ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ اﻟﻜﻠﻤﺔ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﺘﻔﺮﻗﲔ اﻟﺒﻴﻮت اﻟﺘﻲ وﻛﻠﺘﻢ ﻣﻈﻬﺮات ﻟﻠﺰﻳﻨﺔ اﳋﻔﻴﺔ ﻳﺨﺮﺟﻮن ﺧﻔﻴ ًﺔ ﺑﻐﻴﺮ إذن ﺑﺤﻔﻈﻬﺎ ﰲ ﻏﻴﺒﺔ أﺻﺤﺎﺑﻬﺎ أﻣﺮ ﻣﻬﻢ ﻣﻦ ﻣﺼﺎﻟﺢ دﻋﻮﺗﻪ ﻟﻜﻢ ﻟﻼﺟﺘﻤﺎع، اﳌﺴﻠﻤﲔ ﺟﻤﻌﻮا ﻟﻪ أو ﻧﺪاءﻛﻢ ﻟﻪ :ﻳﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﻳﺴﺘﺘﺮ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻣﺤﻨ ٌﺔ ،وﺷ ﱞﺮ ،وﻋﺬا ٌب ﺑﺒﻌﺾ ﰲ اﳋﺮوج ﻣﻦ وﺣﻲ اﻵي اﳌﺌــــــــﻮن و ُﻗﺪم ذﻛﺮ اﻟﺰاﻧﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺰاﻧﻲ ﻟﻼﻫﺘﻤﺎم ﺑﺎﳊﻜﻢ؛ ﻷن اﳌﺮأة ﻫﻲ اﻟﺒﺎﻋﺚ ﻋﻠﻰ زﻧﻰ اﻟﺮﺟﻞ ،وﲟﺴﺎﻋﻔﺘﻬﺎ اﻟﺮﺟﻞ ﻳﺤﺼﻞ اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر اﻟﺰﻧﻰ ،وﻟﻮ ﻣﻨﻌﺖ اﳌﺮأة ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻣﺎ وﺟﺪ اﻟﺮﺟﻞ إﻟﻰ اﻟﺰﻧﻰ ﲤﻜﻴﻨﺎً، ﻓﺘﻘﺪﱘإذاﺗﳌﻨﺮﺰأعة ﺛﺪﰲﻳﻬاﺎﻟﺬﻣﻛﻦﺮﻓ؛ﻢ اﻷﻟﻧﻪﺼأﺒﻲﺷﺪﺣﻴﻨﺌﰲﺬﲢﺬﻳﺮﻫﺎ اﺑﻦ ﻛﺜﻴﺮ وﻟﻴﺲ اﳌﻨﻬﻲ ﻋﻨﻪ اﻟﺮأﻓﺔ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ،وإﳕﺎ ﻫﻲ اﻟﺮأﻓﺔ اﻟﺘﻲ ﲢﻤﻞ اﳊﺎﻛﻢ ﻋﻠﻰ ﺗﺮك اﳊﺪ؛ ﻓﻼ ﻳﺠﻮز ذﻟﻚ اﺑﻦ اﻟﻘﻴﻢ ﻗﺎل اﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد :ﻣﺎ ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻷرض ﺷﻲء أﺣﻮج إﻟﻰ ﻃﻮل ﺳﺠﻦ ﻣﻦ ﻟﺴﺎن اﻟﻘﺮﻃﺒﻲ ﻗﺎل اﻟﻌﻠﻤﺎء :إن اﻵﻳﺔ أﺻﻞ ﰲ أن درﺟﺔ اﻹﳝﺎن اﻟﺘﻲ ﺣﺎزﻫﺎ اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر اﻹﻧﺴﺎن ،وﻣﻨﺰﻟﺔ اﻟﺼﻼح اﻟﺘﻲ ﺣﻠﻬﺎ اﳌﺆﻣﻦ ،وﻟﺒﺴﺔ اﻟﻌﻔﺎف اﻟﺘﻲ ﻳﺴﺘﺘﺮ ﺑﻬﺎ اﳌﺴﻠﻢ ،ﻻ ﻳﺰﻳﻠﻬﺎ ﻋﻨﻪ ﺧﺒﺮ ﻣﺤﺘﻤﻞ -وإن ﺷﺎع- إذا ﻛﺎن أﺻﻠﻪ ﻓﺎﺳﺪاً أو ﻣﺠﻬﻮ ًﻻ ﻟﺸﻴﻮع أﺧﺒﺎر اﻟﻔﻮاﺣﺶ ﺑﲔ اﳌﺆﻣﻨﲔ ﻣﻔﺴﺪة ﻋﻈﻴﻤﺔ؛ ﻓﺈن ﳑﺎ ﻳﺒﻌﺪ اﻟﻨﺎس ﻋﻦ اﳌﻔﺎﺳﺪ ﺗﻬﻴﺒﻬﻢ ﻟﻬﺎ ،ﻓﺈذا ﺗﻨﺎﻗﻞ اﻟﻨﺎس أﺧﺒﺎر اﻟﻔﻮاﺣﺶ؛ ﺧﻒ وﻗﻌﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﺳﻤﺎع ،وأﻗﺪﻣﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﻨﻔﻮس؛ وﻟﻬﺬا ﻗﺎل: اﻷﻟﻮﺳﻲ واﻟﻜﻼم ﻛﻨﺎﻳﺔ ﻋﻦ اﺗﺒﺎع اﻟﺸﻴﻄﺎن ،واﻣﺘﺜﺎل وﺳﺎوﺳﻪ؛ ﻓﻜﺄﻧﻪ ﻗﻴﻞ :ﻻ ﺗﺘﺒﻌﻮا اﻟﺸﻴﻄﺎن ﰲ ﺷﻲء ﻣﻦ اﻷﻓﺎﻋﻴﻞ؛ اﻟﺘﻲ ﻣﻦ ﺟﻤﻠﺘﻬﺎ إﺷﺎﻋﺔ اﻟﻔﺎﺣﺸﺔ ،وﺣﺒﻬﺎ اﺑﻦ ﻛﺜﻴﺮ ﻓﺈن اﳉﺰاء ﻣﻦ ﺟﻨﺲ اﻟﻌﻤﻞ؛ ﻓﻜﻤﺎ ﺗﻐﻔﺮ ذﻧﺐ ﻣﻦ أذﻧﺐ إﻟﻴﻚ ﻳﻐﻔﺮ اﷲ ﻟﻚ ،وﻛﻤﺎ ﺗﺼﻔﺢ ﻳﺼﻔﺢ ﻋﻨﻚ ١٤٣
اﻟﻌﺰ ﺑﻦ اﻟﻐﻔﻠﺔ ﻋﻦ اﻟﻘﺒﺎﺋﺢ ﻣﺎﻧﻌﺔ ﻣﻦ ﻓﻌﻠﻬﺎ؛ إذ ﻻ ﻳﺘﺄﺗﻰ ﻓﻌﻠﻬﺎ إﻻ ﻋﺒﺪ اﻟﺴﻼم ﺑﺎﻟﻌﺰم ﻋﻠﻴﻬﺎ ،وﻻ ﻋﺰم ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻊ ﻋﺪم اﻟﺸﻌﻮر ﺑﻬﺎ ،وﲢﺼﻞ ﻫﺬه اﻟﻐﻔﻠﺔ ﺑﺈﻳﺠﺎد اﻷﺳﺒﺎب اﻟﺸﺎﻏﻠﺔ اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر ﻷن ﻟﻬﺬه اﻷﻋﻀﺎء ﻋﻤ ًﻼ ﰲ رﻣﻲ اﶈﺼﻨﺎت؛ ﻓﻬﻢ ﻳﻨﻄﻘﻮن ﺑﺎﻟﻘﺬف ،وﻳﺸﻴﺮون ﺑﺎﻷﻳﺪي إﻟﻰ اﳌﻘﺬوﻓﺎت ،وﻳﺴﻌﻮن ﺑﺄرﺟﻠﻬﻢ إﻟﻰ ﻣﺠﺎﻟﺲ اﻟﻨﺎس ﻹﺑﻼغ اﻟﻘﺬف اﺑﻦ ﻣﻔﻠﺢ ﻟﻴﺤﺬر اﻟﻌﺎﻗﻞ إﻃﻼق اﻟﺒﺼﺮ؛ ﻓﺈن اﻟﻌﲔ ﺗﺮى ﻏﻴﺮ اﳌﻘﺪور ﻋﻠﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺮ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻋﻠﻴﻪ أﻳﻬﻤﺎ أﻋﻈﻢ ﻓﺘﻨﺔ أن ﻳﺴﻤﻊ اﻟﺮﺟﻞ ﺧﻠﺨﺎ ًﻻ ﺑﻘﺪم اﻣﺮأة ﻻ اﳌﺌــــــــﻮن ﻳﺪري ﻣﺎ ﻫﻲ؟ وﻣﺎ ﺟﻤﺎﻟﻬﺎ؟ وﻻ ﻳﺪري أﺷﻮﻫﺎء ﻫﻲ أم اﺑﻦ ﻋﺜﻴﻤﲔ ﺣﺴﻨﺎء؟! أو أن ﻳﻨﻈﺮ إﻟﻰ وﺟﻪ ﺳﺎﻓﺮ ﺟﻤﻴﻞ ،ﳑﺘﻠﺊ ﺷﺒﺎﺑﺎً وﻧﻀﺎرة ،وﺣﺴﻨﺎً وﺟﻤﺎﻻً وﲡﻤﻴ ًﻼ ﲟﺎ ﻳﺠﻠﺐ اﻟﻔﺘﻨﺔ ،وﻳﺪﻋﻮ إﻟﻰ اﻟﻨﻈﺮ إﻟﻴﻬﺎ؟ اﺑﻦ ﺟﺰي اﻟﺒﻮاﻋﺚ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻮﺑﺔ ﺳﺒﻌﺔ :ﺧﻮف اﻟﻌﻘﺎب ،ورﺟﺎء اﻟﺜﻮاب، واﳋﺠﻞ ﻣﻦ اﳊﺴﺎب ،وﻣﺤﺒﺔ اﳊﺒﻴﺐ ،وﻣﺮاﻗﺒﺔ اﻟﺮﻗﻴﺐ اﻟﻘﺮﻳﺐ ،وﺗﻌﻈﻴﻢ ﺑﺎﳌﻘﺎم ،وﺷﻜﺮ اﻹﻧﻌﺎم اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر أردﻓﺖ أواﻣﺮ اﻟﻌﻔﺎف ﺑﺎﻹرﺷﺎد إﻟﻰ ﻣﺎ ﻳﻌﲔ ﻋﻠﻴﻪ ،وﻳُﻌﻒ اﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻧﻔﻮس اﳌﺆﻣﻨﲔ واﳌﺆﻣﻨﺎت ،وﻳﻐﺾ ﻣﻦ أﺑﺼﺎرﻫﻢ ،ﻓﺄﻣﺮ اﻷوﻟﻴﺎء ﺑﺄن ﻳﺰوﺟﻮا أﻳﺎﻣﺎﻫﻢ وﻻ ﻳﺘﺮﻛﻮﻫﻦ ﻣﺘﺄﳝﺎت؛ ﻷن ذﻟﻚ أﻋﻒ ﻟﻬﻦ وﻟﻠﺮﺟﺎل اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﺰوﺟﻮﻧﻬﻦ ﻗﺎل ﺑﻌﺾ اﻟﺴﻠﻒ :ﻫﻮ اﳌﺆﻣﻦ ﻳﻨﻄﻖ ﺑﺎﳊﻜﻤﺔ ،وإن ﻟﻢ ﻳﺴﻤﻊ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺄﺛﺮ ،ﻓﺈذا ﺳﻤﻊ ﺑﺎﻷﺛﺮ ﻛﺎن ﻧﻮراً ﻋﻠﻰ ﻧﻮر؛ ﻧﻮر اﻹﳝﺎن اﻟﺬي ﰲ ﻗﻠﺒﻪ ﻳﻄﺎﺑﻖ ﻧﻮر اﻟﻘﺮآن اﺑﻦ ﻛﺜﻴﺮ ﻓﻴﻪ إﺷﻌﺎر ﺑﻬﻤﻤﻬﻢ اﻟﺴﺎﻣﻴﺔ ،وﻧﻴﺎﺗﻬﻢ وﻋﺰاﺋﻤﻬﻢ اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ؛ اﻟﺘﻲ ﺑﻬﺎ ﺻﺎروا ﻋ ﱠﻤﺎراً ﻟﻠﻤﺴﺎﺟﺪ؛ اﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺑﻴﻮت اﷲ ﰲ أرﺿﻪ ،وﻣﻮاﻃﻦ ﻋﺒﺎدﺗﻪ ،وﺷﻜﺮه ،وﺗﻮﺣﻴﺪه ،وﺗﻨﺰﻳﻬﻪ اﻟﻘﺮﻃﺒﻲ ﻓﺬﻛﺮ اﳉﺰاء ﻋﻠﻰ اﳊﺴﻨﺎت ،وﻟﻢ ﻳﺬﻛﺮ اﳉﺰاء ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻴﺌﺎت -وإن ﻛﺎن ﻳُﺠﺎزي ﻋﻠﻴﻬﺎ -ﻷﻣﺮﻳﻦ :أﺣﺪﻫﻤﺎ أﻧﻪ ﺗﺮﻏﻴﺐ، ﻓﺎﻗﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ ذﻛﺮ اﻟﺮﻏﺒﺔ ،اﻟﺜﺎﻧﻲ :أﻧﻪ ﺻﻔﺔ ﻗﻮم ﻻ ﺗﻜﻮن ﻣﻨﻬﻢ اﻟﻜﺒﺎﺋﺮ؛ ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺻﻐﺎﺋﺮﻫﻢ ﻣﻐﻔﻮرة اﻟﻘﺮﻃﺒﻲ ﺧﺺ اﻟﻄﻴﺮ ﺑﺎﻟﺬﻛﺮ ﻣﻦ ﺟﻤﻠﺔ اﳊﻴﻮان؛ ﻷﻧﻬﺎ ﺗﻜﻮن ﺑﲔ اﻟﺴﻤﺎء واﻷرض؛ ﻓﺘﻜﻮن ﺧﺎرﺟﺔ ﻋﻦ ﺣﻜﻢ ﻣﻦ ﰲ اﻟﺴﻤﺎء واﻷرض ١٤٤
اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر ﺟﻤﻌﺖ اﻵﻳﺔ أﺳﺒﺎب اﻟﻔﻮز ﰲ اﻵﺧﺮة وأﻳﻀﺎً ﰲ اﻟﺪﻧﻴﺎ اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر ﰲ اﻵﻳﺔ دﻻﻟﺔ واﺿﺤﺔ ﻋﻠﻰ أن ﺧﻠﻔﺎء اﻷﻣﺔ ﻣﺜﻞ :أﺑﻲ ﺑﻜﺮ وﻋﻤﺮ وﻋﺜﻤﺎن وﻋﻠﻲ واﳊﺴﻦ وﻣﻌﺎوﻳﺔ ﻛﺎﻧﻮا ﲟﺤﻞ اﻟﺮﺿﻰ ﻣﻦ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ؛ ﻷﻧﻪ اﺳﺘﺨﻠﻔﻬﻢ اﺳﺘﺨﻼﻓﺎً ﻛﺎﻣ ًﻼ ﻛﻤﺎ اﺳﺘﺨﻠﻒ اﻟﺬﻳﻦ ﻣﻦ ﻗﺒﻠﻬﻢ ،وﻓﺘﺢ ﻟﻬﻢ اﻟﺒﻼد ﻣﻦ اﳌﺸﺮق إﻟﻰ اﳌﻐﺮب ،وأﺧﺎف ﻣﻨﻬﻢ اﻷﻛﺎﺳﺮة واﻟﻘﻴﺎﺻﺮة اﳌﺌــــــــﻮن اﻟﻘﺮﻃﺒﻲ وإﳕﺎ ﺧﺺ ﻫﺬه اﻷوﻗﺎت؛ ﻷﻧﻬﺎ ﺳﺎﻋﺎت اﳋﻠﻮة ووﺿﻊ اﻟﺜﻴﺎب، ﻓﺮﲟﺎ ﻳﺒﺪو ﻣﻦ اﻹﻧﺴﺎن ﻣﺎ ﻻ ﻳﺠﺐ أن ﻳﺮاه أﺣﺪ اﺑﻦ ﻋﻄﻴﺔ ووﺻﻔﻬﺎ ﺑﺎﻟﺒﺮﻛﺔ؛ ﻷن ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺪﻋﺎء ،واﺳﺘﺠﻼب ﻣﻮدة اﳌﺴﻠﱠﻢ ﻋﻠﻴﻪ اﻷﻟﻮﺳﻲ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺗﻌﻈﻴﻢ أﻣﺮ اﻟﺮﺳﻮل ﻣﺎ ﻓﻴﻪ ،وذﻛﺮ أن اﻟﺸﻴﺦ ﰲ ﺟﻤﺎﻋﺘﻪ ﻛﺎﻟﻨﺒﻲ ﰲ أﻣﺘﻪ ،ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﺤﺘﺮم ﰲ ﻣﺨﺎﻃﺒﺘﻪ ،وﳝﻴﺰ ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺮه ١٤٥
أﺳﻤﺎء اﻟﺴﻮرة ﺳﻮرة اﻟﻔﺮﻗﺎن وﺟﻪ اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻟﻮﻗﻮع ﻟﻔﻆ اﻟﻔﺮﻗﺎن ﰲ أوﻟﻬﺎ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /ﺗﻮﻗﻴﻔﻴﺔ اﳌﺌــــــــﻮن ﻣﻘﺼﺪ اﻟﺴﻮرة ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﻣﻜﻴﺔ اﳌﺼﺤﻒ ٢٥ اﻻﻧﺘﺼﺎر ﻟﻠﺮﺳﻮل ﷺ ﺑﻌﺪ ﺗﻄﺎول ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﺑﲔ ﻳﺪي آﻳﺔ اﳌﺸﺮﻛﲔ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻨﺰول ٤٢ اﻟﺴﻮرة ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺴﻮرة اﳌﻮﺿﻮع اﳌﻮﺿﻮع اﻵﻳﺎت اﻵﻳﺎت ﺷﺒﻬﺎﺗﻬﻢ ﺣﻮل اﻟﻘﺮآن واﻟﺮد ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺻﻔﺎت اﻹﻟﻪ اﳊﻖ وﻋﺠﺰ اﻵﻟﻬﺔ اﻟﺒﺎﻃﻠﺔ اﻟﺪواﻓﻊ اﳊﻘﻴﻘﺔ ﺧﻠﻒ ﺗﻜﺬﻳﺒﻬﻢ ﺷﺒﻬﺎﺗﻬﻢ ﺣﻮل رﺳﻮل اﷲ ﷺ واﻟﺮد ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺷﻜﻮى اﻟﺮﺳﻮل ﷺ ﻣﻦ ﺗﺼﺮﻓﺎت ﺳﻨﺔ اﷲ ﰲ اﺧﺘﻴﺎر اﳌﺮﺳﻠﲔ اﻟﻘﻮم وﺗﺴﻠﻴﺘﻪ ﻋﻦ ذﻟﻚ وﻋﺎدة اﳌﻜﺬﺑﲔ اﳌﺴﺘﻜﺒﺮﻳﻦ ﻣﻦ دﻻﺋﻞ اﻟﻨﺒﻮة اﳊﻘﺎﺋﻖ اﻟﻜﻮﻧﻴﺔ اﻟﻮاردة ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎن رﺳﻮل اﷲ ﷺ اﻻﺳﺘﻬﺰاء ﺳﻼح اﻟﻌﺎﺟﺰ ﻋﻦ اﳊﺠﺔ ﺛﻤﺮات اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ اﻟﺮﺑﺎﻧﻴﺔ ﻣﻬﻤﺔ اﻟﺮﺳﻮل ﷺ وﻣﻨﻬﺠﻪ ﰲ دﻋﻮة اﻟﻈﺎﳌﲔ ١٤٦
اﳌﺌــــــــﻮن أﻏﺮاض اﻟﺴﻮرة اﻫﺘﻤﺖ ﺳﻮرة اﻟﻔﺮﻗﺎن ﺑﺸﺄن اﻟﻌﻘﻴﺪة ،وﻋﺎﳉﺖ ﺷﺒﻬﺎت اﳌﺸﺮﻛﲔ ﺣﻮل اﻟﻘﺮآن اﻟﻌﻈﻴﻢ ،ورﺳﺎﻟﺔ ﺳﻴﺪ اﳌﺮﺳﻠﲔ ﷺ ،ﻛﻤﺎ ﺗﻄﺮﻗﺖ إﻟﻰ إﺛﺒﺎت ﺻﺪق اﻟﻘﺮآن ،وأﻗﺎﻣﺖ اﻷدﻟﺔ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﺗﻨﺰﻳﻞ رب اﻟﻌﺎﳌﲔ ،وﲢﺪﺛﺖ ﻋﻦ إﺛﺒﺎت اﻟﺒﻌﺚ ﺑﻌﺪ اﳌﻮت واﳉﺰاء ،وﻗﺎﻣﺖ ﺗﺼﻮر ﻋﺎﻗﺒﺔ اﳌﻜﺬﺑﲔ اﻟﺴﺎﺑﻘﲔ ﻣﻦ ﻗﻮم ﻣﻮﺳﻰ وﻧﻮح وﻋﺎد وﺛﻤﻮد وأﺻﺤﺎب اﻟﺮس ،وﻣﺎ ﺣﺎل ﺑﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﻨﻜﺎل واﻟﺪﻣﺎر ،ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻄﻐﻴﺎﻧﻬﻢ وﺗﻜﺬﻳﺒﻬﻢ ﻟﺮﺳﻞ اﷲ ،وﲢﺪﺛﺖ ﻋﻦ دﻻﺋﻞ ﻗﺪرة اﷲ ووﺣﺪاﻧﻴﺘﻪ ،وﻋﺠﺎﺋﺐ ﺻﻨﻌﻪ وآﺛﺎر ﺧﻠﻘﻪ ﰲ ﻫﺬا اﻟﻜﻮن اﻟﻔﺴﻴﺢ ،وﺧﺘﻤﺖ ﺑﺒﻴﺎن ﺻﻔﺎت ﻋﺒﺎد اﻟﺮﺣﻤﻦ ،وﻣﺎ أﻛﺮﻣﻬﻢ اﷲ ﺑﻪ ﻣﻦ اﻷﺧﻼق اﳊﻤﻴﺪة ،اﻟﺘﻲ اﺳﺘﺤﻘﻮا ﺑﻬﺎ اﻷﺟﺮ اﻟﻌﻈﻴﻢ ﰲ ﺟﻨﺎت اﻟﻨﻌﻴﻢ ﻣﻨﺎﺳﺒﺎت اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ أول اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ اﻟﺴﻮرة ﺑﺂﺧﺮﻫﺎ ﳌﺎ ﻗﺒﻠﻬﺎ ﺑﺪأت ﺑﻘﻮﻟﻪ، : ﺧﺘﻤﺖ ﺳﻮرة اﻟﻨﻮر ﺑﺬﻛﺮ ﺑﻌﺾ وﺧﺘﻤﺖ ﲟﺜﻠﻪ: ﺻﻔﺎت اﷲ ، : وﺑُﺪﺋﺖ ﺑﻪ ﺳﻮرة اﻟﻔﺮﻗﺎن: ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻐﺮﻳﺐ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﺳ ﱠﻮاه ﻋﻠﻰ ﻣﺎ اﻟﻘﺮآن اﻟﻔﺎرق ﺑﲔ ﻛﺜﺮ ﺧﻴﺮه ،وﻋﻈﻤﺖ ﻳﻨﺎﺳﺐ ﻣﻦ اﳋﻠﻖ اﳊﻖ ،واﻟﺒﺎﻃﻞ ﺑﺮﻛﺘﻪ ،وﻛﻤﻠﺖ ﺻﻔﺎﺗﻪ ﻛﺬﺑﺎً ﺷﻨﻴﻌﺎً ﻛﺬب اﺧﺘﺮﻋﻪ ﺑﻌﺜﺎً ﺑﻌﺪ اﳌﻮت ﻣﻦ ﻋﻨﺪ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺴﺘﺎن ﻣﺜﻤﺮ ﺻﻮت ﻏﻠﻴﺎن وﻓﻮران أول اﻟﻨﻬﺎر ،وآﺧﺮه أﺣﺎدﻳﺚ اﻷﱈ اﻟﻘﺪﳝﺔ اﳌﺴ ﱠﻄﺮة ﰲ ﻛﺘﺒﻬﻢ ﻧﺎراً ﺣﺎر ًة ﺗُﺴ ﱠﻌﺮ ﺑﻬﻢ ﻗﺎﻟﻮا ﻓﻴﻚ أﻗﻮا ًﻻ ﻋﺠﻴﺒﺔ ﺗﺸﺒﻪ اﻷﻣﺜﺎل ﻟﻐﺮاﺑﺘﻬﺎ ١٤٧
اﻟﻜﻠﻤﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻫﻼﻛﺎً ُﻗ ِﺮﻧﺖ أﻳﺪﻳﻬﻢ ﺑﺎﻟﺴﻼﺳﻞ ﺻﻮﺗﺎً ﺷﺪﻳﺪاً إﻟﻰ أﻋﻨﺎﻗﻬﻢ ﻣﻦ ﺷﺪة اﻟﻐﻴﻆ اﺑﺘﻼ ًء ،واﺧﺘﺒﺎراً ﺗﻘﻮل اﳌﻼﺋﻜﺔ ﻟﻬﻢ :اﳉﻨﺔ دﻓﻌﺎً ﻟﻠﻌﺬاب ﻫﺎﻟﻜﲔ ﻣﻜﺎن ﻣﺤﺮم ﻋﻠﻴﻜﻢ وﲡﺎوزوا اﳊﺪ ﻻ ﻳﺆﻣﻨﻮن ﺑﺎﻟﻴﻮم اﻵﺧﺮ ﻣﻨﺰﻻً ﻣﺮﻳﺤﺎً ﰲ اﻟﻄﻐﻴﺎن ﻣﺎ ﻳُﺮى ﰲ ﺿﻮء اﻟﺸﻤﺲ أﻧﺰﻟﻨﺎه وﻓ ﱠﺮﻗﻨﺎه ﻣﻔﺮﻗﺎً ﻣﻦ ﺧﻔﻴﻒ اﻟﻐﺒﺎر آﻳﺔ ﺑﻌﺪ آﻳﺔ ﻃﺮﻳﻘﺎً إﻟﻰ اﳉﻨﺔ ﺑﺎﻟﺴﺤﺎب وأﳑﺎً اﻷﺑﻴﺾ اﻟﺮﻗﻴﻖ وأﺻﺤﺎب اﻟﺒﺌﺮ ُﻣﻌﻴﻨﺎً ﺳﺪوم ﻗﺮﻳﺔ ﻗﻮم ﻟﻮط أﻫﻠﻜﻨﺎ ودﻣﺮﻧﺎ اﳊﺠﺞ اﳌﺌــــــــﻮن أﺧﺒﺮﻧﻲ ﻗﺎرب أن ﻳﺼﺮﻓﻨﺎ ﺣﺠﺎرة ﻣﻦ ﻋﻦ ﻋﺒﺎدة أﺻﻨﺎﻣﻨﺎ اﻟﺴﻤﺎء أﻫﻠﻜﺘﻬﻢ ﻳُﺴﺘﺪل ﺑﺄﺣﻮال اﻟﺸﻤﺲ ﻋﻠﻰ أﺣﻮال اﻟﻈﻞ ﺛﺎﺑﺘﺎً ﻣﺴﺘﻘﺮاً ﺑﺴﻄﻪ ﻣﻦ ﻃﻠﻮع اﻟﻔﺠﺮ إﻟﻰ ﻃﻠﻮع اﻟﺸﻤﺲ راﺣ ًﺔ ﻷﺑﺪاﻧﻜﻢ ﺳﺎﺗﺮاً ﻟﻜﻢ ﺑﻈﻼﻣﻪ ﻳﺘﻘﻠﺺ اﻟﻈﻞ ﺗﺪرﻳﺠﻴﺎً أﻧﺰﻟﻨﺎ اﳌﻄﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺒﺸﺮات ﺑﺎﻟﺮﺣﻤﺔ، ﺑﻘﺪر ارﺗﻔﺎع اﻟﺸﻤﺲ أر ٍض دون أﺧﺮى وﻫﻲ اﳌﻄﺮ وﻗﺘﺎً ﻟﻼﻧﺘﺸﺎر ﺧﻠﻂ ﻻ ﻳﺨﺎﻟﻄﻪ ﻓﺘﻮر واﻟﺴﻌﻲ ﰲ اﻷرض ﺣﺎﺟﺰاً ﳝﻨﻊ إﻓﺴﺎد ﺷﺪﻳﺪ اﳌﻠﻮﺣﺔ ﺑﻠﻐﻬﻢ اﻟﻘﺮآن ﺑﺎذ ًﻻ أﺣﺪﻫﻤﺎ ﻟﻶﺧﺮ وﺳﻌﻚ ﻣﻨﻲ اﻟﺮﺟﻞ واﳌﺮأة ﻗﺮاﺑﺔ اﻟﻨﺴﺐ ﺷﺪﻳﺪ اﻟﻌﺬوﺑﺔ ﻣﻌﻴﻨﺎً ﻟﻠﺸﻴﻄﺎن ﻋﻠﻰ رﺑﻪ؛ ﻋﻼ وارﺗﻔﻊ اﺳﺘﻮاء ﺑﺎﻟﺸﺮك ،ﻣﻈﺎﻫﺮاً ﻟﻪ ﰲ اﳌﻌﺼﻴﺔ وﺳﺘﺮاً ﳝﻨﻊ وﺻﻮل ﻳﻠﻴﻖ ﺑﺠﻼﻟﻪ أﺣﺪﻫﻤﺎ إﻟﻰ اﻵﺧﺮ ﳒﻮﻣﺎً ﻛﺒﺎراً ﲟﻨﺎزﻟﻬﺎ ﺷﻤﺴﺎً ﻣﻀﻴﺌ ًﺔ ﻗﺮاﺑﺔ اﳌﺼﺎﻫﺮة ﺑﺴﻜﻴﻨ ٍﺔ ،ووﻗﺎ ٍر ،وﺗﻮاﺿ ٍﻊ ﺧﺎﻃﺒﻮا اﳉﺎﻫﻞ ﺑﻜﻼم ﻳﺴﻠﻤﻮن ﺑُﻌﺪاً ﻓﻴﻪ ﻣﻦ اﻹﺛﻢ ،وﻟﻢ ﻳﻘﺎﺑﻠﻮه ﺑﺠﻬﻠﻪ ﻳﻀ ﱢﻴﻘﻮا ﰲ اﻟﻨﻔﻘﺔ ﻣﺘﻌﺎﻗﺒﲔ ﻳﺨﻠﻒ وﺳﻄﺎً ذﻟﻴ ًﻼ ﺣﻘﻴﺮاً أﺣﺪﻫﻤﺎ اﻵﺧﺮ رﺟﻮﻋﺎً ﺻﺤﻴﺤﺎً ﻣﺮوا ﺑﺄﻫﻞ اﻟﺒﺎﻃﻞ واﻟﻜﻼم ﻣﻼزﻣﺎً؛ ﻛﺎﻟﻐﺮﱘ -وﻫﻮ اﻟ ﱠﺪاﺋﻦ- اﻟﻘﺒﻴﺢ وﻣﺎ ﻻ ﻳﻨﻔﻊ ﻳﻼزم ﻏﺮﳝﻪ ﻣﻌﺮﺿﲔ ﻣﻨﻜﺮﻳﻦ ﻳﺘﻨﺰﻫﻮن ﻋﻨﻪ ﺗﻘﺮ ﺑﻬﻢ ﻋﻴﻮﻧﻨﺎ ،وﺑﻬﻢ ﻋﻘﺎﺑﺎً ﻗﺪوة ﻳﻘﺘﺪى ﻧﺄﻧﺲ وﻧﻔﺮح ﺑﻪ ﰲ اﳋﻴﺮ ﻻ ﻳﺸﻬﺪون ﺗﺴﻠﻴﻤﺎً ﻣﻦ اﳌﻼﺋﻜﺔ ،وﺳﻼﻣ ًﺔ ﺷﻬﺎدة ﻛﺎذﺑﺔ ﻣﺎ ﻳﻜﺘﺮث ﺑﻜﻢ وﻻ ﻳﺒﺎﻟﻲ ﻣﻦ اﻵﻓﺎت ﻟﻢ ﻳﻘﻌﻮا ﺳﺠﻮداً ﻏﺎﻓﻠﲔ، ﻋﺬاﺑﺎً ﻣﻼزﻣﺎً ﻟﻜﻢ ﺑﻞ ﺳﺠﺪوا ﻣﻄﻴﻌﲔ أﻋﻠﻰ ﻣﻨﺎزل اﳉﻨﺔ ﻋﺒﺎدﺗﻜﻢ وﺳﺆاﻟﻜﻢ إﻳﺎه ١٤٨
اﳌﺌــــــــﻮن اﻟﻘﺮﻃﺒﻲ ﻣﻦ وﺣﻲ اﻵي اﻷﻟﻮﺳﻲ اﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ وﰲ ﺗﺴﻤﻴﺘﻪ ﻓﺮﻗﺎﻧﺎً وﺟﻬﺎن :أﺣﺪﻫﻤﺎ :ﻷﻧﻪ ﻓﺮق ﺑﲔ اﻟﺸﻨﻘﻴﻄﻲ اﳊﻖ واﻟﺒﺎﻃﻞ ،واﳌﺆﻣﻦ واﻟﻜﺎﻓﺮ .اﻟﺜﺎﻧﻲ :ﻷن ﻓﻴﻪ ﺑﻴﺎن ﻣﺎ ﺷﺮع ﻣﻦ ﺣﻼل وﺣﺮام. واﺳﺘﺪل ﺑﺎﻵﻳﺔ ﻋﻠﻰ إﺑﺎﺣﺔ دﺧﻮل اﻷﺳﻮاق ﻟﻠﻌﻠﻤﺎء وأﻫﻞ اﻟﺪﻳﻦ واﻟﺼﻼح؛ ﺧﻼﻓﺎً ﳌﻦ ﻛﺮﻫﻪ ﻟﻬﻢ ﻗﺎل اﺑﻦ اﳌﺒﺎرك :ﻫﻲ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺘﻲ ﻋﻤﻠﺖ ﻟﻐﻴﺮ اﷲ، وﻗﺎل ﻣﺠﺎﻫﺪ :ﻫﻲ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﻘﺒﻞ اﺳﺘﻨﺒﻂ ﺑﻌﺾ اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻣﻦ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: أن ﺣﺴﺎب أﻫﻞ اﳉﻨﺔ ﻳﺴﻴﺮ ،وأﻧﻪ ﻳﻨﺘﻬﻲ ﰲ ﻧﺼﻒ اﻟﻨﻬﺎر ،ووﺟﻪ ذﻟﻚ أن ﻗﻮﻟﻪ: أي :ﻣﻜﺎن ﻗﻴﻠﻮﻟﺔ ،وﻫﻲ اﻻﺳﺘﺮاﺣﺔ ﰲ ﻧﺼﻒ اﻟﻨﻬﺎر اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر وﻓﻴﻪ إﳝﺎء إﻟﻰ أن ﺷﺄن ا ُﳋﻠﺔ اﻟﺜﻘﺔ ﺑﺎﳋﻠﻴﻞ ،وﺣﻤﻞ ﻣﺸﻮرﺗﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺼﺢ؛ ﻓﻼ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻀﻊ اﳌﺮء ﺧﻠﺘﻪ إﻻ ﺣﻴﺚ ﻳﻮﻗﻦ ﺑﺎﻟﺴﻼﻣﺔ ﻣﻦ إﺷﺎرات اﻟﺴﻮء اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر وﰲ ﻣﺪ اﻟﻈﻞ وﻗﺒﻀﻪ ﻧﻌﻤﺔ ﻣﻌﺮﻓﺔ أوﻗﺎت اﻟﻨﻬﺎر ﻟﻠﺼﻠﻮات اﺑﻦ اﻟﻘﻴﻢ وأﻋﻤﺎل اﻟﻨﺎس ،وﻧﻌﻤﺔ اﻟﺘﻨﺎوب ﰲ اﻧﺘﻔﺎع اﳉﻤﺎﻋﺎت واﻷﻗﻄﺎر ﺑﻔﻮاﺋﺪ ﺷﻌﺎع اﻟﺸﻤﺲ ،وﻓﻮاﺋﺪ اﻟﻔﻲء؛ ﺑﺤﻴﺚ إن اﻟﻔﺮﻳﻖ اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎن ﲢﺖ اﻷﺷﻌﺔ ﻳﺘﺒﺮد ﺑﺤﻠﻮل اﻟﻈﻞ ،واﻟﻔﺮﻳﻖ اﻟﺬي ﻛﺎن ﰲ اﻟﻈﻞ ﻳﻨﺘﻔﻊ ﺑﺎﻧﻘﺒﺎﺿﻪ ﻫﺬه اﻵﻳﺔ ﰲ ﺳﻮرة اﻟﻔﺮﻗﺎن ،وﻫﻲ ﻣﻜﻴﺔ ،وﻟﻢ ﻳﺸﺮع اﳉﻬﺎد ﺑﺎﻟﺴﻴﻒ وﻗﺘﻬﺎ ،ﻓﺪل أ ﱠن ﻃﻠﺐ اﻟﻌﻠﻢ ﻣﻦ ﺳﺒﻴﻞ اﷲ؛ ﻷ ﱠن ﺑﻪ ﻗﻮام اﻹﺳﻼم ﻛﻤﺎ أ ﱠن ﻗﻮاﻣﻪ ﺑﺎﳉﻬﺎد، ﻓﻘﻮام اﻟﺪﻳﻦ ﺑﺎﻟﻌﻠﻢ واﳉﻬﺎد اﺑﻦ اﻟﻘﻴﻢ ﳌﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻌﺜﺮة ﻋﺜﺮﺗﲔ :ﻋﺜﺮة اﻟﺮﺟﻞ وﻋﺜﺮة اﻟﻠﺴﺎن ،ﺟﺎءت إﺣﺪاﻫﻤﺎ ﻗﺮﻳﻨﺔ اﻷﺧﺮى ﰲ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: اﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ أﻛﺒﺮ اﻟﻜﺒﺎﺋﺮ ﺛﻼث :اﻟﻜﻔﺮ ﺛﻢ ﻗﺘﻞ اﻟﻨﻔﺲ ﺑﻐﻴﺮ اﳊﻖ ﺛﻢ اﻟﺰﻧﺎ ،ﻛﻤﺎ رﺗﺒﻬﺎ اﷲ ،وﰲ اﻟﺼﺤﻴﺤﲔ ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺚ اﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد ﻗﺎل :ﻗﻠﺖ ﻳﺎ رﺳﻮل اﷲ :أي اﻟﺬﻧﺐ أﻋﻈﻢ؟ ﻗﺎل) :أن ﲡﻌﻞ ﷲ ﻧﺪاً وﻫﻮ ﺧﻠﻘﻚ( ﻗﻠﺖ :ﺛﻢ أي! ﻗﺎل) :ﺛﻢ أن ﺗﻘﺘﻞ وﻟﺪك ﺧﺸﻴﺔ أن ﻳﻄﻌﻢ ﻣﻌﻚ( ﻗﻠﺖ :ﺛﻢ أي؟ ﻗﺎل) :أن ﺗﺰﻧﻲ ﺑﺤﻠﻴﻠﺔ ﺟﺎرك( .وﻟﻬﺬا اﻟﺘﺮﺗﻴﺐ وﺟﻪ ﻣﻌﻘﻮل؛ وﻫﻮ أن ﻗﻮى اﻹﻧﺴﺎن ﺛﻼث: ﻗﻮة اﻟﻌﻘﻞ ،وﻗﻮة اﻟﻐﻀﺐ ،وﻗﻮة اﻟﺸﻬﻮة اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر وﺗﻠﻚ ﻣﺠﻤﻮع إﺣﺪى ﻋﺸﺮة ﺧﺼﻠﺔ ،وﻫﻲ :اﻟﺘﻮاﺿﻊ، واﳊﻠﻢ ،واﻟﺘﻬﺠﺪ ،واﳋﻮف ،وﺗﺮك اﻹﺳﺮاف ،وﺗﺮك اﻹﻗﺘﺎر، واﻟﺘﻨﺰه ﻋﻦ اﻟﺸﺮك ،وﺗﺮك اﻟﺰﻧﺎ ،وﺗﺮك ﻗﺘﻞ اﻟﻨﻔﺲ ،واﻟﺘﻮﺑﺔ، وﺗﺮك اﻟﻜﺬب ،واﻟﻌﻔﻮ ﻋﻦ اﳌﺴﻲء ،وﻗﺒﻮل دﻋﻮة اﳊﻖ ،وإﻇﻬﺎر اﻻﺣﺘﻴﺎج إﻟﻰ اﷲ ﺑﺎﻟﺪﻋﺎء ١٤٩
ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﻣﻜﻴﺔ أﺳﻤﺎء اﻟﺴﻮرة اﳌﺼﺤﻒ ٢٦ ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﺑﲔ ﻳﺪي آﻳﺔ ﺳﻮرة اﻟﺸﻌﺮاء ﻷﻧﻬﺎ اﻧﻔﺮدت ﺑﺬﻛﺮ اﻟﺸﻌﺮاء وﺟﻪ اﳌﺌــــــــﻮن اﻟﻨﺰول ٤٧ اﻟﺴﻮرة دون ﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﺴﻮر اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /ﺗﻮﻗﻴﻔﻴﺔ ﻣﻘﺼﺪ اﻟﺴﻮرة ﻻﻓﺘﺘﺎح اﻟﺴﻮرة ﺑﻬﺎ وﺟﻪ ﺳﻮرة ﻃﺴﻢ اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻣﻮاﺟﻬﺔ اﳌﺼ ﱢﺮﻳﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻜﺬﻳﺐ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /اﺟﺘﻬﺎدﻳﺔ ﺑﺎﻟﺮﺳﻮل ﷺ ،اﻟﻄﺎﻋﻨﲔ ﺑﺮﺳﺎﻟﺘﻪ ،وﺗﻮﻫ ُﲔ ﺷﺄﻧﻬﻢ ﺳﻮرة اﳉﺎﻣﻌﺔ ﻷﻧﻬﺎ أول ﺳﻮرة ﺟﻤﻌﺖ ذﻛﺮ وﺟﻪ اﻟﺮﺳﻞ أﺻﺤﺎب اﻟﺸﺮاﺋﻊ اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /اﺟﺘﻬﺎدﻳﺔ اﳌﻌﻠﻮﻣﺔ إﻟﻰ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ اﶈﻤﺪﻳﺔ اﳌﻮﺿﻮع ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺴﻮرة اﻵﻳﺎت ﻗﺼﺔ ﻣﻮﺳﻰ ﻗﺼﺔ ﻧﻮح اﳌﻮﺿﻮع اﻵﻳﺎت ﻗﺼﺔ ﺻﺎﻟﺢ اﻟﻘﺮآن وﺗﻮﺣﻴﺪ اﷲ ﻗﺼﺔ ﺷﻌﻴﺐ ﻗﺼﺔ إﺑﺮاﻫﻴﻢ ﻗﺼﺔ ﻫﻮد ﻗﺼﺔ ﻟﻮط ﺗﻌﻈﻴﻢ اﻟﻘﺮآن وإﺛﺒﺎت ﻧﺒﻮة ﻣﺤﻤﺪ ﷺ وﺗﻔﻨﻴﺪ ﺷﺒﻬﺎت اﳌﺸﺮﻛﲔ ١٥٠
أﻏﺮاض اﻟﺴﻮرة ﺑُﺪﺋﺖ اﻟﺴﻮرة ﺑﺎﻟﺘﻨﻮﻳﻪ ﺑﺎﻟﻘﺮآن ،اﻟﺬي أﻧﺰﻟﻪ اﷲ ﻫﺪاﻳ ًﺔ ﻟﻠﺨﻠﻖ ،وﺑﻠﺴﻤﺎً ﺷﺎﻓﻴﺎً ﻷﻣﺮاض اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ،وذﻛﺮت ﻣﻮﻗﻒ اﳌﺸﺮﻛﲔ ﻣﻨﻪ ،وﲢﺪﺛﺖ ﻋﻦ ﺟﻤﻠﺔ ﻣﻦ ﻗﺼﺺ اﻷﻧﺒﻴﺎء ﻣﻦ ﻣﻮﺳﻰ إﻟﻰ ﺷﻌﻴﺐ ،وذﻛﺮت ﻣﺎ ﻧﺎل ﻫﺆﻻء ﻣﻦ ﻣﺼﺎﻋﺐ وﻣﺘﺎﻋﺐ ﰲ ﺗﺒﻠﻴﻎ رﺳﺎﻟﺔ اﷲ ،وﺑﻴﻨﺖ اﻧﺘﺼﺎر أوﻟﻴﺎء اﻟﺮﺣﻤﻦ ﻋﻠﻰ أوﻟﻴﺎء اﻟﺸﻴﻄﺎن ،وﺧﺘﻤﺖ ﺑﺎﻟﺮد ﻋﻠﻰ اﻓﺘﺮاء اﳌﺸﺮﻛﲔ ﰲ زﻋﻤﻬﻢ أن اﻟﻘﺮآن ﻣﻨﺰل ﻣﻦ ﻋﻨﺪ اﻟﺸﻴﺎﻃﲔ اﳌﺌــــــــﻮن ﻣﻨﺎﺳﺒﺎت اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ أول اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ اﻟﺴﻮرة ﺑﺂﺧﺮﻫﺎ ﳌﺎ ﻗﺒﻠﻬﺎ ﺑﺪأت ﺑﺎﳊﺪﻳﺚ ﻋﻦ اﻟﻜﺘﺎب ،وﺧﺘﻤﺖ ﺑﻪ: ﺧﺘﻤﺖ ﺳﻮرة اﻟﻔﺮﻗﺎن ﺑﺎﻟﻮﻋﻴﺪ ﻟﻠﻤﻜﺬﺑﲔ: ،وﺑﺪأت ﺳﻮرة اﻟﺸﻌﺮاء ﺑﺎﻟﻮﻋﻴﺪ ﻟﻬﻢ: ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻐﺮﻳﺐ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ اﻟﻜﻠﻤﺔ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻧﻮع ﺣﺴﻦ ﻧﺎﻓﻊ ﺣﺪﻳﺚ اﻟﻨﺰول ُﻣﻬﻠﻚ ﺟﻌﻠﺘﻬﻢ ﻋﺒﻴﺪاً اﻟﻨﺒﻮة اﳉﺎﻫﻠﲔ ،وذﻟﻚ أﺧﺮه ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﻣﺮ ٍض وﻻ ﺑﺮ ٍص ﻗﺒﻞ أن ﻳُﻮﺣﻰ إﻟ ﱠﻲ أﻗﺴﻤﻮا ﺑﻌﺰﺗﻪ ،وﻗﻮﺗﻪ وأﺧﺮﺟﻬﺎ ﻣﻦ ﺟﻴﺒﻪ ﺟﻨﻮداً ﻳﺠﻤﻌﻮن اﻟﺴﺤﺮة اﳌﺪن ١٥١
اﻟﻜﻠﻤﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﺑﻘﻄﻊ اﻟﻴﺪ اﻟﻴﻤﻨﻰ واﻟﺮﺟﻞ ﻣﺎ ﻳﻔﻌﻠﻮﻧﻪ ﻣﻦ ﺗﺒﺘﻠﻊ ﺑﺴﺮﻋﺔ اﻟﻴﺴﺮى ،أو ﻋﻜﺲ ذﻟﻚ اﻟﻜﺬب واﻟﺘﺰوﻳﺮ ﺟﺎﻣﻌﲔ ﻟﻠﺠﻴﺶ راﺟﻌﻮن ﻻ ﺿﺮر ﻣﻦ اﳌﺪاﺋﻦ ﻟﻄﺎﺋﻔﺔ ﺣﻘﻴﺮة وﺧﺰاﺋﻦ اﻷﻣﻮال وﻗﺖ ﺷﺮوق اﻟﺸﻤﺲ وﻣﻨﺎزل ﺣﺴﺎن رأى ﻛﻞ ﻓﺮﻳﻖ اﻵﺧﺮ ﻓﺎﻧﺸﻖ اﻟﺒﺤﺮ إﻟﻰ اﺛﻨﻲ ﻋﺸﺮ ﻃﺮﻳﻘﺎً ﻛﺎﳉﺒﻞ ﻗﻄﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﺒﺤﺮ اﳌﺌــــــــﻮن ﻗ ﱠﺮﺑﻨﺎ ُﻫﻨﺎك، ﻣﻘﻴﻤﲔ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺎدﺗﻬﺎ ﻓﺮﻋﻮن ،وﻗﻮﻣﻪ أﺑﺼﺮﰎ ﺑﺘﺪﺑﺮ ﻣﻦ ﻳﺄﺗﻮن ﺑﻌﺪي ﺛﻨﺎ ًء ﺣﺴﻨﺎً ﻋﻠﻤﺎً وﻓﻬﻤﺎً إﻟﻰ ﻳﻮم اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ و ُﻗ ﱢﺮﺑﺖ ﺳﺎﻟﻢ ﻣﻦ اﻟﺸﺮك وأُﻇ ِﻬﺮت ﻣﺸﻔﻖ ﻳﻬﺘﻢ ﺑﺄﻣﺮﻧﺎ واﻟﻨﻔﺎق واﻟﻀﻐﻴﻨﺔ اﳌﻘﺘﻮﻟﲔ رﻣﻴﺎً ﺑﺎﳊﺠﺎرة رﺟﻌ ًﺔ إﻟﻰ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻓ ُﺠ ِﻤﻌﻮا ،وأُﻟﻘﻮا ﻓﺎﺣﻜﻢ اﻟ ﱠﺴﻔﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس اﳌﻤﻠﻮء ﺑﺎﻟﻨﺎس، ﺑﻨﺎ ًء ﻋﺎﻟﻴﺎً ﻣﻜﺎ ٍن ﻣﺮﺗﻔ ٍﻊ واﻟﺪواب ،واﳌﺘﺎع أﻋﻄﺎﻛﻢ وأﻧﻌﻢ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﻗﺼﻮراً ﻣﻨﻴﻌ ًﺔ وﺣﺼﻮﻧﺎً ﻣﺸﻴﺪ ًة ﺗُﺸ ِﺮﻓﻮن ﻣﻨﻪ ﻓﺘﺴﺨﺮون ﻣﻦ اﳌﺎ ﱠرة دﻳﻦ ،وﻋﺎدة أﺧ ﱠﻮﻓﺖ ﻣﺎﻫﺮﻳﻦ ﺑﻨﺤﺘﻬﺎ ﻳﺴﺘﻮي ﻋﻨﺪﻧﺎ أﺷﺮﻳﻦ ﺑﻄﺮﻳﻦ ﺛﻤﺮﻫﺎ ﻳﺎﻧﻊ ﻟﲔ ﻧﻀﻴﺞ ﻧﺼﻴﺐ ﻣﻦ اﳌﺎء اﳌﻐﻠﻮب ﻋﻠﻰ ﻋﻘﻮﻟﻬﻢ ﰲ اﻟﺪﻧﻴﺎ اﳌﻄﺮودﻳﻦ ﻣﻦ ﺑﻼدﻧﺎ ﺑﻜﺜﺮة اﻟﺴﺤﺮ اﳌﺘﻤﺎدﻳﻦ ﰲ ﻣﻌﺼﻴﺔ اﷲ ﻣﺘﺠﺎوزون ﻣﺎ أﺑﺎﺣﻪ اﷲ ﻓﻘﺒُﺢ ﻟﻜﻢ ﻣﻦ اﳊﻼل إﻟﻰ اﳊﺮام ﻓﻨﺤﺮوﻫﺎ ﺑﺎﳌﻴﺰان اﻟﺒﺎﻗﲔ ﰲ اﻟﻌﺬاب اﳌﺒﻐﻀﲔ ﻟﻌﻤﻠﻜﻢ ﺑﻐﻀﺎً ﺷﺪﻳﺪاً اﻟ ﱠﻨﺎﻗﺼﲔ ﳊﻘﻮق اﻟﻨﺎس أﺻﺤﺎب اﻷرض ذات اﻟﺸﺠﺮ وﻻ ﺗﻜﺜﺮوا اﻟﻔﺴﺎد وﻻ ﺗﻨﻘﺼﻮا اﳌﻠﺘﻒ؛ وﻫﻢ ﻗﻮم ﺷﻌﻴﺐ ِﻗﻄﻌﺎً ﻣﻦ اﻟﻌﺬاب ﻣﻦ أﺻﺎﺑﻬﻢ ﺳﺤﺮ ُﻛﺘُﺐ اﻷﻧﺒﻴﺎء اﻟﺴﺎﺑﻘﲔ ﺷﺪﻳﺪ ،ﻓﺬﻫﺐ ﺑﻌﻘﻮﻟﻬﻢ اﻟﻌﺪل اﻟ ﱠﺴﻮي أدﺧﻠﻨﺎ اﻟﺘﻜﺬﻳﺐ ﺟﺒﺮﻳﻞ اﳋﻠﻴﻘﺔ واﻷﱈ اﳌﺎﺿﲔ أﻓﻌﻠﻤﺖ؟ اﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﺘﻜﻠﻤﻮن اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺳﺤﺎﺑﺔ أﻇﻠﺘﻬﻢ وﺟﺪوا ﲢﺘﻬﺎ ﺑﺮداً، أﻟﻦ ﺟﺎﻧﺒﻚ ﻓﻠﻤﺎ اﺟﺘﻤﻌﻮا أﺣﺮﻗﺘﻬﻢ ﺑﻨﺎرﻫﺎ وﻛﻼﻣﻚ ﺗﻮاﺿﻌﺎً ﳑﻬﻠﻮن ﻣﺆﺧﺮون ﻋﻼﻣ ًﺔ ﻋﻠﻰ ﺻﺤﺔ ﻧﺒ ﱠﻮﺗﻚ ﻛﺜﻴﺮ اﻵﺛﺎم ﶈﺠﻮﺑﻮن ﻣﺮﺟﻮﻣﻮن ﺑﺎﻟ ﱡﺸﻬﺐ ﻓﺠﺄ ًة ﻛ ﱠﺬا ٍب اﺳﺘﻤﺎع اﻟﻘﺮآن ﻣﻦ اﻟﺴﻤﺎء ﺗﺼﻠﻲ اﻟﻠﻴﻞ وﺣﺪك ﺗﻠﻘﻲ اﻟﺸﻴﺎﻃﲔ إﻟﻰ اﻟﻜﻬﺎن ﻣﺎ ﻳﺴﺘﺮﻗﻮن ﻣﻦ اﳌﻸ اﻷﻋﻠﻰ ١٥٢
ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ اﻟﻜﻠﻤﺔ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻳﺨﻮﺿﻮن ﻓﻦ ﻣﻦ ﻓﻨﻮن اﻟﻀﺎﻟﻮن ﻋﻦ اﳊﻖ اﻟﺒﺎﻃﻞ ،واﻟﻜﺬب ﻣﺮﺟ ٍﻊ ﻳﺮﺟﻌﻮن إﻟﻴﻪ ﻣﻦ وﺣﻲ اﻵي اﳌﺌــــــــﻮن اﻷﻟﻮﺳﻲ واﻟﺘﻌﺮض ﻟﻌﻨﻮان اﻟﺮﺣﻤﺔ ﻟﺘﻐﻠﻴﻆ ﺷﻨﺎﻋﺘﻬﻢ وﺗﻬﻮﻳﻞ ﺟﻨﺎﻳﺘﻬﻢ؛ ﻓﺈن اﻹﻋﺮاض ﻋﻤﺎ ﻳﺄﺗﻴﻬﻢ ﻣﻦ ﺟﻨﺎﺑﻪ ﺟﻞ وﻋﻼ ﻋﻠﻰ اﻹﻃﻼق ﺷﻨﻴﻊ ﻗﺒﻴﺢ ،وﻋﻤﺎ ﻳﺄﺗﻴﻬﻢ ﲟﻮﺟﺐ رﺣﻤﺘﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﶈﺾ ﻣﻨﻔﻌﺘﻬﻢ أﺷﻨﻊ وأﻗﺒﺢ؛ أي :ﻣﺎ ﻳﺄﺗﻴﻬﻢ ﺗﺬﻛﻴﺮ وﻣﻮﻋﻈﺔ ،أو ﻃﺎﺋﻔﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﺮآن ﻣﻦ ﻗﺒﻠﻪ ﲟﻘﺘﻀﻰ رﺣﻤﺘﻪ اﻟﻮاﺳﻌﺔ ﻳﺠﺪد ﺗﻨﺰﻳﻠﻪ ﺣﺴﺒﻤﺎ ﺗﻘﺘﻀﻴﻪ اﳊﻜﻤﺔ واﳌﺼﻠﺤﺔ إﻻ ﺟﺪدوا إﻋﺮاﺿﺎً ﻋﻨﻪ واﺳﺘﻤﺮوا ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﻋﻠﻴﻪ ﻗﺪم ذﻛﺮ اﻟﻌﺰﻳﺰ ﻋﻠﻰ ذﻛﺮ اﻟﺮﺣﻴﻢ؛ ﻷﻧﻪ ﻟﻮ ﻟﻢ ﻳﻘﺪم ﻟﻜﺎن رﲟﺎ ﻗﻴﻞ :إﻧﻪ رﺣﻤﻬﻢ ﻟﻌﺠﺰه ﻋﻦ ﻋﻘﻮﺑﺘﻬﻢ ،ﻓﺄزال ﻫﺬا اﻟﻮﻫﻢ ﺑﺬﻛﺮ اﻟﻌﺰﻳﺰ ،وﻫﻮ اﻟﻐﺎﻟﺐ اﻟﻘﺎﻫﺮ ،وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻓﺈﻧﻪ رﺣﻴﻢ ﺑﻌﺒﺎده ،اﻟﺮازي ﻓﺈن اﻟﺮﺣﻤﺔ إذا ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻦ اﻟﻘﺪرة اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ﻛﺎﻧﺖ أﻋﻈﻢ وﻗﻌﺎً اﻟﻘﺮﻃﺒﻲ ﻓﻔﻲ ﻫﺬا دﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ أن ﻣﻦ ﻻ ﻳﺴﺘﻘﻞ ﺑﺄﻣﺮ ،وﻳﺨﺎف ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﺗﻘﺼﻴﺮاً ،أن ﻳﺄﺧﺬ ﻣﻦ ﻳﺴﺘﻌﲔ ﺑﻪ ﻋﻠﻴﻪ ،وﻻ ﻳﻠﺤﻘﻪ ﰲ ذﻟﻚ ﻟﻮم اﻟﻘﺮﻃﺒﻲ ﺧﺎف ﻣﻮﺳﻰ أن ﻳﻘﺘﻠﻮه ﺑﻪ؛ ﻓﺪل ﻋﻠﻰ أ ﱠن اﳋﻮف ﻗﺪ ﻳﺼﺤﺐ اﻷﻧﺒﻴﺎء واﻟﻔﻀﻼء واﻷوﻟﻴﺎء ﻣﻊ ﻣﻌﺮﻓﺘﻬﻢ ﺑﺎﷲ ،وأن ﻻ ﻓﺎﻋﻞ إﻻ ﻫﻮ ،إذ ﻗﺪ ﻳﺴﻠﱢﻂ ﻣﻦ ﺷﺎء ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﺷﺎء ،وﻟﻜﻦ ﻫﺬا ﺧﻮف ﻃﺒﻴﻌﻲ ﻳﺪﻓﻊ ﺑﺎﻟﺘﻮﻛﻞ واﻟﻌﺰم اﺑﻦ ﻛﺜﻴﺮ ﳌﺎ ُﻏ ِﻠﺐ ﻓﺮﻋﻮن ،واﻧﻘﻄﻌﺖ ﺣﺠﺘﻪ ،ﻋﺪل إﻟﻰ اﺳﺘﻌﻤﺎل ﺟﺎﻫﻪ وﻗﻮﺗﻪ وﺳﻠﻄﺎﻧﻪ اﺑﻦ ﻛﺜﻴﺮ وﻛﺎن ﻫﺬا ﻣﻦ ﺗﺴﺨﻴﺮ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻟﻬﻢ ﰲ ذﻟﻚ؛ ﻟﻴﺠﺘﻤﻊ اﻟﻨﺎس ﰲ ﺻﻌﻴﺪ واﺣﺪ ،وﺗﻈﻬﺮ آﻳﺎت اﷲ وﺣﺠﺠﻪ وﺑﺮاﻫﻴﻨﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺎس ﰲ اﻟﻨﻬﺎر ﺟﻬﺮة اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر وأرادوا ﺑﺬﻟﻚ إﻟﻘﺎء اﳋﻮف ﰲ ﻧﻔﺲ ﻣﻮﺳﻰ ؛ ﻟﻴﻜﻮن ﻣﺎ ﺳﻴﻠﻘﻴﻪ ﰲ ﻧﻮﺑﺘﻪ ﻋﻦ ﺧﻮر ﻧﻔﺲ؛ ﻷﻧﻬﻢ ﻳﻌﻠﻤﻮن أن اﻟﻌﺰﳝﺔ ﻣﻦ أﻛﺒﺮ أﺳﺒﺎب ﳒﺎح اﻟﺴﺤﺮ ،وﺗﺄﺛﻴﺮه ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺎﻇﺮﻳﻦ ١٥٣
اﻟﺰﻣﺨﺸﺮي ﻋ ﱠﺒﺮ ﻋﻦ اﳋﺮور ﺑﺎﻹﻟﻘﺎء؛ ﻷﻧﻪ ذﻛﺮ ﻣﻊ اﻹﻟﻘﺎءات ،ﻓﺴﻠﻚ ﺑﻪ ﻃﺮﻳﻖ اﳌﺸﺎﻛﻠﺔ ،وﻓﻴﻪ أﻳﻀﺎً -ﻣﻊ ﻣﺮاﻋﺎة اﳌﺸﺎﻛﻠﺔ -أﻧﻬﻢ ﺣﲔ رأوا ﻣﺎ رأوا ﻟﻢ ﻳﺘﻤﺎﻟﻜﻮا أن رﻣﻮا ﺑﺄﻧﻔﺴﻬﻢ إﻟﻰ اﻷرض ﺳﺎﺟﺪﻳﻦ ،ﻛﺄﻧﻬﻢ أُﺧﺬوا ﻓ ُﻄﺮﺣﻮا ﻃﺮﺣﺎً! اﻟﺒﻘﺎﻋﻲ وﻋﺒﺮوا ﺑﺎﻟﻄﻤﻊ إﺷﺎرة إﻟﻰ أن ﺟﻤﻴﻊ أﺳﺒﺎب اﻟﺴﻌﺎدة ﻣﻨﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ؛ ﻓﻜﺄﻧﻪ ﻻ ﺳﺒﺐ ﻣﻨﻬﻢ أﺻ ًﻼ اﻷﻟﻮﺳﻲ أﺿﺮﺑﻮا ﻋﻦ أن ﻳﻜﻮن ﻟﻬﻢ ﺳﻤﻊ أو ﻧﻔﻊ أو ﺿﺮ اﻋﺘﺮاﻓﺎً ﲟﺎ اﳌﺌــــــــﻮن اﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻻ ﺳﺒﻴﻞ ﻟﻬﻢ إﻟﻰ إﻧﻜﺎره ،واﺿﻄﺮوا إﻟﻰ إﻇﻬﺎر أن ﻻ ﺳﻨﺪ ﻟﻬﻢ ﺳﻮى اﻟﺘﻘﻠﻴﺪ؛ ﻓﻜﺄﻧﻬﻢ ﻗﺎﻟﻮا :ﻻ ﻳﺴﻤﻌﻮن وﻻ ﻳﻨﻔﻌﻮﻧﻨﺎ وﻻ ﻳﻀﺮون ،وإﳕﺎ وﺟﺪﻧﺎ آﺑﺎءﻧﺎ ﻳﻔﻌﻠﻮن ﻣﺜﻞ ﻓﻌﻠﻨﺎ ،وﻳﻌﺒﺪوﻧﻬﻢ ﻣﺜﻞ ﻋﺒﺎدﺗﻨﺎ ،ﻓﺎﻗﺘﺪﻳﻨﺎ ﺑﻬﻢ ﺗﺄدب اﻟﻌﺎرﻓﻮن ﻓﺄﺿﺎﻓﻮا اﻟﻨﻌﻢ إﻟﻴﻪ واﻟﺸﺮ إﻟﻰ ﻣﺤﻠﻪ ﻛﻤﺎ ﻗﺎل إﻣﺎم اﳊﻨﻔﺎء : اﺑﻦ اﻟﻘﻴﻢ أﺟﻤﻊ اﻟﺴﺎﺋﺮون إﻟﻰ اﷲ أن اﻟﻘﻠﻮب ﻻ ﺗﻌﻄﻰ اﻟﺰﻣﺨﺸﺮي ﻣﻨﺎﻫﺎ ﺣﺘﻰ ﺗﺼﻞ إﻟﻰ ﻣﻮﻻﻫﺎ ،وﻻ ﺗﺼﻞ إﻟﻰ ﻣﻮﻻﻫﺎ ﺣﺘﻰ ﺗﻜﻮن ﺻﺤﻴﺤﺔ ﺳﻠﻴﻤﺔ اﻟﻜﺒﻜﺒﺔ :ﺗﻜﺮﻳﺮ اﻟﻜﺐ ،ﺟﻌﻞ اﻟﺘﻜﺮﻳﺮ ﰲ اﻟﻠﻔﻆ دﻟﻴ ًﻼ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻜﺮﻳﺮ ﰲ اﳌﻌﻨﻰ؛ ﻛﺄﻧﻪ إذا أُﻟﻘﻲ ﰲ ﺟﻬﻨﻢ ﻳﻨﻜﺐ ﻣﺮ ًة ﺑﻌﺪ ﻣﺮة ﺣﺘﻰ ﻳﺴﺘﻘﺮ ﰲ ﻗﻌﺮﻫﺎ! اﺑﻦ ﺑﺎدﻳﺲ ﻛﻞ ﺑﻨﺎء ﺷﺎﻣﺦ ﻻ ﻳﻜﻮن ﻟﻐﺎﻳﺔ ﺷﺮﻳﻔﺔ ﻣﺤﻤﻮدة؛ ﻓﻬﻮ ﻋﺒﺚ وﻟﻬﻮ ﺑﺎﻃﻞ اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر اﺑﺘﺪأ ﰲ ﺗﻌﺪاد اﻟﻨﻌﻢ ﺑﺬﻛﺮ اﻷﻧﻌﺎم؛ ﻷﻧﻬﺎ أﺟ ﱡﻞ ﻧﻌﻤﺔ اﻷﻟﻮﺳﻲ ﻋﻠﻰ أﻫﻞ ذﻟﻚ اﻟﺒﻠﺪ؛ ﻷن ﻣﻨﻬﺎ أﻗﻮاﺗﻬﻢ، اﺑﻦ ﻛﺜﻴﺮ وﻟﺒﺎﺳﻬﻢ ،وﻋﻠﻴﻬﺎ أﺳﻔﺎرﻫﻢ ﻻ ﻳﻨﺎﰲ إﺻﻼﺣﻬﻢ أﺣﻴﺎﻧﺎً؛ وﳌﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﻟﺒﻴﺎن ﻛﻤﺎل إﻓﺴﺎدﻫﻢ، أردف ﺑﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: وأﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺨﺎﻟﻄﻪ إﺻﻼح أﺻ ًﻼ وذﻟﻚ أن اﻟﺮﻳﺢ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺄﺗﻲ اﻟﺮﺟﻞ ﻣﻨﻬﻢ ﻓﺘﻘﺘﻠﻌﻪ وﺗﺮﻓﻌﻪ ﰲ اﻟﻬﻮاء ،ﺛﻢ ﺗﻨﻜﺴﻪ ﻋﻠﻰ أم رأﺳﻪ ،وﺗﻠﻘﻴﻪ؛ ﻛﺄﻧﻬﻢ أﻋﺠﺎز ﻧﺨﻞ ﻣﻨﻘﻌﺮ ،وﻗﺪ ﻛﺎﻧﻮا ﲢﺼﻨﻮا ﰲ اﳉﺒﺎل واﻟﻜﻬﻮف واﳌﻐﺎرات، وﺣﻔﺮوا ﻟﻬﻢ ﰲ اﻷرض إﻟﻰ أﻧﺼﺎﻓﻬﻢ ،ﻓﻠﻢ ﻳﻐﻦ ﻋﻨﻬﻢ ذﻟﻚ ﻣﻦ أﻣﺮ اﷲ ﺷﻴﺌﺎً ١٥٤
اﻟﺒﻐﻮي وإﳕﺎ ﻛﺎﻧﺖ دﻋﻮة ﻫﺆﻻء اﻷﻧﺒﻴﺎء ﻓﻴﻤﺎ ﺣﻜﻰ اﷲ ﻋﻨﻬﻢ اﻟﺴﻌﺪي ﻋﻠﻰ ﺻﻴﻐﺔ واﺣﺪة ﻻﺗﻔﺎﻗﻬﻢ ﻋﻠﻰ اﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﺘﻘﻮى واﻟﻄﺎﻋﺔ واﻹﺧﻼص ﰲ اﻟﻌﺒﺎدة ،واﻻﻣﺘﻨﺎع ﻣﻦ أﺧﺬ اﻷﺟﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺪﻋﻮة ،وﺗﺒﻠﻴﻎ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺗﺄﻣﻞ ﻛﻴﻒ اﺟﺘﻤﻌﺖ ﻫﺬه اﻟﻔﻀﺎﺋﻞ اﻟﻔﺎﺧﺮة ﰲ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب اﻟﻜﺮﱘ؛ ﻓﺈﻧﻪ أﻓﻀﻞ اﻟﻜﺘﺐ ،ﻧﺰل ﺑﻪ أﻓﻀﻞ اﳌﻼﺋﻜﺔ ،ﻋﻠﻰ أﻓﻀﻞ اﳋﻠﻖ ،ﻋﻠﻰ أﻓﻀﻞ ﺑﻀﻌﺔ ﻓﻴﻪ وﻫﻲ ﻗﻠﺒﻪ ،ﻋﻠﻰ أﻓﻀﻞ أﻣﺔ أﺧﺮﺟﺖ ﻟﻠﻨﺎس ،ﺑﺄﻓﻀﻞ اﻷﻟﺴﻨﺔ وأﻓﺼﺤﻬﺎ وأوﺳﻌﻬﺎ؛ وﻫﻮ اﻟﻠﺴﺎن اﻟﻌﺮﺑﻲ اﳌﺒﲔ اﺑﻦ ﺟﺰي ﻣﻌﻨﺎه :ﻳﺮى ﺻﻼﺗﻚ ﻣﻊ اﳌﺼﻠﲔ؛ ﻓﻔﻲ ذﻟﻚ إﺷﺎرة إﻟﻰ اﻟﺼﻼة ﻣﻊ اﳉﻤﺎﻋﺔ اﳌﺌــــــــﻮن ﺧﺘﻢ اﻟﺴﻮرة ﺑﺂﻳﺔ ﻧﺎﻃﻘﺔ ﲟﺎ ﻻ ﺷﻲء أﻫﻴﺐ ﻣﻨﻪ وأﻫﻮل ،وﻻ أﻧﻜﻰ ﻟﻘﻠﻮب اﳌﺘﺄﻣﻠﲔ ،وﻻ أﺻﺪع ﻷﻛﺒﺎد اﳌﺘﺪﺑﺮﻳﻦ ،وذﻟﻚ ﻗﻮﻟﻪ: اﻟﺰﻣﺨﺸﺮي وﻣﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ اﻟﻮﻋﻴﺪ اﻟﺒﻠﻴﻎ ،وﻗﻮﻟﻪ: وإﺑﻬﺎﻣﻪ ،وﻛﺎن اﻟﺴﻠﻒ اﻟﺼﺎﻟﺢ وإﻃﻼﻗﻪ ،وﻗﻮﻟﻪ: ﻳﺘﻮاﻋﻈﻮن ﺑﻬﺎ ١٥٥
١٥٧
أﺳﻤﺎء اﻟﺴﻮرة ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﻣﻜﻴﺔ ﺳﻮرة اﻟﻨﻤﻞ ﻻﺷﺘﻤﺎﻟﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻗﺼﺔ اﻟﻨﻤﻠﺔ اﻟﺘﻲ وﺟﻪ اﳌﺼﺤﻒ ٢٧ ﻧﺼﺤﺖ ﺑﻘﻴﺔ اﻟﻨﻤﻞ ،واﻋﺘﺬرت اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /ﺗﻮﻗﻴﻔﻴﺔ ﻋﻦ ﺳﻠﻴﻤﺎن وﺟﻨﻮده ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﺑﲔ ﻳﺪي آﻳﺔ ﻻﺷﺘﻤﺎﻟﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻠﻚ وﺟﻪ ﺳﻮرة ﺳﻠﻴﻤﺎن اﻟﺘﻨﺰﻳﻞ ٤٨ اﻟﺴﻮرة ﺳﻠﻴﻤﺎن ﻣﻔﺼ ًﻼ اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /اﺟﺘﻬﺎدﻳﺔ ﻣﻘﺼﺪ اﻟﺴﻮرة ﺳﻮرة اﻟﻬﺪﻫﺪ ﻻﺷﺘﻤﺎﻟﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻟﻔﻆ اﻟﻬﺪﻫﺪ وﺟﻪ اﻟﺬي ﻟﻢ ﻳﺬﻛﺮ ﰲ ﺳﻮرة ﻣﻦ اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ اﻹﻣﺘﻨﺎن ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /اﺟﺘﻬﺎدﻳﺔ ﺑﺎﻵﻳﺔ اﻟﻜﺒﺮى )وﻫﻲ اﻟﻘﺮآن( اﻟﻘﺮآن ﻏﻴﺮﻫﺎ واﳊﺚ ﻋﻠﻰ ﺷﻜﺮﻫﺎ واﻟﺼﺒﺮ ﻻﻓﺘﺘﺎﺣﻬﺎ ﺑـ )ﻃﺲ( دون ﻏﻴﺮﻫﺎ وﺟﻪ ﺳﻮرة ﻃﺲ اﳌﺜﺎﻧــــــــــــــــــــــــﻲ ﻋﻠﻰ ﺗﺒﻠﻴﻐﻬﺎ ﻣﻦ ﺳﻮر اﻟﻘﺮآن اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /اﺟﺘﻬﺎدﻳﺔ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺴﻮرة اﳌﻮﺿﻮع اﻵﻳﺎت اﳌﻮﺿﻮع اﻵﻳﺎت ﺑﻴﺎن ﺻﻔﺎت اﳌﺆﻣﻨﲔ وﺛﻮاﺑﻬﻢ ﺑﻴﺎن إﻋﺠﺎز اﻟﻘﺮآن وﺻﻔﺎت اﳋﺎﺳﺮﻳﻦ وﻋﻘﺎﺑﻬﻢ ﻧﺪاء اﷲ ﳌﻮﺳﻰ ﺑﻮادي ﻃﻮى ﺳﻠﻴﻤﺎن وﻣﻠﻜﺔ ﺳﺒﺄ ﺑﻴﺎن ﻣﺎ أوﺗﻲ داود وﺳﻠﻴﻤﺎن ﻣﻮﻗﻒ ﻣﻠﻜﺔ ﺳﺒﺄ ﻣﻦ ﻛﺘﺎب ﺳﻠﻴﻤﺎن ﻗﺼﺔ ﻧﺒﻲ اﷲ ﺻﺎﻟﺢ اﻟﺒﺮاﻫﲔ اﻟﺪاﻟﺔ ﻋﻠﻰ وﺣﺪاﻧﻴﺔ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻗﺼﺔ ﻧﺒﻲ اﷲ ﻟﻮط إﺧﺒﺎر اﻟﻘﺮآن ﻋﻦ أﻧﺒﺎء اﻟﺴﺎﺑﻘﲔ إﻧﻜﺎر اﳌﺸﺮﻛﲔ ﻟﻠﺒﻌﺚ واﻟﺮد ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺑﻌﺾ ﻋﻼﻣﺎت اﻟﺴﺎﻋﺔ وﻣﺸﺎﻫﺪ ﻣﻦ ﻳﻮم اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ١٥٨
أﻏﺮاض اﻟﺴﻮرة أﺷﺎرت اﻟﺴﻮرة ﰲ ﺑﺪاﻳﺘﻬﺎ إﻟﻰ إﻋﺠﺎز اﻟﻘﺮآن ﺑﺒﻼﻏﺔ ﻧﻈﻤﻪ ،وﻋﻠﻮ ﻣﻌﺎﻧﻴﻪ ،واﻟﺘﻨﻮﻳﻪ ﺑﺸﺄﻧﻪ ،وﲢﺪﺛﺖ ﻋﻦ ﻗﺼﺺ اﻷﻧﺒﻴﺎء ﺑﺈﻳﺠﺎز ﰲ اﻟﺒﻌﺾ ،وإﺳﻬﺎب ﰲ اﻟﺒﻌﺾ ،وﺗﻄﺮﻗﺖ إﻟﻰ ُﻣﻠﻚ ﺳﻠﻴﻤﺎن وﰲ ﻗﺼﺘﻪ ﻣﻐﺰى دﻗﻴﻖ ﻷﺻﺤﺎب اﳉﺎه واﻟﺴﻠﻄﺎن ،واﻟﻌﻈﻤﺎء واﳌﻠﻮك ،ﻓﻘﺪ اﺗﺨﺬ ﺳﻠﻴﻤﺎن اﳌﻠﻚ وﺳﻴﻠﺔ ﻟﻠﺪﻋﻮة إﻟﻰ اﷲ ، ﻓﻠﻢ ﻳﺘﺮك ﺣﺎﻛﻤﺎً ﺟﺎﺋﺮاً ،وﻻ ﻣﻠﻜﺎً ﻛﺎﻓﺮاً إﻻ دﻋﺎه إﻟﻰ اﷲ ،وﻫﻜﺬا ﻛﺎن ﺷﺄﻧﻪ ﻣﻊ ﺑﻠﻘﻴﺲ ﺣﺘﻰ ﺗﺮﻛﺖ ﻋﺒﺎدة اﻷوﺛﺎن ،وأﺗﺖ ﻣﻊ ﺟﻨﺪﻫﺎ ﺧﺎﺿﻌ ًﺔ ﻣﺴﻠﻤ ًﺔ ،ﻣﺴﺘﺠﻴﺒ ًﺔ ﻟﺪﻋﻮة اﻟﺮﺣﻤﻦ ،وﺗﻨﺎوﻟﺖ اﻟﺴﻮرة ﺑﻌﺾ اﻟﺪﻻﺋﻞ ﻋﻠﻰ وﺟﻮد اﷲ ووﺣﺪاﻧﻴﺘﻪ ،ﻣﻦ آﺛﺎر ﻣﺨﻠﻮﻗﺎﺗﻪ وﺑﺪاﺋﻊ ﺧﻠﻘﻪ ،وﺳﺎﻗﺖ ﰲ اﳋﺘﺎم ﺑﻌﺾ اﻷﻫﻮال واﳌﺸﺎﻫﺪ اﻟﺮﻫﻴﺒﺔ ،اﻟﺘﻲ ﻳﺮاﻫﺎ اﻟﻨﺎس ﻳﻮم اﳊﺸﺮ اﻷﻛﺒﺮ ،ﺣﻴﺚ ﻳﻔﺰﻋﻮن وﻳﺮﻫﺒﻮن ،وﻳﻨﻘﺴﻤﻮن إﻟﻰ ﻗﺴﻤﲔ :ﺳﻌﺪاء أﺑﺮار ،وﻛﻔﺎر ﻓﺠﺎر ﻣﻨﺎﺳﺒﺎت اﻟﺴﻮرة اﳌﺜﺎﻧــــــــــــــــــــــــﻲ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ أول اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ اﻟﺴﻮرة ﺑﺂﺧﺮﻫﺎ ﳌﺎ ﻗﺒﻠﻬﺎ ﺑﺪأت ﺳﻮرة اﻟﻨﻤﻞ ﺑﺎﳊﺪﻳﺚ ﻋﻦ اﻟﻘﺮآن ﺧﺘﻤﺖ ﺳﻮرة اﻟﺸﻌﺮاء وﻫﺪاﻳﺘﻪ ،وﺧﺘﻤﺖ ﺑﻪ: ﺑﺎﳊﺪﻳﺚ ﻋﻦ اﻟﻘﺮآن، وﺑﺪأت ﺑﻪ ﺳﻮرة اﻟﻨﻤﻞ ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻐﺮﻳﺐ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻦ ﻋﻨﺪ ﻟﺘﺘﻠﻘﻰ ﻳﺘﺮددون ﺗﺴﺘﺪﻓﺌﻮن ﺑﺸﻌﻠﺔ ﻧﺎر أﺑﺼﺮت ﺑﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺒﺮد ُﻗ ﱢﺪس ﺗﻨﺰﻳﻬﺎً ﷲ ﻋﻤﺎ ﺗﺘﺤﺮك ﰲ ِﺧ ﱠﻔﺔ ﻻ ﻳﻠﻴﻖ ﺑﻪ ﺣ ﱠﻴ ُﺔ ﺧﻔﻴ ٌﺔ ﻳﺮﺟﻊ ﻋﻠﻰ ﻋﻘﺒﻪ ﻫﺎرﺑﺎً ﻟﻜﻦ ﻣﻦ ﻇﻠﻢ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺑﺮ ٍص ﻓﺘﺤﺔ اﻟﻘﻤﻴﺺ اﻟﺘﻲ وﻻﻣﺮ ٍض ﻳﺪﺧﻞ ﻣﻨﻬﺎ اﻟﺮأس ١٥٩
ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﺗﻜﺒﺮاً واﺿﺢ ﺑﲔ ﻇﺎﻫﺮة ﺑﻴﻨﺔ ﻳُﻜ ﱡﻔﻮن ﻋﻦ اﻟﺘﻔﺮق و ُﺟﻤﻊ ﺑﻘﻲ زﻣﻨﺎً ﻏﻴﺮ ﻃﻮﻳ ٍﻞ أﻟﻬﻤﻨﻲ ﺧﻠﻔﻪ ﰲ اﻟﻨﺒﻮة واﻟﻌﻠﻢ واﳌﻠﻚ ﻻ ﻳُﻬﻠﻜﻨﻜﻢ ﺳﺮﻳﺮ ﺑﺨﺒ ٍﺮ ﺧﻄﻴ ٍﺮ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺑﺎﻟﻴﻤﻦ ﺗﻨ ﱠﺢ ﻋﻨﻬﻢ ﻗﺮﻳﺒﺎً ﻣﻨﻬﻢ ﺗﺄﻣﻞ واﺳﻤﻊ اﳌﺴﺘﻮر ﻋﻦ أﺷﺮاف اﻟﻨﺎس اﻷﻋﲔ ﺟﻠﻴﻞ اﻟﻘﺪر ﻣﺎ ﻳﺘﺮدد ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻗﺎﺿﻴ ًﺔ ﺣﻜﻤﺎً أﺷﻴﺮوا ﻋﻠ ﱠﻲ ﻣﻦ اﻟﻜﻼم ﺗﺘﻜﺒﺮوا ﻋﻠ ﱠﻲ ﻣﻨﺘﻈﺮة أﺻﺤﺎب ﲢﻀﺮوﻧﻲ ﻣﻦ ﺳﺨﺮﻫﻢ اﷲ ﻣﻬﺎﻧﻮن ﻻ ﻃﺎﻗﺔ ﻟﻬﻢ ﻟﻪ ﻣﻦ اﳉﻦ واﻹﻧﺲ ﲟﻘﺎوﻣﺔ اﳉﻨﻮد ﻏﻴﺮوا ﻣﺠﻠﺴﻚ ﻣﺎرد ﻗﻮي ﺷﺪﻳﺪ ﻇﻨﺘﻪ ﻣﺎ ًء ﻏﺰﻳﺮاً ﳑﻠﺲ ﻣﺴﻮى اﻟﻘﺼﺮ ،وﻛﺎن ﺻﺤﻨﻪ ﺗﺸﺎءﻣﻨﺎ ﻣﻦ زﺟﺎج ﲢﺘﻪ ﻣﺎء ﻣﺎ أﺻﺎﺑﻜﻢ ﻣﻦ ﺧﻴﺮ أو ﺷﺮ ﻓﺎﷲ ﻣﻘﺪره ﻋﻠﻴﻜﻢ اﳊﺠﺮ ﻣﻦ زﺟﺎج ﺻﺎ ٍف اﳌﺜﺎﻧــــــــــــــــــــــــﻲ ﺣﻠﻒ ﻛﻞ واﺣﺪ ﻗﺮﻳﺒﻪ اﻟﺬي ﺗﺨﺘﺒﺮون ﺑﺎﻟﺴﺮاء ﻣﻨﻬﻢ ﻟﻶﺧﺮ ﻳﻄﺎﻟﺐ ﺑﺪﻣﻪ واﻟﻀﺮاء ﺧﺎﻟﻴﺔ ﺗﻌﻠﻤﻮن ﻗﺒﺤﻬﺎ ﻟﻨﺄﺗﻴ ﱠﻨﻪ ﺑﺎﻟﻠﻴﻞ ﺑﻐﺘ ًﺔ ﻓﻨﻘﺘﻠﻪ ﻳﺘﻨﺰﻫﻮن ﻋﻦ اﻟﺒﺎﻗﲔ ﰲ إﺗﻴﺎن اﻟﺬﻛﺮان اﻟﻌﺬاب اﻟﻔﻌﻠﺔ اﳌﺘﻨﺎﻫﻴﺔ ذات ﻣﻨﻈﺮ ﰲ اﻟﻘﺒﺢ ﺣﺠﺎر ًة ﻣﻦ اﻟﺴﻤﺎء ﺣﺴﻦ ﺟﻌﻠﻨﺎ اﻣﺮأة ﻟﻮط ﺟﺒﺎﻻً ﺛﻮاﺑﺖ ﻳﺠﻌﻠﻮن ﷲ ﻧﻈﻴﺮاً ﻓﻘﺒُﺢ ﻳُﺮﺷﺪﻛﻢ اﻟﻌﺬب واﳌﺎﻟﺢ وﺳﻄﻬﺎ ﻣﺘﻰ؟ ﻣﺒ ﱢﺸﺮات ﺑﺎﳌﻄﺮ ﺗﺨﻠﻔﻮن ﻣﻦ ﺳﺒﻘﻜﻢ ﻣﺎ ﺳ ﱠﻄﺮ اﻟﻘﺪﻣﺎء ﰲ اﻷرض اﻧﺘﻬﻰ ﻋﻠﻤﻬﻢ وﻋﺠﺰ ﻣﻦ اﻷﻛﺎذﻳﺐ ﻋﻦ ﻣﻌﺮﻓﺔ وﻗﺘﻬﺎ وﻣﺎ ﻳﻌﻠﻤﻮن ﺷﻲء ﻏﺎﺋﺐ اﻗﺘﺮب ﻟﻜﻢ ﻋﻦ اﻷﺑﺼﺎر ﻋﻤﻴﺖ ﺑﺼﺎﺋﺮﻫﻢ ﻋﻨﻬﺎ ﳒﻤﻊ اﻟﻠﻮح اﶈﻔﻮظ ﺗُﺨﻔﻲ ﺟﻤﺎﻋ ًﺔ ﻳُﺒﺼﺮون ﻓﻴﻪ وﺟﺐ اﻟﻌﺬاب اﻟﻘﺮن اﻟﺬي ﻳﻨﻔﺦ ﺗﺴﻴﺮ ﻻ ﻳﺘﻜﻠﻤﻮن ﺑﺤﺠﺔ ﻓﻴﻪ إﺳﺮاﻓﻴﻞ ﺗﺪﻓﻊ اﻟﻌﺬاب ﻋﻨﻬﻢ ﻣﻜﺔ ﺟﻌﻠﻬﺎ ﺣﺮاﻣﺎً؛ ﻓﻼ ﻳُﺴﻔﻚ ﻓﻴﻬﺎ دم، أو ﻳﺼﺎد ﺻﻴﺪ ،أو ﻳﻘﻄﻊ ﺷﺠﺮ ﺻﺎﻏﺮﻳﻦ أذﻻء ١٦٠
ﻣﻦ وﺣﻲ اﻵي اﻟﻘﺮﻃﺒﻲ ﻓﺈن ﻗﺎل ﻗﺎﺋﻞ :ﻓﻤﺎ ﻣﻌﻨﻰ اﳋﻮف ﺑﻌﺪ اﻟﺘﻮﺑﺔ واﳌﻐﻔﺮة؟ ﻗﻴﻞ ﻟﻪ :ﻫﺬه ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻌﻠﻤﺎء ﺑﺎﷲ ؛ أن ﻳﻜﻮﻧﻮا ﺧﺎﺋﻔﲔ ﻣﻦ ﻣﻌﺎﺻﻴﻬﻢ ،وﺟﻠﲔ ،وﻫﻢ أﻳﻀﺎً ﻻ ﻳﺄﻣﻨﻮن أن ﻳﻜﻮن ﻗﺪ ﺑﻘﻲ ﻣﻦ أﺷﺮاط اﻟﺘﻮﺑﺔ ﺷﻲء ﻟﻢ ﻳﺄﺗﻮا ﺑﻪ ،ﻓﻬﻢ ﻳﺨﺎﻓﻮن ﻣﻦ اﳌﻄﺎﻟﺒﺔ ﺑﻪ اﻟﺴﻌﺪي وﻫﺬا ﻋﻨﻮان ﺳﻌﺎدة اﻟﻌﺒﺪ :أن ﻳﻜﻮن ﺷﺎﻛﺮاً ﷲ ﻋﻠﻰ ﻧﻌﻤﻪ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ واﻟﺪﻧﻴﻮﻳﺔ ،وأن ﻳﺮى ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻨﻌﻢ ﻣﻦ رﺑﻪ؛ ﻓﻼ ﻳﻔﺨﺮ ﺑﻬﺎ ،وﻻ ﻳﻌﺠﺐ ﺑﻬﺎ ،ﺑﻞ ﻳﺮى أﻧﻬﺎ ﺗﺴﺘﺤﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﺷﻜﺮاً ﻛﺜﻴﺮاً ﻗﺎل اﻟﺰﺟﺎج :أﻛﺜﺮ ﺿﺤﻚ اﻷﻧﺒﻴﺎء اﻟﺘﺒﺴﻢ اﻟﺒﻐﻮي اﻟﻘﺮﻃﺒﻲ ﰲ ﻫﺬه اﻵﻳﺔ دﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﻔﻘﺪ اﻹﻣﺎم أﺣﻮال رﻋﻴﺘﻪ، واﶈﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻴﻬﻢ ،ﻓﺎﻧﻈﺮ إﻟﻰ اﻟﻬﺪﻫﺪ ﻣﻊ ﺻﻐﺮه ﻛﻴﻒ ﻟﻢ ﻳﺨﻒ ﻋﻠﻰ ﺳﻠﻴﻤﺎن ﺣﺎﻟﻪ ،ﻓﻜﻴﻒ ﺑﻌﻈﺎم اﳌﻠﻚ ،وﻳﺮﺣﻢ اﷲ ﻋﻤﺮ ؛ ﻓﺈﻧﻪ ﻛﺎن ﻋﻠﻰ ﺳﻴﺮﺗﻪ ،ﻗﺎل :ﻟﻮ أن ﺳﺨﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺷﺎﻃﺊ اﻟﻔﺮات أﺧﺬﻫﺎ اﻟﺬﺋﺐ ﻟﻴﺴﺄل ﻋﻨﻬﺎ ﻋﻤﺮ اﳌﺜﺎﻧــــــــــــــــــــــــﻲ اﻟﺒﻘﺎﻋﻲ ﰲ ﻫﺬه اﳌﻜﺎﻓﺤﺔ اﻟﺘﻨﺒﻴﻪ ﻋﻠﻰ أن أﺿﻌﻒ اﳋﻠﻖ ﻗﺪ ﻳﺆﺗﻰ ﻣﺎ ﻻ ﻳﺼﻞ إﻟﻴﻪ أﻗﻮاﻫﻢ؛ ﻟﺘﺘﺤﺎﻗﺮ إﻟﻰ اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻋﻠﻮﻣﻬﻢ ،وﻳﺮدوا اﻟﻌﻠﻢ ﰲ ﻛﻞ ﺷﻲء إﻟﻰ اﷲ ،وﻓﻴﻪ إﺑﻄﺎل ﻟﻘﻮل اﻟﺮاﻓﻀﺔ :إن اﻹﻣﺎم ﻻ ﻳﺨﻔﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﺷﻲء ،وﻻ ﻳﻜﻮن ﰲ زﻣﺎﻧﻪ ﻣﻦ ﻫﻮ أﻋﻠﻢ ﻣﻨﻪ ﻋﻦ أﺑﻲ ﺑﻜﺮة ﻗﺎل :ﳌﺎ ﺑﻠﻎ رﺳﻮل اﷲ ﷺ أ ﱠن أﻫﻞ ﻓﺎرس اﻟﺒﻐﻮي ﻣﻠﱠ ُﻜﻮا ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺑﻨﺖ ﻛﺴﺮى ﻗﺎل)) :ﻟﻦ ﻳﻔﻠﺢ ﻗﻮم وﻟﻮ أﻣﺮﻫﻢ اﻣﺮأة(( اﻟﺒﻘﺎﻋﻲ أي :ﻳﻌﺒﺪوا اﻟﺬي ﻟﻪ اﻟﻜﻤﺎل ﻛﻠﻪ ﺑﺎﻟﺴﺠﻮد اﻟﺬي ﻫﻮ ﻣﺤﻞ اﻷﻧﺲ ،وﻣﺤﻂ اﻟﻘﺮب ،ودارة اﳌﻨﺎﺟﺎة ،وآﻳﺔ اﳌﻌﺎﻓﺎة؛ ﻓﺈﻧﻬﻢ ﻟﻮ ﺳﺠﺪوا ﻟﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻻﻫﺘﺪوا ،ﻓﺈن اﻟﺼﻼة ﺗﻨﻬﻰ ﻋﻦ اﻟﻔﺤﺸﺎء واﳌﻨﻜﺮ ،ﻓﻔﺎت اﻟﺸﻴﻄﺎن ﻣﺎ ﻳﻘﺼﺪه ﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﻀﻼل دﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ أن اﻹﻣﺎم ﰲ ﻗﻮﻟﻪ: ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻴﻪ أن ﻳﻘﺒﻞ ﻋﺬر رﻋﻴﺘﻪ ،وﻳﺪرأ اﻟﻌﻘﻮﺑﺔ ﻋﻨﻬﻢ ﰲ اﻟﺒﻐﻮي ﻇﺎﻫﺮ أﺣﻮاﻟﻬﻢ ﺑﺒﺎﻃﻦ أﻋﺬارﻫﻢ؛ ﻷن ﺳﻠﻴﻤﺎن ﻟﻢ ﻳﻌﺎﻗﺐ اﻟﻬﺪﻫﺪ ﺣﲔ اﻋﺘﺬر إﻟﻴﻪ ،وإﳕﺎ ﺻﺎر ﺻﺪق اﻟﻬﺪﻫﺪ ﻋﺬراً اﻟﺴﻌﺪي ﻓﻴﻪ :اﺳﺘﺤﺒﺎب اﺑﺘﺪاء اﻟﻜﺘﺐ ﺑﺎﻟﺒﺴﻤﻠﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ ١٦١
اﻷﻟﻮﺳﻲ واﺳﺘﺪل ﺑﺎﻵﻳﺔ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﺤﺒﺎب اﳌﺸﺎورة واﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﺑﺎﻵراء ﰲ اﻷﻣﻮر اﳌﻬﻤﺔ اﺑﻦ ﻛﺜﻴﺮ ﻗﺎل ﻗﺘﺎدة» :رﺣﻤﻬﺎ اﷲ ورﺿﻲ ﻋﻨﻬﺎ ،ﻣﺎ ﻛﺎن أﻋﻘﻠﻬﺎ ﰲ إﺳﻼﻣﻬﺎ وﰲ ﺷﺮﻛﻬﺎ! ﻋﻠﻤﺖ أن اﻟﻬﺪﻳﺔ ﺗﻘﻊ ﻣﻮﻗﻌﺎً ﻣﻦ »اﻟﻨﺎس« .وﻗﺎل اﺑﻦ ﻋﺒﺎس وﻏﻴﺮ واﺣﺪ» :ﻗﺎﻟﺖ ﻟﻘﻮﻣﻬﺎ :إن ﻗﺒﻞ اﻟﻬﺪﻳﺔ ﻓﻬﻮ ﻣﻠﻚ ﻓﻘﺎﺗﻠﻮه ،وإن ﻟﻢ ﻳﻘﺒﻠﻬﺎ ﻓﻬﻮ ﻧﺒﻲ ﻓﺎﺗﺒﻌﻮه إﳕﺎ ﺟﻌﻠﺖ ﺑﻠﻘﻴﺲ ﻗﺒﻮل اﻟﻬﺪﻳﺔ أو ردﻫﺎ ﻋﻼﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﰲ ﻧﻔﺴﻬﺎ ،ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ذﻛﺮﻧﺎه ﻣﻦ ﻛﻮن ﺳﻠﻴﻤﺎن ﻣﻠﻜﺎً أو ،وﻫﺬا ﻧﺒﻴﺎً؛ ﻷﻧﻪ ﻗﺎل ﻟﻬﺎ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ: اﻟﻘﺮﻃﺒﻲ ﻻ ﺗﻘﺒﻞ ﻓﻴﻪ ﻓﺪﻳﺔ ،وﻻ ﻳﺆﺧﺬ ﻋﻨﻪ ﻫﺪﻳﺔ ،وﻟﻴﺲ ﻫﺬا ﻣﻦ اﻟﺒﺎب اﻟﺬي ﺗﻘﺮر ﰲ اﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻋﻦ ﻗﺒﻮل اﻟﻬﺪﻳﺔ ﺑﺴﺒﻴﻞ ،وإﳕﺎ ﻫﻲ رﺷﻮة وﺑﻴﻊ اﳊﻖ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻞ ،وﻫﻲ اﻟﺮﺷﻮة اﻟﺘﻲ ﻻ ﲢﻞ .وأﻣﺎ اﻟﻬﺪﻳﺔ اﳌﻄﻠﻘﺔ ﻟﻠﺘﺤﺒﺐ واﻟﺘﻮاﺻﻞ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺟﺎﺋﺰة ﻣﻦ ﻛﻞ أﺣﺪ وﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣﺎل اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر وﻫﺬه اﳌﻨﺎﻇﺮة ﺑﲔ اﻟﻌﻔﺮﻳﺖ ﻣﻦ اﳉﻦ واﻟﺬي ﻋﻨﺪه ﻋﻠﻢ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺎب ﺗﺮﻣﺰ إﻟﻰ أﻧﻪ ﻳﺘﺄﺗﻰ ﺑﺎﳊﻜﻤﺔ واﻟﻌﻠﻢ ﻣﺎ ﻻ ﻳﺘﺄﺗﻰ ﺑﺎﻟﻘﻮة اﻷﻟﻮﺳﻲ وﰲ ﻫﺬه اﻵﻳﺔ -ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻗﻴﻞ -دﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ أن اﻟﻈﻠﻢ ﻳﻜﻮن اﳌﺜﺎﻧــــــــــــــــــــــــﻲ ﺳﺒﺒﺎً ﳋﺮاب اﻟﺪور .وروي ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس أﻧﻪ ﻗﺎل» :أﺟﺪ ﰲ ﻛﺘﺎب اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ أن اﻟﻈﻠﻢ ﻳﺨﺮب اﻟﺒﻴﻮت« ،وﺗﻼ ﻫﺬه اﻵﻳﺔ. وﰲ اﻟﺘﻮراة» :اﺑﻦ آدم ﻻ ﺗﻈﻠﻢ ﻳﺨﺮب ﺑﻴﺘﻚ« ،ﻗﻴﻞ :وﻫﻮ إﺷﺎرة إﻟﻰ ﻫﻼك اﻟﻈﺎﻟﻢ؛ إذ ﺧﺮاب ﺑﻴﺘﻪ ﻣﺘﻌﻘﺐ ﻫﻼﻛﻪ ،وﻻ ﻳﺨﻔﻰ أن ﻛﻮن اﻟﻈﻠﻢ ﲟﻌﻨﻰ اﳉﻮر واﻟﺘﻌﺪي ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺎد اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺳﺒﺒﺎً ﳋﺮاب اﻟﺒﻴﻮت ﳑﺎ ﺷﻮﻫﺪ ﻛﺜﻴﺮاً ﰲ ﻫﺬه اﻷﻋﺼﺎر اﻟﻘﺮﻃﺒﻲ ﺿﻤﻦ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ إﺟﺎﺑﺔ اﳌﻀﻄﺮ إذا دﻋﺎه ،وأﺧﺒﺮ ﺑﺬﻟﻚ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻪ؛ واﻟﺴﺒﺐ ﰲ ذﻟﻚ أن اﻟﻀﺮورة إﻟﻴﻪ ﺑﺎﻟﻠﺠﺎء ﻳﻨﺸﺄ ﻋﻦ اﻹﺧﻼص وﻗﻄﻊ اﻟﻘﻠﺐ ﻋﻤﺎ ﺳﻮاه ،وﻟﻺﺧﻼص ﻋﻨﺪه ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻣﻮﻗﻊ وذﻣﺔ ،وﺟﺪ ﻣﻦ ﻣﺆﻣﻦ أو ﻛﺎﻓﺮ ،ﻃﺎﺋﻊ أو ﻓﺎﺟﺮ اﻷﻟﻮﺳﻲ وﰲ اﻵﻳﺔ إﻳﺬان ﺑﺄن ﻟﻬﻢ ﻗﺒﺎﺋﺢ ﻏﻴﺮ ﻣﺎ ﺣﻜﻲ ﻋﻨﻬﻢ، وﺗﻘﺪﱘ اﻻﻛﺘﻨﺎن ﻟﻴﻈﻬﺮ اﳌﺮاد ﻣﻦ اﺳﺘﻮاء اﳋﻔﻲ واﻟﻈﺎﻫﺮ ﰲ ﻋﻠﻤﻪ ﺟﻞ وﻋﻼ ،أو ﻷن ﻣﻀﻤﺮات اﻟﺼﺪور ﺳﺒﺐ ﳌﺎ ﻳﻈﻬﺮ ﻋﻠﻰ اﳉﻮارح اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر وﺗﻘﻴﻴﺪ اﻟﺼﻢ ﺑﺰﻣﺎن ﺗﻮﻟﻴﻬﻢ ﻣﺪﺑﺮﻳﻦ؛ ﻷن ﺗﻠﻚ اﳊﺎﻟﺔ أوﻏﻞ ﰲ اﻧﺘﻔﺎء إﺳﻤﺎﻋﻬﻢ؛ ﻷن اﻷﺻﻢ إذا ﻛﺎن ﻣﻮاﺟﻬﺎً ﻟﻠﻤﺘﻜﻠﻢ ﻗﺪ ﻳﺴﻤﻊ ﺑﻌﺾ اﻟﻜﻼم ﺑﺎﻟﺼﺮاخ ،وﻳﺴﺘﻔﻴﺪ ﺑﻘﻴﺘﻪ ﺑﺤﺮﻛﺔ اﻟﺸﻔﺘﲔ ،ﻓﺄﻣﺎ إذا وﻟﻰ ﻣﺪﺑﺮاً ﻓﻘﺪ اﺑﺘﻌﺪ ﻋﻦ اﻟﺼﻮت ،وﻟﻢ ﻳﻼﺣﻆ ﺣﺮﻛﺔ اﻟﺸﻔﺘﲔ ،ﻓﺬﻟﻚ أﺑﻌﺪ ﻟﻪ ﻋﻦ اﻟﺴﻤﻊ! ١٦٢
ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﻣﻜﻴﺔ أﺳﻤﺎء اﻟﺴﻮرة اﳌﺼﺤﻒ ٢٨ ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﺑﲔ ﻳﺪي آﻳﺔ ﺳﻮرة اﻟﻘﺼﺺ وﺟﻪ اﻟﻨﺰول ٤٩ اﻟﺴﻮرة اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻻﺷﺘﻤﺎﻟﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻟﻔﻆ اﻟﻘﺼﺺ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /ﺗﻮﻗﻴﻔﻴﺔ اﳌﺜﺎﻧــــــــــــــــــــــــﻲ ﻣﻘﺼﺪ اﻟﺴﻮرة وﺟﻪ ﺳﻮرة ذﻛﺮ اﳌﻮازﻳﻦ اﳊﻘﻴﻘﻴﺔ ﻟﻠﻘﻮى، ﻻﻓﺘﺘﺎﺣﻬﺎ ﺑﻬﺬه اﳊﺮوف اﳌﻘﻄﻌﺔ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /اﺟﺘﻬﺎدﻳﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل إﻇﻬﺎر ﻗﺪرة اﷲ و ُﺳ ﱠﻨﺘﻪ ﺑﻨﺼﺮة اﳌﺴﺘﻀﻌﻔﲔ اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ وإﻫﻼك اﳌﺴﺘﻜﺒﺮﻳﻦ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺴﻮرة اﳌﻮﺿﻮع اﳌﻮﺿﻮع اﻵﻳﺎت اﻵﻳﺎت ﻃﻐﻴﺎن ﻓﺮﻋﻮن وإﻓﺴﺎده ،ووﻋﺪ اﷲ ﺑﺈﻧﻘﺎذ ﻣﻴﻼد ﻣﻮﺳﻰ وﳒﺎﺗﻪ ﻣﻦ اﻟﻘﺘﻞ اﳌﻀﻄﻬﺪﻳﻦ ،وﺗﻮﻋﺪه ﺑﻌﻘﻮﺑﺔ اﳌﻔﺴﺪﻳﻦ اﻟﻠﺠﻮء إﻟﻰ اﳌﺪﻳﻦ واﻟﺰواج ﻣﻦ اﺑﻨﺔ اﻟﺮﺟﻞ اﻟﺼﺎﻟﺢ ﻗﺘﻞ اﻟﻘﺒﻄﻲ ﺧﻄﺄ واﳋﺮوج إﻟﻰ ﻣﺪﻳﻦ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﺪﻋﻮة وﺗﻜﺬﻳﺐ ﻓﺮﻋﻮن ﺑﻌﺜﺔ ﻣﻮﺳﻰ وﻫﺎرون وﺗﺄﻳﻴﺪﻫﻤﺎ وﺟﻨﻮده ﻟﻬﺎ وﻧﺰول اﻟﻌﻘﺎب ﺑﻬﻢ اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ ﻣﺆﻣﻨﻲ أﻫﻞ اﻟﻜﺘﺎب وﲢﺬﻳﺮ ﻛﻔﺎر ﻗﺮﻳﺶ إﻳﺘﺎء اﻟﻜﺘﺎب اﳌﻘﺪس ﳌﻮﺳﻰ ،واﻟﻘﺮآن ﻣﻦ اﻹﻋﺮاض واﻟﺮﻛﻮن إﻟﻰ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻣﻊ ﺗﺬﻛﻴﺮﻫﻢ اﻟﻌﻈﻴﻢ ﶈﻤﺪ ﷺ ،وﺗﻜﺬﻳﺐ اﻟﻜﻔﺎر ﻟﻬﻤﺎ ﲟﺎ أﻧﻌﻢ اﷲ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻣﻦ اﻷﻣﻦ واﳋﻴﺮات ﻣﻮﻗﻒ اﳌﺸﺮﻛﲔ ﻳﻮم اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ودﻋﻮﺗﻬﻢ ﻗﺼﺔ ﻗﺎرون وﻋﺎﻗﺒﺔ اﻟﺒﻐﻲ واﻟﺘﻜﺒﺮ ﻟﻠﺘﻮﺑﺔ وﺗﻮﺣﻴﺪ اﷲ ﻗﺒﻞ ﻓﻮات اﻷوان ﺑﺸﺎرة اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﺑﺎﻟﻌﻮدة إﻟﻰ ﻣﻜﺔ وﺧﺎﲤﺔ اﻟﺴﻮرة ١٦٣
أﻏﺮاض اﻟﺴﻮرة ﺗﻀﻤﻨﺖ ﻫﺬه اﻟﺴﻮرة ﻓﻜﺮة )اﳊﻖ( و)اﻟﺒﺎﻃﻞ( ،وﻣﻨﻄﻖ اﻹذﻋﺎن واﻟﻄﻐﻴﺎن ،وﺻﻮرت ﻗﺼﺔ اﻟﺼﺮاع اﻟﺪاﺋﺮ ﺑﲔ ﺟﻨﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ،وﺟﻨﺪ اﻟﺸﻴﻄﺎن ،وﺳﺎﻗﺖ ﰲ ﺳﺒﻴﻞ ذﻟﻚ ﻗﺼﺘﲔ :أوﻻﻫﻤﺎ :ﻗﺼﺔ اﻟﻄﻐﻴﺎن ﺑﺎﳊﻜﻢ واﻟﺴﻠﻄﺎن ،ﻣﺘﻤﺜﻠﺔ ﰲ ﻗﺼﺔ ﻓﺮﻋﻮن اﻟﻄﺎﻏﻴﺔ اﳌﺘﺠﺒﺮ ،اﻟﺬي أذاق ﺑﻨﻲ إﺳﺮاﺋﻴﻞ ﺳﻮء اﻟﻌﺬاب ،ﻓﺬﺑﺢ اﻷﺑﻨﺎء، واﺳﺘﺤﻴﺎ اﻟﻨﺴﺎء ،وﺗﻜﺒﺮ ﻋﻠﻰ اﷲ ﺣﺘﻰ ﲡﺮأ ﻋﻠﻰ ادﻋﺎء اﻟﺮﺑﻮﺑﻴﺔ ﻓﺄﻏﺮﻗﻪ اﷲ ﰲ اﻟﺒﺤﺮ ﻛﻤﺎ أﻟﻘﺖ أم ﻣﻮﺳﻰ اﺑﻨﻬﺎ ﺑﺴﺒﺐ ﻃﻐﻴﺎﻧﻪ ﰲ اﻟﻴﻢ. واﻟﺜﺎﻧﻴﺔ :ﻗﺼﺔ اﻻﺳﺘﻌﻼء واﻟﻄﻐﻴﺎن ﺑﺎﻟﺜﺮوة واﳌﺎل ﳑﺜﻠﺔ ﰲ ﻗﺎرون ﻣﻊ ﻗﻮﻣﻪ ،وﻛﻼ اﻟﻘﺼﺘﲔ رﻣﺰ إﻟﻰ ﻃﻐﻴﺎن اﻹﻧﺴﺎن ﰲ ﻫﺬه اﳊﻴﺎة ،ﺳﻮاء ﺑﺎﳌﺎل ،أو اﳉﺎه ،أو اﻟﺴﻠﻄﺎن. وﲢﺪﺛﺖ اﻟﺴﻮرة ﻋﻦ ﻛﻔﺎر ﻣﻜﺔ ،ووﻗﻮﻓﻬﻢ ﰲ وﺟﻪ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ اﶈﻤﺪﻳﺔ ،وﺑﻴﻨﺖ أن ﻣﺴﻠﻚ أﻫﻞ اﻟﻀﻼل واﺣﺪ! وﺧﺘﻤﺖ اﻟﺴﻮرة ﺑﺎﻹرﺷﺎد إﻟﻰ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺴﻌﺎدة ،وﻫﻮ ﻃﺮﻳﻖ اﻹﳝﺎن اﻟﺬي دﻋﺎ إﻟﻴﻪ اﻟﺮﺳﻞ اﻟﻜﺮام ﻣﻨﺎﺳﺒﺎت اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ أول اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ اﻟﺴﻮرة اﳌﺜﺎﻧــــــــــــــــــــــــﻲ ﺑﺂﺧﺮﻫﺎ ﳌﺎ ﻗﺒﻠﻬﺎ ذﻛﺮ ﰲ ﺑﺪاﻳﺘﻬﺎ ﻫﺠﺮة ﻣﻮﺳﻰ ﻣﻦ ﻣﺼﺮ ﺧﺘﻤﺖ ﺳﻮرة اﻟﻨﻤﻞ ﺑﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: واﻟﻌﻮدة إﻟﻴﻬﺎ ،وذﻛﺮ ﰲ آﺧﺮﻫﺎ وﻋﺪ اﷲ ،وﺑﺪأت ﺳﻮرة اﻟﻘﺼﺺ ﻟﻠﻨﺒﻲ ﷺ ﺑﻌﺪ ﻫﺠﺮﺗﻪ ﻣﻦ ﻣﻜﺔ ﺑﺄﻧﻪ ﺳﻴﻌﻴﺪه ﺑــ: إﻟﻴﻬﺎ: ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻐﺮﻳﺐ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻧﺘﻔ ﱠﻀﻞ ﻃﻮاﺋﻒ ﻣﺘﻔﺮﻗﺔ ﺗﻜﺒﺮ ،وﻃﻐﻰ آﺛﻤﲔ اﻟﻨﻬﺮ ،وﻫﻮ ﻧﻬﺮ اﻟﻨﻴﻞ وأﻟﻬﻤﻨﺎ ﻓﺘُﺼ ﱢﺮح ﺑﺄﻧﻪ اﺑﻨﻬﺎ ﺧﺎﻟﻴﺎً ﻣﻦ ﻛﻞ ﺷﻲء ﻣﺼﺪر ﺳﺮور ﻟﻲ ﻳﻘﻮﻣﻮن ﺑﺘﺮﺑﻴﺘﻪ إﻻ ﻫﻢ ﻣﻮﺳﻰ وإرﺿﺎﻋﻪ ﺗﺘ ﱠﺒﻌﻲ أﺛﺮه ﺗﻜﺎﻣﻞ ﻋﻘﻠﻪ ﻋﻦ ﺑُﻌ ٍﺪ ﻣﺸﻔﻘﻮن ﻗ ِﻮي ﺑﺪﻧﻪ ١٦٤
ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﺿﺮﺑﻪ ﺑﺠﻤﻊ ﻛﻔﻪ اﻟﻘﺒﻄﻲ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻣﻦ ﻗﻮم ﻣﻮﺳﻰ ﻣﻦ ﻗﻮم ﻓﺮﻋﻮن وﻫﻢ ﺑﻨﻮ إﺳﺮاﺋﻴﻞ ﻳﻄﻠﺐ ﻣﻨﻪ اﻟﻨﺼﺮ ﻳﺘﻮ ﱠﻗﻊ اﳌﻜﺮوه ﻧﺼﻴﺮاً ﺟﻬﺘﻬﺎ ﻳﺘﺸﺎورون ﰲ ﺷﺄﻧﻚ ﻛﺜﻴﺮ اﻟﻐﻮاﻳﺔ ،ﺿﺎ ٌل ﻋﻦ اﻟ ﱡﺮﺷﺪ ﲢﺒﺴﺎن ﻏﻨﻤﻬﻤﺎ ﻋﻦ اﳌﺎء ﺑﻠﻎ اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻷﺣﺴﻦ ﻳﻨﺼﺮف اﻟ ﱡﺮﻋﺎة إﻟﻰ ﻣﺪﻳﻦ رﺟﻞ ﻣﺴ ﱞﻦ وﻟﻴﺲ ﻫﻮ ﺑﺄﻏﻨﺎﻣﻬﻢ ﻋﻦ اﳌﺎء ﺷﻌﻴﺒﺎً ﻣﺎ ﺷﺄﻧﻜﻤﺎ؟ ﺳﻨﲔ اﳌﺪﺗﲔ ،اﻟﺜﻤﺎن ﺣﺎﻓ ٌﻆ ﻳﺮاﻗﺒﻨﺎ ﺗﻜﻮن أﺟﻴﺮاً ﻟﻲ ﰲ أو اﻟﻌﺸﺮ ُﺷﻌﻠ ٍﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺎر رﻋﻲ ﻣﺎﺷﻴﺘﻲ ﻓﻼ أُﻃﺎﻟﺐ اﳌﺪة اﳌﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﺰﻳﺎدٍة ﰲ اﳌﺪة وﻫﻲ ﻋﺸﺮ ﺳﻨﲔ أﺑﺼﺮ ﺗﺴﺘﺪﻓﺌﻮن ﺗﺘﺤ ﱠﺮك ،وﺗﻀﻄﺮب ﺟﺎﻧﺐ ﺣ ﱠﻴ ٌﺔ ﺧﻔﻴﻔ ٌﺔ ﰲ ﻟﻢ ﻳﻠﺘﻔﺖ ﻫﺎرﺑﺎً ﺟﺎﻋ ًﻼ اﻟﻨﺎر ﺳﺮﻋﺔ ﺣﺮﻛﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺑﺮ ٍص، ﺧﻠﻒ ﻇﻬﺮه أدﺧﻞ وﻻ ﻣﺮ ٍض ﻫﺎﺗﺎن ﻓﺘﺤﺔ ﻗﻤﻴﺼﻚ اﳌﺜﺎﻧــــــــــــــــــــــــﻲ ُﺿ ﱠﻢ ﻳﺪك إﻟﻰ ﺻﺪرك ﺳﻨُﻘ ﱢﻮﻳﻚ ،وﻧُ ِﻌﻴﻨﻚ ﻟﺘﺄﻣﻦ ﻣﻦ اﳋﻮف آﻳﺘﺎن ﺑﺴﺒﺐ آﻳﺎﺗﻨﺎ ﻋﻮﻧﺎً ﺣﺠ ًﺔ ،أو ﺗﺴﻠﻄﺎً ،وﻏﻠﺒ ًﺔ ﺑﻨﺎ ًء ﻋﺎﻟﻴﺎً ﻓﻼ ﻳﺼﻴﺒﻜﻤﺎ ﻣﻨﻬﻢ ﺳﻮء ﻣﺨﺘﻠﻖ ،ﺗﻨﺴﺒﻪ إﻟﻰ اﷲ ﻛﺬﺑﺎً وأﳊﻘﻨﺎﻫﻢ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ اﶈﻤﻮدة ﻓﺄﻟﻘﻴﻨﺎﻫﻢ وأﻏﺮﻗﻨﺎﻫﻢ ﰲ اﻵﺧﺮة ﰲ اﻟﺒﺤﺮ اﻷﱈ اﳌﺎﺿﻴﺔ اﳌﻜﺬﺑﺔ ﻗﺎد ًة إﻟﻰ اﻟﻨﺎر ﻃﺮداً وإﺑﻌﺎداً ﻋﻬﺪﻧﺎ ﻣﻦ اﻟﺮﺣﻤﺔ اﳌﺒﻌﺪﻳﻦ اﳌﺴﺘﻘﺬرة ﻧﻮراً ﻟﻘﻠﻮﺑﻬﻢ ﻳﺒﺼﺮون ﻓﻤﻜﺜﻮا زﻣﻨﺎً ﻃﻮﻳ ًﻼ أﻓﻌﺎﻟﻬﻢ ﺑﻪ اﳊﻘﺎﺋﻖ ﺟﺒﻞ ﺑﺴﻴﻨﺎء ﻛﻠﱠﻢ اﷲ ﻣﻮﺳﻰ ﺑﺠﺎﻧﺒﻪ اﳉﺒﻞ اﻟﻐﺮﺑﻲ ﺧﻠﻘﻨﺎ ﻣﻦ ﻣﻮﺳﻰ ﻓ ﱠﺼﻠﻨﺎ وﺑ ﱠﻴ ﱠﻨﺎ أﳑﺎً ﻣﻘﻴﻤﺎً اﻟﺒﺎﻃﻞ ﻫﻢ ﻗﻮم ﺷﻌﻴﺐ ﻳﻨﺰل ﺑﻬﻢ ﻋﺬاب ﻻ ﻧﺮﻳﺪ ﻃﺮﻳﻘﺔ اﻟﻐﺎﻓﻠﲔ ﻋﻦ اﳊﻜﻤﺔ واﳊﻠﻢ ﺗﻌﺎوﻧﺎ ،ﻳﻘﺼﺪون ﻹﳝﺎﻧﻬﻢ ﺑﻜﺘﺎﺑﻬﻢ اﻟﺘﻮراة واﻟﻘﺮآن وﺑﺎﻟﻘﺮآن ﻛﺜﻴﺮاً ﻳﺪﻓﻌﻮن ﻟﻢ ﻳُﺼﻐﻮا إﻟﻴﻪ ﳑﻦ أُﺣ ِﻀﺮوا ﻟﻠﻨﺎر ﻻ ﺗﺴﻤﻌﻮن ﻣ ﱠﻨﺎ إﻻ ﻧُﻨﺘﺰع ﺑﺴﺮﻋﺔ اﳋﻴﺮ؛ ﻗﺪ ﺳﻠﻤﺘﻢ ﻣ ﱠﻨﺎ ﺑﺎﻟﻘﺘﻞ ،واﻷﺳﺮ ﻃﻐﺖ وﲤ ﱠﺮدت ﻳُﺠﻠﺐ إﻟﻴﻪ ﰲ ﺣﻴﺎﺗﻬﺎ أﻋﻈﻤﻬﺎ ،وﻫﻲ ﻣﻜﺔ دﻋﻮﻧﺎﻫﻢ ﻟﻠﻐﻮاﻳﺔ ﻓﺎﺗﺒﻌﻮﻧﺎ ١٦٥
ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ اﻟﻜﻠﻤﺔ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻳﺼﻄﻔﻲ اﳊﺠﺞ ﻓﺨ ِﻔﻴﺖ اﻻﺧﺘﻴﺎر أﺧﺒﺮوﻧﻲ ﺗُﺨﻔﻲ داﺋﻤﺎً ﺑﺎﻗﻴﺎً رﺳﻮﻻً ﺷﺎﻫﺪاً ﻳﺸﻬﺪ ذﻫﺐ ﻋﻠﻰ ﻗﻮﻣﻪ ﺑﺸﺮﻛﻬﻢ وأﺧﺮﺟﻨﺎ ﺧﺰاﺋﻦ اﻷﻣﻮال ﲡﺎوز ﺣ ﱠﺪه ﰲ اﻟﻜﺒﺮ واﻟ ﱠﺘﺠ ﱡﺒﺮ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻻ ﺗﺒﻄﺮ ﻳﺨﺘﻠﻘﻮﻧﻪ ﻣﻦ اﻟﻜﺬب اﻷﱈ ﻟﻴﺜﻘﻞ ﺣﻤﻠﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻔﺎﺗﻴﺢ ﺧﺰاﺋﻦ ﻣﺎﻟﻪ ﺟﻨﺪ ،وﺟﻤﺎﻋﺔ اﳉﻤﺎﻋﺔ اﻟﻜﺜﻴﺮة وﺻﻨﺎدﻳﻘﻪ اﳌﻘﻔﻠﺔ ﻳُﻀ ﱢﻴﻖ ﻻ ﺗﺘﺮك ﺣﻈﻚ ﻳﺘﻘ ﱠﺒﻞ اﻟ ﱠﻨﺼﻴﺤﺔ، اﻟﺘﻤﺲ واﻃﻠﺐ أﻧﺰل وﻳﻮﻓﻖ ﻟﻠﻌﻤﻞ ﺑﻬﺎ ﻻ ﻳﺴﺄﻟﻮن ﺳﺆال اﺳﺘﻌﻼم ﻳُﻮ ِﺳﻊ ﺑﻞ ﺗﻮﺑﻴﺦ ﺗﻜﺒﺮاً ﻛﻠﻤﺔ ﺗﻮ ﱡﺟﻊ ،وﺗﺄ ﱡﺳﻒ وﺗﻌ ﱡﺠﺐ، ﺗُﺆ ﱢﻣﻞ أﻟﻢ ﺗﻌﻠﻢ أﻧﻪ؟ ﻋﻮﻧﺎً ﳌﺮﺟﻌﻚ إﻟﻰ اﳌﻮﺿﻊ اﻟﺬي ﺧﺮﺟﺖ ﻣﻨﻪ ،وﻫﻮ ﻣﻜﺔ ﻳُﻨ ﱠﺰل ﻣﻦ وﺣﻲ اﻵي اﳌﺜﺎﻧــــــــــــــــــــــــﻲ اﺑﻦ اﻟﻘﻴﻢ وﻗﺪ اﻗﺘﻀﺖ ﺣﻜﻤﺘﻪ أ ﱠن ِﺧﻠَ َﻊ اﻟﻨﺼﺮ وﺟﻮاﺋﺰه؛ إﳕﺎ ﺗﻔﻴﺾ ﻋﻠﻰ أﻫﻞ اﻻﻧﻜﺴﺎر اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر وﺟﻮد اﻟﺼﺎﳊﲔ ﻣﻦ ﺑﲔ اﳌﻔﺴﺪﻳﻦ ﻳﺨﻔﻒ ﻣﻦ ﻷواء ﻓﺴﺎد اﳌﻔﺴﺪﻳﻦ؛ ﻓﺈن وﺟﻮد اﻣﺮأة ﻓﺮﻋﻮن ﻛﺎن ﺳﺒﺒﺎً ﰲ ﺻﺪ ﻓﺮﻋﻮن ﻋﻦ ﻗﺘﻞ اﻟﻄﻔﻞ؛ ﻣﻊ أﻧﻪ ﲢﻘﻖ أﻧﻪ إﺳﺮاﺋﻴﻠﻲ اﻟﺴﻌﺪي ﻓﺈن اﻟﻌﺒﺪ إذا أﺻﺎﺑﺘﻪ ﻣﺼﻴﺒﺔ ﻓﺼﺒﺮ وﺛﺒﺖ ازداد ﺑﺬﻟﻚ إﳝﺎﻧﻪ ،ودل ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ أن اﺳﺘﻤﺮار اﳉﺰع ﻣﻊ اﻟﻌﺒﺪ دﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺿﻌﻒ إﳝﺎﻧﻪ اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر ﰲ ﻫﺬا دﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ أن اﻷﺻﻞ ﰲ اﻟﻨﻔﺲ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻫﻮ اﳋﻴﺮ ،وأﻧﻪ اﻟﻔﻄﺮة ،وأن اﻻﻧﺤﺮاف ﻋﻨﻬﺎ ﻳﺤﺘﺎج إﻟﻰ ﺳﺒﺐ ﻏﻴﺮ ﻓﻄﺮي؛ وﻫﻮ ﺗﺨﻠﻞ ﻧﺰغ اﻟﺸﻴﻄﺎن ﰲ اﻟﻨﻔﺲ ١٦٦
اﺑﻦ ﺟﺰي ﺛﻢ اﻋﺘﺮف واﺳﺘﻐﻔﺮ؛ ﻓﻐﻔﺮ اﷲ ﻟﻪ .ﻓﺈن ﻗﻴﻞ :ﻛﻴﻒ اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر اﺳﺘﻐﻔﺮ ﻣﻦ اﻟﻘﺘﻞ وﻛﺎن اﳌﻘﺘﻮل ﻛﺎﻓﺮاً؟ ﻓﺎﳉﻮاب :أﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺆذن ﻟﻪ ﰲ ﻗﺘﻠﻪ ،وﻟﺬﻟﻚ ﻳﻘﻮل ﻳﻮم اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ :إﻧﻲ ﻗﺘﻠﺖ ﻧﻔﺴﺎً ﻟﻢ أوﻣﺮ ﺑﻘﺘﻠﻬﺎ ﻓﺄول ذﻟﻚ إﻳﺘﺎء اﳊﻜﻤﺔ واﻟﻌﻠﻢ ،وﻣﻦ اﳋﻴﺮ :إﳒﺎؤه ﻣﻦ اﻟﻘﺘﻞ ،وﺗﺮﺑﻴﺘﻪ اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ﰲ ﺑﺬﺧﺔ اﳌﻠﻚ وﻋﺰﺗﻪ ،وﺣﻔﻈﻪ ﻣﻦ أن ﺗﺘﺴﺮب إﻟﻴﻪ ﻋﻘﺎﺋﺪ اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ اﻟﺘﻲ رﺑﻲ ﻓﻴﻬﺎ؛ ﻓﻜﺎن ﻣﻨﺘﻔﻌﺎً ﲟﻨﺎﻓﻌﻬﺎ ،ﻣﺠﻨﺒﺎً رذاﺋﻠﻬﺎ وأﺿﺮارﻫﺎ .وﻣﻦ اﳋﻴﺮ أن ﺟﻌﻞ ﻧﺼﺮ ﻗﻮﻣﻪ ﻋﻠﻰ ﻳﺪه ،وأن أﳒﺎه ﻣﻦ اﻟﻘﺘﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻇﻠﻤﺎً ،وأن ﻫﺪاه إﻟﻰ ﻣﻨﺠﻰ ﻣﻦ اﻷرض ،وﻳﺴﺮ ﻟﻪ اﻟﺘﻌﺮف ﺑﺒﻴﺖ ﻧﺒﻮءة اﻟﻌﺰ ﺑﻦ اﳌﻜﺎﻓﺄة ﺗﺴﺒﺐ ﺗﺂﻟﻒ اﻟﻘﻠﻮب ،ودﻓﻊ اﳌﲍ ﻋﺒﺪ اﻟﺴﻼم اﺑﻦ ﺟﺰي ﻫﺬا اﻟﻜﻼم ﺣﻜﻤﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺑﻠﻴﻐﺔ؛ روي أن أﺑﺎﻫﺎ ﻗﺎل ﻟﻬﺎ :ﻣﻦ أﻳﻦ ﻋﺮﻓﺖ ﻗﻮﺗﻪ وأﻣﺎﻧﺘﻪ؟ ﻗﺎﻟﺖ :أﻣﺎ ﻗﻮﺗﻪ ﻓﻔﻲ رﻓﻌﻪ اﳊﺠﺮ ﻋﻦ ﻓﻢ اﻟﺒﺌﺮ ،وأﻣﺎ أﻣﺎﻧﺘﻪ ﻓﺈﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻨﻈﺮ إﻟ ﱠﻲ اﺑﻦ اﳉﻮزي ﻗﺪ أﻧﻔﻖ ﻣﻮﺳﻰ ﻣﻦ ﻋﻤﺮه اﻟﺸﺮﻳﻒ ﻋﺸﺮ ﺳﻨﲔ ﰲ ﻣﻬﺮﻫﺎ ،ﻓﻠﻮﻻ أن اﻟﻨﻜﺎح ﻣﻦ أﻓﻀﻞ اﻷﺷﻴﺎء ،ﳌﺎ ذﻫﺐ اﳌﺜﺎﻧــــــــــــــــــــــــﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ زﻣﺎن اﻷﻧﺒﻴﺎء ﻓﻴﻪ اﺑﻦ ﻛﺜﻴﺮ ﻗﺎل ﺑﻌﺾ اﻟﺴﻠﻒ :ﻟﻴﺲ أﺣ ٌﺪ أﻋﻈﻢ ﻣﻨﺔ ﻋﻠﻰ أﺧﻴﻪ ﻣﻦ ﻣﻮﺳﻰ ﻋﻠﻰ ﻫﺎرون ؛ ﻓﺈﻧﻪ ﺷﻔﻊ ﻓﻴﻪ ﺣﺘﻰ ﺟﻌﻠﻪ اﷲ ﻧﺒﻴﺎً ورﺳﻮ ًﻻ ﻣﻌﻪ إﻟﻰ ﻓﺮﻋﻮن وﻣﻠﺌﻪ اﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ إن اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﻛﺎﻧﺖ ﺳﻨﺘﻪ ﻗﺒﻞ إﻧﺰال اﻟﺘﻮراة إذا ﻛﺬب ﻧﺒﻲ ﻣﻦ اﻷﻧﺒﻴﺎء ﻳﻨﺘﻘﻢ اﷲ ﻣﻦ أﻋﺪاﺋﻪ ﺑﻌﺬاب ﻣﻦ ﻋﻨﺪه؛ ﻛﻤﺎ أﻫﻠﻚ ﻗﻮم ﻧﻮح ﺑﺎﻟﻐﺮق ،وﻗﻮم ﻫﻮد ﺑﺎﻟﺮﻳﺢ اﻟﺼﺮﺻﺮ، وﻗﻮم ﺻﺎﻟﺢ ﺑﺎﻟﺼﻴﺤﺔ ،وﻗﻮم ﺷﻌﻴﺐ ﺑﺎﻟﻈﻠﺔ ،وﻗﻮم ﻟﻮط ﺑﺎﳊﺎﺻﺐ، وﻗﻮم ﻓﺮﻋﻮن ﺑﺎﻟﻐﺮق اﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ واﻷﻫﻮاء ﻫﻲ إرادات اﻟﻨﻔﺲ ﺑﻐﻴﺮ ﻋﻠﻢ؛ ﻓﻜﻞ ﻣﻦ ﻓﻌﻞ ﻣﺎ ﺗﺮﻳﺪه ﻧﻔﺴﻪ ﺑﻐﻴﺮ ﻋﻠﻢ ﻳﺒﲔ أﻧﻪ ﻣﺼﻠﺤﺔ ﻓﻬﻮ ﻣﺘﺒﻊ ﻫﻮاه، واﻟﻌﻠﻢ ﺑﺎﻟﺬي ﻫﻮ ﻣﺼﻠﺤﺔ اﻟﻌﺒﺪ ﻋﻨﺪ اﷲ ﰲ اﻵﺧﺮة ﻫﻮ اﻟﻌﻠﻢ اﻟﺬي ﺟﺎءت ﺑﻪ اﻟﺮﺳﻞ اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر وﻟﻠﺘﻮﺻﻴﻞ أﺣﻮال ﻛﺜﻴﺮة :ﻓﻬﻮ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎر أﻟﻔﺎﻇﻪ وﺻﻞ ﺑﻌﻀﻪ اﺑﻦ اﻟﻘﻴﻢ ﺑﺒﻌﺾ وﻟﻢ ﻳﻨﺰل ﺟﻤﻠﺔ واﺣﺪة ،وﺑﺎﻋﺘﺒﺎر ﻣﻌﺎﻧﻴﻪ وﺻﻞ أﺻﻨﺎﻓﺎً ﻣﻦ اﻟﻜﻼم :وﻋﺪاً ،ووﻋﻴﺪاً ،وﺗﺮﻏﻴﺒﺎً ،وﺗﺮﻫﻴﺒﺎً، وﻗﺼﺼﺎً وﻣﻮاﻋﻆ وﻋﺒﺮاً ،وﻧﺼﺎﺋﺢ ﻳﻌﻘﺐ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺑﻌﻀﺎً وﻳﻨﺘﻘﻞ ﻣﻦ ﻓﻦ إﻟﻰ ﻓﻦ؛ وﰲ ﻛﻞ ذﻟﻚ ﻋﻮن ﻋﻠﻰ ﻧﺸﺎط اﻟﺬﻫﻦ ﻟﻠﺘﺬﻛﺮ واﻟﺘﺪﺑﺮ ﻣﻌﻠﻮ ٌم ﻗﻄﻌﺎً أن اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻟﻢ ﻳﻬﻠﻚ ﻫﺬه اﻷﱈ اﻟﻜﺜﻴﺮة إﻻ ﺑﻌﺪﻣﺎ ﺗﺒﲔ ﻟﻬﻢ اﻟﻬﺪى ،ﻓﺎﺧﺘﺎروا ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻜﻔﺮ ،وﻟﻮ ﻟﻢ ﻳﺘﺒﲔ ﻟﻬﻢ اﻟﻬﺪى ﻟﻢ ﻳُﻬﻠﻜﻬﻢ! ١٦٧
اﺑﻦ اﻟﻘﻴﻢ ﺷﺠﺮة اﻹﺧﻼص أﺻﻠﻬﺎ ﺛﺎﺑﺖ ،ﻻ ﻳﻀﺮﻫﺎ زﻋﺎزع: وأﻣﺎ ﺷﺠﺮة اﻟﺮﻳﺎء ،ﻓﺈﻧﻬﺎ ﲡﺘﺚ ﻋﻨﺪ ﻧﺴﻤﺔ)) :ﻣﻦ ﻛﺎن ﻳﻌﺒﺪ ﺷﻴﺌﺎً ﻓﻠﻴﺘﺒﻌﻪ(( اﻟﻘﺮﻃﺒﻲ ﻗﺎل ﺑﻌﺾ اﻟﻌﻠﻤﺎء :ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻷﺣﺪ أن ﻳﻘﺪم ﻋﻠﻰ أﻣﺮ ﻣﻦ أﻣﻮر اﻟﺪﻧﻴﺎ ﺣﺘﻰ ﻳﺴﺄل اﷲ اﳋﻴﺮة ﰲ ذﻟﻚ؛ ﺑﺄن ﻳﺼﻠﻲ رﻛﻌﺘﲔ ﺻﻼة اﻻﺳﺘﺨﺎرة اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر وإﺿﺎﻓﺔ اﻟﻨﺼﻴﺐ إﻟﻰ ﺿﻤﻴﺮه داﻟﺔ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﺣﻘﻪ ،وأن ﻟﻠﻤﺮء اﻻﻧﺘﻔﺎع ﲟﺎﻟﻪ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻼﺋﻤﻪ ﰲ اﻟﺪﻧﻴﺎ؛ ﺧﺎﺻﺔ ﳑﺎ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ اﻟﻘﺮﺑﺎت ،وﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺣﺮاﻣﺎً اﻟﺰﻫﺪ ﻋﺪم اﺣﺘﻔﺎل اﻟﻘﻠﺐ ﺑﺎﻟﺪﻧﻴﺎ واﻷﻣﻮال ،وإن ﻛﺎﻧﺖ ﰲ اﻟﻴﺪ ،ﻓﻘﺪ ﻳﻜﻮن اﻟﻐﻨﻲ زاﻫﺪاً ،اﻟﻘﺮاﰲ وﻳﻜﻮن اﻟﻔﻘﻴﺮ ﻏﻴﺮ زاﻫﺪ اﺑﻦ ﻫﺒﻴﺮة إﻳﺜﺎر ﺛﻮاب اﻵﺟﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﺟﻞ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻌﻠﻤﺎء؛ ﻓﻤﻦ ﻛﺎن ﻫﻜﺬا ﻓﻬﻮ ﻋﺎﻟﻢ ،وﻣﻦ آﺛﺮ اﻟﻌﺎﺟﻞ ﻋﻠﻰ اﻵﺟﻞ ﻓﻠﻴﺲ ﺑﻌﺎﻟﻢ اﻟﺴﻌﺪي ﺟﺰاء ﻣﻦ ﺟﻨﺲ ﻋﻤﻠﻪ؛ ﻓﻜﻤﺎ رﻓﻊ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺎد اﷲ، اﳌﺜﺎﻧــــــــــــــــــــــــﻲ أﻧﺰﻟﻪ اﷲ أﺳﻔﻞ ﺳﺎﻓﻠﲔ ،ﻫﻮ وﻣﺎ اﻏﺘﺮ ﺑﻪ ﻣﻦ داره وأﺛﺎﺛﻪ وﻣﺘﺎﻋﻪ ١٦٨
أﺳﻤﺎء اﻟﺴﻮرة ﺳﻮرة اﻟﻌﻨﻜﺒﻮت ﻟﻮرود ذﻛﺮ اﻟﻌﻨﻜﺒﻮت ﻓﻴﻬﺎ وﺟﻪ دون ﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﺴﻮر اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /ﺗﻮﻗﻴﻔﻴﺔ ﻣﻘﺼﺪ اﻟﺴﻮرة ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﻣﻜﻴﺔ اﳌﺼﺤﻒ ٢٩ ﺗﺮﻛﺰ ﻋﻠﻰ ﻗﻀﻴﺔ اﻟﺜﺒﺎت اﳌﺜﺎﻧــــــــــــــــــــــــﻲ واﻟﺼﺒﺮ ﺣﺎل اﻻﺑﺘﻼء ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﺑﲔ ﻳﺪي آﻳﺔ اﻟﻨﺰول ٨٥ اﻟﺴﻮرة واﻟﻔﱳ وﻋﺎﻗﺒﺘﻪ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺴﻮرة اﳌﻮﺿﻮع اﻵﻳﺎت اﳌﻮﺿﻮع اﻵﻳﺎت اﺧﺘﺒﺎر اﻟﻨﺎس وﺟﺰاؤﻫﻢ اﻟﺘﻮﺻﻴﺔ ﺑﺤﺴﻦ ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ اﻟﻮاﻟﺪﻳﻦ وﺑﻴﺎن ﺧﺴﺔ اﳌﻨﺎﻓﻘﲔ ﻗﺼﺔ إﺑﺮاﻫﻴﻢ ﻣﻊ ﻗﻮﻣﻪ وﺟﻮاﺑﻬﻢ ﻟﻪ ﻗﺼﺔ ﻧﻮح ﻗﺼﺔ ﺷﻌﻴﺐ وﻫﻮد وﺻﺎﻟﺢ وﻣﻮﺳﻰ ﻗﺼﺔ ﻟﻮط ﻣﻊ ﻗﻮﻣﻪ ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ أﻫﻞ اﻟﻜﺘﺎب ﺑﺎﳊﺴﻨﻰ وﻣﻄﺎﻟﺒﻬﻢ اﻟﺘﻌﺠﻴﺰﻳﺔ ﻓﺎﺋﺪة ﺧﻠﻖ اﻟﺴﻤﺎوات واﻷرض ﺗﺒﻴﲔ ﺣﺎل اﻟﺪﻧﻴﺎ واﻵﺧﺮة واﻋﺘﺮاف وﺗﻼوة اﻟﻘﺮآن وإﻗﺎﻣﺔ اﻟﺼﻼة اﳌﺸﺮﻛﲔ ﺑﺎﷲ اﳋﺎﻟﻖ اﻟﺮازق اﶈﻴﻲ ﺣﺚ اﳌﺆﻣﻨﲔ ﻋﻠﻰ اﻟﻬﺠﺮة ﻋﻨﺪ اﻟﺘﻀﻴﻴﻖ ﻋﻠﻴﻬﻢ ١٦٩
أﻏﺮاض اﻟﺴﻮرة ﺗﻨﺎوﻟﺖ اﻟﺴﻮرة ﺣﻘﻴﻘﺔ اﻹﳝﺎن ،وﺳﻨﺔ اﻻﺑﺘﻼء ﰲ ﻫﺬه اﳊﻴﺎة؛ ﻷن اﳌﺴﻠﻤﲔ ﰲ ﻣﻜﺔ ﻛﺎﻧﻮا ﰲ أﻗﺼﻰ أﻧﻮاع اﶈﻨﺔ واﻟﺸﺪة ،وﻟﻬﺬا ﺟﺎء اﳊﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﻣﻮﺿﻮع اﻟﻔﺘﻨﺔ واﻻﺑﺘﻼء ﰲ ﻫﺬه اﻟﺴﻮرة ﻣﻄﻮﻻً ﻣﻔﺼ ًﻼ ،وﺑﻮﺟﻪ ﺧﺎص ﻋﻨﺪ ذﻛﺮ ﻗﺼﺺ اﻷﻧﺒﻴﺎء ،ﻣﺘﻤﺜﻠﺔ ﰲ ﺿﺨﺎﻣﺔ اﳉﻬﺪ وﺿﺂﻟﺔ اﳊﺼﻴﻠﺔ ،ﻓﻬﺬا ﻧﻮح ﳝﻜﺚ ﰲ ﻗﻮﻣﻪ ﺗﺴﻌﻤﺎﺋﺔ وﺧﻤﺴﲔ ﺳﻨﺔ ،ﻳﺪﻋﻮﻫﻢ إﻟﻰ اﷲ ﻓﻤﺎ ﻳﺆﻣﻦ ﻣﻌﻪ إﻻ ﻗﻠﻴﻞ ،وﻫﺬا أﺑﻮ اﻷﻧﺒﻴﺎء إﺑﺮاﻫﻴﻢ اﳋﻠﻴﻞ ﻳﺤﺎول ﻫﺪاﻳﺔ ﻗﻮﻣﻪ ﺑﻜﻞ وﺳﻴﻠﺔ ،وﻳﺠﺎدﻟﻬﻢ ﺑﺎﳊﺠﺔ واﻟﺒﺮﻫﺎن ،ﻓﻤﺎ ﺗﻜﻮن اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ إﻻ اﻟﻌﻠﻮ واﻟﻄﻐﻴﺎن، وﻫﺆﻻء ﻗﻮم ﻟﻮط ﻳُﻈﻬﺮون اﻟﺘﺒﺠﺢ ﺑﺎﻟﺮذﻳﻠﺔ دون ﺧﺠﻞ أو ﺣﻴﺎء ،وﺑﻴﻨﺖ اﻟﺴﻮرة ﺻﺪق رﺳﺎﻟﺔ ﻣﺤﻤﺪ ﷺ، وﺗﻄﺮﻗﺖ إﻟﻰ ﺑﻌﺾ اﻷدﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻗﺪرة اﷲ ووﺣﺪاﻧﻴﺘﻪ ﰲ ﻫﺬا اﻟﻜﻮن ،وﺧﺘﻤﺖ ﺑﺒﻴﺎن ﺟﺰاء اﻟﺬﻳﻦ ﺻﺒﺮوا أﻣﺎم اﶈﻦ واﻟﺸﺪاﺋﺪ ،وﺟﺎﻫﺪوا ﺑﺄﻧﻮاع اﳉﻬﺎد اﻟﻨﻔﺴﻲ واﳌﺎﻟﻲ ،ووﻗﻔﻮا ﰲ وﺟﻪ اﶈﻨﺔ واﻻﺑﺘﻼء ،وﻫﻮ ﺟﺰاء ﻛﺮﱘ ،ﻳﻨﺎﺳﺐ ﺟﻬﺪ اﻟﺘﻀﺤﻴﺔ واﻟﺒﺬل ،ﰲ ﺳﺒﻴﻞ ﻧﺼﺮة اﳊﻖ واﻟﺪﻳﻦ ! ﻣﻨﺎﺳﺒﺎت اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ أول اﻟﺴﻮرة ﺑﺂﺧﺮﻫﺎ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ اﻟﺴﻮرة ﳌﺎ ﻗﺒﻠﻬﺎ اﳌﺜﺎﻧــــــــــــــــــــــــﻲ ﺑﺪأت ﺳﻮرة اﻟﻌﻨﻜﺒﻮت ﺑﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: ﳌﺎ ﺗﻀﻤﻨﺖ ﺳﻮرة اﻟﻘﺼﺺ ﻋﺪة اﺑﺘﻼءات ﻣﻨﻬﺎ :اﺑﺘﻼء أم ﻣﻮﺳﻰ ﺑﺈﻟﻘﺎء اﺑﻨﻬﺎ ﰲ اﻟﻴﻢ وﺧﺘﻤﻬﺎ ﺑﺎﳌﺠﺎﻫﺪة اﻟﺘﻲ ﺗﻌﲔ اﻟﻨﺎس وﻓﺮاﻗﻪ ،واﺑﺘﻼء ﻣﻮﺳﻰ ﺑﺨﺮوﺟﻪ ﻣﻦ ﺑﻠﺪه، ﻋﻠﻰ ﻫﺬه اﻻﺑﺘﻼءات ،ﻓﻘﺎل: وﻛﺬﻟﻚ اﺑﺘﻼء اﻟﺮﺳﻮل ﷺ ﺑﻬﺠﺮﺗﻪ ﻣﻦ ﻣﻜﺔ، ﺑﺪأت ﺳﻮرة اﻟﻌﻨﻜﺒﻮت ﺑﺒﻴﺎن أن اﻻﺑﺘﻼء ﺳﻨﺔ اﷲ: ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻐﺮﻳﺐ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﺑﺌﺲ ﻳُﻌ ِﺠﺰوﻧﺎ ،وﻳ ُﻔﻮﺗُﻮﻧﺎ ﻻ ﻳُﺨﺘﺒﺮون ﺑﺎﻟﺸﺪاﺋﺪ؛ ﺑﺄﻧﻔﺴﻬﻢ ﻟﻴﺘﺒﲔ اﳌﺆﻣﻦ ﻣﻦ اﳌﻨﺎﻓﻖ دﻳﻨﻨﺎ ﻋﺬاب اﻟﻨﺎس اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ﺣ ﱠﺪده اﳌﺎء اﻟﻜﺜﻴﺮ اﻟﺬي ﻏﻤﺮﻫﻢ ﻟﻪ ،وأذاﻫﻢ اﷲ ﻟﻠﺒﻌﺚ ﻣﻦ ﺟﻤﻴﻊ اﳉﻬﺎت ﻳﺨﺘﻠﻘﻮن ﻣﻦ اﻟﻜﺬب أوزارﻫﻢ أﻧﺸﺄه ﻓﺎﻟﺘﻤﺴﻮا واﻃﻠﺒﻮا ﺗﻔﺘﺮون ﻛﺬﺑﺎً ﺗﺘﺤﺎﺑﻮن ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺎدﺗﻬﺎ، وﺗﺘﻮادون ﻋﻠﻰ ﺧﺪﻣﺘﻬﺎ ﻓﺎﺋﺘﲔ ﻣﻦ ﻋﺬاﺑﻪ ﺗُﺮ ﱡدون ،وﺗُﺮﺟﻌﻮن ﺑﺎﻟﻬﺮب وﻏﻴﺮه ١٧٠
ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﺗﺎرك دار ﻗﻮﻣﻲ إﻟﻰ ﻣﺼﻴﺮﻛﻢ ﻳﺘﺒ ﱠﺮأ أرض اﻟﺸﺎم اﳌﺒﺎرﻛﺔ وﺗﻘﻄﻌﻮن ﻃﺮق اﳌﺴﺎﻓﺮﻳﻦ ﺑﺎﻟﺬﻛﺮ اﳊﺴﻦ ،واﻟﻮﻟﺪ ﻣﺠﻠﺴﻜﻢ اﻟﺬي ﺑﻔﻌﻠﻜﻢ اﻟﻔﺎﺣﺸﺔ ﺑﻬﻢ اﻟﺼﺎﻟﺢ واﻟﻨﺒﻮة ﰲ ذرﻳﺘﻪ ﲡﺘﻤﻌﻮن ﻓﻴﻪ ﺑﺎﳋﺒﺮ اﻟﺴﺎر ،وﻫﻮ: اﳌﻼﺋﻜﺔ اﻷﻋﻤﺎل اﳌﻨﻜﺮة؛ ﻛﺎﻟﺴﺨﺮﻳﺔ اﻟﺒﺸﺎرة ﺑﺈﺳﺤﺎق ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ،وﻗﺬف اﳌﺎ ﱠرة ﺿﺎق ﺻﺪره ،وﺣﺰن ﺳﺎءه ﻣﺠﻴﺌﻬﻢ ﺧﻮﻓﺎً ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻣﻦ ﺧﻮﻓﺎً ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻗﻮﻣﻪ أن ﻳﻔﻌﻠﻮا ﺑﻬﻢ اﻟﻔﺎﺣﺸﺔ اﻟﺒﺎﻗﲔ ﰲ اﻟﻌﺬاب آﺛﺎراً واﺿﺤ ًﺔ أﺑﻘﻴﻨﺎ ﻣﻦ دﻳﺎرﻫﻢ ﻋﺬاﺑﺎً ﺷﺪﻳﺪاً اﻟﺰﻟﺰﻟﺔ اﻟﺸﺪﻳﺪة اﳌﺜﺎﻧــــــــــــــــــــــــﻲ وﻻ ﺗﻜﺜﺮوا اﻟﻔﺴﺎد واﻃﻠﺒﻮا ﺑﻌﺒﺎدﺗﻜﻢ ﻓﺎﺋﺘﲔ ﻣﻦ ﻋﺬاب اﷲ ﻋﺎرﻓﲔ ﺑﻜﻔﺮﻫﻢ ﺟﺰاء اﻵﺧﺮة ﺻﻮت ﻣﻦ اﻟﺴﻤﺎء ُﻣﻬﻠﻚ ﻣﻌﺠﺒﲔ ﺑﻪ ﺻﺮﻋﻰ ﻫﺎﻟﻜﲔ ﺣﺠﺎر ًة ﻣﻦ ﻃﲔ ﻣﻨﻀﻮد ﻛﻞ ﻋﻤﻞ ﻗﺒﻴﺢ أﺧﺬﻧﺎ اﳌﺬﻛﻮرﻳﻦ ﻳﺘ ﱠﺪﺑﺮﻫﺎ ،وﻳﻔﻬﻤﻬﺎ ﺑﻌﺬاﺑﻨﺎ ﺑﺴﺒﺐ ذﻧﻮﺑﻬﻢ ﻋﺎﻧﺪوا اﳊﻖ، وأﻋﻠﻨﻮا اﳊﺮب أﻋﻈﻢ وأﻓﻀﻞ أﺿﻌﻒ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺷﻲء ﻫ ﱠﻼ ﻛﻞ ﻓﻌﻞ ﻳﻨﻜﺮه اﻟﻌﺮب ﻣﻦ ﻗﺮﻳﺶ اﻟﺸﺮع أو اﻟﻌﻘﻞ ﻓﺠﺄ ًة وﻗﺖ ﻋﺬاﺑﻬﻢ ﺧﺎﺿﻌﻮن ﻣﺘﺬﻟﻠﻮن اﳌﻘﺪر ﻋﻨﺪ اﷲ ﻣﻨﺎزل ﻋﺎﻟﻴ ًﺔ ﺑﺎﻟﻄﺎﻋﺔ ﻟﻨﻨﺰﻟ ﱠﻨﻬﻢ ﺣﺠﺞ وﺑﺮاﻫﲔ ﻧﺸﺎﻫﺪﻫﺎ؛ ﻓﻜﻴﻒ ﻳُﺼﺮﻓﻮن ﻋﻦ اﻹﳝﺎن؟ ﻻ ﺗ ﱠﺪﺧﺮه ﻟﻐﺪ ﻛﻨﺎﻗﺔ ﺻﺎﻟﺢ اﳊﻴﺎة اﳊﻘﻴﻘﻴﺔ اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ اﻟﺪاﺋﻤﺔ وﻳُﻀ ﱢﻴﻖ ﻳﺤﻴﻂ ﺑﻬﻢ وﻳﻌﻠﻮﻫﻢ وﻳُﺴﺘﻠﺒُﻮن ﺑﺴﺮﻋﺔ ﻗﺘ ًﻼ وأﺳﺮاً ﻣﻜﺔ وﻛﻢ ﻣﻦ؟ ﻳُﻮ ﱢﺳﻊ اﻟﺴﻔﻦ ﻣﺴﻜﻦ وﻣﺴﺘﻘﺮ اﺑﻦ اﻟﻘﻴﻢ ﻣﻦ وﺣﻲ اﻵي اﺑﻦ اﻟﻘﻴﻢ ﻻ ﻳﻈﲍ أﺣﺪ أﻧﻪ ﻳﺨﻠﺺ ﻣﻦ اﻷﻟﻢ اﻟﺒ ﱠﺘﺔ ،وإﳕﺎ ﻳﺘﻔﺎوت أﻫﻞ اﻵﻻم ﰲ اﻟﻌﻘﻮل ،ﻓﺄﻋﻘﻠﻬﻢ ﻣﻦ ﺑﺎع أﳌﺎً ﻣﺴﺘﻤﺮاً ﻋﻈﻴﻤﺎً ﺑﺄﻟﻢ ﻣﻨﻘﻄﻊ ﻳﺴﻴﺮ ،وأﺷﻘﺎﻫﻢ ﻣﻦ ﺑﺎع اﻷﻟﻢ اﳌﻨﻘﻄﻊ اﻟﻴﺴﻴﺮ ﺑﺎﻷﻟﻢ اﻟﻌﻈﻴﻢ اﳌﺴﺘﻤﺮ ﳌﺎ ﻋﻠﻢ اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ أن ﻗﻠﻮب اﳌﺸﺘﺎﻗﲔ إﻟﻴﻪ ﻻ ﺗﻬﺪأ إﻻ ﺑﻠﻘﺎﺋﻪ ،ﺿﺮب ﻟﻬﻢ أﺟ ًﻼ ﻟﻠﻘﺎء؛ ﺗﺴﻜﻴﻨﺎً ﻟﻘﻠﻮﺑﻬﻢ ،ﻓﻘﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ: ١٧١
اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر وﻣﻦ ﻟﻄﻴﻒ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﻫﺬا اﻟﻈﺮف ﰲ ﻫﺬا اﳌﻘﺎم أن اﳌﺆﻣﻦ اﻷﻟﻮﺳﻲ ﳌﺎ أﻣﺮ ﺑﻌﺼﻴﺎن واﻟﺪﻳﻪ إذا أﻣﺮاه ﺑﺎﻟﺸﺮك ﻛﺎن ذﻟﻚ ﳑﺎ ﻳﺜﻴﺮ ﺑﻴﻨﻪ وﺑﲔ أﺑﻮﻳﻪ ﺟﻔﺎء وﺗﻔﺮﻗﺔ ،ﻓﺠﻌﻞ اﷲ ﺟﺰا ًء ﻋﻦ وﺣﺸﺔ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻔﺮﻗﺔ أُﻧﺴﺎً ﺑﺠﻌﻠﻪ ﰲ ﻋﺪاد اﻟﺼﺎﳊﲔ؛ ﻳﺄﻧﺲ ﺑﻬﻢ واﻟﻨﻜﺘﺔ ﰲ اﺧﺘﻴﺎر اﻟﺴﻨﺔ ﻷﻧﻬﺎ ﺗﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ اﻟﺸﺪة واﳉﺪب ﺑﺨﻼف اﻟﻌﺎم ،ﻓﻨﺎﺳﺐ اﺧﺘﻴﺎر اﻟﺴﻨﺔ ﻟﺰﻣﺎن اﻟﺪﻋﻮة اﻟﺬي ﻗﺎﺳﻰ ﻓﻴﻪ ﻣﺎ ﻗﺎﺳﻰ ﻣﻦ ﻗﻮﻣﻪ اﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻣﻦ رﺟﺎ رزﻗﺎً ﻣﻦ ﻏﻴﺮ اﷲ ﺧﺬﻟﻪ اﷲ! اﺑﻦ ﻛﺜﻴﺮ وذﻟﻚ ﻷﻧﻬﻢ ﻗﺎم ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻟﺒﺮﻫﺎن ،وﺗﻮﺟﻬﺖ ﻋﻠﻴﻬﻢ اﳊﺠﺔ ،ﻓﻌﺪﻟﻮا إﻟﻰ اﺳﺘﻌﻤﺎل ﺟﺎﻫﻬﻢ وﻗﻮة ﻣﻠﻜﻬﻢ اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر إن ﻛﺜﻴﺮاً ﻣﻦ اﳌﻔﺎﺳﺪ ﺗﻜﻮن اﻟﻨﺎس ﰲ ﻏﻔﻠﺔ ﻋﻦ ارﺗﻜﺎﺑﻬﺎ ﻟﻌﺪم اﻻﻋﺘﻴﺎد ﺑﻬﺎ ،ﺣﺘﻰ إذا أﻗﺪم أﺣﺪ ﻋﻠﻰ ﻓﻌﻠﻬﺎ ،وﺷﻮﻫﺪ ذﻟﻚ ﻣﻨﻪ ،ﺗﻨﺒﻬﺖ اﻷذﻫﺎن إﻟﻴﻬﺎ وﺗﻌﻠﻘﺖ اﻟﺸﻬﻮات ﺑﻬﺎ اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر ﻓﺎﳌﺸﺮﻛﻮن أﺷﺒﻬﻮا اﻟﻌﻨﻜﺒﻮت ﰲ اﻟﻐﺮور ﲟﺎ أﻋﺪوه، اﳌﺜﺎﻧــــــــــــــــــــــــﻲ وأوﻟﻴﺎؤﻫﻢ أﺷﺒﻬﻮا ﺑﻴﺖ اﻟﻌﻨﻜﺒﻮت ﰲ ﻋﺪم اﻟﻐﻨﺎء ﻋﻤﻦ اﺗﺨﺬوﻫﺎ وﻗﺖ اﳊﺎﺟﺔ إﻟﻴﻬﺎ وﺗﺰول ﺑﺄﻗﻞ ﲢﺮﻳﻚ اﻟﺒﻘﺎﻋﻲ واﻹﻛﺜﺎر ﰲ ﺗﻼوﺗﻪ ﻳﺰﻳﺪ ﺑﺼﻴﺮة ﰲ أﻣﺮه ،وﻳﻔﺘﺢ ﻛﻨﻮز اﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ اﻟﺪﻗﺎﺋﻖ ﻣﻦ ﻋﻠﻤﻪ ،وﻫﻮ أﻛﺮم ﻣﻦ أن ﻳﻨﻴﻞ ﻗﺎرﺋﻪ ﻓﺎﺋﺪة ،وأﺟﻞ ﻣﻦ أن ﻳﻌﻄﻲ ﻗﻴﺎد ﻓﻮاﺋﺪه ،وﻳﺮﻓﻊ اﳊﺠﺎب ﻋﻦ ﺟﻮاﻫﺮه وﻓﺮاﺋﺪه ﰲ أول ﻣﺮة ،ﺑﻞ ﻛﻠﻤﺎ ردده اﻟﻘﺎرئ ﺑﺎﻟﺘﺪﺑﺮ ﺣﺒﺎه ﺑﻜﻨﺰ ﻣﻦ أﺳﺮاره ،وﻣﻬﻤﺎ زاد زاده ﻣﻦ ﻟﻮاﻣﻊ أﻧﻮاره ،إﻟﻰ أن ﻳﻘﻄﻊ ﺑﺄن ﻋﺠﺎﺋﺒﻪ ﻻ ﺗﻌﺪ ،وﻏﺮاﺋﺒﻪ ﻻ ﲢﺪ اﻟﺼﻼة ﻓﻴﻬﺎ دﻓﻊ ﻣﻜﺮوه ،وﻫﻮ اﻟﻔﺤﺸﺎء واﳌﻨﻜﺮ ،وﻓﻴﻬﺎ ﲢﺼﻴﻞ ﻣﺤﺒﻮب ،وﻫﻮ ذﻛﺮ اﷲ ،وﺣﺼﻮل ﻫﺬا اﶈﺒﻮب أﻛﺒﺮ ﻣﻦ دﻓﻊ ذﻟﻚ اﳌﻜﺮوه؛ ﻓﺈ ﱠن ذﻛﺮ اﷲ ﻋﺒﺎدة ،وﻋﺒﺎدة اﻟﻘﻠﺐ ﻣﻘﺼﻮدة ﻟﺬاﺗﻬﺎ ،وأﻣﺎ اﻧﺪﻓﺎع اﻟﺸ ﱢﺮ ﻓﻬﻮ ﻣﻘﺼﻮد ﻟﻐﻴﺮه ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﺘﺒﻊ؛ وﻟﻬﺬا ﻗﺎل ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ: اﻟﻘﺮﻃﺒﻲ ﻗﺎل اﳊﺴﻦ :أﻋﻄﻴﺖ ﻫﺬه اﻷﻣﺔ اﳊﻔﻆ ،وﻛﺎن ﻣﻦ اﻟﻘﺮﻃﺒﻲ ﻗﺒﻠﻬﺎ ﻻ ﻳﻘﺮءون ﻛﺘﺎﺑﻬﻢ إﻻ ﻧﻈﺮاً ،ﻓﺈذا أﻃﺒﻘﻮه ﻟﻢ ﻳﺤﻔﻈﻮا ﻣﺎ ﻓﻴﻪ ،إﻻ اﻟﻨﺒﻴﻮن وإﳕﺎ ذﻛﺮه ﻫﺎ ﻫﻨﺎ ﲢﻘﻴﺮاً ﻷﻣﺮ اﻟﺪﻧﻴﺎ وﻣﺨﺎوﻓﻬﺎ؛ ﻛﺄن ﺑﻌﺾ اﳌﺆﻣﻨﲔ ﻧﻈﺮ ﰲ ﻋﺎﻗﺒﺔ ﺗﻠﺤﻘﻪ ﰲ ﺧﺮوﺟﻪ ﻣﻦ وﻃﻨﻪ ﻣﻦ ﻣﻜﺔ أﻧﻪ ﳝﻮت ،أو ﻳﺠﻮع أو ﻧﺤﻮ ﻫﺬا ،ﻓﺤﻘﺮ اﷲ ﺷﺄن اﻟﺪﻧﻴﺎ .أي :أﻧﺘﻢ ﻻ ﻣﺤﺎﻟﺔ ﻣﻴﺘﻮن ،وﻣﺤﺸﻮرون إﻟﻴﻨﺎ ،ﻓﺎﻟﺒﺪار إﻟﻰ ﻃﺎﻋﺔ اﷲ ،واﻟﻬﺠﺮة إﻟﻴﻪ وإﻟﻰ ﻣﺎ ﳝﺘﺜﻞ ١٧٢
اﳌﻮﻗﻨﻮن ﺑﺎﻵﺧﺮة ﻟﻬﻢ ﺳﻴﺮة أﺧﺮى ،إﻧﻬﻢ ﻳﺘﻘﻮن اﻟﺸﺒﻬﺎت اﻟﻐﺰاﻟﻲ اﺳﺘﺒﺮاء ﻟﺪﻳﻨﻬﻢ وﻋﺮﺿﻬﻢ ،وﻳﻜﺘﺮﺛﻮن ﺑﺎﻵﺧﺮة أﺷﺪ ﻣﻦ اﻛﺘﺮاث ﻏﻴﺮﻫﻢ ﺑﺎﻟﺪﻧﻴﺎ ،ﻫﻢ ﻳﻔﻬﻤﻮن ﺑﻌﻤﻖ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر أن أﺳﻔﺎرﻫﻢ ﰲ اﻟﺒﺮ ﻛﺎﻧﻮا ﻻ ﻳﻌﺘﺮﻳﻬﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﺧﻮ ٌف ﻳﻌﻢ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺴﻔﺮ؛ ﻷﻧﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺴﺎﻓﺮون ﻗﻮاﻓﻞ ،ﻣﻌﻬﻢ ﺳﻼﺣﻬﻢ، وﳝﺮون ﺑﺴﺒﻞ ﻳﺄﻟﻔﻮﻧﻬﺎ؛ ﻓﻼ ﻳﻌﺘﺮﺿﻬﻢ ﺧﻮف ﻋﺎم ،ﻓﺄﻣﺎ ﺳﻔﺮﻫﻢ ﰲ اﻟﺒﺤﺮ؛ ﻓﺈﻧﻬﻢ ﻳَ ْﻔ َﺮﻗﻮن ﻣﻦ ﻫ ْﻮﻟﻪ ،وﻻ ﻳﺪﻓﻌﻪ ﻋﻨﻬﻢ وﻓﺮة ﻋﺪد ،وﻻ ﻗﻮة ُﻋﺪد ،ﻓﻬﻢ ﻳﻀﺮﻋﻮن إﻟﻰ اﷲ ﺑﻄﻠﺐ اﻟﻨﺠﺎة، وﻟﻌﻠﻬﻢ ﻻ ﻳﺪﻋﻮن أﺻﻨﺎﻣﻬﻢ ﺣﻴﻨﺌﺬ اﳌﺜﺎﻧــــــــــــــــــــــــﻲ ١٧٣
أﺳﻤﺎء اﻟﺴﻮرة ﺳﻮرة اﻟﺮوم ﻻﻓﺘﺘﺎﺣﻬﺎ ﺑﺬﻛﺮ ﻏﻠﺒﺔ اﻟﺮوم وﺟﻪ اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /ﺗﻮﻗﻴﻔﻴﺔ ﻣﻘﺼﺪ اﻟﺴﻮرة ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﻣﻜﻴﺔ اﳌﺼﺤﻒ ٣٠ ﺑﻴﺎن اﳊﻘﻴﻘﺔ اﻟﻜﻮﻧﻴﺔ ﰲ أن ﺗﺼﺮﻳﻒ اﻷﻣﻮر واﻷﺣﻮال ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﺑﲔ ﻳﺪي آﻳﺔ اﳌﺜﺎﻧــــــــــــــــــــــــﻲ واﻷﺣﺪاث ﷲ وﺣﺪه؛ ﻛﻤﺎ اﻟﻨﺰول ٨٤ اﻟﺴﻮرة ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ: ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺴﻮرة اﳌﻮﺿﻮع اﳌﻮﺿﻮع اﻵﻳﺎت اﻵﻳﺎت اﻟﺘﻔﻜﺮ ﲟﺨﻠﻮﻗﺎت اﷲ ﻳﺪل ﻋﻠﻰ وﺟﻮد اﻹﺧﺒﺎر ﻋﻦ ﻏﻴﺐ اﳌﺴﺘﻘﺒﻞ واﻟﻮﻋﺪ ﺑﺎﻟﻨﺼﺮ ﻟﻠﻤﺆﻣﻨﲔ اﳋﺎﻟﻖ اﻟﺬي ﻳﻌﻴﺪ ﺧﻠﻖ اﻹﻧﺴﺎن ﻳﻮم اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﺗﻨﺰﻳﻪ اﷲ وﺣﺪه وأدﻟﺔ وﺟﻮده ورﺑﻮﺑﻴﺘﻪ إﺛﺒﺎت وﺣﺪاﻧﻴﺔ اﳋﺎﻟﻖ وﺑﻄﻼن اﻟﺸﺮك واﻷﻣﺮ ﺑﺎﺗﺒﺎع اﻟﺪﻳﻦ اﳊﻖ ﳉﻮء اﻟﻨﺎس إﻟﻰ اﷲ ﻋﻨﺪ اﻟﺸﺪاﺋﺪ وإﻋﺮاﺿﻬﻢ ﻋﻨﺪ زواﻟﻬﺎ اﳊﺚ ﻋﻠﻰ اﻹﻧﻔﺎق ﻟﺬوي اﻷرﺣﺎم واﳊﺬر ﻣﻦ اﳌﺎل اﳊﺮام ﺟﺰاء اﳌﻔﺴﺪﻳﻦ وﺛﻮاب اﳌﺆﻣﻨﲔ اﻟﺮﻳﺎح واﻷﻣﻄﺎر ﻣﻦ اﻷدﻟﺔ ﻋﻠﻰ أﻃﻮار ﺣﻴﺎة اﻹﻧﺴﺎن وﻗﺴﻢ اﳌﺠﺮﻣﲔ ﰲ اﻵﺧﺮة ﻗﺪرة اﷲ ،وﺗﺸﺒﻴﻪ اﻟﻜﻔﺎر ﺑﺎﳌﻮﺗﻰ ﺿﺮب اﻷﻣﺜﺎل ﻟﻠﻌﺒﺮة وأﻣﺮ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﺑﺎﻟﺼﺒﺮ ﻋﻠﻰ اﻷذى ١٧٤
أﻏﺮاض اﻟﺴﻮرة ﺑُﺪﺋﺖ اﻟﺴﻮرة ﺑﺎﻟﺘﻨﺒﺆ ﻋﻦ ﺣﺪث ﻏﻴﺒﻲ ﻫﺎم ،أﺧﺒﺮ ﻋﻨﻪ اﻟﻘﺮآن ﻗﺒﻞ ﺣﺪوﺛﻪ ،أﻻ وﻫﻮ اﻧﺘﺼﺎر اﻟﺮوم ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺮس ،وﲢﺪﺛﺖ ﻋﻦ ﺣﻘﻴﻘﺔ اﳌﻌﺮﻛﺔ ﺑﲔ ﺣﺰب اﻟﺮﺣﻤﻦ ،وﺣﺰب اﻟﺸﻴﻄﺎن ،وأﻧﻬﺎ ﻣﻌﺮﻛﺔ ﻗﺪﳝﺔ ِﻗﺪم ﻫﺬه اﳊﻴﺎة ،ﻓﺎﳊﺮب ﻻ ﺗﻬﺪأ ﻣﺎ دام ﻫﻨﺎك ﺣﻖ وﺑﺎﻃﻞ ،وﺧﻴﺮ وﺷﺮ ،وﻣﺎ دام اﻟﺸﻴﻄﺎن ﻳﺤﺸﺪ أﻋﻮاﻧﻪ وأﻧﺼﺎره ﻹﻃﻔﺎء ﻧﻮر اﷲ ،وﻣﺤﺎرﺑﺔ دﻋﻮة اﻟﺮﺳﻞ اﻟﻜﺮام ،وﺗﻨﺎوﻟﺖ اﳊﺪﻳﺚ ﻋﻦ اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ وأﻫﻮاﻟﻬﺎ وﻋﻦ اﳌﺼﻴﺮ اﳌﺸﺆوم ﻷﻫﻞ اﻟﻜﻔﺮ واﻟﻀﻼل ﰲ ذﻟﻚ اﻟﻴﻮم اﻟﻌﺼﻴﺐ ،ﺣﻴﺚ ﻳﻜﻮن اﳌﺆﻣﻨﻮن ﰲ روﺿﺎت ﻳﺤﺒﺮون ،وﻳﻜﻮن اﳌﺠﺮﻣﻮن ﰲ اﻟﻌﺬاب ﻣﺤﻀﺮﻳﻦ ،وﺗﻄﺮﻗﺖ إﻟﻰ ﺑﻌﺾ اﳌﺸﺎﻫﺪ اﻟﻜﻮﻧﻴﺔ ،واﻟﺪﻻﺋﻞ اﻟﻐﻴﺒﻴﺔ ،اﻟﻨﺎﻃﻘﺔ ﺑﻘﺪرة اﷲ ووﺣﺪاﻧﻴﺘﻪ ،واﻧﺘﻬﺖ ﺑﺎﳊﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﻛﻔﺎر ﻗﺮﻳﺶ ،وﺗﻮﺟﻴﻪ اﻟﺮﺳﻮل ﷺ إﻟﻰ اﻟﺼﺒﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﻠﻘﺎه ﻣﻨﻬﻢ، واﻻﻃﻤﺌﻨﺎن إﻟﻰ أن ﻧﺼﺮ اﷲ ﺣﻖ ﻻﺑﺪ آت ﻣﻨﺎﺳﺒﺎت اﻟﺴﻮرة اﳌﺜﺎﻧــــــــــــــــــــــــﻲ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ أول اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ اﻟﺴﻮرة ﺑﺂﺧﺮﻫﺎ ﳌﺎ ﻗﺒﻠﻬﺎ ﺑﺪأت ﺑﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: ﺧﺘﻤﺖ ﺳﻮرة اﻟﻌﻨﻜﺒﻮت ﺑﺎﳉﻬﺎد ،واﻓﺘﺘﺤﺖ ،وﺧﺘﻤﺖ ﺑــ: ﺳﻮرة اﻟﺮوم ﺑﻮﻋﺪ ﻣﻦ ﻏﻠﺐ ﻣﻦ أﻫﻞ اﻟﻜﺘﺎب ﺑﺎﻟﻐﻠﺒﺔ واﻟﻨﺼﺮ ،وﻓﺮح اﳌﺆﻣﻨﲔ ﺑﺬﻟﻚ ،وأن اﻟﺪوﻟﺔ ﻷﻫﻞ اﳉﻬﺎد ﻓﻴﻪ ،وﻻ ﻳﻀﺮﻫﻢ ﻣﺎ وﻗﻊ ﻟﻬﻢ ﻗﺒﻞ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﻫﺰﳝﺔ ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻐﺮﻳﺐ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻛﻮﻧﻬﻢ ﻣﻐﻠﻮﺑﲔ أﻗﺮب أرض اﻟﺸﺎم ﻫﺰﻣﺖ ﻓﺎرس اﻟﺮوم إﻟﻰ ﻓﺎرس ﺣﺮﺛﻮا وزرﻋﻮا ووﻗﺖ ﻣﻘﺪر ﺗﻨﺘﻬﻲ إﻟﻴﻪ ﻣﺪة ﻻ ﺗﺰﻳﺪ ﻋﻠﻰ ﻋﺸﺮ ﻳُﻜﺮﻣﻮن ،وﻳُﻨ ﱠﻌﻤﻮن ﺳﻨﻮات ،وﻻ ﺗﻨﻘﺺ ﻋﻦ ﺛﻼث ﻟﻐﺎﺗﻜﻢ ﻳﻴﺌﺲ ﻣﻦ اﻟﻨﺠﺎة اﻟﻌﻘﻮﺑﺔ اﳌﺘﻨﺎﻫﻴﺔ ﺗﺨﺎﻓﻮن ﻣﻦ اﻟﺼﻮاﻋﻖ، ﻣﻦ اﻟﻌﺬاب ﰲ اﻟﺴﻮء وﺗﻄﻤﻌﻮن ﰲ اﻟﻐﻴﺚ ﺗﺪ ُﺧﻠُﻮن وﻗﺖ اﻟﻈﻬﻴﺮة ﻣﻘﻴﻤﻮن وﻃﻠﺒﻜﻢ ﻟﻠﺮزق ﰲ اﻟﻨﻬﺎر ﻫﻢ ذوو اﻟﻌﻠﻢ واﻟﺒﺼﻴﺮة ١٧٥
ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ اﻟﻜﻠﻤﺔ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ُﻣﺘﺴﺎوون اﻟﻮﺻﻒ اﻷﻋﻠﻰ ﰲ ﻣﻄﻴﻌﻮن ﻣﻨﻘﺎدون ﻷﻣﺮه ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻮﺻﻒ ﺑﻪ ﺟﺒﻠﻬﻢ وﻃﺒﻌﻬﻢ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﺰﻣﻮا دﻳﻦ اﷲ، ﻣﺎﺋ ًﻼ إﻟﻰ اﻟﺪﻳﻦ ،ﻣﺴﺘﻘﻴﻤﺎً ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺪﻟﻮا دﻳﻨﻬﻢ وﻏﻴﺮوه وﻫﻮ اﻹﺳﻼم راﺟﻌﲔ إﻟﻴﻪ ﺑﺎﻟﺘﻮﺑﺔ اﳌﺴﺘﻘﻴﻢ اﳌﻮﺻﻞ ﻓﺄﺧﺬوا ﺑﻌﻀﺎً وﺗﺮﻛﻮا ﺑﻌﻀﺎً وإﺧﻼص اﻟﻌﻤﻞ ﻟﻪ إﻟﻰ رﺿﺎ اﷲ ﻧﻌﻤ ًﺔ؛ ﻣﻦ ﺻﺤﺔ ،ورﺧﺎء ﺑﺮﻫﺎﻧﺎً ﺳﺎﻃﻌﺎً وﻛﺘﺎﺑﺎً ﻗﺎﻃﻌﺎً ﻓﺮﻗﺎً وأﺣﺰاﺑﺎً ﻳﻴﺌﺴﻮن ﻣﻦ ﻓﻘﺮ ،وﻣﺮض زوال اﻟﺒﻼء ﻓﺮح ﺑﻄﺮ ،وأﺷﺮ، وﻳُﻀ ﱢﻴﻖ ﻻ ﻓﺮح ﺷﻜﺮ أﻋﻄﻴﺘﻢ ﻟﻴﺰﻳﺪ ﻳُﻮ ِﺳﻊ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻀﺎﻋﻒ اﷲ ﻟﻬﻢ اﳊﺴﻨﺎت اﳌﺴﺘﻘﻴﻢ ﻗﺮﺿﺎً ﻣﻦ اﳌﺎل ﺑﻘﺼﺪ اﻟﺮﺑﺎ اﶈﺮم ﻻ ﻳﻘﺪر أﺣﺪ ﻋﻠﻰ رده ﻳُﻬ ﱢﻴﺌﻮن ﻣﻨﺎزﻟﻬﻢ ﰲ اﳉﻨﺔ ﻛﺎﳉﺪب ،واﻷﻣﺮاض، ﺗﺒﺸﺮ ﺑﺎﳌﻄﺮ واﻷوﺑﺌﺔ ﺑﺈرادة اﷲ ،وﻣﺸﻴﺌﺘﻪ ﻓﺘﺤﺮك ،وﺗﻨﺸﺮ ﻳﺘﻔﺮق اﳋﻼﺋﻖ أﺷﺘﺎﺗﺎً إﻟﻰ اﳉﻨﺔ أو اﻟﻨﺎر اﻟﺴﻔﻦ اﳌﻄﺮ ِﻗﻄﻌﺎً ﻣﺘﻔﺮﻗ ًﺔ ﻓﻴﻨﺸﺮه اﳌﻄﺮ ﻳﺎﺋﺴﲔ ﻣﻦ ﻧﺰوﻟﻪ ﻣﻦ ﺑﲔ اﻟﺴﺤﺎب اﳌﺜﺎﻧــــــــــــــــــــــــﻲ ﻟﺼﺎروا ﻣﻦ اﻟﻨﻄﻔﺔ اﳌﻬﻴﻨﺔ ﺻﺎر أﺻﻔﺮ ﺑﻌﺪ ﺷﻴﺨﻮﺧ ًﺔ ،وﻫﺮﻣﺎً ﺧﻀﺮﺗﻪ؛ ﻣﻦ اﻟﻔﺴﺎد ﻏﻴﺮ ﻓﺘﺮة ﻗﺼﻴﺮة ﻣﺎ ﻳﻘﺪﻣﻮﻧﻪ ﻣﻦ أﻋﺬار ﻣﻦ اﻟﺰﻣﻦ ﺑﻌﺪ ﺿﻌﻒ اﻟﻄﻔﻮﻟﺔ ﻗﻮة اﻟﺮﺟﻮﻟﺔ ﻻ ﻳُﻄﻠﺐ ﻣﻨﻬﻢ إرﺿﺎء اﷲ ﺑﺎﻟﻄﺎﻋﺔ واﻟﺘﻮﺑﺔ ﻳﺼﺮﻓﻮن ﻋﻦ اﳊﻖ ﻻ ﻳﺴﺘﻔ ﱠﺰ ﱠﻧﻚ ،وﻻ ﻳﺤﻤﻠ ﱠﻨﻚ ﻳﺨﺘﻢ ﻋﻠﻰ اﳋ ﱠﻔﺔ ،واﻟﻄﻴﺶ ﻣﻦ وﺣﻲ اﻵي اﺑﻦ ﺟﺰي ﻓﺮح اﳌﺆﻣﻨﻮن ﺑﻨﺼﺮ اﻟﺮوم ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺮس ﻷن اﻟﺮوم أﻫﻞ ﻛﺘﺎب؛ ﻓﻬﻢ أﻗﺮب إﻟﻰ اﻹﺳﻼم ،ﻛﺬﻟﻚ ﻓﺮح اﻟﻜﻔﺎر ﻣﻦ ﻗﺮﻳﺶ ﺑﻨﺼﺮ اﻟﻔﺮس ﻋﻠﻰ اﻟﺮوم ﻷن اﻟﻔﺮس ﻟﻴﺴﻮا ﺑﺄﻫﻞ ﻛﺘﺎب؛ ﻓﻬﻢ أﻗﺮب إﻟﻰ ﻛﻔﺎر ﻗﺮﻳﺶ اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر وإﺿﺎﻓﺔ اﻟﻮﻋﺪ إﻟﻰ اﷲ ﺗﻠﻮﻳﺢ ﺑﺄﻧﻪ وﻋﺪ ﻣﺤﻘﻖ اﻹﻳﻔﺎء؛ ﻷن وﻋﺪ اﻟﺼﺎدق اﻟﻘﺎدر اﻟﻐﻨﻲ ﻻ ﻣﻮﺟﺐ ﻹﺧﻼﻓﻪ ١٧٦
اﻟﺒﻘﺎﻋﻲ ﻗﺎل اﳊﺴﻦ) :إن أﺣﺪﻫﻢ ﻟﻴﻨﻘﺮ اﻟﺪرﻫﻢ ﺑﻄﺮف ﻇﻔﺮه ﻓﻴﺬﻛﺮ وزﻧﻪ وﻻ ﻳﺨﻄﻲء ،وﻫﻮ ﻻ ﻳﺤﺴﻦ ﻳﺼﻠﻲ( .وأﻣﺜﺎل ﻫﺬا ﻟﻬﻢ ﻛﺜﻴﺮ ،وﻫﻮ وإن ﻛﺎن ﻋﻨﺪ أﻫﻞ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻋﻈﻴﻤﺎً ﻓﻬﻮ ﻋﻨﺪ اﷲ ﺣﻘﻴﺮ؛ ﻓﻠﺬﻟﻚ ﺣﻘﺮه ﻷﻧﻬﻢ ﻣﺎ زادوا ﻓﻴﻪ ﻋﻠﻰ أن ﺳﺎووا اﻟﺒﻬﺎﺋﻢ ﰲ إدراﻛﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﻨﻔﻌﻬﺎ؛ ﻓﺘﺴﺘﺠﻠﺒﻪ ﺑﻀﺮوب ﻣﻦ اﳊﻴﻞ ،وﻣﺎ ﻳﻀﺮﻫﺎ ﻓﺘﺪﻓﻌﻪ ﺑﺄﻧﻮاع ﻣﻦ اﳋﺪاع اﺑﻦ ﻛﺜﻴﺮ ﺟﻤﻴﻊ أﻫﻞ اﻷرض ،ﺑﻞ أﻫﻞ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻣﻨﺬ ﺧﻠﻖ اﷲ آدم إﻟﻰ ﻗﻴﺎم اﻟﺴﺎﻋﺔ؛ ﻛﻞ ﻟﻪ ﻋﻴﻨﺎن وﺣﺎﺟﺒﺎن وأﻧﻒ وﺟﺒﲔ وﻓﻢ وﺧﺪان ،وﻟﻴﺲ ﻳﺸﺒﻪ واﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ اﻵﺧﺮ ،ﺑﻞ ﻻ ﺑﺪ أن ﻳﻔﺎرﻗﻪ ﺑﺸﻲء ﻣﻦ اﻟﺴﻤﺖ أو اﻟﻬﻴﺌﺔ أو اﻟﻜﻼم -ﻇﺎﻫﺮاً ﻛﺎن أو ﺧﻔﻴﺎً- ﻳﻈﻬﺮ ﻋﻨﺪ اﻟﺘﺄﻣﻞ؛ ﻛﻞ وﺟﻪ ﻣﻨﻬﻢ أﺳﻠﻮب ﺑﺬاﺗﻪ ،وﻫﻴﺌﺘﻪ ﻻ ﺗﺸﺒﻪ أﺧﺮى اﻷﻟﻮﺳﻲ وﰲ اﻗﺘﺮان اﻟﻔﻀﻞ ﺑﺎﻻﺑﺘﻐﺎء إﺷﺎرة إﻟﻰ أن اﻟﻌﺒﺪ ﻳﻨﺒﻐﻲ أﻻ ﻳﺮى اﻟﺮزق ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻪ وﺑﺤﺬﻗﻪ ،ﺑﻞ ﻳﺮى ﻛﻞ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﻓﻀﻞ رﺑﻪ ﺟﻞ وﻋﻼ اﳌﺜﺎﻧــــــــــــــــــــــــﻲ اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر ﻓﺈذا اﺧﺘﻠﻔﻮا ﰲ أﻣﻮر اﻟﺪﻳﻦ اﻻﺧﺘﻼف اﻟﺬي ﻳﻘﺘﻀﻴﻪ اﺧﺘﻼف اﻟﺒﻘﺎﻋﻲ اﻻﺟﺘﻬﺎد ،أو اﺧﺘﻠﻔﻮا ﰲ اﻵراء واﻟﺴﻴﺎﺳﺎت ﻻﺧﺘﻼف اﻟﻌﻮاﺋﺪ؛ ﻓﻠﻴﺤﺬروا أن ﻳﺠﺮﻫﻢ ذﻟﻚ اﻻﺧﺘﻼف إﻟﻰ أن ﻳﻜﻮﻧﻮا ﺷﻴﻌﺎً ﻣﺘﻌﺎدﻳﻦ ﻣﺘﻔﺮﻗﲔ وﳌﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﳌﺼﺎﺋﺐ ﻣﺴﺒﺒﺔ ﻋﻦ اﻟﺬﻧﻮب ،ﻗﺎل ﻣﻨﺒﻬﺎً ﻟﻬﻢ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ،ﻣﻨﻜﺮاً ﻗﻨﻮﻃﻬﻢ وﻫﻢ ﻻ ﻳﺮﺟﻌﻮن ﻋﻦ اﳌﻌﺎﺻﻲ اﻟﺘﻲ ﻋﻮﻗﺒﻮا ﺑﺴﺒﺒﻬﺎ: اﺑﻦ ﺟﺰي ﻓﻈﻬﻮر اﻟﻔﺴﺎد ﰲ اﻟﺒﺮ ﺑﺎﻟﻘﺤﻂ واﻟﻔﱳ ،وﺷﺒﻪ ذﻟﻚ، وﻇﻬﻮر اﻟﻔﺴﺎد ﰲ اﻟﺒﺤﺮ ﺑﺎﻟﻐﺮق ،وﻗﻠﺔ اﻟﺼﻴﺪ ،وﻛﺴﺎد اﻟﺘﺠﺎرات ،وﺷﺒﻪ ذﻟﻚ ،وﻛﻞ ذﻟﻚ ﺑﺴﺒﺐ ﻣﺎ ﻳﻔﻌﻠﻪ اﻟﻨﺎس ﻣﻦ اﻟﻜﻔﺮ واﻟﻌﺼﻴﺎن اﺑﻦ اﻟﻘﻴﻢ اﳊﻴﻮان اﻟﺒﻬﻴﻢ ﻳﺘﺄﻣﻞ اﻟﻌﻮاﻗﺐ ،وأﻧﺖ ﻻ ﺗﺮى إﻻ اﳊﺎﺿﺮ! اﻟﻄﻨﻄﺎوي ﻣﺎ ﺗﻜﺎد ﺗﻬﺘﻢ ﲟﺆوﻧﺔ اﻟﺸﺘﺎء ﺣﺘﻰ ﻳﻘﻮى اﻟﺒﺮد ،وﻻ ﲟﺆوﻧﺔ اﻟﺼﻴﻒ ﺣﺘﻰ ﻳﻘﻮى اﳊﺮ ،واﻟﺬر ﻳﺪﺧﺮ اﻟﺰاد ﻣﻦ اﻟﺼﻴﻒ ﻷﻳﺎم اﻟﺸﺘﺎء ،أﻓﺘﺮاك ﻣﺎ ﻋﻠﻤﺖ ﻗﺮب رﺣﻴﻠﻚ إﻟﻰ اﻟﻘﺒﺮ؛ ﻓﻬﻼ ﻫﻴﺄت ﻟﻨﻔﺴﻚ ﻓﺮا ًﺷﺎ ﲤﻬﺪ ﺑﻪ اﻟﻄﺮﻳﻖ؟ إن ﺻﻼح اﻟﺪﻳﻦ اﻧﺘﺼﺮ؛ ﻷﻧﻪ دﻋﺎ ﺑﺪﻋﻮة اﻹﺳﻼم ،ﻟﻢ ﻳﺪ ُع ﺑﺪﻋﻮة اﳉﺎﻫﻠﻴﺔ ،وﻻ ﻧﺎدى ﺑﺸﻌﺎﺋﺮ اﻟﻜﻔﺎر ،وﻟﻢ ﻳﺮﻓﻊ راﻳﺔ ﻣﺬﻫﺐ ﺑﺎﻃﻞ اﺑﺘﺪﻋﻪ أﻫﻞ اﻟﻀﻼل ﻣﻦ اﻟﺒﺸﺮ ،ﺑﻞ رﻓﻊ راﻳﺔ اﻟﻘﺮآن اﻟﺬي أﻧﺰﻟﻪ رب اﻟﻌﺎﳌﲔ وﺧﺎﻟﻖ اﻟﺒﺸﺮ اﻟﺴﻌﺪي ﻓﺈذا ﻛﺎﻧﺖ ﺣﻴﺎة اﻷرض ﺑﻌﺪ ﻣﻮﺗﻬﺎ ﻣﻦ أﻋﻈﻢ اﻷدﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﻌﺔ رﺣﻤﺘﻪ؛ ﻓﺎﻟﺪﻟﻴﻞ ﰲ اﻟﻘﻠﺐ اﳋﻠﻲ ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻢ واﳋﻴﺮ ﺣﲔ ﻳﻨﺰل اﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻏﻴﺚ اﻟﻮﺣﻲ ﻓﻴﻬﺘﺰ وﻳﻨﺒﺖ اﻟﻌﻠﻮم اﳌﺨﺘﻠﻔﺔ اﻟﻨﺎﻓﻌﺔ، واﻷﻋﻤﺎل اﻟﻈﺎﻫﺮة واﻟﺒﺎﻃﻨﺔ أﻋﻈﻢ ﻣﻦ اﻷرض ﺑﻜﺜﻴﺮ! ودﻻﻟﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺳﻌﺔ رﺣﻤﺔ اﷲ وواﺳﻊ ﺟﻮده وﺗﻨﻮع ﻫﺒﺎﺗﻪ أﻛﺜﺮ وأﻋﻈﻢ ١٧٧
اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر وذﻛﺮ وﺻﻒ اﻟﻌﻠﻢ واﻟﻘﺪرة؛ ﻷن اﻟﺘﻄﻮر ﻫﻮ ﻣﻘﺘﻀﻰ اﳊﻜﻤﺔ؛ وﻫﻲ ﻣﻦ ﺷﺆون اﻟﻌﻠﻢ اﺑﻦ ﻛﺜﻴﺮ ﻳﺨﺒﺮ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻦ ﺟﻬﻞ اﻟﻜﻔﺎر ﰲ اﻟﺪﻧﻴﺎ واﻵﺧﺮة ،ﻓﻔﻲ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻓﻌﻠﻮا ﻣﺎ ﻓﻌﻠﻮا ﻣﻦ ﻋﺒﺎدة اﻷوﺛﺎن ،وﰲ اﻵﺧﺮة ﻳﻜﻮن ﻣﻨﻬﻢ ﺟﻬﻞ ﻋﻈﻴﻢ أﻳﻀﺎً ،ﻓﻤﻨﻪ :إﻗﺴﺎﻣﻬﻢ ﺑﺎﷲ أﻧﻬﻢ ﻣﺎ ﻟﺒﺜﻮا ﻏﻴﺮ ﺳﺎﻋﺔ واﺣﺪة ﰲ اﻟﺪﻧﻴﺎ ،وﻣﻘﺼﻮدﻫﻢ ﺑﺬﻟﻚ :ﻋﺪم ﻗﻴﺎم اﳊﺠﺔ ﻋﻠﻴﻬﻢ ،وأﻧﻬﻢ ﻟﻢ ﻳﻨﻈﺮوا ﺣﺘﻰ ﻳﻌﺬر إﻟﻴﻬﻢ اﻟﺴﻌﺪي وﻫﺬا ﳑﺎ ﻳﻌﲔ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﺒﺮ؛ ﻓﺈن اﻟﻌﺒﺪ إذا ﻋﻠﻢ أن ﻋﻤﻠﻪ ﻏﻴﺮ ﺿﺎﺋﻊ ،ﺑﻞ ﺳﻴﺠﺪه ﻛﺎﻣ ًﻼ؛ ﻫﺎن ﻋﻠﻴﻪ ﻣﺎ ﻳﻠﻘﺎه ﻣﻦ اﳌﻜﺎره ،وﻳﺴﺮ ﻋﻠﻴﻪ ﻛﻞ ﻋﺴﻴﺮ اﳌﺜﺎﻧــــــــــــــــــــــــﻲ ١٧٨
أﺳﻤﺎء اﻟﺴﻮرة ﺳﻮرة ﻟﻘﻤﺎن ﻻﺷﺘﻤﺎﻟﻬﺎ ﻋﻠﻰ ذﻛﺮ وﺟﻪ ﻟﻘﻤﺎن اﳊﻜﻴﻢ اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /ﺗﻮﻗﻴﻔﻴﺔ ﻣﻘﺼﺪ اﻟﺴﻮرة ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﻣﻜﻴﺔ اﳌﺼﺤﻒ ٣١ إﺑﺮاز اﳊﻜﻤﺔ اﳌﻮاﻓﻘﺔ اﳌﺜﺎﻧــــــــــــــــــــــــﻲ ﻟﻠﺸﺮع ،وﺗﺬﻛﺮ ﻟﻘﻤﺎن ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﺑﲔ ﻳﺪي آﻳﺔ اﻟﻨﺰول ٥٧ اﻟﺴﻮرة ﻣﺜ ًﻼ ﻟﺬﻟﻚ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺴﻮرة اﳌﻮﺿﻮع اﻵﻳﺎت اﳌﻮﺿﻮع اﻵﻳﺎت ﺻﻨﻒ اﻟﻠﻬﺎة اﳌﺴﺘﻜﺒﺮﻳﻦ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﺻﻔﺎت اﶈﺴﻨﲔ وﺟﺰاﺋﻬﻢ ﺑﻴﺎن ﻧﻌﻤﺔ اﳊﻜﻤﺔ واﻟﺪﻋﻮة إﻟﻰ ﺷﻜﺮ اﻟﻨﻌﻤﺔ آﻳﺔ اﳊﻜﻤﺔ واﻟﻘﺪرة اﻹﻧﺴﺎن ﺑﲔ اﻟﻜﻔﺮ واﻹﳝﺎن إﺳﺒﺎغ اﻟﻨﻌﻢ ﻧﻌﻤﺔ اﻟﺘﺴﺨﻴﺮ ﻛﻠﻤﺎت اﷲ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻨﻔﺪ اﳌﻐﻴﺒﺎت وﻏﺮور اﳊﻴﺎة ١٧٩
أﻏﺮاض اﻟﺴﻮرة ﺑُﺪﺋﺖ اﻟﺴﻮرة ﺑﺬﻛﺮ اﻟﻜﺘﺎب اﳊﻜﻴﻢ ،وأﻗﺎﻣﺖ اﳊﺠﺞ واﻟﺒﺮاﻫﲔ ﻋﻠﻰ وﺣﺪاﻧﻴﺔ رب اﻟﻌﺎﳌﲔ ،وذﻛﺮت دﻻﺋﻞ اﻟﻘﺪرة اﻟﺒﺎﻫﺮة ،واﻹﺑﺪاع اﻟﻌﺠﻴﺐ ،ﰲ ﻫﺬا اﻟﻜﻮن اﻟﻔﺴﻴﺢ ،ﰲ ﺳﻤﺎﺋﻪ وأرﺿﻪ ،وﺷﻤﺴﻪ وﻗﻤﺮه ،وﻧﻬﺎره وﻟﻴﻠﻪ، وﰲ ﺟﺒﺎﻟﻪ وﺑﺤﺎره ،وأﻣﻮاﺟﻪ وأﻣﻄﺎره ،وﻧﺒﺎﺗﻪ وأﺷﺠﺎره ،وﰲ ﺳﺎﺋﺮ ﻣﺎ ﻳﺸﺎﻫﺪه اﳌﺮء ﻣﻦ دﻻﺋﻞ ﻗﺪرة اﷲ ووﺣﺪاﻧﻴﺘﻪ ،ﳑﺎ ﻳﺄﺧﺬ اﻟﻘﻠﺐ ،وﻳﺒﻬﺮ اﻟﻌﻘﻞ ،وﻧ ﱠﻮﻫﺖ ﺑﺬﻛﺮ ﻟﻘﻤﺎن اﳊﻜﻴﻢ اﻟﺘﻲ ﺗﻀﻤﻨﺖ ﻗﺼﺘﻪ ﻓﻀﻴﻠﺔ اﳊﻜﻤﺔ ،وذم اﻟﺸﺮك ،واﻷﻣﺮ ﲟﻜﺎرم اﻷﺧﻼق ،واﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ اﻟﻘﺒﺎﺋﺢ واﳌﻨﻜﺮات ،وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﻮﺻﺎﻳﺎ اﻟﺜﻤﻴﻨﺔ، وﺧﺘﻤﺖ ﺑﺎﻟﺘﺤﺬﻳﺮ ﻣﻦ دﻋﻮة اﻟﺸﻴﻄﺎن ،واﻟﺘﻨﺒﻴﻪ إﻟﻰ ﺑﻄﻼن ادﻋﺎء اﻟﻜﻬﺎن ﻋﻠﻢ اﻟﻐﻴﺐ ﻣﻨﺎﺳﺒﺎت اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ أول اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ اﻟﺴﻮرة اﳌﺜﺎﻧــــــــــــــــــــــــﻲ ﺑﺂﺧﺮﻫﺎ ﳌﺎ ﻗﺒﻠﻬﺎ ﻓﺘﺘﺤﺖ ﺳﻮرة ﻟﻘﻤﺎن وﺧﺘﻤﺖ ﺑﺎﻟﺘﺬﻛﻴﺮ ﺧﺘﻤﺖ ﺳﻮرة اﻟﺮوم ﺑﺎﳊﺪﻳﺚ ﻋﻦ اﳌﻜﺬﺑﲔ، ﺑﺎﻟﻨﻌﻢ ،وﺗﺄﻛﻴﺪ اﻟﺘﺤﺬﻳﺮ ﻣﻦ اﻻﻏﺘﺮار وﺑﺪأت ﺳﻮرة ﻟﻘﻤﺎن ﺑﺎﳊﺪﻳﺚ ﻋﻦ اﳌﺆﻣﻨﲔ؛ ﺑﻠﻬﻮ اﳊﻴﺎة وزﺧﺮﻓﻬﺎ ﻟﻴﻜﺘﻤﻞ اﻟﻜﻼم ﻋﻦ اﻟﻔﺮﻳﻘﲔ ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻐﺮﻳﺐ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﺻﻤﻤﺎً ﺳﺨﺮﻳ ًﺔ ﻣﺎ ﻳُﻠﻬﻲ ﻋﻦ ﻃﺎﻋﺔ اﷲ؛ ﻛﺎﻟﻐﻨﺎء وﻧﺸﺮ ﻟﺌﻼ ﺗﻀﻄﺮب وﺗﺘﺤﺮك ﺿﻌﻔﺎً ﺟﺒﺎﻻً ﺛﺎﺑﺘ ًﺔ اﻟﻔﻘﻪ ﰲ اﻟﺪﻳﻦ، رﺟﻊ ،وﺗﺎب واﻹﺻﺎﺑﺔ ﰲ اﻟﻘﻮل ﺻﻨﻒ ﺑﻬﻴﺞ ﻧﺎﻓﻊ ﻳﺄت ﺑﻬﺎ ﻳﻮم اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ، ﺣﺴﻦ اﳌﻨﻈﺮ ﻃﺮﻳﻖ وﻳﺤﺎﺳﺐ ﻋﻠﻴﻬﺎ وﻓﻄﺎﻣﻪ ﻋﻦ اﻟﺮﺿﺎﻋﺔ ﺣﺒﺔ ﺻﻐﻴﺮة ﻣﺘﻨﺎﻫﻴﺔ وزن ،وﻣﻘﺪار ﰲ اﻟﺼﻐﺮ ١٨٠
ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﺨﺘﺎ ًﻻ ﻣﺘﺒﺨﺘﺮاً ﻻ ُ ِﲤﻞ وﺟﻬﻚ ﻛﺒﺮاً ﻣﻦ اﻷﻣﻮر اﻟﺘﻲ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺗﻮاﺿﻊ ،وﻛﻦ ﺑﲔ وﺗﻌﺎﻇﻤﺎً اﳊﺮص ﻋﻠﻴﻬﺎ اﳌﺴﺮع ،واﳌﺒﻄﺊ ﻣﺘﻜﺒﺮ ﺑﻘﻮﻟﻪ ﻣﺘﻜﺒﺮ ﺑﻔﻌﻠﻪ ذ ﱠﻟﻞ ﻟﻜﻢ أﻗﺒﺢ ،وأﺑﻐﺾ واﺧﻔﺾ ﺗﻌﻠﻖ ،واﻋﺘﺼﻢ ﻳﺨﻠﺺ ﻋﺒﺎدﺗﻪ وﻋﻤﻜﻢ ﺑﻨﻌﻤﻪ ﻓﻈﻴﻊ ﺛﻘﻴﻞ وﻗﺼﺪه إﻟﻰ اﷲ أوﺛﻖ ﺳﺒﺐ ﻣﻮﺻﻞ ﺑﺄﻣﺮ اﷲ ورﺣﻤﺘﻪ ﻣﺂل ،وﻣﺮﺟﻊ إﻟﻰ رﺿﻮان اﷲ ﻣﺘﻮﺳﻂ ﻟﻢ ﻳﻘﻢ ﺑﺸﻜﺮ ﻳﺪﺧﻞ؛ ﺑﺄن ﻳﺄﺧﺬ ﻣﻦ ﺳﺎﻋﺎت اﷲ ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻟﻜﻤﺎل اﻟﺴﻔﻦ اﻟﻠﻴﻞ ﻓﻴ ُﻄﻮل اﻟﻨﻬﺎر ،واﻟﻌﻜﺲ ﻻ ﻳﻐﻨﻲ ﻓﻴﻪ واﻟﺪ ﻛﺎﻟﺴﺤﺎب ،أو ﻋﻼﻫﻢ اﳉﺒﺎل اﳌُﻈﻠﱠﺔ ﻏ ﱠﺪار ﻧﺎﻗﺾ ﻟﻠﻌﻬﺪ ﺟﺤﻮد ﻟﻨﻌﻢ اﷲ ﻣﺎ ﻳﻐ ﱡﺮ وﻳﺨﺪع ﻣﻦ ﻓﻼ ﺗﺨﺪﻋ ﱠﻨﻜﻢ ،وﺗﻠﻬﻴ ﱠﻨﻜﻢ ﺷﻴﻄﺎن وﻏﻴﺮه اﳌﺜﺎﻧــــــــــــــــــــــــﻲ ﻣﻦ وﺣﻲ اﻵي اﻟﺴﻌﺪي ﺧ ﱠﺺ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻞ ﻋﻤﻠﲔ ﻓﺎﺿﻠﲔ :اﻟﺼﻼة اﳌﺸﺘﻤﻠﺔ ﻋﻠﻰ اﻹﺧﻼص ،وﻣﻨﺎﺟﺎة اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ،واﻟﺘﻌﺒﺪ اﻟﻌﺎم ﻟﻠﻘﻠﺐ، واﻟﻠﺴﺎن ،واﳉﻮارح ،اﳌﻌﻴﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﺎﺋﺮ اﻷﻋﻤﺎل ،واﻟﺰﻛﺎة اﻟﺘﻲ ﺗﺰﻛﻲ ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺼﻔﺎت اﻟﺮذﻳﻠﺔ ،وﺗﻨﻔﻊ أﺧﺎه اﳌﺴﻠﻢ ،وﺗﺴﺪ ﺣﺎﺟﺘﻪ ،وﻳﺒﲔ ﺑﻬﺎ أن اﻟﻌﺒﺪ ﻳﺆﺛﺮ ﻣﺤﺒﺔ اﷲ ﻋﻠﻰ ﻣﺤﺒﺘﻪ ﻟﻠﻤﺎل؛ ﻓﻴﺨﺮج ﻣﺤﺒﻮﺑﻪ ﻣﻦ اﳌﺎل ﳌﺎ ﻫﻮ أﺣﺐ إﻟﻴﻪ؛ وﻫﻮ ﻃﻠﺐ ﻣﺮﺿﺎة اﷲ اﻟﺴﻌﺪي ﻳﺪﺧﻞ ﰲ ﻫﺬا ﻛﻞ ﻛﻼم ﻣﺤﺮم ،وﻛﻞ ﻟﻐﻮ ﺑﺎﻃﻞ وﻫﺬﻳﺎن ،ﻣﻦ اﻷﻗﻮال اﳌﺮﻏﺒﺔ ﰲ اﻟﻜﻔﺮ واﻟﻔﺴﻮق واﻟﻌﺼﻴﺎن ،وﻣﻦ ﻏﻨﺎء وﻣﺰاﻣﻴﺮ ﺷﻴﻄﺎن ،وﻣﻦ اﳌﺎﺟﺮﻳﺎت اﳌﻠﻬﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﻧﻔﻊ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ دﻳﻦ ودﻧﻴﺎ! اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر اﺑﺘﺪأ ﻟﻘﻤﺎن ﻣﻮﻋﻈﺔ اﺑﻨﻪ ﺑﻄﻠﺐ إﻗﻼﻋﻪ ﻋﻦ اﻟﺸﺮك ﺑﺎﷲ؛ ﻷن اﻟﻨﻔﺲ اﳌﻌﺮﺿﺔ ﻟﻠﺘﺰﻛﻴﺔ واﻟﻜﻤﺎل ﻳﺠﺐ أن ﻳﻘﺪم ﻟﻬﺎ ﻗﺒﻞ ذﻟﻚ ﺗﺨﻠﻴﺘُﻬﺎ ﻋﻦ ﻣﺒﺎدئ اﻟﻔﺴﺎد واﻟﻀﻼل اﻟﻄﻨﻄﺎوي أﻟﻢ ﻳﺒﻠﻐﻚ ﻣﺎ ﺗﻘﺎﺳﻲ أﻣﻚ وﻣﺎ ﺗﺘﻌﺬب ﺑﺴﺒﺒﻚ؟ ﻟﻮ ﺳﺒﺐ ﻟﻚ إﻧﺴﺎن ُﻋﺸﺮ ﻫﺬا اﻟﻌﺬاب ،ﻷﻋﺮﺿﺖ ﻋﻨﻪ وﻫﺠﺮﺗﻪ- ،ﻫﺬا إن ﻟﻢ ﺗﻨﺘﻘﻢ ﻣﻨﻪ !-وﻟﻜﻦ اﻷم ﺗﻨﺴﻰ أﳌﻬﺎ ﺑﻌﺪ ﳊﻈﺎت ﻣﻦ ﺧﺮوج اﻟﻮﻟﺪ ،ﺛﻢ ﺗﻀﻤﻪ إﻟﻰ ﺻﺪرﻫﺎ؛ ﻓﺘﺤﺲ ﻛﺄن روﺣﻬﺎ اﻟﺘﻲ ﻛﺎدت ﺗﻔﺎرﻗﻬﺎ ﻗﺪ رﺟﻌﺖ إﻟﻴﻬﺎ ١٨١
اﻟﻘﺮﻃﺒﻲ ﻗﻴﻞ :اﻟﺸﻜﺮ ﷲ ﻋﻠﻰ ﻧﻌﻤﺔ اﻹﳝﺎن ،وﻟﻠﻮاﻟﺪﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﻧﻌﻤﺔ اﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ،وﻗﺎل ﺳﻔﻴﺎن ﺑﻦ ﻋﻴﻴﻨﺔ) :ﻣﻦ ﺻﻠﻰ اﻟﺼﻠﻮات اﳋﻤﺲ ﻓﻘﺪ ﺷﻜﺮ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ،وﻣﻦ دﻋﺎ ﻟﻮاﻟﺪﻳﻪ ﰲ أدﺑﺎر اﻟﺼﻠﻮات ﻓﻘﺪ ﺷﻜﺮﻫﻤﺎ( اﺑﻦ ﻛﺜﻴﺮ َﻋ ِﻠ َﻢ أن اﻵﻣﺮ ﺑﺎﳌﻌﺮوف واﻟﻨﺎﻫﻲ ﻋﻦ اﳌﻨﻜﺮ ﻻ ﺑﺪ أن ﻳﻨﺎﻟﻪ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس أذى ،ﻓﺄﻣﺮه ﺑﺎﻟﺼﺒﺮ اﻟﻘﺮﻃﺒﻲ ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس :اﻟﻨﻌﻤﺔ اﻟﻈﺎﻫﺮة :اﻹﺳﻼم واﻟﻘﺮآن ،واﻟﺒﺎﻃﻨﺔ :ﻣﺎ ﺳﺘﺮ ﻋﻠﻴﻚ ﻣﻦ اﻟﺬﻧﻮب ،وﻟﻢ ﻳﻌﺠﻞ ﻋﻠﻴﻚ ﺑﺎﻟﻨﻘﻤﺔ ،وﻗﺎل اﻟﻀﺤﺎك :اﻟﻈﺎﻫﺮة :ﺣﺴﻦ اﻟﺼﻮرة، وﺗﺴﻮﻳﺔ اﻷﻋﻀﺎء ،واﻟﺒﺎﻃﻨﺔ :اﳌﻌﺮﻓﺔ اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر ﻣﺮاﺗ َﺐ اﻛﺘﺴﺎب وﺷﻤﻞ ﻗﻮﻟﻪ: اﺑﻦ ﺟﺰي اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر اﻟﻌﻠﻢ ،وﻫﻲ :إﻣﺎ اﻻﺟﺘﻬﺎد واﻻﻛﺘﺴﺎب ،أو اﻟﺘﻠﻘﻲ ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ، أو ﻣﻄﺎﻟﻌﺔ اﻟﻜﺘﺐ اﻟﺼﺎﺋﺒﺔ اﻵﻳﺔ إﺧﺒﺎر ﺑﻜﺜﺮة ﻛﻠﻤﺎت اﷲ ،واﳌﺮاد :اﺗﺴﺎع ﻋﻠﻤﻪ ،وﻣﻌﻨﻰ اﳌﺜﺎﻧــــــــــــــــــــــــﻲ اﻵﻳﺔ :أن ﺷﺠﺮ اﻷرض ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ أﻗﻼﻣﺎً ،واﻟﺒﺤﺮ ﻟﻮ ﻛﺎن ﻣﺪاداً ﻳﺼﺐ ﻓﻴﻪ ﺳﺒﻌﺔ أﺑﺤﺮ َﺻ ﱠﺒﺎً داﺋﻤﺎً ،وﻛﺘﺒﺖ ﺑﺬﻟﻚ ﻛﻠﻤﺎت اﷲ؛ ﻟﻨﻔﺪت اﻷﺷﺠﺎر واﻟﺒﺤﺎر ،وﻟﻢ ﺗﻨﻔﺪ ﻛﻠﻤﺎت اﷲ؛ ﻷن اﻷﺷﺠﺎر واﻟﺒﺤﺎر ﻣﺘﻨﺎﻫﻴﺔ ،وﻛﻠﻤﺎت اﷲ ﻏﻴﺮ ﻣﺘﻨﺎﻫﻴﺔ ووﺟﻪ إﻳﺜﺎر ﺧﻠﻘﻲ اﻟﺼﺒﺮ واﻟﺸﻜﺮ ﻫﻨﺎ ﻟﻠﻜﻨﺎﻳﺔ ﺑﻬﻤﺎ ،ﻣﻦ ﺑﲔ ﺷﻌﺐ اﻹﳝﺎن ،أﻧﻬﻤﺎ أﻧﺴﺐ ﲟﻘﺎم اﻟﺴﻴﺮ ﰲ اﻟﺒﺤﺮ؛ إذ راﻛﺐ اﻟﺒﺤﺮ ﺑﲔ ﺧﻄﺮ وﺳﻼﻣﺔ، وﻫﻤﺎ ﻣﻈﻬﺮ اﻟﺼﺒﺮ واﻟﺸﻜﺮ اﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ذﻛﺮ اﻟﻨﻌﻢ ﻳﺪﻋﻮ إﻟﻰ اﻟﺸﻜﺮ ،وذﻛﺮ اﻟﻨﻘﻢ ﻳﻘﺘﻀﻲ اﻟﺼﺒﺮ ﻋﻠﻰ ﻓﻌﻞ اﳌﺄﻣﻮر وإن ﻛﺮﻫﺘﻪ اﻟﻨﻔﺲ ،وﻋﻦ اﶈﻈﻮر وإن أﺣﺒﺘﻪ اﻟﻨﻔﺲ؛ ﻟﺌﻼ ﻳﺼﻴﺒﻪ ﻣﺎ أﺻﺎب ﻏﻴﺮه ﻣﻦ اﻟﻨﻘﻤﺔ اﻟﺴﻌﺪي ﻳﺄﻣﺮ ﺗﻌﺎﻟﻰ اﻟﻨﺎس ﺑﺘﻘﻮاه؛ اﻟﺘﻲ ﻫﻲ اﻣﺘﺜﺎل أواﻣﺮه وﺗﺮك اﺑﻦ اﻟﻘﻴﻢ زواﺟﺮه ،وﻳﺴﺘﻠﻔﺘﻬﻢ ﳋﺸﻴﺔ ﻳﻮم اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ؛ اﻟﻴﻮم اﻟﺸﺪﻳﺪ، اﻟﺬي ﻓﻴﻪ ﻛﻞ أﺣﺪ ﻻ ﻳﻬﻤﻪ إﻻ ﻧﻔﺴﻪ ﻓـــــ ،ﻻ ﻳﺰﻳﺪ ﰲ ﺣﺴﻨﺎﺗﻪ وﻻ ﻳﻨﻘﺺ ﻣﻦ ﺳﻴﺌﺎﺗﻪ ،ﻗﺪ ﰎ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻋﺒﺪ ﻋﻤﻠﻪ ،وﲢﻘﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﺟﺰاؤه .ﻓﻠﻔﺖ اﻟﻨﻈﺮ ﰲ ﻫﺬا ﻟﻬﺬا اﻟﻴﻮم اﻟـ ُﻤﻬﻴﻞ ﳑﺎ ﻳﻘﻮي اﻟﻌﺒﺪ وﻳﺴ ﱢﻬﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﺗﻘﻮى اﷲ رﲟﺎ اﺗﻜﻞ ﺑﻌﺾ اﳌﻐﺘﺮﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﺮى ﻣﻦ ﻧﻌﻢ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﰲ اﻟﺪﻧﻴﺎ وأﻧﻪ ﻻ ﻳﻐﻴﺮ ﻣﺎ ﺑﻪ ،وﻳﻈﻦ أن ذﻟﻚ ﻣﻦ ﻣﺤﺒﺔ اﷲ ﻟﻪ، وأﻧﻪ ﻳﻌﻄﻴﻪ ﰲ اﻵﺧﺮة أﻓﻀﻞ ﻣﻦ ذﻟﻚ ،ﻓﻬﺬا ﻣﻦ اﻟﻐﺮور اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر وﻟُ ﱢﻘﺒﺖ ﻫﺬه اﳋﻤﺴﺔ ﰲ ﻛﻼم اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﲟﻔﺎﰌ اﻟﻐﻴﺐ ، وﻓﺴﺮ ﺑﻬﺎ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: ﻓﻔﻲ ﺻﺤﻴﺢ اﻟﺒﺨﺎري ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺚ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ﷺ: ) َﻣﻔﺎﰌ اﻟﻐﻴﺐ ﺧﻤﺲ( ﺛﻢ ﻗﺮأ: ١٨٢
أﺳﻤﺎء اﻟﺴﻮرة ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﻣﻜﻴﺔ ﺳﻮرة اﻟﺴﺠﺪة ﳌﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ أوﺻﺎف اﳌﺆﻣﻨﲔ وﺟﻪ اﳌﺼﺤﻒ ٣٢ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺴﺠﺪون ﷲ وﻳﺴﺒﺤﻮن اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /ﺗﻮﻗﻴﻔﻴﺔ ﻋﻨﺪ ﺳﻤﺎع آﻳﺎﺗﻪ ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﺑﲔ ﻳﺪي آﻳﺔ ﺳﻮرة آﻟﻢ ﺗﻨﺰﻳﻞ اﻟﻨﺰول ٧٥ اﻟﺴﻮرة ﺳﻮرة آﻟﻢ ﺗﻨﺰﻳﻞ اﻟﺴﺠﺪة وﺟﻪ ﻻﻓﺘﺘﺎح اﻟﺴﻮرة ﺑﻬﺎ اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /ﺗﻮﻗﻴﻔﻴﺔ ﺳﻮرة اﳌﻀﺎﺟﻊ ﻟﻮﻗﻮع ﻟﻔﻆ اﳌﻀﺎﺟﻊ ﻓﻴﻬﺎ وﺟﻪ اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻣﻘﺼﺪ اﻟﺴﻮرة ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /اﺟﺘﻬﺎدﻳﺔ اﳌﺜﺎﻧــــــــــــــــــــــــﻲ ﺑﻴﺎن دﻻﺋﻞ اﳊﻖ وﻣﺸﺎﻫﺪه وﺟﻪ ﺳﻮرة ﺳﺠﺪة ﻟﻘﻤﺎن اﻟﺘﻲ ﻧﺰل ﺑﻬﺎ اﻟﻘﺮآن ،وﻣﻨﻬﺎ اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻟﻮﻗﻮﻋﻬﺎ ﺑﻌﺪ ﺳﻮرة ﻟﻘﻤﺎن ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /اﺟﺘﻬﺎدﻳﺔ ﺣﻘﻴﻘﺔ اﳋﻠﻖ وأﺣﻮال اﻹﻧﺴﺎن وﺟﻪ اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﺳﻮرة اﳌﻨﺠﻴﺔ ﻷﻧﻬﺎ ﺗﺸﻔﻊ ﻟﺼﺎﺣﺒﻬﺎ ﻋﻨﺪ رﺑﻪ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /اﺟﺘﻬﺎدﻳﺔ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺴﻮرة اﳌﻮﺿﻮع اﻵﻳﺎت اﳌﻮﺿﻮع اﻵﻳﺎت ﺑﻌﺾ اﻷدﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻗﺪرة ووﺣﺪاﻧﻴﺔ اﷲ اﻟﻘﺮآن ﺣﻖ ﻣﻨﺰل ذل اﳌﺠﺮﻣﲔ ﻳﻮم اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ إﺛﺒﺎت اﻟﺒﻌﺚ اﳉﺰاء اﻟﻌﺎدل واﺧﺘﻼف اﳉﺰاء ﺑﺎﺧﺘﻼف اﻟﻌﻤﻞ ﻋﻼﻣﺎت اﻹﳝﺎن آﻳﺎت وﻋﻈﺎت اﻹﻣﺎﻣﺔ ﰲ اﻟﺪﻳﻦ ١٨٣
أﻏﺮاض اﻟﺴﻮرة ﺗﺪور ﺳﻮرة اﻟﺴﺠﺪة ﺣﻮل اﻟﺒﻌﺚ ﺑﻌﺪ اﳌﻮت اﻟﺬي ﻃﺎﳌﺎ ﺟﺎدل ﺣﻮﻟﻪ اﳌﺸﺮﻛﻮن ،واﺗﺨﺬوه ذرﻳﻌ ًﺔ ﻟﺘﻜﺬﻳﺐ اﻟﺮﺳﻮل اﻟﻜﺮﱘ ﷺ ،واﺑﺘﺪأت ﺑﺎﳊﺪﻳﺚ ﻋﻦ اﻟﻘﺮآن ،وﻣﻊ وﺿﻮح إﻋﺠﺎزه ،وﺳﻄﻮع آﻳﺎﺗﻪ ،وﺳﻤﻮ أﺣﻜﺎﻣﻪ ، اﺗﻬﻢ اﳌﺸﺮﻛﻮن اﻟﺮﺳﻮل ﷺ ﺑﺄﻧﻪ اﻓﺘﺮى ﻫﺬا اﻟﻘﺮآن ،واﺧﺘﻠﻘﻪ ﻣﻦ ﺗﻠﻘﺎء ﻧﻔﺴﻪ ،وﲢﺪﺛﺖ ﻋﻦ آﺛﺎر ﻗﺪرة اﷲ ﰲ اﻟﻜﺎﺋﻨﺎت اﻟﻌﻠﻮﻳﺔ واﻟﺴﻔﻠﻴﺔ ،وﺗﻀﻤﻨﺖ ﺷﺒﻬﺔ اﳌﺸﺮﻛﲔ ﰲ إﻧﻜﺎر اﻟﺒﻌﺚ ،وردت ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺑﺎﳊﺠﺞ اﻟﻘﺎﻃﻌﺔ، وﻋﺮﺿﺖ ﻣﺸﻬﺪاً ﻣﻦ ﻣﺸﺎﻫﺪ ﻳﻮم اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﺣﲔ ﻳﻘﻒ ﻓﻴﻪ اﳌﺠﺮﻣﻮن أذﻻء ﻳﻌﻠﻨﻮن ﻳﻘﻴﻨﻬﻢ ﺑﺎﻵﺧﺮة ،وﺧﺘﻤﺖ ﺑﺎﳊﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﻳﻮم اﳊﺴﺎب ،وﻣﺎ أﻋﺪ اﷲ ﻓﻴﻪ ﻟﻠﻤﺆﻣﻨﲔ اﳌﺘﻘﲔ ﻣﻦ اﻟﻨﻌﻴﻢ اﳌﻘﻴﻢ ،وﻣﺎ أﻋﺪه ﻟﻠﻤﺠﺮﻣﲔ ﻣﻦ اﻟﻌﺬاب اﻷﻟﻴﻢ ﻣﻨﺎﺳﺒﺎت اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ أول اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ اﻟﺴﻮرة اﳌﺜﺎﻧــــــــــــــــــــــــﻲ ﺑﺂﺧﺮﻫﺎ ﳌﺎ ﻗﺒﻠﻬﺎ ذﻛﺮ ﰲ أوﻟﻬﺎ ﺷﺄن اﻟﺒﻌﺚ وأﻧﻪ ﺣﻖ وواﻗﻊ، ﳌﺎ ﻗﺎل ﰲ ﺳﻮرة ﻟﻘﻤﺎن: وﻗﺮر ذﻟﻚ ﰲ ﺧﺎﲤﺔ اﻟﺴﻮرة ﻣﻦ ﺧﻼل اﳌﺜﺎل ﺷﺮح ذﻟﻚ ﻫﻨﺎ ﺑﻘﻮﻟﻪ: ﰲ إﺣﻴﺎء اﻷرض ﺑﻌﺪ ﻣﻮﺗﻬﺎ ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻐﺮﻳﺐ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻳﺼﻌﺪ إﻟﻴﻪ ﻋﻼ وارﺗﻔﻊ؛ اﺳﺘﻮا ًء ﻳﻠﻴﻖ اﺧﺘﻠﻘﻪ ﻣﻦ ﻋﻨﺪ ﻧﻔﺴﻪ ﺿﻌﻴﻒ ،رﻗﻴﻖ ﺑﺠﻼﻟﻪ وﻋﻈﻤﺘﻪ ذرﻳﺘﻪ ﺛﺒﺖ وﲢﻘﻖ ووﺟﺐ وﻫﻲ اﻟﻨﻄﻔﺔ؛ ﻷﻧﻬﺎ ﻣﺴﺘﻠﱠﺔ ُﻓ ُﺮ ِش اﻟﻨﻮم ﻣﻦ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺒﺪن ﲢﻮﻟﻨﺎ ﺗﺮاﺑﺎً ﺑﻌﺪ اﳌﻮت اﻟﺘﻲ ﻳﺄوون إﻟﻴﻬﺎ، ﻗﺪ ﺧﻔﻀﻮﻫﺎ، اﳉﻦ وﻳﻘﻴﻤﻮن ﺑﻬﺎ وأﻃﺮﻗﻮا ﺧﺰﻳﺎً وﻧﺪﻣﺎً ﻣﺎ ا ﱡدﺧﺮ ﻟﻬﻢ ﺗﺮﺗﻔﻊ ،وﺗﺘﻨ ﱠﺤﻰ ﻟﻠﻌﺒﺎدة ﻣﻦ اﳉﺰاء ﻣﺎ ﻳُﻔ ِﺮح ،وﻳ ُﺴ ﱡﺮ ١٨٤
ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﺷﻚ اﻟﺒﻼﻳﺎ واﳌﺼﺎﺋﺐ ﺿﻴﺎﻓ ًﺔ ﻟﻬﻢ ﰲ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻣﺎ أﻛﺜﺮ إﻫﻼﻛﻨﺎ! ﻟﻘﺎء ﻣﻮﺳﻰ ﻳﻮم اﻟﻌﺬاب أوﻟﻢ ﻳﺘﺒﲔ ﻟﻬﺆﻻء ﻟﻴﻠﺔ اﻹﺳﺮاء اﻟﺬي ﺗﻌﺪوﻧﻨﺎ اﳌﻜﺬﺑﲔ؟ ﻣﻦ اﻷﱈ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ اﻟﻴﺎﺑﺴﺔ ،اﻟﻐﻠﻴﻈﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﻧﺒﺎت ﻓﻴﻬﺎ ُﳝﻬﻠﻮن ﻣﻦ وﺣﻲ اﻵي اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر اﻓﺘﺘﺤﺖ اﻟﺴﻮرة ﺑﺎﻟﺘﻨﻮﻳﻪ ﺑﺸﺄن اﻟﻘﺮآن؛ ﻷﻧﻪ ﺟﺎﻣﻊ اﻟﻬﺪى اﻷﻟﻮﺳﻲ اﻟﺬي ﺗﻀﻤﻨﺘﻪ ﻫﺬه اﻟﺴﻮرة وﻏﻴﺮﻫﺎ ،وﻷن ﺟﻤﺎع ﺿﻼل اﻟﻀﺎﻟﲔ ﻫﻮ اﻟﺘﻜﺬﻳﺐ ﺑﻬﺬا اﻟﻜﺘﺎب ،ﻓﺎﷲ ﺟﻌﻞ اﻟﻘﺮآن اﳌﺜﺎﻧــــــــــــــــــــــــﻲ ﻫﺪى ﻟﻠﻨﺎس ،وﺧ ﱠﺺ اﻟﻌﺮب أن َﺷﺮﻓﻬﻢ ﺑﺠﻌﻠﻬﻢ أول ﻣﻦ ﻳﺘﻠﻘﻰ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب أي :أﻻ ﺗﺴﻤﻌﻮن ﻫﺬه اﳌﻮاﻋﻆ؛ ﻓﻼ ﺗﺘﺬﻛﺮون ﺑﻬﺎ ،أو أﺗﺴﻤﻌﻮﻧﻬﺎ؛ ﻓﻼ ﺗﺘﺬﻛﺮون ﺑﻬﺎ ،ﻓﺎﻹﻧﻜﺎر ﻋﻠﻰ اﻷول ﻣﺘﻮﺟﻪ إﻟﻰ ﻋﺪم اﻟﺴﻤﺎع ،وﻋﺪم اﻟﺘﺬﻛﺮ ﻣﻌﺎً ،وﻋﻠﻰ اﻟﺜﺎﻧﻲ إﻟﻰ ﻋﺪم اﻟﺘﺬﻛﺮ ﻣﻊ ﲢﻘﻖ ﻣﺎ ﻳﻮﺟﺒﻪ ﻣﻦ اﻟﺴﻤﺎع اﻷﻟﻮﺳﻲ ﻓﻴﻪ إﺷﺎرة إﻟﻰ أن ﺗﺪﺑﻴﺮ اﻟﻌﺒﺎد ﻋﻨﺪ ﺗﺪﺑﻴﺮه ﻻ أﺛﺮ ﻟﻪ، ﻓﻄﻮﺑﻰ ﳌﻦ رزق اﻟﺮﺿﺎ ﺑﺘﺪﺑﻴﺮ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ واﺳﺘﻐﻨﻰ ﻋﻦ ﺗﺪﺑﻴﺮه اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر وﻣﻨﺎﺳﺒﺔ وﺻﻔﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑــــ ﻋﻘﺐ ﻣﺎ ﺗﻘﺪم :أﻧﻪ ﺧﻠﻖ اﳋﻠﻖ ﲟﺤﺾ ﻗﺪرﺗﻪ ﺑﺪون ﻣﻌﲔ، ﻓﺎﻟﻌﺰة -وﻫﻲ اﻻﺳﺘﻐﻨﺎء ﻋﻦ اﻟﻐﻴﺮ -ﻇﺎﻫﺮة ،وأﻧﻪ ﺧﻠﻘﻬﻢ ﻋﻠﻰ أﺣﻮال ﻓﻴﻬﺎ ﻟﻄﻒ ﺑﻬﻢ؛ ﻓﻬﻮ رﺣﻴﻢ ﺑﻬﻢ ﻓﻴﻤﺎ ﺧﻠﻘﻬﻢ؛ إذ ﺟﻌﻞ أﻣﻮر ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ ﻣﻼﺋﻤﺔ ﻟﻬﻢ ،ﻓﻴﻬﺎ ﻧﻌﻴﻢ ﻟﻬﻢ ،وﺟﻨﺒﻬﻢ اﻵﻻم ﻓﻴﻬﺎ اﺑﻦ اﳉﻮزي وﺟﻮاب )ﻟﻮ( ﻣﺘﺮوك ،ﺗﻘﺪﻳﺮه :ﻟﻮ رأﻳﺖ ﺣﺎﻟﻬﻢ؛ ﻟﺮأﻳﺖ ﻣﺎ ﻳُﻌﺘﺒﺮ ﺑﻪ ،وﻟﺸﺎﻫﺪت اﻟﻌﺠﺐ اﺑﻦ اﻟﻘﻴﻢ اﳌﺆﻣﻦ ﻳﻜﻮن ﺟﺴﺪه ﰲ ﻣﻀﺠﻌﻪ ،وﻗﻠﺒﻪ ﻗﺪ ﻗﻄﻊ اﳌﺮاﺣﻞ ﻣﺴﺎﻓﺮاً إﻟﻰ ﺣﺒﻴﺒﻪ ،ﻓﺈذا أﺧﺬ ﻣﻀﺠﻌﻪ ،اﺟﺘﻤﻊ ﻋﻠﻴﻪ ﺣﺒﻪ وﺷﻮﻗﻪ ،ﻓﻴﻬﺰه اﳌﻀﺠﻊ إﻟﻰ ﻣﺴﻜﻨﻪ ،ﻛﻤﺎ ﻗﺎل اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﰲ ﺣﻖ اﶈﺒﲔ: ١٨٥
اﺑﻦ ﻛﺜﻴﺮ ﻓﻼ ﻳﻌﻠﻢ أﺣ ٌﺪ ﻋﻈﻤﺔ ﻣﺎ أﺧﻔﻰ اﷲ ﻟﻬﻢ ﰲ اﳉﻨﺎت ﻣﻦ اﻟﻨﻌﻴﻢ اﳌﻘﻴﻢ ،واﻟﻠﺬات اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﻳﻄﻠﻊ ﻋﻠﻰ ﻣﺜﻠﻬﺎ أﺣﺪ؛ ﳌﺎ أﺧﻔﻮا أﻋﻤﺎﻟﻬﻢ ،ﻛﺬﻟﻚ أﺧﻔﻰ اﷲ ﻟﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﺜﻮاب ،ﺟﺰا ًء وﻓﺎﻗﺎً؛ ﻓﺈن اﳉﺰاء ﻣﻦ ﺟﻨﺲ اﻟﻌﻤﻞ .ﻗﺎل اﳊﺴﻦ اﻟﺒﺼﺮي: )أﺧﻔﻰ ﻗﻮم ﻋﻤﻠﻬﻢ ﻓﺄﺧﻔﻰ اﷲ ﻟﻬﻢ ﻣﺎ ﻟﻢ ﺗﺮ ﻋﲔ ،وﻟﻢ ﻳﺨﻄﺮ ﻋﻠﻰ ﻗﻠﺐ ﺑﺸﺮ( اﻟﺴﻌﺪي ﻓﻜﻠﻤﺎ ﺣﺪﺛﺘﻬﻢ إرادﺗﻬﻢ ﺑﺎﳋﺮوج ﻟﺒﻠﻮغ اﻟﻌﺬاب ﻣﻨﻬﻢ ﻛﻞ ﻣﺒﻠﻎ ،ردوا إﻟﻴﻬﺎ ،ﻓﺬﻫﺐ ﻋﻨﻬﻢ روح ذﻟﻚ اﻟﻔﺮج، واﺷﺘﺪ ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻟﻜﺮب اﺑﻦ اﻟﻘﻴﻢ اﻟﻄﺮﻳﻖ إﻟﻰ اﷲ ﺧﺎل ﻣﻦ أﻫﻞ اﻟﺸﻚ ،وﻣﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﺒﻌﻮن اﻟﺸﻬﻮات ،وﻫﻮ ﻣﻌﻤﻮر ﺑﺄﻫﻞ اﻟﻴﻘﲔ واﻟﺼﺒﺮ، وﻫﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺮﻳﻖ ﻛﺎﻷﻋﻼم اﻷﻟﻮﺳﻲ ﻓﻴﻪ إﺷﺎرة إﻟﻰ ﻣﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻜﻮن اﳌﺮﺷﺪ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ اﻷوﺻﺎف؛ اﳌﺜﺎﻧــــــــــــــــــــــــﻲ اﺑﻦ ﻛﺜﻴﺮ وﻫﻮ اﻟﺼﺒﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺸﺎق اﻟﻌﺒﺎدات ،وأﻧﻮاع اﻟﺒﻠﻴﺎت ،وﺣﺒﺲ اﻟﻨﻔﺲ ﻋﻦ ﻣﻼذ اﻟﺸﻬﻮات ،واﻹﻳﻘﺎن ﺑﺎﻵﻳﺎت ،ﻓﻤﻦ ﻳﺪﻋﻲ اﻹرﺷﺎد وﻫﻮ ﻏﻴﺮ ﻣﺘﺼﻒ ﲟﺎ ذﻛﺮ ﻓﻬﻮ ﺿﺎل وﻣﻦ زﻋﻢ أن اﳌﺮاد ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻔﺘﺢ ﻓﺘﺢ ﻣﻜﺔ ﻓﻘﺪ أﺑﻌﺪ اﻟﻨﺠﻌﺔ ،وأﺧﻄﺄ ﻓﺄﻓﺤﺶ؛ ﻓﺈن ﻳﻮم اﻟﻔﺘﺢ ﻗﺪ ﻗﺒﻞ رﺳﻮل اﷲ ﷺ إﺳﻼم اﻟﻄﻠﻘﺎء ،وﻗﺪ ﻛﺎﻧﻮا ﻗﺮﻳﺒﺎً ﻣﻦ أﻟﻔﲔ ،وﻟﻮ ﻛﺎن اﳌﺮاد ﻓﺘﺢ ﻣﻜﺔ ﳌﺎ ﻗﺒﻞ إﺳﻼﻣﻬﻢ؛ ﻟﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: وإﳕﺎ اﳌﺮاد اﻟﻔﺘﺢ اﻟﺬي ﻫﻮ اﻟﻘﻀﺎء واﻟﻔﺼﻞ ١٨٦
أﺳﻤﺎء اﻟﺴﻮرة ﺳﻮرة اﻷﺣﺰاب ﻟﻮرود ذﻛﺮ اﻷﺣﺰاب ﻓﻴﻬﺎ وﺟﻪ اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /ﺗﻮﻗﻴﻔﻴﺔ ﻣﻘﺼﺪ اﻟﺴﻮرة ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﻣﺪﻧﻴﺔ اﳌﺼﺤﻒ ٣٣ ﺗﺮﻛﺰ ﻋﻠﻰ ﻋﻨﺎﻳﺔ اﷲ اﳌﺜﺎﻧــــــــــــــــــــــــﻲ ﺑﻨﺒ ﱢﻴﻪ ﷺ وﺣﻤﺎﻳﺔ ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﺑﲔ ﻳﺪي آﻳﺔ ﺟﻨﺎﺑﻪ وأﻫﻞ ﺑﻴﺘﻪ اﻟﻨﺰول ٩٠ اﻟﺴﻮرة ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺴﻮرة اﳌﻮﺿﻮع اﻵﻳﺎت اﳌﻮﺿﻮع اﻵﻳﺎت ﲢﺮﱘ اﻟﻈﻬﺎر واﻟﺘﺒﻨﻲ ﺗﻮﺟﻴﻬﺎت ﻟﻠﻨﺒﻲ ﷺ اﻟﺘﺬﻛﻴﺮ ﺑﻨﻌﻤﺔ اﻟﻨﺼﺮ ﻋﻠﻰ اﻷﺣﺰاب واﺑﺘﻼء اﳌﺆﻣﻨﲔ إﺑﻄﺎل ﻧﻈﺎم اﳌﺆاﺧﺎة اﻟﺮﺳﻮل ﷺ ﻫﻮ اﻷﺳﻮة اﳊﺴﻨﺔ وأﺻﺤﺎﺑﻪ ﳒﻮم ﻳﻬﺘﺪى ﺑﻬﻢ ﻓﻀﺢ اﳌﻨﺎﻓﻘﲔ ﰲ ﻫﺬه اﳌﻌﺮﻛﺔ وﺑﻴﺎن ﺻﻔﺎﺗﻬﻢ ﺗﺨﻴﻴﺮ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﻟﺰوﺟﺎﺗﻪ أن ﻳﻄﻠﻘﻬﻦ أو ﻳﺒﻘﻴﻬﻦ ﻣﻌﻪ ﻧﺘﻴﺠﺔ اﳌﻌﺮﻛﺔ وﻋﺎﻗﺒﺔ ﺧﻴﺎﻧﺔ ﻳﻬﻮد ﺑﻨﻲ ﻗﺮﻳﻈﺔ ﻓﻀﻞ ﻧﺴﺎء اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﻋﻠﻰ ﻧﺴﺎء اﳌﺴﺎواة ﺑﲔ اﻟﺮﺟﺎل واﻟﻨﺴﺎء ﰲ اﻟﺘﻜﻠﻴﻒ واﳉﺰاء اﻟﻌﺎﳌﲔ وﻣﺴﺘﻠﺰﻣﺎت ذﻟﻚ ١٨٧
اﳌﻮﺿﻮع اﻵﻳﺎت اﳌﻮﺿﻮع اﻵﻳﺎت ﻣﺤﻤﺪ ﷺ ﻫﻮ ﺧﺎﰎ اﻷﻧﺒﻴﺎء واﻟﺮﺳﻞ ﻗﺼﺔ زﻳﺪ وزﻳﻨﺐ ﺑﻌﺾ أﺳﻤﺎء اﻟﻨﺒﻲ ﷺ وﺻﻔﺎﺗﻪ ﺧﺼﺎﺋﺺ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﰲ أﺣﻜﺎم اﻟﺰواج آداب دﺧﻮل ﺑﻴﺖ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ واﻷﻣﺮ ﺑﺎﳊﺠﺎب ﺣﺠﺎب اﳌﺮأة اﳌﺴﻠﻤﺔ ﺑﻴﺎن ﻣﻜﺎﻧﺔ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ وﺣﺮﻣﺔ إﻳﺬاﺋﻪ وإﻳﺬاء اﳌﺆﻣﻨﲔ ﺗﻮﺟﻴﻬﺎت وﻋﻈﺎت ﻟﻠﻤﺆﻣﻨﲔ ﺟﺰاء اﳌﻨﺎﻓﻘﲔ واﻟﻜﻔﺎر ﻋﻈﻤﺔ ﺗﻜﻠﻴﻒ اﻹﻧﺴﺎن وﺣﻤﻠﻪ اﻷﻣﺎﻧﺔ أﻏﺮاض اﻟﺴﻮرة اﳌﺜﺎﻧــــــــــــــــــــــــﻲ ﺗﻨﺎوﻟﺖ اﻟﺴﻮرة ﺣﻴﺎة اﳌﺴﻠﻤﲔ اﳋﺎﺻﺔ واﻟﻌﺎﻣﺔ ،وﺑﺎﻷﺧﺺ )ﺟﺎﻧﺐ اﻷﺳﺮة( ﻓﺸﺮﻋﺖ اﻷﺣﻜﺎم ﲟﺎ ﻳﻜﻔﻞ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﺴﻌﺎدة واﻟﻬﻨﺎء ،وأﺑﻄﻠﺖ ﺑﻌﺾ اﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ واﻟﻌﺎدات اﳌﻮروﺛﺔ ،ﻣﺜﻞ) :اﻟﺘﺒﻨﻲ ،واﻟﻈﻬﺎر ،واﻋﺘﻘﺎد وﺟﻮد ﻗﻠﺒﲔ ﻹﻧﺴﺎن( وﻃ ﱠﻬﺮﺗﻪ ﻣﻦ رواﺳﺐ اﳌﺠﺘﻤﻊ اﳉﺎﻫﻠﻲ ،وﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﳋﺮاﻓﺎت واﻷﺳﺎﻃﻴﺮ اﳌﻮﻫﻮﻣﺔ ،اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺘﻔﺸﻴﺔ ﰲ ذﻟﻚ اﻟﺰﻣﺎن. وﳝﻜﻦ أن ﻧﻠﺨﺺ اﻷﻏﺮاض اﻟﻜﺒﺮى ﻟﻬﺬه اﻟﺴﻮرة اﻟﻜﺮﳝﺔ ﰲ ﻧﻘﺎط ﺛﻼث: أوﻻً :اﻟﺘﻮﺟﻴﻬﺎت واﻵداب اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ )ﻛﺂداب اﻟﻮﻟﻴﻤﺔ ،واﻟﺴﺘﺮ واﳊﺠﺎب ،وﻋﺪم اﻟﺘﺒﺮج ،وآداب ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ اﻟﺮﺳﻮل ﷺ إﻟﻰ آﺧﺮ ﻣﺎ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﻣﻦ آداب اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ( اﻟﺘﻲ ﺷﺮﻋﻬﺎ اﷲ ﻟﻌﺒﺎده اﳌﺆﻣﻨﲔ؛ ﻟﺴﻌﺎدﺗﻬﻢ وراﺣﺘﻬﻢ. ﺛﺎﻧﻴﺎً :اﻷﺣﻜﺎم اﻹﻟﻬﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﻈﻢ ﺣﻴﺎة اﻷﺳﺮة واﳌﺠﺘﻤﻊ ﺗﻨﻈﻴﻤﺎ دﻗﻴﻘﺎً. ﺛﺎﻟﺜﺎً :اﳊﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﻏﺰوﺗﻲ )اﻷﺣﺰاب ،وﺑﻨﻲ ﻗﺮﻳﻈﺔ( ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ وﻣﺎ ﻓﻴﻬﻤﺎ ﻣﻦ اﻟﻌﺒﺮ. ﻣﻨﺎﺳﺒﺎت اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ أول اﻟﺴﻮرة ﺑﺂﺧﺮﻫﺎ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ اﻟﺴﻮرة ﳌﺎ ﻗﺒﻠﻬﺎ ﺑﺪأت ﺑﺄﻣﺮ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﺑﺎﻟﺘﻘﻮى ،وﺧﺘﻤﺖ ﺑﻨﻔﺲ ﺧﺘﻤﺖ ﺳﻮرة اﻟﺴﺠﺪة ﺑﺄﻣﺮ ﻟﻠﺮﺳﻮل ﷺ: اﻷﻣﺮ ﻟﺰوﺟﺎﺗﻪ وﻟﻠﻤﺆﻣﻨﲔ: ،وﺑﺪأت ﺳﻮرة و اﻷﺣﺰاب ﻛﺬﻟﻚ ﺑﺄواﻣﺮ ﻟﻠﺮﺳﻮل ﷺ: ١٨٨
ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻐﺮﻳﺐ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﺑﺄن ﻳﻘﻮل اﻟﺮﺟﻞ ﻻﻣﺮأﺗﻪ: ﰲ ﺻﺪره ﺣﺎﻓﻈﺎً أﻧﺖ ﻋﻠﻲ ﻛﻈﻬﺮ أﻣﻲ ﻃﺮﻳﻖ اﳊﻖ واﻟﺮﺷﺎد ﻣﻦ ﺗﺒﻨﻴﺘﻤﻮه ﻣﻦ أﻋﺪل وأﻗﻮم أوﻻد ﻏﻴﺮﻛﻢ إﺛﻢ أﻧﻔﻊ ،وأرأف ،وأﻗﺮب ﻟﻬﻢ أوﻟﻴﺎءﻛﻢ ﰲ اﻟﺪﻳﻦ ﻣﻦ أﻧﻔﺴﻬﻢ ذوو اﻟﻘﺮاﺑﺔ ﻣﺜﻞ أﻣﻬﺎﺗﻬﻢ؛ ﰲ ﲢﺮﱘ ﺣﻜﻢ اﷲ ،وﺷﺮﻋﻪ اﻟﻠﻮح اﶈﻔﻮظ ﻧﻜﺎﺣﻬﻦ ،وﺗﻌﻈﻴﻢ ﺣﻘﻬﻦ ﻫﻢ :اﻷﺣﺰاب ﺣﲔ ﻣﻘﺪراً ﻣﻜﺘﻮﺑﺎً اﺟﺘﻤﻌﻮا ﰲ ﻏﺰوة اﳋﻨﺪق ﺑﺮاً ،وﺻﻠ ًﺔ ،وإﺣﺴﺎﻧﺎً؛ ﻓﻠﻴﺲ ﻟﻬﻢ ﺣﻖ ﰲ اﳌﻴﺮاث ﺷﺨﺼﺖ اﻷﺑﺼﺎر؛ اﻣﺘﺤﻦ ﺣﻴﺮ ًة ودﻫﺸ ًﺔ اﻟﻌﻬﺪ اﳌﺆﻛﺪ ﺑﺎﻃ ًﻼ ﺧﺎدﻋﺎً ﺑﺘﺒﻠﻴﻎ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ واﺿﻄﺮﺑﻮا ﺗﻈﻨﻮن أن اﷲ ﻻ ﻏﻴﺮ ﻣﺤﺼﻨﺔ ﻳﻨﺼﺮ دﻳﻨﻪ وﻧﺒﻴﻪ اﻻﺳﻢ اﳉﺎﻫﻠﻲ ﻟﻠﻤﺪﻳﻨﺔ ﻷﺟﺎﺑﻮا إﻟﻰ ذﻟﻚ ﻣﺒﺎدرﻳﻦ ﺷﻚ ،وﺿﻌﻒ إﳝﺎن ﺟﻮاﻧﺐ اﳌﺪﻳﻨﺔ ﺗﺄﺧﺮوا ﳝﻨﻌﻜﻢ ﻻ إﻗﺎﻣﺔ ﻟﻜﻢ ﰲ ﻣﻌﺮﻛﺔ ﺧﺎﺳﺮة اﳌﺜﺎﻧــــــــــــــــــــــــﻲ اﳌﺜﺒﻄﲔ ﻋﻦ اﳉﻬﺎد اﻟﻘﺘﺎل اﻟﺸﺮك ﺑﺎﷲ ،واﻟﺮﺟﻮع ﺧﻮﻓﺎً ،وﻫﻠﻌﺎً ﺑﺨﻼء ﺑﺄﻣﻮاﻟﻬﻢ ﺑﺨﻼء ،وﺣﺴﺪة ﻋﻨﺪ ﻋﻦ اﻹﺳﻼم وأﻧﻔﺴﻬﻢ وﺟﻬﻮدﻫﻢ ﻗﺴﻤﺔ اﻟﻐﻨﺎﺋﻢ ﻻ ﻳﻔﺮون ﻣﻦ اﳌﻌﺮﻛﺔ رﻣﻮﻛﻢ ﻗﺪوة ﺗﻌﺎﻟﻮا إﻟﻴﻨﺎ ﰲ اﻟﺒﺎدﻳﺔ ﻋﺎوﻧﻮا اﻷﺣﺰاب اﳋﻮف اﻟﺸﺪﻳﺪ ﺣﻀﺮ اﻟﻘﺘﺎل وﻓﻰ ﺑﻨﺬره ﰲ ﻧﺼﺮة دﻳﻨﻪ ،أو ﻣﺎت ﺷﻬﻴﺪاً ذرﺑﺔ ،ﺳﻠﻴﻄﺔ ،ﻣﺆذﻳﺔ ﻫﻢ :ﻳﻬﻮد أﺧﺒﺎرﻛﻢ ﺑﻨﻲ ﻗﺮﻳﻈﺔ أُﻋ ِﻄﻜ ﱠﻦ ﻣﺘﻌﺔ اﻟﻄﻼق؛ وﻫﻲ ﻣﺎل ﻣﻐﺘﺎﻇﲔ ﻟﻢ ﻳﻌﻄﻴﻪ اﻟﺰوج ﳌﻄﻠﻘﺘﻪ ﻳﻨﺎﻟﻮا ﻣﺎ أرادوا ﻣﻌﺼﻴﺔ ﻇﺎﻫﺮة ﺣﺼﻮﻧﻬﻢ أﻋﺪدﻧﺎ ﺑﻼ أذى ،أو ﺿﺮر وأُﻃﻠﻘﻜﻦ ﺷﻬﻮة ،وﻣﻴﻞ إﻟﻰ اﻟﻨﺴﺎء ﺗﻄﻊ ﻣﻨﻜ ﱠﻦ اﷲ ورﺳﻮﻟﻪ ﻣﺮﺗﲔ ﺧﻔ ﱠﱳ اﷲ ﻻ ﺗﻈﻬﺮن ﻣﺤﺎﺳﻨﻜ ﱠﻦ ﻓﻼ ﺗﺘﺤﺪﺛﻦ ﻣﻊ ﻗﻮ ًﻻ ﺑﻌﻴﺪاً ﻋﻦ اﻟﺮﻳﺒﺔ اﻷﺟﺎﻧﺐ ﺑﺼﻮت ﻟﲔ أﺣﺎدﻳﺚ اﻟﺮﺳﻮل ﷺ اﻟﺰﻣﻦ ﻋﻦ اﻟﺰﻧﻰ ،وﻣﻘﺪﻣﺎﺗﻪ، وﻋﻦ ﻛﺸﻒ اﻟﻌﻮرات اﻷذى ،واﻟﺴﻮء ،واﻹﺛﻢ اﻟﺘﻲ ﻗﺒﻞ اﻹﺳﻼم اﳌﻄﻴﻌﲔ ،اﳋﺎﺿﻌﲔ ﷲ اﳋﺎﺋﻔﲔ ﻣﻦ اﷲ، اﳌﺘﻮاﺿﻌﲔ ١٨٩
ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ اﻟﻜﻠﻤﺔ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ اﻻﺧﺘﻴﺎر ﺣﻜﻢ وﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺑﺎﻹﺳﻼم ﻣﺎ أوﺣﺎه اﷲ ﻣﻦ ﻃﻼق ﺑﺎﻟﻌﺘﻖ ،وﻫﻮ زﻳﺪ ُﻣﻈ ِﻬﺮه زﻳﺪ ﻻﻣﺮأﺗﻪ ،وزواﺟﻚ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﻦ ﺣﺎرﺛﺔ إﺛﻢ ﻃﻠﻘﻬﺎ أن ﻳﻘﻮﻟﻮا: ﺗﺰوج ﻣﺤﻤﺪ اﻣﺮأة ﻣﺘﺒ ﱠﻨﺎه ﺣﺎﺟ ًﺔ ﻣﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺘﺒﻨﻮﻧﻬﻢ ﺗﺪﺧﻠﻮا ﺑﻬ ﱠﻦ ،وﲡﺎﻣﻌﻮﻫ ﱠﻦ أول اﻟﻨﻬﺎر ،وآﺧﺮه إﺛﻢ أﻋﻄﻮﻫ ﱠﻦ ﻣﻦ أﻣﻮاﻟﻜﻢ ﻣﺎ ﻳﺘﻤﺘﻌﻦ ﺑﻪ ُﲢ ُﺼﻮﻧﻬﺎ ﻋﻠﻴﻬ ﱠﻦ ﻣﺪة ﺗﻨﺘﻈﺮ ﻓﻴﻬﺎ اﳌﺮأة ﺑﺤﺴﺐ وﺳﻌﻜﻢ؛ ﺟﺒﺮاً ﳋﻮاﻃﺮﻫﻦ ﺑﻼ أذى ،أو ﺿﺮر وﻃﻠﻘﻮﻫﻦ اﻹﻣﺎء اﻟﺘﻲ ﺗﻜﻮن ﻣﻠﻜﺎً ﺧﺎﻟﺼﺎً ﻟﻚ ﺧﺎﺻ ًﺔ ﺑﻚ أﻧﻌﻢ ﺑﻪ ﻋﻠﻴﻚ ﺑﺎﳉﻬﺎد ﺿﻴﻖ وﺗﻀﻢ ﰲ اﳌﺒﻴﺖ ﺗﺆﺧﺮ اﻟﻘ ْﺴﻢ ﰲ اﳌﺒﻴﺖ، ﻋﻤﻦ ﺷﺌﺖ ﻣﻦ زوﺟﺎﺗﻚ ﻃﻠﺒﺖ اﳌﺒﻴﺖ ﻋﻨﺪﻫﺎ أﻗﺮب أﺧﺮت ﻗ ْﺴﻤﻬﺎ أن ﻳﻔﺮﺣﻦ ﻣﻄﻠﻌﺎً ﻻ ﻳﻐﻴﺐ ﻋﻦ ﻋﻠﻤﻪ ﺷﻲء وﻻ أن ﺗﻄﻠﻖ إﺣﺪاﻫ ﱠﻦ ﻣﻨﺘﻈﺮﻳﻦ ﻧﻀﺠﻪ ﻻ إﺛﻢ ﻋﻠﻴﻬﻦ ﰲ ﻟﺘﺴﺘﺒﺪﻟﻬﺎ ﺑﻐﻴﺮﻫﺎ اﳌﺜﺎﻧــــــــــــــــــــــــﻲ أي :اﻟﻨﺴﺎء اﳌﺆﻣﻨﺎت ﻋﺪم اﻻﺣﺘﺠﺎب ﺣﺎﺟ ًﺔ ﻣﻦ أواﻧﻲ ﻳﺸﺮﻛﻮن ﺑﻪ ،وﻳﻌﺼﻮﻧﻪ ﺛﻨﺎء اﷲ و ﻣﻼﺋﻜﺘﻪ اﻟﺒﻴﺖ ،وﻧﺤﻮﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺪه ﰲ اﳌﻺ اﻷﻋﻠﻰ أﻓﺤﺶ اﻟﻜﺬب واﻟﺰور اﻟﻌﺒﻴﺪ اﳌﻤﻠﻮﻛﲔ ﻟﻬ ﱠﻦ ارﺗﻜﺒﻮا أﻗﺮب أﺑﻌﺪﻫﻢ ،وﻃﺮدﻫﻢ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻨﺸﺮون اﳉﻠﺒﺎب :اﻟﺮداء ،واﳌﻠﺤﻔﺔ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺧﻴﺮ اﻷﺧﺒﺎر اﻟﻜﺎذﺑﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﺮ ﺑﺪن اﳌﺮأة وزﻳﻨﺘﻬﺎ ﻳﺮﺧﲔ ﻋﻠﻰ رؤوﺳﻬﻦ ُوﺟ ِﺪوا ﺷﻚ ،ورﻳﺒﺔ ووﺟﻮﻫﻬﻦ وﺻﺪورﻫﻦ ﲢﻮﻳ ًﻼ ،وﺗﻐﻴﻴﺮاً ﻻ ﻳﺴﺎﻛﻨﻮﻧﻚ ُﳝ ﱠﻴﺰن ﺑﺎﻟﺴﺘﺮ واﻟﺼﻴﺎﻧﺔ؛ ﻓﻼ ﻳﺘﻌﺮض ﻟﻬﻦ ﲟﻜﺮوه ﻣﺜﻠﲔ ﻣﻀﻮا ﻣﺎ أﻣﺮ اﷲ ﺑﻪ، ﻟﻨُﺴﻠﱢﻄﻨﻚ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻬﺪى وﻧﻬﻰ ﻋﻨﻪ ﻃﺮﻳﻘﺘﻪ ﰲ اﳌﻨﺎﻓﻘﲔ: ﻣﻮاﻓﻘﺎً ﻟﻠﺤﻖ ،ﺧﺎﻟﻴﺎً اﻟﻘﺘﻞ ،واﻷﺳﺮ ﻣﻦ اﻟﻜﺬب واﻟﺒﺎﻃﻞ ﻧﺎراً ﻣﻮﻗﺪ ًة ،ﺷﺪﻳﺪة اﳊﺮارة ﻋﻈﻴﻢ اﻟﻘﺪر وﺧﻔﻦ ﻣﻦ ﻓﺎﻣﺘﻨﻌﻦ اﳋﻴﺎﻧﺔ ﻓﻴﻬﺎ ١٩٠
ﻣﻦ وﺣﻲ اﻵي اﻟﺒﻘﺎﻋﻲ ﻓﻀ ًﻼ ﻋﻦ آﺑﺎﺋﻬﻢ ﰲ ﻧﻔﻮذ ﺣﻜﻤﻪ ﻓﻴﻬﻢ، ووﺟﻮب ﻃﺎﻋﺘﻪ ﻋﻠﻴﻬﻢ؛ ﻷﻧﻪ ﻻ ﻳﺪﻋﻮﻫﻢ إﻻ إﻟﻰ اﻟﻌﻘﻞ واﳊﻜﻤﺔ، وﻻ ﻳﺄﻣﺮﻫﻢ إﻻ ﲟﺎ ﻳﻨﺠﻴﻬﻢ ،وأﻧﻔﺴﻬﻢ إﳕﺎ ﺗﺪﻋﻮﻫﻢ إﻟﻰ اﻟﻬﻮى واﻟﻔﺘﻨﺔ؛ ﻓﺘﺄﻣﺮﻫﻢ ﲟﺎ ﻳﺮدﻳﻬﻢ اﻟﻘﺮﻃﺒﻲ ﺷﺮف اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ أزواج ﻧﺒﻴﻪ ﷺ ﺑﺄن ﺟﻌﻠﻬﻦ أﻣﻬﺎت اﳌﺆﻣﻨﲔ؛ أي :ﰲ وﺟﻮب اﻟﺘﻌﻈﻴﻢ واﳌﺒﺮة واﻹﺟﻼل، وﺣﺮﻣﺔ اﻟﻨﻜﺎح ﻋﻠﻰ اﻟﺮﺟﺎل اﻟﻘﺮﻃﺒﻲ إﳕﺎ ﺧﺺ ﻫﺆﻻء اﳋﻤﺴﺔ -وإن دﺧﻠﻮا ﰲ زﻣﺮة اﻟﻨﺒﻴﲔ- ﺗﻔﻀﻴ ًﻼ ﻟﻬﻢ ،وﻗﻴﻞ :ﻷﻧﻬﻢ أﺻﺤﺎب اﻟﺸﺮاﺋﻊ واﻟﻜﺘﺐ ،وأوﻟﻮ اﻟﻌﺰم ﻣﻦ اﻟﺮﺳﻞ وأﺋﻤﺔ اﻷﱈ اﺑﻦ ﺟﺰي أي :ﺗﻈﻨﻮن أن اﻟﻜﻔﺎر ﻳﻐﻠﺒﻮﻧﻜﻢ ،وﻗﺪ وﻋﺪﻛﻢ اﷲ ﺑﺎﻟﻨﺼﺮ ﻋﻠﻴﻬﻢ ،ﻓﺄﻣﺎ اﳌﻨﺎﻓﻘﻮن ﻓﻈﻨﻮا ﻇﻦ اﻟﺴﻮء ،وﺻﺮﺣﻮا ﺑﻪ ،وأﻣﺎ اﳌﺆﻣﻨﻮن ﻓﺮﲟﺎ ﺧﻄﺮت ﻟﺒﻌﻀﻬﻢ ﺧﻄﺮة ﳑﺎ ﻻ ﳝﻜﻦ اﻟﺒﺸﺮ دﻓﻌﻬﺎ ،ﺛﻢ اﺳﺘﺒﺼﺮوا ،ووﺛﻘﻮا ﺑﻮﻋﺪ اﷲ اﳌﺜﺎﻧــــــــــــــــــــــــﻲ أي :ﻗﻮم ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻣﻮﺗﻰ اﻟﻘﻠﻮب وﻣﺮﺿﺎﻫﺎ اﻟﺒﻘﺎﻋﻲ ﻋﺪﻟﻮا ﻋﻦ اﻻﺳﻢ اﻟﺬي ﻳﻄﻮف ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺑﺒﻌﺾ ﺳﻤﻬﺎ ﺑﻪ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﻣﻦ :اﳌﺪﻳﻨﺔ وﻃﻴﺒﺔ -ﻣﻊ ﺣﺴﻨﻪ -إﻟﻰ اﻻﺳﻢ اﻟﺬي ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺪﻋﻰ ﺑﻪ ﻗﺪﳝﺎً -ﻣﻊ اﺣﺘﻤﺎل ﻗﺒﺤﻪ ﺑﺎﺷﺘﻘﺎﻗﻪ ﻣﻦ اﻟﺜﺮب اﻟﺬي ﻫﻮ اﻟﻠﻮم واﻟﺘﻌﻨﻴﻒ -إﻇﻬﺎراً ﻟﻠﻌﺪول ﻋﻦ اﻹﺳﻼم اﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ أﺧﺒﺮ اﷲ أن اﻟﻔﺮار ﻻ ﻳﻨﻔﻊ ﻻ ﻣﻦ اﳌﻮت وﻻ ﻣﻦ اﻟﻘﺘﻞ، واﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﺗﺪل ﻋﻠﻰ ﻣﺎ دل ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻘﺮآن؛ ﻓﺈن ﻫﺆﻻء اﻟﺬﻳﻦ ﻓﺮوا ﰲ ﻫﺬا اﻟﻌﺎم ﻟﻢ ﻳﻨﻔﻌﻬﻢ ﻓﺮارﻫﻢ ،ﺑﻞ ﺧﺴﺮوا اﻟﺪﻳﻦ واﻟﺪﻧﻴﺎ وﻫﻜﺬا ﺳﻨﺔ اﷲ ﻗﺪﳝﺎً وﺣﺪﻳﺜﺎً اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر ﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ﻫﻴﺌﺔ ﻧﻈﺮﻫﻢ ﻧﻈﺮ اﳋﺎﺋﻒ اﳌﺬﻋﻮر؛ اﻟﺬي ﻳﺤﺪق ﺑﻌﻴﻨﻴﻪ إﻟﻰ ﺟﻬﺎت ﻳﺤﺬر أن ﺗﺄﺗﻴﻪ اﳌﺼﺎﺋﺐ ﻣﻦ إﺣﺪاﻫﺎ اﺑﻦ ﻛﺜﻴﺮ دﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ زﻳﺎدة اﻹﳝﺎن وﻗﻮﺗﻪ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻰ اﻟﻨﺎس وأﺣﻮاﻟﻬﻢ ،ﻛﻤﺎ ﻗﺎل ﺟﻤﻬﻮر اﻷﺋﻤﺔ :إﻧﻪ ﻳﺰﻳﺪ وﻳﻨﻘﺺ اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر وﺗﻌﻠﻴﻖ اﻟﺘﻌﺬﻳﺐ ﻋﻠﻰ اﳌﺸﻴﺌﺔ ﺗﻨﺒﻴﻪ ﻟﻬﻢ ﺑﺴﻌﺔ رﺣﻤﺔ اﷲ، وأﻧﻪ ﻻ ﻳﻘﻄﻊ رﺟﺎءﻫﻢ ﰲ اﻟﺴﻌﻲ إﻟﻰ ﻣﻐﻔﺮة ﻣﺎ أﺗﻮه ﺑﺄن ﻳﺘﻮﺑﻮا ﻓﻴﺘﻮب اﷲ ﻋﻠﻴﻬﻢ ١٩١
اﺑﻦ ﺟﺰي :ﻫﺬا وﻋﺪ ﺑﻔﺘﺢ أرض ﻟﻢ ﻳﻜﻦ اﳌﺴﻠﻤﻮن ﻗﺪ وﻃﺌﻮﻫﺎ ﺣﻴﻨﺌﺬ ،وﻫﻲ ﻣﻜﺔ ،واﻟﻴﻤﻦ ،واﻟﺸﺎم ،واﻟﻌﺮاق، وﻣﺼﺮ ،ﻓﺄورث اﷲ اﳌﺴﻠﻤﲔ ﺟﻤﻴﻊ ذﻟﻚ وﻣﺎ وراءﻫﺎ إﻟﻰ أﻗﺼﻰ اﳌﺸﺮق واﳌﻐﺮب اﻟﻘﺮﻃﺒﻲ ﻛﻠﻤﺎ ﺗﻀﺎﻋﻔﺖ اﳊﺮﻣﺎت ﻓﻬﺘﻜﺖ ﺗﻀﺎﻋﻔﺖ اﻟﻌﻘﻮﺑﺎت؛ وﻟﺬﻟﻚ ﺿﻮﻋﻒ ﺣﺪ اﳊﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺒﺪ ،واﻟﺜﻴﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻜﺮ اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر ﰲ إﺿﺎﻓﺔ اﻷﺟﺮ إﻟﻰ ﺿﻤﻴﺮﻫﺎ إﺷﺎرة إﻟﻰ ﺗﻌﻈﻴﻢ ذﻟﻚ اﺑﻦ ﺟﺰي اﻷﺟﺮ ﺑﺄﻧﻪ ﻳﻨﺎﺳﺐ ﻣﻘﺎﻣﻬﺎ ،وإﻟﻰ ﺗﺸﺮﻳﻔﻬﺎ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻣﺴﺘﺤﻘﺔ اﻟﺴﻌﺪي ذﻟﻚ اﻷﺟﺮ ،وﻣﻀﺎﻋﻔﺔ اﻷﺟﺮ ﻟﻬﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺎﻋﺎت ﻛﺮاﻣﺔ ﻟﻘﺪرﻫﻦ اﳌﺜﺎﻧــــــــــــــــــــــــﻲ ﻓﻀﻠﻬﻦ اﷲ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺴﺎء ﺑﺸﺮط اﻟﺘﻘﻮى ،وﻗﺪ ﺣﺼﻞ ﻟﻬﻦ اﻟﺘﻘﻮى ﻓﺤﺼﻞ اﻟﺘﻔﻀﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻨﺴﺎء ،إﻻ أﻧﻪ ﻳﺨﺮج ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻌﻤﻮم :ﻓﺎﻃﻤﺔ ﺑﻨﺖ رﺳﻮل اﷲ ﷺ ،وﻣﺮﱘ ﺑﻨﺖ ﻋﻤﺮان، وآﺳﻴﺔ اﻣﺮأة ﻓﺮﻋﻮن؛ ﻟﺸﻬﺎدة رﺳﻮل اﷲ ﷺ ﻟﻜﻞ واﺣﺪة ﻣﻨﻬﻦ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺳﻴﺪة ﻧﺴﺎء ﻋﺎﳌﻬﺎ اﻟﺬي ﰲ ﻗﻠﺒﻪ ﻣﺮض ﺷﻬﻮة اﻟﺰﻧﺎ ﻣﺴﺘﻌ ٌﺪ ﻳﻨﺘﻈﺮ أدﻧﻰ ﻣﺤﺮك ﻳﺤﺮﻛﻪ؛ ﻷ ﱠن ﻗﻠﺒﻪ ﻣﺮﻳﺾ ﻻ ﻳﺘﺤﻤﻞ ﻣﺎ ﻳﺘﺤﻤﻞ اﻟﺼﺤﻴﺢ، وﻻ ﻳﺼﺒﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﺼﺒﺮ ﻋﻠﻴﻪ ،وأدﻧﻰ ﺳﺒﺐ ﻳﺪﻋﻮه إﻟﻰ اﳊﺮام ﻳﺠﻴﺐ دﻋﻮﺗﻪ اﺑﻦ ﺟﺰي ﻗﻴﻞ ﻟﺴﻮدة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﻬﺎ :ﻟﻢ ﻻ ﺗﺨﺮﺟﲔ؟ ﻓﻘﺎﻟﺖ: أﻣﺮﻧﺎ اﷲ ﺑﺄن ﻧﻘﺮ ﰲ ﺑﻴﻮﺗﻨﺎ ،وﻛﺎﻧﺖ ﻋﺎﺋﺸﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﻬﺎ إذا ﻗﺮأت ﻫﺬه اﻵﻳﺔ ﺗﺒﻜﻲ ﻋﻠﻰ ﺧﺮوﺟﻬﺎ أﻳﺎم اﳉﻤﻞ اﻟﺴﻌﺪي ﻣﻦ اﻟﺮأي اﳊﺴﻦ ﳌﻦ اﺳﺘﺸﺎر ﰲ ﻓﺮاق زوﺟﺘﻪ :أن ﻳﺆﻣﺮ ﺑﺈﻣﺴﺎﻛﻬﺎ ﻣﻬﻤﺎ أﻣﻜﻦ ﺻﻼح اﳊﺎل، ﻓﻬﻮ أﺣﺴﻦ ﻣﻦ اﻟ ُﻔﺮﻗﺔ اﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ إذا ﻛﻤﻞ ﺧﻮف اﻟﻌﺒﺪ ﻣﻦ رﺑﻪ ،ﻟﻢ ﻳﺨﻒ ﺷﻴ ًﺌﺎ ﺳﻮاه ،ﻗﺎل اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ: وإذا ﻧﻘﺺ ﺧﻮﻓﻪ ،ﺧﺎف ﻣﻦ اﳌﺨﻠﻮق ،وﻋﻠﻰ ﻗﺪر ﻧﻘﺺ اﳋﻮف وزﻳﺎدﺗﻪ ﻳﻜﻮن اﳋﻮف ﻟﺮﻓﻊ ﻣﺎ ﻗﺪ ﻳُﺘﻮﻫﻢ واﺳﺘﺪراك ﻗﻮﻟﻪ: اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر ِﻣﻦ ﻧﻔﻲ أﺑﻮﺗﻪ ﻣﻦ اﻧﻔﺼﺎل ﺻﻠﺔ اﻟﺘﺮاﺣﻢ واﻟﺒﺮ ﺑﻴﻨﻪ وﺑﲔ اﻷﻣﺔ، ﻓ ُﺬ ﱢﻛﺮوا ﺑﺄﻧﻪ رﺳﻮل اﷲ ﷺ ﻓﻬﻮ ﻛﺎﻷب ﳉﻤﻴﻊ أﻣﺘﻪ ﰲ ﺷﻔﻘﺘﻪ ورﺣﻤﺘﻪ ﺑﻬﻢ ،وﰲ ﺑﺮﻫﻢ وﺗﻮﻗﻴﺮﻫﻢ إﻳﺎه؛ ﺷﺄن ﻛﻞ ﻧﺒﻲ ﻣﻊ أﻣﺘﻪ اﺑﻦ ﺟﺰي اﺷﺘﺮط اﷲ اﻟﻜﺜﺮة ﰲ اﻟﺬﻛﺮ ﺣﻴﺜﻤﺎ أﻣﺮ ﺑﻪ ﺑﺨﻼف ﺳﺎﺋﺮ اﻷﻋﻤﺎل .واﻟﺬﻛﺮ ﻳﻜﻮن ﺑﺎﻟﻘﻠﺐ وﺑﺎﻟﻠﺴﺎن ،وﻫﻮ ﻋﻠﻰ أﻧﻮاع ﻛﺜﻴﺮة ﻣﻦ :اﻟﺘﻬﻠﻴﻞ ،واﻟﺘﺴﺒﻴﺢ ،واﳊﻤﺪ، واﻟﺘﻜﺒﻴﺮ ،وذﻛﺮ أﺳﻤﺎء اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ١٩٢
Search
Read the Text Version
- 1
- 2
- 3
- 4
- 5
- 6
- 7
- 8
- 9
- 10
- 11
- 12
- 13
- 14
- 15
- 16
- 17
- 18
- 19
- 20
- 21
- 22
- 23
- 24
- 25
- 26
- 27
- 28
- 29
- 30
- 31
- 32
- 33
- 34
- 35
- 36
- 37
- 38
- 39
- 40
- 41
- 42
- 43
- 44
- 45
- 46
- 47
- 48
- 49
- 50
- 51
- 52
- 53
- 54
- 55
- 56
- 57
- 58
- 59
- 60
- 61
- 62
- 63
- 64
- 65
- 66
- 67
- 68
- 69
- 70
- 71
- 72
- 73
- 74
- 75
- 76
- 77
- 78
- 79
- 80
- 81
- 82
- 83
- 84
- 85
- 86
- 87
- 88
- 89
- 90
- 91
- 92
- 93
- 94
- 95
- 96
- 97
- 98
- 99
- 100
- 101
- 102
- 103
- 104
- 105
- 106
- 107
- 108
- 109
- 110
- 111
- 112
- 113
- 114
- 115
- 116
- 117
- 118
- 119
- 120
- 121
- 122
- 123
- 124
- 125
- 126
- 127
- 128
- 129
- 130
- 131
- 132
- 133
- 134
- 135
- 136
- 137
- 138
- 139
- 140
- 141
- 142
- 143
- 144
- 145
- 146
- 147
- 148
- 149
- 150
- 151
- 152
- 153
- 154
- 155
- 156
- 157
- 158
- 159
- 160
- 161
- 162
- 163
- 164
- 165
- 166
- 167
- 168
- 169
- 170
- 171
- 172
- 173
- 174
- 175
- 176
- 177
- 178
- 179
- 180
- 181
- 182
- 183
- 184
- 185
- 186
- 187
- 188
- 189
- 190
- 191
- 192
- 193
- 194
- 195
- 196
- 197
- 198
- 199
- 200
- 201
- 202
- 203
- 204
- 205
- 206
- 207
- 208
- 209
- 210
- 211
- 212
- 213
- 214
- 215
- 216
- 217
- 218
- 219
- 220
- 221
- 222
- 223
- 224
- 225
- 226
- 227
- 228
- 229
- 230
- 231
- 232
- 233
- 234
- 235
- 236
- 237
- 238
- 239
- 240
- 241
- 242
- 243
- 244
- 245
- 246
- 247
- 248
- 249
- 250
- 251
- 252
- 253
- 254
- 255
- 256
- 257
- 258
- 259
- 260
- 261
- 262
- 263
- 264
- 265
- 266
- 267
- 268
- 269
- 270
- 271
- 272
- 273
- 274
- 275
- 276
- 277
- 278
- 279
- 280
- 281
- 282
- 283
- 284
- 285
- 286
- 287
- 288
- 289
- 290
- 291
- 292
- 293
- 294
- 295
- 296
- 297
- 298
- 299
- 300
- 301
- 302
- 303
- 304
- 305
- 306
- 307
- 308
- 309
- 310
- 311
- 312
- 313
- 314
- 315
- 316
- 317
- 318
- 319
- 320
- 321
- 322
- 323
- 324
- 325
- 326
- 327
- 328
- 329
- 330
- 331
- 332
- 333
- 334
- 335
- 336
- 337
- 338
- 339
- 340
- 341
- 342
- 343
- 344
- 345
- 346
- 347
- 348
- 349
- 350
- 351
- 352
- 353
- 354
- 355
- 356
- 357
- 358
- 359
- 360
- 361
- 362
- 363
- 364
- 365
- 366
- 367
- 368
- 369
- 370
- 371
- 372
- 373
- 374
- 375
- 376
- 377
- 378
- 379
- 380
- 381
- 382
- 383
- 384
- 385
- 386
- 387
- 388
- 389
- 390
- 391
- 392
- 393
- 394
- 395
- 396
- 397
- 398
- 399
- 400
- 401
- 402
- 403
- 404
- 405
- 406
- 407
- 408
- 409
- 410
- 411
- 412
- 413
- 414
- 415
- 416
- 417
- 418
- 419
- 420
- 421
- 422
- 423
- 424
- 425
- 426
- 427
- 428
- 429
- 430
- 431
- 432
- 433
- 434
- 435
- 436
- 437
- 438
- 439
- 440
- 441
- 442
- 443
- 444
- 445
- 446
- 447
- 448
- 449
- 450
- 451
- 452
- 453
- 454
- 455
- 456
- 457
- 458
- 459
- 460
- 461
- 462
- 463
- 464
- 465
- 466
- 467
- 468
- 469
- 470
- 471
- 472
- 473
- 474
- 475
- 476
- 477
- 478
- 479
- 480
- 481
- 482
- 483
- 484
- 485
- 486
- 487
- 488
- 489
- 490
- 491
- 492
- 493
- 494
- 495
- 496
- 1 - 50
- 51 - 100
- 101 - 150
- 151 - 200
- 201 - 250
- 251 - 300
- 301 - 350
- 351 - 400
- 401 - 450
- 451 - 496
Pages:
