Important Announcement
PubHTML5 Scheduled Server Maintenance on (GMT) Sunday, June 26th, 2:00 am - 8:00 am.
PubHTML5 site will be inoperative during the times indicated!

Home Explore A Critical Comparison between the Asharite

A Critical Comparison between the Asharite

Published by salemfaraj1971, 2017-05-31 20:22:02

Description: A Critical Comparison between the Ashʿarite
and Salafi Schools of Thought with Special
Reference to Muḥammad b. Ṣāliḥ al-ʿUthaymīn
and Muḥammad Saʿīd Ramaḍān al-Būṭī
PhD 2014
University of the Western of Cape
Cape Town / South Africa

Keywords: Ashʿarite and Salafi

Search

Read the Text Version

‫وليس المقدس ي ودد من طعن في شسبهم إلى العترة المحمدية الهريفة‪ ،‬بل نكد نن هناك من سبق إلى‬ ‫القول ببطلان شسبهم فقال‪\" :‬وقد بين شسبهم هذا‪ ،‬ونوضح محالدم‪ ،‬وما كانوا علي من التموي ‪ ،‬وعداوة الإسلام‪،‬‬ ‫جماعة من سلف ِمن الأئمة والعلماء‪ ،‬وكل متورع منهم لا يسميهم إلا بني عبيد الأدعياء‪ ،‬ني يدعون من النسب‬ ‫بما ليس لدم‪ ،‬ومنهم‪ :‬القاض ي نبي بكر محمد بن الطيب‪ -‬يعني الباقلاشي‪ ،)1(-‬فإن كهف في نول كتاب ‪ ،‬المسمى‪:‬‬ ‫\"كهف نسرار الباطنية\"‪ ،‬عن بطلان شسب هؤلاء إلى علي‪ -‬رض ي هلل عن ‪ ،-‬وكذا القاض ي عبد الجبار البصري‪،‬‬ ‫فإن استقص ى الكلام في نصولدا وبينها بيان ًا شافي ًا في آخركتاب \"تثبيت النبوة\" (‪. )2‬‬ ‫ثم قال وقد نظدر عبد الجبار القاض ي(‪ )3‬في كتاب بعض ما فعلو من المنكرات والكفريات التي يقف‬ ‫الهعر عند سماعدا‪ ،‬ولكن لابد من ذكر ش ئ من ذلك تنفيرا ِلمن لا يعلم دالدم فلعل يعتقد إمامتهم‪ ،‬ويخفي عن‬ ‫محالدم‪ ،‬ولم يعلم قحتهم(‪ )4‬ومكابرتهم‪ ،‬وليعذر من نزال دولتهم‪ ،‬ونمات بدعتهم‪ ،‬وقلـل عِـدتهم‪ ،‬ونفنى نمتهم‪ ،‬ونطفأ‬ ‫جمرتهم (‪..)5‬‬‫‪-1‬القاضي ‌أبوبكر ‌الباق َّلاني‪‌ :‬مح َّم‌د ‌بن ‌الطيب ‌بن ‌محمد ‌بن ‌جعفر‪‌ ،‬أبو ‌بكر‪‌ :‬قاض‪‌ ،‬من ‌كبار ‌علماء ‌الكلام‪‌ ،‬انتهت ‌إليه‌‬‫الرياسة‌في‌مذهب‌الاشاعرة‪‌،‬ولد‌في‌البصرة‪‌،‬وسكن‌بغداد‌فتوفي‌فيها‪‌،‬كان‌جيد‌الاستنباط‪‌،‬سريع‌الجواب‪‌،‬وجهه‌عضد‌‬‫الدولة ‌سفيرا ‌عنه ‌إلى ‌ملك ‌الروم‪‌ ،‬فجرت ‌له ‌في ‌القسطنطينية ‌مناظرات ‌مع ‌علماء ‌النصرانية ‌بين ‌يدي ‌ملكها‪‌ ،‬قال ‌عنه‌‬‫الذهبي‪‌:‬كان‌ثقة إماما‌بارعا‪‌،‬صنف‌في‌الرد‌على‌الرافضة‌والمعتزلة‪‌،‬والخوارج‌والجهمية‌والكرامية‪‌،‬وانتصر‌لطريقة‌‬‫أبي ‌الحسن ‌الاشعري‪‌ ،‬وقد ‌يخالفه ‌في ‌مضائق‪‌ ،‬فإنه ‌من ‌نظرائه‪‌ ،‬وقد ‌أخذ ‌علم ‌النظر ‌عن ‌أصحابه‪‌ ،‬وقد ‌ذكره ‌القاضي‌‬‫عياض ‌في ‌\" ‌طبقات ‌المالكية\"‪‌ ،‬فقال‪‌ :‬هو ‌الملقب ‌بسيف ‌ال ُّس‌نة‪‌ ،‬ولسان ‌الامة‪‌ ،‬المتكلم ‌على ‌لسان ‌أهل ‌الحديث‪‌ ،‬من ‌كتبه‌‬‫(إعجاز ‌القرآن)‪‌ ،‬و ‌(الانصاف) ‌و(مناقب ‌الائمة) ‌و ‌(دقائق ‌الكلام) ‌و ‌(الملل ‌والنحل) ‌(التمهيد‪‌ ،‬في ‌الرد ‌على ‌الملحدة‌‬‫والمعطلة ‌والخوارج ‌والمعتزلة ‌‪‌ -‬ط) ‌وغيرها‪‌ ،‬ولد ‌سنة‪3161(‌ :‬هـ ‌وتوفي ‌سنة ‌‪3331‬هـ)‪‌ ،‬انظر‪‌ :‬الذهبي‪‌ ،‬سير ‌أعلام‌‬‫النبلاء‪‌ ،‬ج‪39‬ص‪‌ ،391‬وانظر‪‌ -‬القاضي ‌عياض‪‌ ،‬ترتيب ‌المدارك‪‌ ،‬ج‪1‬ص‪‌ ،256-252‬وانظر‪‌ :‬الأعلام ‌للزركلي‪‌،‬‬ ‫ج‪6‬ص‪.396‬‬ ‫‪‌-2‬أبو‌شامة‌المقدسي‪‌،‬الروضتين‪‌،‬ج‪3‬ص‪.339‬‬‫‪-3‬عبد‌الجبار‌بن‌أحمد‌بن‌عبد‌الجبار‌بن‌أحمد‌بن‌الخليل‌بن‌عبد‌الله‌القاضي‌أبو‌الحسن‌الهمذاني‌الأسداباذي‪‌،‬وهو‌الذي‌‬‫تلقبه‌المعتزلة‌قاضي‌القضاة‌ولا‌يطلقون‌هذا‌اللقب‌على‌سواه‌ولا‌يعنون‌به‌عند‌الإطلاق‌غيره‪‌،‬كان‌إمام‌أهل‌الاعتزال‌في‌‬‫زمأ َّنه‌وكان‌ينتحل‌مذهب‌الشافعي‌في‌الفروع‪‌،‬وله‌التصانيف‌السائرة‌والذكر‌الشائع‌بين‌الأصوليين‪‌،‬عمر‌دهرا‌طويلا‌‬‫حتى‌ظهر‌له‌الأصحاب‌وبعد‌صيته‪‌،‬ورحلت‌إليه‌الطلاب‌وولى‌قضاء‌الري‌وأعمالها‪‌،‬سمع‌الحديث‌من‌أبي‌الحسن‌بن‌‬‫سلمة‌القطان‪‌،‬وعبد‌الرحمن‌بن‌حمدان‌الجلاب‪‌،‬وغيرهما‪‌،‬روى‌عنه‌القاضي‌أبو‌يوسف‌عبد‌السلام‌بن‌محمد‌بن‌يوسف‌‬‫القزويني‌المفسر‌المعتزلي‪‌،‬وأبو‌عبد‌الله‌الحسين‌بن‌علي‌الصيمري‌وأبو‌القاسم‌علي‌بن‌المحسن‌التنوخي‪‌،‬توفي‌في‌ذي‌‬‫القعدة‌سنة‌‪132‬هـ‪‌،‬بالري‌ودفن‌في‌داره‪‌،‬انظر‪‌:‬طبقات‌الشافعية‌للسبكي‪‌،‬ج‪2‬ص‪‌،92‬وانظر‪‌:‬أحمد‌بن‌محمد‌الأدنروي‪‌،‬‬‫الكتاب‪‌ :‬طبقات ‌المفسرين‪‌ ،‬مكتبة ‌العلوم ‌والحكم‪‌ ،‬المدينة ‌المنورة‪‌ ،‬الطبعة ‌الأولى‪3999‌ ،‬م‪‌ ،‬تحقيق‪‌ :‬سليمان ‌بن ‌صالح‌‬ ‫الخزي‪‌،‬ص‪‌،311‬وانظر‪‌:‬طبقات‌المفسرين‌للسيوطي‪‌،‬ص‪‌.15‬‬‫ز‪َ 4‬ك‪‌ِ -‬رقّياح‪‌،‬تم‌عتعجنم‌يم‪:‬ق‌اايليقبسح‌‌افلليغ‌ةال‪‌،‬متكحرقي‌وقق‪:‬ل‌ة‌عبودال‌قالح َّس‌لالامج‌افميح‌ممد‌ن َه‌اال ُرناونس‪‌‌،‬اوتالحأادشي‌االءك‪،‬ت‌االبم‌عالرعورفب‪‌‌،،‬ان‪3‬ظ‪1‬ر‪3‌:1‬أبم‌‪.‬ي‌الحسين‌أحمد‌بن‌فا ِرس‌بن‌‬ ‫‪‌-5‬أبو‌شامة‌المقدسي‪‌،‬الروضتين‪‌،‬ج‪3‬ص‪.‌339‬‬ ‫‪224‬‬

‫ويؤيد هذا نيضا ما ذكر نبو بكر بن عبد هلل الدواداري‪ ،‬في كتاب ‪\" :‬كنز ال ُّدرر وجامع الغرر\" وقد عنون‬ ‫لجزئ السادس بقول ‪\" :‬الدرر المضيئة في نخبار الدولة الفاطمية\" ديث ذكر نن شريف مصر وهو عبد هلل بن‬ ‫ندمد بن علي بن طباطبا؛ ويرجع شسب إلى الإمام علي‪ -‬رض ي هلل عن ‪ -‬ووصف بأن من الأشراف الحقيقيين‪ ،‬ديث‬ ‫روى الداوداري نن سأل الممعز نن يريهم شسب ‪ ،‬فخصص لدم الممعز يوم ًا‪ ،‬فجمع نشراف مصر‪ ،‬ثم قال لدم نتدرون‬ ‫شسبي‪ ،‬فنثر عليهم ذهب ًا كثي ًرا‪ ،‬وقال‪ :‬هذا دسبي‪ ،‬فقالوا‪\" :‬سمعنا ونطعنا\" ويذكر نن هذا الهريف هو‪ :‬نبو جعفر‬ ‫مسلم بن عبد هلل الحسيني‪ ،‬والهريف نبو إسماعيل إبراهيم بن ندمد (‪ ،)1‬وهذا ميه ِك مك صرادة في شسبهم ل ِلمام‬ ‫علي‪ ،‬ويؤيد ما ذهب إلي علماء ال ُّسن من الأ ْشع ِرية‪ ،‬كالباقلاشي وغير ‪.‬‬ ‫و ِمن مهنا؛ فالسؤال الذي يطرح بإلحاح في هذا المضمار‪ ،‬هو‪ :‬ما هي العقيدة والمنهج في الأزهر؟ وهل كانت‬ ‫عقيدة الأزهرنشعرية‪ ،‬نم شيعية ؟ وما هو المنهج العقدي للأزهراليوم؟‬ ‫سنحاول الإجابة عن هذ الأسئلة وغيرها في المطالب التالية‪:‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬المدارس المنهجية في الأزهر‪:‬‬ ‫عر ْفنا ِمما سبق نن الذي بنى الأزهر هو القائد جوهر المعروف بالكاتب‪ ،‬وكان ذلك بأمر من الخليفة المعز‬ ‫بالله الفاطمي‪ ،‬ونول التدريس كان على يد القاض ي‪ :‬محمد بن النعمان القيرواشي‪ ،‬وهو الذي يميل إلى التهيع‪،‬‬ ‫والدولة الفاطمية كما هو معلوم دولة شيعية علوية‪ ،‬ديث ننهم نظدروا التهيع منتسبين زو ًرا إلى بيت النبوة‪،‬‬ ‫وذلك لاستمالة قلوب العامة إليهم‪ ،‬وإلى هذا نشارة فتوة اللجنة الدائمة (‪.)2‬وهذا ما ذكر شيخ الإسلام ابن ت ْي ِمية‬ ‫من قبل‪ ،‬في كتاب ‪\" :‬مجموع الفتاوى\" ديث قال‪ :‬والذين خرجوا بأرض المغرب ثم جاوزوا إلى مصر وبنوا القاهرة‪،‬‬ ‫وادعوا ننهم فا ِطم ُّيون‪ ،‬مع اتفاق نهل العلم بالشساب ننهم بريئون من شسب رسول هلل‪ -‬صلى هلل علي وسلم‪-‬‬‫‪‌-1‬أبو ‌بكر‌عبد‌الله‌بن‌أبيك‌الدواداري‪‌،‬كنز‌الدرر‌وجامع‌الغرر‪‌،‬تحقيق‪‌:‬صلاح‌الدين‌المنجد‪‌،‬المعهد‌الألماني‌للآثار‌‬ ‫بالقاهر‪‌،‬الطبعة‌الأولى‪3963‌،‬م‪‌،‬ج‪‌6‬المسمى‌الدرة‌المضية‌في‌أخبار‌الدولة‌الفاطمية‪‌،‬ص‪‌.316‬‬ ‫‪‌-2‬فتوة‌اللجنة‌الدائمة‪‌،‬المنشورة‌بجريدة‌الرياض‌العدد‌الصادر‌بتاريخ‪3119/1/9/‬م‪.‬‬ ‫‪225‬‬

‫ونن شسبهم متصل بالمجوس واليهود‪ ،‬واتفاق نهل العلم بدين رسول هلل‪ -‬صلى هلل علي وسلم‪ -‬ننهم نبعد عن دين‬ ‫من اليهود والنصارى (‪.)1‬‬ ‫وقد ذكر السيوطي في كتاب ‪\":‬تاريخ الخلفاء\" نن المعز كان عندما ي ْصعد على المنبر يجد نديانا‬ ‫خطابات تستهزؤ ب ‪ ،‬وتتحدا نن يجدر بنسب ‪ ،‬مهي ًرا إلى ما ذكر القاضيين عبد الجبار‪ ،‬والبا ِقلاشي‪ ،‬في هذا‬ ‫الهأن(‪.)2‬‬ ‫ومن هنا بدنت العداوة بين الهيعة الفاطميين‪ ،‬وعامة المصريين‪ ،‬غير نن وكما يذكر نهل التاريخ‬ ‫ننها‪ -‬ني الدولة الفاطمية‪ -‬استمرت في دكم مصر والمغرب‪ ،‬إلى ما يقرب من ‪ 911‬عام‪ ،‬إلا ننهم لم ينجحوا في‬ ‫تأ ِصيل مذهبهم في مصر والأزهر‪ ،‬وكان الناس تبع ًا لدم في السياسة وليس في العقيدة‪ ،‬ولم يكن الناس راضين عن‬ ‫الفاطميين ولم يتقبلدم العامة‪ ،‬على الرغم من نن منهجدم كان يدرس في الأزهر كما يهير إلي بعض السلفيين‪،‬‬ ‫ومنهم ابن ت ْي ِمية ديث يقول‪\" :‬وكان بالجامع الأزهرعدة مقاصيريلعن فيها الصحابة؛ بل يقطع فيها بالكفرالصريح‪،‬‬ ‫وكان لدم مدرسة بقرب \"المهدد\" الذي بنو وشسبو إلى الحسين وليس‪ ،‬في الحسين‪ ،‬ولا ش يء من باتفاق‬ ‫العلماء‪ -‬يقصد العلماء السلفيين‪ -‬وكانوا لا يدرسون في مدرستهم علوم المسلمين‪ ،‬بل المنطق‪ ،‬والطبيعة‪ ،‬ونحو‬ ‫ذلك من مقالات الفلاسفة\"(‪.)3‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬عقيدة الأزهر زمن صلاح الدين الأيوبي وبعده‪:‬‬ ‫بعد نن ضعفت الدولة الفاطمية‪ ،‬وصار زعماؤها يتآمرون على بعض‪ ،‬ويتفقون مع الفرنجة على قتال‬ ‫بعضدم‪ ،‬مما ندى إلى طمع الفرنجة في السيطرة على مصر‪ ،‬وِل محسن الحظ نن والي الهام في ذلك الوقت‪ ،‬وهو‬‫‪‌-1‬انظر‪‌:‬مجموع‌الفتاوى‪‌،‬ج‪35‬ص‪‌،151‬وإلى‌هذا‌أشار‌السيوطي‌في‌كتابه‌\"تاريخ‌الخلفاء\"‪‌،‬حيث‌قال‪‌\"‌:‬أ َّنهم‌غير‌‬‫قريشيين ‌وإنما ‌سمتهم ‌بالفاطميين ‌جهلة ‌العوام ‌وإلا ‌فجدهم ‌مجوسي ‌قال ‌القاضي ‌عبد ‌الجبار ‌البصري‪‌ :‬اسم ‌جد ‌الخلفاء‌‬‫المصريين‌سعيد‌و ‌كان‌أبوه ‌يهوديا‌حدادا‌نشابة‌وقال‌القاضي‌أبو‌بكر‌الباق َّلاني‪‌:‬القداح‌جد‌عبيد‌الله‌الذي‌يسمي‌علماء‌‬‫النسب‌و‌سماهم‌جهلة‌الناس‌الفاطميين‌قال‌ابن‌خلكان‪‌:‬أكثر‌أهل‌العلم‌لا‌يص ِّح‌حون‌نسب‌المهدي‌عبيد‌الله‌جد‌خلفاء‌مصر‌‬‫حتى‌إن‌العزيز‌بالله‌ابن‌المعز‌في‌أول‌ولايته‌صعد‌المنبر‌يوم‌الجمعة‌فوجد‌هناك‌ورقة‌فيها‌هذه‌الأبيات‪‌**‌:‬إنما‌سمعنا‌‬‫نسبا‌منكرا‌**‌**‌يتلى‌على‌المنبر‌في‌الجامع**‌‪.‌.‌.‌.‌.‬إلى‌أن‌قال‪‌:‬إن‌ترد‌تحقيق‌ما‌قلته**‌فانسب‌لنا‌نفسك‌كالطائع**‪‌،‬‬‫انظر‪‌ :‬عبد ‌الرحمن ‌بن ‌أبي ‌بكر ‌السيوطي‪‌ ،‬تاريخ ‌الخلفاء‪‌ ،‬تحقيق‪‌ :‬محمد ‌محي ‌الدين ‌عبد ‌الحميد‪‌ ،‬مطبعة ‌السعادة‪‌ ،‬مصر‪‌،‬‬ ‫الطبعة‌الأولى‪3923‌،‬م‪‌،‬ص‪.33‬‬ ‫‪‌-2‬انظر‪‌:‬السيوطي‪‌،‬تاريخ‌الخلفاء‪‌،‬ص‪.33‬‬ ‫‪‌-3‬انظر‪‌:‬مجموع‌الفتاوى‌لشيخ‌الإسلام‌ابن‌ َت ْي ِم َّية‪‌،‬ج‪1‬ص‪.199‬‬ ‫‪226‬‬

‫الأمير نور الدين محمود زنكي(‪ )1‬نراد توديد الهام مع مصرلحرب الفرنجة‪ ،‬فأرسل نور الدين؛ الأميرصلاح الدين‪،‬‬ ‫وذلك ليحد من سلطان الدولة الفاطمية‪ ،‬بعد نن عم فساد نمرائها‪ ،‬وثقل على الناس ادتمالدم‪ ،‬ولن الأمير نور‬ ‫الدين محمود؛ نراد توديد مصر مع الهام لتكون مقـوة واددة في مواجدة الفرنجة‪ ،‬فكتب إلى صلاح الدين ليعمل‬ ‫على ننهاء الخلافة الفاطمية‪ ،‬وميرجع مصر إلى دضيرة الخلافة العباسية‪ ،‬ومن هنا انتهت الخلافة الفاطمية وتم‬ ‫القضاء عليها(‪.)2‬‬ ‫عمـ ِرف نور الدين محمود زنكي بنصرت للسنة وقمع للبدعة‪ ،‬كما يقول ابن كثير(‪ ،)3‬وميذكر كذالك نن‬ ‫يميل إلى العقيدة الأ ْشع ِرية(‪ ،)4‬وهذا يهير بوضوح إلى نن العقيدة الأشعرية قويت وانتهرت في الهام وشمال‬ ‫نفريقيا منذ ذلك الوقت‪ ،‬كما موصف زنكي؛ بالعدل والورع‪ ،‬يقول عن ابن الأثير‪\" :‬قد طالعت سير الملوك‬ ‫المتقدمين‪ ،‬فلم نر فيهم بعد الخلفاء الراشدين وعمر بن عبد العزيز ندسن من سيرت ‪ ،‬ولا نكثر تح ِرًيا من‬ ‫للعدل\"(‪.)5‬‬ ‫ويذكر نهل العلم في ندوال مصر‪ ،‬نن الإمام صلاح الدين يوسف بن نيوب‪ ،‬كان شا ِفعي المذهب‪،‬‬ ‫ويعتبرون السبب الرئيس ي لإقامة الهافعية بالديار المصرية‪ ،‬ديث ولـى منهم القضاة بعد نن كان القضاة بمصر‬‫‪‌-1‬محمود‌بن‌زنكى‌(عماد‌الدين)‪‌،‬أبو‌القاسم‪‌،‬نور‌الدين‪‌،‬الملقب‌بالملك‌العادل‪‌:‬ملك‌الشام‌وديار‌الجزيرة‌ومصر‪‌،‬وهو‌‬‫أعدل‌ملوك‌زمأ َّنه‌وأجلهم‌وأفضلهم‪‌،‬كان‌من‌المماليك‌(جده‌من‌موالى‌السلجوقيين)‪‌،‬ولد‌في‌حلب‌وانتقلت‌إليه‌إمارتها‌بعد‌‬‫وفاة‌أبيه‌سنة‪‌213‬هـ‪‌،‬وكان‌ملحقا‌بالسلاجقة‪‌،‬فاستقل‪‌،‬وض َّم‌‌دمشق‌إلى‌ملكه‌مدة‌عشرين‌سنة‪‌،‬وامتدت‌سلطته‌في‌الممالك‌‬‫الإسلامية ‌حتى ‌شملت ‌جميع ‌سورية ‌الشرقية ‌وقسما ‌من ‌سورية ‌الغربية‪‌ ،‬والموصل ‌وديار ‌بكر ‌والجزيرة ‌ومصر ‌وبعض‌‬‫بلاد ‌المغرب‌وجانبا ‌من ‌اليمن‪‌،‬وخطب ‌له‌بالحرمين‪‌،‬وكان ‌معتنيا ‌بمصالح ‌رعيته‪‌ ،‬مداوما ‌للجهاد‪‌ ،‬يباشر ‌القتال ‌بنفسه‪‌،‬‬‫موفقا ‌في ‌حروبه ‌مع ‌الصليبيين‪‌ ،‬أيام ‌زحفهم ‌على ‌بلاد ‌الشام‪‌ ،‬وأسقط ‌ما ‌كان ‌يؤخذ ‌من ‌المكوس‪‌ ،‬وأقطع ‌عرب ‌البادية‌‬‫إقطاعات‌لئلا‌يتعرضوا‌للحجاج‪‌،‬وهو‌الذى‌حصن‌قلاع‌الشام‌وبنى‌الأسوار‌على‌مدنها‪‌،‬كدمشق‌وحمص‌وحماة‌وشيزر‌‬‫وبعلبك‌وحلب‪‌،‬وبنى‌مدارس‌كثيرة‌منها‌(العادلية)‌أتمها‌بعده‌العادل‪‌،‬وكان‌يلقب‌بالشهيد‪‌،‬مع‌أ َّنه‌لم‌يمت‌في‌المعركة‪‌،‬بل‌‬‫مات ‌بعلة ‌الخوانيق ‌بدمشق‪‌ ،‬ولد ‌سنة ‌‪233‬هـ‪‌ ،‬وتوفي ‌سنة‪269‬هـ‪‌ ،‬رحمه ‌الله ‌رحمة ‌واسعة‪‌ ،‬انظر‪‌ :‬الأعلام ‌للزركلي‪‌،‬‬ ‫ج‪9‬ص‪‌.391‬‬‫‪‌ -2‬انظر‪‌ :‬المقريزي‪‌ ،‬اتعاظ ‌الحنفاء‪‌ ،‬ج‪3‬ص‪‌ ،391‬وانظر‪‌ :‬المقدسي‪‌ ،‬الروضتين‪‌ ،‬ج‪3‬ص‪‌ ،336‬وانظر‪‌ :‬الزركلي‪‌،‬‬ ‫ج‪9‬ص‪‌،391‌-391‬وانظر‪‌:‬مجلة‌الراصد‪‌،‬متخصصة‌في‌الفرق‪‌،‬العدد‌‪‌،11‬محرم‪3135‬هـ‪.‬‬ ‫‪‌-3‬البداية‌والنهاية‪‌،‬لابن‌كثير‪‌،‬ج‪33‬ص‪.‌111‬‬‫‪‌ -4‬الهرري‪‌ ،‬الشيخ ‌المحدث ‌عبدالله ‌الهرري‪‌ ،‬الأ َشا ِعرة ‌اليوم ‌بالملايين ‌وصلاح ‌الدين ‌الايوبي ‌كان ‌اشعريا‪‌ ،‬مجلة ‌منار‌‬ ‫الهدي‪‌،‬العدد‌السابع‪‌،‬نيسان‪‌/‬آيار‌‪3991‬م‌ص‪‌.19-16‬‬‫‪‌ -5‬أبو ‌الحسن ‌علي ‌بن ‌أبي ‌الكرم ‌محمد ‌بن ‌محمد ‌بن ‌عبد ‌الكريم ‌الشيباني‪‌ ،‬الكامل ‌في ‌التاريخ‪‌ ،‬تحقيق‪‌ :‬عبد ‌الله ‌القاضي‪‌،‬‬ ‫الطبعة‌الثانية‪‌،‬دار‌الكتب‌العلمية‪‌،‬بيروت‪3132‌،‬هـ‪‌،‬ج‪31‬ص‪‌.‌26‬‬ ‫‪227‬‬

‫شيعة على المذهب الفاطمي (‪ ،)1‬وبهذا انتهر مذهب نهل ال ُّسنة‪ ،‬وفقا لمذهب الإمام الهافعي‪ ،‬وقد مر ِسخ مذهب‬ ‫الهافعي في مصرعموم ًا‪ ،‬وفي الأزهرخصوصا‪.‬‬ ‫تنبيه‪:‬‬ ‫الكلام عن الفاطميين مع مموم ًا من ديث ندسنوا نو نساؤوا‪ ،‬ليس علي مدار بحثنا‪ ،‬فإنما نردنا تتبع شهأة‬ ‫الأزهر‪ ،‬وانتقال من الته ُّيع إلى التس ُّن ِن‪ ،‬وللعلماء ونهل البحث التاريخي ال ممسدب مقالات دول دقبة الفاطميين‪،‬‬ ‫بين الغالي وال ممف ِرط في التحامل على الفاطميين‪ ،‬وبين المبالغة في الثناء عليهم ورفع قدرهم ومدددم ونعظام‬ ‫نمرهم‪ ،‬ومذهبنا في هذا الموضوعية والإنصاف‪ ،‬فكما نن فيهم ما يقال‪ ،‬فإن هناك ما يقال لدم‪ ،‬فدم‪\" :‬لدم‬ ‫وعليهم\" ونعتقد نن من نعظم دسناتهم‪ ،‬إشهاؤهم للأزهر الهريف‪ ،‬وقد وقفت على مقالة مدمة شهرت في‪\" :‬مجلة‬ ‫اللقاء\" تحت عنوان‪\" :‬الفاطميون بين دقائق التاريخ و مظلم المؤرخين\" وقد نشارت إلى ته ُّجم بعض مهايخ‬ ‫السعودية على الدولة الفاطمية واتهام مذهبها بالفساد(‪ ،)2‬ومعلو ٌم نن هذ هي نظرة المنهج الوهابي‪\" :‬السلفي\"‬ ‫للمذهب الهيعي‪ ،‬غير نن من الإنصاف نن نحفظ للفاطميين إنجازهم‪ ،‬ودسن رعايتهم للدولة الإسلامية في ذلك‬ ‫الوقت الذي كانت تعاشي في من التهتت وضياع الديبة‪ ،‬وتكالب الأعداء‪ ،‬وقد ناقهت المقالة كل الروايات‬ ‫السابقة للمؤرخين عن الفاطميين وشسبهم‪ ،‬وما وصفدم ب خصومدم من الضلال والزيغ‪ ،‬ينبغي الرجوع إليها‬ ‫للحكم عليهم بنظرة نكثرإنصاف ًا ومو مضوعية(‪.)3‬‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬منهج الأزهر في الدولة العثمانية‪:‬‬ ‫تم تن ِظيم الأزهر في الدولة العثمانية‪ ،‬وتركت الحكومة العثمانية لعلماء الأزهر تنظيم الهؤون‬ ‫الداخلية‪ ،‬ديث صارت من مدام مهايخ المذاهب الأربعة وشيوخ الأروقة‪ ،‬يعاونهم خطيب المسجد ومهرفون‬ ‫وخدم‪ ،‬دتى عين ناظر للأزهر وللهؤون الإدارية‪ ،‬ثم شيخ للهؤون العلمية والإدارية مع ًا‪ ،‬فقد رنى السلطان‬‫‪‌ -1‬مجير ‌الدين ‌الحنبلي ‌العليمي‪‌ ،‬الأنس ‌الجليل ‌بتاريخ ‌القدس ‌والخليل‪‌ ،‬تحقيق‪‌ :‬عدنان ‌يونس ‌عبد ‌المجيد ‌نباتة‪‌ ،‬مكتبة‌‬ ‫دنديس‪‌،‬عمان‌‪3999‬م‪‌،‬ج‪3‬ص‪‌.‌313‬‬ ‫‪ -2‬مجلة اللقاء‪ ،‬العدد‪‌\" ،74/72/‬الفاطميون‌بين‌حقائق‌التاريخ‌وظلم‌المؤرخين\"بتايخ‪3115/3/31‌:‬م‌‪‌.‬‬ ‫‪ -3‬المرجع السابق ‪.‬‬ ‫‪228‬‬

‫العثماشي سليمان القانوشي ضرورة نن يكون للجامع الأزهر شيخ يتفرغ للشراف على شؤون ال ِدينية والإدارية مع ًا‪،‬‬ ‫ويكون دلقة الوصل بين وبين العلماء(‪. )1‬‬ ‫ولكن الدولة العثمانية لم تعين ني عالم عثماشي في منصب شيخ الجامع الأزهر طوال دكمدا‪ ،‬وتركت‬ ‫منصب شيخ الأزهر للعلماء المصريين‪ ،‬بل تركت اختيار شيخ الأزهر مطلق ًا من كل قيد مذهبي‪ ،‬ومنوط ًا بالمهايخ‬ ‫ننفسدم‪ ،‬فقد كان مهايخ الأزهريقومون باختيارشيخدم‪ ،‬ويبلغون الوالي العثماشي باسم (‪. )2‬‬ ‫تغير الحال بعد انقلاب محمد علي باشا‪ ،‬ديث جعل تعيين شيخ الأزهر مهتركًا بين الحكومة والملك‪ ،‬وغير‬ ‫الخطبة التي كانت تدعوا للسلطان العباس ي‪ ،‬وصارت تدعوا للسلطان العثماشي‪ ،‬وضايق محمد علي باشا العلماء‬ ‫والفقداء الأزهريين في لقمة العيش‪ ،‬وسيطر على الأوقاف التابعة للأزهروضمدا للدولة وبالتالي ندكم السيطرة على‬ ‫المهايخ القائمين على التعليم من رجال الأزهر‪ ،‬ودتى الكتاتيب التي تعلم القرآن الكريم والعلوم الأولية للناشئة‬ ‫من نبناء المسلمين‪ ،‬لم تنج من غائلة محمد علي؛ فقد ذكرالجبرتي‪ -‬ردم هلل‪ -‬نن كثي ًرا من المكاتب نغلقت بسبب‬ ‫تعطل نوقافدا واستيلاء محمد علي عليها(‪ ،)3‬لكن المنهج العقدي ظل على عقيدة نهل السنة ومنهج نئمة المذاهب‬ ‫الأربعة‪.‬‬ ‫بدايات التدريس في الأزهر وحساسية مشيخته‪:‬‬ ‫تذكر الروايات نن نول من بدنها القاض ي ابن ديون‪ ،‬واسم محمد بن النعمان بن محمد القيرواشى(‪)4‬‬ ‫قاض ى الخليفة المعز‪ ،‬وتولى التدريس نبناء هذا القاض ى من بعد وغيرهم‪ ،‬إلى جانب دراسة علوم نخرى‬ ‫في الدين واللغة والقراءات والمنطق والفلك (‪.(1‬‬‫‪‌ -1‬أيمن ‌محمد ‌سلامة‪‌ ،‬مجلة ‌البيان‪‌ ،‬المسلمون ‌والعالم‪‌ ،‬تقرير ‌الحالة ‌ال ِّدين َّية ‌في ‌مصر ‌\"عرض ‌وتحليل\"‪‌ ،‬العدد ‌‪‌،333‬‬ ‫ص‪.‌53‬‬ ‫‪‌-2‬المرجع‌السابق‪‌،‬ص‪‌.51‬‬‫‪‌-3‬عبد‌الرحمن‌بن‌حسن‌الجبرتي‪‌،‬تاريخ‌عجائب‌الآثار‌في‌التراجم‌والأخبار‪‌،‬دار‌الجيل‪‌،‬بيروت‪‌،‬ج‪1‬ص‪‌،195‬وانطر‪‌-‬‬ ‫قراءة‌جديدة‌في‌تاريخ‌العثمانيين‪‌،‬ص‪‌،399‬وانظر‪‌:‬علي‌الصلابي‪‌،‬الدولة‌العثمانية‌عوامل‌النهوض‪‌،‬ج‪3‬ص‪‌.‌323‬‬‫‪‌-4‬محمد‌بن‌النعمان‌بن‌محمد‌القيرواني‌الافريقى‪‌،‬أبو‌عبد‌الله‪‌،‬المعروف‌بابن‌حيون‪‌:‬قاضى‌مصر‪‌،‬وأحد‌كبار‌العلماء‌‬‫من‌أنصار‌مذهب‌الفاطميين‪‌،‬له‌اطلاع‌على‌الأدب‌والتاريخ‪‌،‬كان‌وقورا‌مهيبا‪‌،‬وأورد‌له‌الثعالبي‌شعرا‌فيه‌ما‌يتغنى‌به‪‌،‬‬‫ولد ‌ونشأ ‌في ‌القيروان‪‌ ،‬وقدم ‌القاهرة ‌فولي ‌قضاءها ‌سنة ‌‪‌ 191‬هـ‪‌ ،‬وخلع ‌عليه‪‌ ،‬وقلد ‌سيفا‪‌ ،‬وارتفعت ‌رتبته ‌عند ‌العزيز‌‬‫الفاطمي ‌حتى ‌أصعده ‌إلى ‌المنبر ‌يوم ‌عيد ‌الفطر ‌(سنة ‌‪‌ )152‬ولما ‌توفى ‌العزيز ‌وخلفه ‌ابنه ‌الحاكم ‌أقر ‌ابن ‌حيون ‌على‌‬‫القضاء‌وبسط‌يده‪‌،‬وركب‌إلى‌داره‌يوم‌وفاته‌فصلى‌عليه‌ووقف‌على‌دفنه‪‌،‬انظر‪‌:‬الولاة‌والقضاة‌‪‌293‬والإشارة‌إلى‌من‌‬ ‫‪229‬‬

‫وقد ظل مهايخ الأزهر الأبرز بين علماء الأمة الإسلامية‪ ،‬وكانوا دساسين من نن يوصف نددهم بقلة‬ ‫العلم‪ ،‬نو ميغم مز وميلم مز علي في علم وفدمة‪ ،‬وتضلع في فن الخطابة والتفسير‪ ،‬ومن نمثلة ذلك ما دصل مع‬ ‫محمد بن علي بن عبد النور(‪ )2‬ديث ذكر مرًة نن شرع في إلقاء التفسير في الجامع الأزهر في شدر رمضان فأكمل ‪،‬‬ ‫ثم بلغ نن بعض الناس استقصر علم ‪ ،‬فهرع في إملاء تفسير على الفاتحة‪ ،‬فأقام في مدة طويلة‪ ،‬ثم شرع في‬ ‫كتابة التفسير‪ ،‬والتزم نن لا ينقل في درفا عن كتاب من تفسيرندد ممن تقدم (‪.)3‬‬ ‫المطلب الخامس‪ :‬الأزهر في الدولة المصرية الحديثة‪:‬‬ ‫كان زمام الأمر في الأزهر يرجع للرئيس‪ ،‬بحيث يتولى الرئيس تعيين وإقالة مهايخ الأزهر‪ ،‬وهذا ما قلص‬ ‫من قوة تأثير الأزهر في الحياة السياسية في الدولة‪ ،‬ديث اتبع مدكـام مصر سياس ًة قلـلـت من قيمة المهيخة في‬ ‫الأزهر‪ ،‬جعلت من شيخ الأزهر تابعا للرئاسة‪ ،‬والملادظ في علاقة الدولة بالزهر في مرادل الرئاسة لم تختلف في‬ ‫عدد مبارك عما كانت علي في‪ ،‬مردلتي الرئيسين السابقين عبد الناصروالسادات(‪. )4‬‬ ‫وقد كانت قائمة على التبعية‪ ،‬وهذ التبعية جعلت من شيخ الأزهر بمثابة الموظف لدى الرئيس‪ ،‬لكن‬ ‫هذا لم يمنع من تط ِور الأزهر واعتبار ندد نهم المدارس والجامعات الإسلامية في العصر الحديث‪ ،‬الأمر الذي‬ ‫جعل الطلبة يفدون إلي من كافة الأقطار‪ ،‬باعتبار الصرح العلمي الأبرز في العالم الإسلامي‪ ،‬وذلك لتنوع مناهج‬‫نال ‌الوزارة ‌ص‪‌ ،36‬وابن ‌خلكان ‌ج‪3‬ص‪365‬في ‌ترجمة ‌أبيه ‌(النعمان)‪‌ ،‬ويتيمة ‌الدهر‪‌ ،‬ج‪3‬ص‪‌ ،112‬وانظر‪‌ :‬الأعلام‌‬ ‫للزركلي‪‌،‬ج‪9‬ص‪‌.336‬‬‫‪‌-1‬انظر‪‌:‬الأعلام‌للزركلي‪‌،‬ج‪9‬ص‪‌،336‬وانظر‪‌http://ar .wikipedia .org/wiki ‌:‬تاريخ‌الزيارة‌‪‌،3131/3/39‬‬ ‫الكلمة‌الدلالية‌تاريخ‌ومنهج‌الأزهر‌العلمي‪.‬‬‫‪‌-2‬محمد‌بن‌علي‌بن‌عبد‌النور‌بن‌احمد‌الشاذلي‌كمال‌الدين‌ولد‌سنة‌‪932‬هـ‪‌،‬واحضر‌علي‌الدبوسي‌في‌الرابعة‌ثلاثيه‌‬‫الفرضى‪‌،‬وجزء ‌الحسن ‌بن‌عرفه‌عليه ‌وعلي ‌محمد ‌بن ‌غالي‌وجماعة‪‌ ،‬وسمع ‌منه ‌أبو ‌حامد ‌بن‌ظهيرة‌ومات ‌في ‌سنة‌‬‫‪991‬هـ‌‪3226‌-‬م‪‌،‬محمد‌بن‌علي‌بن‌عبد‌الواحد‌بن‌يحيى‌بن‌عبد‌الرحيم‌الدكالي‌ثم‌المصري‌ابو‌امامه‌ابن‌النقاش‌ولد‌‬‫في‌نصف‌شهر‌رجب‌سنة‌‪‌931‬واخذ‌القراءات‌عن‌البرهان‌الرشيدي‌والعربيه‌عن‌المحب‌ابن‌الصائغ‌وابي‌حيان‌وحفظ‌‬‫الحاوي‌الصغير‌وكان‌يقول‌أ َّنه‌اول‌من‌حفظه‌بالقاهرة‌وتقدم‌في‌الفنون‌وصنف‌شرح‌العمدة‌في‌ثماني‌مجلدات‌وتخريج‌‬‫احاديث‌الرافعي‌وشرحا‌على‌التسهيل‌وشرحا‌على‌الالفية‌وكتابا‌في‌الفروق‌وكتابا‌في‌التفسير‌مطولا‌جدا‌ذكر‌في‌اوله‌ان‌‬‫الحامل‌له‌عليه‌أ َّنه‌شرع‌في‌القاء‌التفسير‌في‌الجامع‌الازهر‌في‌شهر‌رمضان‌فاكمله‌فبلغه‌ان‌بعض‌الناس‌استقصر‌علمه‌‬‫فشرع‌في‌املاء‌تفسير‌على‌الفاتحة‌فاقام‌فيه‌مدة‌طويله‌ثم‌شرع‌في‌كتابة‌التفسير‌والتزم‌ان‌لا‌ينقل‌فيه‌حرفا‌عن‌كتاب‌‬‫من ‌تفسير ‌احد ‌ممن ‌تقدمه‪‌ ،‬انظر‪‌ :‬الحافظ ‌شهاب ‌الدين ‌أبي ‌الفضل ‌أحمد ‌بن ‌علي ‌بن ‌محمد ‌بن ‌حجر ‌العسقلاني‪‌ ،‬الدرر‌‬‫الكامنة ‌في ‌أعيان ‌المائة ‌الثامنة‪‌ ،‬تحقيق ‌ومراقبة‪‌ -‬محمد ‌عبد ‌المعيد ‌ضان‪‌ ،‬مجلس ‌دائرة ‌المعارف ‌العثمانية‪‌ ،‬سنة ‌النشر‌‬ ‫‪3193‬هـ‪3993‌/‬م‪‌،‬الهند‪‌،‬ج‪2‬ص‪.132‬‬ ‫‪‌-3‬انظر‪‌:‬الدرر‌الكامنة‌لابن‌حجر‪‌،‬ج‪2‬ص‪.132‬‬‫‪‌ -4‬أيمن ‌محمد ‌سلامة‪‌ ،‬مجلة ‌البيان‪‌ ،‬المسلمون ‌والعالم‪‌ ،‬تقرير ‌الحالة ‌ال ِّدين َّية ‌في ‌مصر ‌\"عرض ‌وتحليل\"‪‌ ،‬العدد ‌‪‌،333‬‬ ‫ص‪.53‬‬ ‫‪230‬‬

‫ورعايت للمذاهب الفقدية الأربعة‪ ،‬وكذلك لن مهايخ الأزهر عرفوا بغزارة ال ِعلم‪ ،‬والإلمام بألوان المعارف في اللغة‬ ‫والتفسيروالحديث وغيرها‪.‬‬ ‫المطلب السادس‪ :‬تطور الأزهر كجامعة عصرية وتأثر منهجه بذلك‪:‬‬ ‫كان الأزهر كما مر علينا‪ -‬جامع ًا للصلوات والخطب‪ ،‬وإقامة الدروس والحلقات العلمية على‬ ‫نساس تقليدي كلاسيكي‪ ،‬وقد ظدرت دعوات إلى تطوير الأزهر‪ ،‬ومن نهمدا ما دعا إلي ‪ -‬الإمام محمد عبد ‪)1(-‬‬ ‫ردم هلل‪ ،-‬الذي نقد الأزهر وجمود وطرق تعليم ‪ ،‬وعبارات الكتب المتأخرة المتداولة‪ ،‬ودعا إلى كسر قيود‬ ‫التقليد الأعمى‪ ،‬وهاجم ال ُّصو ِفية الذين يعتقدون بالموات وقال‪\" :‬إن هذا من نعمال الوثنيين\"(‪.)2‬‬ ‫ووصف بعض البادثين الهيخ محمد عبد ‪ ،‬بقائد دركة التطوير في الأزهر‪ ،‬ونن قد ساهم مساهمة‬ ‫كبيرًة في تطوير الأزهر وتحسين مستوا العلمي‪ ،‬ديث دعا إلى هذا التطوير مب ِك ًرا‪ ،‬ونشار بعضدم إلى نن كان سبب ًا‬ ‫في إدخال علوم كـ\"الطب‪ ،‬والاجتماع والمنطق‪ .... ،‬وغيرها\" وهذا جعل من الأزهر نكثر عطا ًء‪ ،‬ودعم من مستوا‬ ‫العلمي دتى نصبح من نهم الصروح العلمية في العصرالحديث‪.‬‬ ‫وكتب بعض البادثين المعاصرين عن دياة الهيخ محمد عبد ودور في الحياة العلمية في مصر‪ ،‬ومن‬ ‫البادثين من ركز دول مسيرت العلمية في تطويرالأزهر‪ ،‬ومنهم على سبيل المثال الأستاذ‪ Yasien Mohamed :‬الذي‬ ‫ذكر بأن محمد عبد دعا إلى تربية الأخلاق والنفس‪ ،‬وقال إن تهذيب العقل يعطي قدرة على تمييز الخير من‬‫‪‌ -1‬محمد ‌عبده ‌بن ‌حسن ‌خير ‌الله‪‌ ،‬من ‌آل ‌التركماني‪‌ :‬مفتي ‌الديار ‌المصرية‪‌ ،‬ومن ‌كبار ‌رجال ‌الاصلاح ‌والتجديد ‌في‌‬‫الاسلام‌‪‌.‬قال‌أحد‌من‌كتبوا‌عنه‪‌:‬تتلخص‌رسالة‌حياته‌في‌أمرين‪‌:‬الدعوة‌إلى‌تحرير‌الفكر‌من‌قيد‌التقليد‪‌،‬ثم‌التمييز‌بين‌ما‌‬‫للحكومة‌من‌حق‌الطاعة‌على‌الشعب‌وما‌للشعب‌من‌حق‌العدالة‌على‌الحكومة‪‌،‬ولد‌في‌شنرا‌(من‌قرى‌الغربية‌بمصر)‌‬‫ونشأ ‌في ‌محلة ‌نصر‪‌ ،‬وتعلم ‌بالجامع ‌الأحمدي ‌‪‌ .‬بطنطا‪‌ ،‬ثم ‌بالأزهر‪‌ ،‬وتصوف ‌وتفلسف‪‌ ،‬وعمل ‌في ‌التعليم‪‌ ،‬وكتب ‌في‌‬‫الصحف‌ولا‌سيما‌جريدة‌(الوقائع‌المصرية)‌وقد‌تولى‌تحريرها‪‌،‬وأجاد‌اللغة‌الفرنسية‌بعد‌الاربعين‪‌،‬ولما‌احتل‌الانكليز‌‬‫مصر‌ناوأهم‪‌،‬وشارك‌في‌مناصرة‌الثورة‌العرابية‪‌،‬تولى‌منصب‌القضاء‪‌،‬ثم‌جعل‌مستشارا‌في‌محكمة‌الاستئناف‪‌،‬فمفتيا‌‬‫للديار‌المصرية‌سنة‌‪3139‬هـ‪‌،‬واستمر‌إلى‌أن‌توفي‌بالاسكندرية‪‌،‬ودفن‌في‌القاهرة‪‌،‬من‌مؤلفاته‪\"‌:‬تفسير‌القرآن‌الكريم‌\"‌‬‫لم‌يتمه‪‌،‬و‌\"رسالة‌التوحيد\"‌و‌\"حاشية‌على‌شرح‌الدواني‌للعقائد‌العضدية\"‌وغيرها‌من‌المؤلفات‪‌،‬ولد‌سنة‌‪3519‬م‌وتوفي‌‬ ‫سنة‌‪3912‬م‪‌،‬انظر‪‌:‬الأعلام‌للزركلي‪‌،‬ج‪‌6‬ص‪.323‬‬ ‫‪‌-2‬مجلة‌البيان‪‌،‬المدرسة‌الإصلاحية‌والتجديد‪‌،‬العدد‌‪‌،31‬ص‪‌.9‬‬ ‫‪231‬‬

‫الهر‪ ،‬وتهذيب النفس يعطي التلامذة والدارسين في الأزهر آداب ًا طيبة‪ ،‬ويبصرهم بمكارم الأخلاق‪ ،‬ويصرفدم عن‬ ‫سوء الأعمال والأقوال‪ ،‬ويجعل الطلبة الأزاهرة مثال ًا صالح ًا لمجتمعاتهم ونوطانهم (‪.)1‬‬‫كما نن بعض المدتمين بهأن الأزهر في العصر الحديث؛ شسبوا إلى الرئيس جمال عبد الناصر تطوير الأزهر‬ ‫كجامعة عصرية‪ ،‬ديث ذكروا بأن تمت نضاف مة كليات لدراسة الطب والدندسة والزراعة والتجارة وغيرها من‬ ‫العلوم الكونية والفنون العملية‪ ،‬كما نتيح للبنات فرصة دراسة العلوم والمعارف‪ ،‬ونشهئت كلية للبنات الأزهرية‬ ‫كانت نواة للجامعة الإسلامية للبنات‪ ،‬لكي يقدر الأزهر بمختلف هيئات ومعاهد وكليات على إسداء الخير النافع‬ ‫العام إلى العالم الإسلامي كل ‪ ،‬وإلى الإشسانية جمعاء (‪.)2‬‬ ‫وليس هذا فحسب‪ ،‬بل لازالت تجرى محاولات من مهيخة الأزهر لتطوير منهج ‪ ،‬والجمع بين العلوم‬ ‫الدينية وغيرها من المعارف الدنيوية النافعة‪ ،‬وعقدت لدذا اجتمعات وندوات على نعلى المستويات في الأزهر‪ ،‬ومن‬‫ذلك ما رآ ندمد الطيب‪\" :‬شيخ الأزهر\" من عنوان عريض لولايت كهيخ للأزهر‪ ،‬نن يرسم شعا ًرا‪\" :‬مناهج الأزهر‬ ‫يجب نن تحقق تكامل ًا بين العلوم الهرعية وغيرها من المعارف\"(‪.)3‬‬ ‫وتدين الدولة المصرية الحديثة بالفضل للأزهر‪ ،‬ديث جعل منها منب ًرا للعلم‪ ،‬تفيض من نسمى الأبحاث‬ ‫الإسلامية والفكرية وقاعدة للشعاع الثقافي الإسلامي‪ ،‬بحيث لم يكن دور الأزهر مقصور ًا على العلوم ال ِدينية‬ ‫واللغوية كما يظن بعض الناس‪ ،‬لن الإسلام لا يفرق بين المعارف والعلوم‪ ،‬بل يجمع بين الدنيا والدين‪ ،‬ويوازن‬‫بين المطالب ال ِدينية الرودية‪ ،‬وداجات الإشسان للحياة وتطويرها‪ ،‬ولدذا كان علماء المسلمين في عصر ازدهار‬ ‫الإسلام يدرسون جميع ننواع العلوم والفنون‪ ،‬فكان منهم‪ :‬الفقي ‪ ،‬والطبيب‪ ،‬والفلكي‪ ،‬والمدندس‪ ،‬والعالم‬ ‫الطبيعي‪ ،‬والكيميائي‪ ،‬والجغرافي‪ ،‬والمؤرخ‪ ،‬والردالة‪ ،‬والرياض ي‪ ،‬وهذا ما نرا واضحا بجلاء في طرق تدريس المنهج‬ ‫الحديث في جامعة الأزهر‪ ،‬وهو ما رفع من مكانة الأزهرفي العصرالحديث(‪.)4‬‬‫‪Yasien Mohamed, The Education Life And Thought of Mohamed Abduh, Muslim ‌ -1‬‬‫‪Education Quarterly,p .23 . Vol . 13, No . 4, 1996The Islamic Academy, Cambrige, U .‬‬ ‫)‪K . (My Traneslation‬‬ ‫‪‌-2‬مجلة‌الجامعة‌الإسلامية‪‌،‬بالمدينة‌المنورة‪‌،‬العدد‪‌39‬ص‪‌،39-1‬انظر‪‌ http- //www .ahlalhdeeth .com.‬‬ ‫‪‌-3‬مجلة‌الأزهر‪‌/‬خاص‌بوابة‌الأزهر‌الألكترونية‪‌/‬بتايخ‪2013-02-28‌:‬م‌‪‌.‬‬ ‫‪‌-4‬مجلة‌الجامعة‌الإسلامية‪‌،‬بالمدينة‌المنورة‪‌،‬العدد‌‪39‬ص‪.139‬‬ ‫‪232‬‬

‫المطلب السابع‪ :‬علاقة البوطي بالأزهر‪:‬‬ ‫الهيخ والدكتور ال مبوطي؛ ندد العلماء الأزاهرة النوابغ‪ ،‬باعتبار درس في كلية الهريعة بالزهر‪ ،‬وتحصل‬ ‫على العالمية الأزهرية بتفوق‪ ،‬كما دازالماجستيروالدكتورا من جامعة الأزهر‪ ،‬وقد دضيت رسالت للدكتورا التي‬ ‫نالدا مع مرتبة الهرف الأولى في جامعة الأزهر‪ ،‬على إعجاب لجنة المناقهة‪ ،‬وهي من كبار علماء الأزهر‪ ،‬وقد‬ ‫نوصت بطباعتها‪ ،‬والتبادل مع الجامعات الأخرى‪ ،‬وكانت تحت عنوان‪\" :‬ضوابط المصلحة في الهريعة الإسلامية\" (‪)1‬‬ ‫‪.‬‬ ‫كما اتسمت علاقة ال مبوطي بالزهر ومبادئ العلمية‪ ،‬بالثقة والاستقرار‪ ،‬كون ال مبوطي يعتبر الأزهر الصرح‬ ‫الثقافي الهامخ‪ ،‬والمرجع العلمي الموثوق في العالم الإسلامي اليوم‪ ،‬لذلك نجد في خطب ومحاضرات ‪ ،‬وكذلك‬ ‫كتب ومؤلفات ‪ ،‬كثي ًرا ما يثمن عالي ًا مجدودات علماء الأزهر في المحافظة على العلوم الإسلامية‪ ،‬وثراء هذا التراث‬ ‫وزخم ‪ ،‬وذلك من خلال طباعة الأزهر للمصادر الإسلامية القديمة‪ ،‬وتب ِني للمذاهب الإسلامية الأربعة الممجمع‬ ‫عليها‪ ،‬وكذلك كثرة ما صنف علماء الأزهر المعاصرين‪ ،‬مما اعتبر ال مبوطي إدياء للفكر الإسلام وانبعاث ًا جديد ًا‬ ‫لطاقات الفكرالإسلامي المعاصر‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من ذلك كل ؛ إلا نن كان ينقد الأزهر ومؤسسة وإدارت الحديثة‪ ،‬ديث قال‪\" :‬لقد تحولت‬ ‫نشهطت العلمية إلى رسوم شكلية باهتة‪ ،‬وغدت مجرد ممادكات لسانية لا علاقة لدا بالحياة‪ ،‬هذا عدا الأوساخ‬ ‫التي تفيض بها سادات الأزهرونروقت مما يبعث على الاشمئزازفي النفوس\" (‪. )2‬‬ ‫ولم يقف الأمر عند هذا الح ِد في عتب البوطي على المؤسسة الحديثة للأزهر‪ ،‬ونقد لمنهج وندائ ‪ ،‬بل‬ ‫اعترض على بعض المناهج التي اعتبرها دخيلة على الأزهر‪ ،‬والتي سماها‪( :‬الوباء الإصلاحي)‪ ،‬وكان قد نرجعدا إلى‬ ‫سياسة بريطانيا الاستعمارية‪ ،‬وقد سدل عليها الأمر باستخدام بعض علماء المسلمين‪ -‬كما يرى ال مبوطي‪ -‬فقد جيء‬ ‫بالهيخ محمد عبد ليقوم بإصلاح شامل في ميدان الأزهر(‪. )3‬‬‫‪‌-1‬ال ُبوطي‪‌،‬ضوابط‌المصلحة‌في‌الشريعة‌الإسلام ّية‪‌،‬مؤسسة‌الرسالة‪‌،‬رسالة‌دكتوراه‪‌،‬كلية‌القانون‌والشريعة‪‌،‬جامعة‌‬ ‫الأزهر‪3962‌،‬م‪‌،‬ص‪3‬‬ ‫‪-2‬ال ُبوطي‪‌،‬ال َّسلفية‌فترة‌زمنية‌مباركة‪‌،‬ص‪313‬‬ ‫‪‌-3‬انظر‪‌:‬كبرى‌اليقينيات‌الكونية‪‌،‬ص‪.‌333‬‬ ‫‪233‬‬

‫ونتيج ًة لامتصاص إيحاءات بريطانيا من قبل بعض المفكرين الإسلاميين وتحقيقا لدذ الغاية من ِصب‬ ‫كذلك الهيخ مصطفى المراغي شيخ ًا للجامع الأزهر‪ ،‬وتنصيب محمد فريد وجدي رئيس ًا لتحرير مجلة الأزهر (نور‬ ‫الإسلام) الواسعة الانتهارآنذاك‪ ،‬بعد نن كان يرنس تحريرها العلامة المردوم محمد الخضردسين‪ -‬وهذا ما نشار‬ ‫إلي ال مبوطي في كتاب كبرى اليقينيات الكونية‪ -‬متهم ًا بريطانيا بأنها السبب في تغيير عقيدة الأزهر وبعد عن المنهج‬ ‫الأول‪ ،‬باعتبار كان ضد مصالح بريطانيا(‪.)1‬‬ ‫وقد نضحت تنهرمقالات منها على سبيل المثال‪ :‬مقالات تحت عنوان‪( :‬السيرة المحمدية تحت ضوء العلم‬ ‫والفلسفة)‪ ،‬وقد ذكر ال مبوطي نن الهيخ محمد عبد كتب في مسائل العقيدة بطريقة غريبة عجيبة خرج فيها على‬ ‫إجماع المسلمين‪ ،‬وبديهيات العقيدة الإسلامية الصحيحة‪ ،‬وذلك دين عرف النبي والرسول فقال‪ :‬قد يعرف النبي‬ ‫بأن إشسا ٌن فطر على الحق علم ًا وعمل ًا‪ ،‬ني بحيث لا يعلم إلا دق ًا ولا يعمل إلا دق ًا‪ ،‬على مقتض ى الحكمة وذلك‬ ‫يكون بالفطرة‪ ،‬ني لا يحتاج في إلى الفكر والنظر (‪ ،)2‬وذكر ال مبوطي نيض ًا نن قد ظدر في تلك الفترة ذاتها كتاب‬ ‫جديد لتحليل السيرة النبوية باسم (دياة محمد) للكاتب دسين هيكل‪ ،‬وقال في مقدمت إنني لم آخذ بما سجلت‬ ‫كتب السيرة والحديث‪ ،‬لنني فضلت نن نجري في هذا البحث على الطريقة العلمية (‪. )3‬‬ ‫ويع ِت مب ال مبوطي على المراغي شيخ الأزهر تقريض للكتاب السالف الذكر‪ ،‬ديث يقول ال مبوطي \" ورنينا‬ ‫كيف اندفع مصطفى المراغي شيخ الأزهر بتقريض هذا الكتاب وتقديم بقول ‪\" :‬لم تكن معجزة محمد‪ -‬صلى هلل‬ ‫علي وسلم‪ -‬القاهرة إلا في القرآن‪ ..‬وهي معجزة عقلية\"(‪.)4‬‬ ‫وقد استدرك ال مبوطي على هؤلاء ذكرهم لصفات كالعبقرية‪ ،‬والعظمة‪ ،‬والقيادة‪ ،‬مستهجن ًا هذا الذي‬ ‫اعتبر تغطي ًة لصفات عظيمة كالنبوة‪ ،‬والوح ِي والرسال ِة‪ ،‬متهما لدم بتعمد ذلك (‪. )5‬‬ ‫‪‌-1‬مجلة‌نور‌الإسلام‪‌،‬ج‪‌،9‬من‌ص‪‌–‌33‬ص‪‌،33‬وانظر‪‌:‬كبرى‌اليقينيات‌الكونية‪‌،‬ص‪.‌332‬‬‫‪‌ -2‬جمال ‌الدين ‌الحسيني ‌الأفغاني‪‌ ،‬تعليقات ‌للشيخ ‌محمد ‌عبد ‌على ‌شرح ‌العقيدة ‌لجلال ‌الدين ‌الجواني‪‌ ،‬مكتبة ‌الشروق‌‬ ‫الدولية‪‌،‬الطبعة‌الأولى‌‪3113‬م‪‌،‬ص‪.1‬‬ ‫‪‌-3‬كبرى‌اليقينيات‌الكونية‪‌،‬ص‪‌.332‬‬ ‫‪‌ -4‬محمد ‌سعيد ‌ال ُبوطي‪‌ ،‬كبرى ‌اليقينيات ‌الكونية‪‌ ،‬ص‪‌ ،332‬وانظر‪‌ :‬رأي ‌ال ُبوطي ‌في ‌الأزهر‪،‬‬‫‪‌ ،http://montada.arahman.net/t9427.html‬الكلمات ‌الدلالية‪‌ ،‬رأي ‌ال ُبوطي ‌في ‌الأزهر‪‌ ،‬تاريخ ‌الزيارة‪‌،‬‬ ‫‪3131/3/1‬م‪‌.‬‬‫‪‌ -5‬محمد ‌سعيد ‌ال ُبوطي‪‌ ،‬كبرى ‌اليقينيات ‌الكونية‪‌ ،336‌ ،‬وانظر‪‌ :‬رأي ‌ال ُبوطي ‌في ‌الأزهر‪http://montada ‌ ،‬‬ ‫‪‌،.arahman .net/t9427 .html‬الكلمات‌الدلالية‪‌،‬رأي‌ال ُبوطي‌في‌الأزهر‪‌،‬تاريخ‌الزيارة‪3131/3/1‌،‬م‪.‬‬ ‫‪234‬‬

‫المبحث الرابع‪ -‬ال ُبوطي حياته وعقيدته‪:‬‬ ‫نتكلم في هذا المبحث عن سيرة الإمام ال مبوطي وعن مولد وشهأت وعلم ‪ ،‬وسنعرض إلى بعض اختيارات‬ ‫في مسائل العقيدة المختلفة‪ ،‬وذلك من خلال النظر في نشدر كتب ‪ ،‬نلا وهو كتاب‪\" :‬كبرى اليقينيات الكونية\"‪،‬‬ ‫وسنقترب من ‪ ،‬ونتعرف إلي عن كثب‪ ،‬وذلك بالدراسة المباشرة ل ولمنهج من خلال كتب ومؤلفات ‪ ،‬لنعرف‬ ‫وجدة نظر في مسائل العقيدة التي اختلف فيها مع ال معثيمين‪ ،‬وسنتحس مس ونلام مس المسائل التي التقيا فيها‪ ،‬فدم ًا‬ ‫ودراي ًة‪ ،‬بحيث نننا سنذكرمواطن الالتقاء والاختلاف بين الإمامين‪ ،‬وتفصيل ذلك في المطالب التالية‪:‬‬ ‫المطلب الأول‪ :‬اسمه ولقبه ونشأته‪:‬‬ ‫الهيخ والعلامة الدكتور ال مبوطي هو‪ :‬محمد سعيد رمضان ال مبوطي‪ ،‬واشتهر بكنيت ‪ ،‬ونصلدا الجزيرة التي‬ ‫ينحدر منها‪ ،‬وال مبوطي من نصل كردي‪ ،‬ولد عام (‪7434‬هـ الموافق ‪7191‬م)‪ ،‬في قرية جيلكا التابعة لجزيرة بوطان‬ ‫(ابن عمر) الواقعة في تركيا شمال الحدود العراقية التركية‪ ،‬ثم هاجر مع والد ‪ :‬ملا رمضان ال مبوطي إلى دمهق في‬ ‫عام ‪7144‬م‪ ،‬وكان عمر آن ذاك نربع سنوات (‪.)1‬‬ ‫تربى العلامة ال مبوطي في دمهق‪ ،‬ودرس فيها المرادل الأولى من تعليم ‪ ،‬ثم ننهى دراست الثانوية الهرعية‬ ‫في معدد التوجي الإسلامي بدمهق‪ ،‬وبعدها التحق عام ‪7154‬م بكلية الهريعة في جامعة الأزهر‪ ،‬ودصل على‬ ‫شدادة العالمية منها عام ‪7155‬م‪ ،‬ثم التحق في العام الذي يلي بكلية اللغة العربية من جامعة الأزهر‪ ،‬ونال دبلوم‬ ‫التربية في نهاية ذلك العام‪ ،‬ثم عين معيد ًا في كلية الهريعة بجامعة دمهق عام ‪7161‬م (‪.)2‬‬ ‫نوفد إلى كلية الهريعة من جامعة الأزهر للحصول على الدكتورا في نصول الهريعة الإسلامية ودصل‬ ‫على هذ الهدادة عام ‪7165‬م‪ ،‬ثم عين مد ِرس ًا في كلية الهريعة بجامعة دمهق عام ‪7165‬م ثم وكيل ًا لدا‪ ،‬ثم‬ ‫عميد ًا لدا‪ ،‬وشغل عضوية المجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية في عمان‪ ،‬ويع ُّد ندد نعضاء المجلس الأعلى‬‫‪‌ -‌ 1‬انظر‪‌ :‬موقع ‌ال ُبوطي ‌الرسمي‪‌ ،‬سيرته ‌الذاتية‪‌ ،‬وانظر‪‌ :‬ويكيبيديا ‌الموسوعة ‌الحرة‪http://ar .wikipedia ‌ -‬‬ ‫‪‌،.org/wiki‬زيارة‌‪3133/9/32‬م‪‌،‬وانظر‌موقع‌ال ُّصو ِف َّية‪‌،http://www .alsufi .net‌،‬زيارة‌‪3133/9/31‬م‌‪‌.‬‬‫‪،2http://www .islam2all .com/vb/showthread .php?p=244626‬وانظر‪http://www .bouti ‌ :‬‬‫‪‌ /.net‬الكلمات ‌الدلالية‪‌ :‬جانب ‌من ‌سيرة ‌الشيخ ‌العالم‪‌ ،‬محمد ‌سعيد ‌رمضان ‌ال ُبوطي‪‌ ،‬تاريخ ‌الزيارة ‌‪‌،3133/33/31‬‬ ‫وانظر‪‌:‬المواقع‌السابقة‪‌،‬الكلمة‌الدلالية‪‌:‬ال ُبوطي‌حياته‌ومنهجه‪‌،‬زيارة‌‪3133/9/33‬م‬ ‫‪235‬‬

‫لكاديمية نكسفورد‪ ،‬وكذلك ل عضوية في المجلس الاستهاري الأعلى لمؤسسة طابة بأبي ظبي‪ ،‬كما نن يتقن اللغة‬ ‫التركية والكردية‪ ،‬كما مذ ِكربأن ل إلمام باللغة الإنكليزية (‪.)1‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬مؤلفاته وما قيل عنه‪:‬‬ ‫للعلامة ال مبوطي مؤلفات كثيرة تزيد عن نربعين كتابا‪ ،‬وسنقتصر على ذكر بعض ما ل علاقة بدراستنا‬ ‫هذ ومنها ما يلي‪:‬‬ ‫كتاب بعنوان \"ضوابط المصلحة في الهريعة الإسلامية\" وهو نطرودت للدكتورا في كلية الهريعة‬ ‫والقانون في جامعة الأزهر‪ ،‬و كتاب‪\" :‬شرح وتحليل الحكم العطائية\"‪ ،‬لابن عطاء هلل السكندري\"‪ ،‬و \"كبرى‬ ‫اليقينيات الكونية\"‪ ،‬و \"السلفية مردلة زمنية مباركة وليست مذهب إسلامي\"‪ ،‬و \"اللامذهبية نخطر بدعة تهدد‬ ‫الهريعة الإسلامية\"‪ ،‬و\"الحب في القرآن ودور الحب في دياة الإشسان\" وغيرها(‪ ،)2‬وميع ُّد ال مبوطي‪ -‬ردم هلل‪ -‬ندد‬ ‫علماء ال ُّسنة المعاصرين الذين تخصصوا في العقائد والفلسفة المادية‪ ،‬وقد نلف كتاب ٌا في نقد المادية الجدلية‪،‬‬ ‫ومن ديث الفق يعتبر مدافعا عن الفق الإسلامي المذهبي والعقيدة ال ُّس ِنية الأ ْشع ِرية في وج الآراء السلفية‪،‬‬ ‫(الوهابية من وجدة نظر )(‪ ،)3‬ول كتاب في ذلك \"اللامذهبية نكبر بدعة تهدد الهريعة الإسلامية\"(‪ ،)4‬وآخر بعنوان‬ ‫\"السلفية مردلة زمنية مباركة وليست مذهب إسلامي\" ‪.‬‬ ‫قيل عنه‪:‬‬ ‫بغض النظر عن خصوم ؛ وعن الذين تهجموا علي ‪ ،‬وطعنوا في وفي علم ‪ ،‬فإن هذا كل لن‬ ‫يقلل من قدر كأدد علماء السنة في التاريخ الإسلامي الحديث‪ ،‬ديث يأتي ال مبوطي في مصا ِف العلماء البارزين في‬‫‪‌ -1‬انظر‪‌ :‬موقع ‌ال ُبوطي ‌الرسمي‪‌ ،‬سيرته ‌الذاتية‪‌ ،‬وانظر‪‌ :‬ويكيبيديا ‌الموسوعة ‌الحرة‪http://ar .wikipedia ‌ -‬‬‫‪‌ ،.org/wiki‬زيارة ‌‪3133/9/32‬م‪‌ ،‬وانظر‪‌ :‬موقع ‌ال ُّصو ِف َّية‪‌ ،http://www .alsufi .net‌ ،‬زيارة ‌‪3133/9/31‬م‪‌،‬‬ ‫وانظر‪‌:‬الصفحة‌الرسمية‌للشيخ‌ال ُبوطي‪https://www .facebook .com/Sh .AlBouti‌،‬‬‫انظر‪‌ ،http://www.islam2all.com/vb/showthread.php?p=244626:‬وانظر‪http://www .bouti ‌ :‬‬‫‪‌ /.net‬الكلمات ‌الدلالية‪‌ :‬جانب ‌من ‌سيرة ‌الشيخ ‌العالم‪‌ ،‬محمد ‌سعيد ‌رمضان ‌ال ُبوطي‪‌ ،‬تاريخ ‌الزيارة ‌‪‌،3133/33/31‬‬ ‫وانظر‪‌:‬المواقع‌السابقة‪‌،‬الكلمة‌الدلالية‪‌:‬ال ُبوطي‌حياته‌ومنهجه‪‌،‬زيارة‌‪3133/9/33‬م‬‫‪‌ -2‬انظر‪‌ :‬الكلتاوية‪‌ ،‬مؤلفات ‌الع َّلامة ‌ال ُبوطي‪‌ ،http://www .alkeltawia .com‌ ،‬زيارة ‌الموقع ‌بتاريخ‌‬ ‫‪3133/5/33‬م‪‌.‬‬ ‫‪‌-3‬ال ُبوطي‪‌،‬ال َّسلفية‪‌،‬ص‪.312‬‬ ‫‪ -4‬محمد‌سعيد‌رمضان‌البوطي‪‌،‬اللامذهبية‌أخطر‌بدعة‌تهدد‌الشريعة‌الإسلامية‪‌،‬دار‌الفارابي‌للنشر‌والتوزيع‪‌،‬الطبعة‌‬ ‫الأخيرة‪3112‌،‬م‪‌(‌.‬طبعة‌جديدة‌ومنقحة)‪‌،‬ص‪‌.‌39-1‬‬ ‫‪236‬‬

‫هذا العصر‪ ،‬رغم آرائ التي نثارت جدال ًا داد ًا‪ ،‬تباينت فيها الأقوال‪ ،‬بين مادح وذام‪ ،‬لكن؛ إذا نظرنا بعين البادث‬ ‫المنصف‪ ،‬نجد نن هذا العاِلم الف ِذ قد نثرى منظومة ال ِفكر الإسلامي المعاصر بعدد من البحوث والإنتاجات‬ ‫العلمية المتنوعة‪ ،‬مما يدعونا إلى النظر بإيجابية إلى ما قدم من خدمة مخلصة‪ ،‬ومن جدد ميهكر خدم ًة لدذا‬ ‫الدين‪ ،‬والإغضاء عن ما يع ُّد البعض نخطا ًء وقع فيها‪ ،‬مع الإشارة إلى نقوال الممخطِـئين ل ‪ ،‬ومناقهة هذ‬ ‫الأقوال‪ ،‬دون نن نهضم الرجل دق ‪ ،‬نو نبخس الذي قيل وما ميقال عن من مدح وثناء ع ِطر‪ ،‬تضافرت علي‬ ‫كتابات المعجبين ب وبعلم ‪ ،‬ومن الذين اتفقوا مع في الآراء والأفكار‪ ،‬ويرون نن كعالم لابد نن ميحترم‪ ،‬ل‬ ‫نيجابيات تحسب ل ‪ ،‬وتغطي على سلبيات ‪ ،‬وقد ذكر ذلك بعض الكتـاب؛ ومنهم على سبيل المثال‪ :‬بسام ساعي‬ ‫الأستاذ الجامعي في انجلترا وندد المقربين من جماعة الإخوان المسلمين السورية‪ ،‬وقد كان متحدث ًا عن تأثير‬ ‫ال مبوطي في المجتمع السوري‪ ،‬وكيف اختار المجاهدة بالحكمة والموعظة الحسنة‪ ،‬ديث ذكر محاسن بقول ‪ :‬ترك مت‬ ‫سورية والمساجد تبحث عن مصلين‪ ،‬ثم عدت إلى سورية بعد نكثرمن عهرين عا ًما‪ ،‬فوجد ُّت المساجد تبحث عن‬ ‫نماكن لاستيعاب جماهير المصلين ال مجدد‪ ،‬تركتها والهباب في المساجد هم القلة‪ ،‬و معدت لراهم فيها الكثرة الكاثرة‪،‬‬ ‫تركتها وهي شب خالية من الحجاب‪ ،‬و معدت لراها شب خالية من التبرج ال ُّسفور‪ ،‬كيف كان لكل هذا نن يتحقق‬ ‫لولا فضل هلل‪ -‬تعالى‪ -‬نول ًا‪ ،‬ثم جدد مخلص‪ ،‬كان وراء نماذج إسلامية خيرة كالهيخ‪ -‬ال مبوطي‪ -‬آثر ِت الكِلمة على‬ ‫الرصاصة‪ ،‬ولغة الحكمة على الهتيمة‪ ،‬ولين الخطاب على ال معـنف (‪.)1‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬منهجية البوطي‪ ،‬والعوامل التي بنت شخصيته‪:‬‬ ‫كما هو معلوم؛ فإن ال مبوطي ن ْشعري قح‪ ،‬بل ويعتبر من الأشا ِعرة المدافعين عن المنهج الأ ْشع ِري بكل قوة‪،‬‬ ‫وي مر ُّد على خصوم الأشا ِعرة‪ ،‬ويهاجمدم نديان ًا‪ ،‬دتى منقل عن نن يقول عن خصوم (الوهابيين نو السلفيين) بأنهم‬ ‫إسفين(‪ )2‬في خاصرة الإسلام (‪. )1(.).3‬‬ ‫‪‌-1‬انظر‌موقع‌ال ُّصو ِف َّية‪‌،http://www .alsufi .net/page/details/id/267‌،‬زيارة‌بتاريخ‌‪3131/1/36‬م‌‪.‬‬‫‪‌ -2‬الإسفين‪‌ :‬وتد ‌يستعمل ‌في ‌أغراض ‌كثيرة ‌منها‪‌ :‬ربط ‌جسم ‌بآخر ‌أو ‌الإبقاء ‌على ‌الانفراج‪‌ ،‬يقال ‌دق ‌بينهم ‌إسفينا ‌فرق‌‬‫بينهم‪‌،‬والمعنى‌الذي‌أراده‌ال ُبوطي‪‌:‬شوكة‌في‌خاصرة‌الإسلام‪‌،‬انظر‪‌:‬إبراهيم‌مصطفى‌ـ‌أحمد‌الزيات‌ـ‌حامد‌عبد‌القادرـ‌‬ ‫محمد‌النجار‪‌،‬المعجم‌الوسيط‌ـ‌دار‌الدعوة‪‌،‬تحقيق‪‌:‬مجمع‌اللغة‌العربية‪‌،‬ج‪3‬ص‪35‬‬‫‪‌ -3‬ال ُبوطي ‌في ‌خطبة ‌ذكر ‌أن ‌هذا ‌مذكور ‌في ‌كتاب ‌الأعمدة ‌السبعة ‌لورانس ‌وفيه ‌ان ‌بريطانيا ‌سخرت ‌ثلاثة ‌اسافين‪‌،‬‬‫القديانية‌وهو‌اسفين‌غرسته‌بريطانيا‌في‌الهند‌وما‌حولها‪‌،‬الإسفين‌الثاني‌البابية‌والبهائية‪‌،‬وقد‌غرسته‌بريطانيا‪‌-‬وبحسب‌‬‫ال ُبوطي‪‌-‬في‌مصر‪‌،‬والإسفين‌الثالث‌الوهابية‌وقد‌غرسته‌بريطانيا‌في‌شبه‌الجزيرة‌العربية‪‌،‬انظر‪‌:‬ال ُبوطي‌تاريخ‌زيارة‌‬ ‫الموقع‌‪3131/9/39‬م‪‌http://www .youtube .com/watch?v=Rx1aNux6Y_Q‌،‬‬ ‫وانظر‪ http://www .youtube .com/watch?v=Xl3B73Wa0Vw :‬بتاريخ‌‪‌.‌3131/9/39‬‬ ‫‪237‬‬

‫وآراء ال مبوطي منسجمة مع ما يقول الأشا ِعرة في مسائل الإيمان‪ ،‬وقد وصفدم بعض نهل العلم بأنهم‪-‬‬ ‫ني الأشا ِعرة‪ -‬بين‪ :‬المرجئة التي تقول يكفي النطق بالهدادتين دون العمل لصحة الإيمان‪ ،‬وبين الجدمية التي تقول‬ ‫يكفي التصديق القلبي(‪ ،)2‬لكونهم يقفون بمنزلة بين نهل الإرجاء والجدمية في تعريفدم لمسمى الإيمان‪ ،‬وقد ذكر‬ ‫هذا بعض الأشاعرة المعاصرين‪ ،‬ومنهم الهيخ دسن نيوب الذي يع ِرف الإيمان في كتاب ‪\" :‬تبسيط العقائد‬ ‫الإسلامية\" فيقول‪\" :‬إن المصدق بقلب ناج عند هلل وإن لم ينطق بالهدادتين\"(‪ )3‬وهذا ما مال إلي ال مبوطي في‬ ‫كتاب ‪\" :‬كبرى اليقينيات الكونية\"(‪.)4‬‬ ‫ومن هنا شعلم نن ليس ثمة فرق كبيربين ال مبوطي‪ ،‬وعموم الأشا ِعرة المعاصرين غير نننا شعتقد نن ال مبوطي‬ ‫داول محاولات جادة للتوفيق والتقريب بين منهج الأشا ِعرة ومنهج السلفيين في بعض مسائل الخلاف‪ ،‬ولكن هذا‬ ‫لم يكن مقبول ًا عند السلفيين‪ ،‬كونهم يرون لا يختلف عن غير من الأشا ِعرة‪ ،‬ذلك نن ال مبوطي لم ي ِحد عن آراء‬ ‫غير من الأشا ِعرة في المسائل الأصولية التي يختلف فدا السلف ُّيون مع الأشا ِعرة جمل ًة وتفصيل ًا‪ ،‬بل لعل يعتبر في‬ ‫معرف السلفيين من الأشا ِعرة المتهددين‪ ،‬الأمر الذي جعلدم يهاجمون ويتعق ُّبون آرائ على هيئة ردود وتعليقات‪،‬‬ ‫إما في المواقع الاكترونية‪ ،‬نو كتب ومقالات‪ ،‬وسنحاول في المطالب التالية إلقاء الضوء على منهجية ال مبوطي‪،‬‬ ‫والعوامل التي بنت شخصيت ونفكار فيما يلي‪:‬‬‫‪‌-1‬والغريب‌أن‌ال ُبوطي‌يستند‌إلى‌كتاب‪‌:‬أعمدة‌الحكمة‌السبعة‌ويجعله‌مرجعاً‌في‌الحكم‌على‌كل‌ال َّسلفيين‌\"الوهابيين\"‌كما‌‬‫يسميهم ‌ال ُبوطي ‌فهم ‌عنده ‌سواء‪‌ ،‬ومقصود ‌ال ُبوطي ‌إنما ‌هم ‌ال َّسلف ُّيون ‌المعاصرون ‌الذين ‌لا ‌يفرق ‌بينهم ‌وبين ‌الوهابيين‪‌،‬‬‫ويهمل‌ال ُبوطي‌كتب‌المؤرخين‌الإسلاميين‪‌،‬كابن‌الزركلي‌وغيره‪‌،‬وقد‌م َّر‌علينا‌في‌تعري ٍف‌بالإمام‌محمد‌بن‌عبد‌الوهاب‌‬‫ما‌ذكروه‌في‌مناقبه‌وفضله‌دون‌أن‌يكون‌لهم‌ذكر‌لبريطانيا‌وأسافينها‌التي‌أشار‌إليها‌ال ُبوطي‪‌،‬في‌كتاب‌لورانس‪‌،‬انظر‪‌:‬‬‫أعمدة ‌الحكمة ‌السبعة‪‌ ،‬توماس ‌إدوارد ‌لورنس ‌لورنس ‌العرب‪‌ ،‬المكتب ‌التجاري ‌للطباعة ‌والتوزيع ‌والنشر‪‌ ،‬بيروت‪‌،‬‬ ‫‪3961‬م‪‌،‬ص‪‌،39-1‬وانظر‪‌:‬الأعلام‌للزركلي‪‌،‬ج‪6‬ص‪‌.‌329‬‬‫‪‌-2‬الموسوعة‌الميسرة‌في‌المذاهب‌المعاصرة‪‌،‬الندوة‌العالمية‌للشباب‌الإسلامي‪‌،‬انظر‪‌:‬موقع‌الكاشف‪www .alkashf ‌:‬‬ ‫‪‌،.net‬وموقع‌صيد‌الفوائد‪www .saaid .net‌:‬‬ ‫‪‌-3‬حسن‌أيوب‪‌،‬تبسيط‌العقائد‌الإسلامية‪‌،‬دار‌الندورة‌الجديدة‪‌،‬الطبعة‌الخامسة‪‌،‬بيروت‪3951‌،‬م‪‌،‬ص‪‌.11‬‬ ‫‪‌-4‬ال ُبوطي‪‌،‬كبرى‌اليقينيات‌الكونية‪‌.396‌،‬‬ ‫‪238‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬تأثره بابن عطاء‪:‬‬ ‫تأ ُّثـر ال مبوطي بالهيخ ندمد بن عبد الكريم بن عطاء السكندري‪ ،)1(،‬وهو الذي عاش في القرن السابع‬ ‫الهجري‪ ،‬ديث توفي سنة ‪111‬هـ‪ ،‬وقد معرف عن ابن عطاء ميول إلى اللغة والأدب‪ ،‬والتص ُّوف على طريقة‬ ‫المتكلمين ‪.‬‬ ‫قال عن الإمام السبكي‪ :‬كان إمام ًا في التص ُّوف‪ ،‬وكان صادب إشارات وكرامات وقدم راسخ في التص ُّوف‪،‬‬ ‫صحب الهيخ نبو العباس المرس ي تلميذ الهيخ نبي الحسن الهاذلي ونخذ عن (‪. )2‬‬ ‫و مع ِرف بمعارضت لابن ت ْي ِمية‪ ،‬كما نورد ذلك بعض المؤرخين‪ ،‬قال الإمام الهوكاشي‪\" :‬قام على الهيخ تقى‬ ‫الدين ابن ت ْي ِمية فبالغ فى ذلك\"(‪ ،)3‬وقال صادب شذرات الذهب‪ ،‬وهو ممن قام على الهيخ تقي الدين ابن ت ْي ِمية‬ ‫فبالغ في ذلك‪ ،‬وكان يتكلم على الناس‪ ،‬ول في ذلك تصانيف عديدة (‪ ،)4‬وهذا يف ِسر سبب رفض البوطي لبعض‬ ‫آراء ابن تيمية‪ ،‬واختلاف مع ‪ ،‬وتحامل علي نديان ًا‪ ،‬وقد نو إلى هذا بعض السلفيين في تعقيباتهم وردودهم على‬ ‫كتب ال مبوطي‪ ،‬ومنهم على سبيل المثال الهيخ الفوزان في كتاب ‪\" :‬التعقيبات على كتاب البوطي السلفية‪.)5( ...‬‬‫‪‌ -1‬أحمد ‌بن ‌محمد ‌بن ‌عبد ‌الكريم ‌بن ‌عطاء ‌الله‪‌ ،‬الشيخ ‌تاج ‌الدين ‌أبو ‌الفضل‪‌ ،‬من ‌أهل ‌الإسكندرية‪،‬ويسمى ‌السكندري‪‌‌،‬‬‫يقول ‌السبكي‪‌ :‬أراه ‌كان ‌شافعي ‌المذهب‪‌ ،‬وقيل ‌كان ‌مالكيا‪‌ ،‬كان ‌أستاذ ‌الشيخ ‌الإمام ‌الوالد‪‌ -‬أي ‌والد ‌الإمام ‌السبكي‪‌ ،-‬في‌‬‫ال َّتص ُّوف‌وكان‌إماما‌عارفا‌صاحب‌إشارات‌وكرامات‌وقدم‌راسخ‌في‌ال َّتص ُّوف‪‌،‬صحب‌الشيخ‌أبو‌العباس‌المرسي‌تلميذ‌‬‫الشيخ ‌أبي ‌الحسن ‌الشاذلي ‌وأخذ ‌عنه‪‌ ،‬قال ‌عنه ‌صاحب ‌معجم ‌المؤلفين‪‌ :‬صوفي ‌مشارك ‌في ‌انواع ‌من ‌العلوم ‌كالتفسير‪‌،‬‬‫والحديث‪‌ ،‬والفقه‪‌ ،‬والنحو ‌والاصول‪‌ ،‬واستوطن ‌الشيخ ‌تاج ‌الدين ‌القاهرة ‌يعظ ‌الناس ‌ويرشدهم ‌وله ‌الكلمات ‌البديعة ‌دونها‌‬‫أصحابه‌في‌كتب‌جمعوها‌من‌كلامه‪‌،‬ومن‌مصنفات‌الشيخ‌تاج‌الدين‌كتاب‌التنوير‌في‌إسقاط‌التدبير‪‌،‬ومن‌كلامه‪\"‌:‬إرادتك‌‬‫التجريد ‌مع ‌إقامة ‌الله ‌لك ‌في ‌الأسباب ‌من ‌الشهوة ‌الخفية‪‌ ،‬وإرادتك ‌الأسباب ‌مع ‌إقامة ‌الله ‌إياك ‌في ‌التجريد ‌انحطاط ‌عن‌‬‫الذروة ‌العلية‪‌ ،‬ما ‌أرادت ‌همة ‌سالك ‌أن ‌تقف ‌عندما ‌كشف ‌لها ‌إلا‌ونادته ‌هواتف ‌الحقائق ‌الذي ‌تطلب ‌أمامك ‌ولا ‌تبرجت‌‬‫ظواهر‌الكرامات‌إلا‌نادت‌حقائقها\"‌وقال‪\"‌:‬كيف‌يتصور‌أن‌يحجبه‌شيء‌وهو‌الذي‌أظهر‌كل‌شيء‪‌،‬كيف ‌يتصور‌أن‌‬‫يحجبه ‌شيء ‌وهو ‌الذي ‌ظهر ‌بكل ‌شيء‪‌ ،‬كيف ‌يتصور ‌أن ‌يحجبه ‌شيء‪‌ ،‬وهو ‌الذي ‌ظهر ‌في ‌كل ‌شيء‪‌ ،‬كيف ‌يتصور ‌أن‌‬‫يحجبه‌شيء‪‌،‬وهو‌الذي‌ظهر‌لكل‌شيء‌كيف‌يتصور‌أن‌يحجبه‌شيء‌وهو‌الظاهر‌قبل‌وجود‌كل‌شيء‪‌،‬كيف‌يتصور‌أن‌‬‫يحجبه ‌شيء‪‌ ،‬وهو ‌أظهر ‌من ‌كل ‌شيء\" ‌فهو ‌صاحب ‌حكم ‌وله ‌كلام ‌طيب ‌معروف‪‌ ،‬انظر‪‌ :‬طبقات ‌الشافعية‪‌ ،‬ج‪9‬ص‪‌،31‬‬ ‫وانظر‌عمر‌رضا‌كحالة‪‌،‬معجم‌المؤلفين‪‌،‬مكتبة‌المثنى‪‌،‬بيروت‪‌،‬دار‌إحياء‌التراث‌العربي‌بيروت‪‌،‬ج‪3‬ص‪333‬‬ ‫‪‌-2‬طبقات‌الشافعية‪‌،‬السبكي‪‌،‬ج‪‌9‬ص‪.31‬‬‫‪‌ -3‬محمد ‌بن ‌علي ‌الشوكاني‪،‬البدر ‌الطالع ‌بمحاسن ‌من ‌بعد ‌القرن ‌السابع‪‌ ،‬جمع‪‌ :‬محمد ‌بن ‌محمد ‌بن ‌يحيى ‌بن ‌زيادة‪‌ ،‬دار‌‬ ‫الكتب‌العلمية‪‌،‬بيروت‪‌،‬الطبعة‌الأولى‪3959‌،‬م‪‌،‬ص‪.‌311‬‬‫‪‌-4‬عبد‌الحي‌بن‌أحمد‌العكري‌الدمشقي‪3113(‌،‬هـ‌‪3159‌-‬هـ)‪‌،‬شذرات‌الذهب‌في‌أخبار‌من‌ذهب‪‌،‬دار‌الكتب‌العلمية‪‌،‬‬‫ج‪‌6‬ص‪‌،35‬وانظر‪‌:‬شهاب‌الدين‌أبي‌الفضل‌أحمد‌بن‌علي‌بن‌محمد‌العسقلاني‪‌،‬تحقيق‪‌:‬محمد‌عبد‌المعيد‪‌،‬مجلس‌دائرة‌‬ ‫المعارف‌العثمانية‪3993‌،‬م‪‌،‬ج‪3‬ص‪.‌131‬‬‫‪‌-5‬انظر‪‌:‬صالح‌بن‌فوزان‌بن‌عبد‌الله‌الفوزان‪‌،‬التعقيبات‌على‌كتاب‌ال َّسلفية‌ليست‌مذهبا‪‌،‬دار‌الوطن‌للنشر‪3133‌،‬هـ‪‌،‬‬ ‫ص‪.‌21‬‬ ‫‪239‬‬

‫وقد مال البوطي لاختيارات ابن عطاء السكندري الصوفي‪ ،‬ولم يخف إعجاب ب وبمنهج ‪ ،‬ومن الهواهد‬ ‫على ميول ال مبوطي للصوفية التي ير ُّدها السلف ُّيون؛ كون ال مبوطي قد نفرد كتاب ًا كامل ًا من خمس مجلدات‪ ،‬نسما‬ ‫\"الحكم العطائية\"‪ ،‬وقد مر علينا نن ابن عطاء معـرف بالتص ُّوف‪ ،‬وميول إلى طريقة الهاذلي(‪ ،)1‬وما نقل من كثرة‬ ‫تعرض لهيخ الإسلام ابن ت ْي ِمية‪ ،‬الأمر الذي نظر إلي السلف ُّيون على نن تجن وافتراء على ابن ت ْي ِمية‪ ،‬علاوة عما‬ ‫تعقبو على متصوفة العصر‪ ،‬من ننهم نصحاب بدع ومخالفات (‪.)2‬‬ ‫المطلب الخامس‪ :‬البوطي والتَّص ُّوف‪:‬‬ ‫ينتهج ال مبوطي طريقة نساتذة الأشا ِعرة‪ ،‬كأمثال الجويني والغزالي‪ ،‬والرازي وغيرهم‪ ،‬من ديث اهتمامدم‬ ‫بتزكية النفس‪ ،‬وطدارة القلب والميل للتربية الرودية‪ ،‬والاستكثار من الاستدلالات والتأملات العقلية ال ِفكرية‪،‬‬ ‫ونكاد نجزم نن هذا المنهج سمة بارزة عند عموم الأشا ِعرة‪ ،‬ديث نضحى الحديث عن الأشا ِعرة كثي ًرا ما يقترن‬ ‫بالتص ُّوف وتزكية النفس‪ ،‬وهو كما يذكر بعض البادثين المعاصرين من نمثال‪ :‬عبد الردمن بن صالح المحمود في‬ ‫كتاب ‪\" :‬موقف ابن ت ْي ِمية من الأشا ِعرة\"‪ ،‬فقد عد التصوف ندد السمات البارزة في تطور المذهب الأ ْشع ِري(‪،)3‬‬ ‫وهذا ما يلادظ عند البحث في كتب الأشا ِعرة‪ ،‬فقد وجدنا نن علماء هذا المذهب قديم ًا‪ -‬ودتى زماننا اليوم‪-‬‬ ‫يميلون إلى التص ُّوف‪ ،‬غيرنن بعض الأشا ِعرة يدافعون عن تص ُّوفدم بحيث يبرؤون من الانتساب للتصوف ال ِب ْدعي‪،‬‬ ‫كما سطرهذا البوطي في بعض كتب ومؤلفات ‪.‬‬ ‫‪ -‬فكيف ينظرال ُبوطي إلى ال َّتص ُّوف؟ وهل يعتبرال ُبوطي من متصوفة هذا العصر؟‬ ‫للجابة عن هذا السؤال نقول‪:‬‬‫‪‌-1‬على‌بن‌عبد‌الله‌بن‌عبد‌الجبار‌بن‌يوسف‌أبو‌الحسن‌الهذلي‌الشاذلي‪‌،‬نسبة‌إلى‌شاذلة‌قرية‌بأفريقيا‪‌،‬الضرير‌الزاهد‪‌،‬‬‫نزيل‌الأسكندرية‪‌،‬وشيخ‌الطائفة‌الشاذلية‪‌،‬كان‌كبير‌المقدار‪‌،‬عالي‌المقام‪‌،‬له‌نظم‌ونثر‌ومتشابهات‌وعبارات‌فيها‌رموز‪‌،‬‬‫صحب ‌الشيخ ‌نجم ‌الدين ‌بن ‌الأصفهاني ‌نزيل ‌الحرم ‌ومن ‌أصحابه ‌الشيخ ‌أبو ‌العباس ‌المرسي‪‌ ،‬حج ‌مرات ‌عدة‪‌ ،‬ومات‌‬‫بصحراء‌عيذاب‪‌،‬فدفن‌هناك‪‌،‬في‌أول‌ذي‌القعدة‌سنة‌‪626‬هـ‪‌،‬وتكلم‌فيه‌القباري‪‌،‬وقد‌أنتصب‌بعض‌الحنابلة‌إلى‌حربه‪‌،‬‬ ‫فرد‌عليه‪‌،‬وما‌هو‌من‌حزبه‪‌،‬انظر‪‌:‬طبقات‌الأوليا‪‌،‬ج‪3‬ص‪‌،92‬وانظر‪‌:‬الأعلام‌للزركلي‪‌،‬ج‪‌1‬ص‪.‌21‬‬ ‫‪‌-2‬فهد‌بن‌سليمان‌الفهيد‪‌،‬نشأة‌بدع‌ال ُّصو ِف َّية‪‌،‬كلية‌أصول‌الدين‪‌،‬جامعة‌الرياض‪3113‌،‬م‪‌،‬ص‪.‌313‬‬‫‪-33‬عبد ‌الرحمن ‌بن ‌صالح ‌بن ‌صالح ‌المحمود‪‌ ،‬موقف ‌ابن ‌ َت ْي ِم َّية ‌من ‌الأ َشا ِعرة‪‌ ،‬مكتبة ‌الرشد‪‌ ،‬الرياض‪3992‌ ،‬م‪‌،‬‬ ‫ص‪.233‬‬ ‫‪240‬‬

‫يرى ال مبوطي نن الس ِبيل إلى تزكية النفس ميح ِصل المؤمن بكثرة ذكر ِلل تعالى‪ ،‬ويقول إن كثرة الذكر‬ ‫وإتقان العبادة لا تكون إلا من محب ِلل ‪ -‬عزوجل‪ ،-‬ونن هذا الذكر هو سلم الوصول لمحب ِة هلل تعالى‪ ،‬وميم ِث مل لدذا‬ ‫المعنى ب ِعلاقة التلامذة مع نستاذهم الذي ميعتبر الممرشد إلى الصلاح والخير‪ ،‬وتزكية النفس‪ ،‬لن العلاقة بين‬ ‫التلامذة ومرشدهم إلى الخير‪ ،‬وصلاح العمل‪ ،‬وتزكية النفس‪ ،‬من شأنها نن توصف بأنها علاقة مرشد وصلاح‪ ،‬لنها‬ ‫تنقل صادبها من مجرد إيمان وقناعة‪ ،‬إلى علاقة مدب وخوف وتعظيم تهيمن على القلب (‪. )1‬‬ ‫ولا يكترث ال مبوطي كثي ًرا بالتسمية‪ ،‬وميمكننا القول نن متصوف على الطريقة الغزالية(‪ ،)2‬لن يرى نن لا‬ ‫ميِهـ ُّم نن ميسمى هذا الفعل الجميل من تزكية النفس‪( :‬التص ُّوف)‪ ،‬نو (علم السلوك)‪ ،‬نو (فن التزكية)‪ ،‬المدم عند‬ ‫نن يكون المراد من ومضمون المنهج السلوكي‪ ،‬ولا يأب بالتسمية (‪. )3‬‬ ‫وميؤكد ال مبوطي بأن داجة الناس إلى العاطفة هو الذي دفعدم للقبال على التص ُّوف‪ ،‬بعد نن مد ِرموا من‬ ‫العاطفة بسبب التق ُّلبات الدنيوية في ظلمات الهدوات‪ ،‬وضيق القلوب بمادية العصر التي ماجت بها دياة الناس‬ ‫اليوم‪ ،‬ويدافع عن فكرة التص ُّوف هذا قائل ًا‪ :‬إن البعض يصف بأن ‪ :‬بدعة‪ ،‬يعني‪( :‬السلفيين‪ ،‬نو الوهابيين) فيقول‪:‬‬ ‫\" نن لا شأن لنا بالمصطلحات\" (‪.)4‬‬ ‫ويستطرد ال مبوطي شارد ًا دديث النبي‪ -‬صلى هلل علي وسلم‪( :-‬إياكم ومحدثات الأمور)(‪ ،)5‬ويقول بأن‬ ‫مصطلح التص ُّوف من المحدثات في الدين‪ ،‬ولكن مع هذا لا يق ُّر بأن معاشى التص ُّوف من المحدثات‪ ،‬ونفعال‬ ‫المتصوفة من البدع التي يذ ُّم فاعلدا‪ ،‬ولدذا فإن يف ِضل النأي عن كلمة التص ُّوف لنفور الناس من هذا المصطلح‪،‬‬ ‫‪‌-1‬الحكم‌العطائية‪‌،‬ج‪3‬ص‪.36‬‬‫‪‌ -2‬الطريقة ‌الغ َّزالية‪‌ ،‬نعني ‌بها‪‌ :‬تصوف ‌الإمام ‌الغ َّز‌الي ‌الذي ‌يميل ‌فيه ‌إلى ‌علم ‌الكلام‪‌ ،‬والفلسفة‪‌ ،‬قال ‌محمد ‌بن ‌الوليد‌‬‫الطرطوشي ‌في ‌رسالة ‌له ‌إلى ‌ابن ‌مظفر‪‌ :‬فأما ‌ما ‌ذكرت ‌من ‌أبي ‌حامد‪‌ ،‬فقد ‌رأيته‪‌ ،‬وكلمته‪‌ ،‬فرأيته ‌جليلا ‌من ‌أهل ‌العلم‪‌،‬‬‫واجتمع‌فيه‌العقل‌والفهم‪‌،‬ومارس‌العلوم‌طول‌عمره‪‌،‬وكان‌على‌ذلك‌معظم‌زمانه‪‌،‬ثم‌بدا‌له‌عن‌طريق‌العلماء‪‌،‬ودخل‌في‌‬‫غمار‌العمال‪‌،‬ثم‌تصوف‪‌،‬وهجر‌العلوم‌وأهلها‪‌،‬ودخل‌في‌علوم‌الخواطر‪‌،‬وأرباب‌القلوب‌‪‌.‌.‌.‬ثم‌شابها‌بآراء‌الفلاسفة‪‌،‬‬‫ورموز ‌الحلاج‪‌،‬وجعل ‌يطعن ‌على ‌الفقهاء‌والمتكلمين‪‌ .‌ ،‬إلى‌أن ‌قال‪‌ :‬عمد ‌يتكلم ‌في ‌علوم ‌الاحوال‪‌ ،‬ومرامز ‌ال ُّصو ِف َّية‪‌،‬‬ ‫انظر‪‌:‬سير‌أعلام‌النبلاء‪‌،‬الإمام‌الذهبي‪‌،‬ج‪9‬ص‪119‬‬ ‫‪‌-3‬المرجع‌السابق‪‌،‬ج‪3‬ص‪.35‬‬ ‫‪‌-4‬الحكم‌العطائية‪‌،‬ص‪31‬‬‫‪‌ -5‬سنن ‌الترمذي‪‌ ،‬حديث ‌رقم‪‌ ،3696‌ /‬مسند ‌الإمام ‌أحمد‪‌ ،‬حديث ‌رقم‪‌ ،39311‌ /‬صحيح ‌ابن ‌حبان‪‌ ،‬حديث ‌رقم‪‌،2‌ /‬‬‫وغيرهم‪‌ ،‬ورواية ‌الترمذي ‌عن ‌العرباض ‌بن ‌سارية ‌قال‪‌ :‬وعظنا ‌رسول ‌الله ‌صلى ‌الله ‌عليه ‌وسلم ‌يوما ‌بعد ‌صلاة ‌الغداة‌‬‫موعظة ‌بليغة ‌ذرفت ‌منها ‌العيون ‌ووجلت ‌منها ‌القلوب ‌فقال ‌رجل‪‌ :‬إن ‌هذه ‌موعظة ‌مودع ‌فماذا ‌تعهد ‌إلينا ‌يا ‌رسول ‌الله ‌؟‌‬‫قال‪‌:‬أوصيكم‌بتقوى‌الله‌والسمع‌والطاعة‌وإن‌عبد‌حبشي‌فأ َّنه‌من‌يعش‌منكم‌يرى‌اختلافا‌كثيرا‌وإياكم‌ومحدثات‌الأمور‌‬‫فأ َّنها‌ضلالة‌فمن‌أدرك‌ذلك‌منكم‌فعليكم‌بسنتي‌وسنة‌الخلفاء‌الراشدين‌المهديين‌عضوا‌عليها‌بالنواجذ‌‪‌.‬قال‌أبو‌عيسى‌‬ ‫الترمذي‪‌:‬هذا‌حديث‌صحيح‪.‬‬ ‫‪241‬‬

‫واتهام نهل بأنهم نرباب بدع‪ ،‬ولقد وج إلي بعض السلفيين التهمة لدفاع على ابن العربي الصوفي(‪ ،)1‬وقد نقل‬ ‫ذلك عن في كتاب ‪\" :‬السلفية فترة زمنية مباركة\" (‪. )2‬‬ ‫وهذا بالفعل ما نثبت في كتاب ‪\" :‬السلفية\" في دديث ِ عن مسألة فناء القلب عن شدود ما سوى الرب‪،‬‬ ‫وقد ذكر نن البعض تكلموا في ابن العربي ال ُّصوفي‪ ،‬كون بنـى نصل ال مكفري في نن الحق هو الوجود الفائض على‬ ‫ال مممكنات‪ ،‬ومعلوم نن شدود هذا لا يقع في خطاب في مقام الفعل(‪. )3‬‬ ‫ثم قال‪\" :‬نما نن يكون في كتب ابن العربي كلا ٌم كثي ٌر يخالف العقيدة الصحيحة ويستوجب الكفر‪ ،‬فدذا‬ ‫ما لا ريبة في ‪ ،‬وإما نن يدل دلال ًة قاطع ًة على نن ابن العربي كاف ٌر فدذا ما ليس لابن ت ْي ِمية ولا لغير دليل علي \"‪،‬‬ ‫واستهدد لدذا بأن‪ :‬ابن العربي ل كتابات كثيرٌة مفصل ٌة تناقض هذ الأصول الكفرية(‪. )4‬‬ ‫وقد التمس العذر لابن العربي‪ ،‬وذلك بتعقيب على كلام ابن ت ْي ِمية‪ -‬ردم هلل‪ -‬متسائل ًا كيف نب ِرؤ ابن‬ ‫ت ْي ِمية من الكفر وقد دكم على ابن العربي بالكفر‪ ،‬ذلك نن ابن ت ْي ِمية بتضمين دكم الكفر على ابن العربي‪،‬‬ ‫يدعونا إلى نن نحكم علي نيض ًا بالكفر‪ ،‬لكون يستدل بضلالات الفلاسفة‪ ،‬الأمر الذي دعا ال مبوطي إلى القول بأن‬ ‫يهدد بأن دين هلل‪ -‬تعالى‪ -‬يأبى دعو ًة كدذ (‪. )5‬‬‫‪‌-1‬محمد‌بن‌علي‌بن‌محمد‌ابن ‌العربي‪‌،‬أبو‌بكر‌الحاتمي‌الطائي‌الأندلسي‪‌،‬المعروف‌بمحيي‌الدين‌بن‌عربي‪‌،‬الملقب‌‬‫بالشيخ‌الاكبر‪‌:‬فيلسوف‪‌،‬من‌أئمة‌المتكلمين‌في‌كل‌علم‌‪.‬ولد‌في‌مرسية‌(بالاندلس)‌وانتقل‌إلى‌إشبيلية‌‪.‬وقام‌برحلة‪‌،‬فزار‌‬‫الشام‌وبلاد‌الروم‌والعراق‌والحجاز‪‌،‬وأنكر‌عليه‌أهل‌الديار‌المصرية‌(شطحات)‌صدرت‌عنه‪‌،‬فعمل‌بعضهم‌على‌إراقة‌‬‫دمه‪‌ ،‬كما ‌أريق ‌دم ‌الحلاج ‌وأشباهه‪‌ ،‬وحبس‪‌ ،‬فسعى ‌في ‌خلاصه ‌علي ‌بن ‌فتح ‌البجائي ‌(من ‌أهل ‌بجاية) ‌فنجا‪‌ ،‬واستقر ‌في‌‬‫دمشق‪‌،‬فتوفي‌فيها‪‌،‬وهو‪‌،‬كما‌يقول‌الذهبي‪‌:‬قدوة‌القائلين‌بوحدة‌الوجود‌‪.‬له‌نحو‌أربعمائة‌كتاب‌ورسالة‪‌،‬منها‌(الفتوحات‌‬‫المكية)‌عشر‌مجلدات‪‌،‬في‌ال َّتص ُّوف‌وعلم‌النفس‪‌،‬و‌(محاضرة‌الابرار‌ومسامرة‌الاخيار)‌في‌الادب‪‌،‬مجلدان‪‌،‬و‌(ديوان‌‬‫شعر‌‪‌-‬ط)‌أكثره‌في‌ال َّتص ُّوف‪‌،‬و‌(فصوص‌الحكم)‌و‌(مفاتيح‌الغيب)‌تصوف‪‌،‬و‌(الاسرا‌إلى‌المقام‌الاسرى)‌وغيرها‪‌،‬‬ ‫انظر‪‌:‬الأعلام‌للزركلي‪‌،‬ج‪6‬ص‪.‌353‬‬ ‫‪‌-2‬انظر‪‌:‬إبراهيم‌داود‌الداود‪‌،‬مقالة‌في‌جريدة‌الرياض‌‪‌31‬شوال‌‪‌3133‬هـ‪.‬‬ ‫‪-3‬ال َّسلفية‌للبوطي‪‌،‬ص‪‌‌.‌311‬‬ ‫‪‌-4‬ال ُبوطي‪‌،‬ال َّسلفية‌فترة‌زمنية‌مباركة‌وليست‌مذهب‌إسلامي‪‌،‬ص‪‌.311‬‬ ‫‪‌-5‬المرجع‌السابق‪‌،‬ص‪.316‬‬ ‫‪242‬‬

‫ومن الأشياء التي عدها‪ -‬البوطي‪ -‬تحامل ًا من ابن ت ْي ِمية ومقلدي ‪ -‬يعني السلفيين‪ -‬على المتصوفة من‬ ‫نمثال ابن العربي الصوفي وغير من القائلين بالفناء‪ ،‬نن السلفيين يلزمون ابن العربي ومن على شاكلت بصريح‬ ‫نقوالدم‪ ،‬دون تك ُّلف العناء للتأكد من كونهم يعتقدون هذ التصورات التي صردوا بها في نقوالدم (‪. )1‬‬ ‫ثم يضيف بأن هذا المصطلح‪ -‬التص ُّوف‪ -‬سبب دساسية عند من يب ِدع المتصوفة‪ ،‬ولذلك يفضل‬ ‫الابتعاد عن في كتاب ‪\" :‬الحكم العطائية\" غير نن ال مبوطي في كتابات ورسائل ‪ ،‬يوافق على ما يق ِرر م بعض ال ُّصو ِفية‬ ‫في مبادئهم‪ ،‬وعقائدهم‪ ،‬ونسوت في ذالك‪ ،‬ابن عطاء السكندري (‪. )2‬‬ ‫المطلب السادس‪ :‬البوطي والسياسة‪:‬‬ ‫لا يعتبر ال مبوطي من شيوخ السياسة‪ ،‬ولم تكن ل مواقف جريئة في معارضة الحاكم‪ ،‬بل يبتعد عن‬ ‫السياسة ويحث الدعاة على ترك الخوض فيها‪ ،‬وكان ال مبوطي من معارض ي فتاوى درمة التورق(‪ ،)3‬وذلك في‬ ‫مسائل مض ِمنت في الحقوق العامة في الدول الإسلامية‪ ،‬والتي عدها البعض محط نقاش في قضايا السياسة‬ ‫والمال‪ ،‬وقال ال مبوطي في دراست ‪\" :‬إن القصد إلى التوُّرق نمر مهروع في الدين\"‪ ،‬ورغم كون ينآى بنفس عن‬ ‫السياسة وكل ما يتعلق بها‪ ،‬إلا نن وقع بيان ًا يؤيد قرار الأزهر تجميد الحوار مع الفاتيكان بعد تعليقات للبابا‬ ‫تضمنت إساءات لبعض المسلمين (‪.)4‬‬ ‫‪‌-1‬المرجع‌السابق‪‌،‬ص‪‌.‌313‬‬ ‫‪‌-2‬انظر‪‌:‬الحكم‌العطائية‪‌،‬من‌ص‪‌-2‬ص‪.36‬‬‫‪‌-3‬التورق‪‌:‬مسألة‌التورق‪‌،‬فهي‌أن‌يشتري‌سلعة‌بثمن‌مؤجل؛‌ليبيعها‌في‌السوق‌على‌غير‌الدائن‪‌،‬وينتفع‌بثمنها‪‌،‬وإذا‌حل‌‬‫الأجل‌سدد‌لصاحبها‌ثمنها‌الذي‌اشتراها‌به‌مؤجلا‪‌،‬والبيع‌بالتقسيط‌جائز‪‌،‬ولا‌يلتفت‌إلى‌القول‌بعدم‌جوازه؛‌لشذوذه‪‌،‬وعدم‌‬‫ال َّدليل‌عليه‪‌،‬أما‌مسألة‌التورق‌فمحل‌خلاف‪‌،‬والصحيح‌جوازها‪‌،‬انظر‪‌:‬ف َتاوى‌و َر َسائل‌ َسماحة‌الشيخ‪‌،‬مح َّمد‌بن‌إبراهيم‌بن‌‬‫َعبدالل ِطيف‌آل‌الشيخ‪‌،‬مفتي‌المملكة‌و َرئيس‌القضاة‌والشؤون‌الإسلامية‌ط َّي َب‌اللهُ‌ثراه‪َ ‌،‬جمع‌وترتيب‌وتحقيق‪‌:‬محمد‌بن‌‬‫عبدالرحمن‌بن‌قاسم‪‌،‬مطبعة‌الحكومة‌بمكة‌المكرمة‪‌،‬الطبعة‌الأولى‪‌3199‌،‬هـ‪‌،‬ج‪9‬ص‪‌،16‬فتاوى‌اللجنة‌الدائمة‪‌،‬فتاوى‌‬‫اللجنة ‌الدائمة ‌‪‌ -‬المجموعة ‌الأولى‪‌ ،‬اللجنة ‌الدائمة ‌للبحوث ‌العلمية ‌والإفتاء‪‌ ،‬جمع ‌وترتيب‪‌ :‬أحمد ‌بن ‌عبد ‌الرزاق ‌الدويش‪‌،‬‬ ‫ج‪31‬ص‪.363‬‬‫‪‌ -4‬أصدر ‌‪‌ 33‬عالما ‌من ‌علماء ‌السنة ‌بالعالم ‌الإسلامى‪‌ ،‬بيانا ‌من ‌مشيخة ‌الأزهر ‌يؤيدون ‌فيه ‌قرار ‌تجميد ‌الحوار ‌مع‌‬‫الفاتيكان‪‌،‬وأكد‌البيان‌الذى‌وقع‌عليه‌العلماء‌\"أن‌المجتمعين‌فى‌رحاب‌الأزهر‌الشريف‌بمناسبة‌انعقاد‌الملتقى‌التحضيرى‌‬‫للمؤتمر‌العالمى‌السادس‌لخريجى‌الأزهر‌يؤكدون‌تأييدهم‌لموقف‌فضيلة‌الإمام‌الأكبر‌الدكتور‌أحمد‌الطيب‪‌،‬شيخ‌الأزهر‌‬‫فى ‌تجميد ‌الحوار ‌مع ‌الفاتيكان‪‌ ،‬انطلاقا ‌من ‌الإساءات ‌المتكررة ‌لبابا ‌الفاتيكان ‌للإسلام ‌ولرسول ‌الإسلام ‌صلى ‌الله ‌عليه ‌و‌‬‫سلم‪‌،‬وطلبه‌التدخل‌فى‌شئون‌البلاد‌الإسلامية‪‌،‬سواء‌بتغيير‌قوانينها‌دون‌مراعاة‌للخصوصية‌الثقافية‌والحضارية‌للبلدان‌‬‫الإسلامية ‌أو‌طلب ‌الحماية ‌لمكون ‌أساسى ‌من ‌مكونات ‌مواطنى ‌هذه ‌البلدان ‌وهو ‌إخواننا‌المسيحيون\"‪‌ ،‬العلماء ‌الموقعون‌‬‫على ‌البيان ‌هم‪‌ :‬الدكتور ‌يوسف ‌القرضاوى‪‌ ،‬والدكتور ‌سلمان ‌بن ‌فهد ‌العودة‪‌ ،‬والدكتور ‌محمد ‌سعيد ‌رمضان ‌البوطى‪‌،‬‬‫والدكتور ‌عصام ‌البشير‪‌ ،‬والدكتور ‌أحمد ‌الريسونى ‌والدكتور ‌مصطفى ‌بن ‌حمزة‪‌ ،‬والدكتور ‌عبد ‌المجيد ‌النجار‪‌ ،‬والدكتور‌‬‫داتو ‌زين ‌العابدين‪‌ ،‬والشيخ ‌قرشى ‌شهاب‪‌ ،‬والدكتور ‌الشريف ‌حاتم ‌العونى‪‌ ،‬والدكتور ‌محمد ‌عزير ‌شمس‪‌ ،‬والدكتور ‌عمر‌‬ ‫‪243‬‬

‫وكان دائم ًا من نابذي التوجدات السياسية والعنف المسلح‪ ،‬و معرف بنأي عن الحركات الإسلامية ذات‬ ‫الطابع السياس ي‪ ،‬كحركة الإخوان المسلمين‪ ،‬والفصائل الجدادية‪ ،‬وقد سبب ظدور كتاب \"الجداد في الإسلام\" عام‬ ‫‪7114‬م في إعادة الجدل القائم بين وبين بعض التيـارات الإسلامية‪ ،‬ديث يرى ال مبوطي نن الجداد يستوجب‬ ‫شروط ًا‪ ،‬ومن نهمدا نن لا جداد بلا داكم‪ ،‬ولابد من الرجوع إلى ولي الأمر في هذ المسألة‪ ،‬وتسقط هذ التبعية‬ ‫لولي الأمرإذا فاجئ العدو ديارالمسلمين(‪. )1‬‬ ‫والملاحظ أن‪ :‬ال مبوطي ينفتح في كتاب \"الجداد\"على المذهب الحنبلي والمالكي وغيرهما من المذاهب الأربعة‪،‬‬ ‫في هذ القضية‪ ،‬وندس مب ال ِحكمة من انتهاج هذا السبيل في كتاب \"الجداد\" نن نراد من ذلك نن تصل آراؤ لكل‬ ‫المذاهب الإسلامية‪ ،‬فنجد يستهدد بفق المذهب الحنبلي‪ ،‬وهو فقي على مذهب الهافعي‪ ،‬ونشعري العقيدة‬ ‫كما هو معلوم‪ ،‬ويختلف مع الحنابلة في عدد من مسائل العقيدة‪ ،‬ومع هذا فإن يذكر استدلالات من كلام ابن‬ ‫قدامة الحنبلي(‪ )2‬في المغني‪ ،‬الذي يقول‪\" :‬ونمر الجداد موكو ٌل إلى الإمام واجتهاد ويلزم الرعية طاعت فيما يرا من‬ ‫ذلك\"(‪ ،)3‬ويقتبس من الدردير المالكي(‪ ،)4‬فيقول‪\" :‬وجاء في الهرح الصغير على نقرب المسالك للدردير‪\" :‬وتعين نيضا‬ ‫بتعيين الإمام شخصا\" ‪ ...‬إلى نن قال‪ \" :‬وتعين نيض ًا بفجئ العدو ديارالمسلمين\" (‪.)5‬‬‫كامل‪‌ ،‬والدكتور ‌محمد ‌السليمانى‪‌ ،‬والدكتور ‌على ‌جمعة‪‌ ،‬والدكتور ‌محمد ‌عبد ‌الفضيل ‌القوصى‪‌ ،‬والدكتور ‌محمد ‌عمارة‌‬‫والدكتور ‌محمد ‌كمال ‌إمام‪‌ ،‬والدكتور ‌محمد ‌سليم ‌العوا‪‌ ،‬والدكتور ‌حسن ‌الشافعى‪‌ ،‬والدكتور ‌عبد ‌الحميد ‌مدكور ‌والدكتور‌‬‫وليد ‌أبو ‌النجا ‌‪‌ .‬كان ‌توقيعهم ‌على ‌البيان ‌تأييدا ‌لقرار ‌فضيلة ‌الإمام ‌الأكبر ‌انظر‪http://arabic .rt ‌ :‬‬‫‪‌ ،.com/forum/showthread‬تاريخ ‌زيارة ‌الموقع ‌كانت ‌في ‌يوم ‌الاثنين ‌الموافق ‌لــــــــــ ‌‪3133/33/35‬م‪‌ ،‬وانظر‪‌:‬‬‫‪‌،http://www .emamnasef .com/archive/index .php?t-4184 .html‬الكلمات‌الدلالية‪‌:‬العلماء‌يؤيدون‌‬ ‫رأي‌الإمام‌الأكبر‌بتجميد‌الجوار‌مع‌الفاتيكان‪‌،‬تاريخ‌زيارة‌الموقع‪3133/33/35‌:‬م‪‌،‬وانظر‪‌:‬جبهة‌علماء‌الأزهر‪‌:‬‬‫‪‌-1‬محمد‌سعيد‌رمضان‌ال ُبوطي‪‌،‬الجهاد‌في‌الإسلام‌كيف‌نفهمه‌وكيف‌نمارسه‪‌،‬دار‌الفكر‌المعاصر‪‌،‬بيروت‪3991‌،‬م‪‌،‬‬ ‫ص‪.‌311‬‬‫‪‌-2‬عبد‌الرحمن‌بن‌محمد‌بن‌أحمد‌بن‌قدامة‌المقدسي‌ثم‌ال َّصالِحي‪‌،‬الإمام‌الفقيه‌الزاهد‌الخطيب‌قاضي‌القضاة‪‌،‬شمس‌‬‫الدين ‌سمع ‌من ‌أبيه ‌الشيخ ‌أبي‌عمر ‌وعمه ‌الشيخ ‌موفق ‌الدين‌و ُعني ‌بالحديث‪‌ ،‬فقيه‪‌ ،‬من ‌أعيان ‌الحنابلة‪‌ ،‬ولد‌وتوفي ‌في‌‬‫دمشق‌‪‌.‬وهو‌أول‌من‌ولي‌قضاء‌الحنابلة‌بها‪‌،‬استمر‌فيه‌نحو‌‪‌33‬عاما‌ولم‌يتناول‌عليه‌أجراً‪‌،‬ثم‌عزل‌نفسه‪‌،‬له‌تصانيف‪‌،‬‬‫منها ‌(الشافي) ‌وهو ‌الشرح ‌الكبير ‌للمقنع‪‌ ،‬في ‌فقه ‌الحنابلة ‌ولد‌سنة ‌(‪299‬هـ‪‌ ،‬وتوفي ‌سنة‪653‬هـ)‪‌ ،‬انظر‪‌ :‬الإمام ‌برهان‌‬‫الدين‌إبراهيم‌بن‌محمد‌بن‌عبد‌الله‌بن‌محمد‌بن‌مفلح‪‌،‬ولد‌سنة‌(‪536‬هـوتوفي‌‪551‬هـ‌)‪‌،‬المقصد‌الأرشد‌في‌ذكر‌أصحاب‌‬‫الإمام‌أحمد‪‌،‬تحقيق‌د‌‪‌.‬عبد‌الرحمن‌بن‌سليمان‌ال ُعثيمين‪‌،‬مكتبة‌الرشد‪3991‌،‬م‪‌،‬الرياض‪‌،‬ج‪3‬ص‪‌،319‬وانظر‪‌:‬الأعلام‌‬ ‫للزركلي‪‌،‬ج‪1‬ص‪‌139‬‬‫‪‌-3‬عبد‌الله‌بن‌أحمد‌بن‌قدامة‌المقدسي‪‌،‬المغني‌في‌فقه‌الإمام‌أحمد‌بن‌حنبل‌الشيباني‪‌،‬دار‌الفكر‪‌،‬بيروت‪‌،‬الطبعة‌الأولى‪‌،‬‬ ‫‪3112‬هـ‪‌،‬ج‪31‬ص‪.165‬‬‫‪‌-4‬أحمد‌بن‌محمد‌بن‌أحمد‌العدوي‪‌،‬أبو‌البركات‌الشهير‌بالدردير‪‌:‬فاضل‪‌،‬من‌فقهاء‌المالكية‪‌،‬ولد‌في‌بني‌عدي‌(بمصر)‌‬‫وتعلم ‌بالأزهر‪‌ ،‬وتوفي ‌بالقاهرة‪‌ ،‬من ‌كتبه‪\"‌ :‬أقرب ‌المسالك ‌لمذهب ‌الإمام ‌مالك\"‪‌ ،‬و\"منهج ‌التقدير\"‪‌ ،‬مجلدان‪‌ ،‬في ‌شرح‌‬ ‫مختصر‌خليل‪‌،‬و\"تحفة‌الإخوان‌في‌علم‌البيان\"‌انظر‪‌:‬الأعلام‌للزركلي‪‌،‬ج‪3‬ص‪311.‬‬‫‪‌-5‬أبو‌البركات‌أحمد‌بون‌محمود‌العودوي‪‌،‬الشوهير‌بالودردير‌(المتووفى‪3313‌:‬هوـ)‪‌،‬الشورح‌الصوغير‌للودردير‪‌،‬مكتبوة‌كوانو‪‌،‬‬ ‫نيجيريا‪3111‌،‬م‪‌،‬ج‪3‬ص‪.319‬‬ ‫‪244‬‬



















‫القدرة‪ :‬يعرفدا ال مبوطي بأنها صفة نزلية قائمة بذات سبحان وتعالى‪ ،‬يتأتى بها إيجاد كل ممم ِكن وإعدام ‪،‬‬ ‫وما كان منها صالحا لن يوجد الممكنات نو يعدمدا نو ميك ِيفدا فدو متعلق الصلودية بالشياء‪ ،‬وما تعلق بها بتنفيذ‬ ‫الإيجاد والإعدام والتكييف الفعلي‪ ،‬فهي القدرة الإلاهية المتعلقة بالتنجيز(‪. )2‬‬ ‫تنبيه‪:‬‬ ‫يستعمل ال مبوطي مصطلح (الصلودية‪ ،‬والتنجيزية)‪ ،‬مق ِعد ًا لما يعتبر الأشا ِعرة والمتكلمون من متعلقات‬ ‫صفتي الإرادة والقدرة‪ ،‬وندسب استفاد هذا المصطلح من تتبع للمام الرازي وتعليقات ‪ ،‬ولم يكن هذا ل فحسب‬ ‫بل لقد استعمل الهيخ محمد الطاهر بن عاشور‪ ،‬في تفسير التحرير والتنوير‪ ،‬عند قول تعالى‪( :‬لق ْد ر ِض ي الل م‬ ‫ع ِن ا ْل مم ْؤ ِم ِنين ِإ ْذ ميبا ِي معونك ت ْحت الشجرِة)(‪.)3‬‬ ‫ديث قال الهيخ ابن عاشور‪ :‬فأعلمدم هلل نن اطلع على ما في قلوبهم من تلك الكآبة‪ ،‬وهذا من ِعلم‬ ‫الأشياء بعد وقوعدا وهو من تعلق علم هلل بالحوادث بعد ددوثها‪ ،‬ني علم بأنها وقعت‪ ،‬وهو تعلق دادث مثل‬ ‫التعلقات التنجيزية‪ ،‬والمقصود بإخبارهم بأن هلل‪ -‬تعالى‪ -‬علم ما دصل في قلوبهم الكآبة عن نن قدرذلك(‪. )4‬‬ ‫وقد استنبط ال مبوطي وابن عاشور تفسيراتهما وتحليلاتهما لمعنى صلودية القدرة ونجوزيتها من كلام‬ ‫الرازي الذي وافق ال مبوطي في الول ِع بعلم الكلام‪ ،‬ديث نجد الرازي‪ ،‬في تفسير المسمى‪\" :‬التفسيرالكبير\" نو \"مفاتيح‬ ‫الغيب\" عند تفسير قول تعالى‪( :‬ربنا وا ْجع ْلنا مم ْسِلم ْي ِن لك و ِمن مذ ِري ِتنا منم ًة ُّم ْسِلم ًة لك)(‪ )5‬ديث قال الرازي‪\" :‬واعلم‬ ‫نن السؤال المهدور في هذ الآية من ننهما لما كانا مسلمين فكيف طلبـا الإسلام؟‬‫‪َ (‌:36‬ف َّعا ٌل‌ ِل َما‌ ُي ِري ُ‌د)‌أي‌لا‌يريد‌شيئا‌إلا‌فعله‌وفق‌إرادته‪‌،‬انظر‪‌:‬أحمد‌مصطفى‌المراغى‪‌،‬تفسير‌الشيخ‌المراغى‪‌،‬شركة‌‬ ‫مكتبة‌ومطبعة‌مصطفى‌البانى‌الحلبي‌وأولاده‌بمصر‪‌،‬ج‪11‬ص‪‌312‬‬ ‫‪‌-1‬كبرى‌اليقينيات‌الكونية‪‌‌،‬ص‪‌.333‬‬ ‫‪‌-2‬معنى‌التنجيز‪‌:‬هو‌الإيجاد‌أو‌الإعدام‌بالفعل‪‌،‬انظر‪‌:‬شرح‌جوهرة‌التوحيد‌المرجع‌السابق‪.333‌،‬‬ ‫‪‌-3‬سورة‌الفتح‌الآية‌‪.35‬‬‫‪‌-4‬الشيخ ‌محمد ‌الطاهر ‌بن ‌عاشور‪‌ ،‬التحرير‌والتنوير‪‌ ،‬الطبعة ‌التونسية‪‌ ،‬دار‌سحنون ‌للنشر‌والتوزيع‪‌ ،‬تونس‪3999،‬م‪‌،‬‬ ‫ج‪36‬ص‪‌.‌392‬‬ ‫‪‌-5‬سورة‌البقرة‌الآية‌‪.335‬‬ ‫‪254‬‬

‫ونجاب عن ذلك بالتنوي على نن خلق تلك القدرة الموجبة فيهما جعلدما مسلمين‪ ،‬وإن كانت‬ ‫صالحة لترك فدو باطل‪ ،‬فالقدرة غير صالحة إلا للوجود‪ ...‬إلى نن قال‪\" :‬وعند دصول المرجح من هلل تعالى يجب‬ ‫وقوع الفعل‪ ،‬فثبت نن قول ‪( :‬ربنا وا ْجع ْلنا مم ْسِلم ْي ِن لك) هو الذي يصح على قوانين الدلائل العقلية\" (‪.)1‬‬ ‫وفي مسألة القضاء والقدر‪ ،‬يرى ال مبوطي‪ :‬نن قضاء هلل عز وجل علم نزلي بكل ما سيجري في المستقبل‪،‬‬ ‫فدو وقوع الأشياء وجريانها طبق ًا لعلم هلل الأزلي بها‪ ،‬فإذا وقعت ولن تقع إلا مطابقة لعلم هلل‪ ،‬فذلك هو القدر(‪. )2‬‬ ‫‪ -4‬القدرة‪ :‬صفة نزلية قائمة بذات تعالى‪ ،‬يتأتى بها إيجاد كل ممكن وإعدام وتكييف ‪ ،‬وهي‪ -‬كما يرى‬ ‫ال مبوطي‪ -‬صفة متعلقة بالصلودية نيض ًا‪ ،‬بقطع النظر عن التنفيذ‪ ،‬وإذا رنيت تعلقدا بالإدياء والإمات ‪ ،‬والإيجاد‬ ‫والإعدام‪\" ،‬التكييف الفعلي\" فتلك هي القدرة الإلاهية في تعلقدا بالتنجيز(‪.)3‬‬ ‫‪ -3‬السمع‪ :‬وهي صفة نزلية قائمة بذات تعالى‪ ،‬تتعلق بالمسموعات‪ ،‬وادراكدا إدراكًا تاما‪ ،‬لا عن طريق‬ ‫التخيل والتوهم‪ ،‬وليس بطريقة التأثربالحاسة والدواء (‪.)4‬‬ ‫‪ -5‬البصر‪ :‬وهي صفة نزلية قائمة بذات تعالى‪ ،‬تتعلق بالمبصرات‪ ،‬وإدراكدا لدا إدراكًا تاما‪ ،‬ليس بطريق‬ ‫التخيل نو وصول شعاع(‪. )5‬‬ ‫وفي شرد وتفصيل لدذ الصفتين‪ ،‬يتفق ال مبوطي‪ ،‬نو يقارب مع ما هو معروف عند السلفيين‪ ،‬ديث‬ ‫يقول‪ \" :‬بأن هذ الصفتين إنما عرفت من الأدلة النقلية من الكتاب والسنة والتي لا يمكن ردها نو تأويلدا (‪. )6‬‬ ‫‪‌-1‬تفسير‌الرازي‪‌،‬ج‪3‬ص‪.611‬‬‫‪‌-2‬محمد‌سعيد‌رمضان‌ال ُبوطي‪‌،‬الحكم‌العطائية‪‌،‬دار‌الفكر‌المعاصر‪‌،‬المطبعة‌العلمية‪‌،‬دمشق‪‌،‬طبعة‌الإعادة‪3111‌،‬م‪‌،‬‬ ‫ج‪3‬ص‪‌.63‬‬ ‫‪‌-3‬ال ُبوطي‪‌،‬كبرى‌اليقينيات‌الكونية‪‌،‬ص‪‌.333‬‬ ‫‪‌-4‬المرجع‌السابق‪‌،‬ص‪.333‬‬ ‫‪‌-4‬سورة‌النساء‌الآية‌‪.361‬‬ ‫‪‌-5‬كبرى‌اليقينيات‌الكونية‪‌،‬ص‪.331‬‬‫‪‌-6‬المرجع‌السابق‪‌،‬ص‪‌،331‬وقوله‪‌:‬أو‌تأويلها‪‌،‬يحتمل‌أن‌يكون‌منع‌التأويل‌لهذه‌ال ِّص َفات‪‌،‬إلا‌أن‌يكون‌قد‌أراد‌معنى‌‬‫آخر‌كون‌النصوص‌قاطعة‌الدلالة‌في‌السمع‌والبصر‪‌،‬ولا‌تقبل‌التأويل‌إلى‌ما‌سواهما‪‌،‬ويؤول‌النصوص‌التي‌ذكرت‌فيها‪‌:‬‬ ‫(العين‪‌،‬واليدين‌‪‌،).‌.‌.‌.‬بالرعاية‌والقدرة‌‪‌،.‌.‌.‌.‌.‬والله‌أعلم‪.‬‬ ‫‪255‬‬

‫وسنعرض إلى نقوال ال معثيمين باعتبار علم ًا عن السلفية المعاصرة‪ ،‬وما نشار إلي ال مبوطي في هذ‬ ‫المسائل‪ ،‬في الفصل القادم إن شاء هلل في مقارنة الأقوال بعضدا مع بعض‪ ،‬وتبقى هذ إشارات لبعض ما وافق‬ ‫في مع السلفيين من الآراء التي هي مناط بحثنا هذا‪ ،‬و هلل المستعان ‪.‬‬ ‫‪ -6‬الكلام‪ :‬وهو صفة نزلية قائمة بذات تعالى‪ ،‬هو بها آمرونا ومخبر‪ ،‬معبر عنها بنظم نو بوحي لرسل ‪،‬‬ ‫كالقرآن والتوراة والإنجيل‪ ،‬ودليل قول تعالى‪( :‬وكلم هلل مموس ى تكِليم ًا)(‪.)1‬‬ ‫ويرى ال مبوطي‪ ،‬كما جمدور الأشا ِعرة‪ ،‬نن المعنى الذي هو مدلولات العبارة‪ ،‬اسم الكلام النفس ي‪ ،‬ونن‬ ‫صفة زائدة على صفتي العلم والإرادة‪ ،‬ويذكر نن المعتزلة متفقون مع الجمدور في ثبوت هذا المعنى لله تعالى‪ ،‬ونن‬ ‫صفة قديمة قائمة بذات تعالى‪ ،‬ولكنهم لا يسمونها كلام ًا‪ ،‬ويرجع صدى الخلاف التاريخي في هذ المسألة إلى‬ ‫الخلافات بين ندمد بن دنبل‪ -‬رض ي هلل عن ‪ -‬والفرق الأخرى كالجدمية‪ ،‬والمعتزلة (‪.)2‬‬ ‫ومعنى قول الأشا ِعرة‪\" :‬الكلام النفس ي\" يفسرون بالمعنى اللغوي نول ًا فيقولون‪ :‬هو ما في النفس مما ميعبر‬ ‫عن باللفظ المفيد وذلك كأن يقوم بنفسك معنى \"قام زيد\" نو \"قعد عم ٌرو\" ونحو ذلك‪ ،‬فيسمى ذلك‪ ،‬كلام ًا قال‬ ‫الأخطل‪:‬‬ ‫لا مي ْع ِج ِبنك ِم ْن خ ِطيب مخ ْطب ٌة ** دتى ي مكون مع ا ْلكلاِم ن ِصيلا‬ ‫ِإن ا ْلكلام ل ِفي ا ْل مفؤا ِد وِإنمـا ** مج ِعل اللسا من على ا ْلفؤا ِد دِليلا (‪. )3‬‬ ‫نما في اصطلاح الأشا ِعرة فيفسرون ‪ :‬بأن المنز عن الحروف والأصوات‪ ،‬لا الكلام اللفظي المركب منهما‬ ‫لن دادث يستحيل قيام بذات تعالى (‪.)4‬‬ ‫‪‌-1‬سورة‌النساء‌الآية‌‪.361‬‬‫‪‌-2‬كبرى‌اليقينيات‌الكونية‪‌،‬ص‪‌،339‬وانظر‪‌:‬أحمد‌بن‌إبراهيم‌بن‌عيسى‪‌،‬توضيح‌المقاصد‌وتصحيح‌القواعد‌في‌شرح‌‬ ‫قصيدة‌الإمام‌ابن‌القيم‪‌،‬تحقيق‪‌:‬زهير‌الشاويش‪‌،‬المكتب‌الإسلامي‪‌،‬بيروت‪‌،‬الطبعة‌الثالثة‪‌،3116‌،‬ج‪3‬ص‪.‌396‬‬‫‪‌ -3‬عبدالله ‌بن ‌يوسف ‌بن ‌عبد ‌الله ‌بن ‌يوسف ‌بن ‌أحمد ‌بن ‌عبد ‌الله ‌بن ‌هشام‪‌ ،‬شرح ‌شذور ‌الذهب ‌في ‌معرفة ‌كلام ‌العرب‪‌،‬‬‫تحقيق‪‌ :‬عبد ‌الغني ‌الدقر‪‌ ،‬الشركة ‌المتحدة ‌للتوزيع‪‌ ،‬دمشق‪‌ ،‬الطبعة ‌الأولى‪3951‌ ،‬م‪‌ ،32‌ ،‬وانظر‪‌ :‬أبي ‌عثمان ‌عمرو ‌بن‌‬ ‫بحر‪‌،‬البيان‌والتبيين‪‌،‬تحقيق‪‌:‬المحامي‌فوزي‌عطوي‪‌،‬در‌صعب‪‌،‬بيروت‪‌،‬الطبعة‌الأولى‪3965‌،‬م‪‌،‬ص‪.331‬‬ ‫‪‌-4‬إسماعيل‌حقي‌بن‌مصطفى‌الإستانبولي‌الحنفي‌الخلوتي‪‌،‬تفسير‌روح‌البيان‪‌،‬دار‌إحياء‌التراث‌العربى‪‌،‬ج‪2‬ص‪.‌39‬‬ ‫‪256‬‬

‫ولدذا يذكر ابن عاشور نن الأشا ِعرة يقولون في تكليم هلل عبد ‪ ،‬هو نن يخلق للعبد إدراكًا من جدة‬ ‫السمع‪ ،‬يتحصل ب العلم بكلام هلل دون دروف ولا نصوات‪ ،‬وقد ورد تمثيل بأن موس ى سمع ِم ْثل الرعد عِلم‬ ‫من مدلول الكلام النفس ي (‪.)1‬‬ ‫‪ -1‬الحياة‪ :‬وهي صفة نزلية قائمة بذات سبحان وتعالى‪ ،‬يكون بها ثبوت ال ِصفات السابقة‪ ،‬ودليلدا‬ ‫من النقل قول تعالى‪( :‬الل م لا ِإلـ ِإلا مهو ا ْلح ُّي ا ْلق ُّيو مم لا ت ْأ مخ مذ م ِسن ٌة ولا ن ْو ٌم )(‪. )2‬‬ ‫والدِلي مل العقِلي هو كل ما سبق من صفا ِت القدرة والإرادة والعلم والكلام والسمع والبصر‪ ،‬إذ لا يتصور‬ ‫وجود كل هذ ال ِصفات إلا لمتصف بالحياة (‪.)3‬‬ ‫ويمكن أن نجمل منهجية البوطي من خلال كتابه \" كبرى اليقينيات\" وغيرها بما يلي‪:‬‬ ‫‪ -7‬يستهدد بآي القرآن الكريم ونداديث النبي‪ -‬صلى هلل علي وسلم‪ -‬غير نن لا يعتبر نداديث الآداد‬ ‫من قبيل ما يحتج ب من النصوص في باب العقائد (‪. )5( .)4‬‬ ‫‪ -9‬يعتمد الطريقة العقلية في شرد واستدلالات على مسائل العقيدة المختلفة‪ ،‬ويرى بوجوب توافق‬ ‫العقل مع النقل ‪.‬‬ ‫‪ -4‬يهترط في تحقق الإيمان بضرورة توفر القناعا ِت والتفدم العقلي‪ ،‬الذي تفرض ضرورة الحرية‬ ‫الاختيارية التي تركدا هلل‪ -‬تعالى‪ -‬للشسان ليتحصل على الإيمان المتكامل الذي لا ينبني على التقليد دون إعمال‬ ‫العقل ‪.‬‬ ‫‪‌-1‬التحرير‌والتنوير‪‌،‬ج‪6‬ص‪.‌19‬‬ ‫‪‌-2‬سورة‌البقرة‌الآية‌‪.‌322‬‬ ‫‪‌-3‬كبرى‌اليقينيات‌الكونية‪‌،‬ص‪.‌311‬‬‫‪‌-4‬ال ُبوطي‪‌،‬كبرى‌اليقينيات‌الكونية‪‌،‬على‌سبيل‌المثال‪‌:‬ص‪‌،319‌،61‌،25‌،15‬وانظر‪‌:‬ال ُبوطي‪‌،‬هكذا‌فلندع‌للإسلام‪‌،‬‬‫مؤسسة‌الرسالة‪‌،‬ص‪‌،19‬ص‪‌،15‬ص‪‌،21‬وغيرها‪‌،‬فال ُبوطي‌يعتمد‌أكثر‌ما‌يعتمد‌على‌تحليلاته‌الخاصة‌واستنباطاته‪‌،‬‬ ‫ولا‌يكترث‌كثيراً‌بسند‌الآثار‌والاستشهادات‌‪.‬‬‫‪‌-5‬لا‌يهتم‌ال ُبوطي‌كثيراً‌بتخريج‌الأحاديث‌والآثار‪‌،‬وفي‌بعض‌كتبه‌يستشهد‌بأحاديث‌ذكرت‌في‌كتب‌العلم‌الأخرى‪‌،‬دون‌‬‫أن ‌يراجعها ‌في ‌كتب ‌الآثار ‌والسنن ‌ويعزوها ‌إلأى ‌درجات ‌الصحة ‌والضعف ‌وغيرها‪‌ ،‬انظر‪‌ :‬الألباني‪‌ ،‬دفاع ‌عن ‌الحديث‌‬ ‫النبوي‪‌،‬مكتبة‌الخافقين‪3199‌،‬هـ‪‌،‬ص‪‌.‌319‬‬ ‫‪257‬‬

‫‪ -3‬ينتهج منهج الغزالي‪ ،‬والرازي في نظرت للتصوف‪ ،‬ويركز نول ما يركز على مفدوم التز ُّهد والصفاء‪،‬‬ ‫والتزكية‪ ،‬ويحاول نن ينأى بنفس عن متعلقات التص ُّوف البدعي ‪.‬‬‫‪ -5‬يتوقف في تكفير مخالفي تخصيص ًا‪ ،‬غير نن لا يتواشى عن تكفير من يأتون بمخالفات عقدية من‬ ‫وجدة نظر ‪ ،‬وإن كان هذا لا يتم على سبيل التخصيص‪ ،‬بل بهكل عام ‪.‬‬‫‪ -6‬يستهدد ال مبوطي ببعض الآثار الواردة عن بعض السلف‪ ،‬دون نن يهير إلى المصدر والمرجع الذي‬ ‫نقل من (‪..)1‬‬‫‪ -1‬لا يرى درج ًا في الاستهداد بكلام المفكرين الغربيين إذا لم يتعارض مع قواعد الاستدلال والعر ِض‬ ‫السليم‪ ،‬المنسجم مع الأدلة النقلية ‪.‬‬‫ومن هنا بدا واضح ًا موافقة ال معثيمين للمذهب السلفي واختيارات ابن ت ْي ِمية بهكل خاص‪ ،‬وكذا ال مبوطي‬‫موافقت للمذهب الأ ْشع ِري‪ ،‬بنزعت الكلامية على طريقة الرازي ومن وافق ‪ ،‬ورنينا كيف كان لدما اختياراتهما‪،‬‬‫وآراؤهما التي نثرت في كلا المدرستين (السلفية‪ ،‬والأ ْشع ِرية)‪ ،‬وعرفنا كيف كان ك ُّل وادد منهما منظِـ ًرا ومقعِـد ًا في‬ ‫مدرست دتى صاركل منهما نستاذ ًا في مدرست ‪.‬‬‫وِل مر مسوخ مك ِل وادد منهما في العلم؛ ولمتابعت للدليل النقلي وتقديم على الدليل العقلي كما هو دال‬‫ال معثيمين‪ ،‬جعل منهجيت تروج عند كثير من السلفيين الذين نقروا ل بالرسوخ في العلم‪ ،‬ولنزوع إلى الأدلة‬‫العقلية وإقرار واضح ومت ِزن بمتابعتها للأدلة النقلية قطعية الثبوت بحسب ما يقول ب الأشا ِعرة كما هي دال‬ ‫ال مبوطي‪ ،‬جعل الأشا ِعرة في عصرنا يق ِرون ل بالبسطة في العلم‪ ،‬ويتابعون في المنهج‪ ،‬ويعجبون بعرض‬‫واستدلالات ‪ ،‬وفي الفصل القادم سنقارن نقوال وما ذهب إلي من آراء مع ال معثيمين ومنهج في العقيدة‪ ،‬وهذا ما‬ ‫سنحاول عرض ‪ ،‬وسبرنغوار في مطالب عدة من المبادث في الفصل التالي‪:‬‬ ‫‪‌-1‬انظر‪‌:‬ال ُبوطي‪‌،‬ال َّسلفية‌فترو‌زمنية‪‌،‬ص‪.‌21‬‬ ‫‪258‬‬

‫الفصل الخامس‬‫المقارنة النقدية‬ ‫‪259‬‬

‫الفصل الخامس‬ ‫المقارنة النقدية‬‫اتبعنا في الفصول السابقة من هذ الدراسة منهجية واددة منتظمة‪ ،‬تعتمد على المقارنة بحيث‬‫قمنا بسرد نقوال نهل العلم من السلفيين والأشا ِعرة قديم ًا ودديث ًا‪ ،‬وفق الخطة الثابتة للوصول إلى نتائج‬‫صحيحة‪ ،‬مراعين في هذا الخصوص نساسيات المنهج المقارن‪ ،‬كون المنهج الذي اخترنا في هذا البحث‪ ،‬ولم‬‫نهمل الإشارة إلى بعض ما يرا نتباع المذهبين السلفي والأ ْشع ِري من نقاط اختلاف نو اتفاق مع غير ‪ ،‬بذكر‬‫نهم النقاط التي تتبين من خلال سرد هذ الأقوال‪ ،‬ومقابلة بعضدا ببعض‪ ،‬باعتبارها سمة بارزة في منهجية‬‫كل طرف‪ ،‬بالضوابط التي اعتمدناها في كل فصل من كون الرازي وابن ت ْي ِمية‪ ،‬علامة على المتقدين من‬‫المذهبين‪ ،‬وال مبوطي وال معثيمين‪ ،‬علامة على المتأخرين منهما‪ ،‬ولن هذا الفصل من نهم فصول هذا البحث‪،‬‬‫فسيكون التفصيل في نكثر من الفصول التي سبقت ‪ ،‬وسنذكر في المسائل والقضايا التي سبقت الإشارة‬‫إليها‪ ،‬والتي تناولدا كل من الهيخين‪ ،‬بمزيد من التحليل والتأمل‪ ،‬ومقارنة الأقوال بعضدا ببعض‪ ،‬مع نقد‬‫وتمحيص كل قول بعرض على نقوال العلماء والبادثين من كلا المذهبين‪ ،‬وما يقتضي التفسير الصحيح‬‫للأدلة والنُّـصوص التي يستند إليها كل فريق‪ ،‬ولتكون دراستنا علمية تتحرى نوع ًا من الموضوعية‪ ،‬فإننا‬ ‫سنعمل على إخضاعدا لقواعد المقارنة والنقد المعتبرة في المنهج المقارن عند العلماء في هذا العصر‪.‬‬‫ونخال نن هذا اللبس سيزول‪ ،‬بمقابلة هذ الأقوال ومقارنة بعضدا ببعض‪ ،‬وفق المنهج الذي‬‫وضحنا ‪ ،‬مع عرض هذ الأقوال والمفاهيم على الكتاب والسنة‪ ،‬ونقوال نهل العلم المعتبرين‪ ،‬ديث يختلف‬‫السلف ُّيون مع الأشا ِعرة في عدة مسائل في العقيدة كما عرفنا‪ ،‬ويرجع بعضدا إلى اختلاف لفظي‪ ،‬وبعضدا لفدم‬‫الدليل‪ ،‬وبعضدا في دكم الحجية ببعض الأدلة من عدمدا‪ ،‬ومن نكثر المسائل جدال ًا بين الفريقين‪ ،‬مسألة‬ ‫الأسماء وال ِصفات فقد كثر الجدال والنقاش فيها بين الفريقين‪ ،‬لذلك اخترنا نن نجعلدا معيا ًرا ومثال ًا شعرف ب‬ ‫‪260‬‬

‫نسباب الخلاف وبواعث ‪ ،‬ومواطن الاختلاف والاتفاق‪ ،‬وإمكانية التقريب بين المذهبين‪ ،‬وباعتبار نن باقي‬ ‫المبادث تتفرع عنها‪ ،‬فقد جعلناها نصل ًا وعلام ًة على اعتقاد كل من الفريقين في مسائل العقيدة المختلفة‪ ،‬مع‬ ‫الإشارة إلى بعض المسائل الأخرى التي كانت ولا تزال محط جدال بين الفريقين‪ ،‬مبتدئ ًا بالحديث عن منهج‬ ‫الهيخين (ال معثيمين وال مبوطي) واختياراتهما في هذ المسائل بضوابط المنهج المقارن‪ ،‬ومدى موافقت كل وادد‬ ‫منهما لقواعد مذهب وما يدعو إلي ‪:‬‬ ‫المبحث الأول‪ :‬وقفات مع ال ُعثيمين وأقواله في مسائل العقيدة‪:‬‬ ‫لقد مثل ال معثيمين وتد ًا وصرد ًا قوي ًا للمنهج السلفي في العصر الحديث‪ ،‬وإن المتتبع لقوال وكتب‬ ‫ودروس ‪ ،‬يلادظ نن ‪ -‬ردم هلل‪ -‬رسم معالم الخط الوسط في المدرسة السلفية المعاصرة‪ ،‬لذلك كان محط‬ ‫إجماع من السلفيين‪ ،‬وقبول واسع من المدارس والمناهج الإسلامية الأخرى‪ ،‬دتى ممن يخالف الرني‪ ،‬ولعل خير‬ ‫شاهد على وسطية ال معثيمين وم ْيل للخصومة الهرعية‪ -‬إذا صح التعبير وليس خصومة الغلاة من السلفيين‪-‬‬ ‫نن لم يكن مق ِذع ًا مع خصوم ولا شتام ًا لدم‪ ،‬ولا ممبالغ ًا في الإسقاط والإزراء بهم‪ ،‬بل اقتصرت خصومت‬ ‫على تبيين الحق‪ ،‬وتقديم النـصيحة لعموم الأمـة‪ ،‬ديث نجد يتحاشا الوقيعة بمن يخالف الرني من علماء‬ ‫المناهج الإسلامية الأخرى (‪. )1‬‬ ‫مقدمة في منهجية العثيمين في العقيدة‪:‬‬ ‫مثل ال معثيمين وسطية المنهج السلفي في بيان للعقيدة‪ ،‬إلا نن كان ل خصوم من الأشا ِعرة وغيرهم‪،‬‬ ‫وخاص ًة في المنهج العقدي الذي كان ال معثيمين دريص ًا علي ‪ ،‬ونوضح بكل عناية في كتب ومؤلفات ‪ ،‬ومن‬ ‫الذين انتقدو وتعقبوا علي ‪ :‬ههام البدراشي تعليق ًا على بعض ما نورد ال معثيمين في مسائل العقيدة‪ ،‬ديث‬ ‫تكلم بكلام عمد في إلى اسقاط ما قال ال معثيمين في شرح العقيدة الواسطية‪ ،‬وادعى في نن ال معثيمين ابتدع‬‫‪‌ -1‬لقد ‌كان ‌للشيخ ‌ال ُعثيمين ‌قواعد ‌ينتهجها ‌في ‌آداب ‌الخلاف‪‌ ،‬بحيث ‌كان ‌مراعياً ‌لعدة ‌آداب ‌منها‪‌ :‬اتساع ‌الصدر‌‬‫للمخالف‪‌-‬تبيين‌الحق‌له‌بكل‌أمانة‌وصدق‪‌-‬مقابلة‌خطأ‌المخالف‌بالاعتذار‌له‪‌-‬أن‌يعتقد‌أن‌قوله‌ليس‌بملزم‌للمخالف‪‌-‬‬‫لا‌ينبغي‌أن‌يعنف‌على‌المخالف‌في‌المسائل‌الاجتهادية‪‌-‬انظر‪‌:‬عبد‌العزيز‌بن‌محمد‌بن‌إبراهيم‌العويد‪‌،‬منهج‌الشيخ‌‬ ‫ال ُعثيمين‌في‌الخلاف‪‌،‬ندوة‌مجهودات‌الشيخ‌ال ُعثيمين‌العلمية‪‌،‬ص‪.‌3919‬‬ ‫‪261‬‬

‫غرائب وعجائب يحار فيها النبي ‪ ،‬وزعم ننها لا تستحق الرد‪ ،‬فدو كلام غير معتبر(‪ ،)1‬ثم تابع البدراشي نيض ًا في‬ ‫كتاب هذا ودرم في شرح نسماء هلل وصفات ‪ ،‬نو التعليق عليها(‪ ،)2‬ثم تكلم فيما هو نبعد من ذلك بتكفير من‬ ‫يثبت لله الوج واليد والعين والرجل والإصبع (‪.)3‬‬ ‫وعلى الرغم مما ذكر البدراشي‪ ،‬وما قد يهير إلي غير محاول ًا التهويش على ال معثيمين وعلم ‪ ،‬ولكن‬ ‫ذلك لن يقِلل من قدر ‪ ،‬نو يمحو الحقيقة بأن كتب وعلوم صار لدما انتها ٌر واسع وتقبل كبير عند كثر من‬ ‫الدارسين والمدتمين‪ ،‬بل ودتى العامة من المسلمين‪ ،‬وقد كانت واضح ًة عند ال معثيمين النزعة السلفية‪ ،‬وميول‬ ‫بهكل خاص إلى اختيارات ابن ت ْي ِمية‪ ،‬وإن كان يختلف عن نديان ًا بأسلوب وعرض ‪ ،‬وطريقة استنباط‬ ‫وتحليلات ‪ ،‬كون ال معثيمين يمتاز بسدولة الأسلوب‪ ،‬واختصار العبارات‪ ،‬وكذلك النأي عن الاستهدادات‬ ‫المعقدة‪ ،‬والتفسيرات المسدبة‪ ،‬بحيث امتاز نسلوب بالاختصار‪ ،‬والإفصاح عن منجد بهكل مباشر‪،‬‬ ‫وبالمقارنة مع غير ‪ ،‬كابن ت ْي ِمية من السلفيين الأوائل‪ ،‬والألباشي وابن باز من مدرسة السلفيين المعاصرين‪ ،‬فقد‬ ‫جمع بين مدرسة الفقداء‪ ،‬ومدرسة المحدثين (‪.)4‬‬ ‫ولعل جدود ال معثيمين في إرساء دعائم المنهج السلفي المعاصر الوسطي‪ ،‬الذي يقض ي بالرجوع إلى‬ ‫الأصول‪ ،‬ودعوة المخالفين بال محسنى وتبيين الح ِق وتوضيح بال محجة القاطعة‪ ،‬والدليل الذي لا لبس في ‪ ،‬بل‬ ‫لقد نقل عن النصيحة لغير من العلماء السلفيين بعدم الهجوم على خصومدم بهكل لاذع‪ ،‬وإسقاطدم نمام‬ ‫العامة لما في ذلك من الإطادة بمكانة العلماء وهيبتهم عند الكافة‪ ،‬وما يترتب على ذلك من مفاسد عظيمة‬ ‫تؤدي إلى الاستخفاف بالدين ومكانة العلماء‪ ،‬ومن نمثلة ذلك؛ النصيحة التي قدمدا ال معثيمين في إشارة مبطنة‬ ‫للعلامة الألباشي‪ -‬ردم هلل‪ -‬الذي معرف بجرنت ‪ -‬وعلى طريقة علماء الجرح والتعديل‪ -‬في تضليل وإسقاط‬ ‫مخالفي من الأشا ِعرة وغيرهم (‪ ،)5‬وقد كانت ل مع ال مبوطي ردو ٌد عدة‪ ،‬منها كتاب ‪\" :‬دفاع عن الحديث النبوي‬‫‪‌-1‬هشام‌البدراني‪‌،‬الحكم‌الشرعي‌في‌بحث‌أسماء‌الله‌وصفاته‪‌،‬مكتبة‌التراث‪3139‌،‬هـ‪‌،‬ص‪‌،2‬ص‪‌،391‬ص‪‌،391‬‬ ‫وانظر‪‌:‬كاملة‌الكوراني‪‌،‬المجلى‌شرح‌القواعد‌المثلى‪‌،‬ص‪‌.39‬‬ ‫‪‌-2‬هشام‌البدران‪‌،‬الحكم‌الشرعي‌في‌بحث‌أسماء‌الله‌الحسنى‪‌،‬ص‪.395‬‬ ‫‪‌-3‬المرجع‌السابق‪‌،‬ص‪.391-391‬‬‫‪‌ -4‬سليمان ‌الضحيان‪‌ ،‬السمات ‌المنهجية ‌في ‌الخطاب ‌الفقهي ‌لابن ‌عثيمين‪‌ ،‬ندوة ‌مجهودات ‌الشيخ ‌ال ُعثيمين ‌العلمية‪‌،‬‬ ‫ص‪.‌3591‬‬‫‪‌-5‬انظر‪‌:‬عبد‌الحكيم‌اللوز‪‌،‬الحركات‌ال َّسلفية‌في‌المغرب‪‌،‬ص‪339‬أقول‪‌:‬هذا‌الكلام‌فيه‌تج ٍّن‌على‌الشيخ‌الألباني‪‌-‬‬‫رحمه ‌الله‪‌ ،-‬فلئن ‌وصفه ‌البعض ‌بالجرءة ‌فإنما ‌كانت ‌في ‌الحق‪‌ ،‬أما ‌وصفه ‌بهذا‌الوصف ‌الذي‌يوهم ‌وكأ َّنه ‌إنما ‌أراد‌‬‫التشفي‌من‌مخالفيه‌فهذا‌مالا‌نوافق‌عليه‪‌،‬خاص ًة‌إذا‌علمنا‌أن‌الألباني‌بنفسه‌قد‌ذكر‌هذا‌في‌كتابه‌للرد‌على‌ال ُبوطي‪‌،‬‬‫المسمى‪\"‌:‬دفاع‌عن‌الحديث‌النبوي‌في‌الرد‌على‌جهالات‌ال ُبوطي\"‌وهو‌يسميه‌في‌كتابه‌هذا‌بقوله‪‌\"‌:‬الأستاذ‌الفاضل‌‬‫الدكتور‌محمد‌سعيد‌رمضان‌ال ُبوطي‌‪‌\".‌.‌.‌.‬انظر‌ص‌ب‪‌،‬من‌مقدمة‌الكتاب‪‌:‬دفاع‌عن‌الحديث‌النبوي‌‪‌.‌.‬ل لباني‪‌،‬‬ ‫‪262‬‬

‫والسيرة\"(‪ ،)1‬نما ال معثيمين فكان يح ِذر من الخوض في مسائل الجرح والتعديل من غير علم‪ ،‬والاشتغال بها من‬ ‫دون تث ِبت مبغية التهويش على العامة وغيرهم‪ ،‬قال ال معثيمين‪\":‬ملء القلوب على العلماء يحدث التقليل من‬ ‫شأنهم‪ ،‬وبالتالي التقليل من الهريعة التي يحملونها‪ ،‬فإ ْن تكلم العلماء لم يثق الناس بكلامدم\"(‪. )2‬‬ ‫وعندما سئل الألباشي‪ -‬ردم هلل‪ -‬ما دكم س ِب العلماء نديا ًء ونموات ًا ؟ فقال مجيب ًا\" لا يجوز سب‬ ‫المسلمين بعد موتهم لنهم قد نفضىوا إلى ما قدموا‪ ،‬فلا يجوز س ُّب ولو كان مطعون ًا في إسلام ‪ ،‬معِلل ًا ذلك‬ ‫بقول ‪ \" :‬ليس هنالك فائدة من هذا الطعن بعدا نن انتقل إلى دكم هلل عز وجل‪ -‬منبه ًا على نن التخطئة في‬ ‫المنهج لا تعتبر سبا(‪ ،)3‬وكان بين الألباشي وال مبوطي مساجلا ٌت ومقالا ٌت وردو ٌد‪ ،‬نتجنب الخوض فيها خوف ًا من‬ ‫الإطالة‪.‬‬ ‫المطلب الأول‪ :‬قول العثيمين في مسألة الاسم عين المسمى‪:‬‬ ‫يرى ال معثيمين نن الاسم ل ننواع ثلاثة في الدلالة على الاسم‪:‬‬‫وكون‌الألباني‌وصف‌كلام‌ال ُبوطي‌بالجهالات‪‌،‬فقد‌عتب‌بعض‌الأشاعرة‌على‌الألباني‌وصف‌خصومه‌بالجهل‌وقلة‌‬‫العلم‪‌،‬وجرت‌بعض‌هذه‌الأوصاف‌على‌ألسنة‌بعض‌المحدثين‪‌،‬والمقصود‌الزجر‌والتهويل‌وليس‌الذ ُّم‌في‌ح ِّد‌ذاته‪‌،‬‬‫وعزاه ‌بعضهم ‌إلى ‌حدة ‌الألباني ‌وشدته ‌على ‌المخالفين ‌من ‌وجهة ‌نظره‪‌ ،‬وقد ‌اعتاد ‌أرباب ‌الجرح ‌والتعديل ‌مثل ‌هذه‌‬‫الألفاظ‪‌،‬التي‌يتحرز‌عنها‌بعض‌ال َّسلفيين‌مثل‌ابن‌باز‪‌،‬وال ُعثيمين‌وغيرهما‪‌،‬وواصل‌الألباني‌حديثه‌في‌هذا‌الباب‪‌،‬‬‫حيث‌قال‌الألباني‪‌.‌.‌.‌:‬وذلك‌قليل‌من‌كثير‌من‌ترهات‌ال ُبوطي‌الذي‌أشفق‌عليه‌البعض‌أن‌قسو‌نا‌عليه‌أحياناً‌في‌‬‫الرد‪‌ ،‬ولعلهم ‌قد ‌تبين ‌لهم ‌أنا ‌كنا ‌معذورين ‌في ‌ذلك ‌‪‌ .‌ .‌ .‌ .‬انظر‪‌ :‬الألباني‪‌ ،‬دفاع ‌عن ‌الحديث ‌النبوي ‌في ‌الرد ‌على‌‬ ‫جهالات‌ال ُبوطي‌في‌كتابه‌فقه‌السيرة‪‌،‬مكتبة‌الخافقين‪3199‌،‬هـ‪‌،‬ص‪.319‬‬‫‪-1‬الكتاب‌اسمه‪\"‌:‬دفاع‌عن‌الحديث‌النبوي‌والسيرة‪‌،‬في‌الرد‌على‌جهالات‌ال ُبوطي‌في‌فقه‌السيرة\"‪‌،‬وهو‌كتاب‌ألفه‌‬‫الألباني‌ر َّدا‌على‌ال ُبوطي‌في‌كتابه‌فقه‌السيرة‪‌،‬في‌مسائل‌مشيراُ‌فيها‌الألباني‌بقوله‌في‌المقدمة‪‌‌:‬بحوث‌علمية‌حديثة‌‬‫في‌نقد‌كتاب‌ال ُبوطي\"فقه‌السيرة\"‌وهذه‌المسائل‌التي‌ذكرها‌الألباني‌تتعلق‌إما‌بالقول‌في‌صحة‌بعض‌الأحاديث‌التي‌‬‫استشهد‌بها‌ال ُبوطي‌في‌كتابه‌فقه‌السيرة‌وقال‌في‌آخره‌مقدما‌النصيحة‌له‌ومتشددا‌بشكل‌واضح‌تماماً‌بقوله‪\"‌:‬راجيا‌‬‫أن ‌لا ‌أضطر ‌مرة ‌أخرى ‌إلى ‌إضاعة ‌الوقت ‌في ‌الرد ‌على ‌جهالاته ‌وافتراءاته ‌‪‌ .‌ .‌ .‌ .‬ويختم ‌الألباني ‌بقوله‪\"‌ :‬سائلا‌‬‫المولى‌سبحا َنه‌وتعالى‌أن‌يصلح‌أعمالنا‌ويخلص‌نوايانا‌ويجمع‌بين‌قلوبنا‌انظر‪‌:‬الصفاحات‌المقدمة‪‌،‬والصفحات‌من‌‬‫‪‌ ،11‌ -3‬والخاتمة ‌وهي ‌الصفحات ‌بعد ‌‪‌ ،311‬والكتاب ‌من ‌أكثر ‌من ‌مئة ‌صفحة‪‌ \".‌ .‌ ،‬انظر‪‌ :‬محمد ‌ناصر ‌الدين‌‬‫الألباني‪‌،‬دفاع‌عن‌الحديث‌النبوي‌والسيرة‌في‌الرد‌على‌جهالات‌ال ُبوطي‌في‌فقه‌السيرة\"‪‌،‬مؤسسة‌الخافقين‪‌،‬دمشق‪‌،‬‬ ‫‪3199‬هـ‪‌،‬ص‪.‌11‌-13‬‬‫‪‌-2‬ابن‌حميد‌الحلبي‌الأثري‪‌،‬إنها‌سلفية‌العقيدة‌والمنهج‪‌:‬وقفات‌علمية‌مع‌مقالات‌عبد‌العزيز‌العسكر‌التي‌ر َّد‌فيها‌‬‫على‌الع َّلامة‌الإمام‌محمد‌ناصر‌الدين‌الألباني‪‌،‬المكتبة‌الوقفية‪‌،‬ص‪‌،63‬وقد‌أشار‌ال ُعثيمين‌إلى‌هذا‌المعنى‌في‌كتبه‌‬‫ومؤلفاته‌حيث‌قال‪\"‌:‬والتقليل‌من‌شأن‌العلماء‌الراسخين‌في‌العلم‌المعروفين‌بالإيمان‌والعلم‌الراسخ‌جناية‪‌،‬ليس‌على‌‬‫هؤلاء‌العلماء‌بأشخاصهم‪‌،‬بل ‌على‌ما‌يحملونه‌من‌شريعة‌الله‌تعالى‌أي ًضا‪‌،‬ومن‌المعلوم‌أ َّنه‌إذا‌قلَّت‌هيبة‌العلماء‪‌،‬‬‫وقلت‌قيمتهم‌في‌المجتمع‌فسوف‌يقل‌بالتبع‌الأخذ‌عنهم‪‌،‬وحينئذ‌تضيع‌الشريعة‌التي‌يحملونها‌أو‌بعضها‪‌،‬ويكون‌في‌‬‫هذا‌جناية‌عظيمة‌على‌الإسلام‌وعلى‌المسلمين‌أي ًضا\"‌وعلى‌هذا‌يمكن‌القول‌أ َّنه‪‌:‬يجوز‌الحديث‌عن‌اخطاء‌الشخص‌‬‫دون ‌التعريض ‌به‪‌،‬ونحذر ‌من ‌بدعه‌وزلاته ‌وهفواته‌دون‌الوقوع ‌في‌عرضه‪‌،‬والله ‌اعطانا‌فسحة ‌في ‌النصيحة ‌ولم‌‬ ‫يعطينا‌الاذن‌في‌الغيبة‌والنميمةانظر‪‌:‬ال ُعثيمين‪‌،‬مجموع‌فتاوى‌ورسائل‌ال ُعثيمين‪‌،‬ج‪36‬ص‪.395‬‬‫‪‌ -‌ 3‬الألباني‪‌ ،‬تسجيل ‌صوتي‪‌ ،‬انظر‪‌ :‬برنامج ‌أهل ‌الحديث ‌والأثر ‌لفهرسة ‌الأشرطة‪‌ ،‬الشيخ ‌محمد ‌ناصر ‌الألباني‪‌،‬‬‫السؤال‌الدلالي‪‌:‬ما‌حكم‌الإسلام‌في‌سب‌العلماء‌أحيا ًء‌‌وأمواتا‌ً؟‌البحث‌الأكتروني‌النتيجة‌(‪‌)3‬انظر‌الإصدار‌لشبكة‌‬ ‫العلوم‌ال َّسلفية‪3133/9/33‌:‬م‌‪.‬‬ ‫‪263‬‬

‫الأول‪ -‬دلالة المطابقة وهي‪ :‬دلالة اللفظ على جميع مدلول ‪ ،‬وعلى هذا‪ ،‬فكل اسم دال على المسمى‬ ‫ب ‪ ،‬وهو هلل‪ ،‬وعلى الصفة المهتق منها هذا الاسم (‪.)1‬‬‫الثاني‪ -‬دلالة التضمن وتعني‪ :‬دلالة اللفظ على بعض مدلول ‪ ،‬وعلى هذا‪ ،‬فدلالة الاسم على الذات‬ ‫وددها نو على الصفة وددها تعني دلالة بالتضمن (‪. )2‬‬‫الثالث‪ -‬دلالة الالتزام وتكون بــ‪ :‬الدلالت على ش يء يفدم لا من لفظ الاسم لكن من لازم ولدذا‬ ‫سمينا ‪ :‬دلالة الالتزام (‪ ،)3‬مثل كلمة الخالق‪ :‬اسم يدل على ذات هلل ويدل على صفة الخلق ‪.‬‬‫ويرجع كل هذ المعاشي إلى دلالة المطابقة‪ ،‬والتضمن‪ ،‬والالتزام‪ ،‬من خلال اسم الخالق مثل ًا‪،‬‬‫فالخالق يدل دلالة مطابقة‪ ،‬كون يهمل وصف هلل‪ -‬تعالى‪ -‬بأن الخالق‪ ،‬وكذلك يدل على نن هناك خلق ًا‪،‬‬‫فدلالت على كلا الأمرين دلالة مطابقة‪ ،‬نما لو نظرنا إلى اعتبار مدلول على الخلق ودد ‪ ،‬نو الخالق ودد ‪،‬‬ ‫فهي دلالة تضمن‪ ،‬وكون لا يكون خلق من دون قدرة‪ ،‬وإرادة‪ ،‬وعلم‪ ،‬فدذ دلالة التزام (‪. )4‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬رأي الأ َشاعرة في مسألة الاسم عين المسمى أو غيره‪:‬‬‫مر علينا رني الرازي وغير من الأشا ِعرة القدامى في مسألة الاسم عين المسمى نو غير ‪ ،‬وقد جمع‬‫الرازي نقوالدم وفصل فيها‪ ،‬ولكن مع هذا خالف جمدور الأشا ِعرة فقال‪\" :‬والمختار عندنا نن الاسم غير المسمى‬ ‫وغير التسمية\" (‪.)5‬‬‫وقد ذكر الرازي نن هذا هو الرني المقدم عند الأشا ِعرة‪ ،‬وبهذا يخالف الرازي القاض ي الباقلاشي‬‫وعموم الأشا ِعرة الذين قالوا بأن الاسم هو المسمى بعين وذات ‪ ،‬والتسمية الدالة علي تسمى اسم ًا على سبيل‬‫المجاز(‪.)6‬وبهذا نفدم نن ال مبوطي خالف الرازي فيما ذهب إلي ‪ ،‬وانحاز إلى رني الباقلاشي في مدلول الاسم‪ ،‬وهو‬‫القول المقدم عند جمدور الأشا ِعرة‪ ،‬ويختلف بعضدم مع بحيث يتفقوا نو يتقاربوا مع السلفيين كما عرفنا‬‫من قول ال معثيمين في الاسم ومدلول ‪ ،‬في تفصيلدم لدذا المعنى‪ ،‬كما ذكر ذلك الإيجي في المواقف‪ ،‬ديث قال‪:‬‬ ‫‪‌-1‬ال ُعثيمين‪‌،‬شرح‌العقيدة‌الواسطية‪‌،‬ص‪.311‬‬ ‫‪‌-2‬المرجع‌السابق‪‌،‬ص‪.311‬‬ ‫‪‌-3‬ال ُعثيمين‪‌،‬شرح‌العقيدة‌الواسطية‪‌،‬ص‪‌.311‬‬ ‫‪‌-4‬ال ُعثيمين‪‌،‬مجموع‌فتاوى‌ومسائل‪‌،‬ج‪5‬ص‪‌،99‬وانظر‪‌:‬شرح‌العقيدة‌الواسطية‌للعثيمين‪‌،‬ص‪.‌312‬‬ ‫‪‌-5‬الفخر‌الرازي‪‌،‬التفسير‌الكبير‪‌،‬ج‪3‬ص‪.99‬‬ ‫‪‌-6‬الباق َّلاني‪‌،‬الإنصاف‪‌،‬ص‪.39‬‬ ‫‪264‬‬

‫\"فقولك هلل‪ ،‬قول دال على اسم هو المسمى‪ ،‬وكذا قولك عالم وخالق؛ فإن يدل على الرب الموصوف بكون‬ ‫عالما وخالقا\"(‪. )1‬‬‫وبنا ًء علي يتضح نن الأشا ِعرة لم يتفقوا في تعريفدم للاسم عين المسمى نو غير ‪ ،‬وقد ذكر شيخ‬‫الإسلام ابن ت ْي ِمية‪ -‬ردم هلل‪ -‬نن هذا الخلاف ظدربعد عصرالأئمة‪ ،‬ندمد بن دنبل وغير ‪ ،‬وقد وقع الخلاف‬‫بين الأشا ِعرة بعضدم في بعض‪ ،‬وكذلك غيرهم من نرباب المناهج الأخرى‪ ،‬فكانت لدم آراء تتقارب نديان ًا‪،‬‬ ‫وتتفاوت نخرى‪ ،‬وذكرنيض ًا نن الخلاف قد وقع على خمسة مذاهب وهي‪:‬‬‫‪ -7‬الاسم عين المسمى‪ ،‬وهو‪ :‬رني نكثر المنتسبين إلى نهل السنة والجماعة ومنهم نبو القاسم‬‫الطبري‪ ،‬واللالكائي‪ ،‬ونبي محمد البغوي صادب شرح السنة‪ ،‬وغيرهم‪ ،‬وهو ندد قولي نصحاب نبي الحسن‬ ‫الأ ْشع ِري مما نختار نبو بكربن فورك وغير (‪.)2‬‬‫‪ -9‬الاسم غير المسمى‪ ،‬وهو‪ :‬رني الجدمية‪ ،‬ورنى المعتزلة‪ ،‬وتابعدما في ذلك جماعة من الأشا ِعرة‬‫كالغزالي‪ ،‬والرازي وغيرهما‪ ،‬وقد نشار الرازي إلى هذا بقول ‪\" :‬واختيار الغزالي‪ ...‬نن الاسم والمسمى والتسمية‬ ‫نمور ثلاثة متباينة‪ ،‬وهو الحق عندي‪ ،‬لن نسماء هلل كثيرة‪ ،‬فالاسم غيرالمسمى\" (‪.)3‬‬‫‪ -4‬التوقف وعدم الخوض في برني‪ ،‬ونصحاب هذا الرني جماعة من السلف‪ ،‬يذكر ابن ت ْي ِمية‬‫ننهم توقفوا في ذلك نفي ًا وإثبات ًا‪ ،‬ني ننهم لا يقولون إن الاسم هو المسمى ولا غير ‪ ،‬إذ كان كل من الإطلاقين‬ ‫بدعة (‪.)4‬‬‫نن الاسم للمسمى‪ ،‬وهو قول نكثرالمنتسبين إلى السنة من نصحاب الإمام ندمد وغير (‪.)5‬‬ ‫‪-3‬‬ ‫التفصيل‪ ،‬وهو المهدور من قول نبي الحسن الأ ْشع ِري (‪.)6‬‬ ‫‪-5‬‬ ‫‪‌-1‬الإيجي‪‌،‬المواقف‪‌،‬ج‪1‬ص‪.113‬‬ ‫‪‌-2‬ابن‌تيمية‪‌،‬مجموع‌الفتاوى‪‌،‬ج‪6‬ص‪.326‬‬‫‪‌-3‬الرازي‪‌،‬أسماء‌الله‌الحسنى‪‌،‬المس ّمى‪\"‌:‬لوامع‌البينات\"‪‌،‬تعليق‌طه‌عبد‌الرؤوف‌سعد‪‌،‬نشر‌مكتبة‌الكليات‌الأزهرية‪‌،‬‬ ‫‪3196‬هـ‪‌،‬ص‪‌،1-1‬وانظر‪‌:‬أحمد‌الغامدي‪‌،‬البيهقي‌وموقفه‌من‌الإلاهيات‪‌،‬ص‪.‌363‬‬ ‫‪‌-4‬الرازي‪‌،‬أسماء‌الله‌الحسنى‪‌،‬ص‪‌،1-1‬وانظر‪‌:‬أحمد‌الغامدي‪‌،‬البيهقي‌وموقفه‌من‌الإلاهيات‪‌،‬ص‪.‌363‬‬‫‪‌ -5‬راجع ‌فتاوى ‌شيثخ ‌الاسلام ‌ابن ‌ َت ْي ِم َّية‪‌ ،‬ج‪6‬ص‪‌ ،361‌ -326‬وانظر‪‌ :‬الغامدي‪‌ ،‬البيهقي ‌وموقفه ‌من ‌الإلاهيات‪‌،‬‬ ‫ص‪-363‬ص‪.366‬‬ ‫‪‌-6‬المرجع‌السابق‪‌،‬ج‪6‬ص‪‌،361‌-326‬وانظر‪‌:‬البيهقي‌وموقفه‌من‌الإلاهيات‪‌،‬ص‪-363‬ص‪.366‬‬ ‫‪265‬‬

‫المختار في هذا الباب‪:‬‬ ‫من كل ما سبق يتضح لنا نن الصواب في هذ المسألة التي غلط فيها كثير من الناس‪ ،‬نن يقال‪ :‬نن‬ ‫الاسم يراد ب ال ممسمى تارة‪ ،‬ويراد ب اللفظ الدال علي نو على المسمى تارة نخرى‪ ،‬فلا تضييق في هذا الباب‪،‬‬ ‫ولا تحريف؛ بحيث يراد ب معن ًى غير المعنى المقصود الذي تد ُّل علي اللغة والهرع وال معرف‪ ،‬ولجل هذا ذكر‬ ‫بعض نهل العلم نننا إذا قلنا‪\" :‬قال هلل‪... :‬كذا\" نو \"سمع هلل لمن دمد \"‪ ،‬وما نشب ذلك‪ ،‬فالمراد ب المسمى‬ ‫نفس ‪ ،‬وإذا قلنا‪ :‬هلل اسم عربي‪ ،‬والردمن اسم عربي‪ ،‬والردمن من نسماء هلل تعالى‪ ،‬ونحو ذلك فالاسم‬ ‫هاهنا هو المراد وليس \"المسمى\"‪ ،‬ولا يقال‪\" :‬غير \" لما في لفظ الغيرمن الإجمال (‪.)1‬‬ ‫ولدذا كان نئمة السنة‪ -‬ردمدم هلل تعالى‪ -‬لا يطلقون على صفات هلل وكلام نن غير ‪ ،‬ولا نن ليس‬ ‫غير ‪ ،‬لن إطلاق الإثبات قد يهعر نن ذلك مباين ل ‪ ،‬وإطلاق النفي قد يهعر بأن هو هو‪ ،‬إذ كان لفظ الغير‬ ‫في إجمال‪ ،‬فلا يطلق إلا مع البيان والتفصيل على وجدين‪:‬‬ ‫الأول‪ -‬إن نريد ب نن هناك ذات ًا مجردة قائمة بنفسدا‪ ،‬منفصلة عن ال ِصفات الزائدة عليها ‪ -‬فدذا‬ ‫\"غيرصحيح\" (‪.)2‬‬ ‫الثاني‪ -‬إن يقصد ب صفات زائدة على الذات التي يفدم من معناها غير ما يفدم من معنى الصفة‪،‬‬ ‫فدذا دق ولكن ليس في الخارج ذات مجردة عن ال ِصفات بل الذات الموصوفة بصفات الكمال الثابتة لدا لا‬ ‫تنفصل عنها (‪. )3‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬العثيمين والقول أن الله تعالى خلق الخير والشر‪:‬‬ ‫يذه مب ال معثيمين في هذ المسألة مذهب ًا شرعيا عقلي ًا‪ ،‬إ ْذ يربط النصوص الهرعية بعضدا ببعض بما‬ ‫يستقيم ب النظر والتحليل السليم‪ ،‬وهي طريقة يتبعدا علماء الأصول الذين تهربوا العلوم الهرعية وعرفوا‬ ‫مقتضياتها ولوازمدا‪ ،‬ومن استطرادات ال معثيمين في هذا الموضوع عند تفسير لقول تعالى في سورة الجن‪( :‬وننا‬ ‫لا ن ْد ِري نشر من ِريد ِبمن ِفي ا ْلأْر ِض ن ْم نراد ِبِه ْم رُّبمه ْم رشد ًا)(‪ ،)4‬ديث فسرها بأن قولدم‪ -‬ني الجن‪ :-‬وننا لا ندري‬ ‫‪-1‬ابن‌عز‌الحنفي‪‌،‬شرح‌العقيدة‌الطحاوية‪‌،‬ص‪‌.396‬‬ ‫‪‌-‌2‬ابن‌العز‌الحنفي‪‌،‬شرح‌العقيدة‌الطحاوية‪‌،‬ص‪.395‬‬‫‪-3‬ابن‌عز‌الحنفي‪‌،‬شرح‌العقيدة‌الطحاوية‪‌،‬ص‪‌،399-396‬وانظر‪‌:‬كاملة‌الكواري‪‌،‬المجلى‌شرح‌القواعد‌المثلى‌في‌‬ ‫صفات‌الله‌وأسمائه‌الحسنى‪‌،‬ص‪.322-321‬‬ ‫‪‌-4‬سورة‌الجن‌الآية‌‪.31‬‬ ‫‪266‬‬

‫نشر نريد بمن في الأرض ‪ .....‬لما نرادوا الخير نضافو إلى هلل (نم نراد بهم ربهم رشدا) وفي الهر فلم يسموا‬ ‫فاعل ‪ ،‬فقالوا‪( :‬نش ٌر منريد) ولم يقولوا شر نراد هلل‪ ،‬مع نن هلل مري ٌد \"للخير والهر\" لكن الهر الذي يريد هلل‬ ‫ليس ش ًرا في فعل ‪ ،‬بل في مفعولات ‪ ،‬نما فعل ‪ -‬عز وجل‪ -‬فلا شك نن خير‪ ،‬لكن يقدر الهر للخير‪ ،‬لحكمة‬ ‫يريدها‪ -‬عزوجل‪.)1( -‬‬ ‫فإذا نصيب الإشسان بمرض مثل ًا؛ فدل نقول‪ :‬إن هلل نراد ب الضرر لذات ؟ الجواب‪ :‬كلا؛ لم يرد ب‬ ‫الضرر لذات ‪ ،‬بل نراد المرض‪ ،‬كون مخلوق من هلل‪ -‬تعالى‪ -‬وهذا المرض يضر العبد‪ ،‬فدو للعبد شر‪ ،‬لكن هلل‪-‬‬ ‫تعالى‪ -‬لم يرد ضرر ‪ ،‬بل نراد خي مرا من وراء ذلك‪ ،‬وقد تكون ال ِحكمة ظاهرة في نفس المصاب‪ ،‬وقد تكون‬ ‫ظاهرة في غير ؛ وقد نوضح ال معثيمين هذا المعنى بقول ‪\" :‬فالمدم نن ليس لنا نن نتحجر دكمة هلل؛ لنها نوسع‬ ‫من عقولنا‪ ،‬لكننا شعلم علم اليقين نن هلل لا يريد الضرر لن ضرر؛ فالضرر عند هلل ليس مرادا لذات ‪ ،‬بل‬ ‫لغير ‪ ،‬ولا يترتب علي إلا الخير‪ ،‬نما الخير؛ فدو مراد لذات ‪ ،‬ومفعول ل ‪ ،‬و هلل نعلم بما نراد بكلام ‪ ،‬لكن هذا‬ ‫الذي يتبين لي\" (‪.)2‬‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬البوطي ورأيه في خلق الله تعالى للخير والشر‪:‬‬ ‫لم يبعد ال مبوطي كثي ًرا عن اختيار ال معثيمين في هذ المسألة‪ ،‬وإن كان تناول لدا بدا مختلف ًا بعض‬ ‫الش يء‪ ،‬فقد نظر ال مبوطي إلى مطلق اتصاف هلل جل وعلا بالكمال‪ ،‬ونن هذ الصفة تتضمن كون تعالى فعا ٌل‬ ‫لما يهاء‪ ،‬ونوضح ال مبوطي نيض ًا نن هذا ليس من صفات النقص كون هلل تعالى خالق ًا للخيرواله ِر‪ ،‬بل إن هذا‬ ‫دليل على كمال ربوبيت سبحان ‪ ،‬والتقى ال مبوطي مع ال معثيمين في تفسير الخير والهر‪ ،‬والحسن والقبيح‪ ،‬كون‬ ‫مخلوق لله تعالى في نذهان الناس بما ركب هلل تعالى من اشمئزازالعباد من الهركما يتراءا للناس (‪. )3‬‬ ‫وخلص ال مبوطي إلى مسلمات اعتبرها فائدة دراسة هذا الباب وهي‪:‬‬ ‫‪ -7‬الأشياء في نفسدا مجردة عن الاتصاف بالحسن والقبح‪ ،‬والنفع والضر‪.‬‬ ‫‪ -9‬هلل تعالى خالق للحسن والقبيح‪ ،‬والخيروالهر‪.‬‬‫‪‌ -1‬ال ُعثيمين‪‌ ،‬شرح ‌رياض ‌ال َّصا ِلحين‪‌ ،‬تحقيق‪‌ :‬محمد ‌محمد ‌تامر‪‌ ،‬دار ‌العنان‪‌ ،‬القاهرة‪‌ ،‬الطبعة ‌الأولى‪3113‌ ،‬م‪‌،‬‬ ‫ج‪1‬ص‪.66‬‬ ‫‪‌-2‬ال ُعثيمين‪‌،‬مجموع‌فتاوى‌ورسائل‪‌،‬ج‪9‬ص‪.329‬‬ ‫‪-3‬ال ُبوطي‪‌،‬كبرى‌اليقينيات‌المونية‪‌،‬ص‪‌.323‬‬ ‫‪267‬‬

‫‪ -4‬ليس نقص ًا كون تعالى خلق الحسن والقبيح‪ ،‬والخيروالهر‪.‬‬ ‫‪ -3‬الخير والهر في ظاهر عند الإشسان‪ ،‬ولكن يبدوا في دك ٌم ربانية‪ ،‬تتجلى في ابتلاء هلل لعباد‬ ‫وتمحيص ًا‪ ،‬وهذا يكون في خير لدم‪ ،‬لمن اعتبر‪ ،‬كما قال تعالى‪( :‬ون ْب ملو مكم ِباله ِر وا ْلخ ْي ِر ِف ْتن ًة وِإل ْينا مت ْرج معون)(‪،)1‬‬ ‫(‪.)2‬‬ ‫المطلب الخامس‪ :‬التحقيق في مسألة خلق الله تعالى للخير والشر‪:‬‬ ‫للوصول إلى نقوال وآراء يكون بها الترجيح في هذ المسألة ومقاربة تجعل المقارنة نكثر موضوعي ًة‬ ‫وندعى إلى التقريب بين الفريقين نذكر نطراف ًا من كلام العلماء قديم ًا ودديثا في هذ المسألة‪ ،‬ليتبين لنا نن‬ ‫التقريب بهذ المقارنة ممكن كما اتبعنا في المبادث السابقة‪ ،‬وقد تكلم في هذ المسألة كثي ٌر من نهل العلم‬ ‫من نئمة الحديث وغيرهم‪ ،‬ومن نمثلة ذلك ما روي عن دماد بن سلمة عن دميد قال قال رجل للحسن يا نبا‬ ‫سعيد من خلق الهيطان فقال‪ :‬سبحان هلل‪ ،‬ومن خالق غير هلل‪ ،‬هلل خلق الهيطان و هلل خلق الخير و هلل‬ ‫خلق الهر(‪. )3‬‬ ‫الإمام نبو دنيفة ير ُّد على من زعم نن هلل لم يخلق الهر‪ ،‬واستنكر هذا القول ونبطل ‪ ،‬وقال بأن‬ ‫الحجة في رِد هذا القول بأن يقال لدم هذا السؤال‪ :‬هل يطيق العبد لنفس ض ًرا ولا نفع ًا ؟ (‪ ،)4‬وهذا معلوم‬ ‫بأن العبد لا يملك لنفس نفع ًا ولا ض ًرا وإن الذي يقول بأن العبد يخلق نفعال نفس يماثل القدرية فيما‬ ‫يقولون‪ ،‬وكذلك بالض ِد فإن القول بأن العبد ليس ل اختيار في نفعال ونن ما يفعل من الأعمال الاختيارية‬ ‫ليست في ملك ‪ ،‬فدو يهارك الجبرية فيما يقولون‪ ،‬وقد نكد الإمام نبو الحسن الأ ْشع ِري في كتاب الإبانة على‬ ‫هذا المعنى فقال‪\" :‬وزعمت القدرية نن هلل تعالى يخلق الخير والهيطان يخلق الهر\"‪ ،‬ثم قال‪ :‬وزعموا نن هلل‬ ‫تعالى يهاء ما لا يكون ويكون مالا يهاء‪ ،‬خلاف ًا لما نجمع علي المسلمون من نن ما شاء هلل كان وما لم يهأ لم‬ ‫‪-1‬سورة‌الأنبياء‪‌،‬الآية‌‪12‬‬ ‫‪‌-2‬ال ُبوطي‪‌،‬كبرى‌اليقينيا‌الكونية‪‌،‬ص‪321‌-323‬‬‫‪‌-3‬أبو‌عبدالله‌عبيدالله‌بن‌محمد‌بن‌بطة‌العكبري‌الحنبلي‪‌،‬الإبانة‌عن‌شريعة‌الفرقة‌الناجية‌ومجانبة‌الفرق‌المذمومة‪‌،‬‬ ‫تحقيق‪‌:‬د‌‪.‬عثمان‌عبدالله‌آدم‌الأثيوبي‪‌،‬دار‌الراية‪‌،‬الرياض‪‌،‬الطبعة‌الثانية‪3135‌،‬هـ‪‌،‬ج‪3‬ص‪353‬‬‫‪‌-4‬أبو‌حنيفة‌النعمان‌بن‌ثابت‌بن‌زطي‌الخزاز‌الكوفي‪‌،‬الشرح‌الميسر‌على‌الفقهين‌الأبسط‌والاكبر‌المنسوبين‌لأبي‌‬ ‫حنيفة‪‌،‬تحقيق‪‌:‬د‌‪.‬محمد‌بن‌عبدالرحمن‌الخميس‪‌،‬مكتبة‌الفرقان‪‌،‬عجمان‪‌،‬الطبعة‌الأولى‪3999‌،‬م‪‌،‬ص‪311‬‬ ‫‪268‬‬

‫يكن وردا ونخبر ننهم تأولوا قول هلل تعالى‪( :‬وما تها مؤون إلا ن ْن يهاء هل مل)(‪ )1‬فقال‪ -‬الأ ْشع ِري مف ِس ًرا للمعنى‬ ‫الصحيح للآية نن تعالى نخبرعن عباد لا يهاؤون شيئ ًا إلا وقد شاء هلل نن شهاء (‪. )2‬‬ ‫ويؤكد الغزنوي على هذا المعنى فيقول‪ :‬نفعال العباد خيرها وشرها مخلوقة بخلق هلل عز وجل‪،‬‬ ‫والعبد ليس بخالق لفعال ولا بموجد لدا‪ ،‬لن لو كان قادرا على الخلق والإيجاد لكان فعل على الوج الذي‬ ‫قصد ونراد ‪ ،‬ولكن هذا لا يستقيم ل كما هو واقع ومعلوم (‪.)3‬‬ ‫وقال عبد الباقي المواهبي‪\" :‬وجميع نفعال العباد كسب لدم‪ ،‬وهي مخلوقة لله خيرها وشرها‪ ،‬والعبد‬ ‫مختاريسيرفي كسب الطاعة واكتساب المعصية غيرمكر ولا مجبر(‪.)4‬‬ ‫ونجد نن الهيخ محمد بن عبد الردمن العاصمي يقول في هذا الباب‪ :‬مذهب نهل ال ُّسنة والجماعة‬ ‫في هذ المسائل وغيرها هو ما دل علي الكتاب والسنة وكان علي السابقون الأولون من المداجرين والأنصار‬ ‫والذين اتبعوهم بإدسان‪ ،‬وهو نن هلل خالق كل ش يء ور ُّب ومليك ‪ ،‬وقد دخل في ذلك جميع الأعيان القائمة‬ ‫بنفسدا وصفاتها القائمة بها من نفعال العباد وغيرنفعال العباد(‪. )5‬‬ ‫من كل ما سبق يتبين لنا نن الفوارق والاختلافات بين السلفيين والأشا ِعرة ليست من قبيل التناقض‬ ‫الجوهري‪ ،‬ونن كلاهما ذهب إلى إثبات القول بأن مقادير الأمور كلدا في يد هلل‪ -‬سبحان وتعالى‪ ،-‬ونن الأشا ِعرة‬ ‫متظافرون على نن الأفعال مخلوقة لله تعالى‪ ،‬ونن هلل ترك لعبد درية الاختيار بين نن يفعل الخير والهر‪،‬‬ ‫كما قال تعالى‪( :‬وهدينا م النجد ْي ِن)(‪ ،)6‬وقال تعالى‪ِ( :‬إنا هد ْينا م الس ِبيل ِإما شا ِك ًرا وِإما ك مفور ًا)(‪ ،)7‬وهذا ما يقول‬ ‫ب السلف ُّيون كما مر علينا‪ ،‬وإن كان هناك خلا ٌف فمرد إلى الاختلاف اللفظي‪ ،‬فكلدم نراد نن يقرب المعاشي‬ ‫وفق ما كان علي السلف‪ ،‬وعلى ما هو مثبت في الكتاب والسنة ‪.‬‬ ‫‪‌-1‬سورة‌الإنسان‌الآية‌‪.11‬‬ ‫‪‌-2‬أبو‌الحسن‌الأ ْشع ِري‪‌،‬الإبانة‪‌،‬ص‪‌:31‬‬‫‪‌-3‬جمال‌الدين‌أحمد‌الغزنوي‪‌،‬كتاب‌أصول‌الدين‪‌،‬دار‌البشائر‌الإسلامية‪‌،‬بيروت‪‌،‬الطبعة‌الأولى‪3995‌،‬م‪‌،‬تحقيق‪‌:‬‬ ‫عمر‌وفيق‌الداعوق‪‌،‬ص‪.366‬‬‫‪‌-‌4‬عبدالباقي‌بن‌عبدالباقي‌بن‌عبدالقادر‌بن‌عبد‌الباقي‌بن‌إبراهيم‪‌،‬العين‌والأثر‌في‌عقائد‌أهل‌الأثر‪‌،‬تحقيق‪‌:‬عصام‌‬ ‫رواس‌قلعجي‪‌،‬دار‌المأمون‌للتراث‪‌،‬دمشق‪‌،‬الطبعة‌الأولى‪3959‌،‬م‪.19‌،‬‬‫‪‌ 5‬محمد ‌بن ‌عبد ‌الرحمن ‌بن ‌محمد ‌بن ‌عبد ‌الله ‌بن ‌عبد ‌الرحمن ‌بن ‌محمد ‌بن ‌قاسم ‌العاصمي ‌الحنبلي‪‌ ،‬آل ‌رسول ‌الله‌‬‫وأولياؤه‪‌ ،‬ملخص ‌من ‌كتاب ‌منهاج ‌أهل ‌السنة ‌لشيخ ‌الإسلام ‌ابن ‌ َت ْي ِم َّية‪‌ -‬رحمه ‌الله‪‌ -‬المكتبة ‌الوقفية‪‌ ،‬المدينة ‌المنورة‪‌،‬‬ ‫‪3111‬م‪‌،‬ص‪.39‬‬ ‫‪‌-6‬سورة‌البلد‌الآية‌‪.31‬‬ ‫‪‌-7‬سورة‌الإنسان‌الآية‌‪.1‬‬ ‫‪269‬‬

‫هذا؛ وقد تبين من سرد نقوال ال معثيمين‪ ،‬وال مبوطي في هذ المسألة‪ ،‬ومقالاتهم في نفعال العباد نن‬ ‫هذا الموضوع ل ارتبا ٌط وثيق بقضايا القضاء والقدرومتعلقاتهما‪ ،‬وهذا ما سنتعرض إلي في المطلب التالي‪:‬‬ ‫المطلب السادس‪ :‬العثيمين ومسألة القضاء والقدر معناهما ووجوب الإيمان بهما‪:‬‬ ‫عرفنا فيما سبقت دراست نن ال معثيمين صنف رسالة خاصة في القدر‪ ،‬نسماها‪\":‬رسالة في القضاء‬ ‫والقدر\" ولن هذ المسألة مدم ٌة في باب العقائد فقد نولاها ال معثيمين نهمية خاصة‪ ،‬وكون الناس مختلفين‬ ‫فيها مذاهب شتى فقد فصل فيها تفصيل ًا طويل ًا وداول نن يستوعب جميع صور ‪ ،‬ولا يفوتنا نن ننب على هذا‬ ‫التنبي من خلال دراستنا لكلام ال معثيمين في القضاء والقدر‪ ،‬وهو‪:‬‬ ‫تنبيه‪:‬‬ ‫ميف ِرق ال معثيمين بين القضاء والقدر من ديث المعنى إذا ذكر كل وادد منها ممست ِقلا‪ ،‬ولم يجمعا‬ ‫فيقول‪\" :‬القضاء والقدر إذا اجتمعا فلكل وادد معنا ‪ ،‬ونما إذا نفرد نددهما فإن يهمل الآخر‪ ،‬فإذا قيل‪:‬‬ ‫قضاء وقدر‪ ،‬فالقضاء‪ :‬ما قضا هلل تعالى في الأزل‪ ،‬وكتب في اللوح المحفوظ‪ .‬والقدر‪ :‬ما قدر هلل فوقع‪ ،‬فأما‬ ‫إذا قيل‪ :‬قضاء فقط فإن يهمل الأمرين جميع ًا‪ ،‬نو قيل‪ :‬قدرفقط فإن يهمل الأمرين جميع ًا (‪.)1‬‬ ‫مراتب الإيمان بالقضاء والقدر عند العثيمين أربعة مراتب وهي‪:‬‬ ‫‪ -7‬الإيمان بأن هلل‪ -‬تعالى‪ -‬عليم بما كان وما سيكون‪ ،‬وهو معنى الإيمان بـقول تعالى (ِلت ْعل مموا نن‬ ‫الل على مك ِل ش ْيء ق ِدي ٌرونن الل ق ْد نداط ِب مك ِل ش ْيء ِع ْلم ًا)(‪.)2‬‬ ‫‪ -9‬الإيمان بالكتابة‪ ،‬ني‪ :‬نن هلل كتب في اللوح المحفوظ ما هو كائن إلى يوم القيامة‪ ،‬فإن هلل نول‬ ‫ما خلق القلم قال ل ‪ :‬اكتب‪ .‬قال‪ :‬ربي وماذا نكتب؟ قال اكتب ما هو كائ ٌن‪ .‬فجرى في تلك الساعة بما هو كائ ٌن‬ ‫إلى يوم القيامة (‪. )3‬‬ ‫‪‌-1‬ال ُعثيمين‪‌،‬فتاوى‌نور‌على‌الدرب‪‌،‬ج‪31‬ص‪.3‬‬ ‫‪‌-2‬سورة‌الطلاق‪‌،‬الآية‌‪‌،33‬ال ُعثيمين‪‌،‬نور‌على‌الدرب‪‌،‬ج‪31‬ص‪.3‬‬‫‪‌-3‬سنن ‌الترمذي‪‌ ،‬حديث ‌رقم‪‌ ،1139/‬قال ‌الألباني‪‌:‬صحيح‪‌ ،‬انظر‪‌ :‬الألباني‪‌ ،‬صحيح ‌الجامع‪‌،‬حديث ‌رقم‪‌،3139‌/‬‬‫وقال ‌البويصيري ‌في ‌اتحاف ‌الخير ‌رجاله ‌ثقات‪‌ ،‬انظر‪‌ :‬البويصيري‪‌ ،‬اتحاف ‌الخيرة ‌المهرة‪‌ ،‬ج‪3‬ص‪‌ ،331‬حديث‌‬ ‫رقم‪‌.311/‬‬ ‫‪270‬‬

‫‪ -4‬الإيمان بمهيئة هلل العامة‪ ،‬ونن كل ش يء واقع بمهيئت سبحان وتعالى‪ ،‬لا فرق في ذلك بين‬‫ما يحصل من فعل جل وعلا‪ ،‬وما يحصل من نفعال مخلوقات ‪ .‬نما دليل الأول‪ -‬وهو‪ :‬ما يحصل من فعل ‪-‬‬‫فدو قول هلل تعالى‪( :‬وي ْفع مل الل م ما يها مء)(‪ ،)1‬ونما الثاني‪ -‬وهو‪ :‬ما وقع من نفعال خلق ‪ -‬فدليل قول هلل تبارك‬‫وتعالى‪( :‬ول ْو شاء الل م ما ا ْقتتل ال ِذين ِم ْن ب ْع ِد ِه ْم ِم ْن ب ْع ِد ما جاء ْتمه مم ا ْلب ِينا مت ول ِك ِن ا ْختل مفوا ف ِم ْنمه ْم م ْن آمن‬‫و ِم ْنمه ْم م ْن كفر ول ْو شاء الل م ما ا ْقتت ملوا ول ِكن الل ي ْفع مل ما مي ِري مد)(‪ )2‬فكل ش يء يقع في السماوات نو في الأرض‬ ‫فإن واق ٌع بمهيئت تبارك وتعالى (‪. )3‬‬‫‪ -3‬الإيمان بخلق هلل‪ ،‬ونن كل كائن فدو مخلوق لله عز وجل‪ ،‬لا خالق غير ولا رب سوا ‪ .‬ودليل‬ ‫هذا قول تعالى‪( :‬الل م خاِل مق مك ِل ش ْيء و مهو على مك ِل ش ْيء و ِكي ٌل)(‪.)4‬‬‫ثم نوضح ال معثيمين نن هذ المراتب الأربع هي مراتب الإيمان (بالقضاء والقدر)‪ ،‬ولا يتم الإيمان‬‫بالقدر إلا بتحقيق هذ المراتب الأربع‪ ،‬ومن المعلوم نن الإيمان بالقدر هو ندد نركان الإيمان الستة التي نجاب‬ ‫بها نبي هلل‪ -‬صلى هلل علي وعلى آل وسلم‪ -‬جبريل دين سأل عن الإيمان فقال‪( :‬نن تؤمن بالله وملائكت‬ ‫وكتب ورسل واليوم الآخروالقدرخير وشر )(‪. )5‬‬ ‫وقفة مع المستشرقين وقضايا الكسب والقدر‪:‬‬‫يرى بعض البادثين والمدتين بقضايا القدر نن هذ القضية متعلقة بكسب العبد وسعي ‪ ،‬ولمزيد من‬‫الإيضاح لا بأس من الإشارة لمن كتبوا في هذا الموضوع من المستهرقين الغربيين والإفادة من نقوالدم‬‫ومناقهاتهم‪ ،‬ديث ن ْولت بعض الدراسات الغربية هذا الموضوع اهتمام ًا كبي ًرا‪ ،‬ونخضعت للبحث والتحليل‪ ،‬لا‬‫سيما إذا علمنا نن بعض هؤلاء المستهرقين اهتموا بدراسة المذهب الأشعري‪ ،‬ودرسوا واطلعوا على مؤلفات‬ ‫‪‌-1‬سورة‌ابراهيم‌الآية‌‪.39‬‬ ‫‪‌-2‬سورة‌البقرة‌الآية‌‪.321‬‬ ‫‪‌-3‬ال ُعثيمين‪‌،‬نور‌على‌الدرب‪‌،‬ج‪31‬ص‪.1‬‬ ‫‪‌-4‬سورة‌الزمر‌الآية‌‪.63‬‬ ‫‪‌-5‬صحيح‌البخاري‪‌،‬حديث‌رقم‪‌.21/‬‬ ‫‪271‬‬

‫الإمام نبي الحسن الأشعري‪ ،‬ومنهم‪ Richard M. Frank :‬الذي ذكر في مقالة ل (‪ )1‬تكلم فيها عن نظرية \"الكسب\"‬ ‫(‪.)2‬‬ ‫كما دلل على علاقة الكسب مع السببية‪ ،‬باقتباسات من كتاب‪\" :‬اللمع\" للمام نبي الحسن‬ ‫الأشعري‪ ،‬ومنها قول الأشعري‪\" :‬معنى الكسب هو نن يقع الش يء بقدرة محدثة فيكون كس ًبا لمن وقع‬ ‫بقدرت \"(‪ ،)3‬وذكر نن الأشعري يفسر القدرة بمعني السبب‪ ،‬مهي ًرا في الوقت ذات إلى قول بأن الخالق دقيق ًة‬ ‫هو هلل سبحان وتعالى‪ ،‬نما المسؤولية فتقع على الإشسان والكسب يستفيد الإشسان ‪.‬‬ ‫وقد عارض ‪ Abrahamov, Binyamin‬وانتقد مقالة ‪ Frank‬في الكسب‪ ،‬وذكر نن المعنى الصحيح‬ ‫للكسب نن يقال‪ :‬بأن هلل تعالى يخلق عمل الإشسان‪ ،‬وهو الفاعل دقيقة‪ ،‬ولكن العمل يخرج عن الإشسان‬ ‫و هلل عزوجل هو الفاعل الحقيقي (‪.)4‬‬ ‫ومن هنا نفدم نن مسألة القدر وكسب الأعمال‪ ،‬ومسؤولية العبد عن عمل ‪ ،‬اشتغل بها الفلاسفة‬ ‫والمستهرقون نيض ًا‪ ،‬وكانت ولا تزال محط نقاش بين البادثين الغربيين‪ ،‬والمتكلمين من المسلمين‪ ،‬ومع هذا‬ ‫فإن علماء الغرب في هذا‪ ،‬والمستهرقون بهكل خاص‪ ،‬استفادوا معنى الكسب‪ ،‬وما نوردو في من مناقهات‬ ‫وتحليلات‪ ،‬من كلام الأشعري‪ ،‬في كتاب ‪\" :‬اللمع\"‪ ،‬و\"مقالات الإسلاميين\"‪ ،‬وكذالك من نقاشات تلامذت‬ ‫كالباقلاشي‪ ،‬والغزالي‪ ،‬والرازي‪ ،‬والإيجي‪ ،‬وغيرهم (‪. )5‬‬ ‫المطلب السابع‪ :‬البوطي والقول في مسائل القدر‪:‬‬ ‫بدا ال مبوطي نكثر اقتراب ًا إلى المعتزلة‪ -‬بحسب رني السلفيين‪ -‬في مسألة القدر‪ ،‬ديث يقول في كتاب‬ ‫المسمى \"الإشسان مسير نم مخير\" إن كل ما ترا عيناك من الهرور المتنوعة التي تبعث الكدر في صفاء الحياة‬‫‪Frank, Richard, M. The Structure of Created Causality According to Al-Aš„arî: An -1‬‬ ‫‪Analysis of the “Kitâb al- Luma”,§ 82-164 in Studia Islamica, No.25 pp.13-751966.‬‬‫‪‌-2‬ويعرف‌الأشاعرة‌الكسب‌بأنه‪‌:‬الفعل‌بقدرة‌محدثة‪‌،‬فكل‌من‌وقع‌منه‌الفعل‌بقدرة‌قديمة‌فهو‌فاعل‌خالق‪‌،‬ومن‌وقع‌‬ ‫منه‌بقدرة‌محدثة‌فهو‌مكتسب‌الأشعري‪‌،‬مقالات‌الإسلاميين‪‌،‬ج‪3‬ص‪.‌219‬‬‫‪ -3‬أبو الحسن الأشعري‪ ،‬اللمع في الر ِّد على أهل الزيغ والبدع‪ ،‬حققه وقدم له‪ :‬حمودة غرابة‪ ،‬الشركة المصرية‬ ‫المساهمة‪7288 ،‬م‪ ،‬ص‪ ،68‬وانظر‪ :‬الأشعري‪ ،‬مقالات الإسلاميين‪ ،‬ص‪.887‬‬‫‪Abrahamov, Binyamin, A. Re-Examination of al-Ash„arī‟s Theory of “Kasb” -4‬‬‫‪According to “Kitāb al-Luma„” in Journal of the Royal Asiatic Society of Great‬‬ ‫‪Britain and Ireland, No. 2 (1989), pp. 210-221. (My translation).‬‬‫‪ -5‬أبو الحسن الأشعري‪ ،‬اللمع في الر ِّد على أهل الزيغ والبدع‪ ،‬ص‪ ،28 -28‬وانظر‪ :‬الأشعري‪ ،‬مقالات الإسلاميين‪،‬‬ ‫ص‪ ،867 ،866 ،842 ،822‬وانظر‪ :‬المواقف للإيجي‪ ،‬ج‪2‬ص‪. 874‬‬ ‫‪272‬‬

‫الإشسانية إنما هو من صنع الإشسان وسوء استعمال لتلك المواد الأولية وليس من فعل هلل تعالى\"(‪ ،)1‬وقد‬ ‫هاجم بعض السلفيين الدكتور ال مبوطي واتهمو بأن مؤي ٌد للمعتزلة بهذا الزعم‪ ،‬واستهددوا بأن هذا يتناقض‬ ‫مع قول تعالى‪ِ( :‬إنا مكل ش ْيء خل ْقنا م ِبقدر)(‪ ،)2‬وضمنوا اعتراضاتهم علي بآيات قرآنية نخرى‪ ،‬ونداديث نبوية‪،‬‬ ‫ومنها قول علي السلام‪\" :-‬اللدم مص ِرف القلوب ص ِرف قلوبنا على طاعتك\"(‪ ،)3‬وقالوا‪ :‬ميفدم من الحديث نن‬ ‫الذي يوج القلوب إلى الخيروالهرهو هلل تعالى(‪. )4‬‬ ‫وبعيد ًا عن هذا التوج الذي قد يبدوا مته ِدد ًا ديال ما يقول ال مبوطي في مسائل العقيدة‪ ،‬نقول‪:‬‬ ‫إننا لو نظرنا إلى كلام ال مبوطي بمزيد من التث ُّبت والتحليل‪ ،‬ورجعنا إلى دديث في سياق ‪ ،‬لرنينا نن الرجل إنما‬ ‫نراد تحميل المسؤولية على الفعل للرادة الإشسانية الحرة التي وهبها هلل‪ -‬تعالى‪ -‬للشسان لاختيار \"الخير‬ ‫والهر\"‪ ،‬وليس هلل تعالى‪ ،‬فالله قد اعطانا القدرة لنف ِكر وشستبين الخبيث من الطيب‪ ،‬فإذا ارتكب الإشسان‬ ‫جريمة قتْـل‪ ،‬فمن المسؤول عن ذلك‪ ،‬الإشسان نم هلل تعالى ؟ لا شك نن الإشسان‪ ،‬وهذا هو ما يذهب إلي‬ ‫العقل السليم‪ ،‬نما إذا د ِملنا الموضوع نكثر مما يحتمل من التأويلات‪ ،‬فسنقع في نخطاء نحكم بها على كلام‬ ‫ال مبوطي في هذا الباب دون تب ُّين وتثـ ُّبـت‪.‬‬ ‫ونكاد نجزم نن من كتب هذا الكلام لا يخلوا من ندوال ثلاثة‪:‬‬ ‫‪ -7‬نن يكون متحامل ًا على ال مبوطي ومنهج ‪ ،‬فلم يأخذ وقت ًا كافي ًا للنظروالتفكرفيما قال ال مبوطي ‪.‬‬ ‫‪ -9‬ليس مطلع ًا على كل ما ذكر ال مبوطي في هذا الهأن‪ ،‬وقد مر علينا نن ال مبوطي يقول في كتاب ‪:‬‬ ‫كبرى اليقينيات الكونية‪ \" :‬نن القدر صفة نزلية قائمة بذات تعالى‪ ،‬يتأتى بها إيجاد كل ممكن وإعدام‬ ‫وتكييف \"(‪ ،)5‬فقد ذكر نن الإيجاد والإعدام ك ُّل في يد هلل‪ -‬عز وجل‪ -‬فكيف فدم من فدم بأن ال مبوطي يقول بما‬ ‫يقول ب المعتزلة؟ !!!‪.‬‬ ‫‪‌-1‬ال ُبوطي‪‌،‬الإنسان‌مسير‌أم‌مخير‪‌،‬دار‌الفكر‪‌،‬دمشق‪3111‌،‬م‪‌،‬ص‪‌.13‬‬ ‫‪‌-2‬سورة‌القمر‌الآية‌‪.19‬‬ ‫‪‌-3‬صحيح‌مسلم‪‌،‬حديث‌رقم‪.‌3621‌/‬‬‫‪‌ -4‬مقالة ‌بعنوان‪‌ :‬ال ُبوطي ‌يؤيد ‌المعتزلة ‌في ‌مسألة ‌القدر‪‌ ،‬من ‌مجموعة ‌مقالات ‌حول ‌ال ُبوطي ‌ومنهجه‪‌ ،‬جمعها‪‌ :‬عبد‌‬‫القادر ‌حامد‪‌ ،‬الكلمة ‌الدلالية‪‌ :‬مقالات ‌حول ‌ال ُبوطي ‌ومنهجه‪‌ ،‬انظر‪‌ :‬ملتقى ‌أهل ‌الحديث‪http://www :‬‬ ‫‪‌.ahlalhdeeth .com/vb/showthread .php?t=24127‬زيارة‌الموقع‌كانت‌بتاريخ‌‪3131/9/33/‬م‌‪‌.‬‬ ‫‪‌-5‬انظر‪‌:‬ص‪‌،391‬وانظر‪‌:‬ال ُبوطي‪‌،‬كبرى‌اليقينيات‌الكونية‪‌،‬ص‪‌.333‬‬ ‫‪273‬‬


Like this book? You can publish your book online for free in a few minutes!
Create your own flipbook