ﻣﻦ وﺣﻲ اﻵي ﺧﻄﺐ ﺣﺬﻳﻔﺔ ﺑﻦ اﻟﻴﻤﺎن ﺑﺎﳌﺪاﺋﻦ ،ﻓﺤﻤﺪ اﷲ وأﺛﻨﻰ اﻟﺴﻴﻮﻃﻲ أﻻ وإن اﻟﺴﺎﻋﺔ ﻗﺪ ﻋﻠﻴﻪ ،ﺛﻢ ﻗﺎل: اﻗﺘﺮﺑﺖ ،أﻻ وإن اﻟﻘﻤﺮ ﻗﺪ اﻧﺸﻖ ﻋﻠﻰ ﻋﻬﺪ رﺳﻮل اﷲ ﷺ ،أﻻ وإن اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻗﺪ آذﻧﺖ ﺑﻔﺮاق ،أﻻ وإن اﻟﻴﻮم اﳌﻀﻤﺎر ،وﻏﺪاً اﻟﺴﺒﺎق اﻟﺒﻘﺎﻋﻲ إذا ﺣﺼﻞ اﺗﺒﺎع اﻟﻬﻮى ﻓﻤﻦ ﺷﺆﻣﻪ ﻳﺤﺼﻞ اﻟﺘﻜﺬﻳﺐ؛ ﻷن اﷲ اﺑﻦ ﻋﺜﻴﻤﲔ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﻳﻠﺒﺲ ﻋﻠﻰ ﻗﻠﺐ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﺴﺘﺒﺼﺮ اﻟﺮﺷﺪ ،واﺗﺒﺎع اﻟﺮﺿﻰ ﻣﻘﺮون ﺑﺎﻟﺘﺼﺪﻳﻖ؛ ﻷن اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﺒﺮﻛﺎت اﻻﺗﺒﺎع ﻟﻠﺤﻖ ﻳﻔﺘﺢ ﻋﲔ اﻟﺒﺼﻴﺮة ﻓﻴﺄﺗﻲ ﺑﺎﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﻫﺬا ﻣﻦ أدق اﻟﺘﺸﺒﻴﻬﺎت؛ ﻷن اﳉﺮاد اﳌﻨﺘﺸﺮ ﲡﺪه ﻳﺬﻫﺐ ﳝﻴﻨﺎً وﻳﺴﺎراً ،ﻻ ﻳﺪري أﻳﻦ ﻳﺬﻫﺐ ،ﻓﻬﻢ ﺳﻴﺨﺮﺟﻮن ﻣﻦ اﻷﺟﺪاث ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﻮﺟﻪ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻫﻢ ﰲ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻟﻬﻢ ﻗﺎﺋﺪ ،وﻟﻬﻢ أﻣﻴﺮ ،وﻟﻬﻢ ﻣﻮﺟﻪ ﻳﻌﺮﻓﻮن ﻃﺮﻳﻘﻬﻢ ،وإن ﻛﺎن ﻃﺮﻳﻘﺎً ﻓﺎﺳﺪاً اﺑﻦ ﺟﺰي وإﳕﺎ ﻛﺮر ﻫﺬه اﻵﻳﺔ اﻟﺒﻠﻴﻐﺔ وﻗﻮﻟﻪ :ﻟﻴﻨﺒﻪ اﺑﻦ اﳉﻮزي اﻟﺴﺎﻣﻊ ﻋﻨﺪ ﻛﻞ ﻗﺼﺔ ،ﻓﻴﻌﺘﺒﺮ ﺑﻬﺎ؛ إذ ﻛﻞ ﻗﺼﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﺼﺺ اﻟﺘﻲ ذﻛﺮت ﻋﺒﺮة وﻣﻮﻋﻈﺔ ،ﻓﺨﺘﻢ ﻛﻞ واﺣﺪة ﲟﺎ ﻳﻮﻗﻆ اﻟﺴﺎﻣﻊ ﻣﻦ اﻟﻮﻋﻴﺪ أﻧﺰل اﷲ اﻟﻘﺮآن ﻳﺤﺘﻮي ﻋﻠﻰ ﻋﺠﺎﺋﺐ اﳊﻜﻢ ،ﻓﻤﻦ ﻓﺘﺸﻪ ﺑﻴﺪ اﻟﻔﻬﻢ ،وﺣﺎدﺛﻪ ﰲ ﺧﻠﻮة اﻟﻔﻜﺮ ،اﺳﺘﺠﻠﺐ رﺿﺎ اﳌﺘﻜﻠﻢ ﺑﻪ ،وﺣﻈﻲ ﺑﺎﻟﺰﻟﻔﻰ ﻟﺪﻳﻪ: اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر وﻋﺒﺮ ﻋﻨﻪ ﺑﺼﺎﺣﺒﻬﻢ ﻟﻺﺷﺎرة إﻟﻰ أﻧﻬﻢ راﺿﻮن ﺑﻔﻌﻠﻪ؛ إذ ﻫﻢ ﻣﺼﺎﺣﺒﻮن ﻟﻪ وﳑﺎﻟﺌﻮن اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ اﻟﺒﻘﺎﻋﻲ واﻟﺸﻜﺮ ﻋﻠﻰ ﻧﻌﻢ اﻟﺪﻓﻊ أﰎ ﻣﻦ اﻟﺸﻜﺮ ﻋﻠﻰ ﻧﻌﻢ اﻟﻨﻔﻊ، وﻻ ﻳﻌﺮف ذﻟﻚ إﻻ ﻛﻞ ﻣﻮﻓﻖ ﻛﻴﺲ اﻟﺒﻘﺎﻋﻲ ُﺧ ﱡﺼﻮا ﺑﺎﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﺬوق ﳌﺎ ﰲ ﻓﺎﺣﺸﺘﻬﻢ اﳋﺒﻴﺜﺔ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﻠﺬوﻧﻪ اﻟﺴﻌﺪي اﻟﺘﻲ ﻫﻲ أﺷﺮف ﻣﺎ ﺑﻬﻢ ﻣﻦ اﻷﻋﻀﺎء ،وأﳌﻬﺎ أﺷﺪ ﻣﻦ أﻟﻢ ﻏﻴﺮﻫﺎ؛ ﻓﻴﻬﺎﻧﻮن ﺑﺬﻟﻚ وﻳﺨﺰون ٢٩٣
ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﻣﺪﻧﻴﺔ أﺳﻤﺎء اﻟﺴﻮرة اﳌﺼﺤﻒ ٥٥ ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﺑﲔ ﻳﺪي آﻳﺔ ﺳﻮرة اﻟﺮﺣﻤﻦ وﺟﻪ اﻟﻨﺰول ٩٧ اﻟﺴﻮرة اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /ﺗﻮﻗﻴﻔﻴﺔ ﻻﻓﺘﺘﺎﺣﻬﺎ اﻟﺴﻮرة ﺑﻬﺎ ﻣﻘﺼﺪ اﻟﺴﻮرة ﻷﻧﻬﺎ اﳊﺎوﻳﺔ ﳌﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ وﺟﻪ ﺳﻮرة ﻋﺮوس اﻟﻘﺮآن ﺣﻠﻲ وﺣﻠﻞ وﺟﻮاﻫﺮ اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ اﻹﻋﻼم ﺑﺂﻻء اﷲ اﻟﺒﺎﻫﺮة ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /اﺟﺘﻬﺎدﻳﺔ وآﺛﺎر رﺣﻤﺘﻪ اﻟﻈﺎﻫﺮة ﰲ اﻟﺪﻧﻴﺎ واﻵﺧﺮة ،ﺗﺮﻏﻴﺒﺎً ﰲ اﻹﳝﺎن ،وﲢﺬﻳﺮاً ﻣﻦ اﻟﻜﻔﺮان ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺴﻮرة اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ اﳌﻮﺿﻮع اﻵﻳﺎت اﳌﻮﺿﻮع اﻵﻳﺎت اﻟﺒﻘﺎء ﷲ وﺣﺪه ﻧﻌﻢ اﷲ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺒﺎد ﻋﺎﻗﺒﺔ اﳌﺠﺮﻣﲔ ﰲ اﻵﺧﺮة ﻋﺠﺰ اﻟﺜﻘﻠﲔ أﻣﺎم ﻗﺪرة اﷲ ﻧﻌﻴﻢ اﳌﺘﻘﲔ ﰲ اﻵﺧﺮة ٢٩٤
أﻏﺮاض اﻟﺴﻮرة ﺑُﺪﺋﺖ ﻋﺮوس اﻟﻘﺮآن ﺑﺒﻴﺎن ﻣ ﱠﻨﺔ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﻘﺮآن ،وﺗﻠﻘﲔ اﻟﺒﻴﺎن ،وأﻣﺮ اﳋﻼﺋﻖ ﺑﺎﻟﻌﺪل ﰲ اﳌﻴﺰان، واﳌ ﱠﻨﺔ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺑﺎﻟﻌﺼﻒ واﻟﺮﻳﺤﺎن ،وﻋﺠﺎﺋﺐ اﻟﻘﺪرة ﰲ ﻃﻴﻨﺔ اﻹﻧﺴﺎن ،وﺑﺪاﺋﻊ اﻟﺒﺤﺮ وﻋﺠﺎﺋﺒﻪ :ﻣﻦ اﺳﺘﺨﺮاج اﻟﻠﺆﻟﺆ واﳌﺮﺟﺎن ،وإﺟﺮاء اﻟﺴﻔﻦ ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﳌﺎء أﺑﺪع ﺟﺮﻳﺎن ،وﻓﻨﺎء اﳋﻠﻖ وﺑﻘﺎء اﻟﺮﺣﻤﻦ ،وﻗﻀﺎء ﺣﺎﺟﺎت اﶈﺘﺎﺟﲔ ،وأن ﻻ ﳒﺎة ﻟﻠﻌﺒﺪ إﻻ ﺑﺤﺠﺔ وﺑﺮﻫﺎن ،وﺳﺆال أﻫﻞ اﻟﻄﺎﻋﺔ واﻟﻌﺼﻴﺎن ﰲ ﻳﻮم ﺗﺸﻴﺐ ﻣﻨﻪ اﻟﻮﻟﺪان، وﻏﺮق اﻟﻜﻔﺎر ﰲ اﳉﺤﻴﻢ ،وﺗﺮف اﳌﺆﻣﻨﲔ ﰲ اﻟﻨﻌﻴﻢ ،وﻣﻜﺎﻓﺄة أﻫﻞ اﻹﺣﺴﺎن ﺑﺎﻹﺣﺴﺎن ،وأزواج ﻣﻦ اﳊﻮر اﳊﺴﺎن ،وﺗﻘﻠﺐ اﳌﺘﻘﲔ ﰲ رﻳﺎض اﻟﺮﺿﻮان ،وﺧﺘﻤﺖ ﺑﺘﻤﺠﻴﺪ اﷲ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ أﻧﻌﻢ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺎده ﻣﻦ ﻓﻨﻮن اﻟﻨﻌﻢ واﻹﻛﺮام ،وﻫﻮ أﻧﺴﺐ ﺧﺘﺎم ﻟﺴﻮرة اﻟﺮﺣﻤﻦ ﻣﻨﺎﺳﺒﺎت اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ أول اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ اﻟﺴﻮرة ﺑﺂﺧﺮﻫﺎ ﳌﺎ ﻗﺒﻠﻬﺎ ﺑﺪأت اﻟﺴﻮرة ﺑﺎﺳﻢ اﷲ اﻟﺮﺣﻤﻦ ،وﺧﺘﻤﺖ ﺧﺘﻤﺖ ﺳﻮرة اﻟﻘﻤﺮ ﺑﻘﻮﻟﻪ: ﺑﺎﺳﻤﻪ ذي اﳉﻼل واﻹﻛﺮام ، وﻛﺄﻧﻪ ﻗﺎل :اﳌﻠﻴﻚ اﳌﻘﺘﺪر ﻫﻮ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻐﺮﻳﺐ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ اﻟﻜﻠﻤﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ اﻟﻜﻮﻛﺐ ﰲ اﻟﺴﻤﺎء ﻳﺠﺮﻳﺎن ﻣﺘﻌﺎﻗﺒﲔ ،ﺑﺤﺴﺎب اﻟﻨﻄﻖ ﺑﺄن ﻳﺒﲔ ﻋﻤﺎ ﻣﺘﻘﻦ ﻻ ﻳﻀﻄﺮب ﰲ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺎﻟﻨﻄﻖ ﺑﺎﻟﻌﺪل اﻷوﻋﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻜﻮن ﻟﺌﻼ ﺗﻌﺘﺪوا ،وﺗﺨﻮﻧﻮا ووﺿﻊ ﰲ اﻷرض اﻟﻌﺪل ﻣﻨﻬﺎ اﻟﺘﻤﺮ وﻣ ﱠﻬﺪﻫﺎ؛ ﻟﻴﺴﺘﻘﺮ وﻻ ﺗُﻨﻘﺼﻮا آدم ﻋﻠﻴﻬﺎ اﳋﻠﻖ وﻓﻴﻬﺎ اﳊﺐ ذو اﻟﻘﺸﺮ إﺑﻠﻴﺲ وﻛﻞ ﻧﺒﺖ ﻃﻴﺐ اﻟﺮاﺋﺤﺔ واﻟﺘﱭ؛ رزﻗﺎً ﻟﻜﻢ وﻷﻧﻌﺎﻣﻜﻢ ﻫﻮ اﻟﻄﲔ اﻟﺬي ﻃﲔ ﻳﺎﺑﺲ ﻳُﺴﻤﻊ ﻳُﻄﺒﺦ ﻟﻴﺘﺤ ﱠﺠﺮ ﻟﻪ ﺻﻠﺼﻠﺔ ٢٩٥
ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻳﺎ ﻣﻌﺸﺮ اﻹﻧﺲ واﳉﻦ ِﻧﻌﻢ رﺑﻜﻤﺎ ﻟﻬﺐ اﻟﻨﺎر اﳌﺨﺘﻠﻂ ﺑﻌﻀﻪ ﺑﺒﻌﺾ ﺧﻠﻂ ﻣﺎء اﻟﺒﺤﺮﻳﻦ: ﻣﻐﺮب اﻟﺸﻤﺲ؛ ﰲ اﻟﻌﺬب ،واﳌﺎﻟﺢ اﻟﺸﺘﺎء ،واﻟﺼﻴﻒ ﻣﺸﺮق اﻟﺸﻤﺲ؛ ﰲ اﻟﺸﺘﺎء ،واﻟﺼﻴﻒ ﻻ ﻳﻄﻐﻰ أﺣﺪﻫﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﺟﺰ اﻵﺧﺮ ،وﻳﺬﻫﺐ ﺑﺨﺼﺎﺋﺼﻪ ﰲ ﻣﺮأى اﻟﻌﲔ اﻟﺴﻔﻦ اﳉﺎرﻳﺔ وﺻﻐﺎر اﻟﻠﺆﻟﺆ اﻟ ﱡﺪر اﻟﻀﺨﻤﺔ ﻫﺎﻟﻚ ﻛﺎﳉﺒﺎل ﰲ ِﻋﻈ ِﻤﻬﺎ اﳌﺮﻓﻮﻋﺎت اﻷﺷﺮﻋﺔ اﻟﻔﻀﻞ ،واﳉﻮد أﻣﺮ ﻓﻴﻌﺰ وﻳﺬل ،وﻳﻌﻄﻲ أﻳﻬﺎ اﻹﻧﺲ واﳉﻦ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻌﻈﻤﺔ، وﳝﻨﻊ ،وﻳﺤﻴﻲ وﳝﻴﺖ واﻟﻜﺒﺮﻳﺎء ﻓﺎﻫﺮﺑﻮا ﲡﺪون ﻣﻨﻔﺬاً ﺳﻨﻔﺮغ ﳊﺴﺎﺑﻜﻢ ﺗﻬﺮﺑﻮن ﻣﻨﻪ ﻧﺤﺎس ﻣﺬاب ،ﻳُﺼ ﱡﺐ ﻋﻠﻰ رؤوﺳﻜﻢ ،أو دﺧﺎن ﻻ ﻟﻬﺐ ﻓﻴﻪ ﻧﻮاﺣﻲ ﺑﻘﻮة ،وﻛﻤﺎل ﻗﺪرة ﻛﺎﻟﺰﻳﺖ اﳌﻐﻠﻲ ،أو ﻓﻼ ﻳﻨﺼﺮ ﺑﻌﻀﻜﻢ ﻛﺎﳉﻠﺪ اﻷﺣﻤﺮ ﻟﻬﺐ ﺧﺎﻟﺺ ﺑﻌﻀﺎً ﻳﺘﺮددون ﺑﻌﻼﻣﺎﺗﻬﻢ ﺣﻤﺮاء ﻛﻠﻮن اﻟﻮرد ﻣﺎء ﺣﺎر ﻗﺪ ﺑﻠﻎ ﲟﻘﺪﻣﺔ رؤوﺳﻬﻢ اﻟﻐﺎﻳﺔ ﰲ اﳊﺮارة ﺧﺎف اﻟﻘﻴﺎم ﺑﲔ ﻳﺪي رﺑﻪ ﺻﻨﻔﺎن أﻏﺼﺎن ﻛﺜﻴﺮة ﻧﻀﺮة ﰲ ﻣﻮﻗﻒ اﳊﺴﺎب ﻏﻠﻴﻆ اﻟﺪﻳﺒﺎج ﺑﻄﺎﻧﺘﻬﺎ وﺛﻤﺮ ﰲ ﻫﺬه اﻟﻔﺮش ﻗﺮﻳﺐ اﻟﻘﻄﺎف ﻗﺼﺮن أﺑﺼﺎرﻫﻦ ﻋﻠﻰ أزواﺟﻬﻦ؛ ﻓﻼ ﻳﻨﻈﺮن إﻟﻰ ﻏﻴﺮﻫﻢ ﺣﺠﺮ ﻣﻦ اﻷﺣﺠﺎر ﻳﻄﺄﻫﻦ اﻟﻜﺮﳝﺔ ،ذو أﻟﻮان وأدﻧﻰ ﻣﻦ اﳉﻨﺘﲔ ﺧﻀﺮاوان ﻗﺪ اﺷﺘﺪت ﺧﻀﺮﺗﻬﻤﺎ اﻟﺴﺎﺑﻘﺘﲔ ﻓﻮارﺗﺎن ﺑﺎﳌﺎء؛ ﺣﺘﻰ ﻣﺎﻟﺖ إﻟﻰ اﻟﺴﻮاد ﻻ ﺗﻨﻘﻄﻌﺎن زوﺟﺎت ﻃﻴﺒﺎت ﰲ ﻫﺬه اﳉﻨﺎت اﻷرﺑﻊ اﻷﺧﻼق ﺣﺴﺎن اﻟﻮﺟﻪ ﻧﺴﺎء ﺑﻴﺾ ﺣﺴﺎن ﻣﺴﺘﻮرات ﻣﺼﻮﻧﺎت اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ وﺳﺎﺋﺪ ذوات أﻏﻄﻴﺔ ﻓﺮش ،وﺑﺴﻂ ﺑﺪﻳﻌﺔ ﺧﻀﺮ ﻛﺜﺮت ﺑﺮﻛﺘﻪ ،وﺧﻴﺮه ﻣﻦ وﺣﻲ اﻵي ﺗﺄ ﱠﻣﻞ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: ﻛﻴﻒ ﺟﻌﻞ اﳋﻠﻖ واﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻧﺎﺷﺌﺎً ﻋﻦ ﺻﻔﺔ اﻟﺮﺣﻤﺔ ،ﻣﺘﻌﻠﻘﺎً ﺑﺎﺳﻢ اﻟﺮﺣﻤﻦ ،وﺟﻌﻞ ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﺴﻮرة ﻣﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﻬﺬا اﻻﺳﻢ ،وﺧﺘﻤﻬﺎ اﺑﻦ اﻟﻘﻴﻢ ﻓﺎﻻﺳﻢ اﻟﺬي ﺗﺒﺎرك ﻫﻮ اﻻﺳﻢ ﺑﻘﻮﻟﻪ: اﻟﺬي اﻓﺘﺘﺢ ﺑﻪ اﻟﺴﻮرة؛ إذ ﻣﺠﻲء اﻟﺒﺮﻛﺔ ﻛﻠﻬﺎ ﻣﻨﻪ ،وﺑﻪ وﺿﻌﺖ اﻟﺒﺮﻛﺔ ﰲ ﻛﻞ ﻣﺒﺎرك ،ﻓﻜﻞ ﻣﺎ ُذﻛﺮ ﻋﻠﻴﻪ ،ﺑﻮرك ﻓﻴﻪ ،وﻛﻞ ﻣﺎ ﺧﻠﻲ ﻣﻨﻪ، ﻧﺰﻋﺖ ﻣﻨﻪ اﻟﺒﺮﻛﺔ ٢٩٦
اﻟﺴﻌﺪي وﻫﺬا ﻳﺪل ﻋﻠﻰ ﺷﺮف ﻋﻨﺼﺮ اﻵدﻣﻲ اﳌﺨﻠﻮق ﻣﻦ اﻟﻄﲔ واﻟﺘﺮاب ،اﻟﺬي ﻫﻮ ﻣﺤﻞ اﻟﺮزاﻧﺔ واﻟﺜﻘﻞ واﳌﻨﺎﻓﻊ ،ﺑﺨﻼف ﻋﻨﺼﺮ اﳉﺎن وﻫﻮ اﻟﻨﺎر ،اﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻣﺤﻞ اﳋﻔﺔ واﻟﻄﻴﺶ واﻟﺸﺮ واﻟﻔﺴﺎد اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر ﳌﺎ ﻛﺎن ﻗﻮﻟﻪ :ﻣﺆذﻧﺎً ﺑﻨﻌﻤﺔ إﻳﺠﺎد أﺳﺒﺎب اﻟﻨﺠﺎة ﻣﻦ اﻟﻬﻼك ،وأﺳﺒﺎب اﻟﺴﻌﻲ ﻟﺘﺤﺼﻴﻞ ﻣﺎ ﺑﻪ إﻗﺎﻣﺔ اﻟﻌﻴﺶ؛ إذ ﻳَ ﱠﺴﺮ ﻟﻠﻨﺎس اﻟﺴﻔﻦ ﻋﻮﻧﺎً ﻟﻠﻨﺎس ﻋﻠﻰ اﻷﺳﻔﺎر وﻗﻀﺎء اﻷوﻃﺎر ﻣﻊ اﻟﺴﻼﻣﺔ ﻣﻦ ﻃﻐﻴﺎن ﻣﺎء اﻟﺒﺤﺎر ،وﻛﺎن وﺻﻒ اﻟﺴﻔﻦ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻛﺎﻷﻋﻼم ﺗﻮﺳﻌﺔ ﰲ ﻫﺬه اﻟﻨﻌﻤﺔ ،أﺗﺒﻌﻪ ﺑﺎﳌﻮﻋﻈﺔ ﺑﺄن ﻫﺬا ﻻ ﻳﺤﻮل ﺑﲔ اﻟﻨﺎس وﺑﲔ ﻣﺎ ﻗﺪره اﷲ ﻟﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﻔﻨﺎء ﻟﻴﺲ اﳌﺮاد ﻣﻨﻪ اﻟﻔﺮاغ ﻋﻦ ﺷﻐﻞ؛ ﻷن اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻻ ﻳﺸﻐﻠﻪ ﺷﺄن ﻋﻦ ﺷﺄن ،وﻟﻜﻨﻪ وﻋﻴﺪ ﻣﻦ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻟﻠﺨﻠﻖ ﺑﺎﶈﺎﺳﺒﺔ اﻟﺒﻐﻮي اﻟﺸﻮﻛﺎﻧﻲ ﳌﺎ ﻛﺎن ﻣﻌﺎﻗﺒﺔ اﻟﻌﺼﺎة اﳌﺠﺮﻣﲔ ،وﺗﻨﻌﻴﻢ اﳌﺘﻘﲔ ﻣﻦ ﻓﻀﻠﻪ اﻷﻟﻮﺳﻲ ورﺣﻤﺘﻪ وﻋﺪﻟﻪ وﻟﻄﻔﻪ ﺑﺨﻠﻘﻪ ،وﻛﺎن إﻧﺬاره ﻟﻬﻢ ﻋﻦ ﻋﺬاﺑﻪ وﺑﺄﺳﻪ ﳑﺎ ﻳﺰﺟﺮﻫﻢ ﻋﻤﺎ ﻫﻢ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ اﻟﺸﺮك واﳌﻌﺎﺻﻲ وﻏﻴﺮ ذﻟﻚ ،ﻗﺎل ﳑﺘﻨﺎً ﺑﺬﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺑﺮﻳﺘﻪ: ﻗﺎل اﻟﺮاﻏﺐ :واﳋﻮف ﻣﻦ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻻ ﻳﺮاد ﺑﻪ ﻣﺎ ﻳﺨﻄﺮ ﺑﺎﻟﺒﺎل ﻣﻦ اﻟﺮﻋﺐ؛ ﻛﺎﺳﺘﺸﻌﺎر اﳋﻮف ﻣﻦ اﻷﺳﺪ ،ﺑﻞ إﳕﺎ ﻳﺮاد ﺑﻪ اﻟﻜﻒ ﻋﻦ اﳌﻌﺎﺻﻲ وﲢﺮي اﻟﻄﺎﻋﺎت ،وﻟﺬﻟﻚ ﻗﻴﻞ :ﻻ ﻳﻌﺪ ﺧﺎﺋﻔﺎً ﻣﻦ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻠﺬﻧﻮب ﺗﺎرﻛﺎً اﻟﺴﻌﺪي ﻫﺬه اﻵﻳﺔ ﲡﻤﻊ ﻛ ﱠﻞ ﻧﻌﻴﻢ ﺗﺘﻌﻠﱠﻖ ﺑﻪ اﻷﻣﺎﻧﻲ ،وﻫﻲ ﺟﻤ ُﻊ ﻓ ﱢﻦ ﻻ ﺟﻤﻊ َﻓ َﲍ ،أي :ﻛ ﱡﻞ ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﻨﻌﻴﻢ! اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ اﻟﺴﻴﻮﻃﻲ ﻗﺎل اﳊﺴﻦ :ﻗﺎﺻﺮات اﻟﻄﺮف ﻋﻠﻰ أزواﺟﻬﻦ ﻻ ﻳﺮدن ﻏﻴﺮﻫﻢ ،واﷲ ﻣﺎ ﻫﻦ ﻣﺘﺒﺮﺟﺎت وﻻ ﻣﺘﻄﻠﻌﺎت اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر ووﺟﻪ اﻟﺸﺒﻪ ﺑﺎﻟﻴﺎﻗﻮت واﳌﺮﺟﺎن ﰲ ﻟﻮن اﳊﻤﺮة اﶈﻤﻮدة؛ أي :ﺣﻤﺮة اﳋﺪود ،ﻛﻤﺎ ﻳﺸﺒﻪ اﳋﺪ ﺑﺎﻟﻮرد ،وﻳﻄﻠﻖ اﻷﺣﻤﺮ ﻋﻠﻰ اﻷﺑﻴﺾ؛ ﻓﻤﻨﻪ ﺣﺪﻳﺚ) :ﺑﻌﺜ ُﺖ إﻟﻰ اﻷﺣﻤﺮ واﻷﺳﻮد( اﺑﻦ ﺟﺰي اﳌﻌﻨﻰ أن ﺟﺰاء ﻣﻦ أﺣﺴﻦ ﺑﻄﺎﻋﺔ اﷲ أن ﻳﺤﺴﻦ اﷲ إﻟﻴﻪ ﺑﺎﳉﻨﺔ .وﻳﺤﺘﻤﻞ أن ﻳﻜﻮن اﻹﺣﺴﺎن ﻫﻨﺎ ﻫﻮ اﻟﺬي ﺳﺄل ﻋﻨﻪ ﺟﺒﺮﻳﻞ رﺳﻮل اﷲ ﷺ ﻓﻘﺎل ﻟﻪ)) :أن ﺗﻌﺒﺪ اﷲ ﻛﺄﻧﻚ ﺗﺮاه ﻓﺈن ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺗﺮاه ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺮاك(( -وذﻟﻚ ﻫﻮ ﻣﻘﺎم اﳌﺮاﻗﺒﺔ واﳌﺸﺎﻫﺪة -ﻓﺠﻌﻞ ﺟﺰاء ذﻟﻚ اﻹﺣﺴﺎن ﺑﻬﺎﺗﲔ اﳉﻨﺘﲔ؛ وﻳﻘﻮي ﻫﺬا أﻧﻪ ﺟﻌﻞ ﻫﺎﺗﲔ اﳉﻨﺘﲔ اﳌﻮﺻﻮﻓﺘﲔ ﻫﻨﺎ ﻷﻫﻞ اﳌﻘﺎم اﻟﻌﻠﻲ، وﺟﻌﻞ ﺟﻨﺘﲔ ]دوﻧﻬﻤﺎ[ ﳌﻦ ﻛﺎن دون ذﻟﻚ ٢٩٧
أﺳﻤﺎء اﻟﺴﻮرة ﺳﻮرة اﻟﻮاﻗﻌﺔ ﻻﻓﺘﺘﺎﺣﻬﺎ ﺑﻠﻔﻆ اﻟﻮاﻗﻌﺔ وﺟﻪ اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /ﺗﻮﻗﻴﻔﻴﺔ ﻣﻘﺼﺪ اﻟﺴﻮرة ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﻣﻜﻴﺔ اﳌﺼﺤﻒ ٥٦ اﻟﺘﺨﻮﻳﻒ ﺑﻴﻮم اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ، وﲢﻘﻖ وﻗﻮﻋﻪ وأﺻﻨﺎف ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﺑﲔ ﻳﺪي آﻳﺔ اﻟﻨﺎس ﻓﻴﻪ وﺑﻴﺎن ﺟﺰاء اﻟﻨﺰول ٤٦ اﻟﺴﻮرة ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻢ اﳌﻮﺿﻮع ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺴﻮرة اﻵﻳﺎت اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ﻧﻌﻴﻢ أﻫﻞ اﳉﻨﺔ اﳌﻮﺿﻮع اﻵﻳﺎت دﻻﺋﻞ اﻟﺒﻌﺚ واﳉﺰاء أﻫﻮال ﻳﻮم اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﺛﻮاب اﳌﻘﺮﺑﲔ وأﺻﺤﺎب اﻟﻴﻤﲔ ﺑﲔ أﺻﺤﺎب اﻟﻴﻤﲔ وأﺻﺤﺎب اﻟﺸﻤﺎل وﻋﺎﻗﺒﺔ اﳌﻜﺬﺑﲔ اﻟﻀﺎﻟﲔ ﺗﻌﻈﻴﻢ اﻟﻘﺮآن وﺻﺪق ﻣﺎ أﺧﺒﺮ ﺑﻪ ٢٩٨
أﻏﺮاض اﻟﺴﻮرة اﺷﺘﻤﻠﺖ اﻟﺴﻮرة ﻋﻠﻰ أﺣﻮال ﻳﻮم اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ،وﻣﺎ ﻳﻜﻮن ﺑﲔ ﻳﺪي اﻟﺴﺎﻋﺔ ﻣﻦ أﻫﻮال ،واﻧﻘﺴﺎم اﻟﻨﺎس إﻟﻰ ﺛﻼث ﻃﻮاﺋﻒ )أﺻﺤﺎب اﻟﻴﻤﲔ ،وأﺻﺤﺎب اﻟﺸﻤﺎل ،واﻟﺴﺎﺑﻘﻮن إﻟﻰ ﻣﻨﺎزل اﻟﺴﻌﺪاء( ،وﲢﺪﺛﺖ ﻋﻦ ﻣﺂل ﻛﻞ ﻓﺮﻳﻖ، وﻣﺎ أﻋﺪه اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻟﻬﻢ ﻣﻦ اﳉﺰاء اﻟﻌﺎدل ﻳﻮم اﻟﺪﻳﻦ ،وأﻗﺎﻣﺖ اﻟﺪﻻﺋﻞ ﻋﻠﻰ وﺟﻮد اﷲ ووﺣﺪاﻧﻴﺘﻪ، وﻛﻤﺎل ﻗﺪرﺗﻪ ﰲ ﺑﺪﻳﻊ ﺧﻠﻘﻪ وﺻﻨﻌﻪ ،وﻧﻮﻫﺖ ﺑﺬﻛﺮ اﻟﻘﺮآن اﻟﻌﻈﻴﻢ ،وأﻧﻪ ﺗﻨﺰﻳﻞ رب اﻟﻌﺎﳌﲔ ،وﺻﻮرت ﻣﺎ ﻳﻠﻘﺎه اﻹﻧﺴﺎن ﻋﻨﺪ اﻻﺣﺘﻀﺎر ﻣﻦ ﺷﺪاﺋﺪ وأﺧﻄﺎر ،وﺧﺘﻤﺖ ﺑﺬﻛﺮ اﻟﻄﻮاﺋﻒ اﻟﺜﻼث وﻫﻢ أﻫﻞ اﻟﺴﻌﺎدة ،وأﻫﻞ اﻟﺸﻘﺎوة ،واﻟﺴﺎﺑﻘﻮن إﻟﻰ اﳋﻴﺮات ﻣﻦ أﻫﻞ اﻟﻨﻌﻴﻢ ،وﺑﻴﻨﺖ ﻋﺎﻗﺒﺔ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻢ ،ﻓﻜﺎن ذﻟﻚ ﻛﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ ﳌﺎ ورد ﰲ أول اﻟﺴﻮرة ﻣﻦ إﺟﻤﺎل ،واﻹﺷﺎدة ﺑﺬﻛﺮ ﻣﺂﺛﺮ اﳌﻘﺮﺑﲔ ﰲ اﻟﺒﺪء واﳋﺘﺎم ﻣﻨﺎﺳﺒﺎت اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ أول اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ اﻟﺴﻮرة ﺑﺂﺧﺮﻫﺎ ﳌﺎ ﻗﺒﻠﻬﺎ ﺑﺪأت ﺑﺬﻛﺮ أﺻﻨﺎف اﻟﻨﺎس اﻟﺴﻮرﺗﺎن ﻗﺴﻤﺘﺎ اﻟﻨﺎس اﻟﺜﻼﺛﺔ ،وﺧﺘﻤﺖ ﺑﻬﻢ إﻟﻰ ﺛﻼﺛﺔ أﺻﻨﺎف اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻐﺮﻳﺐ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻧﻔﺲ ﺗُﻜ ﱢﺬب ﺑﺬﻟﻚ ﻟﻴﺲ ﻟﻮﻗﻮﻋﻬﺎ ،وﻗﻴﺎﻣﻬﺎ اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﲢﺮﻳﻜﺎً ﺷﺪﻳﺪاً ُﺣ ﱢﺮﻛﺖ ﺗﺨﻔﺾ اﻟﻜﻔﺎر ﰲ اﻟﻨﺎر، وﺗﺮﻓﻊ اﳌﺆﻣﻨﲔ ﰲ اﳉﻨﺔ أﺻﻨﺎﻓﺎً ﻏﺒﺎراً ﻣﺘﻄﺎﻳﺮاً ﰲ اﳉﻮ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺴﺒﻘﻮن إﻟﻰ و ُﻓ ﱢﺘﺘﺖ اﳌﻨﺎزل اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ ﰲ اﳉﻨﺔ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺴﺒﻘﻮن إﻟﻰ اﳋﻴﺮات، آﺧﺮ ﻫﺬه اﻷﻣﺔ وﻳﺴﺎرﻋﻮن ﻟﻠﻄﺎﻋﺎت اﻟﺸﻤﺎل ﺻﺪر ﻫﺬه اﻷﻣﺔ وﻏﻴﺮﻫﻢ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻛﺜﻴﺮة ﻣﻦ اﻷﱈ اﻷﺧﺮى ٢٩٩
ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ أﻗﺪاح ﻻ ُﻋﺮى ﻏﻠﻤﺎن ﻟﻠﺨﺪﻣﺔ ﻻ ﻣﻨﺴﻮﺟﺔ ﺑﺎﻟﺬﻫﺐ ﻟﻬﺎ ،وﻻ ﺧﺮاﻃﻴﻢ ﻳﻬﺮﻣﻮن ،وﻻ ﳝﻮﺗﻮن أوا ٍن ﻟﻬﺎ ﻋﺮى، ﺧﻤﺮ ﺟﺎرﻳﺔ ﰲ اﳉﻨﺔ ﺧﻤﺮ ،أو ﻗﺪح وﺧﺮاﻃﻴﻢ ﻓﻴﻪ ﺧﻤﺮ ﻧﺴﺎء ﺑﻴﺾ واﺳﻌﺎت ﻻ ﺗُﺼ ﱠﺪع ﻣﻨﻬﺎ رؤوﺳﻬﻢ اﻷﻋﲔ ِﺣﺴﺎﻧُﻬﺎ وﻻ ﺗﺬﻫﺐ ﺑﻌﻘﻮﻟﻬﻢ اﳌﺼﻮن ﰲ أﺻﺪاﻓﻪ ﻣﺎ ﻳﺘﺄﺛﻤﻮن ﺑﺴﻤﺎﻋﻪ ﺑﺎﻃ ًﻼ ،وﻛﻼﻣﺎً ﻣﻦ ﺻﻔﺎﺋﻬﻦ ،وﺟﻤﺎﻟﻬﻦ ﻻ ﺧﻴﺮ ﻓﻴﻪ ﺷﺠﺮ اﻟﻨﺒﻖ ﻻ ﻗﻮﻻً ﺷﻮك ﻓﻴﻪ إﻻ ﻗﻮ ًﻻ ﺳﺎﳌﺎً ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻌﻴﻮب، وإﻻ ﺗﺴﻠﻴﻢ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ﺟﺎر ﻻ ﻳﻨﻘﻄﻊ وﻇﻞ داﺋﻢ ﻻ ﻳﺰول ﻫﻮ ﺷﺠﺮ ﻣﺘﺤﺒﺒﺎت ﻷزواﺟﻬﻦ اﻟﻄﻠﺢ اﳌﻌﺮوف ﺧﻠﻘﻨﺎ ﻧﺴﺎء أﻫﻞ اﳉﻨﺔ ﻣﺎء ﺣﺎر ﻳﻐﻠﻲ ﻧﺸﺄة ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻻ ﺗﻘﺒﻞ اﻟﻔﻨﺎء ﻣﺮﻓﻮﻋﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﺮر ﻣﺘﻨﻌﻤﲔ ﻣﻨﻬﻤﻜﲔ رﻳﺢ ﺣﺎرة ﻣﻦ ﺣﺮ ﻧﺎر ﰲ ﺳﻦ واﺣﺪة ﰲ اﻟﺸﻬﻮات ﺟﻬﻨﻢ ،ﺗﺄﺧﺬ ﺑﺄﻧﻔﺎﺳﻬﻢ دﺧﺎن ﺷﺪﻳﺪ اﻟﺴﻮاد أﻗﺒﺢ اﻟﺸﺠﺮ ﰲ اﻟﻨﺎر ﻻ ﺑﺎرد اﳌﻨﺰل ،وﻻ اﻟﺬﻧﺐ اﻟﻌﻈﻴﻢ؛ وﻫﻮ ﻃﻴﺐ اﳌﻨﻈﺮ ﻣﺎ أُﻋ ﱠﺪ ﻟﻬﻢ ﻣﻦ اﳉﺰاء اﻟﺸﺮك ﺑﺎﷲ أﻧُﺒﻌﺚ ﻧﺤﻦ ،وآﺑﺎؤﻧﺎ؟! اﻟﻨﱡﻄﻒ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺬﻓﻮﻧﻬﺎ ﻣﺎء ُﻣﺘﻨﺎٍه ﰲ اﳊﺮارة ﰲ أرﺣﺎم ﻧﺴﺎﺋﻜﻢ ﻛﺸﺮب اﻹﺑﻞ اﻟ ِﻌﻄﺎش اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺮوى ﻟﺪاء ﻳﺼﻴﺒﻬﺎ ﻳﻮم اﳉﺰاء ،واﳊﺴﺎب ﻓﺄﺻﺒﺤﺘﻢ ﻓﻬﻼ ﺗﺼﺪﻗﻮن ﺑﺎﻟﺒﻌﺚ؟! اﻟﺴﺤﺎب ﻫﺸﻴﻤﺎً؛ ﻻ ﻳُﻨﺘﻔﻊ ﺑﻪ ﺑﻌﺎﺟﺰﻳﻦ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ أوﺟﺪﰎ ﰲ ﻣﻄﻌﻢ ﺗﺘﻌﺠﺒﻮن ﳑﺎ وﻣﻨﻔﻌﺔ ﻟﻠﻤﺴﺎﻓﺮﻳﻦ ﺗﻘﻮﻟﻮن :إﻧﺎ ﳋﺎﺳﺮون ﻧﺰل ﺑﺰرﻋﻜﻢ ُﻣﻌ ﱠﺬﺑﻮن ﲟﺴﺎﻗﻄﻬﺎ ﰲ ﻣﻐﺎرﺑﻬﺎ ﺷﺪﻳﺪ اﳌﻠﻮﺣﺔ؛ ﻻ ﻳُﻨﺘﻔﻊ ﰲ اﻟﺴﻤﺎء ﺗُﻮ ِﻗ ُﺪون ،وﺗﻘﺪﺣﻮن ﺑﻪ ﰲ ﺷﺮب ،وﻻ زرع اﻟﺰﻧﺎد ﻻﺳﺘﺨﺮاﺟﻬﺎ اﻟﻘﺮآن اﻟﺸﺠﺮة اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺪح ﻣﻨﻬﺎ ﺗﺬﻛﻴﺮاً ﻟﻜﻢ ﺑﻨﺎر ﺟﻬﻨﻢ اﻟﻨﺎر؛ ﻛﺎﳌ ْﺮخ واﻟ ِﻌﻔﺎر وﺻﻠﺖ اﻟﺮوح اﳊﻠﻘﻮم ﻋﻨﺪ اﳌﻮت أﻗﺴﻢ وأﺣﻠﻒ ﻧﺰه رﺑﻚ ذاﻛﺮاً اﺳﻤﻪ رﺣﻤﺔ واﺳﻌﺔ، و)ﻻ( :ﺗﻮﻛﻴﺪ ﻟﻠﻘﺴﻢ ﻋﻈﻴﻢ اﳌﻨﺎﻓﻊ ،ﻛﺜﻴﺮ واﺳﺘﺮاﺣﺔ ،وﻓﺮح ﻣﺴﺘﻮر ﻣﺼﻮن اﳋﻴﺮ ،ﻏﺰﻳﺮ اﻟﻌﻠﻢ ﻟﻜﻮﻧﻚ ﻣﻦ أﺻﺤﺎب ﲡﻌﻠﻮن ﺷﻜﺮ ﻧﻌﻢ ُﻣﻜ ﱢﺬﺑﻮن اﻟﻴﻤﲔ اﷲ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﻳﺪﺧﻞ ﻓﻴﻬﺎ، ﺗﺮ ﱡدون اﻟﺮوح إﻟﻰ اﳉﺴﺪ ﻏﻴﺮ ﻣﺠ ِﺰ ﱢﻳﲔ ،وﻣﺤﺎﺳﺒﲔ وﻳﻘﺎﺳﻲ ﺣﺮﻫﺎ ﻓﻴﻘﺎل ﻟﻪ :ﺳﻼﻣﺔ رزق ﺣﺴﻦ ،وراﺋﺤﺔ ﻃﻴﺒﺔ ،وﺟﻤﻴﻊ ﻟﻚ ،وأﻣﻦ ﻣﺎ ﺗﻄﻴﺐ ﺑﻪ ﻧﻔﺴﻪ ﺷﺮاب ﺟﻬﻨﻢ اﳌﺘﻨﺎﻫﻲ ﺿﻴﺎﻓﺔ ﰲ اﳊﺮارة ﻻ ﻣﺮﻳﺔ ﻓﻴﻪ ٣٠٠
ﻣﻦ وﺣﻲ اﻵي اﻟﺴﻴﻮﻃﻲ ﻗﺎل زﻳﺪ ﺑﻦ أﺳﻠﻢ :ﻣﻦ اﻧﺨﻔﺾ ﻳﻮﻣﺌﺬ؛ ﻟﻢ ﻳﺮﺗﻔﻊ أﺑﺪاً ،وﻣﻦ ارﺗﻔﻊ ﻳﻮﻣﺌﺬ؛ ﻟﻢ ﻳﻨﺨﻔﺾ أﺑﺪاً اﺑﻦ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺳﺎﺑﻖ ﰲ اﻟﺪﻧﻴﺎ وﺳﺒﻖ إﻟﻰ ﻓﻌﻞ اﳋﻴﺮ ﻛﺎن اﻟﺒﻘﺎﻋﻲ ﰲ اﻵﺧﺮة ﻣﻦ اﻟﺴﺎﺑﻘﲔ إﻟﻰ اﻟﻜﺮاﻣﺔ؛ ﻓﺈن اﳉﺰاء اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر ﻣﻦ ﺟﻨﺲ اﻟﻌﻤﻞ ،وﻛﻤﺎ ﺗﺪﻳﻦ ﺗﺪان وﳌﺎ ﻛﺎن اﳉﻤﻊ إذا ﻛﺜﺮ ﻛﺎن ﻇﻬﻮر ﺑﻌﺾ أﻫﻠﻪ إﻟﻰ ﺑﻌﺾ ،أﻋﻠﻢ أن ﺟﻤﻮع أﻫﻞ اﳉﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺮ ذﻟﻚ ﻓﻘﺎل: ؛ ﻓﻼ ﺑﻌﺪ وﻻ ﻣﺪاﺑﺮة؛ ﻻ ﻳﻨﻈﺮ ﺑﻌﻀﻬﻢ إﻟﻰ ﻗﻔﺎ ﺑﻌﺾ وﻻ ﻳﻜﺮه ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺑﻌﻀﺎً ﻗﺪم ذﻛﺮ اﻟﻔﺎﻛﻬﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻠﺤﻢ؛ ﻷن اﻟﻔﻮاﻛﻪ أﻋﺰ ،وﻟﺬﻟﻚ ﺟﻌﻞ اﻟﺘﺨﻴﻴﺮ ﻟﻠﻔﺎﻛﻬﺔ ،واﻻﺷﺘﻬﺎء ﻟﻠﺤﻢ؛ وﻷن اﻻﺷﺘﻬﺎء أﻋﻠﻖ ﺑﺎﻟﻄﻌﺎم ﻣﻨﻪ ﺑﺎﻟﻔﻮاﻛﻪ ،ﻓﻠﺬة ﻛﺴﺮ اﻟﺸﻬﻴﺔ ﺑﺎﻟﻄﻌﺎم ﻟﺬة زاﺋﺪة ﻋﻠﻰ ﻟﺬة ﺣﺴﻦ ﻃﻌﻤﻪ ،وﻛﺜﺮة اﻟﺘﺨﻴﻴﺮ ﻟﻠﻔﺎﻛﻬﺔ ﻓﻴﻪ ﻟﺬة أﺧﺮى ﻫﻲ ﻟﺬة ﺗﻠﻮﻳﻦ اﻷﺻﻨﺎف ﻓﻬﻢ ﻣﻦ ﻟﺬة ﻋﻈﻤﻰ إﻟﻰ ﻣﺜﻠﻬﺎ اﺑﻦ ﺟﺰي ﺷﺒﻬﻬﻦ ﺑﺎﻟﻠﺆﻟﺆ ﰲ اﻟﺒﻴﺎض ،ووﺻﻔﻪ ﺑﺎﳌﻜﻨﻮن؛ ﻷﻧﻪ أﺑﻌﺪ ﻋﻦ ﺗﻐﻴﻴﺮ ﺣﺴﻨﻪ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ اﻟﺒﻘﺎﻋﻲ أي :أوﺟﺒﻨﺎه ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺪار ﻣﻌﻠﻮم ﻟﻜﻞ أﺣﺪ ﻻ ﻳﺘﻌﺪاه؛ ﻓﻘﺼﺮﻧﺎ اﻟﻘﺮﻃﺒﻲ ﻋﻤﺮ ﻫﺬا ،ورﲟﺎ ﻛﺎن ﰲ اﻷوج ﻣﻦ ﻗﻮة اﻟﺒﺪن وﺻﺤﺔ اﳌﺰاج، وأﻃﻠﻨﺎ ﻋﻤﺮ ﻫﺬا ،وﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﰲ اﳊﻀﻴﺾ ﻣﻦ ﺿﻌﻒ اﻟﺒﺪن واﺿﻄﺮاب اﳌﺰاج ،وأﻧﺘﻢ ﻣﻌﺘﺮﻓﻮن ﺑﺄﻧﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ رﺗﺐ أﻓﻌﺎﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺘﻀﻰ اﻟﻜﻤﺎل واﻟﻘﺪرة واﳊﻜﻤﺔ اﻟﺒﺎﻟﻐﺔ وﺗﺘﻀﻤﻦ ﻫﺬه اﻵﻳﺔ أﻣﺮﻳﻦ :أﺣﺪﻫﻤﺎ :اﻻﻣﺘﻨﺎن ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺑﺄن أﻧﺒﺖ زرﻋﻬﻢ ﺣﺘﻰ ﻋﺎﺷﻮا ﺑﻪ؛ ﻟﻴﺸﻜﺮوه ﻋﻠﻰ ﻧﻌﻤﺘﻪ ﻋﻠﻴﻬﻢ. اﻟﺜﺎﻧﻲ :اﻟﺒﺮﻫﺎن اﳌﻮﺟﺐ ﻟﻼﻋﺘﺒﺎر ﺑﺄﻧﻪ ﳌﺎ أﻧﺒﺖ زرﻋﻬﻢ ﺑﻌﺪ ﺗﻼﺷﻲ ﺑﺬره ،واﻧﺘﻘﺎﻟﻪ إﻟﻰ اﺳﺘﻮاء ﺣﺎﻟﻪ ﻣﻦ اﻟﻌﻔﻦ واﻟﺘﺘﺮﻳﺐ ﺣﺘﻰ ﺻﺎر زرﻋﺎً أﺧﻀﺮ ،ﺛﻢ ﺟﻌﻠﻪ ﻗﻮﻳﺎً ﻣﺸﺘﺪاً أﺿﻌﺎف ﻣﺎ ﻛﺎن ﻋﻠﻴﻪ؛ ﻓﻬﻮ ﺑﺈﻋﺎدة ﻣﻦ أﻣﺎت أﺧﻒ ﻋﻠﻴﻪ وأﻗﺪر .وﰲ ﻫﺬا ﺑﺮﻫﺎن ﻣﻘﻨﻊ ﻟﺬوي اﻟﻔﻄﺮ اﻟﺴﻠﻴﻤﺔ اﻟﺸﻨﻘﻴﻄﻲ وﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﰲ ﻫﺬه اﻵﻳﺔ اﻟﻜﺮﳝﺔ: اﺑﻦ اﻟﻘﻴﻢ ﻳﺪل ﻋﻠﻰ أن ﺟﻤﻴﻊ اﳌﺎء اﻟﺴﺎﻛﻦ ﰲ اﻷرض ،اﻟﻨﺎﺑﻊ ﻣﻦ اﻟﻌﻴﻮن واﻵﺑﺎر وﻧﺤﻮ ذﻟﻚ ،أن أﺻﻠﻪ ﻛﻠﻪ ﻧﺎزل ﻣﻦ اﳌﺰن ،وأن اﷲ أﺳﻜﻨﻪ ﰲ اﻷرض وﺧﺰﻧﻪ ﻓﻴﻬﺎ ﳋﻠﻘﻪ ﺧﺺ اﳌﻘﺮﺑﲔ ﺑﺎﻟﺬﻛﺮ وإن ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻨﻔﻌﺘﻬﺎ ﻋﺎﻣﺔ ﻟﻠﻤﺴﺎﻓﺮﻳﻦ واﳌﻘﻴﻤﲔ؛ ﺗﻨﺒﻴﻬﺎً ﻟﻌﺒﺎده -واﷲ أﻋﻠﻢ ﲟﺮاده ﻣﻦ ﻛﻼﻣﻪ -ﻋﻠﻰ أﻧﻬﻢ ﻛﻠﻬﻢ ﻣﺴﺎﻓﺮون وأﻧﻬﻢ ﰲ ﻫﺬه اﻟﺪار ﻋﻠﻰ ﺟﻨﺎح ﺳﻔﺮ ﻟﻴﺴﻮا ﻫﻢ ﻣﻘﻴﻤﲔ وﻻ ﻣﺴﺘﻮﻃﻨﲔ وأﻧﻬﻢ ﻋﺎﺑﺮو ﺳﺒﻴﻞ وأﺑﻨﺎء ﺳﻔﺮ ٣٠١
اﻟﺸﻮﻛﺎﻧﻲ أي :ﻛ ﱠﺮﻣﻪ اﷲ وﻋﺰه ورﻓﻊ ﻗﺪره ﻋﻠﻰ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻜﺘﺐ ،وﻛ ﱠﺮﻣﻪ ﻋﻦ أن ﻳﻜﻮن ﺳﺤﺮاً أو ﻛﻬﺎﻧ ًﺔ أو ﻛﺬﺑﺎً ،وﻗﻴﻞ :إﻧﻪ ﻛﺮﱘ ﳌﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﻛﺮم اﻷﺧﻼق وﻣﻌﺎﻟﻲ اﻷﻣﻮر ،وﻗﻴﻞ :ﻷﻧﻪ ﻳﻜﺮم ﺣﺎﻓﻈﻪ وﻳﻌﻈﻢ ﻗﺎرﺋﻪ ،وﺣﻜﻰ اﻟﻮاﺣﺪي ﻋﻦ أﻫﻞ اﳌﻌﺎﻧﻲ :أن وﺻﻒ اﻟﻘﺮآن ﺑﺎﻟﻜﺮﱘ ﻷن ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ أن ﻳﻌﻄﻲ اﳋﻴﺮ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﺑﺎﻟﺪﻻﺋﻞ اﻟﺘﻲ ﺗﺆدي إﻟﻰ اﳊﻖ ﰲ اﻟﺪﻳﻦ ،ﻗﺎل اﻷزﻫﺮي :اﻟﻜﺮﱘ اﺳﻢ ﺟﺎﻣﻊ ﳌﺎ ﻳﺤﻤﺪ ،واﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﱘ ﻳﺤﻤﺪ ﳌﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ اﻟﻬﺪى واﻟﺒﻴﺎن واﻟﻌﻠﻢ واﳊﻜﻤﺔ اﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻛﻤﺎ أن اﻟﻠﻮح اﶈﻔﻮظ اﻟﺬي ﻛﺘﺐ ﻓﻴﻪ ﺣﺮوف اﻟﻘﺮآن اﺑﻦ اﻟﻘﻴﻢ ﻻ ﳝﺴﻪ إﻻ ﺑﺪن ﻃﺎﻫﺮ ،ﻓﻤﻌﺎﻧﻲ اﻟﻘﺮآن ﻻ ﻳﺬوﻗﻬﺎ إﻻ اﻟﻘﻠﻮب اﻟﻄﺎﻫﺮة ،وﻫﻲ ﻗﻠﻮب اﳌﺘﻘﲔ وذﻛﺮ اﻟﺘﻨﺰﻳﻞ ﻣﻀﺎﻓﺎً إﻟﻰ رﺑﻮﺑﻴﺘﻪ ﻟﻠﻌﺎﳌﲔ ،اﳌﺴﺘﻠﺰﻣﺔ ﲤﻠﻜﻪ ﻟﻬﻢ ،وﺗﺼﺮﻓﻪ ﻓﻴﻬﻢ ،وﺣﻜﻤﻪ ﻋﻠﻴﻬﻢ ،وأ ﱠن ﻣﻦ ﻫﺬا ﺷﺄﻧﻪ ﻣﻊ اﳋﻠﻖ ﻛﻴﻒ ﻳﻠﻴﻖ ﺑﻪ ﻣﻊ رﺑﻮﺑﻴﺘﻪ اﻟﺘﺎﻣﺔ أن ﻳﺘﺮﻛﻬﻢ ﺳﺪى، وﻳﺪﻋﻬﻢ ﻫﻤ ًﻼ ،وﻳﺨﻠﻘﻬﻢ ﻋﺒﺜﺎً ،ﻻ ﻳﺄﻣﺮﻫﻢ وﻻ ﻳﻨﺎﻫﻬﻢ، وﻻ ﻳﺜﻴﺒﻬﻢ وﻻ ﻳﻌﺎﻗﺒﻬﻢ اﺑﻦ ﺟﺰي ﻗﺎل اﺑﻦ ﻋﻄﻴﺔ :أﺟﻤﻊ اﳌﻔﺴﺮون ﻋﻠﻰ أن اﻵﻳﺔ اﻟﻐﺰاﻟﻲ ﺗﻮﺑﻴﺦ ﻟﻠﻘﺎﺋﻠﲔ ﰲ اﳌﻄﺮ :إﻧﻪ ﻧﺰل ﺑﻨﻮء ﻛﺬا وﻛﺬا. واﳌﻌﻨﻰ :ﲡﻌﻠﻮن ﺷﻜﺮ رزﻗﻜﻢ اﻟﺘﻜﺬﻳﺐ ﻋﻨﺪﻣﺎ اﻗﺮأ وﺻﻒ اﶈﺘﻀﺮ -وﻫﻮ ﻋﻠﻰ ﻋﺘﺒﺎت اﻵﺧﺮة- وروﺣﻪ ﺗﻮدع اﻟﺪﻧﻴﺎ ،اﺗﺮك رﻫﺒﺔ اﻟﺼﻮرة ﺗﻐﺰو ﻧﻔﺴﻲ، وأﻧﺎ ﻣﺴﺘﻜﲔ: اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ٣٠٢
أﺳﻤﺎء اﻟﺴﻮرة ﺳﻮرة اﳊﺪﻳﺪ ﻟﻮﻗﻮع ﻟﻔﻆ اﳊﺪﻳﺪ ﻓﻴﻬﺎ وﺟﻪ اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /ﺗﻮﻗﻴﻔﻴﺔ ﻣﻘﺼﺪ اﻟﺴﻮرة ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﻣﺪﻧﻴﺔ اﳌﺼﺤﻒ ٥٧ ﺑﻨﺎء اﻟﻘﻮة اﻹﳝﺎﻧﻴﺔ واﳌﺎدﻳﺔ اﻟﺒﺎﻋﺜﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺪﻋﻮة واﳉﻬﺎد، ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﺑﲔ ﻳﺪي آﻳﺔ وﺗﺨﻠﻴﺺ اﻟﻨﻔﻮس ﻣﻦ ﻋﻮاﺋﻘﻬﺎ؛ اﻟﻨﺰول ٩٤ اﻟﺴﻮرة وﻟﺬا ﺗﻜﺮر ﻓﻴﻬﺎ ذﻛﺮ اﻹﻧﻔﺎق واﻹﳝﺎن اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺴﻮرة اﳌﻮﺿﻮع اﳌﻮﺿﻮع اﻵﻳﺎت اﻵﻳﺎت اﻹﳝﺎن واﻹﻧﻔﺎق وﺛﻮاب اﳌﻨﻔﻘﲔ ﺗﺴﺒﻴﺢ اﻟﻜﻮن ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ دﻋﻮة اﳌﺆﻣﻨﲔ إﻟﻰ ﺧﺸﻴﺔ اﷲ واﻹﻧﻔﺎق ﺣﻮار أﻫﻞ اﻟﻨﻔﺎق ﻣﻊ أﻫﻞ اﻹﳝﺎن ﰲ اﻟﻴﻮم اﻵﺧﺮ ﰲ ﺳﺒﻴﻠﻪ وﺛﻮاب اﳌﺆﻣﻨﲔ وﺟﺰاء اﻟﻜﺎﻓﺮﻳﻦ ﺑﲔ ﺣﻘﻴﻘﺔ اﻟﺪﻧﻴﺎ واﻵﺧﺮة اﻟﺪﻋﻮة ﺑﺎﳌﺴﺎرﻋﺔ إﻟﻰ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺼﺎﻟﺢ اﻟﻐﺎﻳﺔ ﻣﻦ إرﺳﺎل اﻟﺮﺳﻞ وﺟﺰاء اﳌﺼﺪﻗﲔ ﺑﻬﻢ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﻋﻘﻴﺪة اﻹﳝﺎن ﺑﺎﻟﻘﻀﺎء واﻟﻘﺪر ﺗﺴﻔﻴﻪ زﻋﻢ اﻟﻴﻬﻮد اﻗﺘﺼﺎر اﻟﻨﺒﻮة ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻟﺪﻋﻮة إﻟﻰ اﻹﳝﺎن ﺑﺮﺳﺎﻟﺔ ﻣﺤﻤﺪ ﷺ وﺑﻴﺎن ﺛﻮاب ذﻟﻚ ٣٠٣
أﻏﺮاض اﻟﺴﻮرة اﻫﺘﻤﺖ ﺳﻮرة اﳊﺪﻳﺪ ﺑﺎﻟﺘﺸﺮﻳﻊ واﻟﺘﺮﺑﻴﺔ واﻟﺘﻮﺟﻴﻪ ،وﺑﻨﺎء اﳌﺠﺘﻤﻊ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﻌﻘﻴﺪة اﻟﺼﺤﻴﺤﺔ ،واﳋﻠﻖ اﻟﻜﺮﱘ ،واﻟﺘﺸﺮﻳﻊ اﳊﻜﻴﻢ ،وﺗﻀﻤﻨﺖ ﺣﻘﻴﻘﺔ اﻟﻐﺎﻳﺔ ﻣﻦ ﺑﻌﺚ اﻟﺮﺳﻞ ،وأﻣﺮت ﺑﺎﻻﻗﺘﺪاء ﺑﻬﺪﻳﻬﻢ ،وﻗﺪ ﺗﻨﺎوﻟﺖ اﻟﺴﻮرة ﺛﻼﺛﺔ أﻏﺮاض رﺋﻴﺴﻴﺔ ،وﻫﻲ: اﻟﻐﺮض اﻷول :أن اﻟﻜﻮن ﻛﻠﻪ ﷲ ،ﻫﻮ ﺧﺎﻟﻘﻪ وﻣﺒﺪﻋﻪ ،واﳌﺘﺼﺮف ﻓﻴﻪ ﲟﺎ ﻳﺸﺎء. اﻟﻐﺮض اﻟﺜﺎﻧﻲ :وﺟﻮب اﻟﺘﻀﺤﻴﺔ ﺑﺎﻟﻨﻔﺲ واﻟﻨﻔﻴﺲ ﻣﻦ ﻣﺎل وﻏﻴﺮه ،ﻹﻋﺰاز دﻳﻦ اﷲ ،ورﻓﻊ ﻣﻨﺎر اﻹﺳﻼم، اﻟﺬي ﺧﺘﻢ اﷲ ﺑﻪ اﻟﺮﺳﺎﻻت اﻟﺴﻤﺎوﻳﺔ. اﻟﻐﺮض اﻟﺜﺎﻟﺚ :ﺗﺼﻮﻳﺮ ﺣﻘﻴﻘﺔ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﲟﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺑﻬﺮج وﻣﺘﺎع ﺧﺎدع ،ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﻐﺘﺮ ﺑﻬﺎ اﻹﻧﺴﺎن ،وﻳﻨﺴﻰ اﻵﺧﺮة اﻟﺘﻲ ﻫﻲ دار ﺧﻠﻮد وﺑﻘﺎء ،ﺣﻴﺚ ﻻ ﻧﺼﺐ ﻓﻴﻬﺎ وﻻ ﺗﻌﺐ ،وﻻ ﻫﻢ ﻫﻨﺎﻟﻚ وﻻ ﺷﻘﺎء. ﻣﻨﺎﺳﺒﺎت اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ أول اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ اﻟﺴﻮرة ﺑﺂﺧﺮﻫﺎ ﳌﺎ ﻗﺒﻠﻬﺎ ﺑﺪأت ﺑﻮﺻﻒ اﷲ ،وﺧﺘﻤﺖ ﺑﻪ: ﺧﺘﻤﺖ ﺳﻮرة اﻟﻮاﻗﻌﺔ ﺑﺎﻟﺘﺴﺒﻴﺢ ،وﺑﺪأت ﺳﻮرة اﳊﺪﻳﺪ ﺑﺎﻟﺘﺴﺒﻴﺢ ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻐﺮﻳﺐ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ اﻟﺬي ﻟﻴﺲ ﺑﻌﺪه ﺷﻲء اﻟﺬي ﻟﻴﺲ ﻗﺒﻠﻪ ﺷﻲء ﻧﺰه اﷲ ﻋﻤﺎ ﻻ ﻳﻠﻴﻖ ﺑﻪ ﺟﻞ ﺟﻼﻟﻪ ﻣﺎ ﻳﺪﺧﻞ ﻣﻦ ﻣﻄﺮ ،وﻏﻴﺮه اﻟﺬي ﻟﻴﺲ دوﻧﻪ ﺷﻲء اﻟﺬي ﻟﻴﺲ ﻓﻮﻗﻪ ﺷﻲء ﻣﻦ اﳌﺎل اﻟﺬي ﺟﻌﻠﻜﻢ ﻳُﺪ ِﺧﻞ ﻣﺎ ﻳﺼﻌﺪ إﻟﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﻠﻔﺎء ﰲ اﻟﺘﺼﺮف ﻓﻴﻪ اﳉﻨﺔ اﳌﻼﺋﻜﺔ ،واﻷﻋﻤﺎل ﻣﺤﺘﺴﺒﺎً ﰲ ﻧﻔﻘﺘﻪ ﻓﺘﺢ ﻣﻜﺔ ﺑﻼ ﻣﻦ ،وﻻ أذى ﻧﺄﺧﺬ ،وﻧُ ِﺼﺐ اﻧﺘﻈﺮوﻧﺎ ﳑﺎ ﻳﻠﻲ اﳌﺆﻣﻨﲔ ٣٠٤
ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﺗﺮﻗﺒﺘﻢ ﺣﺼﻮل اﻟﻨﻮاﺋﺐ أﻫﻠﻜﺘﻢ ﳑﺎ ﻳﻠﻲ اﳌﻨﺎﻓﻘﲔ ﻟﻠﻨﺒﻲ ﷺ ،واﳌﺆﻣﻨﲔ ﻣﻌﻪ وﺧﺪﻋﺘﻜﻢ اﻷﺑﺎﻃﻴﻞ وﺷﻜﻜﺘﻢ ﰲ اﻟﺒﻌﺚ اﳌﻮت ِﻋﻮض ﻟﻴُﻔﺘﺪى ﺑﻪ ﻣﺼﻴﺮﻛﻢ ﻣﻦ ﻋﺬاب اﷲ اﻟﺸﻴﻄﺎن أﻟﻢ ﻳ ِﺤﻦ وﻳﺠﺊ اﳌﺮﺟﻊ أوﻟﻰ ﺑﻜﻢ اﻟﻮﻗﺖ؟! اﻟﺰﻣﺎن ﺗﺨﻀﻊ ،وﺗ ِﺮ ﱠق ،وﺗﻠﲔ اﳌﺘﺼﺪﻗﲔ ﻣﺤﺘﺴﺒﲔ ﰲ ﻧﻔﻘﺎﺗﻬﻢ اﻟﺬﻳﻦ ُﻗ ِﺘﻠُﻮا ﰲ ﺳﺒﻴﻞ اﷲ اﳌﺒﺎﻟﻐﻮن ﰲ اﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﺑﻼ ﻣﻦ ،وﻻ أذى اﻟ ﱡﺰراع ،ﺳﻤﻮا ﺑﺬﻟﻚ؛ ﻷﻧﻬﻢ ﺗﻠﻬﻮ ﺑﻬﺎ اﻟﻘﻠﻮب ﺗﻠﻌﺐ ﺑﻬﺎ اﻷﺑﺪان ﻳﺴﺘﺮون اﳊﺐ ﰲ اﻟﺘﺮاب ُﻓﺘﺎﺗﺎً ﻣﺘﻬﺸﻤﺎً ﻳﻴﺒﺲ ﺳﺎرﻋﻮا ﻣﺴﺎرﻋﺔ ﻧﺨﻠﻖ ﻫﺬه اﳌﺨﻠﻮﻗﺎت اﳌﺘﺴﺎﺑﻘﲔ ﰲ اﳌﻀﻤﺎر اﻟﻠﻮح اﶈﻔﻮظ ﲢﺰﻧﻮا ﻣﺘﻜﺒﺮ ﻓﺮح ﺑﻄﺮ ،واﺧﺘﻴﺎل ﻣﺘﻄﺎول ﺑﻪ ﻳﻔﺨﺮ ﺑﺎﳊﺠﺞ اﻟﻮاﺿﺤﺎت اﶈﻤﻮد ﻋﻠﻰ ﻛﻤﺎل ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺎس ﻏﺎﻟﺐ ﻻ ﻳُﻐﻠﺐ ﺻﻔﺎﺗﻪ ،وﺟﻤﻴﻞ ﻓﻌﺎﻟﻪ ﻣﺎ ﻓﺮﺿﻨﺎﻫﺎ اﻟﻌﺪل ﰲ ِﺿﻌﻔﲔ ﻗﻮة اﻷﻗﻮال ،واﻷﻓﻌﺎل ﻏﻠﻮاً ﰲ اﻟﺘﻌﺒﺪ أﺗﺒﻌﻨﺎﻫﻢ ،وﺑﻌﺜﻨﺎ ﺑﻌﺪﻫﻢ ﻣﺎ ﻗﺎﻣﻮا ﺑﻬﺎ ﺣﻖ اﻟﻘﻴﺎم، ﻓﻌﻠﻮﻫﺎ ﻣﻦ ﻋﻨﺪ ﺑﻞ ﺑﺪﻟﻮا وﺧﺎﻟﻔﻮا أﻧﻔﺴﻬﻢ ﻳﻄﻠﺒﻮن أﻋﻄﺎﻛﻢ اﷲ ذﻟﻚ ﻷﺟﻞ أن ﻳﻌﻠﻢ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ﻣﻦ وﺣﻲ اﻵي ﻳﻌﻨﻲ :أن اﻷﻣﻮال اﻟﺘﻲ ﺑﺄﻳﺪﻳﻜﻢ إﳕﺎ وﻗﻮﻟﻪ: اﺑﻦ ﺟﺰي ﻫﻲ أﻣﻮال اﷲ؛ ﻷﻧﻪ ﺧﻠﻘﻬﺎ ،وﻟﻜﻨﻪ ﻣ ﱠﺘﻌﻜﻢ ﺑﻬﺎ وﺟﻌﻠﻜﻢ ﺧﻠﻔﺎء ﺑﺎﻟﺘﺼﺮف ﻓﻴﻬﺎ ،ﻓﺄﻧﺘﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﲟﻨﺰﻟﺔ اﻟﻮﻛﻼء ،ﻓﻼ ﲤﻨﻌﻮﻫﺎ ﻣﻦ اﻹﻧﻔﺎق ﻓﻴﻤﺎ أﻣﺮﻛﻢ ﻣﺎﻟﻜﻬﺎ أن ﺗﻨﻔﻘﻮﻫﺎ ﻓﻴﻪ اﺑﻦ اﻟﻘﻴﻢ أﻗﺮب اﳋﻠﻖ إﻟﻰ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ أﻋﻈﻤﻬﻢ رأﻓﺔ ورﺣﻤﺔ ،ﻛﻤﺎ أن أﺑﻌﺪﻫﻢ ﻣﻨﻪ ﻣﻦ اﺗﺼﻒ ﺑﻀﺪ ﺻﻔﺎﺗﻪ اﻟﻘﺮﻃﺒﻲ وإﳕﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻨﻔﻘﺔ ﻗﺒﻞ اﻟﻔﺘﺢ أﻋﻈﻢ ﻷن ﺣﺎﺟﺔ اﻟﻨﺎس ﻛﺎﻧﺖ أﻛﺜﺮ؛ ﻟﻀﻌﻒ اﻹﺳﻼم ،وﻓﻌﻞ ذﻟﻚ ﻛﺎن ﻋﻠﻰ اﳌﻨﻔﻘﲔ ﺣﻴﻨﺌﺬ أﺷﻖ ،واﻷﺟﺮ ﻋﻠﻰ ﻗﺪر اﻟﻨﺼﺐ ٣٠٥
اﺑﻦ اﻟﻘﻴﻢ وﺣﻴﺚ ﺟﺎء ﻫﺬا اﻟﻘﺮض ﰲ اﻟﻘﺮآن َﻗ ﱠﻴ َﺪه ﺑﻜﻮﻧﻪ ﺣﺴﻨﺎً؛ وذﻟﻚ ﻳﺠﻤﻊ أﻣﻮراً ﺛﻼﺛﺔ :أﺣﺪﻫﺎ :أن ﻳﻜﻮن ﻣﻦ ﻃﻴﺐ ﻣﺎﻟﻪ، ﻻ ﻣﻦ ردﻳﺌﻪ وﺧﺒﻴﺜﻪ .اﻟﺜﺎﻧﻲ :أن ﻳﺨﺮﺟﻪ ﻃﻴﺒﺔ ﺑﻪ ﻧﻔﺴﻪ ،ﺛﺎﺑﺘﺔ ﻋﻨﺪ ﺑﺬﻟﻪ اﺑﺘﻐﺎء ﻣﺮﺿﺎة اﷲ .اﻟﺜﺎﻟﺚ :أن ﻻ ﳝﻦ ﺑﻪ وﻻ ﻳﺆذي. ﻓﺎﻷول ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﳌﺎل ،واﻟﺜﺎﻧﻲ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﳌﻨﻔﻖ ﺑﻴﻨﻪ وﺑﲔ اﷲ ،واﻟﺜﺎﻟﺚ ﺑﻴﻨﻪ وﺑﲔ اﻵﺧﺬ اﻟﺒﻐﻮي ﻗﺎل ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد ) :ﻳﺆﺗﻮن ﻧﻮرﻫﻢ ﻋﻠﻰ ﻗﺪر اﺑﻦ اﻟﻘﻴﻢ أﻋﻤﺎﻟﻬﻢ؛ ﻓﻤﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻳﺆﺗﻰ ﻧﻮره ﻛﺎﻟﻨﺨﻠﺔ ،وﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻳﺆﺗﻰ ﻧﻮره ﻛﺎﻟﺮﺟﻞ اﻟﻘﺎﺋﻢ ،وأدﻧﺎﻫﻢ ﻧﻮراً ﻣﻦ ﻧﻮره ﻣﻦ أﻋﻠﻰ إﺑﻬﺎﻣﻪ؛ ﻓﻴﻄﻔﺄ ﻣﺮة وﻳَ ِﻘ ُﺪ ﻣﺮة ( أﺷ ﱡﺪ ﻣﺎ ﻳﻜﻮن ﻣﻦ اﳊﺴﺮة واﻟﺒﻼء أن ﻳُﻔﺘﺢ ﻟﻠﻌﺒﺪ ﻃﺮﻳ ُﻖ اﻟﻨﺠﺎة واﻟﻔﻼح؛ ﺣﺘﻰ إذا ﻇﻦ أﻧﻪ ﻧﺎ ٍج ورأى ﻣﻨﺎزل اﻟﺴﻌﺪاء ،اﻗﺘُ ِﻄ َﻊ ﻋﻨﻬﻢ و ُﺿﺮﺑﺖ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺸﻘﻮة اﺑﻦ رﺟﺐ ﻛﻢ َﻣ ْﻦ ﺷﺎرف ﻣﺮﻛﺒُﻪ ﺳﺎﺣ َﻞ اﻟﻨﺠﺎة ،ﻓﻠﻤﺎ ﻫ ﱠﻢ أن ﻳﺮﻗﻰ ،ﻟ ِﻌ َﺐ ﺑﻪ ﻣﻮج اﻟﻬﻮى ،ﻓﻐﺮق اﺑﻦ رﺟﺐ ﻫﺬه اﻵﻳﺔ ﺗﺘﻀﻤﻦ ﺗﻮﺑﻴﺨﺎً وﻋﺘﺎﺑﺎً ﳌﻦ ﺳﻤﻊ ﻫﺬا اﻟﺴﻤﺎع، وﻟﻢ ﻳُـﺤ ِﺪث ﻟﻪ ﰲ ﻗﻠﺒﻪ ﺻﻼﺣﺎً ور ﱠﻗ ًﺔ وﺧﺸﻮﻋﺎً ،ﻓﺈن ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب اﳌﺴﻤﻮع ﻳﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﳌﻄﻠﻮب ،وﻏﺎﻳﺔ ﻣﺎ ﺗﺼﻠﺢ ﺑﻪ اﻟﻘﻠﻮب! اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر أرﻳﺪ ﺑﻪ ﲤﺜﻴﻞ ﺣﺎل اﺣﺘﻴﺎج اﻟﻘﻠﻮب اﳌﺆﻣﻨﺔ إﻟﻰ ذﻛﺮ اﷲ ﺑﺤﺎل اﻷرض اﳌﻴﺘﺔ ﰲ اﳊﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﳌﻄﺮ ،وﺣﺎل اﻟﺬﻛﺮ ﰲ ﺗﺰﻛﻴﺔ اﻟﻨﻔﻮس واﺳﺘﻨﺎرﺗﻬﺎ ﺑﺤﺎل اﻟ َﻐﻴﺚ ﰲ إﺣﻴﺎء اﻷرض اﳉﺪﺑﺔ اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر أﺻﻮل أﻃﻮار آﺣﺎد اﻟﻨﺎس ﰲ ﺗﻄﻮر ﻛﻞ واﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ؛ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ﻓﺈن اﻟﻠﻌﺐ ﻃﻮر ﺳﻦ اﻟﻄﻔﻮﻟﺔ واﻟﺼﺒﺎ ،واﻟﻠﻬﻮ ﻃﻮر اﻟﺸﺒﺎب ،واﻟﺰﻳﻨﺔ ﻃﻮر اﻟﻔﺘﻮة ،واﻟﺘﻔﺎﺧﺮ ﻃﻮر اﻟﻜﻬﻮﻟﺔ ،واﻟﺘﻜﺎﺛﺮ ﻃﻮر اﻟﺸﻴﺨﻮﺧﺔ ﻗﺎل ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﺟﺒﻴﺮ) :ﻣﺘﺎع اﻟﻐﺮور ﳌﻦ ﻟﻢ ﻳﺸﺘﻐﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﻄﻠﺐ اﻵﺧﺮة ،وﻣﻦ اﺷﺘﻐﻞ ﺑﻄﻠﺒﻬﺎ ﻓﻠﻪ ﻣﺘﺎع اﻟﺒﻐﻮي ﺑﻼغ إﻟﻰ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺧﻴﺮ ﻣﻨﻬﺎ( اﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ اﻟﺰﻫﺪ اﳌﺸﺮوع ﻫﻮ ﺗﺮك ﻛﻞ ﺷﻲء ﻻ ﻳﻨﻔﻊ ﰲ اﻟﺪار اﻵﺧﺮة، وﺛﻘﺔ اﻟﻘﻠﺐ ﲟﺎ ﻋﻨﺪ اﷲ ،وﰲ اﻷﺛﺮ) :اﻟﺰﻫﺎدة ﰲ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﺑﺘﺤﺮﱘ اﳊﻼل وﻻ إﺿﺎﻋﺔ اﳌﺎل ،وﻟﻜﻦ اﻟﺰﻫﺎدة ﰲ اﻟﺪﻧﻴﺎ أﻻ ﺗﻜﻮن ﲟﺎ ﰲ ﻳﺪﻳﻚ أوﺛﻖ ﳑﺎ ﰲ ﻳﺪي اﷲ ،وأن ﺗﻜﻮن ﰲ ﺛﻮاب اﳌﺼﻴﺒﺔ إذا أﻧﺖ أﺻﺒﺖ ﺑﻬﺎ أرﻏﺐ ﻓﻴﻬﺎ ﻟﻮ أﻧﻬﺎ أﺑﻘﻴﺖ ﻟﻚ(؛ ﻷن اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻳﻘﻮل: ٣٠٦
اﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻳﻌﻢ اﻟﺒﺨﻞ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻨﻔﻊ ﰲ اﻟﺪﻳﻦ واﻟﺪﻧﻴﺎ؛ ﻣﻦ ﻣﺎل ،وﻋﻠﻢ، وﻏﻴﺮ ذﻟﻚ؛ ﻓﺎﻟﺒﺨﻴﻞ ﺑﺎﻟﻌﻠﻢ :اﻟﺬي ﳝﻨﻌﻪ ،واﳌﺨﺘﺎل إﻣﺎ ﻳﺨﺘﺎل ﻓﻼ ﻳﻄﻠﺒﻪ ،وإﻣﺎ ﻳﺨﺘﺎل ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ اﻟﻨﺎس ﻓﻼ ﻳﺒﺬﻟﻪ ،وﻫﺬا ﻛﺜﻴﺮاً ﻣﺎ ﻳﻘﻊ ،وﺿﺪه اﻟﺘﻮاﺿﻊ ﰲ ﻃﻠﺒﻪ ،واﻟﻜﺮم ﺑﺒﺬﻟﻪ إﻗﺎﻣﺔ دﻳﻦ اﻹﺳﻼم ﺗﻨﺒﻨﻲ ﻋﻠﻰ أﻣﺮﻳﻦ :أﺣﺪﻫﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﺎ ؛ ﻷن ﰲ ذﻟﻚ ذﻛﺮه ﺑﻘﻮﻟﻪ: إﻗﺎﻣﺔ اﻟﺒﺮاﻫﲔ ﻋﻠﻰ اﳊﻖ ،وﺑﻴﺎن اﳊﺠﺔ ،وإﻳﻀﺎح اﻷﻣﺮ اﻟﺸﻨﻘﻴﻄﻲ واﻟﻨﻬﻲ واﻟﺜﻮاب واﻟﻌﻘﺎب .ﻓﺈذا أﺻﺮ اﻟﻜﻔﺎر ﻋﻠﻰ اﻟﻜﻔﺮ وﺗﻜﺬﻳﺐ اﻟﺮﺳﻞ ﻣﻊ ذﻟﻚ اﻟﺒﻴﺎن واﻹﻳﻀﺎح ،ﻓﺈن اﷲ ﺗﺒﺎرك وﺗﻌﺎﻟﻰ أﻧﺰل اﳊﺪﻳﺪ؛ أي :ﺧﻠﻘﻪ ﻟﺒﻨﻲ آدم ﻟﻴﺮدع ﺑﻪ اﳌﺆﻣﻨﻮن اﻟﻜﺎﻓﺮﻳﻦ اﳌﻌﺎﻧﺪﻳﻦ؛ وﻫﻮ ﻗﺘﻠﻬﻢ إﻳﺎﻫﻢ ﺑﺎﻟﺴﻴﻮف واﻟﺮﻣﺎح اﻟﺒﻘﺎﻋﻲ أي :ﺧﺎﻓﻮا ﻋﻘﺎﺑﻪ ،ﻓﺎﺟﻌﻠﻮا ﺑﻴﻨﻜﻢ وﺑﲔ ﺳﺨﻄﻪ -ﻷﻧﻪ اﳌﻠﻚ اﻷﻋﻈﻢ -وﻗﺎﻳﺔ ﺑﺤﻔﻆ اﻷدب ﻣﻌﻪ ،وﻻ ﺗﺄﻣﻨﻮا ﻣﻜﺮه ،ﻓﻜﻮﻧﻮا ﻋﻠﻰ ﺣﺬر ﻣﻦ أن ﻳﺴﻠﺒﻜﻢ ﻣﺎ وﻫﺒﻜﻢ ،ﻓﺎﺗﺒﻌﻮا اﻟﺮﺳﻮل ﺗﺴﻠﻤﻮا ،وﺣﺎﻓﻈﻮا ﻋﻠﻰ اﺗﺒﺎﻋﻪ ﻟﺌﻼ ﺗﻬﻠﻜﻮا اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ٣٠٧
ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ أﺳﻤﺎء اﻟﺴﻮرة اﳌﺼﺤﻒ ٥٨ ﻣﺪﻧﻴﺔ ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﺑﲔ ﻳﺪي آﻳﺔ ﺳﻮرة اﳌﺠﺎدﻟﺔ وﺟﻪ ﻻﻓﺘﺘﺎﺣﻬﺎ ﺑﻘﺼﺔ ﻣﺠﺎدﻟﺔ اﻣﺮأة أوس اﻟﻨﺰول ١٠٥ اﻟﺴﻮرة ﺑﻦ اﻟﺼﺎﻣﺖ ﻟﺪى اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /ﺗﻮﻗﻴﻔﻴﺔ ﰲ ﺷﺄن ﻣﻈﺎﻫﺮة زوﺟﻬﺎ اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻣﻘﺼﺪ اﻟﺴﻮرة ﻻﻓﺘﺘﺎﺣﻬﺎ ﺑﻬﺬا اﻟﻠﻔﻆ وﺟﻪ ﺳﻮرة اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ إﻇﻬﺎر ﻋﻠﻢ اﷲ اﻟﺸﺎﻣﻞ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /اﺟﺘﻬﺎدﻳﺔ وإﺣﺎﻃﺘﻪ اﻟﺒﺎﻟﻐﺔ، ﺗﺮﺑﻴ ًﺔ ﳌﺮاﻗﺒﺘﻪ، ﺳﻮرة اﻟﻈﻬﺎر ﳌﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ أﺣﻜﺎم اﻟﻈﻬﺎر وﺟﻪ وﻣﺎ ﻳﺘﺮﺗﺐ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ وﲢﺬﻳﺮاً ﻣﻦ ﻣﺨﺎﻟﻔﺘﻪ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /اﺟﺘﻬﺎدﻳﺔ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺴﻮرة اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ اﳌﻮﺿﻮع اﻵﻳﺎت اﳌﻮﺿﻮع اﻵﻳﺎت ﺗﻬﺪﻳﺪ اﻟﻜﺎﻓﺮﻳﻦ اﻟﻈﻬﺎر وﻛﻔﺎرﺗﻪ أدب اﳌﻨﺎﺟﺎة وﺻﺪﻗﺘﻪ ﻟﻠﻨﺒﻲ ﷺ إﺣﺎﻃﺔ ﻋﻠﻢ اﷲ ﺑﻜﻞ ﺷﻲء ﻣﻮاﻻة اﻟﻜﺎﻓﺮﻳﻦ وﻋﺎﻗﺒﺘﻬﺎ ٣٠٨
أﻏﺮاض اﻟﺴﻮرة ﺗﻨﺎوﻟﺖ اﻟﺴﻮرة ﻗﺼﺔ اﳌﺠﺎدﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﻇﺎﻫﺮﻫﺎ زوﺟﻬﺎ ،وذﻛﺮت ﺣﻜﻢ اﻟﻈﻬﺎر ،واﻟﻜﻔﺎرة اﻟﺘﻲ ﲡﺐ ﻋﻠﻰ اﳌﻈﺎﻫﺮ ،ﺛﻢ ﺗﻄﺮﻗﺖ إﻟﻰ أدب اﻟﺘﻨﺎﺟﻲ ﰲ اﳌﺠﺎﻟﺲ ،ﻓﺒﻴﻨﺖ ﺣﻜﻤﻪ وﺣ ﱠﺬرت اﳌﺆﻣﻨﲔ ﻣﻦ ﻋﻮاﻗﺒﻪ ،وأﻣﺮت ﺑﺎﻟﺘﻮﺳﻊ ﰲ اﳌﺠﺎﻟﺲ ،وﺑﻴﻨﺖ ﻓﻀﻞ أﻫﻞ اﻟﻌﻠﻢ ،وﲢﺪﺛﺖ ﻋﻦ اﳌﻨﺎﻓﻘﲔ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻮاﻟﻮن اﻟﻴﻬﻮد ،وﻳﺤﺒﻮﻧﻬﻢ وﻳﻨﻘﻠﻮن إﻟﻴﻬﻢ أﺳﺮار اﳌﺆﻣﻨﲔ ﻟﻬﻢ ،وﻳﻌﺎدون اﷲ ورﺳﻮﻟﻪ ﷺ ،وﺧﺘﻤﺖ ﺑﺒﻴﺎن ﺣﻘﻴﻘﺔ اﳊﺐ ﰲ اﷲ، واﻟﺒﻐﺾ ﰲ اﷲ ،اﻟﺬي ﻫﻮ أﺻﻞ اﻹﳝﺎن ،وأوﺛﻖ ﻋﺮى اﻟﺪﻳﻦ ،ﻓﻼ ﺑﺪ ﰲ دﻳﻦ اﷲ ﻣﻦ ﻣﻮاﻻة وﻣﻌﺎداة ﻣﻨﺎﺳﺒﺎت اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ أول اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ اﻟﺴﻮرة ﺑﺂﺧﺮﻫﺎ ﳌﺎ ﻗﺒﻠﻬﺎ أوﻟﻬﺎ ﻓﻴﻤﻦ اﺳﺘﻤﻊ اﷲ ﻟﻘﻮﻟﻬﺎ ،وآﺧﺮﻫﺎ ﳌﺎ ﺧﺘﻢ ﺳﻮرة اﳊﺪﻳﺪ ﺑﺒﻴﺎن ﺑﺄن اﻟﻔﻀﻞ ﷲ، ﻓﻴﻤﻦ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﻬﻢ ذﻛﺮ ﰲ أول ﺳﻮرة اﳌﺠﺎدﻟﺔ ﻓﻀﻠﻪ ﻋﻠﻰ اﳌﺠﺎدﻟﺔ ﺧﻮﻟﺔ ﺑﻨﺖ ﺛﻌﻠﺒﺔ ﰲ اﺳﺘﻤﺎع اﷲ ﻟﻬﺎ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻐﺮﻳﺐ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻳﻘﻮل اﻟﺮﺟﻞ ﻻﻣﺮأﺗﻪ: أوس ﺑﻦ اﻟﺼﺎﻣﺖ ﺗﺮاﺟﻌﻚ ،وﻫﻲ: أﻧﺖ ﻋﻠ ﱠﻲ ﻛﻈﻬﺮ أﻣﻲ ﺧﻮﻟﺔ ﺑﻨﺖ ﺛﻌﻠﺒﺔ ﻛﺬﺑﺎً ﻓﻈﻴﻌﺎً ﻣﺎ أﻣﻬﺎﺗﻬﻢ ﻳﺴﺘﻤﺘﻌﺎ ﺑﺎﳉﻤﺎع ﻋﺘﻖ رﻗﺒﺔ ﻣﺆﻣﻨﺔ؛ ﻳﺮﺟﻌﻮن ﻋﻦ ﻗﻮﻟﻬﻢ، ﻋﺒﺪ ،أو أﻣﺔ وﻳﻌﺰﻣﻮن ﻋﻠﻰ وطء ﻧﺴﺎﺋﻬﻢ ﺗﻨﺎﺟﻲ ﺛﻼﺛﺔ ﺑﺤﺪﻳﺚ ﺳﺮ ُﺧ ِﺬﻟﻮا ،وأُ ِﻫﻴﻨﻮا ﻳُﺸﺎﻗﻮن وﻳُﺨﺎﻟﻔﻮن ﻛﺎﻓﻴﺘﻬﻢ ﻫ ﱠﻼ ﻗﺎﻟﻮا ﻟﻚ :اﻟ ﱠﺴﺎم ﻋﻠﻴﻜﻢ، أي :اﳌﻮت ﻟﻚ ٣٠٩
ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ِﻟﻴُﻮﺳﻊ ﺑﻌﻀﻜﻢ اﻟﺘﺤﺪث ﺑﺨﻔﻴﺔ اﳌﺮﺟﻊ ،واﳌﺂل ﻟﺒﻌﺾ ﰲ اﳌﺠﺎﻟﺲ ﺑﺎﻹﺛﻢ واﻟﻌﺪوان اﳌﻨﺎﻓﻘﲔ اﺗﺨﺬوا اﻟﻴﻬﻮد ﻗﻮﻣﻮا ﻣﻦ ﻣﺠﺎﻟﺴﻜﻢ أﺻﺪﻗﺎء ،وواﻟﻮﻫﻢ أﺧﺸﻴﺘﻢ اﻟﻔﻘﺮ؟ ﻷﻣﺮ ﻓﻴﻪ ﺧﻴﺮ ﻟﻜﻢ ﻏﻠﺐ ،واﺳﺘﻮﻟﻰ وﻳﻌﺘﻘﺪون وﻗﺎﻳﺔ ﻟﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﻘﺘﻞ ﻏﺎﻟﺐ ﻻ ﻳُﻐﻠﺐ ﻷﻧﺘﺼﺮ ﱠن اﻷذﻻء اﳌﻐﻠﻮﺑﲔ اﳌﻬﺎﻧﲔ أﻗﺮﺑﺎءﻫﻢ ﻋﺎدى ﻳُﺤﺒﻮن ﺑﻨﺼﺮ ،وﺗﺄﻳﻴﺪ وﻗ ﱠﻮاﻫﻢ ﻣﻦ وﺣﻲ اﻵي اﻟﺴﻴﻮﻃﻲ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﳋﻄﺎب ﻳﺴﻴﺮ ﻋﻠﻰ ﺣﻤﺎره ﻟﻘﻴﺘﻪ اﺑﻦ اﻟﻘﻴﻢ اﻣﺮأة ،ﻓﻘﺎﻟﺖ :ﻗﻒ ﻳﺎ ﻋﻤﺮ! ﻓﻮﻗﻒ ،ﻓﺄﻏﻠﻈﺖ ﻟﻪ اﻟﻘﻮل، اﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻓﻘﺎل رﺟﻞ :ﻳﺎ أﻣﻴﺮ اﳌﺆﻣﻨﲔ ﻣﺎ رأﻳﺖ ﻛﺎﻟﻴﻮم! ﻓﻘﺎل :وﻣﺎ ﳝﻨﻌﻨﻲ أن أﺳﺘﻤﻊ إﻟﻴﻬﺎ وﻫﻲ اﻟﺘﻲ اﺳﺘﻤﻊ اﷲ ﻟﻬﺎ ،ﻓﺄﻧﺰل ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺎ ﻧﺰل: واﻟﻔﺮق ﺑﲔ ﺟﻬﺔ ﻛﻮﻧﻪ ﻣﻨﻜﺮاً وﺟﻬﺔ ﻛﻮﻧﻪ زوراً؛ أن ﻗﻮﻟﻪ: )أﻧ ِﺖ ﻋﻠ ﱠﻲ ﻛﻈﻬﺮ أﻣﻲ( ﻳﺘﻀﻤ ُﻦ إﺧﺒﺎره ﻋﻨﻬﺎ ﺑﺬﻟﻚ ،وإﻧﺸﺎ َءه ﲢﺮﳝﻬﺎ؛ ﻓﻬﻮ ﻳﺘﻀﻤﻦ إﺧﺒﺎراً وإﻧﺸﺎ ًء ،ﻓﻬﻮ ﺧﺒﺮ زور وإﻧﺸﺎء ﻣﻨﻜﺮ؛ ﻓﺈن اﻟﺰور ﻫﻮ اﻟﺒﺎﻃﻞ ﺧﻼف اﳊﻖ اﻟﺜﺎﺑﺖ ،واﳌﻨﻜﺮ ﺧﻼف اﳌﻌﺮوف ﺛَ َﺒ َﺖ أن اﶈﺎ ﱠد ﻣﻜﺒﻮت ﻣﺨﺰ ﱞي ﳑﺘﻞ ﻏﻴﻈﺎً وﺣﺰﻧﺎً ﻫﺎﻟﻚ، وﻫﺬا إﳕﺎ ﻳَ ِﺘ ﱡﻢ إذا ﺧﺎف إن أﻇﻬﺮ اﶈﺎدة أن ﻳُ ْﻘﺘَﻞ ،وإﻻ ﻓﻤﻦ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ أﻣﻜﻨﻪ إﻇﻬﺎر اﶈﺎ ﱠدة وﻫﻮ آﻣﻦ ﻋﻠﻰ دﻣﻪ وﻣﺎﻟﻪ ﻓﻠﻴﺲ ﲟﻜﺒﻮت، واﻟﺬﻳﻦ ﺑﻞ ﻣﺴﺮور ﺟﺬﻻن ،وﻷﻧﻪ ﻗﺎل: ﻣﻦ ﻗﺒﻠﻬﻢ ﳑﻦ ﺣﺎد اﻟﺮﺳﻞ ،وﺣﺎد رﺳﻮل اﷲ ﷺ إﳕﺎ ﻛﺒﺘﻪ اﷲ ﺑﺄن أﻫﻠﻜﻪ ﺑﻌﺬاب ﻣﻦ ﻋﻨﺪه أو ﺑﺄﻳﺪي اﳌﺆﻣﻨﲔ اﺑﻦ اﳉﻮزي اﺟﺘﻤﻌﺖ ﻛﻠﻤ ٌﺔ إﻟﻰ ﻧﻈﺮة ،إﻟﻰ ﺧﺎﻃﺮ ﻗﺒﻴﺢ وﻓﻜﺮة ،ﰲ ﻛﺘﺎب ﻳﺤﺼﻲ ﺣﺘﻰ اﻟﺬ ﱠرة ،واﻟﻌﺼﺎةُ ﻋﻦ اﳌﻌﺎﺻﻲ ﰲ ﺳﻜﺮة؛ ﻓﺠﻨﻮا ﻣﻦ ﺟﻨﻲ ﻣﺎ ﺟﻨﻮا ﺛﻤﺎر ﻣﺎ ﻏﺮﺳﻮه: اﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ اﻓﺘﺘﺢ اﻟﻜﻼم ﺑﺎﻟﻌﻠﻢ ،وﺧﺘﻤﻪ ﺑﺎﻟﻌﻠﻢ؛ وﻟﻬﺬا ﻗﺎل اﺑﻦ ﻋﺒﺎس واﻟﻀﺤﺎك وﺳﻔﻴﺎن اﻟﺜﻮري وأﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ) :ﻫﻮ ﻣﻌﻬﻢ ﺑﻌﻠﻤﻪ( اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر ﻛﺎﻧﻮا إذا دﺧﻠﻮا ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﻳﺨﻔﺘﻮن ﻟﻔﻆ: )اﻟﺴﻼم ﻋﻠﻴﻜﻢ(؛ ﻷﻧﻪ ﺷﻌﺎر اﻹﺳﻼم ،وﳌﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺟﻤﻊ ﻣﻌﻨﻰ اﻟﺴﻼﻣﺔ؛ ﻳﻌﺪﻟﻮن ﻋﻦ ذﻟﻚ وﻳﻘﻮﻟﻮن) :أَﻧْ ِﻌ ْﻢ ﺻﺒﺎﺣﺎً( ،وﻫﻲ ﲢﻴﺔ اﻟﻌﺮب ﰲ اﳉﺎﻫﻠﻴﺔ؛ ﻷﻧﻬﻢ ﻻ ﻳﺤﺒﻮن أن ﻳﺘﺮﻛﻮا ﻋﻮاﺋﺪ اﳉﺎﻫﻠﻴﺔ ٣١٠
اﺑﻦ اﻟﻘﻴﻢ اﳊﺰن ﻳﻀﻌﻒ اﻟﻘﻠﺐ ،وﻳﻮﻫﻦ اﻟﻌﺰم ،وﻳﻀﺮ اﻹرادة ،وﻻ ﺷﻲء أﺣﺐ إﻟﻰ اﻟﺸﻴﻄﺎن ﻣﻦ ﺣﺰن اﳌﺆﻣﻦ ﻓﺎﳊﺰن ﻣﺮض ﻣﻦ أﻣﺮاض اﻟﻘﻠﺐ ،ﳝﻨﻌﻪ ﻣﻦ ﻧﻬﻮﺿﻪ وﺳﻴﺮه وﺗﺸﻤﻴﺮه ﻋﻠﻰ أن ﻛﻞ ﻣﻦ وﺳﻊ ﻋﻠﻰ دل ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: ﻋﺒﺎد اﷲ أﺑﻮاب اﳋﻴﺮ واﻟﺮاﺣﺔ ،وﺳﻊ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﺧﻴﺮات اﻟﺪﻧﻴﺎ اﻟﺮازي واﻵﺧﺮة ،وﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻠﻌﺎﻗﻞ أن ﻳﻘﻴﺪ اﻵﻳﺔ ﺑﺎﻟﺘﻔﺴﺢ واﻟﺘﻮﺳﻊ ﰲ اﻷﻟﻮﺳﻲ اﻟﺒﻘﺎﻋﻲ اﳌﺠﻠﺲ ،ﺑﻞ اﳌﺮاد ﻣﻨﻪ إﻳﺼﺎل أي ﺧﻴﺮ إﻟﻰ اﳌﺴﻠﻢ ،وإدﺧﺎل اﻟﺴﺮور ﰲ ﻗﻠﺒﻪ ﻋﺪل ﻋﻦ ﻓﺼﻠﻮا إﻟﻰ َﻓ َﺄ ِﻗﻴ ُﻤﻮا اﻟﺼﻼة ﻟﻴﻜﻮن اﳌﺮاد اﳌﺜﺎﺑﺮة ﻋﻠﻰ ﺗﻮﻓﻴﺔ ﺣﻘﻮق اﻟﺼﻼة ورﻋﺎﻳﺔ ﻣﺎ ﻓﻴﻪ ﻛﻤﺎﻟﻬﺎ، ﻻ ﻋﻠﻰ أﺻﻞ ﻓﻌﻠﻬﺎ ﻓﻘﻂ ﻗﺎل اﻟﻘﺸﻴﺮي :ﻣﻦ واﻓﻖ ﻣﻐﻀﻮﺑﺎً ﻋﻠﻴﻪ أﺷﺮك ﻧﻔﺴﻪ ﰲ اﺳﺘﺤﻘﺎق ﻏﻀﺐ ﻣﻦ ﻫﻮ ﻏﻀﺒﺎن ﻋﻠﻴﻪ؛ ﻓﻤﻦ ﺗﻮﻟﻰ ﻣﻐﻀﻮﺑﺎً ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﷲ اﺳﺘﻮﺟﺐ ﻏﻀﺐ اﷲ ،وﻛﻔﻰ ﺑﺬﻟﻚ ﻫﻮاﻧﺎً وﺣﺰﻧﺎً وﺣﺮﻣﺎﻧﺎً ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻦ اﳌﻨﺎﻓﻘﲔ: اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر وﻫﺬا ﻳﻘﺘﻀﻲ ﺗﻮﻏﻠﻬﻢ ﰲ اﻟﻨﻔﺎق ورﺳﻮﺧﻪ ﻓﻴﻬﻢ وأﻧﻪ ﺑﺎق ﰲ أرواﺣﻬﻢ ﺑﻌﺪ ﺑﻌﺜﻬﻢ؛ ﻷن ﻧﻔﻮﺳﻬﻢ ﺧﺮﺟﺖ ﻣﻦ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻣﺘﺨﻠﻘﺔ ﺑﻪ ،ﻓﺈن اﻟﻨﻔﻮس إﳕﺎ ﺗﻜﺘﺴﺐ ﺗﺰﻛﻴ ًﺔ أو ﺧﺒﺜﺎً ﰲ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﺘﻜﻠﻴﻒ ﻗﺎل اﻟﺰﺟﺎج :ﻏﻠﺒﺔ اﻟﺮﺳﻞ ﻋﻠﻰ ﻧﻮﻋﲔ :ﻣﻦ ﺑﻌﺚ ﻣﻨﻬﻢ ﺑﺎﳊﺮب ﻓﻬﻮ ﻏﺎﻟﺐ ﺑﺎﳊﺮب ،وﻣﻦ ﻟﻢ ﻳﺆﻣﺮ اﻟﺒﻐﻮي ﺑﺎﳊﺮب ﻓﻬﻮ ﻏﺎﻟﺐ ﺑﺎﳊﺠﺔ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ اﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ أﺧﺒﺮ أﻧﻚ ﻻ ﲡﺪ ﻣﺆﻣﻨﺎً ﻳﻮاد اﶈﺎدﻳﻦ ﷲ ورﺳﻮﻟﻪ ﷺ؛ ﻓﺈن ﻧﻔﺲ اﻹﳝﺎن ﻳﻨﺎﰲ ﻣﻮدﺗﻬﻢ ﻛﻤﺎ ﻳﻨﻔﻲ أﺣﺪ اﻟﻀﺪﻳﻦ اﻵﺧﺮ؛ ﻓﺈذا ُو ِﺟ َﺪ اﻹﳝﺎن اﻧﺘﻔﻰ ﺿﺪه ،وﻫﻮ ﻣﻮاﻻة أﻋﺪاء اﷲ، ﻓﺈذا ﻛﺎن اﻟﺮﺟﻞ ﻳﻮاﻟﻲ أﻋﺪاء اﷲ ﺑﻘﻠﺒﻪ ﻛﺎن ذﻟﻚ دﻟﻴ ًﻼ ﻋﻠﻰ أن ﻗﻠﺒﻪ ﻟﻴﺲ ﻓﻴﻪ اﻹﳝﺎن اﻟﻮاﺟﺐ ٣١١
ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﻣﺪﻧﻴﺔ أﺳﻤﺎء اﻟﺴﻮرة اﳌﺼﺤﻒ ٥٩ ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﺑﲔ ﻳﺪي آﻳﺔ ﺳﻮرة اﳊﺸﺮ وﺟﻪ اﻟﻨﺰول ١٠١ اﻟﺴﻮرة اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /ﺗﻮﻗﻴﻔﻴﺔ ﻟﻮﻗﻮع ﻟﻔﻆ اﳊﺸﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻘﺼﺪ اﻟﺴﻮرة ﻻﺷﺘﻤﺎﻟﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻗﺼﺔ وﺟﻪ ﺳﻮرة ﺑﻨﻲ اﻟ ﱠﻨﻀﻴﺮ إﺟﻼء ﻳﻬﻮد ﺑﻨﻲ اﻟ ﱠﻨﻀﻴﺮ اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ إﻇﻬﺎر ﻗﻮة اﷲ وﻋﺰﺗﻪ ﰲ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /اﺟﺘﻬﺎدﻳﺔ ﺗﻮﻫﲔ اﻟﻴﻬﻮد واﳌﻨﺎﻓﻘﲔ، وإﻇﻬﺎر ﺗﻔﺮﻗﻬﻢ ،ﰲ ﻣﻘﺎﺑﻞ إﻇﻬﺎر ﺗﺂﻟﻒ اﳌﺆﻣﻨﲔ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺴﻮرة اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ اﳌﻮﺿﻮع اﻵﻳﺎت اﳌﻮﺿﻮع اﻵﻳﺎت ﺣﻜﻢ اﻟﻔﻲء ﻣﻮاﻻة اﳌﻨﺎﻓﻘﲔ ﻟﻠﻴﻬﻮد وﺧﺬﻟﻨﺎﻫﻢ ﻟﻬﻢ إﺟﻼء ﻳﻬﻮد ﺑﻨﻲ اﻟ ﱠﻨﻀﻴﺮ أﺳﻤﺎء اﷲ اﳊﺴﻨﻰ ﻓﻀﻞ اﳌﻬﺎﺟﺮﻳﻦ واﻷﻧﺼﺎر ﺗﻮﺟﻴﻪ اﳌﺆﻣﻨﲔ وﺗﻨﺒﻴﻬﻬﻢ ،وﻓﻮز أﻫﻞ اﳉﻨﺔ ،وﺑﻴﺎن أﺛﺮ اﻟﻘﺮآن ٣١٢
أﻏﺮاض اﻟﺴﻮرة ﻳﻜﺎد ﻳﻜﻮن اﻟﻐﺮض اﻟﺮﺋﻴﺴﻲ اﻟﺬي ﺗﺪور ﰲ ﻓﻠﻜﻪ ﻫﺬه اﻟﺴﻮرة ﻫﻮ اﳊﺪﻳﺚ ﻋﻦ )ﻏﺰوة ﺑﻨﻲ اﻟﻨﻀﻴﺮ( وﻫﻢ اﻟﻴﻬﻮد اﻟﺬﻳﻦ ﻧﻘﻀﻮا اﻟﻌﻬﺪ ﻣﻊ اﻟﺮﺳﻮل ﷺ ،ﻓﺄﺟﻼﻫﻢ ﻋﻦ اﳌﺪﻳﻨﺔ اﻟﻨﺒﻮﻳﺔ ،وﺑﻴﻨﺖ ﺑﻌﺾ آﺛﺎر ﻗﺪرة اﷲ ، وﻣﻈﺎﻫﺮ ﻋﺰﺗﻪ ﺑﺈﺟﻼء اﻟﻴﻬﻮد ﻣﻦ دﻳﺎرﻫﻢ وأوﻃﺎﻧﻬﻢ ،ﻣﻊ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﻓﻴﻪ ﻣﻦ اﳊﺼﻮن واﻟﻘﻼع ،وﻗﺪ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻌﺘﻘﺪون أﻧﻬﻢ ﰲ ﻋﺰة وﻣﻨﻌﺔ ،ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أﺣﺪ ﻋﻠﻴﻬﻢ ،ﻓﺠﺎءﻫﻢ ﺑﺄس اﷲ وﻋﺬاﺑﻪ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﰲ ﺣﺴﺎﺑﻬﻢ ،وﺗﻨﺎوﻟﺖ أﺣﻜﺎم اﻟﻔﻲء واﻟﻐﻨﻴﻤﺔ ،وذﻛﺮت أﺻﺤﺎب رﺳﻮل اﷲ ﷺ ﺑﺎﻟﺜﻨﺎء اﻟﻌﺎﻃﺮ ،ﻓ ﱠﻨﻮﻫﺖ ﺑﻔﻀﺎﺋﻞ اﳌﻬﺎﺟﺮﻳﻦ ،وﻣﺂﺛﺮ اﻷﻧﺼﺎر ،وﻗﺪ ذﻛﺮت اﳌﻨﺎﻓﻘﲔ اﻷﺷﺮار اﻟﺬﻳﻦ ﲢﺎﻟﻔﻮا ﻣﻊ اﻟﻴﻬﻮد ﺿﺪ اﻹﺳﻼم ،وﺿﺮﺑﺖ ﻟﻬﻢ أﺳﻮأ اﻷﻣﺜﺎل ،ووﻋﻈﺖ أﻫﻞ اﻹﳝﺎن ﺑﻴﻮم اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ،وﺑﻴﻨﺖ اﻟﻔﺎرق اﻟﺸﺎﺳﻊ ﺑﲔ ﻣﻨﺎزل اﻟﺴﻌﺪاء ،ودرﻛﺎت اﻷﺷﻘﻴﺎء ﰲ دار اﻟﻌﺪل واﳉﺰاء ،وﺧﺘﻤﺖ ﺑﺬﻛﺮ أﺳﻤﺎء اﷲ اﳊﺴﻨﻰ وﺻﻔﺎﺗﻪ اﻟﻌﻠﻴﺎ ﻣﻨﺎﺳﺒﺎت اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ أول اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ اﻟﺴﻮرة ﺑﺂﺧﺮﻫﺎ ﳌﺎ ﻗﺒﻠﻬﺎ ﺑﺪأت ﺑﺎﻟﺘﺴﺒﻴﺢ ،وﺧﺘﻤﺖ ﺑﺎﻟﺘﺴﺒﻴﺢ ﰲ آﺧﺮ ﺳﻮرة اﳌﺠﺎدﻟﺔ ذﻛﺮ ﻣﻦ ﻳﺤﺎد اﷲ ورﺳﻮﻟﻪ ﷺ ،وﰲ ﺳﻮرة اﳊﺸﺮ ذﻛﺮ ﻣﻦ ﻳﺸﺎق اﷲ ورﺳﻮﻟﻪ ﷺ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻐﺮﻳﺐ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﰲ أول إﺧﺮاج، ﻫﻢ ﻳﻬﻮد ﺑﻨﻲ اﻟﻨﻀﻴﺮ ﻧﺰه اﷲ ﻋﻤﺎ ﻻ ﻳﻠﻴﻖ وإﺟﻼء إﻟﻰ اﻟﺸﺎم ﺑﻪ ﺟﻞ ﺟﻼﻟﻪ وﻣﺠﺪه اﳋﻮف اﻟﺸﺪﻳﺪ وأﻟﻘﻰ ﻟﻢ ﻳﺨﻄﺮ ﻟﻬﻢ ﺑﺒﺎل ﺧﺎﻟﻔﻮا أﺷﺪ اﳌﺨﺎﻟﻔﺔ اﳋﺮوج ﻣﻦ دﻳﺎرﻫﻢ ﻳﺎ أﺻﺤﺎب اﻟﺒﺼﺎﺋﺮ اﻟﺴﻠﻴﻤﺔ و ِﻟﻴُﺬل ﺳﺎﻗﻬﺎ ﻧﺨﻠﺔ ،أو ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﻨﺨﻞ ﻣﺎ ﻳُﺮﻛﺐ ﻣﻦ اﻹﺑﻞ ﻓﻠﻢ ﺗﺮﻛﺒﻮا ﻟﺘﺤﺼﻴﻠﻪ وﻣﺎ رده اﷲ ﻣﻦ أﻣﻮال ﺑﻨﻲ اﻟﻨﻀﻴﺮ ٣١٣
ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ اﻟﻜﻠﻤﺔ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ اﻟﻐﺮﻳﺐ اﳌﺴﺎﻓﺮ اﻟﺬي ﻧﻔﺪت اﻷﻃﻔﺎل اﻟﻔﻘﺮاء ﻷﺻﺤﺎب ﻗﺮاﺑﺔ ﻧﻔﻘﺘﻪ ،واﻧﻘﻄﻊ ﻋﻨﻪ ﻣﺎﻟﻪ اﻟﺬﻳﻦ ﻣﺎت آﺑﺎؤﻫﻢ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﺣﺴﺪاً اﺳﺘﻮﻃﻨﻮا اﳌﺪﻳﻨﺔ ُﻣﻠﻜﺎً ﻣﺘﺪاوﻻً ﻳُﻜﻒ وﻳُﺠ ﱠﻨﺐ ﺣﺎﺟﺔ ،وﻓﻘﺮ ﳑﺎ أﻋﻄﻮا ﻣﻦ ﻣﺎل اﻟﻔﻲء وﻏﻴﺮه ﻳﻬﻮد ﺑﻨﻲ اﻟﻨﻀﻴﺮ ﺣﺴﺪاً ،وﺣﻘﺪاً اﻟﺸﺢ :ﺑﺨﻞ ﺑﺎﳌﺎل ﻣﻊ ﺣﺮص ﻣﺘﻔﺮﻗﺔ ﻋﺪاوﺗﻬﻢ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻋﻠﻴﻪ ،وﺗﻄﻠﻊ ﳌﺎ ﺑﻴﺪ ﻏﻴﺮه وﻟﺘﺘﺪﺑﺮ ﻣﺜﻞ اﳌﻨﺎﻓﻘﲔ ﰲ وﻋﺪﻫﻢ اﻟﻴﻬﻮد ﺣﻴﻄﺎن ﺑﺎﻟﻨﺼﺮ وﺧﺬﻻﻧﻬﻢ ﻟﻬﻢ ﻣﺘﺸﻘﻘﺎً ﺳﻮء ﻋﺎﻗﺒﺔ ﻛﻔﺮﻫﻢ ﺑﺤﻴﺚ ﻏﻔﻠﻮا ﻋﻦ ﺣﻈﻮظ وﻋﺎﻟﻢ ﻛﻞ ُﻣﻌﻠﻦ، أﻧﻔﺴﻬﻢ ﰲ اﻵﺧﺮة ﺗﺮﻛﻮا أداء ﺣﻘﻪ وﺣﺎﺿﺮ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﺴﺮ ،وﻣﺎ ﻏﺎب ﻻ ﻣﻌﺒﻮد ﺑﺤﻖ إﻻ ﻫﻮ اﳌﻨﺰه ﻋﻦ ﻛﻞ ﻧﻘﺺ، ﻋﻦ اﻷﻋﲔ اﻟﺬي ﺳﻠﻢ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻋﻴﺐ اﻟﺬي وﺳﻌﺖ رﺣﻤﺘﻪ ﻛﻞ اﻟﺬي ﻳﺮﺣﻢ اﳌﺆﻣﻨﲔ ﺷﻲء ،أو اﻟﺮﺣﻤﺔ ﺻﻔﺘﻪ اﻟﻘﻮي اﻟﻐﺎﻟﺐ ﺧﺎﺻﺔ ،أو اﻟﺮﺣﻤﺔ ﻓﻌﻠﻪ اﳌُﺼ ﱢﺪق رﺳﻠﻪ ﺑﺎﳌﻌﺠﺰات، اﻟﺬي ﻻ ﻳُﻐﻠﺐ اﳌﻘﺪر ﻟﻸﺷﻴﺎء، اﻟﺮﻗﻴﺐ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺧﻠﻘﻪ واﻵﻳﺎت اﻟﺒﻴﻨﺎت واﳌﻮﺟﺪ ﻟﻬﺎ اﻟﺬي ﻗﻬﺮ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻌﺒﺎد ﺗﻨﺰه اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ اﻟﺘﻲ ﻻ أﺣﺴﻦ ﻣﻨﻬﺎ اﻟﺬي ﻳُﺼ ِﺪر ﺧﻠﻘﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻜﻴﻔﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺸﺎؤﻫﺎ ﻣﻦ وﺣﻲ اﻵي اﻟﺒﻘﺎﻋﻲ ﻻ ﺗﻌﺘﻤﺪوا ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺮ اﷲ ﻛﻤﺎ اﻋﺘﻤﺪ ﻫﺆﻻء ﻋﻠﻰ اﳌﻨﺎﻓﻘﲔ؛ ﻓﺈن اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ﻣﻦ اﻋﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﻣﺨﻠﻮق أﺳﻠﻤﻪ ذﻟﻚ إﻟﻰ ﺻﻐﺎره وﻣﺬﻟﺘﻪ اﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ اﻟﻘﺮآن ﻳﺄﻣﺮ وﳝﺪح اﻟﺘﻔﻜﺮ ،واﻟﺘﺪﺑﺮ ،واﻟﺘﺬﻛﺮ ،واﻟﻨﻈﺮ، واﻻﻋﺘﺒﺎر ،واﻟﻔﻘﻪ ،واﻟﻌﻠﻢ ،واﻟﻌﻘﻞ ،واﻟﺴﻤﻊ ،واﻟﺒﺼﺮ، واﻟﻨﻄﻖ ،وﻧﺤﻮ ذﻟﻚ ﻣﻦ أﻧﻮاع اﻟﻌﻠﻢ وأﺳﺒﺎﺑﻪ وﻛﻤﺎﻟﻪ، وﻳﺬم أﺿﺪاد ذﻟﻚ اﻟﺸﻮﻛﺎﻧﻲ اﻗﺘﺼﺮ ﻫﺎ ﻫﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺸﺎﻗﺔ اﷲ ﻷن ﻣﺸﺎﻗﺘﻪ ﻣﺸﺎﻗﺔ ﻟﺮﺳﻮﻟﻪ ﷺ ٣١٤
اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر واﻟﻘﺼﺪ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﺘﺬﻳﻴﻞ إزاﻟﺔ ﻣﺎ ﰲ ﻧﻔﻮس ﺑﻌﺾ اﳉﻴﺶ ﻣﻦ ﺣﺰازة ﺣﺮﻣﺎﻧﻬﻢ ﳑﺎ أﻓﺎء اﷲ ﻋﻠﻰ رﺳﻮﻟﻪ ﷺ ﻣﻦ أرض ﺑﻨﻲ اﻟﻨﻀﻴﺮ اﺑﻦ ﻋﻄﻴﺔ واﻟﺼﺎدﻗﻮن ﰲ ﻫﺬه اﻵﻳﺔ اﻟﺬﻳﻦ ﺟﻤﻌﻮا ﺑﲔ ﺻﺪق اﻟﻠﺴﺎن وﺻﺪق اﻷﻓﻌﺎل؛ ﻷن أﻓﻌﺎﻟﻬﻢ ﰲ أﻣﺮ ﻫﺠﺮﺗﻬﻢ إﳕﺎ ﻛﺎﻧﺖ وﻓﻖ أﻗﻮاﻟﻬﻢ اﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻓﺄﺧﺒﺮ ﻋﻨﻬﻢ ﺑﺄﻧﻬﻢ ﻳﺒﺬﻟﻮن ﻣﺎ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻣﻦ اﳋﻴﺮ ﻣﻊ اﳊﺎﺟﺔ، وأﻧﻬﻢ ﻻ ﻳﻜﺮﻫﻮن ﻣﺎ أﻧﻌﻢ ﺑﻪ ﻋﻠﻰ إﺧﻮاﻧﻬﻢ .وﺿﺪ اﻷول اﻟﺒﺨﻞ، وﺿﺪ اﻟﺜﺎﻧﻲ اﳊﺴﺪ .وﻟﻬﺬا ﻛﺎن اﻟﺒﺨﻞ واﳊﺴﺪ ﻣﻦ ﻧﻮع واﺣﺪ؛ ﻓﺈن اﳊﺎﺳﺪ ﻳﻜﺮه ﻋﻄﺎء ﻏﻴﺮه ،واﻟﺒﺎﺧﻞ ﻻ ﻳﺤﺐ ﻋﻄﺎء ﻧﻔﺴﻪ اﺑﻦ اﻟﻘﻴﻢ وﻫﺬا إﳕﺎ ﻫﻮ ﰲ ﻓﻀﻮل اﻟﺪﻧﻴﺎ ،ﻻ اﻷوﻗﺎت اﳌﺼﺮوﻓﺔ ﰲ اﻟﻄﺎﻋﺎت؛ ﻓﺈن اﻟﻔﻼح ﻛﻞ اﻟﻔﻼح ﰲ اﻟﺸﺢ ﺑﻬﺎ؛ ﻓﻤﻦ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺷﺤﻴﺤﺎً ﺑﻮﻗﺘﻪ ﺗﺮﻛﻪ اﻟﻨﺎس ﻋﻠﻰ اﻷرض ﻋﻴﺎﻧﺎً ﻣﻔﻠﺴﺎً ،ﻓﺎﻟﺸﺢ ﺑﺎﻟﻮﻗﺖ ﻫﻮ ﻋﻤﺎرة اﻟﻘﻠﺐ وﺣﻔﻆ رأس ﻣﺎﻟﻪ .وﳑﺎ ﻳﺪل ﻋﻠﻰ ﻫﺬا: أﻧﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ أﻣﺮ ﺑﺎﳌﺴﺎﺑﻘﺔ ﰲ أﻋﻤﺎل اﻟﺒﺮ ،واﻟﺘﻨﺎﻓﺲ ﻓﻴﻬﺎ ،واﳌﺒﺎدرة إﻟﻴﻬﺎ ،وﻫﺬا ﺿﺪ اﻹﻳﺜﺎر ﺑﻬﺎ اﺑﻦ رﺟﺐ َﻣﻦ ﻣﻠﻚ ﻧﻔ َﺴﻪ ،وﻗ َﻬ َﺮﻫﺎ ،وداﻧﻬﺎ ،ﻋ ﱠﺰ ﺑﺬﻟﻚ؛ ﻷﻧﻪ اﻧﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ أﺷ ﱢﺪ أﻋﺪاﺋﻪ! اﻟﺴﻌﺪي َذ َﻛ َﺮ اﷲ ﰲ ﻫﺬا اﻟﺪﻋﺎء ﻧَ ْﻔ َﻲ اﻟﻐﻞ ﻋﻦ اﻟﻘﻠﺐ اﻟﺸﺎﻣ ِﻞ ﻟﻘﻠﻴﻞ اﻟﻐﻞ وﻛﺜﻴﺮه ،اﻟﺬي إذا اﻧﺘﻔﻰ ،ﺛﺒﺖ ﺿﺪه وﻫﻮ اﶈﺒﺔ ﺑﲔ اﳌﺆﻣﻨﲔ واﳌﻮاﻻة واﻟﻨﺼﺢ ،وﻧﺤﻮ ذﻟﻚ ﳑﺎ ﻫﻮ ﻣﻦ ﺣﻘﻮق اﳌﺆﻣﻨﲔ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ اﻟﻘﺼﺎب اﳌﻨﺎﻓﻖ ﻳُﺨ ﱠﻮف ﺑﺎﻟﻨﺎس ،واﳌﺆﻣﻦ ﻳُﺨ ﱠﻮف ﺑﺎﷲ اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر وﰲ اﻵﻳﺔ ﺗﺮﺑﻴﺔ ﻟﻠﻤﺴﻠﻤﲔ ﻟﻴﺤﺬروا ﻣﻦ اﻟﺘﺨﺎﻟﻒ اﻟﺒﻘﺎﻋﻲ واﻟﺘﺪاﺑﺮ ،وﻳﻌﻠﻤﻮا أن اﻷﻣﺔ ﻻ ﺗﻜﻮن ذات ﺑﺄس ﻋﻠﻰ أﻋﺪاﺋﻬﺎ إﻻ إذا ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺘﻔﻘﺔ اﻟﻀﻤﺎﺋﺮ ﻗﺎل اﻟﻘﺸﻴﺮي :اﺟﺘﻤﺎع اﻟﻨﻔﻮس ﻣﻊ ﺗﻨﺎﻓﺮ اﻟﻘﻠﻮب واﺧﺘﻼﻓﻬﺎ أﺻﻞ ﻛﻞ ﻓﺴﺎد ،وﻣﻮﺟﺐ ﻛﻞ ﺗﺨﺎذل ،وﻣﻘﺘﺾ ﻟﺘﺠﺎﺳﺮ اﻟﻌﺪو ،واﺗﻔﺎق اﻟﻘﻠﻮب واﻻﺷﺘﺮاك ﰲ اﻟﻬﻤﺔ واﻟﺘﺴﺎوي ﰲ اﻟﻘﺼﺪ ﻳﻮﺟﺐ ﻛﻞ ﻇﻔﺮ وﻛﻞ ﺳﻌﺎدة ٣١٥
اﻟﺴﻌﺪي ﻫﺬه اﻵﻳﺔ اﻟﻜﺮﳝﺔ أﺻﻞ ﰲ ﻣﺤﺎﺳﺒﺔ اﻟﻌﺒﺪ ﻧﻔﺴﻪ ،وأﻧﻪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻪ أن ﻳﺘﻔﻘﺪﻫﺎ؛ ﻓﺈن رأى زﻟ ًﻼ ﺗﺪارﻛﻪ ﺑﺎﻹﻗﻼع ﻋﻨﻪ واﻟﺘﻮﺑﺔ اﻟﻨﺼﻮح واﻹﻋﺮاض ﻋﻦ اﻷﺳﺒﺎب اﳌﻮﺻﻠﺔ إﻟﻴﻪ ،وإن رأى ﻧﻔﺴﻪ ﻣﻘﺼﺮاً ﰲ أﻣﺮ ﻣﻦ أواﻣﺮ اﷲ ﺑﺬل ﺟﻬﺪه واﺳﺘﻌﺎن ﺑﺮﺑﻪ ﰲ ﺗﻜﻤﻴﻠﻪ وﺗﺘﻤﻴﻤﻪ وإﺗﻘﺎﻧﻪ ،وﻳﻘﺎﻳﺲ ﺑﲔ ﻣﲍ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ وإﺣﺴﺎﻧﻪ وﺑﲔ ﺗﻘﺼﻴﺮه؛ ﻓﺈن ذﻟﻚ ﻳﻮﺟﺐ ﻟﻪ اﳊﻴﺎء ﺑﻼ ﻣﺤﺎﻟﺔ اﺑﻦ اﻟﻘﻴﻢ وأﻣﺎ إﻧﺴﺎؤه ﻧﻔ َﺴﻪ ،ﻓﻬﻮ إﻧﺴﺎؤه ﳊﻈﻮﻇﻬﺎ اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ، وأﺳﺒﺎب ﺳﻌﺎدﺗﻬﺎ وﻓﻼﺣﻬﺎ وﺻﻼﺣﻬﺎ ،وﻣﺎ ﺗﻜﻤﻞ ﺑﻪ؛ ﻳﻨﺴﻴﻪ ذﻟﻚ ﺟﻤﻴﻌﻪ ﻓﻼ ﻳﺨﻄﺮ ﺑﺒﺎﻟﻪ ،وﻻ ﻳﺠﻌﻠﻪ ﻋﻠﻰ ذﻛﺮه ،وﻻ ﻳﺼﺮف إﻟﻴﻪ ﻫﻤﺘﻪ ﻓﻴﺮﻏﺐ ﻓﻴﻪ؛ ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﳝﺮ ﺑﺒﺎﻟﻪ ﺣﺘﻰ ﻳﻘﺼﺪه وﻳﺆﺛﺮه ،وأﻳﻀﺎً ﻓﻴﻨﺴﻴﻪ ﻋﻴﻮب ﻧﻔﺴﻪ وﻧﻘﺼﻬﺎ وآﻓﺎﺗﻬﺎ ﻓﻼ ﻳﺨﻄﺮ ﺑﺒﺎﻟﻪ إزاﻟﺘﻬﺎ اﻟﺴﻴﻮﻃﻲ ﻗﺎل اﻟﻀﺤﺎك ﰲ اﻵﻳﺔ :ﻟﻮ أﻧﺰل ﻫﺬا اﻟﻘﺮآن ﻋﻠﻰ ﺟﺒﻞ ﻓﺄﻣﺮﺗﻪ ﺑﺎﻟﺬي أﻣﺮﺗﻜﻢ ﺑﻪ وﺧ ﱠﻮﻓﺘﻪ ﺑﺎﻟﺬي ﺧﻮﻓﺘﻜﻢ ﺑﻪ إذاً ﳋﺸﻊ وﺗﺼﺪع ﻣﻦ ﺧﺸﻴﺔ اﷲ ،ﻓﺄﻧﺘﻢ أﺣﻖ أن ﺗﺨﺸﻮا وﺗﺬﻟﻮا وﺗﻠﲔ ﻗﻠﻮﺑﻜﻢ ﻟﺬﻛﺮ اﷲ ﻋﻘﺐ اﻷوﺻﺎف اﻟﺘﻲ ﻗﺒﻠﻪ إﲤﺎ ٌم و ِذﻛ ُﺮ وﺻﻒ اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر ﻟﻼﺣﺘﺮاس ﻣﻦ ﺗﻮﻫﻢ وﺻﻔﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑــــ أﻧﻪ ﻛﺎﳌﻠﻮك اﳌﻌﺮوﰲ ﺑﺎﻟﻨﻘﺎﺋﺺ .ﻓﺄﻓﻴﺪ أوﻻً ﻧﺰاﻫﺔ ذاﺗﻪ ﺑﻮﺻﻒ ، وﻧﺰاﻫﺔ ﺗﺼﺮﻓﺎﺗﻪ اﳌﻐ ﱠﻴﺒﺔ ﻋﻦ اﻟﻐﺪر واﻟﻜﻴﺪ ﺑﻮﺻﻒ ، وﻧﺰاﻫ ُﺔ ﺗﺼﺮﻓﺎﺗﻪ اﻟﻈﺎﻫﺮة ﻋﻦ اﳉﻮر واﻟﻈﻠﻢ ﺑﻮﺻﻒ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ٣١٦
ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﻣﺪﻧﻴﺔ أﺳﻤﺎء اﻟﺴﻮرة اﳌﺼﺤﻒ ٦٠ ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﺑﲔ ﻳﺪي آﻳﺔ ﺳﻮرة اﳌﻤﺘﺤﻨﺔ ﻷﻧﻬﺎ ورد ﻓﻴﻬﺎ آﻳﺔ اﻣﺘﺤﺎن وﺟﻪ اﻟﻨﺰول ٩١ اﻟﺴﻮرة اﻟﻨﺴﺎء اﻟﻼﺗﻲ ﻳﺄﺗﲔ ﻣﻦ ﻣﻜﺔ اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /ﺗﻮﻗﻴﻔﻴﺔ ﻣﻬﺎﺟﺮات إﻟﻰ اﳌﺪﻳﻨﺔ ﻟﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻴﻬﺎ: وﺟﻪ ﺳﻮرة اﻻﻣﺘﺤﺎن اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻣﻘﺼﺪ اﻟﺴﻮرة ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /اﺟﺘﻬﺎدﻳﺔ ﺗﺨﻠﻴﺺ ﻗﻠﻮب اﳌﺆﻣﻨﲔ ﺳﻮرة اﳌﻮدة ﻟﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻴﻬﺎ: وﺟﻪ ﻣﻦ اﻟﻮﻻء ﻟﻐﻴﺮ اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ دﻳﻦ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /اﺟﺘﻬﺎدﻳﺔ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺴﻮرة اﳌﻮﺿﻮع اﻵﻳﺎت اﳌﻮﺿﻮع اﻵﻳﺎت اﻟﺪﻋﻮة إﻟﻰ اﻟﺘﺄﺳﻲ ﺑﺈﻣﺎم اﳊﻨﻔﺎء وﻣﻦ ﻣﻌﻪ اﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ ﻣﻮاﻻة اﻟﻜﻔﺎر وﺑﻴﺎن ﺣﻘﻴﻘﺘﻬﻢ اﻣﺘﺤﺎن اﳌﺆﻣﻨﺎت اﳌﻬﺎﺟﺮات اﳌﻮاﻻة اﳌﺒﺎﺣﺔ واﳌﻮاﻻة اﶈﺮﻣﺔ ﻣﺒﺎﻳﻌﺔ اﻟﻨﺴﺎء ﻟﻠﻨﺒﻲ ﷺ اﻟﺘﺤﺬﻳﺮ ﻣﻦ ﻣﻮاﻻة أﻋﺪاء اﷲ ٣١٧
أﻏﺮاض اﻟﺴﻮرة اﻫﺘﻤﺖ اﻟﺴﻮرة ﺑﺠﺎﻧﺐ اﻟﺘﺸﺮﻳﻊ ،وﻏﺮﺿﻬﺎ ﻳﺪور ﺣﻮل )اﳊﺐ واﻟﺒﻐﺾ ﰲ اﷲ( اﻟﺬي ﻫﻮ أوﺛﻖ ﻋﺮى اﻹﳝﺎن، وﻗﺪ ﻧﺰل ﺻﺪر اﻟﺴﻮرة ﻋﺘﺎﺑﺎً ﳊﺎﻃﺐ ﺑﻦ أﺑﻲ ﺑﻠﺘﻌﺔ ،ﺣﲔ ﻛﺘﺐ ﻛﺘﺎﺑﺎً ﻷﻫﻞ ﻣﻜﺔ ،ﻳﺨﺒﺮﻫﻢ أن اﻟﺮﺳﻮل ﷺ ﻗﺪ ﲡﻬﺰ ﻟﻐﺰوﻫﻢ ،ﻓﺤﺬرت اﻟﺴﻮرة ﻣﻦ ﻣﻮاﻻة أﻋﺪاء اﷲ اﻟﺬﻳﻦ آذوا رﺳﻮل اﷲ ﷺ واﳌﺆﻣﻨﲔ ﺣﺘﻰ اﺿﻄﺮوﻫﻢ إﻟﻰ اﻟﻬﺠﺮة ،وﺗﺮك اﻟﺪﻳﺎر ،وﺿﺮﺑﺖ ﻣﺜ ًﻼ ﰲ إﳝﺎن إﺑﺮاﻫﻴﻢ وأﺗﺒﺎﻋﻪ اﳌﺆﻣﻨﲔ ﰲ ﺗﺒﺮؤﻫﻢ ﻣﻦ اﳌﺸﺮﻛﲔ ،ووﺿﻌﺖ أﺻﻮل اﻟﻌﻼﻗﺎت ﺑﲔ اﳌﺴﻠﻤﲔ وﻏﻴﺮﻫﻢ ﻣﻦ أﻫﻞ اﻟﻜﺘﺎب ﰲ ﺣﺎﻟﺘﻲ اﻟﺴﻠﻢ واﳊﺮب واﳌﻮدة واﻟﻌﺪاوة ،وﺑﻴﻨﺖ وﺟﻮب اﻣﺘﺤﺎن اﳌﺆﻣﻨﺎت ﻋﻨﺪ اﻟﻬﺠﺮة ،وﻋﺪم ردﻫ ﱠﻦ إﻟﻰ اﻟﻜﻔﺎر إذا ﺛﺒﺖ إﳝﺎﻧﻬﻦ، وإﻳﺘﺎء أزواﺟﻬﻦ ﻣﻬﻮرﻫﻦ ،وذﻛﺮت ﺣﻜﻢ ﻣﺒﺎﻳﻌﺔ اﻟﺮﺳﻮل ﷺ ﻟﻬﻦ وﺷﺮوط اﻟﺒﻴﻌﺔ وﺑﻨﻮدﻫﺎ ،وأﺻﻮﻟﻬﺎ ﰲ اﻹﺳﻼم وداره ،وﺧﺘﻤﺖ ﺑﺎﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ ﻣﻮاﻻة اﻟﻜﻔﺎر ﺣﺮﺻﺎً ﻋﻠﻰ وﺣﺪة اﻷﻣﺔ واﳌﻠﺔ ﻣﻨﺎﺳﺒﺎت اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ أول اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ اﻟﺴﻮرة ﺑﺂﺧﺮﻫﺎ ﳌﺎ ﻗﺒﻠﻬﺎ ﺑﺪأت ﺑﺎﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ ﻣﻮاﻻة ذﻛﺮ ﰲ ﺳﻮرة اﳊﺸﺮ ﻣﻮاﻻة اﳌﺆﻣﻨﲔ اﻟﻜﺎﻓﺮﻳﻦ ،وﺧﺘﻤﺖ ﺑﻪ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻟﺒﻌﺾ وﻣﻮاﻻة أﻫﻞ اﻟﻜﺘﺎب، وﺑﺪأت ﺳﻮرة اﳌﻤﺘﺤﻨﺔ ﺑﺎﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ ﻣﻮاﻻة اﻟﻜﺎﻓﺮﻳﻦ ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻐﺮﻳﺐ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻷﺟﻞ إﳝﺎﻧﻜﻢ ﺗُﻔ ُﻀﻮن ﺧﻠﺼﺎء وأﺣﺒﺎء وﳝﺪوا ﻳﻈﻔﺮوا ﺑﻜﻢ أﺧﻄﺄ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻬﺪى ﺑﺮﻳﺌﻮن ﻗﺪوة ﻳُﻔ ﱢﺮق ﺑﲔ اﳌﻄﻴﻌﲔ، واﻟﻌﺎﺻﲔ اﳌﺮﺟﻊ رﺟﻌﻨﺎ ﺑﺎﻟﺘﻮﺑﺔ ،واﻟﻄﺎﻋﺔ ﻟﻜﻦ ﻻ ﺗﻘﺘﺪوا ﻳُﻌ ِﺮض ﻋﻦ اﻻﻗﺘﺪاء ﻳﻄﻤﻊ ﰲ اﳋﻴﺮ ﺑﺈﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺣﲔ ﻗﺎل ﺑﺎﻷﻧﺒﻴﺎء ،وﻳُﻮا ِل أﻋﺪاء اﷲ ﻣﻦ اﷲ ﺑﻌﺬاﺑﻚ ﻟﻨﺎ ،أو ﺗﺴﻠﻴﻂ اﻟﻜﻔﺎر ﻋﻠﻴﻨﺎ ٣١٨
ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﺗُﻜ ِﺮﻣﻮﻫﻢ ﻣﺤﺒﺔ اﶈﻤﻮد ﰲ ذاﺗﻪ، وﺻﻔﺎﺗﻪ ،وأﻓﻌﺎﻟﻪ وﻋﺎوﻧﻮا اﻟﻌﺎدﻟﲔ وﺗﻌﺪﻟﻮا ﻓﻴﻬﻢ وأﻋﻄﻮﻫﻢ ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﻓﺎﺧﺘﺒﺮوﻫ ﱠﻦ؛ ﻟﺘﻌﻠﻤﻮا أن ﺗﻨﺼﺮوﻫﻢ ،وﺗﻮدوﻫﻢ أﻧﻔﻘﻮا ﻋﻠﻴﻬﻦ ﻣﻦ اﳌﻬﻮر ﺻﺪق إﳝﺎﻧﻬ ﱠﻦ إﺛﻢ ِﺑ ُﻌ ُﻘﻮد ﻧﻜﺎح زوﺟﺎﺗﻜﻢ ﻣﻬﻮرﻫ ﱠﻦ اﻟﻜﺎﻓﺮات واﻃﻠﺒﻮا ﻣﻨﻬﻢ ﻣﻬﻮر اﻧﻔﻠﺘﺖ واﺣﺪة ﻧﺴﺎءﻛﻢ اﳌﺮﺗﺪات ﻓﻈﻔﺮﰎ ﺑﺎﻟﻜﻔﺎر، ﺑﺮ ﱠدة وﻏﻨﻤﺘﻢ ﻣﻨﻬﻢ ﻳُﻌﺎ ِﻫﺪﻧﻚ ﺑﺄن ﻳُﻠ ِﺤﻘﻦ ﺑﺄزواﺟﻬ ﱠﻦ ﻻ ﲡﻌﻠﻮﻫﻢ أوﻟﻴﺎء، أوﻻداً ﻟﻴﺴﻮا ﻣﻨﻬﻢ وأﺧﻼء ﻣﻦ وﺣﻲ اﻵي اﻟﺒﻘﺎﻋﻲ ﻓﺄي ﻓﺎﺋﺪة ﻹﺳﺮارﻛﻢ إن ﻛﻨﺘﻢ ﺗﻌﻠﻤﻮن أﻧﻲ ﻋﺎﻟﻢ ﺑﻪ ،وإن ﻛﻨﺘﻢ ﺗﺘﻮﻫﻤﻮن أﻧﻲ ﻻ أﻋﻠﻤﻪ ﻓﻬﻲ اﻟﻘﺎﺻﻤﺔ اﻷﻟﻮﺳﻲ اﻟﺪﻳﻦ أﻋﺰ ﻋﻠﻰ اﳌﺆﻣﻨﲔ ﻣﻦ أرواﺣﻬﻢ ﻷﻧﻬﻢ ﺑﺎذﻟﻮن ﻟﻬﺎ دوﻧﻪ، وأﻫﻢ ﺷﻲء ﻋﻨﺪ اﻟﻌﺪو أن ﻳﻘﺼﺪ أﻫﻢ ﺷﻲء ﻋﻨﺪ ﺻﺎﺣﺒﻪ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ اﻟﻘﺮﻃﺒﻲ ﳌﺎ اﻋﺘﺬر ﺣﺎﻃﺐ ﺑﺄن ﻟﻪ أوﻻداً وأرﺣﺎﻣﺎً ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﻢ ،ﺑ ﱠﲔ اﻟﺮب أن اﻷﻫﻞ واﻷوﻻد ﻻ ﻳﻨﻔﻌﻮن ﺷﻴﺌﺎً ﻳﻮم اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ إن ﻋﺼﻲ ﻣﻦ أﺟﻞ ذﻟﻚ اﺑﻦ ﺟﺰي ﳌﺎ أﻣﺮ اﷲ اﳌﺴﻠﻤﲔ ﺑﻌﺪاوة اﻟﻜﻔﺎر وﻣﻘﺎﻃﻌﺘﻬﻢ ﻓﺎﻣﺘﺜﻠﻮا ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻛﺎن ﺑﻴﻨﻬﻢ وﺑﲔ اﻟﻜﻔﺎر ﻣﻦ اﻟﻘﺮاﺑﺔ ،ﻓﻌﻠﻢ اﷲ ﺻﺪﻗﻬﻢ ﻓﺂﻧﺴﻬﻢ ﺑﻬﺬه اﻵﻳﺔ ،ووﻋﺪﻫﻢ ﺑﺄن ﻳﺠﻌﻞ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻣﻮدة، وﻫﺬه اﳌﻮدة ﻛﻤﻠﺖ ﰲ ﻓﺘﺢ ﻣﻜﺔ؛ ﻓﺈﻧﻪ أﺳﻠﻢ ﺣﻴﻨﺌﺬ ﺳﺎﺋﺮ ﻗﺮﻳﺶ اﻟﺒﻘﺎﻋﻲ ﻗﺎل اﻟﻘﺸﻴﺮي :وﰲ اﳉﻤﻠﺔ اﻻﻣﺘﺤﺎن ﻃﺮﻳﻖ إﻟﻰ اﳌﻌﺮﻓﺔ، وﺟﻮاﻫﺮ اﻟﻨﻔﺲ ﺗﺘﺒﲔ ﺑﺎﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ،وﻣﻦ أﻗﺪم ﻋﻠﻰ ﺷﻲء ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﲡﺮﺑﺔ ﻳﺠﻨﻲ ﻛﺄس اﻟﻨﺪم اﻟﻘﺮﻃﺒﻲ أﻣﺮ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ إذا أﻣﺴﻜﺖ اﳌﺮأة اﳌﺴﻠﻤﺔ أن ﺗﺮد ﻋﻠﻰ زوﺟﻬﺎ ﻣﺎ أﻧﻔﻖ ،وذﻟﻚ ﻣﻦ اﻟﻮﻓﺎء ﺑﺎﻟﻌﻬﺪ؛ ﻷﻧﻪ ﳌﺎ ﻣﻨﻊ ﻣﻦ أﻫﻠﻪ ﺑﺤﺮﻣﺔ اﻹﺳﻼم أﻣﺮ ﺑﺮد اﳌﺎل ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﻘﻊ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺧﺴﺮان ﻣﻦ اﻟﻮﺟﻬﲔ :اﻟﺰوﺟﺔ واﳌﺎل ٣١٩
اﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ وﻣﻌﺼﻴﺘﻪ ﻻ ﺗﻜﻮن إﻻ ﰲ ﻣﻌﺮوف؛ ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﻳﺄﻣﺮ ﲟﻨﻜﺮ ،ﻟﻜﻦ اﻟﻐﺰاﻟﻲ ﻫﺬا ﻗﻴﻞ :ﻓﻴﻪ دﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ أن ﻃﺎﻋﺔ أوﻟﻲ اﻷﻣﺮ إﳕﺎ ﺗﻠﺰم ﰲ اﳌﻌﺮوف ﻛﻠﻤﺎ ﺗﺮاﻛﻤﺖ اﻟﺬﻧﻮبُ ،ﻃﺒﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻠﻮب ،وﻋﻨﺪ ذﻟﻚ ﻳﻌﻤﻰ اﻟﻘﻠﺐ ﻋﻦ إدراك اﳊﻖ وﺻﻼح اﻟﺪﻳﻦ ،وﻳﺴﺘﻬﲔ ﺑﺄﻣﺮ اﻵﺧﺮة ،وﻳﺴﺘﻌﻈﻢ أﻣﺮ اﻟﺪﻧﻴﺎ ،وﻳﺼﻴﺮ ﻣﻘﺼﻮر اﻟﻬﻢ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ٣٢٠
ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﻣﺪﻧﻴﺔ أﺳﻤﺎء اﻟﺴﻮرة اﳌﺼﺤﻒ ٦١ ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﺑﲔ ﻳﺪي آﻳﺔ ﺳﻮرة اﻟﺼﻒ وﺟﻪ اﻟﻨﺰول ١٠٩ اﻟﺴﻮرة ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /ﺗﻮﻗﻴﻔﻴﺔ ﻟﻮﻗﻮع ﻟﻔﻆ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻣﻘﺼﺪ اﻟﺴﻮرة وﺟﻪ ﺳﻮرة اﳊﻮارﻳﲔ اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻟﻮرود ذﻛﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﲢﻔﻴﺰ اﳌﺆﻣﻨﲔ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /اﺟﺘﻬﺎدﻳﺔ ﻟﻨﺼﺮة دﻳﻦ اﷲ، واﳉﻬﺎد ﰲ ﺳﺒﻴﻠﻪ ﺳﻮرة ﻋﻴﺴﻰ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺮﺗﲔ وﺟﻪ اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻟﻮرود ذﻛﺮ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /اﺟﺘﻬﺎدﻳﺔ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺴﻮرة اﳌﻮﺿﻮع اﳌﻮﺿﻮع اﻵﻳﺎت اﻵﻳﺎت ﻣﻮﻗﻒ اﻟﻜﻔﺎر ﻣﻦ دﻋﻮة اﻟﺮﺳﻞ ﻣﻄﺎﺑﻘﺔ اﻟﻘﻮل اﻟﻌﻤﻞ ﰲ ﺷﺄن اﳉﻬﺎد اﻟﺘﺠﺎرة اﻟﺮاﺑﺤﺔ ٣٢١
أﻏﺮاض اﻟﺴﻮرة ﺳﻮرة اﻟﺼﻒ ﺗﺘﺤﺪث ﻋﻦ ﻣﻮﺿﻮع اﻟﻘﺘﺎل وﺟﻬﺎد أﻋﺪاء اﷲ ،واﻟﺘﻀﺤﻴﺔ ﰲ ﺳﺒﻴﻞ اﷲ ،ﻹﻋﺰاز دﻳﻨﻪ ،وإﻋﻼء ﻛﻠﻤﺘﻪ ،وﺗﻨﺎوﻟﺖ ﻣﻮﻗﻒ اﻟﻴﻬﻮد ﻣﻦ دﻋﻮة ﻣﻮﺳﻰ وﻋﻴﺴـﻰ ،وﲢﺪﺛﺖ ﻋﻦ ﺳﻨﺔ اﷲ ﰲ ﻧﺼﺮة دﻳﻨﻪ، وأﻧﺒﻴﺎﺋﻪ ،وأوﻟﻴﺎﺋﻪ ،وﺿﺮﺑﺖ اﳌﺜﻞ ﻟﻠﻤﺸﺮﻛﲔ ﰲ ﻋﺰﻣﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﺤﺎرﺑﺔ دﻳﻦ اﷲ ،ﲟﻦ ﻳﺮﻳﺪ إﻃﻔﺎء ﻧﻮر اﻟﺸﻤﺲ ﺑﻔﻤﻪ اﻟﺼﻐﻴﺮ اﳊﻘﻴﺮ ،ودﻋﺖ اﳌﺆﻣﻨﲔ إﻟﻰ اﻟﺘﺠﺎرة اﻟﺮاﺑﺤﺔ ،وﺣ ﱠﺮﺿﺘﻬﻢ ﻋﻠﻰ اﳉﻬﺎد ﰲ ﺳﺒﻴﻞ اﷲ ﺑﺎﻟﻨﻔﺲ واﳌﺎل ،ﻟﻴﻨﺎﻟﻮا اﻟﺴﻌﺎدة اﻟﺪاﺋﻤﺔ ،وﺑﻴﻨﺖ ﺛﻤﺮة اﳉﻬﺎد ،وﻫﻮ اﻟﻨﺼﺮ ﰲ اﻟﺪﻧﻴﺎ واﳉﻨﺔ ﰲ اﻵﺧﺮة ،وﺧﺘﻤﺖ ﺑﺪﻋﻮة أﻫﻞ اﻹﳝﺎن إﻟﻰ ﻧﺼﺮة دﻳﻦ اﻟﺮﺣﻤﻦ ،ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻞ اﳊﻮارﻳﻮن أﺻﺤﺎب ﻋﻴﺴﻰ ،ﺣﲔ دﻋﺎﻫﻢ إﻟﻰ ﻧﺼﺮة دﻳﻦ اﷲ ،ﻓﺎﺳﺘﺠﺎﺑﻮا واﻧﺘﺼﺮوا ﻣﻨﺎﺳﺒﺎت اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ أول اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ اﻟﺴﻮرة ﺑﺂﺧﺮﻫﺎ ﳌﺎ ﻗﺒﻠﻬﺎ ﺑﺪأت ﺑﺎﳊﺪﻳﺚ ﻋﻦ اﳉﻬﺎد: اﺧﺘﺘﻤﺖ ﺳﻮرة اﳌﻤﺘﺤﻨﺔ ﺑﺎﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ ﻣﻮاﻻة أﻋﺪاء اﷲ ،واﻓﺘﺘﺤﺖ ﺳﻮرة اﻟﺼﻒ ﺑﺒﻴﺎن ، وﺧﺘﻤﺖ ﺑﻪ: ﻣﺎ ﻳﻘﺘﻀﻴﻪ اﻟﺘﺨﻠﻲ ﻋﻦ ﺗﻠﻚ اﳌﻮاﻻة وﻫﻮ ﺗﻨﺰﻳﻪ اﷲ ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻐﺮﻳﺐ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﺻﺎﻓﲔ ﺻﻔﺎً ﻋ ُﻈﻢ ﺑﻐﻀﺎً ﻧﺰه اﷲ ﻋﻤﺎ ﻻ ﻳﻠﻴﻖ ﺑﺠﻼﻟﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﺻﺮﻓﻬﺎ ﻋﻦ ﻗﺒﻮل اﳊﻖ؛ ﺟﺰاء ﻋﻠﻰ زﻳﻐﻬﻢ ﻋﺪﻟﻮا ﻋﻦ اﳊﻖ، ﻣﺘﺮا ﱞص ُﻣﺤﻜﻢ ﻻ ﻓﺮﺟﺔ ﻓﻴﻪ، ﻻ أﺣﺪ أﺷﺪ ﻇﻠﻤﺎً، ﻣﻊ ﻋﻠﻤﻬﻢ ﺑﻪ وﻻ ﻳﻨﻔﺬ ﻓﻴﻪ اﻟﻌﺪو وﻋﺪواﻧﺎً اﳊﻖ اﻟﺬي ﺟﺎء ﺑﺎﻵﻳﺎت اﻟﻮاﺿﺤﺎت ِﳌﺎ ﺟﺎء ﻗﺒﻠﻲ ﺑﻪ اﻟﺮﺳﻮل ﷺ ﻳُﺪﻋﻰ إﻟﻰ اﻟﺪﺧﻮل اﺧﺘﻠﻖ ِﻟﻴُﻌﻠﻴﻪ ﰲ اﻹﺳﻼم ﺑﺄﻗﻮاﻟﻬﻢ اﻟﻜﺎذﺑﺔ ُﻣﻈ ِﻬﺮ اﳊﻖ ﺑﺈﲤﺎم دﻳﻨﻪ ٣٢٢
ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ أﺻﻔﻴﺎء ﻋﻴﺴﻰ وﻧﻌﻤﺔ أﺧﺮى ﻟﻜﻢ اﻷدﻳﺎن اﳌﺨﺎﻟﻔﺔ ﻛﻠﻬﺎ وﺧﻮا ﱢﺻﻪ ﻏﺎﻟﺒﲔ ﻓﻘ ﱠﻮﻳﻨﺎ ،وﻧﺼﺮﻧﺎ ﻣﻦ وﺣﻲ اﻵي اﻟﺴﻌﺪي ﻳﺴﺘﺪل ﺑﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ :وﻣﺎ ﺑﻌﺪﻫﺎ ،ﻋﻠﻰ أن ﻣﻦ ﺗﻜﻠﻢ ﺑﺎﳊﻖ وﻋﻤﻞ ﺑﺨﻼﻓﻪ أ ﱠﻧﻪ ﳑﻘﻮت ﻣﺬﻣﻮم ،ﻓﻬﻮ أﻳﻀﺎً دﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ أ ﱠن اﳊﻤﺪ واﻟﻌﻮاﻗﺐ اﳊﻤﻴﺪة ﳌﻦ ﺗَﻮا َﻓ َﻖ ﻇﺎﻫﺮه وﺑﺎﻃﻨﻪ ،وأﻗﻮاﻟﻪ وأﻓﻌﺎﻟﻪ اﻟﺴﻌﺪي وﺗﻜﻮن ﺻﻔﻮﻓﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻧﻈﺎم وﺗﺮﺗﻴﺐ ﺑﻪ ﲢﺼﻞ اﳌﺴﺎواة ﺑﲔ اﳌﺠﺎﻫﺪﻳﻦ ،واﻟﺘﻌﺎﺿﺪ ،وإرﻫﺎب اﻟﻌﺪو ،وﺗﻨﺸﻴﻂ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺑﻌﻀﺎً اﺑﻦ اﻟﻘﻴﻢ ﻻ ﺗﺘﻌﺐ ذﻫﻨﻚ ﺑﻬﺬﻳﺎﻧﺎت اﳌﻠﺤﺪﻳﻦ؛ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻋﻨﺪ ﻣﻦ ﻋﺮﻓﻬﺎ ﻣﻦ ﻫﻮس اﻟﺸﻴﺎﻃﲔ ،وﺧﻴﺎﻻت اﳌﺒﻄﻠﲔ ،وإذا ﻃﻠﻊ ﻓﺠﺮ اﻟﻬﺪى ،وأﺷﺮﻗﺖ اﻟﻨﺒﻮة ،ﻓﻌﺴﺎﻛﺮ ﺗﻠﻚ اﳋﻴﺎﻻت واﻟﻮﺳﺎوس ﰲ أول اﳌﻨﻬﺰﻣﲔ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ اﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻣﻌﻠﻮم أن اﷲ وﻋﺪ ﺑﺈﻇﻬﺎره ﻋﻠﻰ اﻟﺪﻳﻦ ﻛﻠﻪ :ﻇﻬﻮر ﻋﻠﻢ وﺑﻴﺎن ،وﻇﻬﻮر ﺳﻴﻒ وﺳﻨﺎن ،ﻓﻘﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ: وﻗﺪ ﻓﺴﺮ اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻇﻬﻮ َره ﺑﻬﺬا وﻫﺬا ،وﻟﻔﻆ اﻟﻈﻬﻮر ﻳﺘﻨﺎوﻟﻬﻢ؛ ﻓﺈن ﻇﻬﻮر اﻟﻬﺪى ﺑﺎﻟﻌﻠﻢ واﻟﺒﻴﺎن ،وﻇﻬﻮر اﻟﺪﻳﻦ ﺑﺎﻟﻴﺪ واﻟﻌﻤﻞ اﺑﻦ اﻟﻘﻴﻢ ﻓﻜﺄن اﻟﻨﻔﻮس َﺿ ﱠﻨﺖ ﺑﺤﻴﺎﺗﻬﺎ وﺑﻘﺎﺋﻬﺎ ،ﻓﻘﺎل: ﻳﻌﻨﻲ :أن اﳉﻬﺎد ﺧﻴﺮ ﻟﻜﻢ ﻣﻦ ﻗﻌﻮدﻛﻢ ﻟﻠﺤﻴﺎة واﻟﺴﻼﻣﺔ اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر وإﳕﺎ ُﺧﺼﺖ اﳌﺴﺎﻛﻦ ﺑﺎﻟﺬﻛﺮ ﻫﻨﺎ ﻷن ﰲ اﳉﻬﺎد ﻣﻔﺎرﻗﺔ ﻣﺴﺎﻛﻨﻬﻢ ،ﻓﻮﻋﺪوا ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ اﳌﻔﺎرﻗﺔ اﳌﺆﻗﺘﺔ ﲟﺴﺎﻛﻦ أﺑﺪﻳﺔ اﻟﻘﺼﺎب ﻫﺬه اﻵﻳﺔ ﺣﺠﺔ واﺿﺤﺔ ﰲ وﺟﻮب اﻷﻣﺮ ﺑﺎﳌﻌﺮوف واﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ اﳌﻨﻜﺮ ،إذ ﻻ ﻳﺸﻚ أﺣ ٌﺪ أ ﱠن ﻧﺼﺮ اﷲ إﳕﺎ ﻫﻮ ﻧﺼﺮ دﻳﻨﻪ، وﻻ ﻳﻜﻮن ﻧﺼ ُﺮه إﻻ ﺑﺎﳌﻌﻮﻧﺔ ﻋﻠﻰ إﻗﺎﻣﺔ أﻣﺮه وﻧﻬﻴﻪ وﻋﻠﻮﻫﻤﺎ، واﻷﺧﺬ ﻋﻠﻰ ﻳﺪي ﻣﻦ ﻳﺮﻳﺪ ذﻟﻪ وإﻫﺎﻧﺘﻪ ٣٢٣
أﺳﻤﺎء اﻟﺴﻮرة ﺳﻮرة اﳉﻤﻌﺔ ﻟﻮﻗﻮع ﻟﻔﻆ اﳉﻤﻌﺔ ﻓﻴﻬﺎ وﺟﻪ اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /ﺗﻮﻗﻴﻔﻴﺔ ﻣﻘﺼﺪ اﻟﺴﻮرة ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﻣﺪﻧﻴﺔ اﳌﺼﺤﻒ ٦٢ ﺑﻴﺎن ﻣ ﱠﻨﺔ اﷲ ﻋﻠﻰ ﻫﺬه اﻷﻣﺔ ﰲ ﺗﻔﻀﻴﻠﻬﺎ وﻫﺪاﻳﺘﻬﺎ ﺑﺎﻟﺮﺳﻮل ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﺑﲔ ﻳﺪي آﻳﺔ اﻟﻨﺰول ١١٠ اﻟﺴﻮرة ﷺ ﺑﻌﺪ ﺿﻼﻟﻬﺎ ،واﻹﻟﺰام ﺑﻄﺎﻋﺘﻪ ،واﻟﺘﺤﺬﻳﺮ ﻣﻦ ﻣﺸﺎﺑﻬﺔ اﻟﻴﻬﻮد ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺴﻮرة اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ اﳌﻮﺿﻮع اﳌﻮﺿﻮع اﻵﻳﺎت اﻵﻳﺎت ﺣﺎل اﻟﻴﻬﻮد ﻣﻊ اﻟﺘﻮراة واﻟﺮد ﻋﻠﻰ ﻣﺰاﻋﻤﻬﻢ اﻻﻓﺘﺘﺎح ﺑﺘﻨﺰﻳﻪ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ وﺑﻴﺎن ﻣﻘﺎﺻﺪ اﻟﺒﻌﺜﺔ اﻟﻨﺒﻮﻳﺔ ﻣﻦ أﺣﻜﺎم ﺻﻼة اﳉﻤﻌﺔ ٣٢٤
أﻏﺮاض اﻟﺴﻮرة ﺗﻨﺎوﻟﺖ اﻟﺴﻮرة ﺑﻌﺜﺔ ﺧﺎﰎ اﳌﺮﺳﻠﲔ ﷺ ،وﺑﻴﻨﺖ أﻧﻪ اﻟﺮﺣﻤﺔ اﳌﻬﺪاة ،أﻧﻘﺬ اﷲ ﺑﻪ اﻟﻌﺮب واﻟﻌﺠﻢ ،ﻣﻦ ﻇﻼم اﻟﺸﺮك واﻟﻀﻼل ،وﲢﺪﺛﺖ ﻋﻦ اﻟﻴﻬﻮد واﻧﺤﺮاﻓﻬﻢ ﻋﻦ ﺷﺮﻳﻌﺔ اﷲ ،وﺿﺮﺑﺖ ﻣﺜ ًﻼ ﻟﻬﻢ ﺑﺎﳊﻤﺎر ،اﻟﺬي ﻳﺤﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﺮه اﻟﻜﺘﺐ اﻟﻜﺒﻴﺮة اﻟﻨﺎﻓﻌﺔ ،وﻟﻜﻨﻪ ﻻ ﻳﻨﺎﻟﻪ ﻣﻨﻬﺎ إﻻ اﻟﻌﻨﺎء واﻟﺘﻌﺐ ،وذﻟﻚ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﺸﻘﺎء واﻟﺘﻌﺎﺳﺔ ،وﺧﺘﻤﺖ ﺑﺄﺣﻜﺎم ﺻﻼة اﳉﻤﻌﺔ ،ﻓﺪﻋﺖ اﳌﺆﻣﻨﲔ إﻟﻰ اﳌﺴﺎرﻋﺔ ﻷداء اﻟﺼﻼة ،وﺣﺮﻣﺖ ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻟﺒﻴﻊ وﻗﺖ اﻟﻨﺪاء ﻟﻬﺎ ،وﺣ ﱠﺬرت ﻣﻦ اﻻﻧﺸﻐﺎل ﻋﻦ اﻟﺼﻼة ،ﺑﺎﻟﺘﺠﺎرة واﻟﻠﻬﻮ ،ﻛﺤﺎل اﳌﻨﺎﻓﻘﲔ ،اﻟﺬﻳﻦ إذا ﻗﺎﻣﻮا إﻟﻰ اﻟﺼﻼة ﻗﺎﻣﻮا ﻛﺴﺎﻟﻰ ﻣﺘﺜﺎﻗﻠﲔ ﻣﻨﺎﺳﺒﺎت اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ أول اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ اﻟﺴﻮرة ﺑﺂﺧﺮﻫﺎ ﳌﺎ ﻗﺒﻠﻬﺎ ﺑﺪأت ﺑﻮﺻﻒ اﷲ ،وﺧﺘﻤﺖ ﺑﻪ: ﺧﺘﻢ ﺳﻮرة اﻟﺼﻒ ﺑﺎﳉﻬﺎد ،وﺳﻤﺎه ﲡﺎرة، وﺧﺘﻢ ﺳﻮرة اﳉﻤﻌﺔ ﺑﺎﻟﺼﻼة ،وأﺧﺒﺮﻫﺎ أﻧﻬﺎ ﺧﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺘﺠﺎرة اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻐﺮﻳﺐ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ اﻟﻘﻮي اﻟﻐﺎﻟﺐ اﳌﻨﺰه ﻋﻦ ﻛﻞ ﻧﻘﺺ ﻳﻨﺰه اﷲ ﻋﻦ ﻛﻞ اﻟﺬي ﻻ ﻳُﻐﺎﻟﺐ ﻣﺎ ﻻ ﻳﻠﻴﻖ ﺑﻪ اﻟﻘﺮآن وﻳﻄﻬﺮﻫﻢ ﻣﻦ اﻟﻌﻘﺎﺋﺪ اﻟﻌﺮب اﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﻘﺮؤون، اﻟﻔﺎﺳﺪة ،واﻷﺧﻼق اﻟﺴﻴﺌﺔ وﻻ ﻛﺘﺎب ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻟﻢ ﻳﺠﻴﺌﻮا ﺑﻌﺪ، وﺳﻴﺠﻴﺌﻮن وﺑﻌﺜﻪ إﻟﻰ ﻗﻮم آﺧﺮﻳﻦ اﻟﺴﻨﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﺮب ،وﻏﻴﺮﻫﻢ ﺗﺪ ﱠﻳﻨُﻮا ﺑﺎﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ ﻗﺒُﺢ ﻣﺜﻠﻬﻢ ﻛﺘﺒﺎً رزق اﷲ واﺗﺮﻛﻮا ﻓﺎﻣﻀﻮا ﺗﺨ ُﻄﺐ ﻋﻠﻰ اﳌﻨﺒﺮ ﺗﻔ ﱠﺮﻗﻮا ﻋﻨﻚ ﻣﺎ ﻳُﻠ ِﻬﻲ ﻣﻦ ﻏﻨﺎء، ﻗﺎﺻﺪﻳﻦ إﻟﻴﻬﺎ وزﻳﻨﺔ ،وﻧﺤﻮﻫﻤﺎ ٣٢٥
ﻣﻦ وﺣﻲ اﻵي اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر ﻫﺬه اﻟﺴﻮرة ﺟﺎء ﻓﻴﻬﺎ ﻓﻌﻞ اﻟﺘﺴﺒﻴﺢ ُﻣﻀﺎرﻋﺎً ،وﺟﻲء ﺑﻪ ﰲ ﺳﻮاﻫﺎ ﻣﺎﺿﻴﺎً؛ ﳌﻨﺎﺳﺒ ٍﺔ ﻓﻴﻬﺎ وﻫﻲ :أن اﻟﻐﺮض ﻣﻨﻬﺎ اﻟﺘﻨﻮﻳﻪ ﺑﺼﻼة اﳉﻤﻌﺔ واﻟﺘﻨﺪﻳﺪ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺮ ﻗﻄﻌﻮا ﻋﻦ ﺻﻼﺗﻬﻢ وﺧﺮﺟﻮا ﻟﺘﺠﺎرة أو ﻟﻬﻮ ،ﻓﻤﻨﺎﺳﺐ أن ﻳﺤﻜﻰ ﺗﺴﺒﻴﺢ أﻫﻞ اﻟﺴﻤﺎوات واﻷرض ﲟﺎ ﻓﻴﻪ دﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻤﺮار ﺗﺴﺒﻴﺤﻬﻢ وﲡﺪده ﺗﻌﺮﻳﻀﺎً ﺑﺎﻟﺬﻳﻦ ﻟﻢ ﻳﺘﻤﻮا ﺻﻼة اﳉﻤﻌﺔ اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر واﺑﺘﺪئ ﺑﺎﻟﺘﻼوة ﻷن أول ﺗﺒﻠﻴﻎ اﻟﺪﻋﻮة ﺑﺈﺑﻼغ اﻟﻮﺣﻲ، وﺛﻨﻲ ﺑﺎﻟﺘﺰﻛﻴﺔ ﻷن اﺑﺘﺪاء اﻟﺪﻋﻮة ﺑﺎﻟﺘﻄﻬﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺮﺟﺲ اﳌﻌﻨﻮي وﻫﻮ اﻟﺸﺮك وﻣﺎ ﻳَ ْﻌﻠﻖ ﺑﻪ ﻣﻦ ﻣﺴﺎوئ اﻷﻋﻤﺎل واﻟﻄﺒﺎع. وﻋﻘﺐ ﺑﺬﻛﺮ ﺗﻌﻠﻴﻤﻬﻢ اﻟﻜﺘﺎب ﻷن اﻟﻜﺘﺎب ﺑﻌﺪ إﺑﻼﻏﻪ إﻟﻴﻬﻢ ﺗﺒﲔ ﻟﻬﻢ ﻣﻘﺎﺻﺪه وﻣﻌﺎﻧﻴﻪ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺒﺸﻴﺮ ﻫﺬه اﻷﻣﺔ ﺣ ﱠﺮر اﻟﻘﺮآ ُن أروا َﺣﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻌﺒﻮدﻳﺔ ﻟﻸوﺛﺎن اﻹﺑﺮاﻫﻴﻤﻲ اﳊﺠﺮﻳﺔ واﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ،وﺣﺮر أﺑﺪاﻧَﻬﺎ ﻣﻦ اﳋﻀﻮع ﳉﺒﺮوت اﻟﻜﺴﺮوﻳﺔ اﻟﻘﻴﺼﺮﻳﺔ ،وﺟ ﱠﻼ ﻋﻘﻮﻟﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻮر اﻹﻟﻬﻲ ،وﻃ ﱠﻬﺮ ﻧﻔﻮﺳﻬﺎ ﻣﻦ أدران اﻹﺳﻔﺎف اﻟﻘﺮﻃﺒﻲ ﻗﺎل ﻣﻴﻤﻮن ﺑﻦ ﻣﻬﺮان :اﳊﻤﺎر ﻻ ﻳﺪري أﺳﻔﺮ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﺮه أم زﺑﻞ ،ﻓﻬﻜﺬا اﻟﻴﻬﻮد .وﰲ ﻫﺬا ﺗﻨﺒﻴﻪ ﻣﻦ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﳌﻦ ﺣﻤﻞ اﻟﻜﺘﺎب أن ﻳﺘﻌﻠﻢ ﻣﻌﺎﻧﻴﻪ وﻳﻌﻠﻢ ﻣﺎ ﻓﻴﻪ؛ ﻟﺌﻼ ﻳﻠﺤﻘﻪ ﻣﻦ اﻟﺬم ﻣﺎ ﳊﻖ ﻫﺆﻻء اﻟﻄﻨﻄﺎوي إﻧﻨﺎ ﻧﺮى اﻷﻣﻮات ﲤﺮ ﺑﻨﺎ ﻣﻮاﻛﺒﻬﻢ ﻛﻞ ﻳﻮم ،وﻟﻜﻨﺎ ﻧﻈﻦ أن اﳌﻮت ُﻛﺘﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺎس ﻛﻠﻬﻢ إﻻ ﻋﻠﻴﻨﺎ ،وﻧﺒﺼﺮ اﻟﻘﺒﻮر ﲤﻸ اﻷرض ،وﻻ ﻧﻔﻜﺮ أﻧﻨﺎ ﺳﻨﻨﺰل ﻳﻮﻣﺎً إﻟﻰ اﻟﻘﺒﺮ اﻟﺴﻌﺪي ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻠﻤﺆﻣﻦ اﳌﻮﻓﻖ وﻗﺖ اﺷﺘﻐﺎﻟﻪ ﰲ ﻣﻜﺎﺳﺐ اﻟﺪﻧﻴﺎ أن اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ﻳﻘﺼﺪ ﺑﺬﻟﻚ اﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﻋﻠﻰ ﻗﻴﺎﻣﻪ ﺑﺎﻟﻮاﺟﺒﺎت ،وأن ﻳﻜﻮن ﻣﺴﺘﻌﻴﻨﺎً ﺑﺎﷲ ﰲ ذﻟﻚ ،ﻃﺎﻟﺒﺎً ﻟﻔﻀﻠﻪ ،ﺟﺎﻋ ًﻼ اﻟﺮﺟﺎء واﻟﻄﻤﻊ ﰲ ﻓﻀﻞ اﷲ ﻧﺼﺐ ﻋﻴﻨﻴﻪ؛ ﻓﺈن اﻟﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﷲ واﻟﻄﻤﻊ ﰲ ﻓﻀﻠﻪ ﻣﻦ اﻹﳝﺎن وﻣﻦ اﻟﻌﺒﺎدات ٣٢٦
ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﻣﺪﻧﻴﺔ أﺳﻤﺎء اﻟﺴﻮرة اﳌﺼﺤﻒ ٦٣ ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﺑﲔ ﻳﺪي آﻳﺔ ﺳﻮرة اﳌﻨﺎﻓﻘﻮن وﺟﻪ اﻟﻨﺰول ١٠٤ اﻟﺴﻮرة اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /ﺗﻮﻗﻴﻔﻴﺔ ﻷﻧﻬﺎ ﺗﻨﺎوﻟﺖ ﻣﻮاﻗﻒ اﳌﻨﺎﻓﻘﲔ ﻣﻦ رﺳﻮل اﷲ ﷺ واﳌﺆﻣﻨﲔ ﻣﻘﺼﺪ اﻟﺴﻮرة ﻻﻓﺘﺘﺎح اﻟﺴﻮرة ﺑﻬﺎ وﺟﻪ ﺳﻮرة اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻛﺸﻒ اﳌﻨﺎﻓﻘﲔ وﺻﻔﺎﺗﻬﻢ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /اﺟﺘﻬﺎدﻳﺔ وﺑﻴﺎن ﻣﻮﻗﻔﻬﻢ ﻣﻦ اﻹﺳﻼم وأﻫﻠﻪ ،ﲢﺬﻳﺮاً ﻣﻨﻬﻢ وﻣﻦ اﻟﺘﺸﺒﻪ ﺑﻬﻢ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺴﻮرة اﳌﻮﺿﻮع اﻵﻳﺎت اﳌﻮﺿﻮع اﻵﻳﺎت إﻋﺮاض اﳌﻨﺎﻓﻘﲔ ﻋﻦ اﺳﺘﻐﻔﺎر أﺣﻮال اﳌﻨﺎﻓﻘﲔ وﺗﻘﻠﺒﺎﺗﻬﻢ اﻟﺮﺳﻮل ﷺ وﻋﻦ اﻹﻧﻔﺎق ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻋﻨﺪه اﳊﺚ ﻋﻠﻰ ﻋﺪم اﻻﺷﺘﻐﺎل ﺑﺄﺳﺒﺎب اﻟﺪﻧﻴﺎ وﻋﻠﻰ اﻟﺼﺪﻗﺔ ﻗﺒﻞ اﳌﻮت ٣٢٧
أﻏﺮاض اﻟﺴﻮرة ﺗﻨﺎوﻟﺖ اﻟﺴﻮرة ﰲ اﻟﺒﺪء أﺧﻼق اﳌﻨﺎﻓﻘﲔ ،وﺻﻔﺎﺗﻬﻢ اﻟﺬﻣﻴﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﻣﻦ أﻇﻬﺮﻫﺎ اﻟﻜﺬب ،وﻣﺨﺎﻟﻔﺔ اﻟﻈﺎﻫﺮ ﻟﻠﺒﺎﻃﻦ ،ﻓﺈﻧﻬﻢ ﻳﻘﻮﻟﻮن ﺑﺄﻟﺴﻨﺘﻬﻢ ،ﻣﺎ ﻻ ﺗﻌﺘﻘﺪه ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ ،وﺗﺂﻣﺮﻫﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﺳﻮل ﷺ وﻋﻠﻰ اﳌﺴﻠﻤﲔ ،وﻗﺪ ﻓﻀﺤﺘﻬﻢ اﻟﺴﻮرة وﻛﺸﻔﺖ ﻋﻦ ﻣﺨﺎزﻳﻬﻢ وإﺟﺮاﻣﻬﻢ ،ﻓﻬﻢ ﺑﺘﻈﺎﻫﺮﻫﻢ ﺑﺎﻹﺳﻼم ﻳﺼﺪون اﻟﻨﺎس ﻋﻦ دﻳﻦ اﷲ وﻳﻨﺎﻟﻮن ﻣﻦ دﻋﻮة اﻹﺳﻼم ،ﻣﺎ ﻻ ﻳﻨﺎﻟﻪ اﻟﻜﺎﻓﺮ اﳌﻌﻠﻦ ﻟﻜﻔﺮه ،وﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎن ﺧﻄﺮﻫﻢ أﻋﻈﻢ ،وﺿﺮرﻫﻢ أﻛﺒﺮ وأﺟﺴﻢ ،ﻛﻤﺎ ﺗﻄﺮﻗﺖ إﻟﻰ ﻣﻘﺎﻻﺗﻬﻢ اﻟﺸﻨﻴﻌﺔ ﰲ ﺣﻖ اﻟﺮﺳﻮل ﷺ ،واﻋﺘﻘﺎدﻫﻢ ﺑﺄن دﻋﻮﺗﻪ ﺳﺘﻀﻤﺤﻞ وﺗﺘﻼﺷﻰ، وأﻧﻬﻢ ﺑﻌﺪ ﻋﻮدﺗﻬﻢ ﻣﻦ ﻏﺰوة ﺑﻨﻲ اﳌﺼﻄﻠﻖ ﺳﻴﻄﺮدون اﻟﺮﺳﻮل ﷺ واﳌﺆﻣﻨﲔ ﻣﻦ اﳌﺪﻳﻨﺔ ،إﻟﻰ ﻏﻴﺮ ﻣﺎ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﻣﻦ أﻗﻮال ﻓﻈﻴﻌﺔ وﺷﻨﻴﻌﺔ ،وﺧﺘﻤﺖ ﲟﻮﻋﻈﺔ اﳌﺆﻣﻨﲔ وﺣﺜﻬﻢ ﻋﻠﻰ اﻹﻧﻔﺎق واﻻدﺧﺎر ﻟﻶﺧﺮة ﻗﺒﻞ ﺣﻠﻮل اﻷﺟﻞ، ﻓﻴﺘﺤﺴﺮ اﻹﻧﺴﺎن وﻳﻨﺪم ،ﺣﻴﺚ ﻻ ﺗﻨﻔﻊ اﳊﺴﺮة واﻟﻨﺪم ﻣﻨﺎﺳﺒﺎت اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ أول اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ اﻟﺴﻮرة ﺑﺂﺧﺮﻫﺎ ﳌﺎ ﻗﺒﻠﻬﺎ ﺑﺪأت ﺑﺎﳊﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﻋﻠﻢ اﷲ: ذﻛﺮ ﰲ ﺧﺘﺎم ﺳﻮرة اﳉﻤﻌﺔ ﺣﺎل اﳌﺆﻣﻨﲔ ، ﻣﻊ اﻟﺮﺳﻮل ﷺ ،وذﻛﺮ ﰲ أول ﺳﻮرة اﳌﻨﺎﻓﻘﻮن ﺣﺎل اﳌﻨﺎﻓﻘﲔ وﺧﺘﻤﺖ ﺑﻪ: ﻣﻊ اﻟﺮﺳﻮل ﷺ ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻐﺮﻳﺐ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻓﺨﺘﻢ ﰲ اﻟﻈﺎﻫﺮ ﻻ ﻏﻴﺮ وﻗﺎﻳﺔ وﺳﺘﺮة ﻟﻬﻢ ﻣﻦ اﳌﺆاﺧﺬة واﻟﻌﺬاب ﻛﺄﻧﻬﻢ أﺧﺸﺎب ُﻣﻠﻘﺎة ﻋﻠﻰ ﺣﺎﺋﻂ ﺗﺴﻤﻊ ﳊﺪﻳﺜﻬﻢ؛ ﻻ ﻳﻔﻬﻤﻮن ﻣﺎ ﻓﻴﻪ أﺧﺰاﻫﻢ ،وﻃﺮدﻫﻢ ﻟﻔﺼﺎﺣﺘﻬﻢ ﺻﻼﺣﻬﻢ ﻣﻦ رﺣﻤﺘﻪ ﻛﻞ ﺻﻮت ﻋﺎ ٍل ﻳﻈﻨﻮن ﻳُﻌ ِﺮﺿﻮن واﻗﻌﺎً ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻛﻴﻒ ﻳُﺼﺮﻓﻮن ﻋﻦ اﻹﳝﺎن اﻷﻗﻮى؛ ﻳﻌﻨﻮن :أﻧﻔﺴﻬﻢ ﻋﻄﻔﻮﻫﺎ إﻋﺮاﺿﺎً، ﺑﻌﺪ ﻗﻴﺎم اﻟﺒﺮﻫﺎن؟! واﺳﺘﻬﺰا ًء ﻻ ﺗﺸﻐﻠﻜﻢ ﻳﺘﻔﺮﻗﻮا ﻋﻨﻪ ﻣﻦ ﻏﺰوة ﺑﻨﻲ اﳌﺼﻄﻠﻖ اﻟﻘﻮة ،واﻟﻐﻠﺒﺔ اﻷﺿﻌﻒ واﻷﻫﻮن؛ ﻳﻌﻨﻮن: رﺳﻮل اﷲ ﷺ ،وﻣﻦ ﻣﻌﻪ وﻗﺖ ﻣﻮﺗﻬﺎ ﻫ ﱠﻼ أﻣﻬﻠﺘﻨﻲ، وأ ﱠﺧﺮت أﺟﻠﻲ ٣٢٨
ﻣﻦ وﺣﻲ اﻵي اﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻣﺎ ﺣﺮﻣﻪ اﷲ وﻛﺮﻫﻪ ﳑﺎ ﻓﻴﻪ ﺟﻤﺎل إﳕﺎ ﺣﺮم وﻛﺮه؛ ﻻﺷﺘﻤﺎﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﻜﺮوه ﻳﺒﻐﻀﻪ اﷲ أﻋﻈﻢ ﳑﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﻣﺤﺒﻮﺑﻪ ،وﻛﺬﻟﻚ اﻟﺼﻮر اﳉﻤﻴﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺮﺟﺎل واﻟﻨﺴﺎء ،ﻓﺈن أﺣﺪﻫﻢ إذا ﻛﺎن ﺧﻠﻘﻪ ﺳﻴﺌﺎً -ﺑﺄن ﻳﻜﻮن ﻓﺎﺟﺮاً ،أو ﻛﺎﻓﺮاً ﻣﻌﻠﻨﺎً أو ﻣﻨﺎﻓﻘﺎً ،-ﻛﺎن اﻟﺒﻐﺾ أو اﳌﻘﺖ ﳋﻠﻘﻪ ودﻳﻨﻪ ﻣﺴﺘﻌﻠﻴﺎً ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ اﳉﻤﺎل ،ﻛﻤﺎ ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻦ اﳌﻨﺎﻓﻘﲔ: اﻟﺴﻌﺪي ﻇﻨﻮا أﻧﻬﻢ ﻟﻮﻻ أﻣﻮاﻟﻬﻢ ﳌﺎ اﺟﺘﻤﻊ اﳌﺴﻠﻤﻮن ﻟﻨﺼﺮ دﻳﻦ اﷲ! ﻓﻤﻦ أﻋﺠﺐ اﻟﻌﺠﺐ أن ﻳ ﱠﺪﻋﻲ أﺣﺮص اﻟﻨﺎس ﻋﻠﻰ ﺧﺬﻻن اﻟﺪﻳﻦ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﺪﻋﻮى ،وﻻ ﻳﺮوج ﻫﺬا إﻻ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻻ ﻋﻠﻢ ﻟﻪ ﺑﺤﻘﺎﺋﻖ اﻷﻣﻮر: اﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ اﻟﻨﺎس ﻳﻄﻠﺒﻮن اﻟﻌﺰ ﺑﺄﺑﻮاب اﳌﻠﻮك ،وﻻ ﻳﺠﺪوﻧﻪ إﻻ ﰲ ﻃﺎﻋﺔ اﷲ .ﻛﺎن اﳊﺴﻦ اﻟﺒﺼﺮي ﻳﻘﻮل :وإن ﻫﻤﻠﺠﺖ ﺑﻬﻢ اﻟﺒﺮاذﻳﻦ ،وﻃﻘﻄﻘﺖ ﺑﻬﻢ اﻟﺒﻐﺎل ،ﻓﺈن ذل اﳌﻌﺼﻴﺔ ﰲ رﻗﺎﺑﻬﻢ ،أﺑﻰ اﷲ إﻻ أن ﻳﺬل ﻣﻦ ﻋﺼﺎه اﺑﻦ اﻟﻘﻴﻢ ﰲ اﻵﻳﺔ ﲢﺬﻳﺮ ﻣﻦ ﻓﺘﻨﺔ اﳌﻨﺎﻓﻘﲔ اﻟﺬﻳﻦ ﻏﻔﻠﻮا ﻋﻦ ذﻛﺮ رﺑﻬﻢ ،إذ ﻫﺬه ﻋﻼﻣﺘﻬﻢ؛ وﻟﺬا ﻓﺈن ﻛﺜﺮة ذﻛﺮ اﷲ أﻣﺎن ﻣﻦ اﻟﻨﻔﺎق ،واﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ أﻛﺮم ﻣﻦ أن ﻳﺒﺘﻠﻲ ﻗﻠﺒﺎً ذاﻛﺮاً ﺑﺎﻟﻨﻔﺎق ،وإﳕﺎ ذﻟﻚ ﻟﻘﻠﻮب ﻏﻔﻠﺖ ﻋﻦ ذﻛﺮ اﷲ اﻟﻘﺼﺎب اﻵﻳﺔ ﻓﻴﻬﺎ دﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ أن اﳌﺮء ﳑﻨﻮع ﻣﻦ ﻣﺎﻟﻪ ﻋﻨﺪ ﺣﻀﻮر أﺟﻠﻪ ،وﻏﻴﺮ ﻣﺴﻠﱠﻂ ﻋﻠﻰ إﻧﻔﺎذ إرادﺗﻪ ﻓﻴﻪ ،ﻛﻬﻴﺌﺔ ﻣﺎ ﻛﺎن ﰲ ﺻﺤﺘﻪ ،وأن ﻻ ﺳﺒﻴﻞ ﻟﻪ ﻋﻠﻰ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺛﻠﺜﻪ اﻟﺬي أﺑﺎح اﷲ ﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎن رﺳﻮﻟﻪ ﷺ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ٣٢٩
أﺳﻤﺎء اﻟﺴﻮرة ﺳﻮرة اﻟﺘﻐﺎﺑﻦ ﻟﻮﻗﻮع ﻟﻔﻆ اﻟﺘﻐﺎﺑﻦ ﻓﻴﻬﺎ وﺟﻪ اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /ﺗﻮﻗﻴﻔﻴﺔ ﻣﻘﺼﺪ اﻟﺴﻮرة ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﻣﺪﻧﻴﺔ اﳌﺼﺤﻒ ٦٤ ذﻛﺮ ﻏﱭ اﻟﻜﺎﻓﺮﻳﻦ وﺧﺴﺎرﺗﻬﻢ ﻳﻮم اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ، ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﺑﲔ ﻳﺪي آﻳﺔ ﲢﺬﻳﺮاً ﻣﻦ اﻟﻜﻔﺮ وأﻫﻠﻪ اﻟﻨﺰول ١٠٨ اﻟﺴﻮرة ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺴﻮرة اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ اﳌﻮﺿﻮع اﳌﻮﺿﻮع اﻵﻳﺎت اﻵﻳﺎت ﻗﺼﺔ ﻗﻮم ﻛﺬﺑﻮا ﺑﺮﺑﻬﻢ ﻣﻦ ﻣﻈﺎﻫﺮ ﻗﺪرة اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ وﻋﻠﻤﻪ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻔﻼح إﻧﻜﺎر اﳌﺸﺮﻛﲔ ﻟﻠﺒﻌﺚ وﻋﻘﺎﺑﻬﻢ وﺛﻮاب اﳌﺆﻣﻨﲔ ﻓﺘﻨﺔ اﻷﻫﻞ واﳌﺎل وﻃﺮق اﻟﻮﻗﺎﻳﺔ ﻣﻨﻬﺎ ٣٣٠
أﻏﺮاض اﻟﺴﻮرة ﲢﺪﺛﺖ ﻋﻦ ﺟﻼل اﷲ وﻋﻈﻤﺘﻪ وآﺛﺎر ﻗﺪرﺗﻪ ،ﺛﻢ ﺗﻨﺎوﻟﺖ ﻣﻮﺿﻮع اﻹﻧﺴﺎن اﳌﺆﻣﻦ اﳌﻌﺘﺮف ﺑﺮﺑﻪ ،واﻹﻧﺴﺎن اﻟﻜﺎﻓﺮ اﳉﺎﺣﺪ ﺑﺂﻻء رﺑﻪ ،وﺿﺮﺑﺖ اﻷﻣﺜﺎل ﺑﺎﻟﻘﺮون اﳌﺎﺿﻴﺔ ،واﻷﱈ اﳋﺎﻟﻴﺔ ،اﻟﺘﻲ ﻛﺬﺑﺖ رﺳﻞ اﷲ ،وﻣﺎ ﺣ ﱠﻞ ﺑﻬﻢ ﻣﻦ ﻋﺬاب وﻋﻘﺎب ،وﺑﻴﻨﺖ أن اﻟﺒﻌﺚ ﺣﻖ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻨﻪ ،وأﻣﺮت ﺑﻄﺎﻋﺔ اﷲ ورﺳﻮﻟﻪ ﷺ ،وﺣ ﱠﺬرت ﻣﻦ ﻋﺪاوة ﺑﻌﺾ اﻟﺰوﺟﺎت واﻷوﻻد ،ﻓﺈﻧﻬﻢ ﻛﺜﻴﺮاً ﻣﺎ ﳝﻨﻌﻮن اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻦ اﻟﻬﺠﺮة واﳉﻬﺎد ،وﺧﺘﻤﺖ ﺑﺎﻷﻣﺮ ﺑﺎﻹﻧﻔﺎق ﰲ ﺳﺒﻴﻞ اﷲ ،وﺣ ﱠﺬرت ﻣﻦ اﻟﺸﺢ واﻟﺒﺨﻞ ،وأﺑﺎﻧﺖ ﻣﻀﺎﻋﻔﺔ اﻟﺜﻮاب ﻟﻠﻤﺤﺴﻨﲔ اﳌﻨﻔﻘﲔ ﻣﻦ أﺟﻞ إﻋﻼء ﻛﻠﻤﺔ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﻨﺎﺳﺒﺎت اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ أول اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ اﻟﺴﻮرة ﺑﺂﺧﺮﻫﺎ ﳌﺎ ﻗﺒﻠﻬﺎ اﻓﺘﺘﺤﺖ ﺑﺘﻤﺠﻴﺪ اﷲ وﺗﻌﻈﻴﻤﻪ، اﻟﺴﻮرﺗﺎن ﺗﺘﺤﺪﺛﺎن ﻋﻦ اﻹﻧﻔﺎق ﰲ وﺧﺘﻤﺖ ﺑﺬﻟﻚ: ﺳﺒﻴﻞ اﷲ ،وﻓﺘﻨﺔ اﳌﺎل واﻟﻮﻟﺪ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻐﺮﻳﺐ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﺳﻮء ﻋﺎﻗﺒﺔ ﻛﻔﺮﻫﻢ اﳌﺮﺟﻊ ﻳﻨﺰه اﷲ ﻋﻤﺎ ﻻ ﻳﻠﻴﻖ ﺑﻪ ﻳﻮم اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ اﻟﺬي ﻳﺤﺸﺮ واﻟﻘﺮآن وأﻋﺮﺿﻮا ﻋﻦ اﳊﻖ ﻓﻴﻪ اﻷوﻟﻮن واﻵﺧﺮون ﳝﺢ ﻳﻈﻬﺮ ﻓﻴﻪ ﺧﺴﺎرة اﻟﻜﻔﺎر، ﺑﻘﻀﺎﺋﻪ ،وﻗﺪره أﻋﺮﺿﺘﻢ ﻋﻦ ﻃﺎﻋﺔ وﻏﺒﻨﻬﻢ ،ﺑﺘﺮﻛﻬﻢ اﻹﳝﺎن ﻓﻠﻴﻌﺘﻤﺪ ،وﻟﻴﻔﻮض اﻟﺮﺳﻮل ﷺ ﻳﻮﻓﻘﻪ ﻟﻠﺘﺴﻠﻴﻢ ﺑﺎﻟﻘﻀﺎء، ﺗﺘﺠﺎوزوا ﻋﻦ ﺳﻴﺌﺎﺗﻬﻢ واﻟﺼﺒﺮ ﻋﻠﻰ اﳌﻘﺪور وﺗُﻌ ِﺮﺿﻮا ﻋﻨﻬﺎ ﺑﺼﺪﻛﻢ ﻋﻦ ﺳﺒﻴﻞ اﷲ، ﻳُﻜﻒ ﺑﺨﻠﻬﺎ اﻟﺸﺪﻳﺪ وﺗﺜﺒﻴﻄﻜﻢ ﻋﻦ ﻃﺎﻋﺔ اﷲ وﻃﻤﻌﻬﺎ ﺑﻼء ،واﺧﺘﺒﺎر ﻟﻜﻢ وﺗﺴﺘﺮوﻫﺎ ﻋﻠﻴﻬﻢ ٣٣١
ﻣﻦ وﺣﻲ اﻵي اﻟﻄﺒﺮي وﻟﻪ ﺣﻤﺪ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﻠﻖ؛ ﻷن ﺟﻤﻴﻊ ﻣﻦ ﰲ ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻟﺴﻌﺪي اﳋﻠﻖ ﻻ ﻳﻌﺮﻓﻮن اﳋﻴﺮ إﻻ ﻣﻨﻪ ،وﻟﻴﺲ ﻟﻬﻢ رازق ﺳﻮاه ،ﻓﻠﻪ ﺣﻤﺪ ﺟﻤﻴﻌﻬﻢ ﻓﺈذا ﻛﺎن ﻋﻠﻴﻤﺎً ﺑﺬات اﻟﺼﺪور ،ﺗﻌﲔ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﻗﻞ اﻟﺒﺼﻴﺮ أن ﻳﺤﺮص وﻳﺠﺘﻬﺪ ﰲ ﺣﻔﻆ ﺑﺎﻃﻨﻪ ﻣﻦ اﻷﺧﻼق اﻟﺮذﻳﻠﺔ، واﺗﺼﺎﻓﻪ ﺑﺎﻷﺧﻼق اﳉﻤﻴﻠﺔ اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر ﺷﺒﻪ ﻣﺎ ﺣﻞ ﺑﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﻌﺬاب ﺑﺸﻲء ذي ﻃﻌﻢ ﻛﺮﻳﻪ ﻳﺬوﻗﻪ ﻣﻦ ﺣﻞ ﺑﻪ وﻳﺒﺘﻠﻌﻪ؛ ﻷن اﻟﺬوق ﺑﺎﻟﻠﺴﺎن أﺷﺪ ﻣﻦ اﻟﻠﻤﺲ ﺑﺎﻟﻴﺪ أو ﺑﺎﳉﻠﺪ اﺑﻦ ﺟﺰي ﮋ ﮊ ﻳﻌﻨﻲ :ﻳﻮم اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ .واﻟﺘﻐﺎﺑﻦ ﻣﺴﺘﻌﺎر ﻣﻦ اﺑﻦ اﻟﻘﻴﻢ ﺗﻐﺎﺑﻦ اﻟﻨﺎس ﰲ اﻟﺘﺠﺎرة؛ وذﻟﻚ إذا ﻓﺎز اﻟﺴﻌﺪاء ﺑﺎﳉﻨﺔ؛ ﻓﻜﺄﻧﻬﻢ ﻏﺒﻨﻮا اﻷﺷﻘﻴﺎء ﰲ ﻣﻨﺎزﻟﻬﻢ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻨﺰﻟﻮن ﻣﻨﻬﺎ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﻮا ﺳﻌﺪاء ﻓ ِﺬﻛ ُﺮ اﺳﻢ اﻹﳝﺎن ﻫﺎﻫﻨﺎ دون ﺳﺎﺋﺮ أﺳﻤﺎﺋﻬﻢ دﻟﻴ ٌﻞ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﺪﻋﺎء اﻹﳝﺎن ﻟﻠﺘﻮﻛﻞ ،وأن ﻗﻮة اﻟﺘﻮﻛﻞ وﺿﻌﻔﻪ ﺑﺤﺴﺐ ﻗﻮة اﻹﳝﺎن وﺿﻌﻔﻪ ،وﻛﻠﻤﺎ ﻗﻮي إﳝﺎن اﻟﻌﺒﺪ ﻛﺎن ﺗﻮﻛﻠﻪ أﻗﻮى ،وإذا ﺿﻌﻒ اﻹﳝﺎن ﺿﻌﻒ اﻟﺘﻮﻛﻞ ،وإذا ﻛﺎن اﻟﺘﻮﻛﻞ ﺿﻌﻴﻔﺎً ﻓﻬﻮ دﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺿﻌﻒ اﻹﳝﺎن وﻻ ﺑﺪ اﺑﻦ اﻟﻘﻴﻢ ﻟﻴﺲ اﳌﺮاد ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻌﺪاوة ﻣﺎ ﻳﻔﻬﻤﻪ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس: اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ اﻟﺴﻌﺪي أﻧﻬﺎ ﻋﺪاوة اﻟﺒﻐﻀﺎء واﶈﺎدة ،ﺑﻞ إﳕﺎ ﻫﻲ ﻋﺪاوة اﶈﺒﺔ اﻟﺼﺎدة ﻟﻶﺑﺎء ﻋﻦ اﻟﻬﺠﺮة ،واﳉﻬﺎد ،واﻟﺘﻌﻠﻢ ،واﻟﺼﺪﻗﺔ ،وﻏﻴﺮ ذﻟﻚ ﻣﻦ أﻣﻮر اﻟﺒﺮ وأﻋﻤﺎل اﳋﻴﺮ ﻳﺄﻣﺮ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﺘﻘﻮاه اﻟﺘﻲ ﻫﻲ اﻣﺘﺜﺎل أواﻣﺮه واﺟﺘﻨﺎب ﻧﻮاﻫﻴﻪ ،وﻳﻘﻴﺪ ذﻟﻚ ﺑﺎﻻﺳﺘﻄﺎﻋﺔ واﻟﻘﺪرة ،ﻓﻬﺬه اﻵﻳﺔ ﺗﺪل ﻋﻠﻰ أن ﻛﻞ واﺟﺐ ﻋﺠﺰ ﻋﻨﻪ اﻟﻌﺒﺪ أﻧﻪ ﻳﺴﻘﻂ ﻋﻨﻪ ،وأﻧﻪ إذا ﻗﺪر ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ اﳌﺄﻣﻮر وﻋﺠﺰ ﻋﻦ ﺑﻌﻀﻪ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺄﺗﻲ ﲟﺎ ﻳﻘﺪر ﻋﻠﻴﻪ ،وﻳﺴﻘﻂ ﻋﻨﻪ ﻣﺎ ﻳﻌﺠﺰ ﻋﻨﻪ ٣٣٢
ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﻣﺪﻧﻴﺔ أﺳﻤﺎء اﻟﺴﻮرة اﳌﺼﺤﻒ ٦٥ ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﺑﲔ ﻳﺪي آﻳﺔ ﺳﻮرة اﻟﻄﻼق وﺟﻪ اﻟﻨﺰول ٩٩ اﻟﺴﻮرة اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻷﻧﻬﺎ ﺑﻴﻨﺖ أﺣﻜﺎم اﻟﻄﻼق واﻟﻌﺪة ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /ﺗﻮﻗﻴﻔﻴﺔ ﻣﻘﺼﺪ اﻟﺴﻮرة ﻷﻧﻬﺎ ﺑﻴﻨﺖ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﻜﺎم وﺟﻪ ﺳﻮرة اﻟﻨﺴﺎء اﻟﻘﺼﺮى اﳋﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺎء اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﺗﻌﻈﻴﻢ أﻣﺮ اﻟﻄﻼق ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /اﺟﺘﻬﺎدﻳﺔ وﺣﺪوده ،وﺑﻴﺎن ﻋﺎﻗﺒﺔ اﻟﺘﻘﻮى واﻟﺘﻌﺪي ﻋﻠﻰ ﺣﺪود اﷲ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺴﻮرة اﳌﻮﺿﻮع اﳌﻮﺿﻮع اﻵﻳﺎت اﻵﻳﺎت وﻋﻴﺪ اﳌﻌﺎﻧﺪﻳﻦ ووﻋﺪ اﳌﺆﻣﻨﲔ ﻣﻦ أﺣﻜﺎم اﻟﻄﻼق وﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻪ اﻟﺘﺬﻛﻴﺮ ﺑﻘﺪرة اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ٣٣٣
أﻏﺮاض اﻟﺴﻮرة ﺗﻨﺎوﻟﺖ اﻟﺴﻮرة ﰲ اﻟﺒﺪء أﺣﻜﺎم )اﻟﻄﻼق اﻟ ُﺴﻨﻲ( و)اﻟﻄﻼق اﻟﺒﺪﻋﻲ( ﻓﺄﻣﺮت اﳌﺆﻣﻨﲔ ﺑﺴﻠﻮك أﻓﻀﻞ اﻟﻄﺮق ،ﻋﻨﺪ ﺗﻌﺬر اﺳﺘﻤﺮار اﳊﻴﺎة اﻟﺰوﺟﻴﺔ ،ودﻋﺖ إﻟﻰ ﺗﻄﻠﻴﻖ اﻟﺰوﺟﺔ ﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﳌﻨﺎﺳﺐ ،وﻋﻠﻰ اﻟﻮﺟﻪ اﳌﺸﺮوع ،ﺛﻢ وﺟﻬﺖ دﻋﻮ ًة ﻟﻠﺮﺟﺎل أن ﻳﺘﻤﻬﻠﻮا ،وﻻ ﻳﺘﺴﺮﻋﻮا ﰲ ﻓﺼﻞ ﻋﺮى اﻟﺰوﺟﻴﺔ ،ﻓﺈن اﻟﻄﻼق أﺑﻐﺾ اﳊﻼل إﻟﻰ اﷲ ،ودﻋﺖ إﻟﻰ إﺣﺼﺎء اﻟﻌﺪة ﻟﻀﺒﻂ اﻧﺘﻬﺎﺋﻬﺎ ،ﻟﺌﻼ ﺗﺨﺘﻠﻂ اﻷﻧﺴﺎب ،وﻟﺌﻼ ﻳﻄﻮل اﻷﻣﺪ ﻋﻠﻰ اﳌﻄﻠﱠﻘﺔ ،ﻓﻴﻠﺤﻘﻬﺎ اﻟﻀﺮر ﻣﻦ ذﻟﻚ ،وﺗﻨﺎوﻟﺖ أﺣﻜﺎم اﻟﻌﺪة ﻟﻠﻴﺎﺋﺲ واﻟﺼﻐﻴﺮة واﳊﺎﻣﻞ ،ووﺿﺤﺖ أﺣﻜﺎم اﻟﺴﻜﻨﻰ واﻟﻨﻔﻘﺔ ،وﺧﺘﻤﺖ ﺑﺎﻟﺘﺤﺬﻳﺮ ﻣﻦ ﺗﻌﺪي ﺣﺪود اﷲ ،وﺿﺮﺑﺖ اﻷﻣﺜﻠﺔ ﺑﺎﻷﱈ اﻟﺒﺎﻏﻴﺔ ،وﻣﺎ ذاﻗﺖ ﻣﻦ وﺑﺎل وﺧﺮاب ،وأﺷﺎرت إﻟﻰ ﻗﺪرة اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﰲ ﺧﻠﻖ ﺳﺒﻊ ﺳﻤﺎوات ﻃﺒﺎق ،وﺧﻠﻖ اﻷرﺿﲔ ،وﻛﻠﻬﺎ ﺑﺮاﻫﲔ ﻋﻠﻰ وﺣﺪاﻧﻴﺔ رب اﻟﻌﺎﳌﲔ ﻣﻨﺎﺳﺒﺎت اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ أول اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ اﻟﺴﻮرة ﺑﺂﺧﺮﻫﺎ ﳌﺎ ﻗﺒﻠﻬﺎ ﺑﺪأت ﺑﺄواﻣﺮ وأﺣﻜﺎم ﳌﻦ أراد اﻟﻄﻼق: ﳌﺎ ﺧﺘﻤﺖ ﺳﻮرة اﻟﺘﻐﺎﺑﻦ ﺑﻘﻮﻟﻪ: ،واﻟﻌﺪاوة ﻗﺪ ،وﺧﺘﻤﺖ ﺑﻌﻠﻢ اﷲ اﻟﺬي ﻳﺸﻤﻞ ﺗﻔﻀﻲ إﻟﻰ اﻟﻄﻼق وﻋﺪم اﻹﻧﻔﺎق ،وﻋﻘﺐ ﻛﻞ ﺷﻲء: ﺑﺴﻮرة اﻟﻄﻼق؛ ﻟﻴﺒﲔ اﻷﺣﻜﺎم ﰲ ذﻟﻚ ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻐﺮﻳﺐ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﲟﻌﺼﻴﺔ ﻇﺎﻫﺮة؛ ﻛﺎﻟﺰﻧﻰ، واﺣﻔﻈﻮﻫﺎ؛ ﻟﺘﻌﻠﻤﻮا وﻗﺖ ﻣﺴﺘﻘﺒﻼت ﻟﻌﺪﺗﻬﻦ ،أي: واﻟﺘﻄﺎول ﻋﻠﻰ اﻟﺰوج ﺑﺎﻟﻠﺴﺎن اﻟ ﱠﺮﺟﻌﺔ إن أردﰎ اﳌﺮاﺟﻌﺔ ﰲ ُﻃﻬﺮ ﻟﻢ ﻳﻘﻊ ﻓﻴﻪ ﺟﻤﺎع وأ ﱡدوا ﺻﺎﺣﺒﻲ ﻋﺪاﻟﺔ ﻗﺎرﺑﻦ أن ﻳﻨﺘ ِﻬﲔ ﻣﻦ ﻋ ﱠﺪﺗﻬ ﱠﻦ ﻛﺎﻓﻴﻪ ﻻ ﻳﺨﻄﺮ ﺑﺒﺎﻟﻪ، وﻻ ﻳﺘﻮﻗﻊ ﻓﺮﺟﺎً ﻣﻦ ﻛﻞ ﺿﻴﻖ اﻧﻘﻄﻊ رﺟﺎؤﻫ ﱠﻦ؛ ﻟﻜﺒﺮﻫ ﱠﻦ أﺟ ًﻼ ﻳﻨﺘﻬﻲ إﻟﻴﻪ ُﻣﻨ ﱢﻔﺬ ُﺣﻜﻤﻪ؛ ﻻ ﻳﻔﻮﺗﻪ ﺷﻲء، وﻻ ﻳُﻌ ِﺠﺰه ﻣﻄﻠﻮب ِﻗﺒﻞ ُﺳﻜﻨﺎ ُﻛﻢ ﺻﺎﺣﺒﺎت اﳊﻤﻞ ﺷﻜﻜﺘﻢ؛ ﻓﻠﻢ ﺗﺪروا وﻟﻴﺄﻣﺮ ﺑﻌﻀﻜﻢ ذوات ﻣﺎ اﳊﻜﻢ ﻓﻴﻬ ﱠﻦ ﺑﻌﻀﺎً ٣٣٤ ﻋﻠﻰ ﻗﺪ ِر ُوﺳ ِﻌﻜﻢ، وﻃﺎﻗﺘﻜﻢ
ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ُﺿ ﱢﻴﻖ ﺗﺸﺎﺣﺤﺘﻢ ﰲ اﻹرﺿﺎع ﻓﺎﻣﺘﻨﻊ اﻷب ﲟﺎ ُﻋ ِﺮف ﻣﻦ ﺳﻤﺎﺣﺔ، ﻣﻨﻜﺮاً ﻋﻈﻴﻤﺎً ﻣﻦ اﻷﺟﺮة ،واﻷم ﻣﻦ اﻟﺮﺿﺎع وﻃﻴﺐ ﻧﻔﺲ ﻋﺼﺖ ،وﲡﺒﺮت وﻛﺜﻴﺮ ﺳﻮء ﻋﺎﻗﺒﺔ ُﻋﺘُ ﱢﻮﻫﻢ، وﻛﻔﺮﻫﻢ ﻣﻦ وﺣﻲ اﻵي اﻟﻌﺰ ﺑﻦ ﰲ ﺣﺴﻦ اﳌﺼﺎﺣﺒﺔ واﳌﻔﺎرﻗﺔ ﺣﻔﻆ ﻟﻠﻮداد ،وﺑﻌﺪ ﻣﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺴﻼم اﻟﺒﻐﻀﺎء واﻟﻌﺪاوة ،إذ ﺟﺒﻠﺖ اﻟﻘﻠﻮب ﻋﻠﻰ ﺣﺐ ﻣﻦ أﺣﺴﻦ إﻟﻴﻬﺎ ،وﺑﻐﺾ ﻣﻦ أﺳﺎء إﻟﻴﻬﺎ ﺿﺎق ﺑﻲ أﻣﺮ أوﺟﺐ ﻏﻤﺎً ﻻزﻣﺎً داﺋﻤﺎً ،وأﺧﺬت أﻓﻜﺮ ﰲ اﳋﻼص ﻣﻨﻪ ﺑﻜﻞ ﺣﻴﻠﺔ ،ﻓﻤﺎ اﺳﺘﻄﻌﺖ ،ﻓﻌﺮﺿﺖ ﻟﻲ ﻫﺬه اﺑﻦ اﳉﻮزي ،ﻓﻌﻠﻤﺖ أن اﻟﺘﻘﻮى ﺳﺒﺐ اﻵﻳﺔ: ﻟﻠﻤﺨﺮج ﻣﻦ ﻛﻞ ﻏﻢ ،ﻓﻤﺎ ﻛﺎن إﻻ أن ﻫﻤﻤﺖ ﺑﺘﺤﻘﻴﻖ اﻟﺘﻘﻮى ﻓﻮﺟﺪت اﳌﺨﺮج! اﺑﻦ اﻟﻘﻴﻢ ﻓﻠﻤﺎ ذﻛﺮ ﻛﻔﺎﻳﺘﻪ ﻟﻠﻤﺘﻮﻛﻞ ﻋﻠﻴﻪ ،ﻓﺮﲟﺎ أوﻫﻢ ذﻟﻚ ﺗﻌﺠﻞ اﻟﻜﻔﺎﻳﺔ وﻗﺖ اﻟﺘﻮﻛﻞ ،ﻓﻌﻘﺒﻪ ﺑﻘﻮﻟﻪ: اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ أي :وﻗﺘﺎً ﻻ ﻳﺘﻌﺪاه؛ ﻓﻬﻮ ﻳﺴﻮﻗﻪ إﻟﻰ وﻗﺘﻪ اﻟﺬي َﻗ ﱠﺪ َره ﻟﻪ ،ﻓﻠﻆ ﻳﺴﺘﻌﺠﻞ اﳌﺘﻮﻛﻞ وﻳﻘﻮل :ﻗﺪ ﺗﻮﻛﻠﺖ ودﻋﻮت ﻓﻠﻢ أر ﺷﻴﺌﺎً ،وﻟﻢ ﲢﺼﻞ ﻟﻲ اﻟﻜﻔﺎﻳﺔ ،ﻓﺎﷲ ﺑﺎﻟﻎ أﻣﺮه ﰲ وﻗﺘﻪ اﻟﺬي ﻗﺪر ﻟﻪ اﻟﺒﻘﺎﻋﻲ وﻧ ﱠﻜﺮه ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﲢﻘﻴﻘﺎً ﻋﻠﻰ اﻷﻣﺔ ﺑﺎﻟﺮﺿﻰ ﺑﺎﳌﺴﺘﻄﺎع ،وﻫﻮ ﻳﻜﻮن ﻣﻊ اﳋﻠﻖ ﺑﺎﻹﻧﺼﺎف ،وﻣﻊ اﻟﻨﻔﺲ ﺑﺎﳋﻼف ،وﻣﻊ اﳊﻖ ﺑﺎﻻﻋﺘﺮاف اﺑﻦ رﺟﺐ ﻣﻦ أﺳﺮار اﻗﺘﺮان اﻟﻴُﺴﺮ ﺑﺎﻟ ُﻌﺴﺮ؛ أ ﱠن اﻟﻜﺮب إذا اﺷﺘ ﱠﺪ ﺣﺼﻞ ﻟﻠﻌﺒﺪ اﻹﻳﺎ ُس ﻣﻦ ﻛﺸﻔﻪ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ اﳌﺨﻠﻮﻗﲔ ،وﺗﻌﻠﱠﻖ ﻗﻠﺒﻪ ﺑﺎﷲ وﺣﺪه ،وﻫﺬا ﺣﻘﻴﻘﺔ اﻟﺘﻮﻛﻞ ﻋﻠﻰ اﷲ اﻟﺒﻘﺎﻋﻲ ﻓﺈن ﻣﻦ زرع اﻟﺸﻮك ﻻ ﻳﺠﻨﻲ اﻟﻮرد ،وﻣﻦ أﺿﺎع ﺣﻖ اﷲ ﻻ ﻳﻄﺎع ﰲ ﺣﻆ ﻧﻔﺴﻪ ،وﻣﻦ اﺣﺘﺮق ﲟﺨﺎﻟﻔﺔ أﻣﺮ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻠﻴﺼﺒﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺎﺳﺎة ﻋﻘﻮﺑﺔ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ٣٣٥
ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﻣﺪﻧﻴﺔ أﺳﻤﺎء اﻟﺴﻮرة اﳌﺼﺤﻒ ٦٦ ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﺑﲔ ﻳﺪي آﻳﺔ ﺳﻮرة اﻟﺘﺤﺮﱘ ﻟﺘﺤﺮﱘ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﺷﻴﺌﺎً وﺟﻪ اﻟﻨﺰول ١٠٧ اﻟﺴﻮرة ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /ﺗﻮﻗﻴﻔﻴﺔ ﻣﻘﺼﺪ اﻟﺴﻮرة ﻻﻓﺘﺘﺎﺣﻬﺎ ﺑﻬﺬا اﻟﻠﻔﻆ وﺟﻪ ﺳﻮرة اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﺗﺮﺑﻴﺔ اﻟﺒﻴﺖ اﻟﻨﺒﻮي؛ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /اﺟﺘﻬﺎدﻳﺔ ﻟﻴﻜﻮن أﺳﻮة ﻟﻸﺳﺮة ﺳﻮرة اﻟﻨﺒﻲ ﻷﻧﻬﺎ ذﻛﺮت ﻟﻔﻆ وﺟﻪ واﳌﺠﺘﻤﻊ ﰲ أول آﻳﺔ ﻣﻦ آﻳﺎﺗﻬﺎ اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /اﺟﺘﻬﺎدﻳﺔ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺴﻮرة اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ اﳌﻮﺿﻮع اﻵﻳﺎت اﳌﻮﺿﻮع اﻵﻳﺎت إﻓﺸﺎء اﻷﺳﺮار اﻟﺰوﺟﻴﺔ وﻋﻮاﻗﺒﻪ ﻋﺘﺎب وﻣﻐﻔﺮة ﻧﺪاء ﻟﻠﻨﺒﻲ ﷺ ﺑﻮﺟﻮب ﺟﻬﺎد اﻟﻜﻔﺎر واﳌﻨﺎﻓﻘﲔ ﻧﺪاء ﻷﻫﻞ اﻹﳝﺎن واﻟﻜﻔﺮ اﻟﻌﻈﺎت ﻣﻦ ﺳﻴﺮ اﻷﻗﺪﻣﲔ ٣٣٦
أﻏﺮاض اﻟﺴﻮرة ﻋﺎﳉﺖ اﻟﺴﻮرة ﻗﻀﺎﻳﺎ وأﺣﻜﺎم ﺗﺘﻌﻠﻖ )ﺑﺒﻴﺖ اﻟﻨﺒﻮة( وﺑﺄﻣﻬﺎت اﳌﺆﻣﻨﲔ أزواج رﺳﻮل اﷲ ﷺ اﻟﻄﺎﻫﺮات، وذﻟﻚ ﰲ إﻃﺎر ﺗﻬﻴﺌﺔ )اﻟﺒﻴﺖ اﳌﺴﻠﻢ( ،واﻟﻨﻤﻮذج اﻷﻛﻤﻞ ﻟﻸﺳﺮة اﻟﺴﻌﻴﺪة ،اﳌﺘﻤﺴﻜﺔ ﺑﺂداب اﻹﺳﻼم ،وﺗﻨﺎوﻟﺖ ﰲ ﺑﺪاﻳﺘﻬﺎ اﳊﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﲢﺮﱘ اﻟﺮﺳﻮل ﷺ ﳉﺎرﻳﺘﻪ )ﻣﺎرﻳﺔ اﻟﻘﺒﻄﻴﺔ( ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ ،واﻣﺘﻨﺎﻋﻪ ﻋﻦ ﻣﻌﺎﺷﺮﺗﻬﺎ إرﺿﺎء ﻟﺮﻏﺒﺔ ﺑﻌﺾ زوﺟﺎﺗﻪ اﻟﻄﺎﻫﺮات ،وﺟﺎء اﻟﻌﺘﺎب ﻟﻪ ﻟﻄﻴﻔﺎً رﻗﻴﻘﺎً ،ﺛﻢ ﺗﻄﺮﻗﺖ إﻟﻰ أﻣﺮ ﻋﻠﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ اﳋﻄﻮرة ،أﻻ وﻫﻮ )إﻓﺸﺎء اﻟﺴﺮ( اﻟﺬي ﻳﻜﻮن ﺑﲔ اﻟﺰوﺟﲔ ،واﻟﺬي ﻳﻬﺪد اﳊﻴﺎة اﻟﺰوﺟﻴﺔ ،وﺿﺮﺑﺖ اﳌﺜﻞ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﺑﺮﺳﻮل اﷲ ﷺ ﺣﲔ أﺳﺮ إﻟﻰ ﺣﻔﺼﺔ ﺑﺴﺮ ،ﻓﺄﻓﺸﺘﻪ إﻟﻰ ﻋﺎﺋﺸﺔ ،ﺣﺘﻰ ﺷﺎع اﻷﻣﺮ وذاع ،ﳑﺎ أﻏﻀﺐ اﻟﺮﺳﻮل ﷺ ﺣﺘﻰ ﻫ ﱠﻢ ﺑﺘﻄﻠﻴﻖ أزواﺟﻪ ،ﺛﻢ ﺗﻮﻋﺪﻫﻦ اﷲ ﺑﺈﺑﺪاﻟﻪ أزواﺟﺎً ﺧﻴﺮاً ﻣﻨﻬﻦ ،اﻧﺘﺼﺎراً ﻟﺮﺳﻮﻟﻪ ﷺ ،وﺧﺘﻤﺖ ﺑﻀﺮب ﻣﺜﻠﲔ :ﻣﺜ ًﻼ ﻟﻠﺰوﺟﺔ اﻟﻜﺎﻓﺮة ﰲ ﻋﺼﻤﺔ اﻟﺮﺟﻞ اﳌﺆﻣﻦ ،وﻣﺜ ًﻼ ﻟﻠﺰوﺟﺔ اﳌﺆﻣﻨﺔ ﰲ ﻋﺼﻤﺔ اﻟﺮﺟﻞ اﻟﻜﺎﻓﺮ اﻟﻔﺎﺟﺮ ،وﺑﻴﻨﺖ أﻧﻪ ﻻ ﻳﻐﻨﻲ ﰲ اﻵﺧﺮة أﺣﺪ ﻋﻦ أﺣﺪ ،وﻻ ﻳﻨﻔﻊ ﺣﺴﺐ وﻻ ﻧﺴﺐ إذا ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻋﻤﻞ اﻹﻧﺴﺎن ﺻﺎﳊﺎً ﻣﻨﺎﺳﺒﺎت اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ أول اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ اﻟﺴﻮرة ﺑﺂﺧﺮﻫﺎ ﳌﺎ ﻗﺒﻠﻬﺎ ﺑﺪأت ﺑﺬﻛﺮ زوﺟﺎت اﻟﺮﺳﻮل ﷺ ﺳﻮرة اﻟﻄﻼق ﰲ ﺧﺼﺎم ﻧﺴﺎء اﻷﻣﺔ، ﰲ اﻟﺪﻧﻴﺎ ،وﺧﺘﻤﺖ ﺑﺬﻛﺮ وﺳﻮرة اﻟﺘﺤﺮﱘ ﰲ ﺧﺼﻮﻣﺔ ﻧﺴﺎء زوﺟﺎﺗﻪ ﰲ اﳉﻨﺔ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻐﺮﻳﺐ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ اﻟﻜﻠﻤﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﺣﻔﺼﺔ ﺑﻨﺖ ﻋﻤﺮ ﻧﺎﺻﺮﻛﻢ ،وﻣﺘﻮﻟﻲ ﲢﻠﻴﻞ أﳝﺎﻧﻜﻢ ﺑﺄداء أﻣﻮرﻛﻢ اﻟﻜﻔﺎرة ﻋﻨﻬﺎ ﺗﺮﺟﻌﺎ -ﻳﺎ ﺣﻔﺼﺔ ،وﻳﺎ ﻋﺎﺋﺸﺔ -إﻟﻰ اﷲ أﻋﻠﻢ ﺣﻔﺼﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﻬﺎ وأﻃﻠﻌﻪ أﻋﻮان ،وأﻧﺼﺎر ﺑﻌﺾ ﻣﺎ أﺧﺒﺮت ﺑﻪ ﻣﺎﻟﺖ إﻟﻰ ﻣﺤﺒﺔ ﻣﺎ ﻛ ِﺮﻫﻪ ﻻ ﻳُ ِﺬل ،وﻻ ﻳُﻌ ﱢﺬب وإن ﺗﺘﻌﺎوﻧﺎ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺮﺳﻮل ﷺ ﻣﻦ إﻓﺸﺎء ﺳﺮه اﺳﺘﻌﻤﻞ اﳋﺸﻮﻧﺔ ﺻﺎدﻗﺔ ﻻ ﻳﻌﻮد ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ إﻟﻰ ﺻﺎﺋﻤﺎت واﻟﺸﺪة ﰲ ﺟﻬﺎدﻫﻢ اﻟﺬﻧﺐ ،وﻻ ﻳﺮﻳﺪ اﻟﻌﻮد إﻟﻴﻪ أﻣﺎﻣﻬﻢ ﻳﺴﻴﺮ ٣٣٧
ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﺑﺎﻟﻜﻔﺮ ،واﳌﺨﺎﻟﻔﺔ اﳌﺮﺟﻊ ،واﳌﺂل وﻣﺴﻜﻨﻬﻢ ﰲ اﻟﺪﻳﻦ ﺣ ِﻔﻈﺖ وﺻﺎﻧﺖ ﻓﻠﻢ ﻳﺪﻓﻌﺎ وﳝﻨﻌﺎ ﺟﺒﺮﻳﻞ ﻧﻔﺦ ﰲ ﻋﻦ اﻟﺰﻧﻰ ﻋﻨﻬﻤﺎ ﺟﻴﺐ ﻗﻤﻴﺼﻬﺎ اﳌﻄﻴﻌﲔ ﻟﺮﺑﻬﻢ ﻣﻦ وﺣﻲ اﻵي اﻷﻟﻮﺳﻲ واﺳﺘﺪل ﺑﺎﻵﻳﺔ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﻻ ﺑﺄس ﺑﺈﺳﺮار ﺑﻌﺾ اﳊﺪﻳﺚ إﻟﻰ ﻣﻦ ﻳﺮﻛﻦ إﻟﻴﻪ ﻣﻦ زوﺟﺔ أو ﺻﺪﻳﻖ ،وأﻧﻪ ﻳﻠﺰﻣﻪ ﻛﺘﻤﻪ اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر وإﻋﺮاض اﻟﺮﺳﻮل ﷺ ﻋﻦ ﺗﻌﺮﻳﻒ زوﺟﻪ ﺑﺒﻌﺾ اﳊﺪﻳﺚ اﻟﺬي أﻓﺸﺘﻪ ﻣﻦ ﻛﺮم ﺧﻠﻘﻪ؛ ﻗﺎل ﺳﻔﻴﺎن :ﻣﺎ َزال اﻟﺘﻐﺎﻓﻞ ﻣﻦ ﻓﻌﻞ اﻟﻜﺮام ،وﻗﺎل اﳊﺴﻦ :ﻣﺎ اﺳﺘﻘﺼﻰ ﻛﺮ ٌﱘ ﻗﻂ ،وﻣﺎ زاد ﻋﻠﻰ اﳌﻘﺼﻮد ﻳَ ْﻘ ِﻠﺐ اﻟﻌﺘﺎب ﻣﻦ ﻋﺘﺎب إﻟﻰ ﺗﻘﺮﻳﻊ ﻗﺎل اﻟﻘﺮﻇﻲ :ﻳﺠﻤﻌﻬﺎ أرﺑﻌﺔ أﺷﻴﺎء :اﻻﺳﺘﻐﻔﺎر ﺑﺎﻟﻠﺴﺎن، واﻹﻗﻼع ﺑﺎﻷﺑﺪان ،وإﺿﻤﺎر ﺗﺮك اﻟﻌﻮد ﺑﺎﳉﻨﺎن ،وﻣﻬﺎﺟﺮة ﺳﻲء اﻟﺒﻐﻮي اﻹﺧﻮان اﻟﺴﻴﻮﻃﻲ ﻗﺎل اﺑﻦ ﻋﺒﺎس :ﻟﻴﺲ أﺣﺪ ﻣﻦ اﳌﻮﺣﺪﻳﻦ إﻻ ﻳﻌﻄﻰ ﻧﻮراً ﻳﻮم اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ،ﻓﺄﻣﺎ اﳌﻨﺎﻓﻖ ﻓﻴﻄﻔﺄ ﻧﻮره ،واﳌﺆﻣﻦ ﻳﺸﻔﻖ ﳑﺎ ﻳﺮى ﻣﻦ إﻃﻔﺎء ﻧﻮر اﳌﻨﺎﻓﻖ ﻓﻬﻮ ﻳﻘﻮل :ﮋ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷﮊ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ اﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ وﻫﺬا ﰲ اﳊﻘﻴﻘﺔ ﻣﻦ رﺣﻤﺔ اﷲ ﺑﻌﺒﺎده؛ ﻓﺈن اﷲ إﳕﺎ اﻟﺒﻘﺎﻋﻲ أرﺳﻞ ﻣﺤﻤﺪاً ﷺ رﺣﻤﺔ ﻟﻠﻌﺎﳌﲔ ،وﻫﻮ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ أرﺣﻢ ﺑﻌﺒﺎده اﺑﻦ اﻟﻘﻴﻢ ﻣﻦ اﻟﻮاﻟﺪة ﺑﻮﻟﺪﻫﺎ ،ﻟﻜﻦ ﻗﺪ ﺗﻜﻮن اﻟﺮﺣﻤﺔ اﳌﻄﻠﻮﺑﺔ ﻻ ﲢﺼﻞ إﻻ ﺑﻨﻮع ﻣﻦ أﻟﻢ وﺷﺪة ﺗﻠﺤﻖ ﺑﻌﺾ اﻟﻨﻔﻮس ﻓﺈن اﻟﻐﻠﻈﺔ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﻠﲔ ﷲ ،ﻛﻤﺎ أن اﻟﻠﲔ ﻷﻫﻞ اﷲ ﻣﻦ ﺧﺸﻴﺔ اﷲ ،وﻗﺪ أﻣﺮه ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﺑﺎﻟﻠﲔ ﻟﻬﻢ ﰲ أول اﻷﻣﺮ ﻹزاﻟﺔ أﻋﺬارﻫﻢ وﺑﻴﺎن إﺻﺮارﻫﻢ ،ﻓﻠﻤﺎ ﺑﻠﻎ اﻟﺮﻓﻖ أﻗﺼﻰ ﻣﺪاه ﺟﺎزه إﻟﻰ اﻟﻐﻠﻈﺔ وﺗﻌﺪاه ووﺟﻪ اﳌﺜﻞ :أن اﺗﺼﺎل اﳌﺆﻣﻦ ﺑﺎﻟﻜﺎﻓﺮ ﻻ ﻳﻀﺮه ﺷﻴﺌﺎً إذا ﻓﺎرﻗﻪ ﰲ ﻛﻔﺮه وﻋﻤﻠﻪ ،ﻓﻤﻌﺼﻴﺔ اﻟﻐﻴﺮ ﻻ ﺗﻀﺮ اﳌﺆﻣﻦ اﳌﻄﻴﻊ ﺷﻴﺌﺎً ﰲ اﻵﺧﺮة ،وإن ﺗﻀﺮر ﺑﻬﺎ ﰲ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﺑﺴﺒﺐ اﻟﻌﻘﻮﺑﺔ اﻟﺘﻲ ﲢﻞ ﺑﺄﻫﻞ اﻷرض إذا أﺿﺎﻋﻮا أﻣﺮ اﷲ ،ﻓﺘﺄﺗﻲ ﻋﺎﻣﺔ ،ﻓﻠﻢ ﻳﻀﺮ اﻣﺮأة ﻓﺮﻋﻮن اﺗﺼﺎﻟﻬﺎ ﺑﻪ وﻫﻮ ﻣﻦ أﻛﻔﺮ اﻟﻜﺎﻓﺮﻳﻦ ٣٣٨
أﺳﻤﺎء اﻟﺴﻮرة ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﻣﻜﻴﺔ ﺳﻮرة اﳌﻠﻚ ﻻﻓﺘﺘﺎﺣﻬﺎ ﺑﺘﻘﺪﻳﺲ وﺗﻌﻈﻴﻢ وﺟﻪ اﳌﺼﺤﻒ ٦٧ اﷲ ﻧﻔﺴﻪ اﻟﺬي ﺑﻴﺪه اﳌﻠﻚ اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /ﺗﻮﻗﻴﻔﻴﺔ ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﺑﲔ ﻳﺪي آﻳﺔ اﻟﻨﺰول ٧٧ اﻟﺴﻮرة ﻻﻓﺘﺘﺎﺣﻬﺎ ﺑﻬﺬا اﻟﻠﻔﻆ وﺟﻪ ﺳﻮرة اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﺳﻮرة ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /ﺗﻮﻗﻴﻔﻴﺔ ﻣﻘﺼﺪ اﻟﺴﻮرة ﺳﻮرة اﳌﻨﺠﻴﺔ ﻷﻧﻬﺎ ﺗﻨﺠﻲ ﻗﺎرﺋﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻨﺎر وﺟﻪ اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ إﻇﻬﺎر ﻛﻤﺎل ﻣﻠﻚ اﷲ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /ﺗﻮﻗﻴﻔﻴﺔ وﻗﺪرﺗﻪ؛ ﺑﻌﺜﺎً ﻋﻠﻰ ﺧﺸﻴﺘﻪ ،وﲢﺬﻳﺮاً ﻣﻦ ﻷﻧﻬﺎ ﺗﻘﻲ ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ وﺟﻪ ﺳﻮرة اﻟﻮاﻗﻴﺔ ﻋﻘﺎﺑﻪ ﻣﻦ ﻋﺬاب اﻟﻘﺒﺮ اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /اﺟﺘﻬﺎدﻳﺔ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺴﻮرة اﳌﻮﺿﻮع اﻵﻳﺎت اﳌﻮﺿﻮع اﻵﻳﺎت ﻋﺎﻗﺒﺔ اﻟﻜﻔﺎر وﺛﻮاب أﻫﻞ اﳋﺸﻴﺔ ﻣﻦ ﻣﻈﺎﻫﺮ ﻗﺪرة اﷲ ﺗﺒﺎرك وﺗﻌﺎﻟﻰ ﺗﻬﺪﻳﺪ اﻟﻜﻔﺎر وﺗﻮﺑﻴﺦ اﳌﺸﺮﻛﲔ ﻋﻠﻢ اﷲ وﻓﻀﻠﻪ اﻟﻨﺠﺎة واﻟﺮزق ﺑﻴﺪ اﷲ ﻗﺪرة اﷲ ﻋﻠﻰ اﳋﻠﻖ واﳊﺸﺮ ٣٣٩
أﻏﺮاض اﻟﺴﻮرة ﺗﻨﺎوﻟﺖ ﺳﻮرة اﳌﻠﻚ ﺛﻼﺛﺔ أﻏﺮاض رﺋﻴﺴﻴﺔ ،وﻫﻲ: اﻷول :إﺛﺒﺎت ﻋﻈﻤﺔ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ وﻗﺪرﺗﻪ ﻋﻠﻰ اﻹﺣﻴﺎء واﻹﻣﺎﺗﺔ. اﻟﺜﺎﻧﻲ :إﻗﺎﻣﺔ اﻷدﻟﺔ اﻟﺴﺎﻃﻌﺔ ،واﻟﺒﺮاﻫﲔ اﻟﻼﻣﻌﺔ ﻋﻠﻰ ﻗﺪرة اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ووﺣﺪاﻧﻴﺘﻪ. اﻟﺜﺎﻟﺚ :ﺑﻴﺎن ﻋﺎﻗﺒﺔ اﳌﻜﺬﺑﲔ اﳉﺎﺣﺪﻳﻦ ﻟﻠﺒﻌﺚ واﻟﻨﺸﻮر ﺑﻌﺪ اﳌﻮت. ﻣﻨﺎﺳﺒﺎت اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ أول اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ اﻟﺴﻮرة ﺑﺂﺧﺮﻫﺎ ﳌﺎ ﻗﺒﻠﻬﺎ ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ ﰲ ﺑﺪاﻳﺘﻬﺎ: ﳌﺎ ﺧﺘﻢ ﺳﻮرة اﻟﺘﺤﺮﱘ ﺑﻬﻼك زوﺟﺘﻲ ﻧﻮح ، وﻟﻮط ،ورﻓﻌﺔ اﻣﺮأة ﻓﺮﻋﻮن وﻣﺮﱘ ،وﻫﺬا وﺑ ﱠﲔ ﰲ ﺧﺎﲤﺘﻬﺎ ﺷﻴﺌﺎً ﻣﻦ ﻗﺪرﺗﻪ: ﳑﺎ ﻻ ﻳﻘﺪر ﻋﻠﻴﻪ إﻻ ﻣﻦ ﺑﻴﺪه اﳌﻠﻚ واﻟﻘﺪرة؛ ﺑﺪأ ﺳﻮرة اﳌﻠﻚ ﺑﻬﺬا ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻐﺮﻳﺐ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ أﺧﻠﺼﻪ ،وأﺻﻮﺑﻪ ﻟﻴﺨﺘﺒﺮﻛﻢ ﺗﻌﺎﻟﻰ ،وﺗﻌﺎﻇﻢ، ﺷﻘﻮق ،وﺻﺪوع وﺗﻜﺎﺛﺮ ﺧﻴﺮه وﺑﺮه ذﻟﻴ ًﻼ ﺻﺎﻏﺮاً اﺧﺘﻼف ،وﺗﺒﺎﻳﻦ وأﻋﺪدﻧﺎ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻓﻮق ﺑﻌﺾ، ﻳﺮﺟﻊ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ُﳑﺎﺳﺔ ﺗﻐﻠﻲ ﻏﻠﻴﺎﻧﺎً ﺷﺪﻳﺪاً ُﺷﻬﺒﺎً ُﻣﺤﺮﻗ ًﺔ ﳌﺴﺘﺮﻗﻲ أﻋﺪ اﻟﻨﻈﺮ ﻣﺮة اﻟﺴﻤﻊ ﻣﻦ اﻟﺸﻴﺎﻃﲔ ﺑﻌﺪ ﻣﺮة ﺻﻮﺗﺎً ﻣﻨﻜﺮاً ُﻣﺘﻌﺐ ،ﻛﻠﻴﻞ اﳌﺮﺟﻊ ،واﳌﺂل ٣٤٠
ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ رﺳﻮل ﻳﺤﺬرﻛﻢ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﺗﺘﻤﺰق ﻣﻦ ﺷﺪة ﻫﺬا اﻟﻌﺬاب ﻏﻀﺒﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻜﻔﺎر ﻳﺨﺸﻮﻧﻪ وﻫﻢ ﻏﺎﺋﺒﻮن ﻓﺒُﻌﺪاً ﻋﻦ أﻋﲔ اﻟﻨﺎس ﻣﺎ أﻧﺘﻢ وإﻟﻴﻪ ﺗﺒﻌﺜﻮن ﻣﻦ ﻗﺒﻮرﻛﻢ ﻟﻠﺠﺰاء واﳊﺴﺎب ﻧﻮاﺣﻴﻬﺎ ،وﺟﻮاﻧﺒﻬﺎ ﺳﻬﻠﺔ ،ﳑﻬﺪة رﻳﺤﺎً ﺗﺮﺟﻤﻜﻢ ﺗﺴﺘﻘﺮون ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﺎﳊﺠﺎرة اﻟﺼﻐﻴﺮة ﺗﻀﻄﺮب ﺑﻜﻢ ﺑﺎﺳﻄﺎت أﺟﻨﺤﺘﻬﺎ ﻋﻨﺪ ﺣﺘﻰ ﺗﻬﻠﻜﻮا اﷲ اﻟﺬي ﰲ اﻟﻌﻠﻮ ﻃﻴﺮاﻧﻬﺎ ﰲ اﻟﻬﻮاء إﻧﻜﺎري ﻋﻠﻴﻬﻢ ،وﺗﻐﻴﻴﺮ ﲢﺬﻳﺮي ﻟﻜﻢ اﺳﺘﻤﺮوا ،وﲤﺎدوا ﻣﺎ ﺑﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﻨﻌﻤﺔ ﺧﺪاع وﺿﻼل وﻳﻀﻤﻤﻨﻬﺎ إﻟﻰ ُﻣﻨ ﱠﻜﺴﺎً ﺟﻨﻮﺑﻬﺎ أﺣﻴﺎﻧﺎً ﻣﻦ اﻟﺸﻴﻄﺎن أوﺟﺪﻛﻢ ﻣﻌﺎﻧﺪة ،واﺳﺘﻜﺒﺎر ﺷﺮود وﺗﺒﺎﻋﺪ ﻋﻦ اﳊﻖ ذ ﱠﻟﺖ ،واﺳﻮ ﱠدت ﻣﺴﺘﻮﻳﺎً ،ﻣﻨﺘﺼﺐ ﻃﺮﻳﻖ واﺿﺢ ﻻ اﻟﻘﺎﻣﺔ ﺳﺎﳌﺎً أﺧﺒﺮوﻧﻲ اﻋﻮﺟﺎج ﻓﻴﻪ ﺧﻠﻘﻜﻢ ،وﻧﺸﺮﻛﻢ ﰲ اﻷرض رأوا ﻋﺬاب اﷲ ﻗﺮﻳﺒﺎً ﺗﻄﻠﺒﻮن أن ﻳﻌﺠﻞ ﻟﻜﻢ ﻣﻦ اﻟﻌﺬاب اﺳﺘﻬﺰاء ﻳﺤﻤﻲ ﺟﺎ ٍر ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻷرض، ذاﻫﺒﺎً ﰲ اﻷرض ﻻ ﻇﺎﻫﺮ ﻟﻠﻌﻴﻮن ﺗﺼﻠﻮن إﻟﻴﻪ ﺑﻮﺳﻴﻠﺔ ﻣﻦ وﺣﻲ اﻵي اﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻓﺈذا ﻇﻬﺮ ﻟﻠﻌﺒﺪ ﻣﻦ ﺳﺮ اﻟﺮﺑﻮﺑﻴﺔ أن اﳌﻠﻚ واﻟﺘﺪﺑﻴﺮ ﻛﻠﻪ ﺑﻴﺪ اﷲ ﻛﻤﺎ ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ :ﻳﻴﻲ، اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ﻓﻼ ﻳﺮى ﻧﻔﻌﺎً وﻻ ﺿﺮاً ،وﻻ ﺣﺮﻛ ًﺔ وﻻ ﺳﻜﻮﻧﺎً ،وﻻ ﻗﺒﻀﺎً وﻻ ﺑﺴﻄﺎً ،وﻻ ﺧﻔﻀﺎً وﻻ رﻓﻌﺎً إﻻ واﷲ ﻓﺎﻋﻠﻪ وﺧﺎﻟﻘﻪ ،وﻗﺎﺑﻀﻪ وﺑﺎﺳﻄﻪ ،وراﻓﻌﻪ وﺧﺎﻓﻀﻪ ،ﻓﻬﺬا اﻟﺸﻬﻮد ﻫﻮ ﺳﺮ اﻟﻜﻠﻤﺎت اﻟﻜﻮﻧﻴﺎت اﻟﻘﺮﻃﺒﻲ وإﳕﺎ أﻣﺮ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ ﻣﺮﺗﲔ ﻷن اﻹﻧﺴﺎن إذا ﻧﻈﺮ ﰲ اﻟﺸﻲء ﻣﺮة ﻻ ﻳﺮى ﻋﻴﺒﻪ ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﻨﻈﺮ إﻟﻴﻪ ﻣﺮة أﺧﺮى اﻟﺸﻨﻘﻴﻄﻲ ﻫﺬه اﻵﻳﺔ ﺗﺪل ﻋﻠﻰ أن اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻻ ﻳﻌﺬب ﺑﺎﻟﻨﺎر أﺣﺪاً إﻻ ﺑﻌﺪ أن ﻳﻨﺬره ﰲ اﻟﺪﻧﻴﺎ اﻟﺸﻨﻘﻴﻄﻲ اﻟﻌﻘﻞ اﻟﺼﺤﻴﺢ ﻫﻮ اﻟﺬي ﻳﻌﻘﻞ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﻋﻦ اﻟﻮﻗﻮع ﻓﻴﻤﺎ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ،ﻛﻤﺎ ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ :ﺑﺒﺐ ، أﻣﺎ اﻟﻌﻘﻞ اﻟﺬي ﻻ ﻳﺰﺟﺮ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﻋﻤﺎ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ،ﻓﻬﻮ ﻋﻘﻞ دﻧﻴﻮي ﻳﻌﻴﺶ ﺑﻪ ﺻﺎﺣﺒﻪ ،وﻟﻴﺲ ﻫﻮ اﻟﻌﻘﻞ ﲟﻌﻨﻰ اﻟﻜﻠﻤﺔ ٣٤١
اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر وﻗﺪم اﳌﻐﻔﺮة ﺗﻄﻤﻴﻨﺎً ﻟﻘﻠﻮﺑﻬﻢ؛ ﻷﻧﻬﻢ ﻳﺨﺸﻮن اﳌﺆاﺧﺬة ﻋﻠﻰ اﺑﻦ اﻟﻘﻴﻢ ﻣﺎ ﻓﺮط ﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﻜﻔﺮ ﻗﺒﻞ اﻹﺳﻼم ،وﻣﻦ اﻟﻠﻤﻢ وﻧﺤﻮه ،ﺛﻢ أﻋﻘﺒﺖ ﺑﺎﻟﺒﺸﺎرة ﺑﺎﻷﺟﺮ اﻟﻌﻈﻴﻢ ،ﻓﻜﺎن اﻟﻜﻼم ﺟﺎرﻳﺎً ﻋﻠﻰ ﻗﺎﻧﻮن ﺗﻘﺪﱘ اﻟﺘﺨﻠﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺤﻠﻴﺔ ﺛﻢ ﺧﺘﻢ اﳊﺠﺔ ﺑﺎﺳﻤﲔ ﻣﻘﺘﻀﻴﲔ ﻟﺜﺒﻮﺗﻬﻤﺎ ،وﻫﻤﺎ: اﻟﻠﻄﻴﻒ؛ اﻟﺬي ﻟﻄﻒ ﺻﻨﻌﻪ وﺣﻜﻤﺘﻪ ودق ،ﺣﺘﻰ ﻋﺠﺰت ﻋﻨﻪ اﻷﻓﻬﺎم .واﳋﺒﻴﺮ؛ اﻟﺬي اﻧﺘﻬﻰ ﻋﻠﻤﻪ إﻟﻰ اﻹﺣﺎﻃﺔ ﺑﺒﻮاﻃﻦ اﻷﺷﻴﺎء وﺧﻔﺎﻳﺎﻫﺎ ﻛﻤﺎ أﺣﺎط ﺑﻈﻮاﻫﺮﻫﺎ .ﻓﻜﻴﻒ ﺗﺨﻔﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﻠﻄﻴﻒ اﳋﺒﻴﺮ ﻣﺎ ﲢﻮﻳﻪ اﻟﻀﻤﺎﺋﺮ وﺗﺨﻔﻴﻪ اﻟﺼﺪور اﻟﻄﻨﻄﺎوي إن اﷲ ﻫﻮ اﻟﺬي ﻗﺴﻢ اﻷرزاق ،وﻛﺘﺐ ﻟﻜﻞ ﻧﻔﺲ رزﻗﻬﺎ وأﺟﻠﻬﺎ ،وﻟﻜﻨﻪ ﻣﺎ ﻗﺎل ﻟﻨﺎ اﻗﻌﺪوا ﺣﺘﻰ ﻳﺄﺗﻲ اﻟﺮزق إﻟﻴﻜﻢ ،ﺑﻞ ﻗﺎل: وﻗﺪم اﻟﺘﻬﺪﻳﺪ ﺑﺎﳋﺴﻒ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻬﺪﻳﺪ ﺑﺎﳊﺎﺻﺐ ﻷن اﳋﺴﻒ ﻣﻦ أﺣﻮال اﻷرض ،واﻟﻜﻼم ﻋﻠﻰ أﺣﻮاﻟﻬﺎ أﻗﺮب اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر ﻫﻨﺎ ،ﻓ ُﺴﻠﻚ ﺷﺒﻪ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻨﺸﺮ اﳌﻌﻜﻮس ،وﻷن إرﺳﺎل اﳊﺎﺻﺐ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺟﺰاء ﻋﻠﻰ ﻛﻔﺮﻫﻢ ﺑﻨﻌﻤﺔ اﷲ اﻟﺘﻲ ﻣﻨﻬﺎ رزﻗﻬﻢ ؛ ﻓﺈن ﻣﻨﺸﺄ اﻷرزاق ﰲ اﻷرض اﳌﺸﺎر إﻟﻴﻪ ﺑﻘﻮﻟﻪ: اﻷرﺿﻴﺔ ﻣﻦ ﻏﻴﻮث اﻟﺴﻤﺎء؛ ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ: أي :ﻣﻨﻜﺴﺎً ﺿﺮب اﷲ ﻣﺜ ًﻼ ﻟﻠﻤﺆﻣﻦ واﻟﻜﺎﻓﺮ: اﻟﻘﺮﻃﺒﻲ رأﺳﻪ؛ ﻻ ﻳﻨﻈﺮ أﻣﺎﻣﻪ وﻻ ﳝﻴﻨﻪ وﻻ ﺷﻤﺎﻟﻪ؛ ﻓﻬﻮ ﻻ ﻳﺄﻣﻦ ﻣﻦ ﻣﻌﺘﺪﻻً ﻧﺎﻇﺮاً ﻣﺎ اﻟﻌﺜﻮر واﻻﻧﻜﺒﺎب ﻋﻠﻰ وﺟﻬﻪ ،ﻛﻤﻦ ﺑﲔ ﻳﺪﻳﻪ وﻋﻦ ﳝﻴﻨﻪ وﻋﻦ ﺷﻤﺎﻟﻪ ﻳﺪل ﻋﻠﻰ أن اﳌﺮاد) :أو رﺣﻤﻨﺎ ﺑﺎﳊﻴﺎة(، ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر ﻓﻴﻔﻴﺪ أن اﳊﻴﺎة رﺣﻤﺔ ،وأن ﺗﺄﺧﻴﺮ اﻷﺟﻞ ﻣﻦ اﻟﻨﻌﻢ ،وﺣﻴﺎة اﻟﺴﻌﺪي اﳌﺆﻣﻦ رﺣﻤﺔ؛ ﻷﻧﻬﺎ ﺗﻜﺜﺮ ﻟﻪ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺮﻛﺔ اﻹﳝﺎن واﻷﻋﻤﺎل اﻟﺼﺎﳊﺔ اﻹﳝﺎن ﻳﺸﻤﻞ اﻟﺘﺼﺪﻳﻖ اﻟﺒﺎﻃﻦ ،واﻷﻋﻤﺎل اﻟﺒﺎﻃﻨﺔ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ واﻟﻈﺎﻫﺮة ،وﳌﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻷﻋﻤﺎل وﺟﻮدﻫﺎ وﻛﻤﺎﻟﻬﺎ ﻣﺘﻮﻗﻔ ًﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻮﻛﻞ ،ﺧﺺ اﷲ اﻟﺘﻮﻛﻞ ﻣﻦ ﺑﲔ ﺳﺎﺋﺮ اﻷﻋﻤﺎل ،وإﻻ ﻓﻬﻮ داﺧﻞ ﰲ اﻹﳝﺎن وﻣﻦ ﺟﻤﻠﺔ ﻟﻮازﻣﻪ اﺑﻦ اﳉﻮزي ﻗﺎل ﺻﺎﻟﺢ ﺑﻦ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ :ﻛﺎن أﺑﻲ إذا ﺧﺮﺟﺖ اﻟﺪﻟ ُﻮ ﻣﻸى ،ﻗﺎل :اﳊﻤﺪ ﷲ ،ﻗﻠﺖ :ﻳﺎ أﺑﺖ ،أي ﺷﻲء اﻟﻔﺎﺋﺪة ﰲ ﻫﺬا؟ ﻓﻘﺎل :ﻳﺎ ﺑﻨﻲ ،أﻣﺎ ﺳﻤﻌﺖ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻳﻘﻮل: ؟ ٣٤٢
Search
Read the Text Version
- 1
- 2
- 3
- 4
- 5
- 6
- 7
- 8
- 9
- 10
- 11
- 12
- 13
- 14
- 15
- 16
- 17
- 18
- 19
- 20
- 21
- 22
- 23
- 24
- 25
- 26
- 27
- 28
- 29
- 30
- 31
- 32
- 33
- 34
- 35
- 36
- 37
- 38
- 39
- 40
- 41
- 42
- 43
- 44
- 45
- 46
- 47
- 48
- 49
- 50
- 51
- 52
- 53
- 54
- 55
- 56
- 57
- 58
- 59
- 60
- 61
- 62
- 63
- 64
- 65
- 66
- 67
- 68
- 69
- 70
- 71
- 72
- 73
- 74
- 75
- 76
- 77
- 78
- 79
- 80
- 81
- 82
- 83
- 84
- 85
- 86
- 87
- 88
- 89
- 90
- 91
- 92
- 93
- 94
- 95
- 96
- 97
- 98
- 99
- 100
- 101
- 102
- 103
- 104
- 105
- 106
- 107
- 108
- 109
- 110
- 111
- 112
- 113
- 114
- 115
- 116
- 117
- 118
- 119
- 120
- 121
- 122
- 123
- 124
- 125
- 126
- 127
- 128
- 129
- 130
- 131
- 132
- 133
- 134
- 135
- 136
- 137
- 138
- 139
- 140
- 141
- 142
- 143
- 144
- 145
- 146
- 147
- 148
- 149
- 150
- 151
- 152
- 153
- 154
- 155
- 156
- 157
- 158
- 159
- 160
- 161
- 162
- 163
- 164
- 165
- 166
- 167
- 168
- 169
- 170
- 171
- 172
- 173
- 174
- 175
- 176
- 177
- 178
- 179
- 180
- 181
- 182
- 183
- 184
- 185
- 186
- 187
- 188
- 189
- 190
- 191
- 192
- 193
- 194
- 195
- 196
- 197
- 198
- 199
- 200
- 201
- 202
- 203
- 204
- 205
- 206
- 207
- 208
- 209
- 210
- 211
- 212
- 213
- 214
- 215
- 216
- 217
- 218
- 219
- 220
- 221
- 222
- 223
- 224
- 225
- 226
- 227
- 228
- 229
- 230
- 231
- 232
- 233
- 234
- 235
- 236
- 237
- 238
- 239
- 240
- 241
- 242
- 243
- 244
- 245
- 246
- 247
- 248
- 249
- 250
- 251
- 252
- 253
- 254
- 255
- 256
- 257
- 258
- 259
- 260
- 261
- 262
- 263
- 264
- 265
- 266
- 267
- 268
- 269
- 270
- 271
- 272
- 273
- 274
- 275
- 276
- 277
- 278
- 279
- 280
- 281
- 282
- 283
- 284
- 285
- 286
- 287
- 288
- 289
- 290
- 291
- 292
- 293
- 294
- 295
- 296
- 297
- 298
- 299
- 300
- 301
- 302
- 303
- 304
- 305
- 306
- 307
- 308
- 309
- 310
- 311
- 312
- 313
- 314
- 315
- 316
- 317
- 318
- 319
- 320
- 321
- 322
- 323
- 324
- 325
- 326
- 327
- 328
- 329
- 330
- 331
- 332
- 333
- 334
- 335
- 336
- 337
- 338
- 339
- 340
- 341
- 342
- 343
- 344
- 345
- 346
- 347
- 348
- 349
- 350
- 351
- 352
- 353
- 354
- 355
- 356
- 357
- 358
- 359
- 360
- 361
- 362
- 363
- 364
- 365
- 366
- 367
- 368
- 369
- 370
- 371
- 372
- 373
- 374
- 375
- 376
- 377
- 378
- 379
- 380
- 381
- 382
- 383
- 384
- 385
- 386
- 387
- 388
- 389
- 390
- 391
- 392
- 393
- 394
- 395
- 396
- 397
- 398
- 399
- 400
- 401
- 402
- 403
- 404
- 405
- 406
- 407
- 408
- 409
- 410
- 411
- 412
- 413
- 414
- 415
- 416
- 417
- 418
- 419
- 420
- 421
- 422
- 423
- 424
- 425
- 426
- 427
- 428
- 429
- 430
- 431
- 432
- 433
- 434
- 435
- 436
- 437
- 438
- 439
- 440
- 441
- 442
- 443
- 444
- 445
- 446
- 447
- 448
- 449
- 450
- 451
- 452
- 453
- 454
- 455
- 456
- 457
- 458
- 459
- 460
- 461
- 462
- 463
- 464
- 465
- 466
- 467
- 468
- 469
- 470
- 471
- 472
- 473
- 474
- 475
- 476
- 477
- 478
- 479
- 480
- 481
- 482
- 483
- 484
- 485
- 486
- 487
- 488
- 489
- 490
- 491
- 492
- 493
- 494
- 495
- 496
- 1 - 50
- 51 - 100
- 101 - 150
- 151 - 200
- 201 - 250
- 251 - 300
- 301 - 350
- 351 - 400
- 401 - 450
- 451 - 496
Pages:
