Important Announcement
PubHTML5 Scheduled Server Maintenance on (GMT) Sunday, June 26th, 2:00 am - 8:00 am.
PubHTML5 site will be inoperative during the times indicated!

Home Explore A Critical Comparison between the Asharite

A Critical Comparison between the Asharite

Published by salemfaraj1971, 2017-05-31 20:22:02

Description: A Critical Comparison between the Ashʿarite
and Salafi Schools of Thought with Special
Reference to Muḥammad b. Ṣāliḥ al-ʿUthaymīn
and Muḥammad Saʿīd Ramaḍān al-Būṭī
PhD 2014
University of the Western of Cape
Cape Town / South Africa

Keywords: Ashʿarite and Salafi

Search

Read the Text Version

‫‪ -‬إن مصادر المعرفة التي استخدمدا الهيخ في الاستدلال متنوعة(‪.(1‬‬ ‫‪ -‬أحمد الطيب‪ ،‬الإمام أبو الحسن الأْعشع يري‪ ،‬ومنهج الوسطية‪:‬‬‫خ ملص البادث في إلى نن الإمام نبو الحسن الأ ْشع ِري وقف موقف الوسط بين المعتزلة (المتكلمون)‬‫والحنابلة (السلف ُّيون)‪ ،‬ويرى نن هذين المذهبين كان لدما دور داسم في ظدور مذهب نبي الحسن الأ ْشع ِري‪ ،‬ديث‬‫نن المعتزلة كانوا ميع ِولون على العقل‪ ،‬وانتهى بهم المبالغة في التعويل على العقل ننهم نوجبوا على هلل تعالى نن‬‫يثيب الطائعين ويعاقب العاصين‪ ،‬وننكروا شفاعة النبي‪ -‬صلى هلل علي وسلم‪ -‬يوم القيامة‪ ،‬وقالوا بأن مرتكب‬‫الكبيرة ليس بمؤمن ولا كافر‪ ،‬وشسب البادث إلى الخليفة العباس ي‪ -‬الحاكم في ذلك الزمان‪ -‬تش ِجيع المعتزلة وتب ِني‬‫منهجدم‪ ،‬ونشار نيض ًا إلى موقف الإمام ندمد بن دنبل من المعتزلة لما قالوا بأن القرآن مخلوق وليس كلام هلل‬‫تعالى‪ ،‬ديث تصدر للرد على هذ الضلالات‪ ،‬ولكن الخليفة العباس ي الموالي لدم في ذلك الزمان‪ ،‬آذا وعذب ‪ ،‬كما‬‫عاب على غير من العلماء‪ ،‬ومن هذ النقطة بالذات نشار الكاتب إلى نمر عد من نهم التغيرات التي طرنت على‬‫الناس تعبي ًرا على نفورهم من آراء المعتزلة‪ ،‬وهي‪ :‬نن المذهب المقابل والمضاد للمعتزلة هو المذهب الذي وجد‬ ‫شعبية عند عامة المسلمين في ذلك الزمان وهو مذهب الحنابلة (‪.)2‬‬‫واعتبر الأ ْشع ِري مؤ ِسس ًا لمذهب نهل الحق‪ -‬نهل السنة والجماعة‪ -‬ولم ميخ ِف إعجاب بال ْشع ِري فقد قال‬‫عن ‪ :‬نوتي من العبقرية والذكاء بحيث كان يستدل بالدلة العقلية على الأدلة النصية‪ ،‬ويستنبط منها الحجج‬‫والبراهين‪ ،‬كما دعت نبرت التصالحية‪ ،‬بأن يؤلف كتاب المهدور‪\" :‬مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين\" الذي‬‫يعني‪ -‬وبحسب الطيب‪ -‬نن الخلاف لا يفسد للود قضية‪ ،‬فدذ الاختلافات اختلافات مؤمنين يصلون إلى قبلة‬ ‫واددة وهذ المقالات مقالات اسلاميين (‪. )3‬‬‫يضيف الطيب نن الأ ْشع ِري رنى في كل من المذهبين الحنبلي والمعتزلي‪ ،‬ننهما لا يعبران عن دقيقة الإسلام‬‫تعبيرا كاملا‪ ،‬ونن كليهما في من العيوب ونقاط الضعف‪ ،‬وذلك نن المذهب الأ ْشع ِري تميز بحفظ التوازن بين‬ ‫‪‌-1‬المرجع‌السابق‪‌،‬ص‪.33‬‬ ‫‪--32‬أ‌حشميد‌خا‌لالطأيزبه‪،‬ر‌‪:‬ال‌أإمحاممد‌أ‌بالو‌طايلحب‪،‬س‌انل‌إالماأم ْش‌أعب ِرو‌ايل‪‌،‬حوسمنن‌هالجأ‌ا ْشلعو ِرسيطي‪‌،‬ة‪،‬و‌مانلأهزج‌هالر‌والسعطديدة‪25‌5،:‬ص‪3131‌،4525.2‌33435‬م‪‌،‬ص‪.2‬‬ ‫‪24‬‬

‫العقل والن ِص‪ ،‬ونن بعض الأفدام يسيطرعليها مفدوم خاطئ عن تعارض الن ِص مع العقل‪ ،‬وهذا ما ددض الإمام‬ ‫نبو الحسن الأ ْشع ِري (‪. )1‬‬ ‫ثم ختم الطيب مقالت بقول ‪ :‬إن هناك دروس ًا تستخلص من منهج الأ ْشع ِري الوسطي‪ ،‬وهو الجمع بين‬ ‫النص والعقل‪ ،‬وهذا يرس ي مذهب إمعان الفكر والتسامح‪ ،‬وثقافة الحوار والآراء المعمقة في مسائل العقيدة‪ ،‬التي‬ ‫تجمع بين الفكرالصحيح والعقيدة الصافية (‪. )2‬‬ ‫ولعل هذا هو السبب الرئيس ي الذي جعل طائف ًة من المعجبين بالمنهج الأشعري اليوم‪ ،‬يقولون‪ :‬إن المنهج‬ ‫الأشعري يهكل نغلبية المسلمين‪ ،‬وهم السواد الأعظم‪ ،‬وننهم المدرسة الوسطية التي يسعى التيار الأشعري بكافة‬ ‫مدارس ومؤسسات إلى إديائها من جديد‪ ،‬وإذكاء تأثيرها في الأمة الإسلامية‪ ،‬بعد نن صارت تحارب وتضطدد‪ ،‬من‬ ‫قبل دعاة السلفية نو التيار الوهابي‪ ،‬الأمر الذي اعتبر المنظرون للفكر الأشعري‪ ،‬إنحراف ًا في فدم المنهج السلفي‬ ‫الأول‪ ،‬وسنناقش هذ المسألة وغيرها في بحثنا هذا‪ ،‬وسنورد آراء العلماء فيما ذهب إلي الأشاعرة من ننهم‬ ‫الغالبية والأكثيرية في نهل السنة اليوم‪ ،‬ومدى موافقة ذلك على نرض الواقع ‪.‬‬ ‫‪ -‬موفق الخالد‪ ،‬وقفة بين ال ُبوطي ومنتقديه‪:‬‬ ‫بين كاتب المقال نن الدكتور ال مبوطي تعرض‪ -‬ولا يزال يتعرض‪ -‬لهجوم عنيف من كثير من الجدات بحجة‬ ‫نو بأخرى‪ ،‬وذلك بسبب تاريخ من الصراع الفكري بين وبين منتقدي ‪ ،‬ومن خلال مؤلفات ودوارات التي مرغ فيها‬ ‫نفكارهم ومذاهبهم في الودل‪ ،‬وكهف اللثام عن زيفدا وبطلانها‪ ،‬ولا سيما في كتابي ‪( :‬نقد نوهام المادية الجدلية)‪،‬‬ ‫وكتاب ‪( :‬العقيدة الإسلامية والفكر المعاصر)‪ ،‬بالإضافة إلى كتب نخرى شملت الرد على كثيرمن نفكارهم وشبهاتهم‪،‬‬ ‫بأسلوب العلمي المتميز(‪ )3‬نضف إلى ذلك الندوات الحوارية التي عقدت بين وبين الدكتور‪ :‬الطيب التيزيني‪،)4( -‬‬ ‫‪‌-1‬المرجع‌السابق‪‌،‬ص‪‌.‌339‬‬ ‫‪‌-2‬المرجع‌السابق‌ص‪.‌311‬‬ ‫‪‌3‬موفق‌الخالد‪‌،‬وقفة‌بين‌ال ُبوطي‌ومنتقديه‪‌،‬مكتبة‌دار‌العلوم‪‌،‬دمشق‪3133‌،‬م‪‌،‬ص‪.‌33‬‬‫‪‌-4‬الدكتور‌طيب ‌تيزيني ‌مفكر ‌سوري‪‌ ،‬من ‌أنصار ‌الفكر ‌القومي ‌الماركسي‪‌ ،‬يعتمد ‌على ‌الجدلية ‌التاريخية ‌في ‌مشروعه‌‬‫الفلسفي‌لإعادة‌قراءة‌الفكر‌العربي‌ولد‌في‌حمص‌عام‌‪‌.‌3911‬تلقى‌علومه‌في‌حمص‌ثم‌غادر‌إلى‌تركيا‌بعد‌أن‌أ َّنهى‌‬‫دراسته‌الأولية‌ومنها‌إلى‌بريطانيا‌ثم‌إلى‌ألمانيا‌لينهي‌دراسته‌للفلسـفة‌فيها‌ويحصل‌على‌شهادة‌الدكتوراه‌في‌الفلسفة‌عام‌‬‫‪‌3969‬أولاً‪‌،‬والدكتوراه‌في‌العلوم‌الفلسفية‌ثانياً‌عام‌‪‌.‌3991‬عمل‌في‌التدريس‌في‌جامعة‌دمشق‪‌،‬انظر‪‌:‬سيرة‌الدكتور‌‬ ‫الطيب‌تيزيني‪‌،http://www .arabphilosophers .com‌،‬تاريخ‌الزيارة‪3131/9/31‌،‬م‌‪‌.‬‬ ‫‪25‬‬

‫والتي كانت لدا آثا ٌرقوية في سادة الحواربين الاتجا الإسلامي والاتجا اليساري الإلحادي‪ ،‬وننصار الفكرالإلحادي‬‫خسروا المعركة آنذاك مع الدكتور ال مبوطي‪ ،‬والآن غدت الفرصة مناسبة لهن هجوم علي في غمرة الجو الضبابي‬‫الذي خلفت الأوضاع القائمة في سورية‪ ،‬والتي كان للدكتور ال مبوطي فيها دور ؛ بغ ِض النظر عن صحت نو عدم‬ ‫صحت (‪. )1‬‬‫والملادظ نن الكاتب يمـلقي باللائمة على الإخو ِة السلفيين‪ ،‬ويحثهم على آداب الحوار مع ال مبوطي‪ ،‬وذلك لن‬‫هذا هو المفترض على المؤمن في ندبيات التخاطب مع الآخر‪ ،‬وعلى الرغم من اختلاف وجدات النظر بينهم‪ -‬ني‬‫السلفيين‪ -‬وبين الدكتور ال مبوطي‪ ،‬إلا نن موفق الخالد؛ يحثهم على اتباع ضوابط الخطاب العلمي في التعامل مع ‪،‬‬‫كون ندد علماء المسلمين‪ ،‬وينصحدم بالتحلي بنوع من القيم الأخلاقية الإسلامية‪ ،‬المستمدة من ندب الخلاف‬ ‫التي تضع الحدود لخلافدم مدما ارتفعت وتيرت ‪.‬‬‫ولكن هذا الفريق من الناقدين‪ -‬بحسب البادث‪ -‬لا يتورعون عن تهوي صورة الدكتور ال مبوطي بهتى‬‫الأكاذيب والافتراءات الرخيصة‪ ،‬ولا شك نن الذي دملدم على هذا اتفاق رغبتهم مع رغبة كل التوجدات الحاقدة‬ ‫على الإسلام سواء منها اللبرالية نو اليسارية نو غيرها(‪.(2‬‬‫وقد اعتبر الباد مث نن الدكتور البوطي ومؤلفات ثروة علمية قل نظيرها‪ ،‬وذكر بأن قض ى ديات نديب ًا‬‫بعدما تخرج من الأزهر في مصر‪ ،‬الذي تحصل من على علوم جمة‪ ،‬ثم اتج اتجاه ًا فكري ًا دفع إلي شعور‬‫بالغيرة عندما وقع على كتابات في التاريخ تنال من شخصيات تاريخية إسلامية في كتاب ‪\" :‬دفاع عن الإسلام‬‫والتاريخ\"‪ ،‬ومقالات رد فيها على آخرين‪ ،‬ثم نلف كتاب ‪\" :‬المذهب الاقتصادي بين الهيوعية والإسلام\"‪ ،‬رد في على‬‫النظرية الاقتصادية الهيوعية‪ ،‬ثم نلف كتاب ًا ضمن خبرت التي اكتسبها من خلال تدريس لمادة التربية الإسلامية‪،‬‬ ‫سما ‪\" :‬تجربة التربية الإسلامية في ميزان البحث\" ‪ ....‬إلى نن قال‪...‬ثم كتاب ‪ :‬كبرى اليقينيات الكونية والذي ضمن‬ ‫علم التوديد بلغة علمية معاصرة(‪. )3‬‬ ‫‪‌-1‬موفق‌الخالد‪‌،‬وقفة‌بين‌ال ُبوطي‌ومنتقديه‪‌،‬ص‪‌.‌12‬‬ ‫‪‌-2‬المرجع‌السابق‪.‌19‌،‬‬ ‫‪‌-3‬المرجع‌السابق‪‌،‬ص‪.‌55‬‬ ‫‪26‬‬

‫وقال الكاتب بظدور بعض الدعوات الوهابية المتط ِرفة في سورية وفي مصر‪ ،‬وغيرها من البلاد الإسلامية‪،‬‬‫والتي كانت تنال من المذاهب الأربعة والتمذهب بها‪ ،‬تناولدا البوطي بالرد في كتاب ‪\" :‬اللامذهبية نخطر بدعة تهدد‬‫الهريعة الإسلامية\"‪ ،‬ثم توالى إنتاج العلمي بمؤلفات نالت شدرة ونث ًرا متمي ًزا‪ ،‬ثم تتابع الكاتب في الثناء على‬‫ال مبوطي وكتب إلى نن قال بوضوح‪ :‬فأنا نقول إن ال مبوطي علم من نعلام الأمة مدما داول منتقدو نن ينقصوا من‬ ‫قدر ‪ ،‬نو ينالوا من شخصيت (‪.)1‬‬‫من كل ما سبق يتبين لنا نن البادث في دفاع عن البوطي وعلم داول نن يكون موضوعي ًا‪ ،‬ولعل تأثر‬‫بالجوانب الشخصية من دياة البوطي ونسلوب وشخصيت ‪ ،‬بحيث لم يهر إلى المقالات والكتابات التي صنفدا نل ُّد‬‫نعدائ وهم الوهابيون‪ ،‬وخلت مقالت من الإشارة إلى النقاط التي كانت سبب الخلاف الرئيس ي بين البوطي‬‫ومنتقدي من السلفيين \"الوهابيين\" نلا وهي مسألة الأسماء والصفات‪ ،‬وقول البوطي بجواز التأويل للنصوص التي‬ ‫نوجب السلفيون الوقوف عندها وإمضائها على الحقيقة‪ ،‬وترك العلم بالكيفية لله تعالى ‪.‬‬ ‫‪ -‬عبد المنعم خفاجي‪ ،‬الأزهروالتصوف‪:‬‬‫يمتدح الأيام الماضية من نيام الأزهر ديث كان التصوف إددى سمات الأزهر البارزة كما يقول‪ ،‬ونحن‬‫عندما نقول‪ :‬الأزهر والتصوف إنما نقول‪ :‬الأزهر والإسلام في نرفع درجات ونسمى منازل ونكرم رودانيات فليس بين‬‫التصوف والإسلام تباين‪ ،‬ولا بين مدلوليها فروق فالتصوف هو روح الإسلام وهو الرودية المطمئنة التي تسمو‬‫بعلاقة الإشسان بالله وترفع بها عن ندران المادية العمياء‪ ،‬وتغمر نضواؤها جوارد ومهاعر وخطرات نفس ‪،‬‬‫والتصوف هو الكمال الروحي بأجل معاني ‪ ،‬وهو التطدير الخلقي بأوسع مدلولات وهو محاولة التهب بالنبياء‬ ‫والمرسلين والصحابة والتا ِبعين وهو الارتفاع بالإشسان من دضيض الظلام إلى قمم النور (‪. )2‬‬‫ثم يقدم عرض ًا يفسر نظرت لارتباط العقيدة بالتص ُّوف‪ ،‬وركز على القول بأن التصوف مك ِمل للعقيدة‪،‬‬‫فيقول‪ :‬إن العقيدة هي هذا المنقذ والمطدر والمحرر‪ ،‬ونن التصوف هو الذي يملك زمام العقيدة دتى لا تضعف ولا‬ ‫‪‌-1‬المرجع‌السابق‪‌،‬ص‪.‌59‬‬‫‪‌ -2‬الأستاذ ‌عبد ‌المنعم ‌خفاجي‪‌ ،‬كلية ‌اللغة ‌العربية‪‌ ،‬مقالة ‌بعنوان‪‌ :‬الأزهر ‌والتصوف‪‌ ،‬جامعة ‌الأزهر‪‌ ،‬عام ‌‪3116‬م‪‌،‬‬ ‫ص‪.1‬‬ ‫‪27‬‬

‫تهن ولا تتبدل دقائقدا‪ ،‬ولا تفتر نسبابها نمام تطور الحياة وخطوبها وندداثها‪ ،‬وعندما يمش ي المسلم الحق في‬ ‫مدام هذ الحياة ومع هذا النور (‪. )1‬‬ ‫ومن هنا فإن الكاتب يح ُّن إلى العدد الغزالي‪ -‬إذا صح التعبير‪ -‬وهو العدد الذي يفاخر ب علماء الأزهر‬ ‫وذلك في عدد الدولة العثمانية‪ ،‬ونوائل القرن الماض ي‪ ،‬ديث كان الأزهر معلم ًا ديني ًا بارز ًا‪ ،‬يمزج بين التصوف وما‬ ‫يحمل من معاشي الزهد وصفاء النفس‪ ،‬وبين الرقي العلمي الذي كانت تمثل نروقة الأزهر‪ ،‬ودلقات ومجامع‬ ‫العلمية‪.‬‬ ‫وهذا ما ختم ب البادث مقالت ديث نو إلى نن منهج التصوف هو المنهج الأبرز في الأزهر‪ ،‬ونن علماء‬ ‫الأزاهرة كان منهم متصوفة مكثر‪ ،‬ونن هذا التصوف بمعنا الحقيقي يتجلى في سمو ال ُّروح‪ ،‬والرجوع بها إلى الإيمان‬ ‫والتقوى والعمل الصاِلح‪ ،‬وليس التصوف المبني على البدع والخرافات (‪. )2‬‬ ‫‪ -‬نبو الحسنين محمد الشامي‪ ،‬ال ُبوطي يثبت كتاب الإبانة للْشعري‪:‬‬ ‫يلادظ من خلال البحث والاستقراء نن المسائل التي كانت ولا تزال محط خلاف بين الأشا ِعرة والسلفيين‬ ‫شسبة كتاب الإبانة للأشعري‪ ،‬وانقسموا في هذ المسألة على عدة آراء‪ ،‬من يقول بنسبت إلي من الغلاف إلى‬ ‫الغلاف‪ ،‬ومن يقول بأن لم يكتب ولم يكن هو آخر العدد ب ‪ ،‬ومنهم من قال بأن بعض انتحل وشسب إلي ‪ ،‬وقد‬ ‫كتب الهامي مقالت هذ والتي نسماها‪( :‬الصواعق الرنانة)(‪ ،)3‬ناقلا القول عن الهيخ ال مبوطي بأن الأ ْشع ِري هو‬ ‫صادب كتاب الإبانة بلاريب‪ ،‬وقد راق هذا للسلفيين دون شك‪ ،‬فدم يدافعون على شسبت \"الإبانة\" للأشعري‪،‬‬ ‫ويذكر المؤلف نن هناك نقاويل من بعض الأشا ِعرة تقول بأن الإبانة ليست من مؤلفات الأ ْشع ِري‪ ،‬ونن ليس آخر‬ ‫الحال بال ْشع ِري إنما شسب إلي من بعض الوهابيين‪ ،‬ويقرر نن ال مبوطي وهو من نساتذة وعلماء الأشا ِعرة في هذا‬ ‫الزمان‪ ،‬يؤكد نن الإبانة من مؤلفات الأ ْشع ِري‪ ،‬ونن يمثل عقيدت وما كان علي الأ ْشع ِري دقيقة بعد رجوع من‬ ‫مذهب الاعتزال‪ ،‬وخير ما يؤكد لنا نن الإمام الأ ْشع ِري لم يكن مبتدع مذهب‪ ،‬ولكن كان نصير مذهب جمدور‬ ‫‪-1‬عبد‌المنعم‌خفاجي‪‌،‬الأزهر‌والتصوف‪‌،‬ص‪.‌6‬‬ ‫‪‌-2‬المرجع‌السابق‪‌،‬ص‪‌.‌32‬‬‫‪‌-3‬أبوووو‌الحسووونين‌محمووود‌الشوووامي‪‌،‬مقالوووة‌بعنووووان‪‌:‬ال ُبووووطي‌يثبوووت‌كتووواب‌الإبانوووة‌ل شوووعري‪(‌،‬الصوووواعق‌الرنانوووة‌فوووي‌‬ ‫إثبووووووووووووووووات‌كت وووووووووووووووواب‌الإبانووووووووووووووووة)‪‌،‬ملتق ووووووووووووووووى‌أه وووووووووووووووول‌الحووووووووووووووووديث‪3131‌،‬م‪‌،‬انظ وووووووووووووووور‪:‬‬ ‫‪‌http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=216273‬‬ ‫‪28‬‬

‫المسلمين نهل السنة والجماعة‪ ،‬نن منصغي إلي وهو يحدثنا عن معتقد بعد نن رجع عن الإعتزال‪ ،‬وقد لخص‬ ‫عقيدت في كتاب الإبانة‪ ،‬وهو آخرمؤلفات (‪. )1‬‬‫وها ننا ننقل‪ -‬والكلام للبوطي بحسب الكاتب‪ -‬عقيدت التي يدين بها من خلال نص كلام في كتاب هذا‪،‬‬‫دون تحريف ولا تلخيص‪ :‬فإن قال لنا قائل‪ :‬قد ننكرتم قول المعتزلة والقدرية والجدمية والحرورية والرافضة‬ ‫والمرجئة فعرفونا قولكم الذي ب تقولون وديانتكم التي بها تدينون نقول ل ‪ :‬قولنا الذي نقول ب وديانتنا التي‬‫ندين بها التمسك بكتاب ربنا‪ -‬عز وجل‪ -‬وبسنة نبينا‪ -‬صلى هلل علي و سلم‪ -‬وما مر ِوي عن السادة الصحابة‬‫والتا ِبعين‪ ،‬ونئمة الحديث‪ ،‬ونحن بذلك معتصمون‪ ،‬وبما كان يقول ب نبو عبد هلل ندمد بن محمد بن دنبل نضر‬‫ هلل وجد ورفع درجت ونجزل مثوبت قائلون‪ ،‬ولمن خالف قول مخالفون‪ ،‬ثم يؤكد المؤلف في مقالت هذ ‪ ،‬وقد‬‫نسماها (الصواعق الرنانة في اثبات كتاب الإبانة) بأن الأ ْشع ِري كما يقول ال مبوطي على مذهب نهل السنة‬ ‫والجماعة‪ ،‬ونن على مذهب الإمام ندمد‪ ،‬ثم يقول الكاتب‪ ،‬إن ال مبوطي يل ِخص عقيدة الأ ْشع ِري في عدة نقاط وهي‪:‬‬‫‪ -7‬الأخذ بكل ما جاء ب الكتاب‪ ،‬وبكل ما جاءت ب السنة‪ ،‬لا فرق في ذلك بين سنة متواترة وآداد ما‬ ‫دامت ثابتة صحيحة ‪.‬‬‫‪ -9‬الأخذ بظواهر النصوص في الآيات الموهمة للتهبي ‪ ،‬مع تنزي هلل تعالى عن الهبي والنظير‪ ،‬فدو‬ ‫يعتقد نن لله وجدا لا كوج العبيد‪ ،‬ونن لله يدا لا تهب يد المخلوقات ‪.‬‬‫‪ -4‬إثبات جميع ال ِصفات التي نثبتها هلل تعالى لنفس ‪ ،‬مع اليقين بأنها ليست كصفات المخلوقات وإن‬ ‫اتفقت التسمية نديانا ‪.‬‬‫‪ -3‬إن الإشسان لا يخلق شيئا‪ ،‬ولكن يقدر على الكسب‪ ،‬ني يملك اختيارا وإرادة‪ ،‬وعلى هذا الكسب‬‫يدور التكليف وكل ما وعد هلل ب واقع ونافذ‪ ،‬ومن جملة وعد تأميل الفاسقين والعاصين بالعفو والمغفرة يوم‬‫‪‌-1‬أبوووو‌الحسووونين‌محمووود‌الشوووامي‌السووووري‪‌،‬مقالوووة‌بعنووووان‪‌:‬ال ُبووووطي‌يثبوووت‌كتووواب‌الإبانوووة‌ل شوووعري‪(‌،‬الصوووواعق‌‬ ‫الرنانوووووووة‌ف وووووووي‌إثبوووووووات‌كت ووووووواب‌الإبانوووووووة)‪‌،‬ملتق وووووووى‌أهووووووول‌الح وووووووديث‪3131‌،‬م‪3131/31/2‬م‪‌،‬انظووووووور‪:‬‬ ‫‪‌http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=216273‬‬ ‫‪29‬‬

‫القيامة إذا شاء ذلك‪ ،‬ومن جملة وعد ان ينكهف لمن شاء من عباد يوم القيامة فيرون رؤية صحيحة لا‬ ‫يضارون فيها\" (‪.)1‬‬‫وبهذا نلادظ من خلال هذ الدراسة؛ وخلاف ًا لما هو مهدور ومعروف عن ال مبوطي ومنهج ‪ ،‬ديث كان‬‫مينسب إلي القول بأن الأ ْشع ِري مخال ٌف لما علي السلف ُّيون المعاصرون (الوهابيون) كما يراهم ال مبوطي فدو لا يفرق‬‫ما بين السلفية المعاصرة والوهابية‪ ،‬فقد رنينا الكاتب يؤكد هنا على ما ميعتبر مخالف ًا لما هو معتمد من مذهب‬‫ال مبوطي‪ ،‬ديث ميضيف القول ل بأن عقيدة الأ ْشع ِري موافقة لعقيدة السلف في الأسماء وال ِصفات وغيرها‪ ،‬بما‬ ‫يفيد موافقتها لما علي السلف ُّيون المعاصرون‪ ،‬وهذا عكس ما ذهب إلي بعض الأشا ِعرة المعاصرون ‪.‬‬ ‫‪ -‬عبد الكريم عثمان النجدي‪ ،‬تاريخ ومنهج الجامعة الإسلامية بالمدينة‪:‬‬‫تكلم البادث عن إشها ِء الجامعة الإسلامية‪ ،‬وذكر نن كان في نواخر العصر العثماشي‪ ،‬ديث ا ْس متص ِدر‬‫مرسو ٌم بإشهائها عام ‪7494‬هـ‪ ،‬ونطلقت الحكومة العثمانية عليها اسم جامعة صلاح الدين الأيوبي‪ ،‬واخ ِتير لدا‬‫موق ٌع‪ ،‬شرقي محطة السكة الحديد في العنبرية‪ ،‬و مشرع في إقامة البناء‪ ،‬وتم إشهاء الدور الأول‪ ،‬لكن البناء توقف‬‫بعد ذلك بسبب الحرب العالمية الأولى عام ‪7449‬هـ‪ ،‬وعندما استولى الداشميون على الحجاز شغلتهم مهكلاتهم‬‫الخارجية والداخلية عن اكمال المهروع فظل مطويا وظل القسم الذي اشش ىء من مبناها خاويا‪ ،‬ثم اشهئت بقرار‬‫من الملك سعود بن عبد العزيز‪7441‬هـ‪ ،‬وعين الهيخ عبد هلل بن عبد العزيز بن باز نائبا لرئيس الجامعة‪ ،‬وبدنت‬ ‫الدراسة في الجامعة عام ‪7447‬هـ‪. )2(.‬‬‫انتهج الآباء المؤ ِس مسون للجامعة الإسلامية عقيدة السلف‪ ،‬كما تأثرت الجامعة بآراء كبارالعلماء كالهيخ‬‫ابن باز والهيخ ال معثيمين‪ ،‬والفوزان‪ ،‬وغيرهم‪ ،‬من العلماء في تأصيل المنهج الهرعي‪ ،‬ومن ضمن المهايخ الذين‬‫يدرسون علوم التوديد واللغة‪ ،‬الهيخ‪ :‬علي عبد الردمن الحذيفي‪ ،‬والهيخ‪ :‬العلامة فلاح بن إسماعيل مندكار‪،‬‬‫والهيخ‪ :‬عبد هلل بن محمد الغنيان‪ ،‬وهؤلاء العلماء منهجدم وعقيدتهم عقيدة السلف‪ ،‬وبين الكاتب نن المنهج‬ ‫‪‌-1‬المرجووووووووووع‌السووووووووووابق‪3131‌،‬م‌‪.‬زيووووووووووارة‌يوووووووووووم‌السووووووووووبت‌الموافووووووووووق‪3131/31/2‌،‬م‪‌،‬انظوووووووووور‪:‬‬ ‫‪http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=216273‬‬‫‪‌-2‬عبد‌الكريم‌عثمان‌النجدي‪‌،‬مقالة‌بعنوان‪‌:‬تاريخ‌ومنهج‌الجامعة‌الإسلامية‌بالمدينة‌المنورة‪‌،‬المكتبة‌الوقفية‪3135‌،‬هـ‪‌،‬‬ ‫ص‪.‌33‬‬ ‫‪30‬‬

‫الذي رسخو في عقول تلامذتهم‪ ،‬ثم نضاف البادث؛ نن ال محكومة السعودية تدعم الجامعة الإسلامية وتقوم على‬ ‫رعايتها‪ ،‬كذلك يفد إلى هذ الجامعة طلاب من كافة نقطار العالم الإسلامي‪ ،‬فينقلون هذ العقيدة السلفية التي‬ ‫تلقوها في هذ الجامعة وبهذا تم شهر هذ العقيدة السلفية الصحيحة‪ -‬على ما يرى الكاتب‪ -‬في نغلب الدول‬ ‫الإسلامية اليوم(‪.)1‬‬ ‫وقد كانت هذ المقالة بمثابة التعريف بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة‪ ،‬ونوضح فيها الكاتب‬ ‫الأيدلوجية التي نش ِهئت من نجلدا الجامعة الإسلامية‪ ،‬وهي‪ :‬تأصيل المنهج السلفي وفق رؤية الإمام محمد بن عبد‬ ‫الوهاب‪ -‬ردم هلل‪ -‬وهذا ما ظل متمهي ًا مع خطة الجامعة منذ إشهائها ودتى يومنا هذا ‪.‬‬ ‫من خلال سردنا لبعض الأبحاث والدراسات التي تناولت المنهجين السلفي والأشعري بالبحث‪ ،‬وتناولت‬ ‫خلفياتهما الإيدلوجية بالعرض؛ وكذلك ما نورد بعض البادثين من وجدات نظر مختلفة في منهجية كل من‬ ‫العثيمين والبوطي وما ذهبا إلي في مسائل العقيدة‪ ،‬شعرف نن ثمة نقاش دا ٌد في مسائل العقيدة عند الطرفين‪،‬‬ ‫وقد داول بعض الكتاب مدارسة وسبر نغوار هذا النقاش‪ ،‬إلا نن كثيرا من الدراسات تأثرت بهذ الآراء‪ ،‬وقد‬‫اشسحب هذا الخلاف على هذ المناقهات والاعتراضات‪ ،‬ديث رنينا نن البعض كان يستدل بوجدة نظرواددة‪ ،‬نو‬ ‫يجعل واددا من نعلام المنهجين \"السلفي‪ ،‬نو الأشعري\" دكم ًا على منهج الآخر‪ ،‬ومعلو ٌم نن هذا لا يكون دقيق ًا في‬ ‫الحكم على الخصمين‪ ،‬لسباب منها‪:‬‬ ‫أو ال‪ :‬كونهما خصمين‪ ،‬ولا يجوز نن يكون الخصم دكم ًا (‪.)2‬‬ ‫ثانيا‪ :‬يحتمل نن يكون هذا الذي جعلنا دكم ًا على خصم قد جانب الصواب فيما ذهب إلي ‪ ،‬ولم‬ ‫يوافق الحق فيما اختار من منهج ‪.‬‬ ‫ثالث اا‪ :‬إن هذا المنهج في تقييم المذاهب والفرق الإسلامية قد ذهب إلى تخطئت كثي ٌر من البادثين‬ ‫والمفكرين في العصرالحديث‪.‬‬ ‫‪‌-1‬المرجع‌السابق‪‌،‬ص‪‌-39‬ص‪.‌12‬‬‫‪ -2‬أبو العلا علي النمر‪ .‬النظام القانوني لرد المحكم‪ .‬بحيث مقدم إلى المؤتمر السنوي الخامس لكلية الحقوق‪ .‬جامعة‬ ‫المنصورة في ‪ 82 ،82‬مارس ‪.8222‬‬ ‫‪31‬‬

‫رابع اا‪ :‬إن المنهج الأفضل والأصح في الحكم على المتناقضين والمختلفين‪ ،‬وتصويب نددهما على الآخر‪،‬‬ ‫هو منهج المقارنة الوصفية‪ ،‬نو المقارنة التحليلية ‪.‬‬ ‫وفي المبحث التالي سأشير إلى طبيعة المنهج المقارن الذي سأتبع ‪ ،‬وبيان استخدام العلماء المعاصرين ل‬ ‫في الحكم على المذاهب والفرق الدينية المختلفة‪:‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬تقديم نظري للمنهج المقارن‪:‬‬‫إن منهج المقارنة الذي سأستخدم يقوم بالساس على \"المنهج المقارن\" وذلك للوصول إلى معرفة نعمق‬‫بموضوع المقارنة‪ ،‬من باب \"وبضدها تتمايز الأشياء\" وسأركز على ما في المذهبين السلفي والأ ْشع ِري من نقاط‬‫الاتفاق‪ ،‬وكذلك المسائل التي اختلفوا فيها‪ ،‬وما عندهم من متهابهات ومتغايرات‪ ،‬وذلك بسرد نقوالدم دون نن‬‫نتجاوزها‪ ،‬وس مأع ِرف بعقيدة ك ِل طرف وندلت ِ ‪ ،‬لإظدار الفرقات بينهما‪ ،‬وما يتمي مز ب كل وادد من المنهجين في‬‫العناية بالاس ِتدلالات النقلية والعقلية المختلفة‪ ،‬وإذا نشرت إلى رني من الأراء الحديثة في مسألة من المسائل‪،‬‬ ‫فسأذكر سبب هذ الإشارة‪ ،‬نو منن ِب على رجادة قول على قول‪ ،‬مستدلا بأقوال من سبقني من البادثين في هذ‬‫المسائل‪ ،‬وهذا ميح ِتم علينا اللجوء إلى المصادر التاريخية الر ِصينة واستعراض ما ساق الأولون من الآراء‬‫والتحليلات‪ ،‬مقارن ًا حجتهم بحجة العلماء المعاصرين‪ ،‬في كلا المذهبين السلفي والأ ْشع ِري‪ ،‬الأمر الذي يدعونا إلى‬ ‫الاستعانة بالمنهج النقدي نديان ًا ‪.‬‬‫إذ اا‪ :‬ستكون دراستي هذ دراسة موسوعية مقارنة للآراء الكلامية‪ ،‬وسأبتعد فيها عن الانحياز والتعصب‬‫والغلو‪ ،‬وسأتحرز ونبتعد عن الأساليب الخطابية في إثارة الجمدور والرني العام لصالح هذا نو ذاك‪ ،‬ولا نورد‬‫ملادظة‪ ،‬ولا نقض ي قضا ًء با ًتا في دق مذهب نو شخص إلا ن ْن نذكر المصدر نو الدليل‪ ،‬ثم إذا نردت نق ًدا نو‬‫ملادظة‪ ،‬سأذكرذلك بصورة منفصلة وبأسلوب علمي موضوعي‪ ،‬مراع ًيا الأمانة والإنصاف‪ ،‬وروح البحث العلمي ‪.‬‬ ‫مدخل المقارنة‪:‬‬‫يعتبر المنهج المقارن من المناهج العلمية الحديثة التي يتبعدا البادثون والدارسون في مجالات البحث‬‫العلمي‪ ،‬وهو منهج رصي ٌن تتبين ب مواطن التمايز والتطابق‪ ،‬والتهاب والتماثل‪ ،‬نو الاختلاف والتباين‪ ،‬والتناقض‬ ‫‪32‬‬

‫والتضاد‪ ،‬وذلك في وجدات النظر المتنوعة‪ ،‬وكذلك ميب ِين بوضوح تطابق الأفكار نو اختلافدا في مجمل قضايا‬‫ومسائل ونفكارومناهج العلوم الإشسانية في شتى المجالات‪ ،‬سواء كانت دينية‪ ،‬نو اجتماعية‪ ،‬نو سياسية‪ ،‬نو غيرها‪،‬‬‫ويعتبر المنهج الكيفي من نهم طرق المقارنة الحديثة‪ ،‬وقد اعتمد كثي ٌر من ال مبحاث والناقدين الغربيين‪ ،‬كما نشار‬‫إلي ‪ Nachmias‬في اختيار للمنهج المقارن الكيفي ديث برر ذلك بقول ‪ :‬إن المنهج الك ْيفي من خلال المقارنة‬ ‫التحليلية يعتبرإددى الوسائل نو الاستراتيجيات المتبعة في المنهج الكيفي (‪.)1()Quantitative method‬‬‫وذكر ‪ Nachmias‬نيض ًا‪ :‬نن المنهج الكيفي يهتم بالآراء‪ ،‬ووجدات النظر‪ ،‬والتجارب وال ِخبرات الإشسانية‪،‬‬‫ونداسيس وشعور الأفراد‪ ،‬فدو يقدم لنا بيانات ذاتية قام البادث باستخلاصدا بمجدود مضني وشاق من سجلات‬‫ووثائق تعبر عن نراء نصحابها‪ ،‬ويقوم البادث بتحليلدا واستنباط القواعد العامة منها نو ما يعرف بالفروض‬ ‫العلمية التي سيبني عليها دراست لادق ًا (‪. (2‬‬‫وبواسطة المنهج الكيفي يتم فدم الوضع من خلال المنظور الكلي والهامل للموضوع‪ ،‬مما يساعد‬ ‫الدارس علي نن ميك ِون صور ًة نقرب إلي التكامل والوضوح عن موضوع الدراسة‪ ،‬مما يمكن من التعبير عن نتائج‬‫بكل ثقة ومدارة‪ ،‬والبحوث الكيفية تتميزبالروية في جمع المعلومات والبيانات‪ ،‬وتع ُّدد المصادرالتي تستقي منها تلك‬‫المعلومات‪ ،‬ولا تحتاج إلي مجموعة كبيرة للاستقصاء منها‪ ،‬نو التحدث إليها‪ ،‬نو دراستها‪ ،‬بل الأمر قد يقتصر علي‬ ‫مجموعة محدودة جد ًا‪ ،‬يعمم البادث المعلومات التي استقاها منها علي الفئة نو الجماعة التي تنتمي إليها(‪. )3‬‬‫ويرى بعض الدارسين لمناهج المقارنة في العلوم ال ِدينية‪ ،‬والمذاهب الإسلامية‪ ،‬ومنهم الدكتور دين محمد‬‫محمد ميرا نن‪ :‬المنهج المقارن للمذاهب ال ِدينية نكاديميا يعتبر دديث الظدور‪ ،‬ديث يذكر نن ظدر في القرن الماض ي‬‫لدى علماء الغرب المدتمين بدراسة الأديان‪ ،‬غير نن هذا لا ينفي كون المقارنة منهج ًا قرآني ًا‪ ،‬اتبع علماء المسلمين‬ ‫وإن كان في نطاق محدود(‪. )4‬‬‫‪Nachmias,C .& Nachmias, D .(1992) .Research Methods in the Social Sciences 4th -1‬‬ ‫)‪ed . St . martin, New York .pp 66-90 (my translation‬‬ ‫‪‌Nachmias,C .& Nachmias, D .(1992) .pp 66-90 (my translation)‌-2‬‬‫‪Ambert. A. (1995). Qualitative Research. Journal Understanding and Evaluating -3‬‬ ‫‪‌ of Marriage and Family,‬‬ ‫‪‌-4‬دين‌محمد‌محمد‌ميرا‪‌،‬مقالات‌في‌المنهج‌دار‌البصائر‌‪3119‬م‪‌،‬ص‪‌.11‬‬ ‫‪33‬‬

‫وتتسامى في هذا المضمار المقارنة الإسلامية المقتبسة من القرآن الكريم وعلوم ‪ ،‬ديث نرى ننها سبقت‬ ‫المقارنة الغربية بكثير‪ ،‬ولم يقتصر الأمر على هذا‪ ،‬بل نرى ننها تتحلى بالواقعية والعملية‪ ،‬وذلك لنها تصل في نهاية‬ ‫المطاف إلى إبرازمواطن التفاضل والتسامي بين المناهج‪ ،‬سواء منها؛ المناهج الدينية‪ ،‬نو السياسية‪ ،‬نو الاجتماعية‪.‬‬ ‫أولا‪ :‬المقارنة عند العلماء الغربيين‪:‬‬ ‫استخدم علماء الغرب المنهج المقارن واعتمدوا علي في دراستهم للمذاهب والأيدولوجيات ال ِدينية‬ ‫المختلقة‪ ،‬ومن خلال استقرائنا للطرق والأساليب التي اتبعدا المفكرون الغربيون في بحوثهم ودراستهم بدا وضح ًا‬ ‫تبنيهم لمنهج المقارنة كأدد نهم المناهج العلمية في الدراسات الحديثة‪ ،‬ديث نشار إلي العديد من المفكرين‬ ‫الغربيين‪ ،‬ومنهم على سبيل المثال‪ Ninian Smart :‬الذي استخدم ونوص ى ب كأدسن طرق البحث العلمي‬ ‫الحديث(‪.)1‬‬ ‫واستفاد من البادثون الغربيون المتخصصون في مقارنة الأديان‪ ،‬ليساعدهم على معرفة مواطن التباين‬ ‫والاتفاق والاختلاف والتغاير في نبحاث ودراسات عديدة‪ ،‬غير نن هؤلاء المفكرين الغربيين ميؤخذ عليهم الحث على‬ ‫ضرورة اجتناب التوصل إلى نتيجة تؤدي إلى تفضيل دين على دين‪ ،‬نو مذهب على مذهب‪ ،‬باعتبار نن هذا نتيجة‬ ‫دتمية لما تتوصل إلي كل مقارنة تجرى في هذا المجال‪ ،‬ومن ال ممفكرين الغربيين الذين مضوا في هذا الطريق‪،‬‬ ‫ودثوا على التوقف عن إصدار الأدكام على المذاهب والطرائق ال ِدينية‪ ،‬ومنعوا تفضيل بعض المذاهب ال ِدينية‬ ‫على بعض‪ ،‬العالم الغربي \"‪ \"Huston Smith‬في كتاب \"‪ ،)2(Religions of Man‬وهذا ما عاب بعض المفكرين‬ ‫الإسلاميين على المنهج الغربي‪ ،‬ورنوا بأن هذا يطعن في دقة ومصداقية المنههج المقارن على الطريقة الغربية‪.‬‬ ‫ونعتقد نن من المدم معرفة نن سبب ذلك كونهم يف ُّرون من التم ِييز بين الأديان والعرقيات‪ ،‬ويتطرفون‬ ‫في الفرار من التفرقة على نساس ديني‪ ،‬مما جعلدم يذهبون بعيد ًا في التحذير من تفضيل دين على دين‪ ،‬وإن‬ ‫اعتقدوا بواسطة البحث ال ممن ِصف المؤدي إلى دقيقة متث ِبت مبطلان دين وصواب آخر؛ وهذا ما يفسر جنوح البلدان‬‫‪1- Ninian Smart., Science of Religion and Sociology of Knowledge, Princeton:‬‬‫‪Princeton University Press, 1973. P.33.‬‬‫‪2‌ -Huston Smith: Religions of Man Published by New American Library, New York‬‬‫‪1963 .P .6 .‬‬ ‫‪34‬‬

‫الغربية للعلمانية‪ ،‬ودعواتهم لفصل الدين عن الدولة‪ ،‬فدم لا يميلون إلى تصنيف الناس بحسب نديانهم‬ ‫ونعراقدم ‪.‬‬ ‫ومن وجدة نظرنخرى‪ ،‬يمكن نن ميرد على هذا القول بأن هذا الكلام يحتاج إلى كثيرمن التمحيص‪ ،‬ديث‬ ‫نرى نن الغرب يتربع على قمة التمييز العنصري ضد المسلمين‪ ،‬وهناك شواهد كثيرٌة لا متب ِرئ الغرب مما يحدث في‬ ‫فلسطين‪ ،‬وفي نفغاشستان والعراق‪ ،‬وغيرها من بلدان العالم الإسلامي‪ ،‬وكذلك ما شدد العالم في القرن الماض ي‬ ‫من مظاهر التمييز المجحفة‪ ،‬التي عامل على نساسدا الغرب بلدان ًا ونعراق ًا على نساس دينها‪ ،‬وعرقدا ولونها‪ ،‬ومن‬ ‫نمثلة ذلك ما فرض في نلمانيا من دظرالزواج من خارج العرق الآري‪ ،‬واعتبارهذا جزء ًا من القوانين التي مسنت في‬ ‫نورمبرغ على ايدي النازيين في نلمانيا ضد الجالي اليهودية الألماني خلال الثلاثينات من القرن العهرين‪ ،‬وقد كانت‬ ‫القوانين تحظر الزواج بين اليهود والألمان الآريين‪ ،‬وقد صنفت هذ القوانين اليهود على ننهم اجناس مختلفة ونقل‬ ‫من العرق الآري(‪.)1‬‬ ‫لذلك انتقد المفكرون الإسلام ُّيون منهج المقارنة ال ِدينية عند الغربيين الذي يرفض التوصل إلى تفضيل‬ ‫دين على دين نو مذهب على مذهب‪ ،‬محتجين بأن هذا لا يستند على واقع علمي نو منطقي(‪ ،)2‬فلابد من الوصول‬ ‫في النهاية إلى قناعة ما؛ فبالعرض والتأمل لهيئين مختلفين وإن كان هذا الاختلاف شسبي‪ ،‬بحيث تتباين هذ‬ ‫الفوارق في ال ِكبروال ِصغروالبساطة والتعقيد‪ ،‬وفي النهاية نصل إلى نتيجة يرتب عليها قناعة معين ‪ ،‬تؤثرفي الاختيار‬ ‫من ديث القبول والرفض‪ ،‬والمحبة وال مكر ‪ ،‬وهذ فائدة المقارنة وغايتها‪.‬‬ ‫استخدام بعض المفكرين الغربيين لهذا المنهج وتقديمه على غيره‪:‬‬ ‫لقد استخدم كثي ٌرمن المفكرين والبادثين الغربيين منهج المقارنة الكيفية‪ ،‬بل وذكروا بأن يع ُّد من‬ ‫نفضل ونقوى المناهج المتبعة لإيضاح التباين والتفاوت بين فكرتين نو طريقتين يبدوا تناقضدما في وجو ٌ عدة‪،‬‬ ‫ولدذا نلادظ نن كلا من ‪ Strauss & Glasse‬قد استخدما منذ عام ‪ 7161‬وضمنو (المنهج الكيفي) نو ما يعرف بـ‬‫‪‌ -1‬محمد ‌بن ‌سليمان ‌الفيفي‪‌ ،‬إطلالة ‌على ‌العنصرية‪‌ ،‬جامعة ‌الإمام ‌محمد ‌بن ‌ىسعود‪3111/1/33‌ ،‬هـ‪‌ ،‬وانظر‪‌:‬‬ ‫‪‌http://www .faifaonline .net/faifa/articles-action-show-id-2760 .htm‬‬ ‫‪‌-2‬دين‌ميرا‪‌،‬مقالات‌في‌المنهج‪‌،‬ص‪.‌19‌-16‬‬ ‫‪35‬‬

‫( ‪ ،)1()Quantitative method‬في طرقدم للجمع والتحليل المنظم للبيانات في موضوع الدراسة التحليلية‪ ،‬والمقارنة‬ ‫بين مختلفين‪ ،‬فخلصوا بالنهاية إلى عدة نتائج مدمة منها‪:‬‬ ‫‪ -7‬تعميم النتائج النظرية دول ال ِفكرة الرئيسية التي تم الانطلاق منها في البحث الكيفي‪.‬‬ ‫‪ -9‬إن المنهجية الكيفية تحرص دائما علي ربط الموضوع بالتاريخ والواقع ال ممعاش والزمن والإرث‬ ‫الثقافي والحضاري ‪.‬‬ ‫‪ -4‬الاستدلال في البحوث الكيفية يفسر الموضوعات من خلال استقراء الواقع بجوانب المتع ِددة‬ ‫والممعقدة‪ ،‬وصول ًا إلي تص ُّور النمط العام لما يحاول البادث دراست وتحليل ‪.‬‬ ‫‪ -3‬البا ِدث في المنهج الكيفي يقوم ببناء النماذج‪ ،‬من خلال تحليل التركيب إلي نجزاء ممك ِونة ل ‪،‬‬ ‫وتفسيرالمعني الخاص والعام بموضوع المقارنات‪ ،‬وتحليل العلاقات الممكنة والمتوقعة بين تلك الجزئيات (‪. )2‬‬ ‫ثانيا‪ :‬المقارنة عند علماء المسلمين‬ ‫صرح بعض علماء المسلمين الذين اهتموا باستنباط المنهج المقارن من الأسلوب القرآشي البديع‪ ،‬ومنهم‪:‬‬ ‫محيي الدين شيخ زاد ديث صدر هذا المعنى في داشيت على تفسير الإمام البيضاوي عند تفسير قول تعالى‪( :‬وِإنا‬ ‫ن ْو ِإيا مك ْم لعلى مه ًدى ن ْو ِفي ضلال ُّم ِبين)(‪ ،)3‬فقد ذهب زاد إلى القول بأن‪\" :‬ندد الفريقين منا نو منكم لعلى ندد‬ ‫الأمرين من الددى نو الضلال المبين\" (‪ ،)4‬ومن باب نن الممقارنة تماي ٌز بين طائفة وطائفة فإنها متبرز ومتبين معالم كل‬ ‫فريق ومميزات ‪.‬‬ ‫‪-1‬انظر‪Strauss, A . & Glasser, B . (1967) .The Discovery of Grounded Theory :‬‬‫‪Strategies for Qualitative Research . Aldine de Gruyter, New York.pp.120-143). (my‬‬ ‫‪‌‌translation).‬‬ ‫‪‌2‬المرجع‌السابق‪.‌p. (120-143).،‬‬ ‫‪‌-3‬سورة‌سبأ‌الآية‌‪.31‬‬‫‪‌-4‬محمد‌بن‌مصلح‌الدين‌مصطفى‌القوجي‌الحنفي‪‌،‬حاشية‌الشيخ‌زادة‌على‌البيضاوي‪‌،‬على‌البيضاوي‪‌،‬تحقيق‪‌:‬محمد‌عبد‌‬‫القادر ‌شاهين‪‌ ،‬دار ‌الكتب ‌العلمية‪‌ ،‬بيروت‪‌ ،‬الطبعة ‌الأولى‪3999‌ ،‬م ‌ج‪1‬ص‪‌ ،366‬وانظر‪‌ :‬دين ‌محمد ‌ميرا‪‌ ،‬مقالات ‌في‌‬ ‫المنهج‪‌،‬ص‪.12‬‬ ‫‪36‬‬

‫ولدذا فإن علماء المسلمين عندما يتكلمون عن هدف المنهج المقارن يقولون‪ :‬إن هدف المنهج المقارن هو‬ ‫الوصول إلى معرفة نعمق بموضوع المقارنة من باب \"وبضدها تتمايز الأشياء\"‪ ،‬فيركز‪ -‬ني المنهج المقارن‪ -‬على ما‬ ‫يكون بين موضوعي المقارنة من اتفاق واختلاف‪ ،‬نو مهابهات ومغايرات‪ ،‬بدون نن يتجاوزها (‪. )1‬‬ ‫ونذك مر بعض الشخصيات موضوع هذا البحث التي استخدمت منهج المقارنة‪ ،‬وإن لم تكن عند بعضدم‬ ‫بنفس الاسم المستخدم اليوم‪ ،‬لكنهم عبروا عن بما يفيد معنى النظر في شيئين مختلفين بينهما مهتركات‪،‬‬ ‫وبعضدم استخدم بلفظ ومعنا ‪ ،‬فاستدلوا ب واستخدمو في النظر والتحليل‪ ،‬ولكن هذا النظر إنما هو من‬ ‫ديث البيان لمواطن الاختلاف والاتفاق‪ ،‬والتباين والنهايات ‪.‬‬ ‫ومن نمثلة استخدام السلفيين ل ما ينقل عن ابن ت ْي ِمية في كتب ‪ ،‬فكثي ًرا ما استخدم المنهج المقارن في‬ ‫استدلالات على ما ذهب إلي في بعض المسائل‪ ،‬ويهير إلي نديان ًا بـ\"المقابلة\"(‪ ،)2‬فقد استخدم في كتاب ‪\" :‬بيان‬ ‫تلبيس الجدمية\" عند الحديث عن قول تعالى‪( :‬كلا ِإن ِكتاب ال مفجا ِر ل ِفي ِس ِجين‪ ...‬الآية )(‪ )3‬فقال‪\" :‬بيـن مس مفول م‬ ‫بمقابلت بعليين‪ ،‬وبيـن نيضا سعة عليين بمقابلة سجين‪ ،‬فيكون قد دل على العلو والسعة التي للأبرار وعلى‬ ‫السفول والضيق الذي للفجار\"(‪ )4‬وقال نيض ًا في مجموع الفتاوى بعد نن عقد مقارنة بين تفسيرابن عطية وتفسير‬ ‫‪‌-1‬دين‌ميرا‪‌،‬مقالات‌في‌المنهج‪‌،‬ص‌‪.16‬‬‫‪‌-2‬جاء‌في‌لسان‌العرب‪‌\"‌:‬قابل‌الشيء‌بالشيء‌مقابلة‌وقبالا‪‌:‬عارضه‪‌،‬وإذا‌ضممت‌شيئا‌إلى‌شيء‌قلت‌قابلته‌به‌ومقابلة‌‬‫الكتاب‌بالكتاب‌وقباله‌به‪‌:‬معارضته‪‌،‬و‌تقابل‌القوم‪‌:‬استقبل‌بعضهم‌بعضا‌وقد‌استخدم‌مصطلح‌المقابلة‌بمعنى‌المعارضة‌‬‫والمقارنة‌لشيء‌بشيء‪‌،‬ومنه‪‌:‬الحديث‌\"إن‌جبريل‌عليه‌السلام‌كان‌يعارضه‌القرآن‌في‌كل‌سنة‌مرة‌وأ َّنه‌عارضه‌العام‌‬‫مرتين\"‌أي‌كان‌يدارسه‌جميع‌ما‌نزل‌من‌القرآن‌من‌المعارضة‪‌:‬المقابلة‪‌،‬ومنه‌\"عارضت‌الكتاب‌بالكتاب\"‌أي‌قابلته‌به‪‌،‬‬‫انظر‪‌ :‬محمد ‌بن ‌مكرم ‌بن ‌منظور ‌الأفريقي ‌المصري‪‌ ،‬دار ‌صادر‪‌ ،‬بيروت‪‌ ،‬الطبعة ‌الأولى‪‌ ،‬ج‪33‬ص‪‌ ،211‬وانظر‪‌:‬أبو‌‬‫السعادات‌المبارك‌بن‌محمد‌الجزري‪‌،‬النهاية‌في‌غريب‌الحديث‌والأثر‪‌،‬المكتبة‌العلمية‪‌،‬بيروت‪3999‌،‬م‪‌،‬تحقيق‪‌:‬طاهر‌‬ ‫أحمد‌الزاوى‌‪‌-‬محمود‌محمد‌الطناحي‪‌،‬ج‪1‬ص‪.‌119‬‬ ‫‪ -3‬سورة المطففين الآية ‪. 7‬‬‫‪‌-4‬ومنها‌ما‌اختاره‌في‌\"الجواب‌الصحيح‌لمن‌بدل‌دين‌المسيح\"‌في‌قوله‌في‌مسألة‌ما‌ذكر‌في‌التوراة‌والإنجيل‌من‌أمور‌‬‫منها ‌\"اسم ‌محمد\"صلى ‌الله ‌عليه ‌وسلم‪‌ ،‬فقد ‌قال‪‌ \"‌ :‬إن‌أمكن ‌أحدا ‌أن ‌يجمع ‌جميع ‌النسخ‪‌ ،‬كانت ‌قدرته ‌على ‌تغيير ‌بعض‌‬‫ألفاظها‌كلها‌أيسر‌عليه‪‌،‬من‌مقابلة‌كل‌ما‌في‌نسخة‌بجميع‌ما‌في‌سائر‌النسخ\"‌انظر‪‌:‬أحمد‌عبد‌الحليم‌بن‌تيمية‌الحراني‌أبو‌‬‫العباس‪‌ ،‬بيان ‌تلبيس ‌الجهمية ‌في ‌تأسيس ‌بدعهم ‌الكلامية‪‌ ،‬تحقيق‪‌ :‬محمد ‌بن ‌عبد ‌الرحمن ‌بن ‌قاسم‪‌ ،‬مطبعة ‌الحكومة ‌‪‌ -‬مكة‌‬‫المكرمة‪‌ ،‬الطبعة ‌الأولى‪‌ ،3193‌ ،‬ج‪3‬ص‪‌ ،339‬وانظر‪:‬أحمد ‌بن ‌عبد ‌الحليم ‌بن ‌تيمية ‌الحراني ‌أبو ‌العباس‪‌ ،‬الجواب‌‬‫الصحيح‌لمن‌بدل‌دين‌المسيح‪‌،‬تحقيق‪‌:‬علي‌حسن‌ناص ‌ر‪‌،‬د‌‪.‬عبد‌العزيز‌إبراهيم‌العسكر‪‌،‬حمدان‌محمد‪‌،‬دار‌العاصمة‪‌،‬‬ ‫الرياض‪‌،‬الطبعة‌الأولى‪3131‌،‬هـ‪‌،‬ج‪1‬ص‪13‬‬ ‫‪37‬‬

‫الزمخهري‪\" :‬وتفسير ابن عطية خير من تفسير الزمخهري ونصح نقلا وبحث ًا ونبعد عن البدع‪ ،‬وإن اشتمل على‬ ‫بعضدا؛ بل هو خيرمن بكثير‪ ،‬بل لعل نرجح هذ التفاسير‪ ،‬ولكن تفسيرابن جريرنصح من هذ كلدا\"(‪.)1‬‬ ‫واستخدم ال معثيمين المقارنة لفظ ًا ومعن ًى‪ ،‬في كتاب ‪\" :‬مجموع الفتاوى والرسائل\" عند ما سئل عن معنى‬ ‫قول تعالى‪( :‬ولا ت مس ُّبوا ال ِذين ي ْد معون ِم ْن مدو ِن الل ِ في مس ُّبوا الل ع ْدوًا ِبغ ْي ِر ِع ْلم)(‪ ،)2‬فقد ذكر نن لابد من الموازنة‬ ‫بين المصالح والمفاسد‪ ،‬ثم قال‪\" :‬علينا نيض ًا في إطار هذ الحقيقة نن نتبصر ونن نقارن بين المصالح والمفاسد‪ ،‬ونن‬ ‫نقارن بين البدايات والنهايات‪ ،‬لاسيما في مثل هذ الحوادث المؤلمة الخطيرة (‪.)3‬‬ ‫وقد استخدم الأ ْشاعرة نيض ًا‪ ،‬وجعلو معيا ًرا علمي ًا في استدلالاتهم العقلية التي قدموها في مسائل‬ ‫الاعتقاد المختلفة‪ ،‬باستخدام مصطلح للدلالة على تحليل دقيقة بعينها‪ ،‬نو ذكر معن ًى اعتقدو في نص من‬ ‫النصوص‪ ،‬ومن نمثلة ذلك ما ذكر ابن ديان في مقدمة تفسير ‪ ،‬وقد عقد مقارن ًة هو الآخر بين تفسير ابن‬ ‫عطية‪ ،‬وتفسير الزمخهري‪ ،‬فقال‪\" :‬وكتاب ابن عطية ننقل ونجمع ونخلص‪ ،‬وكتاب الزمخهري نلخص ونغوص‪،‬‬ ‫إلا نن الزمخهري قائل بال ُّطفرة(‪ ،)4‬ومقتصر من الذؤابة على الوفرة‪ ... ،‬إلى نن قال‪ ...‬وتقحم مرتكب ‪ ،‬وتجهم‬ ‫دمل كتاب هلل‪ -‬عز وجل‪ -‬علي ‪ ،‬وشسب ذلك إلي ‪ ،‬ف ممغتفر إساءت لإدسا ِن ‪ ،‬ومصفوح عن سقط في بعض‬ ‫لإصابت في نكثرتبيان \"(‪. )5‬‬ ‫وقد نجرى ال مبوطي مقارن ًة بين المنهج العلمي في البحث والاستدلال عند علماء المسلمين‪ ،‬ومنهج البحث‬ ‫عند العلماء الغربيين‪ ،‬وكان ذلك في نكثر من ثلاثين صفح ًة؛ بدنت من مبحث المنهج العلمي في البحث عند علماء‬ ‫المسلمين وغيرهم‪ ،‬ثم خلص إلى القول بأن المنهج الغربي قد نخفق‪ ،‬باعتبارنن منتهجي انقسموا إلى طائفتين‪:‬‬ ‫‪‌-1‬ابن‌ َت ْي ِم َّية‪‌،‬الفتاوى‌الكبرى‪‌،‬ج‪2‬ص‪.52‬‬ ‫‪‌-2‬سورة‌الأنعام‌الآية‌‪.315‬‬ ‫‪‌-3‬ال ُعثيمين‪‌،‬محموع‌فتاوى‌ورسائل‪‌،‬ج‪31‬ص‪‌.‌211‬‬‫‪‌ 4‬الطفرة‪‌ :‬الطفرة ‌الوثب ‌في ‌ارتفاع‌كالطفور‪‌،‬ومعناها ‌المبالغة ‌في ‌القول‌والقفز ‌على ‌غير‌سبيل‪‌ ،‬انظر‪‌ :‬الفيروزآبادي‪‌،‬‬ ‫القاموس‌المحيط‪‌،‬ج‪3‬ص‪.‌212‬‬ ‫‪-5‬محمد‌بن‌يوسف‌ابن‌حيان‪‌،‬تفسير‌البحر‌المحيط‪‌،‬ج‪3‬ص‪.‌331‬‬ ‫‪38‬‬

‫‪ -7‬طائفة المتدينين وهؤلاء نخضعوا الحقائق لقناعاتهم‪ ،‬ولم يذعنوا للحقائق العلمية التي وصلت‬‫إليهم من خلال البحث والاستنتاج‪ ،‬ديث نن معتقداتهم تجاب الحقائق العلمية‪ ،‬وتجانبها مجانبة لا تحتمل‬ ‫التوفيق والتأويل ‪.‬‬‫‪ -9‬طائفة غير متدينة‪ ،‬رفضت هذ المعتقدات التي تعارض العقل وتضاد ‪ ،‬ولكنهم اكتفوا بتفنيد‬‫معتقداتهم التي تناقض العقل وتضاد ‪ ،‬ولم يذعنوا للدين الح ِق الذي يسجد العقل والعلم لكل مبادئ ‪ ،‬نلا وهو‬ ‫دين الإسلام (‪. )1‬‬‫ثم يختتم ال مبوطي مقارنت بقول ‪\" :‬إن الإسلام يقوم في مبادئ الاعتقادية كلدا على منهج دقيق نزي ‪ ،‬لا‬ ‫تخط إلا يد العقل ودد ‪ ،‬دون نن يكون ثمة سلطان لعصبية نو رغبة في اعتقاد نو تقليد واتباع\"(‪. )2‬‬‫ومن نمثلة المقارنة نيض ًا التي استخدمدا بعض الأشا ِعرة المعاصرين‪ ،‬ما ذكر الهيخ الهعراوي عند‬‫تفسير لقول تعالى‪( :‬نم ْن مهو قا ِن ٌت آنآء اليل سا ِجد ًا وقآ ِئم ًا ي ْحذ مر الآخرة وي ْر مجوْا ر ْدمة رِب ِ مق ْل ه ْل ي ْست ِوي الذين‬ ‫ي ْعل ممون والذين لا ي ْعل ممون ِإنما يتذك مر من ْوملوْا الألباب)(‪ ،)3‬فقد ذكر نن الحق سبحان يبلغ رسول صلى هلل علي‬‫وسلم ليبلغنا نحن المسلمين المؤمنين برسالت نن نقارن بين الذي يخهع لله في نثناء الليل فيقضي قائم ًا وساجد ًا‬ ‫يرجو ردمة رب ‪ ،‬وبين الذي يدعو رب في الضراء وينسا في السراء (‪. )4‬‬‫ونلادظ نن كل ًا من السلفيين والأ ْشع ِريين الذين استخدموا المنهج المقارن‪ ،‬إنما خلصوا في النهاية إلى‬‫نتيجة مفادها تفضيل فريق على فريق‪ ،‬وطائفة على طائفة‪ ،‬ومنهج على منهج‪ ،‬وكتاب على كتاب‪ ،‬ومؤلف على‬ ‫مؤلف‪ ،‬وهذا هو المراد من المقارنة النقدية التي سنتبعدا في هذا الفصل‪ ،‬بالضوابط التي سنبينها في الآتي ‪.‬‬ ‫ثالثا‪ :‬ضوابط المقارنة التي سنتبعها في دراستنا هذه‪:‬‬‫إن المنهج الذي سنتبع في دراستنا هذ هو المنهج المقارن‪ ،‬وفق الضوابط التي رسمدا العلماء المسلمون‪،‬‬‫والتي استقوها من القرآن الكريم‪ ،‬وقد اعتمدها علماء الغرب كذلك في منهجيتهم للمقارنة بين المذاهب والأديان‪،‬‬ ‫‪‌-1‬ال ُبوطي‪‌،‬كبرى‌اليقينيات‌الكونية‪.‌61-63‌،‬‬ ‫‪‌-2‬ال ُبوطي‪‌،‬كبرى‌اليقينيات‌الكونية‪‌،‬ص‪.61‬‬ ‫‪‌-3‬سورة‌الزمر‌الآية‌‪.9‬‬ ‫‪‌-4‬الشيخ‌الشعراوي‪‌،‬تفسير‌الشعراوي‪‌،‬ج‪3‬ص‪.611‬‬ ‫‪39‬‬

‫غير نننا سنتحاش ى الضوابط التي وضعدا علماء الغرب‪ ،‬كما نشرت إلى سمات منهجدم آنف ًا‪ ،‬وهو نيجابهم على‬ ‫مستخدمي هذا المنهج عدم التفضيل بين المذاهب والطرائق ال ِدينية المختلفة‪ ،‬باعتبار نننا سنخلص إلى نتائج في‬ ‫ختام بحثنا هذا‪ ،‬وهذ النتائج لابد نن يتسامى ويتميز فيها منهج على منهج‪ ،‬وطريقة على طريقة‪ ،‬وعلى الرغم من‬ ‫نننا نحتفظ برنينا الخاص‪ ،‬غير نننا سنتجرد من التحيز لمذهب دون آخر‪ ،‬فلن نبني ندكام ًا مسبق ًة‪ ،‬ولن نميل إلى‬ ‫فكرة على نخرى‪ ،‬بل سنلتزم عدة قواعد شعتقد ننها ستكون ضرورية لتكون مقارنتنا موضوعية‪ ،‬وقد استأشسنا‬ ‫بمن سبقنا في مجال المقارنة ال ِدينية للمذاهب والعقيدة الإسلامية‪ ،‬ولذلك ستكون مقارنتنا وفق الضوابط الآتية‪:‬‬ ‫‪ -7‬علمية الأخذ‪ :‬لن هذا صفة المؤمن الصادق‪ ،‬والتي ضبطتها بما تقتضي الحقائق العلمية في القرآن‬ ‫الكريم‪ ،‬والسنة النبوية المطدرة‪ ،‬كما قال تعالى‪( :‬وكذِلك منص ِر مف الآيا ِت وِلي مقوملوْا در ْست وِل منب ِين م ِلق ْوم ي ْعل ممون)(‪،)1‬‬ ‫عكس ما يرا بعض الفلاسفة من نن الإيمان بالحقائق القرآنية‪ ،‬قبل العقلانية‪ ،‬هو الاستمداد الذي يسبق‬ ‫الاعتقاد‪ ،‬ومن وجدة نظرهم يعتبر تصديق بأسباب عاطفية‪ ،‬نو مزاجية (‪ ،)2‬لن كلامدم هذا لا يرتكز على دليل‬ ‫مكين‪ ،‬والقول بهذا تجن على القرآن‪ ،‬وجدل بالحقائق التي نرشد إليها هلل‪ -‬جل وعلا‪ -‬من المسلمات العقلانية التي‬ ‫تهدي صادبها لصول الاعتقاد والتوديد‪ ،‬والأمثلة في القرآن والسنة كثيرٌة‪ ،‬منها قول تعالى‪( :‬ل ْو كان ِفيِهما آِلد ٌة ِإلا‬ ‫الل م لفسدتا ف مس ْبحان الل ِ ر ِب ا ْلع ْر ِش عما ي ِص مفون)(‪ ،)3‬ولدذا نجد كثي ًرا من الدارسين والمدتمين بمناهج البحث في‬ ‫العقيدة الإسلامية يتهمون المنهج الفلسفي الذي يهترط عقلانية الاستدلال على المسلمات‪ ،‬قائلين بأن هذا يدخل‬ ‫تحت طائل المقدمات العقلية المظنونة‪ ،‬والدليل على ظنيتها ثبوت خطئها ثبوت ًا لا مراء في ‪ ،‬كما في نظرية الجوهر‬ ‫الفرد(‪ )4‬التي بنى عليها المتكلمون دليل وجود هلل تعالى‪ ،‬ونثبت العلم المادي المعاصرخرافيتها (‪. )5‬‬ ‫‪‌-1‬سورة‌الأنعام‌الآية‌‪.312‬‬ ‫‪‌-2‬جميل‌صليبا‪‌،‬معاني‌الاعتقاد‌في‌المعجم‌الفلسفي‪،‬دار‌الكتاب‪‌،‬بيروت‪3953‌،‬م‪‌،‬ج‪3‬ص‪.311‬‬ ‫‪‌-3‬سورة‌الأنبياء‌الآية‌‪.33‬‬‫‪‌-4‬الجوهر‌الفرد‪‌،‬المراد‌به‪‌:‬الموجود‌المتح ّيز‌القائم‌بنفسه‌غير‌القابل‌للقسمة‪‌،‬قال‌شيخ‌الإسلام‌ابن‌ َت ْي ِم َّية‪‌:‬الجوهر‌الفرد‌‬‫وهو‌الجزء‌الذي‌لا‌يتجزأ‪‌،‬والعقلاء‌متنازعون‌في‌إثبات‌هذا؛‌وهو‌أن‌الأجسام‌هل‌هي‌مركبة‌من‌الجواهر‌المفردة‌؟‌أم‌‬‫من‌المادة‌والصورة‌؟‌أم‌ليست‌مركبة‌لا‌من‌هذا‌ولا‌من‌هذا‌على‌ثلاثة‌أقوال؛‌أصحها‌\"‌الثالث‌\"‌أ َّنها‌ليست‌مركبة‌لا‌من‌‬‫الجواهر‌المفردة‌ولا‌من‌المادة‌والصورة‌وهذا‌قول‌كثير‌من‌طوائف‌أهل‌الكلام‌كالهشامية‌والضرارية‌والنجارية‌والكلابية‌‬‫وكثير‌من‌الكرامية‌وهو‌قول‌جمهور‌الفقهاء‌وأهل‌الحديث‌وال ُّصو ِف َّية‌وغيرهم‌بل‌هو‌قول‌أكثر‌العقلاء‪‌،‬انظر‪:‬ابن‌ َت ْي ِم َّية‪‌،‬‬ ‫مجموع‌الفتاوى‪‌،‬ج‪9‬ص‪.399‬‬ ‫‪‌-5‬عبد‌الرحمن‌بن‌زيد‌الزنيدي‪‌،‬مناهج‌البحث‌في‌العقيدة‌الإسلامية‌في‌العصر‌الحاضر‪‌،‬دار‌اشبيليا‌‪3959‬م‪‌،‬ص‪.111‬‬ ‫‪40‬‬

‫‪ -9‬الموضوعية التي تعني‪ :‬التجرد للحق وطلب في مظان ‪ ،‬بحيث نتلقى الحقائق من الأدلة‪ ،‬وشعرض‬‫نقوال كل طرف على هذ الأدلة وفدم العلماء المعتبرين لدذ الأدلة‪ ،‬ومقارنتها مع نقوال كل من الطرفين‪ ،‬دون‬ ‫التأثربمنهج فكري‪ ،‬لن هذا كما يرى كثي ٌرمن ال ممفكرين يوقع في وادد من محظورين وهما‪:‬‬ ‫‪ ‬القبول والإعجاب والتح ممس المفض ي إلى تفضيل ما نعجب ب البادث ‪.‬‬ ‫‪ ‬الرفض ورد الفكرة التي كرهدا قبل البحث والتحليل والتأمل والدراسة(‪.)1‬‬‫‪ -4‬اعتبار الأقوال والآراء التي ذهب إليها الكتاب المعاصرون‪ ،‬وسأجعل من آرائي ومناقهاتي لكلا‬‫المنهجين‪ ،‬مك ِمل ًة لقوالدم في مجال المقارنة في العقيدة الإسلامية‪ ،‬دتى تكون نكثر فائد ًة ونفع ًا‪ ،‬لتجنب تكرار ما‬‫ناقهو قبلي‪ ،‬بحيث يكون منهجي في هذا الدراسة الاستدلال لوجدة نظر رنيتها وجيهة‪ ،‬دون الإطالة‪ ،‬لتكون إضافة‬ ‫جديد ًة لما درسو من قبل ونتبعو بالبحث والتحليل ‪.‬‬‫‪ -3‬رغم كون العقيدة الإسلامية‪ ،‬لدا مبادث كثيرة‪ ،‬تتناول الحديث عن التوديد بجميع صور ‪،‬‬‫وال ُّنبمـوءات‪ ،‬والإيمان بالكتب السماوية‪ ،‬والملائكة‪ ،‬واليوم الآخر‪ ،‬ومبادث نخرى‪ ،‬كمقتضيات الإيمان ونواقض ‪،‬‬‫وغيرها من مسائل نصيلة في هذا العلم‪ ،‬وقد تناولدا كل من الهيخين موضوع بحثنا هذا‪( :‬ال معثي ِمين وال مبوطي)‪ ،‬غير‬‫نن ِني سأكتفي بمقارنة مسائل الأسماء وال ِصفات‪ ،‬من ِوع ًا بما نرى نن لا ِغنى عن ‪ ،‬لخدمة نهداف هذ الدراسة‪ ،‬لن‬‫هذا سيفيدنا في تركيز البحث في هذا الفصل على ما هو مدم‪ ،‬لتمييز دال كل من الهيخين‪ ،‬واتضاح مذهب وما‬ ‫يرا في نكثرالمسائل جدل ًا بين الفريقين‪ ،‬السلفي والأ ْشع ِري‪ ،‬وغايتنا التقريب بين المنهجين‪\" :‬السلفي والأشعري\" ‪.‬‬‫وسيكون ذلك واضح اا من خلال الدراسة للفصول التي اخترناها عناوين لهذا البحث على هذا السرد‬ ‫في الفصول والمباحث الآتية‪:‬‬ ‫‪‌-1‬المرجع‌السابق‪‌.‌113‌،‬‬ ‫‪41‬‬

‫الفصل الثاني‬‫دراسة للمذهب ال َّسلفي ونشأته‬ ‫‪42‬‬

‫الفصل الثاني‬ ‫دراسة للمذهب ال َّسلفي ونشأته‬‫إذا نردنا الوصول إلى المعرفة الحقيقية‪ ،‬وولوج سبل العلم الموضوعي الذي يعتمد على ندلة يرضاها نولوا‬‫العقول والبصائر‪ ،‬ونولوا ال ُّنهى والنواظر‪ ،‬يجب علينا في دراستنا لكل من المنهجين السلفي والأ ْشع ِري‪ ،‬من‬‫التعريف بهما‪ ،‬ومعرفة الخلفية التاريخية لكل من هذين المنهجين‪ ،‬وكذلك معرفة الأسس والمفاهيم التي تميز كل‬‫منهج عن الآخر‪ ،‬وهذ المعرفة لابد نن تكون نابع ًة مما يعتقد كل من الفريقين‪ ،‬وذلك بتحري نقوالدما المنسوبة‬‫لدما‪ ،‬سواء كانت هذ الأقوال مما من ِثر عن المؤ ِسسين لدذا المذهب وهذ الطريقة‪ ،‬نو كانت مما تناقل تلامذة‬‫وندفاد هؤلاء المؤ ِسسين‪ ،‬ونعني بالدفاد؛ الأجيال التي توارثت هذا المنهج‪ ،‬بقطع النظر عن الانتماءات الاجتماعية‬ ‫والعرقية ‪.‬‬‫وإذا كان المذهب الس ِني الذي يعم في نغلب نقطار العالم الإسلامي اليوم‪ ،‬يغلب على نبنائ الانتساب‬‫لوادد من المنهجين العقائديين (السلفي و الأ ْشع ِري)‪ ،‬فالحق نن يلزمنا الوقوف بعمق‪ ،‬والنظربتف ُّحص وتدبرلكلا‬‫المسارين للوصول إلى المعرفة الحقيقية بهذين التيارين من مظا ِنها‪ ،‬ولابد من تجلية الأمر للعيان‪ ،‬فليس الغموض‬‫من الدين‪ ،‬فالإسلام ضوؤ ساطع‪ ،‬ونور واض ٌح وناص ٌع‪ ،‬ولا يزيد المقترب من إلا شعور ًا بالمن والأمان‪ ،‬وإدساس ًا‬‫بالاطمئنان‪ ،‬وكل هذا من معاشي الحقيقة والإيمان‪ ،‬وهو الحق الذي لا مرية في ‪ ،‬قال هلل تعالى‪ ( :‬وال ِذين ا ْهتد ْوا‬ ‫زاد مه ْم مهد ًى وآتا مه ْم ت ْقوا مه ْم)(‪.)1‬‬ ‫المبحث الأول‪ :‬المنهج ال َّسلفي‪ ،‬نشأته‪ ،‬وخلفياته الأيدلوجية‪.‬‬‫يعتبر المنهج السلفي في وقتنا الحاضر من نشهط المذاهب السنية‪ ،‬ونكثرها تأثي ًرا‪ ،‬وجماهي مر هذا التيار‬‫يزدادون انتها ًرا في مختلف نقطار العالم الإسلامي اليوم‪ ،‬ونفكار السلفيين تزداد شعبي ًة يوم ًا بعد يوم‪ ،‬وكما هو‬‫معلو ٌم فإن مشهوء هذا التيار‪ ،‬وبداية ازدهار في العصر الحديث‪ ،‬كانت في نراض ي الحجاز‪ ،‬في شب جزيرة العرب‬‫بالتحديد‪ ،‬ديث المهاعر المقدسة عند المسلمين‪ ،‬مكة والمدينة المنورة‪ ،‬ولعل هذا من الأسباب الرئيسية في سرعة‬ ‫‪‌-1‬سورة‌محمد‌الآية ‪‌.35‬‬ ‫‪43‬‬

‫انتهار وزيادة نتباع ‪ ،‬فماهي السلفية؟ وهل السلفية المعاصرة تنطلق من الجذور الأولى للسلف الصاِلح؟ وكيف‬ ‫تأسس هذا المصطلح؟ هذ الأسئلة وغيرها‪ ،‬سنحاول الإجابة عنها في المطالب الآتية‪. :‬‬ ‫المطلب الأول‪ :‬تعريف ال َّسلفية‪.‬‬ ‫ال َّسلفية‪ :‬من السلف‪ ،‬والسلف لغ ًة في عدة معان‪ ،‬قال صادب القاموس المحيط‪ \" :‬وال ُّسلف‪ :‬بالضم‬ ‫المرنة بلغت خمس ًا ونربعين سنة‪ ،‬والتسليف‪ :‬نكل ال ُّسلفة‪ ،‬والتقديم‪ ،‬والإسلاف‪ ،‬وسالف في الأرض‪ :‬ساير فيها‪،‬‬ ‫وساوا في الأمر‪ ،‬وتسلف من ‪ :‬اقترض‪ ،‬ومن ‪ :‬السلف في الش يء نيضا\"(‪ ،)1‬ومعنى سلف عند نهل البلاغة‪ :‬كقولدم‪:‬‬ ‫سلف القوم‪ :‬الذين تقدموا وسبقوا‪ ،‬وهم سلف لمن وراءهم‪ ،‬وكان ذلك في الأمم السالفة والقرون السوالف (‪.)2‬‬ ‫وقال الخليل بن ندمد المتوفى سنة (‪715‬هـ )\" والسلف‪ :‬ك ُّل ش يء قدمت فدو سلف‪ ،‬والفعل سلف يسل مف‬ ‫سلوف ًا‪ ،‬والقوم إذا نرادوا نن ينفروا فمن تقدم من نفيرهم فسبق فدو سل ٌف لدم‪ ،‬كما قيل‪:‬‬ ‫نحن مم ِنعنا من ِبت الن ِص ِي ‪ ...‬بسلف ن ْرعن عنب ِر ِي (‪. )3‬‬ ‫والمعنى المقصود في بحثنا هو ما ذكر الخليل بن ندمد‪ ،‬من نن السلف هو الش يء المتقدم‪ ،‬والماض ي‪ ،‬قال‬ ‫تعالى‪( :‬فمن جاء م م ْو ِعظ ٌة ِمن رِب ِ فانتهى فل م ما سلف ون ْم مرم ِإلى الل ِ )(‪ ،)4‬ني ما مض ى‪ ،‬وقال تعالى‪( :‬عفا الل م عما‬ ‫سلف)(‪ )5‬ني ما سبق عمل من نعمال‪.‬‬ ‫ومن قول النبي‪ -‬صلى هلل علي وسلم‪ -‬لحكيم بن دزام‪ -‬رض ي هلل عن ‪ -‬عندما سأل قائل ًا‪ :‬يا رسول هلل‬ ‫نرنيت نمور ًا كنت نتحنث بها في الجاهلية من صدقة‪ ،‬وصلة ردم‪ ،‬هل لي فيهما من نجر؟ فقال ل النبي صلى هلل‬ ‫علي وسلم‪ \":‬ن ْسل ْمت على ما سلف ِم ْن خ ْير\" (‪.)6‬‬ ‫‪‌-1‬الفيروزاباذي‪‌،‬القاموس‌المحيط‪‌،‬جمع‌الطاهر‌الزاوي‪‌،‬الدار‌العربية‌للكتاب‪‌،‬الطبعة‌الثالثة‌‪3951‬م‪،‬ج‪‌3‬ص‪.‌299‬‬‫‪‌2‬أبو‌القاسم‌محمود‌بن‌عمرو‌بن‌أحمد‌الزمخشري‪،‬أساس‌البلاغة‪‌،‬تحقيق‪‌:‬محمد‌باسل‌عيون‌السود‪‌،‬دار‌الكتب‌العلمية‪‌،‬‬ ‫بيروت‪‌،‬لبنان‪‌،‬الطبعة‌الأولى‪3995‌،‬م‪‌،‬ج‪3‬ص‪.‌196‬‬‫‪‌ -3‬الخليل ‌بن ‌أحمد‪‌ ،‬العين‪‌ ،‬تحقيق‪(‌ :‬مهدي ‌المخزومي‪‌ ،‬ماهر ‌السامرائي)‪‌ ،‬دار ‌الكتب ‌العلمية‪‌ ،‬بيروت‪‌ ،‬لبنان‪‌ ،‬الطبعة‌‬ ‫الأولى‪3999‌،‬م‪‌،‬ج‪9‬ص‪‌352‬‬ ‫‪‌-4‬البقرة‌‪.‌392‌/‬‬ ‫‪‌-5‬المائدة‌‪.‌92‌/‬‬‫‪‌-6‬صحيح‌البخاري‪‌،‬باب‌من‌تصدق‌في‌الشرك‌ثم‌أسلم‪‌،‬حديث‌رقم‪‌،3116‌/‬وباب‌من‌وصل‌رحمه‌في‌الشرك‌ثم‌أسلم‪‌،‬‬ ‫حديث‌رقم‪.‌2211‌/‬‬ ‫‪44‬‬

‫إذ ًا فالسلف كل ما مض ى وما سبق‪ ،‬سوا ٌء من الأمم والأفراد‪ ،‬نو الأعمال والأخلاق‪ ،‬نما في المعنى‬ ‫الاصطلاحي‪ :‬فهي كلمة استعملت للتعبير عن الجماعة الإسلامية الأولى‪ ،‬الذين صحبوا النبي‪ -‬صلى هلل علي وسلم‪-‬‬ ‫‪ ،‬ومن جاء بعدهم ممن سارعلى نهجدم من القرون المفضلة الثلاثة الأولى ‪.‬‬ ‫هذا في معنى السلف بهكل عام‪ ،‬نما مصطلح السلفية الذي صار يستعمل دديث ًا‪ ،‬فيعرف بعض‬ ‫العلماء بقولدم‪\" :‬تعني السلفية في الإسلام‪ ،‬التعبيرعن منهج المحافظين على عرى الإسلام وعلى مضمون ‪ ،‬في ذروت‬ ‫الهامخة‪ ،‬وقمت الحضارية‪ ،‬كما متو ِج مدنا إلى النموذج المتح ِقق في القرون الأولى المفضلة\" (‪..)1‬‬ ‫ولدذا صارت السلفية المعاصرة علم ًا عن الطائفة التي تتلمس منهج الاقتداء بالرسول‪ -‬صلى هلل علي‬ ‫وسلم‪ ،-‬وصحابت ‪ -‬رضوان هلل عليهم‪ ، -‬ومن جاء بعدهم من القرون الثلاثة الأولى الفاضلة‪ ،‬دتى صارت تطلق‬ ‫على ن ْتباع مناهج العلماء المؤسسين لدذا التيار‪ ،‬الذين نخذوا على عاتقدم تجديد الدعوة الإسلامية وتنقيتها من‬ ‫كل ما هو مخالف للنصوص‪ ،‬كأمثال ابن ت ْي ِمية(‪ ،)2‬وابن القيم‪ ،‬وابن عبد الوهاب ‪.‬‬‫‪‌-1‬مصطفى‌حلمي‪‌،‬ال َّسلفية‌بين‌العقيدة‌الإسلامية‌والفلسفة‌الغربية‪‌،‬مكتبة‌دار‌الدعوة‪‌،‬مصر‪‌،‬الاسكندرية‪‌،‬الطبعة‌الثانية‪‌،‬‬ ‫ص‪.‌1‬‬‫‪‌-2‬أحمد‌بن‌عبد‌الحليم‌بن‌عبد‌السلام‌بن‌عبد‌الله‌بن‌أبي‌القاسم‌الحراني‌ابن‌ َت ْي ِم َّية‪‌،‬الشيخ‌الإمام‌العالم‌الع َّلامة‌المفسر‌‬‫الفقيه‌المجتهد‌الحافظ‌المحدث‌شيخ‌الإسلام‌نادرة‌العصر‌ذو‌التصانيف‌والذكاء‪‌،‬والحافظة‌المفرطة‌تقي‌الدين‌أبو‌العباس‌‬‫ابن‌العالم‌المفتي‌شهاب‌الدين‌ابن‌الإمام‌شيخ‌الإسلام‌مجد‌الدين‌أبي‌البركات‌مؤلف‌\"‌الأحكام\"‌وتيميمة‌لقب‌جده‌الأعلى‪‌،‬‬‫ولد‌بحران‌عاشر‌ربيع‌الأول‌سنة‌‪663‬هـ‌وتحول‌به‌أبوه‌إلى‌دمشق‌سنة‌سبع‌وستين‌وتوفي‌سنة‌‪935‬هـ‪‌،‬وسمع‌من‌ابن‌‬‫عبد ‌الدائم ‌وابن ‌أبي ‌اليسر‪‌ ،‬والكمال ‌ابن ‌عبد‪‌ ،‬وابن ‌أبي ‌الخير ‌وابن ‌الصيرفي‪‌ ،‬والشيخ ‌شمس ‌الدين‪‌ ،‬وخلق ‌كثير‪‌ ،‬وبالغ‌‬‫وأكثر‌حتى‌صار‌من‌أئمة‌النقد‌ومن‌علماء‌الأثر‌مع‌التد ّين‌والتأله‌والذكر‪‌،‬والصيانة‪‌،‬والنزاهة‌عن‌حطام‌هذه‌الدار‌والكرم‌‬‫الزائد‪‌،‬ثم‌أ َّنه‌أقبل‌على‌الفقه‌ودقائقه‌وغاص‌على‌مباحثه‌ونظر‌في‌أدلته‌وقواعده‌وحججه‌والاجماع‌والاختلاف‌حتى‌كان‌‬‫يقضى‌منه‌العجب‌إذا‌ذكر‌مسألة‌من‌الخلاف‌واستدل‌ور َّجح‌واجتهد‪‌،‬حكي‌لي‌أ َّنه‌قال‌يوماً‌للشيخ‌صدر‌الدين‌ابن‌الوكيل‪‌:‬‬‫يا‌صدر‌الدين‌أنا‌أنقل‌في‌مذهب‌الشافعي‌أكثر‌منك‪‌،‬أو‌كما‌قال‪‌،‬وقال‌الشيخ‌شمس‌الدين‪‌:‬ما‌رأيت‌أحداً‌أسرع‌انتزاعاً‌‬‫للآيات ‌الدالة ‌على ‌المسألة ‌التي ‌يوردها ‌منه‪‌ ،‬ولا ‌أشد ‌استحضاراً ‌لمتون ‌الأحاديث ‌وعزوها ‌إلى ‌الصحيح ‌أو ‌المسند ‌أو‌‬‫السنن‪‌،‬كأ َّن‌ذلك‌نصب‌عينه‌وعلى‌طرف‌لسأ َّنه‌بعبارة‌رشقة‌حلوة‌وإفحام‌للمخالف‪‌،‬قال‌ابن‌قيم‌الجوزية‌قال‪‌:‬كان‌صغيراً‌‬‫عند‌بني‌المنجا‌فبحث‌معهم‌فا ّدعوا‌شيئاً‌أنكره‌فأحضروا‌النقل‌فلما‌وقف‌عليه‌ألقى‌المجلد‌من‌يده‌غيظاً‪‌،‬فقالوا‌له‪‌:‬ما‌أنت‌‬‫إلا‌جريء‌ترمي‌المجلد‌من‌يدك‌وهو‌كتاب‌علم‪‌،‬فقال‌سريعا‌ً‪‌:‬أيما‌خير‌أنا‌أو‌موسى؟‌فقالوا‌موسى‪‌،‬فقال‪‌:‬أ ُّ‌يما‌خير‌هذا‌‬‫الكتاب ‌أو ‌ألواح ‌الجوهر ‌التي ‌كان ‌فيها ‌العشر ‌كلمات؟ ‌قالوا‪‌ :‬الألواح‪‌ ،‬فقال‪‌ :‬إن ‌موسى ‌لما ‌غضب ‌ألقى ‌الألواح ‌من ‌يده‪‌،‬‬‫وحكى‌لي‌عنه‌أيضاً‌قال‪‌:‬سأله‌فلان‌أنسيته‌فقال‪‌:‬أنت‌تزعم‌أن‌أفعالك‌كلها‌من‌الس َّنة‌فهذا‌الذي‌تفعله‌بالناس‌من‌عرك‌‬‫آذأ َّنهم‌من‌أين‌جاء‌هذا‌في‌السنة؟‌فقال‪‌:‬حديث‌ابن‌عباس‌في‌الصحيحين‌قال‪‌:‬صليت‌خلف‌رسول‌الله‌صلى‌الله‌عليه‌وسلم‌‬‫ليلاً‌فكنت‌إذا‌أغفيت‌أخذ‌بأذني‪‌،‬انظر‪‌:‬الوافي‌بالوفايات‪‌،‬باب‌الع َّلامة‌تقي‌الدين‌ابن‌ َت ْي ِم َّية‪‌،‬ج‪‌3‬ص‪‌،192‬وانظر‪‌:‬ابن‌‬‫حجر‪‌ ،‬الدرر ‌الكامنة ‌في ‌أعيان ‌المائة ‌الثامنة‪‌ ،‬تحقيق ‌ومراقبة‪‌ -‬محمد ‌عبد ‌المعيد ‌ضان‪‌ ،‬مجلس ‌دائرة ‌المعارف ‌العثمانية‪‌،‬‬ ‫‪3993‬م‪‌،‬ج‪3‬ص‪‌،355‬وانظر‪‌:‬الأعلام‌للزركلي‪‌،‬ج‪3‬ص‪‌.311‬‬ ‫‪45‬‬

‫لمحة تاريخية عن تطور ال َّسلفية‪:‬‬ ‫إن المتتبع لنهوء التيار السلفي ونفكار ومناهج ‪ ،‬يرى نن هذ الجماعة تنتسب لصدر الإسلام الأول‪،‬‬ ‫وهذا يتبين من خلال ما يحمل نبناء هذا التيار من نفكار‪ ،‬فدم يبنون آراءهم على الكتاب والسنة كما هو معلوم‪،‬‬ ‫وينتسبون في المنهج للنبي‪ -‬صلى هلل علي وسلم‪ -‬ونصحاب ‪ ،‬ويتبرءون مما يخالفدا‪ ،‬وقد سبقت الإشارة إلى ذلك‪،‬‬ ‫وفيما يلي سنتكلم عن المنهج العقدي للسلفية‪ ،‬وتطور طرد وعرض على م ِر القرون الماضية‪ ،‬دتى نضج وصار‬ ‫تيا ًرا قائم ًا ل نتباع ومؤيدو ‪ ،‬وهو في ازدياد مستمر‪ ،‬ومناهج ونفكار تلقى رواج ًا منقطع النظير‪ ،‬وبخاصة عند‬ ‫الهباب المتحمسين الذين يتوقون إلى إدياء التراث القديم للسلام‪ ،‬ويرون نن المبادئ الأصولية القديمة للدين‬ ‫الإسلامي الحنيف‪ ،‬هي الكفيلة بحل كافة المهاكل التي تعاشي منها الهعوب العربية والإسلامية اليوم ‪.‬‬ ‫ظهور مصطلح ال َّسلفية‪:‬‬ ‫اس متخ ِدم مصطلح السلفية منذ الزمن الأول لظدور الإسلام‪ ،‬ديث جاءت روايا ٌت بأن النبي‪ -‬صلى هلل‬ ‫علي وسلم‪ -‬استعمل مصطلح السلف‪ ،‬للدلالة على معنى الاقتداء ب والتأس ي بسنت ‪ ،‬وكان ذلك في وداع لابنت‬ ‫فاطمة‪ -‬رض ي هلل عنها‪ -‬وذلك كما جاء في الصحيحين وغيرهما‪ ،‬ديث قال لدا‪ :‬فإ يني نعم ال َّسلف (‪.)1‬‬ ‫واض ٌح هنا نن النبي‪ -‬صلى هلل علي وسلم‪ -‬وهو نفصح الخلق‪ ،‬استعمل هذا المصطلح لما ل من الدلالة‬ ‫على التسنن والاقتداء بمن سلف من الأخيار‪ ،‬والتحِلي بسمتهم والتخلق بأخلاقدم‪ ،‬والسير على نهجدم‪ ،‬وتذكر‬ ‫بعض الروايات نيض ًا‪ :‬نن النبي‪ -‬صلى هلل علي وسلم‪ -‬استعمل كلمة‪( :‬السلف) من قبل‪ ،‬لما لدا من دلالة على‬ ‫معنى التأس ي والاقتداء‪ ،‬ل ميبين لصحاب ويذ ِكرهم بعظم الموعظة في الاستنان بمن سلف‪ ،‬فقد روى المباركفوري‪-‬‬‫‪‌-1‬حديث‌عائشة‌أم‌المؤمنين‪‌-‬رضي‌الله‌عنها‪‌-‬قالت‪(‌:‬إنا‌كنا‌أزواج‌النبي‌صلى‌الله‌عليه‌وسلم‌عنده‌جميعا‌لم‌تغادر‌منا‌‬‫واحدة‪‌ ،‬فأقبلت ‌فاطمة ‌عليها ‌السلام ‌تمشي‪‌ ،‬لا ‌والله ‌ما ‌تخفى ‌مشيتها ‌من ‌مشية ‌رسول ‌الله‪‌ -‬صلى ‌الله ‌عليه ‌وسلم‪‌ -‬فلما ‌رآها‌‬‫رحب‪‌،‬قال‪‌:‬مرحبا‌بابنتي‪‌،‬ثم‌أجلسها‌عن‌يمينه‪‌،‬أو‌عن‌شماله‪‌،‬ثم‌سارها‌فبكت‌بكاء‌شديدا‪‌،‬فلما‌رأى‌حزنها‌سارها‌الثانية‪‌،‬‬‫فإذا‌هي‌تضحك‪‌،‬فقلت‌لها‌أنا‌من‌بين‌نسائه‪‌:‬خصك‌رسول‌الله‌‪-‬صلى‌الله‌عليه‌وسلم‪‌-‬بالسر‌من‌بيننا‪‌،‬ثم‌أنت‌تبكين‪‌،‬فلما‌‬‫قام‌رسول‌الله‪‌-‬صلى‌الله‌عليه‌وسلم‪‌-‬سألتها‌عما‌سارك‪‌،‬قالت‪‌:‬ما‌كنت‌لأفشي‌على‌رسول‌الله‪‌-‬صلى‌الله‌عليه‌وسلم‪‌-‬س َّره‪‌،‬‬‫فلما ‌توفي ‌قلت ‌لها‪‌ :‬عزمت ‌عليك ‌بما ‌لي ‌عليك ‌من ‌الحق‌لما ‌أخبرتني‪‌ ،‬قالت ‌أما ‌الآن ‌فنعم‪‌ ،‬فأخبرتني‪‌ ،‬قالت‪(‌:‬أما ‌حين‌‬‫سا َّرني‌في‌الأمر‌الأول‪‌،‬فأ َّنه‌أخبرني‌أن‌جبريل‌كان‌يعارضه‌بالقرآن‌كل‌سنة‌مرة‪‌،‬وأ َّنه‌قد‌عارضني‌به‌العام‌مرتين‪‌،‬ولا‌‬‫أرى‌الأجل‌إلا‌قد‌اقترب‪‌،‬فاتق‌الله‌واصبري‪‌،‬فإ ِّني‌نعم‌ال َّسلف‌أنا‌لك‪‌،‬قالت‌فبكيت‌بكائي‌الذي‌رأيت‪‌،‬فلما‌رأى‌جزعي‌‬‫سارني‌الثانية‪‌،‬قال‪‌:‬يا‌فاطمة‌ألا‌ترضين‌أن‌تكوني‌سيدة‌نساء‌المؤمنين‪‌،‬أو‌سيدة‌نساء‌هذه‌الأمة)‪‌،‬صحيح‌البخاري‪‌،‬باب‌‬‫\"من ‌ناجى ‌بين ‌يدي ‌الناس ‌ولم ‌يخبر ‌بس ّر‌\"‪‌ ،‬حديث ‌رقم‪‌ ،2533‌ /‬صحيح ‌مسلم‪‌ ،‬باب ‌\"فضائل ‌فاطمة ‌بنت ‌النبي ‌عليها‌‬ ‫الصلاة‌والسلام\"‪‌،‬حديث‌رقم‪‌،1159/‬وللحديث‌روايات‌عدة‌منها‌في‌الكتب‌والمسانيد‌كلها‌عن‌عائشة‌رضي‌الله‌عنها‬ ‫‪46‬‬

‫ردم هلل‪ -‬في المهكاة؛ نن لما مات عثمان بن مظعون‪ -‬رض ي هلل عن ‪ -‬وكان عابد ًا مجتهد ًا‪ ،‬من فضلاء الصحابة‪،‬‬ ‫وهو نول من مات بالمدينة من المداجرين في شعبان على رنس ثلاثين شد ًرا من الهجرة‪ ،‬بعد شدود بد ًرا‪ ،‬لما مغسل‬ ‫وكفن قبـل رسول هلل ‪ -‬صلى هلل علي وسلم ‪ -‬بين عيني ‪ ،‬ولما دفن قال‪( :‬شعم السلف هو لنا )(‪. )1‬‬ ‫ومن هنا ميمكن القول نن النبي‪ -‬صلى هلل علي وسلم‪ -‬وضع القاعدة ال ممثلى لدذا ال ممصطلح‪ ،‬وهي بما‬ ‫يتضمن معنى القدوة الصاِلحة‪ ،‬ولذلك منلادظ في كتب الأولين ننهم عندما يذكرون هذا اللفظ فإنهم في الغالب‬ ‫يتبعون بكلمة الصاِلح‪ ،‬فيقولون‪\" :‬السلف الصاِلح\"‪ ،‬فصار معنا مرتبط ًا بالصاِلحين من هذ الأمة الذين قضوا‬ ‫بالحق وب كانوا يعدلون‪ ،‬ولكننا لا نجزم بأن هذا المصطلح (ال َّسلفية)‪ ،‬بالمعنى الذي يقصد ب الجماعة التي‬ ‫ارتضت منهج النبي‪ -‬صلى هلل علي وسلم‪ -‬ونصحاب ‪ ،‬كان معروف ًا ومتداول ًا‪ ،‬على نحو مما هو معرو ٌف اليوم‪ ،‬ولكن‬ ‫الكلمة كمصطلح كان صداها مدويا منذ التاريخ الأول‪.‬‬ ‫ومعلو ٌم نن تأصيل المذهب السلفي وبدايات الأولى كانت على يد الإمام ندمد ابن دنبل (المتوفى‬ ‫سنة‪937‬هـ)‪ ،‬ديث كان ميسمى مذهب (مذهب نهل السنة نصحاب الحديث)‪ ،‬وذلك للتمييز بينهم وبين المتكلمين‬ ‫من نهل السنة (الأشا ِعرة والماتردية)‪ ،‬وميطِلق كثي ٌر من نهل العلم على الإمام ندمد لقب \"إمام نهل السنة نصحاب‬ ‫الحديث\"‪ ،‬وذلك بعد الفتنة التي ام متحن فيها‪ ،‬ليقول بخلق القرآن‪ ،‬ولكن نبى ف مح ِبس و مع ِذب‪ ،‬فما كان من إلا‬ ‫الصبروالثبات‪ ،‬وكان ثبات في ذلك الوقت ثبا ٌت للأمة‪ ،‬ونصرًة لل ُّسنة(‪.)2‬‬‫‪‌-1‬ويقال‌أن‌ابن‌مظعون‪‌-‬رضي‌الله‌عنه‪‌-‬أول‌من‌دفن‌ببقيع‌الغرقد‌من‌المهاجرين‪‌،‬ووضع‌رسول‌الله‪‌-‬صلى‌الله‌عليه‌‬‫وسلم‪‌-‬حجراً‌عند‌رأسه‪‌،‬وقال‪‌:‬هذا‌قبر‌فرطنا‪‌،‬أسلم‌بعد‌ثلاثة‌عشرة‌رجلاً‪‌،‬من‌ال َّصحابة‪‌،‬وهاجر‌هجرتين‪‌،‬وشهد‌بدراً‪‌،‬‬‫وكان ‌م َّم‌ن ‌حرم ‌الخمر ‌في ‌الجاهلية‪‌ ،‬انظر‪‌ :‬مجد ‌الدين ‌أبو ‌السعادات ‌المبارك ‌بن ‌محمد ‌الجزري ‌ابن ‌الأثير ‌(المتوفى‪‌:‬‬‫‪616‬هـ)‌جامع‌الأصول‌في‌أحاديث‌الرسول‌تحقيق‪‌:‬عبد‌القادر‌الأرنؤوط‪(‌،‬مكتبة‌الحلواني‌‪‌-‬مطبعة‌الملاح‌‪‌-‬مكتبة‌دار‌‬‫البيان)‪‌،‬الطبعة‪‌:‬الأولى‪3993‌،‬م‌حديث‌رقم‪‌،3219/‬وانظر‪‌:‬أبوالحسن‌عبيد‌الله‌بن‌محمد‌عبد‌السلام‌بن‌خان‌محمد‌بن‌‬‫أمان ‌الله ‌بن ‌حسام ‌الدين ‌الرحماني ‌المباركفوري ‌(المتوفى‪3131:‬هـ)‪‌ ،‬مرعاة ‌المفاتيح ‌شرح ‌مشكاة ‌المصابيح‪‌ ،‬إدارة‌‬ ‫البحوث‌العلمية‌والدعوة‌والإفتاء‪‌-‬الجامعة‌ال َّسلفية‪‌-‬بنارس‌الهند‪‌،‬الطبعة‌الثالثة‪‌3111‌-‬هـ‪3951‌،‬م‪‌،‬ج‪3‬ص‪.113‬‬‫‪‌ -2‬محمد ‌بن ‌إبراهيم ‌بن ‌علي ‌بن ‌المرتضى ‌بن ‌المفضل ‌الحسني ‌القاسمي‪‌ ،‬إيثار ‌الحق ‌على ‌الخلق ‌في ‌رد ‌الخلافات ‌الى‌‬‫المذهب‌الحق‌من‌أصول‌التوحيد‪‌،‬دار‌الكتب‌العلمية‪‌،‬بيروت‪‌،‬الطبعة‌الثانية‪3959‌،‬م‪‌،‬ص‪‌،112‬حافظ‌بن‌أحمد‌حكمي‪‌،‬‬‫معارج‌القبول‌بشرح‌سلم‌الوصول‌إلى‌علم‌الأصول‪‌،‬تحقيق‪‌:‬عمر‌بن‌محمود‌أبو‌عمر‪‌،‬دار‌ابن‌القيم‪‌،‬الدمام‪3991‌،‬م‪‌،‬‬‫ج‪3‬ص‪‌ ،393‬وانظر‪‌ :‬إبراهيم ‌بن ‌محمد ‌بن ‌عبد ‌الله ‌بن ‌محمد ‌بن ‌مفلح‪‌ ،‬المقصد ‌الأرشد ‌في ‌ذكر ‌أصحاب ‌الإمام ‌أحمد‪‌،‬‬‫تحقيق‪‌ :‬عبد ‌الرحمن ‌بن ‌سليمان ‌العثيمين‪‌ ،‬مكتبة ‌الرشد‪‌ ،‬الرياض‪3991‌ ،‬م‪‌ ،‬ج‪3‬ص‪‌ ،136‬وانظر‪‌ :‬أبو ‌الحسين ‌ابن ‌أبي‌‬ ‫يعلى‪‌،‬محمد‌بن‌محمد‪‌،‬طبقات‌الحنابلة‪‌،‬تحقيق‪‌:‬محمد‌حامد‌الفقي‪‌،‬دار‌المعرفة‪‌،‬بيروت‪‌،‬ج‪3‬ص‪.311‬‬ ‫‪47‬‬

‫ويقول ابن القيم عن الإمام ندمد بن دنبل‪ ،‬إن \"إمام السنة على الإطلاق‪ .... ،‬وإن نئمة الحديث والسنة‬ ‫من بعد نتباع إلى يوم القيامة‪.)1(\"....‬‬ ‫إن الموقف الذي لعب الإمام ندمد في ذلك العصر نيام ال ُّظدور الأول للفرق الكلامية كالمعتزلة وغيرهم‪،‬‬ ‫وما مثل من جبه ِة صد تدعوا إلى التمسك بالكتاب والسن ِة على المنهج الأول الذي كان علي الرسول‪ -‬صلى هلل‬ ‫علي وسلم ونصحاب ‪ -‬جعل ممديئ ًا لن ميجمع علي معلماء ال ُّسنة‪ -‬إمام ًا مدديا‪ -‬ولا ندل على ذلك من قول الإمام نبي‬ ‫الحسن الأشعري في كتاب ‪\" :‬الإبانة\" بأن متب ٌع لقول الإمام ندمد‪ ،‬وسائ ٌر على عقيدت ‪ ،‬وبقول يقول‪ ،‬وعلى مذهب‬ ‫يذهب وإلي ينتمي‪ ،‬وقال بالنص‪\" :‬ونحن بذلك معتصمون وبما كان يقول ب نبو عبد هلل ندمد بن محمد بن‬ ‫دنبل‪ -‬نضر هلل وجد ورفع درجت ونجزل مثوبت ‪ -‬قائلون ولما خالف قول مخالفون‪ ،‬لن الإمام الفاضل والرئيس‬ ‫الكامل‪.)2( \"...‬‬ ‫ثم إن عامة السلفيين اليوم ميق ُّرون بأن المنهج نضج وترعرع وتجددت نصول ‪ ،‬ونينعت شجرت ونثمرت‬ ‫على يد شيخ الإسلام ابن تيمية(‪ ،)3‬ونظ ًرا لكثرة ردود على المخالفين‪ ،‬واجتهادات ومؤلفات في هذا الهأن‪ ،‬راجع ًا في‬ ‫كل ذلك للكتاب والسنة‪ ،‬ونقوال علماء السلف‪ ،‬جعل من نتباع يلقون علي المذهب السلفي‪ ،‬إشارة إلى تتبع‬ ‫مذهب السلف‪ ،‬ومن هنا ستكون نقوالنا في هذا الباب بالتعويل على آرائ ونقوال في مسائل العقيدة المختلفة ‪.‬‬ ‫وقد ذهب الأب المؤ ِصل لدذا المنهج‪ ،‬والمو ِطد لدذا الطريق؛ \"الطريق السلفي\"‪ ،‬شيخ الإسلام ابن ت ْي ِمية‬ ‫(المتوفى سنة ‪194‬هـ)‪ ،‬إلى القول بأن الاعتصام بالكتاب وال ُّسنة هما السبيل الوديد لسلوك المنهج السلفي‪ ،‬وهما‬ ‫الحكم والفيصل في تصنيف الجماعات الإسلامية‪ ،‬والطوائف‪ ،‬ونن الفرق التي تحيد عن هذا المنهج لا دظ لدا في‬ ‫هذ التسمية‪ ،‬وادعاؤها باطل لا يقوم على دليل‪ ،‬وننها تغرق في بحر الضلال والظلمات‪ ،‬لن ميه ِب الدليل‬ ‫والتمسك ب ‪ ،‬بسفينة نوح‪ -‬علي السلام‪ ،-‬فمن ترك الدليل غرق في ظلمات الباطل(‪.)4‬‬ ‫‪‌-1‬محمد‌بن‌أبي‌بكر‌أيوب‌الزرعي‌أبو‌عبد‌الله‌ابن‌القيم‪‌،‬إعلام‌الموقعين‌عن‌رب‌العالمين‪‌،‬تحقيق‪‌:‬طه‌عبد‌الرءوف‌‬ ‫سعد‪‌،‬دار‌الجيل‪‌،‬بيروت‪3991‌،‬م‪‌،‬ج‪3‬ص‪.‌35‬‬ ‫‪ -2‬أبو الحسن الأشعري‪ ،‬الإبانة عن أصول الديانة‪ ،‬ص‪. 82‬‬‫‪‌-3‬محمد‌بن‌أبي‌بكر‌أيوب‌الزرعي‌أبو‌عبد‌الله‪‌،‬تحقيق‪‌:‬عمر‌بن‌محمود‌أبو‌عمر‪‌،‬طريق‌الهجرتين‌وباب‌السعادتين‪‌،‬دار‌‬ ‫ابن‌القيم‪‌،‬الدمام‪3991‌،‬م‪‌،‬ص‪‌،163‬وانظر‪‌:‬العثيمين‪‌،‬نور‌على‌الدرب‪‌،‬ج‪3‬ص‪‌.31‬‬ ‫‪ -4‬ابن تَ ْي ِميَّة‪ ،‬أحمد بن أحمد بن عبدالحليم‪ ،‬درء تعارض العقل والنقل‪ ،‬تحقيق الدكتور‪ :‬محمد رشاد سالم‪ ،‬جامعة الإمام محمد‬ ‫بن اسعود الإسلامية‪ ،‬الطبعة الأولى‪3999 ،‬م ‪.‬ج‪3‬ص‪.311‬‬ ‫‪48‬‬

‫وميعتبر هذا الكلام من ابن تيمية نصل ًا يبني علي السلفيون المعاصرون منهجدم‪ ،‬ويجعلون قاعد ًة عامة‪،‬‬ ‫ميق ِي ممون بها الأعمال‪ ،‬ويحكمون بها على التصرفات والأقوال‪ ،‬فما وافق الكتاب وال ُّسنة نصا و مدكم ًا نخذوا ب ‪ ،‬وما‬ ‫خلفدما طردو نرض ًا ‪.‬‬ ‫ومن جدة نخرى؛ فقد رآى الممنا ِومؤون للسلفية المعاصرة‪ ،‬نن الاتجاهات النصية لدذ المدرسة جعلتها‬ ‫توصف بالجمود بعيد ًا على إعمال العقل‪ ،‬وتقليب ال ِفكر في كافة القضايا والمسائل‪ ،‬الأمر الذي جعل السلفيين‬ ‫يمقتون هؤلاء الآرا ِئيين الذين يدعون إلى إعمال الفكر دون ضوابط‪ ،‬بما جعلدم يرمون نرباب هذ الأقوال‬ ‫بالابتداع والضلال‪ ،‬وسنتعرف على العقيدة السلفية‪ ،‬وما علي نرباب هذ الطريق في المطالب التالية‪:‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬الأيد لوجية ال َّسلفية‪.‬‬ ‫للمذهب السلفي آراء تميز عن غير من المذاهب‪ ،‬وشستطيع القول إن السلفية لدم قواعد عامة‬ ‫يهتركون فيها‪ ،‬وقواعد خاصة تميز اتجاهاتهم من الداخل‪ ،‬بمعنى نن السلفية بهكل عام متحدون في الأفكار‬ ‫والانتماءات‪ ،‬نما الناظر المتفحص للسلفية كمنهج ل خصائ مص ومميزات ‪ ،‬يرى نن نتباع السلفية يهتركون في‬ ‫القواعد العامة‪ ،‬وقد تتباي من آرا مؤهم في بعض القضايا الخاصة‪ ،‬دتى صار بعض السلفية يميلون لبعض الفتاوى‬ ‫والآراء‪ ،‬بينما يختلف معدم سلفيون آخرون‪ ،‬وهذا بطبيعة الحال في القضايا الخاصة‪ ،‬نما القضايا العامة‪ ،‬فهي‬ ‫من المسلمات عند كل السلفيين‪ ،‬ويمكن إجمال القضايا والمفاهيم العامة التي يهترك فيها هذا المذهب فيما يلي‪:‬‬ ‫‪ -7‬إتباع السلف الصاِلح في فدم النصوص وتأويلدا ‪.‬‬ ‫‪ -9‬الابتعاد عن تأويلات المتكلمين من المعتزلة والأشا ِعرة‪ ،‬وغيرهم من الطوائف والفرق الكلامية‬ ‫الأخرى‪ ،‬ور ِدها ورف ِضدا‪ ،‬لنهم بهذا‪ -‬وفق ما يرى السلف ُّيون‪ -‬مخالفون لددي النبي‪ -‬صلى هلل علي وسلم‪-‬‬ ‫ونصحاب ‪ -‬رضوان هلل عليهم‪ -‬وكانوا يسمونهم بأهل الهبهات والأهواء‪ ،‬كما يقول ابن القيم‪\" :‬لن الرني المخالف‬ ‫للسنة جد ٌل‪ ،‬وهو لا دين‪ ،‬فصادب ممن اتبع هوا بغير هد ًى من هلل‪ ،‬وغايت الضلال في الدنيا‪ ،‬والهقاء في‬ ‫الآخرة\"(‪.)1‬‬‫‪‌-‌ 1‬ابن ‌قيم ‌الجوزية‪‌،‬شمس ‌الدين ‌أبوعبدالله ‌محمد ‌بن ‌أبي ‌بكر‪‌ ،‬إغاثة ‌اللهفان ‌من ‌مكائد ‌الشيطان‪‌ ،‬تحقيق‪‌ :‬محمد ‌حامد‌‬ ‫الفقي‪‌،‬مطبعة‌مصطفى‌الباني‌الحلبي‪‌،‬سورية‪3919‌،‬م‪‌،‬ج‪3‬ص‪.315‬‬ ‫‪49‬‬

‫‪ -4‬الاستدلال على مختلف المسائل والقضايا بالنصوص القرآنية والأداديث النبوية الهريفة‪ ،‬ونقوال‬ ‫الصحابة والتا ِبعين‪ ،‬ويرون نن ما نددث المتكلمون والفلاسفة وغيرهم؛ من الابتداع في الدين‪ ،‬ويتهمون نصحاب‬ ‫هذ الآراء‪ ،‬بالزيغ في العقيدة (‪.)1‬‬ ‫هذ هي القواعد العامة التي تميزالمنهج السلفي‪ ،‬غيرنن السلفيين يرون نن من الظلم نن ميختزل مذهبهم‬ ‫في هذ المفاهيم فحسب‪ ،‬بل يعتبرون المنهج السلفي هو المنهج الأعم‪ ،‬ليهمل تصحيح كل المفاهيم التي صارت‬ ‫تثار دول الإسلام اليوم‪ ،‬وهي المنهج الوسط الذي لا إفراط في ولا تفريط(‪ ،)2‬وهم بهذا إنما يدافعون عن الإسلام‬ ‫الصحيح الذي يستوعب الحياة بجميع صنوفدا ومجالاتها العلمية والعملية‪ ،‬فالسلفية‪ -‬عندهم‪ -‬نن تكون على ما‬ ‫كان علي الرسول‪ -‬صلى هلل علي وسلم‪ -‬وصحابت ‪ ،‬في كل ش يء‪ ،‬في المعاملات والعبادات‪ ،‬في السلوك والمطعم‬ ‫والملبس‪ ،‬لتستوعب السلفية كل ش يء‪ ،‬في دياة المسلم‪ ،‬ولتسيير الحياة بجميع تفاصيلدا‪ ،‬السلفية في كل ش يء‪ ،‬في‬ ‫آداب الطريق‪ ،‬وآداب المجالس‪ ،‬السلفية والسلفي يقتدي بكل ما هو وارد عن النبي‪ -‬صلى هلل علي وسلم‪-‬‬ ‫وصحابت دتى في آداب قضاء الحاجة‪ ،‬والطدارة ‪.‬‬ ‫الآراء العقائدية للسلفية‪:‬‬ ‫سبقت الإشارة إلى نن السل ِفيين يهتركون في القواعد العامة للعقيدة‪ ،‬فهي ثوابت لا يحيدون عنها‪ ،‬من‬ ‫ديث اقتداؤهم بالسلف الصاِلح في فدم النصوص‪ ،‬ونأيهم عن مذاهب المتكلمين‪ ،‬وهذا ما يميزهم عن مذاهب‬ ‫المتكلمين‪ ،‬لنهم يرون نن ما وقع في المتكلمون ندخلدم في الابتداع في الدين‪ ،‬ويع ُّدون هذا من المخالفة لمر هلل‬ ‫ونمر رسول ‪ -‬صلى هلل علي وسلم‪ -‬ونن من اعتصم بالكتاب والسنة‪ ،‬كان من نولياء هلل المتقين‪ ،‬ودزب المفلحين‬ ‫وجند الغالبين(‪.)3‬‬‫‪‌ -1‬مصطفى ‌حلمي‪‌ ،‬قواعد ‌المنهج ‌ال َّسلفي ‌في ‌الفكر ‌الإسلامي‪‌ ،‬دار ‌الدعوة‪‌ ،‬الاسكندرية‪3996‌ ،‬م‪‌ ،‬ص‪‌ 12‬ـ ‌ص‪‌،16‬‬ ‫وانظر‪‌:‬مصطفى‌حلمي‪‌،‬ال َّسلفية‌بين‌العقيدة‌الإسلامية‌والفلسفة‌الغربية‪‌،‬ص‪.1‬‬‫‪‌-2‬محمود‌أحمد‌طحان‪‌،‬حجية‌السنة‌ودحض‌الشبهات‌التي‌تثار‌حولها‪‌،‬وزارة‌التعليم‌العالي‪‌،‬المؤتمر‌العالمي‌عن‌موقف‌‬‫الإسلام‌من‌الإرهاب‪‌،‬ص‪‌،1‬وانظر‪‌:‬عبد‌العزير‌بن‌عثمان‌التويجري‪‌،‬وسطية‌الإسلام‌وسماحته‌ودعوته‌للحوار‪‌،‬ص‪‌،9‬‬ ‫المملكة‌العربية‌السعودية‌في‌محاربة‌الإرهاب‪3111‌،‬م‌‪.‬‬ ‫‪‌-3‬شيخ‌الإسلام‌ابن‌ َت ْي ِم َّية‪‌،‬مجموع‌الفتاوى‪‌،‬مكتبة‌المعارف‪‌،‬الرباط‪‌،‬المغرب‌الأقصى‪(‌،‬بدون‌تاريخ)‪‌.‬ج‪33‬ص‪.‌631‬‬ ‫‪50‬‬

‫ويستهددون لرنيهم هذا بعدة نصوص‪ ،‬من القرآن الكريم‪ ،‬والسنة‪ ،‬ونقوال الأئمة‪ ،‬ومن هذ الأدلة ما‬ ‫يلي‪:‬‬‫‪( -7‬يا ن ُّيها ال ِذين آم منوْا ن ِطي معوْا الل ون ِطي معوْا الر مسول ومن ْوِلي الأْم ِر ِمن مك ْم ف ِإن تناز ْع مت ْم ِفي ش ْيء ف مر ُّدو م ِإلى‬ ‫الل ِ والر مسو ِل ِإن مكن مت ْم مت ْؤ ِم منون ِبالل ِ وا ْلي ْوِم الآ ِخ ِرذِلك خ ْي ٌرون ْدس من ت ْأ ِويل ًا)(‪.)1‬‬ ‫‪( -9‬ون ِطي معوْا الل ون ِطي معوْا الر مسول وا ْدذ مرو ْا ف ِإن تول ْي مت ْم فا ْعل مموْا ننما على ر مسوِلنا ا ْلبلا مغ ا ْلمم ِبي من )(‪.)2‬‬‫‪ -4‬عن ابن عباس رض ي هلل عنهما نن رسول هلل‪ -‬صلى هلل علي وسلم‪ -‬خطب الناس في حجة الوداع‬ ‫فقال‪( :‬يا نيها الناس إ ِشي قد تركت فيكم ما إن اعتصمتم ب فلن تضلوا نبد ًا كتاب هلل وسنة نبي ) (‪..)3‬‬‫‪ -3‬عن العرباض بن سارية‪ -‬رض ي هلل عن ‪ -‬قال وعظنا رسول هلل‪ -‬صلى هلل علي وسلم‪ -‬يوم ًا بعد‬‫صلاة الغداة موعظة بليغة ذرفت منها العيون‪ ،‬ووجلت منها القلوب‪ ،‬فقال رجل إن هذ موعظة مودع فماذا‬‫تعدد إلينا يا رسول هلل؟ قال نوصيكم بتقوى هلل‪ ،‬والسمع والطاعة‪ ،‬وإن عبد دبش ي‪ ،‬فإن من يعش منكم يرى‬‫اختلافا كثيرا‪ ،‬وإياكم ومحدثات الأمور‪ ،‬فأنها ضلالة‪ ،‬فمن ندرك ذلك منكم؟ فعلي بسنتي‪ ،‬وسنة الخلفاء‬ ‫الراشدين المدديين عضوا عليها بالنواجذ (‪.)4‬‬‫وكل من لا يعتبر النصوص من كتاب وسنة نصل ًا من الأصول التي يجب التزامدا للمسلم‪ ،‬وكل من لا‬‫يتعامل مع هذ النصوص على ننها الأساس الأول في فدم للدين ونصوص وندكام ‪ ،‬فدو مخالف مبتد ٌع‪ -‬بحسب‬ ‫ابن تيمية‪ -‬وحجت دادض ٌة لا قيام لدا‪ ،‬وكلام مردود ولا اعتبارل في الهريعة الإسلامية ‪.‬‬‫ومن هنا يرى ابن ت ْي ِمية نن نمر الاتباع للن ِبي‪ -‬صلى هلل علي وسلم‪ -‬واجب على كل مسلم‪ ،‬ونن خلاف‬‫ذلك ابتداع في دين هلل ومخالفة لصريح ال ُّنصوص‪ ،‬ومما نثر عن في تأصيل للمذهب السلفي قول ‪ :‬نن يجعل ما‬‫بعث هلل ب رسل ‪ ،‬وننزل ب كتب ؛ هو الحق الذي يجب اتباع ‪ ،‬وب يحصل الفرقان‪ ،‬والددى والعلم‪ ،‬والإيمان‪،‬‬ ‫‪‌-1‬النساء‌الآية‌‪.‌29‬‬ ‫‪‌-2‬المائدة‌الآية‌‪.‌93‬‬‫‪‌ -3‬مالك ‌بن ‌أنس‪‌ ،‬موطأ ‌مالك‪‌ ،‬كتاب ‌القدر‪‌ ،‬باب ‌النهي ‌عن ‌القول ‌بالقدر‪‌ ،‬ج‪3‬ص‪‌ ،599‬صحيح ‌مسلم‪‌ ،‬باب ‌حجة ‌النبي‌‬ ‫صلى‌الله‌عليه‌وسلم‪‌،‬حديث‌رقم‪.3319‌/‬‬‫‪‌-4‬سنن‌الترمذي‪‌،‬باب‌ما‌جاء‌في‌الأخذ‌بالسنة‌واجتناب‌البدعة‪‌،‬حديث‌رقم‪‌،3611/‬وابن‌ماجة‪‌،‬باب‌اتباع‌سنة‌الخلفاء‌‬ ‫الراشدين‪‌،‬حديث‌رقم‪‌،11/‬مسند‌الإمام‌أحمد‪‌،‬باب‌حديث‌العرباض‌بن‌سارية‪‌،‬حديث‌رقم‪.36239/‬‬ ‫‪51‬‬

‫فيصدق بأن دق و ِصدق‪ ،‬وما ِسوا من كلام سائر الناس ميعر مض علي ‪ ،‬فإن وافق ؟ فدو دق‪ ،‬وإن خالف فدو‬ ‫باطل (‪.)1‬‬ ‫وهذا ما علي السلف عموم ًا‪ ،‬بل تجدهم يفتخرون بتعلمدم ال ُّسنن والحديث‪ ،‬ودرصدم عليها كحرصدم‬ ‫على تعلم السورة من القرآن‪ ،‬وقد نوضح نبو عبد الردمن عبد هلل بن ذكوان ذلك فقال‪\" :‬ونيم هلل(‪ )2‬إن مكنا‬ ‫لنلتقط السنن من نهل الفق والثقة‪ ،‬ونتعلمدا شبيها بتعلمنا آي القرآن‪ ،‬وما برح من ندركنا من نهل الفق‬ ‫والفضل من خيار نولية الناس‪ ،‬يعيبون نهل الجدل والتنقيب والأخذ بالرني‪ ،‬وينهون عن لقائهم ومجالستهم‪،‬‬ ‫ويحذرونا مقاربتهم نشد التحذير‪ ،‬ويخبرون ننهم نهل ضلال وتحريف لتأويل كتاب هلل وسنن رسول ‪ ،‬وما توفي‬ ‫رسول هلل‪ -‬صلى هلل علي وسلم‪ -‬دتى كر المسائل ونادية التنقيب والبحث‪ ،‬وزجر عن ذلك ودذر المسلمين في‬ ‫غيرموطن‪ ،‬دتى كان من قول كراهية لذلك (‪.)3‬‬ ‫هذ هي السلفية بمفدومدا الخاص‪ ،‬عند ننصار السلفية‪ ،‬فالسلفية لا تعني عند ننصارها التخلي عن‬ ‫المذاهب السنية المعروفة كالمذهب (الحنفي‪ -‬والمالكي‪ -‬والهافعي‪ -‬والحنبلي) بل هي تأصيل لما في هذ المذاهب من‬ ‫الأقوال والآراء‪ ،‬فما وافق النصوص‪ ،‬فدو منهج السلفيين‪ ،‬وما خالفدا فدو ليس من السلفية وفق ما يرا نتباع‬ ‫هذا المنهج‪ ،‬وكما هو معلوم من منهج هذ الجماعة نن نصولدا ثابت ٌة لا تبديل فيها‪ ،‬ونيض ًا كما هو ظاه ٌر من‬ ‫التسمية التي تسموا بها فدم سلفية يرجعون إلى الأصل والجذور‪ ،‬وإلى آراء القدماء‪ ،‬التي تتمسك بظواهر الأدلة‬ ‫والنصوص ‪.‬‬ ‫نما من ديث تأسيس هذا المنهج كطريقة نو جماعة يسمون بهذ الاسم‪( :‬السلفية)‪ ،‬فقد نشرنا إلى نن‬ ‫كثي ًرا من نهل العلم يقولون بأن ابن ت ْي ِمية هو نول من نسس القواعد التي قامت عليها السلفية‪ ،‬ثم إن آراء نثرت‬ ‫‪‌-1‬شيخ‌الإسلام‌ابن‌ َت ْي ِم َّية‪‌،‬مجموع‌الفتاوى‪(‌،‬ج‪.)316‌-312‌/‌31‬‬‫‪‌‌-2‬وأيمن‌الله‪‌:‬اسم‌وضع‌للقسم‌هكذا‌بضم‌الميم‌والنون‌وهو‌جمع‌يمين‌وألفه‌ألف‌وصل‌عند‌أكثر‌النحويين‌ولم‌يجئ‌في‌‬‫الأسماء‌ألف‌الوصل‌مفتوحة‌غيرها‌وربما‌حذفوا‌منه‌النون‪‌،‬فقالوا‪‌:‬أيم‌الله‌بفتح‌الهمزة‌وكسرها‌‪‌.‬وربما‌أبقوا‌الميم‌وحدها‌‬‫فقالوا‌م‌الله‌وم‌الله‌بضم‌الميم‌وكسرها‪‌،‬راجع‌مختار‌الصحاح‌للإمام‌محمد‌أبي‌بكر‌بن‌عبد‌القادر‌الرازي‪‌،‬ترتيب‪‌-‬محمود‌‬ ‫خاطر‪‌،‬مراجعة‌لجنة‌من‌العلماء‪‌،‬دار‌المعارف‌المصرية‪‌،3991‌،‬ص‪.‌912‬‬‫‪‌-3‬أبو ‌عمر ‌يوسف ‌بن ‌عبد ‌البر ‌النمري‌القرطبي‪‌ ،‬توفي‌سنة ‌‪161‬هـ‪‌ ،‬جامع ‌بيان‌العلم ‌وفضله‪‌،‬وما ‌ينبغي ‌في ‌روايته‌‬ ‫وحمله‪‌،‬دار‌الكتب‌العلمية‪‌،‬بيروت‌لبنان‪3995‌،‬م‪(‌،‬ج‪/‌3‬ص‌‪.‌)‌331‬‬ ‫‪52‬‬

‫بهكل كبير في تكوين هذ الأيدلوجية السلفية‪ ،‬وقد تناقلدا تلامذت من بعد كابن القيم‪ ،‬وابن كثير(‪ ،)1‬وابن عبد‬ ‫الوهاب‪ ،‬وغيرهم‪ ،‬لتكون نفكارهم منضج ًة لفكار نستاذهم التيمي‪ ،‬ثم تصير بعد ذلك النـواة التي ي ْبني عليها‬ ‫السلف ُّيون المعاصرون آراءهم‪ ،‬ومناهجدم‪.‬‬ ‫وقد تمسك السلف ُّيون المعاصرون بالمذهب السلفي الأول‪ ،‬لتقاطعدم مع الفرق المختلفة التي وصفدا‬ ‫السلف ُّيون ال ممعاصرون كما وصفدا نسلافدم بالفرق الضالة‪ ،‬وكذلك منفور ًا من القواعد والمفاهيم الأساسية التي‬ ‫بنت عليها هذ الفرق مناهجدا ومعتقداتها‪ ،‬والأصول التي انطلق منها المؤ ِسسون الأوائل لدذ الفرق الكلامية (‪)2‬‬ ‫كالمعتزلة‪ ،‬والجدمية‪ ،‬والقدرية وغيرهم‪ ،‬وقد نفـر السلف ُّيون من هذ ال ِفرق الكلامية وع ُّدوها فرق ًا ضال ًة تكلفت‬ ‫تكلف ًا مذموم ًا في علم العقيدة قد يرقى بصادب إلى التزندق والكفر‪ ،‬غير نن ظدور هذ الفرق‪ ،‬اضطر علماء‬ ‫السنة للرِد عليها(‪ )3‬وهذا الأمر مدد بعد ذلك لظدور التيار الس ِني‪ ،‬بأساليب مختلفة في التعامل مع هذ الأفكار‬ ‫وهذ التيارات‪ ،‬ليبرز بعد كل هذا منهجان في نهل السنة‪ ،‬نددهما‪ :‬منهج المتكلمين‪ ،‬وهو ما اصطلح على تسميت‬ ‫(بالمنهج الأ ْشع ِري‪ ،‬نو العقيدة الأ ْشع ِرية)‪ ،‬والثاشي‪ :‬المنهج الأصولي‪ ،‬وهو ما نطلق علي (المنهج السلفي‪ ،‬نو العقيدة‬ ‫السلفية)‪ ،‬وما هذ المناهج إلا ثقافة الرد على هذ الفرق والجماعات‪.‬‬‫‪‌-‌1‬إسماعيل‌بن‌عمر‌‌بن‌كثير‌بن‌ضو‌بن‌درع‌القرشي‌البصروي‌ثم‌الدمشقي‪‌،‬أبو‌الفداء‪‌،‬عماد‌الدين‪‌:‬حافظ‌مؤرخ‌فقيه‌‬‫‪‌.‬ولد‌في‌قرية‌من‌أعمال‌بصرى‌الشام‪‌،‬وانتقل‌مع‌أخ‌له‌إلى‌دمشق‌سنة‌‪‌916‬هـ‌ورحل‌في‌طلب‌العلم‌‪‌.‬وتوفي‌بدمشق‪‌،‬‬‫تناقل‌الناس‌تصانيفه‌في‌حياته‪‌،‬من‌كتبه‌(البداية‌والنهاية)‌انتهى‌فيه‌إلى‌حوداث‌سنة‌‪‌969‬و(شرح‌صحيح‌البخاري)‌لم‌‬‫يكمله‪‌،‬و‌(طبقات‌الفقهاء‌الشافعيين)‌و‌(تفسير‌القرآن‌الكريم)‪‌،‬شيوخه‪‌‌:‬شيخ‌الإسلام‌أبو‌العباس‌أحمد‌بن‌تيمية‪-‬رحمه‌الله‌‬‫‪‌ -‬الحافظ ‌أبو ‌الحجاج ‌يوسف ‌المزي‪‌ ،‬رحمه ‌الله‪‌ -‬الحافظ ‌أبو ‌عبد ‌الله ‌محمد ‌بن ‌أحمد ‌الذهبي‪-‬رحمه ‌الله‪‌ -‬الشيخ ‌أبو ‌العباس‌‬‫أحمد ‌الحجار ‌الشهير‌بـ\"ابن ‌الشحنة\"‪‌،‬وغيرهم‪(‌ ،‬ولد‌سنة‌‪911‬هـ‌وتوفي‌سنة‪99‬هـ ‌)‪‌،‬انظر‪‌ :‬خير ‌الدين ‌بن ‌محمود ‌بن‌‬‫محمد ‌بن ‌علي ‌بن ‌فارس‪‌ ،‬الزركلي ‌الدمشقي ‌(المتوفى‪3196‌ :‬هـ)‪‌ ،‬الأعلام‪‌ ،‬دار ‌العلم‌للملايين‪‌ ،‬الطبعة ‌الخامسة ‌عشر‪‌،‬‬ ‫‪3113‬م‪‌،‬ج‪3‬ص‪.‌131‬‬‫‪‌-2‬المتكلمون‌هم‌الذين‌اشتغلوا‌بعلم‌الكلام‪‌،‬و ُيع َّرف‌علم‌الكلام‌أ َّنه‪\"‌:‬علم‌يقتدر‌معه‌على‌إثبات‌العقائد‌ال ِّدين َّية‌على‌الغير‪‌،‬‬‫بإيراد‌الحجج‪‌،‬ودفع‌الشبه\"‌كونه‌كلام‌في‌الله‌بما‌لم‌يعرف‌من‌ن ٍّص‌ولا‌عمل‌ال َّسلف‌ال َّصالِح‪‌،‬إذ‌فيه‌تقديم‌ما‌تدل‌عليه‌‬‫عقول‌أولئك‌المتكلمين‌على‌الكتاب‌والسنة‪‌،‬لذلك‌يرى‌بعض‌العلماء‌أن‌القول‌به‌إنما‌هو‌خلاف‌للكتاب‌والسنة‪‌،‬انظر‪‌:‬اين‌‬‫تيمية‪‌ ،‬درء ‌تعارض ‌العقل ‌والنقل‪‌ ،‬ج‪3‬ص‪‌ ،395‬وانظر– ‌الإيجي‪‌ ،‬المواقف‪‌ ،‬ص‪‌ ،39‬وانظر‪‌ :‬سعد ‌الدين ‌مسعود‌‬ ‫التفتازاني‪‌،‬شرح‌المقاصد‪‌،‬مطبعة‌محرم‌أفندي‪3593‌،‬م‪‌،‬ج‪3‬ص‪-361‬ص‪366‬‬‫‪‌-3‬وقد ‌ذكر ‌بعض ‌أهل ‌العلم ‌أن‪‌ :‬المشهور ‌بعد ‌الاعتراف ‌بكفاية ‌المأخذين ‌ال َّسلفيين‌والنهي ‌عن‌الخوض ‌في‌علم ‌الكلام‌‬‫والفلسفة‌الاعتذار‌عن‌الخائضين‌من‌المنتسبين‌إلى‌السنة‌بأ َّنهم‌اضطروا‌إلى‌ذلك‌لدفع‌شبهات‌الكفار‌والزنادقة‪‌،‬والملحدين‌‬‫والمبتدعة ‌الذين ‌يخوضون ‌في ‌دقائق ‌المعقول ‌ثم ‌يطعنون ‌في ‌الإسلام ‌والسنة‪‌ ،‬قال ‌المعتذرون ‌ولم ‌يكن ‌ذلك ‌في ‌عهد‌‬‫ال َّصحابة ‌وال َّتا ِبعين ‌وإنما ‌حدث ‌أخيراً ‌بعد ‌ضعف ‌الإيمان ‌وتشوف ‌الناس ‌إلى ‌دقائق ‌المعقول ‌وإعجابهم ‌بأهله‪‌ ،‬فالخوض‌‬‫محدث‌لكن‌لحدوث‌داع‌إليه‌وباعث‌عليه‌ومقتض‌له‌‪‌.‌.‌.‬انظر‪‌:‬التنكيل‌بما‌في‌تأنيب‌الكوثري‌من‌الأباطيل‪‌،‬ج‪1‬ص‪‌113‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪53‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬علاقة ال َّسلفية بالوهابية‪:‬‬ ‫عرفنا في ما سبق نن السلفية في مفدومدا العام والذي يستهرف المنتسبون لدذا المنهج‪ ،‬هو الرجوع إلى‬ ‫طريقة السلف الصاِلح‪ ،‬ولقد كان لظدور الإمام محمد بن عبد الوهاب الذي يعتبر كثي ٌر من السلفيين الإمام‬ ‫المجدد للعقيدة الصحيحة كما يرتض ي علماء السلفية اليوم‪ ،‬ديث يعتبرون مؤسس السلفية ال ُّنصوصية‬ ‫المعاصرة‪ ،‬كما يطيب لبعض ال مبحاث وصف في عرض دديثهم عن تأثيرات الوهابية على السلفية الحديثة نو‬ ‫الجديدة (‪. )1‬‬ ‫ديث ميق ِسمون السلفية المعاصرة إلى قسمين‪( :‬سلفية منصوصية‪ ،‬وسلفية عقلانية)‪.‬‬ ‫أول‪ :‬ال َّسلفية ال ُّن ُصوص َّية‪ :‬ويمثلدا الإمام محمد ابن عبد الوهاب والصنعاشي والهوكاشي وتلامذتهم‪،‬‬ ‫ولك ِل فريق من هذين الفريقين نظرت الخاصة وفدم الخاص للسلفية‪ ،‬فالسلفية في نظر تلامذة الامام محمد‬ ‫عبد هي تيارعقلاشي يستند الى الكتاب والسنة النبوية كما قال الهيخ الغزالي(‪.)2‬‬ ‫نما الفريق الثاشي فإنهم يرون نن السلفية رجوع الى هدي السلف والى العدد الذهبي للسلام‪ ،‬والسلفية‬ ‫التي تمثل عقيدة السلف الصاِلح‪ -‬رض ي هلل عنهم‪ -‬التي نمر هلل بها من توديد وافراد بال ُّرمبوِبية وال مأ ملوهية‪،‬‬ ‫والاتجا إلي ودد في النية والعمل‪ ،‬فالسلفية هي الحنفية وهي كذلك فطرة هلل التي فطر الناس عليها‪ ،‬كما قال‬ ‫تعالى‪ِ \":‬ف ْطرة الل ِ ال ِتي فطرالناس عل ْيها لا ت ْب ِديل ِلخ ْل ِق الل ِ ذِلك ال ِدي من ا ْلق ِي مم ول ِكن ن ْكثرالنا ِس لا ي ْعل ممون \"(‪. )4( ،)3‬‬ ‫ولا شك نن الطريق نو الخ ِط السلفي المعروف اليوم؛ هو الخ ُّط الوهابي‪ ،‬نو ما اصطلح البعض على‬ ‫تسميتهم بـ \"الوهابيين\" مع التحف ُّظ على اللف ِظ إذا ن ِريد ب الذ ُّم‪ ،‬ولكن هذا هو الواقع‪ ،‬فقد جرى علي العمل‬‫‪‌ -1‬انظر‪‌ :‬حرسي ‌محمد ‌هيلوله‪‌ ،‬ال َّسلفية ‌الوهابية ‌بين ‌مؤأيديها ‌ومنتقديها ‌دراسة ‌تحليلية ‌موضوعية‪‌ ،‬الجامعة ‌الإسلامية‪‌،‬‬‫ماليزيا‌‌‪3996‬م‪‌،‬ص‪‌،33‬وانظر‪‌:‬محمد‌فتحي‌عثمان‪‌‌،‬ال َّسلفية‌في‌المجتمعات‌المعاصرة‪‌،‬الكويت‌‪3953‬م‪‌،‬دار‌القلم‌‬ ‫الطبعة‌الثانية‪‌،‬ص‪‌.‌6،33‬‬‫‪ -2‬يرى الشيخ محمد الغزالي أ َّن السلفية هي النزعة العقلانية والعاطفية التي ترتبط بخير القرون‪ ،‬وتعمق ولاءها لكتاب الله‬‫وسنة رسوله‪ -‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬وتحشد جهود المسلمين المادية والمعنوية لإعلاء كلمة الله دون نظر للعرق أو اللون‪،‬‬‫انظر‪ :‬محمد الغزالي‪ ،‬دستور الوحدة الثقافة بين المسلمين‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار الوفاء‪ ،‬المنصورة‪ ،‬ص‪ ،727‬وانظر‪ :‬حرسي‬ ‫محمد هيلولة‪ ،‬السلفية الوهابية بين مؤيديها ومنتقديها‪ ،‬ص‪. 2‬‬ ‫‪‌-3‬سورة‌الروم‌الآية‌‪.11‬‬ ‫‪‌-4‬محمد‌فتحي‌عثمان‪‌‌،‬ال َّسلفية‌في‌المجتمعات‌المعاصرة‪‌،‬دار‌القلم‌الطبعة‌الثانية‪‌،‬الكويت‪3959‌،‬م‪‌،‬ص‪.33‬‬ ‫‪54‬‬

‫عند ال مكتاب والدارسين للمذهب السلفي المعاصر‪ ،‬فإذا قيل \"السلفيين\" بالإطلاق فإننا شعني ب الحديث عن‬ ‫\"الوهابيين\" المنتسبين للمام المجدد \"محمد بن عبد الوهاب\"(‪.)1‬‬ ‫وإن كان بعض علماء العقائد المعاصرين يتحفظون على هذا الاسم‪ ،‬وذلك بحصر السلفيين في الوهابيين‬ ‫نتباع الإمام محمد بن عبد الوهاب‪ ،‬ويرون نن مفدومدا نوسع ونشمل من ذلك‪ ،‬ومنهم الهيخ محمد الغزالي الذي‬ ‫وصف السلفية بقول ‪ :‬السلفية عنوا ٌن كبير لحقيقة كبيرة نساسدا العقل الحر المكتهف الدءوب‪ ،‬السلفية عود ٌة‬ ‫إلى الإيمان السدل السائغ البعيد عن التقعر‪ ،‬الب ِريئ من المممادكات‪ ،‬وليست السلفية قنطرة لترويج بعض الآراء‪،‬‬ ‫نو دبالة ينصبها ال مبـل في المجتمع لاصطياد الأغرار(‪. )2‬‬ ‫وبالرغم من الأمثلة الرائعة التي رسمدا محمد الغزالي للسلفية في كلام آنف ًا‪ ،‬ومع اتفاقنا مع في كل ما‬ ‫قال ‪ ،‬غير نننا وبعيد ًا عن اختيارات وشرد للمفدوم العام لمعنى السلفية‪ ،‬نقول بأن العلاقة الوثيقة بين نفكار‬ ‫الإمام محمد بن عبد الوهاب‪ ،‬والمنهج السلفي المعاصرالذي مين ِظ مرل علماء السعودية‪ ،‬نمثال‪ :‬ابن باز‪ ،‬والعثيمين‪،‬‬ ‫والفوزان وغيرهم‪ ،‬تجعلنا لا منف ِرق بين السلفيين والوهابيين‪ ،‬لن ممرادنا هو استقصاء ما علي السلفية المعاصرة‬ ‫من العقيدة‪ ،‬وهذا الذي سيكون علي مدارالبحث في مقارناتنا بين المدرستين السلفية والأشعرية‪.‬‬ ‫ثانيا‪ :‬ال َّسلفية العقلانية‪ :‬ميمثلدا الهيخ محمد عبد ‪ ،‬وتلامذت كـ محمد رشيد رضا‪ ،‬ومحمد مصطفى‬ ‫المراغي‪ ،‬وغيرهم‪ ،‬واعتبر كثي ٌر من نهل العلم المعاصرين نن الإمام محمد عبد من الممؤ ِس ِسين لدذا المنهج العقلاشي‬ ‫نو الفكري‪ -‬إذا جاز التعبير‪ -‬في العصر الحديث‪ ،‬وقد رجح هذا القول كثي ٌر من ال مبحاث المعاصرين‪ ،‬ون ْول ْو م‬ ‫اهتمامدم‪ ،‬ديث ظدر هذا الخط العقلاشي في التفكير السلفي‪ ،‬ورنوا نن محمد عبد من نوائل من دعا إلي ‪،‬‬ ‫ومنو ِقهت هذا المسألة‪ ،‬ومرو ِعي هذا الهأن‪ ،‬دتى رنينا من كتب فيها باللغات الأخرى‪ ،‬ومنها دراسة على سبيل المثال‬ ‫للأستاذ‪ Yasien Mohamed :‬الذي ذكر نن ممحمد عبد كان يقول بتقديم النصوص على العقل‪ ،‬ولكن مع هذا لا‬‫‪‌-1‬انظر‪‌:‬محمد‌أبو‌زهرة‪‌،‬تاريخ‌المذاهب‌الإسلامية‪‌،‬ص‪‌،336‬وانظر‪‌:‬أحمد‌أمين‪‌،‬ضحى‌الاسلام‪‌،‬دار‌الكتاب‌العربي‪‌،‬‬‫بيروت‪‌ ،‬الطبعة ‌الخامسة‪(‌ ،‬بدون ‌تاريخ)‪‌ ،‬ج‪‌ 1‬ص‪‌ ،35‬وانظر‪‌ :‬عرفان‪‌ ،‬الفلسفة ‌الاسلامية ‌دراسة ‌ونقد‪‌ ،‬بيروت ‌مؤسسة‌‬‫الرسالة‪‌ ،‬الطبعة ‌الثانية‪3959‌ ،‬م‪‌ ،‬ص‪‌ ،322-323‬وانظر‪‌ :‬محمد ‌عمارة‪‌ ،‬تيارات ‌الفكر ‌الإسلامي‪‌ ،‬ص‪‌ ،311‬وانظر‪‌:‬‬ ‫حرسي‌هيلولة‪‌،‬ص‪‌.‌12-13‬‬ ‫‪ -2‬محمد الغزالي‪ ،‬دستور الوحدة الثقافية بين بين المسلمين‪ ،‬دار الوفاء‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬المنصورة‪ ،‬ص‪. 727‬‬ ‫‪55‬‬

‫يهمل العقل بل يرى إعمال العقل وجعل وسيلة ممدمة يتوصل بها إلى تفسير القرآن الكريم‪ ،‬ونن قد نشار إلى هذا‬ ‫في كتاب ‪\" :‬رسالة التوديد\" (‪.)1‬‬ ‫ويمكننا نن نقول نن قد ظدر في هذ الأثناء خط آخر‪ ،‬نو وج آخر للسلفية المعاصرة‪ ،‬لعل يكون تزا ممن ًا‬ ‫مع انتهار نفكار محمد عبد التي تميل إلى ادتواء الآراء واستيعابها في المنهج ال مكلي للتوجدات السلفية التي تحارب‬ ‫ال ِبدع والخرافات‪ ،‬ولكنها لا تماشع في استخدام العقل لفدم نهداف العقيدة الصحيحة‪ ،‬ومقاصد الهريعة التي‬ ‫توصل إلى سعادة المسلم في الدارين‪ ،‬ولا تحجر علي إعمال العقل فيما لا يتناقض مع نصول الدين‪ ،‬وروح‬ ‫النصوص ‪.‬‬ ‫ولا نريد نن شسدب في الحديث عن السلفية الفكرية نو العقلانية التي دعا إليها الهيخ محمد عبد ‪ ،‬ولا‬ ‫نن شسترسل في الحديث عن محمد عبد ومنهج ‪ ،‬وسنعرض لدذا في دديثنا لادق ًا عن مدرسة الأزهر وتطورها‪،‬‬ ‫وذكر منهج علماء الأزاهرة قديما ودديث ًا‪ ،‬وعلاقتهم بالمنهجين السلفي والأ ْشع ِري‪ ،‬لن ما يعنينا في هذا المبحث‬ ‫الوقوف على السلفية الن ِصية المعاصرة التي يمثلدا الهيخ ال معثيمين ومن وافق وهو ما سنعرض ل في المبحث‬ ‫التالي ‪.‬‬ ‫ثالث اا‪ :‬السلفية الجهادية‪ :‬يسير ننصار هذا الخط من السلفية إلى ندياء فكرة الجداد التي يرونها فريضة‬ ‫لا تقل في الق ْد ِر والمكان ًة من الدين عن الصلاة والزكاة‪ ،‬ونتباع هذ المدرسة يهتركون مع نرباب السلفية‬ ‫النصوصية في فدم نصوص العقائد والأدكام‪ ،‬لكن الخلاف بينهم في وجدات النظر قائم على فكرة الحاكمية‪،‬‬ ‫ووجوب الخروج على الولاة والرؤساء دال مولاتهم للكفار‪ ،‬نو عدم تحكيم شرع هلل(‪ ،)2‬ومن المنظرين لدذا التيار‪،‬‬ ‫سيد قطب‪ ،‬والهيخ نسامة بن لادن‪ ،‬والظواهري‪ ،‬وغيرهم‪ ،‬ولدذا يقول هاشي شسيرة‪\" :‬إن السلفية الجدادية قد‬‫‪Yasien Mohamed, (1996). The Education Life And Thought of Mohamed Abduh, ‌ -1‬‬‫‪Muslim Education Quarterly. Vol .13, No. The Islamic Academy, Cambrige,U.K. ,p.20‬‬ ‫)‪‌(My translation‬‬‫‪‌ -2‬سمير ‌الحمادي‪‌ ،‬مقالة ‌بعنوان‪‌ :‬تأملات ‌في ‌مصطلح ‌السلفية ‌الجهادية‪‌ ،‬الكلمات ‌الدلالية‪\"‌ :‬السلفية ‌الجهادية\"‪‌،‬‬ ‫‪3131/9/11‬م‪http://www.islammaghribi.com‌،‬‬ ‫‪56‬‬

‫نجحت بامتياز في الدمج بين التوديد بمعنا الحنبلي الجديد‪ ،‬كما نسس ابن تيمية وفصل ابن عبد الوهاب‪،‬‬ ‫وبين داكمية سيد قطب‪ ،‬ذات الطبيعة الفكرية\"(‪.)1‬‬ ‫والذي يعنينا من هذ الطرق الثلاثة في السلفية المعاصرة‪ ،‬المنهج ال ُّن مصو ِص ي الحرفي‪ ،‬الذي نظر ل‬ ‫علماء السعودية كأمثال ابن باز والعثيمين‪ ،‬ومدار بحثنا كما هو معلو ٌم سيكون في باب العقائد‪ ،‬وخصوص ًا في‬ ‫مسائل الأسماء والصفات وتتبع نقوالدم وآرائهم‪ ،‬وخصوص ًا الهيخ العثيمين ‪.‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬العقيدة ال َّسلفية المعاصرة‪:‬‬ ‫للتعرف على العقيدة السلفية في تاريخنا المعاصر‪ ،‬ومعرفة المنهج والطريقة التي عليها سلفية اليوم في‬ ‫مسائل الاعتقاد‪ ،‬وهل يصلح اتصافدم بهذا اللقب؟ ومدى موافقتهم لما كان علي نسلافدم؟ لابد من معرفة المنهج‬ ‫السلفي الأول‪ ،‬وطريقتهم في فدم مسائل الإيمان المختلفة‪ ،‬كالتوديد‪ ،‬والقضاء والقدر‪ ،‬والأسماء وال ِصفات‪،‬‬ ‫والقول بتحقق رؤية هلل تعالى للمؤمنين يوم القيامة‪ ،‬وغيرها‪ ،‬ومن ثم مطابقة هذ المفاهيم‪ ،‬وهذ المعتقدات‪،‬‬ ‫على نولئك الذين ينتسبون إلى طريقة السلف الصاِلح في زماننا اليوم‪ ،‬ومدى ندقيتهم لدذا الهرف وهذا الوسام‪-‬‬ ‫إذا جاز التعبير‪ -‬وذلك من خلال الوقوف على القضايا التي اعتقدها جماهير السلف‪ ،‬في مسائل التوديد‪ ،‬وهي‬ ‫كما يأتي‪:‬‬ ‫المطلب الأول‪ :‬التوحيد‪:‬‬ ‫إن التوديد عند سلف هذ الأمة‪ ،‬هو المتضمن لمفدوم التوديد في القرآن العظيم‪ ،‬وسنة النب ِي محمد‪-‬‬ ‫علي الصلاة والتسليم‪ -‬وذلك كما في قول تعال‪( :‬فا ْعل ْم نن لا ِإل ِإلا الل م )(‪ ،)2‬يقول تعالى ذكر لنبي محمد‪ -‬صلى‬ ‫ هلل عل ْي ِ وسلم‪ :‬فاعلم يا محمد نن لا معبود تنبغي نو تصلح ل الألوهية‪ ،‬ويجوز لك وللخلق عبادت ‪ ،‬إلا هلل الذي‬ ‫هو خالق الخلق‪ ،‬ومالك كل ش يء‪ ،‬يدين ل بال ُّرمبوِبية كل ما دون (‪.)3‬‬‫‪‌-1‬هاني‌نسيره‪‌،‬القاعدة‌والسلفية‌الجهادية‪‌:‬الروافد‌الفكرية‌وحدود‌المراجعات‪‌،‬منشورات‌الأهرام‪‌،‬القاهرة‪‌،‬يونيو‌‪‌،3115‬‬ ‫‪‌22‬ص‪.‬‬ ‫‪‌-‌2‬سورة‌محمد‌الآية‌‪.39‬‬ ‫‪‌-3‬ابن‌جرير‌الطبري‪‌،‬تفسير‌الطبري‪‌،‬ج‪‌33‬ص‪.‌319‬‬ ‫‪57‬‬

‫وقد كان السلف الأول ينظرون للتوديد جمل ًة وادد ًة‪ ،‬ولا يفرقون بين مسائل ‪ ،‬فكل ما هو من عالم‬ ‫الغيب يعتبر من التوديد‪ ،‬وقد عبروا عن بصيغ متعدد تفيد في مجملدا عنايتهم بهذا الأمر‪ ،‬وتعظيمدم لمسائل ‪،‬‬ ‫فقد سما نبو دنيفة النعمان‪ ،‬الفق الأكبر‪ ،‬وبعضدم كان يتحرز من ذكر مسائل وفروع ‪ ،‬ويعرف بمسمى‬ ‫الدين‪ ،‬جملة واددة‪ ،‬ويمسك عن الخوض في مسائل التي خاض فيها المتكلمون‪ ،‬كالإمام مالك‪ -‬ردم هلل تعالى‪-‬‬ ‫ديث كان يقول‪( :‬الكلام في الدين نكره ‪ ،‬ولم يزل نهل بلدنا يكرهون القدرورني جدم وكل ما نشب ذلك) (‪. )1‬‬ ‫وهم في هذا إنما يمسكون عن ما نمسك عن النبي‪ -‬صلى هلل علي وسلم‪ -‬ونصحاب ‪ ،‬فقد نخرج الترمذي‬ ‫في سنن عن نبي هريرة رض ي هلل عن قال‪\" :‬خرج علينا رسول هلل صلى هلل علي وسلم ونحن نتنازع في القدر‬ ‫فغضب دتى ادمر وجد ‪ ،‬دتى كأنما مف ِقئ في وجنتي الرمان‪ ،‬فقال‪ :‬نبهذا منمرمتم؟! نم بهذا منرسل مت إليكم ؟! إنما‬ ‫هلك من كان قبلكم دين تنازعوا في هذا الأمر‪ ،‬عزمت عليكم نلا تتنازعوا في \"(‪.)2‬‬ ‫إذ اا‪ :‬فقد كانوا ينظرون لمسائل الإيمان‪ ،‬وقضايا التوديد‪ ،‬ولوازم العقيدة‪ ،‬جملة واددة لا يفرقون بينها‪،‬‬ ‫وإن كانوا يع ِرفون مكلا من مصطلحات الإيمان بما يدل علي ‪ ،‬فقد جاء في شرح الفق الأكبر للمام نبي دنيفة‬ ‫قول ‪\" :‬والتوديد معرفة هلل تعالى بالوددانية\" (‪ ،)3‬وهو المعنى المتضمن لهدادة التوديد‪ ،‬وهو من نصول الإيمان‪،‬‬ ‫عند نصحاب الحديث من نهل السنة‪ ،‬وهم المذهب الأصولي‪ ،‬نو (السلفية)‪ ،‬بالمسمى الذي اصطلح علي نخي ًرا‪،‬‬ ‫لذلك يقول الدكتور محمد عبد الردمن الخميس‪ ،‬في كتاب ‪ :‬اعتقاد نهل السنة‪ ،‬شرح نصحاب الحديث‪\" :‬يؤمن‬ ‫نهل السنة بالله سبحان وملائكت وكتب ورسل وبكل ما روا الثقات عن الرسول صلى هلل علي وسلم ‪ ،‬ويقرون‬ ‫بتفرد هلل بالوددانية في كل ش يء‪ ،‬وبنبوة محمد‪ -‬صلى هلل علي وسلم‪ -‬ويؤمنون بالجنة والنار وبالبعث بعد‬ ‫الموت\"(‪. )4‬‬‫‪‌ -1‬أبي ‌عمر ‌يوسف ‌بن ‌عبد ‌ال َب ِّر‪‌ ،‬الانتقــاء ‌في ‌فضائــل ‌الأئمة ‌الثلاثة ‌الفقهاء‪‌ ،‬عناية‪،‬عبد ‌الفتاح ‌أبو ‌غردة‪‌ ،‬مكتبة‌‬‫المطبوعات ‌الإســلامية‪،‬حــلب‪‌ ،‬سـوريا‪،‬الطبعة ‌الأولى‪3999‌ ،‬م‪‌ ،‬ص‪‌ ،69‬وانظر‪‌ :‬محمد ‌أبوزهرة‪‌ ،‬مالك ‌حياته ‌وعصره‌‬ ‫آراؤه‌وفقهه‪‌،‬دار‌الثقافة‌العربية‪‌،‬مصر‪3919‌،‬م‪‌،‬ص‪‌‌.‌322‬‬‫‪‌-2‬سنن‌الترمذي‪‌،‬باب‌ما‌جاء‌في‌التشديد‌في‌الخوض‌في‌القدر‪‌،‬حديث‌رقم‪‌‌،3129/‬قال‌أبو‌عيسى‌وفي‌الباب‌عن‌عمر‌‬‫وعائشة‌وأنس‌وهذا‌حديث‌غريب‌لا‌نعرفه‌إلا‌من‌هذا‌الوجه‌من‌حديث‌صالح‌المري‌وصالح‌المري‌له‌غرائب‌ينفرد‌بها‌‬ ‫لا‌يتابع‌عليها‪‌.‬‬‫‪‌-3‬أبو‌منصور‌محمد‌بن‌محمد‌بن‌محمود‌الحنفي‪‌(‌،‬المتوفى‌سنة‌‪111‬هـ)‪‌،‬شرح‌الفقه‌الأكبر‌للإمام‌أبي‌حنيفة‌النعمان‪‌‌،‬‬ ‫طبع‌على‌نفقة‌الشؤون‌ال ِّدين َّية‪‌،‬قطر‪‌(،‬بدون‌تاريخ‌طباعة)‪‌‌،‬ص‪31‬‬‫‪‌ -4‬محمد ‌بن ‌عبد ‌الرحمن ‌الخميس‪‌ ،‬اعتقاد ‌أهل ‌السنة ‌شرح ‌أصحاب ‌الحديث‪‌ ،‬الطبعة‪‌ :‬الأولى‪‌ ،‬وزارة ‌الشئون ‌الإسلامية‌‬ ‫والأوقاف‌والدعوة‌والإرشاد‪‌،‬المملكة‌العربية‌السعودية‪‌،‬تاريخ‌النشر‪3139‌:‬هـ‪‌،‬ص‪.39‬‬ ‫‪58‬‬

‫وعقيدة السلف نن من مات على التوديد دخل الجنة قطع ًا‪ ،‬وإن مع ِذب بسبب ذنوب ‪ ،‬ولكن لا ميخلد في‬ ‫النار‪ ،‬جاء في صحيح مسلم‪ ،‬قول ‪ :‬باب نن من مات على التوديد دخل الجنة قطع ًا‪ ،‬ثم نقل الرواية عن عثمان‪-‬‬ ‫رض ي هلل عن ‪ -‬قال‪ :‬قال رسول هلل‪ -‬صلى هلل علي وسلم‪\" :-‬من مات وهو يعلم نن لا إل إلا هلل دخل الجنة\"(‪. )1‬‬ ‫وكما مر علينا من قبل نن المذهب (ال َّسلفي)‪ ،‬يدين لابن ت ْي ِمية بتأصيل قواعد ‪ ،‬وضبط ندكام ‪ ،‬ديث‬ ‫عرفنا نن كلام ابن ت ْي ِمية صار عند نرباب هذا المذهب بمثابة القواعد الذهبية‪ ،‬بحيث يستهددون بها في‬ ‫المناظرات‪ ،‬وتتقوى بها محج مجدم وآرا مؤهم‪ ،‬فلا يكاد يخلوا منها ممصنف من ممصنفاتهم في نبواب العقائد‪ ،‬لذلك‬ ‫ستكون نقوال هي المرجع في تأصيل المذهب السلفي القديم‪ ،‬كما مر علينا‪ ،‬وقياس هذ الأقوال على نقوال علماء‬ ‫السلفية المعاصرة ‪.‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬ابن تَ ْيميَّة وال َّسلفيين في معنى التوحيد‪:‬‬ ‫عرف شيخ الإسلام ابن ت ْي ِمية التوديد في كتاب اقتضاء الصراط المستقيم‪ ،‬بقول ‪\" :‬فالله تعالى ممست ِحق‬ ‫نن شعبد لا شهرك ب شيئا‪ ،‬وهذا هو نصل التوديد الذي مب ِعثت ب الرسل‪ ،‬ونن ِزلت ب الكتب‪ ،‬قال هلل تعالى‪:‬‬ ‫(وا ْسأ ْل م ْن ن ْرس ْلنا ِم ْن ق ْبِلك ِم ْن مر مسِلنا نجع ْلنا ِم ْن مدو ِن الر ْدم ِن آِلد ًة مي ْعب مدون )(‪ )2‬وقال تعالى‪( :‬وما ن ْرس ْلنا ِم ْن ق ْبِلك‬ ‫ِم ْن ر مسول ِإلا منو ِحي ِإل ْي ِ نن لا ِإل ِإلا ننا فا ْع مب مدو ِن)(‪.)3‬‬ ‫وقال تعالى‪( :‬ولق ْد بع ْثنا ِفي مك ِل منمة ر مسوًلا ن ِن ما ْع مب مدوا الل وا ْجت ِن مبوا الطا مغوت)(‪ ،)4‬وميد ِخل ابن ت ْي ِمية في‬ ‫معنى التوديد‪ ،‬معنى ال مأ ملوهية وهي إفراد تعالى بالعبادة والخوف والرجاء والمحبة‪ ،‬ولذلك يقول‪ ،‬ويدخل في ذلك‪-‬‬‫‪‌-1‬صحيح‌مسلم‪‌،‬باب‌ال َّدليل‌أن‌من‌مات‌على‌التوحيد‌دخل‌الج َّنة‪‌،‬حديث‌رقم‪‌،15‌/‬وللحديث‌روايات‌عدة‌بهذا‌المعنى‌في‌‬‫سنن‌الترمذي‪‌،‬حديث‌رقم‪‌،3233‌/‬وهو‌من‌رواية‌جابر‌قال‪‌:‬قال‌رسول‌الله‌‪‌-‬صلى‌الله‌عليه‌وسلم‪‌-‬يعذب‌ناس‌من‌أهل‌‬‫التوحيد‌في‌النار‌حتى‌يكونوا‌فيها‌حمما‌ثم‌تدركهم‌الرحمة‌فيخرجون‌ويطرحون‌على‌أبواب‌الج َّنة‌قال‌فيرش‌عليهم‌أهل‌‬‫الج َّنة‌الماء‌فينبتون‌كما‌ينبت‌الغثاء‌في‌حمالة‌السيل‌ثم‌يدخلون‌الج َّنة‪‌،‬قال‌هذا‌حديث‌حسن‌صحيح‌وقد‌روي‌من‌غير‌وجه‌‬‫عن‌جابر‪‌،‬وله ‌روايت ‌أخرى ‌بهذا ‌المعنى‪‌ ،‬حديث ‌رقم‪‌،3263/‬وحديث ‌رقم‪‌ ،3969/‬وفي ‌مسند ‌الإمام ‌أحمد ‌من ‌رواية‌‬ ‫جابر‪‌-‬رضي‌الله‌عنه‪‌-‬حديث‌رقم‪‌،31662/‬وللحديث‌روايات‌أخرى‌في‌مسند‌ابن‌شيبة‪‌،‬وعبد‌الرزاق‌وغيرهما‌‪.‬‬ ‫‪‌-2‬سورة‌الزخرف‌الآية‌‪.‌12‬‬ ‫‪‌-3‬سورة‌الأنبياء‌الآية‌‪.32‬‬ ‫‪‌-4‬سورة‌النحل‌الآية‌‪.16‬‬ ‫‪59‬‬

‫ني في معنى التوديد‪ -‬نن لا نخاف إلا إيا ‪ ،‬ولا نتقي إلا إيا ‪ ،‬كما قال تعالى‪( :‬وم ْن مي ِط ِع الل ور مسول م وي ْخش الل‬ ‫ويت ْق ِ ف مأول ِئك مه مم ا ْلفا ِئ مزون)(‪ ،)1‬فجعل الطاعة لله وللرسول‪ ،‬وجعل الخهية والتقوى لله ودد \"(‪. )2‬‬ ‫قال ابن حجر في الفتح في شرد لحديث عتبان بن مالك رض ي هلل عن ‪ ،‬وفي ‪\" ...‬فقام رسول هلل صلى‬ ‫ هلل علي وسلم فكبر فقمنا فصفنا فصلى ركعتين‪ ،‬ثم سلم‪ ،‬قال ودبسنا على خزيرة(‪ )3‬صنعناها ل ‪ ،‬قال‪ :‬فآب‬ ‫في البيت رجال من نهل الدار ذ موو عدد فاجتمعوا فقال قائل منهم نين مالك بن الدخيهن‪ ،‬نو ابن الدخهن‪،‬‬ ‫فقال بعضدم ذلك منافق لا يحب هلل ورسول ‪ ،‬فقال رسول هلل‪ -‬صلى هلل علي وسلم‪\" :-‬لا تقل ذلك‪ ،‬نلا ترا قد‬ ‫قال لا إل إلا هلل‪ ،‬يريد بذلك وج هلل‪ ،‬قال هلل ورسول نعلم‪ ،‬قال فإنا نرى وجد ونصيحت إلى المنافقين‪ ،‬قال‬ ‫رسول هلل‪ -‬صلى هلل علي وسلم‪ -‬فإن هلل قد درم على النارمن قال لا إل إلا هلل يبتغي بذلك وج هلل\"(‪.)4‬‬ ‫علـق ابن حجر على هذا الحديث بقول ‪\" :‬وفي افتقاد من غاب عن الجماعة بلا عذر‪ ،‬ونن لا يكفي في‬ ‫الإيمان النطق من غيراعتقاد‪ ،‬ونن لا يخلد في النارمن مات على التوديد\"(‪.)5‬‬ ‫وقال الإمام النووي في شرد على صحيح مسلم‪ \" :‬كل ما جاء من الوعيد بالنار لصحاب الكبائر غير‬ ‫الكفر‪ ،‬فكلدا يقال فيها هذا جزاؤ ‪ ،‬وقد ميجازى وقد يعفى عن ‪ ،‬ثم إن جوزي وندخل النارفلا يخلد فيها؛ بل لا بد‬ ‫من خروج منها بفضل هلل‪ -‬تعالى‪ -‬وردمت ‪ ،‬ولا يخلد في النار ندد مات على التوديد‪ ،‬وهذ قاعدة متفق عليها‬ ‫عند نهل السنة \"(‪. )6‬‬ ‫وميف ِصل شيخ الإسلام ابن ت ْي ِمية في معنى التوديد‪ ،‬وهو المعنى الذي علي السلفية قديم ًا ودديث ًا‪ ،‬ديث‬ ‫يذكر في جامع الرسائل‪ \" :‬فإن التوديد الواجب نن شعبد هلل ودد لا شهرك ب شيئ ًا‪ ،‬فلا نجعل ل ند ًا في‬ ‫‪‌-1‬سورة‌النور‌الآية‌‪.23‬‬‫‪‌ -2‬شيخ ‌الإسلام ‌ابن ‌ َت ْي ِم َّية‪‌ ،‬اقتضاء ‌الصراط ‌المستقيم ‌لمخالفة ‌أصحاب ‌الجحيم‪‌ ،‬الطبعة‪‌ :‬السابعة‪‌ ،‬دار ‌عالم ‌الكتب‪‌،‬‬ ‫‪3999‬م‪‌،‬ص‌‪.133‬‬‫‪‌ -3‬الخزيرة‪‌ :‬لحم ‌يقطع ‌صغاراً ‌ويصب ‌عليه ‌ماء ‌كثير‪‌ ،‬فإذا ‌نضج ‌ذر ‌عليه ‌الدقيق‪‌ ،‬فإن ‌لم ‌يكن ‌فيها ‌لحم ‌فهي ‌عصيدة ‌‪‌.‬‬‫وقيل‌هي‌حساء‌من‌دقيق‌ودسم‌‪‌.‬وقيل‌إذا‌كان‌من‌دقيق‌فهي‌حريرة‪‌،‬وإذا‌كان‌من‌نخالة‌فهو‌خزيرة‪‌،‬انظر‪‌:‬النهاية‌في‌‬‫غريب ‌الأثر‪-‬ابن ‌الأثير‪‌ ،‬أبو ‌السعادات ‌المبارك ‌بن ‌محمد ‌الجزري‪‌ ،‬تحقيق‪‌ :‬طاهر ‌أحمد ‌الزاوى‪‌ -‬محمود ‌محمد ‌الطناحي‪‌،‬‬ ‫المكتبة‌العلمية‪‌-‬بيروت‪3999‌،‬م‪‌،‬ج‪3‬ص‪.11‬‬ ‫‪‌-4‬صحيح‌البخاري‪‌،‬باب‌المساجد‌في‌البيوت‪‌،‬حديث‌رقم‪.119‌/‬‬‫‪‌-5‬ابن‌حجر‌العسقلاني‪‌،‬فتح‌الباري‌بشرح‌صحيح‌البخاري‪‌،‬تحقيق‌عبد‌العزيز‌بن‌باز‪‌،‬المكتبة‌الإسلامية‌عين‌شمس‌–‌‬ ‫رقم‌الإيداع‌–‌‪‌،3111‌/31291‬ج‪3‬ص‪.312‬‬‫‪‌ -‌ 6‬أبو ‌زكريا ‌يحيى ‌بن ‌شرف ‌الدين ‌النووي‪‌ ،‬شرح ‌صحيح ‌مسلم‪‌ ،‬تحقيق ‌مجموعة ‌علماء‪‌ ،‬دار ‌الحديث ‌القاهرة‪‌ ،‬مصر‪‌،‬‬ ‫الطبعة‌الرابعة‪3113‌،‬م‪‌،‬ج‪3‬ص‪.9‬‬ ‫‪60‬‬

‫نلوهيت ‪ ،‬ولا شريك ًا ولا شنيع ًا‪ ،‬فأما توديد ال ُّرمبوِبية‪ ،‬وهو الإقرار بأن خالق كل ش يء‪ ،‬فدذا قد قال المهركون‬ ‫الذين قال هلل فيهم (وما مي ْؤ ِم من ن ْكث مر مه ْم ِبالل ِ ِإلا و مهم ُّم ْه ِرمكون)‪ ،)1( ،‬قال ابن عباس‪ :‬تسألدم من خلق السموات‬ ‫والأرض فيقولون هلل‪ ،‬وهم يعبدون غير (‪.)2‬‬ ‫ومن هنا وضع ابن ت ْي ِمية قاعدة جديدة لم يجر عليها العمل من قبل في الاستدلال على مسائل التوديد‪،‬‬ ‫وقضايا الإيمان‪ ،‬فيقسم ابن ت ْي ِمية التوديد إلى ثلاثة ٌنقسام‪:‬‬ ‫أو ال‪ :‬توديد ال ُّرمبوِبية ‪.‬‬ ‫ثاني اا‪ :‬توديد ال مأ ملوهية ‪.‬‬ ‫ثالث اا‪ :‬توديد الأسماء وال ِصفات (‪. )3‬‬ ‫وإن كان قد نشير إلى هذ المعاشي‪ ،‬في الفق الأكبر للمام نبي دنيفة‪ ،‬وفي العقيدة الطحاوية‪ ،‬لكن لم‬ ‫متفصل على هذا التفصيل الذي ذهب إلي شيخ الإسلام‪ ،‬فصارمتعارف ًا علي عند عموم علماء السلف (‪.)4‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬توحيد ال ُّربوبيَّة‪:‬‬ ‫ميع ِرف شيخ الإسلام توديد ال ُّرمبوِبية بقول ‪\" :‬فأما توديد ال ُّرمبوِبية وهو الإقراربأن خالق كل ش يء \"(‪. )1‬‬ ‫‪‌-1‬سورة‌يوسف‌الآية‌‪.316‬‬ ‫‪‌-2‬ابن‌ َت ْي ِم َّية‪‌،‬جامع‌الرسائل‪‌‌،‬ص‪.39‬‬‫‪‌ -3‬يذكر ‌الدكتور ‌محمد ‌عبد ‌الرحمن ‌أقسام ‌التوحيد ‌فيقول‪\"‌ :‬قسم ‌أهل ‌العلم ‌التوحيد ‌إلى ‌أقسام‪‌ :‬فمن ‌العلماء ‌من ‌قسمه ‌إلى‌‬‫نوعين ‌وهما‪‌ -3:‬التوحيد ‌في ‌المعرفة ‌والإثبات ‌‪‌ -3‬التوحيد ‌في ‌القصد ‌والطلب‪‌ .‬ومنهم ‌من ‌قسمه ‌إلى ‌ثلاثة ‌أنواع ‌هي‪‌-3:‬‬‫توحيد‌ال ُّر ُبو ِب َّية‌‪‌-3.‬توحيد‌الأُلُوه َّية‌‪‌-.3‬توحيد‌الأسماء‌وال ِّص َفات‪‌.‬ولا‌منافاة‌بين‌الطريقتين‌في‌التقسيم‪‌،‬فمن‌جعله‌ثنائيا‌فقد‌‬‫أجمل‪‌،‬ومن‌جعله‌ثلاثيا‌فقط‌فصل‪‌.‬وقد‌ورد‌تقسيم‌التوحيد‌في‌الجملة‌في‌كلام‌أبي‌حنيفة‌وبعض‌أتباعه‪‌،‬د َّل‌على‌هذا‌قول‌‬‫الإمام ‌أبي ‌حنيفة‪\"‌ :‬والله ‌تعالى ‌يدعى ‌من ‌أعلى ‌لا ‌من ‌أسفل ‌لأن ‌الأسفل ‌ليس ‌من ‌وصف ‌ال ُّر ُبو ِب َّية ‌والأُلُوه َّية ‌في ‌شيء\"‌‬‫‪.‬وقرر ‌هذا ‌الطحاوي ‌في ‌بيان ‌عقيدة ‌أهل ‌السنة ‌والجماعة ‌على ‌مذهب ‌أبي ‌حنيفة ‌وصاحبيه‪‌ ،‬حيث ‌قال‪\"‌ :‬نقول ‌معتقدين‌‬‫بتوفيق ‌الله ‌إن ‌الله ‌واحد ‌لا ‌شريك ‌له ‌ولا ‌شيء ‌مثله ‌ولا ‌شيء ‌يعجزه ‌ولا ‌إله ‌غيره\" ‌‪‌ .‬فقوله‪\"‌ :‬ولا ‌شيء ‌مثله\" ‌في ‌توحيد‌‬‫ا\"لأولسا‌مإالءه‌‌وغايلرهِّص َ\"فا‌فتي‪‌‌،‬تووقحويلده‌‪:‬ا‌لأُ\"لُوولاه َّي‌ةش‪‌،‬يوءذ‌ليعك‌جفزيه‌\"ت‌وفحيي‌دت‌اولحطيلد‌بال‌ ُّوراُبلقو ِب َّيصةد‌‪.‬و‌الوقمدا‌رأة‪،‬شا‌ور‌كإللي‌هذ‌لالكط‌فحايو‌تيو‌قحيردر‌اهل‌امبعنر‌فأبة‌ي‌وااللإعث َّبزا‌شتا‪،‬ر‌وحق‌وملته‪:‬ن‌‌‬‫العقيدة ‌الطحاوية‪‌ ،‬حيث ‌قال‪\"‌ :‬ثم ‌التوحيد ‌الذي ‌دعت ‌إليه ‌رسل ‌الله ‌ونزلت ‌به ‌كتبه ‌نوعان‪‌ :‬توحيد ‌في ‌الإثبات ‌والمعرفة‪‌،‬‬‫وتوحيد ‌في ‌الطلب ‌والقصد\"وذكر ‌هذا ‌شارح ‌فقه ‌الأكبر ‌الملاّ‌علي ‌القاري ‌حيث ‌قال‪\"‌ :‬ابتداء ‌كلامه ‌سبحا َنه ‌وتعالى ‌في‌‬‫الفاتحة‌بالحمد‌لله‌رب‌العالمين‌يشير‌إلى‌تقرير‌توحيد‌ال ُّر ُبو ِب َّية‪‌،‬المترتب‌عليه‌توحيد‌الأُلُوه َّية‪‌،‬المقتضي‌من‌الخلق‌تحقيق‌‬‫العبودية\" ‌انظر‪‌ :‬محمد ‌عبد ‌الرحمن ‌الخميس‪‌ ،‬أصول ‌الدين ‌عند ‌الإمام ‌أبي ‌حنيفة‪‌ ،‬دار ‌الصميعي‪‌ ،‬السعودية‪3113‌ ،‬م‪‌،‬‬ ‫ص‪.315‬‬ ‫‪‌-4‬محمد‌عبد‌الرحمن‌الخميس‪‌،‬أصول‌الدين‌عند‌أبي‌حنيفة‪‌،‬ص‪‌.‌315‬‬ ‫‪61‬‬

‫إذ اا‪ :‬فهيخ الإسلام ميع ِرف بالإقرار لله‪ ،‬والتسليم ل سبحان ‪ ،‬بأن واد ٌد في خلق ‪ ،‬كما قال تعالى‪ ( :‬مق ِل‬ ‫الل م خاِل مق مك ِل ش ْيء و مهو ا ْلوا ِد مد ا ْلقدا مر)(‪ ،)2‬وقول سبحان ‪( :‬الل م خاِل مق مك ِل ش ْيء و مهو على مك ِل ش ْيء و ِكي ٌل)(‪ ،)3‬وهذا‬ ‫التوديد قد نقر ب المهركون‪ ،‬واعترف ب كفار قريش‪ ،‬ولم ينكرو في مجادلتهم للنبي‪ -‬صلى هلل علي وسلم‪،‬‬ ‫بدليل قولدم‪ ،‬وذلك فيما نخبر هلل عنهم‪ ،‬كما قال عز وجل‪( :‬ول ِئن سأ ْلتمهم م ْن خلق السماوا ِت وا ْلأْرض وسخر‬ ‫اله ْمس وا ْلقمرلي مقوملن الل م فأشى مي ْؤف مكون)(‪. )4‬‬ ‫وفي قول سبحان ‪( :‬ول ِئن سأ ْلتمهم من نزل ِمن السما ِء ما ًء فأ ْديا ِب ِ ا ْلأْرض ِمن ب ْع ِد م ْوِتها لي مقوملن الل م مق ِل‬ ‫ا ْلح ْم مد ِلل ِ ب ْل ن ْكث مر مه ْم لا ي ْع ِق ملون)(‪. )5‬‬ ‫ويذهب ابن ت ْي ِمية في تفسير لمعنى توديد ال ُّرمبوِبية في كتاب جامع المسائل إلى القول‪\" :‬ولا بد في توديد‬ ‫ال ُّرمبوِبية ن ْن يعتقد نن هلل خالق كل ش يء‪ ،‬وبأن يكون هلل هو المعبود المقصود بذات بالفعال لا سوا ‪ ،‬ولا يمنع‬ ‫ذلك من إثبات فعل العبد وقدرت ومهيئت واعتقاد ‪ ،‬كما نن لا بد من إثبات انتفاع العبد بالفعل‪ ،‬ونن يعمل‬ ‫مصلحت ومنفعت ‪ ،‬ونن وإن قصد غير فمقصد هذا‪ ،‬لن في كون ذلك مقصو ًدا معبو ًدا صلاد وانتفاع \" (‪.)6‬‬ ‫ثم يتابع ابن ت ْي ِمية فيعيب على الطوائف التي انقسمت في ذلك‪ ،‬فيقول‪\" :‬إن الناس يغلطون في هذا‪،‬‬ ‫فكثي ٌرمن ال ُّصو ِفية لا يلحظون هنا إلا غاية ال مأ ملوهية‪ ،‬ولا يستهعرون نن ذلك منفعة للنفس وصلاددا (‪.)7‬‬ ‫ويهير ابن ت ْي ِمية إلى هذا المعنى نيض ًا في كتاب ‪\" :‬اقتضاء الصراط المستقيم\" فيقول‪\" :‬ثم إن طائفة ممن‬ ‫تكلم في تحقيق التوديد على طريق نهل التص ُّوف‪ ،‬ظن نن توديد ال ُّرمبوِبية هو الغاية‪ ،‬والفناء في هو النهاية‪ ،‬ونن‬ ‫إذا شدد ذلك سقط عن استحسان الحسن واستقباح القبيح‪ ،‬فآل بهم الأمر إلى تعطيل الأمر والنهي‪ ،‬والوعد‬ ‫والوعيد‪ ،‬ولم يفرقوا بين مهيئت الهاملة لجميع المخلوقات‪ ،‬وبين محبت ورضا المختص بالطاعات‪ .... ،‬فالعبد‬‫‪‌-1‬سبقت‌الإشارة‌إليه‪‌،‬وانظر‪‌:‬مجموعة‌الرسائل‌والمسائل‪‌،‬لابن‌ َت ْي ِم َّية‪‌،‬تعليق‌السيد‌محمد‌رشيد‌رضا‪‌،‬طبع‌بواسطة‌لجنة‌‬ ‫التراث‌العربي‪3955‌،‬م‪‌،‬ج‪3‬ص‪.11‬‬ ‫‪‌-2‬سورة‌الرعد‌الآية‌‪.36‬‬ ‫‪‌-3‬سورة‌الزمر‌الآية‌‪.63‬‬ ‫‪‌-4‬سورة‌العنكبوت‌الآية‌‪.63‬‬ ‫‪‌-‌5‬سورة‌العنكبوت‌الآية‌‪.61‬‬‫‪‌ -6‬شيخ ‌الإسلام‪‌ ،‬ابن ‌ َت ْي ِم َّية‪‌ ،‬جامع ‌المسائل ‌لابن ‌ َت ْي ِم َّية‪‌ ،‬تحقيق‪‌ :‬محمد ‌عزير ‌شمس‪‌ ،‬إشراف‪‌ :‬بكر ‌بن ‌عبد ‌الله ‌أبو ‌زيد‌‬ ‫الناشر‪‌:‬دار‌عالم‌الفوائد‌للنشر‌والتوزيع‪‌،‬الطبعة‪‌:‬الأولى‪3133‌،‬هـ‪‌،‬ج‪6‬ص‪322‬‬ ‫‪‌-7‬المرجع‌السابق‪‌،‬ج‪6‬ص‪.322‬‬ ‫‪62‬‬

‫مع شدود ال ُّرمبوِبية العامة الهاملة للمؤمن والكافر‪ ،‬والبر والفاجر‪ ،‬علي نن يهدد نلوهيت التي اختص بها عباد‬ ‫المؤمنين‪ ،‬الذين عبدو ونطاعوا نمر ‪ ،‬واتبعوا رسل (‪.)1‬‬ ‫وشيخ الإسلام هنا يوضح الغلط الكبيرالذي ذهب إلي بعض المتص ِوفة في تأويلدم لتوديد ال ُّرمبوِبية‪ ،‬وهي‬ ‫ننهم على زعمدم يقولون نن الإشسان يبلغ غاية الفناء في هذا التوديد‪ ،‬ولا يقولون بتوديد ال مأ ملوهية‪ ،‬دتى إن‬ ‫بعضدم يؤ ِول قول هلل تعالى‪( :‬وا ْع مب ْد ربك دتى ي ْأ ِتيك ا ْلي ِقي من)(‪ ،)2‬هذا تعبيرعلى الوصول إلى المرتبة التي تسقط فيها‬ ‫العبادة‪ ،‬فاليقين مرتبة من الهرف‪ ،‬على زعمدم‪.‬‬ ‫ويستدل ابن كثير‪ ،‬تلميذ ابن ت ْي ِمية‪ ،‬والإمام المف ِسر السلفي المعروف‪ ،‬في كتاب المسمى‪\" :‬تفسير القرآن‬ ‫العظيم\" على تخطئة من ذهب ِمن الملاددة إلى نن المراد باليقين المعرفة‪ ،‬فمتى وصل نددهم إلى المعرفة سقط‬ ‫عن التكليف عندهم‪ ،‬وهذا كفروضلال وجدل‪ ،‬فإن الأنبياء‪ ،‬عليهم السلام‪ ،‬كانوا هم ونصحابهم نعلم الناس بالله‬ ‫ونعرفدم بحقوق وصفات ‪ ،‬وما يستحق من التعظيم‪ ،‬وكانوا مع هذا نعبد الناس ونكثرالناس عبادة ومواظبة على‬ ‫فعل الخيرات إلى دين الوفاة‪ ،‬وإنما المراد باليقين هاهنا الموت (‪. )3‬‬ ‫ورنينا نن ابن كثير يوافق شيخ ابن ت ْي ِمية في ما ذهب إلي ديث يقول عند تفسير قول تعالى‪( :‬اه ِدنــا‬ ‫ال ِصراط ال ممست ِقيم)(‪ ،)4‬وقال بعض ال ُّصو ِفية‪ :‬العبادة إما لتحصيل ثواب ورد عقاب‪ ،‬قالوا‪ :‬وهذا ليس بطائل‪ ،‬إ ِذ‬ ‫مقصود تحصيل مقصود ‪ ،‬وإما للتهريف بتكاليف هلل‪ -‬تعالى‪ -‬وهذا ني ًضا عندهم ضعيف‪ ،‬بل العالي نن يعبد‬ ‫ هلل لذات المقدسة الموصوفة بالكمال‪ ،‬قالوا‪ :‬ولدذا يقول المصلي‪ :‬نصلي لله‪ ،‬ولو كان لتحصيل الثواب ودرء‬ ‫العذاب لبطلت صلات ‪ ،‬وقد رد ذلك عليهم آخرون وقالوا‪ :‬كون العبادة لله عز وجل‪ ،‬لا ينافي نن يطلب معدا ثوابا‪،‬‬ ‫ولا نن يدفع عذا ًبا‪ ،‬كما قال ذلك الأعرابي‪ :‬نما إشي لا ندسن دندنتك ولا دندنة معاذ إنما نسأل هلل الجنة ونعوذ‬ ‫ب من النارفقال النبي صلى هلل علي وسلم‪( :‬دولدا ندندن)(‪. )1( .)5‬‬ ‫‪‌-1‬ابن‌ َت ْي ِم َّية‪‌،‬اقتضاء‌الصراط‌المستقيم‪‌،‬ج‪3‬ص‪.333‬‬ ‫‪‌-2‬سورة‌الحجر‌الآية‌‪.‌99‬‬‫‪‌-3‬أبو‌الفداء‌إسماعيل‌بن‌عمر‌بن‌كثير‌القرشي‌الدمشقي‌(‌المتوفى‌سنة‌‪991‬هـ‌)‌تفسير‌القرآن‌العظيم‪‌،‬تحقيق‪‌:‬سامي‌بن‌‬ ‫محمد‌سلامة‪‌،‬دار‌طيبة‌للنشر‌والتوزيع‪‌،‬الطبعة‌الثانية‪3999‌،‬م‪‌،‬ج‪1‬ص‪.‌221‬‬ ‫‪‌-4‬سورة‌الفاتحة‌الآية‌‌‪.6‬‬‫‪‌-5‬سنن‌أبي‌داوود‪‌،‬باب‌في‌تخفيف‌الصلاة‪‌،‬حديث‌رقم‪‌،693/‬ونصه‪:‬عن‌أبي‌صالح‌عن‌بعض‌أصحاب‌النبي‌صلى‌الله‌‬‫عليه‌وسلم‌قال‌قال‌النبي‌صلى‌الله‌عليه‌وسلم‌لرجل‌كيف‌تقول‌في‌الصلاة‌قال‌أتشهد‌وأقول‌اللهم‌إني‌أسألك‌الج َّنة‌وأعوذ‌‬ ‫‪63‬‬

‫والإمام ابن القيم(‪ ،)2‬ي ِوضح هذا المعنى‪ ،‬ومن خلال يتبين لنا نن كلام موافق لكلام شيخ ابن ت ْي ِمية‪،‬‬ ‫ومعا ِصر وجليس دلقت ابن كثير‪ ،‬بما يؤكد على وددة التوج للمنهج السلفي الأول في مسائل توديد ال ُّرمبوِبية‪،‬‬ ‫ديث يقول‪\" :‬ومن زعم نن يصل إلى مقام يسقط عن التعبد فدو زنديق‪ ،‬كافربالل ورسول \" (‪.)3‬‬ ‫أقسام الفناء عند ابن تَ ْيميَّة ثلاثة وهي‪:‬‬ ‫‪ -1‬فناء نهل الوددة الملاددة‪ ،‬كما فسروا ب كلام الحلاج‪ ،‬وهو نن يجعل الوجود وجود ًا واد ًدا ‪.‬‬ ‫‪ -2‬الفناء عن شدود ال ِسو ِي؛ فلا يهاهد غير معبود الفاشي في عبادت ‪ ،‬فدذا هو الذي يعرض لكثير‬ ‫من السالكين كما يحكى عن نبي يزيد ونمثال وهو مقام (الاصطلام)(‪ ،)4‬وهو نن يغيب بموجود عن وجود ‪،‬‬ ‫وبمعبود عن عبادت ‪ ،‬وبمهدود عن شدادت ‪ ،‬وبمذكور عن ذكر ‪ ،‬فيفنى من لم يكن ويبقى من لم يزل؛ وهذا‬ ‫كما يحكى نن رجلا كان يحب آخر فألقى المحبوب نفس في الماء فألقى المحب نفس خلف فقال‪ :‬ننا وقعت فلم‬ ‫وقعت ننت؟ فقال‪ :‬غبت بك عني‪ ،‬فظننت ننك ن ِشي! فدذا دال من عجز عن شدود ش يء من المخلوقات إذا شدد‬ ‫قلب وجود الخالق وهو نمر يعرض لطائفة من السالكين‪ ،‬ومن الناس من يجعل هذا من السلوك‪ ،‬ومنهم من‬‫بك‌من‌النار‌أما‌إني‌لا‌أحسن‌دندنتك‌ولا‌دندنة‌معاذ‌فقال‌النبي‌صلى‌الله‌عليه‌وسلم‌حولها‌ندندن‪‌،‬وفي‌صحيح‌ابن‌حبان‪‌،‬‬‫باب ‌الأدعية‪‌ ،‬حديث ‌رقم‪‌ ،569/‬وفي ‌سنن ‌ابن ‌ماجة‪‌ ،‬باب ‌ما ‌يقال ‌عند ‌التشهد‪‌ ،‬حديث ‌رقم‪‌ ،911/‬وفي ‌باب ‌الجوامع ‌من‌‬‫الدعاء‪‌ ،‬حديث ‌رقم‪‌ ،1519‌ /‬مسند ‌الإمام ‌أحمد‪‌ ،‬باب ‌حديث ‌بعض ‌أصحاب ‌النبي ‌صلى ‌الله ‌عليه ‌وسلم‪‌ ،‬حديث‌‬ ‫رقم‪.32111/‬‬ ‫‪‌-1‬تفسير‌اين‌كثير‪‌،‬ج‪3‬ص‪.‌316‬‬‫‪‌-2‬محمد‌بن‌أبي‌بكر‌بن‌أيوب‌بن‌سعد‌الزرعي‌ابن‌القيم‌‪693(:‬هـ‌‪‌923-‬هـ)‌من‌أركان‌الاصلاح‌الاسلامي‪‌،‬وأحد‌كبار‌‬‫العلماء‪‌،‬مولده‌ووفاته‌في‌دمشق‪‌،‬تتلمذ‌على‌شيخ‌الإسلام‌ابن‌ َت ْي ِم َّية‌حتى‌كان‌لا‌يخرج‌عن‌شئ‌من‌أقواله‪‌،‬بل‌ينتصر‌له‌‬‫في‌جميع‌ما‌يصدر‌عنه‪‌.‬وهو‌الذي‌ه َّذب‌كتبه‌ونشر‌علمه‪‌،‬وسجن‌معه‌في‌قلعة‌دمشق‪‌،‬وأهين‌وعذب‌بسببه‪‌،‬وطيف‌به‌‬‫على‌جمل‌مضروبا‌بالعصى‪‌.‬وأطلق‌بعد‌موت‌ابن‌ َت ْي ِم َّية‪‌،‬وكان‌حسن‌الخلق‌محبوبا‌عند‌الناس‪‌،‬أغري‌بحب‌الكتب‪‌،‬فجمع‌‬‫منها ‌عددا ‌عظيما‪‌ ،‬وكتب ‌بخطه ‌الحسن ‌شيئا ‌كثيرا‪‌ .‬وألف ‌تصانيف ‌كثيرة ‌منها(إعلام ‌الموقعين) ‌و ‌(الطرق ‌الحكمية ‌في‌‬‫السياسة ‌الشرعية) ‌و(شفاء ‌العليل ‌في ‌مسائل ‌القضاء ‌والقدر ‌والحكمة ‌والتعليل)‪.‬و(كشف ‌الغطاء ‌عن ‌حكم ‌سماع ‌الغناء)‪‌،‬‬‫انظر‪‌ :‬خير ‌الدين ‌بن ‌محمود ‌بن ‌محمد ‌بن ‌علي ‌بن ‌فارس‪‌ ،‬الزركلي ‌الدمشقي ‌(المتوفى‪3196‌ :‬هـ)‪‌ ،‬الأعلام‪‌ ،‬دار ‌العلم‌‬ ‫للملايين‪‌،‬الطبعة‌الخامسة‌عشر‪3113‌،‬م‪‌،‬ج‪6‬ص‪.26‬‬‫‪‌-3‬محمد‌بن‌أبى‌بكر‌ابن‌قيم‌الجوزية‪‌،‬تفسير‌القرآن‌الكريم‪‌،‬مكتب‌الدراسات‌والبحوث‌العربية‌والإسلامية‌بإشراف‌شيخ‌‬ ‫ابراهيم‌رمضان‪‌،‬دار‌ومكتبة‌الهلال‪‌،‬بيروت‪3955‌،‬م‪‌،‬ص‪.‌95‬‬‫‪‌ -4‬قال ‌صاحب ‌التعاريف‪‌ :‬الاصطلام ‌عند ‌الصوفية ‌نعت ‌وله ‌يرد ‌على ‌القلب ‌تحت ‌سلطان ‌القهر‪‌ ،‬انظر‪‌ :‬محمد ‌عبد‌‬‫الرؤوف‌المناوي‪‌،‬التوقيف‌على‌مهمات‌التعاريف‪‌،‬تحقيق‪‌:‬محمد‌رضوان‌الداية‪‌،‬دار‌الفكر‌المعاصر‌‪‌،‬دار‌الفكر‪‌،‬دمشق‪‌،‬‬ ‫الطبعة‌الأولى‪‌،3131‌،‬ص‪.‌65‬‬ ‫‪64‬‬

‫يجعل غاية السلوك دتى يجعلوا الغاية هو الفناء في توديد ال ُّرمبوِبية‪ ،‬فلا يفرقون بين المأمور والمحظور والمحبوب‬ ‫والمكرو (‪. )1‬‬‫وقد سبقت الإشارة إلى نن هذا‪ ،‬خط ٌأ عظي ٌم‪ ،‬ونطبق عامة علماء السلف على النكير على هؤلاء‪ ،‬وقالوا‬ ‫إن لا يفعل إلا غلاة ال ُّصو ِفية‪ ،‬نو الملاددة ‪.‬‬‫‪ -3‬الحالة التي يكون عليها ننبياء هلل ورسل ‪ ،‬ونتباعدم‪ ،‬وهو نن يفنى بعبادة هلل عن عبادة ما سوا ‪،‬‬‫وبحب عن دب ما سوا ‪ ،‬وبخهيت عن خهية ما سوا ‪ ،‬وبطاعت عن طاعة ما سوا ‪ ،‬وبالتوكل علي عن التوكل‬‫على ما سوا ؛ فدذا تحقيق توديد هلل ودد لا شريك ل ‪ ،‬وهو الحنيفية ملة إبراهيم‪ -‬علي السلام – وعلى قول‬‫ابن ت ْي ِمية‪ ،‬فإن يدخل في هذا النوع‪ :‬نن يفنى عن اتباع هوا بطاعة هلل‪ ،‬فلا يحب إلا لله ولا يبغض إلا لله‪ ،‬ولا‬ ‫يعطي إلا لله ولا يمنع إلا لله‪ ،‬فدذا هو الفناء الديني الهرعي‪ ،‬الذي بعث هلل ب رسل وننزل ب كتب ‪.‬‬‫ثم يتابع ابن ت ْي ِمية فيقول‪\" :‬وكثي ٌر من نهل الكلام كالمعتزلة وغيرهم لا يستهعرون نن لله في ذلك محبة‬‫ور ًض ى وفر ًدا‪ ،‬بل لا غاية ل إلا ما يعود على العبد‪ ،‬كما ننهم كذلك يتنازعون في السبب الفاعل ما بين قدرية‬‫مجوس‪ ،‬وج ْب ِرية‪ ،‬منفاة ومنحرفو ال ُّصو ِفية يغلب عليهم في الموضعين نف مي ما في العبد من سبب وغاية\" (‪ ،)2‬ويرى بأن‬‫هذا مخال ٌف لددي السلف‪ ،‬في فدمدم لمعنى توديد ال ُّرمبوِبية‪ ،‬فتوديد ال ُّرمبوِبية‪ -‬على رني ‪ -‬يتضمن توديد ال مأ ملوهية‪،‬‬‫وقد وافق في هذا عامة علماء السلف‪ ،‬كما سبق ونشرنا‪ ،‬وعلى رنس هؤلاء تلامذت الأوائل‪ ،‬ابن كثير‪ ،‬وابن‬ ‫القيم‪ ،‬وابن عبد الوهاب‪ ،‬وغيرهم ‪.‬‬ ‫تعريف الشيخ العثيمين لتوحيد ال ُّربوبيَّة‪:‬‬‫يذهب علماء السلفية المعاصرة كما ذهب ابن ت ْي ِمية في تعريف لتوديد ال ُّرمبوِبية‪ ،‬ومنهم ال معثيمين؛ ديث‬‫يعرف توديد ال ُّرمبوِبية بقول ‪\" :‬هو إفراد هلل تبارك وتعالى بال ُّرمبوِبية وهي الخلق والتدبير الكوشي والهرعي‪ ،‬كما قال‬‫ هلل‪ -‬عز وجل‪( :-‬نلا ل م ا ْلخ ْل مق وا ْلأْم مر)(‪ ،)3‬ويتضح ذلك بالمثال؛ فالرجل الذي يؤمن بالله رب ًا ومد ِب ًرا خالق ًا‪ ،‬متص ِرف ًا‬ ‫كما يهاء‪ ،‬ولكن يسجد لصنم!‪ ،‬هذا مقر بال ُّرمبوِبية لكن كافر با مل ملوهية‪ ،‬والإشسان الذي لا يعبد غير هلل‪ ،‬ولكن‬ ‫‪‌-1‬ابن‌ َت ْي ِم َّية‪‌،‬مجموع‌الفتاوى‪‌‌،‬ج‪3‬ص‪.363‬‬ ‫‪‌-2‬ابن‌ َت ْي ِم َّية‪‌،‬جامع‌المسائل‪‌،‬ج‪3‬ص‪.322‬‬ ‫‪‌-3‬سورة‌الأعراف‌الآية‌‪.21‬‬ ‫‪65‬‬

‫يعتقد نن هناك خالق ًا مع هلل‪ ،‬نو معين ًا ل ‪ ،‬فإن هذا مه ِر ٌك بال ُّرمبوِبية كاف ٌر بها‪ ،‬وإن كان في العبودية مق ًرا؛ لكن‬ ‫هذا نيض ًا لا ينفع الإقرار ب كما نن من نشرك في ال مأ ملوهية لا ينف مع الإقرار بال ُّرمبوِبية؛ إذ لابد من التوديدين‬ ‫جميع ًا توديد ال ُّرمبوِبية وتوديد ال مأ ملوهية\" (‪. )1‬‬ ‫وفي تعريف آخر ل ‪ -‬ردم هلل‪ -‬ميع ِرف توديد ال ُّرمبوِبية تعريف ًا مختص ًرا فيقول‪ :‬في مجموع فتاوى ورسائل‬ ‫ل ‪ :‬توديد ال ُّرمبوِبية‪ :‬وهو \"إفراد هلل‪ -‬سبحان وتعالى‪ -‬بالخلق‪ ،‬والملك‪ ،‬والتدبير\" (‪. )2‬‬ ‫كما يهترط لتمام الإيمان بتوديد ال ُّرمبوِبية الإيمان بالقدر‪ ،‬ديث يرى نن لا يتم توديد ال ُّرمبوِبية إلا ب ‪،‬‬ ‫ولن ب تحقيق التوكل على هلل‪ -‬تعالى‪ -‬وتفويض الأمر إلي ‪ ،‬مع القيام بالسباب الصحيحة النافعة‪ ،‬ولن ب‬ ‫اطمئنان الإشسان في ديات ديث يعلم نن ما نصاب لم يكن ليخطئ ‪ ،‬وما نخطأ لم يكن ليصيب ‪ ،‬ولن ب ينتفي‬ ‫الإعجاب بالنفس عند دصول المراد‪ ،‬لن يعلم نن دصول بقدر هلل‪ ،‬ونن عمل الذي دصل ب مراد ليس إلا‬ ‫مجرد سبب يسر هلل ل ‪ ،‬ولن ب يزول القلق والضجر عند فوات المراد‪ ،‬نو دصول المكرو لن يعلم نن الأمر كل‬ ‫لله فيرض ى وميسِلم‪ .‬وإلى هذين الأمرين يهيرقول تعالى‪ ( :‬ما نصاب ِم ْن مم ِصيبة ِفي ا ْلأْر ِض ولا ِفي ن ْن مف ِس مك ْم ِإلا ِفي ِكتاب‬ ‫ِم ْن ق ْب ِل ن ْن ن ْبرنها ِإن ذِلك على الل ِ ي ِسي ٌر ِلك ْي لا ت ْأس ْوا على ما فات مك ْم ولا ت ْفر مدوا ِبما آتا مك ْم والل م لا مي ِح ُّب مكل‬ ‫مم ْختال ف مخور)(‪.)4( .)3‬‬ ‫نلادظ نن العثيمين لم يبتعد عن تعريف نسلاف ‪ ،‬إلا نن طور من نسلوب وطرد لمسألة ال ُّرمبوِبية بما‬ ‫يهمل التح ُّرز من الوقوع في الهبهات التي يقع فيها بعض عامة زماننا في فدمدم لتوديد ال ُّرمبوِبية‪ ،‬وهذا يتضح‬ ‫جلي ًا من التعريف الثاشي‪ ،‬الذي قال في ‪\" :‬إفراد هلل تعالى بالخلق والملك والتدبير\" وهذا نشمل من نن نقول هو‪:‬‬ ‫\"الإقرار لله تعالى بالخلق\"(‪ ،)5‬فنجد نن تعريف ال معثي ِمين ميع ِين انفراد تعالى بالخلق المطلق‪ ،‬لا ندد سوا ‪ ،‬وهو‬ ‫ميغ ِنينا عن الخوض فيما خاض في سلف ابن ت ْي ِمية بالإشارة إلى القدرية في تعريف ‪ -‬توديد ال ُّرمبوِبية‪ -‬الذين‬‫‪‌-1‬محمد‌بن‌صالح‌بن‌محمد‌ال ُعثيمين‌(المتوفى‪3133‌:‬هـ)‪‌،‬فتاوى‌نور‌على‌الدرب‌للعثيمين‪‌،‬مصدر‌الكتاب‪‌:‬موقع‌الشيخ‌‬ ‫ال ُعثيمين‌‪‌http://www .ibnothaimeen .com‬‬‫‪‌-2‬محمد‌بن‌صالح‌بن‌محمد‌ال ُعثيمين‪‌،‬مجموع‌فتاوى‌ورسائل‌ابن‌عثيمين‪‌،‬فتاوى‌العقيدة‌جمع‌وترتيب‪‌:‬فهد‌بن‌ناصر‌بن‌‬ ‫إبراهيم‌السليمان‪(‌،‬دار‌الوطن‪‌-‬دار‌الثريا)‪‌،‬الطبعة‌الأخيرة‌‪‌3131‌-‬هـ‪‌،‬ج‪3‬ص‪.‌9‬‬ ‫‪‌-3‬سورة‌الحديد‌الآية‌‪.‌31‬‬ ‫‪‌-4‬ال ُعثيمين‪‌،‬مجموع‌فتاوى‌ورسائل‪‌،‬باب‌فصل‌في‌ضرورة‌الإيمان‌بالقدر‌والشرع‪‌،‬ج‪1‬ص‪.‌331‬‬ ‫‪‌-5‬محمد‌بن‌صالح‌بن‌محمد‌ال ُعثيمين‪‌،‬مجموع‌فتاوى‌ورسائل‌ابن‌عثيمين‪‌،‬ج‪3‬ص‪.‌9‬‬ ‫‪66‬‬

‫يقولون بأن نفعال العباد ليست مخلوق ًة لله‪ ،‬والجبرية الذين يقولون نن لا مسلطان للشسان على نفس ‪ ،‬ونن‬ ‫الأفعال كلدا من هلل الخير والهر‪ ،‬وذلك بالقيد الذي وضع ال معثيمين في التعريف بقول ‪( :‬إفراد بالخلق) فدذا‬ ‫القيد يخرج سوى هلل تعالى بدعوى الخلق لفعال العباد‪ ،‬ويثبتها لله‪ ،‬بحيث نن العباد لا يتصرفون في نفعالدم‬ ‫بمعزل عن ‪ ،‬فالله خالق نفعالدم دقيق ًة ودكم ًا‪ ،‬دقيق ًة بخلق نسبابها‪ ،‬ودكم ًا بعلم سبحان بهذ الأفعال‪ ،‬ولا‬ ‫يخفى ش ي ٌء منها‪ ،‬ولكن نعطاهم الإرادة الحرة‪ ،‬في الأفعال الاختيارية‪ ،‬ليختاروا الطيب من الخبيث ‪.‬‬ ‫ثم القيد الآخر(وهو إفراد بالملك والتدبير)‪ ،‬وهذا يدخل في الأفعال الكونية‪ ،‬فالله عز وجل هو المالك‬ ‫المدبر المطلق لهؤون الكون لا ندد سوا ‪ ،‬وإن كان هناك ملك في الدنيا فإن ملك مؤقت ومحدود‪ ،‬وناقص‪ ،‬ليس‬ ‫كملك سبحان ‪ ،‬فدو مطلق لا ددود ل ‪ ،‬وتام لا يعتري نقص‪ ،‬ونبدي لا نهاية ل ‪ ،‬وإن كان هناك تدبير ومحاولة‬ ‫للخلق في الدنيا‪ ،‬ولكنها محاول ٌة قاصرٌة‪ ،‬وناقص ٌة‪ ،‬وتوصف بالعجز‪ ،‬وتدبير تعالى تام‪ ،‬وشام ٌل‪ ،‬وكام ٌل‪ ،‬كما قال‬ ‫سبحان ‪( :‬وِلل ِ مم ْل مك السماوا ِت والأْر ِض والل م على مك ِل ش ْيء ق ِدي ٌر)(‪. )1‬‬ ‫وهذا ما نشار إلي ال معثيمين في شرد لدذا التعرف ديث قال‪ \" :‬نن تؤمن بأن هلل‪ -‬تعالى‪ -‬خال ٌق لفعال‬ ‫العباد كما قال تعالى‪( :‬والل م خلق مك ْم وما ت ْعم ملون)(‪ ،)2‬ووج ذلك نن فعل العبد من صفات ‪ ،‬والعبد مخلوق لله‪،‬‬ ‫وخالق الش يء خالق لصفات ‪ ،‬ووج آخر نن فعل العبد داصل بإرادة جازمة وقدرة تامة‪ ،‬والإرادة والقدرة كلتاهما‬ ‫مخلوقتان لله‪ -‬عزوجل ‪ -‬وخالق السبب التام خالق للمسبب (‪.)3‬‬ ‫تعريف اللجنة الدائمة للبحوث العلمية‪:‬‬ ‫نما تعريف اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء‪ ،‬ففي تفصيل نكثر‪ ،‬بما يهمل تعريف ابن عثيمين‪،‬‬ ‫بحيث نننا شستطيع القول نن التعريفان هما لمدرسة واددة‪ ،‬فدم يعرفون توديد ال ُّرمبوِبية بأن ‪ \" :‬إفراد هلل تعالى‬ ‫‪‌-‌1‬سورة‌آل‌عمران‌الآية‌‪.‌359‬‬ ‫‪‌-‌2‬سورة‌الصافات‌الآية‌‪.‌96‬‬‫‪‌‌-3‬محمد‌بن‌صالح‌بن‌محمد‌ال ُعثيمين‌(المتوفى‪3133‌:‬هـ)‪‌،‬مجموع‌فتاوى‌ورسائل‌فضيلة‌جمع‌وترتيب‪‌:‬فهد‌بن‌ناصر‌‬ ‫بن‌إبراهيم‌السليمان‪‌،‬دار‌الوطن‌‪‌-‬دار‌الثريا‪‌،‬الطبعة‌‌الأخيرة‌‪3131‬هـ‪‌،‬ج‪3‬ص‪.39‬‬ ‫‪67‬‬

‫بالخلق‪ ،‬والرزق‪ ،‬والإدياء‪ ،‬والإماتة‪ ،‬وسائر ننواع التصريف والتدبير لملكوت السموات والأرض‪ ،‬وإفراد تعالى‬ ‫بالحكم‪ ،‬والتهريع بإرسال الرسل وإنزال الكتب‪ ،‬قال هلل تعالى‪ ( :‬نلا ل م ا ْلخ ْل مق وا ْلأْم مرتبارك الل م ر ُّب ا ْلعالِمين)(‪. )2( .)1‬‬ ‫وهذا يدلل على نن السلفيين المعاصرين مجمعون على مسائل العقيدة‪ ،‬هذا إذا عرفنا ننهم لا يختلفون‬ ‫في مسائل التوديد الأخرى كما سيأتي بيان ‪.‬‬ ‫وتذهب اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء‪ ،‬إلى نن توديد ال ُّرمبوِبية لا ينفع صادب إذا لم يقترن بتوديد‬ ‫ال مأ ملوهية‪ ،‬الذي يهمل معنى العبادة‪ ،‬بجميع صنوفدا التي لا يجوز نن تصرف لغير هلل تعالى‪ ،‬ومن ذلك جوابهم‬ ‫على من يسأل عن دكم الذبح عند قبور الأولياء والصاِلحين بنية التبرك‪ ،‬فكانت الإجابة بالمنع‪ ،‬ونن هذا نوع من‬ ‫ننواع الهرك بصرف العبادة لغير هلل تعالى‪ ،‬وجاء في تعليل الفتوى قولدم‪\" :‬قد تعلقت قلوبهم بهم فذبحوا‬ ‫ذبائحدم عند قبورهم خاصة رجاء بركتهم‪ ،‬شأنهم في ذلك شأن نهل الهرك في ذبحدم عند نوثأنهم وكانوا رجالا‬ ‫صالحين نيام دياتهم ليصلوهم بالله وإذا ننكر عليهم الرسول‪ -‬صلى هلل علي وسلم‪ -‬قالوا ما شعبدهم إلا ليقربونا‬ ‫إلى هلل زلفى فلا ينفع هؤلاء علمدم بأن هلل بيد ملكوت كل ش يء واعتقادهم نن الضار النافع مع ذبحدم الذبائح‬ ‫عند قبور الصاِلحين تقربا إليهم كما لم ينفع نهل الجاهلية توديد ال ُّرمبوِبية مع شركدم في تقريب القرابين وذبح‬ ‫الذبائح عند الأوثان\"(‪.)3‬‬ ‫وتوديد ال مأ ملوهية‪ ،‬قد تناول بالتعريف‪ ،‬والتوضيح علماء السلف قديم ًا ودديث ًا‪ ،‬وهو كما سبق وعرفنا‬ ‫من كلام السلفيين قديم ًا ودديث ًا‪ ،‬ولا يكون التوديد بدون ‪ ،‬بل إن من السلفيين المعاصرين من يسمي ‪ -‬توديد‬ ‫العبادة‪ )4(-‬لارتباط بمعنى العبودية‪ ،‬ومعنى توديد ال مأ ملوهية‪ ،‬ومقتضياتها‪ ،‬هو متعلق النقطة التالية كما سيأتي‪:‬‬ ‫‪‌-‌1‬سورة‌الأعراف‌الآية‌‪.21‬‬‫‪‌-2‬عبد‌الله‌بن‌غديان‪‌،‬عبد‌الرزاق‌عفيفي‪‌،‬عبد‌العزيز‌بن‌عبد‌الله‌بن‌باز‪‌،‬فتاوى‌اللجنة‌الدائمة‌للبحوث‌العلمية‌والإفتاء‪‌،‬‬‫جمع‪‌:‬أحمد‌بن‌عبد‌الرزاق‌الدويش‌الطبعة‌الأولى‌رئاسة‌إدارة‌البحوث‌العلمية‌والإفتاء‪‌،‬الإدارة‌العامة‌للطبع‪‌،‬الرياض‪‌،‬‬ ‫السعودية‪3996‌،‬م‪‌،‬ج‪3‬ص‪.2‬‬ ‫‪‌-‌3‬فتوى‌اللجنة‌الدائمة‪‌،‬ج‪9‬ص‪.193‬‬‫‪‌-4‬توحيد‌العبادة‌وهو‌الذي‌جاءت‌به‌الرسل‪‌،‬ونزلت‌الكتب‌بالدعوة‌إليه‪‌،‬والأمر‌بتحقيقه‌وخلق‌الله‌من‌أجله‌الثقلين‪‌،‬وفيه‌‬‫ابلونقن‌عحعلتب‪‌/‬دا‌‪6‬لال‪1‬خله‌‌وبصقاون‌ملب‌ةات‌زعباي(لالنىم‌‪:‬تال‌و(فر‌ َسىو‪َ:‬مل‌ا‌‌‪1‬أَوأْر‪3‬م َسم‪ْ1‬ل َهن‪3‬ام‌‪،‬ه ِـم‌)ْكن‪‌،‬م‌ َاق ْمب‌لِ‌قجا َكم‌لوِ‌مت ْعنع‌‌افل َتراى ُسو‪‌:‬وى(ٍل‌‌ا‌َلإِو َّللَع َاقَّل ْ‌داُن‌مَبوةَع ِحْ‌ث َنعايب‌‌إِدِفلَ‌ْيايلِه‌‌عأُك َّنز ِّيله‌‌زَألُ‌اَّمب‌ ٍةإِنَل‌ َ‌ه َبر‌اإِ َُّسلزاو‌‌ًلأَراَنا‌حأَ‌ َفمِناه‌ْ‌عاُاُبلُْعدل ُهبوُ‪،‬د‌ِنوأا‌‌)شااللرَّلأهَن‌بفَيو‌ااءْعجل‪َ/‬ت ِنى‪ُ2‬ب‌و‪3‬اج‪‌‌،‬مالعع َّبهطاد‌‌ ُوغالوطعب َزتعي‌ه‪:‬ز)‌‌‌‬ ‫محمد ‌بن ‌سعد ‌الشويعر‪‌ ،‬عدد ‌الأجزاء‪‌ 11:‬جزء‌اً ‌مصدر ‌الكتاب‪‌ :‬موقع ‌الرئاسة ‌العامة ‌للبحوث ‌العلمية ‌والإفتاء‬ ‫‪‌.‌http://www .alifta .com‬‬ ‫‪68‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬توحيد الألوهيَّة‪:‬‬‫المقصود بتوديد ال مأ ملوهية‪ ،‬تألي هلل تعالى‪ ،‬بمعنى إفراد تبارك وتعالى بالعبادة‪ ،‬بحيث لا تصرف‬‫العبادات من صلوات‪ ،‬ونذور‪ ،‬ومحبة ورجاء‪ ،‬وطمع‪ ،‬وسائر العبادات لا تكون إلا لله ودد ‪ ،‬وهذا النوع من‬ ‫التوديد هو ثمرة توديد ال ُّرمبوِبية‪ ،‬وهو غايت ومقصود ‪ ،‬فالاعتراف بربوبيت سبحان ‪ ،‬يقتض ي‪ ،‬تأليه ‪ ،‬والاتجا‬‫إلي ودد ‪ ،‬بسائر العبادات‪ ،‬البدنية والقلبية‪ ،‬والعبادات البدنية‪ :‬تهمل العبادات الظاهرة‪ ،‬من الصلاة والزكاة‬‫والحج‪ ،‬وغيرها‪ ،‬وتهمل الأعمال الظاهرة كذلك من معاملات‪ ،‬كالإدسان للوالدين‪ ،‬وذوي القربى‪ ،‬والعطف على‬‫المساكين والمحتاجين‪ ،‬وكذلك يهمل الاهتداء بسنن تعالى‪ ،‬في المعاملات كالن ِكحة‪ ،‬والأل ِبسة‪ ،‬والتمتع بما ندل‬‫ هلل‪ -‬سبحان ‪ -‬لنا‪ ،‬كل هذا يكون على توجي من على لسان المعصوم‪ ،‬فإذا كان كل هذا من لوازم توديد‬‫ال مأ ملوهية‪ ،‬فينبغي نن شعلم‪ ،‬نن توديد ال مأ ملوهية‪ ،‬وإفراد عز وجل بالعبادة‪ ،‬يهمل كذلك الأعمال القلبية‪:‬‬‫كالخوف‪ ،‬والرجاء‪ ،‬والمحبة‪ ،‬والتوج ‪ ،‬والثقة‪ ،‬وغيرها‪ ،‬فإذا تظافر كل هذا‪ ،‬واشعقدت‪ ،‬نركان توديد ال مأ ملوهية‪،‬‬ ‫فعلينا نن شعرف‪ ،‬نن هذا النوع من التوديد‪ :‬هو نتاج القسمين الآخرين من نقسام التوديد‪:‬‬ ‫(توديد ال ُّرمبوِبية‪ ،‬وتوديد الأسماء وال ِصفات) وبدون يفقد توديد ال ُّرمبوِبية والأسماء وال ِصفات معنا‬ ‫وتنعدم فائدت ‪.‬‬‫عرف شيخ الإسلام ابن ت ْي ِمية توديد ال مأ ملوهية بقول ‪\":‬عبادت ودد لا شريك ل ‪ ،‬وطاعت وطاعة رسول ‪،‬‬ ‫وفعل ما يحب ويرضا ‪ ،‬وهو ما نمر هلل ب ورسول ‪ ،‬نمر إيجاب نو نمر استحباب‪ ،‬وترك ما نهى هلل عن ورسول‬ ‫\"(‪.)1‬‬‫نما ابن عثيمين‪ ،‬فيجعل اشتقاق هذا التوديد‪ -‬توديد ال مأ ملوهية‪ -‬من شدادة التوديد ‪ -‬لا إل إلا هلل‪-‬‬‫ديث يقول‪ \" :‬وهي كلم مة التوديد التي بعث هل مل بها جميع ال ُّرس ِل كما قال تعالى‪( :‬وما ن ْرس ْلنا ِم ْن ق ْبِلك ِم ْن ر مسول ِإلا‬‫منو ِحي ِإل ْي ِ نن لا ِإل ِإلا ننا فا ْع مب مدو ِن)(‪ ،)2‬وبها يكون تحقيق توديد ال مأ ملوهية‪ ،‬وإن شئت فقل‪ :‬تحقيق توديد‬ ‫‪‌1‬شيخ‌الإسلام‌ابن‌ َت ْي ِم َّية‪‌،‬جامع‌الرسائل‪‌،‬ج‪3‬ص‪.‌9‬‬ ‫‪‌-‌2‬سورة‌الأنبياء‌الآية‌‪.‌32‬‬ ‫‪69‬‬

‫ال ِعبادة‪ ،‬وهما بمعنى وادد‪ ،‬لكن ميسمى تودي مد ال مأ ملوهية باعتبار إضافت إلى هلل‪ ،‬وتوديد ال ِعبادة باعتبار إضافت‬ ‫إلى العبد (‪.)1‬‬ ‫إذ ًا‪ :‬فال معثيمين ميق ِرر نن هذا التوديد (توحيد ال ُأ ُلوه َّية)‪ ،‬يسمى توديد ال مأ ملوهية‪ ،‬بنسبت لله تعالى‪ ،‬نما‬ ‫توديد العبادة كما يطلق علي شيخ ابن باز نديان ًا‪ ،‬فعلـل ذلك بأن يكون باعتبار شسبت للعبد‪ ،‬فا مل ملوهية لله‬ ‫تعالى‪ ،‬والتعبد لخلق ‪.‬‬ ‫وال معثيمين في هذا إنما يقرر مذهب ًا عقائديا عند نهل السنة‪ ،‬وهو المفدوم العام عند جميع السلفيين‬ ‫المعاصرين الذين ورثوا الحركة الإصلادية منذ المؤسس الأول ابن ت ْي ِمية‪ ،‬والتي نضجت وقويت على يد المجدد‬ ‫لدذا المفدوم‪ ،‬والمصحح لما اندثر من هذا المنهج‪ ،‬نلا وهو الإمام محمد ابن عبد الوهاب (‪ ،)2‬ديث عرف توديد‬ ‫ال مأ ملوهية بقول ‪\" :‬هو العلم والاعتراف بأن هلل ذو ال مأ ملوهية والعبودية على خلق نجمعين‪ ،‬وإفراد ودد بالعبادة‬ ‫كلدا‪ ،‬وإخلاص الدين لله ودد ‪ ،‬وهذا الأخير يستلزم القسمين الأولين ويتضمنهما‪ ،‬لن ال مأ ملوهية التي هي صفة تعم‬ ‫نوصاف الكمال وجميع نوصاف ال ُّرمبوِبية والعظمة‪ ،‬فإن المألو المعبود لما ل من نوصاف العظمة والجلال‪ ،‬ولما‬ ‫نسدا إلى خلق من الفواضل والأفضال‪ ،‬فتو ُّد مد تعالى بصفات الكمال وتف ُّرد بال ُّرمبوِبية يلزم من نن لا يستحق‬ ‫العبادة ندد سوا ‪ ،‬ومقصود دعوة ال ُّر مسل من نولدم إلى آخرهم‪ :‬الدعوة إلى هذا التوديد (‪.)3‬‬‫‪‌-‌1‬محمد‌بن‌صالح‌بن‌محمد‌ال ُعثيمين‪‌،‬الشرح‌الممتع‌على‌زاد‌المستقنع‪‌،‬دار‌ابن‌الجوزي‪‌،‬الطبعة‌الأولى‪‌3135‌،‬هـ‪‌،‬‬ ‫ج‪1‬ص‪.326‬‬‫‪‌-2‬هو‌الإمام‪‌:‬محمد‌بن‌عبد‌الوهاب‌بن‌سليمان‌التميمي‌النجدي‌(‪3316‌-3332‬هـ‌=‌‪3993‌-‌3911‬م)‪‌:‬زعيم‌النهضة‌‬‫ال ِّدين َّية‌الاصلاحية‌الحديثة‌في‌جزيرة‌العرب‪‌،‬ولد‌ونشأ‌في‌العيينة‌(بنجد)‌ورحل‌مرتين‌إلى‌الحجاز‪‌،‬فمكث‌في‌المدينة‌مدة‌‬‫قرأ‌بها‌على‌بعض‌أعلامها‌‪‌.‬وزار‌الشام‪‌،‬ودخل‌البصرة‌فأوذي‌فيها‌‪‌.‬وعاد‌إلى‌نجد‪‌،‬فسكن‌(حريملاء)‌وكان‌أبوه‌قاضيها‌‬‫بعد ‌العيينة‪‌ ،‬ثم ‌انتقل ‌إلى ‌العيينة‪‌ ،‬ناهجا ‌منهج ‌ال َّسلف ‌ال َّصالِح‪‌ ،‬داعياً‌إلى ‌التوحيد ‌الخالص ‌ونبذ ‌البدع ‌وتحطيم ‌ما ‌علق‌‬‫بالاسلام‌من‌أوهام‌‪‌.‬وارتاح‌أمير‌العيينة‌عثمان‌بن‌حمد‌بن‌معمر‌إلى‌دعوته‌فناصره‪‌،‬ثم‌خذله‪‌،‬فقصد‌الدرعية‌(بنجد)‌سنة‌‬‫‪3329‬هـ‌فتلقاه‌أميرها‌محمد‌بن‌سعود‌بالاكرام‪‌،‬وقبل‌دعوته‪‌،‬وآزره‌كما‌آزره‌من‌بعده‌ابنه‌عبد‌العزيز‌ثم‌سعود‌بن‌عبد‌‬‫العزيز‪‌،‬وقاتلوا‌من‌خلفه‪‌،‬واتسع‌نطاق‌ملكهم‌فاستولوا‌على‌شرق‌الجزيرة‌كله‪‌،‬ثم‌كان‌لهم‌جانب‌عظيم‌من‌اليمن‪‌،‬وملكوا‌‬‫مكة ‌والمدينة ‌وقبائل ‌الحجاز‪‌ ،‬وقاربوا ‌الشام ‌ببلوغهم ‌(المزيريب)‪‌ ،‬وكانت ‌دعوته‪‌ ،‬وقد ‌جهر ‌بها ‌سنة ‌(‪3311‬هـ ‌الموافق‌‬‫‪3911‬م)‪‌ ،‬وتأثر ‌بدعوته ‌رجال ‌الاصلاح ‌في ‌الهند ‌ومصر ‌والعراق ‌والشام ‌وغيرها‪‌ ،‬فظهر ‌الآلوسي ‌الكبير ‌في ‌بغداد‪‌،‬‬‫وجمال ‌الدين ‌الافغاني ‌بأفغانستان‪‌ ،‬ومحمد ‌عبده ‌بمصر‪‌ ،‬وجمال ‌الدين ‌القاسمي ‌بالشام‪‌ ،‬وخير ‌الدين ‌التونسي ‌بتونس‪‌،‬‬‫وصديق‌حسن‌خان‌في‌بهوبال‪‌،‬وأمير‌علي‌في‌كلكتة‪‌،‬ولمعت‌أسماء‌آخرين‪‌،‬وعرف‌من‌والاه‌وشد‌أزره‌في‌قلب‌الجزيرة‌‬‫بأهل ‌التوحيد ‌(إخوان ‌من ‌أطاع ‌الله) ‌وسماهم ‌خصومهم ‌بالوهابيين ‌(نسبة ‌إليه) ‌وشاعت ‌التسمية ‌الاخيرة ‌عند ‌الاوربيين‌‬‫فدخلت‌معجماتهم‌الحديثة‪‌،‬وأخطأ‌بعضهم‌فجعلها‌(مذهبا)‌جديدا‌في‌الاسلام‪‌،‬تبعا‌لما‌افتراه‌خصومه‪‌،‬ولا‌سيما‌دعاة‌من‌‬ ‫كانوا‌يتلقبون‌بالخلفاء‌من‌الترك‌(العثمانيين)‌انظر‪‌:‬الأعلام‌للزركلي‪‌،‬ج‪6‬ص‪.‌329‬‬‫‪‌ -3‬الإمام ‌محمد ‌بن ‌عبد ‌الوهاب‪‌ ،‬القول ‌السديد ‌شرح ‌كتاب ‌التوحيد‪‌ ،‬الطبعة‪‌ :‬الثانية‪‌ ،‬الناشر‪‌ :‬وزارة ‌الشئون ‌الإسلامية‌‬ ‫والأوقاف‌والدعوة‌والإرشاد‌‪‌-‬المملكة‌العربية‌السعودية‪‌،‬تاريخ‌النشر‪3133‌:‬هـ‪‌،‬ص‪.‌32‬‬ ‫‪70‬‬

‫المطلب االخامس‪ -‬توحيد الأسماء والصفَات‪:‬‬ ‫ميقصد بتوديد الأسماء وال ِصفات‪ ،‬الإيمان بأسماء هلل الحسنى‪ ،‬وصفات العلا‪ ،‬كما جاء ْت في القرآن‬ ‫الكريم‪ ،‬وعلى لسان الرسول‪ -‬صلى هلل علي وسلم‪ ،-‬من دون البحث عن كنِهدا‪ ،‬وعدم التك ُّلف والتحليل للذات‬ ‫العلية‪ ،‬وهذا إجماع عند السلفيين قديم ًا ودديث ًا‪ ،‬فِلل الأسماء الحسنى‪ ،‬وهو المستحق لكل كمال‪ ،‬والمنز‬ ‫والمتعالي عن كل نقص‪ ،‬وينبغي نن ميعلم نن الخوض في الأسماء وال ِصفات‪ ،‬مما نمسك عن السلف الصاِلح‪-‬‬ ‫رضوان هلل عليهم نجمعين‪ ،-‬والمعروف عند جمدور علماء المسلمين كما يقول القرطبي‪ :‬نن لا مدخل للقياس في‬ ‫نسماء هلل تعالى‪ ،‬بل هي توقيفي ٌة‪ ،‬من وحي هلل تعالى‪ ،‬سوا ٌء منها ما جاء في كتاب هلل‪ -‬جل وعلا‪ ،-‬نو ما كان على‬ ‫لسان رسول ‪ -‬صلى هلل علي وسلم (‪.)1‬‬ ‫تقسيم ال َّسلف لصفات الباري جل وعلا‪:‬‬ ‫لقد ذهب السلف إلى تقسيم ال ِصفات إلى قسمين اثنين لا ثالث لدما(‪ ،)2‬وهما على النحو التالي‪:‬‬ ‫‪ ‬صفات ذاتية‪ :‬هي التي لا تنفك عن الذات‪ ،‬بل هي لازمة لدا‪ ،‬ومنها ما هو عقلي‪ ،‬ومنها ما هو خبري ‪.‬‬ ‫‪ ‬صفات فعلية‪ :‬تتعلق بالمهيئة‪ ،‬والقدرة‪ ،‬وهذ ال ِصفات منها نيض ًا ما هو عقلي‪ ،‬ومنها ما هو خبري ‪.‬‬ ‫الصفَات الذاتية تنقسم إلى قسمين‪:‬‬ ‫‪ ‬صفات ذاتية عقلية‪ :‬وهي ال ِصفات التي يستدل عليها بواسطة العقل مثل صفة الحياة‪ ،‬العلم‪،‬‬ ‫القدرة‪ ،‬الإرادة‪ ،‬والسمع وغيرها ‪.‬‬ ‫‪ ‬صفات ذاتية خبرية‪ :‬ني نن الاستدلال عليها لا يمكن إلا عن طريق النص كصفة اليدين‪،‬‬ ‫والاستواء‪.‬‬‫‪‌-1‬أبو‌عبد‌الله‌محمد‌بن‌أحمد‌الأنصاري‌ال َمالِكي‌القرطبي‪‌،‬الأسنى‌في‌شرح‌أسماء‌الله‌الحسنى‪‌،‬تحقيق‪‌:‬صالح‌عطية‌‬ ‫الحطماني‪‌،‬جمعية‌الدعوة‌الإسلامية‪‌،‬طرابلس‪‌،‬ليبيا‪3113‌،‬م‪‌،‬ص‪.‌11‬‬‫‪‌-2‬المسائل ‌والرسائل ‌المروية ‌عن ‌ال ِإ َمام ‌أحمد ‌بن ‌حنبل ‌في ‌العقيدة‪‌ ،‬تحقيق‪‌ :‬عبد ‌الإله ‌بن ‌سليمان ‌الأحمدي‪‌ ،‬دار‌طيبة‪‌،‬‬ ‫الرياض‪‌،‬الطبعة‌الثانية‪3136‌،‬هـ‪‌،‬ج‪3‬ص‪.‌351‬‬ ‫‪71‬‬

‫ويذكر ال معثيمين نن ال ِصفات الذاتية كما يؤمن بها السلف ُّيون ملازمة ل سبحان وتعالى لا تنفك عن ‪،‬‬ ‫ديث يقول‪ :‬ال ِصفات الذاتية هي التي لم يزل ولا يزال متص ًفا بها وهي نوعان‪ :‬معنوية وخبرية‪:‬‬ ‫‪ -‬المعنوية‪ :‬مثل‪ :‬الحياة‪ ،‬والعلم‪ ،‬القدرة‪ ،‬والحكمة‪ ..‬وما نشب ذلك ‪.‬‬ ‫‪ -‬الخبرية‪ :‬مثل‪ :‬اليدين‪ ،‬والوج ‪ ،‬والعينين‪ ..‬وما نشب ذلك مما سما ‪ ،‬ووصف ب نفس ‪ ،‬نو وصف‬ ‫ب رسول ‪ -‬صلى هلل علي وسلم‪. )1( -‬‬‫وتعتبر ال ِصفات الخبرية‪ ،‬نساس الخلاف بين السلفيين‪ ،‬والأ ْشع ِريين‪ ،‬فالسلفية يقولون بإثبات ال ِصفات‬‫المذكورة في الكتاب والسنة‪ ،‬على الحقيقة‪ ،‬والتفويض في الكيفية‪ ،‬بقيد (ل ْيس ك ِم ْثِل ِ ش ْي ٌء و مهو الس ِمي مع‬‫الب ِصي مر)(‪ ،)2‬لكن الأشا ِعرة‪ ،‬يقولون بأن الصفة ليست مراد ًة على الحقيقة‪ ،‬بل هي كناية عن وصف يليق بالله‪ -‬عز‬‫وجل‪ ،-‬كما ميف ِسرون اليد بالقدرة‪ ،‬والعين بال ِرعاية‪ ،‬ويتهمون السلفية بأنهم مجسمة‪ ،‬ومهبهة‪ ،‬وسيأتي بيان كل‬ ‫هذا مفصل ًا في مواضع إن شاء هلل ‪.‬‬‫وقد برئ السلفيون مما وصفدم ب الأ ْشع ِريون من الته ِبي والتج ِسيم‪ ،‬لذلك تج مدهم ميق ِع مدون لقاعدة‬ ‫الأسماء وال ِصفات بقولدم‪\" :‬توديد الأسماء وال ِصفات نن تصف هلل‪ -‬تعالى‪ -‬بما وصف ب نفس ‪ ،‬نو وصف ب‬‫رسول ‪ -‬صلى هلل علي وسلم‪ ،-‬ومتس ِمي بما سمى ب نفس ‪ ،‬نو سما ب رسول ‪ -‬صلى هلل علي وسلم‪ -‬من غير‬ ‫تهبي ولا تمثيل ومن غيرتحريف ولا تعطيل\"(‪. )3‬‬‫وهذ القاعدة السلفية دقيق ًة‪ ،‬إنما هي تأكيد على ما اختار شيخ الإسلام ابن ت ْي ِمية‪ ،‬في ضابط‪ -‬توديد‬‫الأسماء وال ِصفات‪ -‬قول في العقيدة الواسطية‪\" :‬ومن الإيمان بالله‪ :‬الإيمان بما وصف ب نفس في كتاب العزيز‪،‬‬ ‫وبما وصف ب رسول محمد‪ -‬صلى هلل علي وسلم‪ -‬من غيرتحريف ولا تعطيل‪ ،‬ومن غيرتكييف ولا تمثيل\"(‪. )4‬‬ ‫‪‌-1‬ال ُعثيمين‪‌،‬مجموع‌فتاوى‌ورسائل‪‌،‬ج‪‌،5‬ص‪.‌61‬‬ ‫‪‌-‌2‬سورة‌الشورى‌الآية‌‪.33‬‬ ‫‪‌-3‬عبد‌الله‌بن‌غديان‪‌،‬عبد‌الرزاق‌عفيفي‪‌،‬عبد‌العزيز‌بن‌عبد‌الله‌بن‌باز‪‌،‬فتاوى‌اللجنة‌الدائمة‪‌،‬ج‪3‬ص‪.‌1‬‬ ‫‪‌-‌4‬شيخ‌الإسلام‌ابن‌ َت ْي ِم َّية‪‌،‬شرح‌العقيدة‌الواسطية‪‌،‬ص‪‌،16‬وانظر‪‌:‬الألوسي‪‌،‬جلاء‌العينين‪‌،‬ج‪3‬ص‪.‌115‬‬ ‫‪72‬‬

‫العثيمين ومسألة الأسماء والصفَات‪:‬‬ ‫ميوافق ال معثيمين بالطبع على هذ القاعدة في توديد الأسماء وال ِصفات‪ ،‬لذلك نرا يف ِصل في شرح‬ ‫ال ِصفات الخبرية لله تعالى‪ ،‬فيقول‪\" :‬فالله تعالى لم يزل ل يدان‪ ،‬ووج ‪ ،‬وعينان‪ ،‬لم يحدث ل ش يء من ذلك بعد‬ ‫نن لم يكن‪ ،‬ولن ينفك عن ش يء من ‪ ،‬كما نن هلل لم يزل ديا ولا يزال ديا‪ ،‬لم يزل عال ًما ولا يزال عالمًا‪ ،‬ولم يزل‬ ‫قاد ًرا ولا يزال قاد ًرا وهكذا‪ ،‬يعنى ليس ديات تتجدد‪ ،‬ولا قدرت تتجدد‪ ،‬ولا سمع يتجدد بل هو موصوف بهذا ن ًزلا‬ ‫ونب ًدا‪ ،‬وتجدد المسموع لا يستلزم تجدد السمع‪ ،‬فأنا مثًلا عندما نسمع الأذان الآن‪ ،‬فدذا ليس معنا نن ددث لي‬ ‫سمع جديد عند سماع الأذان‪ ،‬بل هو منذ خلق هلل في‪ ،‬لكن المسموع يتجدد‪ ،‬وهذا لا نثرل في الصفة (‪.)1‬‬ ‫ولا غ ْرو فال معثيمين تربى في مدرسة شيخ السعدي‪ ،‬وهو ندد ال ممؤ ِس ِسين للسلفية المعاصرة في المدارس‬ ‫الحجازية‪ ،‬ديث يقول في كتاب التنبيهات اللطيفة‪ \" :‬قول الفرقة الناجية‪( :‬نهل السنة والجماعة) في الأسماء‬ ‫وال ِصفات هو‪ :‬إثبات ما جاء في القرآن العظيم والسنة الصحيحة من نسماء هلل وصفات على الوج اللائق بجلال‬ ‫ هلل من غير تحريف ولا تعطيل‪ ،‬ومن غير تكييف ولا تمثيل‪ ،‬عمل ًا بقول هلل تعالى‪( :‬ل ْيس ك ِم ْثِل ِ ش ْي ٌء و مهو الس ِمي مع‬ ‫الب ِصي مر)(‪ )2‬فنفى عن نفس المماثلة‪ ،‬ونثبت السمع والبصر‪ ،‬فدل ذلك على نن مراد سمع وبصر لا يما ِثلان نسماع‬ ‫الخلق ونبصارهم\" (‪.)3‬‬ ‫الصفَات الفعلية عند ال َّسلفيين تنقسم إلى قسمين أيضا‪:‬‬ ‫ن‪‌ -‬عقلية‪ :‬كصفة‪ -‬الخلق‪ ،‬وال ِرزق‪ ،‬وتعرف بالسماع من النصوص‪ ،‬وكذلك بواسطة العقل‪.‬‬ ‫ب‪‌ -‬خبرَّية‪ :‬مثل الاستواء‪ ،‬والنزول‪ ،‬والإتيان‪ ،‬والمجيء‪ ،‬وهذ لاتعرف إلا بالسماع من كتاب وسنة‪،‬‬ ‫وهذا هو تقسيم السلف لل ِصفات‪ ،‬ولم يعرف ل مخالف منهم(‪.)4‬‬ ‫‪‌-1‬ال ُعثيمين‪‌،‬مجموع‌فتاوى‌ورسائل‪‌،‬ج‪‌،5‬ص‪.‌61‬‬ ‫‪‌-2‬سورة‌الشورى‌الآية‌‪.‌33‬‬‫‪-3‬عبد‌الرحمن‌ناصر‌السعدي‪‌،‬التنبيهات‌اللطيفة‌فيما‌احتوت‌عليه‌الواسطية‌من‌المباحث‌المنيفة‪‌،‬دار‌طيبة‌–‌الرياض‪‌،‬‬ ‫الطبعة‌الأولى‪‌،‬تاريخ‌النشر‪3131‌،‬هـ‪‌،‬ص‪.‌33‬‬‫‪‌ -4‬سعدعبدالله ‌عاشور‪‌ ،‬منهج ‌ال َّسلف ‌في ‌إثبات ‌ال ِّص َفات ‌الإلهية‪‌ ،‬كلية ‌أصول ‌الدين‪‌ ،‬الجامعة ‌الإسلامية‪،‬مجلة ‌الجامعة‌‬ ‫الإسلامية‪،‬المجلد‌العاشر‪‌،‬العدد‌الأول‪‌،‬غزة‪،‬فلسطين‪3113‬م‪،‬ص‪.‌359‬‬ ‫‪73‬‬


Like this book? You can publish your book online for free in a few minutes!
Create your own flipbook