اﻻﲡﺎﻩ اﻟﺸﻤﻮﱄ ﰲ دراﺳﺔ ﺣﻴﺎة اﻷﺋ ّﻤﺔ ٥١
٥٢
﷽* اﻷﻧﺒﻴـﺎء أﺷـﺮف اﻟﻜـﱪى اﻟﺮﺳـﺎﻟﺔ ﲪﻠـﺔ ﻣـﻦ اﻟﻘـﺎدة ﻋﻠـﻰ واﻟﺴـﻼم اﻟﻌـﺎﳌﲔ ،واﻟﺼـﻼة ر ّب اﳊﻤـﺪ اﻟﻄﺎﻫﺮﻳﻦ. اﻟﻄﻴّﺒﲔ ﳏ ّﻤ ٍﺪ وآﻟﻪ وﺑﻌـﺪ ،ﻓـﺈ ّﱐ أرﻳـﺪ ﰲ ﻫـﺬا اﳊـﺪﻳﺚ ﻣﻌﻜـﻢ أﻳّﻬـﺎ اﻹﺧـﻮة أن اُﻋـّﱪ ﻋـﻦ اّﲡـﺎﻩ ﻣﻌـّﲔ ﰲ دراﺳـﺔ ﺣﻴـﺎة اﻷﺋ ّﻤــﺔ ،وﺳــﻮف ﻻ ﻳﺘّﺴــﻊ اﳊــﺪﻳﺚ ﻣﻌﻜــﻢ ﰲ ﺣــﺪود ﻫــﺬﻩ اﻟﻔﺮﺻــﺔ أن ﻳﺮﺳــﻢ اﲡﺎﻫــﺎً ﻣﻌﻴّﻨــﺎً وﳚ ّﺴﺪﻩ أو ﳜﻄّﻂ ﻟﻪ ،وإّﳕﺎ ﻛ ّﻞ ﻣﺎ أﺣﺎوﻟﻪ ﻫﻮ إ رة اﻟﺘﻔﻜﲑ ﺣﻮل ﻫﺬا اﻻﲡﺎﻩ وإﻋﻄﺎء ﺑﻌﺾ اﳌﻼﻣـﺢ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻋﻦ ﺣﻴﺎة اﻷﺋ ّﻤﺔ . اﻟﻨﻈﺮة اﻟ ّﻜﻠﻴّﺔ واﻟﺘﺠﺰﻳﺌﻴّﺔ ﳊﻴﺎة اﻷﺋ ّﻤﺔ : رﳜوﻪﻫـﻋﺬاﻠ اﻰﻻأﲡﺳـﺎﺎﻩساﻟـاﻟﺬﻨﻈيﺮةأراﻳـﻟﺪﻜﻠّأﻴـنﺔ،أ ﺑـﲢـﺪّﺪﻻًثﻋـإﻟـﻦﻴاﻟﻜﻨﻢﻈـﺮﻋةﻨـاﻪﻟﺘﻫـﺠﻮﺰﻳﺌاﻴـﺔﻻ،ﲡـأﺎﻩيا:ﻟـأﺬنيﻳﻨﻳﺘﻈـﻨـﺮﺎوإلﱃ اﺣﻴـﻷﺋﺎةّﻤـاﺔﻹﻛﻣـﺎﻜـمٍّﻞوﻳﻣــﺪﱰاﺑر ٍﻂس وﻳﺪرس ﻫﺬا اﻟﻜ ّﻞ وﻳﻜﺘﺸﻒ ﻣﻼﳏﻪ اﻟﻌﺎّﻣﺔ ،وأﻫﺪاﻓﻪ اﳌﺸﱰﻛﺔ ،وﻣﺰاﺟﻪ اﻷﺻـﻴﻞ ،وﻳـﺘﻔ ّﻬﻢ اﻟـﱰاﺑﻂ ﺑـﲔ ﺧﻄﻮاﺗﻪ. ____________________ )*( ﲝ ٌﺚ ﻛﺘﺒﻪ اﻟﺴﻴّﺪ اﻟﺸﻬﻴﺪ وأُﻟﻘـﻲ ﰲ اﳉﻠﺴـﺔ اﳋﺎﻣﺴـﺔ ﻟﻠﻤﻮﺳـﻢ اﻟﺜﻘـﺎﰲ اﻷّول ﳉﻤﻌﻴّـﺔ اﻟـﺮاﺑﻂ اﻷدﺑﻴّـﺔ ﰲ اﻟﻨﺠـﻒ اﻷﺷـﺮف ﺳﻨﺔ ۱۳۸۶ه ۱۹۶۶ - -م. ٥٣
و ﻟﺘـﺎﱄ اﻟـﺪور اﻟـﺬي ﻣﺎرﺳـﻪ اﻷﺋ ّﻤـﺔ ﲨﻴﻌـﺎً ﰲ اﳊﻴـﺎة اﻹﺳـﻼﻣﻴﺔ ،وﻻ أُرﻳـﺪ ـﺬا أن أدرس ﺣﻴﺎة اﻷﺋ ّﻤـﺔ ﻋﻠـﻰ أﺳـﺎس اﻟﻨﻈـﺮة اﻟﺘﺠﺰﻳﺌﻴّـﺔ أي دراﺳـﺔ ﻛـ ّﻞ إﻣـﺎم ﺑﺼـﻮرة ﻣﺴـﺘﻘﻠّﺔ ،ﺑـﻞ إ ّن ﻫـﺬﻩ اﻟﺪراﺳـﺔ اﻟﺘﺠﺰﻳﺌﻴّـﺔ ﻧﻔﺴـﻬﺎ ﺿـﺮورﻳّﺔ ﻹﳒـﺎز دراﺳـﺔ ﺷـﺎﻣﻠﺔ ﻟﻸﺋﻤـﺔ ﻛﻜـ ّﻞ ،إذ ﻻ ﺑـ ّﺪ ﻟﻨـﺎ أّوﻻً أن ﻧـﺪرس اﻷﺋ ّﻤـﺔ ﺗﺰﺧــﺮ ﺑـﻪ ﻣـﻦ ﻣﻼﻣـﺢ ـ ّﻞ إﻣـﺎم ،ﺑﻜـ ّﻞ ﻣـﺎ ـﺘﻮﻋﺒﺔ إﱃ أوﺳـﻊ ﻣـﺪى ﳑﻜـﻦ ،ﺣﻴـﺎة ﻛ ﺑﺼـﻮرة ﳎـّﺰأة وﻣﺴ اﳌﺸـﱰك ﻟﻸﺋﻤـﺔ وﻧﺴـﺘﺨﻠﺺ اﻟـﺪور ﺣـّﱴ ﻧـﺘﻤ ّﻜﻦ ﺑﻌـﺪ ﻫـﺬا أن ﻧﺪرﺳـﻪﻛﻜـ ٍّﻞ وأﻫﺪاف وﻧﺸﺎط، ﲨﻴﻌﺎً وﻣﺎ ﻳﻌّﱪ ﻋﻨﻪ ﻣﻦ ﻣﻼﻣﺢ وأﻫﺪاف وﺗﺮاﺑﻂ. اﻟﻔﺮق ﺑﲔ اﻟﻨﻈﺮﺗﲔ: وإذا ﻗﻤﻨﺎ ﺑﺪراﺳﺔ أﺣﻮال اﻷﺋ ّﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﻫـﺬﻳﻦ اﳌﺴـﺘﻮﻳﲔ ﻓﺴـﻮف ﻧﻮاﺟـﻪ ﻋﻠـﻰ اﳌﺴـﺘﻮى اﻷّول اﺧﺘﻼﻓﺎً ﰲ اﳊﺎﻻت ،وﺗﺒﺎﻳﻨـﺎً ﰲ اﻟﺴـﻠﻮك ،وﺗﻨﺎﻗﻀـﺎً ﻣـﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴـﺔ اﻟﺸﺨﺼـﻴّﺔ ﺑـﲔ اﻷدوات اﻟـﱵ ﻣﺎرﺳـﻬﺎ اﻷﺋ ّﻤـﺔ .ﻓﺎﳊﺴـﻦ ﻫـﺎَد َن ﻣﻌﺎوﻳـﺔ ،ﺑﻴﻨﻤـﺎ ﺣـﺎرب اﳊﺴـﲔ ﻳﺰﻳـﺪ ﺣـّﱴ ﻗُﺘـﻞ ،وﺣﻴـﺎة اﻟﺴ ّﺠﺎد ﻓﺎﺋﺤﺔ ﻟﺪﻋﺎء ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺣﻴﺎة اﻟﺒﺎﻗﺮ ﻓﺎﺋﺤﺔ ﳊﺪﻳﺚ واﻟﻔﻘﻪ ،وﻫﻜﺬا.... وأّﻣـﺎ ﻋﻠـﻰ اﳌﺴـﺘﻮى اﻟﺜـﺎﱐ ﺣﻴﻨﻤـﺎ ﳓـﺎول اﻛﺘﺸـﺎف اﳋﺼـﺎﺋﺺ اﻟﻌﺎّﻣـﺔ واﻷﻣـﻮر واﻟـﺪور اﳌﺸـﱰك ﻟﻸﺋﻤﺔ ﻛﻜ ٍّﻞ ﻓﺴـﻮف ﺗـﺰول ﻛـ ّﻞ ﺗﻠـﻚ اﻻﺧﺘﻼﻓـﺎت واﻟﺘﻨﺎﻗﻀـﺎت ،ﻷّـﺎ ﺗﺒـﺪو ﻋﻠـﻰ ﻫـﺬا اﳌﺴـﺘﻮى ﳎـّﺮد ﺗﻌـﺎﺑﲑ ﳐﺘﻠﻔـﺔ ﻋـﻦ ﺣﻘﻴﻘـﺔ واﺣـﺪة ،وإّﳕـﺎ اﺧﺘﻠـﻒ اﻟﺘﻌﺒـﲑ ﻋﻨﻬـﺎ وﻓﻘـﺎً ﻻﺧـﺘﻼف اﻟﻈـﺮوف واﳌﻼﺑﺴـﺎت واﳌﻼﺑﺴـﺎت اﻟـﱵ ﻣـﻦ اﻟﻈـﺮوف ﻋﺼـﺮﻩ، إﻣﺎٍم ،وﻋﺎﺷﺘﻬﺎ اﻟﻘﻀﻴﺔ اﻹﺳـﻼﻣﻴﺔ واﻟﺸـﻴﻌﺔ ﰲ ﺎ ﻛ ّﻞ اﻟﱵ ﻣّﺮ اﻟﻨﻈـﺮة اﻟﻜﻠّﻴـﺔ أن ﻋﻠـﻰ أﺳـﺎس اﻷﺋ ّﻤـﺔ ﰲ ﻋﻬـﺪ إﻣـﺎٍم آﺧـﺮ ،وﳝﻜﻨﻨـﺎ ﻋـﻦ ﻃﺮﻳـﻖ دراﺳـﺔ ﻟﺮﺳـﺎﻟﺔ ﻣـّﺮت ﳔــﺮج ﺑﻨﺘــﺎﺋﺞ أﺿــﺨﻢ ﻣــﻦ ﳎﻤــﻮع اﻟﻨﺘــﺎﺋﺞ اﻟــﱵ ﺗــﺘﻤ ّﺨﺾ ﻋﻨﻬــﺎ اﻟﺪراﺳــﺎت اﻟﺘﺠﺰﻳﺌﻴــﺔ؛ ﻷﻧّﻨــﺎ ﺳــﻮف ﻧﻜﺸﻒ ﺗﺮاﺑﻄﺎً ﺑﲔ أﻋﻤﺎﳍﻢ. ٥٤
وﺳـﻮف ﻧﺴـﺘﺨﺪم ﻣﺜـﺎﻻً ﺑﺴـﻴﻄﺎً ﻟﺘﻮﺿـﻴﺢ اﻟﻔﻜـﺮة ،ﻓـﻨﺤﻦ ﻧﻘـﺮأ ﰲ ﺣﻴـﺎة اﻹﻣـﺎم أﻣـﲑ اﳌـﺆﻣﻨﲔ أﻧّﻪ ﲨﻊ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﰲ ﺧﻼﻓﺘﻪ واﺳﺘﺸﻬﺪﻫﻢ ﻋﻠﻰ ﻧﺼـﻮص اﻹﻣﺎﻣـﺔ ،وﺷـﻬﺪ ﺑـﺬﻟﻚ ﻋـﺪد ﻛﺒـﲑ ﻟﺴـﻤﺎع ﻋﻦ اﻟﺮﺳﻮل اﻷﻋﻈﻢ ).(١ وﻧﻘـﺮأ ﰲ ﺣﻴـﺎة اﻹﻣـﺎم اﳊﺴـﲔ أﻧّـﻪ ﲨـﻊ ﰲ َﻋَﺮﻓـﺔ ﻋﻠـﻰ ﻋﻬـﺪ ﻣﻌﺎوﻳـﺔ ﻣـﻦ ﺗﺒّﻘـﻰ ﻣـﻦ ﺧﻴـﺎر اﻟﺼــــﺤﺎﺑﺔ واﳌﻬــــﺎﺟﺮﻳﻦ وﻋــــﺪداًﻛﺒــــﲑاً ﻣــــﻦ اﻟﺘــــﺎﺑﻌﲔ وﻃﻠــــﺐ ﻣــــﻨﻬﻢ أن ﳛــــ ّﺪﺛﻮا ﺑﻨﺼــــﻮص اﻟﻨــــ ّﱯ ﰲ ﻋﻠ ّﻲ وأﻫﻞ اﻟﺒﻴﺖ ).(٢ وﻧﻘﺮأ ﰲ ﺣﻴﺎة اﻹﻣﺎم اﻟﺒﺎﻗﺮ أﻧّﻪ ﻗﺎم ﺑﻨﻔﺲ اﻟﻌﻤﻠﻴّﺔ واﺳﺘﺸﻬﺪ اﻟﺘﺎﺑﻌﲔ و ﺑﻌﻲ اﻟﺘﺎﺑﻌﲔ ).(٣ وﺣـﲔ ﻧـﺪرس اﻷﺋ ّﻤـﺔﻛﻜـ ٍّﻞ وﻧـﺮﺑﻂ ﺑـﲔ ﻫـﺬﻩ اﻟﻨﺸـﺎﻃﺎت ﺑﻌﻀـﻬﺎ ﺑـﺒﻌﺾ ،وﻧﻼﺣـﻆ أ ّن اﻟﻌﻤﻠﻴـﺎت اﻟﺜﻼث وﺿﻌﺖ ﻋﻠﻰ ﺛﻼﺛـﺔ أﺟﻴـﺎل ﳒـﺪ أﻧﻔﺴـﻨﺎ أﻣـﺎم ﲣﻄـﻴﻂ ﻣـﱰاﺑﻂ ﻳﻜ ّﻤـﻞ ﺑﻌﻀـﻪ ﺑﻌﻀـﺎً ،ﻳﺴـﺘﻬﺪف اﳊﻔـﺎظ ﻋﻠـﻰ ﺗـﻮاﺗﺮ اﻟﻨﺼـﻮص ﻋـﱪ أﺟﻴـﺎل ﻋﺪﻳـﺪة ﺣـّﱴ ﺗﺼـﺒﺢ ﰲ ﻣﺴـﺘﻮ ًى ﻣـﻦ اﻟﻮﺿـﻮح واﻻﺷـﺘﻬﺎر ﻳﺘﺤ ّﺪى ﻛ ّﻞ ﻣﺆاﻣﺮات اﻹﺧﻔﺎء واﻟﺘﺤﺪﻳﺪ. وﰲ ﻋﻘﻴﺪﰐ أ ّن وﺟﻮد دور ﻣﺸﱰك ﻣﺎرﺳﻪ اﻷﺋ ّﻤﺔ ﲨﻴﻌﺎً ﻟـﻴﺲ ﳎـّﺮد اﻓـﱰاض ﻧﺒﺤـﺚ ﻓﻴـﻪ ﻋـﻦ ﻣﱪّراﺗﻪ اﻟﺘﺄرﳜﻴﺔ ،وإّﳕﺎ ﻫﻮ ﳑّﺎ ﺗﻔﺮﺿﻪ اﻟﻌﻘﻴﺪة ﻧﻔﺴﻬﺎ ،وﻓﻜﺮة اﻹﻣﺎﻣﺔ ﻟـﺬات؛ ﻷ ّن اﻹﻣﺎﻣـﺔ واﺣـﺪة ﰲ ا ﺘﻤـﻊ ﲟﺴـﺆوﻟﻴﺎ ﺎ وﺷـﺮوﻃﻬﺎ ،ﻓﻴﺠـﺐ أن ﺗـﻨﻌﻜﺲ اﻧﻌﻜﺎﺳـﺎً واﺣـﺪاً ﰲ ﺳـﻠﻮك اﻷﺋ ّﻤـﺔ وأدوارﻫـﻢ ﻣﻬﻤـﺎ اﺧﺘﻠﻔﺖ أﻟﻮا ﺎ اﻟﻈﺎﻫﺮﻳﺔ ﺑﺴﺒﺐ اﻟﻈﺮوف واﳌﻼﺑﺴﺎت ،وﳚﺐ أن ﻳﺸ ّﻜﻞ اﻷﺋ ّﻤﺔ ﲟﺠﻤﻮﻋﻬﻢ ____________________ ) (۱راﺟﻊ :اﻟﻐﺪﻳﺮ .۳۷۸ - ۳۳۹ :۱ ) (۲راﺟﻊ :اﻻﺣﺘﺠﺎج .۸۸ - ۸۷ :۲ ) (۳راﺟﻊ :ﲝﺎر اﻷﻧﻮار ،۳۴۸ - ۳۴۷ :۴۶ب ﻣﻨﺎﻇﺮاﺗﻪ ﻣﻊ اﳌﺨﺎﻟﻔﲔ ،اﳊﺪﻳﺚ اﻷّول. ٥٥
وﺣﺪة ﻣﱰاﺑﻄﺔ اﻷﺟﺰاء ﻟﻴﻮاﺻﻞ ﻛ ّﻞ ﺟﺰٍء ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﻮﺣﺪة دور اﳉﺰء اﻵﺧﺮ وﻳﻜﻤﻠﻪ. اﻟﺪور اﳌﺸﱰك ﻟﻸﺋ ّﻤﺔ : إذن ﻓﻤـﺎ ﻫـﻮ اﻟـﺪور اﳌﺸـﱰك ﻟﻸﺋ ّﻤـﺔ ؟ ﻫـﺬا ﻫـﻮ اﻟﺴـﺆال اﻟـﱵ ﻳﻘﺘـﺒﺲ ﻋﻠـﻰ ﺿـﻮء ﻣـﺎ ﺗﻘـ ّﺪم، وﻗﺪ ﻻ ﳓﺘﺎج إﱃ ﺷﻲء ﻣﻦ اﻟﺒﺤـﺚ ﻟﻜـﻲ ﻧﺘّﻔـﻖ ﺑﺴـﺮﻋﺔ ﻋﻠـﻰ ﻧﻮﻋﻴّـﺔ اﻟـﺪور اﳌﺸـﱰك اﻟـﺬي أُ ُ◌ﺳـﻨﺪ إﱃ اﻷﺋ ّﻤـﺔ ﰲ ﲣﻄـﻴﻂ اﻟﺮﺳـﺎﻟﺔ ،ﻓﻜﻠّﻨـﺎ ﻧﻌﻠـﻢ أ ّن اﻟﺮﺳـﺎﻟﺔ اﻹﺳـﻼﻣﻴﺔ ﺑﻮﺻـﻔﻬﺎ رﺳـﺎﻟﺔً ﻋﻘﺎﺋﺪﻳـﺔً ﻗـﺪ ﺧﻄّﻄـﺖ ﳊﻤﺎﻳﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻣﻦ اﻻﳓﺮاف وﺿﻤﺎن ﳒﺎح اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﺧﻼل ﺗﻄﺒﻴﻘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣّﺮ اﻟـﺰﻣﻦ ،ﻓﺄُوﻛـﻞ أﻣـﺮ ﺻـﻴﺎﻧﺔ اﻟﺘﺠﺮﺑـﺔ وﲤﻮﻳﻠﻬـﺎ ﺗﺜﻘﻴﻔﻴـﺎً ،وﺗﻮﺟﻴﻬﻬـﺎ ﺳﻴﺎﺳـﻴﺎً إﱃ اﻷﺋ ّﻤـﺔ ؛ ﺑﻮﺻـﻔﻬﻢ أﺷﺨﺎﺻـﺎً ﻋﻘﺎﺋـﺪﻳﲔ ،اﻟـﺬﻳﻦ ﺑﻠﻐـﻮا ﰲ ﻣﺴـﺘﻮاﻫﻢ اﻟﻌﻘﺎﺋـﺪي درﺟـﺔ اﻟﻌﺼـﻤﺔ ﻋـﻦ اﻻﳓـﺮاف واﻟﺰﻟـﻞ واﳋﻄـﺄ .ﻏـﲑ أﻧّﻨـﺎ ﺣـﲔ ﳓـﺎول أن ﳓ ّﺪد اﻟﺪور اﳌﺸﱰك اﻟﺬي ﻣﺎرﺳﻪ اﻷﺋ ّﻤﺔ ﻛﻜ ٍّﻞ ﰲ رﳜﻬﻢ ا ﻴﺪ ﻻ ﻧﻌﲏ ﻫـﺬا اﻟـﺪور اﳋﻴـﺎﱄ ﰲ ﺗـﺰّﻋﻢ اﻟﺘﺠﺮﺑـﺔ اﻹﺳـﻼﻣﻴﺔ؛ ﻷﻧّﻨـﺎ ﻧﻌﻠـﻢ ﲨﻴﻌـﺎً أ ّن اﻷﺣـﺪاث اﳌﺆﳌـﺔ اﻟـﱵ وﻗﻌـﺖ ﺑﻌـﺪ وﻓـﺎة اﻟﺮاﺋـﺪ اﻷﻋﻈـﻢ ﻗــﺪ أﻗﺼــﺖ اﻷﺋ ّﻤــﺔ ﻋــﻦ دورﻫــﻢ اﻟﻘﻴــﺎدي ﰲ ﺗــﺰﻋّﻢ اﻟﺘﺠﺮﺑــﺔ ،وﺳــﻠّﻤﺖ ﻣﻘﺎﻟﻴــﺪ اﻟﺮﺳــﺎﻟﺔ وﻣﺴﺌﻮﻟﻴّﺘﻬﺎ وﺗﻄﺒﻴﻘﻬﺎ إﱃ أﺷﺨﺎ ٍص آﺧﺮﻳﻦ اﳓﺮف ﻣﻌﻬﻢ اﻟﺘﺨﻄﻴﻂ ،واﺷﺘّﺪ اﻻﳓﺮاف ﻋﻠـﻰ ﻣـّﺮ اﻟـﺰﻣﻦ، وإّﳕـﺎ ﻧﺮﻳـﺪ ﻟـﺪور اﳌﺸـﱰك ﰲ رﻳـﺦ اﻷﺋ ّﻤـﺔ :اﳌﻮﻗـﻒ اﻟﻌـﺎّم اﻟـﺬي وﻗﻔـﻮﻩ ﰲ ﺧﻀـ ّﻢ اﻷﺣـﺪاث واﳌﺸﺎﻛﻞ اﻟﱵ اﻛﺘﻨﻔﺖ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺑﻌﺪ اﳓﺮاف اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ وإﻗﺼﺎﺋﻬﻢ ﻋﻦ ﻣﺮﻛﺰﻫﻢ اﻟﻘﻴﺎدي ﰲ زﻋﺎﻣﺘﻬﺎ. وﻫﻨﺎ ﳒﺪ ﺗﺼـّﻮراً ﺷـﺎﺋﻌﺎً ﻟـﺪى ﻛﺜـﲑ ﻣـﻦ اﻟﻨـﺎس اﻟـﺬي اﻋﺘـﺎدوا أن ﻳﻌـّﱪوا ﻋـﻦ اﻷﺋ ّﻤـﺔ ﺑﻮﺻـﻔﻬﻢ أُ ﺳـﺎ ﻣﻈﻠﻮﻣﲔ ﻓﻘﻂ ﻗﺪ أُﻗﺼﻮا ﻋﻦ ﻣﺮﻛﺰ اﻟﻘﻴﺎدة ،وأﻗّﺮت اﻷﺋ ّﻤﺔ ﻫﺬا ٥٦
اﻹﻗﺼـﺎء ،وﻣﺎرﺳـﻮا ﺑﺴـﺒﺐ ذﻟـﻚ أﻟـﻮان اﻻﺿـﻄﻬﺎد واﳊﺮﻣـﺔ ،ﻓﻬـﺆﻻء اﻟﻨـﺎس ﻳﻌﺘﻘـﺪون أ ّن دور اﻷﺋ ّﻤـﺔ ﰲ ﺣﻴﺎ ﻢ ﻛﺎن دوراً ﺳﻠﺒﻴﺎً ﻋﻠﻰ اﻷﻏﻠﺐ ﻧﺘﻴﺠﺔً ﻹﻗﺼﺎﺋﻬﻢ ﻋﻦ ﳎﺎل اﳊﻜﻢ ،ﻓﺤﺎﳍﻢ ﺣـﺎل ﻣـﻦ ﳝﻠﻚ داراً ﻳﻐﺘﺼﺐ ﻣﻨﻪ وﳜﺒﻮ أﻣﻠﻪ ﰲ إﻣﻜﺎن اﺳﱰﺟﺎﻋﻬﺎ. وﻫـﺬا اﻟﺘﻔﻜـﲑ ﻟـﺮﻏﻢ ﻣـﻦ أﻧّـﻪ ﺧـﺎﻃﺊ ﻳﻌﺘـﱪ ﺧﻄـﺄً ﻣـﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴـﺔ اﻟﻌﻤﻠﻴـﺔ؛ ﻷﻧّـﻪ ﳛﺒّـﺐ إﱃ اﻹﻧﺴـﺎن اﻟﺴـﻠﺒﻴّﺔ واﻻﻧﻜﻤـﺎش واﻻﺑﺘﻌـﺎد ﻋـﻦ ﻣﺸـﺎﻛﻞ اﻷّﻣـﺔ وﳎـﺎﻻت ﻗﻴﺎد ـﺎ ،وﳍـﺬا أﻋﺘﻘـﺪ أ ّن ﻣـﻦ ﺿـﺮورﺗﻨﺎ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ اﻟﺮاﻫﻨﺔ أن ﻧﺜﺒـﺖ ﺧﻄـﺄ ذﻟـﻚ اﻟﺘﻔﻜـﲑ ،وﻧـﺪرس ﺣﻴـﺎة اﻷﺋ ّﻤـﺔ ﻋﻠـﻰ أﺳـﺎس ﻧﻈـﺮة ﻛﻠّﻴـﺔ ﻟﻨﺘﺒّﲔ إﳚﺎﺑﻴّﺘﻬﻢ اﻟﺮﺳﺎﻟﻴّﺔ ﻋﻠﻰ ﻃﻮل اﳋ ّﻂ ودورﻫﻢ اﳌﺸﱰك اﻟﻔّﻌﺎل ﰲ ﲪﺎﻳﺔ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ واﻟﻌﻘﻴﺪة. أﻣﺜﻠﺔ اﻟﺪور اﻹﳚﺎﰊ ﻟﻸﺋ ّﻤﺔ : إ ّن اﻷﺋ ّﻤـﺔ ﻟـﺮﻏﻢ ﻣـﻦ إﻗﺼـﺎﺋﻬﻢ ﻋـﻦ ﳎـﺎل اﳊﻜـﻢ ﻛـﺎﻧﻮا ﻳﺘﺤ ّﻤﻠـﻮن ﺳـﺘﻤﺮار ﻣﺴـﺌﻮﻟﻴّﺘﻬﻢ ﰲ اﳊﻔــﺎظ ﻋﻠــﻰ اﻟﺮﺳــﺎﻟﺔ وﻋﻠــﻰ اﻟﺘﺠﺮﺑــﺔ اﻹﺳــﻼﻣﻴﺔ ،وﲢﺼــﻴﻨﻬﺎ ﺿــ ّﺪ اﻟــﱰّدي إﱃ ﻫﺎوﻳــﺔ اﻻﳓـــﺮاف واﻻﻧﺴﻼل ﻋﻦ ﻣﺒﺎدﺋﻬﺎ وﻗﻴﻤﻬﺎ اﻧﺴﻼﻻً ﻣﺎً ،ﻓﻜﻤﺎ ﻛﺎن اﻻﳓﺮاف ﻳﻘﻮى وﻳﺸﺘ ّﺪ وﻳﺘﻨﻈّﺮ ﲞ ّﻂ اﻟـﱰد ّي اﻹﺳـﻼﻣﻴﺔ أو ﻻزﻣـﺎً ﺿـ ّﺪ ذﻟـﻚ ،وﻛﻠّﻤـﺎ وﻗﻌـﺖ اﻟﺘﺠﺮﺑـﺔ ﳏﻛﻨﺎٍﺔنأاوﻷﺋﻣّﻤﺸﺔﻜﻠٍﺔ ﻋﺠﻳﺘّﺰﺨـتﺬاﻟوﺰنﻋﺎﺗـﻣﺎﺪﺑتﲑاً إﱃ اﳍﺎوﻳﺔ، ـﺎ در اﻷﺋ ّﻤـﺔ اﳌﻨﺤﺮﻓﺔ ﻋـﻦ ﻋﻼﺟﻬـﺎ ﲝﻜـﻢ ﻋـﺪم ﻛﻔﺎء اﻟﻌﻘﻴﺪة ﰲ ﺘﻤــﻊ ا ﰲ واﻟﺮﺳــﺎﱄ اﻟﻌﻘﺎﺋــﺪي ّﺪدﻫﺎ. اﻷّﻣﺔ ﻣﻦ اﻷﺧﻄﺎر اﻟﱵ ﻛﺎﻧﺖ ووﻗﺎﻳﺔ وﺑ إﻜﻠﱃﻤــﺗٍﺔﻘﺪﳐﺘﱘ اﺼــﳊﺮةّﻞ: اﳌﻘﻴــﺎس اﻷﺋ ّﻤــﺔ ﳛــﺎﻓﻈﻮن ﻋﻠــﻰ ﻛــﺎن اﻹﺳﻼﻣﻲ ،وﳛﺎﻓﻈﻮن ﻋﻠﻰ أن ﻻ ﻳﻬﺒﻂ إﱃ درﺟﺔ ﺗﺸ ّﻜﻞ ٥٧
ﺧﻄـﺮاً ﻣﺎﺣﻘـﺎً ،وﻫـﺬا ﻳﻌـﲏ ﳑﺎرﺳـﺘﻬﻢ ﲨﻴﻌـﺎً دوراً إﳚﺎﺑﻴـﺎً ﻓﻌّـﺎﻻً ﰲ ﲪﺎﻳـﺔ اﻟﻌﻘﻴـﺪة وﺗﺒـﲔ ﻣﺼـﺎﱀ اﻟﺮﺳـﺎﻟﺔ واﻷّﻣﺔ. ﲤﺜّﻞ ﻫﺬا اﻟﺪور اﻹﳚﺎﰊ ﰲ إﻳﻘﺎف اﳊﺎﻛﻢ ﻋـﻦ اﳌﺰﻳـﺪ ﻣـﻦ اﻻﳓـﺮاف؛ ﻛﻤـﺎ ﻓﻌـﻞ اﻹﻣـﺎم ﻋﻠـ ّﻲ ﺣﲔ ﺻﻌﺪ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﳋﻄّﺎب ﻋﻠﻰ اﳌﻨﱪ ،وﺗﺴﺎءل ﻋﻦ رّد اﻟﻔﻌﻞ ﻟﻮ ﺻﺮف اﻟﻨﺎس ﻋ ّﻤﺎ ﻳﻌﺮﻓـﻮن إﱃ ﻣـﺎ ﻳﻨﻜﺮون ،ﻓﺮّد ﻋﻠﻴﻪ اﻹﻣﺎم ﺑﻜ ّﻞ وﺿﻮح وﺻﺮاﺣﺔ :إذن ﻟﻘّﻮﻣﻨﺎك ﺑﺴﻴﻮﻓﻨﺎ ).(١ وﲤﺜّـﻞ ﰲ ﺗﻌﺮﻳـﺔ اﻟﺰﻋﺎﻣـﺔ اﳌﻨﺤﺮﻓـﺔ إذ أﺻـﺒﺤﺖ ﺗﺸـ ّﻜﻞ ﺧﻄـﺮاً ﻣﺎﺣﻘـﺎً وﻟـﻮ ﻋـﻦ ﻃﺮﻳـﻖ اﻻﺻـﻄﺪام اﳌﺴﻠّﺢ ﻓﻴﻬﺎ ،واﻟﺸﻬﺎدة ﰲ ﺳﺒﻴﻞ ﻛﺸﻒ زﻳﻔﻬﺎ وﺳﻠﺐ ﲣﻄﻴﻄﻬﺎ ،ﻛﻤﺎ ﺻﻨﻊ اﻹﻣﺎم اﳊﺴﲔ ﻣﻊ ﻳﺰﻳﺪ. وﲤﺜّـﻞ ﰲ ﳎﺎ ـﺔ اﳌﺸـﺎﻛﻞ اﻟـﱵ ـ ّﺪد ﻛﺮاﻣــﺔ اﻟﺪوﻟـﺔ اﻹﺳـﻼﻣﻴﺔ ،وﺗﻌﺠـﺰ اﻟﺰﻋﺎﻣــﺎت اﳌﻨﺤﺮﻓـﺔ ﻋــﻦ ﺣﻠّﻬﺎ ،ﻛﻤﺎ ﰲ اﳌﺸﻜﻠﺔ اﻟﱵ أﺑﺮزﻫﺎ ﻛﺘﺎب ﻣﻠﻚ اﻟـﺮوم إﱃ ﻋﺒـﺪ اﳌﻠـﻚ ﺑـﻦ ﻣـﺮوان ،إذ ﻋﺠـﺰ ﻋﺒـﺪ اﳌﻠـﻚ ﻋـﻦ اﳉـﻮاب ﲟﺴـﺘﻮاﻩ ،ﻓﻤـﻼً اﻹﻣـﺎم زﻳـﻦ اﻟﻌﺎﺑـﺪﻳﻦ ﻫـﺬا اﻟﻔـﺮاغ وأﺟـﺎب ﻟﺸـﻜﻞ اﻟـﺬي ﳛﻔـﻆ ﻟﻠﺪوﻟﺔ ﻛﺮاﻣﺘﻬﺎ وﻟﻼُّﻣﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻫﻴﺒﺘﻬﺎ ).(٢ وﲤﺜّـﻞ أﻳﻀـﺎً ﰲ إﻧﻘـﺎذ اﻟﺪوﻟـﺔ اﻹﺳـﻼﻣﻴﺔ ﻣـﻦ ﲢـ ّﺪي اﻟﻜـﺎﻓﺮ اﻟـﺬي ﻛـﺎن ﻳﻬـ ّﺪد ﺳـﻴﺎد ﺎ ،ﻛﺎﻟﺘﺤـ ّﺪي اﻟﺬي واﺟﻬﻪ ﻫﺸﺎم ﻣﻦ ﻣﻠﻚ اﻟـﺮوم ﺑﺸـﺄن اﻟﻨﻘـﺪ وﻋﺠـﺰ ﻋـﻦ اﻟـﺮّد ﻋﻠﻴـﻪ ،ﻓﻜـﺎن اﻹﻣـﺎم اﻟﺒـﺎﻗﺮ ﰲ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﺮّد ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﺘﺤ ّﺪي ____________________ ) (۱راﺟــﻊ :اﳌﻨﺎﻗــﺐ ﻟﻠﺨــﻮارزﻣﻲ ،۹۸ :وﲝــﺎر اﻷﻧــﻮار ،۱۸۱ - ۱۸۰ :۴۰رﻳــﺦ أﻣــﲑ اﳌــﺆﻣﻨﲔ ،اﻟﺒــﺎب ،۹۳ اﳊﺪﻳﺚ.۶۰ ) (۲راﺟﻊ :ﲝﺎر اﻷﻧﻮار ،۱۳۳ - ۱۳۲ :۴۶رﻳﺦ ﻋﻠ ّﻲ ﺑﻦ اﳊﺴﲔ ،اﻟﺒﺎب ،۸اﳊﺪﻳﺚ .۲۲ ٥٨
ﳊﻔﻆ اﻻﺳﺘﻘﻼل اﻟﻨﻘﺪي ).(١ وﲤﺜّﻞ اﻟﺪور اﻹﳚﺎﰊ ﻟﻸﺋﻤﺔ أﻳﻀﺎً ﰲ ﺗﻠـﻚ اﳌﻌﺎرﺿـﺔ اﻟﻘﻮﻳـّﺔ اﻟﻌﻤﻴﻘـﺔ اﻟـﱵ ﻛـﺎن اﻷﺋ ّﻤـﺔ ﻳﻮاﺟﻬـﻮن ـﺎ اﻟﺰﻋﺎﻣـﺎت اﳌﻨﺤﺮﻓـﺔ رادة ﺻـﻠﺒﺔ ﻻ ﺗﻠـﲔ ،وﻗـّﻮة ﻧﻔﺴـﻴﺔ ﺻـﺎﻣﺪة ﻻ ﺗﺘﺰﻋـﺰع ،ﻓـﺈ ّن ﻫـﺬﻩ اﳌﻌﺎرﺿـﺔ ﻟـﺮﻏﻢ ﻣـﻦ أّ ـﺎ اّﲣـﺬت ﻣﻈﻬـﺮ اﻟﺴـﻠﺒﻴّﺔ اﳌﺴـﻠّﺤﺔ ،ﻏـﲑ أ ّن اﳌﻌﺎرﺿـﺔ ﺣـّﱴ ﺑﺼـﻴﻐﺘﻬﺎ اﻟﺴـﻠﺒﻴّﺔ ﻛﺎﻧـﺖ ﻋﻤـﻼً إﳚﺎﺑﻴـﺎً ﻋﻈﻴﻤـﺎً ﰲ ﲪﺎﻳـﺔ اﻹﺳـﻼم ،واﳊﻔـﺎظ ﻋﻠـﻰ ُﻣﺜُﻠـﻪ وﻗﻴﻤـﻪ؛ ﻷ ّن اﳓـﺮاف اﻟﺰﻋﺎﻣـﺎت اﻟﻘﺎﺋﻤـﺔ ﻛـﺎن ﻳﻌﻜـﺲ اﻟﻮﺟـﻪ اﳌﺸـّﻮﻩ ﻟﻠﺮﺳـﺎﻟﺔ ،ﻓﻜـﺎن ﻻ ﺑـ ّﺪ ﻟﻠﻘـﺎدة ﻣـﻦ أﻫـﻞ اﻟﺒﻴـﺖ أن ﻳﻌﻜﺴـﻮا اﻟﻮﺟوﻪﻫاﻟﻜﻨﻘﺬاّﻲ اﺧﳌﺮجﺸﺮاقﻹﺳﳍﺎﻼ،موأﻋنﻠ ﻳﻰﺆّﻛﻣﺪﺴﺘوﻩﻮﻋىﻤاﻠﻟﻴّﻨﺎًﻈﺮﻳﺔﺳﺘﺳﻤﻠﺮاﻴرﻤﺎًاﳌﻣﻄﻦﺎﺑاﻘﺎﻻﳓتﺮاﺑفﲔ،اﻟوﺮإﺳنﺎﻟﺗﺔﺸواّﻮﻩﳊﻣﻜﻌﻢﺎﱂوااﻟﻟﺘﻮاﻗﻄﺒﻊﻴ.ﻖ. وﳝﻜﻨــﲏ أن أذﻛــﺮ ــﺬا اﻟﺼــﺪد ﻣﺜــﺎﻻً ﺟﺰﺋﻴــﺎً وﻟﻜﻨّــﻪ ﻳﻌــّﱪ ﻋــﻦ ﻣــﺪى اﳉﻬــﻮد اﻟــﱵ ﺑــﺬﳍﺎ اﻷﺋ ّﻤــﺔ ﰲ ﺳﺒﻴﻞ اﳊﺼﻮل ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﳌﻜﺴﺐ ،ﻣﻜﺴﺐ ﺧﺮوج اﻹﺳﻼم ﻋﻠـﻰ اﳌﺴـﺘﻮى اﻟﻨﻈـﺮي ﺳـﻠﻴﻤﺎً ﻣﻦ اﻻﳓﺮاف. ﺗﺼـّﻮروا أﻳّﻬـﺎ اﻹﺧـﻮة :أ ّن اﻹﻣـﺎم ﻣﻮﺳـﻰ ﺑـﻦ ﺟﻌﻔـﺮ ﻗـﺪ ﻫـ ّﺪد اﻟﺴـﺠﻦ ﺻـ ّﺤﺘﻪ ﺣـّﱴ أﺻـﺒﺢ ﺣـﲔ ﻳﺴـﺠﺪ ﻟﺮﺑـّﻪ ﻛـﺎﻟﺜﻮب اﳌﻄـﺮوح ﻋﻠـﻰ وﺟـﻪ اﻷرض ،ﻓﻴـﺪﺧﻞ ﻋﻠﻴـﻪ رﺳـﻮل اﻟﺰﻋﺎﻣـﺔ اﳌﻨﺤﺮﻓـﺔ ﻓﻴﻘـﻮل: إ ّن اﳋﻠﻴﻔــﺔ ﻳﻌﺘــﺬر إﻟﻴــﻚ و ﻣــﺮ ﻃــﻼق ﺳــﺮاﺣﻚ ﻋﻠــﻰ أن ﺗــﺰورﻩ وﺗﻌﺘــﺬر إﻟﻴــﻪ ،أو ﺗﻄﻠــﺐ رﺿــﺎﻩ، ﻓﻴﺸﻤﺦ اﻹﻣﺎم وﳚﻴﺐ ____________________ ) (١راﺟﻊ :ﻣﺴﺘﺪرك اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ،۸۶ - ۸۴ :۷اﻟﺒﺎب ۱۳ﻣﻦ أﺑﻮاب زﻛﺎة اﻟﺬﻫﺐ واﻟﻔ ّﻀﺔ ،اﳊﺪﻳﺚ .۲ ٥٩
ﻟﻨﻔـﻲ ﺑﻜـ ّﻞ ﺻـﺮاﺣﺔ ) ،(١وﻳﺘﺤ ّﻤـﻞ ﻣـﺮارة اﻟﻜـﺄس إﱃ اﻟﺜﱡﻤﺎﻟـﺔ؛ ﻻ ﻟﺸـﻲٍء إﻻّ ﻟﻜـﻲ ﻻ ﳛّﻘـﻖ ﻟﻠﺰﻋﺎﻣـﺔ اﳌﻨﺤﺮﻓـﺔ ﻫـﺪﻓﻬﺎ ﻣـﻦ أن ﻳﺒـﺎرك اﻹﻣـﺎم ﺧﻄّﻬـﺎ ﻓﺘـﻨﻌﻜﺲ ﻣﻌـﺎﱂ اﻟﺘﺸـﻮﻳﻪ ﻣـﻦ اﻟﺘﻄﺒﻴـﻖ اﳌﻨﺤـﺮف ﻋﻠـﻰ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ. وﲤﺜّـﻞ اﻟـﺪور اﻹﳚـﺎﰊ ﻟﻸﺋﻤـﺔ ﰲ ﲤﻮﻳـﻞ اﻷّﻣـﺔ اﻟﻌﻘﺎﺋﺪﻳـﺔ ﺑﺸﺨﺼـﻴّﺘﻬﺎ اﻟﺮﺳـﺎﻟﻴﺔ واﻟﻔﻜﺮﻳـﺔ ﻣـﻦ ﺣﻴـﺔ، وﻣﻘﺎوﻣـﺔ اﻟﺘﻴـﺎرات اﻟﻔﻜﺮﻳـﺔ اﻟـﱵ ﺗﺸـ ّﻜﻞ ﺧﻄـﺮاً ﻋﻠـﻰ اﻟﺮﺳـﺎﻟﺔ وﺿـﺮ ﺎ ﰲ ﺑـﺪا ت ﺗﻜّﻮ ـﺎ ﻣـﻦ ﺣﻴـﺔ أﺧـﺮى ،وﻟﻺﻣـﺎم ﻣـﻦ ﻋﻠﻤـﻪ اﶈـﻴﻂ اﳌﺴـﺘﻮﻋﺐ ﻣـﺎ ﳚﻌﻠـﻪ ﻗـﺎدراً ﻋﻠـﻰ اﻹﺣﺴـﺎس ـﺬﻩ اﻟﺒـﺪا ت اﳋﻄـﺮة وﺗﻘﺪﻳﺮ أﳘّﻴﺘﻬﺎ وﻣﻀﺎﻋﻔﺎ ﺎ وﻟﺘﺨﻄﻴﻄﻬﻢ ﻟﻠﻘﻀﺎء ﻋﻠﻴﻬﺎ. وﻗـﺪ ﳝﻜـﻦ أن ﻳﻔ ّﺴـﺮ ﻋﻠـﻰ اﻟﻀـﻮء اﻫﺘﻤـﺎم اﻹﻣـﺎم اﻟﻌﺴـﻜﺮي وﻫـﻮ ﰲ اﳌﺪﻳﻨـﺔ ﲟﺸـﺮوع ﻛﺘـﺎ ٍب ﻳﻀﻌﻪ اﻟﻜﻨﺪي أو ﻳﺼـﻨّﻔﻪ اﻟﻜﻨـﺪي وﻫـﻮ ﰲ اﻟﻌـﺮاق ﺣـﻮل ﻣﺘﻨﺎﻗﻀـﺎت اﻟﻘـﺮآن ،إذ اﺗّﺼـﻞ ﺑـﻪ ﻋـﻦ ﻃﺮﻳـﻖ ﺑﻌـﺾ اﳌﻨﺘﺴـﺒﲔ إﱃ ﻣﺪرﺳـﺘﻪ وأﺣـﺒﻂ اﶈﺎوﻟـﺔ وأﻗﻨـﻊ ﻣﺪرﺳـﺔ اﻟﻜﻨـﺪي ّ ـﺎ ﻋﻠـﻰ ﺧﻄـﺄ ) .(٢اﻹﳚﺎﺑﻴـﺔ ﺗﺘﻜ ّﺸﻒ ﰲ ﻋﻼﻗﺎت اﻷﺋ ّﻤـﺔ ﻷّﻣـﺔ ،وﰲ اﻟﻮاﻗـﻊ أ ّن ﺣﻴـﺎة اﻷﺋ ّﻤـﺔ زاﺧـﺮة ﻛﻠّﻬـﺎ ﻟﺸـﻮاﻫﺪ اﻹﳚﺎﺑﻴﺔ ﻟﻠﺪور اﳌﺸﱰك اﻟﺬي ﻛﺎﻧﻮا ﳝﺎرﺳﻮﻧﻪ. ﻓﻤـﻦ ذﻟـﻚ :ﻋﻼﻗـﺎت اﻷﺋ ّﻤـﺔ ﻷّﻣـﺔ واﻟﺰﻋﺎﻣـﺔ اﳉﻤﺎﻫﲑﻳـﺔ اﻟﻮاﺳـﻌﺔ اﻟﻨﻄـﺎق اﻟـﱵ ﻛـﺎن أﺋ ّﻤـﺔ أﻫﻞ اﻟﺒﻴﺖ ﻳﺘﻤﺘّﻌﻮن ﺎ ﻋﻠﻰ ﻃﻮل اﳋ ّﻂ ،ﻓﺈ ّن ﻫﺬﻩ ____________________ ) (١رﻳﺦ اﻟﻴﻌﻘﻮﰊ ،۴۱۴ :۲وﲝﺎر اﻷﻧﻮار ،۲۳۱ - ۲۳۰ :۴۸رﻳﺦ اﻹﻣﺎم ﻣﻮﺳﻰ ﺑﻦ ﺟﻌﻔـﺮ ،اﻟﺒـﺎب ،۹ب أﺣﻮاﻟﻪ ﰲ اﳊﺒﺲ ،...اﳊﺪﻳﺚ .۳۷ ) (٢راﺟــﻊ :اﳌﻨﺎﻗــﺐ ﻻﺑــﻦ ﺷــﻬﺮ آﺷــﻮب ،۴۲۴ :۴وﻋﻨــﻪ ﰲ ﲝــﺎر اﻷﻧــﻮار ،۳۱۱ :۵۰رﻳــﺦ أﰊ ﳏ ّﻤــﺪ اﻟﻌﺴــﻜﺮي ،اﻟﺒﺎب ،۳۸اﳊﺪﻳﺚ .۹ ٦٠
اﻟﺰﻋﺎﻣـﺔ ﱂ ﻳﻜـﻦ أﺋ ّﻤـﺔ أﻫـﻞ اﻟﺒﻴـﺖ ﳛﺼـﻠﻮن ﻋﻠﻴﻬـﺎ ﺻـﺪﻓﺔ أو ﻋﻠـﻰ أﺳـﺎس ﳎـّﺮد اﻻﻧﺘﻤـﺎء إﱃ اﻟﺮﺳـﻮل وأ ّ ـﻢ ﻣﻨﺘﺴـﺒﻮن إﱃ اﻟﺮﺳـﻮل ،ﻛـﻼّ ﺑـﻞ ﻋﻠـﻰ أﺳـﺎس اﻟﻌﻄـﺎء ،وﻟﻠـﺪور اﻹﳚـﺎﰊ اﻟـﺬي ﳝﺎرﺳﻪ اﻹﻣﺎم ﰲ اﻷُّﻣﺔ ﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ إﻗﺼﺎﺋﻪ ﻋﻦ ﻣﻨﺼﺐ اﳊﻜﻢ ،ﻓﺈ ّن اﻷُّﻣﺔ ﻻ ﲤﻨﺢ أﺣﺪاً ﻋﻠﻰ اﻷﻏﻠﺐ ﳐﺘﻠـﻒ ﰲ اﻷُّﻣﺔ ﺗﺴﺘﺸﻌﺮﻩ ﻣﻨﻪ وﺎﳛﺘواّﻞﳊﻗﻔﻠﺎﻮظﺎﻋﺑﻠﺪﻰونرﺳﻋﺎﻟﺘﻄﺎﻬءﺎ.ﺳﺨ ّﻲ اﻟﻔﺮد ﻗﻴﺎد ﺎ ﳝﺘﻠﻚ ﳎﺎ ً ،وﻻ اﻟﺰﻋﺎﻣﺔ ﺣ ّﻞ ﻣﺸﻜﻼ ﻣﻨﻪ ﰲ وﺗﺴﺘﻔﻴﺪ ﳎﺎﻻ ﺎ إ ّن ﺗﻠـﻚ اﻟﺰﻋﺎﻣـﺔ اﻟﻮاﺳـﻌﺔ اﻟـﱵﻛﺎﻧـﺖ ﻧﺘﻴﺠـﺔً ﻹﳚﺎﺑﻴـﺔ اﻷﺋ ّﻤـﺔ ﰲ اﳊﻴـﺎة اﻹﺳـﻼﻣﻴﺔ ﻫـﻲ اﻟـﱵ ﲟﺨﺘﻠـﻒ ﺗﺘﻤﺜّـﻞ ﻛﺎﻧـﺖ اﻟـﱵ وﻫـﻲ ﻋﺜﻤـﺎن، ﻋﻠـﻰ ﻗﻀـﻮا اﻟـﺬﻳﻦ اﳌﺜـﻞ اﻷﻋﻠـﻰ ﻟﻠﺜـّﻮار اﻟﺟﻌﻌﻠـﻼﻗﺎﺖ ﻟتﻌاﻠـﻟ ٍّﻲﱵ اﻷُّﻣﺔ. ﻋﺎﺷﻬﺎ اﻷﺋ ّﻤﺔ ﻣﻊ اُﻧﻈﺮوا إﱃ اﻹﻣﺎم ﻣﻮﺳﻰ ﺑـﻦ ﺟﻌﻔـﺮ ﻛﻴـﻒ ﻳﻘـﻮل ﳍـﺎرون اﻟﺮﺷـﻴﺪ :أﻧـﺖ إﻣـﺎم اﻷﺟﺴـﺎم ،وأ إﻣﺎم اﻟﻘﻠﻮب ).(١ اُﻧﻈﺮوا إﱃ ﻋﺒﺪ ﷲ ﺑﻦ اﳊﺴﻦ ﺣﲔ أراد أن ﺧﺬ اﻟﺒﻴﻌﺔ ﻻﺑﻨﻪ ﳏ ّﻤﺪﻛﻴﻒ ﻳﻘﻮل ﻟﻺﻣـﺎم اﻟﺼـﺎدق: واﻋﻠـﻢ -ﻓـﺪﻳﺘﻚ -أﻧـّﻚ إذا أﺟﺒـﺖ ﱂ ﳜﺘﻠـﻒ ﻋـﻦ اﺑـﲏ أﺣـﺪ ﻣـﻦ أﺻـﺤﺎﺑﻚ ،وﱂ ﳜﺘﻠـﻒ ﻋﻠـ ّﻲ اﺛﻨـﺎن ﻣﻦ ﻗﺮﻳﺶ وﻻ ﻣﻦ ﻏﲑﻫﻢ ).(٢ وﻻﺣﻈـﻮا ﻣـﺪى ﺛﻘـﺔّ اﻷُّﻣـﺔ ﺑﻘﻴـﺎدة أﺋﻤـﺔ أﻫـﻞ اﻟﺒﻴـﺖ ﻧﺘﻴﺠـﺔً ﳌـﺎ ﻳﻌﻴﺸـﻮن ﻣـﻦ دوٍر إﳚـﺎ ٍّﰊ ﰲ ﲪﺎﻳﺔ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ وﺗﻄﺒﻴﻖ ﻣﺼﺎﱀ اﻷُّﻣﺔ. ﻻﺣﻈـﻮا اﳌﻨﺎﺳـﺒﺔ اﻟﺸـﻬﲑة اﻟـﱵ أﻧﺸـﺄ ﻓﻴﻬـﺎ اﻟﻔـﺮزدق ﻗﺼـﻴﺪﺗﻪ ﰲ اﻹﻣـﺎم زﻳـﻦ اﻟﻌﺎﺑـﺪﻳﻦ ،ﻛﻴـﻒ أ ّن ﻫﻴﺒﺔ اﳊﻜﻢ وﺟﻼل اﻟﺴﻠﻄﺎن ﱂ ﻳﺴﺘﻄﻊ أن ﻳﺸ ّﻖ ____________________ ) (۱راﺟﻊ :إﺣﻘﺎق اﳊ ّﻖ ۵۴۳ :۱۹و .۵۴۸ ) (۲أﺻﻮل اﻟﻜﺎﰲ ،۳۵۹ :۱ﻛﺘﺎب اﳊ ّﺠﺔ ،ب ﻣﺎ ﻳﻔﺼﻞ ﺑﻪ ﺑﲔ دﻋﻮى اﶈ ّﻖ واﳌﺒﻄﻞ ،اﳊﺪﻳﺚ .۱۷ ٦١
أﺋﻃّﺮﻤﻳـﻘﺔﺎًأﻫـﻻﻞﺳﺘاﻟﺒﻼﻴـم اﺖﳊﺠﺮ ﺑ أﲔناﳉﲡـﻤﺬﻮعبااﶈﺘﳉﻤـﺸﺎﺪﻫةﲑﻣﻦﰲأﻓﳊﺮادﻈـاٍﺔﻷُوّﻣﻫـﺔﻲﰲﲢـﻣﻮّﺲﺳﻢﲟﻘاـﺪﳊـمّﺞا،ﻹﻣـﺣﺎﻴﻨمﻤاـﻟﺎﻘاﺎﺋـﺳـﺪﺘﻄوﺎﺗﻋﺸـ ّﻖﺖ ﳍﺸﺎم زﻋﺎﻣـﺔ اﻟﻄﺮﻳﻖ ﺑﲔ ﻳﺪﻳﻪ ﳓﻮ اﳊﺠﺮ ! )(١ ﻻﺣﻈﻮا ﻗ ّﺼﺔ اﳍﺠـﻮم اﻟﺸـﻌﱯ اﳍﺎﺋـﻞ اﻟـﺬي ﺗﻌـّﺮض ﻟـﻪ ﻗﺼـﺮ اﳌـﺄﻣﻮن ﻧﺘﻴﺠـﺔ ﻹﻏﻀـﺎﺑﻪ اﻹﻣـﺎم اﻟﺮﺿـﺎ ،ﻓﻠﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻠﻤﺄﻣﻮن ﻣﻨﺎص ﻣﻦ اﻻﻟﺘﺠﺎء إﱃ اﻹﻣـﺎم ﳊﻤﺎﻳﺘـﻪ ﻣـﻦ ﻏﻀـﺐ اﻷّﻣـﺔ ،ﻓﻘﺎﻟـﻪ ﻟـﻪ اﻹﻣـﺎم :اﺗِّﻖ ﷲ ﰲ اُّﻣﺔ ﳏ ّﻤﺪ ،وﻣﺎ وﻟﻴﺖ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻷﻣـﺮ وﺧﺼﺼـﺖ ﺑـﻪ ،إﻧـّﻚ ﻗـﺪ ﺿـﻴّﻌﺖ أﻣـﻮر اﳌﺴﻠﻤﲔ وﻓّﻮﺿﺖ ذﻟﻚ إﱃ ﻏﲑك ﳛﻜﻢ ﻓﻴﻪ ﺑﻐﲑ ﺣﻜﻢ ﷲ ).(٢ إ ّن ﻛـ ّﻞ ﻫـﺬﻩ اﻟﻨﻤـﺎذج واﳌﻈـﺎﻫﺮ ﻟﻠﺰﻋﺎﻣـﺔ اﻟﺸـﻌﺒﻴﺔ اﻟـﱵ ﻋﺎﺷـﻬﺎ أﺋ ّﻤـﺔ أﻫـﻞ اﻟﺒﻴـﺖ ﻋﻠـﻰ ﻃـﻮل اﳋ ّﻂ ﺗﱪﻫﻦ ﻋﻠﻰ إﳚﺎﺑﻴّﺘﻬﻢ وﺷﻌﻮر اﻷُّﻣﺔ ﺑﺪورﻫﻢ اﻟﻔﻌّﺎل ﰲ ﲪﺎﻳﺔ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ. اﻹﳚﺎﺑﻴـﺔ ﺗﺘﻜ ّﺸـﻒ ﰲ ﻋﻼﻗـﺎت اﻷﺋﻤـﺔ ﳊ ّﻜـﺎم ،وﳝﻜﻨﻨـﺎ أن ﻧﻨﻈـﺮ ﻣـﻦ زاوﻳـﺔ ﺟﺪﻳـﺪة ﻟﻨﺼـﻞ إﱃ ﻧﻔـﺲ اﻟﻨﺘﻴﺠـﺔ ﻣـﻦ زاوﻳـﺔ ﻋﻼﻗـﺎت اﻟﺰﻋﺎﻣـﺎت اﳌﻨﺤﺮﻓـﺔ ﻣـﻊ اﻷﺋ ّﻤـﺔ ﻣـﻦ أﻫـﻞ اﻟﺒﻴـﺖ ﻋﻠـﻰ ﻃـﻮل اﳋ ّﻂ ،ﻓﺈ ّن ﻫﺬﻩ اﻟﻌﻼﻗﺎت ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﳋﻮف اﻟﺸﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﻧﺸﺎط اﻷﺋﻤـﺔ ودورﻫـﻢ ﰲ اﳊﻴـﺎة اﻹﺳـﻼﻣﻴﺔ ،ﺣـّﱴ ﻳﺼـﻞ اﳋـﻮف ﻟـﺪى اﻟﺰﻋﺎﻣـﺎت اﳌﻨﺤﺮﻓـﺔ أﺣﻴـﺎ ً إﱃ درﺟـﺔ اﻟﺮﻋـﺐ ،وﻛـﺎن ﳊﺼﻮل ذﻟﻚ ﺳﺘﻤﺮار ﺗﻄﻮﻳﻖ إﻣﺎم اﻟﻮﻗﺖ ﺑﺘﺤّﻔﻆ ﺷﺪﻳﺪ ،ووﺿﻊ رﻗﺎﺑﺔ ﳏﻜﻤﺔ ﻋﻠﻴﻪ ،وﳏﺎوﻟـﺔ ﻓﺼـﻠﻪ ﻋﻦ ﻗﻮاﻋﺪﻩ اﻟﺸﻌﺒﻴّﺔ ،ﰒّ اﻟﺘﺂﻣﺮ ﻋﻠﻰ ﺣﻴﺎﺗﻪ ،ووﻓﺎﺗﻪ ﺷﻬﻴﺪاً ﺑﻘﺼﺪ اﻟﺘﺨﻠّﺺ ﻣﻦ ﺧﻄﺮﻩ. ____________________ ) (١رﺟﺎل اﻟﻜﺸﻲ ،۱۳۲ - ۱۲۹ :واﳌﻨﺎﻗﺐ .۱۶۹ :۴ ) (٢ﻋﻴﻮن أﺧﺒﺎر اﻟﺮﺿﺎ ،۱۶۰ :۲اﻟﺒﺎب ،۴۰اﳊﺪﻳﺚ .۲۴ ٦٢
ﻓﻬﻞ ﻛﺎن ﻛ ّﻞ ﻫﺬا ﻣﻦ اﻟﺼﺪﻓﺔ أو ﳎّﺮد ﺗﺴﻠﻴٍﺔ ﺗﺘّﺨﺬ اﻟﺰﻋﺎﻣﺎت اﳌﻨﺤﺮﻓﺔ ﻛ ّﻞ ﻫـﺬﻩ اﻹﺟـﺮاءات ﲡـﺎﻩ أﺋ ّﻤﺔ أﻫـﻞ اﻟﺒﻴـﺖ ﻟـﺮﻏﻢ ﻣـﻦ أّـﺎ ﺗﻜﻠّﻔﻬـﺎ ﲦﻨـﺎً ﻟﻐـﺎً ﻣـﻦ ﲰﻌﺘﻬـﺎ وﻛﺮاﻣﺘﻬـﺎ ،أو ﻛـﺎن ذﻟـﻚ ﻧﺘﻴﺠـﺔً ﻟﺸـﻌﻮر اﳊ ّﻜـﺎم اﳌﻨﺤـﺮﻓﲔ ﲞﻄـﻮرة اﻟـﺪور اﻹﳚـﺎﰊ اﻟـﺬي ﳝﺎرﺳـﻪ أﺋﻤـﺔ أﻫـﻞ اﻟﺒﻴـﺖ ،وإﻻّ ﻓﻠﻤـﺎذا ﻛ ّﻞ ﻫﺬا اﻟﻘﺘﻞ واﻟﺘﺸﺮﻳﺪ أو اﻟﻨﻔﻲ واﻟﺴﺠﻦ ؟ ! اﻷﺋ ّﻤﺔ وﻣﺴﺄﻟﺔ ﺗﺴﻠّﻢ اﳊﻜﻢ: ﻫـﻞﻛـﺎن اﻷﺋ ّﻤـﺔ ﳛـﺎوﻟﻮن ﺗﺴـﻠّﻢ اﳊﻜـﻢ ؟ ﻳﺒﻘـﻰ ﺳـﺆال واﺣـﺪ ﻗـﺪ ﻳﺘﺒـﺎدر إﱃ اﻷذﻫـﺎن ،وﻫـﻮ :أ ّن إﳚﺎﺑﻴﺔ اﻷﺋ ّﻤﺔ ﻫﻞ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺼﻞ إﱃ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻌﻤﻞ ﻟﺘﺴﻠّﻢ زﻣـﺎم اﳊﻜـﻢ ﻣـﻦ اﻟﺰﻋﺎﻣـﺎت اﳌﻨﺤﺮﻓـﺔ، أو ﺗﻘﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﲪﺎﻳﺔ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ وﻣﺼﺎﱀ اﻷّﻣﺔ ﻣﻦ اﻟﱰّدي إﱃ اﳍﺎوﻳﺔ وﺗﻔﺎﻗﻢ اﻻﳓﺮاف ؟ واﳉـﻮاب ﻋـﻦ ﻫـﺬا اﻟﺴـﺆال ﳛﺘـﺎج إﱃ ﺗﻮ ّﺳـﻊ ﰲ اﳊـﺪﻳﺚ ﻳﻀـﻴﻖ ﻋﻨـﻪ ﻫـﺬا ا ـﺎل ،ﻏـﲑ أ ّن اﻟﻔﻜـﺮة اﻷﺳﺎﺳـﻴﺔ ﰲ اﳉـﻮاب اﳌﺴﺘﺨﻠﺼـﺔ ﻣـﻦ ﺑﻌـﺾ اﻟﻨﺼـﻮص واﻷﺣﺎدﻳـﺚ اﳌﺘﻌـ ّﺪدة :أ ّن اﻷﺋﻤـﺔ ﱂ ﻳﻜﻮﻧـﻮا ﻳﺮون اﻟﻈﻬﻮر ﻟﺴﻴﻒ واﻻﻧﺘﺼﺎر اﳌﺴﻠّﺢ أﻣﺮاًﻛﺎﻓﻴﺎً ﻹﻗﺎﻣـﺔ دﻋـﺎﺋﻢ اﳊﻜـﻢ اﻟﺼـﺎﱀ ﻋﻠـﻰ ﻳـﺪ اﻹﻣـﺎم ،إ ّن إﻗﺎﻣﺔ ﻫﺬا اﳊﻜﻢ وﺗﺮﺳﻴﺨﻪ ﻻ ﻳﺘﻮﻗّﻒ ﰲ ﻧﻈﺮﻫﻢ ﻋﻠﻰ ﳎّﺮد ﻴﺌﺔ ﲪﻠﺔ ﻋﺴﻜﺮﻳﺔ ،ﺑﻞ ﻳﺘﻮﻗّﻒ ﻗﺒﻞ ذﻟـﻚ ﻋﻠـﻰ إﻋـﺪاد ﺟـﻴﺶ ﻋﻘﺎﺋـﺪي ﻳـﺆﻣﻦ ﻹﻣـﺎم وﻋﺼـﻤﺘﻪ إﳝـﺎ ً ﻣﻄﻠﻘـﺎً ،وﻳﻌﺒّـﺊ أﻫﺪاﻓـﻪ اﻟﻜﺒـﲑة ،وﻳـﺪﻋﻢ ﲣﻄﻴﻄﻪ ﰲ ﳎﺎل اﳊﻜﻢ ،وﳛﺪث ﻣﺎ ﳛّﻘﻖ ﻟﻼُّﻣﺔ ﻣﻦ ﻣﻘﺎﺻﺪ. وﻛﻠّﻜـﻢ ﺗﻌﻠﻤـﻮن ﻗ ّﺼـﺔ اﳋﺮاﺳـﺎﱐ اﻟـﺬي ﺟـﺎء إﱃ اﻹﻣـﺎم اﻟﺼـﺎدق ﻳﻌـﺮض ﻋﻠﻴـﻪ ﺗﺒـّﲏ ﺣﺮﻛـﺔ اﻟﺜﻮار اﳋﺮاﺳﺎﻧﻴﲔ ،ﻓﺎﺳﺘﻤﻬﻞ ﺟﻮاﺑﻪ ،ﰒّ أﻣﺮﻩ ﺑﺪﺧﻮل اﻟﺘﻨّﻮر ، ٦٣
ﻓــﺮﻓﺾ ،وﺟــﺎء أﺑــﻮ ﺑﺼــﲑ ﻓــﺄﻣﺮﻩ ﺑــﺬﻟﻚ ﻓﺴــﺎرع إﱃ اﻻﻣﺘﺜــﺎل ،ﻓﺎﻟﺘﻔــﺖ اﻹﻣــﺎم إﱃ اﳋﺮاﺳــﺎﱐ وﺳـﺄﻟﻪ :ﻛـﻢ ﻟﻜـﻢ ﻣـﻦ أﻣﺜـﺎل أﰊ ﺑﺼـﲑ ؟ وﻛـﺎن ﻫـﺬا ﻫـﻮ اﻟـﺮّد اﻟﻌﻤﻠـﻲ ﻣـﻦ اﻹﻣـﺎم ﻋﻠـﻰ اﻗـﱰاح اﳋﺮاﺳﺎﱐ ).(١ وﻋﻠـﻰ ﻫـﺬا اﻷﺳـﺎس ﺗﺴـﻠّﻢ أﻣـﲑ اﳌـﺆﻣﻨﲔ زﻣـﺎم اﳊﻜـﻢ ﰲ وﻗـﺖ ﺗـﻮﻓّﺮ ذﻟـﻚ اﳉـﻴﺶ اﻟﻌﻘﺎﺋـﺪي، ﻣﺘﻤﺜّﻼً ﰲ ﺻﻔﻮة ﻣﻦ اﳌﻬﺎﺟﺮﻳﻦ واﻷﻧﺼﺎر واﻟﺘﺎﺑﻌﲔ. رﻋﺎﻳﺔ اﻟﺸﻴﻌﺔ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ اﻟﻜﺘﻠﺔ اﳌﺆﻣﻨﺔ ﻹﻣﺎم: ﻋﺮﻓﻨـﺎ أ ّن اﻟـﺪور اﳌﺸـﱰك اﻟـﺬي ﻛـﺎن اﻷﺋ ّﻤـﺔ ﳝﺎرﺳـﻮﻧﻪ ﰲ ﺣﻴـﺎ ﻢ اﻹﺳـﻼﻣﻴﺔ ﻛـﺪور اﻟﻮﻗـﻮف دون اﳌﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻻﳓﺮاف وإﻣﺴﺎك اﳌﻘﻴﺎس ﻋﻦ اﻟﱰّدي إﱃ اﳊﻀﻴﺾ واﳍﺒﻮط إﱃ اﳍﺎوﻳﺔ. ﻏﲑ أ ّن ﻫﺬا ﰲ اﳊﻘﻴﻘﺔ ﻳﻌّﱪ ﻋﻦ ﺑﻌﺾ ﻣﻼﻣﺢ اﻟﺪور اﳌﺸﱰك ،وﻫﻨﺎك ﺟﺎﻧﺐ آﺧـﺮ ﰲ ﻫـﺬا اﻟـﺪور اﳌﺸﱰك ﱂ ﻧﺸﺮ إﻟﻴﻪ ﺣّﱴ اﻵن ،وﻫﻮ ﺟﺎﻧﺐ اﻹﺷﺮاف اﳌﺒﺎﺷﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺸـﻴﻌﺔ ﺑﻮﺻـﻔﻬﻢ اﳉﻤﺎﻋـﺔ اﳌﺮﺗﺒﻄـﺔ ﻣـﻊ اﻹﻣـﺎم واﻟﺘﺨﻄـﻴﻂ ﻟﺴـﻠﻮﻛﻬﺎ ،وﲪﺎﻳـﺔ وﺟﻮدﻫـﺎ ،وﺗﻨﻤﻴـﺔ وﻋﻴﻬـﺎ ،وإﻣـﺪادﻫﺎ ﺑﻜـ ّﻞ اﻷﺳـﺎﻟﻴﺐ اﻟـﱵ ﺗﺴــﺎﻋﺪ ﻋﻠــﻰ ﺻــﻤﻮدﻫﺎ ﰲ اﶈــﻦ ،وارﺗﻔﺎﻋﻬــﺎ إﱃ ﻣﺴــﺘﻮى اﳊﺎﺟــﺔ اﻹﺳــﻼﻣﻴﺔ إﱃ ﺟــﻴﺶ ﻋﻘﺎﺋــﺪي وﻃﻠﻴﻌﺔ واﻋﻴﺔ. وﻟﺪﻳﻨﺎ ﻋﺪد ﻛﺒﲑ ﻣﻦ اﻟﺸﻮاﻫﺪ ﻣﻦ ﺣﻴـﺎة اﻷﺋ ّﻤـﺔ ﻋﻠـﻰ أّـﻢﻛـﺎﻧﻮا ﻳﺒﺎﺷـﺮون ﻧﺸـﺎﻃﺎً واﺳـﻌﺎً ﰲ ﳎﺎل اﻹﺷـﺮاف ﻋﻠـﻰ اﻟﻜﺘﻠـﺔ اﳌﺮﺗﺒﻄـﺔ ـﻢ واﳌﺆﻣﻨـﺔ ﻣـﺎﻣﺘﻬﻢ ،ﺣـّﱴ أ ّن اﻹﺷـﺮاف ﻛـﺎن ﻳﺼـﻞ أﺣﻴـﺎ ً إﱃ درﺟﺔ ﺗﻨﻈﻴﻢ أﺳﺎﻟﻴﺐ ﳊ ّﻞ ____________________ ) (۱ﻣﻨﺎﻗـﺐ آل أﰊ ﻃﺎﻟـﺐ ،۲۳۷ :۴وﻋﻨـﻪ ﰲ ﲝـﺎر اﻷﻧـﻮار ،۱۲۳ :۴۷رﻳـﺦ اﻹﻣـﺎم اﻟﺼـﺎدق ،اﻟﺒـﺎب ،۵ب ﻣﻌﺠﺰاﺗﻪ واﺳﺘﺠﺎﺑﺔ دﻋﻮاﺗﻪ ،اﳊﺪﻳﺚ .۱۷۲ ٦٤
اﳋﻼﻓﺎت اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺑﲔ أﻓﺮاد اﻟﻜﺘﻠﺔ ،ورﺻﺪ اﻷﻣﻮال ﳍﺎ ،ﻛﻤﺎ ﳛ ّﺪث ﺑـﺬﻟﻚ اﳌﻌﻠّـﻰ اﺑـﻦ ﺧﻨـﻴﺲ ﻋـﻦ اﻹﻣﺎم اﻟﺼﺎدق ).(١ وﻋﻠـﻰ ﻫـﺬا اﻷﺳـﺎس ﳝﻜﻨﻨـﺎ أن ﻧﻔﻬـﻢ ﻋـﺪداً ﻣـﻦ اﻟﻨﺼـﻮص ﺑﻮﺻـﻔﻬﺎ ﺗﻌﻠـﻴﻢ أﺳـﺎﻟﻴﺐ ﻟﻠﺠﻤﺎﻋـﺔ اﻟـﱵ ﳝّﺮون ﺎ. ﳌﻼﺑﺴﺎت اﻟﱵ ﻇﺮوف اﻟﺸﻴﻌﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﻠﻮﻛﻬﺎ ،وﻗﺪ ﲣﺘﻠﻒ اﻷﺳﺎﻟﻴﺐ ﺧﺘﻼف ﻳﺸﺮﻓﻮن ﰲ دراﺳـﺎت أن ﻧـﱰّﰉ ﻋﻠﻴﻬـﺎ ر ـﺎ واﻟـﱵ ﳚـﺐ اﻹﺧﻮة ،ﻣﺎ ﻗ ّﺪﻣﺘﻪ ﻛﺎ ٍف ﻟﻠﻨﻘﺎط اﻟـﱵ أﺣﺒﺒـﺖ إ أﻳّﻬﺎ اﻷﺋ ّﻤﺔ . وﺧﺘﺎﻣــﺎً ﻻ ﺑــ ّﺪ أن ﻳﻜــﻮن ﻫــﺬا ﻣﻨﻄﻠﻘــﺎً ﻟﻠﺒــﺎﺣﺜﲔ ﰲ ﺣﻴــﺎة أﻫــﻞ اﻟﺒﻴــﺖ .وأﺑﺘﻬــﻞ إﱃ ﷲ ﺳـﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌـﺎﱃ أن ﳚﻌﻠﻨـﺎ ﲨﻴﻌـﺎً ﻣـﻦ اﻟﺘـﺎﺑﻌﲔ واﻟﺴـﺎﺋﺮﻳﻦ ﻋﻠــﻰ ﻫـﺪاﻫﻢ ،واﳌﻠﺘـﺰﻣﲔ ﺑﻜـ ّﻞ ﺣــﺪودﻫﻢ واﳌﻄﺒّﻘﲔ ﻷواﻣﺮﻫﻢ ،واﻟﺜﺎﺋﺮﻳﻦ ﻹﻋﺎدة اﻹﺳﻼم ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺮح اﻟﻮﺟﻮد. ____________________ ) (۱راﺟﻊ :أﺻﻮل اﻟﻜﺎﰲ ،۲۰۹ :۲ﻛﺘـﺎب اﻹﳝـﺎن واﻟﻜﻔـﺮ ،ب اﻹﺻـﻼح ﺑـﲔ اﻟﻨـﺎس ،اﳊـﺪﻳﺚ ۳و ،۴واﻟـﺮاوي ﻓﻴﻬﻤـﺎ ﻫﻮ اﳌﻔﻀﻞ وﻟﻴﺲ اﳌﻌﻠّﻰ. ٦٥
٦٦
اﻷُّﻣﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴّﺔ: ﻃﺎﻗﺔ ﺣﺮارﻳّﺔ أم وﻋﻲ ﻣﺴﺘﻨﲑ ؟ ٦٧
٦٨
﷽ ﻗﻠﻨـﺎ :إﻧّـﻪ ﺣﻴﻨﻤـﺎ وﺟـﺪ اﻻﳓـﺮاف ﺑﻌـﺪ وﻓـﺎة اﻟﺮﺳـﻮل اﻷﻋﻈـﻢ ﱂ ﺗﻜـﻦ اﻷُّﻣـﺔ ﻋﻠـﻰ ﻣﺴـﺘﻮى ﻫـﺬا اﳊـﺎﻛﻢ اﳌﻨﺤـﺮف ﺑﻄﺒﻴﻌﺘـﻪ اﺑﳌﰲﻮﺮاﻗﺻﺒـﺳـﺔﻔﻠ،ﻬﻮﺎاٍكاﻷُّﻣﻣﻨﺔﻤ ـﺑﺤـﻮﻮﺮﻋﺻﻲفﻔ؛إﻬﺎﱃﻷا ّندرﻤﻛـﺟ ـﻮﻮﺔﻋناﻟﻲاﻌﻷﱂُّﻣﺼـﺗـﺔﻤﻜﺔﻋﻦ،ﻠـ أﻗﻰﺎديﻣرإًةذﺴـاﺘﻋ أﻠﻮﻰىﺻ ـﺒﻫـﺿﺤﺬﻤاﺎﺖانﻟاﻀﻋﻷـُّﻣﺪﻤـﺎمﺔنوﻛﻗـإﺎُّّﳕﻣﻮــﺎعٍﺔ ﻳﻜـﻮن ﻓﻴﻤـﺎ إذا وﺻـﻠﺖ اﻷُّﻣـﺔ ﺗﻌـﻴﺶ اﻹﺳـﻼم ﻋﻴﺸـﺎًﻛـﺎﻣﻼً اﻷُّﻣـﺔ ﻳﻜـﻦ ﻟـﺮﻏﻢ ﻣـﻦ أ ّن ﻣـﺎ ﱂ ﺣﻴﺎ ـﺎ .وﻫـﺬا ﳐﺘﻠـﻒ ﳎـﺎﻻت ﻣﺴﺘﻨﲑاً ﻣﻨﻌﻄﻔـﺎً ﻋﻠـﻰ ﻋﻤﻴﻘﺎً ﻣﺴﺘﻮﻋﺒﺎً اﻵن اﻹﻃﻼق .ﻳﻌـﲏ ﳓـﻦ ﻋﻠﻰ رﻳﺦ اﻹﻧﺴﺎن ﳕﻮذ ٍج ﻟﻼُّﻣﺔ ﰲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺸ ّﻜﻞ أﻓﻀﻞ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ وﻗﺘﺌ ٍﺬ ﻻ ﻧﻌﺮف ﰲ رﻳﺦ اﻹﻧﺴﺎن أّ ﺎ ﺑﻠﻐﺖ ﰲ ﻣﻨﺎﻗﺒﻬﺎ وﻓﻀﺎﺋﻠﻬﺎ وﻗّﻮة إراد ـﺎ وﺷـﺠﺎﻋﺘﻬﺎ وإﳝﺎ ـﺎ وﺻـﱪﻫﺎ وﺟﻼﻟﺘﻬﺎ وﺗﻀﺤﻴﺘﻬﺎ ،ﻣﺎ ﺑﻠﻐﺘﻪ ﻫﺬﻩ اﻷُّﻣﺔ اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﺧﻠّﻔﻬﺎ رﺳﻮل ﷲ . اﻟﺬي ﻳﻘﺮأ رﻳـﺦ ﻫـﺆﻻء اﻟﻨـﺎس ،ﻫـﺬﻩ اﳊﻔﻨـﺔ ،اﻟﻨـﺎس اﻟـﱵ ﻋﺎﺷـﺖ ﻣـﻊ اﻟﻨـ ّﱯ ،ﺗﺒﻬـﺮﻩ أﻧـﻮارﻫﻢ، ﱂواﻟﺗﻨﻔﻜــﺴـﻦﻲﻧﺘ،ﻴﺠـﰲـﺔﳎـوﺎﻋــل اﻲﳉﻣﻬﻌـﺎّﻤـدـٍﻖواﻟﺗﺘﻌﻴﻀـﺸــﺤﻪﻴﺔاﻷُﰲّﻣــﺔﺳـﺒﻴﰲﻞأﺑاﻟﻌﺎﻌدﻘﻴـﻫــﺪﺎةا،ﻟﻔوﻟﻜﺮﻜﻳـّــّﺔﻦ واﻟﻔﻜـﺮي ـﺎل اﻟﺮوﺣـﻲ أﻧـﻮارﻫﻢ ﰲ ا ﻟﻠﻤﻄــﺎﻟﻊ اﻟــﱵ ﺗﻈﻬــﺮ ﻫــﺬﻩ اﻷﻧــﻮار واﻟﻨﻔﺴﻴّﺔ ،ﺑﻞ ﻛﺎﻧﺖ ﻧﺘﻴﺠﺔ ٦٩
ﻋﻠﻴﻬـﺎ ،ﻫـﺬﻩ اﻷُّﻣـﺔ اﻟـﱵ ﻋﺎﺷـﺖ اﻷﻋﻈـﻢ اﻷُّﻣﺔ ﺷـﻌﺎع اﻟﻨـ ّﱯ ﻣﻃﺎﻊﻗأٍﺔﻛﺣﻤﺮاﻞرﻳّﻗٍﺔﺎﺋﻫٍﺪﺎﺋﻟﻠﻠٍﺔﺒ اﺸﻛﺮﻳﺘّﺔﺴاﺒﺘﻛﺘﻬﺎﺴﺒﻫﺬﺖﻩ درﺟﺔًﻛﺒﲑًة ﻣﻦ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﳊﺮارﻳّﺔ. اﻟﻘﺎﺋﺪ ﻣﻦ ﻫﺬا ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻹﺷﻌﺎع ﻫﺬﻩ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﳊﺮارﻳّﺔ ﺻﻨﻌﺖ اﳌﻌﺎﺟﺰ ،وﺻﻨﻌﺖ اﻟﺒﻄﻮﻻت ،وﺻﻨﻌﺖ اﻟﺘﻀـﺤﻴﺎت اﻟـﱵ ﻳﻘـ ّﻞ ﻧﻈﲑﻫـﺎ ﰲ رﻳﺦ اﻹﻧﺴﺎن ،وﻻ أرﻳﺪ اﻵن أن أﻋﻄﻲ اﻷرﻗﺎم. رﺳـﻮل ﷲ ، ﰲأ م اﻷﻋﻈـﻢ وﻗـﻮاﺋﻢ روﺣﻴّـﺔ ا ﺎﻫـﺪﻳﻦ ﻏـﺰوات اﻟﺮﺳـﻮل ﻃﺒﻌـﺎً وﲟﺮاﺟﻌـﺔ وإﻣﻜﺎﻧﻴّﺎﺗـﻪ ،ﻫــﺬﻩ ﻃﺎﻗﺎﺗــﻪ وﻟﻠﻌﻘﻴــﺪة ،إﻳﺜــﺎرﻩ ﺑﻜــ ّﻞ وﺟـﻮدﻩ ،ﺑﻜــ ّﻞ ﻣــﻨﻬﻢ ﻟﻺﺳـﻼم وإﻳﺜـﺎر ﻛـ ّﻞ واﺣــ ٍﺪ اﻷُّﻣـﺔ ﺟﻌﻠـﺖ ـﱵ اﺑﻟﻜﻄﺎّﻞﻗـﺔﺷاﺠﳊﺎﺮاﻋرﻳٍّـﺔﺔوﺑﻫـﻄﻲﻮﻟٍﺔاﻟ ﻫـﺬﻩ اﻟﻄﺎﻗـﺔ اﳊﺮارﻳّـﺔ ،ﻫـﺬﻩ اﻟﻨﻤـﺎذج اﻟﺮﻓﻴﻌـﺔ إّﳕـﺎ ﻫـﻲ ﻧﺘـﺎﺋﺞ أرﺟـﺎء ﳐﺘﻠﻒ إﱃ ،وﲢﻤﻞ ﻟﻮاء اﻹﺳﻼم اﻹﺳﻼﻣﻴّﺔ ﺗﻌﻴﺶ أ م رﺳﻮل ﷲ اﻷرض واﻟﻌﺎﱂ ،ﻫﺬﻩ ﻫﻲ ﻃﺎﻗﺔ ﺣﺮارﻳﺔ وﻟﻴﺴﺖ وﻋﻴﺎً. اﻟﻔﺮق ﺑﲔ اﻟﻮﻋﻲ واﻟﻄﺎﻗﺔ اﳊﺮارﻳّﺔ: وﳚﺐ أن ﻧﻔّﺮق وﳕﻴّﺰ ﺑﲔ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﳊﺮارﻳﺔ واﻟﻮﻋﻲ: اﻟـﻮﻋﻲ ﻋﺒـﺎرة ﻋـﻦ اﻟﻔﻬـﻢ اﻟﻔﻌّـﺎل اﻹﳚـﺎﰊ اﶈـّﺮك ﻟﻺﺳـﻼم ﰲ ﻧﻔـﺲ اﻷُّﻣـﺔ ،اﻟـﺬي ﻳﺴﺘﺄﺻـﻞ ﺟـﺬور اﳌﻔـﺎﻫﻴﻢ اﳉﺎﻫﻠﻴـﺔ اﻟﺴـﺎﺑﻘﺔ اﺳﺘﺌﺼـﺎﻻًﻛـﺎﻣﻼً ،وﳛـّﻮل ﲤـﺎم ﻣﺮاﻓـﻖ اﻹﻧﺴـﺎن ،ﳛّﻮﳍـﺎ ﻣـﻦ ﻣﺮاﻓـﻖ ﻟﻠﻔﻜـﺮ اﳉــﺎﻫﻠﻲ ،ﻟﻠﻌﺎﺻــﻤﺔ اﳉﺎﻫﻠﻴــﺔ ،ﻟﻠــﺬوق اﳉــﺎﻫﻠﻲ إﱃ ﻣﺮاﻓــﻖ اﻟﻔﻜــﺮ اﻹﺳــﻼﻣﻲ واﻟﻌﺎﺻــﻤﺔ اﻹﺳــﻼﻣﻴّﺔ واﻟﺬوق اﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﻫﺬا ﻫﻮ اﻟﻮﻋﻲ. أّﻣﺎ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﳊﺮارﻳﺔ ﻓﻬﻲ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﺗﻮّﻫ ِﺞ ﻋﺎﻃﻔ ٍّﻲ ﺣﺎّر ،ﺷﻌﻮر ﻳﺒﻠﻎ ﰲ ٧٠
ﻣﺜـﻞ ﲢﻤـﻞ اﻟـﱵ اﻷﻣـﺔ ﺑـﲔ ﳝﻴّـﺰ ﻓـﻼ ﲝﻴـﺚ ﳜـﺘﻠﻂ اﻷﻣـﺮ اﻟـﻮﻋﻲ ﰲ ﻇـﻮاﻫﺮﻩ، ﻣـﺎ ﻳﺒﻠﻐـﻪ ﻣﻈـﺎﻫﺮﻩ ﻧﻔـﺲ إﻻّ ﺑﻌﺪ اﻟﺘﺒ ّﺼﺮ. ﺗﺘﻤﺘّﻊ ﺑﺬﻟﻚ اﻟﻮﻋﻲ وﺑﲔ اُّﻣٍﺔ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﳊﺮارﻳﺔ إﻻّ أ ّن اﻟﻔـﺮق ﺑـﲔ اﻷّﻣـﺔ اﻟﻮاﻋﻴـﺔ واﻷّﻣـﺔ اﻟـﱵ ﲢﻤـﻞ اﻟﻄﺎﻗـﺔ اﳊﺮارﻳـﺔ ﻓـﺮق ﻛﺒـﲑ ،ﻓـﺈ ّن اﻟﻄﺎﻗـﺔ اﳊﺮارﻳـﺔ ﺑﻄﺒﻴﻌﺘﻬـﺎ ﺗﺘﻨـﺎﻗﺺ ﻟﺘـﺪرﻳﺞ ﻻﺑﺘﻌـﺎد ﻋـﻦ ﻣﺮﻛـﺰ ﻫـﺬﻩ اﻟﻄﺎﻗـﺔ اﳊﺮارﻳـﺔ .اﳌﺮﻛـﺰ اﻟـﺬي ﻳـﺆّﻣﻦ اﻷُّﻣـﺔ ـﺬﻩ اﻟﻄﺎﻗـﺔ ﻫـﻮ ﺷـﺨﺺ اﻟﻘﺎﺋـﺪ ﻋﻠﻴـﻪ أﻓﻀـﻞ اﻟﺼـﻼة واﻟﺴـﻼم ،وﻛـﺎن ﺑﻄﺒﻴﻌـﺔ اﳊـﺎل أن ﻳﻜـﻮن ﺣـﺎل اﻷُّﻣـﺔ ﺑﻌﺪﻩ ﰲ ﺗﻨـﺎﻗ ٍﺾ ﻣﺴـﺘﻤّﺮ ،ﺣـﺎل اﻟﺸـﺨﺺ اﻟـﺬي ﻳﺘـﺰّود ﻣـﻦ اﻟﻄﺎﻗـﺔ اﳊﺮارﻳـﺔ ﻟﻠﺸـﻤﺲ أو اﻟﻨـﺎر ﰒّ ﻳﺒﺘﻌـﺪ ﻋﻦ اﻟﺸﻤﺲ أو اﻟﻨﺎر ،ﻓﺈ ّن ﻫﺬﻩ اﳊﺎﻟﺔ ﺗﺘﻨﺎﻗﺺ ﻋﻨﺪﻩ ﺳﺘﻤﺮار .وﻫﻜﺬا ﻛﺎن. رﻳﺦ اﻹﺳﻼم ﻳﺜﺒﺖ أ ّن اﻷُّﻣﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﰲ ﺣﺎﻟﺔ ﺗﻨﺎﻗ ٍﺺ ﻣﺴﺘﻤٍّﺮ ﻣﻦ ﻫـﺬﻩ اﻟﻄﺎﻗـﺔ اﳊﺮارﻳـﺔ اﻟﱵ ﺧﻠّﻔﻬﺎ رﺳﻮل ﷲ ﰲ أﻣﺘﻪ ﺣﲔ وﻓﺎﺗﻪ. ﲞﻼف اﻟﻮﻋﻲ ،ﻓﺈ ّن اﻟـﻮﻋﻲ ﺑـﺬﻟﻚ اﳌﻌـﲎ اﻟﺸـﺎﻣﻞ واﳌﺮﻛـﺰ اﳌﺴﺘﺄﺻـﻞ ﳉـﺬور ﻣـﺎ ﻗﺒﻠـﻪ ،واﻟـﺬي ﳜﻠـﻖ واﻻﺳـﺘﻘﺮار ،ﺑـﻞ اﻟﺘﻌ ّﻤـﻖ ﻋﻠـﻰ ﻣـّﺮ ﻣـﻦ ﻃﺒﻴﻌﺘـﻪ اﻟﺜﺒـﺎت اﳌﺴـﺒﻘﺔ ،ذﻟـﻚ اﻟـﻮﻋﻲ ﲨﻴـﻊ اﳌﻔـﺎﻫﻴﻢ واﻷﻓﻜـﺎر ﺟﺪﻳـﺪًة وﻓﻘـﺎً ﳋـ ّﻂ اﻟﻌﻤـﻞ وﳋـ ّﻂ ﻟﺘـﺪرﻳﺞ ﺧﻴـﺎﻻ ٍت ﺑﻄﺒﻴﻌﺘـﻪ ﳝﺘـ ّﺪ وﳜﻠـﻖ ﻟـﻪ اﻟـﺰﻣﻦ؛ ﻷ ّن ﻫـﺬا اﻟـﻮﻋﻲ اﻷﺣـﺪاث ،ﻓـﺈ ّن اﻷُّﻣـﺔ اﻟﻮاﻋﻴـﺔ ﻫـﻲ اُّﻣـﺔ ﺗﺴـﲑ ﰲ ﻃﺮﻳـﻖ اﻟﺘﻌ ّﻤـﻖ ﰲ وﻋﻴﻬـﺎ ،واﻷُّﻣـﺔ اﻟـﱵ ﲢﻤـﻞ ﻃﺎﻗـﺔً ﺣﺮارﻳـًﺔ ﻫﺎﺋﻠـﺔً ﻫـﻲ اﻷُّﻣـﺔ اﻟـﱵ ﻟـﻮ ﺑﻘﻴـﺖ ﻫـﻲ وﺣـﺪﻫﺎ ﻣـﻊ ﻫـﺬﻩ اﻟﻄﺎﻗـﺔ اﳊﺮارﻳـﺔ ﻓﺴـﻮف ﺗﺘﻨـﺎﻗﺺ ﻫـﺬﻩ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﳊﺮارﻳﺔ ﻻﺳﺘﻤﺮار. اﳊﺮارﻳـﺔ ﻓﺘﻬّﺰوﻫاـﻟﺎﻔاﺮﻻقﻧ اﻔﻌـﻵﺎﺧﻻﺮ:تأّ ،نا اﻻﻟﻧﻮﻔﻋﻌـﺎﻲلﻻﺣﻴﻨﺌّـﺰﻩٍﺬاﻳﻻﻔﻧﻔّﺠـﻌﺎﺮ اﻻﳌتﺸـ،ﺎ اﻋﻟﺮﻮاﻋﻟﺒﺎﻲﻃﻨﳚﻴّـﺔﻤﺪاﳌأﻣـﺴـﺎﺘمﱰةا،ﻻﻧﻳـﻔﱪﻌـزﺎﻻﻣـﺎتو،راأءّﻣـاﺎﻟ اﻟﺴـﺘﻄﺎﺎﻗرـ،ﺔ ﻣـﺎ وراء ﺳـﻄﺢ اﻟـﻨﻔﺲ ،ﻛـﺄ ّن اﻟﻄﺎﻗـﺔ اﳊﺮارﻳـﺔ ﻃﺎﻗـﺔ ﺗـﱪز ﻋﻠـﻰ ﺳـﻄﺢ اﻟـﻨﻔﺲ اﻟﺒﺸـﺮﻳﺔ ،وأّﻣـﺎ اﻟـﻮﻋﻲ ﻓﻬـﻮ ﺷـﻲء ﻳﺜﺒﺖ ﻣﻊ ٧١
أﻋﻤـﺎق ﻫـﺬﻩ اﻟـﻨﻔﺲ اﻟﺒﺸـﺮﻳﺔ ،ﻓﻔـﻲ ﺣﺎﻟـﺔ اﻻﻧﻔﻌـﺎل ﺳـﻮاء ﻛـﺎن اﻻﻧﻔﻌـﺎل اﻧﻔﻌـﺎﻻً ﻣﻌﺎﻛﺴـﺎً ﻳﻌـﲏ ﺣـﺰ ً وأﳌـﺎً ،أو ﻛـﺎن اﻧﻔﻌـﺎﻻً ﻣﻮاﻓﻘـﺎً ﻓﺮﺣـﺎً وﻟـ ّﺬًة واﻧﺘﺼـﺎراً ،ﰲ ﻛـﻼ اﳊـﺎﻟﲔ ﻳﺘﻔ ّﺠـﺮ ﻣـﺎ وراء اﻟﺴـﺘﺎر ،وﻳـﱪز ﻣـﺎ ﻛﺎن ﻛﺎﻣﻨﺎً وراء اﻟﺴﺘﺎر ،ﻫﺬﻩ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﳊﺮارﻳﺔ ﰲ اﻷُّﻣﺔ اﳌﺰّودة ﺬﻩ اﻟﻄﺎﻗﺔ. أّﻣـﺎ اﻷُّﻣـﺔ اﻟﻮاﻋﻴـﺔ ﻓﻮﻋﻴﻬـﺎ ﳚﻤـﺪ وﻳﺘﻘـّﻮى ﻋﻠـﻰ ﻣـّﺮ اﻟـﺰﻣﻦ ،ﻛﻠّﻤـﺎ ﻣـّﺮ ـﺎ اﻧﻔﻌـﺎل ﺟﺪﻳـﺪ أ ّﻛـﺪت ﺷﺨﺼـﻴّﺘﻬﺎ اﻟﻮاﻋﻴـﺔ ﰲ ﻣﻘﺎﺑـﻞ ﻫـﺬا اﻻﻧﻔﻌـﺎل ،وﺻـﺒﻐﺘﻪ ﲟـﺎ ﻳﺘﻄﻠّﺒـﻪ وﻋﻴﻬـﺎ ﻣـﻦ ﻣﻮﻗـﻒ ،ﻫـﺬا ﻫـﻮ اﻟﻔـﺮق ﺑﲔ اﻟﻮﻋﻲ واﻟﻄﺎﻗﺔ اﳊﺮارﻳﺔ. اﻷُّﻣﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﲢﻤﻞ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﳊﺮارﻳّﺔ ﻻ اﻟﻮﻋﻲ اﳌﺴﺘﻨﲑ: ﳓـﻦ ﻧـ ّﺪﻋﻲ :أ ّن اﻷُّﻣـﺔ اﻹﺳـﻼﻣﻴﺔ اﻟﻌﻈﻴﻤـﺔ اﻟـﱵ ﺧﻠّﻔﻬـﺎ اﻟﻘﺎﺋـﺪ اﻟﻌﻈـﻴﻢ واﻟـﱵ ﺿـﺮﺑﺖ أﻋﻈـﻢ ﻣﺜـٍﻞ ﻟﻸّﻣـﺔ ﰲ رﻳـﺦ اﻹﻧﺴـﺎن إﱃ ﻳﻮﻣﻨـﺎ ﻫـﺬا ،ﻫـﺬﻩ اﻷُّﻣـﺔ ﻛﺎﻧـﺖ ﲢﻤـﻞ ﻃﺎﻗـﺔً ﺣﺮارﻳـﺔً ﻛﺜـﲑة ،وﱂ ﺗﻜـﻦ رﻳﺦ ااأُﻣّﻣّنﻷُﺔًﺴّﻣﺘـﻨﻫﺔﲢﺬٍﲑﻧﻤﻩﻔُاﻞﳚﺴﺘـﻷُوّﻣﻬّﻋﺎﺚﺔﻴ،ﺎًﺑﱂﻪﻣﻣـﺗأﻦﺴﻜﺘﻨﺻﻳﻦﻘﻮـﲑاًإلﺮأﻣﻻاّ اﺴُﳉﺘّرﻣﺎﻳـﺔﻮﻫﻠﻋﺦﻴﺒـﻃﺎاًﺔﺎﻗﻷٍُﺔﳎّﻣﺘﰲـﺜّﺔﺎًﺣﻳﺣـﺮاﻌﺎﻷـرﻳﺮﻻٍﺔﺻفﻮوتﱂلأاﺗاّنﻻﻧﻜاﳉﻔﺎﻦﻷﻌُـﻫّﻣﺎﻠاـُﻴّﻣﺔلﺔﺔ:ﻛﻓاﻴﺎوﻧـﻬﻋﻻﺎﻧﻲ.ﻔﺖ.ﻌـاوﺎُاﻟّﻣـلﺪﺔَﻟاﻴﳌﻃﻞﻮاﺎﻓﻗــﻋٍﺔﻠﻖ،ﻰﺣواﺮاﻫرﻻﻳﺬـﻧاﺔﻔ،ﻌﻛـﻠّﺎﻪولﱂ اواﺗﳌﻜﺿـﺨـﺎﻦﺢﻟ اُﻣّﻣـﻒﻦﺔَ، وﻋـ ٍﻲ ﻳﺒـﺪو اﻟﺸﻮاﻫﺪ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ: ) (١اُﻧﻈﺮ ﻏﺰوة ﻫﻮازن ﺑﻌﺪ ﻓﺘﺢ ﻣ ّﻜﺔ ،ﻣـﺎذا ﺻـﻨﻌﺖ ﻫـﺬﻩ اﻷُّﻣـﺔ اﻟﻌﻈﻴﻤـﺔ ﺑﺘﻠـﻚ اﻟﻄﺎﻗـﺔ اﳊﺮارﻳـﺔ ﰲ ﳊﻈﺔ اﻻﻧﻔﻌﺎل ؟ ٧٢
رﺳﻮل ﷲ ﺧﺮج ﲜـﻴ ٍﺶ ﻣـﺰﻳ ٍﺞ ﻣـﻦ اﻷﻧﺼـﺎر وﻣـﻦ ﻗـﺮﻳﺶ ﻣـﻦ أﻫـﻞ ﻣ ّﻜـﺔ ،ﻓﺎﻧﺘﺼـﺮ ﰲ ﻣﻌﺮﻛﺘـﻪ ،وأﺧـﺬ ﻣﻦ ﻣﺴﻠﻤﻲ ﻣ ّﻜﺔ ،ﻓﻮّزﻋﻬﺎ ﺗﻮزﻳﻊ ﻫﺬﻩ اﻟﻐﻨﺎﺋﻢ ﲨﻴﻌﺎً ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﺧﺮج وﻛﺎن ﻣﻦ ﻗﺮارﻩ ﻏﻨﺎﺋﻢ ﻛﺜﲑة، ﻫـﺬﻩ ﳊﻈـﺔ اﻧﻔﻌـﺎل ،ﳊﻈـﺔ وﱂ ﻳﻌـ ِﻂ ﻣـﻦ ﻣﺴـﻠﻤﻲ اﻷﻧﺼـﺎر ﺷـﻴﺌﺎً ﻣﻨﻬـﺎ، ﻣﺴـﻠﻤﻲ ﻣ ّﻜـﺔ، ﲨﻴﻌـﺎً ﻋﻠـﻰ اﻧﻔﻌـﺎ ٍل اﻧﻟﻫﻣـﻔﺪّﺬﻜـﺴـﻩﻋﺔﻮٍّﻲةوﳊأأﺣﻈّـنّﻘﺔﻘـﻫساـﻮﻧاﺆﻔﻟﻻﺟﻌـءﺎﺪﻸّﻣﻳدــل،ﺔ،ﺮوﻓأنﻬﻋﰲأﺆﻈﻧـﻫﻻـﻔﻢءﺬاﺴـاﻩﻬﻻاﻷﻧﻟﻢﺘﻠ أﺤﺼّـسـﺎﻈـﻢاراﺔﳉﺧتﻣﺪـﺮدﻦﺟـﰲﻳﻮاﳊﺴﺣﺘﻣﻴـﻈـﻘـﺎﻠّﺎﻊةﻮ ارنتﻟﻨﺳــاﺑﺘﻮّﻻﱯﻤﻧلﺎﻔمﻌـاﺎﷲﻟﻐلﻨﺎﺑﺋﻻﻔﻢـﺘﺗوﺢﻜﻣـﻔـﻣﻦﺧـّﻲﻜـاﺬﳌاﺔﻟو،ﺪﻳﻄﺎﻨﺎـوﺑﻗﺔـﻌﻋـﺔﻟﻠـﻴﺪاﻔﻰﺘﳊﻫـﻳـﺮاﺤـﺬﺪراﻳﻮـاﻳﺔـيﻣ،ﺪاﻟّﻜﻨــﻫﺧﻨﺔـّﺎﻞ،ﱯ وﻓﺘﺤـﻮا ﻣﻌﻪ ﰲ ، ﳓﺘـﺎج إﱃ وﻋـ ٍﻲ ﻟﻴﺜﺒّـﺖ ﻫـﺬﻩ اﻷُّﻣـﺔ ،ﻟﺘﺴـﺘﻄﻴﻊ أن ﺗﺘﻐﻠّـﺐ ﻋﻠـﻰ ﳊﻈـﺔ اﻻﻧﻔﻌـﺎل ،ﻓﻬـﻞ ﻛـﺎن ﻣﺜـﻞ ﻫـﺬا ﻣﻮﺟﻮداً ؟ ﻻ ،ﱂ ﻳﻜﻦ ﻣﻮﺟﻮداً. ﻓﺈ ّن اﻷﻧﺼﺎر أﺧﺬ ﻳﺜـﲑ ﻣـﺎ ﺑﻴـﻨﻬﻢ ﻫـﺬا اﳊـ ّﺲ اﻟﻘﺎﺋـﻞّ :ن ﳏ ّﻤـﺪاً ﻟﻘـﻲ أﻫﻠـﻪ وﻗﻮﻣـﻪ وﻋﺸـﲑﺗﻪ ﻓﻨﺴـﻲ أﻧﺼـﺎرﻩ وأﺻـﺤﺎﺑﻪ ! ﻫـﺆﻻء اﻟـﺬﻳﻦ ﺷـﺎرﻛﻮﻩ ﰲ ﳏﻨﺘـﻪ ،ﻫـﺆﻻء اﻟـﺬﻳﻦ ﺿـ ّﺤﻮا ﰲ ﺳـﺒﻴﻠﻪ ،ﻫـﺆﻻء اﻟـﺬﻳﻦ ﻗـﺎوﻣﻮا ﻋﺸـﲑﺗﻪ ﰲ ﺳـﺒﻴﻞ دﻋﻮﺗـﻪ ،ﻧﺴـﻴﻬﻢ وأﳘﻠﻬـﻢ وأﻋـﺮض ﻋـﻨﻬﻢ؛ ﻷﻧّـﻪ رأى أﺣﺒّـﺎءﻩ وأﻗـﺮ ءﻩ أﻧﻟوﻋـأﺳﺎﻈﺎﻮواﺑﺮﺷﻻﻫٍنﻖﻮداﻢاﺑ،ﻣﻋﻻﺬﻟﻌﻣّﻤـﺘﳓﻪـﻪ،ﻤﺮاﻚ،ﺮّﻛورﺰفأاًﰲﻋ،ﺎىﻳﺷﰲﳊﻌﻮاﻋﻧﻈﻄـﻔﺔﺸﻣـﻮاﻲﻧﻊﲑﺳﺗﻔﻪﻬﲤﻌﺷـ.ﺎﺎﻢﻌٍمألُإﻮﻧراﻣًﻈﱃـﺮاﻗﺮﺒدوﻠﺣاﻴّـرﻞإﺎًﺟٍﺔﻗﱃﺣﻮﻳﻴﻣﺒـﺎﻫـﻴّـﺗﺪﺎًﻪﺬا،وااﻟﳍﳉﺘـﻟـﻔﻬﻢﺮﺎﻏأﺴدـﻳﻢـّنﲑﺔﻣ،ـﳏوﻳﻦﱂﺒّﻤــﻳﺪﺪﻫـﺒـاًوﺬﺪاأواّنو اﻟﰲـﻷﺮﻧﻛﻏـﻫـﻢﻮّﻞﺼـﺎاﻣـﻟﻣـرﺮﺮﻦاﺟﻛــﺣﺎﻠﺧﻞﻠنـﻬاّاﻮﻢﳌﻷاﻔﺣﺷـﻬﳉﻴـﺮﺎﻬﺗﻮـﺎمﻪفداﻳـﻟاﻣـﺔَﻘﺒﻷَﻦأﻠـﻛأّيﻲﻤـّيﻟـﻣﻞإﻮﺮّﻛاٍـنﻟـﺷـﺰاًﺬﻌﻣـﺎ ٍﰲريﻦ ٧٣
ﲝﻴﺛـﲑﺚاﻟإﻌّﺎـﻢﻃﻔاﺔ اﺻـﻟﻘﻄﻨﻮﻌﻣﻴّﻮﻩﺔ.ﺗﻔﻫﺴﺬـﻩﲑاًاﻟﻟﻌﻠﺎﻤﻃﻮﻔﻗـﺔ اﻒﻟﻘﻮﰲﻣﻴﺔﳊاﻟﻈـﻘٍﺔﺒﻠﻴـﻣـﺔ،ﻦ اﻟﻘﺒﻠﻴّﺔ ،ﲢﺖ ﻗﺎﻟﻮا :ﻧّﻪ وﻗﻊ ﲢﺖ ﺛﲑ اﻟﻌﺎﻃﻔﺔ ً ﰲ أﻧﻔﺴـﻬﻢ ﻫـﺬا اﻟـﱰاﺑﻂ اﻟﻘﺒﻠـﻲ ﻛﻴـﻒ ﻛـﺎن ﻗـﻮ ﳊﻈﺎت اﻻﻧﻔﻌﺎل. رﺳـﻮل ﷲ ﲰـﻊ ﳊـ ّﺲ ،اﻃّﻠـﻊ ﻋﻠـﻰ أ ّن ﻫﻨـﺎك ﺑـﺬوراً ﻓﻜﺮﻳـّﺔ ﺿـ ّﺪﻩ ﰲ اﻷﻧﺼـﺎر .أرﺳـﻞ ﻋﻠـﻰ ﻛﺒـﺎر اﻷﻧﺼـﺎر ﻣـﻦ اﻷوس واﳋـﺰرج ،ﲨﻌﻬـﻢ ﻋﻨـﺪﻩ ،اﻟﺘﻔـﺖ إﻟـﻴﻬﻢ وﻗـﺎل :ﻣـﺎ ﻣﻘﺎﻟـﺔ ﺗﺒﻠﻐـﲏ ﻋـﻦ ﻓﺴﻜﺖ اﳉﻤﻴـﻊ اﻟـﰲـﺒﻌﻫﺬاﺾاﳌ ـﻮـﺬﺿﻩﻮاعﳌ:ﻘﺎأﻟــّنﺔ.ﳏ ّﻤﺣﻴﺪﻨاًﺌــﻧٍﺬﺴرﻲﺳــأﻮﺻلﺤﺎﺑﷲﻪ وأﻧﺼﺎأرﻩﺧــﺬﺣﻴﻳﻨﻌـﻤـﺎﺎ اﻟﰿﺘاﻘﳌﻰﻮﻗــﺑﻘﻮﻒﻣاﻪﻵ؟ﱐ!، ﺑﻌﻀﻜﻢ اﳌﺸــﻜﻠﺔ اﻵﻧﻴــﺔ واﻋــﱰف ﻳﻌﺎﳉﻬﺎ أﻳﻀﺎً ﻋﻄﺎء ﻣﺰﻳ ٍﺪ ﻣﻦ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﳊﺮارﻳﺔ؛ ﻷ ّن ﻫﺬﻩ اﳌﺸﻜﻠﺔ ذات ﺣ ّﺪﻳﻦ :ﺣ ّﺪ آﱐّ ،وﺣـ ّﺪ ﻋﻠـﻰ ﻣـﺪى ﻃﻮﻳـﻞ ،اﳊـ ّﺪ ﻋﻠـﻰ اﳌـﺪى اﻟﻄﻮﻳـﻞ ﳚـﺐ أن ﻳﻌـﺎﰿ ﻋـﻦ ﻃﺮﻳـﻖ اﻟﺘﻮﻋﻴـﺔ ﻋﻠـﻰ اﳋـ ّﻂ اﻟﻄﻮﻳـﻞ ،وﻫـﻮ اﻟﺸﻲء اﻟﺬي ﻛﺎن ﳝﺎرﺳﻪ . وأّﻣـﺎ اﳌﺸـﻜﻠﺔ ﲝـ ّﺪﻫﺎ اﻵﱐ ﳚـﺐ أن ﺗﻌـﺎﰿ أﻳﻀـﺎً ﻣﻌﺎﳉـﺔً آﻧﻴـﺔ ،واﳌﻌﺎﳉـﺔ اﻵﻧﻴـﺔ ﻻ ﺗﻜـﻮن إﻻّ ﻋـﻦ ﻃﺮﻳﻖ إﻋﻄﺎء ﻣﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﳊﺮارﻳﺔ ﻟﻠﺴﻴﻄﺮة ﻋﻠﻰ ﳊﻈﺔ اﻻﻧﻔﻌﺎل. ﻣـﺎذا ﻗـﺎل ﳍـﻢ ؟ وﻛﻴـﻒ أﳍـﺐ ﻋـﻮاﻃﻔﻬﻢ ؟ ﻗـﺎل ﳍـﻢ :أﻻ ﺗﺮﺿـﻮن أن ﻳـﺬﻫﺐ أﻫـﻞ ﻣ ّﻜـﺔ إﱃ اﳌﺪﻳﻨـﺔ .ﻫـﺆﻻء ﻳﺮﺟﻌـﻮن ﳌ ّﻜـﺔ اﺗﻟـﺮﺰﻣﺟﻌﻦـ،ﻮنﻫـﺬﻟﻩﻨـﻛّﱯﺎﻧـﺖ دﻓإﻌـﺔًﱃ اﻟﺰاﺋﻔـﺔ وأﻧـﺘﻢ اﻷﻣـﻮال ـﻦ ﺑﻼدﻫـﻢ ﲟﺠﻤﻮﻋـﺔ ﻣ ﺣﺮارﻳـﺔً ﺟـ ّﺪاً ﲢـّﻮل اﳌﻮﻗـﻒ ﰲ إﻻّ ﺑﺮﻫـﺔً ﻣـﻦ ﺗـﻨﻔﻌﻬﻢ ﻻ ﺑﻜﻮﻣـٍﺔ ﻣـﻦ اﻷﻣـﻮال ﳊﻈـﺔ ،ﻫـﺬﻩ اﻷُّﻣـﺔ اﻟـﱵ ﺗﻌـﻴﺶ اﻟﻠﺤﻈـﺎت اﻟﻌﺎﻃﻔﻴّـﺔ ﻫﻜـﺬا أﻣـﺎم رﺳـﻮل ﷲ ﻳﺴـﺘﻐﻔﺮون وﻳﻌﻠﻨـﻮن وﻻءﻫﻢ واﺳﺘﻌﺪادﻫﻢ وﻳﻘﻴﻨﻬﻢ ﺑﻪ. أراد أن ﻳﻌ ّﻤﻖ اﳌﻮﻗﻒ أﻛﺜﺮ ﻋﺎﻃﻔﻴﺎً ،ﻓﺒﻌﺪ أن ﺳﻜﻦ ﺑﻜﺎؤﻫﻢ وﻫﺪأت ٧٤
ﻋــﻮاﻃﻔﻬﻢ ﻗــﺎل ﳍــﻢ :أﻻ ﺗﻘﻮﻟــﻮن ﱄ ﰲ ﻣﻘﺎﺑــﻞ ﻫــﺬا ؟! أﺧــﺬ ﻳــﱰﺟﻢ ﺑﻌــﺾ اﻷﺣﺎﺳــﻴﺲ اﳌﺴــﺘﱰة ﰲ ﻧﻔﻮﺳـﻬﻢ ﻷﺟـﻞ أن ﻳﻬـﻴّﺞ ﻋـﻮاﻃﻔﻬﻢ ﲡﺎﻫـﻪ ،وﻷﺟـﻞ أن ﻳﺸـﻴﻊ ﰲ ذﻟـﻚ ا ﻠـﺲ ﺟـّﻮاً ﻋﺎﻃﻔﻴـﺎً روﺣﻴـﺎً ﺑﺘﻐﻠّﺒﻪ ﻋﻠﻰ اﳌﻮﻗﻒ إﱃ آﺧﺮ اﻟﻘ ّﺼﺔ ).(١ ﳊﻈﺔ اﻻﻧﻔﻌﺎل. أﻣﺎم ﲢﻤﻞ اﻟﻄﺎﻗﺔ اﳊﺮارﻳﺔ ﺗﻨﻬﺎر ا)ﻟﻨﺘ٢ﻴ(ﺠﺔﳊﻈﻫـﺔﻲ ا:ﻧﻔأﻌـّنﺎ ٍلﻫﺬأﻩﺧ ـاﺮﻷُىّﻣﺔأﻳاﻟﻀـﱵﺎً اﻧﻔﻌ ـﺎ ٍل ﳊﻈـﺔ رﺳـﻮل ﷲ . وﻓـﺎة ﰲ رﻳـﺦ ﻫـﺬﻩ اﻷُّﻣـﺔ ﺑﻌـﺪ ﻛﺒﲑة ،ﻷ ّن رﺳﻮل ﷲ رﺣﻞ وﻛﺎن ﻳﺸ ّﻜﻞ ﻫّﺰًة ﻧﻔﺴﻴّﺔ ﻫﺎﺋﻠﺔ ﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻷُّﻣـﺔ اﻹﺳـﻼﻣﻴﺔ اﻟﱵ ﱂ ﺗﻜﻦ ﻗﺪ ﻴّﺄت ﺑﻌﺪ ذﻫﻨﻴﺎً وروﺣﻴﺎً ﻷن ﺗﻔﻘـﺪ رﺳـﻮل ﷲ ﰲ ﻫـﺬﻩ اﻟﻠﺤﻈـﺔ ﻣـﻦ اﻻﻧﻔﻌـﺎل، أﻳﻀﺎً اﳌﺸﺎﻋﺮ اﻟﱵ ﻛﺎﻧﺖ ﰲ اﻷﻋﻤﺎق ﺑﺮزت ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻄﺢ .اﻟﺸﺎﻫﺪ اﻷّولﻛﺎن ﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻷﻧﺼﺎر. وﻫـﺬا ﺷـﺎﻫ ٌﺪ ﻟﻨﺴـﺒﺔ إﱃ اﳌﻬـﺎﺟﺮﻳﻦ :ﻣـﺎذا ﻗـﺎل اﳌﻬـﺎﺟﺮون ﰲ ﳊﻈـﺔ اﻻﻧﻔﻌـﺎل ؟ ﻫـﺆﻻء اﳌﻬـﺎﺟﺮون اﻟﺬﻳﻦ ﻫﺎﺟﺮوا ﻣـﻦ ﺑﻼدﻫـﻢ وﺗﺮﻛـﻮا دورﻫـﻢ وﻋـﻮاﺋﻠﻬﻢ وﻗـﻮﻣﻬﻢ ﰲ ﺳـﺒﻴﻞ اﻹﺳـﻼم ﻣـﺎذا ﻗـﺎﻟﻮا ؟ ﻣـﺎذا ﻛـﺎن ﻣﻮﻗﻔﻬﻢ ؟ ﻛـﺎن ﻣـﻮﻗﻔﻬﻢ أّ ـﻢ ﻗـﺎﻟﻮا :إ ّن اﻟﺴـﻠﻄﺎن ﺳـﻠﻄﺎن ﻗـﺮﻳﺶ ! إ ّن ﺳـﻠﻄﺎن ﳏ ّﻤـﺪ وﺳـﻠﻄﺎن ﻗـﺮﻳﺶ ﳓـﻦ أوﱃ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺑﻘﻴّﺔ اﻟﻌﺮب ،أوﱃ ﻣﻦ ﺑﻘﻴّﺔ اﳌﺴﻠﻤﲔ ).(٢ ﻣـﻦ ﻷ ّن ﻫـﺬﻩ اﻟﻠﺤﻈـﺔ اﻟَﻘﺒَﻠـﻲ ،أو اﻟﺸـﻌﻮر اﻟﻘـﻮﻣﻲ ،ﺑـﺮز ﰲ ﳊﻈـﺔ اﻧﻔﻌـﺎل؛ ﺑـﺮز اﻟﺸـﻌﻮر ﻫﻨـﺎ أﻳﻀـﺎً ﻏـﲑ اﻹﻧﺴـﺎن ﰲ ﺣﺎﻟـٍﺔ ﺗﺸـ ّﻜﻞ ﺻـﺪﻣﺔً ﻟﻨﺴـﺒﺔ إﱃ اﻟﻄﺎﻗـﺔ اﳊﺮارﻳّـﺔ ،ﻳﺼـﺒﺢ ﻃﺒﻴﻌﺘﻬـﺎ أن اﻻﻧﻔﻌـﺎل ﻣـﻦ ﻃﺒﻴﻌﻴّﺔ ،وﰲ ﻫﺬﻩ اﳊﺎﻟﺔ ﻏﲑ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴّﺔ ﺣﻴﺚ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ____________________ ) (۱اﻹرﺷـﺎد ،۱۴۶ ،۱۴۵ :۱وﻋﻨـﻪ ﰲ ﲝـﺎر اﻷﻧـﻮار ،۱۵۹ - ۱۵۸ :۲۱رﻳـﺦ ﻧﺒﻴّﻨـﺎ ،اﻟﺒـﺎب ،۲۸ب ﻏـﺰوة ﺣﻨﲔ واﻟﻄﺎﺋﻒ و ،...اﳊﺪﻳﺚ .۶ ) (۲راﺟﻊ :رﻳﺦ اﻟﻄﱪي ،۴۵۷ :۲وﺷﺮح ﺞ اﻟﺒﻼﻏﺔ ﻻﺑﻦ أﰊ اﳊﺪﻳﺪ .۹ - ۸ :۶ ٧٥
وﻋﻲ ﻋﺎﺻﻢ ﻳﻨﻬﺎر ﻓﻴﻬﺎ أﻣﺎم ﺗﻠـﻚ اﻷﻓﻜـﺎر اﳌﺴـﺘﱰة ،أﻣـﺎم ﺗﻠـﻚ اﻟﻌﻮاﻃـﻒ اﳌﺨﺘﻔﻴـﺔ ،وراء اﻟﺴـﺘﺎر ﺗـﱪز ﻫﺬﻩ اﻷﻓﻜﺎر وﻫﺬﻩ اﻟﻌﻮاﻃﻒ .إذن ﳊﻈﺔ اﻻﻧﻔﻌﺎل ﻫﻲ اﻟﱵ ﲢ ّﺪد أ ّن ﻫﺬﻩ اﻷُّﻣﺔ ﻫـﻞ ﲢﻤـﻞ وﻋﻴـﺎً ،أو ﺣﺮارﻳّﺔ ؟! ﲢﻤﻞ ﻃﺎﻗﺔً ﺣﺮارﻳـ ٍﺔ ﻛﺒـﲑةٍ ﺑﻄﺎﻗـٍﺔ واﺟﻬـﻪ ﻣﺼـﺮ ﰲ اﻟﻘـﺒﻂ ﻣﻠـﻚ واﺟـﻪ ﺣﻴﻨﻤـﺎ اﻟﺼـﺎﻣﺖ ﺑـﻦ أ ّن ﻋﺒـﺎدة ﺻـﺤﻴﺢ ﻫﺎﺋﻠـﺔ ،ﺣﻴﻨﻤـﺎ ﺳـﺄﻟﻪ ﻋـﻦ ﻫﺪﻓـﻪ ﻫـﻞ ﻳﺮﻳـﺪ ﻣـﺎﻻً ؟ ﻫـﻞ ﻳﺮﻳـﺪ ﺟﺎﻫـﺎً ؟ ﻫـﻞ ﻳﺮﻳـﺪ ﻣﻘﺎﻣـﺎً ؟ ﻗـﺎل :ﻻ أرﻳـﺪ ﺷـﻴﺌﺎً ﻣـﻦ ذﻟـﻚ ،وإّﳕـﺎ ﻧﺮﻳـﺪ أن ﻧﻨﻘـﺬ اﳌﻈﻠـﻮم ﻣـﻦ اﻟﻈـﺎﱂ ﰲ أ ّي ﻣﻜـﺎ ٍن ﻋﻠـﻰ وﺟـﻪ اﻷرض ،وﻧﺮﻳـﺪ أن ﺗﻜﻮن ﻛﻠﻤﺔ ﷲ ﻫﻲ اﻟﻌﻠﻴﺎ وﻛﻠﻤﺔ اﻟﺸـﻴﻄﺎن ﻫـﻲ اﻟﺴـﻔﻠﻰ ) ،(١ﻫـﺬﻩ ﻃﺎﻗـﺔ ﺣﺮارﻳـّﺔ ،ﻫـﺬﻩ اﻟﻄﺎﻗـﺔ اﳊﺮارﻳـﺔ ﺗﺸـﺒﻪ اﻟـﻮﻋﻲ ﲤﺎﻣـﺎً ،ﻷ ّن ﻋﺒـﺎدة ﺑـﻦ اﻟﺼـﺎﻣﺖ ﻟـﻮ ﻛـﺎن ﳝﺜّـﻞ اﻷُّﻣـﺔ اﻟﻮاﻋﻴـﺔ ﻟﻘـﺎل ﻧﻔـﺲ ﻫـﺬا اﻟﻜـﻼم ﰲ ﺗﻘﺴﻴﻢ اﻟﻐﻨﺎﺋﻢ. ﻟﻜـ ّﻦ اﻟﻔـﺮق ﰲ ﳊﻈـﺔ اﻻﻧﻔﻌـﺎل ،ﰲ ﳊﻈـﺔ اﻻﻧﺘﺼـﺎر ،ﻣـﺎذا ﺻـﻨﻊ اﳌﺴـﻠﻤﻮن ﰲ ﳊﻈـﺔ اﻻﻧﺘﺼـﺎر واﻻﺳـﺘﻴﻼء ﻋﻠـﻰ ﻛﻨـﻮز ﻛﺴـﺮى وﻗﻴﺼـﺮ ؟ اﻻﺳـﺘﻴﻼء ﻋﻠـﻰ اﻟﻌـﺎﱂ ؟ اﳌﺴـﻠﻤﻮن ﰲ ﻫـﺬﻩ اﻟﻠﺤﻈـﺔ أﺧـﺬوا ﻳﻔ ّﻜﺮون ﰲ اﻟﺪﻧﻴﺎ ،أﺧﺬوا ﻳﻔ ّﻜﺮون ﰲ أن ﻳﻘﺘﻨﺺ ﻛ ّﻞ واﺣ ٍﺪ ﻣﻨﻬﻢ أﻓﻀﻞ ﻗﺪ ٍر ﳑﻜ ٍﻦ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ اﻟﺪﻧﻴﺎ. ) (٣واﻷزﻣـﺔ اﻟـﱵ ﻣـّﺮت ﺑﻌﻤـﺮ ﺑـﻦ اﳋﻄّـﺎب ﰲ ﲢﻘﻴـﻖ ﺣـﺎل اﻷرض اﳌﻔﺘﻮﺣـﺔ ﻋﻨـﻮة ،وأ ّن اﻷرض اﳌﻔﺘﻮﺣﺔ ﻋﻨﻮة ﻫﻞ ﺗﻘﺴﻢ ﻋﻠﻰ اﳌﻘﺎﺗﻠﲔ ،أو أّﺎ ﲡﻌﻞ ﻟﺒﻴﺖ ____________________ ) (۱ﱂ ﻧﻌﺜﺮ ﰲ أﺧﺒﺎر ﻓﺘﻮح ﻣﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﳓﻮ ﻫﺬا اﳋﱪ ،ﺑﻞ ﱂ ﳒﺪ ﻟﻌﺒﺎدة ﺑﻦ اﻟﺼﺎﻣﺖ ﺧـﱪاً ﰲ ﻓـﺘﺢ ﻣﺼـﺮ ،وﱂ ﻳﻜـﻦ ﰲ ﻓـﺘﺢ ﻣﺼﺮ ﻣﻮاﺟﻬﺔ ﻣﻊ ﻣﻠﻚ اﻟﻘﺒﻂ ﻫﻜﺬا ،وإّﳕﺎ ﻛﺎن اﻹرﺳﺎل اﳌﺸﺎﺑﻪ ﳍﺬا ﰲ ﺣﺮب اﻟﻘﺎدﺳـﻴّﺔ ﺑﻄﻠـﺐ ﻣـﻦ ﻣﻠـﻚ اﻟﻔـﺮس ،ﻓﺄرﺳـﻠﻮا إﻟـﻴﻬﻢ ﻋﺸـﺮة ﻣـﻊ اﳌﻐـﲑة ﺑـﻦ ﺷـﻌﺒﺔ اﻟﺜﻘﻔـﻲ ﻟـﻴﺲ ﻓـﻴﻬﻢ ﻋﺒـﺎدة ﺑـﻦ اﻟﺼـﺎﻣﺖ .اُﻧﻈـﺮ اﻟﻜﺎﻣـﻞ ﻻﺑـﻦ اﻷﺛـﲑ ،۴۶۸ - ۴۶۲ :۲ و رﻳﺦ اﻟﻄﱪي .۷۷ - ۷۶ :۳ ٧٦
اﳌــﺎل وﲡﻌــﻞ ﻣﻠﻜــﺎً ﻋﺎﻣــﺎً ؟ ﻫــﺬﻩ اﻷزﻣﻨــﺔ ﺗﻌﻄــﻲ ﰲ اﳌﻘــﺎم ﻛﻴــﻒ أ ّن ﻫــﺬﻩ اﻷُّﻣــﺔ ﺗــﺮّددت ﰲ ﳊﻈــﺔ اﻻﻧﻔﻌﺎل ؟ ﻷ ّن وﺟﻮﻩ اﳌﻬﺎﺟﺮﻳﻦ واﻷﻧﺼﺎر ،ﻫﺆﻻء اﻷﺑﺮار ا ﺎﻫﺪون ،ﻫﺆﻻء اﻟﺬﻳﻦ ﻋﺎﺷﻮا ﻛ ّﻞ ﺣﻴـﺎ ﻢ أﺳّﺒنﻴﻛﻞ ّﻞﷲوا،ﺣﻫٍﺪﺆﻻﻣﻨءﻬأﻢﺧﺬﳚـواﺐﻳ أﺼنّﺮوﻳﻨـنﺎ إل أﺻﺮاﻛـراًﱪﻣﻗـﺴﺪﺘٍرﻤﻴﺘﳑﺎًﻜـﻋﻠٍﻦﻰﻣـأﻦّنﻫـﻫـﺬﺬﻩﻩااﻷﻷرراضﺿـ،ﻲإﱃﳚـ أﺐن اﻟﻜﻔﺎح واﳉﻬﺎد ﰲ ﰲ ﺗﻮّزع ﻋﻠﻴﻬﻢ ،وﻋﻠﻰ أن أﻓﱴ ﻋﻠﻲ اﺑﻦ أﰊ ﻃﺎﻟﺐ ّن اﻷرض ﻟﻠﻤﺴﻠﻤﲔ ﲨﻴﻌﺎً ،ﳌﻦ ﻫـﻮ ﻣﻮﺟـﻮد اﻵن ،وﳌـﻦ ﻳﻮﺟـﺪ ﺑﻌـﺪ اﻟﻴﻮم إﱃ ﻳﻮم اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ).(١ ﻫﺬﻩ اﻟﻠﺤﻈﺎت ﳊﻈﺎت اﻻﻧﻔﻌـﺎل واﻻﻧﻔﻌﺎﻟﻴـﺔ ،ﻫـﻲ اﻟـﱵ ﲢـ ّﺪد أ ّن اﻷُّﻣـﺔ ﻛﻜـٍّﻞ ﲢﻤـﻞ ﻃﺎﻗـﺔً ﺣﺮارﻳـﺔً أو ﲢﻤﻞ وﻋﻴﺎً. إذن ﻓﺎﻷُّﻣـﺔ ﻛﺎﻧـﺖ ﲢﻤـﻞ وﻋﻴـﺎً ،وﻟﻜـﻦ وراء ﻫـﺬا اﻟـﻮﻋﻲ ﻳﻮﺟـﺪ ﻗـﺪرﻛﺒـﲑ ﻣـﻦ اﻟﺮواﺳـﺐ اﻟﻔﻜﺮﻳـﺔ واﻟﻌﺎﻃﻔﻴﺔ واﻟﻨﻔﺴﻴﺔ اﻟﱵ ﱂ ﺗﻜﻦ ﻗﺪ اﺳﺘﺆﺻﻠﺖ ﺑﻌﺪ. ؟! اﻟﺮواﺳﺐ ﻫﺬﻩ اﺳﺘﺆﺻﻠﺖ ﻗﺪ ؟ ﻗﳌﺎﺪذاﻳﻘﱂﻮﺗُلﺴﻗﺘﺎﺄﺋﻞﺻ:ﻞإاذﻟﺮنواﻣﺳﺎذاﺐﻛاﺎﳉنﺎ ﻳﻫﻠﻴّﺼﺔﻨﻊﰲاﻟﻨﻋ ّﱯﻬﺪ اﻟﻨّﱯ إذا ﱂ ﺗﻜﻦ اﳉﻮاب ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻫﻮ :أ ّن ﻫﺬﻩ اﻟﺮواﺳﺐ ﻟﻴﺲ اﺳﺘﺌﺼﺎﳍﺎ ﺷﻴﺌﺎً ﺳﻬﻼً ﻳﺴﲑاً ،وذﻟﻚ: ﺑـﻞ اﻷﻣـﺎم، إﱃ ﺧﻄـﻮة ﳎـّﺮد ﺗﻜـﻦ ﱂ ﻓﺑـﻸﲔ ّان اﻷﻟـرﺪﻋضﻮةوااﻟﻹﺴﻤﺳـﺎءﻼ،ﻣﻴإﺔذااﻟـﻻﱵﺣﺟﻈـﻨﺎﺎءﺣ ـﺎﺎلاﻟاﻨﻟـﻌّﱯﺮب أ ّوﻻً أ ّﻣ ـﺎ ﻃﻔﺮًة ﻛﺎﻧﺖ ____________________ ) (۱اﻧﻈﺮ :رﻳﺦ اﻟﻴﻌﻘﻮﰊ ،۱۵۲ - ۱۵۱ :۲وﲝﺎر اﻷﻧﻮار .۱۶۷ - ۱۶۴ :۳۱ ٧٧
ﻗﺒـﻞ اﻹﺳـﻼم وﻻﺣﻈﻨـﺎ ﻣﺴـﺘﻮى اﻟﺮﺳـﺎﻟﺔ اﻹﺳـﻼﻣﻴﺔ ﻧـﺮى أ ّن اﳌﺴـﺘﻮى ﻫـﻮ ﻣﺴـﺘﻮى اﻟﻄﻔـﺮة ﺑـﲔ اﻷرض واﻟﺴـﻤﺎء ،ﻻ ﻣﺴـﺘﻮى اﳊﺮﻛـﺎت اﻹﺻـﻼﺣﻴّﺔ اﻟـﱵ ﺗﻮﺟـﺪ ﰲ ا ﺘﻤﻌـﺎت اﻟﻌﺎﳌﻴـﺔ ،وﻫـﻲ ﻣﺴـﺘﻮى اﳋﻄـﻮة إﱃ اﻷﻣـﺎم ،أ ّي ﺣﺮﻛـﺔ إﺻـﻼﺣﻴﺔ ﺗﻨﺒـﻊ ﻣـﻦ اﻷرض وﺗﻨﺒـﻊ ﻣـﻦ ﻋﺒﻘﺮﻳـﺔ اﻹﻧﺴـﺎن ﲟـﺎ ﻫـﻮ إﻧﺴـﺎن ،ﻫـﻲ ﺗﺰﺣﻒ ﺘﻤﻊ ﺧﻄﻮًة إﱃ اﻷﻣﺎم ﻻ أﻛﺜﺮ ،ﻓـﺎ ﺘﻤﻊ ﻛـﺎن ﻗـﺪ وﺻـﻞ إﱃ اﳋﻄـﻮة اﻟﺴـﺎﺑﻘﺔ ،ﻫـﺬﻩ اﳊﺮﻛـﺔ ﺛـﻼث ﺧﻄـﻮات ﰲ ﺧـ ّﻂ ﺧﻄـﻮة واﺣـﺪة أو ﺧﻄـﻮﺗﲔ أو ﻣـﻦ اﻷرض ﺗﺘﻘـ ّﺪم ﺑـﻪ ﺗﺒـﻊ اﻹﺻـﻼﺣﻴﺔ اﻟـﱵ اﻟﺴـﺎﺑﻘﺔ ﺑﻌـﺪ اﻟـﺪﺧﻮل ﰲ أن ﺗﺴﺘﺄﺻـﻞ رواﺳـﺐ اﳋﻄـﻮة اﳌﻤﻜـﻦ ﰲ زﻣـﻦ ﻗﺼـﲑ ﻣـﻦ اﻟﺘﻘـ ّﺪم ،وﺣﻴﻨﺌـ ٍﺬ اﳋﻄﻮة اﻟﺜﺎﻧﻴـﺔ؛ ﻷ ّن اﻟﻔـﺮق اﻟﻜﻴﻔـﻲ ﺑـﲔ اﳋﻄـﻮة اﻟﺴـﺎﺑﻘﺔ واﻟﺘﺎﻟﻴـﺔ ﻓـﺮق ﻗﻠﻴـﻞ ،ﻓـﺮق ﺿـﺌﻴﻞ ،اﻟﺘﺸـﺎﺑﻪ ﺑـﲔ اﳋﻄﻮة اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ واﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﺗﺸـﺎﺑﻪ ﻛﺒـ ٌﲑ ﺟـ ّﺪاً .ﻫـﺬا اﻟﺘﺸـﺎﺑﻪ اﻟﻜﺒـﲑ وذاك اﻟﺘﻔـﺎوت اﻟﻴﺴـﲑ ﻳﻌﻄـﻲ ﰲ اﳌﻘـﺎم إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ اﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ،إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ اﺟﺘﺜﺎث ﺗﻠﻚ اﻷﺻﻮل اﳌﻮروﺛﺔ ﻣﻦ اﳋﻄﻮة اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ. وﻟﻜﻦ ﻣﺎذا ﺗـﺮون وﻣـﺎذا ﺗﻘـ ّﺪرون ﻟـﻮ أ ّن ﺷﺨﺼـﺎً ﺟـﺎء إﱃ ﺷـﺨ ٍﺺ آﺧـﺮ ﻓﻘـﺎم ﺑـﻪ إﱃ اﻟﺴـﻤﺎء ؟ ﰲ ﳊﻈـٍﺔ ﻣـﻦ اﻟﻠﺤﻈـﺎت ﺟـﺎء اﻟﻨـ ّﱯ إﱃ ﳎﺘﻤـٍﻊ ﻣﺘـﺄ ّﺧٍﺮ ﻳﻌـﻴﺶ اﻟﻔﻜـﺮة اﻟﻘﺒﻠﻴـﺔ ﺷـ ّﺪ أﻟﻮا ـﺎ و ﺣـ ّﻂ ا ﺘﻤـﻊ اﻟﻌـﺎﱄ ،اﻟـﺬي ﻻ ﻓـﺮق ﺟـﺎء ﻓـﺄﻟﻘﻰ ﻓﻴﻬـﺎ ﻓﻜـﺮة ﻣﻔﺎﻫﻴﻤﻬـﺎ وأﻓﻜﺎرﻫـﺎ، ﻓﻣﻴــﻌﺎﻪرﻓﺑـﻬﺎﲔوﻗﻧﺒﺘﻴﺎﻠﺋــٍﺔﺠﻬوﺎﻗﺒﻴوﻠأـﺔﺧّ ،ﺲوﺑ ّن :اﻟﻨــﺎس ﺳﻮاﺳـﻴﺔ ﻛﺄﺳــﻨﺎن ﺑـﲔ اُّﻣــٍﺔ وأّﻣـﺔ ،وﻗــﺎل ـﲔ ﺷــﻌ ٍﺐ وﺷـﻌﺐ، اﳌﺸﻂ) ،(١وأ ّن ﻫﺆﻻء اﻟﻨﺎس ﳚﺐ أن ﻳﺸ ّﻜﻠﻮا اُّﻣﺔً واﺣﺪة ،وﳎﺘﻤﻌﺎً واﺣﺪاً ،ودوﻟﺔً واﺣـﺪة ،ﺗﻀـ ّﻢ اﻟﻌـﺎﱂ ﻛﻠّﻪ. ___________________ ) (١ﲝـﺎر اﻷﻧـﻮار ،۳۴۸ :۲۲رﻳـﺦ ﻧﺒﻴّﻨـﺎ ،اﻟﺒــﺎب ،۱۰ب ﻓﻀـﺎﺋﻞ ﺳـﻠﻤﺎن وأﰊ ذر و ،...اﳊـﺪﻳﺚ ،۶۴ﻋـﻦ اﻻﺧﺘﺼﺎص.۲۲۲ : ٧٨
ﻫﺬﻩ اﻟﻄﻔﺮة اﳍﺎﺋﻠﺔ ﺑﻜ ّﻞ ﻣﺎ ﺗﻀّﻢ ﻣﻦ ﲢّﻮٍل ﻓﻜﺮ ٍّي واﻧﻘﻼ ٍب اﺟﺘﻤﺎﻋ ٍّﻲ وﺗﻐٍّﲑ ﰲ اﳌﺸـﺎﻋﺮ واﳌﻔـﺎﻫﻴﻢ واﻻﻧﻔﻌـﺎﻻت ،ﻫـﺬﻩ اﻟﻄﻔـﺮة ﱂ ﺗﻜـﻦ ﺷـﻴﺌﺎً ﻋـﺎد ً ﰲ ﺣﻴـﺎة اﻹﻧﺴـﺎن ،إذن ﻓﻜﻴـﻒ ﳝﻜـﻦ أن ﻧﺘﺼـّﻮر أ ّن ﻫﺬا ا ﺘﻤﻊ اﻟﺬي ﻃﻔﺮ ﺬﻩ اﻟﻄﻔﺮة ،ﻣﻬﻤﺎﻛﺎن ﻫﺬا ا ﺘﻤﻊ ذﻛﻴﺎً ،وﻣﻬﻤﺎ ﻛـﺎن ﺻـﺒﻮراً ﻋﻠـﻰ اﻟﻜﻔـﺎح، ادوﻣوﺘﻬنﻤﻫﻤــأﻊﺎﺬاٍّيﻳـﻛأـاﻮﺎﻣﻟـّدﺘنﺮعﻔﺎﻗـﻏﲤــٍﻮﺎتﲑمًﳌﳑﻣﻣـﻮﺎرﺆﻜـﻣوﻨﻛــٍﻦﺎﺎً ﺑنتﻻﺮاﻋﺳـﻨـﰲﳉﻮﺎﺪﻓلـﻩﻫﻠﻴﱰﻣـةﺔﷲﻦﻋ)أاﻓﺸـﻟﺮﻌﻜـةﺎﻬٍرﺪﺳـ؟ﻨاوﻟﻮﻣاﻛﻴـﺴﺸﺎـتﺑﺎ،ﻒﻋﻖَﺑـﺮﳝ(ﻞﻜوـ؟ﻣـﻦﰲﻦأﻓاـﻧنﻔﱰةٍﻧﻌـﺘﺎأﺼﻃﻻــّﻮﻮرتل،ﻣـﰲوﻳﻦاﻘﻠّـﳊﻋـﺎﺐﺸـﻻﺮﺻتـﺳﻔـاﻨﻮﺤﻻاﺔًﻋﺘتﻴﺎ،ﺟدﺪﻳﻓــﻳـﺈﺔﺪّنأةً ّنرﻛﺎﺳـﻫﻣـﻮﻠـﺬلاﺔً ﷲ ﱂ ﻳﻌﺶ ﻛﻤﺠﺘﻤٍﻊ ودوﻟٍﺔ ،ﻛﻤﺮ ٍّب ﺗﺮﺑﻴﺔً ﻛﺎﻣﻠـﺔً ﰲ اﳌﺪﻳﻨـﺔ إﻻّ ﻋﺸـﺮ ﺳـﻨﻮات ﻓﻘـﻂ ،ﻛﻴـﻒ وأ ّن وﻓﺎة رﺳﻮل ﷲ ﻣﺒﺎﺷﺮةً ﻫﻮ ﳎﺘﻤـﻊ ﺘﻤﻊ اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻟﺬي دﺧﻞ اﻷﺣﺪاث ﺑﻌﺪ ﺟﺰءاًﻛﺒﲑاً ﻣﻦ ا ؟ وﻣ ّﻜﺔ ﱂ ﺗﻜﻦ ﻗﺪ دﺧﻠـﺖ ﰲ اﻹﺳـﻼم ﻗﺪ دﺧﻞ ﰲ ﺣﻈﲑة اﻟﺪوﻟﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ وﻗﺘﺌ ٍﺬ ﻣ ّﻜﺔ اﻟﺬي ﻛﺎن إﻻّ ﻗﺒـﻞ ﺳـﻨﺘﲔ ﻣـﻦ وﻓـﺎة اﻟﺮﺳـﻮل اﻷﻋﻈـﻢ ،ﻓﻜﻴـﻒ ﳝﻜـﻦ أن ﻧﺘﺼـّﻮر ﰲ ﺧـﻼل ﻫـﺬﻩ اﻷزﻣﻨـﺔ اﻟﻘﺼـﲑة وﻣـﻊ ﺗﻠـﻚ اﻟﻄﻔـﺮة اﳍﺎﺋﻠـﺔ اﻟﻜﺒـﲑة اﺟﺘﺜـﺎث ﺗﻠـﻚ اﻷﺻـﻮل ؟ إذن ﻓﺎﻷﺻـﻮلﻛـﺎن ﻣـﻦ اﳌﻨﻄﻘـﻲ وﺧ ـﻼل ـﻞ، ﻃﻮﻳ ـﺪ أﻣ ﺧ ـﻼل ﰲ إﻻّ أن ﻻ ﳚﺘـ ّﺚ واﻟﻄﺒﻴﻌ ـﻲ اﳌﻨﻄﻘ ـﻲ ـﺎن ﻣـﻦ ﺗﺒﻘـﻰ .وﻛ واﻟﻄﺒﻴﻌـﻲ أن اﻟﺮﺳﻮل. ﺑﻌﺪ اﻷﻋﻈﻢ اﻟﺮﺳﻮل ﻣﻊ ﺧﻠﻔﺎء ﻋﻤﻠﻴٍﺔ ﻃﻮﻳﻠٍﺔ إﻻّ أ ّن ﻫــﺬﻩ اﻟﻌﻤﻠﻴــﺔ ﻗﻄﻌــﺖ ﻻﳓــﺮاف ﺑﺘﺤــّﻮل ﺧــ ّﻂ اﳋﻼﻓــﺔ ﻣــﻦ ﻋﻠــﻲ ) ( إﱃ اﳋﻠﻔــﺎء اﻟﺬﻳﻦ ﺗﻮﻟّﻮا اﻷﻣﺮ ﺑﻌﺪ رﺳﻮل اﻟﻪ . إذن ﻓﻬــﺬا ﻻ ﻳﻌﻄــﻲ ﻧﻘﻄــﺔ اﺳــﺘﻐﺮاب ،أو ﻧﻘﻄــﺔ ﺿــﻌ ٍﻒ ﻟﻨﺴــﺒﺔ إﱃ ﻋﻤــﻞ اﻟﺮﺳــﻮل اﻷﻋﻈــﻢ ،ﺑﻞ ﻳﻨﺴﺠﻢ ﻣﻊ ﻋﻈﻤﺔ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ أو ﻣﻊ ﺟﻼﳍﺎ وﻣﻊ ٧٩
ﲣﻄﻴﻂ اﻟﻨ ّﱯ . ﻃﺣـﺎﻗٍّﺪإﺔًذاًﻻﺣﻓﳓـﺮاﻬـﺮارﻳﺬﺔًﻩفوﻟاﻫـﻜﳊـﻲﻨّﺎاﻬﻛﺎﻷُﻢاُّﻣـّﻣاﺔﻟـﺔ.ﺬإﻏّيـﲑﺎﺗـواﻮﲢّﻋﱃﻴﻤـﺔاﻞ،ﳊإﻃذﻜـﺎﻗﻢنـﺔًﺑﻓﻌـﻬﺣﺪﻲﺮاررﻳـﻏـﺳًﺔـ،ﲑﻮلﻗـوﻟﺎدﻜﻨّﷲرةٍﻬـﺎﻋاﻠُـّﻣـﻰﺔ،ﻏإـﲪذﺎﲑﻳـﺔوﻟااﻟﻋﺘﻴﺼــﻴﺔﺠﻐ،ﺮﺑـﺔإﺔاذااﻷﻹﻛﺎﺻـﻧﺳــﻮﻟﻴﻼﺖﺔﻣﻴاﺔﻟﻫــﻲوﱵﻋاُﻗﻠـّﻣﻠـﻨﺔﻰﺎﻫـوﲢﺎﻤﺿـأـ ّنﻊﻞ اﻷُّﻣـﺔ ﺑﻮﺻـﻔﻬﺎ ا ﻤـﻮﻋﻲ ﻟﻴﺴـﺖ ﻣﻌﺼـﻮﻣﺔً ﻣـﺎ داﻣـﺖ ﻫـﻲ ﲢﻤـﻞ ﻃﺎﻗـﺔً ﺣﺮارﻳـﺔً ﻓﻘـﻂ ،وﻻ ﲢﻤـﻞ وﻋﻴـﺎً ﻣﺴــﺘﻨﲑاً ﳚﺘــ ّﺚ اﻷﺻــﻮل اﳉﺎﻫﻠﻴــﺔ ،إذن ﻓﻬــﻲ ﺑﻮﺻــﻔﻬﺎ ا ﻤــﻮﻋﻲ ﻟﻴﺴــﺖ ﻣﻌﺼــﻮﻣﺔ ،وإذا ﱂ ﺗﻜــﻦ ﻣﻌﺼﻮﻣﺔً ﺑﻮﺻـﻔﻬﺎ ا ﻤـﻮﻋﻲ إذن ﻓـﻼ ﺗﻘـﻒ ﰲ وﺟـﻪ ﻫـﺬا اﻻﳓـﺮاف؛ وﻻ ﳝﻜـﻦ أن ﺗﻜـﻮن ﺿـﻤﺎ ً ﳍـﺬا اﻻﳓﺮاف .ﻳﺒﻘﻰ اﳊﺎﻛﻢ اﻟﺬي ﻗﻠﻨﺎ :إﻧّﻪ ﺑﻨﻔﺴﻪ -ﺣّﱴ ﻟـﻮ أﺧـﺬ اﳊـﺎﻛﻢ ﺑﻐـﲑ اﳌﻔﻬـﻮم اﻟﺸـﻴﻌﻲ -ﻣـﻊ ﻫـﺬا ﺗﺒﻘـﻰ ﻃﺒﻴﻌـﺔ اﻷﺷـﻴﺎء وﻃﺒﻴﻌـﺔ اﻷﺣـﺪاث ﺗـﱪز أن ﻳﻜـﻮن ﻫـﺬا اﳊـﺎﻛﻢ ﻋﺮﺿـﺔً ﻟﻼﳓـﺮاف وﻋﺮﺿـﺔً ﻟﺘﺤﻄـﻴﻢ اﻟﺘﺠﺮﺑـﺔ اﻹﺳـﻼﻣﻴﺔ ،و ﻟﺘـﺎﱄ ﲢﻄـﻴﻢ ﲨﻴـﻊ اﻷﺻـﻮل اﳌﻮﺿـﻮﻋﻴّﺔ واﻹﻃـﺎر اﻟﻌـﺎّم ﳍـﺬﻩ اﻟﺘﺠﺮﺑـﺔ اﻟﺸـﺮﻳﻔﺔ اﳌﺒﺎرﻛـﺔ ،ﻓـﺈ ّن اﳊـﺎﻛﻢ أّوﻻً ﻫـﻮ ﺟـﺰء ﻣـﻦ ﻫـﺬﻩ اﻷُّﻣـﺔ -ﺟـﺰء ﻋـﺎدي -اﻟـﱵ ﻗﻠﻨـﺎ ّ ـﺎ ﱂ ﺗﻜـﻦ ﲢﻤﻞ وﻋﻴﺎً ﻣﺴﺘﻨﲑاً ،ﺑﻞ ﻛﺎﻧﺖ ﲢﻤﻞ ﻃﺎﻗﺔً ﺣﺮارﻳﺔ. ﻫـﺬﻩ اﻷُّﻣـﺔ ﳓـﺮا ٍف ﺧـﺎ ٍّص أو ﺑﺘﺨﻄـﻴ ٍﻂ اﳊﺎﻛﻢ ﺟﺰءٌ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ اﻷُّﻣﺔ: رﺳـﻮل ﷲ ﰲ ﺳـﺒﻴﻞ اﻻﺳـﺘﻴﻼء ﻋﻠـﻰ اﻋﻠﳊــﺎﻰﻛاﻢﳊﱂﻜـﻳﻢﻜ،ـ أﻦو ﺑﺷﺘﺨﺼـﺼﻤـﻴﺎًٍﻢﻣﺘﻋﻠـﻤﻴّـﻰﺰاًﻗﺘـﻣـﻞﻦ وﻟﻨﻔـﺮض أ ّن ﻫـﺬا ﺳﺎﺑﻖ ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺘﻴﻼء اﳊﻜـﻢ ،ﻓﻠﻨﻔـﺮض أ ّن ﻛـ ّﻞ ﻫـﺬا ﱂ ﻳﻜـﻦ ،وإّﳕـﺎ ﻫـﻮ ﺟـﺰء ﻋـﺎدي ﻣـﻦ ﻫـﺬﻩ اﻷُّﻣـﺔ اﻟـﱵ ﻛﺎﻧـﺖ ﲢﻤـﻞ ﻃﺎﻗـﺔً ﺣﺮارﻳـﺔً ﻋﻠـﻰ أﺣﺴـﻦ ﺗﻘـﺪﻳﺮ ،وﱂ ﺗﻜـﻦ ﲢﻤـﻞ وﻋﻴـﺎً ﻣﺴـﺘﻨﲑاً ،إذن ﻓﻤﻌـﲎ ﻛﻮﻧـﻪ ﺟـﺰءاً ﻣـﻦ ﻫـﺬﻩ اﻷُّﻣـﺔ ﻳﻌﲏ :أ ّن ٨٠
اﳊﺎﻛﻢ ﻳﺴﺘﺒﻄﻦ ﻗﺪراًﻛﺒﲑاً ﻣﻦ اﻟﻌﻮاﻃﻒ اﳉﺎﻫﻠﻴﺔ ،واﳌﺸﺎﻋﺮ اﳉﺎﻫﻠﻴّﺔ ،وﻫﺬاﻛﺎن واﺿﺤﺎً ﻣﻦ اﻟﻠﺤﻈـﺔ اﻷوﱃ ﰲ ﻳـﻮم اﻟﺴـﻘﻴﻔﺔ ﰲ اﳊُﺠـﺞ اﻟـﱵ أوردﻫـﺎ اﳌﻬـﺎﺟﺮون ﺿـ ّﺪ اﻷﻧﺼـﺎر ،ﻛـﺎن ﻣـﻦ اﻟﻮاﺿـﺢ أ ّن ﺗﻘﻴـﻴﻢ اﳋﻼﻓﺔ ﱂ ﻳﻜﻦ ﺗﻘﻴﻴﻤﺎً إﺳﻼﻣﻴﺎً ،وأ ّن ﺗﻘﻴﻴﻢ اﻟﻨﺒّﻮة ﱂ ﻳﻜﻦ ﺗﻘﻴﻴﻤﺎً إﺳﻼﻣﻴﺎً. إذن ﻓﻬﺬﻩ اﻟﺮواﺳﺐ اﻟﻔﻜﺮﻳّﺔ واﻟﻌﺎﻃﻔﻴﺔ ﻟﻠﺠﺎﻫﻠﻴﺔ ﺳﻮف ﺗﻌﻤﻞ ﻋﻤﻠﻬﺎ ﰲ ﺳﻠﻮك ﻫـﺬا اﳊـﺎﻛﻢ ،وﰲ ﲣﻄﻴﻂ ﻫﺬا اﳊﺎﻛﻢ وﰲ ﻛ ّﻞ ﻣﺎ ﻳﺘﺼّﺮف ﻓﻴﻪ ﻫﺬا اﳊـﺎﻛﻢ ،إذا أﺿـﻔﻨﺎ إﱃ ﻫـﺬا اﳊﻜـﻢ ﳋﺼـﻮص ﻛـﺎن ﻳﺒﺪو ﻣﻨﻪ ﰲ ﺣﻴﺎة اﻟﺮﺳﻮل اﻷﻋﻈﻢ ﻧﺰﻋـﺔ اﻻﺳـﺘﻘﻼل ﻟـﺮأي وروح اﻟﺘﻤـّﺮد ﻋﻠـﻰ اﻟﺘﻌﺒّـﺪ ،ﻫـﺬا أﻣـٌﺮ ﻛـﺎن ﻇـﺎﻫﺮاً ﻓـﻴﻬﻢ وﲞﺎ ّﺻـﺔ ﰲ اﳋﻠﻴﻔـﺔ اﻟﺜـﺎﱐ ﻋﻤـﺮ ﺑـﻦ اﳋﻄّـﺎب ،ﻛـﺎن ﻣـﻦ اﻟﻈـﺎﻫﺮ ﰲ ﺣﻴـﺎة اﻟﺮﺳـﻮل ﺑـﻞ ﻛـﺎن ﻓﻴـﻪ ﷲ ، ﺑـﻪ رﺳـﻮل ﻣـﺎ ﰐ ﺑﻜـ ّﻞ ﻛﲨﺎﻠ ـنٍﺔ ﺑﻣﻌ ـﻴﻦﺪاًاﻟﺘﻋﻌ ـﻦﺎﻟﻧﻴﺰﻢﻋـاﺔﻟ ـ اﻟﱵﺘﻌﺒّـﺟ ـﺪﺎ اءﳌﻄ ـﻠـﺎ؛ﻖ اﻷﻋﻈﻢ أﻧّﻪ ﺑـﲔ اﻟـﺪﻋﻮة ـﺔ اﻟﺘﻨـﺎﻗﺾ ﻋﻨـﺪﻩ ﺣﺎﻟ ُﲢ ـﺪث ﻷّ ـﺎ روح اﻟﺘﻤـّﺮد ﻋﻠـﻰ اﳉﺪﻳـﺪة اﻟـﱵ دﺧـﻞ ﻓﻴﻬـﺎ وﺑـﲔ ﻣﻔﺎﻫﻴﻤـﻪ وأﻓﻜـﺎرﻩ وﻋﻮاﻃﻔـﻪ اﻟﺴـﺎﺑﻘﺔ اﻟـﱵ ﺻـﺎﻏﺘﻬﺎ اﳉﺎﻫﻠﻴـﺔ ﻟـﻪ ﻫـﺬﻩ اﻟﻨﺰﻋـﺔ ،ﻧﺰﻋـﺔ اﻟﺘﺤـّﺮر وﻧﺰﻋـﺔ اﻟﺘﻌﻮﻳـﻞ ﻋﻠـﻰ اﻟـﺮأي واﻟﺘﻤـّﺮد ﻋﻠـﻰ اﻟﺘﻌﺒّـﺪ .ﻫـﺬا اﻟﺸـﺨﺺ ﱂ ﻳﻜـﻦ ﻳﺸـ ّﻜﻞ ﺧﻄـﺮاً ﻋﻠـﻰ اﻷُّﻣـﺔ ﰲ اﻟﻮﻗـﺖ اﻟـﺬي ﻛـﺎن إﻧﺴـﺎ ً ﻋـﺎد ً ﰲ ا ﺘﻤـﻊ اﻹﺳـﻼﻣﻲ؛ ﻷ ّن رﺳـﻮل ﷲ ﻛـﺎن ﺣﺎﻛﻤﺎً ﰲ ا ﺘﻤﻊ .أّﻣﺎ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﺗﻮّﱃ ﻫﺬا اﻟﺸﺨﺺ وأﺻـﺤﺎﺑﻪ زﻣـﺎم ﻗﻴـﺎدة اﻟﺘﺠﺮﺑـﺔ ،ﻗﻴـﺎدة ﻫـﺬﻩ اﻟﺴـﻔﻴﻨﺔ ﰲ ﻫﺬا اﻟﻮﻗﺖ ﻳﻌـﲏ ) ﻣـﻊ ﺧﻠـّﻮ اﳌﻴـﺪان ﻣـﻦ ﺷـﺨﺺ اﻟﺮﺳـﻮل ( ﻫـﺬﻩ اﻟﻨﺘﻴﺠـﺔ أﺻـﺒﺤﺖ ﺗﺸـ ّﻜﻞ ﻟـﺮأي -ﺳـﻮف ﻫـﺬﻩ اﻟﻨﺰﻋـﺔ -اﻻﺳـﺘﻘﻼل ﻓﺈذا أﺿﻔﻨﺎ ﺗﻠـﻚ اﳌـﻮرو ت اﳉﺎﻫﻠﻴّـﺔ إﱃ ﺧﻄﺮاً ﰲ اﳌﻘﺎم، ـﺎﻛﻠﻪ ﻋﻠـﻰ وﻓـﻖ ﰲ ﲨﻠـٍﺔ ﻣـﻦ ﻗﻀـﺎ ﻩ وﻣﺸ ﰲ اﳌﻘـﺎم أ ّن ﻫـﺬا اﳊـﺎﻛﻢ ﺳـﻮف ﻳﺴـﲑ ﻧﺴـﺘﻨﺘﺞ ﻃﺒﻴﻌﻴـﺎً اﳌﻮرو ت اﳉﺎﻫﻠﻴﺔ ،وﻋﻠﻰ وﻓﻖ رواﺳﺒﻪ اﻟﻌﺎﻃﻔﻴﺔ ٨١
اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ اﻟـﱵ ﺧﻠّﻔﻬـﺎ ﻟـﻪ آ ؤﻩ وأﺟـﺪادﻩ ،ﻻ اﻟـﱵ ﺧﻠّﻔﻬـﺎ ﻟـﻪ رﺳـﻮل اﻟـﺪﻋﻮة ،إذا أﺿـﻔﻨﺎ إﱃ ذﻟـﻚ اأﻳﺧﳋـﺎـﻀﺎــّﺻﺎـًﺔّأصّ،،نواوذﺛاﳊﻘــﺎﺎﻓتﺘـﻛـﺛﻪﻢﻘﺎاﱂﻓـﳋٍﺔﻳﺎﻜــّﺻﺟــﺪﻦﺔﻳـ،ﻗـﺪـاةﺪ،ﳊــﺎُﻫﻫﻴِـّـﻛـﺬﻢاَﺊااأﺑـﳋــﳊــﺎﺎﺪاًﻛ ّﻢصﻷ إنﻻذاﻳﺑـﻛّﻜـﺪـــﺎﻮوأنننﺣﻳﺣﺎﺘﺎﻛﻬﻛﻴّـﻤـﺄﻤـــﺎًﺎﺑً،ﺼﰲﻟـﻠﻮرةﺤـﺻـــﺎﺪﺳﻛـرﺎﻢﺑﻘدﻣﺔﻋــﺸــﻮٍةﺎﻴّـﻛﺆاًﻠﺟﻪﺛﺪﻘاﻳـﺎـﻓﳋﻴﺪّـﺎةﺎًّ،ﺻــﻋذﻠﺔا،ﻤﻴـتﺎًوﺳـرـﺣـوﻠـﺮﺣﻮاﻛﻴـرﺎةٍﻪً ﻷن ﻳﻜﻮن ﺣﺎﻛﻤﺎً. ﻫﻨــﺎ ﻧﺮﻳــﺪ أن ﻧﻘﺼــﺪ ﺑﻌــﺪم اﻟﺘﻬﻴّــﺆ ﻋــﺪم اﻟﺘﻬﻴّــﺆ اﻟﺜﻘــﺎﰲ واﻟﻌﻠﻤــﻲ ،ﻳﻌــﲏ ﱂ ﻳﻜــﻦ ﻗــﺪ اﺳــﺘﻮﻋﺐ اﻹﺳﻼم ،وﱂ ﻳﻜﻦ ﻗﺪ ﺣﺎول أن ﻳﺪرس اﻹﺳﻼم ﰲ اﳌﻘﺎم ،ﻋﻤﺮ ﻳﻘﻮل :ﻧّﻪ ﺷـﻐﻠﻨﺎ ﰲ أ م رﺳـﻮل ﷲ اﻟﺼﻔﻖ ﰲ اﻷﺳﻮاق ،ﺗﻴﻪ اﳌﺸﻜﻠﺔ ﻓﻼ ﻳﻌﺮف اﳉﻮاب ﻋﻨﻬﺎ ،ﻳﺒﻌﺚ ﻟﻠﻤﻬـﺎﺟﺮﻳﻦ واﻷﻧﺼـﺎر ﻟﻴﺴـﺘﻔﺘﻬﻢ، ﻣـّﺮةً ﻧﻴـﺔً ،و ﻟﺜـﺔ ،وراﺑﻌـﺔ ،وﺣﻴﻨﻤـﺎ ﻳﺘﻜـّﺮر ﻫـﺬا اﳌﻄﻠـﺐ ﻣﻨـﻪ وﻳﻘـﻒ ﻣﻮﻗﻔـﺎً ﺳـﻠﺒﻴﺎً ﲡـﺎﻩ اﳌﺸـﺎﻛﻞ ﻣـﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﻳﻌﺘﺬر ﻋﻦ ذﻟﻚ ،ﻳﻘﻮل :ﺷﻐﻠﻨﺎ ﰲ أ م رﺳﻮل ﷲ اﻟﺼﻔﻖ ﰲ اﻷﺳﻮاق ).(١ ﻧﻌﻢ ،رﺳﻮل ﷲ ﱂ ﻳﻜـﻦ ﻗـﺪ اﺷـﺘﻐﻞ ﻟﺘﻬﻴﺌـﺔ ﳎﻤﻮﻋـٍﺔ ﻣـﻦ اﻷُّﻣـﺔ ﻟـﺘﺤﻜﻢ اﻟﻨـﺎس؛ ﻷﻧـّﻪ ﻗـﺪ ﻛـﺎن ﻫﻴّﺄ ﻗﺎدة ﻣﻌﻴّﻨﲔ ﻣﻦ أﻫﻞ اﻟﺒﻴﺖ ﻟﻴﺤﻜﻤﻮا. ﻛﺎن ﻟﺮﺳﻮل ﷲ درﺳﺎن: ﻓﺈ ّن ﻟﻪ درﺳﺎً وﻋﻤﻠﻴﺔ ﺗﻮﻋﻴٍﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻷُّﻣﺔ ،وﻫﺬﻩ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺗﻮﻋﻴﺔ ﻟﻸّﻣـﺔ ﺑﻮﺻـﻔﻬﺎ رﻋﻴّـﺔ ﳌﻘـﺪار اﻟﺬي ﺗﺘﻄﻠّﺒﻪ اﻟﺮﻋﻴّﺔ وﻋﻴﺎً وﺛﻘﺎﻓﺔً. وﻛﺎن ﻟﻪ درس آﺧﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى آﺧﺮ ﻣﻦ اﻟﺘﻮﻋﻴﺔ ﻟﻠﺼﻔﻮة اﻟـﱵ اﺧﺘﺎرﻫـﺎ ﷲ ﺗﻌـﺎﱃ ﻟﺘﺨﻠﻔـﻪ ﻟﻘﻴـﺎدة ﻫﺬﻩ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ،وﺗﻠﻚ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻮﻋﻴﺔً ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻘﻴﺎدة ،وﻋﻠﻰ ____________________ ) (۱اﻧﻈﺮ :اﻟﻐﺪﻳﺮ .۲۲۳ :۶ ٨٢
ﻣﺴﺘﻮى اﳊﺎﻛﻤﻴﺔ. وﻫﺆﻻء اﻟﺬﻳﻦ ﺗﻮﻟّﻮا اﳊﻜﻢ ﺑﻌﺪ رﺳﻮل ﷲ ﱂ ﻳﻜﻮﻧﻮا ﻗﺪ وﻋﻮا ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﳌﺴـﺘﻮى ،وﱂ ﻳﻜﻮﻧـﻮا ﻫﻢ أﻧﻔﺴﻬﻢ ﻗﺪ ﻫﻴﺌُﻮا أﻧﻔﺴﻬﻢ ﺑﺼﻮرةٍ ﻣﺴﺒﻘٍﺔ ﳍﺬا اﳌﺴﺘﻮى ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ،أﻟﺴﻨﺎ ﲨﻴﻌـﺎً اﳌﺴــﺎﺋﻞ اﻟﻮاﺿــﺤﺔ ﺟــ ّﺪاً .اﺧﺘﻠﻔــﻮا ﰲ ﺣﻜــﻢ وﻋﻤــﺮ اﺧﺘﻠﻔــﻮا ﰲ ﺑﻜــﺮ أﰊ ﻧﻌﻠــﻢ أ ّن اﻟﺼــﺤﺎﺑﺔ ﰲ أ م اﻟﺴﻨﺔ ،اﺧﺘﻠﻔﻮا ﰲ ﺣﻜﻢ ﺻـﻼة اﳉﻨـﺎﺋﺰ ،ﻫـﺬﻩ أﻣﺎم أﻋﻴﻨﻬﻢ ﻃﻴﻠﺔ ﷲ ﻣﺴﺄﻟٍﺔ ﻛﺎن ﳝﺎرﺳﻬﺎ رﺳﻮل اﳌﺴﺄﻟﺔ اﻟﻌﺒﺎدﻳﺔ اﻟﺼﺮﻓﺔ اﻟﺒﻌﻴﺪة ﻋﻦ ﻛ ّﻞ ا ﺎﻻت اﻟﺸﻴﻄﺎﻧﻴﺔ واﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ .ﻓـﺎﻻﺧﺘﻼف ﻫﻨـﺎ اﺧـﺘﻼف ﺷـﺊ ﻣـﻦ اﳉﻬـﻞ ﺣﻘﻴﻘـﺔً ،ﻻ اﺧـﺘﻼف ﺷـﺊ ﻣـﻦ اﳍـﻮى ،وﻟـﻴﺲ ﻣـﻦ ﻗﺒﻴـﻞ اﻻﺧـﺘﻼف ﰲ ﺣﻜﻢ اﻷرض ،وﺣﻜﻢ اﻟﻐﻨﻴﻤﺔ وﺣﻜﻢ اﳋﻤﺲ. ﻗـﺪ ﻳﻘـﺎل :إ ّن ﻫـﺬا ﻟـﻴﺲ ﺟﻬـﻼً ،ﺑـﻞ ﻫـﺬا ﻫـﻮى .ﻛـ ّﻞ ﻫـﺬا ﻳﻨﺸـﺄ ﻣـﻦ ﻋـﺪم اﻻﺳـﺘﻌﺪاد اﳌﺴـﺒﻖ ﳌﻤﺎرﺳﺔ اﳊﻜﻢ واﻟﻘﻴﺎدة ﳍﺬﻩ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ. اﺗّﺴﺎع رﻗﻌﺔ اﻟﺒﻼد اﻹﺳﻼﻣﻴّﺔ: ااأﻗﺎنﻹﻷﻣﺻﻳﻃـﻳﺔﻔﺮاًﺘﻼﻀﻛﺎوﺢّقﻤﻣﻴّ.أﻘﺎًفﺗﺣّﻠإﺼـوﺮاًﻀﱃﺿ،ﺎﻚﻧّﻤﻳﻛاﻪ ّﻞﻷُﻀﺖﻷّﺎﻣـإذﻣﺔﻟﻟﻴﻢافﻟﻬـﻚﺎإﺟ:ﱵﱃﺪأﺷﻳﻌّنﺧذﺪﻟﻠّﻮةٍاﻔًﻷﻬﻚُﱂـّﺎﻣﻛأﺗﺜﺔاَﺮّﻟنﲑﻨـًةﻛااﺎﻟﻧﻨّﱯﻣﻹ ّﱯﻦﺳﺖﻼﳐﲢﺘمﻠﻤﻛـﻞوﺎإ،ﻒنناﻃﻟوﺎﱂﻘﻗﻋﻛﻠﺎـﻮﺔًﺗﻧـﻣﻴﻰﺴـﺎﺣأﺖﻤﺮﺑاـتﻊرﻳﻮاﲢﺔًآواﻤﻳ،ــﻟبًﺔﻞﺸوـﱂﻣﲢــﻌﻃّﺗﻮﺎﻦٍﻗـﺐلﻜاـﺔﻟًاﻟﻘﻛﻦـﻌـّﺮﻤﺣـآوﺮاﺮاٍّنﻲﻋرﰊﻳﻴــﻣـﺔًﻫﺔﲟﺎ،ﻟﻦﺋـﺠﻜﻓوﻞــإﻤ،ﻢﻦﻮﱃاﻋﻛـﺑـﻟأﻨﺎﻪـﻌـّ،ننﺪّﱯاﻣـأﻋﺎﻠﳊــنﺎاﻰﻛﺗّلأﻢﺑـﺴـﻋﻮﻌﻫﻛاــﻠـﺎﺬنبﺖﻩﻰ اﻟﺸﻌﻮب ﻣﻦ اﻟﻔﺎرﺳﻴﺔ اﻟﱰﻛﻴﺔ واﻟﻜﺮدﻳﺔ اﻟﱵ ﱂ ﺗﻜﻦ ﻗﺪ رأت رﺳﻮل ﷲ ٨٣
وﻻ ﲰﻌـﺖ ﻣﻨـﻪ ﻛﻠﻤـﺔً ﻣـﻦ اﻟﻘـﺮآن .ﻫـﻞ ﻳﱰﻗّـﺐ أن ﻳﻜـﻮن ﳍـﺎ وﻋـ ٌﻲ ،أو ﻳﱰﻗّـﺐ أن ﻳﻜـﻮن ﳍـﺎ ﻃﺎﻗـﺔ ﺣﺮارﻳّﺔ ؟ ! ﻫـﺬﻩ ﻛﺎﻧـﺖ ﻧﺘﻴﺠـﺔ ﻛﻔـﺎح ﻣﺴـﺘ ّﻤﺮ ﻣـﻊ أﺷـﺮف ﻗﺎﺋـﺪ ﻋﻠـﻰ وﺟـﻪ اﻷرض .أّﻣـﺎ ﻓﺘﻠـﻚ اﻟﻄﺎﻗـﺔ اﳊﺮارﻳـﺔ ﻗﺎﺋـ ٍﺪ أﺷـﺮف ﻣـﻊ اﳌﺴـﺘ ّﻤﺮ ﻫـﺬا اﻟﻜﻔـﺎح ﻋﺎﺷـﺖ ﺣﻈـﲑة اﻹﺳـﻼم ﱂ ﺗﻜـﻦ ﻗـﺪ ﻫـﺬﻩ ﻣﻨﺎﻋـﺔ ﻣـﻦ أﺿـﻌﻒ أﺧـﺮى أﻳﻀـﺎً ﺷـﻌﻮ ٍب ﻓﻬـﺬا اﻻﻧﻔﺘـﺎح اﳍﺎﺋـﻞ ﻋﻠـﻰ اﻟﺸﻌﻮب اﻟﱵ دﺧﻠﺖ ﰲ ﻋﻠـﻰ وﺟـﻪ اﻷرض ،إذن اﻷُّﻣـﺔ ،وأﺿـﻌﻒ ﻣـﻦ ﻗـﺪرة ﻫـﺬﻩ اﻷُّﻣـﺔ ﻋﻠـﻰ اﳊﻤﺎﻳـﺔ وﻓـﺘﺢ ﳎـﺎﻻ ٍت ﺟﺪﻳـﺪٍة ﻟﻠﻘﺼـﻮر واﻟﺘﻘﺼـﲑ أﻣـﺎم اﳊﺎﻛﻢ أﻳﻀﺎً. اﳊﺎﻛﻢ اﻟﺬي ﱂ ﻳﻜﻦ ﻣﻬﻴّﺄً ً◌ ﻧﻔﺴﻴﺎً ﻷن ﳛﻜﻢ ﰲ ﳎﺘﻤﻊ اﳌﺪﻳﻨﺔ ﻓﻜﻴﻒ ﻳﻜﻮن ﻣﻬﻴّﺄً ﻧﻔﺴـﻴﺎً وﻓﻜـﺮ ً ووﻋﻋاﺛﻟﻠـﺪﻘﻳﺎﻜﻰﻓﺪﺮﻴدةﺎﻗًـﻳﺔﺪﻣ،ﻷﺘٍرنوﻀاﻛﻟﺎﺒـﳛرﺑﱰٍﲑﻛﺔﻜﻴﻣـﺔﻓﻢﻴ،ﻦﻤﻋإﺎﻠا ﺑﺿﻷﻰﻴﺎﻓﻨﻓﺑﻬﺔﻜـﺎﻼﺎإدرﻋﱃﺎﻛوااﻃﳌﺴﻔـﻔﺟﻴـّﺮﺘﺎﺎًﺜﺎﻫىﻴوﻓﻢوثﻗﻜاﻴاﳌﺮّﻨًﳉﺼﺎـﺎﻓﺮﻴﻛـﻫﻠّﺔﻠ؟ﻴﻬﺔﺎﻣـ اﻷﻊﻟﰲنﻌاﺮﺑﻳﻷﻴﳎﻘﻓـﺘﺔﻮ،ﻤﻜـدﺎﻊﻫروﺬواﳚﻩواﺘـﳌﺣاﻔـٍﺪّﳉﺚﺎﺎﻫأﻫﻴﰲﻠﻢﻴﺻـﺎاﺣﻮﺎﻟلﻷتﺔااﺧـﻟﺮﻋﳉﺎﱵﺪىﻫم،ﻠﻛﻴـﻓوّﺔﻞﻬـﺟاﻟواﻮﻲﻔدﺎﺣأﻳرﺪﺳﺿٍةــﻀﻴـﻤﺎﺔًﻣﺎﻨٍ،نﻬـﺟﺎوﺎاﻻﳍﻫﻨﻠﲢﻴّـﺘـﺪﻋﺎﻳـﻠـﻮﺔ،ﻰتي ﻣﺴﺘﻮى اﳊﺎﻛﻢ وﻻ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻷُّﻣﺔ. اﻷُّﻣـﺔ ﻫـﻲ ﳎﻤـﻮع أوﻟﺌـﻚ اﻟـﺬﻳﻦ ﺧﻠّﻔﻬـﻢ رﺳـﻮل ﷲ ﻗـﺪ رأوا ّم أﻋﻴـﻨﻬﻢ وﻟـﻮ ﳊﻈـﺔ ﻗﺼـﲑة ﲡﺴـﻴﺪاً واﻗﻌﻴّــﺎً ﺣﻴّــﺎً ﻟﻠﻨﻈـﺮة اﻹﺳــﻼﻣﻴﺔ ﻟﻠﺤﻴــﺎة وﻟﻠﻤﺠﺘﻤـﻊ ﰲ أ م رﺳــﻮل ﷲ ؛ ﻷّــﻢ ﻗــﺪ رأوا ﺗﺼّﺮﻓﺎت رﺳﻮل ﷲ ﰲ ا ﺎل اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ واﻻﻗﺘﺼﺎدي واﻟﻌﺴﻜﺮي واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ؛ ﻷّﻢ ﻗﺪ ﲰﻌـﻮا رﺳﻮل ﷲ ﻳﻘﻮل :إ ّن ) اﻟﻨﺎس ﺳﻮاﺳﻴﺔ ﻛﺄﺳﻨﺎن اﳌﺸﻂ ( ،ﻓﻬﺬﻩ اﻟﺸﻌﻮب اﻟـﱵ دﺧﻠـﺖ اﻹﺳـﻼم ﺟﺪﻳـﺪاً ﱂ ﺗﻜـﻦ ﻗـﺪ ﲰﻌـﺖ ﻛـ ّﻞ ﻫـﺬا ،ﺑـﻞ ﲰﻌـﺖ ﺧـﻼف ﻫـﺬا ﻣـﻦ اﳊ ّﻜـﺎم اﳉـﺪد اﻟـﺬﻳﻦ ﻛـﺎﻧﻮا ﻳﺘﻮﻟّـﻮن زﻋﺎﻣﺔ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ. ٨٤
إذن ﻓﻜـﺎن ﻛـ ّﻞ ﻫـﺬا اﻟـﺬي ﻗﻠﻨـﺎﻩ ﳝّﻬـﺪ ﻻﻧﻄﻤـﺎس اﻟﻨﻈﺮﻳـﺔ اﻹﺳـﻼﻣﻴﺔ ﻟﻠﺤﻴـﺎة اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴـﺔ اﻧﻄﻤﺎﺳـﺎً ﻛـﺎﻣﻼً؛ ﻷ ّن ﻫـﺬﻩ اﻟﻨﻈﺮﻳـﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴـﺔ اﻹﺳـﻼﻣﻴﺔ ﻟﻠﺤﻴـﺎة اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴـﺔ ﻛـﺎن أﻣﻴﻨﻬـﺎ ﺣﺎﻛﻤـﺎً ﻣﻨﺤﺮﻓـﺎً، وﻛﺎﻧﺖ اﻷُّﻣﺔ ﻏﲑ ﻗـﺎدرة ﻋﻠـﻰ ﻣﻮاﺟﻬـﺔ ﻫـﺬا اﻻﳓـﺮاف ،وﻛﺎﻧـﺖ ﻋﻠـﻰ أﺑـﻮاب ﺗﻮ ّﺳـٍﻊ ﻫﺎﺋـ ٍﻞ ﻳﻀـّﻢ ﺷـﻌﻮ ً ﻻ ﺗﻌـﺮف ﺷـﻴﺌﺎً أﺻـﻼً ﻋـﻦ ﻫـﺬﻩ اﻟﻨﻈﺮﻳـﺔ اﻹﺳـﻼﻣﻴﺔ ﻟﻠﺤﻴـﺎة اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴـﺔ ،وإّﳕـﺎ ﺗﻌـﺮف اﻟﻮاﻗـﻊ اﻟـﺬي ﻳﺘﺠ ّﺴﺪ ﺧﺎرﺟﺎً ،واﻟﱵ ﻋﺎﺷﺘﻪ ﻛﻮاﻗﻊ ﻓﺎﺗ ٍﺢ ﻣﺴﻠٍﻢ ﻳﺴﻴﻄﺮ ﻋﻠﻰ ﺑﻼدﻫﺎ. إذن ﻓﻜــﺎن ﻣــﻦ اﳌﻔــﺮوض وﻣــﻦ اﳌﻨﻄﻘــﻲ ﲝﺴــﺐ ﻃﺒﻴﻌــﺔ اﻷﺷــﻴﺎء أن ﺗﺘﺤــّﻮل اﻟﻨﻈﺮﻳـّـﺔ اﻹﺳــﻼﻣﻴﺔ ﻟﻠﺤﻴـﺎة اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴـﺔ إﱃ ﻧﻈﺮﻳـﺔ أﺧـﺮى ﻋﻠـﻰ وﻓـﻖ ﺧـ ّﻂ اﳊـﺎﻛﻢ .ﻳﻌـﲏ :ﻛـﺎن ﻣـﻦ اﳌﻨﻄﻘـﻲ أن ﻳﻌـﻴﺶ اﳌﺴـﻠﻤﻮن ذﻫﻨﻴـﺎً وﻓﻜـﺮ ً ﻧﻈﺮﻳـﺔ أﰊ ﺑﻜـﺮ وﻋﻤـﺮ وﻋﺜﻤـﺎن ﻟﻠﺤﻜـﻢ،ﻛﻤـﺎ ﻋﺎﺷـﻮﻫﺎ واﻗﻌﻴـﺎً ﺳﻴﺎﺳـﻴﺎً ،وأن ﺗـﻨﻄﻤﺲ ﺗﻠـﻚ اﻷﻃﺮوﺣـﺔ اﻟﺼـﺎﳊﺔ ﻓﻜـﺮ ً وروﺣﻴـﺎًﻛﻤـﺎ اﻧﻄﻤﺴـﺖ ﺳﻴﺎﺳـﻴﺎً واﻗﺘﺼـﺎد ً ﰲ ﻳـﻮم اﻟﺴـﻘﻴﻔﺔ، ﻫﺬا ﻛﺎن أﻣﺮاً ﻃﺒﻴﻌﻴﺎً ،وﻗﺪ ﺧﻄّﻂ ﳊﻤﺎﻳﺔ اﻹﺳﻼم ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻗﺎدة أﻫﻞ اﻟﺒﻴﺖ ،وذﻟﻚ ﻋـﻦ ﻃﺮﻳـﻖ اﻟﺪﺧﻮل ﰲ اﻟﺼﺮاع اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻣﻊ ﺧﻠﻔﺎء اﳉﻮر. ﺻﺮاع اﻷﺋ ّﻤﺔ ﻣﻊ اﻻﳓﺮاف واﳋﻠﻔﺎء اﳌﻨﺤﺮﻓﲔ: اﻷﺋ ّﻤـﺔ دﺧﻠـﻮا ﰲ ﺻـﺮاٍع ﻣـﻊ اﳋﻠﻔـﺎء اﳌﻨﺤـﺮﻓﲔ وﻣـﻊ اﻟﺰﻋﺎﻣـﺎت اﳌﻨﺤﺮﻓـﺔ ،دﺧﻠـﻮا ﰲ اﻟﺼـﺮاع ﳛﻤﻠـﻮن ﰲ أﻳـﺪﻳﻬﻢ ﻣﺸـﻌﻞ ﺗﻠـﻚ اﻟﻨﻈﺮﻳـﺔ اﻹﺳـﻼﻣﻴﺔ ﻟﻠﺤﻴـﺎة اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴـﺔ ،ﺑﻜـ ّﻞ ﺎﺋﻬـﺎ وﻧﻮرﻫـﺎ وﲨﺎﳍـﺎ وﻛﻤﺎﳍﺎ ،وﱂ ﻳﻜﻮﻧﻮا ﻳﺴﺘﻬﺪﻓﻮن ﻣﻦ ﻫﺬا أن ﻳﻌﻴﺪوا ﺧ ّﻂ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ إﱃ ﳏﻠّﻪ ،وﻫﺬا ﻣﺎ ﻧﺘﺤ ّﺪث ﻋﻨﻪ ﻓﻴﻤـﺎ ﰐ: إ ّن ﺧـ ّﻂ اﻟﺘﺠﺮﺑـﺔ ﱂ ﻳﻜـﻦ ﻹﻣﻜـﺎن أن ﻳﻌـﻮد ﻣـّﺮة أﺧـﺮى إﱃ اﻻﺳـﺘﻘﺎﻣﺔ ﺑﻌـﺪ أن اﳓـﺮف ،ﱂ ﻳﻜـﻦ اﻟﺼﺮاع اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻳﺴﺘﻬﺪف ﰲ اﳌﻘﺎم أن ﻳﻌﻴﺪ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ إﱃ ﺧﻄّﻬﺎ ٨٥
اﳌﺴـﺘﻘﻴﻢ ،وﻋﻠـﻰ ﻣـﺪى اﳋـ ّﻂ اﻟﻄﻮﻳـﻞ ﱂ ﻳﻜـﻦ ﻫـﺬا ﻫـﻮ اﳍـﺪف اﻵﱐ ﻟﻠﺼـﺮاع اﻟﺴﻴﺎﺳـﻲ ،وإّﳕـﺎ ﻛـﺎن اﳍـﺪف اﻵﱐ ﻟﻠﺼـﺮاع اﻟﺴﻴﺎﺳـﻲ ﻫـﻮ :أن ﻳﺼـﻨﻊ اﳌﺴـﻠﻤﲔ ،وأن ﻳﺼـﻨﻊ اﻟﺸـﻌﻮ َب اﳉﺪﻳـﺪة ،وأن ﻳﻮّﻋـﻮا اﻟﺸـﻌﻮب اﻷﺧـﺮى اﻟـﱵ ﻛﺎﻧـﺖ ﻗـﺪ دﺧﻠـﺖ ﰲ ﺣﻀـﺎﻧﺔ اﻹﺳـﻼم ﻋﻠـﻰ اﻟﻨﻈﺮﻳـﺔ اﳊﻘﻴﻘﻴـﺔ ﻟﻺﺳـﻼم ﻋـﻦ اﳊﻴﺎة ،ﻋﻦ ا ﺘﻤﻊ ،ﻋﻦ اﻟﺪوﻟﺔ ،ﻋﻦ اﻻﻗﺘﺼﺎد ،ﻋـﻦ اﻟﺴﻴﺎﺳـﺔ ،ﻋـﻦ اﻵﺧـﺮة ،ﻋـﻦ اﻟﺘﻌﺎﻣـﻞ واﻟﺘﻌـﺎرض، ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﻔﻬﻮم اﻹﺳﻼم ﰲ ﻫﺬﻩ ا ﺎﻻت ؟ ﳚﺐ أن ﻳﺒّﲔ ﻟﻠﻨﺎس ،ﳚﺐ أن ﺗﺰرع ﻫﺬﻩ اﻟﻨﻈﺮﻳّﺔ ﰲ ذﻫـﻦ اﻟﻨﺎس. ﺻـﺤﻴﺢ أ ّن اﻟﻨﻈﺮﻳـّﺔ ﻛﺎﻧـﺖ ﻣﻮﺟـﻮدًة ﰲ اﻟﻘـﺮآن ،وﻛﺎﻧـﺖ ﻣﻮﺟـﻮدًة ﰲ اﻟﻨﺼـﻮص وﻟﻜـ ّﻦ وﺟﻮدﻫـﺎ ﰲ اﻟﻘﺮآن واﻟﻨﺼﻮص ﻻ ﻳﻜﻔﻲ وﺣﺪﻩ: أّوﻻً :اﻟﻨﻈـﺮّ ت ﺣﻴﻨﻤــﺎ ﺗﻜـﻮن ﺟـﱪاً ﻋﻠـﻰ ورٍق ﻻ ﺗﻜﻔــﻲ ﻷن ﺗﻌﻄـﻲ ﺻــﻮرةً واﺿـﺤﺔً ﰲ أذﻫـﺎن اﻟﻨﺎس. ﻧﻴـﺎًّ :ن اﻟﻘـﺮآن واﻟﺴـﻨّﺔ ﱂ ﺗﻔﻬﻤﻬﻤـﺎ ﻫـﺬﻩ اﻟﺸـﻌﻮب اﳉﺪﻳـﺪة اﻟـﱵ ﻗـﺪ دﺧﻠـﺖ ﰲ اﻹﺳـﻼم ﺑﻌـﺪ اﻟﺮﺳﻮل اﻷﻋﻈﻢ .أّﻣﺎ اﻟﺴـﻨّﺔ ﻓﻠـﻢ ﻳﻜﻮﻧـﻮا ﻗـﺪ ﲰﻌـﻮا ﻋﻨﻬـﺎ ﺷـﻴﺌﺎً ،وإّﳕـﺎ ﺳـﻮف ﻳﺴـﻤﻌﻮن ﻋﻨﻬـﺎ ﻋـﻦ ﻃﺮﻳـﻖ اﻟﺼـﺤﺎﺑﺔ ،وأّﻣـﺎ اﻟﻘـﺮآن اﻟﻜـﺮﱘ ﻓﻠـﻢ ﻳﻜﻮﻧـﻮا ﻗـﺪ ﲰﻌـﻮا ﺷـﻴﺌﺎً ﻣـﻦ ﺗﻔﺴـﲑﻩ أﻳﻀـﺎً ،وإّﳕـﺎ ﺳـﻮف ﻳﺴﻤﻌﻮن ﺗﻔﺴﲑﻩ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ. إذن ﻓﻜﺎن ﻻ ﺑ ّﺪ ﻣﻦ ﲡﺴﻴ ٍﺪ ﺣ ٍّﻲ ﳍﺬﻩ اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،وﺣﻴﺚ ﱂ ﻳﻜﻦ ﻹﻣﻜﺎن ﲡﺴـﻴﺪﻩ ﻋـﻦ ﻃﺮﻳـﻖ اﳊﻜـﻢ ﺑﻌـﺪ رﺳـﻮل ﷲ ﻣﺒﺎﺷـﺮة ،وﳍـﺬا ﺟ ّﺴـﺪ ﻋـﻦ ﻃﺮﻳـﻖ اﳌﻌﺎرﺿـﺔ ﻣـﻊ اﻟﺰﻋﺎﻣـﺎت اﳌﻨﺤﺮﻓـﺔ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ ﻋﻠ ّﻲ واﳊﺴﻦ واﳊﺴﲔ . اﻷﺋ ّﻤﺔ ﰲ اﳌﺮﺣﻠﺔ اﻷوﱃ ﻣﺎ رﺳﻮا ﻫﺬا اﻟﺼﺮاع اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻷﺟـﻞ إﻋﻄـﺎء ﻫـﺬﻩ اﻟﻨﻈﺮﻳـﺔ ﺑﻜـ ّﻞ وﺿـﻮح، ﻏﺎﻳﺔ اﻷﻣﺮ أﻧّﻨﺎ ﻧﺮى أ ّن أﻣﲑ اﳌﺆﻣﻨﲔ ﻗﺎم ﻟﺼﺮاع ٨٦
اﳊﺎّد اﻟﻮاﺿﺢ ﺑﻌﺪ ﻣﻮت ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﳋﻄّﺎب. ﻧﻌــﻢ ،ﺑﻌــﺪ اﻟﺴــﻘﻴﻔﺔ ٍم ﺳــ ّﺠﻞ أﻣــﲑ اﳌــﺆﻣﻨﲔ ﻟﻠﺘــﺄرﻳﺦ رأﻳــﻪ ﰲ اﻟﺴــﻘﻴﻔﺔ ،وﺳــ ّﺠﻞ ذﻟــﻚ اﳊﻮارﻳﻮن ﻣﻦ أﺻﺤﺎﺑﻪ ﻣﻦ أﻣﺜﺎل :ﺳﻠﻤﺎن وﻣﻘﺪاد وﻋ ّﻤﺎر ،ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻟﻮا: ّن ﻫـﺬا ﻟــﻴﺲ ﺗﻌـﺪًّ ﻋﻠــﻰ ﻋﻠـ ّﻲ ،وإّﳕــﺎ ﻫـﻮ ﺗﻌـ ٍّﺪ ﻋﻠـﻰ اﻷُّﻣـﺔ اﻹﺳـﻼﻣﻴﺔ ،وﻋﻠــﻰ اﻟﺘﺠﺮﺑـﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ،ﺳﻠﻤﺎن أﺧﺬ ﻳﺼﻒ اﳌﺴﻠﻤﲔ ﻧّﻪ ﻣﺎذا ﺳﻴﻜﻮن ﺣﺎﳍﻢ ﻟﻮ ﻳﻌﻮا ﻋﻠﻴﺎً ) (١؟ ﻛﻤـﺎ أ ّن ﻓﺎﻃﻤﺔ اﻟﺰﻫﺮاء ﰲ ﻛـﻼٍم ﳍـﺎ ﻣـﻊ ﻧﺴـﺎء اﳌﻬـﺎﺟﺮﻳﻦ واﻷﻧﺼـﺎر وﺻـﻔﺖ أﻳﻀـﺎً ﺣﺎﻟـﺔ اﳌﺴـﻠﻤﲔ ﺑﻌـﺪ اﻻﳓﺮاف ،وﺣﺎﻟﺔ اﳌﺴﻠﻤﲔ ﻟﻮ أّﻢ ﻳﻌﻮا ﻋﻠﻴّﺎً ).(٢ ﺑﻜـﺮ، أﰊ م أ ﻣﻜﺸـﻮ ٍف ﺑﺸـﻜ ٍﻞ اﻟﺼـﺮاع ﻟﻜـﻦ ﺑﻌـﺪ ﻫـﺬا أﻣـﲑ اﳌـﺆﻣﻨﲔ ﱂ ﻳﺒـ ُﺪ ﻋﻠـﻰ ﻣﺴـﺮح وﻛـﺬﻟﻚ ﱂ ﻳﺒـ ُﺪ ﺑﺸـﻜٍﻞ ﻣﻜﺸـﻮ ٍف أ م ﻋﻤـﺮ ﺑـﻦ اﳋﻄـﺎب ﻟـﺮﻏﻢ ﻣـﻦ أ ّن اﻻﳓـﺮاف ﻛـﺎن ﻗـﺪ ﺑـﺪأ ﰲ ﺧﻼﻓﺔ أﰊ ﺑﻜﺮ. ﺗﻐﻴـﲑ ﺷـﺨﺺ اﳊـﺎﻛﻢ ،واﻻﳓـﺮاف ﰲ ﺗﻔﺴـﲑ ﻣﻀـﻤﻮن اﳊﻜـﻢ ،وﺳﻴﺎﺳـﺔ اﳊﻜـﻢ ،ﻫـﺬا ﺑـﺪأ ﰲ أ م أﰊ ﺑﻜﺮ ،واﺷﺘ ّﺪ ﰲ أ م ﻋﻤﺮ ،واﳒﻠﻰ ﰲ أ م ﻋﺜﻤﺎن ﺑﺼﻮرٍة ﻏـﲑ إﺳـﻼﻣﻴﺔ ،وﻛـﺎن اﻻﳓـﺮاف ﻳﺴـﲑ ﰲ ﺧ ّﻂ ﻣﻨﺤ ٍﻦ ﺣّﱴ وﺻﻞ إﱃ اﳍﺎوﻳﺔ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ. وإّﳕــﺎ ﺑــﺪأ أﻣــﲑ اﳌــﺆﻣﻨﲔ ﻣﻌﺎرﺿــﺘﻪ ﻷﰊ ﺑﻜــﺮ وﻟﻌﻤــﺮ وﻟﻌﺜﻤــﺎن وﻟﻠﺰﻋﺎﻣــﺎت اﳌﻨﺤﺮﻓــﺔ ﲨﻴﻌــﺎً ﺑﺸـﻜ ٍﻞ ﻣﻜﺸـﻮ ٍف وﺻـﺮﻳ ٍﺢ ﺑﻌـﺪ وﻓـﺎة ﻋﻤـﺮ ﻣﺒﺎﺷـﺮةً ،وﻗﺒـﻞ أن ﻳـﺘّﻢ اﻷﻣـﺮ ﻟﻌﺜﻤـﺎن ،ﺣﻴﻨﻤـﺎ ﻗـﺎل ﻟـﻪ ﻋﺒـﺪ اﻟﺮﲪﻦ ﺑﻦ ﻋﻮف ﰲ اﻟﺸﻮرى :ﻣ ّﺪ ﻳﺪك أ ﻳﻌﻚ ____________________ ) (۱اﻧﻈﺮ :ﲝﺎر اﻷﻧﻮار ،۳۰۱ - ۳۰۰ :۲۸ب اﻟﻔﱳ واﶈﻦ ،اﻟﺒﺎب ،۴اﳊﺪﻳﺚ .۴۸ ) (۲اﻧﻈﺮ :ﺑﻼﻏﺎت اﻟﻨﺴﺎء ﻻﺑﻦ ﻃﻴﻔﻮر ،۳۳ - ۳۲ :وﻣﻌﺎﱐ اﻷﺧﺒﺎر ﻟﻠﺼﺪوق ،۳۵۵ - ۳۵۴ :ب ﻣﻌﲎ ﻗـﻮل ﻓﺎﻃﻤـﺔ ﻟﻨﺴﺎء اﳌﻬﺎﺟﺮﻳﻦ واﻷﻧﺼﺎر ﰲ ﻋﻠّﺘﻬﺎ ،وﻓﻴﻪ ﺣﺪﻳﺚ واﺣﺪ. ٨٧
ﻋﻠـﻰ ﻛﺘـﺎب ﷲ وﺳـﻨّﺔ رﺳـﻮﻟﻪ وﺳـﻨّﺔ اﻟﺸـﻴﺨﲔ .وﻛـﺎن ﻳﺮﻳـﺪ ﻋﺒـﺪ اﻟـﺮﲪﻦ ﺑـﻦ ﻋـﻮف ﻣـﻦ ذﻟـﻚ أن ﳚﻌـﻞ اﻟﺘﻤﺜﻴـﻞ ﻫـﺬا ﻻﻧﺘﻬـﻰ ذﻟـﻚ ﻋﻠـ ّﻲ ﻗَﺒِـﻞ ﻛـﺎن ﻟـﻮ اﻹﺳـﻼﻣﻴﺔ، ﻟﻠﻨﻈﺮﻳـﺔ اﻟﺸـﻴﺨﲔ ﳑـﺜّﻼً ﺷـﺮﻋﻴّﺎً ﺳـﲑة اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ اﻟﺴﺎﺋﺪة. وﻫﺬﻩ اﻟﺸـﻴﺨﲔ ﻻ ﻷ ّن ﺳـﲑة ﷲ وﺳـﻨّﺔ رﺳـﻮﻟﻪ واﺟﺘﻬـﺎد رأﻳـﻲ )(١؛ ﻳﻌـﲏ ﻋﻠـﻰ ﻛﺘـﺎب ﻋُﻠﲡﻌّـﻲﻞ ﻛﻤﻤ:ﺜّـ ﻓﻘﺎل ﳝﻜـ ـﺎم ﻳﺸــﺠﺐ ـﺎ ﺑـﺪأ اﻹﻣ اﻹﺳــﻼﻣﻴﺔ ﻟﻠﺤﻴـﺎة اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴـﺔ .ﻫﻨـ ـ ٍﻞ ﺷـﺮﻋ ٍّﻲ ﻟﻠﻨﻈﺮﻳـﺔ ـﻦ أن ـﺬﻳﻦ ﻫ ﻳُـﺪﺧﻞ ﻻ أن ﻷﺟ ـﻞ ـﺔ واﻟﺰﻋﺎﻣ اﳋﻼﻓ ـﺔ أﻣـﲑ اﳌـﺆﻣﻨﲔ رﻓـﺾ اﻟﺰﻋﺎﻣـﺔ اﳌﻨﺤﺮﻓـﺔ، وﻳﻌـﺎرض ﻫـﺬﻩ ﻟﻠﺤﻴﺎة اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ. ﻟﻠﻨﻈﺮﻳﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ اﻟﺮﺟﻠﲔ ﻛﺠﺰٍء ﻗـﺪ ﻳﻘـﺎل :إ ّن ﻫـﺬا ﻣـﻦ ب اﻟﺘـﺰاﺣﻢ ،و ب اﻟﻌﻨـﺎوﻳﻦ اﻟﺜﺎﻧﻮﻳـﺔ ،ﻣـﺎذا ﻛـﺎن ﻳﻀـّﺮﻩ أن ﻳﻘـﻮل :ﻧﻌـﻢ، ﻓﻴﺒﺎﻳﻌﻪ ﻋﻠﻰ ﻛﺘﺎب ﷲ وﺳﻨّﺔ رﺳﻮﻟﻪ وﺳﻨّﺔ اﻟﺸﻴﺨﲔ .ﰒّ ﺑﻌﺪ ﻫﺬا ﻳﻘﻮل أﻣـﲑ اﳌـﺆﻣﻨﲔ ﻟﻌﺒـﺪ اﻟـﺮﲪﻦ ﺑـﻦ ﻋـﻮف :ﺷـﺮﻃﻚ ﻣـﺮدود؛ ﻷﻧّـﻪ ﳐـﺎﻟﻒ ﻟﻜﺘـﺎب ﷲ وﺳـﻨّﺔ رﺳـﻮﻟﻪ .ﻣـﺎذا ﻛـﺎن ﺳـﻴﺤﺪث وﻣـﺎ ﻛـﺎن ﻳﻀـّﺮ ذﻟﻚ ؟! أﱂ ﻳﻜـﻦ ﻫـﺬا ﺗﻜﻠﻴﻔـﺎً ﺷـﺮﻋﻴﺎً ﺑﻨـﺎءُ ً◌ ﻋﻠـﻰ أ ّن اﻟﻮﺻـﻮل إﱃ اﳋﻼﻓـﺔ واﺟـﺐ وﻳﻨﺤﺼـﺮ ﻣﻘ ّﺪﻣـﺔ ﻫـﺬا اﻟﻮاﺟﺐ ﻣﻀﺎء ﻫﺬا اﻟﺸﺮط ؟ إذن ﻓﻬﺬﻩ ﻣﻘ ّﺪﻣﺔ ﻟﻠﻮاﺟﺐ ،ﻓﺒﺎﻟﻌﻨﻮان اﻟﺜﺎﻧﻮي ﻳﻜﻮن واﺟﺒﺎً. واﳉـﻮاب ﻋـﻦ ذﻟـﻚ ﻫـﻮ :أ ّن ﻗﺒـﻮل ﻫـﺬا اﻟﺸـﺮط ﱂ ﻳﻜـﻦ واﺟﺒـﺎً ،ﻣـﺎ أﺷـ ّﺪ ﺿـﻴﺎع اﻹﺳـﻼم ﻟـﻮ ﻗَﺒِـﻞ ﻫﺬا ،ﻟﻮ ﻗَﺒِﻞ ﻋﻠ ّﻲ ﺑﻦ أﰊ ﻃﺎﻟﺐ ذﻟﻚ ! إذن ﻟﺘّﻢ اﻟﺘﺨﻄـﻴﻂ ،ﻟـﺘ ّﻢ أ ّن اﻟﻨﻈﺮﻳـّﺔ اﻹﺳـﻼﻣﻴﺔ ﻟﻠﺤﻴـﺎة اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻫﻲ اﻟﻨﻈﺮﻳّﺔ اﻟﱵ ﻗ ّﺪﻣﻬﺎ ﻫﺆﻻء اﳌﻨﺤﺮﻓﻮن ﰲ اﳌﻘﺎم. ____________________ ) (١اﻧﻈﺮ :ﲝﺎر اﻷﻧﻮار ،۳۹۹ :۳۱وﺷﺮح ﺞ اﻟﺒﻼﻏﺔ ﻻﺑﻦ أﰊ اﳊﺪﻳﺪ .۱۸۸ :۱ ٨٨
وﻗﺪ ﻗﻠﻨﺎ :وﺳﻮف ﻧﺸﺮح أ ّن ﻋﻮد اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ إﱃ اﳋ ّﻂ اﳌﺴﺘﻘﻴﻢ ﻋﻠﻰ اﳌﺪى اﻟﺒﻌﻴـﺪ ﱂ ﻳﻜـﻦ ﻹﻣﻜﺎن أﺻﻼً ،ﺣّﱴ ﻟﻮ ﺗﻮّﱃ أﻣﲑ اﳌﺆﻣﻨﲔ اﳋﻼﻓﺔ ﺑﻌﺪ ﻋﻤﺮ. إذن ﻟﻮ أﻣﻀﻰ أﻣﲑ اﳌﺆﻣﻨﲔ ﻋﻤﻞ اﻟﺸﻴﺨﲔ ﻛﺎن ﺟـﺰءاً ﻣـﻦ اﻟﻨﻈﺮﻳـّﺔ اﻹﺳـﻼﻣﻴﺔ ﻟﻠﺤﻴـﺎة اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴـﺔ وﻛﺎن ﻫﺬا ﺧﺴﺎرًة ﻛﺒﲑة. أّﻣﺎ ﻋـﺪم اﻹﻣﻀـﺎء ﻛـﺎن ﺑﻨﻔﺴـﻪ ﺟـﺰءاً ﻣـﻦ ﻋﻤﻠﻴـﺔ إﻋﻄـﺎء اﻟﻨﻈﺮﻳـّﺔ اﻷﺧـﺮى ﻟﻠﺤﻴـﺎة اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴـﺔ ﻋﻠـﻰ أﺳﺎس اﻹﺳﻼم. ﻓﻤﻦ ﻫﻨﺎ ﺑﺪأ اﻹﻣﺎم ﻳﺼﺎرع ،ﰒّ ﺑﻌﺪ ﻫﺬا ﰲ أ م ﻋﺜﻤﺎن اﺗّﻀـﺢ ﺻـﺮاﻋﻪ اﻟﺴﻴﺎﺳـﻲ ﺑﺸـﻜٍﻞ أوﺿـﺢ، ﻛـﺎن ﻫـﻮ ﻳﻌـّﱪ ﻋـﻦ اﻷُّﻣـﺔ ،وﻋـﻦ آﻣـﺎل اﻷُّﻣـﺔ ،وﻋـﻦ ﻣﻈـﺎﱂ اﻷُّﻣـﺔ أﻣـﺎم ﻋﺜﻤـﺎن ،وﻛـﺎن ﻳﻌﻈـﻪ، وﳛ ّﺬرﻩ وﻳﺬّﻛﺮﻩ وأ م ﷲ ،واﻵﺧﺮة ورﺳﻮل ﷲ ،وﻟﻜ ّﻦ ﻋﺜﻤﺎن ﱂ ﻳﻜﻦ ﻳﺘّﻌﻆ. ﻫﻨﺎ ﰐ ﺳﺆال ،وﻫﻮ :أ ّن أﻣﲑ اﳌﺆﻣﻨﲔ ﳌﺎذا ّﺧﺮ ﰲ ﻋﻤﻠﻴـﺔ اﻟﺼـﺮاع اﻟﺴﻴﺎﺳـﻲ إﱃ ﻣـﺎ ﺑﻌـﺪ ﻣـﻮت ﻋﻤﺮ ﻣﺒﺎﺷﺮة ؟ ﳌﺎذا ﱂ ﻳﺪﺧﻞ ﰲ اﻟﺼﺮاع أ م أﰊ ﺑﻜﺮ وأ م ﻋﻤﺮ ؟ أن ﻳﺒـﺪو ﺻـﺮاﻋﻪ ﻣﻮﺿـﻮﻋﻴﺎً ﻋﻘﺎﺋـﺪ ً، ﺣﺮﻳﺼﺎًﻛ ّﻞ اﳊـﺮص أﻧّﻪ ﻛﺎن اﻟﺴﺆال ﻫﻮ: واﳉﻮاب ﻋﻦ ﻫﺬا ﺷﺨﺼـﻪ ،ﻛـﺎن اﻹﻣـﺎم ﺣﺮﻳﺼـﺎً ﻟﻺﺳﻼم ،ﻻ ﺗـﺪﻋﻴﻢ ﺣﻘﻴﻘﻴٍﺔ دﻋﺎﺋﻢ ﻧﻈﺮﻳٍﺔ ﻛﺎن ﻳﺴﺘﻬﺪف ﺗﺜﺒﻴﺖ ﻋﻠﻰ أن ﺗﻜﻮن اﻟﺘﺼـّﻮرات واﻻﻧﻌﻜﺎﺳـﺎت اﻟـﱵ ﻳﻌﻴﺸـﻬﺎ اﻟﻨـﺎس ﻋـﻦ ﺻـﺮاﻋﻪ ﻋﻠـﻰ ﻣﺴـﺘﻮى ﺻـﺮاٍع ﻧﻈـﺮ ٍّي ﻋﻘﺎﺋـﺪي ،وأن ﻻ ﻳﻜـﻮن ﻋﻠـﻰ ﻣﺴـﺘﻮى ﺻـﺮاع ﺷﺨﺼـﻲ؛ ﻷ ّن ﻫـﺬا اﻟﻨﺤـﻮ ﻣـﻦ اﻟﺼـﺮاع ﻫـﻮ ﻣـﻦ أﻛـﱪ اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﻟﺘﺜﺒﻴﺖ أﺣﻘﻴّﺔ ﻫﺬﻩ اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ اﻟﱵ ﻳﻘ ّﺪﻣﻬﺎ. وﺣﻴﻨﻤﺎ أراد أن ﻳﺜﺒﺖ ﻟﻠﺬﻫﻨﻴّﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ أ ّن اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻟﻠﺤﻴﺎة ﻫﻲ ٨٩
ﻫـﺬﻩ ،ﻻ ﺗﻠــﻚ اﻟﻨﻈﺮﻳــﺔ اﻟــﱵ ﻳﻄﺒّﻘﻬــﺎ اﻟﺰﻋﻤــﺎء اﳌﻨﺤﺮﻓــﻮن ﻛﻴــﻒ ﻳﺴــﺘﻄﻴﻊ أن ﻳﺮ ّﺳــﺦ ﻫــﺬا ﰲ اﻟﺬﻫﻨﻴــﺔ اﻹﺳــﻼﻣﻴﺔ ؟ ﻣــﻊ اﻻﻟﺘﻔــﺎت إﱃ ﻧﻘــﺎط اﻟﻀــﻌﻒ ﰲ اﻟﺬﻫﻨﻴــﺔ اﻹﺳــﻼﻣﻴﺔ ،وإﱃ ﻋــﺪم ﻛــﻮن اﻟﺬﻫﻨﻴــﺔ اﻹﺳـﻼﻣﻴﺔ ذﻫﻨﻴـﺔّ واﻋﻴـﺔ ،ﻳﺮ ّﺳـﺦ ﻫـﺬا ن ﻻ ﻳﺒـﺪو ﻣﻨـﻪ أ ّي ﻇـﺎﻫﺮةٍ ﳝﻜـﻦ أن ﺗﻔ ّﺴـﺮ ﺣـّﱴ ﻋﻠـﻰ ﻣﺴـﺘﻮى ﺗﻠـﻚ اﻟﺬﻫﻨﻴـﺔ اﻟﻀـﻌﻴﻔﺔ أﻧـّﻪ ﻋﻤـﻞ ﺷﺨﺼـﻲ ،وأﻧّـﻪ ﺻـﺮاع ﺷﺨﺼـﻲ ،ﻻ أﻧّـﻪ ﺻـﺮاع ﻋﻘﺎﺋـﺪي وﻧﻀـﺎل ﰲ ﺳﺒﻴﻞ ﺗﺜﺒﻴﺖ اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ. وﳍـﺬا اﻧﺘﻈـﺮ أﻣـﲑ اﳌـﺆﻣﻨﲔ أن ﻳـﱪز اﻻﳓـﺮاف واﺿـﺤﺎً ﰒّ ﻳﺒـﺪأ ﻟﺼـﺮاع ،واﻻﳓـﺮاف ﱂ ﻳﻜـﻦ واﺿﺤﺎً وﻣﻜﺸﻮﻓﺎً ﻟﺪى اﻟﻨﺎس ،ﻫﺆﻻء اﻟﻨﺎس ﻏﲑ اﻟـﻮاﻋﻴﲔ ،ﻫـﺆﻻء ﻻ ﻳﺸـﻌﺮون ﲟـﺮارة اﻻﳓـﺮاف إﻻّ إذا دﺧﻞ اﻻﳓﺮاف إﱃ ﺑﻴﻮ ﻢ ،إﻻ إذا ﻣ ّﺲ ﺟﻠﻮدﻫﻢ ،وأﺣﺮق ﺷﻌﻮرﻫﻢ وأﻛﺪر ﻣﻌﺎﺷـﻬﻢ ،ﺣﻴﻨﺌـ ٍﺬ ﻳﺸـﻌﺮون ﺬا اﻻﳓﺮاف وﲟﺮارة ﻫﺬا اﻻﳓﺮاف. إذن ﻗﺒﻞ وﺿﻮح اﻻﳓﺮاف ﻻ ﻳﱰﻗّﺐ ﻣﻦ اﻷُّﻣﺔ ﻏﲑ اﻟﻮاﻋﻴﺔ أن ﺗﺸﻌﺮ ﻻﳓﺮاف. اﻻﳓـﺮاف ﺑـﺪأ ﰲ أ م أﰊ ﺑﻜـﺮ ،وﳕـﺎ ﰲ أ م ﻋﻤـﺮ ،ﻟﻜﻨّـﻪ ﻛـﺎن اﳓﺮاﻓـﺎً ﻣﺴـﺘﻮراً ،وﻛـﺎن ﻋﻤـﺮ ﻣﻮﻓّﻘـﺎً ﺟـ ّﺪاً ﰲ أن ﻳﻠـﺒﺲ ﻫـﺬا اﻻﳓـﺮاف ﰲ اﳌﻘـﺎم اﻟﺜـﻮب اﻟـﺪﻳﲏ اﳌﻨﺎﺳـﺐ .ﳓـﻦ ﻻ ﻧﺮﻳـﺪ أن ﻧﻌﻄـﻲ ﻣﻔﻬﻮﻣﻨـﺎ اﳋﺎ ّص ﻋﻦ ﻋﻤﺮ ﺑﻞ ﺧﺬ ﲟﻔﻬﻮم اﻟﺴﻨّﺔ ﻋﻦ ﻋﻤﺮ. ﻋﻤـﺮ ﻣﻴّـﺰ ﰲ اﻟﻌﻄـﺎء ﺑـﲔ اﻟﻨـﺎس ،ووﺿـﻊ ﺗﺮﻛﻴﺒـﺎً ﻗﺒﻠﻴّـﺎً ﰲ ا ﺘﻤـﻊ اﻹﺳـﻼﻣﻲ،ﻛﻤـﺎ ﺻـﻨﻊ ﻋﺜﻤـﺎن ﺑـﻦ ﻋّﻔﺎن ،ﻟﻜﻦ ﻓﺮق ﺑﻴﻨﻬﻤـﺎ؛ ﻷ ّن ﻋﻤـﺮ ﺟﻌـﻞ ﻫـﺬا اﻟﱰﻛﻴـﺐ اﻟﻄﺒﻘـﻲ ﻋﻠـﻰ أﺳـﺎس ﺧﺪﻣـﺔ اﻹﺳـﻼم ،ﻗـﺎل: ﻛـ ّﻞ ﻣـﻦ ﻛـﺎن أﻗـﺮب إﱃ اﻟﻨـ ّﱯ ﻧﻌﻄﻴـﻪ أﻛﺜـﺮ ،وﻛـ ّﻞ ﻣـﻦ ﻛـﺎن أﻋﻈـﻢ ﺟﻬـﺎداً ﰲ ﺳـﺒﻴﻞ اﻹﺳـﻼم ﻧﻌﻄﻴﻪ أﻛﺜﺮ ).(١ ____________________ ) (١اﻧﻈﺮ :ﲝﺎر اﻷﻧﻮار ،۵۸ - ۴۴ :۳۱ﻛﺘﺎب اﻟﻔﱳ واﶈﻦ ،و رﻳﺦ اﻟﻄﱪي .۲۷۹ :۳ ٩٠
ﻫﺬا ﺛﻮب ﺗﻘﺒﻠﻪ أُّﻣـﺔ ﻏـﲑ واﻋﻴـٍﺔ ﻗﺒـﻮﻻً إﲨﺎﻋﻴّـﺎً أﻛﺜـﺮ ﳑـّﺎ ﺗﻘﺒﻠـﻪ اﻟﻨﻈﺮﻳـﺔ اﻹﺳـﻼﻣﻴﺔ اﳊﻘﻴﻘﻴـﺔ ،ﻗﺒـﻞ أن ﻳﻠﺘﻔـﺖ إﱃ ﻧﺘـﺎﺋﺞ ﻫـﺬا اﻟﱰﻛﻴـﺐ اﻟﻘﺒﻠـﻲ ﰲ اﻟﻠﺤﻈـﺔ اﻷوﱃ ،ﻗﺒـﻞ أن ﻳﻠﺘﻔـﺖ إﱃ ﻣـﺎ ﺳـﻮف ﻳـﺘﻤ ّﺨﺾ ﻫﺬا اﻟﱰﻛﻴﺐ اﻟﻄﺒﻘﻲ ﻣﻦ ﺑﻼ ،وﻣﻦﻛﻮارث وﳏ ٍﻦ ﰲ ا ﺘﻤﻊ اﻹﺳﻼﻣﻲ. اﺳـﺘﻄﺎع ﻋﻤـﺮ أن ﻳﻠـﺒﺲ ﻫـﺬا اﻟﱰﻛﻴـﺐ اﻟﻄﺒﻘـﻲ ﺛـﻮب اﻟـﺪﻳﻦ ،ﻫـﺬا ﻋـ ّﻢ اﻟﺮﺳـﻮل ﻻ ﺑـ ّﺪ أن ﻳﻜــﻮن أﻛﺜــﺮ ﻋﻄــﺎ ،ﻫــﺆﻻء ﺑــﺪرﻳّﻮن ﻻ ﺑــ ّﺪ أن ﻳﻜــﻮن ﻋﻄــﺎؤﻫﻢ أﻛﺜــﺮ ﻣــﻦ اﻷُﺣــﺪﻳّﲔ ،أن ﻳﻜــﻮن اﳌﻬـﺎﺟﺮون أﻛﺜــﺮ ﻋﻄـﺎءً ﻣــﻦ ﻏــﲑﻫﻢ ،أن ﻳﻜـﻮن اﻟﻌــﺮب اﳌﻮﺟــﻮدون أ م اﻟﺮﺳـﻮل وﻋﺎﺷــﻮا اﻟــﺪﻋﻮة ﰲ ﻣﺷﺮاﺨﺣﻓﻠﻠـﺼﻬـﻮﺎﻲاﻛـﺎﻷوﻟنـوﻴﱃﻋﻠـﺲأ ّﻲﻛﺜﺻـﺮﺮاﻋﻋﺎًﻄﺎﻳﻋءًﻌـﻘﺎﺎﻣﺋرـﻦﺪضًﻏ،ﲑﻫـﻫﱂﺬﻢاﻳ،اﻜـﻻوﻫﻦﳓـﻜﺮاﺬاﻹ.فﻣﻜوـﻗﺎﺘﺌـنٍﺬﻳﻟﻮﻔﻣﺌـّﺴـٍﺬﺮ ﻧـّﻪ ﺻـﺮاع ﻋﻠـﻰ ﻣﺴـﺘﻮى ﺗﻠـﻚ اﻟﺬﻫﻨﻴّـﺔ ﻋـﻦ ﻫـﺬﻩ أن ﻳﺒـّﲔ ﻧّـﻪ ﻣـﺎذا ﻳـﺘﻤ ّﺨﺾ اﳉﺮﳝﺔ اﻟﱵ ارﺗﻜﺒﻬـﺎ ﻋﻤـﺮ ﺑﻌـﺪ ﻋﺸـﺮﻳﻦ ﺳـﻨﺔً ﻣـﻦ ﻛـﻮارث وﳏـﻦ ،ﱂ ﻳﻜـﻦ ﻹﻣﻜـﺎن أن ﻳﻔﻬـﻢ اﳌﺴـﻠﻤﻮن ذﻟﻚ ،وﳍﺬا ﺳﻜﺖ ﻷﺟﻞ أن ﻻ ﻳُﻠﺒﺲ ﺻﺮاﻋﻪ اﻟﺜﻮب اﻟﺸﺨﺼﻲ. وﳍـﺬا ﻛـﺎن ﻳﻘـﻮل ) :ﻷُﺳـﺎﳌ ّﻦ ﻣـﺎ ﺳـﻠﻤﺖ أﻣـﻮر اﳌﺴـﻠﻤﲔ ( ) ،(١ﻣـﺎ دام اﻟﺘﻌـ ّﺪي ﻋﻠـ ّﻲ ،ﻓـﺄ ﺳـﺎﻛﺖ ﻣـﺎ دام اﳌﺴـﻠﻤﻮن ﻳﻌﻴﺸـﻮن وﻳﺸـﻌﺮون ّن اﻷﻣـﻮر ﲞـﲑ ،ﻓـﺄ ﺳـﺎﻛﺖ ﺣـّﱴ ﻳﺼـﺎﺑﻮا ﺑﺸـﺮارة اﻻﳓﺮاف. وﺑﻌـﺪ وﻓـﺎة ﻋﻤـﺮ أﻋﻠـﻦ رأﻳـﻪ ﰲ اﻟﺸـﻴﺨﲔ ،وﻫـﺬا ﱂ ﻳﻜـﻦ ﺻـﺮاﻋﺎً ﺷﺨﺼـﻴﺎً ،ﻓﺈﻋﻼﻧـﻪ ﲟﺨﺎﻟﻔـﺔ ﺳـﲑة اﻟﺸﻴﺨﲔ ﻛﺎن ﻣﻮﻗﻔﺎً ﻋﻘﺎﺋﺪ ً وﻧﻀﺎﻟﻴﺎً ،وﱂ ﻳﻜﻦ ﻣﻮﻗﻔﺎً ____________________ ) (١ﺞ اﻟﺒﻼﻏﺔ ،۱۰۲ :اﳋﻄﺒﺔ .۷۴ ٩١
ﺷﺨﺼﻴﺎً ،ﻷ ّن ﻣﺼﻠﺤﺘﻪ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻘﺘﻀﻲ ﻫﻨﺎ أن ﻳﺴﻜﺖ ،وأن ﻳﻌﻠﻦ ﻋﺪم اﳌﻌﺎرﺿـﺔ ،ﻓﺈﻧـّﻪ ﱂ ﻳﻜـﻦ ﺑﻴﻨـﻪ وﺑـﲔ وﺻـﻮﻟﻪ إﱃ اﳋﻼﻓـﺔ إﻻّ أن ﻳﻘـّﺮ ﺑﺰﻋﺎﻣـﺔ ﻫـﺆﻻء اﳌﻨﺤـﺮﻓﲔ ،ﻫـﺬا ﻣﻮﻗـﻒ ﻻ ﳝﻜـﻦ أن ﻳﻔ ّﺴـﺮ ﻋﻠـﻰ أﺳـﺎس اﻟﺼـﺮاع اﻟﺸﺨﺼـﻲ ،وإّﳕـﺎ ﻳﻔ ّﺴـﺮ ﻋﻠـﻰ أﺳـﺎس أ ّن ﻫـﺬا اﻟﺸـﺨﺺ ﻳﺮﻳـﺪ أن ﳝﺴـﻚ اﻟﺸﻴﺨﺎن. ﺟﺪﻳﺪةً ﻟﻺﺳﻼم ﻏﲑ اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ اﻟﱵ ﻃﺒّﻘﻬﺎ ﺑﻴﺪﻩ ﻧﻈﺮﻳﺔً ــﺬﻟﻚ، ـ ـاﻌﻟﺮﺼ ـتﺮااعﻷُﺑّﻣ ـ ـﺸﺔـﻜﻏ ـٍـﻞﲑﻣاﻟﻜﻮاﺸﻋـﻴ ـﻮـﺔٍفﺑ ﺷ إﱃ درﺟــٍﺔ ﻣــﺎ ﺗﻜ ّﺸــﻒ اﻻﳓــﺮاف ﰲ أ م ﻋﺜﻤــﺎن ﰒّ ﺑﻌــﺪ ﻟﻴﺜﺒ ـﺖ ﰲ ﺧﺼﻮﺻـﺎً ﰲ اﻟﺴـﻨﻮات اﻷﺧـﲑة ﻣـﻦ أ م ﻋﺜﻤـﺎن دﺧـﻞ اﻹﻣـﺎم ﻟﻠﺘﺠﺮﺑـﺔ اﻹﺳـﻼﻣﻴﺔ دﻋــﺎﺋﻢ اﻟﻨﻈﺮﻳـﺔ اﻷﺧـﺮى ،ﻓﻜـﺎن رﻣـَﺰ ﻧﻈﺮﻳـٍﺔ إﺳــﻼﻣﻴٍﺔ ﻟﻠﺤﻴــﺎة اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴـﺔ ﲣﺘﻠﻒ ﻋـﻦ اﻟﻨﻈﺮﻳـﺔ اﳌﻄﺒّﻘـﺔ ﻟﻮاﻗـﻊ اﳊﻴـﺎة ،وﺑﻘـﻲ رﻣـﺰاً ﳍـﺬﻩ اﻟﻨﻈﺮﻳـﺔ اﻹﺳـﻼﻣﻴﺔ ﻟﻠﺤﻴـﺎة ،ﻋﻠـﻰ ﻣـﺎ ﺳـﻮف ﻧﺸﺮح. ٩٢
ﺑﺪاﻳﺔ اﻻﳓﺮاف ٩٣
٩٤
﷽ ﻛﻨّـــﺎ ﻧﺮﻳـــﺪ أن ﳓـــ ّﺪد دور اﻷﺋ ّﻤـــﺔ واﳌﺨﻠﺼـــﲔ ﳑـّــﻦ ﻳـــﺪور ﰲ ﻓﻠﻜﻬـــﻢ ﻣـــﻦ أﻫـــﻞ اﻟﺒﻴـــﺖ واﻟـﻮاﻋﲔ ﻣـﻦ اﳌﺴـﻠﻤﲔ ﰲ ﻋﺼـﺮﻫﻢ ﰲ ﲪﺎﻳـﺔ اﻹﺳـﻼم ورّد اﻟﻔﻌـﻞ ﻟﻨﺴـﺒﺔ ﳌـﺎ وﻗـﻊ ﻣـﻦ اﳓـﺮاف ﺑﻌﺪ وﻓﺎة اﻟﻨ ّﱯ اﻷﻋﻈﻢ . دور اﻷﺋ ّﻤﺔ ﰲ ﺻﻴﺎﻧﺔ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ: ﻫﻨﺎك دور ﻣﺮﻓﻮض ﻟﻸﺋ ّﻤﺔ ﰲ ﻋﺎﱂ اﻟﺘﺸﺮﻳﻊ وذﻟـﻚ ﺑـﻨ ّﺺ اﻟﺸـﺮﻳﻌﺔ اﻹﺳـﻼﻣﻴﺔ اﳌﻘ ّﺪﺳـﺔ .وﻫـﺬا اﺗﺘﻹﺴﺳـﻠﻼﺴـﻣﻞﻲ اﻟﰲﻌـﺎﻫـﳌﺆﻲﻻاءﻟـ اﱵﻷﺋأﻧﻤـﺸﺔـﺄاﺑـﻻﺛﺬـرﲏﺎﻋاﻟﻨـﺸـّﺮﱯ ا ﺘﻤـﻊ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﰲ إﻧﺸﺎء اﻟﺪور ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﺻﻴﺎﻧﺔ اﻟﺘﺠﺮﺑـﺔ أ ّن اﻟﻘﻴـﺎدة اﻹﺳـﻼﻣﻴﺔ ﳍـﺬﻩ ،وﻛـﺎن اﳌﻔـﺮوض واﺣﺪاً ﺑﻌﺪ اﻵﺧﺮ. ﻫـﺬا ﻫـﻮ اﻟـﺪور اﻟﺘﺸـﺮﻳﻌﻲ اﳌﻔـﺮوض واﳌﻨﺘﻈـﺮ ﻟﻨﺴـﺒﺔ ﻟﻸﺋﻤـﺔ ،إﻻّ أﻧّﻨـﺎ ﻻ ﻧﺮﻳـﺪ أن ﻧﺘﺤـ ّﺪث ﻋﻦ ﻫﺬا اﻟﺪور اﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻲ وأدﻟّﺘﻪ وﻣ ّﱪراﺗﻪ ،ﲟﻌﲎ أﻧّﻨﺎ ﻻ ﻧﺮﻳﺪ اﳋﻮض ﰲ ﲝﺚ اﻹﻣﺎﻣـﺔ وإﺛﺒـﺎت إﻣـﺎﻣﺘﻬﻢ ؛ ﻷﻧّﻨﺎ ﺳﻨﻌﺘﱪ ﻫﺬا اﻟﺒﺤﺚ ﻣﻔﺮوﻏﺎً ﻋﻨﻪ ،وﻷ ّن ﻫﺬا اﻟﺒﺤﺚ ﻫﻮ دراﺳﺔ ﻣﻮاﻃﻦ اﻟﻌﱪة ﻣـﻦ ﺣﻴـﺎ ﻢ وﳏﺎوﻟﺔ ﻓﻬﻢ ٩٥
وﺿـﻌﻬﻢ ﺑﻌـﺪ أن أﻗﺼـﻮا ﻋـﻦ ﻣﺮاﻛـﺰﻫﻢ اﻟﻘﻴﺎدﻳـﺔ ﰲ ﺗـﺰﻋ ّﻢ اﻟﺘﺠﺮﺑـﺔ اﻹﺳـﻼﻣﻴﺔ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤـﻊ ،ﻟﻠﺪوﻟـﺔ، ﻟﻼُّﻣـﺔ .وﻷ ّن ﻫـﺬﻩ اﻟﺪارﺳـﺔ رّﲟـﺎ ﺗﻌﻄﻴﻨـﺎ اﻟﻀـﻮء اﻟـﺬي ﻧﺴـﺘﻌﲔ ﺑـﻪ ﰲ ﺗﺼـّﻮر وﻣﻮﻗﻔﻨـﺎ اﻹﺳـﻼﻣﻲ ﲡـﺎﻩ ﻗﻀﺎ وأﻫﺪاﻓﻨﺎ. اﻟﻔﻜــﺮة اﻟــﱵ أُرﻳــﺪ ﻋﺮﺿــﻬﺎ ﺧــﻼل ﻫــﺬا اﻟﺒﺤــﺚ ﺗــﺘﻠ ّﺨﺺ ﰲ ﻋــ ّﺪة أﺳــﻄﺮ ،وﻟــﺬا ﺳــﻨﻌﺮض ﻫــﺬا اﳌﻠ ّﺨﺺ وﻣﻦ ﰒّ ﻧﻨﺘﻘﻞ إﱃ اﻟﺸﺮح واﻟﺘﻮﺳﻴﻊ ،واﻟﻔﻜﺮة ﻫﻲ: ﻧﺸﻮء اﻻﳓﺮاف اﳋﻄﲑ ﺑﻌﺪ وﻓﺎة اﻟﻨ ّﱯ : ااﻟﻻﺘﺟﺠﺘﺮﺑـﻤﺎﺔﻋاﻴﻟــﺔﱵواأﻟﻧﺴﺸـﻴﺄﺎﻫﺳﺎـﻴاﺔﻟﻨـﻟ ّﱯﻸﻣـﺔ ﰲ ﺑواﻌـﻷُﺪّﻣـﺔوﻓـاﺎةﻹ اﻟﺳـﻨـﻼّﱯﻣﻴﺔ ،ﻫـ اﺬاﳓاﺮاﻻﻓـﺎًﳓـﺮاﺧﻄـفﲑاًﰲ اﰲﻟﺘﺻﺠـﺮﺑﻤـﻴﺔﻢ إ ّن اﻹﺳﻼم ﺟﺎﺑـﻪ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤـﻊ اﻹﺳـﻼﻣﻲ اﻟﺪوﻟـﺔ اﻹﺳـﻼﻣﻴﺔ ﻛـﺎن ﲝﺴـﺐ ﻃﺒﻴﻌـﺔ اﻷﺷـﻴﺎء ﻣـﻦ اﳌﻔـﺮوض أن ﻳﺘّﺴـﻊ وﻳﺘﻌ ّﻤـﻖ ﻟﺘـﺪرﻳﺞ وﻋﻠـﻰ ﻣـّﺮ اااﻣﻟـﳌــﻻﻨﺮﺰﻣﺣﳓـﺤـﻠﻦـﺮاٍ؛ﺔﻦ إفﻃﻷــ،ﱃّنﻮاﻣاﲝلﺮﻴـﻻـﺣﻋﻠـﳓـﺚٍﻤﺔﺮاﻠﻴﺗأــوٍﺔفﺼــﺳـﺒﻳﺒﻊـﺢرﺪﳜأاوأﻴﻟـﺘـﺑرـٍﺔﺣـﺠﺬﺮوﺑرـًةـزﺐﻣﺔﻨ،ﻴّﰒاّــوٍﺗﺔﻹﺑﻨﻨـﺳﻤﺎـﻃــءًﻮﻮﻳﻼ،ﻠـﻋﻣـﻠﻴﺔﻴوـﺔﻛاﻪﻠّﻟﳌـﻠـﻤﻛــﻤﺎﺪﺎﺠنىﺘﲢّﻘإﻤﻣـــﻘـﱃﻊﻦ ااﺖواﳌﳍﻟﺎﻔـﻣﺪوﺮﻳﺮـوـوﻟـﺣـﺔﻠﺔـ،ﺔضأﻣأﻠﻣﻴـيﺌنــﻦإﺔًﻳﱃﻫـﺼـﻟأﺘﺬﺑاﻞﻨﻌﺎـاـﻗﻫـﺪﻻﻀـﺬـاﳓﻣﺎـــاﺮاﺪتﻻ ًفىﳓﻣـــﺮاﻣﻣﺘﻦّﻬـفﺼﻛـﺪـــّﻮّﻞﰲتٍرﺟﻫﳍﺧــــﻬــﺬٍﺬٍّﺔﻩاﻂ وﺻـﻮب ،وﺗﺼـﺒﺢ ﻋـﺎﺟﺰةً ﻋـﻦ ﳎـﺎراة وﻣﻮاﻛﺒـﺔ اﳊـ ّﺪ اﻷدﱏ ﻣـﻦ ﺣﺎﺟـﺎت وﻣﺼـﺎﱀ اﻷُّﻣـﺔ ،ﲟﻌـﲎ أن ﺗﺘﻬﺎوى ﻫﺬﻩ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﻟﺘﺪرﻳﺞ ﻓﺘﺜﺒﺖ ﻋﺠﺰاً ﺗﻠﻮ ﻋﺠﺰ ،وﻗﺼﻮراً ﺗﻠﻮ ﻗﺼﻮر ،ﺣّﱴ ﺗﻌﻠﻦ إﻓﻼﺳـﻬﺎ ﺎﺋﻴـﺎً ﻋﻦ ﻣﻮاﻛﺒﺔ اﳊ ّﺪ اﻷدﱏ ﻟﻠﻘﻀﺎ اﻟﱵ ﺗﺘﺒﻨّﺎﻫﺎ وﻟﻠﺮﺳﺎﻟﺔ اﻟﱵ ﺗﻌﻠﻦ ﻋﻨﻬﺎ. وﺣﻴﻨﻤﺎ ﻳﺘﺴﻠﺴﻞ اﻻﳓﺮاف ﰲ ﺧ ٍّﻂ ﺗﺼﺎﻋﺪ ٍّي ﻣﻦ ﻫـﺬا اﻟﻘﺒﻴـﻞ أو ﰲ ﺧـ ٍّﻂ ﺗﻨـﺎزٍّﱄ إﱃ اﳍﺎوﻳـﺔ ﻓﻤـﻦ اﳌﻨﻄﻘﻲ ﰲ ﻓﻬﻢ ﺗﺴﻠﺴﻞ اﻷﺣﺪاث أ ّن ﻫﺬﻩ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﺳﻮف ٩٦
اﻹﺳـﻼﻣﻲ واﳊﻀـﺎرة اﻹﺳـﻼﻣﻴﺔ ﻛﺎﻣـﻞ ،أي أ ّن اﻟﺪوﻟـﺔ وا ﺘﻤـﻊ ﺗﺘﻛﻌـﻘّﻴـﺮــﺎدضةٍﺑﻟﻌـﻠﺪﻤ ﻣﺠـﺘﺪﻤـــًىﻊﻣـﺳـﻦــاﻮﻟـﺰﻣفﻦﺗﺘﻌــﻻـّﺮﻴـﺎضٍر اﻟﺘﺠﺮﺑـــﺔ ﺣﻴﻨﻤـــﺎ ﺗﺼـــﺒﺢ ُﻣـــﻸى ﻟﻼ ﻴـــﺎر اﻟﻜﺎﻣـــﻞ ،ﻷ ّن ﻫـــﺬﻩ ﻟﺘﻨﺎﻗﻀﺎت ،ﺣﻴﻨﻤﺎ ﺗﺼﺒﺢ ﻋﺎﺟﺰةً ﻋﻦ ﻣﻮاﺟﻬﺔ وﻇﺎﺋﻔﻬﺎ اﳊﻘﻴﻘﻴّﺔ ،ﺣﻴﻨﻤـﺎ ﺗﺼـﺒﺢ ـﺬا اﻟﻮﺿـﻊ ﻋـﺎﺟﺰة ﻋﻦ ﲪﺎﻳﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ،وﺗﺼﺒﺢ اﻷُّﻣﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻋﺎﺟﺰةً ﻋﻦ ﲪﺎﻳﺔ ﻫﺬﻩ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ. أّﻣــﺎ أ ّن اﻟﺘﺠﺮﺑــﺔ ﻋــﺎﺟﺰة ﻋــﻦ ﲪﺎﻳــﺔ ﻧﻔﺴــﻬﺎ ،ﻷّ ــﺎ ﺗﻜــﻮن ﻗــﺪ اﺳــﺘﻨﻔﺪت أﻫــﺪاﻓﻬﺎ ،واﺳــﺘﻨﻔﺪت إﻣﻜﺎﻧﻴـﺔ اﻟﺒﻘـﺎء واﻻﺳـﺘﻤﺮار ﻋﻠـﻰ ﻣﺴـﺮح اﻟﺘـﺄرﻳﺦ ﻷّ ـﺎ أﺻـﺒﺤﺖ ﻣﻜﻔﻮﻓـﺔً وﻣﻔﻀـﻮﺣﺔً وواﺿـﺤﺔ اﳋﻄـﺄ، واﻟﺘﺠﺮﺑﺔ اﳌﻜﻔﻮﻓﺔ ﻻ ﳝﻜﻦ أن ﺗﺴﺘ ّﻤﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺮح اﻟﺘﺄرﻳﺦ. وأّﻣـﺎ أ ّن اﻷُّﻣـﺔ ﻟﻴﺴـﺖ ﻋﻠـﻰ ﻣﺴـﺘﻮى ﲪﺎﻳـﺔ ﻫـﺬﻩ اﻟﺘﺠﺮﺑـﺔ ﻷ ّن اﻷُّﻣـﺔ ﻻ ﺗـﺮى ﻣﻨﻬـﺎ ،وﻻ ﲡـﲏ اﳋـﲑ اﻟﺘﺠﺮﺑـﺔ ّي اﻟـﱵ ﺗﺼـﺒﻮ إﻟﻴﻬـﺎ؛ وﻟـﺬا ﻻ ﺗـﺮﺗﺒﻂ ﻫـﺬﻩ اﻵﻣـﺎل ﻋـﻦ ﻃﺮﻳﻘﻬـﺎ وﻻ ﲢّﻘـﻖ اﻟـﺬي ﺗﻔ ّﻜـﺮ ﻓﻴـﻪ، ﺎﺋﻴـٍﺔ وﺣﺘﻤﻴـٍﺔ ﰲ ﻣـﺪ ًى ﻣـﻦ اﻟـﺰﻣﻦ؛ وذﻟـﻚ ﻛﻨﺘﻴﺠـٍﺔ اﻟﺘﺠﺮﺑـﺔ ﺗﻨﻬـﺎر ﻫـﺬﻩ اﻷُّﻣﺔ. ارﺗﺒﺎوٍﺑطﻨـﺎءًﺣﻘﳌـﻴﺎﻘ ﺗٍّﻲﻘـﻣّﺪمﻊ ﻻ ﺑـ ّﺪ أن ﻟﺒﺬرة اﻻﳓﺮاف اﻟﱵ ﻏُﺮﺳﺖ ﻓﻴﻬﺎ ،وﺣﻴﻨﻤﺎ ﺗﻨﻬﺎر ﻫﺬﻩ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﻳﻜﻮن ﻣﻌﲎ ذﻟﻚ أ ّن اﻟﺪوﻟـﺔ اﻹﺳـﻼﻣﻴﺔ ﺗﺴـﻘﻂ ،واﳊﻀــﺎرة اﻹﺳـﻼﻣﻴﺔ ﺗﺘﺨﻠّــﻰ ﻋــﻦ ﻗﻴــﺎدة ا ﺘﻤــﻊ ،وا ﺘﻤــﻊ اﻹﺳـﻼﻣﻲ ﻳﺘﻔ ّﻜــﻚ ،واﻹﺳــﻼم ﻳُﻘﺼـﻰ ﻋـﻦ ﻣﺮﻛـﺰﻩ ﻛﻘﺎﺋـ ٍﺪ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤـﻊ وﻛﻘﺎﺋـ ٍﺪ ﻟﻸّﻣـﺔ .وﻟﻜـﻦ اﻷُّﻣـﺔ ﺗﺒﻘـﻰ ﻃﺒﻌـﺎً ،اﳌﺴـﻠﻤﻮن ﻳﺒﻘـﻮنﻛﺄّﻣـﺔ، اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﰲ ا ﺘﻤﻊ واﻟﺪوﻟﺔ ﺗﻔﺸﻞ وﲣﻄﺊ وﺗﻨﻬﺎر أﻣﺎم أّول ﻣﻦ ﻳﻐﺰوﻫﺎ ،ﻛﻤﺎ ﺣﺼـﻞ أﻣـﺎم اﻟﻐـﺰو اﻟﺘـﱰي اﻟﺬي واﺟﻪ اﳋﻼﻓﺔ اﻟﻌﺒﺎﺳﻴﺔ ) ،(١ﻟﻜ ّﻦ ﻫﺬﻩ اﻷُّﻣﺔ ____________________ ) (١راﺟﻊ :ﺷﺮح ﺞ اﻟﺒﻼﻏﺔ ﻻﺑﻦ أﰊ اﳊﺪﻳﺪ .۲۴۱ - ۲۱۸ :۸ ٩٧
ﺑﻘﻴـﺖﻛﻤﺴـﻠﻤﲔ ،وﻟﻜـﻦ ﲝﺴـﺐ ﻣﻨﻄـﻖ وﺗﺴﻠﺴـﻞ اﻷﺣـﺪاث ﻣـﻦ اﶈﺘـﻮم أن ﺗﻨﻬـﺎر اﻷُّﻣـﺔ ﺑﻌـﺪ ا ﻴـﺎر اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ. ﻫﺬﻩ اﻷُّﻣﺔ ﻛﺄّﻣٍﺔ ﺗﺪﻳﻦ ﻹﺳﻼم وﺗـﺆﻣﻦ ﻹﺳـﻼم وﺗﺘﻔﺎﻋـﻞ ﻣـﻊ اﻹﺳـﻼم أﻳﻀـﺎً ﺗﻨﻬـﺎر ،ﳌـﺎذا ؟ ﻷ ّن ﻫــﺬﻩ اﻷُّﻣــﺔ ﻣــﺎ ﻋﺎﺷــﺖ اﻹﺳــﻼم اﻟﺼــﺤﻴﺢ اﻟﻜﺎﻣــﻞ ﻣــﺪ ًى ﻃــﻮﻳﻼً ﻣــﻦ اﻟــﺰﻣﻦ ،ﻋﺎﺷــﺖ اﻹﺳــﻼﻣﻲ اﻟﺼـﺤﻴﺢ اﻟﻜﺎﻣـﻞ زﻣﻨـﺎً ﻗﺼـﲑاً ،وﻫـﻮ اﻟـﺰﻣﻦ اﻟـﺬي ﻣـﺎرس ﻓﻴـﻪ اﻟﺘﺠﺮﺑـﺔ ﺷـﺨﺺ اﻟﺮﺳـﻮل وﻣـﻦ ﰒّ اﳌﺴـﺌﻮﻟﻴﺔ ﲡـﺎﻩ ﺗﻌ ّﻤـﻖ اﻟﺮﺳـﺎﻟﺔ وﺗﻌ ّﻤـﻖ ﻓﻴﻬـﺎ ﻋﺎﺷﺖ ﲡﺮﺑﺔ ﻣﻨﺤﺮﻓـﺔ ،ﻫـﺬﻩ اﻟﺘﺠﺮﺑـﺔ اﳌﻨﺤﺮﻓـﺔ ﱂ ﺗﺴـﺘﻄﻊ أن أﻣـﺎم ﺣﻀـﺎرٍة ت اﻟﻜﺎﻓﻴـﺔ ﻟﻌـﺪم اﻻ ﻴـﺎر ﻋﺟﻘﻴﺪـﻳ ـﺪﺪ ٍةﺎ،وﻏوـﱂﺰٍوﺗﺴـﺟﺘﺪﻄﻳ ـﻊٍﺪأ ونأﻓﺗﺜﻜّﻘـﺎﻔرﻬـﺎﺟوﺪﻳﲢـﺪّﺼـةٍﻨﻬﳛﺎﻤﻠوﺗﻬﺰـوﺎّداﻟﻫـﻐﺎـﺎزﻟيﻀـإﻤﱃﺎ ﺑـﻼد اﻹﺳـﻼم ،ﻫـﺬا اﻟﻐـﺎزي اﻟـﺬي ﰐ ﻓـﻴﺤﻄّﻢ اﻟﺘﺠﺮﺑـﺔ ،ﳛﻄّـﻢ ا ﺘﻤـﻊ اﻹﺳـﻼﻣﻲ واﻟﺪوﻟـﺔ اﻹﺳـﻼﻣﻴﺔ ،ﰐ ﻣﻌـﻪ ﺑﺘﻘﺎﻟﻴـﺪ وﻣﻔـﺎﻫﻴﻢ وﺣﻀـﺎرةٍ وﺗﺼـّﻮرا ٍت وﻋـﺎدات ،ﻫـﺬﻩ ﻛﻠّﻬـﺎ ﺳـﻮف ﺗـﺆﺛّﺮ ﻋﻠـﻰ اﻷُّﻣـﺔ اﻹﺳـﻼﻣﻴﺔ اﻟـﱵ ﱂ ﺗﻌـﺮف اﻹﺳـﻼم ﻣﻌﺮﻓـﺔً ﺣﻘﻴﻘﻴﺔً ﻃﻴﻠﺔ ﻫﺬﻩ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ اﳌﻨﺤﺮﻓﺔ. وﺳـﻮف ﻟـﻦ ﲡـﺪ ﻫـﺬﻩ اﻷُّﻣـﺔ ﰲ ﺎﻳـﺔ ﺗﻠـﻚ اﻟﺘﺠﺮﺑـﺔ اﳌﻨﺤﺮﻓـﺔ -وﺑﻌـﺪ أن ﻧﻔـﺪت روﺣﻬـﺎ اﳊﻘﻴﻘﻴـﺔ، ﻃﺮﻳـﻖ اﻟﺰﻋﺎﻣـﺎت ﻋـﻦ وﺑﻌـﺪ أن ﻏﻠّـﺖ أ دﻳﻬـﺎ ُﺣﻄّﻤـﺖ إراد ـﺎ، أن ﻛﺮاﻣﺘﻬـﺎ ،وﺑﻌـﺪ وﺑﻌـﺪ أن أُ ُ◌ﻫﻴﻨـﺖ اﻟﺘﺠﺮﺑـﺔ ،وﺣﻴﻨﺌـ ٍﺬ ﻴـﺎر ﺑـﻪ ﺿـ ّﺪ ﻣـﺎ ﻳﻄـﺮأ ﺑﻌـﺪ ا ﻣﺎ ﲢ ّﺼﻦ ﻧﻔﺴـﻬﺎ - اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ اﳌﻨﺤﺮﻓﺔ اﻟﱵ ﻣﺎرﺳﺖ ﺗﻠﻚ ﺳـﺘﻨﻬﺎر اﻷُّﻣـﺔ أﻳﻀـﺎً ،وﺳـﻮف ﺗﻨـﺪﻣﺞ ﻟﻌـﺎﱂ اﻟﻜـﺎﻓﺮ اﻟـﺬي ﻏﺰاﻫـﺎ وﻓﺘﺤﻬـﺎ وﺳـﻴﻄﺮ ﻋﻠﻴﻬـﺎ ،وﺳـﻮف ﺗـﺬوب اﻟﺮﺳـﺎﻟﺔ واﻟﻌﻘﻴـﺪة ،وﺗﺼـﺒﺢ اﻷُّﻣـﺔ ﺧـﱪاً ﺑﻌـﺪ أن ﻛﺎﻧـﺖ أﻣـﺮاً ﺣﻘﻴﻘﻴـﺎً ﻋﻠـﻰ ﻣﺴـﺮح اﻟﺘـﺄرﻳﺦ ،و ـﺬا ﻳﻨﺘﻬﻲ دور اﻹﺳﻼم. ﻫﺬا ﻫﻮ اﻟﺘﺴﻠﺴﻞ اﳌﻨﻄﻘﻲ ﺑﻘﻄﻊ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ دور اﻷﺋ ّﻤﺔ . ٩٨
دور اﻷﺋﻤﺔ ﲡﺎﻩ ﺗﺴﻠﺴﻞ اﻻﳓﺮاف: أّﻣﺎ دور اﻷﺋ ّﻤﺔ ﲡﺎﻩ ﻫﺬا اﻟﺘﺴﻠﺴﻞ ﻓﻴﺘﻠ ّﺨﺺ ﻣﺮﻳﻦ: اﳌﻮﺟـﻮد ﻋﻠـﻰ اﻻﳓـﺮاف ﻢ ﻫـﻮ ﳏﺎوﻟـﺔ اﻟﻘﻀـﺎء ﰲ ﺣﻴـﺎ اﻷﺋ ّﻤـﺔ ﳝﺎرﺳـﻮﻧﻪ اﻷّول :اﻟـﺬي ﻛـﺎن اﻷﻣـﺮ اﳌ ـﺪى، ﻋـﺪاٍد ﻃﻮﻳـ ِﻞ ـﻌﻬﺎ اﻟﻄﺒﻴﻌـﻲ ،وذﻟـﻚ إﱃ وﺿ وإرﺟــﺎع اﻟﺘﺠﺮﺑـﺔ ﺘﻤـﻊ اﻹﺳـﻼﻣﻲ، ﲡﺮﺑـﺔ ا ﰲ ﻛﺎﻧـﺖ إﱃ وﺿـﻌﻬﺎ اﻟﻄﺒﻴﻌـﻲ ،ﻓﻤـﱴ وﺗﺘّﻔﻖﻋﻣﻠـﻊﻰإارﺟﺳـﺎﺘعﻌ اﺪاﻟﺘٍدﺠﻷﺮﺑـنﺔ ﺗﻨﺎﺳﺐ وﺑﺘﻬﻴﺌﺔ اﻟﻈﺮوف اﳌﻮﺿﻮﻋﻴّﺔ اﻟﱵ اﻟﻮﺿـﻊ ﳝﺎرﺳـﻮا إرﺟـﺎع اﻟﺘﺠﺮﺑـﺔ إﱃ اﻷﺋ ّﻤـﺔ اﻟﻈـﺮوف اﳌﻮﺿـﻮﻋﻴﺔ ﻣﻬﻴّـﺄةً ﻛـﺎن اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻛﻤﺎ ﻣﺎرس أﻣﲑ اﳌﺆﻣﻨﲔ ،وﻗﺎلّ :ن ﷲ أﺧـﺬ ﻋﻬـﺪاً ﻋﻠـﻰ اﻹﻧﺴـﺎن أن ﻻ ﻳﻘـّﺮ ﻋﻠـﻰ اﻟﻈﻠـﻢ ﻣـﻊ وﺟـﻮد اﻟﻨﺎﺻـﺮ واﻟﻨﺎﺻـﺮ ﻣﻮﺟـﻮد (١) ...وﻛﻠﻤـﺔ اﻟﻨﺎﺻـﺮ اﺳـﺘﺒﻄﻨﺖ ﻛـ ّﻞ اﳊـﺪود واﻟﻈـﺮوف اﳌﻮﺿﻮﻋﻴّﺔ اﻟﱵ ﺳﻮف ﺗﺬﻛﺮ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌـﺪ ،واﻟـﱵ ﲡﻌـﻞ ﰲ ﻗـﺪرة اﻹﻣـﺎم اﳌﻌﺼـﻮم أن ﳛـﺎول إﻋـﺎدة اﻟﺘﺠﺮﺑـﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ إﱃ وﺿﻌﻬﺎ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ووﺿﻌﻬﺎ اﻟﺼﺤﻴﺢ. ﻫﺬا ﻫﻮ اﻷﻣـﺮ اﻷّول اﻟـﺬي ﻳﻌـﲏ اﻹﻋـﺪاد واﻟﻌﻤـﻞ ﻟﺘﻬﻴﺌـﺔ اﳌﻘـ ّﺪﻣﺎت واﻟﻈـﺮوف اﳌﻮﺿـﻮﻋﻴّﺔ ﻟﻠـﺘﻤ ّﻜﻦ ﻣﻦ إﻋﺎدة اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ إﱃ وﺿﻌﻬﺎ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ واﻟﺼﺤﻴﺢ. اﻟﺸـﻌﻮر ﺑﻌـﺪم وﺟـﻮد ﻫـﺬﻩ اﻟﻈـﺮوف ﰲ ﺣﺎﻟـﺔ اﻷﻣـﺮ اﻟﺜـﺎﱐ اﻟـﺬي ﻛـﺎن ﳝﺎرﺳـﻪ اﻷﺋﻤـﺔ ﺣـّﱴ ﻣﻘﺎم ﺗﺴﻠّﻢ زﻣﺎم اﳊﻜﻢ ﻣـﻦ ﺟﺪﻳـﺪ، ﻣﻌﺮﻛٍﺔ ﰲ اﳌﻮﺿﻮﻋﻴّﺔ ،وﺑﻌﺪم ﲢّﻘﻖ اﻟﱵ ﻴّﺊ اﻹﻣﺎم ﳋﻮض اﻷُّﻣـﺔ ﰲ ذﻫـﻦ وروﺣﻴـﺎً وﺳﻴﺎﺳـﻴﺎً ﻫـﻮ ﺗﻌﻤﻴـﻖ اﻟﺮﺳـﺎﻟﺔ ﻓﻜـﺮ ً اﺑﻟﻐﻴﺬﺔيإﳚﻛـﺎﺎدنﲢﳝﺎﺼرﺳـٍﲔﻪ اﻛﺎﻷﺋٍّﻤفـﺔ ﻫﺬا اﻷﻣﺮ ﻫﺬا وذﻟﻚ ﻟﻜﻲ ﻳﺆﺛّﺮ ﺻﻔﻮف اﻷُّﻣﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ، ٍّم ﰲ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ____________________ ) (۱ﺞ اﻟﺒﻼﻏﺔ ،۵۰ :اﳋﻄﺒﺔ ۳اﳌﻌﺮوﻓﺔ ﻟﺸﻘﺸﻘﻴّﺔ. ٩٩
اﻟﺘﺤﺼﲔ ﰲ ﻣﻨﺎﻋﺘﻬﺎ وﰲ ﻋﺪم ا ﻴﺎرﻫﺎ ﺑﻌﺪ ﺗﺮّدي اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ وﺳﻘﻮﻃﻬﺎ. ﻛـﺎن ﻣـﻦ اﻟـﻼزم ﺑﻌـﺪ أن ﺣﺮﻣـﺖ اﻷُّﻣـﺔ اﻹﺳـﻼﻣﻴﺔ ﻣـﻦ اﻟﺘﺠﺮﺑـﺔ اﻟﺼـﺤﻴﺤﺔ ﻟﻠﺤﻴـﺎة اﻹﺳـﻼﻣﻴﺔ ﺑﻌـﺪ وﻓــﺎة اﻟﺮﺳــﻮل أن ﺗﻄﻌّــﻢ وأن ﺗﻐــ ّﺬى رﺳــﺎﻟﻴﺎً ﻹﺳــﻼم ،ﺗﻐــ ّﺬى ﰲ ﳎﺎﳍــﺎ اﻟﺮوﺣــﻲ ،وﰲ ﳎﺎﳍــﺎ اﻟﻔﻜﺮي ،وﰲ ﳎﺎﳍﺎ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ واﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ،ﰲ ﲨﻴﻊ ﻫـﺬﻩ ا ـﺎﻻت ﺗﻐـ ّﺬى اﻷُّﻣـﺔ ﻹﺳـﻼم ،وﲢ ّﺼـﻦ ﻹﺳﻼم ﻟﻜﻲ ﺗﻌﺮف اﻹﺳﻼم وﺗﺴﺘﻮﻋﺒﻪ. اإﳌﻻّﻘﺎموأﰲﻋﻣـﺣﻦـﲏﺎﺗﺑﺘلﻌﺒﻌﺌﺒوﺔﺌـﺟﺔاـ اﻮﻷُدّﻣﻷُﺔّﻗﻣـﻴـﺔﺎﻫدﻮﻫٍةﻨـإﺎﲤـﳚﺎﺎﻻرد ﻗسﳎﻮااﻤـﻟﻋﺘـﻮﺪعﺠ اﺮﺑـواﻷﺔُﻋّ،ﻣﻴــٍﺔﺔﲤ؛ـﺎﰲرﻷاّنسﻷُاّﻣـﻫـﺔﳊﺬ،ﻩﻜـوﻢإﻻﳚـﺎﰲﳝداﻜـﻟرﺪﻦووﻟٍأـحﺔنرﺗواﺘﺳـﺎﻟﺤـﺘﻴٍﺔّﻤﻖـ ّﻊ◌ﰲ،قاوﻟﻷُّﻟﻣـﻜﻨـﺔّ،ﻦﺴـﺒاوﻟﺔإـﺬﳚـﺎيﻤدـ أﻮﻋﻋعﻨﻮاﻴاـﻃﻪـﻷُّﻣـﻒﰲﺔ ﲡﺎﻩ ﻫﺬﻩ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﰲ اﻷُّﻣﺔ. ﻫﺬا ﻫﻮ اﻷﻣﺮ اﻟﺜﺎﱐ اﻟﺬي ﻣﺎرﺳﻪ اﻷﺋ ّﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﻃﻮل اﳋـ ّﻂ ،وإن ﻛـﺎن اﻷﺋ ّﻤـﺔ ﺣـّﱴ ﰲ ﺣﺎﻟـﺔ ﺷـﻌﻮرﻫﻢ ﺑﻌـﺪم إﻣﻜـﺎن اﺳـﱰﺟﺎع ﻣﺮﻛـﺰﻫﻢ اﳌﻐﺼـﻮب ﻣـﻦ اﳋﻠﻔـﺎء اﻟﻐﺎﺻـﺒﲔ ،ﺣـّﱴ ﰲ ﻫـﺬﻩ اﳊﺎﻟـﺔ ﻛـﺎﻧﻮا ﻳﻌﻤﻠـﻮن ﻋﻤـﻼً ﻣﻬ ّﻤـﺎً ﺟـ ّﺪاً ﻹﻧﻘـﺎذ وﺟـﻮد اﻷُّﻣـﺔ ﰲ اﳌﺴـﺘﻘﺒﻞ ،وﺿـﻤﺎن ﻋـﺪم ا ﻴﺎرﻫـﺎ اﻟﻜﺎﻣـﻞ وﺗﻔﺘّﺘﻬـﺎ ﻛﺄّﻣـﺔ ﺑﻌـﺪ ﺳـﻘﻮط اﻟﺘﺠﺮﺑـﺔ ،وذﻟـﻚ ﻋﻄـﺎء اﻟﺘﺤﺼـﲔ اﻟﻜﺎﻣـﻞ اﳌﺴـﺘﻤّﺮ ﳍـﺬﻩ اﻷُّﻣـﺔ ،ﻋﻠـﻰ ﺗﻔﺼﻴﻞ ﺳﻮف ﰐ -إن ﺷﺎء ﷲ ﺗﻌﺎﱃ -ﺧﻼل ﲝﺚ ﻫﺬﻩ اﻟﻔﻜﺮة ﻟﺘﻮﺳﻴﻊ. ﻫﺬا ﻫﻮ ﻣﻠ ّﺨﺺ اﻟﺒﺤﺚ .وأّﻣﺎ اﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﻓﺒﻤﺎ ﻳﻠﻲ: ﻗﺴـﻢ ﻣـﻦ ﺗﻔﺎﺻـﻴﻞ ﻫـﺬﻩ اﻟﻔﻜـﺮة ﻗﻠﻨـﺎﻩ ﻓﻴﻤـﺎ ﺳـﺒﻖ ،وﻟﻜﻨّﻨـﺎ اﻵن ﻧﻠ ّﺨﺼـﻪ ﻷﺟـﻞ أن ﻳﺒﻘـﻰ اﻟﺘﺴﻠﺴـﻞ ﰲ ﻋﺮض اﻟﻔﻜﺮة ،وﺳﻨﺴﺘﻤّﺮ ﰲ ﻋﺮض اﻟﻔﻜﺮة ﰲ ﻃﻮل اﻟﺘﻠﺨﻴﺺ. ١٠٠
Search
Read the Text Version
- 1
- 2
- 3
- 4
- 5
- 6
- 7
- 8
- 9
- 10
- 11
- 12
- 13
- 14
- 15
- 16
- 17
- 18
- 19
- 20
- 21
- 22
- 23
- 24
- 25
- 26
- 27
- 28
- 29
- 30
- 31
- 32
- 33
- 34
- 35
- 36
- 37
- 38
- 39
- 40
- 41
- 42
- 43
- 44
- 45
- 46
- 47
- 48
- 49
- 50
- 51
- 52
- 53
- 54
- 55
- 56
- 57
- 58
- 59
- 60
- 61
- 62
- 63
- 64
- 65
- 66
- 67
- 68
- 69
- 70
- 71
- 72
- 73
- 74
- 75
- 76
- 77
- 78
- 79
- 80
- 81
- 82
- 83
- 84
- 85
- 86
- 87
- 88
- 89
- 90
- 91
- 92
- 93
- 94
- 95
- 96
- 97
- 98
- 99
- 100
- 101
- 102
- 103
- 104
- 105
- 106
- 107
- 108
- 109
- 110
- 111
- 112
- 113
- 114
- 115
- 116
- 117
- 118
- 119
- 120
- 121
- 122
- 123
- 124
- 125
- 126
- 127
- 128
- 129
- 130
- 131
- 132
- 133
- 134
- 135
- 136
- 137
- 138
- 139
- 140
- 141
- 142
- 143
- 144
- 145
- 146
- 147
- 148
- 149
- 150
- 151
- 152
- 153
- 154
- 155
- 156
- 157
- 158
- 159
- 160
- 161
- 162
- 163
- 164
- 165
- 166
- 167
- 168
- 169
- 170
- 171
- 172
- 173
- 174
- 175
- 176
- 177
- 178
- 179
- 180
- 181
- 182
- 183
- 184
- 185
- 186
- 187
- 188
- 189
- 190
- 191
- 192
- 193
- 194
- 195
- 196
- 197
- 198
- 199
- 200
- 201
- 202
- 203
- 204
- 205
- 206
- 207
- 208
- 209
- 210
- 211
- 212
- 213
- 214
- 215
- 216
- 217
- 218
- 219
- 220
- 221
- 222
- 223
- 224
- 225
- 226
- 227
- 228
- 229
- 230
- 231
- 232
- 233
- 234
- 235
- 236
- 237
- 238
- 239
- 240
- 241
- 242
- 243
- 244
- 245
- 246
- 247
- 248
- 249
- 250
- 251
- 252
- 253
- 254
- 255
- 256
- 257
- 258
- 259
- 260
- 261
- 262
- 263
- 264
- 265
- 266
- 267
- 268
- 269
- 270
- 271
- 272
- 273
- 274
- 275
- 276
- 277
- 278
- 279
- 280
- 281
- 282
- 283
- 284
- 285
- 286
- 287
- 288
- 289
- 290
- 291
- 292
- 293
- 294
- 295
- 296
- 297
- 298
- 299
- 300
- 301
- 302
- 303
- 304
- 305
- 306
- 307
- 308
- 309
- 310
- 311
- 312
- 313
- 314
- 315
- 316
- 317
- 318
- 319
- 320
- 321
- 322
- 323
- 324
- 325
- 326
- 327
- 328
- 329
- 330
- 331
- 332
- 333
- 334
- 335
- 336
- 337
- 338
- 339
- 340
- 341
- 342
- 343
- 344
- 345
- 346
- 347
- 348
- 349
- 350
- 351
- 352
- 353
- 354
- 355
- 356
- 357
- 358
- 359
- 360
- 361
- 362
- 363
- 364
- 365
- 366
- 367
- 368
- 369
- 370
- 371
- 372
- 373
- 374
- 375
- 376
- 377
- 378
- 379
- 380
- 381
- 382
- 383
- 384
- 385
- 386
- 387
- 388
- 389
- 390
- 391
- 392
- 393
- 394
- 395
- 396
- 397
- 398
- 399
- 400
- 401
- 402
- 403
- 404
- 405
- 406
- 407
- 408
- 409
- 410
- 411
- 412
- 413
- 414
- 415
- 416
- 417
- 418
- 419
