره لها ،وفضل الشٌخٌن الأكبرٌن ،لاٌنكره إلا مناف ٌفق ،معان فٌد ،منك فٌر لسنة رسول الله صلى الله علٌه وسلم التً جارت بالتواترعلى فضلهما ،منها ما جار فً الصحٌحٌن عن أبً عثمان أن رسول الله صلى الله علٌه وسلم بعث عمرو بن العاص على جٌش ذات السلبسل ،قال :فؤتٌته فقلت :أي الناس أحب إلٌك ؟ قال :عابشة قلت :من الرجال ؟ قال( :أبوها ) قلت: ثم من ؟ قال :عمر ،فعد رجالاً ،فسك ُّت مخافة أن ٌجعلنً فً آخرهم\"( ) فانظر إلى مكانة ،وفضل الشٌخٌن رضً الله عنهما ،وعن صحابة رسول الله صلى الله علٌه وسلم أجمعٌن ،ثم إن إمامة عثمان رضً الله عنه بعد مقتل عمر رضً الله عنه ،لااختلبؾ علٌها وقد شهدوا له بالفضل والتقوى ،ثم إمامة عل ًٍّ رضً الله عنه ،وكان أفضل الصحابة فً زمانه ،فهذا هو ما ندٌن الله عز وجل به ،وهو معتقد أمة الإسلبم ،الذٌن لا ٌضرهم من خالفهم ،أو افترق عنهم حتى ٌؤتً أمر الله ،وهم على ذلك . لكن الشٌعة ،أصلحهم الله ،لم ٌكتفوا بسب الخلفار من الصحابة فقط، بل لا ٌكاد ٌنجو منهم إلا قلٌ ٌفل ،وهإلار هم الرافضة منهم ،الذٌن -الإثبٔخ لأث ٟاٌؾَٓ الأّؼو. 170 ٓ ٕٞ -ؾ١ؼ اٌجقبه ،ٞوزبة اٌّغبى ،ٞثبة غيٚح ماد اٌَلاًٍ ،طٚ ،358 ٓ ، 2أظوٕ -ؾ١ؼ ٍَُِ ثْوػ إٌٞٚٛ ط 158 ٓ 15ؽل٠ش هلُ . 2384 344
استباحوا لعن الصحابة ،بل ،وٌع ُّدون ذلك قربة لله ،وبخاصة ٌتقربون بسب الشٌخٌن أبً بكر وعمر رضً الله عنهما ،ونتبرإ ممنٌلعنهما( ) وهم لا ٌترضون إلا على آل البٌت علٌهم السلبم والرضوان ،ونحن نإمن أن محبة آل بٌت النبً صلى الله علٌه وسلم واجب ٌفة ،ولا ٌسل ُم إٌمان امر ٍئ من دون محبة آل بٌت النبً علٌه السلبم ،ولكن لا ٌوجد مسل ٌفم ٌإمن بالله ورسولهٌ ،رضى أن ٌسب أصحاب رسول اللهصلى الله علٌه وسلم ،بل هذا لا ٌرضاه آل بٌت النب ًِّ أنفسهم رضً الله عنهم وأكرمهم وأعزهم\" قال الإِ َمام النووي -رحمه الله : -واعلم أنسب الصحابة رضً الله عنهم من فواحش المحرمات ،سوا ٌفر من لابس الفتن منهم وؼٌره ،لأنهم مجتهدون فً تلك الحروب ،ومتؤولون مال( ) ،وقد قالت طابفة من أهل العلم بكفر الشٌعة الرافضة الذٌن ٌسبون الصحابة( ) .وقد كان موقؾ الإِ َمام َمالِك متش ِّدداً من هإلار الشٌعة الذٌن ٌستحلون س َّب أصحاب النبً صلى الله علٌه وسلم ،قال هشام بن عمار :سمعت َمالِكاً ٌقول :من سب أبا بكر وعمر قتل ،ومن سب عابشة رضً اللهعنها قتل ،لأن الله تعالى ٌقولِ ٌَ ( :ع ُظ ُك ٌفم اللهُ أَن َت ُعو ُدوا لِ ِم ْثلِ ِه أَ َب ًدا إِن ُكنتم ُمإ ِمنٌِ َن )( ) فمن رماها فقد خالؾ القرآن ومن خالؾ القرآن قتل ( )،1410 -أثٛثىو اٌؼٛف ، ٟاٌوافٚخ فٍ ٟطٛه ،رمو ِٓ ٘٠اٌْ١ـ أثٛثىو اٌغيائوِ ، ٞىزجخ اٌّلٕ٠خ إٌّٛهح ، ٓ. 22 ّ -وػ إٌ ٞٚٛػٍٕ ٝؾ١ؼ ٍَُِ ،ط.158 ٓ 15 -رمو١ٌٍْ ٘٠ـ أثٛثىو اٌغيائو ٞػٍ ٝهٍبٌخ اٌوافٚخ فٍ ٟطٛه ،لأٔ ٟثىو اٌؼٛف. 1ٓ ، ٟ ٍٛ -هح إٌٛه ا٠٢خ . 17 ِ -ؾّل ػجل الله اٌ١٘ٛج ،ٟاػزمبك أً٘ إٌَخ ف ٟاٌٖؾبثخٚ،ىاهح اٌْإ ْٚالإٍلاِ١خ ٚالأٚلبف ٚاٌلػٛح ٚالإهّبك. 28ٓ1428 ، 345
- 3أما القدرٌة والمعتزلة ،فقد اعتمدوا على عقولهم فضلوا وأضلوا ،وقد تبٌن لنا أن الذي لا ٌسٌر فً طرٌق الهدي الربانً ،فهو ضا ٌّل لا محالة ،وقد بلػ الضلبل بالمعتزلة إلى أن قالوا :إن الله عز وجل ٌعلم جمل الأشٌار ولا ٌعلم تفاصٌلها ( ) . وهم بهذا ٌحاولون تؤوٌل بعض النصوص فً القرآن والسنة على هواهم ،واعتمدوا على حواسهم الظاهرة ،زاعمٌن أنهم سٌصلون إلى شً ٍر من كنه الله وصفاته ،وبلػ بهم هوسهم بالتكلم فً عالم الؽٌب أن قالوا :إن نعٌم أهل الجنة وعذاب أهل النار أم فٌر لا ٌوصؾ الله بالقدرة على دفعه( ) وهذا منهج المتكلمٌن الذٌن اؼتروا بعقولهم ،وفسروا القرآن على هواهم ،هإلار الذٌن أؼوتهم عقولهم فلب ٌقفون على لفظ الجلبلة \" الله\" فً قوله تعالىَ (:فؤَ َّما الَّ ِذٌ َن فً قُلُو ِب ِه ْم َز ٌْ ٌفػ َف ٌَ َّتبِ ُعو َن َماَت َشا َب َه ِم ْن ُه ا ْبتِ َؽار ا ْل ِف ْت َن ِة َوا ْبتِ َؽار َتؤْ ِوٌلِ ِه َو َما ٌَ ْع َل ُم َتؤْ ِوٌ َل ُه إِلاَ ال ّلهُ َوال َّرا ِس ُخو َن فًِ ا ْل ِع ْل ِم ٌَ ُقولُو َن آ َم َّنا بِ ِه ُك ٌّل ِّم ْن ِعن ِد َر ِّب َنا َو َما ٌَ َّذ َّك ُر إِلاَ أُ ْولُو ْا الأ ْل َبا ِب ( ).مخالفٌن بذلك موقؾ أهل السنة والجماعة ،أصحاب رسول الله صلى الله علٌه وسلم ،الذٌن ٌفوضون علم المتشابه منه لله عز وجل ،فٌقفونعلى اسم الله فً الآٌة ،مقررٌن المعنى الذي ٌنبؽً أن ٌكون فً الآٌاتالمتشابهات التً لا ٌعلم تؤوٌلها إلا الله ،بدلٌل قوله تعالى قبلهاَ ( :فؤَ َّماالَّ ِذٌ َن فً ُقلُو ِب ِه ْم َز ٌْ ٌفػ َف ٌَ َّت ِب ُعو َن َما َت َشا َب َه ِم ْن ُه ا ْبتِ َؽار ا ْلفِ ْت َن ِة َوا ْب ِت َؽار َتؤْ ِوٌلِه ) -اثٓ اٌغٛى ،ٞرٍج ٌ١ئثٍ. 95ٓ ، ٌ١ -اٌّٖله اٌَبثك ٓ95 ٍٛ -هح آي ػّواْ ا٠٢خ 7 346
جار فً تفسٌر بن كثٌ ٍر لهذه الآٌة ،قال محمد بن إسحاق ،عن محمد بنجعفر بن الزبٌر :وما ٌعلم تؤوٌله الذي أراد ما أراد إلا الله ،والراسخون فً العلم ( ٌَ ُقولُو َن آم َّنا بِ ِه ) ثم ردوا تؤوٌل المتشابهات على ما عرفوا من تؤوٌل المحكمة التً لا تؤوٌل لأح ٍد فٌها إلا تؤوٌ فٌل واح فٌد ،فاتسق بقولهم الكتاب ،وص َّدق بعضه بعضاً ،فنفذت الحجة ،وظهر به العذر، وزاح الباطل ،ودفع به الكفر ،ولذلك قال بعدهاَ ( :و َما ٌَ َّذ َّك ُر إِلاَ أُولُواالاَ ْل َبا ِب)( ) أي إنما ٌفهم وٌعقل وٌتدبر المعنى على وجه ِه أُولوا العقولالسلٌمة ،والفهوم المستقٌمة ،وقد جار فً الحدٌث عن أبً الدردا ر أنرسول الله صلى الله علٌه وسلم سبل عن الراسخٌن فً العلم؟ فقال :منب َّرت ٌمٌنه ،وصدق لسانه ،واستقام قلبه ،ومن عؾ بطنه وفرجه ،فذلك من الراسخٌن فً العلم) ( ) ،إذا علمنا هذا -فإننا لا نستؽرب ما وقع فٌه أولبك من التحرٌؾ والضلبل ،بسبب الزٌػ فً الأهوار ،وعدم رد الأمر إلى صاحب الأمر سبحانه( ،ر َّب َنا لا ُت ِزغ ُقلو َب َنا َب ْع َد إِ ْذ َه َد ٌْ َت َنا ).جار فً شرح عقٌدة القٌروانً ال َمالِكً ،للقاضً عبد الوهاب :إ َّن الله مق ِّدر الآجال ،وقد خالؾ المعتزلة ،ومن تبعهم من المبتدعة ،فقالوا :إنالعبد قد ٌموت بؽٌر أجله ،وأن الله قد ٌقدر له أجلبً ف ٌُقطع علٌه فٌموت،مثل أن ٌقتله أو ٌؤكله سب فٌع ،فعندهم أن هذا مٌت بؽٌر أجله ،وهذا عندنا- أي ال َمالِكٌة -وعند كافة أهل السنة ضلبل وبدعة ،وكل مٌت بهذا وشبهه فلم ٌمت إلا بؤجله المق َّدر له ،وعمره المإقت الذي سبق فًالمعلوم أنه لا ٌبقى زٌادة علٌه ،وبذلك نطق التنزٌل ،قال الله تعالى : ٍٛ -هح آي ػّواْ ا٠٢خ 7 -رفَ١و اثٓ وض١و ط361 ٓ 1 347
( َولِ ُكل أُم ٍة أَ ًَج فٌل َفإذاَ َجا َر أَ َجلُ ُه ْم لاَ ٌَ ْس َتؤْ ِخ ُرو َن َسا َع ًة ًً َولاَ ٌَ ْس َت ْق ِد ُمو َن )( ) ،فكل أم ٍر و ِّقت بشً ٍر فهو أجله ،وكذلك أجل الإنسان ،هو الوقت الذي سبق فً علم الباري أنه ٌموت عنده ،لا ٌتؤخر عنه ولا ٌتقدم ( ) . ومن الأحادٌث الواردة فً القدر ،وأن ك َّل شً ٍر عند الله بمقدار ،كما قال عز وجل( :إنا كل شً ٍر خلقناه بِ َقد ٍر )( ) ما جار فً البخاري علً رضً الله عنه قال \" :كنا فً جنازة فً بقٌع الؽرقد ،فؤتانى النبً صلى الله علٌه وسلم ،فقعد وقعدنا حوله ومعه مخصرة ،فنكس ،فجعل ٌنكت بمخصرته ،ثم قال( :ما منكم من أحد ،ما من نفس منفوسة ،إلا كتب مكانها من الجنة أو النار ،وإلا قد كتب :شقٌة أو سعٌدة ) فقال رجلٌ :ا رسول الله ،أفلب نتكل على كتابنا وندع العمل ،فمن كان منا من أهل السعادة فسٌصٌر إلى عمل أهل السعادة ،وأما من كان من أهل الشقاوة فسٌصٌر إلى عمل أهل الشقاوة ؟ قال ( :أما أهل السعادة فٌٌسرون لعمل السعادة ،وأما أهل الشقاوة فٌٌسرون لعمل الشقاوة ) ثم قرأ \":فؤما من أعطى واتقى \"الآٌة( ) . وفٌه ر ٌّد على القدرٌة الذٌن ٌدعون أن -الخٌر من الله ،والشر م ن الشٌطان -ومنهم من قال إن الله عز وجل لا ٌقدر على شً ٍر من الشر، وإن إبلٌس ٌقدر على الخٌر والشر( ) ،متناسٌن قول الله عز وجل( َّما أَ َصا َب َك ِم ْن َح َس َن ٍة َف ِم َن ال ّلهِ َو َما أَ َصا َب َك ِمن َس ٌِّ َب ٍة َف ِمن َّن ْف ِس َك َوأَ ْر َس ْل َنا َك ٍٛ -هح الأػواف ا٠٢خ . 34 ّ -وػ ػم١لح اثٓ أث ٟى٠ل اٌم١وٚأٌٍ ،ٟمب ٟٙػجل اٌ٘ٛبة اٌ َّب ٌِى. 257ٓ ،ٟ ٍٛ -هح اٌمّو ا٠٢خ . 49-اٌجقبه ٞوزبة اٌغٕبئي ،ثبة ِٛػظخ اٌّؾ ِّلس ػٕل اٌمجو ٚلؼٛك إٔؾبثٗ ؽ ، ٌٗٛط ، 299 ٓ 1ؽل٠ش هلُ 1662 . -رٍج ٌ١ئثٌٍ ، ٌ١لإِبَ اٌغٛى. 94ٓ ، ٞ 348
لِل َّنا ِس َر ُسولاً َو َك َفى ِبال ّلهِ َش ِهٌدا )( ) وقد جار فً تفسٌر ابن كثٌر لهذه الآٌة ،كلبماً طٌباً كان أؼنى أهل القدر من الخوض فٌما خاضوا فٌه،فقد نقل عن مطرؾ بن عبد الله قوله :ما ترٌدون من القدر؟ أما تكفٌكمهذه الآٌة التً فً سورة النسار؟ قال تعالىَ (:وإِن ُت ِص ْب ُه ْم َح َس َن فٌة ٌَقُولُو ْاَهـ ِذ ِه ِم ْن ِعن ِد ال ّلهِ َوإِن ُت ِص ْب ُه ْم َس ٌِّ َب فٌة ٌَقُولُو ْا َهـ ِذ ِه ِم ْن ِعن ِد َك )( ) أي مننفسك والله ما وكلوا إلى القدر وقد أمروا وإلٌه ٌصٌرون( )(قُ ْل ُك ًّل ِّم ْن ِعن ِد ال ّلهِ َف َما لِ َهـ ُإلار ا ْل َق ْو ِم لاَ ٌَ َكا ُدو َن ٌَ ْف َق ُهو َن َح ِدٌثاً) ( ) . وتتم ًة للفابدة نشٌر إلى الآٌة فً سورة الحدٌد ،ر ّداً على القدرٌة، الذٌن ٌزعمون ،أن الإنسان هو الذي ٌفعل الخٌر والش َّر بنفسه ،وأن لاإرادة لله تبارك وتعالى فً أفعال العباد ،تعالى عما ٌقولون علواً كبٌراً، قال تعالىَ ( :ما أَ َصا َب ِمن ُّم ِصٌ َب ٍة ِفً الاَ ْر ِض َولاَ ِفً أَن ُف ِس ُك ْم إِلاَ ِفً ِك َتا ٍب ِّمن َق ْب ِل أَن َّن ْب َرأَ َها إِ َّن َذلِ َك َع َلى ال َّلهِ ٌَ ِسٌ ٌفر )( ).وقد روي عن منصور بن عبد الرحمن ،قال :كنت جالساً مع الحسن فقال رج ٌفل :سله عن هذه الآٌة ،فقال سبحان الله ،ومن ٌشك فً هذا ؟ كل مصٌب ٍة بٌن السمار والأرض ،ففً كتاب الله من قبل أن ٌبرأالنسمة ،وقال قتادة وبلؽنا أنه لٌس ٌصٌبه خدش عو ٍد ،ولا نكبة قد ٍم ،ولاخلخال عر ٍق ،إلا بذن ٍب وما ٌعفو الله عنه أكثر\" قال ابن كثٌ ٍر رحمه الله ٍٛ -هح إٌَبء ا٠٢خ . 79 ٍٛهح إٌَبء ا٠٢خ . 78 -رفَ١١و اثٓ وض١و ط. 561 ٓ 1 ٍٛ -هح إٌَبء ا٠٢خ . 78 ٍٛ -هح اٌؾل٠ل ا٠٢خ . 22 349
وهذه الآٌة الكرٌمة من أدل دلٌ ٍل على القدرٌة نفاة العلم السابق – قبحهم الله( ) . وفً صحٌح مسل ٍم من حدٌث عمرو بن العاص رضً الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله علٌه وسلم ٌقول \" :ق ّدر الله المقادٌر قبل أن ٌخلق الله السماوات والأرض بخمسٌن ألؾ سن ٍة \" ( ) وللخلبص من هذه الدوامة التً وضع القدر ٌُّون أنفسهم فٌها ،على الإنسان أن ٌعرؾ أن الله قد خلق له -قدر ًة -وإراد ًة -وتفكٌراً -ولكنه لا ٌقدر إلا على ما أقدره الله علٌه ،ولا ٌشار إلا ما ٌشار الله له أن ٌفعله ،فقدرة الإنسان تابع فٌة لقدرة الله سبحانه وتعالى ،ومشٌبته مربوط فٌة بمشٌبته وإرادته ( ). - 4لقد ضل المرجبة فٌما ذهبوا إلٌه ،وخالفوا نصوص الكتاب والسنة ،وفً الحقٌقة ،إن فكرة الإرجار فكرة خاطبة تض ّر بالمجتمع عا ّمة ،وبخاصة الشباب لكونهم سرٌعً التق ّبل لهذه الفكرة ،لأنها تفتح الباب على مصراعٌه لذوي النفوس المرٌضة ،وللذٌن لم ٌستضٌإوا بنور الإٌمان ،ولم ٌنهلوا من النبع الصافً ،ولم ٌسلكوا منهج السلؾ الأول و لاقتراؾ الذنوب والانحلبل الأخلبقً ،والانكباب ورار الشهوات مع كونهم مإمنٌن ،وكما قال الأستاذ السبحانً ( :ولو ص ّح ما ا ّدعته المرجبة من الاٌمان والمعرفة القلب ٌّة ،والمح ّبة لإله العالم، -رفَ١و ثٓ وض١و ط 4اٌطجؼخ الأٚ ،443 ٓ ٌٝٚأظو ِقزٖو اٌٖبث ٟٔٛلاثٓ وض١و ط. 454 ٓ 3 ٕ -ؾ١ؼ ٍَُِ ثْوػ إٌ ، ٞٚٛثبة اٌملكه ،ط ٍٕٓ ، 153 ٓ 16اٌزوِن ٞط. 208 ٓ 4ا ثٓ أؽّل اٌؾىِّ ،ٟبئزٍ ٟإاي ف ٟاٌؼم١لح ،رقو٠ظ ؽٍّ ٟثٓ ئٍّبػ ً١اٌوّ١ل ،ٞكاه اٌؼم١لح ،الاٍىٕل٠خِٖ ،و، . 157 ٓ َ1999 350
Search
Read the Text Version
- 1
- 2
- 3
- 4
- 5
- 6
- 7
- 8
- 9
- 10
- 11
- 12
- 13
- 14
- 15
- 16
- 17
- 18
- 19
- 20
- 21
- 22
- 23
- 24
- 25
- 26
- 27
- 28
- 29
- 30
- 31
- 32
- 33
- 34
- 35
- 36
- 37
- 38
- 39
- 40
- 41
- 42
- 43
- 44
- 45
- 46
- 47
- 48
- 49
- 50
- 51
- 52
- 53
- 54
- 55
- 56
- 57
- 58
- 59
- 60
- 61
- 62
- 63
- 64
- 65
- 66
- 67
- 68
- 69
- 70
- 71
- 72
- 73
- 74
- 75
- 76
- 77
- 78
- 79
- 80
- 81
- 82
- 83
- 84
- 85
- 86
- 87
- 88
- 89
- 90
- 91
- 92
- 93
- 94
- 95
- 96
- 97
- 98
- 99
- 100
- 101
- 102
- 103
- 104
- 105
- 106
- 107
- 108
- 109
- 110
- 111
- 112
- 113
- 114
- 115
- 116
- 117
- 118
- 119
- 120
- 121
- 122
- 123
- 124
- 125
- 126
- 127
- 128
- 129
- 130
- 131
- 132
- 133
- 134
- 135
- 136
- 137
- 138
- 139
- 140
- 141
- 142
- 143
- 144
- 145
- 146
- 147
- 148
- 149
- 150
- 151
- 152
- 153
- 154
- 155
- 156
- 157
- 158
- 159
- 160
- 161
- 162
- 163
- 164
- 165
- 166
- 167
- 168
- 169
- 170
- 171
- 172
- 173
- 174
- 175
- 176
- 177
- 178
- 179
- 180
- 181
- 182
- 183
- 184
- 185
- 186
- 187
- 188
- 189
- 190
- 191
- 192
- 193
- 194
- 195
- 196
- 197
- 198
- 199
- 200
- 201
- 202
- 203
- 204
- 205
- 206
- 207
- 208
- 209
- 210
- 211
- 212
- 213
- 214
- 215
- 216
- 217
- 218
- 219
- 220
- 221
- 222
- 223
- 224
- 225
- 226
- 227
- 228
- 229
- 230
- 231
- 232
- 233
- 234
- 235
- 236
- 237
- 238
- 239
- 240
- 241
- 242
- 243
- 244
- 245
- 246
- 247
- 248
- 249
- 250
- 251
- 252
- 253
- 254
- 255
- 256
- 257
- 258
- 259
- 260
- 261
- 262
- 263
- 264
- 265
- 266
- 267
- 268
- 269
- 270
- 271
- 272
- 273
- 274
- 275
- 276
- 277
- 278
- 279
- 280
- 281
- 282
- 283
- 284
- 285
- 286
- 287
- 288
- 289
- 290
- 291
- 292
- 293
- 294
- 295
- 296
- 297
- 298
- 299
- 300
- 301
- 302
- 303
- 304
- 305
- 306
- 307
- 308
- 309
- 310
- 311
- 312
- 313
- 314
- 315
- 316
- 317
- 318
- 319
- 320
- 321
- 322
- 323
- 324
- 325
- 326
- 327
- 328
- 329
- 330
- 331
- 332
- 333
- 334
- 335
- 336
- 337
- 338
- 339
- 340
- 341
- 342
- 343
- 344
- 345
- 346
- 347
- 348
- 349
- 350
- 351
- 352
- 353
- 354
- 355
- 356
- 357
- 358
- 359
- 360
- 361
- 362
- 363
- 364
- 365
- 366
- 367
- 368
- 369
- 370
- 371
- 372
- 373
- 374
- 375
- 376
- 377
- 378
- 379
- 380
- 381
- 382
- 383
- 384
- 385
- 386
- 387
- 388
- 389
- 390
- 391
- 392
- 393
- 394
- 395
- 396
- 397
- 398
- 399
- 400
- 401
- 402
- 403
- 404
- 405
- 406
- 407
- 408