Important Announcement
PubHTML5 Scheduled Server Maintenance on (GMT) Sunday, June 26th, 2:00 am - 8:00 am.
PubHTML5 site will be inoperative during the times indicated!

Home Explore A Critical Comparison between the Asharite

A Critical Comparison between the Asharite

Published by salemfaraj1971, 2017-05-31 20:22:02

Description: A Critical Comparison between the Ashʿarite
and Salafi Schools of Thought with Special
Reference to Muḥammad b. Ṣāliḥ al-ʿUthaymīn
and Muḥammad Saʿīd Ramaḍān al-Būṭī
PhD 2014
University of the Western of Cape
Cape Town / South Africa

Keywords: Ashʿarite and Salafi

Search

Read the Text Version

‫مذهب السلف في نهاية نمر ‪ ،‬وصرح في آخر كتب وهو (الإبانة) بذلك‪ ،‬ونن متبع للمام ندمد بن دنبل شيخ‬ ‫السنة والمدافع عنها\" (‪.)1‬‬ ‫ويمـنكر بعض الأشا ِعرة اليوم‪ ،‬فكرة مرور الأ ْشع ِري بالطوار الثلاثة‪ ،‬وميعِل ملون هذا بقولدم‪ ،‬إن الأ ْشع ِري‬ ‫انتقل من الاعتزال إلى التسنن‪ ،‬فدو عال ٌم متكل ٌم إمام المتكلمين في زمان ‪ ،‬ل نظ ٌر وليس بحاجة إلى التقليد‪ ،‬بل‬ ‫وينكرون شسبة كتاب الإبانة إلي ‪ ،‬وقد شكك في صحة شسبة كتاب الإبانة إلى الأ ْشع ِري‪ ،‬الإمام الكوثري (‪ ،)2‬وغير ‪،‬‬ ‫ديث قال الكوثري‪\" :‬ومن العزيز جد ًا الظفر بأصل صحيح من مؤلفات على كثرتها البالغة‪ ،‬وط ْب مع كتاب الإبانة لم‬ ‫يكن من نصل وثيق\"(‪ )3‬ولكن قول الكوثري هذا قد رد علي العلماء قديما ودديث ًا‪ ،‬بل؛ ونكثر من هذا إن جمدور‬ ‫الأشا ِعرة يقول بخلاف ‪ ،‬وهذا ما صحح العلامة ال مبوطي وغير ‪ ،‬وفيما يلي ذكر كلام ال مبوطي بصحة شسبة الإبانة‬ ‫إلى الإمام نبي الحسن الأ ْشع ِري ‪.‬‬ ‫البوطي والقول بصحة نسبة كتاب الابانة للاشعري‪:‬‬ ‫من كل ما سبق ذكر عن الأ ْشع ِري ومنهج ومرور بأطوار ثلاثة كما ذهب إلي كثير من نهل العلم‪ ،‬فإن‬ ‫شسبة كتاب الإبانة للأشعري تلقا كثي ٌر من نهل العلم بالقبول‪ ،‬وهذا ما ذهب الجمدور من العلماء‪ ،‬سواء من‬ ‫السلفيين والأ ْشع ِريين‪ ،‬وفي هذا يقول ال مبوطي في كتاب ‪\" :‬العقيدة الإسلامية والفكرالمعاصر\"(‪ )4‬وخيرما يؤكد لنا نن‬ ‫الإمام الأ ْشع ِري لم يكن مبتدع مذهب ولكن كان نصير مذهب جمدور المسلمين من نهل السنة والجماعة‪ ،‬نن‬ ‫نصغي إلي وهو يحدثنا عن معتقد بعد نن رجع عن الإعتزال‪ ،‬وقد لخص عقيدت في كتاب الإبـانة وهو آخر‬‫‪‌ -1‬محمد ‌رشيد ‌رضا‪‌ ،‬تفسير ‌القرآن ‌الحكيم‪‌ ،‬المسمى ‌\"تفسير ‌المنار\"‪‌ ،‬الهيئة ‌المصرية ‌العامة ‌للكتاب‪3991‌ ،‬م‪‌،‬‬ ‫ج‪3‬ص‪.62‬‬‫‪‌-2‬محمد‌زاهد‌بن‌الحسن‌بن‌علي‌الكوثري‪‌:‬فقيه‌حنفي‪‌،‬جركسي‌الاصل‪‌،‬له‌اشتغال‌بالأدب‌والسير‌ولد‌ونشأ‌في‌قرية‌من‌‬‫أعمال‌(دوزجة)‌بشرقي‌الآستانة‪‌،‬وتفقه‌في‌جامع‌(الفاتح)‌بالآستانة‪‌،‬ودرس‌فيه‌‪.‬وتولى‌رياسة‌مجلس‌التدريس‪‌،‬واضطهده‌‬‫(الاتحاديون)‌في‌خلال‌الحرب‌العامة‌الاولى‪‌،‬لمعارضته‌خطتهم‌في‌إحلال‌العلوم‌الحديثة‌محل‌العلوم‌ال ِّدين َّية‪‌،‬في‌أكثر‌‬‫حصص ‌الدراسة ‌‪.‬ولما ‌ولي ‌(الكماليون) ‌وجاهروا ‌بالالحاد‪‌ ،‬أريد ‌اعتقاله‪‌ ،‬فركب ‌إحدى ‌البواخر ‌إلى ‌الاسكندرية ‌(سنة‌‬‫‪‌3113‬هـ‌الموافق‌‪‌3933‬م)‌وتنقل‌زمنا‌بين‌مصر‌والشام‪‌،‬ثم‌استقر‌في‌القاهرة‪‌،‬موظفا‌في‌(دار‌المحفوظات)‌لترجمة‌ما‌‬‫فيها ‌من ‌الوثائق ‌التركية ‌إلى ‌العربية ‌‪‌ .‬وتوفي‌بالقاهرة ‌‪‌ .‬وكان‌يجيد ‌العربية‌والتركية‌والفارسية ‌والجركسية‪‌ ،‬وفي ‌نطقه‌‬‫بالعربية ‌لكنة ‌خفيفة ‌‪‌ .‬له ‌تعليقات ‌كثيرة ‌على ‌بعض ‌المطبوعات ‌في ‌أيامه‪‌ ،‬في ‌الفقه ‌والحديث ‌والرجال ‌‪‌ .‬وله ‌تآليف‪‌ ،‬منها‌‬‫(تأنيب ‌الخطيب ‌على ‌ما ‌ساقه ‌في ‌ترجمة ‌أبي ‌حنيفة ‌من ‌الاكاذيب ‌‪‌ -‬ط) ‌ويعني ‌بالخطيب ‌صاحب ‌تاريخ ‌بغداد‪‌ ،‬و ‌(النكت‌‬‫الطريفة ‌في ‌التحدث ‌عن ‌ردود ‌ابن ‌أبي ‌شيبة ‌على ‌أبي ‌حنيفة ‌‪‌ -‬ط) ‌و ‌(الاستبصار)‪(‌ ،‬ولد ‌سنة ‌‪3599‬م‪‌ ،‬وتوفي‌‬ ‫سنة‪‌،)3923‬م‪‌،‬انظر‪‌:‬الأعلام‌للزركلي‪‌،‬ج‪6‬ص‪.‌339‬‬‫‪‌ -3‬انظر‪‌ :‬تعليق ‌الكوثر ‌على ‌كتاب ‌تبيين ‌كذب ‌المفتري ‌لابن ‌عساكر‪‌ ،‬ص‪‌ ،333‬وانظر‪‌ :‬عبد ‌الرحمن ‌بدوي‪‌ ،‬مذاهب‌‬ ‫الإسلاميين‪‌،‬ج‪3‬ص‪.‌236‬‬ ‫‪‌-4‬محمد‌سعيد‌رمضان‌البوطي‪‌،‬العقيدة‌الإسلامية‌والفكر‌المعاصر‪‌،‬الفكر‪‌،‬سوريا‪3999‌،‬م‪‌،‬ص‪.‌93‬‬ ‫‪124‬‬

‫مؤلفات ‪ ،‬وها ننا‪ -‬والكلام للبوطي‪ -‬ننقل عقيدت التي يدين بها من خلال نص كلام في كتاب هذا‪.....‬إلى نن‬ ‫قال‪...‬قولنا الذي نقول ب وديانتنا التي ندين بها التمسك بكتاب ربنا‪ -‬عزوجل‪ -‬وبسنة نبينا‪ -‬صلى هلل علي وسلم‪-‬‬ ‫وما روي عن السادة الصحابة والتا ِبعين ونئمة الحديث ونحن بذلك معتصمون وبما كان يقول ب نبو عبد هلل‬ ‫ندمد بن محمد بن دنبل نضر هلل وجد ورفع درجت ونجزل مثوبت قائلون‪ ،‬ولمن خالف قول مخالفون‪. )1(\"....‬‬ ‫ثم يضيف البوطي في شريط متلفزل ‪ ،‬إن عمل الأشعري لا يزيد عن كون بصرنا بمعالم الطريق الإيماشي‬ ‫الي رسم لنا رسول هلل‪ -‬صلى هلل علي وسلم‪ -‬فكادت نن تضيع في خض ِم تهويهات ال ِفرق الضالة المتخاصمة‬ ‫المتعادية‪ ،‬فكان عمل كمن وجد نتربة على طريق فأزاددا عن دتى عاد نبيض ناصع ًا(‪. )2‬‬ ‫التحليل والاستنباط في القول بالأطوار الثلاثة للأشعري‪:‬‬ ‫شستنبط مما سبقت دراست عن الأ ْشع ِري ومنهج نن لا يبعد نن يكون الأ ْشع ِري قد نخذ بالطريقة‬ ‫ال مكلابية في مبادئ توبت من الاعتزال‪ ،‬كما نشرنا إلي من قبل نقلا عن بعض المصادر والمراجع الموثوقة‪ ،‬وإن لم‬ ‫يصرح هو بذكرها‪ ،‬نو ينسب القول ل في ذلك‪ ،‬ولكن هذا ما يدل علي تبني لبعض الآراء الكلابية‪ ،‬ثم معدول‬ ‫عنها‪ ،‬وذك من خلال تتبع آرائ من كتب ومؤلفات ‪ ،‬وميمكننا الرد على القائلين بعدم مرور بالطوار الثلاثة‪ ،‬من‬ ‫عدة نوج ‪:‬‬ ‫‪ ‬الأول‪ -‬نقل جماعة من العلماء المحققين كالذهبي وابن كثير‪ ،‬والمقريزي‪ ،‬وغيرهم‪ ،‬هذا وإثبات في‬ ‫مصنفاتهم ‪.‬‬ ‫‪ ‬الثاني‪ -‬إذا كان الأ ْشع ِري‪ ،‬قد تنقل من طريقة إلى طريقة‪ ،‬ومن منهج إلى منهج‪ ،‬فدذا لن يبحث‬ ‫عن الحق‪ ،‬وليس لعيب في ‪ ،‬بل هذا ما كان علي العلماء الربانيون‪ ،‬الذين يبحثون عن الحق‪ ،‬وهذا يذ ِكر بقصة‬ ‫سلمان الفارس ي‪ -‬رض ي هلل عن ‪ -‬عندما كان يبحث عن الحقيقة‪ ،‬في تحري عن الدين الحق‪ ،‬إلى نن هدا هلل‪-‬‬ ‫تعالى‪ -‬للسلام(‪. )3‬‬ ‫‪-1‬المرجع‌السابق‪‌،‬ص‪.‌91‬‬ ‫‪ -2‬البوطي‪ :‬مفهوم الإيمان عند أبي الحسن الأشعري‪8272/72/6 ،‬م‪ ،‬انظر‪:‬‬ ‫‪http://www.youtube.com/watch?v=z1zJrdJi2pM‬‬‫‪‌-3‬كان‌سلمان‌رضي‌الله‌عنه‪‌،‬في‌بحثه‌وتحريه‌عن‌الرسول‪‌-‬صلى‌الله‌عليه‌وسلم‪‌،-‬قد‌جاب‌الصحاري‌والقفار‪‌،‬وساح‌‬‫في ‌الأوطان‪‌ ،‬حتى ‌ذكر ‌أ َّنه ‌استملك ‌واسترق ‌عند ‌بضعة ‌عشر ‌سيداً‪‌ ،‬انظر‪‌ :‬صحيح ‌البخاري‪‌،‬حديث ‌رقم‪‌،1623‌ /‬عن‌‬ ‫‪125‬‬

‫‪ ‬الثالث‪ -‬إذا قلنا إن الأ ْشع ِري لم يكن على منهج مخالف لمنهج السلف‪( ،‬الكلابية)‪ ،‬ثم عدل عن‬ ‫منهج بعد ذلك‪ ،‬فكيف نفسر ما علي الأ ْشع ِرية الذين ينتسبون إلي اسم ًا ويخالفون منهج ًا ؟؟؟ إلا نن يكون‬ ‫هناك نشعري آخر‪ ،‬كان ل نفس اللقب‪ ،‬وكان على المنهج المخالف لمنهج السلف‪ ،‬وهذا لا قائل ب ‪ ،‬فلم يبق إلا نن‬ ‫يقال‪ ،‬إن الأشا ِعرة قد خالفوا الإمام المتكلم المعروف‪ ،‬نبا الحسن الأشعري في كثير من المسائل‪ ،‬وإلى هذا نشار‬ ‫الدكتور دمودة غرابة‪ ،‬في كتاب المسمى\"نبو الحسن الأ ْشع ِري\"‪ ،‬ديث قال‪\" :‬إن الأ ْشع ِري لم يترك عقيدة الإمام‬ ‫ندمد في التنزي ‪ ،‬ولكن نتباع هم الذين تركوها‪ ،‬فحصل الخلاف بينهم وبين \"(‪. )1‬‬ ‫وفي تعليلات لاختلاف الأشا ِعرة مع ما علي الأشا ِعرة بعد نبي الحسن‪ ،‬يذكرالدكتور محمد عبد الردمن‬ ‫الخميس‪ :‬ظلم قو ٌم الأ ْشع ِري بقولدم‪\" :‬إن الأ ْشع ِري إنما كتب كتاب الإبانة مدارا ًة لصحاب الحديث\" ووصفدم‬ ‫بأنهم نعظموا الفرية على الأ ْشع ِري ونساؤوا ب الظن‪ ،‬فدو عالم جلي ٌل ل قدر ‪ ،‬ومن نهل الورع والتقوى‪ ،‬فكيف‬ ‫يدا ِري ويجا ِري في العقيدة نصل العقد مع هلل‪ -‬تعالى‪ ،-‬وليس للحنابلة من القدرة بحيث يعاقبوا الإمام إذا‬ ‫ماخالف منهجدم‪ ،‬والزاعمون لدذا البطلان من الأشا ِعرة إنما هم على طريقة ابن كلاب البصري‪ ،‬وهو الطور‬ ‫الثاشي الذي سلك الأ ْشع ِري قبل نن يتابع نهل الحديث ويتوب من الاعتزال‪ ،‬ومن طريقة ابن كلاب (‪. )2‬‬ ‫ولعل السبب الذي جعل الهكوك تحوم دول وسم الأ ْشع ِري بالحالة الكلابية‪ ،‬ما يلي‪:‬‬ ‫‪ ‬ما ذكر ابن عساكر من كثرة مدساد ‪ ،‬ومعاداة خصوم ل ‪ ،‬فقد قال في كتاب ‪( :‬تبيين كذب‬ ‫المفتري)‪\" :‬لم يبق من نصناف المبتدعة درب ًا إلا سل لاستئصالدم سيف ًا عضب ًا(‪ ،)3‬ونذاقدم ذلا وخسف ًا‪ ،‬وعقب‬ ‫لآثارهم شسف ًا‪ ،‬درجت صدور نهل البدع عن تحمل هذ النقم‪ ،‬وضاق صبرهم عن مقاساة هذا الألم ‪ .....‬فسولت‬ ‫لدم ننفسدم نم ًرا فظنوا ننهم بنوع تلبيس وضرب تدليس يجدون لعسرهم ميس ًرا‪ ،‬فسعوا إلى عالي مجلس السلطان‬‫سلمان ‌الفارسي‪\"‌ :‬أ َّنه ‌تداوله ‌بضعة ‌عشر ‌من ‌رب ‌إلى ‌رب\" ‌وانظر‪‌ :‬السيرة ‌لابن ‌هشام‪‌ ،‬باب ‌كان ‌سلمان ‌مجوسياً‪‌،‬‬ ‫ج‪3‬ص‪‌،331-332‬السيرة‌النبوية‌لابن‌كثير‪‌،‬ج‪‌3‬ص‪‌،356‬ص‪‌،115‬ص‪.‌123‬‬ ‫‪‌-1‬حمودة‌غرابة‪‌،‬أبو‌الحسن‌الأ ْشع ِري‪‌،‬ص‪.‌92‬‬‫‪‌ -2‬محمد ‌بن ‌عبد ‌الرحمن ‌الخميس‪‌ ،‬اعتقاد ‌أهل ‌السنة ‌شرح ‌أصحاب ‌الحديث‪‌ ،‬الطبعة‪‌ :‬الأولى‪‌ ،‬وزارة ‌الشئون ‌الإسلامية‌‬ ‫والأوقاف‌والدعوة‌والإرشاد‪‌،‬المملكة‌العربية‌السعودية‪‌،‬تاريخ‌النشر‪3139‌:‬هـ‪‌،‬ص‪.‌1‬‬‫‪‌-3‬العضب‌السيف‌القاطع‪‌،‬انظر‪‌:‬العين‌للخليل‌بن‌أحمد‪‌،‬ج‪3‬ص‪‌،351‬ومنه‌قول‌ابن‌المعتز‪‌**‌:‬في‌ك ّف ِه‌ َع ْض ٌب‌إذا‌ه َّزهُ‌‬‫‪‌...‬ح ِسب َت ُه‌من‌ َخ ْو ِفه‌ َي ْر َت ِعد**‌انظر‪‌:‬أبوبكر‌عبدالقاهر‌بن‌عبدالرحمن‌بن‌محمد‌الفارسي‌الأصل‪‌،‬الجرجاني‌الدار‪‌،‬أسرار‌‬ ‫البلاغة‪‌،‬مكتبة‌دار‌العلم‪‌،‬بيروت‪3999‌،‬م‪‌،‬ج‪3‬ص‪.‌319‬‬ ‫‪126‬‬

‫المعظم بنوع نميمة‪ ،‬وشسبوا الأ ْشع ِري إلى مذاهب ذميمة‪ ،‬ودكوا عن مقالات لا يوجد في كتب منها درف‪ ... ،‬إلى نن‬ ‫قال‪ :‬وما نقموا من الأ ْشع ِري إلا نن قال بإثبات القدر لله خير وشر ‪ ،‬نفع وضر ‪ ،‬وإثبات صفات الجلال لله من‬ ‫قدرت وعلم ‪ ،‬وإرادت ‪ ،‬وديات ‪ ،‬وبقائ ‪ ،‬وسمع ‪ ،‬وبصر ‪ ،‬وكلام ‪ ،‬ووجد ‪ ،‬ويد ‪ ،‬ونن القرآن كلام هلل غير‬ ‫مخلوق‪ ،‬ونن تعالى موجود تجوز رؤيت ‪ ،‬ونن إرادت نافذة في مرادات ‪ ،‬وما لا يخفى من مسائل الأصول التي تخالف‬ ‫طرق طرق المعتزلة والمجسمة (‪.)1‬‬ ‫وقال القابس ى (‪ ،)2‬وما نبو الحسن إلا واد ٌد من جملة القائمين فى نصرة الحق ما سمعنا من نهل‬ ‫الإنصاف من يؤخر عن رتبة ذلك‪ ،‬ولا من يؤثر علي فى عصر غير ‪ ،‬ومن بعد من نهل الحق سلكوا سبيل ‪.....‬‬ ‫إلى نن قال لقد مات الأشعرى يوم مات ونهل السنة باكون علي ونهل البدع مستريحون من (‪.)3‬‬ ‫‪ ‬وينضم إلى ذلك ما يثبت عند المؤرخين من نن الأ ْشع ِري لم يعاصر مؤسس الطريقة الكلابية‪ ،‬عبد‬ ‫ هلل بن سعيد‪ ،‬فقد مات هذا الأخير قبل مولد الأ ْشع ِري بنح ِو خمس عهرة سنة‪ ،‬بخلاف الجبائي الذي عاش بعد‬ ‫مولد الأ ْشع ِري نكثر من نربعين سنة‪ ،‬فقد ذكرالسيوطي في طبقات المفسرين موت الجبائي سنة ‪414‬هـ‪ ،‬ديث قال‬ ‫في طبقات المفسرين مات الجبائي في سنة ثلاث وثلاثمائة عن ثماشي وستين سنة (‪. )4‬‬ ‫وابن مكلاب توفي سنة ‪931‬هـ‪ ،‬كما ميقر ب كثير من المؤرخين‪ ،‬قال الذهبي‪ :‬بعد الأربعين‪ ،‬وقال الصفدي‪:‬‬ ‫توفي في ددود الأربعين ومائتين (‪ ،)5‬ويؤكد الزركلي في ترجمت لابن كلاب‪ ،‬وفات سنة ‪935‬هـ‪ ،‬الموافق ‪461‬م (‪.)6‬‬‫‪‌ -‌ 1‬أبو ‌القاسم ‌علي ‌بن ‌الحسن ‌بن ‌هبة ‌الله ‌بن ‌عساكر ‌الدمشقي‪‌ ،‬تبيين ‌كذب ‌المفتري ‌بما ‌نسب ‌إلى ‌الإمام ‌أبي ‌الحسن‌‬‫الأ ْشع ِري‪‌،‬عن‌نسخة‌المرحوم‌السيد‌عبد‌الباقي‌الحسني‌الجزائير‪‌،‬عني‌بنشره‪‌:‬القدسي‪‌،‬دمشق‌الشام‌‪3119‬هـ‪‌،‬ص‪‌،333‬‬ ‫(باختصار)‪.‬‬‫‪‌ -2‬هو ‌الحافظ‪‌ :‬أبو ‌الحسن ‌علي ‌بن ‌محمد ‌بن ‌خلف ‌المعافري ‌الفروي‪‌ ،‬أخذ ‌بأفريقية ‌عن ‌ابن ‌مسرور ‌الدباغ ‌ودارس ‌بن‌‬‫إسماعيل‪‌،‬وبمصر‌عن‌حمزة‌بن‌محمد‌الحافظ‌وأبي‌زيد‌المروزي‌وهذه‌الطبقة‪‌،‬ولد‌سنة‌‪131‬هـ‪‌،‬وتوفي‌‪111‬هـ‪‌،‬وكان‌‬‫حاف ًظا‌للحديث‌والعلل‌بصي ًرا‌بالرجال‌عار ًفا‌بالأصلين‌رأ ًسا‌في‌الفقه‌وكان‌ضري ًرا‌وكتبه‌في‌نهاية‌الصحة‪‌،‬كان‌يضبطها‌‬‫له ‌ثقات ‌أصحابه‪‌ ،‬والذي ‌ضبط ‌له ‌الصحيح ‌بمكة ‌على ‌أبي ‌زيد ‌صاحبه ‌أبو ‌محمد ‌الأصيلي‪‌ ،‬ذكره ‌حاتم ‌الطرابلسي ‌فقال‪‌:‬‬‫كان‌زاه ًدا‌ور ًعا‌لم‌أر‌بالقيروان‌أح ًدا‌إلا‌معتر ًفا‌بفضله‪‌،‬انظر‪‌:‬ترتيب‌المدارك‌للقاضي‌عياض‪‌،‬ج‪3‬ص‪‌،333‬وانظر‪‌:‬‬ ‫تذكرة‌الحفاظ‌للذهبي‪‌،‬ج‪1‬ص‪.365‬‬‫‪‌-3‬تاج‌الدين‌بن‌علي‌بن‌عبد‌الكافي‌السبكي‪‌،‬طبقات‌الشافعية‌الكبرى‪‌،‬تحقيق‪(‌:‬محمود‌محمد‌الطناحي‪‌،‬عبد‌الفتاح‌محمد‌‬ ‫الحلو)‪‌،‬هجر‌للطباعة‌والنشر‌والتوزيع‪‌،‬الطبعة‌الثانية‪3131‌،‬هـ‪‌،‬ج‪1‬ص‪‌.‌169‬‬ ‫‪‌-4‬طبقات‌المفسرين‌للسيوطي‪‌،‬ج‪3‬ص‪35‬‬ ‫‪‌-5‬الصفدي‪‌،‬الوافي‌بالوفايات‪‌،‬ج‪2‬ص‪192‬‬ ‫‪‌-6‬الزركلي‪‌،‬الإعلام‪‌،‬ج‪1‬ص‪91‬‬ ‫‪127‬‬

‫نما الأ ْشع ِري فتظافرت الروايات على مولد سنة ‪961‬هـ‪ ،‬دسب فتوى وزارة الأوقاف المصرية‪ ،‬نما وفات‬ ‫فيؤكدونها في سنة ‪493‬هـ (‪. )1‬‬‫والزركلي يذكرنن وفاة الأ ْشع ِري نبو الحسن علي بن إسماعيل كانت في ‪493‬هـ (‪ ،)2‬وقيل سنة ‪441‬هـ‪ ،‬قال‬ ‫ابن فورك في طبقات المتكلمين بأن الأ ْشع ِري شافعي توفي في سنة ‪493‬هـ‪ ،‬وقيل‪ :‬سنة ‪491‬هـ وقيل‪441 :‬هـ (‪.)3‬‬ ‫استنتاج‪:‬‬‫شستنتج بالتحليل والنظر الصحيح‪ ،‬وتتبع تاريخ وفاة الجبائي‪ ،‬نن الجبائي مات في اوساط عمر الأ ْشع ِري‪،‬‬‫نما ابن كلاب فقد توفي قبل مولد الأ ْشع ِري بحوالي خمس عهرة سنة‪ ،‬وبهذا يثبت نن الأ ْشع ِري لم يلق ‪ ،‬إلا نن‬ ‫يكون قد تأثربآرائ ‪.‬‬‫وإذا كان الأ ْشع ِري قد لزم الاعتزال مدة نربعين سنة‪ ،‬كما جاءت بذلك الروايات المستفيضة‪ ،‬قال‬‫الأهوازي‪ :‬سمعت نبا الحسن العسكري‪ -‬وكان من المخلصين في مذهب الأ ْشع ِري‪ -‬يقول‪ :‬كان الأ ْشع ِري تلميذ الجبائي‬ ‫يدرس علي ويتعلم من ‪ ،‬لا يفارق نربعين سنة (‪.)4‬‬‫فإن الجمع بين الروايات‪ ،‬يستلزم نن يكون الأ ْشع ِري قد فارق الاعتزال‪ ،‬بعد موت الجبائي‪ ،‬نو في آخر‬ ‫ديات ‪ ،‬فقد كان معتزلي ًا نربعة عقود من عمر ‪ ،‬وهي بالتأكيد وقت ازدهار دعوة الجبائي‪ ،‬وقبل نن ينبري ل‬ ‫الأ ْشع ِري بالرد‪ ،‬هذا إذا قلنا إن الجبائي قد عاش نزر ًا من ديات ‪ ،‬بعد مفارقة الأ ْشع ِري لمذهب ‪.‬‬ ‫خلاصة‪:‬‬‫شستخلص من كل ما سبق‪ ،‬نن الأ ْشع ِري وصف بثلاث دالات‪ ،‬دالتان ثابتتان في منهج الأ ْشع ِري لا شك‬ ‫فيهما‪:‬‬ ‫‪http://www .islamic-council .com‌-1‬‬ ‫‪‌-2‬الزركلي‌ج‪3‬ص‪113‬‬ ‫‪‌-3‬ابن‌قاضي‌شهبة‪‌،‬طبقات‌الشافعية‌ج‪3‬ص‪‌33‬‬ ‫‪‌-4‬ابن‌الجوزي‪‌،‬المنتظم‪‌،‬ج‪1‬ص‪‌393‬‬ ‫‪128‬‬

‫‪ ‬الأولى‪ -‬دالة الاعتزال مع ابن الجبائي‪ ،‬وهي من مولد ‪ ،‬دتى بلوغ الأربعين‪ ،‬كما نكد ذلك‬ ‫الأهوازي‪ ،‬وابن فورك وغيرهما‪.‬‬ ‫‪ ‬الثانية‪ -‬التسنن والاقتداء بطريقة السلف‪ ،‬وهي دال في الإبانة‪ ،‬وإعلام بأن على مذهب الإمام‬ ‫ندمد بن دنبل‪ ،‬وإثبات الصفاة الخبرية لله تعالى‪ ،‬كما نجمع على ذلك نهل العلم من الأ ْشع ِرية والسلفية ‪.‬‬ ‫‪ ‬الحالة الثالثة‪ -‬التي نثارت الجدل بين العلماء من الفريقين‪ ،‬السلفيين‪ ،‬والأ ْشع ِريين‪ ،‬وهي محط‬ ‫جدال إلى يومنا هذا‪ ،‬وهي الحالة الكلابية‪ ،‬وإن كنا لا نميل إلى القول بها‪ ،‬وشعتقد ننها مما وسم ب خصوم من‬ ‫نهل الاعتزال‪ ،‬فقد تقولوا علي بما لم يقل ‪ ،‬وشسبوا إلي نشياء هو بري ٌء منها‪ ،‬وزعموا ننها نقوال ‪ ،‬فصارت تنقل‬ ‫بالنسبة إلي ‪ ،‬ثم لما تبين ننها مخالفة لمنهج السلف‪ ،‬ونن الإمام نبا الحسن تبرن منها‪ ،‬وعاش ديات في اثبات‬ ‫بطلانها‪ ،‬مما دذا بتلامذت من بعد نن ينحو نحو بال ُّنفرة منها‪ ،‬والتحذيرمن اعتقادها‪ ،‬كالقول بتأويل ال ِصفات‪،‬‬ ‫والخوض في مسائل الكلام بخلاف ما علي السلف‪ ،‬مثل ما ددث مع الجويني(‪ ،)1‬والغزالي(‪ ،)2‬وغيرهما‪ ،‬كما سيأتي‬ ‫بيان ‪ ،‬إن شاء هلل ‪.‬‬‫‪‌-1‬عبد‌الملك‌بن‌عبد‌الله‌بن‌يوسف‌بن‌محمد‌الجويني‪‌،‬أبو‌المعالي‪‌،‬ركن‌الدين‪‌،‬الملقب‌بإمام‌الحرمين‪‌:‬أعلم‌المتأخرين‪‌،‬‬‫من ‌أصحاب ‌الشافعي‪‌ ،‬ولد ‌في ‌جوين ‌(من ‌نواحي ‌نيسابور) ‌ورحل ‌إلى ‌بغداد‪‌ ،‬فمكة ‌حيث ‌جاور ‌أربع ‌سنين ‌‪‌ .‬وذهب ‌إلى‌‬‫المدينة ‌فأفتى ‌ودرس‪‌ ،‬جامعا ‌طرق ‌المذاهب ‌ثم ‌عاد ‌إلى ‌نيسابور‪‌ ،‬فبنى ‌له ‌الوزير ‌نظام ‌الملك ‌\" ‌المدرسة ‌النظامية ‌\" ‌فيها‌‬‫‪.‬وكان‌يحضر‌دروسه‌أكابر‌العلماء‌‪‌.‬له‌مصنفات‌كثيرة‪‌،‬منها‌\"غياث‌الامم‌والتياث‌الظلم\"‌و‌\"العقيدة‌النظامية‌في‌الاركان‌‬‫الاسلامية\" ‌و\"البرهان ‌في ‌أصول ‌الفقه‪‌ \"،‬في ‌أصول ‌الدين‪‌ ،‬على ‌مذهب ‌الأ َشا ِعرة‪‌ ،‬و\"الورقات\" ‌في ‌أصول ‌الفقه ‌قال‌‬‫الباخرزي‌في‌الدمية‌يصفه‪‌:‬الفقه‌فقه‌الشافعي‪‌،‬والأدب‌أدب‌الاصمعي‪‌،‬وفي‌الوعظ‌الحسن‌البصري‌(توفي‌سنة‌‪195‬هـ)‪‌،‬‬ ‫انظر‌الزركلي‪‌،‬الأعلام‪‌،‬ج‪1‬ص‪.361‬‬‫‪‌-2‬أبو‌حامد‌الغ َّزالي‌زين‌الدين‌ح ّج ّة‌الإسلام‌محمد‌بن‌محمد‌بن‌محمد‌بن‌أحمد‌الطوس ُّي‌الشافع ُّي‪‌،‬أحد‌الأعلام‌‪‌.‬تلمذ‌لإمام‌‬‫الحرمين‪‌ ،‬ث َّم ‌ولاه ‌نظام ‌الملك ‌تدريس ‌مدرسته ‌ببغداد ‌‪‌ .‬وخرج ‌له ‌الأصحاب‪‌ ،‬وص ّنف ‌التصانيف‪‌ ،‬مع ‌التص ّون ‌والذكاء‌‬‫المفرط‌والاستبحار‌من‌العلم‌‪‌.‬وفي‌الجملة‌ما‌رأى‌الرجل‌مثل‌نفسه‪‌،‬توفي‌في‌رابع‌عشر‌جمادى‌الآخرة‌بال ّطابران‌قصبة‌‬‫بلاد‌طوس‪‌،‬وله‌خم ٌس‌وخمسون‌سنة‪‌،‬والغ َّزالي‌هو‌الغ ّزال‌و‌كذا‌الع ّطاري‌وهو‌العطار‌والخ ّبازي‌على‌لغة‌أهل‌خراسان‪‌،‬‬‫انطر‪‌-‬العبر‌في‌خبر‌من‌غبر‌للذهبي‪‌،‬ج‪3‬ص‪‌،316‬وقال‌الذهبي‪‌،‬وهو‌يتكلم‌على‌أعيان‌المأة‌من‌كل‌قرن‪‌:‬وقد‌كان‌على‌‬‫رأس‌الاربع‌مئة‌الشيخ‌أبو‌حامد‌الاسفراييني‪‌،‬وعلى‌رأس‌الخمس‌مئة‌أبو‌حامد‌الغ َّزالي‪‌،‬وعلى‌رأس‌الست‌مئة‌الحافظ‌‬‫عبد ‌الغني‪‌ ،‬وعلى ‌رأس ‌السبع ‌أبو ‌الفتح ‌ابن ‌دقيق ‌العيد‪‌ ،‬انظر‪‌ :‬الذهبي ‌سير ‌أعلام ‌النبلاء‪‌ ،‬ج‪31‬ص‪‌ ،311‬وذكر ‌النووي‌‬‫رواية‌أبي‌داوود‌في‌سننه‌للحديث‌وهو‌عن‌أبى‌هريرة‪-‌،‬رضي‌الله‌عنه‪‌-‬عن‌رسول‌الله‌‪‌-‬صلى‌الله‌عليه‌وسلم‌‪‌،-‬وحمله‌‬‫العلماء‌فى‌المائة‌الأولى‌على‌عمر‪‌،‬والثانية‌على‌الشافعى‪‌،‬والثالثة‌على‌أبى‌العباس‌بن‌سريج‌‪‌.‬وقال‌الحافظ‌أبو‌القاسم‌بن‌‬‫عساكر‪‌ :‬عندي ‌أ َّنه ‌يحمل‌على ‌أبى ‌الحسن‌الأشعرى‪‌ ،‬والمشهور ‌أ َّنه ‌ابن ‌سريج‌‪‌ .‬رواه‌الحاكم ‌أبو ‌عبد‌الله‪‌ ،‬وأنشدوا ‌فيه‌‬‫شع ًرا‌‪‌.‬وفى‌الرابعة‌قيل‪‌:‬أبو‌سهل‌الصعلوكى‪‌،‬وقيل‪‌:‬القاضى‌ابن‌الباقلانى‪‌،‬وقيل‪‌:‬أبو‌حامد‌الإسفراينى‪‌،‬وفى‌الخامسة‌‬‫الإمام‌أبو‌حامد‌الغزالى‪‌،‬رحمه‌الله‪‌،‬والله‌أعلم‪‌،‬انظر‪‌:‬الع َّلامة‌أبى‌زكريا‌محيى‌الدين‌بن‌شرف‌النووى‪(‌،‬المتوفى‌سنة‌‬ ‫‪‌696‬هـ)‪‌‌،‬تهذيب‌الأسماء‌واللغات‪‌،‬دار‌الكتب‌العلمية‪‌،‬بيروت‪(‌،‬بدون‌تاريخ‌طباعة)‪‌،‬ج‪3‬ص‪.31‬‬ ‫‪129‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬تص ُّدر الأ ْشعري لوسائل المتكلمين مع نهي السلف عنه‪:‬‬‫لما قوي الاعتزال‪ ،‬واشساق وراء كثي ٌر من العوام انبها ًرا بأمثلة متكلمي ‪ ،‬وتل ُّسن معتنقي ‪ ،‬صار لزام ًا على‬‫الأ ْشع ِري ومن نحا نحو من علماء السنة‪ ،‬نن يردوا هؤلاء المتجدمة من المعتزلة ومن شايعدم على نعقابهم‪،‬‬‫ويفحموا حجتهم بالحجة‪ ،‬وير ُّدوا ضلالدم بالبيان‪ ،‬نقل القرطبي الرواية عن ابن الحصار(‪ ،)1‬في تلخيص للأسباب‬‫التي نلجأت الأ ْشع ِري وغير للخوض مع هؤلاء المتكلمين‪ ،‬وعزا السبب في ذلك إلى ظدور التلفظ بها‪ -‬يعني القول‬‫بهذ البدع كقولدم بخلق القرآن‪ ،‬وإنكار صفات الباري جل وعلا‪ ،‬والقول بالمنزلة بين المنزلتين‪ ،‬وغيرها‪ -‬في زمن‬‫المأمون‪ ،‬فسارع المبتدعون ومن في قلب زيغ إلى دفظ تلك الاصطلادات‪ ،‬وقصدوا بها الإغراب على نهل السنة‪،‬‬‫وإدخال الهب على الضعفاء من نهل الملة‪ ،‬فلم يزل الأمر كذلك إلى نن ظدرت البدعة‪ ،‬وصارت للمبتدعة شيعة‪،‬‬‫والتبس الامر على السلطان‪ ،‬دتى قال الامير بخلق القرآن‪ ،‬وجبر الناس علي ‪ ،‬وضرب ندمد بن دنبل على ذلك‪،‬‬‫فانتدب رجال من نهل السنة كالهيخ نبي الحسن الأ ْشع ِري‪ ،‬وعبد هلل بن كلاب‪ ،‬ونشباهدم‪ ،‬فخاضوا مع المبتدعة‬ ‫في إصطلاداتهم‪ ،‬ثم قاتلوهم وقتلوهم بسلاددم (‪.)2‬‬‫وهذا يلفت انتباهنا إلى معنى دقيق‪ ،‬وهو نن الأ ْشع ِري وغير من علماء ال ُّسنة‪ ،‬لم يخوضوا في علم الكلام‬‫محبة ل نو عن هو ًى‪ ،‬ولكن الضرورة هي التي نلجأتهم لركوب بحر ‪ ،‬والخوض في لجج ‪ ،‬على ما يرا جمدور‬‫السلفية من نهل السنة نصحاب الحديث من التحفظ على ذلك‪ ،‬فإن جل السلفيين إن لم نقل إن إجماعدم‬ ‫اشعقد على نبذ علم الكلام‪ ،‬وذم الخوض في ‪ ،‬وهجرمقارفي ‪ ،‬فقد نقل عن كبارالأئمة التحذيرمن ‪.‬‬ ‫أقاويل علماء ال َّسـلف في النهي عن علم الكلام‪:‬‬‫ومن الذين كرهو ‪ ،‬وورد عنهم النـكير على مزاولي \"الإمام نبو دنيفة‪ ،‬ومالك‪ ،‬والهافعي‪ ،‬وندمد بن‬‫دنبل وغيرهم‪ ،‬وفي الروايات التي نقلت عنهم‪ ،‬دليل واضح على كراهيتهم علم الكلام‪ ،‬مثل ما من ِقل عن الِإمام نبي‬‫‪‌1‬أحمد‌بن‌سعيد‌بن‌بشر‪‌،‬أبو‌العباس‌بن‌الحصار‌القرطبي‪‌،‬سمع‌من‌قاسم‌بن‌أصبغ‪‌،‬وابن‌أبي‌دليم‪‌،‬ومسلمة‌بن‌القاسم‪‌،‬‬‫وجماعة‌وكان‌محدثاً‌مفتياً‪‌،‬توفي‌سنة‌‪‌،193‬انظر‪‌:‬الذهبي‪‌:‬شمس‌الدين‌محمد‌بن‌أحمد‌بن‌عثمان‌الذهبي‪‌،‬تاريخ‌الإسلام‌‬‫ووفيات ‌المشاهير ‌والأعلام‪‌ ،‬تحقيق‪‌ :‬عمر ‌عبد ‌السلام ‌تدمري‪‌ ،‬دار ‌الكتاب ‌العربي‪‌ ،‬لبنان‪‌ ،‬بيروت‪‌ ،‬الطبعة ‌الأولى‪‌،‬‬ ‫‪3959‬م‪‌،‬ج‪6‬ص‪.‌169‬‬ ‫‪‌-2‬القرطبي‪‌،‬تفسير‌القرطبي‪‌،‬ج‪3‬ص‪331‬‬ ‫‪130‬‬

‫دنيفة النعمان‪ :‬فقد روى عن محمد بن الحسن تلميذ قائل ًا‪\" :‬قال نبودنيفة‪\" :‬لعن هلل عمرو بن عبيد(‪ )1‬فإن‬ ‫فتح للناس الطريق إلى الكلام فيما لا يعنيهم من الكلام\"(‪ ،)2‬ونقل السيوطي بسند الرواية عن عبد الردمن بن‬ ‫مددي‪ ،‬نن قال‪\" :‬دخلت على ماِلك وعند رجل يسأل فقال‪ :‬لعلك من نصحاب عمرو بن عبيد؟ لعن هلل عم ًرا‬ ‫ابتدع هذ البدعة من الكلام‪ ،‬ولو كان الكلام علما لتكلم في الصحابة والتابعون كما تكلموا في الأدكام‬ ‫والهرائع\"(‪. )3‬‬ ‫وهو القول كذلك عند الهافعي وندمد‪ -‬ردمدما هلل‪ -‬فقد ذكر عبد هلل بن محمد بن علي الأنصاري‬ ‫الدروي في كتاب \"ذم الكلام\" كثيرا من الآثار التي ي مذمان فيها علم الكلام والتط ُّرف في ‪ ،‬والخضوع ل ‪ ،‬منها قول‬ ‫الهافعي‪\" :‬لن يبتلي هل مل امرء ًا بكل ما نهى عن خلا الهرك‪ ،‬خي ٌرمن نن يبتلي بالكلام\"(‪. )4‬‬ ‫ومن هنا يتبين نن الهافعي‪ -‬ردم هلل‪ -‬اتخذ موقف ًا متهدد ًا جد ًا من علم الكلام‪ ،‬لذلك قصد نن يرمي‬ ‫كلام ًا على نولئك المبتدعة الذين يخوضون في الكلام المذموم‪ ،‬الذي يجر إلى التعطيل والزيغ عن الحق والصراط‬ ‫المستقيم‪ ،‬وبين نن ولوج هذا الطريق من نعظم الكبائر بعد الهرك‪ ،‬لما في من تهكيك الناس في نعظم نصول‬ ‫الإيمان‪ ،‬وهو التوديد‪ ،‬وإغراء الناس بطريق مخالفة لددي السلف‪ ،‬وزرع بذور الهقاق والفتنة بين المسلمين‪،‬‬ ‫فلم يعرف على م ِرالتاريخ ببدعة نضرعلى المسلمين‪ ،‬ونفتن لدينهم‪ ،‬ونذهب لريحدم‪ ،‬من بدعة الكلام ‪.‬‬ ‫نما الِإمام ندمد بن دنبل‪ -‬ردم هلل‪ -‬فقد كان يقول‪ \":‬نئمة الكلام زنادقة\"(‪.)5‬‬ ‫إذ اا‪ :‬يمكننا القول‪ :‬نن هذ هي بوادر الخلاف بين المذهبين‪( ،‬ال َّسلفي‪ ،‬والأْعشع يري) فالسلفية يرون نن‬ ‫هذا من بدع القول الذي لا يجوز مجاراة الخائضين في ‪ ،‬والأ ْشع ِرية يرون نن هذا من الضرورات التي لا غنى‬‫‪‌ -‌ 1‬هو ‌أبو ‌عثمان ‌عمرو ‌بن ‌عبيد ‌من ‌باب‪‌ ،‬ولد ‌في ‌بلغ ‌سنة ‌‪‌ 51‬هـ‪‌ ،‬وكان ‌جده ‌من ‌سبي ‌فارس‪‌ ،‬تتلمذ ‌أول ‌الأمر ‌على‌‬‫الحسن‌البصري‌إلى‌أن‌انفصل‌هو‌وواصل‌بن‌عطاء‪‌،‬ويعتبر‌هذان‌الرجلان‌هما‌مؤسسا‌مذهب‌الاعتزال‪‌،‬مات‌ابن‌عبيد‌‬ ‫سنة‪311‬هـ‌‪.‬‬‫‪‌-‌2‬صون‌المنطق‌والكلام‌عن‌فن‌المنطق‌والكلام‪‌،‬جلال‌الدين‌السيوطي‪‌،‬تحقيق‌علي‌سامي‌النشار‪‌،‬دار‌الكتب‌العلمية‪‌،‬‬ ‫بيروت‪‌،‬بدون‌تاريخ‌‪.‬ص‪‌.‌313-311‬‬ ‫‪‌-‌3‬صون‌المنطق‌والكلام‪‌،‬للسيوطي‪‌،‬ص‪‌.‌11-13‌:‬‬ ‫‪‌-‌4‬ذم‌الكلام‪‌،‬الهروي‪‌،‬تحقيق‪‌:‬الدكتور‌سميح‌دغيم‪‌،‬دار‌الفكر‌اللبناني‪‌،‬بيروت‪‌،‬بدون‌تاريخ‌طباعة‌ص‌‪‌.‌322‬‬ ‫‪‌-‌5‬صون‌المنطق‪‌،‬السيوطي‪‌،‬ص‪.‌51‌:‬‬ ‫‪131‬‬

‫عنها‪ ،‬لتبيين زيفدم والرد على شبهاتهم‪ ،‬بالحجج العقلية‪ ،‬التي يرى الأشا ِعرة ننها تنسجم مع غاية الدين‪،‬‬ ‫ومسلمات ‪ ،‬فالعقل والنقل لا يتعارضان بل يجتمعان ويقوي نددهم حجة الآخر‪.‬‬ ‫البوطي والقول بممارسة بعض السلف لعلم الكلام‪:‬‬ ‫يرى العلامة محمد سعيد ال مبوطي نن هذ المسألة‪ -‬ني صناعة الكلام‪ -‬ليست من البدع‪ ،‬فقد انقسم‬ ‫فيها السلف بين مجيز وماشع‪ ،‬ويؤكد نن من الصحابة من رفض هذا الأمر‪ ،‬وعد من المحدثات‪ ،‬وآثر السكوت‬ ‫وعدم الخوض في ‪ ،‬من نمثال‪ :‬عمربن الخطاب‪ ،‬وعبد هلل بن عمر‪ ،‬وزيد بن ثابت‪ ،‬وعدد غفير منهم‪ -‬رضوان هلل‬ ‫عليهم‪ -‬ومن التا ِبعين الذين مهوا في هذا الطريق كما يضيف ال مبوطي‪ :‬السفيانان الثوري‪ ،‬ومالك بن نشس‪ ،‬وندمد‬ ‫بن دنبل‪ ،‬وكثيرون من نمثالدم (‪. )1‬‬ ‫وهناك من رنى نن الرد على هذ الهبهات‪ ،‬وددض حجج هؤلاء المبتدعة والذود عن دياض الدين‪،‬‬ ‫فريضة على نهل الحل والعقد‪ ،‬وعلى نهل العلم‪ ،‬ومن هذا الفريق من الصحابة‪ :‬علي بن نبي طالب‪ ،‬وابن عباس‪،‬‬ ‫وابن مسعود‪ ،‬وآخرين‪ -‬رضوان هلل عليهم نجمعين‪ ،-‬ومن التا ِبعين كذلك الحسن البصري‪ ،‬ونبودنيفة‪ ،‬والحارث‬ ‫المحاسبي‪ ،‬وجمع آخر(‪. )2‬‬ ‫وميص ِرح ال مبوطي باللائمة على ابن ت ْي ِمية لعتب على الإمام نبي دامد الغزالي اشتغال بعلم الكلام‪ ،‬ولم‬ ‫يبين دينها نن الغزالي إنما اشتغل ب للرد على نهل الأهواء‪ ،‬والذود عن الحق‪ ،‬وهو في هذا‪ -‬يعني ابن ت ْي ِمية‪ -‬إنما‬ ‫يناقض نفس ‪ ،‬لن نشار في مجموع الفتاوى بأن الاشتغال بعلم الكلام إذا كان لإدقاق الح ِق الذي جاء ب القرآن‬ ‫والسنة‪ ،‬عمل مبرور‪ ،‬ولا درج في ولا ماشع من (‪. )3‬‬ ‫ويسوق ال مبوطي الدليل على جوازصناعة الكلام‪ ،‬والمبررات التي ندت بأهل إلى غهيان هذا البحر‪ ،‬وولوج‬ ‫طرق وتهعبات ‪ ،‬الأثر عن الحسن البصري‪ ،‬في رسالت إلى عبد الملك بن مروان‪ ،‬وقيل هي كانت للحجاج‪ ،‬تدور‬ ‫دول مسألة القدر‪ ،‬ودكم التهاغل بالرد على من ضل فيها‪ ،‬فيقول‪ :‬لم يكن ندد من السلف يذكر ذلك ولا‬‫‪‌ -1‬محمد ‌سعيد ‌رمضان ‌ال ُبوطي‪‌ ،‬ال َّسلفية ‌مرحلة ‌زمنية ‌مباركة ‌لا ‌مذهب ‌إسلامي‪‌ ،‬دار ‌الفكر‪‌ ،‬دمشق‪‌ ،‬سورية‪‌ ،‬الطبعة‌‬ ‫الأولى‪3955‌،‬م‪‌،‬ص‪321‬‬ ‫‪‌-2‬محمد‌سعيد‌رمضان‌ال ُبوطي‪‌،‬ال َّسلفية‌مرحلة‌زمنية‌مباركة‌لا‌مذهب‌إسلامي‪‌،‬ص‪323‬‬ ‫‪‌-3‬ابن‌ َت ْي ِم َّية‪‌،‬مجموع‌الفتاوى‪‌،‬ج‪9‬ص‪‌،351‬وانظر‪‌:‬ال ُبوطي‪‌،‬ال َّسلفية‌فترة‌زمنية‌مباركة‪‌،‬ص‪.‌361‬‬ ‫‪132‬‬

‫يجادل في ‪ ،‬لنهم كانوا على نمر وادد‪ ،‬وإنما نددثنا الكلام في لما نددث الناس من النكرة ل ‪ ،‬فلما نددث‬ ‫المحدثون في دينهم ما نددثو ‪ ،‬نددث هلل للمتمسكين بكتاب ما يبطلون ب المحدثات‪ ،‬ويحذرون ب من المدلكات‬ ‫(‪. )1‬‬ ‫نقول‪ :‬وفي شسبتها إلى الحسن البصري نظر‪ ،‬كما نشار إلي الهدرستاشي في كتاب الملل والنحل‪ ،‬ولم مي ِهر‬ ‫ال مبوطي‪ -‬ردم هلل‪ -‬إلى باقي الوصية فإن فيها كلام ًا يق ِرمر في ‪ -‬وكما قال الهدرستاشي‪ -‬نن الحسن البصري يقول‬ ‫بقول المعتزلة‪ ،‬وهذا ما لم ينقل عن الحسن البصري‪ -‬ردم هلل‪ ،-‬وإنما كان من كلام واصل ابن عطاء(‪ ،)2‬ندد‬ ‫تلامذة الحسن البصري‪ ،‬الذي اعتزل دلقة شيخ الحسن ف مس ُّموا من انضم إلي بالمعتزلة(‪ ،)3‬فظن من زعم نن‬ ‫من كلام الحسن البصري فنسب إلي ‪ ،‬وفي هذا يذكر الهدرستاشي بالنص‪ \" :‬ورنيت رسالة شسبت إلى الحسن‬ ‫البصري كتبها إلى عبد الملك بن مروان وقد سأل عن القول بالقدر والجبر فأجاب فيها بما يوافق مذهب القدرية‬ ‫واستدل فيها بآيات من الكتاب ودلائل من العقل‪ ،‬ولعلدا لواصل بن عطاء فما كان الحسن ممن يخالف السلف‬ ‫في القول بأن‪ :‬القدرخير وشر من هلل تعالى‪.)4( \"....‬‬ ‫وال مبوطي‪ -‬ردم هلل‪ -‬ير ِجح نن كثي ًرا من علماء السنة مارسوا علم الكلام‪ ،‬وجعلو سلاد ًا بات ًرا‪ ،‬وسيف ًا‬ ‫مصلت ًا في وجو زنادقة المتكلمين‪ ،‬وقد تواتر كثي ٌر من نهل العلم على مزاولة الأ ْشع ِري وبعض تلامذت ل ‪ ،‬في رِدهم‬ ‫على القائلين بخلق القرآن‪ ،‬والمنزلة بين المنزلتين ‪.‬‬‫‪‌ -1‬ال ُبوطي‪‌ ،‬ال َّسلفية ‌مرحلة ‌زمنيه ‌مباركة‪‌ ،‬ص‪‌ ،323‬انظر‪‌ :‬جعفر ‌السبحاني‪‌ ،‬بحوث ‌في ‌الملل ‌والنحل‪‌ ،‬مؤسسة ‌النشر‌‬ ‫الإسلامي‪3115‌،‬هـ‪‌،‬ص‪.‌353‬‬‫‪‌-2‬واصل‌بن‌عطاء‌الغزال‪‌،‬أبو‌حذيفة‪‌،‬من‌موالي‌بني‌ضبة‌أو‌بني‌مخزوم‪‌:‬رأس‌المعتزلة‌‌ومن‌أئمة‌البلغاء‌والمتكلمين‌‬‫‪.‬سمي‌أصحابه‌بالمعتزلة‌لاعتزالهم‌حلقة‌درس‌الحسن‌البصري‌‪‌.‬ومنهم‌طائفة‌تنسب‌إليه‪‌،‬تسمى‌\"‌الواصلية‌\"‌وهو‌الذي‌‬‫نشر‌مذهب‌\"‌الاعتزال‌\"‌في‌الآفاق‪‌:‬بعث‌من‌أصحابه‌عبد‌الله‌بن‌الحارث‌إلى‌المغرب‪‌،‬وحفص‌بن‌سالم‌إلى‌خراسان‪‌،‬‬‫والقاسم‌إلى‌اليمن‪‌،‬وأيوب‌إلى‌الجزيرة‪‌،‬والحسن‌بن‌ذكوان‌إلى‌الكوفة‪‌،‬وعثمان‌الطويل‌إلى‌أرمينية‌‪‌.‬ولد‌بالمدينة‪‌،‬ونشأ‌‬‫بالبصرة‌‪‌.‬وكان‌يلثغ‌بالراء‌فيجعلها‌غينا‪‌،‬فتجنب‌الراء‌في‌خطابه‪‌،‬وضرب‌به‌المثل‌في‌ذلك‌‪‌.‬وكانت‌تأتيه‌الرسائل‌وفيها‌‬‫الراءات‪‌ ،‬فإذا ‌قرأها ‌أبدل‌كلمات ‌الراء ‌منها ‌بغيرها‌حتى ‌في ‌آيات ‌من ‌القرآن‌‪‌ .‬ومن ‌أقوال ‌الشعراء ‌في ‌ذلك‪‌ ،‬لاحدهم‪‌\":‬‬‫أجعلت‌وصلي‌الراء‪‌،‬لم‌تنطق‌به‌‪‌.‌.‬وقطعتني‌حتى‌كأنك‌واصل‌‪‌.‌\"‌.‬له‌تصانيف‪‌،‬منها‌\"‌أصناف‌المرجئة‌\"‌و‌\"‌المنزلة‌‬‫بين‌المنزلتين‌\"‌و‌\"‌معاني‌القرآن‌\"‌و‌\"‌طبقات‌أهل‌العلم‌والجهل‌\"و‌\"‌السبيل‌إلى‌معرفة‌الحق‌\"‌و‌\"‌التوبة‌\"‌انظر‪‌:‬ابن‌‬ ‫خلكان‪‌،‬وفيات‌الأعيان‪‌،‬ج‪6‬ص‪‌،9‬وانظر‪‌:‬الأعلام‌للزركلي‪‌،‬ج‪5‬ص‪315‬‬‫‪-3‬قيل‌أ َّنه‌\"‌لما‌اعتزل‌واصل‌بن‌عطاء‌مجلس‌الحسن‌وطرده‌تحول‌إليه‌عمرو‌فسموا‌معزلة\"‌انظر‪‌:‬العكري‪‌،‬شذرات‌‬ ‫الذهب‪‌،‬ج‪3‬ص‪312‬‬‫‪‌-4‬محمد‌بن‌عبد‌الكريم‌بن‌أبي‌بكر‌أحمد‌الشهرستاني‪‌،‬الملل‌والنحل‪‌،‬تحقيق‪‌:‬محمد‌سيد‌كيلاني‪‌،‬دار‌المعرفة‪‌،‬بيروت‪‌،‬‬ ‫‪3111‬هـ‪‌،‬ج‪3‬ص‪.‌12‬‬ ‫‪133‬‬

‫أقاويل العلماء في الذب عن الأشعري‪:‬‬ ‫ذكرابن خلدون نن الأ ْشع ِري برز في محاربة نهل البدع من المعتزلة وغيرهم‪ ،‬الذين يقولون بخلق القرآن‪،‬‬ ‫كونهم لم يعقلوا صفة الكلام التي تقوم بالنفس‪ ،‬فقضوا بأن القرآن مخلوق‪\" ،‬بدعة صرح السلف بخلافدا\"‪،‬‬ ‫وعظم ضرر هذ البدعة‪ ،‬ولقنها بعض الخلفاء عن نئمتهم‪ ،‬فحمل الناس عليها‪ ،‬وخالفدم نئمة السلف‪ ،‬فاستحل‬ ‫لخلافدم إيسا مر كثير منهم ودماؤهم‪ ،‬وكان ذلك سببا لانتهاض نهل السنة بالادلة العقلية على هذ العقائد‪ ،‬دفعا‬ ‫في صدور هذ البدع‪ ،‬وقام بذلك الهيخ نبو الحسن الأ ْشع ِري إمام المتكلمين فتوسط بين الطرق‪ -‬يقصد طرائق‬ ‫المهبهة والمعطلة‪ ،-‬ونفى الته ِبي ‪ ،‬ونثبت ال ِصفات(‪.)1‬‬ ‫وقال العلامة تقي الدين ندمد المقريزي‪ :‬وقد ننتهر مذهب الأ ْشع ِري في الأمصاربحيث مش ِس ى غير ‪ ،‬دتى لم‬ ‫يبق اليوم مذهب يخالف إلا نن يكون مذهب الحنابلة‪ ،‬فإنهم على ما كان السلف لا يرون تأويل ما ورد من‬ ‫ال ِصفات(‪. )2‬‬ ‫ويقول عن تصدر للرد على المبتدعة الخطيب البغدادي‪ ،‬في كتاب المسمى \"تاريخ بغداد\"‪ :‬نبو الحسن‬ ‫الأ ْشع ِري المتكلم‪ ،‬صادب التصانيف في الرد على الملاددة وغيرهم من المعتزلة والرافضة والجدمية والخوارج وسائر‬ ‫نصناف المبتدعة\" (‪.)3‬‬ ‫وقد كان مع علم وفقد ‪ ،‬صادب فضل وزهد‪ ،‬ول تصو ٌف وور ٌع‪ ،‬ولدذا نجد المؤرخين كابن عساكر(‪)4‬‬ ‫والسبكي‪ ،‬عندما يتحدثون عن الأ ْشع ِري فإنهم يصفون بالورع والتقوى‪ ،‬ونن شخصيت مثا ٌل لزهد العالم‪ ،‬وورع‬ ‫‪‌-1‬تاريخ‌ابن‌خلدون‪‌،‬دار‌العلم‌للملايين‪‌،‬لبنان‪3955‌،‬م‪‌،‬ج‪3‬ص‪‌ .‌161‬‬ ‫‪‌-2‬الألوسي‪‌،‬جلاء‌العينين‪‌،‬ص‪‌.‌321‬‬‫‪‌ -3‬الخطيب ‌البغدادي‪‌ ،‬تاريخ ‌بغداد‪‌ ،‬تحقيق‪‌ :‬بشار ‌عواد ‌معروف‪‌ ،‬دار ‌الغرب ‌الإسلامي‪‌ ،‬الطبعة ‌الأولى‪‌،3113‌ ،‬‬ ‫ج‪33‬ص‪‌ .‌119‬‬‫‪‌-4‬هو‪‌:‬القاسم‌بن‌أبي‌غالب‌المظفر‌بن‌محمود‪‌،‬من‌بني‌هبة‌الله‌بن‌عساكر‌الدمشقي‪،‬طبيب‌‪‌.‬عالم‌بالحديث‪‌.‌،‬كان‌يعالج‌‬‫المرضى‌مجانا‌‪‌.‬وكتبت‌له‌\"‌مشيخة‌\"‌في‌سبع‌مجلدات‪‌،‬تشتمل‌على‌‪‌291‬شيخا‌‪‌.‬منها‌جزء‌مخطوط‌في‌خزانة‌الرباط‌‬‫(‪‌1119‬كتاني)‌‪‌.‬وله‌نظم‪‌،‬لزم‌بيته‌في‌أعوامه‌الاخيرة‪‌،‬منقطعا‌إلى‌تدريس‌الحديث‌‪‌.‬قال‌الذهبي‪‌:‬كان‌كثير‌المحاسن‪‌،‬‬‫صبورا‌على‌الطلبة‪‌،‬وينسب‌إلى‌تخليط‌في‌نحلته‌‪‌.‬مولده‌ووفاته‌في‌دمشق‪‌،‬ولد‌سنة‌‪3313‬م‌‪3131‌-‬م‪‌،‬البداية‌والنهاية‌‬ ‫ج‪31‬ص‪‌،315‬وانظر‪‌:‬الأعلام‌للزركلي‪‌،‬ج‪2‬ص‪.352‬‬ ‫‪134‬‬

‫الفقي ‪ ،‬دتى ننهم بلغوا إلى وصف بالتصوف والزهد‪ ،‬ولا يخفي ابن عساكر إعجاب ب ‪ ،‬فيقول عن ‪\" :‬كان الهيخ‬ ‫سيد ًا في التصوف‪ ،‬واعتبارالقلوب‪ ،‬كما هو سيد في علم الكلام‪ ،‬ونصناف العلوم \"(‪. )1‬‬ ‫ونقل ابن عساكر نيض ًا كتاب الإمام نبي القاسم عبد الكريم بن هوازن القهيري(‪ ،)2‬بخط ‪ ،‬والمؤرخ‬ ‫بتاريخ (ذي القعدة ‪ /‬سنة ‪... ،)346‬وفي اتفق نصحاب الحديث نن نبا الحسن علي بن إسماعيل الأ ْشع ِري‪ -‬رض ي‬ ‫ هلل عن ‪ -‬كان إمام ًا من نئمة نصحاب الحديث‪ ،‬ومذهب مذهب نصحاب الحديث‪ ،‬تكلم في نصول الديانات على‬ ‫طريقة نهل السنة‪ ،‬ورد على المخالفين من نهل الزيغ والبدعة‪ ،‬وكان على المعتزلة‪ ،‬والمبتدعين من نهل القبلة‪،‬‬ ‫والخارجين على الملة سيف ًا مسلول ًا‪ ،‬ومن طعن في نو قدح نو لعن نو سب فقد بسط لسان السوء في جميع نهل‬ ‫السنة‪ ،‬وهي بإمضاء جمع من علماء ذلك الزمان كما ذكر بن عساكر‪ ،‬نن فيها خط الإمام نبي محمد الجويني‬ ‫مصادقة على هذا الكتاب(‪ ،)3‬والد إمام الحرمين‪ ،‬وكتابة الإمام نبي عثمان الصابوشي (‪ ،)4‬وفيها بخط إسماعيل بن‬ ‫عبد الردمن الصابوشي‪ ،‬وابن نبي نصرالصابوشي‪ ،‬وعد آخرين‪ ،‬مما لم يذكرإجماعدم على سوا (‪. )5‬‬ ‫‪‌-1‬السبكي‪‌،‬طبقات‌الشافعية‌الكبرى‪‌،‬طبعة‌قديمة‪‌،‬القاهرة‪‌،‬مصر‪3131‌،‬هـ‪‌،‬ج‪3‬ص‪‌.‌323‬‬‫‪‌-2‬عبد‌الكريم‌بن‌هوازن‌بن‌عبد‌الملك‌ابن‌طلحة‌النيسابوري‌القشيري‪‌،‬من‌بني‌قشير‌ابن‌كعب‪‌،‬أبو‌القاسم‪‌،‬زين‌الاسلام‪‌:‬‬‫شيخ‌خراسان‌في‌عصره‪‌،‬زهدا‌وعلما‌بالدين‌كانت‌إقامته‌بنيسابور‌وتوفي‌فيها‌وكان‌السلطان‌ألب‌أرسلان‌يقدمه‌ويكرمه‌‬‫‪‌.‬من‌كتبه‌\"‌التيسير‌في‌التفسير‌‪‌-‬خ‌\"‌ويقال‌له‌\"‌التفسير‌الكبير‌\"و‌\"‌لطائف‌الاشارات\"‌طبع‌منها‪‌\"‌:‬ثلاثة‌أجزاء‌\"‌وهو‌‬ ‫في‌التفسير‌أيضا‪‌،‬و\"‌الرسالة‌القشيرية\"‌توفي‌سنة‌‪162‬هـ‪‌،‬انظر‪‌:‬الأعلام‌للزركلي‪‌،‬ج‪1‬ص‪‌.‌29‬‬‫‪‌-3‬أبو‌محمد‌الجويني‪‌،‬عبد‌الله‌بن‌يوسف‪‌،‬شيخ‌الشافعية‪‌،‬والد‌إمام‌الحرمين‪‌،‬تفقه‌بنيسابور‪‌،‬على‌أبي‌الط ّيب‌الصعلوكي‪‌،‬‬‫وبمرو‌على‌أبي‌بكر‌القفال‪‌،‬وتص ّدر‌بنيسابور‌للفتوى‌والتدريس‌والتصنيف‪‌،‬وكان‌مجتهداً‌في‌العبادة‪‌،‬صاحب‌ج ّد‌وصدق‌‬‫وهيبة‌ووقار‌‪‌.‬روى‌عن‌أبي‌نعيم‌عبد‌الملك‌بن‌محمد‌الأسفراييني‌وجماعة‌‪‌.‬وتوفي‌في‌ذي‌القعدة‌سنة‌‪115‬هـ‪‌،‬انظر‌–‌‬ ‫الذهبي‪‌،‬العبر‌في‌خبر‌من‌غبر‪‌،‬ص‪311‬‬‫‪‌-4‬أبو‌عثمان‌الصابوني‪‌،‬شيخ‌الإسلام‌إسماعيل‌بن‌عبد‌الرحمن‌النيسابوري‌الواعظ‌المف ّسر‌المصنف‪‌،‬أحد‌الأعلام‪‌،‬روى‌‬‫عن‌زاهر‌السرخسي‌وطبقته‪‌،‬وتوفي‌في‌صفر‌سنة‌‪119‬هـ‪‌،‬وله‌سبع‌وسبعون‌سنة‪‌،‬وأول‌ما‌جلس‌للوعظ‪‌،‬وهو‌ابن‌عشر‌‬‫سنين‪‌ ،‬وكان ‌شيخ ‌خراسان ‌في ‌زمأ َّنه‪‌ ،‬انظر‪‌ :‬الذهبي‪‌ ،‬العبر ‌في ‌أخبار ‌من ‌غبر‪‌ ،‬ص‪‌ ،316‬والإعلام ‌للزركلي‪‌،‬‬‫ج‪3‬ص‪‌ ،139‬وقال ‌الزركلي‪‌ :‬أبو ‌عثمان ‌الصابوني‪‌ :‬مقدم ‌أهل ‌الحديث ‌في ‌بلاد ‌خراسان ‌‪‌ .‬لقبه ‌أهل ‌السنة ‌فيها ‌بشيخ‌‬ ‫الاسلام‪‌،‬فلا‌يعنون‌‪‌-‬عند‌إطلاقهم‌هذه‌اللفظة‌‪‌-‬غيره‌‪.‬‬ ‫‪‌-5‬ابن‌عساكر‪‌،‬تبيين‌كذب‌امفتري‪‌،‬ص‪331‬‬ ‫‪135‬‬













‫ولا يختلف الدكتور ال ُّزديلي عن وجدة نظر ال مبوطي في جعل الماتردية ندد مدارس متكلمي ال ُّسنة‪ ،‬التي‬ ‫كان لدا فضل في محاربة نهل الأهواء‪ ،‬وكهف الغطاء نمام المسلمين بالتعليم والتوجي ‪ ،‬وذكر نن هؤلاء العلماء‬ ‫اعتمدوا على الأدلة النقلية والعقلية‪ ،‬وذلك لإنقاذ المسلمين من سعير المعتزلة‪ ،‬ديث ظدر‪ -‬على دسب الزديلي‪-‬‬ ‫الأ ْشع ِرية والماتردية كمدرستين من نكبرالمدارس الكلامية لعلماء السنة‪ ،‬ونكثرها تأسيس ًا(‪. )1‬‬ ‫والمعروف نن الماتردية شهأت على يد تلميذ نبي الحسن الأ ْشع ِري‪ ،‬الإمام محمد نبي منصور الماتريدي (‪،)2‬‬ ‫ويختلف الماتريديون مع الأشا ِعرة في بعض الأصول‪ ،‬وبالرغم من شدرة المذهب الماتريدي بين المتكلمين‪ ،‬إلا نن‬ ‫المذهب الأ ْشع ِري يبقى هو الأصل وهو المسيطر‪ ،‬لكثرة من انتسب إلي من العلماء الأعلام‪ ،‬كالجويني‪ ،‬والغزالي‪،‬‬ ‫والرازي‪ ،‬وغيرهم‪ ،‬ولن شدرة المذهب الأ ْشع ِري نكتسبت من شدرة مؤ ِس ِس الأول شيخ المتكلمين‪ ،‬الإمام نبي‬ ‫الحسن الأ ْشع ِري ‪.‬‬ ‫نما الأشا ِعرة فقد كان فيهم علماء مؤ ِس مسون‪ ،‬ون ِئمة مبرزون‪ ،‬ومن نشدرهم ال مجويني والغزالي وغيرهم‪،‬‬ ‫وميع ُّد من نبرز متكِل ِميهم كذلك؛ الإمام الفخر الرازي الذي كان على رنس هذ المدرسة‪ ،‬ويعد ندد المنظرين الكبار‬ ‫للتيارالأشعري ‪.‬‬ ‫وقد داول هؤلاء العلماء وغيرهم الدفاع عن السنة ورد شبهات الفلاسفة والمعتزلة بالسلوب الفلسفي‬ ‫الذي يفدم هؤلاء‪ ،‬ولكن ‪ -‬ني الرا ِزي‪ -‬تأثر بآراء الفلاسفة ونقل بعض ًا من مسائلدم‪ ،‬ومع نن ذ ِكر بالنقل‬ ‫الصحيح‪ -‬كما سنهير إلي لادق ًا‪ -‬نن عدل عن هذ المفاهيم والأفكار‪ ،‬ونظ ًرا لغزارة علم ‪ ،‬وقوة حجت ومنطق ‪،‬‬ ‫انتهرت آراؤ المتقدمة بين الناس قرون ًا ووجدت من يؤيدها‪ ،‬ويقول بها (‪. )3‬‬ ‫‪‌-1‬محمد‌الزحيلي‪‌،‬الإمام‌الجويني‌إمام‌الحرمين‪‌،‬دار‌القلم‪‌،‬دمشق‪‌،‬سوريا‪‌،‬الطبعة‌الأولى‪3956‌،‬م‪‌،‬ص‪.‌91‬‬‫‪‌-2‬الماتريدي‌هو‪‌:‬محمد‌بن‌محمود‌الماتريدي‌السمرقندي‪‌،‬وماتريد‌محلة‌سمرقند‌فيما‌وراء‌النهر‪‌،‬تتلمذ‌على‌عدة‌شيوخ‌‬‫من‌أشهرهم‪‌:‬أبونصر‌ال ِع َياضي‪‌،‬وأبوبكرالجوزاني‪‌،‬وغيرهم‪‌،‬وهو‌حنفي‌المذهب‌وشيوخه‌تتلمذوا‌على‌أصحاب‌أبي‌حنيفة‌‬‫لذلك ‌اتهم ‌البعض ‌بأ َّنه ‌من ‌مرجئة ‌الفقهاء ‌وله ‌عدة ‌مصنفات ‌في ‌الفقه ‌وأصوله ‌وفي ‌التفسير ‌وعلم ‌الكلام‪‌ ،‬وغالب ‌كتبه‌‬‫الكلامية‌في‌الرد‌على‌المعتزلة‌والباطنية‪‌،‬ومن‌أشهر‌كتبه‌التأويلات‌ال ُمس َّمى‌تأويل‌أهل‌السنة‪‌،‬وقد‌وصلنا‌كاملا‪‌،‬وكتاب‌‬‫التوحديد‪‌،‬وكتاب‌العقيدة‌الذي‌شرحه‌السبكي‪‌،‬وشرح‌الفقه‌الأكبر‌وقد‌كانت‌وفاته‌سنة‌‪111‬هـ‪‌،‬انظر‪ :‬عبد‌القادر‌بن‌أبي‌‬‫الوفاء‌محمد‌بن‌أبي‌الوفاء‌القرشي‌أبو‌محمد‌الجواهر‌المضية‌في‌طبقات‌الحنفية‪‌،‬تحقيق‪‌:‬الناشر‌مير‌محمد‌كتب‌خأ َّنه‪‌،‬‬‫النشر‌كراتشي‪‌،‬ج‪3‬ص‪‌311‬وانظر‪‌:‬عمر‌رضا‌كحالة‪‌،‬معجم‌المؤلفين‪‌،‬مكتبة‌المثنى‪‌،‬بيروت‌دار‌إحياء‌التراث‌العربي‪‌،‬‬ ‫بيروت‪‌،‬ج‪33‬ص‪‌.‌111‬‬‫‪‌-3‬انظر‪‌:‬ابتسام‌أحمد‌محمد‌جمال‪‌،‬رسالة‌دكتوراه‌بعنوان‪(‌-‬موقف‌شيخ‌الإسلام‌بن‌تيمية‌من‌الإمام‌الفخر‌الرازي)‪‌،‬تحت‌‬ ‫إشراف‌الأستاذ‌الدكتور‪‌-‬بركات‌عبدالفتاح‌الدويدار‪‌،‬جامعة‌أم‌القرى‪‌،‬كلية‌الدعوة‌وأصول‌الدين‪3993‌،‬م‪‌،‬ص‪.‌351‬‬ ‫‪142‬‬

‫ومن الكتابات التي تناولت هذا الموضوع كا ِشف ًة نن بعض البادثين للأشعري ومذهب رنو بأن مدرستة‬ ‫متع ُّد الأكثر انتها ًرا بين نهل ال ُّسنة‪ ،‬وكانت آراؤهم هذ من خلال دراستهم لبعض كتب الأشعري‪ ،‬وكذلك من‬ ‫مطالعاتهم في كتب من سبقدم من البادثين والمدتمين بعلم الكلام‪ ،‬ومن الذين معنوا بهذا المجال من الكتاب‬ ‫الغرب ِيين ‪ George Makdisi:‬ديث كتب في مقالتين ل في هذا الهأن‪ ،‬تحت عنوان‪\" :‬الأشعري والاشاعرة في التاريخ‬ ‫الإسلامي\" (‪ )1‬وبحث فيما يدعي الأشاعرة بأنهم ميمثلون الأكثرية بين المسلمين‪ ،‬وفق ًا لبعض مؤلفاتهم‪ ،‬مثل كتاب‪:‬‬ ‫\"تبيين كذب المفتري\" لابن عساكر(‪ ،)2‬ومؤِلف آخر وهو السبكي وكتاب ‪\" :‬طبقات الهافعية\"‪ ،‬وقد ناقش ‪Makdisi‬‬ ‫هذين الكتابين‪ ،‬وعزا القول للأشع ِرِيين بأنهم يقولون‪ :‬بأن لدم السيادة والغلبة في القرن الحادي عهر‪ ،‬وكان‬ ‫مذهبهم هو المسيطرمن بين المذاهب ال ُّسنية‪ ،‬وذلك بمساعدة الحكام في ذلك الوقت(‪.)3‬‬ ‫ويقول ‪ Makdisi‬نيض ًا‪ :‬بأن هذا الزعم لا يرتقي لدرجة الصحة‪ ،‬ونن ما ادعا هؤلاء الأشاعرة في كتبهم‬ ‫يخالف القياس والنظر الصحيح‪ ،‬وتوصل ‪ Makdisi‬لدذ القناعة بنا ًء على دراسات لبعض مؤلفات المستهرق‬ ‫‪ ،)4( Goldziher‬الذي وصل إلى نتيجة بأن الأشعري كان سلفيـ ًا محض ًا بحسب كتابي ‪\" :‬الإبانة\" و \"مقالات‬ ‫الإسلاميين\" (‪.)5‬‬‫‪George Makdisi, Ash„arī and the Ash„arites in Islamic Religious History in Studia -1‬‬ ‫‪‌Islamica, No. 18 (1963), pp. 19-39.‬‬‫‪‌-2‬يقول‌ابن‌عساكر‪‌:‬فإن قيل أن الجم الغفير في سائر الأزمان وأكثر العامة في جميع البلدان لا يقتدون بالأشعري ولا يقلدونه ولا‬‫يرون مذهبه ولا يعتقدونه وهم السواد الأعظم وسبيلهم السبيل الأقوم قيل لا عبرة بكثرة العوام ولا التفات إلى الجهال الغتام وإنما‬‫الإعتبار بأرباب العلم والاقتداء بأصحاب البصيرة والفهم وأولئك في أصحابه أكثر ممن سواهم ولهم الفضل والتقدم على من عداهم‪‌،‬‬‫انظر‪ :‬علي‌بن‌الحسن‌بن‌هبة‌الله‌بن‌عساكر‌الدمشقي‪‌،‬تبيين‌كذب‌المفتري‌فيما‌نسب‌إلى‌الإمام‌أبي‌الحسن‌الأشعري‪‌،‬دار‌‬ ‫الكتاب‌العربي‪‌،‬بيروت‪‌،‬الطبعة‌الثالثة‪‌،4141‌،‬ص‪‌.334‬‬ ‫‪.George Makdisi, , Ash„arī and the Ash„arites in Islamic Religious.p22.‌-3‬‬‫‪-4‬هو المستشرق‪\" :‬اجنتس جولدتسهير\" المجري الأصل‪ ،‬ولد في شهر يونية من عام ‪7282‬م‪ ،‬وتوفي في نوفمبر من عام‬‫‪7287‬م‪ ،‬أي عاش حوالي سبعين عاماً من الحياة الحافلة بالدرس والبحث‪ ،‬ترقى في سلم التعليم حتى صار استاذاً جامعيًا‪،‬‬‫وقد ذكر الدكتور محمد يوسف موسى في ترجمة له‪ ،‬أن‪\" :‬اجنتس جولدتسهير\" له عدد من المؤلفات تعد بالمئات‪ ،‬كما أنَّه‬‫يعتبر في المرتبة الأولى من المستشرقين الذين كتبوا عن الإسلام‪ ،‬ومن أحسن ما كتبه عن الإسلام ومذاهبه‪ ،‬كتابيه‪:‬‬‫\"دراسات إسلامية\"‪\" ،‬العقيدة والشريعة في الإسلام\"‪ ،‬انظر‪ :‬ترجمة الدكتور‪ :‬محمد يوسف موسى وآخرين‪ ،‬المستشرق‪:‬‬ ‫\"اجنتس جولدتسهير\" العقيدة والشريعة في الإسلام‪ ،‬دار الكتب الحديثة‪ ،‬مصر‪ ،‬الطبعة الثانية‪7282 ،‬م‪ ،‬ص‪.4‬‬ ‫‪George Makdisi, Ash„arī and the Ash„arites in Islamic Religious History in Studia -5‬‬ ‫‪Islamica, No. 18 (1963), pp. 35.‬‬ ‫‪143‬‬

‫نما في مقالت الثانية فقد ذكر ‪ Makdisi‬نن موجد من المستهرقين الغربيين من اختلف مع ‪Goldziher‬‬‫ومنهم‪ )1(Wensinck :‬فقد استنبط نن الأ ْشع ِري كان ممتكلم ًا بحسب كتاب ‪\" :‬استحسان الخوض في علم الكلام\" غير‬ ‫نن نثارنقطة لعل كثي ًرا من الأشا ِعرة اليوم يأنفون من الإشارة إليها‪ ،‬وهي‪ -‬وبحسب ‪ -Wensinck‬نن الأ ْشع ِري يبدوا‬ ‫وكأن صادب منهجين \"فدو سلفي من وج ‪ ،‬ونشعري من وج آخر\" ويزعم ‪ Wensinck‬نن الأشا ِعرة هم من روج‬ ‫القول بأن الأ ْشع ِري كان يرى بكلا الطريقتين السلفية والأ ْشع ِرية‪ ،‬ليس مدل تمرير نفكار عند العامة‪ ،‬وتلقى قبولا‬ ‫عند الكافة‪ ،‬للدخول في السلفية‪ ،‬وذلك لانتسابهم إلى المذهب الهافعي (‪. )2‬‬ ‫ولم يوافق ال مبوطي على هذا الطرح‪ ،‬واختار رني ًا آخر وقال في تسجيل متلفز ل نن الأ ْشع ِري دقيق ًة متاب ٌع‬ ‫لما علي السلف‪ ،‬ولكن المخالفة كانت من الذين جاؤوا بعد ‪ ،‬لن المتابعة للسلف كانت اختيارات الأ ْشع ِري في عدة‬ ‫كتابات ل ‪ ،‬منها‪\" :‬مقالات الإسلاميين\" و\"الإبانة\"‪ ،‬وغيرها‪ ،‬وقد ذكر في مقالات الإسلاميين هذ المتابعة لما علي‬ ‫سلف الأمة بالحرف‪ ،‬بعد نن ذكر منهجدم في العقيدة والعبادات‪\" :‬فدذ جملة ما يأمرون ب ويستعملون ويرون ‪،‬‬ ‫وبكل ما ذكرنا من قولدم نقول والي نذهب\"(‪. )3‬‬ ‫ويقول ال مبوطي‪ -‬وفي نفس السياق‪ -‬محِلل ًا كلام الأ ْشع ِري‪ ،‬نن بقول السلف يقول‪ ،‬وإلى اختياراتهم يذهب‪،‬‬ ‫وهو بري ٌء من هذ الفرق التي مولدت اليوم‪ ،‬ولم تكن موجود ًة في الزمن الأول‪ ،‬ثم يضيف‪ -‬والكلام للبوطي‪ -‬إن‬ ‫نصحاب الحديث تعلقوا بال ْشع ِري بعد نن نظدر هلل على المتكلمين‪ ،‬واجتمعوا دول ‪ ،‬وك ُّل من يدعي نن الأ ْشع ِري‬ ‫نبا الحسن نتى ببدعة مخالفة لكتاب هلل‪ -‬تعالى‪ -‬مخالفة لسنة النبي‪ -‬صلى هلل علي وسلم‪ ،‬بل ومخالفة لكلام‬ ‫الإمام ندمد بن دنبل‪ ،‬فعلي نن يأتي بالدليل(‪. )4‬‬‫ولن الأشا ِعرة المتق ِدمون الذين جاؤوا بعد نبي الحسن الأ ْشع ِري متفقون في الأصول‪ ،‬فسنقتصر على ذكر‬ ‫وادد من نئمتها‪ ،‬ونجعل هو الممثل للأشعرية المتقدمة‪ ،‬نو الأ ْشع ِرية الأولى‪ ،‬وقد اخترنا الإمام الفخر الرازي كما‬ ‫‪ -1‬هو المستشرق‪ :‬آرند فنسنك‪ ،‬هولندي‪ ،‬كان أستاذ اللغة العربية في جامعة لندن من سنة ‪7287‬م‪ ،‬حتى وفاته‪( ،‬ولد‬‫‪1939‬م توفي سنة ‪7228‬م)‪ ،‬قام برحلات إلى مصر‪ ،‬وسورية‪ ،‬وغيرها من بلاد العرب‪ ،‬وله مؤلفات عدة عن الإسلام‪،‬‬‫ومن أهم كتبه معجمه بالإنجليزية للألفاظ الواردة في أربعة عشر كتاباً من كتب السنن والسيرة‪ ،‬نقله إلى العربية الأستاذ‪:‬‬‫محمد فؤاد باقي‪ ،‬وسماه ‪\" :‬مفتاح كنوز السنة\"انظر‪ :‬محمد فؤاد عبد الباقي‪ ،‬ترجمة‪ :‬آرند فنسنك‪ ،‬معجم الألفاظ لا سيما‬ ‫الغريب منها‪ ،‬طبع في مطبعة المنار بالقاهرة عام ‪ 7284‬هـ‪ ،.‬ص‪. 78‬‬ ‫‪‌ Makdisi Ash„arī and the Ash„arites in Islamic Religious,p.22. -2‬‬ ‫‌‪‌.‬‬ ‫‪‌-3‬أبو‌الحسن‌الأ ْشع ِري‪‌،‬مقالات‌الإسلاميين‪‌،‬ص‪‌.‌399‬‬‫‪‌-4‬ال ُبوطي‪‌:‬الأ َشا ِعرة‌هم‌أهل‌السنة‌والجماعة‪‌،‬مقطع‌رائع‌للبوطي‪3131/9/35‌،‬م‪‌،‬انظر‪http://www .youtube ‌:‬‬ ‫‪‌.com/watch?v=QFO24PAdJQs‬‬ ‫‪144‬‬

‫سبقت الإشارة إلي ‪ ،‬لذلك سنستطلع آراء في مسائل العقيدة المختلفة‪ ،‬مع الإشارة إلى بعض موافقي من‬ ‫الأشا ِعرة المعاصرين ل نومن جاء بعد ‪ ،‬وبيان ذلك كما سنتناول فيما يلي‪:‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬الأيدلوجية الأْعشع يرية‬ ‫عرفنا فيما سبق نن الأ ْشع ِري نقربأن على المنهج السلفي في طريقت في \"الإبانة\" و \"الرسالة\" ونن بقولدم‬ ‫يقول‪ ،‬ولمنهجدم متـبع‪ ،‬غير نن قوا ِفل من الأ ْشع ِرية لم يوافقوا الأ ْشع ِري في نصول عن الديانة‪ ،‬ويمكن نن نقسم‬ ‫الأشا ِعرة إلى قسمين‪:‬‬ ‫الأول‪ :‬ميجري ال ِصفات على ما نجراها علي السلف ‪.‬‬ ‫الثاني‪ :‬يمـؤ ِولون ال ِصفات على الطريقة ال مكلابية‪ ،‬وهؤلاء افترقوا في فدمدم للألفاظ الواردة في الكتاب‬ ‫والسنة‪ ،‬كالاستواء‪ ،‬والنزول‪ ،‬واليد‪ ،‬والقدم‪... ،‬وغيرها‪ ،‬فرقتين‪:‬‬ ‫‪ -‬فرقة تؤول جميع ذلك على وجو محتملة ‪.‬‬ ‫‪ -‬فرقة لم تتعرض للتأويل‪ ،‬ولم تقل بالته ِبي ‪ ،‬ويمكن نن نطلق على هؤلاء الأ ْشع ِرية الأثرية‪ ،‬وهم‬ ‫الذين التزموا بمذهب الأ ْشع ِري الذي نوضح في كتاب ‪\" :‬الإبانة\"‪.‬‬ ‫ثم إن مقالات الأ ْشع ِري المعروفة الآن لدى المصنفين‪ ،‬تهعرك نن الرجل مذهب وسط‪ ،‬كما صرح ب في‬ ‫كتاب \"الإبانة\"‪ ،‬ديث نوضح نن مخالف للمعتزلة‪ ،‬ولم يقل بما يقول المهِبهة‪ ،‬ويقرر نن متبع للسلف‪ ،‬ومن ذلك‬ ‫قول ‪:‬‬ ‫\"وديانتنا التى ندين بها التمسك بكلام ربنا وسنة نبينا‪ -‬صلى هلل علي وسلم‪ -‬وما روي عن الصحابة‬ ‫والتا ِبعين ونئمة الحديث‪ ،‬ونحن بذلك معتصمون‪ ،‬وبما كان يقول نبو عبد هلل ندمد بن دنبل‪ -‬نضر هلل تعالى‬ ‫وجد ‪ ،‬ورفع درجت ‪ -‬قائلون‪ ،‬ولما خالف قول مخالفون‪ ،‬لن الإمام الفاضل والرئيس الكامل‪...‬الخ\"(‪. )1‬‬‫‪‌-1‬أبو‌الحسن‌الأ ْشع ِري‪‌،‬الإبانة‌عن‌أصول‌الديانة‪‌،‬مكتبة‌دار‌البيان‪‌،‬دمشق‪‌،‬سويا‪‌،‬الطبعة‌الثالثة‪3996‌،‬م‪‌،‬وانظر‪‌:‬جلاء‌‬ ‫العينين‌ل لوسي‪‌،‬ص‪.329‬‬ ‫‪145‬‬

‫إذ اا‪ :‬الممـؤكد نننا لن نتكلم عن الأشا ِعرة الذين يتـبعون منهج الأ ْشع ِري‪ ،‬الذي نعلن في الإبانة وغيرها‪ ،‬بل‬ ‫نحن بصدد ذكر آراء الذين اختلفوا مع السلف في بعض المسائل والقضايا التي برئ منها الأ ْشع ِري‪ ،‬ولكن هذ‬ ‫الآراء والعقائد والمناهج المخالفة لمنهج الأ ْشع ِري‪ ،‬صارت علم ًا على الأ ْشع ِرية‪ ،‬بحيث إذا قيل الأشا ِعرة‪ ،‬فإن المفدوم‬ ‫الحديث لدذا المصطلح‪ ،‬ميع ِبر عن الآرائيين الذين نولوا ال ِصفات الخبرية‪ ،‬واختلفوا مع السلفيين في بعض مسائل‬ ‫الأصول‪ ،‬وكذلك لم يوافقوهم في بعض الفروع‪ ،‬وها نحن شهرع في بيان عقيدة الأشا ِعرة ومنهجدم بالضوابط التي‬ ‫نعلناها في معرض هذ الدراسة‪:‬‬ ‫المطلب الأول‪ :‬الأصول العقائدية عند الأ َشاعرة‪:‬‬ ‫عرفنا في الفصل الماض ي عند الحديث عن عقيدة السلفيين‪ ،‬من نهل السنة نصحاب الحديث‪ ،‬ننهم‬ ‫يقسمون التوديد إلى ثلاثة نقسام (توديد ال ُّرمبوِبية‪ -‬توديد ال مأ ملوهية‪ -‬توديد الأسماء وال ِصفات)‪ ،‬وهذا هو‬ ‫التقسيم الذي نجمع علي السلف ُّيون‪ ،‬غير نن السادة الأشا ِعرة‪ ،‬لا يقرون بتقسيم التوديد إلى هذ الأقسام‬ ‫بالتفصيل الذي يذهب إلي السلف ُّيون‪ ،‬فقد جرى العمل عندهم على إجمال كل هذ المعاشي في معنى شدادة‬ ‫التوديد‪( ،‬لاإل إلا هلل ) ‪.‬‬ ‫ويؤكدون بأن شدادة التوديد هي الأصل في الإيمان‪ ،‬ولذلك يركز الإمام الفخر الرازي على هذ الكلمة‪ -‬لا‬ ‫إل إلا هلل‪ -‬ديث يقول في كتاب المسمى \"من نسرار التنزيل\" قال هلل سبحان وتعالى لرسول (فا ْعل ْم نن لا ِإل ِإلا‬ ‫الل م وا ْست ْغ ِف ْر ِلذ ْن ِبك وِل ْل مم ْؤ ِم ِنين وا ْل مم ْؤ ِمنا ِت والل م ي ْعل مم ممتقلب مك ْم وم ْثوا مك ْم)(‪. )1‬‬ ‫فنجد ‪ -‬ني الرازي‪ -‬يقول‪ :‬اعلم نن هلل تعالى قدم الأمر بمعرفة التوديدعلى الأمر بالاستغفار‪ ،‬والسبب‬ ‫في نن‪ :‬معرفة التوديد إشار إلى علم الأصول‪ ،‬والإشتغال بالاستغفار إشارة إلى علم الفروع‪ ،‬والأصل يجب‬ ‫تقديم على الفرع‪ ،‬فإن ما لم يعلم وجود الصاشع امتنع القيام بطاعتة وخدمت ‪ ،‬وهذ الدقيق معتبرة فى آيات‬ ‫كثيرة (‪. )2‬‬ ‫‪‌-1‬سورة‌محمد‌الآية‌‪.‌39‬‬‫‪-2‬الإمام‌فخر‌الدين‌محمد‌بن‌عمر‌بن‌الحسين‌الرازى(المتوفى‌سنة‌‪‌616‬هـ)‌من‌أسرار‌التنزيل‪‌،‬تحقيق‪‌:‬عبد‌القادر‌أحمد‌‬ ‫عطا‪‌،‬دار‌المسلم‪‌،‬مصر‪3112‌،‬م‪‌،‬ص‪.‌31‬‬ ‫‪146‬‬

‫ويؤكد الإمام الفخر الرازي نن الدعوة إلى التوديد قد ضمنها القرآن الكريم بالإشارة إلى خلق هلل‪ ،‬وهي‬ ‫الأشياء الجائزة‪ ،‬نو الممكنة‪ ،‬كما يصورها‪ ،‬فدذ المخلوقات التي خلقدا المولى عز وجل قد خلقدا وسواها بقدرت‬‫سبحان ‪ ،‬ولو شاء لم يخلق منها شيئ ًا‪ ،‬وهي تمثل الدليل على وجود ‪ ،‬وهو‪ -‬توديد ال ُّرمبوِبية‪ -‬عند السلفيين‪ ،‬وعلى‬‫وددانيت ‪ ،‬وهذا‪ -‬توديد ال مأ ملوهية‪ -‬وهو المعنى الذين تضم قول هلل تعالى‪( :‬يا ن ُّيها النا مس ا ْع مب مدوْا رب مك مم ال ِذي‬‫خلق مك ْم وال ِذين ِمن ق ْبِل مك ْم لعل مك ْم تت مقون ال ِذي جعل ل مك مم الأْرض ِفراش ًا والسماء ِبناء وننزل ِمن السما ِء ما ًء فأ ْخرج‬ ‫ِب ِ ِمن الثمرا ِت ِرْزق ًا ل مك ْم فلا ت ْجع ملوْا ِلل ِ ننداد ًا ونن مت ْم ت ْعل ممون )(‪.)1‬‬‫وبين الرازي نن هذ الآيات تمثل نكبر دعوة للتوديد‪ ،‬ديث بدن بالتذكير بخلق ننفسدم‪ ،‬ثم من كان‬‫قبلدم من الآباء والأجداد‪ ،‬ثم بخلق الأرض وجعلدا فراش ًا ممددة‪ ،‬والسماء بنا ًء سات ًرا غطا ًء بما فيها من عجائب‬‫القدرة‪ ،‬ولما ذكرهذ الدلائل الخمسة رتب المطلوب عليها فقال‪( :‬فلا ت ْجع ملوا ِلل ِ ن ْندا ًدا ون ْن مت ْم ت ْعل ممون)‪ ،‬ويستنبط‬‫الرازي من هذ الآيات الدلالة على الصاشع‪ -‬كما يقول‪ -‬وذلك‪ :‬نن هذ الدلائل تدل على وجود الصاشع من وج ‪،‬‬‫وعلى كون تعالى وادد ًا من وج آخر‪ ،‬فإنها من ديث ننها ددثت مع جواز نلا تحدث‪ ،‬ومع جواز نن تحدث على‬ ‫خلاف ما ددثت ب ‪ ،‬يدل على وجود الصاشع القادر‪ ،‬ومن ديث ننها ددثت لا على وج الخلل (‪.)2‬‬‫ومما سبق يمكن نن نقول نن الرازي‪ -‬ردم هلل‪ ،-‬يسمي هذا التوديد (وجود الصاشع)‪ ،‬وهذا يمثل‬ ‫الإيمان بأن وادد في خلق ‪ ،‬متفرد بالصنعة لا شريك ل ‪.‬‬‫ويق ِرر معنى‪ -‬وددانية الصاشع‪ -‬في مواضع من تفسير ‪ ،‬منها‪ :‬ما ذكر عند تفسير قول هلل تعالى‪ِ( :‬إن ِفي‬‫خ ْل ِق السماوا ِت وا ْلأْر ِض وا ْخ ِتلا ِف الل ْي ِل والنها ِر وا ْل مف ْل ِك ال ِتي ت ْج ِري ِفي ا ْلب ْح ِر ِبما ي ْنف مع الناس وما ن ْنزل الل م ِمن‬‫السما ِء ِم ْن ماء فأ ْديا ِب ِ ا ْلأْرض ب ْعد م ْوِتها وبث ِفيها ِم ْن مك ِل دابة وت ْص ِري ِف ال ِريا ِح والسحا ِب ا ْل ممسخ ِر ب ْين السما ِء‬ ‫وا ْلأْر ِض لآيات ِلق ْوم ي ْع ِق ملون)(‪. )3‬‬ ‫‪‌-1‬سورة‌البقرة‌الآية‌(‪‌،)33-133‬وانظر‪‌:‬الفخر‌الرازي‪‌،‬من‌أسباب‌التنزيل‪‌،‬ص‪.31‬‬ ‫‪‌-2‬الفخر‌الرازي‪‌،‬من‌أسباب‌التنزيل‪‌،‬ص‪.‌31‬‬ ‫‪‌-3‬سورة‌البقرة‌الآية‌‪.‌361‬‬ ‫‪147‬‬

‫فك ُّل وادد من هذ الأمور الثمانية يدل على وجود الصاشع سبحان وتعالى‪ ،‬من وجو كثيرة‪..... ،‬إلى نن‬‫قال‪ :‬ومن ديث ننها وقعت على وج الأتساق والانتظام‪ ،‬من غير ظدور الفساد فيها‪ ،‬دلت على وددانية الصاشع (‪)1‬‬ ‫‪.‬‬‫وبدا بوضوح نن الرازي كان موافق ًا على رني الغزالي في تفسير للربوبية بالقدرة على الخلق‪ ،‬وشسبة الصنع‬‫إلي ‪ ،‬بحيث شستطيع القول ننهم توافقوا على هذا المصطلح‪ -‬توديد الصاشع‪ -‬فقد قال الإمام الغزالي‪\" :‬فإن الدليل‬‫لما دل على وجود الصاشع سبحان ‪ ،‬دل بعد على نن الصاشع تعالى‪ ،‬بصفة كذا‪ ،‬ولا شع ِني بأن تعالى على صفة كذا‪،‬‬‫إلا نن تعالى على تلك الصفة‪ ،‬ولا فرق بين كون على تلك الصفة‪ ،‬وبين قيام الصفة بذات ‪ ،‬وقد بينا نن مفدوم‬ ‫قولنا عالم وادد‪ ،‬وبذات تعالى علم وادد\" (‪. )2‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬التوحيد عند الأ َشاعرة‪:‬‬‫بتتبعنا لكلام الفخر الرازي‪ ،‬ومن جاء قبل من علماء الأشا ِعرة‪ ،‬لادظنا ننهم يجملون في تعريفدم‬ ‫للتوديد بما يهمل معنى (لا إل إلا هلل)‪ ،‬ويميلون إلى الإغراق والإطناب في الاستدلال على مموجد ال موجود‪ ،‬ووصف‬‫بالصنع ونن هو الخالق‪ ،‬وهذا لنهم تأثروا بمناظراتهم مع الممه ِككة من المعتزلة‪ ،‬والكرامية‪ ،‬لذلك يغلب على‬‫تعريفدم لحقيقة التوديد الطابع الفلسفي‪ ،‬مع استهدادهم بالنصوص على ما يقولون‪ ،‬لكن معولدم في نكثر‬ ‫الأديان كان على الأدلة العقلية‪ ،‬وسرد المسائل التحليلية‪ ،‬وهي السمة التي اتصف بها المذهب الأ ْشع ِري ‪.‬‬‫ولدذا نجد الإمام الباقلاشي‪ ،‬في إشارت إلى التوديد يعنون ل بـ \"وحدانية الصانع\" فيقول‪\" :‬يجب نن ميعلم‬‫نن صاشع العالم جلت قدرت واد ٌد ند ٌد؛ ومعنى ذلك‪\" :‬نن ليس مع إل ٌ سوا ‪ ،‬ولا من يستحق العبادة إلا إيا ‪.... ،‬‬‫إلى نن قال‪ :‬ونريد من ذلك نن لا شبي ل ولا نظير‪ ،‬ونريد بذلك نن ليس مع من يستحق الالدية سوا ‪ ،‬وقد قال‬ ‫تعالى‪( :‬إ َّن َما الل ُه إ َل ٌه َوا يح ٌد) ومعنا ‪ :‬لا إل إلا هلل\" (‪.)3‬‬‫وقد سلك فضيلة الهيخ والدكتور‪ :‬محمد سعيد رمضان ال مبوطي في كتاب المسمى \"كبرى اليقينيات‬‫الكونية\" طريقة الأشا ِعرة المتقدمين في اهتمامدم بالدليل العقلي‪ ،‬وتبيين ال محجة بواسطت ‪ ،‬والاستدلال على‬ ‫‪‌-‌1‬الفخر‌الرازي‪‌،‬التفسير‌المسمى\"‌مفاتح‌‌الغيب\"‌ج‪1‬ص‪.‌3‬‬ ‫‪‌-2‬الإمام‌‌الغ َّزالي‪‌،‬الاقتصاد‌في‌الاعتقاد‪‌،‬ص‪.311‬‬ ‫‪‌-3‬الباق َّلاني‪‌،‬الإنصاف‌ص‪‌.‌11‬‬ ‫‪148‬‬

‫شواهد بما يتضمن الكون من المحسوسات‪ ،‬على ما اقتضت دكمة هلل نن يغيب عنا من العالم العلوي‪ ،‬وهو في‬‫هذا إنما سلك طريقة الإمام نبي دامد الغزالي والفخر الرازي‪ ،‬وغيرهما من المتكلمين‪ ،‬لذلك نجد نول ما ميعنى في‬‫مسائل الإيمان‪ :‬بـ\"وجود هلل‪ -‬تعالى‪ ،\"-‬ويجعل الإيمان بوجود تعالى نساس مسائل العقيدة كلدا‪ ،‬وهو ما يجب نن‬ ‫ميعنى ب نول ًا للنهوض بالعقل للتأمل‪ -‬دسب ما يهيرال مبوطي‪ -‬ومن ثم الإيمان بها (‪. )1‬‬‫واستمر ال مبوطي في تأكيد على مسألة البراهين العقلية للاستدالال على وجود الصاشع‪ ،‬ونن هذ دعوى‬ ‫عملية‪ ،‬يستدل عليها بإددى طريقتين‪:‬‬‫الأولى‪ -‬التحقيق في وجود هلل مباشرة‪ ،‬وفق المنهج العلمي في الاستدال على القضايا العلمية غير‬ ‫المهاهدة ‪.‬‬‫الثاني‪ -‬ترك البحث في ذات هلل تعالى‪ ،‬والبدء بالنظر في الأخبار المنقولة إلينا عن دقيقة الكتاب المنزل‬‫من سبحان وتعالى\"القرآن الكريم\" دتى إذا تحققنا بالبراهين القاطعة من صحة نقل إلينا بواسطة محمد‪ -‬صلى‬‫ هلل علي وسلم‪ -‬الذي فسر هذا البرهان بالحقيقة العلمية المنسجمة مع الدعوى‪ ،‬والتي قعد لدا ال مبوطي بقول ‪:‬‬ ‫\"التلازم البين‪ ،‬وقياس الأولى\" (‪.)2‬‬‫ومن هنا يتبين لنا مدى تأثر ال مبوطي بالاستهدادات‪ ،‬وولع بالبحث عن الأ ِدلة والبراهين العقلية على‬‫مسألة وجود هلل‪ -‬تعالى‪ ،-‬وهي القضية التي شغلت بال الفلاسفة والمستهرقين منذ قديم الزمان‪ ،‬ودتى نيامنا‬ ‫هذ ‪ ،‬والسؤال الذي يطرح هنا‪ ،‬ويحتاج منا إلى إجابة هو‪:‬‬‫هل تقول الأشا ِعرة بالدليل النقلي‪ ،‬وقيام للادتجاج على المسائل العقائدية‪ ،‬كمسألة الوجود‪،‬‬ ‫والوددانية‪ ،‬وغيرها ؟ ‪.‬‬ ‫للجابة عن هذا السؤال نثيرهذ المسألة في المطلب التالي‪:‬‬ ‫‪‌-1‬محمد‌سعيد‌رمضان‌ال ُبوطي‪‌،‬كبرى‌اليقينيات‌الكونية‪‌،‬دارالفكر‪‌،‬دمشق‪3999‌،‬م‪‌،‬ص‪.‌99‬‬ ‫‪‌-2‬ال ُبوطي‪‌،‬كبرى‌اليقينيات‌الكونية‪‌،‬ص‪.‌95‬‬ ‫‪149‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬حجية ال َّدليل النقلي عند الأ َشاعرة في باب العقائد‪:‬‬ ‫يرى جمدور الأشا ِعرة نن الدليل النقلي لابد من اتساق مع الحجة العقلية‪ ،‬دتى يحكم بصحة اعتبار‬ ‫دليل ًا على مسائل الغيب المختلفة‪ ،‬هذا ما ذكر الإيجي في كتاب \"المواقف\" ديث ذكر نن المعتزلة‪ ،‬وجمدور‬ ‫الأشا ِعرة ذهبوا إلى نن الدلائل النقلية لا تفيد اليقين‪ ،‬لتوقفدا‪ -‬ني توقف كونها مفيدة لليقين‪ -‬على العلم‬ ‫بالوضع‪ ،‬ني وضع الألفاظ المنقولة عن النبي معان مخصوصة‪ ،‬والإرادة‪ ،‬ني وعلى العلم بأن تلك المعاشي مرادة‬ ‫من (‪. )1‬‬ ‫وهو ما ذهب إلي الإمام الفخر الرازي‪ -‬ردم هلل تعالى‪ -‬عند تفسير قول تعالى‪( :‬ر ِب اشرح ِلي ص ْد ِري)(‪،)2‬‬ ‫ديث نشار الرازي إلى نن هذا دعاء من سيدنا موس ى لله تعالى‪ ،‬وقد كان اشهراح الصدر ديث قال ل بعدها‪( :‬ق ْد‬ ‫منوِتيت مس ْؤلك ياموس ى)(‪ ،)3‬فكيف قال بعدها (إننا نخاف)‪ ،‬فإن دصول الخوف يمنع من دصول شرح الصدر‪،‬‬ ‫والجواب‪ :‬نن شرح الصدر عبارة عن تقويت على ضبط تلك الأوامر والنواهي‪ ،‬ودفظ تلك الهرائع على وج لا‬ ‫يتطرق إلي السدو والتحريف‪ ،‬وذلك ش يء آخر غير زوال الخوف ‪ ......‬فإنهما استظدرا بأن سألا ربهما ما يزيد في‬ ‫ثبات قلبهما على دعائ وذلك بأن ينضاف الدليل \"النقلي إلى العقلي\" زيادة في الطمأنينة كما قال‪( :‬ولكن لي ْطم ِئن‬ ‫ق ْل ِبي)(‪.)4‬‬ ‫وتدور خصومة دادة بين السلفيين (نهل السنة نصحاب الحديث)‪ ،‬والأ ْشع ِريين (نهل السنة نرباب‬ ‫الكلام)‪ ،‬في اعتبار الدليل النقلي من نخبار الآداد دليل ًا ميعت ُّد ب في مسائل العقائد‪ ،‬وانقسموا بين مقر للأدلة‬ ‫النقلية آداد ًا كانت نم متواترًة بإفادتها للعلم اليقيني‪ ،‬في الأصول والفروع‪ ،‬ومنهم من قال بإفادة الدليل النقلي من‬ ‫الأخبار المتواترة في باب العقائد والعبادات‪ ،‬وعدم إمضاء الآداد في الأصول‪ ،‬والقول ب في الفروع‪ ،‬ومن الذين‬ ‫قالوا برِد خبر الآداد في الأصول‪ ،‬المتكلمون الأشا ِعرة الذين ن ُّصوا على ذلك‪ ،‬ومنهم الإمام الباقلاشي ديث قال‪:‬‬ ‫\"تواضع المتكلمون والفقداء على تسمية كل خبرق مصرعن إيجاب العلم بأن خبروادد‪ ،‬وسواء عندهم روا الوادد‬‫‪‌-1‬عضد‌الدين‌عبد‌الرحمن‌بن‌أحمد‌الإيجي‪‌،‬المواقف‪‌،‬تحقيق‪‌:‬عبد‌الرحمن‌عميرة‪‌،‬دار‌الجيل‪‌،‬بيروت‪‌،‬الطبعة‌الأولى‪‌،‬‬ ‫‪‌،3999‬ج‪3‬ص‪.‌319‬‬ ‫‪‌-2‬سورة‌طه‌الآية‌‪.‌32‬‬ ‫‪‌-3‬سورة‌طه‌الآية‌‪‌،16‬أنظر‪‌:‬الإمام‌الفخر‌الرازي‪‌،‬تفسير‌الرازي‪‌،‬أو‌مفاتح‌الغيب‪‌،‬ج‪33‬ص‪.21‬‬‫‪‌-4‬سورة‌البقرة‌الآية‌‪‌،361‬انظر‌الإمام‌الفخر‌الرازي‪‌،‬تفسير‌الرازي‪‌،‬ج‪31‬ص‪‌،133‬وانظر‪‌:‬محمد‌بن‌أحمد‌الشربيني‪‌،‬‬ ‫شمس‌الدين‪‌،‬تفسير‌السراج‌المنير‪‌،‬دار‌الكتب‌العلمية‪‌،‬بيروت‪(‌،‬بدون‌تاريخ‌طباعة)‌ج‪3‬ص‪.166‬‬ ‫‪150‬‬

‫نو الجماعة‪ ....‬وهذا الخبر لا يوجب العلم\"(‪ )1‬ومنهم ابن فورك‪ ،‬والبغدادي‪ ،‬والجويني‪ ،‬والغزالي‪ ،‬والرازي‪ ،‬والآمدي‪،‬‬ ‫ولم ميعلم خلاف بينهم في هذ المسألة(‪. )2‬‬ ‫وهذا ما اختار الإمام ال مبوطي‪ ،‬وجعل نصل في المعرفة‪ ،‬ديث ذكر نن الخبر الظني‪ -‬وهو خبر الآداد‪ -‬لا‬ ‫يفيد العلم اليقيني‪ ،‬لذلك لا تترتب المعرفة الحقيقية علي ‪ ،‬ولا يقبل في باب العقائد‪ - ،‬ويضيف قائل ًا‪ -‬إن القرآن‬ ‫الكريم نهى عن اتباع الظ ِن‪ ،‬وهو في هذا يهير إلى قول تعالى‪( :‬وما يت ِب مع ن ْكث مر مه ْم ِإلا ظن ًا ِإن الظن لا مي ْغ ِني ِمن ا ْلح ِق‬ ‫ش ْيئ ًا ِإن الل علي ٌم ِبما ي ْفع ملون)(‪. )3‬‬ ‫وإلى اختيارات البوطي في هذا الباب يذهب عموم الأشاعرة‪ ،‬يقول السقار‪\" :‬العقيدة قطعية يقينية‪،‬‬ ‫والظني ينوء بحمل القطعي‪ ،‬نما إذا دصل العلم بمضمون خبر الآداد فلاخلاف في إثبات العقيدة ب \"(‪ ،)4‬يعني نن‬ ‫دصول العلم ب متوقف على النظر والاستدلال‪ ،‬ويبدوا نن السقار بهذا القول يؤيد ما يذهب إلي جمع غفير من‬ ‫الأشاعرة‪ ،‬وعدت من نصولدم في الاعتقاد‪ ،‬ديث يرون نن الاستدلال والنظر شرط في صحة الإيمان‪ ،‬ولا يؤخذ‬ ‫الإيمان عندهم بالتقليد‪ ،‬وعلي ؛ فلابد من موافقة دديث الآداد للاستدلال العقلي‪ ،‬فلا يكفي نن يكون صحيح ًا‬ ‫مرويا في البخاري ومسلم نو غيرهما‪ ،‬بل لابد من موافقت للهواهد العقلية دتى يتم قبول وإمضاؤ في باب‬ ‫العقائد ‪.‬‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬شروط البوطي لقبول الخبر‪:‬‬ ‫وافق ال مبو ِطي شيخ الأشاعرة الإمام الرا ِزي في هذ المسألة‪ ،‬ديث كان يرى نن خبر الآداد مفي ٌد في العلم‬ ‫الهرعي‪ -‬يعني الأدكام الهرعية‪ -‬ولا يجوز إعمال في الأدكام الاعتقادية‪ ،‬وهذا بالتحديد ما ذكر الرازي في كتاب ‪:‬‬ ‫\"المحصول في علم الأصول\" ونمى إلى نن هذا القبول لخبر الآداد يكون مع اشتراط الصحة‪ ،‬ديث قال‪\" :‬إن خبر‬ ‫‪‌-1‬أبي‌بكر‌محمد‌بن‌الطيب‌بن‌الباق َّلاني‪‌،‬التمهيد‪‌،‬المكتبة‌الشرقية‪‌،‬بيروت‪3929‌،‬م‪‌،‬ص‌‪‌.156‬‬‫‪‌-2‬محمد‌بن‌عمر‌بن‌الحسين‌الرازي‪‌،‬المحصول‌في‌علم‌الأصول‪‌،‬تحقيق‪‌:‬طه‌جابر‌فياض‌العلواني‪‌،‬جامعة‌الإمام‌محمد‌‬‫بن ‌سعود ‌الإسلامية‪‌ ،‬الرياض‪‌ ،‬الطبعة ‌الأولى‪‌ ،3111‌ ،‬ج‪1‬ص‪‌ ،199‬وانظر‪‌ :‬السقار‪‌ :‬الطالب ‌صهيب ‌محمود ‌السقار‪‌،‬‬ ‫الاحتجاج‌بخبر‌الاحاد‌في‌مسائل‌الاعتقاد‪‌،‬رسالة‌ماجستير‪‌،‬جامعة‌صدام‌للعلوم‌الاسلامية‪3999‌،‬م‪‌،‬ص‪. 319‬‬ ‫‪‌-3‬سورة‌يونس‪‌،‬الآية‌‪.‌16‬‬ ‫‪ -4‬صهيب السقار‪ ،‬الاحتجاج بخبر الاحاد في مسائل الاعتقاد‪ ،‬ص‪. 848‬‬ ‫‪151‬‬

‫الوادد دليل من ندلة الهرع\"(‪ ،)1‬غ ْير نن ال مبو ِطي نوضح كيف ميقب مل خبـر الآداد عند الأشاعرة‪ ،‬فقد ذكر شروط ًا‬ ‫ثلاثة لقبول ‪ ،‬نذكرها باختصار‪:‬‬ ‫‪ ‬التأكد من صحة النصوص الواردة والمنقولة عن فم سيدنا محمد‪ -‬صلى هلل علي وسلم‪ ،-‬قرآن ًا‬ ‫كانت هذ النصوص‪ ،‬نم دديث ًا‪ ،‬دتى نصل إلى اليقين بنسبتها إلي (‪. )2‬‬ ‫‪ ‬الوقوف بدقـة على ما تتضمن وتع ِني تلك النصوص‪ ،‬بحيث يطمئن إلى ما يع ِني ويقصد صادب‬ ‫تلك النصوص (‪.)3‬‬ ‫‪ ‬عرض دصيلة تلك المعاشي والمقاصد التي وقف عليها‪ ،‬والتأكد منها على موازين العقل والمنطق‪،‬‬ ‫لتمحيصدا ومعرفة موقف العقل منها (‪.)4‬‬ ‫ولم يح ِدد ال مبوطي مقصود بهذ الهروط‪ -‬الخبر الآداد نو الخبر المتواتر‪ -‬بمعنى نن لم يذكر خبر الآداد‬ ‫بالنص‪ ،‬ولكن؛ يتبين هذا من خلال درايتنا بمذهب الأشا ِعرة في نخبارالآداد‪ ،‬ديث ننهم لم يتعرضوا للخبر المتواتر‬ ‫بالنقد‪ ،‬إنما كان خلافدم في خبر الآداد‪ ،‬وبهذا شعلم نن ال مبوطي وكذلك عموم الأ ْشع ِرية قديم ًا ودديث ًا‪ ،‬ن ُّصوا على‬ ‫ضرورة اشسجام النقل مع العقل ليتم قبول ‪ ،‬واتساق معا ِشي النصوص مع ما يلزم العقل من فدم لظواهر‬ ‫الأشياء‪ ،‬والاستدلال عليها عن طريق الهواهد العقلية القاطعة‪ ،‬وليس بالنقل المجرد عن الفكر‪ ،‬ومن هنا يمكن‬ ‫استيضاح هذ المسألة من خال الإجابة عن هذا السؤال‪:‬‬ ‫مسألة‪ :‬هل يجوز التقليد في مسائل العقيدة؟‬ ‫ذكر الإمام ابن حجر تفصيل ًا ماتع ًا في هذ المسألة‪ ،‬يوضح نن الأمر خلافي‪ ،‬ونورد ثلاثة نقوال لهل العلم‬ ‫ديث قال الحافظ ابن حجر‪ -‬ردم هلل‪ -‬ما نص \"وقرنت في جزء من كلام شيخ شيخنا الحافظ صلاح الدين‬‫‪‌ -1‬الفخر ‌الرازي ‌محمد ‌بن ‌عمر ‌بن ‌الحسين ‌الرازي‪‌ ،‬المحصول ‌في ‌علم ‌الأصول‪‌ ،‬تحقيق‪‌ :‬طه ‌جابر ‌فياض ‌العلواني‪‌،‬‬ ‫جامعة‌الإمام‌محمد‌بن‌سعود‌الإسلامية‪‌،‬الرياض‪‌،‬الطبعة‌الأولى‪3111‌،‬هـ‪‌،‬ج‪1‬ص‪‌.199‬‬ ‫‪‌-2‬ال ُبوطي‪‌،‬ال َّسلفية‌فترة‌زمنية‌مباركة‪‌،‬ص‪.‌61‬‬ ‫‪‌-3‬ال ُبوطي‪‌،‬المرجع‌السابق‪‌،‬ص‪.‌61‬‬ ‫‪‌-4‬المرجع‌السابق‪‌،‬ص‪.‌61‬‬ ‫‪152‬‬

‫العلائي(‪ ،)1‬ما ملخص ‪ :‬نن هذ المسألة مما تناقضت فيها المذاهب وتباينت بين ممف ِرط و ممف ِرط ومتو ِسط‪ ،‬وسأذكر‬ ‫هذ الأقوال التي جمعدا ابن حجرباختصاروتص ُّرف كبيروهي كما يلي‪:‬‬ ‫‪ -‬الأول‪ :‬قول من قال يكفي التقليد المحض في إثبات وجود هلل تعالى‪ ،‬وشسب هذا القول إلى عبيد‬ ‫ هلل بن الحسن العنبري(‪ ،)2‬وجماعة من الحنابلة‪ ،‬والظاهرية(‪.)3‬‬ ‫‪ -‬الثاني‪ :‬قو ٌم بالغوا فحرموا النظر في الأدلة‪ ،‬واستندوا إلى ما ثبت عن الأئمة الكبار في ذم الخوض‬ ‫في علم الكلام‪ ،‬وهؤلاء عامة نهل الحديث‪ ،‬واتهم نرباب هذا القول بالغلوا والإفراط ‪.‬‬ ‫‪ -‬الثالث‪ :‬من وقف صحة الإيمان على معرفة الأدلة من علم الكلام‪ ،‬وشسب ذلك لبي إسحاق‬ ‫الإسفراييني وآخرين (‪ ،)4‬وهؤلاء جنحوا بعيدا في التعويل على الدليل العقلي‪.‬‬ ‫وقد رد علامة المذهب الأشعري الإمام نبي دامد الغزالي‪ ،‬على هؤلاء المتكلمين الذين اشترطوا الاستدلالات‬ ‫العقلية في صحة الإيمان‪ ،‬ووصفدم بأنهم شرذمة نسرفت في تضييق ردمة هلل‪ -‬تعالى‪ -‬فقال‪\" :‬نسرفت طائفة‬ ‫فكفروا عوام المسلمين‪ ،‬وزعموا نن من لم يعرف العقائد الهرعية بالدلة التي درمروها‪ ،‬فدو كافر‪ ،‬فضيقوا ردمة‬ ‫ هلل الواسعة‪ ،‬وجعلوا الجنة مختصة بهرذمة يسيرة من المتكلمين\" (‪. )5‬‬‫‪‌-1‬هو ‌خليل ‌بن ‌كيكلدي ‌الشيخ ‌الإمام ‌الع َّلامة ‌الحافظ‌المح ّدث ‌الفقيه ‌الأصولي ‌الأديب ‌صلاح ‌الدين ‌بن ‌العلائي ‌الدمشقي‌‬‫ال ّشافعي‪‌،‬ولد‌سنة‌‪691‬هـ‪‌،‬أول‌سماعه‌صحيح‌مسلم‌سنة‌‪911‬هـ‌على‌الشيخ‌شرف‌الدين‌الفزاري‌خطيب‌دمشق‌عن‌‬‫المشايخ‌الأربعة‌عشر‪‌،‬وفيها‌ك َّمل‌عليه‌ختم‌القرآن‌العظيم‪‌،‬ثم‌إ َّنه‌سمع‌البخار ّي‌على‌ابن‌مش ّرف‌سنة‌‪911‬هـ‪‌،،‬وفيها‌‬‫ابتدأ ‌بقراءة ‌العربية ‌وغيرها ‌على ‌الشيخ ‌نجم ‌الدين ‌القحفازي‪‌ ،‬والفقه ‌والفرائض ‌على ‌الشيخ ‌زك ّي ‌الدين ‌زكري‪‌ ،‬ومن‌‬‫تصانيفه‌أيضاً‌كتاب‪\"‌:‬ال ّنفحات‌القدسية‌في‌مجلد‌كبير\"‌و‌\"برهان‌ال ّ‌تيسير‌في‌عنوان‌التفسير\"‪‌،‬توفي‌سنة‌‪963‬هـ‪‌،‬انظر‪‌:‬‬ ‫الصفدي‪‌،‬الوافي‌بالوفايت‪‌،‬ج‪1‬ص‪‌،193‬وانظر‪‌:‬الزكلي‪‌،‬الأعلام‪‌،‬ج‪3‬ص‪.‌133‬‬‫‪‌-2‬عبيد‌الله‌بن‌الحسن‌العنبري‌ولد‌سنة‌‪311‬هـ‪‌،‬وقيل‌سنة‌‪316‬هـ‪‌،‬ويعد‌من‌أتباع‌ال َّتا ِبعين‪‌،‬تولى‌القضاء‌بالبصرة‌وهو‌‬‫صدوق‌مقبول‪‌،‬وقد‌اتهمه‌بعصهم‪‌،‬قال‌ابن‌القطان‪‌:‬بئس‌عبيد‌الله‌بالمذهب‌على‌ما‌ذكره‌أحمد‌بن‌أبي‌خيثمة‌وغيره‪‌،‬قال‌‬‫صاحب ‌ميزان ‌الاعتدال‪‌ :‬قد ‌خرج ‌له ‌مسلم ‌‪.‬وقال ‌النسائي‪‌ :‬ثقة ‌فقيه ‌‪.‬وقال ‌ابن ‌سعد‪‌ :‬كان ‌ثقة ‌محمودا ‌عاقلا ‌من ‌الرجال‪‌،‬‬‫وروى ‌عبيد ‌الله ‌عن ‌خالد ‌الحذاء ‌‪.‬وعنه ‌معاذ ‌بن ‌معاذ ‌الانصاري‪‌ ،‬وعبد ‌الرحمن ‌بن ‌مهدى ‌‪.‬توفى ‌سنة ‌‪365‬هـ‪‌ .‬انظر‪‌:‬‬‫المزي‪‌ ،‬يوسف ‌بن ‌الزكي ‌عبدالرحمن ‌أبو ‌الحجاج ‌المزي‪‌ ،‬تهذيب ‌الكمال‪‌ ،‬تحقيق‪‌ :‬بشار ‌عواد ‌معروف‪‌ ،‬مؤسسة ‌الرسالة‪‌،‬‬‫بيروت‪‌،‬الطبعة‌الأولى‪3951‌،‬م‪‌،‬ج‪39‬ص‪‌،36‬وانظر‪‌:‬الذهبي‪‌:‬شمس‌الدين‌محمد‌بن‌أحمد‌الذهبي‪‌،‬ميزان‌الاعتدال‌في‌‬ ‫نقد‌الرجال‪‌،‬تحقيق‪‌:‬محمد‌رضوان‌عرقسوسي‪‌،‬مؤسسة‌الرسالة‪3119‌،‬م‌ج‪1‬ص‪.‌2‬‬ ‫‪‌-3‬ابن‌حجر‪‌،‬فتح‌الباري‪‌،‬ج‪3‬ص‪.‌391‬‬ ‫‪‌-4‬ابن‌حجر‪‌،‬فتح‌الباري‪‌،‬ج‪3‬ص‪.‌391‬‬ ‫‪‌5‬ابن‌حجر‌فتح‌الباري‪‌،‬ج‪3‬ص‪.391‬‬ ‫‪153‬‬

‫وهذا لا يعني نن الأئمة الأوائل لم يقولوا بالدليل العقلي‪ ،‬ونهميت في الاستدال على وجود هلل‪ ،‬فظاهر‬‫القرآن يدل على التفكروالتدبرفي مخلوقات سبحان للاستدلال على عظم قدرت ‪ ،‬ومن ذلك ما نقل عن الهافعي‬ ‫عندما سئل عن وجود الصاشع‪ ،‬فقال‪ :‬هذا ورق التوت طعم وادد تأكل الدودة فيخرج من الإبريسم (‪ ،)1‬وتأكل‬‫النحلة فيخرج من العسل‪ ،‬وتأكل الهاة والبعيروالأشعام فتلقي بع ًرا وروثا‪ ،‬وتأكل الظباء فيخرج منها المسك وهو‬ ‫ش يء وادد (‪.)2‬‬‫وكذلك الإمام ندمد بن دنبل ديث سئل عن ذلك فقال‪ :‬هاهنا دصن دصين نملس‪ ،‬ليس ل باب ولا‬‫منفذ‪ ،‬ظاهر كالفضة البيضاء‪ ،‬وباطن كالذهب الإبريز(‪ ،)3‬فبينا هو كذلك إذ انصدع جدار ‪ ،‬فخرج من ديوان‬ ‫سميع بصير‪ ،‬ذو شكل دسن وصوت مليح‪ ،‬يعني بذلك البيضة إذا خرج منها الدجاجة (‪.)4‬‬‫لكن الذي عد السلف ُّيون على الأشا ِعرة‪ ،‬معولدم على الدليل العقلي‪ ،‬ووقف بعضدم صحة الإيمان على‬‫الاستدلالات العقلي ‪ ،‬دتى إننا رنينا الفخر الرازي يوجب الاستهداد بالدلة العقلية‪ ،‬والوقوف على الحجج‪ ،‬في‬ ‫معرفة الإل ‪ ،‬مما اعتبر بعض نصحاب الحديث تك ُّلف ًا في طلب الدليل على ما هو واجب عقل ًا ‪.‬‬‫ومن الهواهد على ذلك ما قال الإمام الفخر الرازي‪ ،‬عند تفسير قول تعالى‪( :‬ن ْم مك ْن مت ْم مشدداء ِإ ْذ دضر‬‫ي ْع مقوب ا ْلم ْو مت ِإ ْذ قال ِلب ِني ِ ما ت ْع مب مدون ِم ْن ب ْع ِدي قا ملوا ش ْع مب مد ِإلدك وِإل آبا ِئك ِإ ْبرا ِهيم وِإ ْسما ِعيل وِإ ْسحاق ِإل ًدا‬‫وا ِد ًدا ون ْح من ل م مم ْسِل ممون)(‪ ،)5‬ديث ن ْزرى بالذين يقولون بالتقليد‪ ،‬ونعظم النكير عليهم‪ ،‬فقال‪ :‬تمسك فريقان من‬ ‫نهل الجدل‪ ،‬وشذوا عن قواعد العلم‪ ،‬وهم‪:‬‬‫‪ -‬الأول‪ :‬المقلدة قالوا‪ :‬إن نبناء يعقوب اكتفوا بالتقليد‪ ،‬وهو علي السلام ما ننكر عليهم فدل على‬ ‫نن التقليد كاف‪.‬‬ ‫‪‌-1‬الإبريسم‪‌:‬أحسن‌الحرير‪‌،‬انظر‪‌:‬القاموس‌الفقهي‪‌،‬ص‪‌.‌33‬‬ ‫‪‌-2‬ابن‌كثير‪‌،‬تفسير‌القرآن‌العظيم‪‌،‬ج‪3‬ص‪.‌399‬‬ ‫‪‌-3‬الإبريز‌من‌الذهب‪‌:‬الخالص‌وهو‌الإبرزي‌والعقيان‌والعسجد‪‌،‬انظر‌تاج‌العروس‪‌،‬ج‪3‬ص‪.‌19‬‬ ‫‪‌-4‬ابن‌كثير‪‌،‬تفسير‌القرآن‌العظيم‪‌،‬ج‪3‬ص‪.‌399‬‬ ‫‪‌-5‬سورة‌البقرة‌الآية‌‪.‌311‬‬ ‫‪154‬‬

‫‪ -‬الثاني‪ :‬التعليمية‪ ،‬قالوا‪ :‬لا طريق إلى معرفة هلل‪ -‬تعالى‪ -‬إلا بتعليم الرسول والإمام‪ ،‬والدليل علي‬‫هذ الآية‪ ،‬فإنهم لم يقولوا‪ :‬شعبد الإل الذي دل علي العقل‪ ،‬بل قالوا‪ :‬شعبد الإل الذي ننت تعبد وآباءك‬ ‫يعبدون ‪ ،‬وهذا يدل على نن طريق المعرفة هو التعلم(‪.)1‬‬‫ويجيب الرازي على هؤلاء بقول ‪ :‬كما نن ليس في الآية دلالة على ننهم عرفوا الإل بالدليل العقلي‪ ،‬فليس‬‫فيها نيض ًا دلالة على ننهم ما نقروا بالإل إلا على طريقة التقليد والتعليم‪ ،‬ثم إن القول بالتقليد والتعليم لما بطل‬ ‫بالدليل‪ ،‬علمنا نن إيمان القوم ما كان على هذ الطريقة‪ ،‬بل كان داصل ًا على سبيل الاستدلال (‪.)2‬‬ ‫ويطرح الرازي تساؤل ًا آخر‪ ،‬لتوضيح معان خفية في الآية‪ ،‬فيقول‪ :‬فلم لم يذكروا‪ -‬ني نبناء يعقوب علي‬ ‫السلام‪ -‬طريقة الاستدلال؟ ‪.‬‬‫وقد نجاب عن ذك بقول ‪ :‬إنما قالوا ذلك لادتمالات ثلاث‪ ،‬ويستبعد الإمام الفخر الرازي فكرة التقليد‬ ‫نهائي ًا فيقول‪:‬‬ ‫الأول‪ :‬الاختصارفي القول من شرح صفات هلل‪ -‬تعالى‪ -‬بتوديد ‪ ،‬وعلم وقدرت وعدل ‪.‬‬‫الثاني‪ :‬نن نقرب إلى سكون نفس يعقوب علي السلام‪ ،‬فكأنهم قالوا‪ :‬لسنا نجري إلا على مثل طريقتك‪،‬‬ ‫فلا خلاف منا عليك فيما شعبد ونخلص العبادة ل ‪.‬‬‫الثالث‪ :‬لعل هذا إشارة إلى ذكر الدليل على وجود الصاشع ديث قال في آية نخرى‪( :‬يانيها الناس اعبدوا‬‫رب مك مم الذى خلق مك ْم والذين ِمن ق ْبِل مكم)(‪ ،)3‬وهدنا مرادهم بقولدم‪( :‬ش ْع مب مد إلدك وإل آبا ِئك)‪ ،‬ني‪ :‬شعبد الإل الذي دل‬ ‫علي وجودك‪ ،‬ووجود آبائك‪ ،‬وعلى هذا الطريق يكون ذلك إشارة إلى الاستدلال لا إلى التقليد (‪.)4‬‬‫ونجد في موضع آخر يقول‪ :‬عند قول تعالى‪ِ( :‬إلا نما ِشي وِإ ْن مه ْم ِإلا ي مظ ُّنون)(‪ ،)1‬ديث يقول‪ .....\":‬وثانيها‪:‬‬ ‫بطلان التقليد مطلق ًا‪ ،‬وهو مهكل لن التقليد في الفروع جائزعندنا (‪.)2‬‬ ‫‪‌-1‬الفخر‌الرازي‪‌،‬التفسير‌الكبير‌أو‌مفاتح‌الغيب‪‌،‬ج‪3‬ص‪.‌162‬‬ ‫‪‌-2‬المرجع‌السابق‪‌،‬ج‪3‬ص‪.‌162‬‬ ‫‪‌-3‬سورة‌البقرة‌الآية‌‪.‌33‬‬ ‫‪‌-4‬الفخر‌الرازي‪‌،‬التفسير‌الكبير‪‌،‬أو‌مفاتح‌الغيب‪‌،‬ج‪3‬ص‪.‌166‬‬ ‫‪155‬‬

‫ويقرر الرازي القاعدة التي يجمع عليها الأشا ِعرة قديم ًا ودديث ًا وهي‪\" :‬جواز التقليد في الفروع‪ -‬ني‬ ‫العبادات والمعاملات‪ -‬ومنع في باب الأصول‪ -‬وهي العقائد\"‪.‬‬‫وفي موضع آخر يستهدد الرازي بقول تعالى‪ِ( :‬إن ِفي خ ْل ِق السماوا ِت وا ْلأْر ِض وا ْخ ِتلا ِف الل ْي ِل والنها ِر‬‫وا ْل مف ْل ِك ال ِتي ت ْج ِري ِفي ا ْلب ْح ِر ِبما ي ْنف مع الناس وما ن ْنزل الل م ِمن السما ِء ِم ْن ماء فأ ْديا ِب ِ ا ْلأْرض ب ْعد م ْوِتها وبث ِفيها‬ ‫ِم ْن مك ِل دابة وت ْص ِري ِف ال ِريا ِح والسحا ِب ا ْلممسخ ِرب ْين السما ِء وا ْلأْر ِض لآيات ِلق ْوم ي ْع ِق ملون)(‪.)3‬‬‫ويقول إن هذا دليل واضح على بطلان التقليد‪ ،‬ونن الآية دلت على نن لابد من الاستدلال على وجود‬ ‫الصاشع بالدلائل العقلية‪ ،‬ونن التقليد ليس طريق ًا نلبتة إلى تحصيل هذا الغرض (‪.)4‬‬‫والرازي في هذا خالف إمام المتكلمين نبي دامد الغزالي‪ ،‬الذي لم يهترط التقليد في الاعتقاد‪ ،‬ونكثر‬‫معول على الوصول للمعتقد الصحيح الذي لايبعد دسب رني الغزالي نن يكون التقليد ندد طمـرق ‪ ،‬وفي هذا‬‫يقول‪\" :‬ولا يغرنك ما ميه ِول ب من ميعظم صناعة الكلام من نن الأصل‪ ،‬والفق فرع ل ‪ ،‬فهي كلمة دق‪ ،‬ولكنها غير‬‫نافعة في هذا المقام‪ ،‬فإن الأصل هو الاعتقاد الصحيح‪ ،‬والتصديق الجازم‪ ،‬وذلك داصل بالتقليد‪ ،‬والحاجة إلى‬ ‫البرهان ودقائق الجدل نادرة\" (‪.)5‬‬‫ومن هنا علمنا نن ثمة خلاف بين الأشا ِعرة في مسألة التقليد التي يقول بها السائرون في ركب التيار‬‫السلفي‪ ،‬ديث يجمعون على جواز صحة التقليد للعا ِمي لمن يوثق في دين ونمانت ‪ ،‬وبيان قولدم في هذ المسألة‬ ‫على رنيين‪:‬‬ ‫الأول‪ -‬تحريم التقليد على من يعرف الدليل وكيفية الاستدلال‪.‬‬ ‫‪‌-1‬سورة‌البقرة‌الآية‌‪.‌95‬‬ ‫‪‌-2‬الفخر‌الرازي‪‌،‬التفسير‌الكبير‪‌،‬ج‪3‬ص‪.393‬‬ ‫‪‌-3‬سورة‌البقرة‌الآية‌‪.‌361‬‬ ‫‪‌-4‬الفخر‌الرازي‪‌،‬التفسير‌الكبير‌أو‌مفاتح‌الغيب‪‌،‬ج‪3‬ص‪.‌151‬‬ ‫‪‌-5‬الإمام‌أبي‌حامد‌الغ َّزالي‪‌،‬الاقتصاد‌في‌الاعتقاد‪‌،‬ص‪.‌11‬‬ ‫‪156‬‬

‫الثاني‪ -‬جوازالتقليد لمن لا يعرف الدليل؛ بأن يقلد من يثق بعلم ودين من نهل العلم (‪. )1‬‬ ‫المطلب الخامس‪ :‬أقسام التوحيد عند الأ َشاعرة‪:‬‬ ‫عرفنا في ما سبق نن الأشا ِعرة ينظرون للتوديد بما تقتضي الهدادتين من المعاشي‪ ،‬ونساس المعتقد‬ ‫عندهم مبني على المعرفة اليقينية التي تقوم على الأدلة المتواترة المقطوع بصحتها‪ ،‬والتي لا تتعارض مع العقل‬ ‫الذي هو نصل في الاستدلال‪ ،‬كما يذهب إلي جمدور الأشا ِعرة ‪.‬‬ ‫ولكننا لا شسلم نن الأشا ِعرة لم يكن لدم مفدوم محدد لقضية التوديد‪ ،‬والقول بأن الأشا ِعرة لم تتفق‬ ‫على تعريف محدد لمسألة التوديد‪ ،‬تجن وظل ٌم لدؤاء الأعلام الذين بذلوا جددهم‪ ،‬وننفذوا وقتهم للذود عن‬ ‫دياض العقيدة‪ ،‬وللتقريب بين النقل والعقل في قضايا المغيبات‪ ،‬ولدذا يذكر الرازي‪ ،‬نن نصدق كلمة قيلت في‬ ‫تعريف التوديد‪ ،‬وكانت موضع اتفاق‪ ،‬كما نشار نيض ًا إلى ننها ندسن ونفضل كلمة قيلت فى توديد الباري‪ -‬جل‬ ‫وعلا‪ -‬وهي ما نقل عن الإمام على بن نبى طالب‪ -‬رض ى هلل عن ‪\" :-‬نن تعرف كل ما يتصور فى ذهنك فالله سبحان‬ ‫وتعالى بخلاف \" (‪. )2‬‬ ‫إلا نن الأشا ِعرة لما عنوا بقضايا الاستدلال على التوديد‪ ،‬ضاع التعريف في بسطدم وعرضدم لدذ‬ ‫الاستدلالات‪ ،‬ولكن بالمتابعة والمدارسة لمجموع نقوالدم‪ ،‬يتبين ننهم متفقون على تعريف وادد للتوديد‪ ،‬وهو‬ ‫المتضمن لمعنى (لا إل إلا هلل)‪ ،‬ويظدر تعريف التوديد في نبحاث الإمام الفخر الرازي‪ ،‬وتفسير معنى الهدادتين‪،‬‬ ‫ديث يقول‪\" :‬هو نفى ال ُّرمبوِبية عن غير ‪ ،‬ثم إثباتها ل ‪ ،‬آكد فى الإثبات‪ ،‬من إثباتها ل من غير نفيها عن غير ‪ ،‬كما‬ ‫نن قول القائل‪ :‬ليس فى البلد عالم غيرفلان نقوى فى باب المدح من قولنا‪ :‬فلان عالم البلد\" (‪.)3‬‬ ‫ومن قال إن السادة الأشا ِعرة لم يذكروا معاشي توديدي (ال ُّرُبويب َّية‪ ،‬وال ُأ ُلوه َّية) في مصنفاتهم‪،‬‬ ‫وادتجاجاتهم‪ ،‬فقد جانب الصواب‪ ،‬وعلى القائل ب الإتيان بالدليل‪ ،‬فإذا تتبعنا كتب الأولين من الأشا ِعرة‪ ،‬نجد‬ ‫ننهم قد نشاروا إلى معاشي هذا التوديد‪ ،‬عند تبيين فساد بعض المعتقدات‪ ،‬ومن ذاك ما نشار إلي إمام الحرمين‬‫‪‌ -1‬صالح ‌بن ‌فوزان ‌بن ‌عبد ‌الله ‌الفوزان‪‌ ،‬الملخص ‌في ‌شرح ‌كتاب ‌التوحيد‪‌ ،‬دار ‌العاصمة ‌الرياض ‌الطبعة ‌الأولى‪‌،‬‬ ‫‪3113‬م‪‌،‬ص‪.‌395‬‬ ‫‪‌-2‬الفخر‌الرازي‪‌،‬من‌أسرار‌التنزيل‪‌،‬ص‪.‌311‬‬ ‫‪‌-3‬المرجع‌السابق‪‌،‬ص‪.319‬‬ ‫‪157‬‬

‫الجويني‪ -‬ردم هلل‪ -‬في كتاب المسمى \"العقيدة النظامية\" ديث يقول‪\" :‬دتى انتهى مغلا ٌة إلى التهكيك نو التمثيل نو‬ ‫التمسك‪ -‬تعالى هلل عن قول الزائغين‪ -‬والذي دعاهم إى ذلك طلبهم ربهم من المحسوسات‪ ،‬وما يتهكل في الأوهام‬ ‫ويتقدر في مجاري الوساوس‪ ،‬وخواطر الدواجس‪ ،‬وهذا ديد بالكلية عن صفات \"الإلاهية\"‪ ،‬وني فرق بين هؤلاء‪،‬‬ ‫وبين من يعبد بعض الأجرام العلوية (‪.)1‬‬ ‫ومن تتبع كلام الإمام الفخر الرازي في مسائل الإيمان‪ ،‬وتحليلات ‪ ،‬واستنباطات ‪ ،‬واستدلالات المختلفة‪،‬‬ ‫يرى نن هذا الإمام العلم يؤكد على هذا المعنى‪ ،‬وإن لم يصرح بتقسيم على النحو الذي اختار المتأخرون‬ ‫والمتقدمون من نهل السنة نصحاب الحديث (ال َّسلفيين)‪ ،‬وذلك عند تفسير قول تعالى‪ِ( :‬إن الصلاة ت ْنهى ع ِن‬ ‫ا ْلف ْحهاء وا ْل ممنك ِرول ِذ ْك مرالل ِ ن ْكب مروالل م ي ْعل مم ما ت ْصن معون)(‪. )2‬‬ ‫ديث يقول الرازي عند تفسيرها‪( :‬تنهى عن الفحشاء والمنكر)‪ ،‬هو ننها تنهى عن التعطيل والإشراك‪،‬‬ ‫والتعطيل هو إنكار وجود هلل‪ ،‬والإشراك إثبات نلوهية لغير هلل‪ ،‬فنقول التعطيل عقيدة فحهاء‪ ،‬لن الفادش هو‬ ‫القبيح الظاهر القبح‪ ،‬لكن وجود هلل نظدر من الهمس‪ ،‬وما من ش يء إلا وفي آية على هلل ظاهرة‪ ،‬وإنكار الظاهر‬ ‫ظاهر الإنكار‪ ،‬فالقول بأن لا إل قبيح‪ ،‬والإشراك منكر(‪ ،)3‬ويؤكد الرازي على هذا المعنى بوضوح‪ ،‬وذلك عند قول‬ ‫تعالى‪( :‬وا ْص ِب ْر ِل مح ْك ِم رِبك)(‪ ،)4‬ديث قال‪ :‬وقال علي السلام \"الرضا بالقضاء باب هلل الأعظم\"(‪ ‘)5‬فدذة الحرفة‬ ‫متعلقة بك فى دفظ \"عدد العبودية \"‪ ،‬وإذا وفيت بعدد العبودية وهو نولى نن يفي \"بعدد ال ُّرمبوِبية\" كما قال تعالى‬‫‪‌ -1‬إمام ‌الحرمين ‌عبد ‌الملك ‌بن ‌عبد ‌الله ‌بن ‌يوسف ‌ ‌الجويني ‌( ‌المتوفى ‌سنة ‌‪195‬هـ ‌)‪‌ ،‬العقيدة ‌النظامية ‌في ‌الأركان‌‬ ‫الإسلامية‪‌،‬تحقيق‪‌:‬محمد‌زاهد‌الكوثري‪‌‌،‬المكتبة‌الأزهرية‌للتراث‪3993‌،‬م‪‌،‬ص‪.‌33‬‬ ‫‪‌-2‬سورة‌العنكبوت‌الآية‌‪.‌12‬‬ ‫‪‌-3‬الفخر‌الرازي‪‌،‬تفسير‌القرآن‌الكريم‪‌،‬المسمى‌مفاتح‌الغيب‪‌،‬ج‪33‬ص‪.396‬‬ ‫‪‌-4‬سورة‌الطور‌الآية‌‪.‌15‬‬‫‪‌-5‬أقول‪‌:‬بحثت‌عنه‌في‌كتب‌الحديث‌فلم‌أجده‌بهذا‌النص‪‌،‬وقد‌أورده‌الرازي‌في‌كتابه‪\"‌:‬من‌أسرار‌التنزيل\"‌بقوله‪‌:‬وقال‌‬‫عليه‌السلام\"‌‪‌،...‬ص‪‌،99‬وقد‌وجدت‌من‌أشار‌إلى‌هذا‌الأثر‪‌،‬فقد‌ذكره‌السلمي‌في‌تفسيره‪‌،‬وقد‌نسبه‌للجنيد‪‌،‬حيث‌قال‪‌.‌:‬‬‫‪‌.‌.‬وقال‌الجنيد‌رحمة‌الله‌عليه‌‪\"‌:‬الرضا‌سرور‌القلب‌ب ُم‌ر‌القضاء‪‌،‬وقال‌‪‌:‬الرضا‌باب‌الله‌ ‌الأعظم\"‪‌،‬انظر‪ :‬أبو‌عبد‌‬‫الرحمن‌محمد‌بن‌الحسين‌بن‌موسى‌الأزدي‌السلمي‪‌،‬تفسير‌السلمي‌وهو‌حقائق‌التفسير‪‌،‬تحقيق‪‌:‬سيد‌عمران‪‌،‬دار‌الكتب‌‬‫العلمية‪‌ ،‬بيروت‪3113‌ ،‬م‪‌ ،‬ج‪3‬ص‪‌ ،351‬وابن ‌عجيبة ‌في ‌تفسيره ‌البحر ‌المديد‪‌ ،‬ج‪2‬ص‪‌ ،315‬وفي ‌تحفة ‌الأحوذي‌‬‫للمباركفوري ‌ج‪3‬ص‪‌ ،239‬قال‪\"‌ :‬وبجميع ‌قضائه ‌وقدره ‌فإن ‌الرضا ‌بالقضاء ‌باب ‌الله ‌الأعظم\" ‌تحفة ‌الأحوذي‪‌،‬‬‫ج‪3‬ص‪‌ ،392‬وعند ‌الملا ‌علي ‌قارئ‪‌ ،‬مرقاة ‌المفاتيح‪‌ ،‬قوله‪\"‌ :‬والإضافة ‌فيهما ‌وفي ‌مرقاة ‌المفاتيح ‌للملا ‌علي ‌قارئ‪‌،‬‬‫ج‪1‬ص‪‌ ،332‬قال‪\"‌ :‬والإضافة ‌فيهما ‌للإختصاص ‌والمراد ‌بهما ‌الفرد ‌الكامل ‌الموصوف ‌بهما ‌رضيت ‌بالله ‌ربا ‌تمييز‪‌ ،‬أي‌‬‫بربوبيته‌وبجميع‌قضائه‌وقدره‪‌،‬فإن‌الرضا‌بالقضاء‌باب‌الله\" ولكن؛‌لم‌ينسبه‌للنبي‌صلى‌الله‌عليه‌وسلم‪‌،‬غير‌الإمام‌الفخر‌‬‫الرازي ‌كما ‌م َّر ‌علينا ‌في ‌كتابه‌\"من ‌أسرار ‌التنزيل\"‪‌ ،‬وذكره ‌الفخر ‌الرازي ‌أيضاً‌في ‌تفسيره ‌ج‪2‬ص‪‌ ،399‬بقوله‪‌ :‬وفي‌‬‫الحديث‌‪‌)‌.‌.‌.‬فقد‌يكون‌هذا‌مما‌التبس‌على‌الإمام‌الرازي‪‌-‬رحمه‌الله‌تعالى‪-‬؛‌ولا‌يخفى‌أهمية‌الإيمان‌بالقضاء‌والقدر‪‌،‬‬ ‫وفي‌ذكر‌مكانته‌من‌العقيدة‌أحاديث‌صحاح‌كثيرة‪‌،‬ليت‌الإمام‌اكتفى‌بها‌في‌هذا‌الباب‪‌،‬عفا‌الله‌عنا‌وعنه‌‪‌.‬والله‌أعلم‌‪.‬‬ ‫‪158‬‬

‫(ون ْو مفوا ِبع ْد ِدي منو ِف ِبع ْد ِد مك ْم)(‪ ،)1‬فتحفظ هذ المعرفة فى قلبك‪ ،‬وهذا الذكرفى لسانك واجعلدا نور ًا باقي ًا معك فى‬ ‫القبروالظلمات والقيامة (‪. )2‬‬ ‫فإن قول ‪\" :‬عدد العبودية\" تعني توديد الألوهية‪ ،‬وقول ‪\" :‬بعدد الربوبية\" ظاه ٌر في إشارت إلى توديد‬ ‫الربوبية‪ ،‬وعلى هذا نقول‪ :‬إن الأشا ِعرة نظروا للتوديد بمفدوم العام‪ ،‬الذي يهتمل على معنى شدادة التوديد‪،‬‬ ‫غير ننهم نطنبوا في ذكر الهواهد والاستدلالات العقلية‪ ،‬على معنى الهدادتين‪ ،‬ولم يص ِردوا بتفصيل نقسام‬ ‫التوديد على المعنى الذي ذهب إلي نهل السنة من نصحاب الحديث (ال َّسلفيين) قديم ًا ودديث ًا‪ ،‬وإن كانت هذ‬ ‫المفاهيم من توديد ال ُّرمبوِبية وال مأ ملوهية‪ ،‬موجودة في نبحاثهم وتأويلاتهم‪ ،‬دول معنى الهدادتين‪ ،‬مما جعل كثي ًرا من‬ ‫السلفيين المعاصرين يتهمونهم بالغموض في طرح نفكارهم في فكرة التوديد‪ ،‬ونن نسلوبهم يوصف بالتك ُّلف‬ ‫والتعقيد في سرد الأدلة (‪ ،)3‬ولكننا شعتقد مع هذا كل ‪ ،‬نن الأشا ِعرة لم يبتعدوا كثي ًرا عن معنى التوديد بقسمي ‪:‬‬ ‫(ال ُّرُبويب َّية وال ُأ ُلوه َّية)‪ ،‬وإن بقي بينهما الخلاف على كيفية الاستدلال على هذ المعاشي‪ ،‬نما مفدومدم لتوديد‬ ‫الأسماء وال ِصفات‪ ،‬فقد بقي ولا يزال الخلاف في قائم ًا بين المدرستين السلفية والأ ْشع ِرية ‪ ،‬كما سيأتي بيان إن‬ ‫شاء هلل في المبحث التالي‪:‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬توحيد الأسماء وال يص َفات عند الأَْشا يعرة‪:‬‬ ‫هذا المبحث من نهم نقسام التوديد وهو مربط الفرس في النزاع الدائر بين السلفيين والأشا ِعرة قديم ًا‬ ‫ودديث ًا‪ ،‬وهو نساس الخلاف‪ ،‬ول ُّب ال ِصراع‪ ،‬وكل من الفريقين يرى نن الحق مع ‪ ،‬وكل منهم يهير إلى تنزي هلل‬ ‫تعالى‪ ،‬وتعظيم وتقديس ‪ ،‬فل سبحان الأسماء الحسنى‪ ،‬وال ِصفات ال معلا‪ ،‬ولن شسدب في ذكر الفارق بين كل من‬ ‫الفريقين ونقاط الخلاف بين الجماعتين‪ ،‬سوى ما سيكون من إشارات لذلك‪ ،‬لننا سنفرد إن شاء هلل فصل ًا كامل ًا‬ ‫للمقارنة والنقد والتحليل‪ ،‬فيما سيأتي إن شاء هلل‪ ،‬ولكننا سنعرض إلى ذكر آراء السادة الأشا ِعرة‪ ،‬في مسألة‬ ‫الأسماء وال ِصفات‪ ،‬وفق القواعد التي نشرنا إليها من قبل ‪.‬‬ ‫‪‌-1‬سورة‌البقرة‌الآية‌‪.‌11‬‬ ‫‪‌-2‬الفخر‌الرازي‪‌،‬من‌أسرار‌التنزيل‪‌،‬ص‪.‌99‬‬‫‪‌-3‬انظر‪‌:‬خالد‌عبد‌اللطيف‌بن‌محمد‌نور‪‌،‬منهج‌أهل‌السنة‌والجماعة‌ومنهج‌الأ َشا ِعرة‌في‌التوحيد‪‌،‬مكتبة‌الغرباء‌الأثرية‪‌،‬‬ ‫الطبعة‌الأولى‪3992‌،‬م‪‌،‬ص‪.‌352‬‬ ‫‪159‬‬

‫أسماء الله تعالى‪:‬‬ ‫اختلف العلماء في مسألة الأسماء هل هي توقيفية‪ ،‬نم نن يجوز نن تهتق من الأفعال التي تليق ب‬ ‫تعالى‪ ،‬وللعلماء في ذلك آراء متعددة‪ ،‬فقال المعتزلة والكرامية‪\" :‬نن اللفظ إذا دل العقل على نن المعنى في ثابت في‬ ‫دق هلل سبحان جازإطلاق ذلك اللفظ على هلل تعالى‪ ،‬سواء ورد التوقيف ب نو لم يرد\" (‪. )1‬‬ ‫وقد نقل الخلاف بين بعض نئمة الأشا ِعرة في هذ المسألة نيض ًا‪ ،‬على الرغم من نن القول المهدور عند‬ ‫الأشا ِعرة بوقفية الأسماء وال ِصفات‪ ،‬ويرى الإمام الغزالي نن هذ المسألة شغلت بال المتكلمين من الأشا ِعرة في‬ ‫زما ِن لذلك يقول‪ :‬اختلف في الأسماء الحسنى هل هي توقيفية‪ ،‬بمعنى نن لا يجوز لدد نن يهتق من الأفعال‬ ‫الثابتة لله نسماء‪ ،‬إلا إذا ورد نص إما في الكتاب نو السنة (‪.)2‬‬ ‫وجوهرالخلاف بين الأشا ِعرة المتأخرين في هذ المسألة‪ ،‬من وجدين‪:‬‬ ‫‪ -‬من قال بجواز وصف تعالى بال ِصفات اللائقة ب ‪ ،‬وإن لم يرد نص عن الهارع بإطلاق هذا‬ ‫الوصف على هلل تعالى ‪.‬‬ ‫‪ -‬من قال بأن الاسم إذا كان المراد من تنزيه تعالى وتعظيم ‪ ،‬ووافق ذلك المعنى المقصود بالعظمة‬ ‫والتنزي ل ‪ ،‬فلا بأس عند القائلين بجواز ‪ ،‬لذلك نجد الزمخهري يقول‪ :‬ف مسمو بتلك الأسماء‪ ،‬جعل من باب‬ ‫دعو مت ابني عبد هلل‪ ،‬ني سميت بهذا الاسم (‪.)3‬‬ ‫واختلف في الاسم الذي يقتض ي مدد ًا خالص ًا‪ ،‬ولا تتعلق ب شبهة‪ ،‬ولا اشتراك‪ ،‬إلا نن لم يرد منصوص ًا‪،‬‬ ‫هل يطلق ويسمى هلل تعالى ب ‪ ،‬فنص القاض ي نبو بكر الباقلاشي على الجواز‪ ،‬ونص نبو الحسن والأ ْشع ِري على‬ ‫المنع‪ ،‬وب قال الفقداء والجمدور وهو الصواب (‪. )1‬‬ ‫‪‌-1‬ابن‌حجر‪‌،‬فتح‌الباري‪‌،‬ج‪35‬ص‪332‬‬‫‪‌ -2‬أبو ‌الحسن ‌عبيد ‌الله ‌بن ‌محمد ‌عبد ‌السلام ‌بن ‌المباركفوري ‌(المتوفى‪3131‌ :‬هـ)‪‌ ،‬مرعاة ‌المفاتيح ‌شرح ‌مشكاة‌‬ ‫المصابيح‪‌،‬الجامعة‌ال َّسلفية‪‌،‬بنارس‌الهند‪‌،‬الطبعة‌الثالثة‪3951‌،‬م‪‌،‬ج‪9‬ص‪.‌133‬‬‫‪-3‬محمد ‌بن ‌يوسف ‌الشهير ‌بأبي ‌حيان ‌الأندلسي‪‌ ،‬تفسير ‌البحر ‌المحيط‪‌ ،‬تحقيق‪‌ :‬الشيخ ‌عادل ‌أحمد ‌عبد ‌الموجود ‌‪‌ -‬الشيخ‌‬‫علي‌محمد‌معوض‪‌،‬وشارك‌في‌التحقيق‌أيضا‌ً‪‌:‬د‌‪.‬زكريا‌عبد‌المجيد‌النوقي‪‌‌،‬د‌‪.‬أحمد‌النجولي‌الجمل‪‌،‬دار‌الكتب‌العلمية‌‪‌-‬‬ ‫لبنان‪‌/‬بيروت‪3113‌،‬م‪‌،‬الطبعة‪‌:‬الأولى‪‌،‬ج‪2‬ص‪.‌195‬‬ ‫‪160‬‬

‫وها هو الإمام الفخر الرازي يقرر نن المهدور عند الأشا ِعرة نن لا مجال للنظر في مسألة الأسماء‬ ‫وال ِصفات‪ ،‬ونن المعول علي النقل عن الهارع‪ ،‬ونشاربقول ‪\" :‬والمهدور عن نصحابنا ننها توقيفية\" (‪. )2‬‬ ‫ويرى الرازي نن نقوى الأدلة على ما اشتهر عند جماهير الأشا ِعرة قول تعالى‪( :‬ولل ِ الأسماء الحسنى‬ ‫فادعو ِبها وذ مرو ْا الذين مي ْل ِح مدون ِفى نسمائ )(‪ ،)3‬ثم يذكرنن وج الاستدلال بهذ الآية كون الأسماء دسن ًة لا معنى‬ ‫ل ‪ ،‬إلا كونها دالة على ال ِصفات الحسنة الرفيعة الجليلة‪ ،‬فإذا لم يدل الاسم على هذا المعنى لم يكن الاسم‬ ‫دسن ًا‪ ،‬ثم إن هلل تعالى نمرنا بأن ندعو بهذ الأسماء ثم قال بعد ذلك‪( :‬وذ مرو ْا الذين مي ْل ِح مدون ِفى نسمائ )‪ ،‬وهذا‬ ‫كالتنبي على نن من دعا بغير تلك الأسماء الحسنة فقد نلحد في نسماء هلل‪ ،‬فتصير هذ الآية دالة دلالة قوية‬ ‫على نن ليس للعبد نن يدعو هلل إلا بالسماء الحسنى الدالة على صفات الجلال والمدح‪ ،‬وإذا ثبت هاتان‬ ‫المقدمتان فقد دصل المطلوب (‪.)4‬‬ ‫المطلب الأول‪ :‬مسألة الاسم عين المسمى أو غيره‪:‬‬ ‫من المسائل التي كانت ولا تزال محور ًا للنقاش بين الأشا ِعرة ونهل الحديث‪ ،‬وهي مسألة الاسم ومدلول ‪،‬‬ ‫وقول بعض الأشا ِعرة نن الاسم عين المسمى‪ ،‬نو غير ‪ ،‬وقد عاب السلفية عليهم في هذ المسألة‪ ،‬ومن ذلك قول‬ ‫بعض السلفيين‪ :‬إن قولدم‪ -‬يعني الأشا ِعرة‪ -‬الاسم عين المسمى نو غير ؟ وطالما غلط كثير من الناس في ذلك‪،‬‬ ‫وجدلوا الصواب في (‪. )5‬‬ ‫‪‌-1‬أبو‌حيان‌الأندلسي‪‌،‬تفسير‌البحر‌المحيط‪‌،‬ج‪2‬ص‪.195‬‬‫‪‌ -2‬ابن ‌حجر ‌العسقلاني‪‌ ،‬فتح ‌الباري‪‌ ،‬ج‪35‬ص‪‌ ،332‬وانظر‪‌ :‬أبو ‌الحسن ‌بن ‌المباركفوري‪‌ ،‬مرعاة ‌المفاتيح ‌شرح ‌مشكاة‌‬ ‫المصابيح‪‌،‬ج‪9‬ص‪.‌133‬‬ ‫‪‌-3‬سورة‌الأعراف‌الآية‌‪351‬‬ ‫‪‌-4‬الفخر‌الرازي‪‌،‬التفسير‌الكبير‪‌،‬أومفاتح‌الغيب‪‌،‬ج‪3‬ص‪93‬‬‫‪‌-5‬محمد‌بن‌علاء‌الدين‌عل ّي‌بن‌محمد‌ابن‌أبي‌العز‌الحنفي‪‌،‬الأذرعي‌ال َّصا ِلحي‪‌،‬شرح‌العقيدة‌الطحاوية‌تحقيق‪‌:‬جماعة‌‬‫من ‌العلماء‪‌ ،‬تخريج‪‌ :‬ناصر ‌الدين ‌الألباني‪‌ -‬دار ‌السلام ‌للطباعة ‌والنشر ‌التوزيع ‌والترجمة ‌الطبعة ‌المصرية ‌الأولى‪‌،‬‬‫‪3112‬م‪‌،‬ص‪‌،339‬ويذكر‌الحنفي‌في‌شرحه‌على‌العقيدة‌الطحاوية‌تفصيل‌هذه‌المسألة‪‌،‬وبيان‌ما‌وقع‌في‌جانب‌الصواب‌‬‫في‌هذه‌القضية‪‌،‬فيقول‪‌:‬وطالما‌غلط‌كثير‌من‌الناس‌في‌ذلك‪‌،‬وجهلوا‌الصواب‌فيه‪‌:‬فالاسم‌يراد‌به‌المسمى‌تارة‪‌،‬ويراد‌به‌‬‫اللفظ‌الدال‌عليه‌أخرى‪‌،‬فإذا‌قلت‪‌:‬قال‌الله‌كذا‪‌،‬أو‌سمع‌الله‌لمن‌حمده‪‌،‬ونحو‌ذلك‌‪‌-‬فهذا‌المراد‌به‌المسمى‌نفسه‪‌،‬وإذا‌قلت‪‌:‬‬‫الله ‌اسم ‌عربي‪‌ ،‬والرحمن ‌اسم ‌عربي‪‌ ،‬والرحمن ‌من ‌أسماء ‌الله ‌ونحو ‌ذلك‪‌ -‬فالاسم ‌هاهنا ‌هو ‌المراد ‌لا ‌المسمى‪‌ ،‬ولا ‌يقال‌‬‫غيره‪‌،‬لما‌في‌لفظ‌الغير‌من‌الإجمال‪‌:‬فإن‌أريد‌بالمغايرة‌أن‌اللفظ‌غير‌المعنى‌فحق‪‌،‬وإن‌أريد‌أن‌الله‌سبحا َنه‌كان‌ولا‌اسم‌‬‫له‪‌،‬حتى‌خلق‌لنفسه‌أسماء‪‌،‬أو‌حتى‌سماه‌خلقه‌بأسماء‌من‌صنعهم‌‪‌-‬فهذا‌من‌أعظم‌الض َلال‌والإلحاد‌في‌أسماء‌الله‌تعالى‪‌،‬‬ ‫شرح‌الطحاوية‌ص‪19‬‬ ‫‪161‬‬

‫نما الرازي فقد نطنب في هذ المسألة‪ ،‬وخطأ بعض نهل اللغة فيما ذهبوا إلي ‪ ،‬وضعف بعض الأقوال‬ ‫ورجح البعض الآخر‪ ،‬ومن الأمثلة على ذلك‪ ،‬تضعيف لقول نبي عبيد(‪ ،)1‬فيما ذهب إلي من اسم ( هلل) في قول‬ ‫(بسم هلل)‪ ،‬صلة زائدة‪ ،‬والتقدير بالله‪ ،‬قال‪ :‬وإنما ذكر لفظة الاسم‪ :‬إما للتبرك‪ ،‬وإما ليكون فرق ًا بين وبين‬ ‫القسم‪ ،‬والمراد من قول ‪( :‬بسم هلل) ن ْي‪ :‬ابدؤا بسم هلل‪ ،‬وكلام نبي عبيد ضعيف؛ لنا لما نمرنا بالابتداء فدذا الأمر‬ ‫إنما يتناول فعل ًا من نفعالنا‪ ،‬وذلك الفعل هو لفظنا وقولنا‪ ،‬فوجب نن يكون المراد نبدن بذكر هلل‪ ،‬والمراد نبدن‬ ‫ببسم هلل (‪. )2‬‬ ‫وقد نسدب الإمام الفخر الرازي‪ -‬ردم هلل‪ -‬في ذكر مدلولات الاسم‪ ،‬وما دار دول معاني من جدال‪،‬‬ ‫فيقول‪ :‬الباب الثالث‪ :‬من هذا الكتاب في مبادث الاسم‪ ،‬وهي نوعان‪:‬‬ ‫الأول‪ -‬ما يتعلق من المبادث النقلية بالاسم ‪.‬‬ ‫الثاني‪ -‬ما يتعلق من المبادث العقلية بالاسم ‪.‬‬ ‫النوع الأول‪ -‬وفي مسائل‪ :‬لغات الاسم‪ :‬هذا اللفظ لغتان مهدورتان‪ ،‬تقول العرب‪ :‬هذا اسم وسم ‪،‬‬ ‫قال‪ :‬باسم الذي في كل سورة سم ‪ ....‬وذكرقول الكسائي (‪ ... ،)3‬إلى نن قال‪ :‬قالت الحهوية والكرامية والأ ْشع ِرية‪:‬‬‫‪‌ -1‬أحمد ‌بن ‌محمد ‌بن ‌محمد ‌بن ‌عبد ‌الرحمن‪‌ :‬أبو ‌عبيد ‌الهروي ‌المؤدب ‌اللغوي‪‌ ،‬مصنف ‌\" ‌الغريبين ‌\" ‌في ‌اللغة‪‌ :‬لغة‌‬‫القرآن‪‌،‬ولغة‌الحديث\"‪‌،‬أخذ‌اللغة‌عن‪‌:‬الأزهري‪‌،‬وغيره‪‌،‬وقد‌ذكره‌القاضي‌في‌\"‌وفيات‌الأعيان‌\"‌فقال‪‌:‬سار‌كتابه‌في‌‬‫الآفاق‪‌،‬وهو‌من‌ال ُك ُتب‌النافعة‪‌،‬ثم‌قال‪‌:‬وقيل‪‌:‬أ َّنه‌كان‌يحب‌البذلة‪‌،‬ويتناول‌في‌الخلوة‪‌،‬ويعاشر‌أهل‌الأدب‌في‌مجالس‌‬‫اللذة‪‌،‬والطرب‪‌،‬عفا‌الله‌عنه‌وعنا‪‌،‬ويقال‌له‌الفاشاني‪‌،‬بالفاء‪‌،‬وفاشان‪‌:‬بفاء‌ َم ُشوب ٍة‌بباء‪‌،‬قرية‌من‌قرى‌هراة‪‌،‬وذكره‌ابن‌‬‫الصلاح‌في‌\"‌طبقات‌الشافعية‌\"‌فقال‪‌:‬روى‌الحديث‌عن‪‌:‬احمد‌بن‌محمد‌بن‌ياسين‪‌،‬وابي‌إسحاق‌احمد‌بن‌محمد‌بن‌يونس‌‬ ‫البزاز‌الحافظ‌‪‌.‬انظر‪‌:‬الذهبي‪‌،‬تاريخ‌الإسلام‪‌،‬باب‌أحمد‌بن‌عبد‌لله‪‌،‬ج‪6‬ص‪.‌139‬‬‫‪‌ -2‬الفخر ‌الرازي‪‌ ،‬التفسير ‌الكبير‪‌ ،‬أو ‌مفاتح ‌الغيب‪‌ ،‬ج‪3‬ص‪‌ ،93‬وانظر‪‌ :‬الفخر ‌الرازي‪‌ ،‬المحصول ‌في ‌علم ‌الأصول‪‌،‬‬ ‫ج‪3‬ص‪.199‌،132‌،131‌،111‬‬‫‪‌-3‬الكسائي‌علي‌بن‌حمزة‌بن‌عبد‌الله‌بن‌فيروز‌الأسدي‌مولاهم‌الكوفي‪‌،‬إنما‌قيل‌له‌الكسائي‌لأ َّنه‌دخل‌الكوفة‪‌،‬وأتى‌‬‫حمزة‌بن‌حبيب‌الزيات‌وهو‌ملتف‌بكساء‪‌،‬فقال‌حمزة‪‌:‬من‌يقرأ؟‌فقيل‌له‪‌:‬صاحب‌الكساء‪‌،‬فبقي‌علماً‌عليه‪‌،‬وقيل‪‌:‬بل‌أحرم‌‬‫في‌كساء‪‌،‬وهو‪‌:‬شيخ‌القراء‌وأحد‌السبعة‌وإمام‌النحاة‌نزل‌بغداد‌وأدب‌الرشيد‪‌،‬ثم‌أولاده‪‌،‬قرأ‌القرآن‌على‌حمزة‌الزيات‌‬‫أربع‌مرات‪‌،‬وقرأ‌على‌محمد‌بن‌عبد‌الرحمن‌ابن‌أبي‌ليلى‌عرضاً‪‌،‬وروى‌عن‌جعفر‌الصادق‌والأعمش‌وسليمان‌بن‌أرقم‌‬‫وأبي‌بكر‌ابن‌عياش‪‌،‬واختار‌لنفسه‌قراءة‌صارت‌إحدى‌القراءات‌السبع‌‪‌.‬وتعلم‌النحو‌على‌كبر‌سنه‪‌،‬وجالس‌الخليل‌في‌‬‫البصرة‪‌،‬وكانوا‌يكثرون‌عليه‌حتى‌لا‌يضبطهم‪‌،‬وكان‌يجمعهم‌ويجلس‌على‌كرسي‪‌،‬ويتلو‌القرآن‌من‌أوله‌إلى‌آخره‌وهم‌‬‫يسمعون ‌ويضبطون ‌عنه ‌حتى ‌المقاطع ‌والمبادئ‪‌ ،‬مات ‌مع ‌الرشيد ‌في ‌قرية ‌زنبويه‪‌ ،‬ومات ‌معه ‌محمد ‌بن ‌الحسن‪‌ ،‬فقال‌‬‫الرشيد ‌لما ‌عاد ‌إلى ‌العراق‪‌ :‬دفنت ‌النحو ‌والفقه ‌بزنبويه‪‌ ،‬وذلك ‌سنة ‌‪359‬هـ‪‌ ،‬وزنبويه ‌بالري‪‌ ،‬ولم ‌يكن ‌له ‌في ‌الشعر ‌يد‪‌،‬‬ ‫حتى‌قيل‪‌:‬أ َّنه‌ليس‌في‌علماء‌العربية‌أجهل‌منه‌بالشعر‪‌،‬انظر‪‌:‬الصفدي‪‌،‬الوافي‌بالوفايات‪‌،‬ج‪6‬ص‪.‌153‬‬ ‫‪162‬‬

‫الاسم نفس المسمى‪ ،‬وغير التسمية‪ ،‬وقالت المعتزلة‪ :‬الاسم غير المسمى ونفس التسمية‪\" ،‬والمختار عندنا نن الاسم‬ ‫غيرالمسمى وغيرالتسمية\"(‪.)1‬‬‫وقد عد ‪ -‬نعني الرازي‪ -‬الرني المقدم عند الأشا ِعرة في هذ المسألة‪ ،‬وفي هذا يخالف الرازي‬‫القاض ي الباقلاشي الذي يقول‪ :‬ويجب نن يعلم‪\" :‬نن الاسم هو المسمى بعين وذات ‪ ،‬والتسمية الدالة علي تسمى‬ ‫اسم ًا على سبيل المجاز\"(‪.)2‬‬‫المطلب الثاني‪ :‬تقسيم الصفَات عند الأ َشاعرة‪:‬‬‫لقد اختارعلماء الكلام الذين نثبتوا ال ِصفات لله تعالى‪ ،‬نن يقسموا ال ِصفات إلى نربعة نقسام وهي‪:‬‬ ‫ال يص َفات النفسية‪ :‬وهي الحالة الواجبة للذات مادامت الذات قائمة بعلة الوجود‪.‬‬ ‫‪‬‬‫ال يص َفات السلبية‪ :‬وعرفوها بأنها التي سلبت نم ًرا لا يليق بالله تعالى‪ ،‬وهي عندهم خمس صفات‪:‬‬ ‫‪‬‬ ‫القدم‪ ،‬البقاء‪ ،‬مخالفة الحوادث‪ ،‬القيام بالنفس‪ ،‬الوددانية (‪.)3‬‬‫‪ ‬صفات المعاني‪ :‬وهي كل صفة قائمة بموصوف زائد على الذات وموجبة ل دكم ًا وهي سبعة‪:‬‬‫القدرة‪ ،‬الإرادة‪ ،‬العلم‪ ،‬الحياة‪ ،‬السمع‪ ،‬البصر‪ ،‬الكلام‪ ،‬وهي نيض ًا تسمى بال ِصفات الوجودية‪ ،‬وقد نكد الإيجي نن‬‫الأشا ِعرة يعدونها في ال ِصفات الزائدة‪ ،‬ديث قال‪\" :‬ذهب الأشا ِعرة إلى نن ل صفات زائدة‪ ،‬فدو عالم بعلم‪ ،‬قادر‬ ‫بقدرة‪ ،‬مريد بإرادة\"(‪.)4‬‬‫‪ ‬ال يص َفات المعنوية‪ :‬وعرفوها بأنها الحالة الواجبة للذات‪ ،‬مادامت المعاشي قائمة بها‪ ،‬وهي ملازمة‬‫لصفات المعاشي السابقة ‪.‬‬ ‫‪‌-1‬الفخر‌الرازي‪‌،‬التفسير‌الكبير‪‌،‬ج‪3‬ص‪.‌99‬‬ ‫‪‌-2‬الباق َّلاني‪‌،‬الإنصاف‪‌،‬ص‪.‌39‬‬‫‪‌-3‬حمد‌بن‌عطية‌الغامدي‪‌،‬البيهقي‌وموقفه‌من‌الإلاهيات‪‌،‬مكتبة‌العلوم‌والحكم‪‌،‬المدينة‌المنورة‪‌،‬الطبعة‌الثالثة‪3993‌،‬م‌‬ ‫ص‪319(:‬ـ‪.‌)321‬‬ ‫‪‌-4‬المواقف‌للإيجي‪‌،‬ج‪1‬ص‪66‬‬ ‫‪163‬‬

‫تقسيم الصفَات عند ال َّرازي‪:‬‬‫يرجع الرازي‪ ،‬بعض ال ِصفات إلى الأسماء التي اشتقت منها‪ ،‬ديث يذكر نن العقلاء اختلفوا في‬‫بعض الأسماء هل هي من‪ ،‬نسماء الذات نو من نسماء ال ِصفات‪ ،‬ويذكر الرازي نن نساس الخلاف ظدرمن المنازعة‬‫القائمة بين نهل الته ِبي ‪ ،‬ونهل التنزي ‪ ،‬وذلك لن نهل الته ِبي يقولون‪\" :‬الموجود إما نن يكون متحي ًزا‪ ،‬وإما نن‬‫يكون دال ًا في المتحيز‪ ،‬نما الذي لا يكون متحي ًزا ولا دال ًا في المتحيز فكان خارج ًا عن القسمين‪ ،‬فذاك محض‬‫العدم\"‪ ،‬ونما نهل التوديد والتقديس فيقولون‪\" :‬نما المتحيز فدو منقسم‪ ،‬وكل منقسم فدو محتاج‪ ،‬فكل متحيزهو‬‫محتاج‪ ،‬فما لا يكون محتاج ًا امتنع نن يكون متحي ًزا‪ ،‬ونما الحال في المتحيز فدو نولى بالادتياج‪ ،‬فواجب الوجود‬ ‫لذات ‪ ،‬يمتنع نن يكون متحي ًزا نو دال ًا في المتحيز\" (‪.)1‬‬‫ثم إن الرازي توسع في هذا المسألة‪ ،‬وقسم ال ِصفات السلبية التي تضمنتها الأسماء‪ ،‬إلى ثلاثة نقسام‪،‬‬ ‫فقال‪ :‬ذلك السلب إما نن يكون عائد ًا إلى (الذات‪ -‬ال ِصفات‪ -‬نو الأفعال)‪ ،‬وبيان تفصيلدا كما يلي‪:‬‬‫‪ -‬السلوب العائد إلى الذات‪ :‬فهي قولنا نن تعالى ليس كذا ولا كذا‪ ،‬كقولنا‪ :‬نن ليس جوه ًرا ولا‬‫جسم ًا‪ ،‬ولا في المكان ولا في الحيز ولا دال ًا ولا محل ًا‪ ،‬واعلم ننا قد دللنا على نن ذات مخالفة لسائر الذوات‪،‬‬‫وال ِصفات لعين ذات المخصوصة‪ ،‬لكن ننواع الذوات وال ِصفات المغايرة لذات غيرمتناهية‪ ،‬فلا جرم يحصل هاهنا‬‫سلوب غير متناهية‪ ،‬ومن جملتها قول تعالى‪( :‬والل م ا ْلغ ِن ُّي ونن مت مم ا ْل مفقراء)(‪ ،)2‬وقول ‪( :‬ور ُّبك الغنى مذو الردم ِة)(‪ ،)3‬لن‬‫كون غني ًا نن لا يحتاج في ذات ولا في صفات الحقيقية ولا في صفات السلبية إلى ش يء غير ‪ ،‬ومن نيض ًا قول ‪( :‬ل ْم‬ ‫يِل ْد ول ْم ميول ْد)(‪. )4‬‬‫‪ -‬السلوب العائد إلى ال ِصفات‪ :‬كل صفة تكون من صفات النقائص فإن يجب تنزي هلل تعالى عنها‪،‬‬‫فمنها ما يكون من باب نضداد العلم‪ ،‬ومنها ما يكون من باب نضداد القدرة‪ ،‬ومنها ما يكون من باب نضداد‬ ‫الاستغناء‪ ،‬ومنها ما يكون من باب نضداد الوددة‪.‬‬ ‫نما يكون من باب نضداد العلم فأقسام‪:‬‬ ‫‪‌-1‬الفخر‌الرازي‪‌،‬التفسير‌الكبير‪‌،‬أو‌مفاتح‌الغيب‪‌،‬ج‪3‬ص‪339‬‬ ‫‪‌-2‬سورة‌محمد‌الآية‌‪15‬‬ ‫‪‌-3‬سورة‌الأنعام‌الآية‌‪311‬‬ ‫‪‌-4‬سزرة‌الإخلاص‌الآية‌‪1‬‬ ‫‪164‬‬

‫أحدها‪ -‬نفي النوم‪ ،‬قال تعالى‪( :‬لا ت ْأ مخ مذ م ِسن ٌة ولا ن ْو ٌم )(‪)1‬‬ ‫‪-‬‬ ‫ثانيها‪ -‬نفي النسيان‪ ،‬قال تعالى‪(:‬وما كان رُّبك ش ِسي ًا)(‪)2‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫ثالثها‪ -‬نفي الجدل قال تعالى‪( :‬لا ي ْع مز مب ع ْن م ِم ْثقا مل ذرة ِفى السموات ولا ِفى الأرض)(‪)3‬‬ ‫‪-‬‬‫رابعها‪ -‬نن علم ببعض المعلومات لا يمنع عن العلم بغير فإن تعالى لا يهغل شأن عن شأن (‪)4‬‬ ‫‪.‬‬ ‫ويضرب نمثلة للصفات‪ ،‬بصفة القدرة‪ :‬فيقول‪ :‬ونما السلوب العائدة إلى صفة القدرة فأقسام‪:‬‬ ‫‪ ‬أحدها‪ :‬نن منز في نفعال عن التعب والنصب قال تعالى‪(:‬وما مسنا ِمن ُّل مغوب)(‪.)5‬‬‫‪ ‬ثانيها‪ :‬نن لا يحتاج في فعل إلى الآلات والأدوات‪ ،‬وتقدم المادة والمدة‪ ،‬قال تعالى‪ِ( :‬إنما ق ْوملنا ِلش ْىء‬ ‫ِإذا نر ْدنا م نن ن مقول ل م مك ْن في مكو من)(‪.)6‬‬ ‫صفة الوحدة‪ :‬مثل نفي الهركاء والأضداد والأنداد‪ ،‬فالقرآن مملوء من ‪.‬‬‫‪ -‬السلوب العائدة إلى الأفعال‪ ،‬معنا ‪\" :‬نن لا يفعل كذا وكذا لقصد باطل\" منها‪ :‬نن لا يخلق الباطل‪،‬‬‫قال تعالى‪( :‬وما خل ْقنا السماء والأرض وما ب ْينمهما باطلا ذلك ظ ُّن الذين كف مرو ْا)(‪ ،)7‬وغيرها من الآيات القرآنية الدالة‬‫على تنزي هلل تعالى‪ ،‬ونن يفعل إلا ما يليق ب تبارك وعلا (‪ )8‬ومن هنا عرفنا نن الرازي كغير من الأشاعرة في إثبات‬ ‫صفة التنزي لله تعالى‪ ،‬والتي تدور دولدا الصفات السلبية‪ ،‬ديث يعنون بالصفات السلبية‪ ،‬معاشي ال ِضد‪ ،‬كون‬ ‫تعالى لا يعتري نقص‪ ،‬فكل ما يوصف بنقصفالله تعالى منز عن ‪.‬‬ ‫‪‌-1‬سورة‌البقرة‌الآية‌‌‪322‬‬ ‫‪‌-2‬سورة‌مريم‌الآية‌‪61‬‬ ‫‪‌-3‬سورة‌سبأ‌الآية‌‪1‬‬ ‫‪‌-4‬الفخر‌ارازي‪‌،‬التفسير‌الكبير‌أو‌مفاتح‌الغيب‪‌‌،‬ج‪3‬ص‪.311‌-331‬‬ ‫‪‌5‬سورة‌ق‌الآية‌‪.15‬‬ ‫‪‌-6‬سورة‌النحل‌الآية‌‪.11‬‬ ‫‪‌-7‬سورة‌ص‌الآية‌‪.39‬‬ ‫‪‌-8‬الفخر‌الرازي‪‌،‬التفسير‌الكبير‪‌،‬ج‪3‬ص‪.‌311-333‬‬‫‪165‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬الأ َشاعرة وتأويل الصفَات الخبرية‪:‬‬ ‫من نهم الأصول التي يجمع عليها الأشا ِعرة‪ ،‬تنزي هلل عز وجل عن مهابهة الحوادث‪ ،‬فدو سبحان ليس‬ ‫كمثل ش يء‪ ،‬كما قال هلل عزوجل‪( :‬ل ْيس ك ِم ْثِل ِ ش ْي ٌء و مهو الس ِمي مع الب ِصي مر)(‪،)1‬‬ ‫لذلك لجأ الأشا ِعرة إلى تأويل النصوص التي ظاهرها الته ِبي ‪ ،‬وهم في هذا إنما يقصدون إلى تعظيم هلل‪-‬‬ ‫عز وجل‪ -‬وتنزيه وتوقير عن المثيل والنظير‪ ،‬قال البيهقي‪\" :‬جماع نبواب ما يجوز تسمية هلل‪ -‬سبحان وتعالى‪-‬‬ ‫ووصف ب ‪ ،‬وما لا يجوز وتأويل ما يحتاج في إلى التأويل‪ ،‬ودكاية قول الأئمة في قول هلل تعالى‪( :‬ل ْيس ك ِم ْثِل ِ‬ ‫ش ْي ٌء و مهو الس ِمي مع الب ِصي مر)(‪ )2‬قال نهل النظر‪\" :‬معنا ليس كدو ش يء\" (‪. )3‬‬ ‫وقال الإمام ابن حجر‪\" :‬ويدخل في الإيمان بذات وصفات وتوديد بأن ليس كمثل ش يء\" (‪. )4‬‬ ‫وقد سما الإمام نبي دامد الغزالي (التنزي )‪ ،‬ديث قال‪\" :‬ونن ليس بجسم مصور‪ ،‬ولا جوهر محدود‬ ‫مقدر‪ ،‬ونن لا يماثل الأجسام‪ ،‬ونن ليس بجوهر‪ ،‬ولا تحل الجواهر‪ ،‬ولا بعرض‪ ،‬ولا تحل الأعراض‪ ،‬بل لا يماثل‬ ‫موجود ًا‪ ،‬ولا يماثل موجود‪( ،‬ليس كمثل ش يء)‪ ،‬ولا هو مثل ش يء‪ ،‬ونن لا يحد المقدار‪ ،‬ولا تحوي الأقطار\"(‪. )5‬‬ ‫وقد نوضح النووي نن ال ِخلاف قائم بين السلف والمتكلمين‪ ،‬دول قضية التنزي ‪ ،‬بما اعتبر النووي‪ ،‬رني ًا‬ ‫آخر من آراء المحققين‪ ،‬ديث قال في شرد على صحيح مسلم‪\" :‬اعلم نن لهل العلم في نداديث ال ِصفات‪ ،‬وآيات‬ ‫ال ِصفات قولان‪:‬‬ ‫‪ -‬الأول‪ -‬وهو مذهب معظم السلف‪ ،‬نو كلدم‪ ،‬نن لا يتكلم في معناها‪ ،‬بل يقولون‪ :‬يجب علينا نن‬ ‫نؤمن بها‪ ،‬وشعتقد لدا معنى يليق بجلال هلل تعالى وعظمت ‪ ،‬مع اعتقادنا الجازم نن هلل‪ -‬تعالى‪ -‬ليس كمثل ش يء‪،‬‬ ‫ونن منز عن التجسم والانتقال‪ ،‬والتحيز في جدة‪ ،‬وعن سائر صفات المخلوق‪ ،‬وهذا القول هو مذهب جماعة من‬ ‫المتكلمين‪ ،‬واختار جماعة من محققيهم وهو نسلم ‪.‬‬ ‫‪‌-1‬سورة‌الشورى‌الآية‌‪.‌33‬‬ ‫‪ -2‬سورة الشورى الآية ‪. 77‬‬‫‪‌-3‬البيهقي‌أحمد‌بن‌الحسين‌أبو‌بكر‪(‌،‬المتوفى‌سنة‌‪‌125‬هـ‌)‪‌،‬الأسماء‌وال ِّص َفات‪‌،‬تحقيق‪‌:‬عبد‌الله‌بن‌محمد‌الحاشدي‪‌،‬‬ ‫مكتبة‌السوادي‪‌،‬السعودية‪‌،‬جدة‪‌،‬الطبعة‌الأولى‪3999‌،‬م‪‌،‬ج‪3‬ص‪11‬‬ ‫‪‌-4‬ابن‌حجر‌فتح‌الباري‪‌،‬ج‪3‬ص‪.33‬‬ ‫‪‌-5‬أبي‌حامد‌الغ َّزالي‪‌،‬قواعد‌العقائد‪‌،‬ص‪.‌9‬‬ ‫‪166‬‬

‫‪ -‬الثاني‪ -‬وهو مذهب معظم المتكلمين ننها تتأول على ما يليق بها على دسب مواقعدا (‪.)1‬‬ ‫تنبيه‪:‬‬ ‫يهترط علماء التحقيق لجوازالخوض في التأويل شروط ًا من نهمدا‪:‬‬ ‫‪ ‬نن يكون ظاهرالنص التهبي ‪ ،‬فيلجؤون للتأويل لصرف المعنى عن ظاهر ‪.‬‬‫‪ ‬نن لا يحل ذلك إلا لعارف بما يحيل اللفظ من معاشي اللغة‪ ،‬مع الإلمام بلسان العرب‪ ،‬ولذلك‬ ‫يعتبرالنووي نن مسألة التأويل إنما تحل لمن كان عارف ًا بالمعاشي‪ ،‬ملم ًا بلسان العرب‪ ،‬والأصول‪ ،‬والفروع (‪.)2‬‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬البوطي وتأويل الصفَات الخبرية‪:‬‬ ‫ميه ِد مد ال مبوطي في وجوب التزام المؤمن الاعتقاد بمخالفت سبحان وتعالى للحوادث‪ ،‬وعن مهابهت‬ ‫للمخلوقات‪ ،‬تعالى هلل عن ذلك علوًا كبي ًرا‪ ،‬ويهيرإلى نن ذلك ثابت بالدليل العقلي‪ ،‬والنقلي‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫‪ -‬ال َّدليل العقلي‪ :‬نن ال مأ ملوهية تستلزم البعد عن سائر النقائص‪ ،‬ومن مظاهر النقص‪ ،‬ما تتلبس ب‬ ‫الحوادث من ال ِصفات التي هي في الحقيقة ليست إلا نتيجة ددوثها‪ ،‬وداجتها إلى الوجود‪ ،‬والمخصص (‪.)3‬‬‫‪ -‬ال َّدليل النقلي‪ :‬قول تعالى‪( :‬ل ْيس ك ِم ْثِل ِ ش ْي ٌء و مهو الس ِمي مع الب ِصي مر)(‪ ،)4‬ثم قال‪ :‬وإدخال كاف‬ ‫الته ِبي على لفظ المثل‪ ،‬مبالغة في نفي الهبي والمثل لله تعالى (‪. )5‬‬‫بدا واضح ًا من نقوال الأشا ِعرة قديم ًا ودديثا‪ ،‬تمسك الأشا ِعرة بتنزيه تعالى عن مهابهة الحوادث‪،‬‬‫وتعظيم عن النقائص‪ ،‬ويعتبر هذا من قواعد الأشا ِعرة الممجمع عليها قديم ًا ودديث ًا‪ ،‬وكون الأشا ِعرة تمسكوا‬‫بالتنزي ‪ ،‬ورنو نن القول بإجراء النصوص على ظاهرها يستلزم المهابهة‪ ،‬جعل الأشا ِعرة يأخذون بطريقة تأويل‬ ‫النصوص التي ظاهرها الته ِبي ‪ ،‬ونقوالدم في هذ النصوص كما يلي‪:‬‬ ‫‪‌-1‬النووي‌على‌صحيح‌مسلم‪‌،‬ج‪3‬ص‪.131‬‬ ‫‪‌-2‬النووي‪‌،‬المرجع‌السابق‪‌،‬ج‪3‬ص‪.131‬‬ ‫‪‌-3‬ال ُبوطي‪‌،‬كبرى‌اليقينيات‌الكونية‪‌،‬ص‪.339‬‬ ‫‪‌-4‬سورة‌الشورى‌الآية‌‪.33‬‬ ‫‪‌-5‬ال ُبوطي‪‌،‬كبرى‌اليقينيات‌الكونية‪‌،‬ص‪.335‬‬ ‫‪167‬‬

‫المطلب الخامس‪ :‬الأ َشاعرة والقول في صفة الاستواء‪:‬‬‫صفة‪\" :‬استواء هلل‪ -‬تعالى‪ -‬على عرش \" التي ورد ذكرها في القرآن الكريم وذلك في نحو قول تعالى‪ ( :‬مثم‬‫ا ْستوى على ا ْلع ْر ِش)(‪ ،)1‬وكما قال في آية نخرى‪( :‬الر ْدم من على ا ْلع ْر ِش ا ْستوى)(‪ ...)2‬ونظائرها‪ ،‬فإن الأشاعرة يقولون‬‫في صفة الاستواء والنصوص التي وردت فيها من الكتاب والسنة وغيرها من ال ِصفات كانت ولا تزال مدار الجدال‬‫بين الفريقين‪( ،‬السلفية‪ ،‬الأ ْشع ِرية)‪ ،‬كما مر علينا‪ ،‬ولكل من الفريقين محجج ون ِدلت التي يرى ننها الصواب‪ ،‬وننها‬‫الحق‪ ،‬مع تفاوت في تخطئة الآخر‪ ،‬بين من يلتمس العذر ويرى نن نصحاب الرني الآخرإنما نرادوا الحق‪ ،‬ونخطؤوا‬‫في الاستدلال علي ‪ ،‬وبين من يكفر ويح ِمل ويهنع بالنكير والطعن على مخالفي ‪ ،‬وهذ الآراء في تقلبها بين‬‫الوسطية والتهدد‪ ،‬سنناقهدا في الفصلين القدمين إن شاء هلل‪ ،‬نما إذا نردنا نن شعرف رني المتكلمين من‬ ‫الأشا ِعرة في معنى الاستواء‪ ،‬فإليك ما يقول الإمام الفخرالرازي‪ ،‬في هذ المسألة‪:‬‬ ‫أقوال الإمام ال َّرازي في مسألة الاستواء‪:‬‬‫نغرق الإمام الرازي في تأويل للاستواء‪ ،‬كما هي عادت في تفصيل معاشي ال ِصفات الإلاهية‪ ،‬ديث ذكر نن‬ ‫مصطلح الاستواء يأتي عند العرب على عدة معان‪ ،‬فمنها‪:‬‬‫‪ -‬نن قد يكون بمعنى الانتصاب‪ ،‬وضد الإعوجاج‪ ،‬ولما كان ذلك من صفات الأجسام‪ ،‬فالله تعالى‬‫يجب نن يكون منزه ًا عن ذلك‪ ،‬ولن في الآية ما يدل على فساد لن قول ‪ ( :‬مثم ا ْستوى إلى السماء)(‪ ،)3‬يقتض ي‬‫التراخي‪ ،‬ولما ثبت هذا وجب التأويل‪ ،‬وتقرير نن الاستواء هو الاستقامة(‪ ،)4‬هذا فيما يتعلق بكلمة (استوى) التي‬‫نضيفت إلى خلق السماوات والأرض‪ ،‬ونشباهدا‪ ،‬نما كلمة (استوى) التي نضيفت إلى العرش‪ ،‬كما في قول تعالى‪ (:‬مثم‬ ‫استوى على العرش)(‪ ،)5‬فيقول‪:‬‬ ‫‪‌-1‬سورة‌الأعراف‌اآية‌‪.21‬‬ ‫‪‌-2‬سورة‌طه‌الآية‌‪.2‬‬ ‫‪‌-3‬سورة‌البقرة‌الآية‌‪.‌39‬‬ ‫‪‌-4‬الفخر‌الرازي‪‌،‬التفسير‌الكبير‪‌،‬ج‪3‬ص‪.‌111‬‬ ‫‪‌-5‬سورة‌الأعراف‌الآية‌‪.21‬‬ ‫‪168‬‬

‫فاعلم نن لا يمكن نن يكون المراد من كون مستق ًرا على العرش‪ ،‬ويدل على فساد وجو عقلية‪ ،‬ووجو‬ ‫نقلية (‪.)1‬‬ ‫‪ -‬وقد ساق الإمام الرازي‪ ،‬ندلة عقلية كثيرًة ومتهعبة‪ ،‬ومنها‪:‬‬‫نن لو كان مستق ًرا على العرش لكان من الجانب الذي يلي العرش متناهي ًا‪ ،‬وإلا لزم كون العرش داخل ًا في‬‫ذات وهو محال‪ ،‬وكل ما كان متناهي ًا فإن العقل يقض ي بأن لا يمنع نن يصيرنزيد من نو ننقص من بذرة‪ ،‬والعلم‬‫بهذا الجواز ضروري‪ ،‬فلو كان الباري تعالى متناهي ًا من بعض الجوانب‪ ،‬لكانت ذات قابلة للزيادة والنقصان‪ ،‬وكل‬‫ما كان كذلك‪ ،‬كان اختصاص بذلك المقدار المعين لتخصيص مخصص وتقدير مقدر‪ ،‬وكل ما كان كذلك فدو‬ ‫محدث (‪.)2‬‬ ‫ويستنتج ال َّرازي من هذا ما يلي‪:‬‬‫‪ ‬أو ال‪ :‬ثبوت نن تعالى لو كان على العرش‪ ،‬لكان من الجانب الذي يلي العرش متناهي ًا‪ ،‬ولو كان‬ ‫كذلك لكان ممحدث ًا‪ ،‬وهذا محال فكون على العرش يجب نن يكون محال ًا ‪.‬‬‫‪ ‬ثاني اا‪ :‬لو كان في مكان وجدة‪ ،‬فإمـا نن يكون غير متنا من كل الجدات‪ ،‬وإما نن يكون متناهي ًا في كل‬‫الجدات‪ ،‬وإما نن يكون متناهي ًا من بعض الجدات دون البعض‪ ،‬والك ُّل باطل‪ ،‬فالقول بكون في المكان والحيز باطل‬‫قطع ًا(‪ ،)3‬وقد نسدب الرازي‪ -‬ردم هلل‪ -‬واجتهد في بيان وجوب القول بتأويل الاستواء‪ ،‬وصرف النص عن ظاهر ‪،‬‬ ‫ومن الأدلة النقلية التي استهدد بها الرازي‪ ،‬على وجوب التأويل‪ ،‬ما يلي‪:‬‬‫‪ -‬قول تعالى‪ ( :‬مق ْل مهو هل مل ند ٌد)(‪ ،)4‬ووج الاستدلال الذي ذكر قول ‪ :‬وصف بكون ندد ًا‪ ،‬والأدد‬‫مبالغة في كون وادد ًا‪ ،‬والذي يمتلىء من العرش ويفضل عن العرش‪ ،‬يكون مركب ًا من نجزاء كثيرة جد ًا‪ ،‬فوق‬ ‫نجزاء العرش (‪. )5‬‬ ‫‪‌-1‬الفخر‌الرازي‪‌،‬التفسير‌الكبير‪‌،‬ج‪31‬ص‪.‌51‬‬ ‫‪ -2‬الفخر الرازي‪ ،‬التفسير الكبير‪ ،‬ج‪74‬ص‪. 24-22‬‬ ‫‪‌-3‬المرجع‌السابق‪‌،‬ج‪31‬ص‪.‌51‬‬ ‫‪‌-4‬سورة‌الإخلاص‌الآية‌‪.3‬‬ ‫‪‌-5‬الفخر‌الرازي‪‌،‬التفسير‌الكبير‪‌،‬ج‪9‬ص‪.332‬‬ ‫‪169‬‬

‫‪ -‬قول تعالى‪( :‬وي ْح ِم مل ع ْرش ربك ف ْوق مد ْم ي ْوم ِئذ ثمانية)(‪ ،)1‬فلو كان إل العالم في العرش‪ ،‬لكان دامل‬ ‫العرش دامل ًا للل ‪ ،‬فوجب نن يكون الإل محمول ًا دامل ًا‪ ،‬ومحفوظ ًا دافظ ًا‪ ،‬وذلك لا يقول عاقل ‪.‬‬‫‪ -‬قول تعالى‪( :‬و هل مل الغ ِن ُّى)(‪ ،)2‬دكم بكون غني ًا على الإطلاق‪ ،‬وذلك يوجب كون تعالى غني ًا عن المكان‬ ‫والجدة (‪.)3‬‬‫كما استهدد الرازي بعدة نصوص نخرى‪ ،‬وعدها من وجدة نظر ‪ ،‬دليل ًا على وجوب تأويل صفة‬‫الاستواء‪ ،‬ولم ينكر الرازي‪ ،‬وقوع الخلاف بين العلماء في هذ المسألة‪ ،‬ويرى نن الإمساك عن الخوض فيها‪ ،‬نسلم‬ ‫وندكم‪ ،‬ديث يقول‪:‬‬ ‫اعلم نن مذهب العلماء في هذ الآية ونمثالدا على وجدين‪:‬‬ ‫الأول‪ -‬ترك التعرض إلى بيان المراد ‪.‬‬ ‫الثاني‪ -‬التعرض إلي ‪ ،‬والأول نسلم‪ ،‬والى ال ِحكمة نقرب (‪.)4‬‬‫فبات واضح ًا بلا ريب من خلال كلام الرازي‪ ،‬نن رني بلا ريب فيما ذهب إلي السلف‪ ،‬هو الأسلم‪،‬‬ ‫والأدكم ‪.‬‬‫مع العلم نن كثي ًرا من العلماء الممقدمين‪ ،‬والأفذاذ‪ ،‬قد نخذوا برني المتكلمين في بعض النصوص‪ ،‬مثل‬‫تأويل الاستواء بالاستيلاء‪ ،‬فقد قال ب فحول من نكابر علماء السنة‪ ،‬ونجلدم تصنيف ًا وعلم ًا وورع ًا‪ ،‬ومنهم على‬ ‫سبيل المثال لا الحصر‪ :‬الإمام نبو المعالي الجويني إمام الحرم‪ ،‬والإمام نبي دامد الغزالي‪ ،‬وغيرهم‪.‬‬‫وعد السلفيون التأويل من الأخطاء التي وقع في الأعلام من نئمة الحديث كالإمام ابن حجر‪ ،‬والنووي‪،‬‬ ‫والهوكاشي وغيرهم(‪. )5‬‬ ‫‪‌-1‬سورة‌الحاقة‌الآية‌‪.39‬‬ ‫‪‌-2‬سورة‌محمد‌الآية‌‪.‌15‬‬ ‫‪‌-3‬الفخر‌الرازي‪‌،‬التفسير‌الكبير‪‌،‬تفسير‌سورة‌الأعراف‪‌،‬الآية‌‪‌،21‬ج‪31‬ص‪.‌51‬‬ ‫‪‌-4‬الفخر‌الرازي‪‌،‬مفاتح‌الغيب‪‌،‬تفسير‌سورة‌السجدة‪‌،‬ج‪32‬ص‪.‌319‬‬ ‫‪‌-5‬فتاوى‌اللجنة‌الدائمة‪‌،‬ج‪1‬ص‪‌،313‬وانظر‌العيمين‪‌،‬لقاء‌الباب‌المفتوح‪‌،‬ج‪11‬ص‪32‬‬ ‫‪170‬‬

‫وهذا ما عرض الأستاذ‪ :‬محمد بن خليفة التميمي محقق كتاب‪\" :‬العرش وما روي في \" للمام ابن نبي‬ ‫شيبة العبس ي (المتوفى سنة ‪911‬هـ) في قول تعالى‪( :‬الر ْدم من على ا ْلع ْر ِش ا ْستوى) على الاستيلاء والقدر والغلبة‪،‬‬ ‫وهذا القول يذهب إلي كثير من الجدمية‪ ،‬والمعتزلة‪ ،‬والحرورية‪ ،‬وكثير من متأخري الأشا ِعرة‪ ،‬كسيف الدين‬ ‫الآمدي(‪ ،)1‬ونبي دامد الغزالي(‪ ،)2‬والبغدادي(‪ ،)3‬والإيجي(‪ ،)4‬وغيرهم (‪.)5‬‬ ‫ذكر رأي بعض المتأخرين من الأزاهرة‪:‬‬ ‫خالف بعض المتأخرين من علماء الأزهر مذهب الإمام المؤ ِسس نبي الحسن الأ ْشع ِري الذي نهج في آخر‬ ‫عدد ‪ ،‬كما في كتابي ‪\" :‬الإبانة\" و \"رسالة إلى نهل الثغر\"‪ ،‬ديث التزم بقول السلف في هذ المسائل‪ ،‬وقد نشار إلى‬ ‫ذلك الإمام الهوكاشي في \"فتح القدير\" عند قول تعالى‪( :‬الردمن على العرش استوى)‪ ،‬ديث قال‪ :‬والذي ذهب إلي‬ ‫نبو الحسن الأ ْشع ِري‪ ،‬نن ‪ -‬سبحان وتعالى‪ ،-‬مستو على عرش ‪ ،‬بغير دد ولا كيف‪ ،‬وإلى هذا القول سبق الجماهير‬ ‫من السلف الصاِلح‪ ،‬الذين يمرون ال ِصفات كما وردت من دون تحريف ولا تأويل (‪. )6‬‬ ‫وخلاف ًا لدذا القول الذي اختار الإمام نبي الحسن الأشعري في كتاب ‪\" :‬الإبان \" وغير ‪ ،‬يرى الإمام الأزهري‬ ‫النفراوي المالكي‪ ،‬شار مح رسالة القيرواشي‪ ،‬في تفسير للأثر الوارد عن الإمام مالك بن نشس‪ ،‬في الاستواء‪ ،‬نن ميؤول‬ ‫الاستواء إلى الاستيلاء عقل ًا‪ ،‬مع إشارت نن مذهب السلف نسلم‪ ،‬فيقول‪ :‬ومعنى قول مالك‪\" :‬الاستواء معلوم\" نن‬ ‫عقولنا دلتنا على نن الاستواء اللائق بالله هو الاستيلاء‪ ،‬دون الاستقراروالجلوس‪ ،‬لنهما من صفات الأجسام (‪.)7‬‬‫‪‌-1‬علي‌بن‌أبي‌علي‌بن‌محمد‌بن‌سالم‌الآمدي‪‌،‬غاية‌المرام‌في‌علم‌الكلام‪‌،‬تحقيق‪‌:‬حسن‌محمود‌عبد‌اللطيف‪‌،‬المجلس‌‬ ‫الأعلى‌للشؤون‌الإسلامية‪‌،‬القاهرة‪3193‌،‬هـ‪‌،‬ص‪.313‬‬ ‫‪‌-2‬أبو‌حامد‌الغ َّزالي‪‌،‬الاقتصاد‌في‌الاعتقاد‪‌،‬ص‪.‌65‬‬ ‫‪‌-3‬القاضي‌عبد‌الجبار‌بن‌أحمد‌شرح‌الأصول‌الخمسة‪‌،‬تحقيق‪‌:‬عبدالكريم‌عثمان‪‌،‬مكتبة‌وهبة‌القاهرة‪‌،‬ص‪.‌333‬‬ ‫‪‌-4‬الإيجي‪‌،‬كتاب‌المواقف‪‌،‬ج‪1‬ص‪.‌91‬‬‫‪‌-5‬أبو‌جعفر‌محمد‌بن‌عثمان‌بن‌أبي‌شيبة‌العبسي‌(المتوفى‪399‌:‬هـ)‪‌،‬العرش‌وما‌ ُر ِوي‌فيه‪،‬تحقيق‪‌:‬محمد‌بن‌خليفة‌بن‌‬ ‫علي‌التميمي‪‌،‬مكتبة‌الرشد‪‌،‬الرياض‪‌،‬المملكة‌العربية‌السعوديةالطبعة‌الأولى‪3995‌،‬م‪‌،‬ص‪.‌361‬‬‫‪‌ -6‬محمد ‌بن ‌علي ‌الشوكاني‪‌ ،‬فتح ‌القدير ‌الجامع ‌بين ‌فني ‌الرواية ‌والدراية ‌من ‌علم ‌التفسير‪‌ ،‬تحقيق‪‌ :‬عبد ‌الرحمن ‌عميرة‪‌،‬‬ ‫دار‌الوفاء‌السنة‪3991‌،‬م‪‌،‬ج‪1‬ص‪.‌155‬‬‫‪‌7‬أحمد‌بن‌غنيم‌النفراوي‌ال َمالِكي‪‌،‬الفواكه‌الدواني‌على‌رسالة‌أبي‌زيد‌القيرواني‪‌،‬دار‌المعرفة‪‌،‬بيروت‪‌،‬لبنان‪(‌،‬بدون‌‬ ‫تايخ‌طباعة)‪‌،‬ج‪3‬ص‪.‌332‬‬ ‫‪171‬‬

‫رغم نن نقل الأثر الوارد عن العلامة ابن نبي شريف(‪ )1‬ردم هلل‪\" :-‬ومذهب السلف نسلم فدو نولى‬ ‫بالاتباع كما قال بعض المحققين‪ ،‬ويكفيك في الدلالة على نن نولى بالاتباع ذهاب الأئمة الأربعة إلي \"(‪.)2‬‬ ‫ويؤكد النفراوي نيض ًا‪ :‬نن مذهب متأخري الأشا ِعرة هو تأويل ال ِصفات الخبرية‪ ،‬والنفراوي كما هو معلوم‬ ‫يمثل المدرسة المصرية في فترة ليست بالبعيدة‪ ،‬فدو المتوفى سنة ‪7796‬هـ‪ ،‬ومذهب وطريقت ‪ ،‬طريقة عامة مهائخ‬ ‫المدارس المصرية التي تمثل الأ ْشع ِرية الحديثة‪ ،‬كما سيأتي بيان عند الحديث عن المدرستين المصرية والحجازية‪،‬‬ ‫في الفصل القادم إن شاء هلل‪.‬‬ ‫ومال محمد نبو زهرة‪ ،‬إلى ترجيح القول بأن الصحابة‪ -‬رضوان هلل عليهم‪ -‬إنما فدموا من النصوص‬ ‫الموهمة للتهبي كاليد وغيرها‪ ،‬بما يؤيدي إلى تأويلدم لدا بالسلطان والقدرة‪ ،‬وعلـل ذلك بأن المتوقع منهم تأويلدا‪،‬‬ ‫بدليل ما فيها من التهديد لمن ينكث‪ ،‬بأن مغبة النكث تعود علي (‪. )3‬‬ ‫ويت ُّضح لنا نن نبا زهرة وهو من معلماء الأزهر المعروفين‪ ،‬وقد نثرت آراؤ في تفكير وفدم من جاء بعد من‬ ‫الأشا ِعرة المعاصرين كال مبوطي وغير ‪ ،‬كان يذهب نبعد من ذلك‪ ،‬بقول ‪\" :‬إن السلف يقولون بالتأويل\"‪ ،‬ديث‬ ‫يتوجب دمل النص بما ينافي الته ِبي ‪ ،‬والته ِبي بحسب نبي زهرة هو بحمل النص على ظاهرة‪ ،‬فالظاهر غير مراد‬ ‫عند نبي زهرة‪ ،‬لذلك فدو يذهب إلى القول بترجيح مذهب الأ ْشع ِري‪ ،‬والماتريدي‪ ،‬والغزالي‪ ،‬ويرى نن الصحابة كانوا‬ ‫يفسرون بالمجازالمهدور إذا تع ُّدد إطلاق الحقيقة‪ ،‬كما يفسرون بالحقيقة في ذاتها (‪.)4‬‬ ‫نما صادب كتاب‪\" :‬الإلاهيات في العقيدة الإسلامية\" الدكتور محمد سيد‪ ،‬الذي يؤيد المنهج الأشعري‬ ‫بك ِل قوة‪ ،‬وميعتبرمن البادثين والمدتمين المعاصرين‪ ،‬ويذهب إلى ترجيح نقوال الأشاعرة على غيرهم‪ ،‬وينقد المف ِوضة‬‫‪‌ -1‬محمد ‌بن ‌محمد ‌بن ‌أبى ‌بكر ‌بن ‌على ‌بن ‌أبى ‌شريف ‌المقدسي‪‌ ،‬أبو ‌المعالى‪‌ ،‬كمال ‌الدين ‌ابن ‌الأمير ‌ناصر ‌الدين‪‌ :‬عالم‌‬‫بالاصول‪‌ ،‬من ‌فقهاء ‌الشافعية‪‌ ،‬من ‌أهل ‌بيت ‌المقدس‪‌ ،‬مولدا ‌ووفاة‪‌ ،‬نعته ‌ابن ‌العماد ‌بالإمام ‌شيخ ‌الإسلام ‌ملك ‌العلماء‌‬‫الأعلام‪‌،‬درس‌وأفتى‌ببلده‌وبمصر‪‌،‬له‌تصانيف‪‌،‬منها‪‌:‬الدرر‌اللوامع‌بتحرير‌جمع‌الجوامع‪‌،‬في‌أصول‌الفقه‪‌،‬والفرائد‌في‌‬ ‫حل‌شرح‌العقائد‪‌،‬بخطه‪‌،‬توفي‌سنة‌‪916‬هـ‪‌،‬انظر‌الزركلي‪‌،‬الأعلام‪‌،‬ج‪9‬ص‪.‌21‬‬ ‫‪‌-2‬النفراوي‪‌،‬الفواكه‌الدواني‪‌،‬ج‪3‬ص‪.‌332‬‬ ‫‪‌-3‬محمد‌أبو‌زهرة‪‌،‬تاريخ‌المذاهب‌الإسلامية‌في‌السياسات‌والعقائد‪‌،‬دار‌الفكر‌العربي‪‌،‬بدون‌تاريخ‌نشر‪‌،‬ص‪.‌333‬‬ ‫‪‌-4‬محمد‌أبو‌زهرة‪‌،‬تاريخ‌المذاهب‌الإسلامية‪‌،‬ص‪.‌331‬‬ ‫‪172‬‬

‫\"السلفيين\" الذين لا يؤولون النصوص‪ ،‬فيقول‪\" :‬إن التفويض تسليم‪ ،‬فالمسألة نكبر من العقل‪ ،‬ونعظم من نن‬ ‫يتحكم فيها يقين كامل‪ ،‬بل هو ترجيح وكفى\" (‪.)1‬‬‫ثم يتابع القول بأن ‪ :‬يؤيد بقوة من يذهبون إلى التأويل‪ ،‬ونن تنزي مح ٌض‪ ،‬وليس تعطيل ًا كما يزعم‬ ‫البعض‪ ،‬فالمؤ ِولون يعرفون جلال هلل وكمال دق المعرفة‪ ،‬ولا ينازع في ذلك إلا مكابر(‪. )2‬‬ ‫المطلب السادس‪ :‬رأي الع َّلامة البوطي في مسألة الاستواء‪:‬‬‫ميـق ِيد ال مبوطي الاستواء المذكور في القرآن بملازمة التنزي ‪ ،‬فكل نص يكون ظاهر المهابهة بين هلل وخلق ‪،‬‬ ‫فالله تعالى منز عن وصف بظاهر هذا النص‪ ،‬ومن ذلك ما جاء في صفة الاستواء‪ ،‬ديث يذكر ال مبوطي نن هذ‬‫النصوص القرآنية تفسر تحت قيد (ليس كمثل ش يء)‪ ،‬وهذ قاعدة في تأويل النصوص المتهابهة كما يذكر‬ ‫ال مبوطي (‪.)3‬‬‫والآيات التي تعتبر من المتهاب الذي ميهكل بحسب الظاهر‪ -‬وفق ًا لل مبوطي‪ -‬آيات في كتاب هلل‪ ،‬ونداديث‬‫ثابتة عن رسول هلل‪ -‬صلى هلل علي وسلم‪ -‬تفيد بظاهر نلفاظدا وتعابيرها‪ ،‬ثبوت بعض هذ النقائص التي يجب‬‫نفيها عن الذات الإلاهية (‪ ،)4‬ونضاف‪ :‬نن يجب علينا التأويل دتى نجمع بين قول تعالى‪( :‬الر ْدم من على ا ْلع ْر ِش‬ ‫ا ْستوى)(‪ ،)5‬كما مرعلينا في سورة (ط ) والن ُّص الآخرمن قول ‪( :‬ون ْح من ن ْقر مب ِإل ْي ِ ِم ْن د ْب ِل ا ْلو ِري ِد)(‪.)6‬‬ ‫وهذا يهير‪ -‬وفق ًا لل مبوطي‪ -‬إلى مسألتين يجب مراعاتهما عند تأويل مثل هذا النصوص‪:‬‬ ‫‪ ‬الأول‪ :‬تنزي هلل تعالى عن مهابهة الحوادث‪ ،‬وهو ما يسمى (بمفدوم المخالفة)‪.‬‬ ‫‪‌-1‬محمد‌سيد‌أحمد‌المسير‪‌،‬الإلاهيات‌في‌العقيدة‌الإسلامية‪‌،‬دار‌الاعتصام‪‌،‬القاهرة‪3113‌،‬م‪‌،‬ص‪.312‬‬ ‫‪‌-2‬المرجع‌السابق‪‌،‬ص‪.312‬‬ ‫‪‌-3‬ال ُبوطي‪‌،‬كبر‌اليقينيات‌الكونية‪‌،‬ص‪.315‬‬ ‫‪‌-4‬ال ُبوطي‪‌،‬المرجع‌السابق‪‌،‬ص‪.311-315‬‬ ‫‪ -5‬سورة طه الآية ‪. 8‬‬ ‫‪‌-6‬سورة‌ق‌الآية‌‪‌،36‬وانظر‪‌:‬ال ُبوطي‪‌،‬كبرى‌اليقينيات‌الكونية‪‌،‬ص‪.‌319‬‬ ‫‪173‬‬


Like this book? You can publish your book online for free in a few minutes!
Create your own flipbook