Important Announcement
PubHTML5 Scheduled Server Maintenance on (GMT) Sunday, June 26th, 2:00 am - 8:00 am.
PubHTML5 site will be inoperative during the times indicated!

Home Explore A Critical Comparison between the Asharite

A Critical Comparison between the Asharite

Published by salemfaraj1971, 2017-05-31 20:22:02

Description: A Critical Comparison between the Ashʿarite
and Salafi Schools of Thought with Special
Reference to Muḥammad b. Ṣāliḥ al-ʿUthaymīn
and Muḥammad Saʿīd Ramaḍān al-Būṭī
PhD 2014
University of the Western of Cape
Cape Town / South Africa

Keywords: Ashʿarite and Salafi

Search

Read the Text Version

‫َمنهج ال َّسلفية في فهم الصفَات الذاتية والفعلية‪:‬‬ ‫سبقت الإشارة إلى نن السلفيين قديم ًا ودديث ًا ل ِزموا منهج نهل الحديث في فدمدم للأسماء وال ِصفات‪،‬‬ ‫بمعنى ننهم نبقوا النص على ظاهر ‪ ،‬وآمنوا ب كما هو‪ ،‬دون تص ُّور الديئة والكيفية‪ ،‬وتف ِويض علم الديئة لله‬ ‫ودد ‪ ،‬وتوقفوا في ذلك لا يجاوزون ‪ ،‬ويعدون الخوض في من البدع المحدثة التي ابتدعدا نهل الكلام‪ ،‬وهذا ما‬ ‫نقل عن الأئمة الأعلام‪ ،‬كمالك‪ ،‬ونبي دنيفة‪ ،‬والهافعي(‪ ،)‬وندمد(‪ ،)‬والأوزاعي(‪ ،)‬والليث(‪)‬والثوري(‪ ،)‬وغيرهم ‪.‬‬ ‫ولعل من نبين الدلالات على ذلك‪ ،‬الأثر الوارد عن مالك‪ ،‬وتناقل نهل الحديث قا ِطبة‪ ،‬وهو قول في‬ ‫مسألة الاستواء‪ ،‬فقد روي نن ماِلك ًا كان في مجلس ‪ ،‬فجاء رجل‪ ،‬فقال‪ :‬يا نبا عبد هلل‪( ،‬الر ْدم من على ا ْلع ْر ِش‬ ‫ا ْستوى)(‪ )1‬كيف استوى ؟ فما وجد ماِلك من ش يء ما وجد من مسألت ‪ ،‬فنظر إلى الأرض‪ ،‬وجعل ينكت بعود في‬ ‫يد ‪ ،‬دتى علا الردضاء(‪ )‬يعني العرق‪ ،‬ثم رفع رنس ‪ ،‬ورمى بالعود‪ ،‬وقال‪\" :‬الاستواء غير مجدول‪ ،‬والكيف غير‬ ‫معقول‪ ،‬والإيمان ب واجب‪ ،‬والسؤال عن بدعة‪ ،‬ون مظ ُّنك صادب بدعة‪ ،‬ونمر ب ‪ ،‬فأخرج‪ ،‬وفي رواية‪ ،‬قال ل‬‫‪‌-‌‬محمد‌بن‌إدريس‌بن‌العباس‌بن‌شافع‪‌-‬قيل‌إن‌نسبه‌يرجع‌على‌بن‌هشام‌بن‌المطلب‪‌،‬القرشي‌ولد‌سنة‌‪321‬هـ‪‌،‬بعد‌‬‫إكمال‌ َمالِك‌موطأه‌بعشر‌سنين‪‌،‬وهو‌صاحب‌المذهب‌المشهور‪‌،‬وبلغ‌من‌العلم‌قدراً‌عظيماً؛‌حتى‌صار‌يضرب‌به‌المثل‌‬‫في‌حفظه‪‌،‬وفهمه‪‌،‬قال‌عن‌نفسه‌لقيني‌مسلم‌بن‌خالد‌الزنجي‪‌،‬فقال‪‌:‬يافتى‌من‌أين‌أنت‌؟‌قلت‌من‌أهل‌مكة‪‌،‬قال‌أين‌منزلك‌‬‫بها‌؟‌قلت‌شعب‌الخيف‪‌،‬قال‪‌:‬من‌أي‌قبيلة‌أنت‌؟‌قلت‌من‌ولد‌عبد‌مناف‪‌،‬قال‌بخ‌بخ‌لقد‌شرفك‌الله‌في‌الدنيا‌والآخرة‪‌،‬وقال‌‬‫قدمت‌على‌ َما ِلك‪‌،‬وقد‌حفظت‌الموطأ‌فقال‌لي‪‌:‬أحضر‌من‌يقرأ‌لك‪‌،‬فقلت‪‌:‬أنا‌قارئ‪‌،‬فقرأت‌عليه‌الموطأ‌حفظاً‪‌،‬فقال‪‌:‬إن‌‬‫يك‌أح ٌد‌يفلح‌فهذا‌الغلام‪‌،‬وقال‌يحيى‌بن‌معين‪‌:‬كان‌أحمد‌بن‌حنبل‌ينهانا‌عن‌الشافعي‌ثم‌استقبلته‌يوماً‌والشافعي‌راك ٌ‌ب‌‬‫بغلته‌وهو‌يمشي‌خلفه‌فقلت‪‌:‬يا‌أبا‌عبد‌الله‌تنهانا‌عنه‌وتتبعه‌؟‌فقال‌اسكت‌لو‌لزمت‌البغلة‌لانتفعت‪‌،‬توفي‪‌-‬رحمه‌الله‪-‬في‌‬ ‫آخر‌رجب‌سنة‌‪311‬هـ‌عن‌‪‌21‬سنة‌(طبقات‌الفقها‌لأبي‌إسحاق‌الشيرازي‌ص‪.‌)311‬‬‫‪‌-‌‬هو‪‌:‬أبو‌عبد‌الله‌أحمد‌بن‌محمد‌بن‌حنبل‌الشيباني‪‌،‬إمام‌المذهب‪‌،‬وعالم‌الحديث‪‌،‬قال‌أبو‌ثور‌أحمد‌بن‌حنبل‌أعلم‌وأفقه‌‬‫من‌الثوري‪‌،‬قال‌عنه‌الذهبي‪‌:‬وكان‌إماماً‌في‌الحديث‌وضروبه‪‌،‬إماماً‌في‌الفقه‌ودقائقه‪‌،‬إماماً‌في‌السنة‌وطرائقها‪‌،‬إماماً‌في‌‬‫الورع‌وغوامضه‪‌،‬إماماً‌في‌الزهد‌وحقائقه‪‌،‬ولد‌سنة‌‪361‬هـ‪‌،‬وتوفي‌سنة‪313‬هـ‪‌،‬فرحمه‌الله‌ورضي‌عنه‪‌،‬انظر‪‌:‬الذهبي‪‌،‬‬‫العبر ‌في ‌أخبار ‌من ‌غبر‪‌ ،‬تحقيق‪‌ :‬أبو ‌هاجر ‌محمد ‌السعيد ‌بن ‌بسيوني ‌زغلول‪‌ ،‬دار ‌الكتب ‌العلمية‪‌ ،‬بيروت‪(‌ ،‬بدون ‌تاريخ‌‬ ‫طباعة)‪‌،‬ج‪3‬ص‪‌.‌113‬‬‫‪‌-‌‬هو‌أبو‌عمرو‌عبد‌الرحمن‌بن‌عمرو‌الأوزاعي‌ولد‌سنة‌‪333‬هـ‌وكان‌يسأل‌في‌الفقه‌وعمره‌‪‌31‬سنة‪‌،‬قال‌عبد‌الحمن‌‬ ‫بن‌مهدي‌ما‌كان‌أحد‌بالشام‌أعلم‌من‌الأوزاعي‪،‬ومات‌سنة‌‪‌359‬هـ‌وعمره‌‪‌61‬سنة‌(‌طبقات‌الفقهاء‌للشيرازي‌ص‪.)96‬‬‫‪‌-‬هو‪‌:‬أبو‌الحارث‌الليث‌بن‌سعد‌بن‌عبد‌الرحمن‌ولد‌سنة‌‪‌91‬هـ‌قال‌عنه‌الشافعي‌الليث‌أفقه‌من‌ َما ِلك‌إلا‌أن‌أصحابه‌لم‌‬‫يقوموا‌به‪‌،‬توفي‌سنة‌‪392‬هـ‌ودفن‌يوم‌الجمعة‌‌قال‌عنه‌ابن‌وهب‌والله‌الذي‌لا‌إله‌إلا‌هو‌ما‌رأينا‌أحداً‌قط‌أفقه‌من‌الليث‌‬ ‫(‌طبقات‌الفقهاء‌للشيرازي‌ص‪.‌)95‬‬‫‪‌-‬هو‪‌:‬سفيان‌بن‌سعيد‌بن‌مسروق‌الثوري‪‌،‬قال‌عبد‌الرحمان‌لن‌مهدي‌الأئمة‌أربعة‌سفيان‌الثوري‌و َما ِلك‌وحماد‌بن‌زيد‌‬‫وابن‌المبارك‪‌،‬ولد‌في‌خلافة‌سليمان‌بن‌عبد‌الملك‪،‬سنة‌‪96‬هـ‪‌،‬ومات‌في‌خلافة‌المهدي‪‌،‬سنة‌‪363‬هـ‪‌،‬قال‌ابن‌المبارك‪:‬لا‌‬‫تعلم ‌أحداً ‌على ‌وحه ‌الأرض ‌أعلم ‌من ‌سفيان ‌أبي ‌إسحاق ‌الشيرازي ‌الشافعي‪‌ ،‬طبقات ‌الفقهاء‪‌ ،‬تحقيق ‌إحسان ‌عباس‪‌ ،‬دار‌‬ ‫الرائد‌العربي‪‌،‬بيروت‌لبنان‪‌،‬الطبعة‌الثانية‪3953‌،‬م‪‌،‬ص‪.‌51‬‬ ‫‪‌-1‬سورة‌طه‌الآية‌‪.‌‌2‬‬ ‫‪‌-‬الرحضاء‌في‌اللغة‌عر ٌق‌يغسل‌الجلد‌كثر ًة‪‌،‬راجع‌مختار‌القاموس‌ص‌‪‌.‌313‬‬ ‫‪74‬‬

‫ماِلك‪ :‬وإشي لظنك ضال ًا‪ ،‬فنادا الرجل‪ ،‬يا نبا عبد هلل‪ ،‬و هلل الذي لا إل إلا هو‪ ،‬لقد سألت عن هذ المسألة نهل‬ ‫البصرة‪ ،‬والكوفة والعراق‪ ،‬فلم نجد ندد ًا مو ِفق لما وفقت إلي \"(‪.)1‬‬ ‫ونقل ابن القيم في كتاب اجتماع الجيوش الإسلامية الرواية عن الِإمام الهافعي بن إدريس نن قال‪:‬‬ ‫\"القول في ال ُّسنة التي ننا عليها ورنيت نصحابنا عليها‪ ،‬نهل الحديث الذين رنيتهم ونخذت عنهم مثل سفيان‪،‬‬ ‫وماِلك‪ ،‬وغيرهما الإقرار بهدادة نن لا إل إلا هلل‪ ،‬ونن محمد ًا رسول هلل‪ ،‬ونن هلل‪ -‬تعالى‪ -‬على عرش في سمائ‬ ‫يق مرب من خلق كيف شاء‪ ،‬ونن هلل تعالى ينزل إلى السماء الدنيا كيف شاء\" (‪.)2‬‬ ‫وذكر ابن حجر الرواية عن الأوزاعي نن قال‪\" :‬كنا والتابعون ممتوا ِفرين نقول‪ :‬إن هلل تعالى فوق عرش ‪،‬‬ ‫ونؤمن بما وردت ب السنة الصحيحة من صفات \" (‪. )3‬‬ ‫وقال نبو يعلى الفراء وهو من نصحاب ندمد‪ :‬روي عن شيخنا وإمامنا ندمد بن دنبل‪ ،‬وغير من نئمة‬ ‫نصحاب الحديث‪ ،‬ننهم قالوا في هذ الأخبار‪ :‬ن ِمروها كما جاءت‪ ،‬فحملوها على ظاهرها‪ ،‬ني ننها صفا ٌت لله تعالى‪،‬‬ ‫لا تهب سائر الموصوفين (‪. )4‬‬ ‫المطلب السادس‪ :‬وقوع بعض الأعلام في شبهة التأويل‪:‬‬ ‫تصدر بعض علماء السلفية المعاصرين لتبيين بعض ما قالوا ننها نخطاء وقع فيها بعض الأئمة الأعلام‪،‬‬ ‫كأمثال ابن حجر‪ ،‬والنووي‪ ،‬وغيرهما‪ ،‬ونن هذ الأخطاء إنما هي في تأويل بعض النصوص‪ِ ،‬خلاف ًا لما كان علي‬ ‫العمل عند السلف الأول‪ ،‬في فدمدم للأسماء وال ِصفات ‪.‬‬ ‫‪-1‬أبو ‌بكر ‌أحمد ‌بن ‌الحسين ‌البيهقي‪،‬الأسماء ‌وال ِّص َفات‪‌ ،‬تحقيق ‌عبد ‌الله ‌بن ‌محمد ‌الحاشدي‪‌ ،‬مكتبة ‌السوادي‌‬ ‫للتوزيع‪،‬جدة‪،‬الطبعة‌الأولى‪3991‌،‬م‪-‬ج‪3‬ص‪‌،116‬وانظر‪‌:‬محمد‌أبو‌زهرة‪َ ‌،‬مالِك‌حياته‌وعصره‪‌،‬دار‌الثقافة‌العربية‌‬ ‫للطباعة‌بمصر‪‌3919‌،‬م‪‌،‬ص‪‌.‌391‬‬‫‪‌-2‬ابن ‌القيم ‌الجوزية‪‌ ،‬إجتماع ‌الجيوش ‌الإسلامية ‌على ‌غزو ‌المعطلة ‌والجهمية‪‌ ،‬الطبعة ‌الأولى ‌ ‌دار ‌الشريعة‪‌ ،‬القاهرة‪‌،‬‬ ‫مصر‪3111‌،‬م‪‌،‬ص‪.362‬‬‫‪‌-3‬ابن‌حجر‌العسقلاني‪‌،‬فتح‌الباري‌بشرح‌صحيح‌البخاري‪‌،‬تحقيق‌عبد‌العزيز‌بن‌باز‪‌،‬المكتبة‌الإسلامية‌عين‌شمس‌–‌‬ ‫رقم‌الإيداع‌–‌‪‌،3111‌/31291‬ج‪1‬ص‪.‌611‬‬‫‪‌-4‬أبو‌يعلى‌محمد‌بن‌الحسين‌ابن‌محمد‌الفراء‪‌،‬إبطال‌التأويل‌لأخبار‌ال ِّص َفات‪‌،‬تحقيق‪‌:‬محمد‌بن‌حمد‌بن‌محمد‌النجدي‪‌،‬‬ ‫دار‌إيلاف‪‌،‬الكويت‪(‌،‬بدون‌تاريخ‌طباعة)‌ج‪‌3‬ص‪.‌11‬‬ ‫‪75‬‬

‫وهذا التبيين والحق يقال لم يكن بقصد التجريح نو الاستنقاص من قدرهؤلاء الجبال الرواس ي‪ِ ،‬بقدرما‬ ‫كان تبيين لما وقعوا في من خطأ في تأويل هذ النصوص‪ ،‬بما يخالف مفدوم السلفيين قديم ًا ودديث ًا ‪.‬‬ ‫وقد صنف بعض السلفيين‪ ،‬ومنهم ابن ت ْي ِمية‪ -‬الذي التمس العذر لدؤلاء الأعلام‪ -‬رسالة ل بعنوان‪\" :‬رفع‬ ‫الملام عن الأئمة الأعلام\" وصدر كلام ‪ ،‬نول ما صدر بقول ‪\" :‬وليعلم نن ليس ندد من الأئمة المقبولين عند الأمة‬ ‫قبولا عام ًا‪ ،‬يتعمد مخالفة رسول هلل‪ -‬صلى هلل علي وسلم‪ -‬في ش يء من سنت ‪ ،‬دقيق ولا جليل‪ ،‬فإنهم متفقون‬ ‫اتفاقا يقينيا على وجوب اتباع الرسول‪ ،‬وعلى نن كل ندد من الناس يؤخذ من قول ويترك إلا رسول هلل‪ -‬صلى‬ ‫ هلل علي وسلم‪ -‬ولكن إذا وجد لوادد منهم قو ٌل‪ ،‬وقد جاء دديث صحيح بخلاف ‪ ،‬فلا بد ل من عذرفي ترك (‪.)1‬‬ ‫ويجمع ابن ت ْي ِمية هذ الأعذارفلا ميخ ِر مجدا في المجمل عن نصناف ثلاثة وهي‪:‬‬ ‫‪ ‬عدم اعتقاد نن النبي صلى هلل علي وسلم قال ‪.‬‬ ‫‪ ‬عدم اعتقاد إرادة تلك المسألة بذلك القول‪.‬‬ ‫‪ ‬اعتقاد نن ذلك الحكم منسوخ‪.‬‬ ‫وهذ الأصناف الثلاثة تتفرع إلى نسباب متعددة‪ ،‬ولكنها تدور دول هذ المعاشي الثلاثة‪ ،‬لا تتجاوزها إلا‬ ‫بهكل شسبي (‪.)2‬‬ ‫وقد صنف السلف ُّيون مكتب ًا و ممصنفات ِلحص ِر هذ الممخالفا ِت التي وقع فيها بعض الأئمة الأعلام‪ ،‬ومن‬ ‫ذلك كتاب‪\" :‬التنبيه على المخالفات العقدية في فتح الباري\" وهو من الكتب الحديثة المعاصرة‪ ،‬وبتقريظ هيئة‬ ‫كبار العلماء‪ ،‬بعد نن اطلعوا علي ونق ُّروا ممؤِلف فيما ذهب إلي من بعض التنبيهات السلفية في العقيدة‪ ،‬وقد‬ ‫اخترنا بعض ما نشار إلي ليكون علامة على العقيدة السلفية المعاصرة في متابعة النصوص كما كان علي السلف‬ ‫الأول وفقا لما علي العقيدة السلفية قديما ودديث ًا‪ ،‬وبيان ذلك كما يلي‪:‬‬‫‪‌-1‬ابن‌ َت ْي ِم َّية‪‌،‬مجموع‌الفتاوى‪‌،‬ج‪1‬ص‪‌،325‬وانظر‪‌:‬ابن‌ َت ْي ِم‌ َّية‪‌،‬رفع‌الملام‌عن‌الأئمة‌الأعلام‪‌،‬تحقيق‪‌:‬زاهر‌الشاويش‪‌،‬‬ ‫المكتب‌الإسلامي‪‌،‬بيروت‪‌،‬الطبعة‌الثانية‪3993‌،‬م‪‌،‬ص‪.33‬‬ ‫‪‌-2‬مجموع‌الفتاوى‌لابن‌تيمية‪‌،‬ج‪1‬ص‪‌،325‬وانظر‪‌:‬ابن‌ َت ْي ِم َّية‪‌،‬رفع‌الملام‌عن‌الأئمة‌الأعلام‪‌،‬ص‪.33‬‬ ‫‪76‬‬

‫وقفة مع كتاب التنبيهات العقدية في فتح الباري‪:‬‬ ‫نقرت ووافقت كوكبة من العلماء السلفيين المعاصرين كتاب‪ :‬الهيخ علي بن عبد العزيز بن علي الهبل‪،‬‬ ‫الذي ذكر نن في هذا إنما نكمل العمل الذي بدن شيخ ‪ ،‬رئيس لجنة الإفتاء بالمملكة‪ ،‬هو سمادة الهيخ‪ :‬عبد‬ ‫العزيز بن باز‪ -‬ردم هلل‪ ، -‬ونن في هذا كان يرجع إلى كبار العلماء‪ ،‬وعلى رنسدم‪ ،‬الهيخ ال معثيمين‪ ،‬والهيخ عبد‬ ‫العزين بن عبد هلل آل الهيخ‪ ،‬والهيخ عبد الردمن بن ناصر البراك‪ ،‬وقد كان هذا الكتاب(‪ ،)1‬بتقريظ نخبة من‬ ‫العلماء وهم‪:‬‬ ‫‪ -7‬عبد العزيزبن باز‪ -‬ردم هلل‪ -‬سمادة المفتي العام‪ ،‬ورئيس اللجنة الدائمة للفتاء‪ ،‬السعودية ‪.‬‬ ‫‪ -9‬صالح بن فوزان الفوزان‪ ،‬عضو اللجنة الدائمة للفتاء‪ ،‬السعودية ‪.‬‬ ‫‪ -4‬عبد هلل بن عقيل‪ ،‬عضو اللجنة الدائمة للفتاء‪ ،‬السعودية ‪.‬‬ ‫‪ -3‬عبد هلل بن منيع‪ ،‬عضو اللجنة الدائمة للفتاء‪ ،‬السعودية (‪. )2‬‬ ‫إذ ًا فدذا ال ِكتاب ولا ريب‪ ،‬يعتبر مزبدة ما رآ السلف ُّيون المعاصرون في مسائل العقيدة التي خالفدم فيها‬ ‫بعض ال معلماء الأعلام‪ ،‬رغم كونها تحصر المخالفات الواردة في فتح الباري للمام ابن حجر‪ -‬ردم هلل‪ -‬بالتحديد‪،‬‬ ‫والفتح كما هو معلوم كتا ٌب شام ٌل واس ٌع‪ ،‬جليل القدر‪ ،‬قد استوعب من المسائل العامة والدقيقة‪ ،‬ما يمكن نن‬ ‫نقول عن نن دوى جل المسائل التي نوردها علماء السلف قديم ًا ومن وافقدم دديث ًا في قضايا الاعتقاد‪ ،‬لذلك‬ ‫سنجعل هذ التنبيهات‪ ،‬هي العمدة في إيراد نقوال السلفيين المعاصرين في هذ المسائل‪ ،‬وهي المسائل العقدية‬ ‫التي يرى ج ُّل السلفيون ننها من المخالفات التي وقع فيها علماء الأشا ِعرة قديم ًا ودديث ًا‪ ،‬وسأقتصر على نمثلة منها‬ ‫فحسب‪ ،‬وذلك تجنب ًا للطالة‪ ،‬ولن المقصود هو ضرب الأمثال للدلال ِة على ما يعتقد السلف ُّيون قديم ًا ودديث ًا‪،‬‬ ‫وليس استقصاء هذ المخالفات‪ ،‬وهي كما يلي‪:‬‬‫‪‌ -1‬علي ‌بن ‌عبد ‌العزيز ‌بن ‌علي ‌الشبل‪‌ ،‬التنبيه ‌على ‌المخالفات ‌العقدية ‌في ‌فتح ‌الباري‪‌ ،‬دار ‌الوطن‪‌ -‬دار ‌الشبل ‌للنشر‪‌،‬‬ ‫الرياض‪‌،‬السعودية‪‌،‬الطبعة‌الأولى‪3111‌،‬م‪‌،‬ص‪.31‬‬ ‫‪‌-2‬المرجع‌السابق‪‌،‬ص‪.33‬‬ ‫‪77‬‬

‫صفة اليد‪:‬‬ ‫قال الحافظ ابن حجر‪( :‬المراد باليد القدر) ‪.‬‬ ‫وهذا ما ذهب السلفية إلى مخالفت ‪ ،‬وقالوا‪ :‬هذا تأوي ٌل غي مر صحيح‪ ،‬بل اليد ثابت ٌة لله‪ -‬عز وجل‪ ،-‬وهي‬ ‫صف ٌة ذاتية من صفات هلل تعالى‪ ،‬فالواجب إثبات هذ الصفة لله تعالى على دقيقتها(‪ ،)1‬وهذ الصفة وغيرها كما‬ ‫هو معلوم يقيدها السلف ُّيون بقيد‪( :‬ل ْيس ك ِم ْثِل ِ ش ْي ٌء و مهو الس ِمي مع الب ِصي مر)(‪ ،)2‬ويقيدونها كذلك بقاعدتهم‬ ‫المهدورة‪( :‬من غيرتحريف‪ ،‬ولا تكييف‪ ،‬ولا تعطيل‪ ،‬ولا تمثيل )(‪.)3‬‬ ‫وبعض الأشا ِعرة يؤولون اليد ننها مجاز بمعنى ذات تعالى‪ ،‬عن الذات‪ ،‬وقد قال القاض ي نبو يعلى الفراء‬ ‫(المتوفى سنة ‪354‬هـ)‪ ،‬في كتاب ‪\" :‬إبطال التأويلات لخبار ال ِصفات\" الذي يرد في على تأويل ال ِصفات الخبرية‪،‬‬ ‫الواردة في الكتاب والسنة‪ ،‬ومن ذلك ما ذكر في رد على من يؤول قول تعالى‪( :‬خلق مت بيدي)(‪ ،)4‬ننها كناية عن‬ ‫الذات‪ ،‬فقد رد علي في جوابين‪:‬‬ ‫الأول‪ :‬إن هذا التأويل يجوز القول بأن هلل ي ٌد!‪ ،‬لن قد عبرعن الذات باليد!‪ ،‬ونن يجوز نن يدعا‪\" :‬يا يد‬ ‫اغفرلنا\"!!‪ ،‬وقد نجمعت الأمة على خلاف ‪.‬‬ ‫الثاني‪ :‬إن هذا التأويل يسقط فائدة التخصيص بالجماعة‪ ،‬لن ذات مع الوادد نيض ًا‪ ،‬فعلم نن‬ ‫تخصيص الجماعة ل فائدة (‪. )5‬‬ ‫‪‌-1‬علي‌بن‌عبد‌العزيز‌الشبل‪‌،‬التنبيه‌على‌المخالفات‌العقدية‌في‌فتح‌الباري‪‌،‬ص‪.‌13‬‬ ‫‪‌-2‬سورة‌الشورى‌الآية‌‪.‌33‬‬ ‫‪‌-3‬علي‌بن‌عمر‌الدارقطني‪‌،‬كتاب‌ال ِّص َفات‪‌،‬دراسة‌وتحقيق‪‌:‬علي‌بن‌محمد‌بن‌ناصر‌الفقيهي‌‬‫الطبعة‌الأولى‪3951‌،‬م‪‌،‬ص‪‌،69‬الأشعري‪‌،‬الإبانة‪‌،‬ص‪‌،31‬الكرمي‪‌،‬أقاويل‌الثقات‪‌،‬ص‪‌،59‬عبد‌العزيز‌بن‌باز‪‌،‬محمد‌‬‫بن‌صالح‌العثيمين‪‌،‬فتاوى‌مهمة‌لعموم‌الأمة‪‌،‬تحقيق‪‌:‬إبراهيم‌الفارس‪‌،‬دار‌العاصمة‪‌،‬الرياض‪‌،‬الطبعة‌الأولى‪3131‌،‬هـ‪‌،‬‬ ‫ص‪‌.‌31‬‬ ‫‪‌-4‬سورة‌ص‌الآية‌‪.‌29‬‬‫‪‌-5‬القاضي‌أبو‌يعلى‌محمد‌بن‌الحسين‌بن‌محمد‌الفراء‪‌،‬إبطال‌التأويلات‌لأسماء‌ال ِّص َفات‪‌،‬تحقيق‪‌:‬أبي‌عبد‌الله‌محمد‌بن‌‬‫حمد ‌المحمودي ‌النجدي‪‌ ،‬دار ‌أيلاف ‌الدولية‪‌ ،‬الكويت‪(‌ ،‬بدون ‌تاريخ ‌طباعة)‪‌ ،‬ج‪3‬ص‪‌ ،121‬والقاضي ‌يشير ‌في ‌هذا ‌إلى‌‬‫حديث‌النبي‌صلى‌الله‌عليه‌وسلم‪‌،‬عن‌عرفجة‌بن‌شريح‌الأشجعي‌قال‪:‬رأيت‌النبي‌صلى‌الله‌عليه‌وسلم‌على‌المنبر‌يخطب‌‬‫الناس‌فقال‪\"‌:‬أ َّنه‌سيكون‌بعدي‌هنات‌وهنات‌فمن‌رأيتموه‌فارق‌الجماعة‌أو‌يريد‌يفرق‌أمر‌أمة‌محمد‌صلى‌الله‌عليه‌وسلم‌‬‫كائنا ‌من ‌كان ‌فاقتلوه‪‌ ،‬فإن ‌يد ‌الله ‌على ‌الجماعة ‌فإن ‌الشيطان ‌مع ‌من ‌فارق ‌الجماعة ‌يركض\" ‌سنن ‌النسائي‪‌ ،‬باب ‌قتل ‌من‌‬ ‫فارق‌الجماعة‪‌،‬حديث‌رقم‪‌،1921‌/‬وفي‌المعجم‌الكبير‌للطبراني‪‌،‬من‌حديث‌عبد‌الله‌بن‌عمر‪‌،‬حديث‌رقم‪.31115/‬‬ ‫‪78‬‬

‫وجدي ٌربالذكر هنا نن نقول‪ :‬إن علماء الأشا ِعرة يؤولون اليد بالقدرة‪ ،‬نو الذات‪ ،‬والعين بال ِرعاية‪ ،‬وغيرها؛‬ ‫بما يحمل اللفظ على المجازلا على الحقيقة‪ ،‬وهذا ما نوقع الحافظ ابن حجرفي الغلط في مثل هذ المسائل‪ ،‬فقد‬ ‫كان ينقل كثي ًرا عن ال ُّهراح عباراتهم بما فيها من نخطاء في العقيدة‪ ،‬دونما تعليق إلا قليل ًا (‪. )1‬‬ ‫و ِمن الذين نولوا اليد بال مقدرة نوال ِنعمة‪ ،‬نو ال ِحفظ‪ ،‬الإمام الفخر الرازي في تفسير الممسمى‪\" :‬مفاتيح‬ ‫الغيب\" ومن ذلك ما نورد في تفسيرقول تعالى‪( :‬ي مد هلل ف ْوق ن ْي ِديِه ْم)(‪ ،)2‬ني نصرت إياهم نقوى ون ْعلى من نصرتهم‬ ‫إيا ‪ ،‬يقال‪ :‬اليد لفلان‪ ،‬ني الغلب مة وال ُّنصرمة والقد مر‪ ،‬ونما إن قلنا ننها ِبمعني ْين‪ ،‬فنقول في دق هلل تعالى بمعنى‬ ‫الحفظ (‪. )3‬‬ ‫و ِمما ميدِلل على الخلط الذي وقع في ابن حجر‪ -‬ردم هلل تعالى‪ -‬نن نقل كلام السلفيين نصحاب‬ ‫الحديث‪ ،‬الذين يقولون بعدم تأويل هذ النصوص‪ ،‬كمالك‪ ،‬والهافعي‪ ،‬والأوزاعي‪ ،‬وفي نفس الوقت نجد هنا‬ ‫يقول بكلام مخالفيهم الأشا ِعرة‪ ،‬كالرازي‪ ،‬والجويني‪ ،‬وغيرهم ‪.‬‬ ‫وفي هذا إشارا ٌت واضح ٌة إلى نن نغلب ما اعتبر ال ِهبل مخالفات عقائدية‪ ،‬ما هو إلا من كثرِة جمع ابن‬ ‫حجر ونقل لقوال نهل العلم‪ ،‬ولم ينسب هذا القول لنفس ‪ ،‬نو نن يعتقد هذا الاعتقاد‪ ،‬هذا إذا علمنا نن نشار‬ ‫إلى ذلك بنقل ال ِرواية عن طريق الوليد بن مسلم قال سألت الأوزاعي ومالكا والثوري والليث بن سعد عن‬ ‫الأداديث التي فيها ال ِصفة فقالوا‪\" :‬ن ِم ُّروها كما جاءت بلا كيف\"(‪. )4‬‬ ‫وينقل ابن حجر نيض ًا الرواية عن ابن نبي داتم في مناقب الهافعي عن يوشس بن عبد الأعلى سمعت‬ ‫الهافعي يقول‪ :‬لله نسماء وصفات لا يسع ندد ًا ردها‪ ،‬ومن خالف بعد ثبوت الحجة علي فقد كفر‪ ،‬ونما قبل‬ ‫قيام الحجة فإن ميعذربالجدل‪ ،‬لن علم ذلك لا يدرك بالعقل ولا الرؤية والفكر‪ ،‬فنثبت هذ ال ِصفات وننفي عن‬ ‫الته ِبي كما نفى عن نفس ‪ ،‬فقال ( ليس ك ِمثل ش ي ٌء )(‪.)1( . )5‬‬ ‫‪‌1‬علي‌بن‌عبد‌العزيز‌الشبل‪‌،‬ص‪.32‬‬ ‫‪‌-2‬سورة‌الفتح‌الآية‌‪.31‬‬‫‪‌-3‬فخر‌الدين‌محمد‌بن‌عمر‌بن‌الحسين‌الرازي‪‌،‬التفسير‌الكبير‌أو‌مفاتيح‌الغيب‪‌،‬دار‌الكتب‌العلمية‪‌،‬بيروت‪3111‌،‬م‪‌،‬‬ ‫ج‪35‬ص‪.‌92‬‬ ‫‪-4‬ابن‌حجر‌العسقلاني‪‌،‬فتح‌الباري‪‌،‬ج‪31‬ص‪.‌119‬‬ ‫‪‌-‌5‬سورة‌الشورى‌الآية‌‪.33‬‬ ‫‪79‬‬













‫وجل‪ -‬في العلو‪ ،‬وعلى نن يدعى من نعلى لا من نسفل‪ ،‬وكذلك نصحاب من بعد كأبي يوسف‪ ،‬وههام بن عبيد‬ ‫الل الرازي\" (‪.)1‬‬ ‫وير ُّد بع مض الكتاب السلفيين المعاصرين على من نول الاستواء بالإستيلاء‪ ،‬فيقولون إن هذا مخال ٌف لما‬ ‫في القرآن‪ ،‬وهو خلاف النظر الصحيح‪ ،‬والتصور السليم‪ ،‬وممن رجح المنهج السلفي في قول بعدم تـأويل الاستواء‬ ‫بالاستيلاء‪ -‬من المعاصرين‪ -‬خالد علال في كتاب ‪\" :‬الأزمة العقيدية بين الأشا ِعرة ونصحاب الحديث\" ديث يقول‪:‬‬ ‫\"والمؤول ينفي عن هلل صفة نثبتها لذات ‪ ،‬ويصف بما لم يصف ب نفس ‪ ،‬كالذي ينفي عن صفة الاستواء على‬ ‫العرش ويجعل مكأنها الاستيلاء‪ ،‬نلم يكن هلل قاد ًرا على استعمال كلمة الاستيلاء دتى جاء هذا المؤول واستعملدا\"‬ ‫(‪. )2‬‬ ‫صفة ال ُّدنو‪:‬‬ ‫قال الحافظ ابن حجر\" ويدنو المؤمن من رب ني يقرب من قرب كرامة وعلو منزلة \"(‪.)3‬‬ ‫ويجيب الهبل عن ذلك‪ ،‬ذاك ًرا رني السلفيين قديم ًا ودديث ًا في هذ المسألة‪\" :‬إن الواجب إثبات الدنو‬ ‫على ظاهر ‪ ،‬ونن تقريب من هلل لعبد المؤمن دتى يضع علي كنف ‪ ،‬و هلل نعلم بكيفية ذلك‪ ،‬ولا ريب نن هذا‬ ‫التقريب تكريم من هلل للمؤمن‪ ،‬و هلل نعلم\" (‪. )4‬‬ ‫وقد نقل عن نبي إسحاق الهاطبي في كتاب المسمى‪\" :‬الموافقات في نصول الهريعة\" عبارًة توهم الـتأويل‬ ‫في صفة الدنو‪ ،‬وهذا ما نشار إلي نا صر بن دمين الفدد في كتاب الذي عنون ل ‪\" :‬الإعلام بمخافات الموافقات‬ ‫والاعتصام\"‪ ،‬ومن جملة ما قال في هذ المسألة‪ :‬في (الموافقات) في موضعين دديث ًا عن صفات هلل‪ -‬سبحان تعالى‪-‬‬ ‫‪\":‬منز عن مداناة العباد\"(‪ ،)5‬ثم قال الفدد‪ :‬وقول ‪\":‬منز عن مداناة العباد\" يحتمل ندد معنيين (‪. )6‬‬ ‫‪‌-1‬ابن‌القيم‪‌،‬اجتماع‌الجيوش‌الإسلامية‪.‌11‌،‬‬‫‪‌ -2‬خالد ‌كبير ‌علال‪‌ ،‬الأزمة ‌العقيدية ‌بين ‌الأ َشا ِعرة ‌وأصحاب ‌الحديث‪‌ ،‬دار ‌الإمام ‌مالك‪‌ ،‬البليدة‪‌ ،‬الجزائر‪3112‌ ،‬م‪‌،‬‬ ‫ص‪.339‬‬ ‫‪‌-3‬ابن‌حجر‪‌،‬فتح‌الباري‪‌،‬ج‪31‬ص‪.‌211‬‬ ‫‪‌-‌4‬الشبل‪‌،‬التنبيه‌على‌المخالفات‌العقدية‪‌،‬في‌فتح‌الباري‪‌،‬ص‪.91‬‬ ‫‪‌-5‬أبو‌إسحاق‌إبراهيم‌ابن‌موسى‌اللخمي‌الشاطبي‪‌،‬الموافقات‪(‌،‬ج‪3‬ص‪‌-361‬ج‪1‬ص‪)313‬‬ ‫‪‌-6‬ناصر‌حمد‌الفهد‪‌،‬الإعلام‌بمخالفات‌الموافقات‌والاعتصام‪‌،‬مكتبة‌الرشد‪‌،‬الرياض‪‌،‬الطبعة‌الأولى‪3999‌،‬م‪‌،‬ص‪.‌91‬‬ ‫‪86‬‬

‫المعنى الأول‪ :‬نن يكون نراد نن هلل سبحان منزٌ عن الاختلاط بالمخلوقات‪ ،‬نو نن يحوي ش ئ منها‪ ،‬ونحو‬ ‫هذ المعاشي فدذا دق‪ ،‬ولكن الخطأ في التعبيرلن لفظ (الدنو) ثابت في الأداديث(‪. )1‬‬ ‫المعنى الثاني‪ :‬نن يكون مراد نفي صفة الدنو‪ ،‬ونن هلل سبحان لا يدنو بنفس ‪ ،‬ولا يدشي بعض عباد‬ ‫إلي فدذا باطل‪ ،‬فقد ثبت في صحيح البخاري وغير عن عبد هلل بن عمر‪ -‬رض ي هلل عن ‪ -‬نن رسول هلل ‪ -‬صلى هلل‬ ‫علي وسلم‪ -‬قال‪\" :‬يدنو المؤمن من رب دتى يضع علي كنف فيقرر بذنوب ‪..‬الحديث\"(‪ )2‬وغير من الأداديث‪،‬‬ ‫فدذ الصفة من صفات الأفعال كالنزول والمجئ والإتيان ونحوها فتثبت بما يليق بالله عزوجل (‪. )3‬‬ ‫ثم استهدد بقول شيخ الإسلام في بيان المنهج السلفي في فدم مثل هذ النصوص‪ ،‬فيقول نقل ًا عن ابن‬ ‫ت ْي ِمية‪\" :‬ونما دنو نفس ‪ ،‬وتقرب من بعض عباد ‪ ،‬فدذا يثبت من يثبت قيام الأفعال الاختيارية بنفس ‪،‬‬ ‫ومجيئ \"(‪. )5( .)4‬‬ ‫وقد مر علينا نن الحافظ ابن حجر قال في الدنو نن قرب كرامة‪ ،‬وعلو منزلة‪ ،‬فدو لا يقول بأن دنو على‬ ‫الحقيقة‪ ،‬وهو يستهدد كذلك بحديث البخاري السابق‪ ،‬وفي (دتى يضع كنف )‪ ،‬بفتح الكاف والنون بعدها‬ ‫الفاء‪ :‬ني جانب ‪ ،‬والكنف نيض ًا الستر وهو المراد هنا‪ ،‬والأول مجاز في دق هلل تعالى‪ ،‬كما يقال‪\" :‬فلان في كنف‬ ‫فلان\" ني في دمايت ورعايت ‪. )6( ..‬‬ ‫وقد استدرك الهبل على هذا فقال‪ :‬ومن معاشي الكنف عند السلف‪ ،‬النادية‪ ،‬والستر‪ ،‬والحجاب‪ ،‬فلا‬ ‫داجة لادعاء المجازفي وتعطيل عن هلل دقيق ًة‪ ،‬لن ذلك لا يجوز في دق هلل ونسمائ وصفات (‪. )7‬‬ ‫ويجمع ابن ت ْي ِمية بين فدم صفة الدنو‪ ،‬والنزول‪ ،‬فهي من صفاة الأفعال‪ ،‬التي مر ُّدها لمهيئت سبحان ‪،‬‬ ‫ويفسر الدنو بالقرب‪ ،‬ديث يقول‪ :‬والكلام في هذا القرب‪ :‬من جنس الكلام في نزول كل ليلة‪ ،‬ودنو عهية عرفة‪،‬‬ ‫‪-1‬المرجع‌السابق‪‌،‬ص‪.‌91‬‬ ‫‪-2‬صحيح‌البخاري‪‌،‬باب‌قوله‪‌:‬ويقول‌الأشهاد‌هؤلاء‌الذين‌كذبوا‌على‌ربهم‪‌،‬حديث‌رقم‪.1139/‬‬ ‫‪‌-3‬ناصر‌حمد‌الفهد‪‌،‬الإعلام‌بمخالفات‌الموافقات‌والاعتصام‪‌،‬ص‪.‌91‬‬ ‫‪‌-4‬شيخ‌الإسلام‌ابن‌ َت ْي ِم َّية‪‌،‬الفتاوى‪‌،‬ج‪/2‬ص‪.‌166‬‬‫‪‌ 5‬ناصر ‌بن ‌حمد ‌بن ‌حمين ‌الفهد‪‌ ،‬الإعلام ‌بمخالفات ‌الموافقات ‌والإعتصام‪‌ ،‬مكتبة ‌الرشد ‌الرياض‪‌ ،‬الطبعة ‌الأولى‪‌،‬‬ ‫‪3999‬م‪‌،‬ص‪.‌91‬‬ ‫‪‌-6‬ابن‌حجر‪‌،‬فتح‌الباري‪‌،‬ج‪31‬ص‪.‌211‬‬ ‫‪‌-7‬الشبل‪‌،‬التنبيه‌على‌المخالفات‌في‌فتح‌الباري‪‌،‬ص‪.92‬‬ ‫‪87‬‬

‫وتكليم لموس ى من الشجرة‪ ،‬وقول ‪( :‬نن مبو ِرك من ِفي النا ِر وم ْن د ْولدا)(‪ ،)1‬ثم قال‪ :‬وقد ذكرنا في غير هذا الموضع ما‬ ‫قال السلف في مثل ذلك‪ :‬مثل دماد بن زيد وإسحاق بن راهوي وغيرهما‪ ،‬من نن ينزل إلى سماء الدنيا‪ ،‬ولا يخلو‬ ‫من العرش‪ ،‬وبينا نن هذا هو الصواب (‪. )2‬‬ ‫ويرى الهيخ ال معثيمين نن يجب على المؤمن نن يحذر من إيراد مثل هذ المسائل‪ ،‬وعلي نن يؤمن بآيات‬ ‫ال ِصفات كما نتت‪ ،‬ورد ًا عن سؤال مقـ ِدم ل في \"لقاء الباب المفتوح\"‪ ،‬الذي يقيمة ال معثيمين في بيت لطلبة العلم‪،‬‬ ‫ون ُّص السؤال كما يلي‪:‬‬ ‫س‪ -‬فضيلة الهيخ دفظكم هلل‪ :‬دديث نزول ربنا إلى السماء الدنيا في ثلث اليل الآ ِخر‪ ،‬وذلك في كل‬ ‫ليلة؛ ولكن ثلث اليل يختلف من مدينة إلى نخرى‪ ،‬ومن دولة إلى نخرى‪ ،‬دتى قد يكون كل اليوم في فترة الثلث‬ ‫هذ ‪ ،‬فدل ذلك يقتض ي نن يكون دائم ًا في النزول؟‬ ‫فقال الهيخ‪ :‬نظننا يا نخي لم نقم من مكاننا الذي نهيناكم في عن التحدث بمثل هذ الأمور‪ ،‬فإذا كنت‬ ‫في بلد وننت في ثلث اليل الآخر فآمن بأن هلل نزل إلى السماء الدنيا‪ ،‬وإذا كنت في بلد في غير هذا الوقت فلا‬ ‫نزول‪)3( ) ....‬‬ ‫ثم قال ال معثيمين‪ :‬فأرى نن تبقي هذ الإجابة في جيبك ونلا تخرجدا‪ ،‬فمتى كنت في ثلث اليل الآ ِخر فالرب‬ ‫ناز ٌل‪ ،‬ومتى كنت في غير هذا الوقت فالرب غير نازل وانتهى الموضوع؛ لن صفات هلل ليست كصفات المخلوق‪،‬‬ ‫فالآن نحن نؤمن بأن هلل ينزل إلى السماء الدنيا‪ ،‬ونؤمن بأن فوق كل ش يء‪ ،‬فدل ميتصور هذا في المخلوق نن ينزل‬ ‫إلى مكان نازل‪ ،‬وهو فوق كل ش يء؟! ومع ذلك نحن نؤمن بأن هلل فوق كل ش يء‪ ،‬ونن ناز ٌل‪ ،‬ونن نقرب ما يكون‬ ‫العبد من رب وهو ساجد‪ ،‬ولا نقول نيض ًا‪ :‬كيف يكون العبد نقرب إلى رب وهو ساجد‪ ،‬وهو فوق عرش ؟ فنقول‪:‬‬ ‫هذا إنما يورد إذا ما تصورنا نن صفات الخالق كصفات المخلوقين(‪.)4‬‬ ‫‪‌-1‬سورة‌طه‌الآية‌‪.5‬‬ ‫‪‌-2‬ابن‌ َت ْي ِم َّية‪‌،‬مجموع‌الفتوى‪‌،‬ج‪2‬ص‪.111‬‬‫‪‌-3‬محمد‌بن‌صالح‌بن‌محمد‌ال ُعثيمين‪‌،‬لقاء‌الباب‌المفتوح‪‌،‬لقاءات‌كان‌يعقدها‌الشيخ‌بمنزله‌كل‌خميس‪‌،‬بدأت‌في‌أواخر‌‬ ‫شوال‌‪3133‬هـ‌وانتهت‌في‌الخميس‌‪‌31‬صفر‪‌،‬عام‌‪3133‬هـ‪‌،‬انظر‪‌:‬‬ ‫‌‪‌،http://www .islamweb .net‬لقاء‌رقم‪‌69‌،‬ص‪.‌31‌-39‬‬ ‫‪‌-4‬محمد‌بن‌صالح‌بن‌محمد‌ال ُعثيمين‪‌،‬لقاء‌الباب‌المفتوح‪‌،‬ص‪.‌31‌-39‬‬ ‫‪88‬‬

‫نما في شرد للعقيدة السفارينية فيذكر نن نزول عز وجل إلى السماء الدنيا‪ ،‬المذكور في دديث النزول‬‫في الثلث الأخير من اليل‪ -‬على صيغة سؤال ثم يجيب عن فيقول‪ :-‬ال ُّنزول إلى السماء الدنيا نوع من ننواع ال ِفعل‪،‬‬ ‫هل هو دادث نو غيردادث؟ فيجيب قائل ًا‪ :‬دادث‪ ،‬كان بعد نن خلق السماء الدنيا (‪.)1‬‬‫وقال الهيخ ابن باز‪ :‬هو سبحان نعلم بكيفية نزول ‪ ،‬فعلينا نن نثبت النزول على الوج الذي يليق‬‫بالله‪ ،‬ومع كون استوى على العرش‪ ،‬فدو ينزل كما يليق ب عز وجل ليس كنزوِلنا‪ ،‬إذا نزل فلان من السطح خلا‬‫من السطح‪ ،‬وإذا نزل من السيارة خلت من السيارة‪ ،‬فدذا قياس فا ِس ٌد ل ‪ ،‬لن سبحان لا يقاس بخلق ‪ ،‬ولا‬ ‫يهب خلق في ش يء من صفات (‪.)2‬‬‫نكتفي بما ذكرنا في إيراد بعض المخالفات التي نشار إليها الهبل‪ ،‬في كتاب \"التنبيهات على المخالفات في‬‫فتح الباري\"‪ ،‬وذلك فيما يخص مسائل التوديد‪ ،‬وهي كما ذكر كثيرٌة لا يمكن استدراكدا في هذا الباب‪ ،‬دتى‬‫نتجنب الإطالة‪ ،‬والمقصود كما سبق استقصاء رني السلف الصاِلح في هذ المسائل‪ ،‬وما يرا السلف ميون‬‫المعا ِصرون من متابعتهم في هذا الباب‪ ،‬وقد عرفنا هذا ولله الحمد‪ ،‬فلا داجة إلى تتبع كل ما جمع ‪ ،‬نما مسائل‬‫الإيمان الأخرى‪ ،‬كزيادة الإيمان ونقصان ‪ ،‬ورني السلف فيها‪ ،‬ومسألة رؤية هلل تعالى‪ ،‬ومسائل الجنة والنار‬ ‫والصراط وغيرها‪ ،‬فستكون مداردراستنا في هذا المبحث‪ ،‬كما يأتي‪:‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬مسائل الإيمان‪:‬‬‫اتبع السلفية في فدمدم لمسائل الإيمان وما يتعلق بها من ندكام‪ ،‬منهج الصحابة والتا ِبعين‪ ،‬واستدلوا‬‫على مفدومدا بنصوص الكتاب والسنة‪ ،‬وحجتهم في هذا الاتباع‪ ،‬ويقولون نحن على الكتاب والسنة‪ ،‬وفق منهج‬‫السلف الصاِلح‪ ،‬وسيتبين لنا من خلال الحديث عن قضايا الإيمان المختلفة‪ ،‬مدى التزام السلفيين قديم ًا ودديث ًا‬‫بالمنهج العملي الذي رسمو لنفسدم في فدم النصوص الدالة على الإيمان‪ ،‬ومدى التزامدم باتباع السلف الصاِلح‪،‬‬ ‫في تفسيرهذ القضايا والمفاهيم‪.‬‬ ‫‪‌-1‬شرح‌العقيدة‌السفارينية‪‌،‬ال ُعثيمين‪‌،‬ص‪.‌331‬‬ ‫‪‌-2‬مجموع‌فتاوى‌ابن‌باز‪‌،‬ج‪3‬ص‪.‌111‬‬ ‫‪89‬‬

‫المطلب الأول‪ :‬حقيقة الإيمان‪:‬‬ ‫ميج ِمع السلف ُّيون من نئمة الحديث قديم ًا على نن دقيقة الإيمان‪ ،‬تهمل التصديق‪ ،‬والإقرار‪ ،‬والعمل‪،‬‬ ‫ولدذا يقول الإسماعيلي‪ ،‬في كتاب \"إعتقاد نئمة الحديث\" ويقولون إن الإيمان قول وعمل ومعرفة‪ ،‬يزيد بالطاعة‬ ‫وينقص بالمعصية‪ ،‬من كثرت طاعت ن ْزيد إيما ًنا ممن هو دون في الطاعة (‪.)1‬‬ ‫وقال نبو الحسين محمد بن القاض ي نبي يعلى الفراء الحنبلي‪ ،‬في كتاب المسمى‪\" :‬الاعتقاد\"‪\" :‬والتصديق‬ ‫بذلك‪ :‬قول اللسان‪ ،‬وتصديق بالجنان‪ ،‬وعمل بالركان‪ ،‬يزيد كثرة العمل والقول والإدسان‪ ،‬وينقص العصيان\"‬ ‫(‪. )2‬‬ ‫وهذا هو مذهب السلفيين جميع ًا‪ ،‬قديم ًا ودديث ًا‪ ،‬ولدذا يقول السفاريني في شرد على الدرة المضية‪:‬‬ ‫\"وذهب السلف نن الإيمان قول باللسان‪ ،‬واعتقاد بالجنان‪ ،‬وعم ٌل بالركان‪ ،‬ويقولون‪ :‬الإيما من قو ٌل وعم ٌل وني ٌة‪،‬‬ ‫وبعضدم يزيد‪ :‬واتباع السنة\"(‪. )3‬‬ ‫ويذكر شيخ الإسلام ابن ت ْي ِمية‪ ،‬نن دديث جبريل الطويل في صحيح مسلم وغير ‪ ،‬يق ِعد لحقيقة الإيمان‪،‬‬ ‫والإسلام‪ ،‬والإدسان‪ ،‬ونن دقيقة الإيمان بدرجات الثلاثة إنما هي في معنى هذا الحديث‪ ،‬ويستنبط من ديدث‬ ‫جبريل نيض ًا نن مسائل الإيمان متداخل ديث يقول‪\" :‬الإدسان\" نعم من جدة نفس ونخص من جدة نصحاب من‬ ‫الإيمان‪ ،‬و\"الإيمان\" نعم من جدة نفس ونخص من جدة نصحاب من \"الإسلام\"‪ ،‬فالإدسان يدخل في الإيمان‪،‬‬ ‫والإيمان يدخل في الإسلام‪ ،‬والمحسنون نخص من المؤمنين‪ ،‬والمؤمنون نخص من المسلمين‪ ،‬وهذا كما يقال‪ :‬في‬ ‫\"الرسالة والنبوة\" فال ُّن مبوة داخلة في ال ِرسالة‪ ،‬وال ِرسالة نع ُّم من جدة نفسدا‪ ،‬ونخص من جدة نهلدا؛ فكل رسول‬ ‫نبي وليس كل نبي رسول ًا؛ فالنبياء نعم والنبوة نفسدا جزء من الرسالة‪ ،‬فالرسالة تتناول النبوة وغيرها بخلاف‬ ‫النبوة؛ فإنها لا تتناول الرسالة (‪.)4‬‬‫‪‌ -1‬أبوبكر ‌أحمد ‌بن ‌إبراهيم ‌الإسماعيلي‪‌ ،‬اعتقاد ‌أئمة ‌الحديث‪‌ ،‬تحقيق ‌محمد ‌بن ‌عبد ‌الرحمن ‌الخميس‪‌ ،‬دار ‌العاصمة‪‌،‬‬ ‫الرياض‪3133‌،‬هـ‪‌،‬ص‪.‌9‬‬‫‪‌-2‬أبو‌الحسين‌محمد‌بن‌القاضي‌أبي‌يعلى‌الفراء‌الحنبلي‪‌،‬الاعتقاد‪‌،‬تحقيق‪:‬محمد‌بن‌عبد‌الرحمن‌الخميس‪‌،‬دار‌الأطلس‌‬ ‫الخضراء‌للنشر‪‌،‬الرياض‪‌،‬السعودية‪3113‌،‬م‪‌،‬ص‪31‬‬‫‪‌ -3‬محمد ‌بن ‌أحمد ‌سالم ‌السفاريني‪‌ ،‬حاشية ‌الدرة ‌المضية ‌في ‌عقد ‌الفرقة ‌المرضية‪‌ ،‬المكتبة ‌المدنية‪‌ ،‬السعودية‪3199‌ ،‬هـ‪‌،‬‬ ‫ص‪.‌13‬‬ ‫‪‌-4‬ابن‌ َت ْي ِم َّية‪‌،‬مجموع‌الفتاوى‪‌،‬ج‪3‬ص‪.‌153‬‬ ‫‪90‬‬

‫ولا يختلف ال ممعاصرون من السلفيين عن الممتقدمين من نرباب مذهب نصحاب الحديث \"السلفيين\" في‬ ‫وصفدم لحقيقة الإيمان‪ ،‬ديث يقول الهيخ التركي‪\" :‬ودقيقة اعتقادنا‪ ،‬ننها تصديق بالقلب‪ ،‬وِإقرار باللسان‪،‬‬ ‫وعمل بالجوارح‪ ،‬وِإلا فالمنافقون في الدرك الأسفل من النار مع ننهم يقولون‪ :‬لا ِإل ِإلا هلل‪ ،‬بل وميقيمون الصلاة‪،‬‬ ‫وميؤتون الزكاة‪ ،‬وي مصو ممون وي مح ُّجون\"(‪. )1‬‬ ‫وفي تعريف الهيخ التركي لليمان‪ ،‬إشارة واضحة إلى ما يتضمن معنى التص ِديق بالقل ِب‪ ،‬والعم ِل‬ ‫بالجوارِح‪ ،‬مع إقراراللسا ِن‪ ،‬مضيف ًا نن المنافق يق ُّربلسان ‪ ،‬ويعمل بجوارد ‪ ،‬غيرنن تخلف عن شرط التصديق ‪.‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬تعريف العثيمين لحقيقة الإيمان‪:‬‬ ‫ميع ِرف ال معثيمين الإيمان بحقيقت من ديث تمكن في القلب‪ ،‬وثمرة هذا التمكن في عمل الجوارح‪،‬‬ ‫فيقول‪ :‬الإيمان عقيدة راسخة قبل كل ش يء‪ ،‬تنتج قول ًا سديد ًا‪ ،‬وعمل ًا صالح ًا‪ ،‬تنتج الحب لله ورسول ‪ ،‬والإخلاص‬ ‫في توديد هلل‪ ،‬واتباع رسول ‪ -‬صلى الل م عل ْي ِ وسلم‪ -‬جد وعمل‪ ،‬ومثابرة ومصابرة‪ ،‬ودبس للنفس على ما تكر من‬ ‫طاعة هلل‪ ،‬ومنع لدا عما تحب من معصية هلل (‪.)2‬‬ ‫وميق ِرر ال معثيمين كذلك نن علامات الإيمان‪ ،‬متستنبط من كتاب هلل وسنة رسول ‪ -‬صلى هلل علي وسلم‪-‬‬ ‫ويستهدد على ذلك بقول تعالى‪( :‬و ِمن النا ِس م ْن ي مقو مل آمنا ِبالل ِ وِبا ْلي ْوِم ا ْلآ ِخ ِر وما مه ْم ِب مم ْؤ ِم ِنين)(‪ -،)3‬ثم يقول‬ ‫ردم هلل‪ -‬فدؤلاء يظدرون ننهم مسلمون‪ :‬فيصلون مع الناس‪ ،‬وربما يتصدقون‪ ،‬ويذكرون هلل‪ ،‬ولكنهم لا يذكرون‬ ‫ هلل إلا قليل ًا‪ ،‬ويقرون بالرسالة ولكنهم كاذبون(‪.)4‬‬ ‫مما سبق من كلام العثيمين وغير من السلفيين \"المتقدمين والمتأخرين\" يتضح لنا نن السلفيين قديم ًا‬ ‫ودديث ًا متفقون في المعنى العام لحقيقة الإيمان‪ ،‬غير ننهم يتفاوتون في كيفية طرددم لدذا المفدوم‪ ،‬مع اعتمادهم‬‫‪‌-1‬عبد‌الله‌بن‌عبد‌المحسن‌التركي‪‌،‬مجمل‌اعتقاد‌أئمة‌ال َّسلف‪‌،‬الطبعة‌الثانية‪‌،‬وزارة‌الشؤون‌الإسلامية‌والأوقاف‌والدعوة‌‬ ‫والإرشاد‪‌-‬المملكة‌العربية‌السعودية‪3139‌،‬هـ‪‌،‬ص‪.‌11‬‬ ‫‪‌-2‬ال ُعثيمين‪‌،‬مجموع‌فتاوى‌ورسائل‪‌،‬ج‪6‬ص‪.‌319‬‬ ‫‪‌-‌3‬سورة‌اليقرة‌الآية‌‪.‌5‬‬ ‫‪‌-4‬العثيمين‪‌،‬فتاوى‌نور‌على‌الدرب‪‌،‬ج‪31‬ص‪.‌11‬‬ ‫‪91‬‬

‫المنهج المودد‪ ،‬في تفسيرهم لحقيقت ‪ ،‬وهي نن يهمل تصديق القلب‪ ،‬وإقرار اللسان‪ ،‬وعمل الجوارح‪ ،‬ونن بعض‬ ‫نفضل من بعض (‪.)1‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬زيادة الإيمان ونقصانه‪:‬‬ ‫هذ القضية ثابت ٌة عند السلفيين قديم ًا ودديث ًا‪ ،‬وتعتبر من نصول المذهب السلفي‪ ،‬نخرج ابن عبدالب ِر‬ ‫عن عبدالرزاق بن همام قال‪ :‬سمعت ابن جريج(‪ )2‬وسفيان الثوري‪ ،‬ومعمر بن راشد‪ ،‬وسفيان بن عيين ‪ ،‬وماِلك‬ ‫بن نشس يقولون‪( :‬الإيمان قول وعمل يزيد وينقص ) (‪.)3‬‬ ‫وقد نقل شيخ الإسلام ابن ت ْي ِمية القول ب عند الأئمة الأوائل المتبوعين‪ ،‬والصحابة‪ -‬رضوان هلل عليهم‪-‬‬ ‫ديث قال‪ :‬إن ذلك ِمما ثبت عن نصحاب رسول هلل‪ -‬صلى هلل علي وسلم‪ -‬قاطب ًة‪ ،‬فروى الناس من وجو كثيرة‪،‬‬ ‫عن دماد بن سلمة‪ ،‬عن نبي جعفر‪ ،‬عن جد عمير بن دبيب الخطمي‪ ،‬وهو من نصحاب رسول هلل‪ -‬صلى هلل‬ ‫علي وسلم‪ -‬قال‪ :‬الإيمان يزيد وينقص‪ ،‬قيل ل ‪ :‬وما زيادت ‪ ،‬وما نقصان ؟ قال‪ :‬إذا ذكرنا هلل ودمدنا وسبحنا ‪،‬‬ ‫فتلك زيادت ‪ ،‬وإذا غفلنا وشسينا فتلك نقصان ‪ ،‬وروى إسماعيل بن عياش عن جرير بن عثمان عن الحارث بن‬ ‫محمد عن نبي الدرداء قال‪ :‬الإيمان يزيد وينقص (‪.)4‬‬ ‫وكتب عمر بن عبد العزيز الخليفة العادل‪ -‬رض ي هلل عن ‪ -‬إلى عدي بن عدي‪ :‬إن لليمان فرائض وشرائع‬ ‫وددودا وسنن ًا‪ ،‬فمن استكملدا استكمل الإيمان‪ ،‬ومن لم يستكملدا لم يستكمل الإيمان‪ ،‬فإن نعش فسأب ِينها لكم‬ ‫دتى تعلموا بها‪ ،‬وإن نمت فما ننا على صحبتكم بحريص (‪.)5‬‬‫‪‌ -1‬انظر‪‌ :‬أحمد ‌بن ‌محمد ‌بن ‌هارون ‌بن ‌يزيد ‌الخلال ‌أبو ‌بكر‪‌ ،‬السنة‪‌ ،‬تحقيق‪‌ :‬عطية ‌الزهراني‪‌ ،‬دار ‌الراية‪‌ ،‬الرياض‪‌،‬‬ ‫الطبعة‌الأولى‪3131‌،‬هـ‪‌،‬ج‪1‬ص‪.‌253‬‬‫‪‌-2‬هو‪‌:‬عبد‌الملك‌بن‌عبد‌العزيز‌بن‌جريج‪‌،‬أبو‌الوليد‌وأبو‌خالد‪‌:‬فقيه‌الحرم‌المكي‪‌.‬كان‌إما‌م‌أهل‌الحجاز‌في‌عصره‪‌.‬‬‫وهو‌أول‌من‌صنف‌التصانيف‌في‌العلم‌بمكة‪‌.‬رومي‌الاصل‪‌،‬من‌موالي‌قريش‪‌،‬مكي‌المولد‌والوفاة‪‌،‬قال‌الذهبي‪‌:‬كان‌ثبتا‪‌،‬‬ ‫لكنه‌يدلس‌(الإِ َمام‌الحافظ‌فقيه‌الحرم‌أبو‌الوليد)‌مات‌سنة‌‪321‬هـ‪‌،‬انظر‪‌:‬الأعلام‌للزركلي‪‌،‬ج‪1‬ص‪‌.‌361‬‬ ‫‪‌-‌3‬ابن‌عبد‌اال َب ِّر‪‌،‬الانتقاء‌ص‌‪‌،19‬وانظر‪‌:‬محمد‌عبد‌الرحمن‌الخميس‪‌،‬اعتقاد‌الأئمة‌الأربعة‪.‌39‌،‬‬‫‪‌ -4‬شيخ ‌الإسلام ‌أحمد ‌بن ‌عبد ‌الحليم ‌بن ‌تيمية‪‌ ،‬كتاب ‌الإيمان‪‌ ،‬تحقيق ‌عصام ‌الدين ‌ا َلضبابطي‪‌ ،‬دار ‌الحديث‪‌ ،‬القاهرة‪‌،‬‬ ‫‪ .‌3111‬ص‪.316‬‬‫‪‌-‌5‬عبدالرحمن‌بن‌علي‌بن‌محمد‌بن‌الجوزي‪‌،‬مناقب‌عمر‌بن‌عبد‌العزيز‪‌،‬دار‌المنار‪‌،‬القاهرة‪‌،‬مصر‪‌،‬الطبعة‌الأولى‪‌،‬‬ ‫‪3111‬م‪‌،‬ص‪.‌39‬‬ ‫‪92‬‬

‫ومنقل عن الِإمام ابن عبد الب ِر‪ ،‬في شرد للموطأ ال ممسمى‪ -‬التمديد‪ )1(،-‬قول ‪ :‬نجمع نهل الفق ‪ ،‬والحديث‬ ‫على نن الإيمان قو ٌل وعم ٌل‪ ،‬ولا عمل إلا بنية‪ ،‬والإيمان عندهم يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية‪ ،‬والطاعات كلدا‬ ‫عندهم إيمان‪ ،‬إلا ما كان من نبي دنيفة ونصحاب ‪ ،‬فإنهم ذهبوا إلى نن الطاعة لا تسمى إيمان ًا‪ ،‬وقالوا إنما الإيمان‬ ‫التصديق والإقرار(‪.)2‬‬ ‫وهم في هذا‪ -‬نعني نصحاب المذهب السلفي‪ -‬إنما يستندون للنصوص الواضحة من الكتاب والسنة‪،‬‬ ‫ومنها‪ :‬قول تعالى‪ِ( :‬إن ت ْجت ِن مبوْا كبآ ِئر ما مت ْنه ْون ع ْن م منك ِف ْر عن مك ْم س ِيئا ِت مك ْم ومن ْد ِخ ْل مكم ُّم ْدخل ًا ك ِريم ًا)(‪ ،)3‬وممن استدل‬ ‫بهذ الآية على نن العمل يؤثرسلب ًا‪ ،‬وإيجاب ًا على صفة الإيمان في قلب المؤمن‪ ،‬الإمام مالك‪ ،‬والأوزاعي‪ ،‬والليث ابن‬ ‫سعد‪ ،‬وغيرهم (‪. )4‬‬ ‫وقول تعالى‪( :‬وما كان الل م ِل مي ِضيع ِإيمان مك ْم ِإن الل ِبالنا ِس لرمؤو ٌف ر ِدي ٌم)(‪ ،)5‬وقد استهدد بها البيهقي في‬ ‫كتاب الاعتقاد‪ ،‬نن قول تعالى‪( :‬وما كان الله ليضيع إيمانكم‪ ..‬الآية)‪ ،‬في دلال ٌة على نن سمى صلاتهم إلى بيت‬ ‫المقدس إيمان ًا‪ ،‬وإذا ثبت ذلك في الصلاة‪ ،‬ثبت ذلك في سائرالطاعات فك ُّل طاعة إيمان (‪. )6‬‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬الشيخ العثيمين ومسألة زيادة الإيمان ونقصانه‪:‬‬ ‫يف ِصـل ال معثيمين في هذ المسألة تفصيل ًا شامل ًا‪ ،‬منقطع النظير‪ ،‬ويسدب في شردد ًا إسداب ًا طيب ًا‪ ،‬بما‬ ‫يهدد بحق‪ ،‬وبدون تح ُّيز‪ ،‬نن من نلمع علماء السلفية المعاصرين في القرن الماض ي‪ ،‬ديث يقول‪ :‬في إجابة عن‬ ‫سؤال‪ ،‬هل الإيمان يزيد نو ينقص؟‬‫‪‌-1‬كتاب‌فريد‌في‌بابه‪‌،‬موسوعة‌شاملة‌في‌الفقه‌والحديث‌وهو‌كتاب‌شرح‌فيه ابن‌عبد‌ال َب ِّر‌كتاب‌الموطأ‌للإمام‌ َما ِلك‌‬‫ولكنه‌رتبه‌ترتيبا‌آخر‌يختلف‌عن‌ترتيب‌ال ِإ َمام َمالِك‪‌،‬حيث‌أ َّنه‌رتبه‌بطريقة‌الإسناد‌على‌أسماء‌شيوخ‌ال ِإ َمام‌ َمالِك‌الذين‌‬‫روى‌عنهم ما‌في‌الموطأ‌من‌الأحاديث‪ ،‬فلقد‌جمع‌أحاديث‌كل‌راو‌في‌مسند‌على‌حدة‌معتمدا‌في ترتيبهم‌على‌حروف‌‬‫المعجم‌وترجم‌للرواة‌وخرج‌الأحاديث‌وشرحها‌لغويا‌وفقهيا‪ ،‬وذكر آراء‌أهل‌العلم‌والفقه‪‌،‬وقد‌اقتصر‌فيه‌على‌ما‌ورد‌‬‫عن‌الرسول‌صلى‌الله‌عليه‌وسلم‌من الحديث‪‌،‬متصلا‪‌،‬أو‌منقطعا‪،‬أو‌موقوفا‪‌،‬أو‌مرسلا‪‌،‬دون‌ما‌في‌الموطأ‌من الآراء‌‬ ‫والآثار‪‌،‬لأن‌هاته‌أفردها‌بكتاب‌آخر‌سماه الاستذكار‌لمذاهب‌علماء الأمصار‪‌،‬فيما‌نظمه‌الموطأ‌من‌معاني‌الرأي‌والآثار‬‫\"وقد‌قضى‌في‌تأليف‌كتاب التمهيد‌أكثر‌من‌ثلاثين‌سنة‪‌،‬يقول‌بن‌حزم‌عن‌التمهيد‪‌:‬كتاب‌لا‌أعلم‌في‌الكلام‌على‌فقه‌‬ ‫الحديث‌مثله‌أصلاً‌فكيف‌أحسن‌منه‪.‌،‬توفي‌ابن‌عبد‌ال َب ِّر‌سنة‌‪161‬هـ‪‌،‬انظر‪‌:‬اصطلاح‌المذهب‌عند‌ال َمالِكية‌ص‪.‌399‬‬‫‪‌-2‬ال ِإ َمام‌الحافظ‌ال َما ِلكي‪‌،‬أبي‌عمر‌يوسف‌بن‌عبد‌ال َب ِّر‪‌،‬التمهيد‌لما‌في‌الموطإ‌من‌المعاني‌والأسانيد‪‌،‬تحقيق‪‌:‬أسامة‌بن‌‬ ‫إبراهيم‪‌،‬الناشر‌الفاروق‌الحديثة‌للطباعة‌والنشر‪‌،‬الطبعة‌الثانية‌‪3113‬م‪‌،‬ج‪‌9‬ص‌‪.‌315‬‬ ‫‪-‌3‬سورة‌النساء‌الآية‌‪.‌13‬‬ ‫‪‌-4‬انظر‪‌،‬سالم‌رحيل‪‌،‬مفهوم‌العقيدة‌عند‌الإمام‌مالك‪‌،‬ص‪.‌316‬‬ ‫‪‌-5‬سورة‌البقرة‪‌،‬الآية‌‪.‌311‬‬‫‪‌-6‬أبو‌بكر‌أحمد‌بن‌الحسين‌بن‌علي‌البيهقي‪‌،‬الاعتقاد‪‌،‬تحقيق‪‌:‬محمد‌بن‌إبراهيم‌أبو‌العنين‪‌،‬دار‌الفضيلة‪‌،‬الطبعة‌الأولى‪‌،‬‬ ‫‪3999‬م‪‌،‬ص‪.‌336‬‬ ‫‪93‬‬

‫نقول‪ :‬مذهب السلف يزيد وينقص‪ ،‬وقال بعض العلماء من السلف‪ :‬مق ْل‪ :‬يزيد‪ ،‬ولا تق ْل‪ :‬ينقص(‪ ،)1‬وقالت‬ ‫المرجئة‪ :‬لا يزيد ولا ينقص‪ ،‬وقالت الخوارج والمعتزلة‪ :‬لا يزيد ولا ينقص‪ ،‬فالقوال إذن نربعة‪:‬‬ ‫‪ .7‬الإيمان يزيد وينقص (قول عامة السلف )‪.‬‬‫‪ .9‬الإيمان يزيد ولا ينقص‪ ،‬يعني قل يزيد‪ ،‬ونمسك عن القول بنقصان ‪( ،‬قو ٌل لبعض السلف‪ ،‬كما‬ ‫جاءت الرواية ب عن مالك)(‪.)2‬‬ ‫‪ .4‬الإيمان‪ ،‬لا يزيد ولا ينقص‪ ،‬وهذا قول المرجئة(‪. )3‬‬‫‪ .3‬والإيمان عند الخوارج والمعتزلة نيض ًا‪ ،‬لا يبعد عن قول المرجئة‪ ،‬لنهم يقولون‪ :‬الإيمان إما نن يوجد‬ ‫كل وإما نن يعدم كل (‪.)4‬‬‫‪‌-‌1‬في‌إشار ٍة‌إلى‌رواية‌عن‌الإمام‌مالك‪‌،‬قال‌أبو‌القاسم‪‌\"‌:‬كان‌ َمالِك‌يقول‌الإيمان‌يزيد‌وتوقف‌عن‌النقصان‪‌،‬وقال‪‌:‬ذكر‌‬‫الله‌زيادته‌في‌غير‌موضع‪‌،‬فدع‌الكلام‌في‌نقصأ َّنه‪‌،‬وكف‌عنه\"‌القاضي‌ ِع َياض‌بن‌موسى‌بن‌ ِع َياض‪‌،‬ترتيب‌المدارك‪‌،‬‬‫تحقيق‪‌:‬عبد‌القادر‌الصحراوي‪‌،‬وزارة‌الأوقاف‌بالمغرب‪‌،‬الطبعة‌الأولى‪3951‌،‬م‌ص‪.313‬‬ ‫‪‌-2‬ال ُعثيمين‪‌،‬شرح‌العقيدة‌السفارينية‪‌،‬ص‪‌،165‬بتصرف‌قليل‪.‬‬‫‪‌-3‬يذهب‌بعض‌العلماء‌والباحثين‌من‌أهل‌السنة‌في‌عصرنا‌الحاضر‪‌،‬إلى‌تقسيم‌المرجئة‌إلى‌أربعة‌أقسام‌انظر‪(‌:‬أصول‌‬‫السنة‌للإمام‌أحمد‌بن‌حنبل‪‌،‬شرح‌الشيخ‪‌:‬عبد‌العزيز‌بن‌عبدالله‌الراجحي‪‌،‬نقلا‌عن‌موقع‌العقيدة‌والأديان‌المعاصرة‌‪-31.‬‬‫‪3115-39‬م‪‌ ،www .alaqidah .com،‬القسم ‌الأول‪ :‬الجهمية‪‌ -‬الذين ‌قالوا ‌إن ‌الإيمان ‌مجرد ‌المعرفة‪ ،‬معرفة ‌الرب‌‬‫بالقلب‌والكفر‌هو‌جهل‌الرب‌بالقلب‪‌،‬فعندهم‌المؤمن‌هو‌الذي‌عرف‌ربه بقلبه‪‌،‬والكافر‌هو‌الذي‌جهل‌ربه‌بقلبه‪‌،‬وهذا‌من‌‬‫أفسد‌وأقبح‌المعتقدات‌على‌الإطلاق‪‌،‬وهذا‌مايسميه‌العلماء‌بمرجئة‌الجهمية‪‌،‬وعلى‌هذا‪‌،‬فإن‌ابليس‌يعتبر‌مؤمناً‌على‌قول‌‬‫اا ْلله ُممؤ ْفلؤاِسمءِنديي‪َ‌-‬ن‌نف‌)ه(وعل‌سيوىع‌ررقةو‌لافله‌نممر‪-‬بل‌هف‌‪،‬إا‌لبنآدي‌لاةيلل‌هل‌‌‪1‬ققا‪3‬ول)له‪‌‌‌،‬لالعلهنق‌هتس‌عماول‌اعلىث‪:‬نان(‌ققايو‪َ :‬لم‌‌اهلر‪:‬ك( ِّبر‌ا‌َوفمأَيَنجة َِ‪-‬حظ ُد‌ْر ِونوام‌ي ِبؤ‌إَِهلَسا ‌ى َ‌سو َيا‌ْوْسهِمَتذْ‌يهَُيق َْبن‌ ْاتَعل َُثهاجو‌مَأَ‌نان)فُع( ُةسس‌ُه ْومه‌روة‪ُ :‬ظ‌‌ْلمماًحص‌ َ‌موادل ُعأ‌لُيب ّوةناً‌‪َ ‌9‬فكا‪َّ 9‬نر)ا‪ُ،‬ظم‌ ْ‪،‬رو‌ف‌وَكرْيهعم َفو‌ي‌نعَك‌تاأقي َدن ‌وض َاعن‌ا‌ ِقمأ َب ُنن‌ة‌‌‌‬‫الإيمان‌هو‌النطق‌باللسان‌أن‌من‌قال‪‌:‬لا‌إله‌إلا‌الله‪‌،‬فهو‌مؤمن‌ولو‌كان‌لا‌يعتقد‌الإيمان‌في‌قلبه‪‌،‬فقط‌يقول‌هذا‌بلسأ َّنه‌فهو‌‬‫مؤمن‪‌،‬كامل‌الإيمان‌عند‌الكرامية‪‌،‬ويقولون‌بخلوده‌في‌النار‪،‬لأ َّنه‌ليس‌مؤمناً‌من‌قلبه‪‌،‬وهو‌مؤمن‌لأ َّنه‌نطق‌بلسأ َّنه‪‌،‬فهم‌‬‫بهذا‌يجمعون‌بين‌المتناقضين‪‌،‬القسم‌الثالث‪‌:‬مجموعة‌من‌المتقدمين‌من الماتريدية‪‌،‬والأ َشا ِعرة‪‌،‬فقد‌ذهبوا‌إلى‌أن‌الإيمان‌‬‫ههوو‌‌املتجرصدد‌يالقت‌باصلدقيلقب‪‌،،‬وملون‌‌لدمو‌ينن‌طإققر‌ابلر‌ساألَّنلهس‪،‬ا‌نو‪،‬ه‌ذالهق‌إسحمد‌الىر‌اابلعر‪:‬وايمارتج‌ئالةت‌ايلف‌قرهاويء‪،‬ت‌‌وعهؤنل‌االءإِ‌ َمياعم ِّ‌رأفبوين‌‌احلنإييفمةا‪‌،‬ن‌حبيأ َّنثه‌‌يترصىد‌يأقن‌بااللإقيلمابن‪‌‌،‬‬‫وإقرار ‌باللسان‪‌ ،‬وأما ‌الأعمال ‌فمستقل ٌة ‌عن ‌مسمى ‌الإيمان‪‌ ،‬وهذه ‌هي ‌الرواية ‌الثانية ‌عن ‌ال ِإ َمام ‌أبي ‌حنيفة ‌وعليها ‌أكثر‌‬‫أصحابه‪‌ ،‬وسماهم ‌بعض ‌أهل ‌العلم ‌بمرجئة الفقهاء‪‌ ،‬وهم ‌أهل ‌الكوفة‪‌ ،‬وأول ‌من ‌قال ‌بهذا ‌النوع ‌من ‌الإرجاء ‌حماد ‌بن‌‬‫‌بن ‌محمود ‌آلخضير‪،‬الإيمان ‌عند ‌ال َّسلف ‌وعلاقته ‌بالعمل ‌وكشف ‌شبهات‌‬ ‫‌محمد‬ ‫السلميعماانص‪،‬ري‌نشي‪،‬خ‪‌-5‬ا‪3‬ل‪-‬إِ َم‪5‬ام‪1‌ 1‬أب‪3‬ي‌نق‌لحاًني‌فعة‪،‬ن‬‫‌‪‌ ،www.alagidah.com‬ويلاحظ ‌أن ‌طوائف ‌مرجئة ‌الأعمال ‌التي ‌سبق‌‬ ‫‌موقع‬‫ذكرها‪‌،‬تشترك‌جميعها‌في‌أن‌الأعمال‌لا‌تزيد‌في‌الإيمان‌ولا‌تنقصه‪‌،‬انظر‪‌:‬سالم‌رحيل‪‌،‬مفهوم‌العقيدة‌عند‌الإمام‌مالك‪‌،‬‬ ‫ص‌‪‌.‌311‬‬ ‫‪‌-4‬ال ُعثيمين‪‌،‬شرح‌العقيدة‌السفارينية‪‌،‬ص‪‌،169‬بتصرف‌قليل‌‪.‬‬‫‪94‬‬

‫ثم يتابع ال معثيمين في شرد لدذ المسألة فيقول‪ :‬فلنبدن نول ًا بالعقيدة‪ ،‬ثم يسأل سؤال ًا‪ ،‬ويجيب عن‬ ‫بنفس قائل ًا‪:‬‬ ‫سؤال‪ :‬هل العقيدة تزيد وتنقص ؟‬ ‫ويجيب ال معثيمين بدليلين‪ ،‬نددهما عقلي‪ ،‬والآخرشرعي‪ ،‬فيقول‪:‬‬‫‪ -‬الجواب‪ :‬شعم تزيد‪ -‬يقصد العقيدة‪ -‬وتنقص بلا شك‪ ،‬وذلك لن الاعتقاد مبن ٌي على العلم‪ ،‬والعلم‬ ‫مبني على طرق العلم‪ ،‬وطرق العلم تختلف (‪.)1‬‬‫ثم يستطر العثيمين مجيب ما بصيغة الاستفدام فيقول‪ :‬هذا دليل عقلي‪ ،‬الاعتقاد يزيد وينقص لماذا ؟ لن‬‫الاعتقاد مبن ٌي على العلم والعلم يزيد وينقص باعتبار طرق فلزم من ذلك نن يزيد الاعتقاد نو ينقص‪ ،‬هذا عقل ًا‬ ‫(‪.)2‬‬‫أما ْشرع اا‪ :‬فقد دل الهرع على نن الاعتقاد يزيد وينقص‪ ،‬ومن ذالك كما جاء في قول تعالى‪ ،‬إخبا ًرا عن‬‫إبراهيم علي السلام‪ ،‬ديث قال جل وعلا‪ِ( :‬إ ْذ قال ِإ ْبرا ِهي مم ر ِب ن ِرِشي ك ْيف مت ْح ِيـي ا ْلم ْوتى قال نول ْم مت ْؤ ِمن قال بلى‬‫ولـ ِكن ِلي ْطم ِئن ق ْل ِبي قال ف مخ ْذ ن ْربع ًة ِمن الط ْي ِر ف مص ْر مهن ِإل ْيك مثم ا ْجع ْل على مك ِل جبل ِم ْنمهن مج ْزء ًا مثم ا ْد مع مدن ي ْأ ِتينك‬ ‫س ْعي ًا وا ْعل ْم نن الل ع ِزي ٌزد ِكي ٌم)(‪. )3‬‬‫ثم تابع‪ -‬ال معثيمين ردم هلل‪ -‬قائل ًا‪ :‬فصار الاعتقاد يزيد وينقص‪ ،‬لدليلين نددهما نثري (نقلي)‪ ،‬والثاشي‬‫نظري (فكري)‪ ،‬وإن شئت قل نددهما‪\" :‬سمعي\" والثاشي‪\" :‬عقلي\" (‪ ،)4‬ونضرب مثل ًا محسوس ًا لدذا‪ :‬إذا نخبرك رج ٌل‬‫ثقة بش يء ما؟ لدذا اعتقدت مم ْخبر ‪ ،‬إذا جاءك آخر نخبرك بهذا الخبر زاد اعتقادك‪ ،‬ثالث يزيد‪ ،‬رابع يزيد‪ ،‬ثم‬ ‫يقول‪ :‬ها ننت تهاهد بنفسك نن يزيد نليس كذلك ؟ (‪. )5‬‬ ‫‪‌-1‬المرجع‌السابق‪‌،‬ص‪‌،165‬بتصرف‌قليل‪.‬‬ ‫‪‌-2‬المرجع‌السابق‪‌،‬ص‪.165‬‬ ‫‪‌-3‬سورة‌البقرة‌الآية‌‪.361‬‬ ‫‪‌-4‬ال ُعثيمين‪‌،‬شرح‌العقيدة‌السفارينية‪‌،‬ص‪.165‬‬ ‫‪‌-5‬ال ُعثيمين‪‌،‬شرح‌العقيدة‌السفارينية‪‌،‬ص‪‌،165‬بتصرف‌قليل‪.‬‬ ‫‪95‬‬

‫من سرد نقوال العثيمين آنفة الذكر‪ ،‬تبين لنا نن الرجل يجعل هذ القضية (زيادة الإيمان ونقصان )‬‫من المسائل المدمة والمركزية عند السلفيين‪ ،‬فدو ميف ِرق بها السلفيين وغيرهم‪ ،‬وهو يرى ننها قضي ٌة مسل ٌم بها‪،‬‬ ‫ميستهدد عليها بالدلة النقلية والعقلية ‪.‬‬ ‫المطلب الخامس‪ :‬رؤية الله تعالى‪:‬‬‫مثل الاعتقاد برؤية هلل تعالى في ال ُّدنيا والآخرة‪ِ ،‬محور ًا لل ِنقا ِش والتدا مول بين الطوائف الإسلامية على‬‫مختلف مناهجدا‪ ،‬ولكن نهل السنة نصحاب الحديث‪ ،‬وقفوا من هذ العقيدة‪ ،‬موقف الوسط‪ ،‬بحيث آمنوا بما‬‫في الكتاب والسنة على ظاهر ‪ ،‬قال الإمام ال مقرطبي‪ :‬وقد اختلف في جواز رؤية هلل تعالى‪ ،‬فأكثر المبتدعة على‬‫إنكارها في الدنيا والآخرة‪ ،‬ونهل السنة والسلف على جوازها فيهما‪ ،‬ووقوعدا في الآخرة‪ ،‬فعلى هذا لم يطلبوا من‬ ‫الرؤية محال ًا‪ ،‬وقد سألدا موس ى علي السلام (‪. )1‬‬ ‫ويقول ابن ت ْي ِمية‪ :‬المسلمون في رؤية هلل على ثلاثة نقوال‪:‬‬‫أو ال‪ :‬الصحابة‪ ،‬والتابعون‪ ،‬ونئمة المسلمين‪ ،‬على نن هلل يرى في الآخرة بالبصار عيان ًا‪ ،‬ونن ندد ًا لا يرا‬‫في الدنيا بعين ‪ ،‬لكن ميرى في المنام‪ ،‬ويحصل للقلوب في المكاشفات‪ ،‬والمهاهدات ما يناسب دالدا‪ ،‬ومن الناس من‬‫تقوى مهاهدة قلب دتى يظن نن رنى ذلك بعين وهو غالط‪ ،‬ومهاهدات القلوب تحصل بحسب إيمان العبد(‪.)2‬‬ ‫ثاني اا‪ :‬قول نفاة الجدمية نن لا يرى في الدنيا ولا في الآخرة(‪.)3‬‬ ‫ثالث اا‪ :‬قول من يزعم نن يرى في الدنيا والآخرة (‪.)4‬‬ ‫ويقول الإمام محمد ابن عبد الوهاب‪ ،‬بقول نستاذ ابن ت ْي ِمية‪ ،‬ويستهدد لقول بحديث النبي‪ -‬صلى ال‬ ‫علي وسلم‪ ،-‬وهو عن جرير بن عبد الل ِ البجلي‪ -‬رض ي الل عن ‪ -‬قال‪ :‬كنا جلوس ًا عند النبي‪ -‬صلى الل علي‬‫وسلم‪ِ -‬إذ نظر ِإلى القم ِر ليلة البد ِر قال‪ِ( :‬إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رْؤيت ِ ‪ ،‬ف ِإن‬ ‫‪‌-‌1‬تفسير‌القرطبي‪‌،‬ج‪3‬ص‪.111‬‬ ‫‪‌-‌2‬ابن‌ َت ْي ِم َّية‪‌،‬جامع‌الرسائل‪‌،‬ج‪3‬ص‪.‌21‬‬ ‫‪‌-‌3‬المرجع‌السابق‪‌،‬ج‪3‬ص‪.23‬‬ ‫‪‌-‌4‬المرجع‌السابق‪‌،‬ج‪3‬ص‪.23‬‬ ‫‪96‬‬

‫استطعتم نن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الهم ِس وقبل غروبها فافعلوا)‪ ،‬ثم قرن‪( :‬وس ِب ْح ِبح ْم ِد رِبك ق ْبل مط ملوِع‬ ‫اله ْم ِس وق ْبل مغ مرو ِبها)(‪.)3()2( ،)1‬‬ ‫ثم قال ابن عبد الوهاب‪ :‬هذا الحديث يثبت رؤية الل سبحان وتعالى للمؤمنين يوم القيامة‪ ،‬وهي نعظم‬ ‫شعمة تعطى لهل الجنة‪ ،‬فقد نخرج مسلم وغير عن صديب‪ -‬رض ي الل عن ‪ -‬نن النبي صلى الل علي وسلم قال‪:‬‬ ‫(إذا دخل نهل الجنة الجنة‪ ،‬قال‪ :‬يقول الل تبارك وتعالى‪ :‬تريدون شيئا نزيدكم؟! فيقولون‪ :‬نلم تبيض وجوهنا ؟‬ ‫نلم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار؟ قال‪ :‬فيكهف الحجاب فما نعطوا شيئا ندب إليهم من النظر إلى ربهم عز‬ ‫وجل)(‪. )5( . )4‬‬ ‫وبسردنا لقوال ابن عبد الوهاب عرفنا نن بقول ابن تيمية يقول‪ ،‬ومن تصورات ينهل ويقتبس‪ ،‬وليس‬ ‫في هذا الباب فحسب‪ ،‬بل؛ سيتبين لنا من خلال التتبع والاستقراء في الفصول والمبادث الآتية ما هو كائ ٌن بين‬ ‫الرجلين من التوافق في كثير من مسائل العقيدة‪ ،‬وإن كان بعض نهل العلم يصف ابن عبد الوهاب بالتهدد في‬ ‫المنهج السلفي‪ ،‬وبالقسوة على المخالفين في العقيدة‪ ،‬على نحو ميعتبر مع ابن تيمية نكثر موضوعية‪ ،‬ونميل إلى‬ ‫التق ِعيد والتأصيل في إسقاط المخالفين من وجدة نظرالسلفيين ‪.‬‬ ‫المطلب السادس‪ :‬العثيمين والقول برؤية الله يوم القيامة‪:‬‬ ‫سئل العثيمين عن رؤية هلل عزوجل‪ ،‬وكانت صيغة السؤال‪:‬‬ ‫س‪ -‬بارك هلل فيكم فضيلة الهيخ‪ ،‬من الجزائر نبو بسام يقول‪ :‬فضيلة الهيخ ما قول نهل السنة‬ ‫والجماعة في رؤية المسلم لرب عزوجل يوم القيامة؟‬ ‫‪‌-1‬سورة‌طه‌الآية‌‪.‌311‬‬‫‪‌ -2‬صحيح ‌البخاري‪‌ ،‬حديث ‌رقم‪‌ ،221‌ /‬وانظر‪‌ :‬الإمام ‌محمد ‌بن ‌عبد ‌الوهاب‪‌ ،‬أصول ‌الإيمان ‌تحقيق‪‌ :‬باسم ‌فيصل‌‬‫الجوابرة‪‌،‬الطبعة‌‌الخامسة‪‌،‬وزارة‌الشؤون‌الإسلامية‌والأوقاف‌والدعوة‌والإرشاد‪‌،‬المملكة‌العربية‌السعودية‪3131‌،‬هـ‪‌،‬‬ ‫ص‪.‌22‬‬ ‫‪‌-‌3‬ابن‌تيمية‪‌،‬جامع‌الرسائل‪‌،‬ج‪3‬ص‪.23‬‬ ‫‪‌-4‬صحيح‌مسم‪‌،‬حديث‌رقم‪.‌353‌/‬‬ ‫‪‌-5‬الإمام‌محمد‌بن‌عبد‌الوهاب‪‌،‬أصول‌الإيمان‌تحقيق‪‌،‬ص‪.‌22‬‬ ‫‪97‬‬

‫الجواب‪ :‬الهيخ‪ :‬قول نهل السنة والجماعة في رؤية هلل سبحان وتعالى يوم القيامة‪ ،‬ما قال هلل عن‬‫نفس ‪ ،‬وقال عن رسول ‪ -‬صلى هلل علي وال وسلم‪ -‬فالله تعالى قال في كتاب ‪ ( :‬مو مجو ٌ ي ْوم ِئذ) يعني يوم القيامة‬‫(نا ِضرٌة ِإلى رِبها نا ِظرٌة)(‪ ،)1‬ناضرة الأولى بمعنى دسنة‪ ،‬الثانية من النظر بالعين‪ ،‬لن نضاف النظر إلى الوجو ؛‬‫فالوجو محل العينين التي يكون بهما النظر‪ ،‬وهذا يدل على نن المراد نظر العين‪ ،‬ولو كان المراد نظر القلب وقوة‬ ‫اليقين‪ ،‬لقال‪\" :‬قلوب يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة \"ولكن قال‪( :‬وجو يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة)‪ ،‬ومن ذلك قول‬‫تعالى‪ِ( :‬لل ِذين ن ْدس منوْا ا ْل مح ْسنى و ِزياد ٌة)(‪ ،)2‬يقول العثيمين‪ :‬الزيادة فسرها نعلم الخلق بمراد هلل وهو‪ :‬رسول هلل‪-‬‬‫صلى هلل علي وآل وسلم‪ -‬بأنها النظر إلى وج هلل‪ -‬عز وجل‪ ،-‬ولذلك قال في آية نخرى‪ -‬كما ذكر العثيمين‪ -‬وذلك‬‫قول تعالى في الفجار‪( :‬كلا ننه ْم ع ْن رِبِه ْم ي ْوم ِئذ لم ْح مجومبون)(‪ ،)3‬فحجب هؤلاء الفجار عن هلل يومئذ يعني يوم‬‫القيامة‪ ،‬يدل على نن غيرهم ينظرون إلى هلل عز وجل‪ ،‬ولو كان غيرهم لا ينظر إلى هلل لم يكن بينهم وبين الفجار‬ ‫فرق(‪.)4‬‬ ‫معنى قول تعالى‪( :‬لا مت ْد ِرمك م ا ْلأْبصا مرو مهو مي ْد ِر مك ا ْلأْبصار)(‪.)5‬‬‫ير ُّد ال معثيمين على بعض من ادتج بعدم رؤية هلل تعالى يوم القيامة‪ ،‬بقول عز وجل‪( :‬لا مت ْد ِرمك م ا ْلأْبصا مر‬‫و مهو مي ْد ِر مك ا ْلأْبصار) قائل ًا‪ :‬إن هذ الآية تدل على نن هلل تعالى يرى بالبصار‪ ،‬ودليل ذلك نن نفى الإدراك‪ ،‬وهذا‬ ‫يدل على وجود نصل الرؤية‪ ،‬ولو كان نصل الرؤية غير ثابت ما صح نن ينفى الإدراك‪ ،‬ولا يصح نن يستدل بهذ‬‫الآية على امتناع رؤية هلل عزوجل‪ ،‬لن الآية إنما نفت ما هو نخص من الرؤية‪ ،‬وهو الإدراك ونفي الأخص يستلزم‬ ‫وجوب الأعم‪ ،‬وهو الرؤية‪ ،‬و هلل عزوجل يرى يوم القيامة‪ ،‬ولكن الأبصارلا تدرك (‪.)6‬‬ ‫أدلة على رؤية الله‪ -‬تعالى‪ -‬من السنة‪:‬‬‫قد ثبت عن النبي‪ -‬صلى هلل علي وسلم‪ -‬ثبوتا متواترا لا شك في إثبات رؤية هلل عز وجل يوم القيامة‬‫ني نن يرى سبحان وتعالى فمن ذلك قول تبارك قول ‪ -‬صلى هلل علي وآل وسلم‪( -‬ننكم سترون ربكم كما ترون‬ ‫‪‌-1‬سورةالقيامة‌الآية‌‪.‌31‌-33‬‬ ‫‪‌-2‬سورة‌يونس‌الآية‌‪‌.‌36‬‬ ‫‪‌-3‬سورة‌المطففين‌الآية‌‪.32‬‬ ‫‪‌-4‬العثيمين‪‌،‬فتاوى‌نور‌على‌الدرب‪‌،‬ج‪9‬ص‪‌،31‬وانظر‪‌:‬الحلقة‪‌.‌133‌:‬‬ ‫‪-5‬سورة‌الأنعام‌الآية‌‪.‌311‬‬ ‫‪‌-6‬العثيمين‪‌،‬شرح‌العقيدة‌الواسطية‪‌،‬ص‪‌،113‬وانظر‪‌:‬العثيمين‪‌،‬عقيدة‌أهل‌الس َّنة‌والجماعة‪‌،‬ص‪‌.‌31‬‬ ‫‪98‬‬

‫القمر ليلة البدر لا تضامون في رؤيت فإن استطعتم على نن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الهمس وصلاة قبل‬ ‫غروبها فافعلوا)(‪ ،)1‬والأداديث في هذا متواترة كما قال بعض العلماء في نظم ش يء من المتواترقال‪:‬‬ ‫من ما تواتردديث من كذب** ومن بنى لله بيت وندتسب‬ ‫ورؤية شفـاعة والحوض **ومسـح خفين وهذ بعض (‪)2‬‬ ‫هذا هو قول نهل السنة والجماعة‪ ،‬نن هلل سبحان وتعالى يرى يوم القيامة بالبصر‪ ،‬رؤية دقيقية‪،‬‬ ‫لكن مع هذ الرؤية لا يمكن إدراك عز وجل‪ ،‬لن نعظم من نن تدرك الحواس‪ ،‬نو الأفدام‪ ،‬نو الخواطر‪ ،‬ونن‬ ‫هذ الرؤية تكون يوم القيامة (‪. )3‬‬ ‫ويقول ال معثيمين في شرح العقيدة السفارينية \"فرؤية هلل سبحان وتعالى في الآخرة ثابت ٌة بالقرآن وإجماع‬ ‫السلف‪ ،‬دتى إن بعض العلماء صرح بأن من ننكررؤية هلل في الآخرة فدو كافر\" (‪. )4‬‬ ‫المطلب السابع‪ :‬الجنَّة والنار‪:‬‬ ‫يقول السلف ُّيون بالجنة والنار‪ ،‬وننهما باقيتان ما شاء هلل لدما البقاء‪ ،‬ونن يع ِذب من شاء بنار ‪ ،‬ويردم‬ ‫من يهاء بجنت ‪ ،‬ودليل ذلك قول تعالى‪( :‬فأما ال ِذين ش مقوْا ف ِفي النا ِر ل مد ْم ِفيها ز ِفي ٌر وش ِدي ٌق خاِل ِدين ِفيها ما دام ِت‬ ‫السماوا مت والأْر مض ِإلا ما شاء رُّبك ِإن ربك فعا ٌل ِلما مي ِري مد ونما ال ِذين مس ِع مدوْا ف ِفي الجنة خاِل ِدين ِفيها ما دام ِت‬ ‫السماوا مت والأْر مض ِإلا ما شاء رُّبك عطاء غ ْيرم ْج مذوذ)(‪. )5‬‬ ‫يقول الإمام ابن جرير الطبري‪ ،‬عند تفسير هذ الآية‪ :‬وذلك نن العرب إذا نرادت نن تصف الش يء‬ ‫بالدوام نب ًدا قالت‪ :‬هذا دائم دوام السموات والأرض‪ ،‬بمعنى نن دائم نب ًدا‪ ،‬وكذلك يقولون‪\" :‬هو باق ما اختلف‬ ‫‪‌-1‬سبق‌تخريجه‌ص‪.‌315‬‬‫‪‌ -2‬متن ‌الشيخ ‌التاودي‪‌ ،‬في ‌حواشيه ‌على ‌الصحيح‪‌ ،‬راجع‪‌ -‬نظم ‌المتناثر ‌من ‌الحديث ‌المتواتر ‌للإمام ‌محمد ‌بن ‌جعفر‌‬ ‫الكتاني‪‌،‬المكتبة‌الوقفية‪3119‌،‬م‪‌،‬ص‪.‌33‬‬‫‪‌ -3‬ال ُعثيمين‪‌ ،‬برنامج ‌نور ‌على ‌الدرب‪‌ ،‬رقم ‌الحلقة ‌‪‌ ،133‬وحلقة ‌‪‌ ،939‬مصدر ‌الكتاب‪‌ :‬موقع ‌الشيخ ‌ال ُعثيمين‪‌،‬‬‫‪‌http://www .ibnothaimeen .com‬وانظر‪‌:‬ال ُعثيمين‪‌،‬لقاء‌الباب‌المفتوح‪‌،‬باب‌تفسير‌قوله‌تعالى‪(‌:‬على‌الأرائك‌‬ ‫ينظرون)‪‌،‬ج‪39‬ص‪‌،2‬وال ُعثيمين‪‌،‬مجموع‌فتاوى‌ورسائل‪‌،‬ج‪3‬ص‪.333‬‬ ‫‪‌-4‬ال ُعثيمين‪‌،‬شرح‌العقيدة‌السفارينية‪‌،‬ص‪.‌193‬‬ ‫‪‌-5‬سورة‌هود‌الآيات‪.‌)315-316‌(‌:‬‬ ‫‪99‬‬

‫الليل والنهار\"‪ ،‬ويقولون نيض ًا‪ :‬و\"ما ْلل ِت ال مع ْف مر(‪ )1‬بأذنابها \"يعنون بذلك كل \"نبد ًا\"‪ .‬فخاطبهم جل ثناؤ بما‬ ‫يتعارفون ب بينهم فقال‪( :‬خالدين فيها ما دامت السموات والأرض)‪ ،‬والمعنى في ذلك‪ :‬خالدين فيها نب ًدا‪ ،‬ثم قال‪( :‬إلا‬ ‫ما شاء ربك)‪ ،‬واختلف نهل العلم والتأويل في معنى ذلك فقال بعضدم‪ :‬هذا استثنا ٌء استثنا هلل لهل التوديد‪،‬‬ ‫نن يخرجدم من النارإذا شاء‪ ،‬بعد نن ندخلدم النار(‪ ،)2‬وبهذا قال ابن كثير‪ ،‬والبغوي وغيرهما (‪. )3‬‬ ‫ويقول شيخ الإسلام ابن ت ْي ِمية‪ \" :‬وشعتقد نن هلل تعالى خلق الجنة والنار وننهما مخلوقتان للبقاء؛ لا‬ ‫للفناء (‪. )4‬‬ ‫ويذكر نيض ًا في مجموع الفتاوى‪ ،‬نن الجدمية يختلفون مع نهل ال ُّسنة في هذ المسألة‪ ،‬ديث قال‪\":‬‬ ‫والجدم بن صفوان منهم يقول بعدمدا بعد ذلك‪ ،‬ويقول بفناء الجنة والنار‪ ،‬لامتناع دوام الحوادث عند في‬ ‫المستقبل كامتناع دوامدا في الماض ي\"(‪.)5‬‬ ‫ثم بين ابن ت ْي ِمية نن مذهب السلف هو الإيمان بهما على الحقيقة‪ ،‬وننهما للعذاب‪ ،‬والنعيم‪ ،‬فالجنة‬ ‫ثواب هلل للمؤمنين‪ ،‬والنار عذاب للكفار والعصاة‪ ،‬ونن النصرى من نهل الكتاب لا يؤمنون بها عى الح ِقيقة‪ ،‬ولا‬ ‫يق ُّرون بما نخبر هلل ب من الأكل والهرب والِلباس وال ِنكاح والنعيم والعذاب في الجنة والنار؛ بل غاية ما يقرون‬ ‫ب من النعيم السماع والهم (‪. )6‬‬ ‫ثم يتابع ابن تيمية شارد ًا ما علي السلفيون من الاعتقاد في الجنة والنار؛ وننهم يؤمنون بأن الجنة والنار‬ ‫دق على هلل ملؤهما‪ ،‬وذلك دتى يتحقق وعد كما قال عزوجل‪( :‬وتم ْت كِلم مة رِبك ل ْملأن جدنم ِمن الجنة والنا ِس‬ ‫ن ْجم ِعين)(‪ ،)7‬وقول نيض ًا‪( :‬ول ِك ْن دق ا ْلق ْو مل ِم ِني ل ْملأن جدنم ِمن الجنة والنا ِس ن ْجم ِعين)(‪ ،)8‬ونن هذا الملأ للنا ِر‬ ‫يكون بوضع الجبار‪ -‬جل وعلا‪ -‬قدم في النار‪ ،‬نما الجنة‪ ،‬فإن تعالى يخلق لدا خلق ًا آخرين‪ ،‬كما جاء في‬ ‫‪-1‬العفر‌ظاهر‌التراب‌والجمع‌أعفار‪‌،‬وقيل‌هو‌الضبي‌عامة‪‌،‬انظر‪‌:‬ابن‌منظور‪‌،‬لسان‌العرب‪‌،‬ج‪1‬ص‪‌.‌251‬‬ ‫‪‌-2‬ابن‌جرير‌الطبري‪‌،‬تفسير‌القرآن‪‌،‬المسمى‪‌:‬جامع‌البيان‌في‌تفسير‌القرآن‪‌،‬ج‪32‬ص‪.‌195‬‬‫‪-3‬ابن ‌كثير‪‌ ،‬تفسير ‌القرآن ‌العظيم‪‌ ،‬ج‪1‬ص‪‌ ،1‬وانظر ‌البغوي ‌أبو ‌محمد ‌الحسين ‌بن ‌مسعود ‌البغوي ‌( ‌المتوفى ‌‪‌ 236‬هـ ‌)‌‬‫معالم‌التنزيل‪‌،‬حققه‌وخرج‌أحاديثه‪\"‌-‬محمد‌عبد‌الله‌النمر‪‌،‬عثمان‌جمعة‌ضميرية‪‌،‬سليمان‌مسلم‌الحرش\"‪‌،‬دار‌طيبة‌للنشر‌‬ ‫والتوزيع‪‌،‬الطبعة‌الرابعة‪3999‌،‬م‪‌،‬ج‪.‌1313‬‬ ‫‪‌-4‬ابن‌تيمية‪‌،‬مجموع‌الفتاوى‌ج‪3‬ص‪.‌111‬‬ ‫‪‌-5‬المرجع‌السابق‪‌،‬ج‪3‬ص‪.‌123‬‬ ‫‪‌-6‬ابن‌تيمية‪‌،‬مجموع‌الفتاوى‪‌،‬ج‪5‬ص‪‌،11‬وانظر‪‌:‬الرسالة‌القبرصية‌لابن‌ َت ْي ِم َّية‪‌،‬ص‪.‌32‬‬ ‫‪‌-7‬سورة‌هود‌الآية‌‪.‌339‬‬ ‫‪‌-8‬سورة‌السجدة‌الآية‌‪.‌31‬‬ ‫‪100‬‬

‫الصحيحين‪ ،‬وفي مسند الإمام ندمد وغير ‪ ،‬من دديث نشس قال النبي صلى هلل علي وسلم‪\" :‬لا تزال جدنم تقول‪:‬‬ ‫هل من مزيد‪\" ،‬دتى يضع رب العزة فيها قدم \" فتقول‪ :‬قط قط‪ ،‬وعزتك‪ ،‬ويزوى بعضدا إلى بعض\" (‪. )1‬‬ ‫ويذهب السلفية الأوائل إلى إثبات صفة القد ِم لله تعالى‪ ،‬من دديث م ْل ِئ الجنة والنار‪ ،‬ديث يقول ابن‬ ‫اقيم‪ ،‬في كتاب إجتماع الجيوش الإسلامية‪\" :‬ونن ل قدم ًا لقول النبي‪ -‬صلى هلل علي وسلم‪\" :-‬دتى يضع رب العزة‬ ‫فيها قدم \"(‪.)2‬‬ ‫يقول ابن حجر‪\" :‬واختلف في المراد بالقدم فطريق السلف في هذا وغير مهدورة‪ ،‬وهو؛ نن متمر كما‬ ‫جاءت‪ ،‬ولا يتعرض لتأويل بل شعتقد استحالة ما ميوهم النقص على هلل‪ ،‬وخاض كثيرمن نهل العلم في تأويل ذلك‬ ‫فقالوا‪ :‬المراد إذلا مل جدنم‪ ،‬فإنها إذا بالغت في الطغيان وطلب المزيد‪ ،‬نذلدا هلل فوضعدا تحت القدم‪ ،‬وليس المراد‬ ‫دقيقة القدم‪ ،‬والعرب تستعمل نلفاظ الأعضاء في ضرب الأمثال‪ ،‬ولا تريد نعيانها‪ ،‬كقولدم رغم ننف ‪ ،‬وسقط في‬ ‫يد ‪ ،‬وقيل المراد بالقدم الفرط السابق‪ ،‬ني يضع هلل فيها ما قدم لدا من نهل العذاب(‪. )3‬‬ ‫المطلب الثامن‪ :‬العثيمين ومسألة الجنَّة والنار‪:‬‬ ‫يذكر ال معثيمين في شرح العقيدة السفارينية‪ ،‬نن هناك ناس ًا في زماننا يقولون كلام ًا ظاهر الكفر‪ ،‬وهو‬ ‫قولدم‪ ،‬إذا انتهو من دفن الميت‪ ،‬كثي ٌرمن الناس! ولكنهم لا يفدمون معناها‪ ،‬يقولون في الميت إذا مات‪\" :‬ثم مدفن إلى‬ ‫مثوا الأخير\" نو كقولدم‪\" :‬ثم منقل إلى مثوا الأخير\"‪ ،‬وهذ الكلمة لو نخذنا بمدلولدا لكانت كف ًرا‪ ،‬لن مضمونها‬ ‫إنكار البعث‪ ،‬فإن المثوى الأخير هو الجنة نو النار‪ ،‬فإذا قيل لدذا الرجل إذا مات نو مدفن‪\" :‬انتقل إلى مثوا الأخير\"‬ ‫فمضمون هذا نن لا بعث(‪.)4‬‬‫‪‌-1‬صحيح‌البخاري‪‌،‬باب‌الحلف‌بغزة‌الله‪‌،‬وصفاته‪‌،‬وكلماته‪‌،‬حديث‌رقم‪‌،6365/‬وباب‌ما‌جاء‌في‌قوله‌تعالى‪‌:‬إن‌رحمة‌‬‫الله ‌قريب ‌من ‌المحسنين‪‌ ،‬حديث ‌رقم‪‌ ،6592/‬صحيح ‌مسلم ‌باب ‌النار‌يدخلها ‌الجبارون‪‌ ،‬والج َّنة ‌يدخلها ‌الضعفاء‪‌ ،‬حديث‌‬‫رقم‪‌ ،2152/‬ومسند ‌الإمام ‌أحمد‪‌ ،‬مسند ‌أبي ‌هريرة ‌حديث ‌رقم‪‌ ،31351‌ /‬مسند ‌أنس ‌بن ‌مالك‪‌ ،‬حديث ‌رقم‪‌،33991‌ /‬‬‫وانظر‌السنن‌الكبرى‌للنسائي‪‌،‬حديث‌رقم‪‌،9911‌/‬انظر‪‌:‬مجموع‌الفتاوى‌لشيخ‌الإسلام‪‌،‬ج‪1‬ص‪‌،13‬والرسالة‌العرشية‌‬ ‫لشيخ‌الإسلام‌ص‪.33‬‬‫‪‌ -2‬ابن ‌القيم ‌الجوزية‪‌ ،‬إجتماع ‌الجيوش ‌الإسلامية ‌على ‌غزو ‌المعطلة ‌والجهمية‪‌ ،‬دار ‌الشريعة‪‌ ،‬القاهرة‪‌ ،‬مصر‪‌ ،‬الطبعة‌‬ ‫الأولى‌‪3111‬م‪‌،‬ص‪.95‬‬ ‫‪‌-3‬ابن‌حجر‌فتح‌الباري‪‌،‬ج‪‌6‬ص‪.122‬‬ ‫‪‌-4‬ال ُعثيمين‪‌،‬شرح‌العقيدة‌السفارينية‪‌،‬ص‪.121‬‬ ‫‪101‬‬

‫ثم يتابع قا ِئل ًا بما ميفدم من نن لا ميك ِفر من قالدا غير قاصد لدا‪ \" ،‬لكن كثي ًرا من الناس لا يفدمون المعنى‬ ‫في الواقع‪ ،‬يأخذون العبارات تقليد ًا‪ ،‬ولا يفكرون في المعاشي\"(‪.)1‬‬‫ثم يذكر نن مذهب السلف هوالإيمان بهما على الحقيقة‪ ،‬وننهما مؤبدتان لا تفنيا‪ ،‬ونن النار يدخلدا‬ ‫الجن والإشس‪ ،‬وذلك لعموم قول تعالى‪( :‬وتم ْت كِلم مة رِبك ل ْملأن جدنم ِمن الجنة والنا ِس ن ْجم ِعين)(‪.)2‬‬‫ونما دخول المؤمنين الجنة فدو بالنسبة للبهربالنص والإجماع‪ ،‬وبالنسبة للج ِن مح ُّل خلاف‪ ،‬والصحيح‪:‬‬‫ننهم يدخلون الجنة‪ ،‬والدليل على ذلك‪ :‬ما جاء في سورة الردمن ديث يخاطب هلل الجن والإشس ويقول جل‬‫وعلا‪ ( :‬مي ْعر مف ا ْلمم ْج ِرممون ِب ِسيما مه ْم ف مي ْؤخ مذ ِبالنوا ِص ي وا ْلأ ْقدا ِم ف ِبأ ِي آلاء رِب مكما متك ِذبا ِن ه ِذ ِ جدن مم ال ِتي ميك ِذ مب ِبها‬‫ا ْل مم ْج ِرممون ي مطو مفون ب ْينها وب ْين د ِميم آن ف ِبأ ِي آلاء رِب مكما متك ِذبا ِن)(‪ ،)3‬ثم يقول ال معثيمين‪ \" :‬وعلي فالقول الراجح‪ :‬نن‬ ‫مؤمني الجن يدخلون الجنة كمؤمني الإشس\"\"(‪. )4‬‬‫ويؤكد كذلك على فكرة نن النار لا تفنى نبد ًا‪ ،‬والجنة كذلك‪ ،‬عند تفسير قول تعالى‪( :‬وسا ِر معوا ِإلى م ْغ ِفرة‬‫ِم ْن رِب مك ْم وجنة ع ْر مضدا السموا مت وا ْلأْر مض من ِعد ْت ِل ْل ممت ِقين)(‪ \" ،)5‬من ِعدت يعني هيئت وهذا دليل على ننها موجودة‬‫الآن‪ ،‬كما نن النار نيضا موجودة الآن‪ ،‬ولا تفنيان نبد ًا‪ ،‬خلقدما هلل عز وجل للبقاء‪ ،‬لا فناء لدما‪ ،‬ومن دخلدما لا‬‫يفنى نيض ًا‪ ،‬فمن كان من نهل الجنة كان خالد ًا مخلد ًا فيها نبد الآبدين‪ ،‬ومن كان من نهل النار دخلدا خالد ًا‬ ‫مخلد ًا فيها نبد الآبدين\" (‪.)6‬‬ ‫‪‌-1‬ال ُعثيمين‪‌،‬الرجع‌السابق‪‌،‬ص‪.121‬‬ ‫‪‌-2‬سورة‌هود‌الآية‌‪.339‬‬ ‫‪‌-3‬سورة‌الرحمن‌الآيات‌(‌‪.‌)‌12-13‬‬ ‫‪‌-4‬ال ُعثيمين‌شرح‌العقيدة‌السفارينية‪‌،‬ص‪.‌111‬‬ ‫‪‌-5‬سورة‌آل‌عمرلن‌الآية‌‪.‌311‬‬ ‫‪‌-6‬ابن‌عثيمن‪‌،‬شرح‌رياض‌ال َّصالِحين‪‌،‬ج‪3‬ص‪.‌161‬‬ ‫‪102‬‬

‫كما ننهم يقولون بخروج المؤمنين العصاة من النار‪ ،‬بعد ادتراقدم فيها‪ ،‬وذلك قول علي الصلاة‬ ‫والسلام‪ ،‬كما في صحيح مسلم من دديث جابر بن عبد هلل قال‪ :‬قال رسول هلل‪ -‬صلى هلل علي وسلم‪( :-‬إن قوما‬ ‫يخرجون من الناريحترقون فيها إلا دارات وجوهدم دتى يدخلون الجنة)(‪. )1‬‬ ‫وهذا الكلام كما يذكر ال معثيمين‪ ،‬يكون في الهفاعة والردمة بالخلق‪ ،‬يوم يأذن هلل عز وجل للهفعاء‪،‬‬ ‫من الأنبياء والرسل والصاِلحين وغيرهم نن يهفعوا‪ ،‬وتتضمن ردمة المهفوع بإخراج من محنت ‪ ،‬فيأذن هلل‪ -‬عز‬ ‫وجل‪ -‬لمن شاء من خلق من الرسل‪ -‬عليهم الصلاة والسلام‪ -‬والأنبياء والعلماء الصاِلحين نن يهفعوا‪ ،‬فيمن شاء‬ ‫ هلل نن يهفعوا في ‪ ،‬نن يخرج من النار‪ ،‬فيخرجون من النار‪ ،‬بعد نن كانوا مدمم ًا‪ ،‬ني صاروا فحم ًا‪ ،‬يخرجون من‬ ‫النار‪ ،‬وهذ الهفاعة ينكرها المعتزلة‪ ،‬والخوارج ينكرون هذ الهفاعة نيض ًا‪ ،‬لنهم يقولون‪ :‬من دخل النار فإن لا‬ ‫يخرج منها‪ ،‬لن لا يدخلدا إلا صادب كبيرة‪ ،‬والكبيرة توجب الخلود في النار هذا رني الخوارج والمعتزلة‪ ،‬والخوارج‬ ‫نشد من المعتزلة‪ ،‬لن الخوارج يرون نن لا يخرج من النار ونن كافر‪ ،‬والمعتزلة فيهم شب ٌ من المنافقين‪ ،‬يقولون‪ :‬لا‬ ‫نقول مؤمن‪ ،‬ولا نقول كافر‪ ،‬لكن مخل ٌد في النار‪ ،‬فاتفق المعتزلة والخوارج على الجزاء الأخروي‪ ،‬وهو الخلود في‬ ‫الناركلدم يتفقون على نن خال ٌد في النار(‪.)2‬‬ ‫ثم إن هناك من يستثنى من دديث \"يخرج منها من لم يعمل خي ًرا قط\"‪ ،‬قاطع الصلاة‪ ،‬فأداديث‬ ‫الهفاعة التي فيها نن هلل يخرج من النار من لم يعمل خي ًرا قط‪ ،‬فدل قال الرسول علي الصلاة والسلام في‬ ‫نداديث الهفاعة ننهم يخرجون من النار من لم يص ِل؟ لا ‪ ،‬بل قال‪ :‬من لم يعمل خيرا قط(‪ ،)3‬فيقال يستثنى من‬‫‪‌-1‬صحيح‌مسلم‪‌،‬باب‌أدنى‌أهل‌الج َّنة‌منزلة‌فيها‪‌،‬حديث‌رقم‪‌،353‌/‬ومن‌نفس‌الباب‪‌،‬حديث‌رقم‪‌،353‌/‬مسند‌الإمام‌‬‫أحمد‪‌ ،‬في ‌مسند ‌أبي ‌بكر ‌الصديق‪‌ ،‬حديث ‌رقم‪‌ ،32/‬ومن ‌مسند ‌عمر ‌بن ‌الخطاب‪‌ ،‬حديث ‌رقم ‌‪‌ ،323‬وللحديث ‌من ‌معناه‌‬ ‫روايات‌في‌المعجم‌الكبير‌للطبراني‪‌،‬ومصنف‌أبي‌شيبة‪‌،‬ومصنف‌عبد‌الرزاق‌وغيرهم‌‪.‬‬ ‫‪‌-2‬ابن‌عثيمين‪‌،‬شرح‌العقيدة‌السفارينية‪‌،‬ص‪.‌112‬‬‫‪‌-3‬صحيح‌البخاري‪‌،‬باب‌قول‌اله‌تعالى‪(‌:‬يريدون‌أن‌يبدلوا‌كلام‌الله)‪‌،‬والحديث‌عن‌عن‌أبي‌هريرة‪‌،‬أن‌رسول‌الله‌صلى‌‬‫الله‌عليه‌وسلم‌قال‌قال‌رجل‌لم‌يعمل‌خيرا‌قط‌فإذا‌مات‌فحرقوه‌واذروا‌نصفه‌في‌البر‌ونصفه‌في‌البحر‌فوالله‌لئن‌قدر‌الله‌‬‫عليه‌ليعذبنه‌عذابا‌لا‌يعذبه‌أحدا‌من‌العالمين‌فأمر‌الله‌البحر‌فجمع‌ما‌فيه‌وأمر‌البر‌فجمع‌ما‌فيه‌ثم‌قال‌لم‌فعلت‌قال‌من‌‬‫خشيتك‌وأنت‌أعلم‌فغفر‌له)‪‌،‬حديث‌رقم‪‌،6923/‬سنن‌النسائي‪‌،‬باب‌حسن‌المعاملة‪‌،‬والرفق‌في‌المطالبة‪‌،‬من‌رواية‌أبي‌‬‫هريرة‪‌ ،‬حديث ‌رقم‪‌ ،1632/‬مسند ‌الإمام ‌أحمد‪‌ ،‬من ‌مسند ‌أبي ‌هريرة‪‌ ،‬حديث ‌رقم‪‌ ،9699/‬وفي ‌المسند ‌أيضاً‪‌ ،‬من ‌رواية‌‬‫أبي‌هريرة‌رضي‌الله‌عنه‪‌،‬حديث‌رقم‌‪‌،5192‬وفي‌السنن‌الكبرى‌للبيهقي‪‌،‬حديث‌رقم‪‌،6391‌/‬مستدرك‌الحاكم‪‌،‬حديث‌‬ ‫رقم‪‌،3351/‬المعجم‌الكبير‌للطبراني‪‌،‬حديث‌رقم‪‌،631‬صحيح‌ابن‌حبان‪‌،‬باب‌الديون‪‌،‬حديث‌رقم‪.‌2311‌/‬‬ ‫‪103‬‬

‫ذلك الصلاة‪ ،‬لن النصوص ندلة على نن تركدا كفر‪ ،‬والكافر لا يخرج من النار‪ ،‬لقول هلل تعالى‪( :‬فما ت ْنف مع مد ْم‬ ‫شفاع مة الها ِف ِعين)(‪. )2( . )1‬‬ ‫المطلب التاسع‪ :‬القضاء والقدر‪:‬‬‫ميعتبر الإيمان بالقدر من نهم نصول نهل السنة‪ ،‬وهو من ثوابت نصحاب الحديث (نتباع السلف)‪،‬‬‫نو السلفية المعاصرة‪ ،‬ومعنى الإيمان بالقضاء والقدر‪ ،‬نن ميسِلم المؤمن بقضاء هلل وقدر ‪ ،‬خي ِر وش ِر ‪ ،‬قضا ًء‬‫نراد هلل وقضا ‪ ،‬ونن تؤمن نن كل ما يصيب الإشسان في ديات ‪ ،‬هو من قدر هلل وقضائ علي ‪ ،‬ولقد خاض‬‫المتكلمون في مسائل القدر‪ ،‬واختلفوا في ‪ ،‬وانقسموا طوائف ومهارب كما تحدثنا عن مسألة الجنة والنار آنف ًا‪،‬‬‫فمن قائل نن العباد مخيرون في نعمالدم ونفعالدم‪ ،‬ونن لا قدرة لله تعالى في هذ الأفعال‪ ،‬وهؤلاء هم القدرية‪،‬‬‫ومن قال إن الإشسان مجبوٌر‪ ،‬وهو كالريهة في الدواء‪ ،‬لا دخل ل بكل ما يجري‪ ،‬فدومسير في كل ش يء‪ ،‬وهؤلاء هم‬‫الجبرية‪ ،‬ولقد كر السلف الأول الخوض في مسائل القدر‪ ،‬كما نقل عن الإمام مالك‪ ،‬وغير ‪ ،‬ومن قول الإمام‬‫مالك‪\" :‬الكلام في الدين نكره ولم يزل نهل بلدنا‪ -‬يقصد التا ِبعين الكبار في المدينة المنورة‪ -‬يكرهون القدر ورني‬ ‫جدم وكل ما نشب ذلك\" (‪. )3‬‬‫ومن هنا فإن مذهب السلف في القدر‪ ،‬ونفعال العباد‪ ،‬واض ٌح لا لبس في ‪ ،‬قال الإمام ابن حجر‪\" :‬‬‫ومذهب السلف قاطبة نن الأمور كلدا بتقدير هلل‪ -‬تعالى‪ -‬كما قال هلل تعالى‪( :‬وِإن ِمن ش ْيء ِإلا ِعندنا خزا ِئ من م وما‬ ‫منن ِ مزل م ِإلا ِبقدرم ْع ملوم)(‪. )5( .)4‬‬‫ولدذا نرى نن ابن ت ْي ِمية مينزل من لم يؤمن ب منزًة ندط من منزلة اليهود‪ ،‬فيقول‪\" :‬ونما الذي يهدد \"‬‫الحقيقة الكونية \" وتوديد ال ُّرمبوِبية الهامل للخليقة‪ ،‬ويقر نن العباد كلدم تحت القضاء والقدر‪ ،‬ويسلك هذ‬ ‫‪‌-1‬سورة‌المدثر‌الآية‌‪.‌15‬‬ ‫‪‌2‬ال ُعثيمين‌نور‌على‌الدرب‪‌،‬حلقة‌رقم‌‪‌،911‬انظر‪‌:‬العثيمين‪‌،‬مجموع‌فتاوى‌ورسائل‪‌،‬ج‪5‬ص‪.‌211‬‬ ‫‪‌-‌3‬أبوعمر‌يوسف‌بن‌عبد‌البر‪‌،‬الانتقاء‌ص‪.‌69‬‬ ‫‪‌-4‬سورة‌الحجر‌الآية‌‪.‌33‬‬ ‫‪‌-‌5‬ابن‌حجر‌العسقلاني‪‌،‬ج‪6‬ص‪.‌111‬‬ ‫‪104‬‬

‫الحقيقة فلا يفرق بين المؤمنين والمتقين الذين نطاعوا نمر هلل الذي بعث ب رسل ‪ ،‬وبين من عص ى هلل ورسول‬ ‫من الكفاروالفجارفدؤلاء نكفرمن اليهود والنصارى\" (‪.)1‬‬‫ثم نجد يستثني منهم من يفرق بين المؤمن والكافر‪ ،‬ويعبر عن ذلك بقول ‪\" :‬يلمح\"‪ ،‬الفارق بين المؤمن‬‫والكافر‪ ،‬ظاه ٌر لا لبس في‪ ،‬وكأن ابن ت ْي ِمية يهير هنا إلى قول المرجئة من الفقداء وغيرهم‪ ،‬ونن هؤلاء كما يقول‬‫ابن ت ْي ِمية باقون على نصل الإيمان‪ ،‬ولكن نقص الإيمان عندهم‪ ،‬بحسب تفريقدم‪ ،‬بين المؤمنين في درجات الإيمان‬‫(‪ ،)2‬وهذا ما نشار إلي بقول ‪\" :‬لكن من الناس من قد لمحوا الفرق في بعض الأمور دون بعض بحيث يفرق بين‬‫المؤمن والكافر‪ ،‬ولا يفرق بين البر والفاجر‪ ،‬نو يفرق بين بعض الأبرار‪ ،‬وبين بعض الفجار‪ ،‬ولا يفرق بين آخرين‪،‬‬‫اتباعا لظن وما يهوا ‪ ،‬فيكون ناقص الإيمان بحسب ما سوى بين الأبرار والفجار‪ ،‬ويكون مع من الإيمان بدين‬ ‫ هلل تعالى‪ ،‬الفارق بحسب ما فرق ب بين نوليائ ونعدائ \" (‪.)3‬‬‫ونرا مرة نخرى ميق ِسم الناس في إيما ِنهم بمسألة القدر إلى ثلاثة نقسام‪ ،‬فيقول‪\" :‬والناس الذين ضلوا في‬ ‫القدرثلاثة نصناف‪:‬‬‫‪ -‬الصنف الأول‪ :‬قو ٌم آمنوا بالمروالنهي‪ ،‬والوعد والوعيد‪ ،‬وكذبوا بالقدر‪ ،‬وزعموا نن من الحوادث‬ ‫ما لا يخلق هلل‪ ،‬كالمعتزلة ونحوهم (‪.)4‬‬‫‪ -‬الصنف الثاني‪ :‬وقوم آمنوا بالقضاء والقدر‪ ،‬ووافقوا نهل السنة والجماعة على نن ما شاء هلل‬‫كان وما لم يهأ لم يكن‪ ،‬ونن هلل خالق كل ش يء ورب ومليك ‪ ،‬لكن عارضوا بهذا الأمر والنهي‪ ،‬وسموا هذا‬‫دقيقة‪ ،‬وجعلوا ذلك معارض ًا للهريعة‪ ،‬وفيهم من يقول إن مهاهدة القدر تنفي الملام والعقاب‪ ،‬وإن العارف‬ ‫يستوي عند هذا وهذا‪ ،‬وهم في ذلك متناقضون مخالفون للهرع والعقل والذوق والوجد(‪.)5‬‬ ‫‪‌-1‬ابن‌ َت ْي ِم َّية‪‌،‬مجموع‌الفتاوى‪‌،‬ج‪‌3‬ص‪.‌133‬‬ ‫‪-2‬المرجع‌السابق‪‌،‬ج‪3‬ص‪.‌131‬‬ ‫‪‌-3‬المرجع‌السابق‪‌،‬ج‪3‬ص‪.111‬‬ ‫‪-4‬ابن‌تيمية‪‌،‬مجموع‌الرسائل‌والمسائل‪‌،‬ج‪3‬ص‪‌،93‬وانظر‌مجموع‌الفتاوى‌لابن‌تيمية‪‌،‬ج‪3‬ص‪‌.‌111‬‬ ‫‪-5‬ابن‌تيمية‪‌،‬مجموع‌الرسائل‌والمسائل‪‌،‬ج‪3‬ص‪‌،93‬وانظر‌مجموع‌الفتاوى‌لابن‌تيمية‪‌،‬ج‪3‬ص‪‌.‌111‬‬ ‫‪105‬‬

‫وهذا ما دعا ابن ت ْي ِمية إلى نن ميلحق بأعظم الفساد‪ ،‬لن صادب هذا الاعتقاد‪ ،‬يجعل القدر بمثابة‬ ‫ال محجة على هلل‪ ،‬وفي هذا إشارة من للجبرية‪ ،‬الذين يقولون بالجبر في الأعمال‪ ،‬ديث يقول‪ \" :‬إذ لو جاز نن ميحتج‬ ‫كل ندد بالقدر لما عوقب ممعتد‪ ،‬ولا اقتص من باغ‪ ،‬ولا منخذ لمظلوم من ظالم‪ ،‬ولفعل كل ندد ما يهتهي ‪ ،‬من غير‬ ‫معارض يعارض في ‪ ،‬وهذا في من الفساد‪ ،‬ما لا يعلم إلا رب العباد\" (‪ .)1‬وعبرعلى ما يعتقد الجبرية في مجموع‬ ‫الفتاوى بقول ‪(\" :‬الأصل الثاني) الادتجاج بالقدرعلى المعاص ي‪ ،‬وعلى ترك المأمور‪ ،‬وفعل المحظور\" (‪.)2‬‬ ‫‪ -‬الصنف الثالث‪ :‬كما يقول ابن ت ْي ِمية‪\" :‬من الضالين في القدر من خاصم الرب في جمع بين‬ ‫القضاء والقدر‪ ،‬والأمروالنهي‪ ،‬كما يذكرذلك على لسان إبليس‪ ،‬وهؤلاء خصماء هلل ونعداؤ \"(‪. )3‬‬ ‫نما نهل الإيمان‪ ،‬فيعرفدم شيخ الإسلام بقول ‪\" :‬ونما نهل الإيمان فيؤمنون بالقضاء والقدر‪ ،‬والأمر‬ ‫والنهي‪ ،‬ويفعلون المأمور‪ ،‬ويتركون المحظور‪ ،‬ويصبرون على المقدور‪ ،‬كما قال تعالى‪(:‬نن من يت ِق وِي ْص ِب ْر ف ِإن الل لا‬ ‫مي ِضي مع ن ْجر ا ْلمم ْح ِس ِنين)(‪.)4‬‬ ‫المطلب العاشر‪ :‬العثيمين ومسألة القدر‪:‬‬ ‫لقد صنف ال معثيمين في مسألة القدر رسال ًة نسماها‪\" :‬رسالة في القضاء والقدر\" وقد عرف القدر بقول ‪\" :‬‬ ‫الإيمان بالقدر‪ ،‬من ربوبية هلل عز وجل\" (‪ ،)5‬ولعل استنبط هذا التعريف من الإمام ندمد بن دنبل‪ ،‬فقد قال‬ ‫الأمام ندمد في تعريف القدر‪ :‬القدر قدرة هلل‪ ،‬لن من قدرت ومن عمومدا بلا شك‪ ،‬وهو نيضا س ٌر هلل تعالى‬ ‫المكتوم الذي لا يعلم إلا هلل سبحان وتعالى‪ ،‬مكتوب في اللوح المحفوظ في الكتاب المكنون الذي لا ي ٌطلع علي‬ ‫ندد ونحن لا شعلم بما ق ٌدر هلل تعالى في مخلوقات نلا بعد وقوع ‪ ،‬نو بالخبرالصادق عن (‪.)6‬‬ ‫‪‌-1‬ابن‌ َت ْي ِم َّية‪‌،‬جامع‌الرسائل‪‌،‬ج‪3‬ص‪.16‬‬ ‫‪‌-2‬مجموع‌الفتاوى‪‌،‬ج‪3‬ص‪326‬‬ ‫‪‌-3‬جامع‌الرسائل‪‌،‬لابن‌ َت ْي ِم َّية‪‌،‬ج‪3‬ص‪15‬‬ ‫‪‌-4‬سورة‌يوسف‌الآية‌‪.‌91‬‬ ‫‪‌-5‬ال ُعثيمين‪‌،‬رسالة‌في‌القضاء‌والقدر‪‌،‬دار‌الوطن‪‌،‬السعودية‪3131‌،‬هـ‪‌،‬ص‪.6‬‬‫‪‌-6‬ال ُعثيمين‪‌،‬رسالة‌في‌القضاء‌والقدر‪‌،‬وانظر‪‌:‬أبو‌عبدالله‌عبيدالله‌بن‌محمد‌بن‌بطة‌العكبري‌الحنبلي‪‌،‬الإبانة‌عن‌شريعة‌‬‫الفرقة ‌الناجية ‌ومجانبة ‌الفرق ‌المذمومة‪‌ ،‬تحقيق‪.:‬عثمان ‌عبدالله ‌آدم ‌الأثيوبي‪‌ ،‬دار ‌الراية ‌– ‌الرياض‪‌ ،‬الطبعة ‌الثانية‪‌،‬‬ ‫‪3135‬هـ‪‌،‬ج‪3‬ص‪.‌363‬‬ ‫‪106‬‬

‫وقد فصل في هذ المسألة‪ ،‬وذكر آراء في تعريف القدر‪ ،‬في رسائل وفتاوي ‪ ،‬وكذلك في شرد للعقيدة‬‫السفارينية‪ ،‬وغيرها‪ ،‬وجامع قول في القضاء والقدر‪ ،‬ما يلي‪ :‬فإننا نقول‪ :‬إن فعل العبد فعل لمخلوق وهو مخلوق‬ ‫هذا الفعل(‪ )1‬ثم يسأل ال معثيمين سؤال ًا يجيب عن بنفس فيقول‪:‬‬ ‫فإذا كان مخلوق ًا‪ ،‬فدل مخِلق بإرادة هلل ن ْم مخِلق بغيرإرادة من ؟‬‫الجواب‪ :‬بإرادة من هلل‪ ،‬ما دام مخلوق ًا فإن هلل لا ميجبر ندد على ش يء‪ ،‬فلا يكون هذا الفعل إلا بإرادة‬ ‫ هلل عزوجل (‪.)2‬‬ ‫ويقسم العثيمين الناس في القدر إلى ثلاثة أقسام‪:‬‬ ‫‪ -‬الجبرية قالوا‪ :‬بإرادة هلل الممجبرة تجبرالإشسان على ن ْن يفعل‪.‬‬ ‫‪ -‬القدرية قالوا‪ :‬ليس بإرادة هلل إطلاق ًا والإشسان مستق ٌل بعمل ‪.‬‬ ‫‪ -‬أهل السنة قالوا‪ :‬نن بإرادة هلل غير ال ممجبرة‪ ،‬لن الإشسان يفعل الفعل باختيار ‪ ،‬ليس مم ْجب ًرا علي‬‫ولا فرق في هذا بين الطاعة والمعصية‪ ،‬فالطاعة التي تقع من العبد تقع بإرادة هلل‪ ،‬والمعصية التي تقع من العبد‬‫تقع بإرادة هلل‪ ،‬كما في اقتتال الكفار والمؤمنين‪ ،‬واق ٌع بإرادة هلل‪ ،‬في ش ي ٌء دلال بل واجب‪ ،‬وفي ش ي ٌء درام‪،‬‬‫الواجب‪ :‬قتال المؤمنين للكفار هذا واجب‪ ،‬والحرام‪ :‬قتال الكفار للمؤمنين‪ ،‬ومع ذلك نخبر هلل نن وقع بمهيئ ‪،‬‬‫ديث قال سبحان ‪( :‬ول ْو شاء الل م ما ا ْقتت ملوْا ولـ ِكن الل ي ْفع مل ما مي ِري مد)(‪ ،)3‬ثم إن ال معثيمين‪ ،‬يخلص من ذلك بقول ‪:‬‬ ‫\" إذن فالله مري ٌد للمعصية‪ ،‬كما نن مري ٌد للطاعة\"(‪.)4‬‬ ‫فإن قال قائل‪ :‬إن هلل مري ٌد للمعصية !!؟ نليست شرا ؟‬ ‫‪‌-1‬العثيمين‪‌،‬شرح‌العقيدة‌السفارينية‪‌،‬ص‪‌.‌353‬‬ ‫‪‌-2‬ال ُعثيمين‪‌،‬رسالة‌في‌القضاء‌والقدر‪‌‌،‬ص(‪‌،)9-6‬وانظر‪‌:‬ال ُعثيمين‪‌،‬شرح‌العقيدة‌السفارينية‪‌،‬ص‪.‌353‬‬ ‫‪‌-3‬سورة‌البقرة‪‌،‬الآية‌‪321‬‬ ‫‪‌-4‬ال ُعثيمين‪‌،‬شرح‌العقيدة‌السفارينية‪‌،‬ص‪399‬‬ ‫‪107‬‬

‫الجواب‪ :‬بلى‪ ،‬هي شر‪ ،‬لكن هلل تعالى قد يريد هذا الهر لمصلحة عظيمة‪ ،‬وبكون مصلحة‪ ،‬ينتفي عن ن ْن‬‫يكون ش ًرا محض ًا‪ ،‬فاله ُّر المحض ليس إلى هلل ولا يريد هلل‪ ،‬لكن هذ المعصية هي بنفسدا شر‪ ،‬لكن بما تؤدي‬ ‫إلي تكون خي ًرا(‪.)1‬‬ ‫ثم إن العثيمين يجمل الخير في المعاصي في خمسة نقاط وهي‪:‬‬ ‫‪ -1‬يتبين بها فضل الطاعة‪ ،‬لن لولا تقديرالمعصية ما مع ِرف فضل الطاعة ‪.‬‬‫‪ -2‬مي ْعر مف بها تمام قدرة هلل ودكمت ‪ ،‬ديث نراد الطاعة التي فيها الخير ونراد المعصية‪ ،‬وهذا من‬ ‫ال ِحكم التي يتبين بها قدرة هلل عزوجل على الجمع بين النقيضين‪ ،‬بين الطاعة والمعصية (‪.)2‬‬‫‪ -3‬قيام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر‪ ،‬إ ْذ لولا المعصية ما كان هناك منكر يحتاج إلى النهي عن ‪،‬‬ ‫ولم مي ْعر ْف المعروف دتى مي ْؤم ْرب (‪.)3‬‬‫‪ -4‬إقامة الجداد‪ ،‬إذا كانت المعصية كف ًرا‪ ،‬فإن المسلمين يجب عليهم مجاهدة الكفار‪ ،‬دتى تكون‬ ‫كلمة هلل هي العليا‪ ،‬إما بإسلامدم‪ ،‬وإما بإخضاعدم لدكام الإسلام وبذل الجزية ‪.‬‬‫‪ -5‬المعصية يكون فيها نديان ًا خيرللعاص ي‪ ،‬وذلك نن ينتب إذا رنى آثارها‪ ،‬فيقلع عن المعصية ويزداد‬ ‫عمل ًا صالح ًا ‪ ،‬ويكون بعد المعصية خي ًرا من قبل المعصية (‪.)4‬‬‫ولم يكت ِف بإيراد الخيرية في إرادة المعاص ي فيما يتعلق بقدرة هلل جل وعلا ودكمت ‪ ،‬بل اشترط شروط ًا‬ ‫يجب نن تتوافرلليمان بالقدر‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫‪ -‬المرتبة الأولى‪ :‬نن تؤمن بأن هلل عليم بكل ش يء ‪.‬‬ ‫‪‌-1‬العثيمين‪‌،‬المرجع‌السابق‪‌،‬ص‪.‌351‬‬ ‫‪‌-2‬العثيمين‪‌،‬المرجع‌السابق‪‌،‬ص‪.353‬‬ ‫‪‌-3‬العثيمين‪‌،‬المرجع‌السابق‪‌،‬ص‪.353‬‬ ‫‪‌-4‬ال ُعثيمين‪‌،‬شرح‌العقيدة‌السفارينية‪‌،‬ص‪.353‬‬ ‫‪108‬‬

‫‪ -‬المرتبة الثانية‪ :‬نن تؤمن بأن هلل تعالى كتب مقادير كل ش يء إلى قيام الساعة‪ ،‬كتب قبل خلق‬ ‫السماوات والأرض بخمسين نلف سنة‪ ،‬كل ش يء كائن فإن مكتوب‪ ،‬قد انتهى من ‪ ،‬جفت الأقلام وطويت‬ ‫الصحف‪ ،‬فما نصابك لم يكن ليخطئك‪ ،‬وما نخطأك لم يكن ليصيبك‪ ،‬فإن نصابك ش يء لا تقل لو فعلت كذا ما‬ ‫نصابني‪ ،‬لن هذا ش يء منت مكتوب‪ ،‬لابد نن يقع كما كتب سبحان فلا مفر من مدما عملت فالمر سيكون على‬ ‫ما وقع لا يتغير نبدا لن هذا نمر قد كتب فإن قال قائل نلم يكن قد جاء في الحديث‪\" :‬من ندب نن يبسط ل في‬ ‫رزق وينسأ ل في نثر فليصل ردم \"(‪ ،)1‬فالجواب بلى قد جاء هذا‪ ،‬ولكن الإشسان الذي بسط ل في رزق وشس ئ‬ ‫ل في نثر من نجل الصلة‪ ،‬قد كتب ذلك ل ‪ ،‬كتب نن سيصل ردم ‪ ،‬ونن سيبسط ل في ال ِرزق‪ ،‬ونن سينسأ ل‬ ‫في الأثر‪ ،‬لابد نن يكون الأمرهكذا‪ ،‬ولكن الرسول‪ -‬علي الصلاة والسلام‪ -‬قال من ندب(‪..)2‬‬ ‫المرتبة الثالثة‪ :‬نن تؤمن بأن كل ش يء بمهيئة هلل‪ ،‬لا يخرج عن مهيئت ش يء‪ ،‬ولا يفرق بين نن يكون‬ ‫هذا الواقع مما يختص هلل ب ‪ ،‬كإنزال المطر‪ ،‬وإدياء الموتى‪ ،‬وما نشب ذلك‪ ،‬نو مما يعمل الخلق‪ ،‬كالصلاة‪،‬‬ ‫والصيام‪ ،‬وما نشبهدا‪ ،‬فكل هذا بمهيئة هلل‪ ،‬قال هلل تعالى‪ِ ( :‬لمن شاء ِمن مك ْم نن ي ْست ِقيم وما تها مؤون ِإلا نن يهاء‬ ‫الل م ر ُّب ا ْلعالِمين)(‪ ،)3‬وقال هلل‪( :‬ول ْو شاء هل مل ما ا ْقتتل ال ِذين ِمن ب ْع ِد ِهم ِمن ب ْع ِد ما جاء ْتمه مم ا ْلب ِينا مت ول ِك ِن ا ْختل مفوا‬ ‫ف ِم ْنمهم م ْن آمن و ِم ْنمهم من كفرول ْو شاء هل مل ما ا ْقتت ملوا ول ِكن هلل ي ْفع مل ما مي ِري مد)(‪. . )4‬‬ ‫المرتبة الرابعة‪ :‬الإيمان بأن كل ش يء مخلوق لله‪ ،‬لقول هلل تبارك وتعالى‪( :‬الل م خاِل مق مك ِل ش ْيء و مهو على‬ ‫مك ِل ش ْيء و ِكي ٌل)(‪ ،)5‬وقال تعالى‪( :‬وخلق مكل ش ْيء فقدرم ت ْق ِدي ًرا)(‪ ،)6‬فكل ش يء واقع فإن مخلوق لله عز وجل‪،‬‬ ‫الإشسان مخلوق لله‪ ،‬وعمل مخلوق لله‪ ،‬قال هلل عن إبراهيم علي السلام وهو خاطب قوم ‪ ،‬كما نخبر ال عن ‪:‬‬ ‫(والل م خلق مك ْم وما ت ْعم ملون)(‪ ،)7‬ففعل العبد مخلوق لله‪ ،‬لكن المباشر للفعل هو العبد‪ ،‬وليس هلل‪ ،‬لكن هلل هو‬‫‪‌-‬صحيح‌البخاري‪‌،‬باب‌من‌يبسط‌له‌في‌رزقه‌بصلة‌الرحم‪‌،‬من‌حديث‌أنس‌بن‌مالك‌رضي‌الله‌عنه‪‌،‬حديث‌رقم‪‌،2239/‬‬‫صحيح‌مسلم‪‌‌،‬باب‌صة‌الرحم‌وتحريم‌قطيعتها‪‌،‬وهو‌من‌رواية‌أنس‌بن‌مالك‌رضي‌الله‌عنه‪‌،‬أيضاً‪‌،‬حديث‌رقم‪‌،1619/‬‬‫وفي ‌السنن ‌الكيرى ‌للبيهقي‪‌ ،‬ج‪9‬ص‪‌ ،39‬وفي ‌شعب ‌الإيمان ‌للبيهقي‪‌ ،‬وهو ‌عن ‌أنس ‌بن ‌مالك ‌أيضاً‪‌ ،‬حديث ‌رقم‪‌،9931/‬‬ ‫صحيح‌ابن‌حبان‪‌،‬باب‌صلة‌الرحم‌وقطعها‪‌،‬حديث‌رقم‪.‌111/‬‬ ‫‪‌-2‬محمد‌بن‌صالح‌ال ُعثيمين‪‌،‬شرح‌رياض‌ال َّصا ِلحين‪‌،‬دار‌العنان‌القاهرة‪‌،‬الطبعة‌الأولى‪3113‌،‬م‪‌،‬ج‪3‬ص‪.‌323‬‬ ‫‪‌-3‬سورة‌التكوير‌الآية‌(‪.‌)39-35‬‬ ‫‪‌-4‬سورة‌البقرة‌الآية‌‪.‌321‬‬ ‫‪‌-5‬سورة‌ازمر‌الآية‌‪.‌63‬‬ ‫‪-6‬ة‌سورة‌الفرقان‪‌،‬الآية‌‪.‌3‬‬ ‫‪‌-7‬سورة‌الصافات‌الآية‌‪.‌69‬‬ ‫‪109‬‬

‫الذي خلق هذا الفعل‪ ،‬ففعل العب مد‪ ،‬فدو منسوب لله خلقا‪ ،‬ومنسوب إلى العبد كسب ًا‪ ،‬وفعل ًا‪ ،‬فكل ش يء مما‬ ‫يحدث‪ ،‬فإن مخلوق لله عز وجل‪ ،‬لكن ما كان من صفات هلل‪ ،‬فليس بمخلوق‪ ،‬فالقرآن مثلا ننزل هلل على‬ ‫محمد‪ -‬صلى هلل علي وسلم‪ -‬لكن ليس بمخلوق‪ ،‬لن القرآن كلام هلل‪ ،‬وكلام هلل صفة من صفات سبحان ‪،‬‬ ‫ليست بمخلوقة (‪. )1‬‬ ‫المطلب الحادي عشر‪ :‬الاستثناء في الإيمان‪:‬‬ ‫معلو ٌم نن مسألة الاستثناء في الإيمان‪ ،‬بقول المؤمن‪( :‬ننا مؤمن إن شاء هلل)‪ ،‬مسألة خلافية‪ ،‬شغلت بال‬ ‫العلماء قديم ًا دديث ًا‪ ،‬فقد اختلف العلماء من السلف وغيرهم‪ ،‬في إطلاق الإشسان قول ‪( :‬ننا مؤمن) فمن العلماء‬ ‫من قال‪ :‬لا يقول ننا مؤمن مقتصرا علي ‪ ،‬بل يقول‪ :‬ننا مؤمن إن شاء هلل‪ ،‬و مدكي هذا المذهب بعض عن‬ ‫الهافعية‪ ،‬وعن بعض المتكلمين‪ ،‬وذهب آخرون‪ -‬وهم الجمدور‪ -‬إلى جواز الإطلاق‪ ،‬ونن لا يقول‪( :‬إن شاء هلل)‪،‬‬ ‫وهذا هو المختار‪ ،‬وقول نهل التحقيق(‪.)2‬‬ ‫ويذكر النووي نن الإمام الأوزاعي ذهب إلى جواز الأمرين‪ ،‬لكن النووي لا يرى بأس ًا بكلا الأمرين‪ ،‬فالكل‬ ‫صحيح عند وذلك نن قال إذا نظرنا إلى اعتبارات مختلفة‪ ،‬ويجمدا النووي في اعتبارين‪:‬‬ ‫‪ -7‬من نطلق‪\" ،‬يعني من لم يستثن ويقول ننا مؤمن إن شاء هلل‪ ،‬بل قالدا بالإطلاق‪ ،‬بإطلاق الإ‘يمان\"‬ ‫نظرإلى الحال‪ ،‬وندكام الإيمان جارية علي في الحال ‪.‬‬ ‫‪ -9‬ومن قال‪ :‬إن شاء هلل فقالوا في ‪ :‬هو إما للتبرك‪ ،‬وإما لاعتبارالعاقبة وما قدر هلل تعالى‪ ،‬فلا يدري‬ ‫نيثبت على الإيمان نم يصرف عن ‪ ،‬والقول بالتخيير دسن صحيح‪ ،‬نظرا إلى مأخذ القولين الأولين‪ ،‬ورفعا لحقيقة‬ ‫الخلاف (‪. )3‬‬ ‫وشبهة القائلين بأن لا يستثنى في الإيمان‪ ،‬نن الاستثناء يفدم من معنى الهك‪ ،‬فدو عندهم‪ -‬ني الإيمان‪-‬‬ ‫لا يزيد ولا ينقص‪ ،‬لن النقص عند من لا يرا يؤدي إلى الهك‪ ،‬والهك كفر‪ ،‬وقد قال بهذا نبو دنيفة ونصحاب ‪.‬‬ ‫‪‌-1‬ابن‌ال ُعثيمين‪‌،‬شرح‌رياض‌ال َّصالِحين‪‌،‬ج‪3‬ص‪.‌321‬‬‫‪‌-2‬النووي‌على‌شرح‌مسلم‪‌،‬ج‪3‬ص‪‌،331‬وفي‌هذا‌دليل‌على‌أن‌النووي‪‌،‬وجمهور‌من‌الشافعية‌يميلون‌إلى‌عدم‌ترجيح‌‬ ‫الاستثناء‌في‌الإيمان‪‌،‬وهذا‌ما‌أشار‌إليه‌بقوله‪‌\":‬وهو‌المختار‌وقول‌أهل‌التحقيق\"‌‪.‬‬ ‫‪‌-3‬النووي‌على‌شرح‌مسلم‪‌،‬ج‪3‬ص‪.‌319‬‬ ‫‪110‬‬

‫وقال نبو الحسين محمد الفراء يستثنى في الإيمان‪ ،‬ولا يكون الاستثناء شك ًا إنما هي سنة ماضية عند‬ ‫العلماء‪ ،‬فإذا سئل الرجل‪ :‬نمؤمن ننت؟ فإن يقول‪ :‬ننا مؤمن إن شاء هلل‪ ،‬نو مؤمن نرجو ويقول آمنت بالله‬ ‫وملائكت وكتب ورسل \" (‪.)1‬‬ ‫وينقل ابن ت ْي ِمية القول عن الإمام ندمد بالاستثناء‪ ،‬وذلك عند قول تعالى‪( :‬وِإن مت ِطي معو م تْهت مدوا وما على‬ ‫الر مسو ِل ِإلا ا ْلبلا مغ ا ْلمم ِبي من)(‪ ،)2‬قال ابن تيمية‪ :‬وهذ الآية مما ادتج بها ندمد بن دنبل وغير على نن يستثنى في‬ ‫الإيمان دون الإسلام‪ ،‬ونن نصحاب الكبائر يخرجون من الإيمان إلى الإسلام‪ ،‬قال الميموشي‪ :‬سألت ندمد بن دنبل‬ ‫عن رني في‪ :‬ننا مؤمن إن شاء هلل؟ فقال‪ :‬نقول‪ :‬مؤمن إن شاء هلل‪ ،‬ونقول‪ :‬مسلم ولا نستثني قال‪ :‬قلت لدمد‪:‬‬ ‫تفرق بين الإسلام والإيمان؟ فقال لي‪ :‬شعم فقلت ل ‪ :‬بأي ش يء تحتج؟ قال لي‪( :‬قال ِت ا ْلأ ْعرا مب آمنا مقل ل ْم مت ْؤ ِم منوا‬ ‫ول ِكن مقوملوا ن ْسل ْمنا ولما ي ْد مخ ِل ا ْلِإيما من ِفي مق ملوِب مك ْم)(‪. )4( ،)3‬‬ ‫العثيمين والاستثناء في الإيمان‪:‬‬ ‫يرى ال معثيمين نن الاستثناء في الإيمان جائ ٌز‪ ،‬وقد نشار إلى ذلك وفصل القول في شرد على عقيدة‬ ‫السفاريني‪ ،‬فقال‪ :‬والاستثناء في الإيمان‪ :‬نن يعلق بالمهيئة فيقول‪( :‬ننا مؤمن إن شاء هلل)‪ ،‬فنحن شستثني في‬ ‫الإيمان‪ ،‬ونرى نن جائز‪ ،‬بل نف ِصل في ذلك‪ ،‬وذهب بعض العلماء‪ :‬إلى نن الاستثناء في الإيمان درام‪ ،‬قالوا‪ :‬لن‬ ‫ينبئ عن شك‪ ،‬فإذا قلت ننا مؤمن – إن شاء هلل‪ -‬كأنك شاك في الموضوع‪ ،‬فيكون الاستثناء درام ًا‪ ،‬لنك شككت‬ ‫هل ننت مؤمن نو غير مؤمن‪ ،‬وقال بعض العلماء‪ :‬بل الاستثناء واجب يجب‪ ،‬لن إذا قلت‪ :‬ننا مؤمن‪ ،‬ولم تقل إن‬ ‫شاء هلل‪ ،‬فإنك تكون قد زكيت نفسك‪ -‬وشددت لدا بأنك قمت بكل الواجبات‪ -‬وتزكية النفس درام‪ ،‬بدليل قول‬ ‫تعالى‪ (:‬فلا متزُّكوا نن مفس مك ْم مهو ن ْعل مم ِبم ِن اتقى)(‪.)5‬‬‫‪‌-1‬أبو‌الحسين‌محمد‌بن‌القاضي‌أبي‌يعلى‌الفراء‌الحنبلي‪‌،‬الاعتقاد‪‌،‬تحقيق‪‌:‬محمد‌بن‌عبد‌الرحمن‌الخميس‪‌،‬دار‌الأطلس‌‬ ‫الخضراء‌للنشر‪‌،‬الرياض‪‌،‬السعودية‪3113‌،‬م‪‌،‬ص‪.‌31‬‬ ‫‪‌-2‬سورة‌النور‌الآية‌‪.‌21‬‬ ‫‪‌-3‬سورة‌الحجرات‌الآية‌‪.‌31‬‬‫‪-4‬انظر‌مجموع‌الفتاوى‪‌،‬شيخ‌الإسلام‌ابن‌ َت ْي ِم َّية‪‌،‬باب‌لا‌يستلزم‌في‌الإيمان‌النطق‪‌،‬ج‪9‬ص‪‌،321‬وباب‌أقوال‌الإمام‌أحمد‌‬ ‫عن‌الإسلام‪‌،‬ج‪9‬ص‪.‌193‬‬ ‫‪‌-5‬سورة‌النجم‌الآية‌‪13‬‬ ‫‪111‬‬

‫وعلى هذا فيجب نن تقول‪ :‬ننا مؤمن إن شاء‪ ،‬هلل لن لا تزكي‪ ،‬ولنك لا تدري فلعلك الآن مؤمن ثم‬ ‫تكفر؟‪ ،‬لا تدري!! والإيمان النافع هو الذي يوافي ب الإشسان رب ‪ ،‬ويكون في آخرالحياة ‪.‬‬ ‫ويرى ال معثيمين نن الصحيح في مسألة الاستثناء تقسيم إلى ثلاثة نقسام‪:‬‬ ‫(واجب‪ ،‬ومحرم‪ ،‬وجائز)(‪. )1‬‬ ‫الأول‪ :‬إذا كان الإشسان مستثني ًا خوف ًا من تزكية النفس‪ ،‬فدذا استثناء واجب‪.‬‬ ‫الثاني‪ :‬إذا عرف نن إذا قال‪( :‬إن شاء هلل) معنا ‪ :‬التردد‪ ،‬فإذا كان الحامل للاستثناء في الإيمان الهك‬ ‫والتردد‪ ،‬فإن يكون كف ًرا‪ ،‬لوجوب الجزم بالإيمان‪ ،‬وهو ما نشار إلي ال معثيمين في شرد على متن السفاريني بقول ‪:‬‬ ‫فقول المؤلف‪ -‬ردم هلل‪ -‬في منظومت ‪:‬‬ ‫ونحن في إيماننا شستثني**من غيرشك فاستمع واستبن (‪.)2‬‬ ‫فإن كان ِلهك فدو درام‪ ،‬بل كفر(‪.)3‬‬ ‫الثالث‪ :‬إذا كان الاستثناء للتعليل ني ننا مؤمن بمهيئة هلل فدذا جائز لن هذا هو الحقيقة‪ ،‬والدليل‬ ‫على ذلك‪ :‬قول تعال‪( :‬لت ْد مخ ملن ا ْلم ْس ِجد ا ْلحرام ِإن شاء الل م آ ِم ِنين ممحِل ِقين مرمؤوس مك ْم و ممق ِص ِرين لا تخا مفون)(‪،)4‬‬ ‫فالتعليق هنا ليس للتردد لن هلل غيرمتردد وإنما هو لبيان العلة وهو نن دخولكم بمهيئة هلل‪ ،‬ومن ذلك قول زائر‬ ‫القبور‪( :‬وإنا إن شاء هلل بكم لادقون)(‪ ،)5‬فإن الإشسان لا يهك بأن سيلحق بالموات‪ ،‬لكن نتى بالمهيئة بيان ًا‬ ‫للتعليل‪ ،‬ني نن لحوقنا بكم يكون بمهيئة هلل تعالى (‪.)1‬‬ ‫‪‌-1‬ال ُعثيمين‪‌،‬شرح‌العقيد‌السفارينية‪‌،‬ص‪.‌192‬‬‫‪‌-2‬محمد‌بن‌أحمد‌سالم‌السفاريني‪‌،‬حاشية‌الدرة‌المضية‌في‌عقد‌الفرقة‌المرضية‪‌،‬المكتبة‌المدنية‪‌،‬السعودية‪31951‌،‬هـ‪‌،‬‬ ‫ص‪‌13‬‬ ‫‪‌-3‬ال ُعثيمين‪‌،‬شرح‌العقيد‌السفارينية‪‌،‬ص‪.‌199‬‬ ‫‪‌-4‬سورة‌الفتح‌الآية‌‪39‬‬‫‪‌ -5‬موطأ ‌مالك‪‌ ،‬باب ‌جامع ‌الوضوء‪‌ ،‬حديث ‌رقم‪‌ ،21/‬وهو ‌عن ‌أبي ‌عن ‌أبي ‌هريرة‪‌ ،‬أن ‌رسول ‌الله ‌صلى ‌الله ‌عليه ‌وسلم‌‬‫خرج ‌إلى ‌المقبرة ‌فقال ‌السلام ‌عليكم ‌دار ‌قوم ‌مؤمنين ‌وإنا ‌إن ‌شاء ‌الله ‌بكم ‌لاحقون ‌وددت ‌أني ‌قد ‌رأيت ‌إخواننا ‌فقالوا ‌يا‌‬‫رسول ‌الله ‌ألسنا ‌بإخوانك ‌قال ‌بل ‌أنتم ‌أصحابي ‌وإخواننا ‌الذين ‌لم ‌يأتوا ‌بعد ‌وأنا ‌فرطهم ‌على ‌الحوض ‌فقالوا ‌يا ‌رسول ‌الله‌‬‫كيف‌تعرف‌من‌يأتي‌بعدك‌من‌أمتك‌قال‌أرأيت‌لو‌كان‌لرجل‌خيل‌غر‌محجلة‌في‌خيل‌دهم‌بهم‌ألا‌يعرف‌خيله‌قالوا‌بلى‌‬ ‫‪112‬‬

‫خلاصة‪:‬‬ ‫إن المذهب السلفي‪ ،‬منذ تأسيس كان فدم لدذا التوديد مؤصل ًا ومحكم ًا‪ ،‬ديث كان معولدم على ما‬ ‫ورد عن الأسلاف الأولين‪ ،‬والأئمة المدديين الذين اقتفوا نثر رسول هلل‪ -‬صلى هلل علي وسلم‪ -‬ونصحاب ‪ -‬رضوان‬ ‫ هلل عليهم‪ -‬ولم تتغير هذ المفاهيم‪ ،‬غير نن هذ الأصول‪ ،‬من ِظمت و مق ِعدت‪ ،‬ديث صارت قوانين ومسلمات‬ ‫يقيسون بها‪ -‬كما يقولون‪ -‬العقيدة الصحيحة من العقيدة الفاسدة‪ ،‬وعقيدة السلفيين‪ ،‬من عقيدة المحدثين‬ ‫المتكلمين‪ ،‬ويمكن نن نجمل هذ القوانين والأصول فيما يلي‪:‬‬ ‫‪ -7‬العقيدة السلفية‪ ،‬هي المعتقد الذي يبقي ال ُّن مصوص على ظاهرها‪ ،‬ويثبت د ِقيقتها‪ ،‬ويؤمن ب على‬ ‫دقيقت ‪ ،‬من دون الدخول في الكيفية ‪.‬‬ ‫‪ -9‬العقيدة السلفية‪ ،‬هي التي يفوض نصحابها في علم الكيفية لله ودد ‪.‬‬ ‫‪ -4‬يقول نرباب هذ العقيدة‪ ،‬لله يد‪ ،‬ولله وج ‪ ،‬و هلل ينزل إلى السماء الدنيا‪ ،...‬مثل هذ النصوص‬ ‫ونظائرها‪ ،‬لا يقصدون ب الته ِبي ‪ ،‬ولا يعنون ب التمثيل‪ ،‬ويبتعدون عن القول بالتج ِسيم ‪.‬‬ ‫‪ -3‬السلف ُّيون يقولون بإعمال نداديث الآداد التي ثبتت صحتها في باب العقائد‪.‬‬ ‫‪ -5‬مي ِمـ ُّر السلفيون الصفات كما هي‪ ،‬ويقيدون فدمدم لآيات ونداديث ال ِصفات‪ ،‬بقولدم‪\" :‬من غير‬ ‫تكييف ولا تمثيل‪ ،‬ولا تهبي ولا تعطيل\"‪.‬‬ ‫وللمذهب الأ ْشع ِري نيدلوجيت الخاصة التي يتمي مز بها عن المذهب السلفي‪ ،‬وقد تطور في الأزمنة الماضية‬ ‫على نيدي الآباء المؤسسين‪ ،‬كالباقلاشي‪ ،‬والجويني‪ ،‬والغزالي‪ ،‬والرازي‪ ،‬وغيرهم‪ ،‬وفي تاريخنا المعاصر ل سمات‬ ‫الخاصة التي نظر لدا علماء كبار‪ ،‬من نمثال‪ :‬الإمام محمد نبوزهرة‪ ،‬والهيخ العلامة محمد الغزالي‪ ،‬والعلامة‬‫يا‌رسول‌الله‌قال‌فأ َّنهم‌يأتون‌يوم‌القيامة‌غرا‌محجلين‌من‌الوضوء‌وأنا‌فرطهم‌على‌الحوض‌فلا‌يذادن‌رجال‌عن‌حوضي‌‬‫كما‌يذاد‌البعير‌الضال‌أناديهم‪‌:‬ألا‌هلم‪‌،‬ألا‌هلم‪‌،‬ألا‌هلم‪‌،‬فيقال‌أ َّنهم‌قد‌بدلوا‌بعدك‌فأقول‪‌:‬فسحقا‌فسحقا‌فسحقا)‪‌،‬ومسلم‪‌،‬‬‫باب‌استحباب‌إطالة‌الغرة‌والتحجيل‪‌،‬حديث‌رقم‪‌،169/‬وسنن‌النسائي‪‌،‬باب‌حلية‌الوضوء‪‌،‬حديث‌رقم‪‌،321/‬مسند‌الإمام‌‬‫أحمد‪‌ ،‬مسند ‌أبي ‌هريرة‪‌ ،‬حديث ‌رقم‪‌ ،9623‌ /‬وحديث ‌رقم‪‌ ،5931/‬شعب ‌الإيمان ‌للبيهقي‪‌ ،‬باب ‌يأتون ‌غراً ‌محجلين ‌من‌‬ ‫الوضوء‪‌،‬حديث‌رقم‪‌،3632/‬صحيح‌ابن‌حبان‪‌،‬باب‌فضل‌الوضوء‪‌،‬حديث‌رقم‪3123/‬‬ ‫‪‌-1‬ال ُ‌عثيمين‪‌،‬شرح‌العقيدة‌السفارينية‪‌،‬ص‪196‬‬ ‫‪113‬‬

‫الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي‪ ،‬وغيرهم‪ ،‬وسيكون الفصل القادم بيان ًا ليدلوجية المذهب الأ ْشع ِري‬ ‫ومفدوم ‪ ،‬متبعين في ذلك نفس المنهجية التي اتبعناها في الفصل السابق‪ ،‬وهو كما يلي‪:‬‬ ‫‪114‬‬

‫الفصل الثالث‬ ‫ْ‬‫دراسة للمذهب الأشعرِي وتطوره‬ ‫‪115‬‬

‫الفصل الثالث‬ ‫دراسة للمذهب الأْعشع يري وتطوره‬‫يعتبر كثي ٌر من البادثين والمدتمين بدراسة المذاهب الإسلامية على مر التاريخ نن المذهب الأ ْشع ِري هو ندد‬‫المذاهب السنية‪ ،‬بل ويذهب بعضدم إلى جعل نصل مذاهب نهل السنة والجماعة‪ ،‬ويقولون بأن العقيدة‬‫الأ ْشع ِرية هي العقيدة التي صمدت في وج تيارات المتكلمين من الفرق الضالة التي نثارت الهبهات دول العقيدة‬‫الإسلامية‪ ،‬وصارت تعبث بمسائل الإيمان‪ ،‬على نمط فلسفي فكري‪ ،‬بمعزل عن الاهتداء بالنصوص‪ ،‬واعتماد‬‫قاصر على العقل‪ ،‬فتصدى لدا علماء السنة من المتكلمين‪ ،‬الذين اصطلح على تسميتهم بالشا ِعرة‪ ،‬وذلك شسب ًة‬‫إلى إمامدم‪ ،‬إمام المتكلمين في زمان ‪ ،‬الإمام نبي الحسن الأ ْشع ِري‪ ،‬كذلك فإن للأشاعرة وللمذهب الأ ْشع ِري فضل‬‫لا ينكر في تبيين ضلال هذ الفرق الزائغة‪ ،‬والرد عليهم بالحجة التي يفدمونها‪ ،‬وبيان نن العقل والدين يلتقيان‬ ‫ويجتمعان‪ ،‬فالدين الإسلامي دين العقل والفطرة السليمة ‪.‬‬‫ولذلك يقول الإمام الباقلاشي‪ ،‬وهو من تلامذة الأ ْشع ِري‪ ،‬ومن المؤسسين الأوائل لمذهب ‪ ،‬ردا على الذين‬‫يتأولون النصوص في مسائل الإيمان‪ ،‬خلاف ًا لما في الكتاب والسنة‪ ،‬وما نجمع علي علماء الأمة‪ ،‬ويحملونها على غير‬‫المعنى المراد‪ ،‬من نمثال هؤلاء الزنادقة \"إن الكتاب والسنة ليس فيهما اضطراب‪ ،‬ولا اختلاف‪ ،‬وإنما الاضطراب‬ ‫والاختلاف في فدم من سمع ذلك‪ ،‬وليس ل فدم صحيح‪ ،‬شعوذ بالله من ذلك\"(‪.)1‬‬‫وسعي ًا منا لدراسة المذهب الأ ْشع ِري وعقيدت ‪ ،‬سنتناول آراء الأشا ِعرة تتبع ًا وتلقف ًا من كتبهم‪ ،‬وكتب‬‫العلماء الذين عاصروهم‪ ،‬دراس ًة للمنهج الأ ْشع ِري القديم‪ ،‬ومن ثم مقارنة هذا المنهج بما علي نشاعرة هذا‬‫الزمان‪ ،‬وذلك لمعرفة ما علي الأشا ِعرة اليوم‪ ،‬ومدى موافقتهم لسلافدم منهج ًا وسلوكًا‪ ،‬وسنرِكـز على الإمام الفخر‬ ‫الرازي‪ ،‬وذلك بذكرآرائ التي خالف فيها (نهل السنة منهج نصحاب الحديث)‪.‬‬ ‫‪‌-1‬الباق َّلاني‪‌،‬الإنصاف‪‌،‬ص‪‌.21‬‬ ‫‪116‬‬

‫لن الإمام الفخر الرازي ميع ُّد من كبار علماء الأشا ِعرة المتقدمين‪ ،‬ديث عاش في القرن السادس الهجري‪،‬‬ ‫فقد ولد في مدينة الري سنة (‪533‬هـ الموافق ‪1149‬م )‪ ،‬وتوفي في مدينة هراة سنة (‪616‬هـ‪ ،‬الموافق ‪1209‬م)(‪،)1‬‬ ‫ويعتبربعض المعاصرين‪ ،‬نن الرازي من الذين دافظوا على الأصول‪ ،‬مع قبول لبعض مسلمات الفلاسفة‪ ،‬وجعلدا‬ ‫من منطلقات ونصول الكلامية بوج عام‪ ،‬ومن منطلقات وندبيات الأشا ِعرة بهكل خاص‪ ،‬والتبست فيها مسائل‬ ‫الفلسفة بمسائل الكلام‪ ،‬بحيث لا يتمي مز ندد من الفنين عن الآخر(‪.)2‬‬ ‫وسنذكر آراء الإمام الفخر الرازي العقائدية‪ ،‬ثم نقارنها بآراء العلماء الأشا ِعرة المعاصرين‪ ،‬لن الرازي‬ ‫يعتبر من المقعدين الأوائل لمذهب الأشا ِعرة‪ ،‬وكذلك لن من نكثر قدماء الأشاعرة ر مسوخ ًا ودفاع ًا عن آرائ ‪ ،‬ويتميز‬ ‫بتنوع تفسيرات وكثرتها في مسائل العقيدة‪ ،‬وسنتخذ من ال مبوطي وآرائ مثال ًا على الأشاعرة المعاصرين‪ ،‬لن يعتبر‬ ‫من نبرزهم رنيا‪ ،‬ونكثرهم شدرة ووضودا وعمقا في التفكير والأسلوب‪ ،‬ولتميز بالرد على مخالفي من السلفيين‬ ‫المعاصرين‪ ،‬وذلك من خلال مؤلفات مثل كتاب ‪( :‬السلفية فترة زمنية مباركة لا مذهب إسلامي)‪ ،‬ونيضا كتاب‬ ‫(كبرى اليقينيات الكونية)‪ ،‬الذي ذهب في إلى تأويل الصفات كالاستواء واليد وغيرها ‪.‬‬ ‫وستكون دراستنا هذ على نحو من المنهج الذي اتبعنا في دراسة المنهج السلفي‪ ،‬وذلك بذكر آراء الرازي‬ ‫من كتب الرازي نفس ‪ ،‬وسن ْستطلع آراء البوطي من مؤلفات وكتب ‪ ،‬وكذلك ما عثرنا علي من مخطب ولقاءات‬ ‫ودوارات متلفزة وغيرها‪ ،‬جمعت نقوال في مسائل الاعتقاد وغيرها‪ ،‬وذلك ِل ِع ْلمنا نن الوصول إلى الحقيقة إنما‬ ‫يكون بذكر آراء العاِلم من كتب ومؤلفات ‪ ،‬وليس مما ينسب إلي خصوم ومخالفو ‪ ،‬ولتوضيح ذلك سنناقش‬ ‫هذ الآراء من خلال المبادث الآتية‪:‬‬‫‪‌-1‬هو‪‌:‬محمد‌بن‌عمر‌بن‌الحسن‌بن‌الحسين‌التيمي‌البكري‪‌،‬أبو‌عبد‌الله‪‌،‬فخر‌الدين‌الرازي‪‌:‬الإمام‌المفسر‪‌،‬وهو‌قرشي‌‬‫النسب‪‌ ،‬أصله ‌من ‌طبرستان‪‌ ،‬ومولده ‌في ‌ال ِّري ‌وإليها ‌نسبته‪‌ ،‬ويقال ‌له ‌(ابن ‌خطيب ‌ال ِّري)‌رحل ‌إلى‌خوارزم‌وما‌وراء‌‬‫النهر ‌وخراسان‪‌ ،‬وتوفي ‌في ‌هراة‪‌ ،‬أقبل ‌الناس ‌على ‌كتبه ‌في ‌حياته ‌يتدارسونها‪‌ ،‬وكان ‌يحسن ‌الفارسية‪‌ ،‬قال ‌السبكي ‌في‌‬‫ترجمته‪\"‌ :‬بحر ‌ليس ‌للبحر ‌ما ‌عنده ‌من ‌الجواهر‪‌ ،‬وحبر ‌سما ‌على ‌السماء‪‌ ،‬وأين ‌للسماء ‌مثل ‌ما ‌له ‌من ‌الزواهر‪‌ ،‬وروضة‌‬‫علم ‌تستقل ‌الرياض ‌نفسها ‌أن ‌تحاكي ‌ما ‌لديه ‌من ‌الأزاهر\" ‌من ‌تصانيفه ‌(مفاتيح ‌الغيب) ‌ثماني ‌وعشرين ‌مجلد‌اً ‌في ‌تفسير‌‬‫القرآن ‌الكريم‪‌ ،‬و(لوامع ‌البينات ‌في ‌شرح ‌أسماء ‌الله ‌تعالى ‌وال ِّص َفات) ‌و(معالم ‌أصول ‌الدين) ‌و(محصل ‌أفكار ‌المتقدمين‌‬‫والمتأخرين ‌من ‌العلماء ‌والحكماء ‌والمتكلمين)‪‌ ،‬وله ‌شعر ‌بالعربية ‌والفارسية‪‌ ،‬وكان ‌واعظا ‌بارعا ‌باللغتين‪(‌ ،‬ولد ‌سنة‌‬‫‪211‬هـ‪‌ ،‬وتوفي ‌سنة ‌ ‌‪616‬هـ)‪‌ ،‬انظر‪‌ :‬لسان ‌الميزان‪‌ ،‬ج‪‌ 1‬ص‪‌ ،136‬ومختصر ‌تاريخ ‌الدول‪‌ ،‬ص‪‌ 391‌ 135‬والبداية‌‬ ‫والنهاية‌ج‪‌31‬ص‪‌،22‬وطبقات‌الشافعيةج‪‌2‬ص‪‌11‬وانظر‪:‬الأعلام‌للزركلي‪‌،‬ج‪6‬ص‪.‌136‬‬‫‪‌-2‬محمد‌العريبي‪‌،‬المنطلقات‌الفكرية‌عند‌الامام‌الفخر‌الرازي‪‌،‬دار‌الفكر‌اللبناني‪‌،‬بيروت‪‌،‬الطبعة‌الاولى‌‪3993‬م‪‌،‬ص‪‌6‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪117‬‬

‫المبحث الأول‪ :‬المنهج الأْعشع يري نشأته وخلفياته الإيدلوجية‪:‬‬ ‫لقد كان تأسيس هذا المذهب على يد الإمام المؤسس الأول‪ ،‬نبو الحسن الأ ْشع ِري‪ ،‬وقد سبقت الإشارة إلى‬ ‫ترجمت ‪ ،‬فدو الإمام الذي عاش في القرن الثالث الهجري‪ ،‬ما بين (‪961‬هـ ‪493 -‬هـ)‪ ،‬وقد قوي الاعتزال في ذلك‬ ‫القرن‪ ،‬ونما وصار ل نتباع‪ ،‬ديث كان الأ ْشع ِري معتزليا قحا يذود عن مذهب الاعتزال وينتصر ل ‪ ،‬ثم تاب هلل‬ ‫علي ‪ ،‬فرجع إلى السنة‪ ،‬وناصرالمذهب السني‪ ،‬ونصبح سيف ًا مصلت ًا في وجو نهل الاعتزال ‪.‬‬ ‫المطلب الأول‪ :‬لمحة تاريخية عن تأسيس المذهب الأ ْشعري‪:‬‬ ‫متر ِجع المصادر التاريخية تأسيس المذهب الأ ْشع ِري وشهأت ‪ ،‬إلى الإمام المتكلم نبي الحسن الأ ْشع ِري‪ ،‬وقد‬ ‫تظافرت الروايات التاريخية على إثبات اعتناق الأ ْشع ِري نبو الحسن المذهب المعت ِزِلي‪ ،‬ودصر بعضدم مدة اعتزال‬ ‫الأ ْشع ِري في نربعين سنة‪ ،‬ويؤكدون نن ذلك كان على يد زوج نم نبوعلي الجبائي(‪ ،)1‬ثم تاب من فكرة الاعتزال‪،‬‬ ‫ومن الروايات التي ذكرت ذلك‪ ،‬ما جاء في \"الوافي بالوفايات للصفدي\"‪ ،‬فقد قال‪\" :‬والهيخ نبو الحسن الأ ْشع ِري‬ ‫كان الجبائي زوج نم ‪ ،‬ثم نعرض عن الأ ْشع ِري‪ ،‬لما ظدرل فساد مذهب وتاب من \"(‪.)2‬‬ ‫وقال الذهبي في \"سير نعلام النبلاء\"‪\" :‬الجبائي شيخ المعتزلة‪ ،‬وصادب التصانيف‪ ،‬نبو علي‪ ،‬محمد بن‬ ‫عبد الوهاب البصري‪ ،‬مات بالبصرة سنة ثلاث وثلاث مئة‪ ،‬نخذ عن‪ :‬نبي يعقوب الشحام‪ ،‬وعاش ثمانيا وستين‬ ‫سنة‪ ،‬ومات‪ ،‬فخلف ابن العلامة نبو هاشم الجبائي‪ ،‬ونخذ عن فن الكلام نيضا نبو الحسن الأ ْشع ِري‪ ،‬ثم خالف‬ ‫ونابذ وتسنن (‪. )3‬‬ ‫وقال ابن كثير في كتاب \"البداية والنهاية\"‪ ،‬في ترجمة الجبائي‪\" :‬نبوعلي الجبائي شيخ المعتزلة‪ ،‬واسم‬ ‫محمد بن عبد الوهاب نبو علي الجبائي‪ ،‬شيخ طائفة الاعتزال في زمان ‪ ،‬وعلي اشتغل نبو الحسن الأ ْشع ِري ثم رجع‬‫‪‌-1‬الجبائي ‌أبو ‌علي ‌محمد ‌بن‌عبد ‌الوهاب ‌بن ‌سلام ‌ابو ‌علي ‌الجبائي ‌شيخ ‌المعتزلة‪‌ ،‬كان ‌رأساً‌في‌الكلام‪،‬أخذ ‌عن ‌أبي‌‬‫يعقوب‌بن‌عبد‌الله‌البصري‌الشحام‌وله‌مقالات‌مشهورة‌وتصانيف‪‌،‬عاش‌الجبائي‌ثمانياً‌وستين‌سنة‌وتوفي‌سنة‌‪111‬هـ‪‌،‬‬‫قال ‌الجبائي‪:‬الحديث ‌لابن ‌حنبل ‌والفقه ‌لأصحاب ‌أبي ‌حنيفة ‌والكلام ‌للمعتزلة ‌والكذب ‌للرافضة‪‌ ،‬انظرـ ‌الوافي ‌بالوفايات‌‬ ‫للصفدي‪‌،‬ج‪3‬ص‪.‌116‬‬ ‫‪‌-2‬الصفدي‪‌،‬الوافي‌بالوفايات‪‌،‬باب‌ابن‌عبد‌الوهاب‪‌،‬ج‪3‬ص‪‌. 196‬‬ ‫‪-3‬الذهبي‪‌،‬سير‌أعلام‌النبلاء‪‌،‬الطبعة‌التاسعة‪‌،‬بيروت‪‌،‬مؤسسة‌الرسالة‪3131‌،‬هـ‪‌،‬ج‪31‬ص‪‌ .‌351‬‬ ‫‪118‬‬

‫عن ‪ ،‬وللجبائي تفسير دافل مطول‪ ،‬ل في اختيارات غريبة في التفسير‪ ،‬وقد رد علي الأ ْشع ِري تفسير هذا‪،‬‬ ‫ونبطل غرائب وعجائب (‪. )1‬‬ ‫وذكر الذهبي في كتاب ‪\" :‬تاريخ الإسلام\"‪ ،‬في ترجمت للجبائي قائل ًا‪\" :‬ل مقالات مهدورة‪ ،‬وتصانيف‪ ،‬نخذ‬ ‫عن ‪ :‬ابن نبوهاشم‪ ،‬والهيخ نبو الحسن الأ ْشع ِري‪ ،‬ثم نعرض الأ ْشع ِري عن طريق الاعتزال‪ ،‬وتاب من ‪ ،‬ووافق نئمة‬ ‫السنة‪ ،‬إلا في اليسير\"(‪.)2‬‬ ‫وجاء في \"طبقات المفسرين للسيوطي\"‪\" :‬ل مقالات مهدورة وتصانيف وتفسير‪ ،‬نخذ عن ابن نبو هاشم‪،‬‬ ‫والهيخ نبو الحسن الأ ْشع ِري‪ ،‬ثم اعرض الأ ْشع ِري عن طريق الاعتزال وتاب من \" (‪.)3‬‬ ‫ونثبت الألوس ي ذلك بالنقل عن شيخ النقهبندي ديث قال‪ :‬وقال العلامة شيخ مهايخنا خالد‬ ‫النقهبندي الهافعي‪ ،‬في رسالت المؤلفة في الكسب‪ ،‬ما نص ‪ :‬ولجل هذا نيض ًا ترى كتب الأشعري في العقائد‬ ‫مشحونة بالدلائل القاطعة‪ ،‬والبراهين الساطعة‪ ،‬والخوض في كثير من التأويلات‪ ،‬ثم اعتذر في كتاب \"الإبانة عن‬ ‫نصول الديانة\" الذي يعتبر آخر مؤلفات ‪ ،‬وعلي التعويل في مذهب الأ ْشع ِري‪ ،‬كما صرح ب غير وادد‪ ،‬وقال فيها‪:‬‬ ‫لولا الاضطرار بسبب منازع المبتدعة لما تكلمت بش يء من ذلك‪ ،‬وصرح بأن مذهب في المتهابهات التفويض مثل‬ ‫مذهب السلف (‪. )4‬‬ ‫إذ اا؛ ِمما سبق نفدم نن الأ ْشع ِري ولا ريب‪ ،‬كان على مذهب الاعتزال معتقد ًا ومنهج ًا‪ ،‬والسؤال الذي يطح‬ ‫نفس هو‪:‬‬ ‫‪ -‬كيف تحول الأ ْشع ِري من مذهب الاعتزال إلى مذهب نهل السنة؟ وما دقيقة الأطوار الثلاثة التي‬ ‫مربها الأ ْشع ِري؟‬‫‪-1‬إسماعيل‌بن‌كثير‌القرشي‪‌،‬البداية‌والنهاية‪‌،‬خ َّرج‌أحاديثه‌–‌(أحمد‌بن‌شعبان‌بن‌أحمد‪‌،‬محمد‌بن‌عيادي‌بن‌عبد‌الحليم‌‬ ‫)‌مكتبة‌الصفا‪‌،‬القاهرة‪‌،‬مصر‪‌،‬الطبعة‌الأولى‌‪‌،3113‬ج‪33‬ص‪‌.‌313‬‬‫‪‌ -2‬الذهبي ‌(المتوفى ‌سنة‪915‬هـ)‪‌ ،‬تاريخ ‌الإسلام ‌ووفيات ‌المشاهير ‌والأعلام‪‌ ،‬بتحقيق ‌وتعليق‪‌ -‬بشار ‌عواد ‌معروف‪‌ ،‬دار‌‬ ‫الغرب‌الإسلامي‪‌،‬الطبعة‌الأولى‌‪3131‬هـ‪،‬ج‪2‬ص‪‌. 312‬‬‫‪‌-3‬جلال‌الدين أبو‌الفضل‌عبدالرحمن‌بن‌أبي‌بكر‌بن‌محمد‌السيوطي‌الشافعي‌(المتوفى‌سنة‌‪933‬هـ)‪‌،‬طبقات‌المفسرين‪‌،‬‬ ‫تحقيق‪ :‬علي‌محمد‌عمر‪ ،‬مكتبة‌وهبة الطبعة‌الأولى‌‪3996‬م‪‌،‬ص‪‌. 311‬‬ ‫‪‌-4‬الألوسي‪‌،‬جلاء‌العينين‌ج‪3‬ص‪.329‬‬ ‫‪119‬‬

‫هذا ما سنحاول الإجابة عن بما يلي‪:‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬الأ ْشعري وبدايات التحول من مذهب الاعتزال‪:‬‬ ‫تذكر بعض الروايات نن لدداية الأ ْشع ِري إلى مذهب نهل السنة مقدمات‪ ،‬ومم ِددات‪ ،‬ساهمت في توبت‬ ‫عن منهج المعتزلة‪ ،‬وقد صورها الدكتور جلال محمد عبد الحميد‪ :‬بحالة الدداية والتوفيق التي من هلل بها علي ‪،‬‬ ‫ويهبهدا بالموقف الذي وقف الغزالي بعد ذك في كتاب ‪\" :‬المنقذ من الضلال\"(‪ ،)1‬ومن هذ الددايات كما ذكر ابن‬ ‫عساكر الرواية بسند عن الكوراشي(‪ ،)2‬قول ‪ :‬نن نبا الحسن الأ ْشع ِري رنى النبي‪ -‬صلى هلل علي وسلم ‪ -‬في المنام‪،‬‬ ‫فهكا إلي بعض ما ب من تعارض الأدلة‪ ،‬فقال ل ‪ -‬صلى هلل علي وسلم‪( :-‬عليك بسنتي)(‪.)3‬‬ ‫وذكروا في الرواية نيض ًا نن رآ في المنام ثلاث مرات‪ ،‬فقال ل في كل مرة ذلك‪( :‬يا علي ننصر المذاهب‬ ‫المروية عني فإنها الحق)‪ ،‬قال‪ :‬فقلت‪ -‬ني في الثالثة ‪ -‬يا رسول هلل‪ ،‬كيف ندع مذهب ًا تصورت مسائل ‪ ،‬وعرفت‬ ‫ندلت منذ ثلاثين سنة لرؤيا‪ ،‬فقال لي‪\" :‬لولا نعلم نن هلل سيمدك بمدد من عند لما قمت عنك دتى نبين لك‬ ‫وجوهدا\"‪ ،‬إلى نن قال‪ -‬علي الصلاة والسلام‪\" :-‬فجد في ‪ ،‬فإن هلل سيمددك بمدد من عند \"‪ ،‬قال‪ :‬فاستيقظت‬ ‫وقلت‪ :‬ماذا بعد الحق إلا الضلال‪ ،‬ونخذت في نصرة الأداديث‪ ،‬فكان يأتيني ش ئ‪ ،‬و هلل ما سمعت من خصم قط‪،‬‬ ‫ولا رنيت في كتاب‪ ،‬فعلمت نن ذلك من إمداد هلل تعالى الذى بهرشي ب رسول هلل ‪ -‬صلى هلل علي وسلم‪.)4( -‬‬ ‫وبتتبع الكتب والمؤلفات الحديثة التي تكلمت عن سبب تحول الأ ْشع ِري من مذهب المعتزلة إلى مذهب‬ ‫نهل السنة والجماعة‪ ،‬رنينا نن كثي ًرا من البادثين والمدتمين‪ ،‬يركزون على عقيدة الأ ْشع ِري نفس ‪ ،‬لن الأ ْشع ِري نبا‬ ‫الحسن‪ ،‬رنى نن الآرائيين يفصلون العقل عن الدين‪ ،‬نما الأصوليين نصحاب الحديث فقد كانوا يدعون إلى‬ ‫اعتماد صرف على النصوص‪ ،‬وجعلدا المرجع الوديد في بيان العقيدة‪ ،‬ولعل هذا ما جعل الأ ْشع ِري يرى نن‬ ‫‪‌-1‬جلال‌محمد‌عبد‌الحميد‪‌،‬نشأة‌الأ ْشع ِرية‌وتطورها‪‌،‬دار‌الكتاب‌البناني‪‌،‬بيروت‪3953‌،‬م‪‌،‬ص‪‌. 399‬‬‫‪‌ -2‬إسماعيل ‌بن ‌محمد ‌بن ‌أبي ‌بكر ‌بن ‌خسرو ‌أبو ‌محمد ‌الكوراني ‌الزاهد ‌القدوة‪‌ ،‬كان ‌أحد ‌المشايخ ‌المشهورين ‌بالزهد‌‬‫والورع‌صاحب‌معامل ٍة‌وخشية‌يطلب‌منه‌الدعاء‌‪‌.‬توفي‌بغزة‌سنة‌‪662‬هـ‪‌،‬وهو‌قافل‌من‌مصر‌إلى‌القدس‪‌،‬وكان‌كثير‌‬ ‫التحري‌يسأل‌العلماء‌عما‌يشكل‌عليه‌في‌دينه‌رحمه‌الله‪‌،‬انظر‪‌:‬الوافي‌بالوفايات‌للصفدي‪‌،‬ج‪1‬ص‪.‌311‬‬‫‪‌-3‬ابن‌عساكر‪‌،‬طبقات‌الشافعية‪‌،‬ج‪3‬ص‪‌،312‬وقد‌نقل‌هذه‌الرواية‌غير‌واحد‌من‌أئمة‌الأ ْشع ِرية‪‌،‬انظر‪‌:‬الألوسي‪‌،‬جلاء‌‬ ‫العينين‌في‌محاكمة‌الأحمدين‪‌،‬ترجمة‌أبي‌الحسن‌الأ ْشع ِري‪‌،‬ص‪‌.‌321‬‬ ‫‪‌-4‬ابن‌عساكر‪‌،‬طبقات‌الشافعية‪‌،‬ج‪3‬ص‪‌،312‬وانظر‪‌:‬الألوسي‪‌،‬جلاء‌العينين‌في‌محاكمة‌الأحمدين‪‌،‬ص‪‌.‌321‬‬ ‫‪120‬‬

‫المذاهب الفقدية ثبت عندها الدليل النقلي وتمكن من عقول مؤسسيها دتى صارالاعتماد على العقل عندهم‬ ‫ضرب من البدع والإدداث في الدين‪ ،‬لذلك نفـروا من علم الكلام ودذروا من ‪.‬‬ ‫الدكتور غرابة‪ -‬على سبيل المثال‪ -‬في كتاب عن الأ ْشع ِري يرى نن السبب الرئيس ي في تحول الأ ْشع ِري وترك‬‫مذهب الاعتزال‪ ،‬لما خبر وعرف ما في ‪ ،‬فقد لادظ نن طريقة المعتزلة ستؤدي بالإسلام إلى الدمار كما نن طريقة‬‫المحدثين والمهبهة‪ -‬يعني السلفيين كما يسميهم‪ -‬ستؤدي إلى الجمود والانهيار‪ ،‬مع ما في ذلك من تفرقة كلمة‬‫الأمة‪ ،‬وغرس بذور الهقاق بينها‪ ،‬ونن من الخير لدذ الجماعة نن يلتقي العقليون والن ِصيون‪ ،‬على مذهب وسط‪،‬‬ ‫يودد القلوب‪ ،‬ويعيد الوددة إلى الصفوف‪ ،‬مع ادترام الن ِص والعقل مع ًا (‪. )1‬‬‫ولعل هذا من الأسباب الرئيسية في تحول الأ ْشع ِري عن عقيدة الاعتزال‪ ،‬ومع هذا فإننا شعتقد نن ثمة‬‫سب ٌب ميقدم على كل ذلك‪ ،‬وهو‪ :‬لم لا يقال نن الرجل قد هدا هلل‪ -‬تعالى‪ -‬إلى الح ِق وتبين ل الصواب في كل ذلك‪،‬‬‫ولما اطمئنت نفس م إلى ما كان يراود من مذ زمن‪ ،‬ويتفك مر في ويتد ِبر‪ ،‬اختار نن يمش ي على ما كان علي السلف‬‫الصاِلح في هذ المسألة‪ ،‬لن السلامة في ال ِدين بلزوم النقل واتباع الوحي‪ ،‬والإيمان ب ‪ ،‬دون كثرِة تكلف للآرا ِء‪،‬‬‫وهذا ما نقل عن الأئمة الأعلام من الأشا ِعرة‪ ،‬فقد كانوا يرجعون إلى عقيدة السلف في آخر دياتهم‪ ،‬ويوصون‬ ‫بذلك في كتبهم ووصاياهم‪.‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬حقيقة الأطوار الثلاثة‪:‬‬‫يهير كثي ٌر من المؤرخين الذين كتبوا عن نبي الحسن الأ ْشع ِري‪ ،‬وانتقال من دالة الاعتزال‪ ،‬نن نهج منهج‬‫عبد هلل الكلابي‪ ،‬ديث منعجب بمنهج وقوة محجت في رد على خصوم من نرباب الاعتزال‪ ،‬والفرق بين طريقة‬‫ابن مكلاب ومذهب نهل السنة‪ ،‬نن الكلابية نثبتوا الأسماء‪ ،‬ونولوا ال ِصفات الخبرية ل عز وجل‪ ،‬ولا يثبتون من‬ ‫ال ِصفات إلا العقلية منها وهي سبعة جمعت في قول القائل‪:‬‬ ‫حي عليم قديروالكلام ل ** ** إراد ٌة كذاك السمع والبصر‬ ‫‪‌-1‬حمودة‌غرابة‪‌،‬أبو‌الحسن‌الأ ْشع ِري‪‌،‬مجمع‌البحوث‌الإسلامية‪‌،‬القاهرة‪‌،‬مصر‪3991‌،‬م‪‌،‬ص‪‌ 66‬‬ ‫‪121‬‬

‫ويذكر بعض العلماء موافقة الكلابي للمعتزلة في بعض آرائهم‪ ،‬قال الصفدي‪\" :‬ابن كلاب عبد هلل بن‬ ‫سعيد بن كلاب‪ ،‬الفقي نبو محمد البصري‪ ،‬كان يرد على المعتزلة وربما وافقدم(‪. )1‬‬ ‫وتنسب الطريقة ال ُّكلابية لابن مكلاب وهو رنس المتكِلمين بالبصرة في زمان ‪ ،‬عرف الذهبي بقول ‪ :‬هو نبو‬ ‫محمد‪ ،‬عبد هلل بن سعيد بن كلاب القطان البصري صادب التصانيف في الرد على المعتزلة‪ ،‬وربما وافقدم‪ ،‬نخذ‬ ‫عن الكلام داود الظاهري‪ ،‬قال نبو الطاهر الذهلي‪ ،‬وقيل‪ :‬إن الحارث المحاسبي نخذ علم النظر والجدل عن‬ ‫نيضا‪ ،‬وكان يلقب مكلابا لن كان يجر الخصم إلى نفس ببيان وبلاغت ‪ ،‬ونصحاب هم الكلابية‪ ،‬لحق بعضدم نبو‬ ‫الحسن الأ ْشع ِري‪ ،‬وكان يرد على الجدمية (‪.)2‬‬ ‫وقال عن ابن حجر‪ :‬س ِمي ابن مكلاب لن كان يخطف الذي يناظر ‪ ،‬وهو بضم الكاف وتهديد اللام (‪..)3‬‬ ‫وال مكلابية على رغم ننها كانت دربا على الاعتزال ونهل ‪ ،‬إلا نن نربابها ونهل السنة نصحاب الحديث‬ ‫(السلفيين)‪ ،‬يختلفون في كثير من المسائل ولذلك لما عتب نبوعلي الثقفي على ابن خزيمة إنكار عليهم قال ل ‪ :‬ما‬ ‫الذي ننكرت نيها الاستاذ من مذاهبنا دتى نرجع عن ؟ قال‪ :‬م ْي ملكم إلى مذهب ال مكلابية‪ ،‬فقد كان ندمد بن دنبل‬ ‫من نش ِد الناس على عبد هلل بن سعيد بن كلاب‪ ،‬وعلى نصحاب مثل الحارث وغير (‪.)4‬‬ ‫وقال الحاكم‪ :‬سمعت نبا سعيد بن نبي بكر يقول‪ :‬لما وقع من نمر الكلابية ما وقع بنيسابور‪ ،‬كان نبو‬ ‫العباس السراج‪ ،‬يمتحن نولاد الناس‪ ،‬فلا يحدث نولاد الكلابية‪ ،‬فأقامني في المجلس مرة فقال‪ :‬قل‪ :‬ننا نبرن إلى هلل‬ ‫تعالى من الكلابية(‪.)5‬‬ ‫وكان ابن خزيمة يقول‪ :‬ومن نظرفي كتبي بان ل نن الكلابية لعنهم هلل كذبة في ما يحكون عنى (‪.)6‬‬ ‫‪‌-1‬الصفدي‪‌،‬الوافي‌بالوفايات‪‌،‬ج‪2‬ص‪192‬‬ ‫‪‌-2‬الذهبي‪‌،‬سير‌أعلام‌النبلاء‪‌،‬ج‪33‬ص‪‌،391‬وانظر‪‌:‬ابن‌حجر‪‌،‬لسان‌الميزان‪‌،‬ج‪3‬ص‪.‌11‬‬‫‪‌-3‬أحمد‌بن‌علي‌بن‌حجر‌العسقلاني‪‌،‬لسان‌الميزان‪‌،‬تحقيق‪‌:‬عبد‌الفتاح‌أبوغدة‪‌،‬مكتبة‌المطبوعات‌الإسلامية‪‌،‬السعودية‪‌،‬‬ ‫‪3113‬م‪‌،‬ج‪3‬ص‪.‌11‬‬‫‪‌-4‬الذهبي‪‌،‬سير‌أعلام‌النبلاء‪‌،‬ج‪31‬ص‪‌،151‬وانظر‪‌:‬الذهبي‪‌،‬تذكرة‌الحفاظ‪‌،‬دار‌المعارف‌النظامية‪‌،‬الهند‪3111‌،‬هـ‪‌،‬‬ ‫ج‪3‬ص‪.‌939‬‬ ‫‪‌-5‬الذهبي‪‌،‬سير‌أعلام‌النبلاء‪‌،‬ج‪31‬ص‪.‌192‬‬ ‫‪‌-6‬تذكرة‌الحفاظ‪‌،‬ج‌‪3‬ص‪.‌936‬‬ ‫‪122‬‬

‫وبالرغم من الخلافات والخصومات التي كانت بين وبين الكمـلابية‪ ،‬ور ِد لمسائل كثيرة نثارها ابن كلاب‪،‬‬ ‫إلا نن شيخ الإسلام ابن ت ْي ِمية كان من نكثر الممنصفين ل ديث قال‪\" :‬كان ل فضل وعل ٌم ودي ٌن‪ ،‬وكان ممن ننتدب‬ ‫للرد على الجدمية‪ ،‬ومن ادعى نن ابتدع ليظدردين النصرانية في المسلمين ونن نرض ى نخت بذلك فدذا كذ ٌب علي‬ ‫افترا المعتزلة\" (‪.)1‬‬ ‫والقول بأن الأ ْشع ِري سلك طريقة ابن كلاب‪ ،‬بعد نبذ مذهب الاعتزال‪ ،‬نثبت كثي ٌر من المؤرخين‬ ‫وال محفاظ‪ ،‬رغم ننهم لم ينقلوا القول عن الأ ْشع ِري نفس دول هذ المسألة (‪. )2‬‬ ‫ويذكر ابن كثير وغير ‪ ،‬نن كان معتزليا‪ ،‬ثم نعلن توبت من الاعتزال ولكن تأثر بهذ الأفكار الكلابية‪،‬‬ ‫فنسبت إلي ‪ ،‬غير نن رجع عن المذهب ال مكلابي والتزم مذهب نهل السنة والجماعة في الأسماء وال ِصفات‪ ،‬وهي‬ ‫طريقت في الإبانة‪ ،‬ورسالة إلى نهل الثغر‪ ،‬وغيرها من الكتب‪ -‬يقرر فيها التزام مذهب السلف في الأسماء‬ ‫وال ِصفات (‪.)3‬‬ ‫وقد صرح برجوع عنها‪ -‬ني الكلابية‪ -‬علماء كثيرون‪ ،‬وقالوا بأن الأ ْشع ِري رجع عن هذا الطور في آخر‬ ‫عدد ولزم طريقة السلف‪ ،‬وهذا نيض ًا ثابت عند نهل العلم المعاصرين والأولين‪ ،‬كما ذكر ذلك صادب تفسير‬ ‫المناروغير ‪ ،‬ديث قال الهيخ محمد رشيد رضا‪\" :‬وقد رجع الإمام نبو الحسن الأ ْشع ِري شيخ المتكلمين والنظار‪ ،‬إلى‬‫‪‌ -1‬الصفدي‪‌ ،‬الوافي ‌بالوفايات‪‌ ،‬ج‪2‬ص‪‌ ،312‬ويذكر ‌أن ‌ابن ‌كلاب ‌كان ‌إمام ‌أهل ‌السنة ‌في ‌عصره‪‌ ،‬وإليه ‌مرجعها‪‌ ،‬وقد‌‬‫وصفه‌إمام‌الحرمين‌(المتوفى‌‪195‬هـ)‌في‌كتابه‌\"‌الارشاد‌\"‌ص‪‌:339‌:‬بأ َّنه‌من‌أصحابنا‪‌،‬وقال‌السبكي‌في‌\"‌طبقاته‌\"‪‌:‬‬‫أحد‌أئمة‌المتكلمين‪‌،‬وشيخ‌الاسلام‌ابن‌ َت ْي ِم َّية‌يمدحه‌في‌غير‌ما‌موضع‌في‌كتابه‌\"‌منهاج‌السنة‌\"‪‌،‬وفي‌مجموعة‌رسائله‌‬‫ومسائله‪‌ ،‬ويعده ‌من ‌حذاق ‌المثبتة ‌وأئمتهم‪‌ ،‬ويرى ‌أ َّنه ‌شارك ‌الامام ‌أحمد ‌وغيره ‌من ‌أئمة ‌ال َّسلف ‌في ‌الرد ‌على ‌مقالات‌‬‫الجهمية‪‌،‬وحين‌تكلم‌أبو‌الحسن‌الأ ْشع ِري‌في‌كتابه‪\"‌:‬مقالات‌الاسلاميين‌\"ص‪‌،359‬ص‪‌،399‬عن‌أصحابه‪‌،‬ذكر‌أ َّنهم‌‬ ‫يقولون‌بأكثر‌مما‌يقولون‌في‌علمائهم‪‌،‬انظر‪‌:‬هامش‌سير‌أعلام‌النبلاء‪‌،‬ج‪33‬ص‪.392‬‬‫‪‌-2‬قال‌المقريزي‪\":‬أخذ‌الأ ْشع ِري‌عن‌الجبائي‌مذهب‌الاعتزال‪‌،‬ثم‌بدا‌له‌فتركه‌وسلك‌طريقة‌عبد‌الله‌بن‌كلاب‌ونسج‌على‌‬‫قوانينه ‌في ‌ال ِّص َفات ‌والقدر ‌فمال ‌إليه ‌جماعة ‌وع ّولوا ‌على ‌رأيه ‌وجادلوا ‌فيه‪‌ ،‬وانتشر ‌مذهب ‌أبي ‌الحسن ‌الأ ْشع ِري ‌في‌‬‫العراق ‌ثم ‌انتقل ‌إلى ‌الشام ‌فلما ‌ملك ‌بنوا ‌أيوب ‌عقدوا ‌الخناصر ‌وشدوا ‌البنان ‌على ‌مذهب ‌الأ ْشع ِري ‌وحملوا ‌الناس ‌على‌‬‫التزامه‌فانتشر‌في‌أمصار‌الإسلام‪‌،‬مات‌الأ ْشع ِري‌سنة‌‪131‬هـ‪‌،‬ومن‌أهم‌آراء‌الأ َشا ِعرة‌نفي‌ال ِّص َفات‌إلا‌سبعا‌يثبتونها‌‬‫بالعقل‌والقول‌بأن‌أفعال‌العباد‌مخلوقة‌لله‌وهي‌كسب‌لهم‌وأشهر‌علماء‌الأ َشا ِعرة‌الباق َّلاني‌والجويني‌والأيجي‌والرازي‪‌،‬‬ ‫انظر‪‌:‬خطط‌المقريزي‌ج‪129-125/3‬؛‌وشذرات‌الذهب‌ج‪.‌111/3‬‬‫‪‌-‌3‬أبو‌الحسن‌علي‌بن‌إسماعيل‌الأ ْشع ِري‪‌،‬رسالة‌إلى‌أهل‌الثغر‪‌،‬تحقيق‌عبد‌الله‌شاكر‌الجنيدي‪‌،‬المدينة‌المنورة‪‌،‬الطبعة‌‬ ‫الثانية‪3113‌،‬م‌ص‪.99‌-62‬‬ ‫‪123‬‬


Like this book? You can publish your book online for free in a few minutes!
Create your own flipbook