ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﻣﻜﻴﺔ أﺳﻤﺎء اﻟﺴﻮرة اﳌﺼﺤﻒ ٦٨ ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﺑﲔ ﻳﺪي آﻳﺔ ﺳﻮرة اﻟﻘﻠﻢ وﺟﻪ اﻟﻨﺰول ٢ اﻟﺴﻮرة اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /ﺗﻮﻗﻴﻔﻴﺔ ﻻﻓﺘﺘﺎﺣﻬﺎ ﺑﻘﺴﻢ اﷲ ﺑﺎﻟﻘﻠﻢ ﻣﻘﺼﺪ اﻟﺴﻮرة ﻻﻓﺘﺘﺎﺣﻬﺎ ﺑﻬﺬا اﻟﻠﻔﻆ وﺟﻪ ﺳﻮرة اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﺳﻮرة إﻇﻬﺎر ﻋﻠﻢ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ و ُﺧﻠُﻘﻪ ،ﺗﺄﻳﻴﺪاً ﻟﻪ ﺑﻌﺪ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /اﺟﺘﻬﺎدﻳﺔ ﺗﻄﺎول اﳌﺸﺮﻛﲔ ﻋﻠﻴﻪ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺴﻮرة اﳌﻮﺿﻮع اﻵﻳﺎت اﳌﻮﺿﻮع اﻵﻳﺎت ﲢﻘﻴﺮ اﻟﻜﺎﻓﺮﻳﻦ وذم أﺧﻼﻗﻬﻢ ﺑﻴﺎن رﻓﻌﺔ ﻗﺪر اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﺛﻮاب اﳌﺆﻣﻨﲔ وأﺳﺌﻠﺔ ﻟﻠﻜﺎﻓﺮﻳﻦ ﻗﺼﺔ أﺻﺤﺎب اﳉﻨﺔ ﺗﺨﻮﻳﻒ اﻟﻜﻔﺎر ﻣﻦ ﺑﻄﺶ اﷲ ،وﺗﻮﺻﻴﺔ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﺑﺎﻟﺼﺒﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﻠﻘﺎه ٣٤٣
أﻏﺮاض اﻟﺴﻮرة ﺗﺪور ﺳﻮرة اﻟﻘﻠﻢ ﺣﻮل إﺛﺒﺎت ﻧﺒﻮة ﻣﺤﻤﺪ ﷺ ،وﺗﻨﺎوﻟﺖ ﺛﻼﺛﺔ أﻏﺮاض أﺳﺎﺳﻴﺔ ،وﻫﻲ: اﻷول :ﻣﻮﺿﻮع اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ،واﻟﺸﺒﻬﺎت اﻟﺘﻲ أﺛﺎرﻫﺎ ﻛﻔﺎر ﻣﻜﺔ ﺣﻮل دﻋﻮة رﺳﻮل اﷲ ﷺ ،ﺣﻴﺚ ﺑﻴﻨﺖ اﻟﺴﻮرة ﺷﺮﻓﻪ ،وﻛﺮﱘ أﺧﻼﻗﻪ ،وﺣﺴﻦ ﻣﻨﺎﻗﺒﻪ. اﻟﺜﺎﻧﻲ :ﻗﺼﺔ أﺻﺤﺎب اﳉﻨﺔ ،وﻣﺎ ﺣﻞ ﺑﻬﻢ ﳌﺎ ﺟﺤﺪوا ﻧﻌﻤﺔ اﷲ ،وﻣﻨﻌﻮا ﺣﻘﻮق اﻟﻔﻘﺮاء واﳌﺴﺎﻛﲔ ،وﰲ ﻫﺬا ﺑﻴﺎن ﻟﻨﺘﻴﺠﺔ اﻟﻜﻔﺮ ﺑﻨﻌﻢ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ. اﻟﺜﺎﻟﺚ :أﺣﻮال اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ وأﻫﻮاﻟﻬﺎ وﺷﺪاﺋﺪﻫﺎ ،وﻣﺎ أﻋ ﱠﺪ اﷲ ﻟﻠﻔﺮﻳﻘﲔ :اﳌﺴﻠﻤﲔ واﳌﺠﺮﻣﲔ. ﻣﻨﺎﺳﺒﺎت اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ أول اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ اﻟﺴﻮرة ﺑﺂﺧﺮﻫﺎ ﳌﺎ ﻗﺒﻠﻬﺎ ﺑﺪأت ﺑﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: ﺧﺘﻤﺖ ﺳﻮرة اﳌﻠﻚ ﺑﺎﻟﻮﻋﻴﺪ ﻟﻠﻜﺎﻓﺮﻳﻦ: ، ،وﺑﺪأت ﺳﻮرة اﻟﻘﻠﻢ وﺧﺘﻤﺖ: أﻳﻀﺎً ﺑﺎﻟﻮﻋﻴﺪ ﻟﻬﻢ: ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻐﺮﻳﺐ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻨﻘﻮص ،وﻻ ﻣﻨﻘﻄﻊ واﻟﺬي ﻳﻜﺘﺒﻮﻧﻪ ﺑﺎﻟﻘﻠﻢ ﻗﺴ ٌﻢ ﺑﺎﻟﻘﻠﻢ اﻟﺬي ﺗﻜﺘﺐ ﺑﻪ اﳌﻼﺋﻜﺔ ،واﻟﻨﺎس ﻛﺜﻴﺮ اﳊﻠﻒ ﺗُﻼ ِﻳﻦ ،وﺗُﺼﺎﻧﻊ ﰲ أي اﻟﻔﺮﻳﻘﲔ ﳝﺸﻲ ﺑﺎﻟﻨﻤﻴﻤﺔ ،وﻫﻲ :ﻧﻘﻞ اﳊﺪﻳﺚ ﻣﻐﺘﺎب ﻟﻠﻨﺎس اﻟﻔﺘﻨﺔ ،واﳉﻨﻮن؟ ﺑﲔ اﻟﻨﺎس ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻹﻓﺴﺎد ﻛ ﱠﺬاب ،ﺣﻘﻴﺮ ﻣﻦ أﺟﻞ أﻧﻪ ﻛﺎن ﻣﻨﺴﻮب ﻟﻐﻴﺮ أﺑﻴﻪ ﻓﺎﺣﺶ ،ﻟﺌﻴﻢ ،ﻏﻠﻴﻆ أﻧﻔﻪ ﰲ ﻛﻔﺮه ﺳﻨﺠﻌﻞ ﻟﻪ ﻋﻼﻣﺔ ﻻ ﺗﻔﺎرﻗﻪ أﺑﺎﻃﻴﻠﻬﻢ ،وﺧﺮاﻓﺎﺗﻬﻢ ٣٤٤
ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻟﻴﻘﻄ ُﻌ ﱠﻦ ﺛﻤﺎر ﺣﺪﻳﻘﺘﻬﺎ اﳊﺪﻳﻘﺔ اﺧﺘﺒﺮﻧﺎﻫﻢ ﻧﺎر أﺣﺮﻗﺘﻬﺎ ﻓﺄﺣﺎط ﻧﺎز ًﻻ ﻋﻠﻴﻬﺎ وﻻ ﻳﻨ ُﻮون اﺳﺘﺜﻨﺎء ﺣﺼﺔ اﳌﺴﺎﻛﲔ، وﻟﻢ ﻳﻘﻮﻟﻮا :إن ﺷﺎء اﷲ اذﻫﺒﻮا ﻣﺒﻜﺮﻳﻦ ﻧﺎدى ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺑﻌﻀﺎً ﻛﺎﻟﻠﻴﻞ اﳌﻈﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﻗﺼﺪﻫﻢ اﻟﺴﻴﺊ ُﻣ ِﺼﺮﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﻗﻄﻊ ﻣﺰرﻋﺘﻜﻢ ﰲ ﻣﻨﻊ اﳌﺴﺎﻛﲔ اﻟﺜﻤﺎر ﳌﺨﻄﺌﻮن ﰲ ﻃﺮﻳﻘﻬﺎ ﻫ ﱠﻼ ﺗﺬﻛﺮون اﷲ ،وﺗﺴﺘﻐﻔﺮوﻧﻪ؛ أﻋﺪﻟﻬﻢ ،وﺧﻴﺮﻫﻢ ﻣﻦ ﻓﻌﻠﻜﻢ ،وﺧﺒﺚ ﻧﻴﺘﻜﻢ ﻋﻘ ًﻼ ودﻳﻨﺎً ﻳﻠﻮم ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺑﻌﻀﺎً ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻗﺼﺪوه ﻣﻦ ﻣﻨﻊ ﻟﻠﻤﺴﺎﻛﲔ ﻣﺜﻞ ذﻟﻚ اﻟﻌﻘﺎب ﻧﻌﺎﻗﺐ ﻃﺎﻟﺒﻮن اﳋﻴﺮ ﺑﻪ ﻛﻞ ﻣﺨﺎﻟﻒ ﻷﻣﺮﻧﺎ ﺗﺸﺘﻬﻮن ﻋﻬﻮد ،وﻣﻮاﺛﻴﻖ إﻧﻪ ﺳﻴﺤﺼﻞ ﻟﻜﻢ ﻣﺎ ﻳﻜﺸﻒ رﺑﻨﺎ ﻋﻦ ﺳﺎﻗﻪ؛ ﻓﻴﺴﺠﺪ ﻛﻔﻴﻞ وﺿﺎﻣﻦ ﺑﺄن ﻳﻜﻮن ﺗﺮﻳﺪون ،وﺗﺸﺘﻬﻮن اﳌﺆﻣﻨﻮن ،وﻳﻌﺠﺰ اﳌﻨﺎﻓﻘﻮن ﻟﻬﻢ ذﻟﻚ ﻣﻨﻜﺴﺮة ذﻟﻴﻠﺔ؛ أﺻﺤﺎء ،ﻗﺎدرون ﺗﻐﺸﺎﻫﻢ ﻻ ﻳﺮﻓﻌﻮﻧﻬﺎ أﻣﻬﻠﻬﻢ ،وأﻃﻴﻞ أﻋﻤﺎرﻫﻢ ﺳﻨﻤﺪﻫﻢ ﺑﺎﻷﻣﻮال واﻟﻨﻌﻢ؛ اﻟﻘﺮآن اﺳﺘﺪراﺟﺎً ﻟﻬﻢ ُﻣﻜﻠﱠﻔﻮن ِﺣﻤ ًﻼ ﺛﻘﻴ ًﻼ ﻗﻮي ،ﺷﺪﻳﺪ ﳑﻠﻮء ﻏﻤﺎً ﻏﺮاﻣﺔ ﺗﻠﻚ اﻷﺟﺮة ﺑﻞ أﻋﻨﺪﻫﻢ آ ٍت ﲟﺎ ﻳُﻼم ﻋﻠﻴﻪ ﻻ ﺗﻜﻦ ﻣﺜﻞ ﻳﻮﻧﺲ ﺣﲔ اﺳﺘﻌﺠﻞ اﻟﻌﺬاب ،وﻏﻀﺐ ﺑﺘﻮﻓﻴﻘﻪ ﻟﻠﺘﻮﺑﺔ، ﻟﻴُﺴ ِﻘ ُﻄﻮﻧﻚ ﻋﻦ ﻣﻜﺎﻧﻚ؛ ﻟ ُﻄﺮح ﻣﻦ ﺑﻄﻦ اﳊﻮت وﻗﺒﻮﻟﻬﺎ ﺑﻨﻈﺮﻫﻢ إﻟﻴﻚ؛ ﻋﺪاو ًة وﺑﻐﻀﺎً ﺑﺎﻷرض اﻟﻔﻀﺎء اﳌﻬﻠﻜﺔ اﺻﻄﻔﺎه رﺑﻪ ﻟﺮﺳﺎﻟﺘﻪ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ﻣﻦ وﺣﻲ اﻵي اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر اﻟﻘﺴﻢ ﺑﺎﻟﻘﻠﻢ ﻟﺸﺮﻓﻪ ﺑﺄﻧﻪ ﻳُﻜﺘﺐ ﺑﻪ اﻟﻘﺮآن ،وﻛﺘﺒﺖ ﺑﻪ اﻟﻜﺘﺐ اﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ اﳌﻘﺪﺳﺔ ،وﺗﻜﺘﺐ ﺑﻪ ﻛﺘﺐ اﻟﺘﺮﺑﻴﺔ وﻣﻜﺎرم اﻷﺧﻼق ،واﻟﻌﻠﻮم؛ وﻛﻞ ذﻟﻚ ﳑﺎ ﻟﻪ ﺣﻆ ﺷﺮف ﻋﻨﺪ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﻦ اﳌﻌﻠﻮم أن أﺣﺐ ﺧﻠﻖ اﷲ إﻟﻴﻪ اﳌﺆﻣﻨﻮن ،ﻓﺈذا ﻛﺎن أﻛﻤﻠﻬﻢ إﳝﺎﻧﺎً أﺣﺴﻨﻬﻢ ﺧﻠﻘﺎً؛ ﻛﺎن أﻋﻈﻤﻬﻢ ﻣﺤﺒﺔ ﻟﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ أﺣﺴﻨﻬﻢ ﺧﻠﻘﺎً ،واﳋﻠﻖ اﻟﺪﻳﻦ ،ﻛﻤﺎ ﻗﺎل اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ: اﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ اﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ ﻃﺎﻋﺔ اﳌﺮء ﻧﻬ ٌﻲ ﻋﻦ اﻟﺘﺸﺒﻪ ﺑﻪ ﺑﺎﻷوﻟﻰ؛ ﻓﻼ ﻳُﻄﺎع اﳌﻜﺬب واﳊﻼف ،وﻻ ﻳﻌﻤﻞ ﲟﺜﻞ ﻋﻤﻠﻬﻤﺎ ٣٤٥
اﺑﻦ ﻛﺜﻴﺮ وذﻟﻚ أن اﻟﻜﺎذب ﻟﻀﻌﻔﻪ وﻣﻬﺎﻧﺘﻪ إﳕﺎ ﻳﺘﻘﻲ ﺑﺄﳝﺎﻧﻪ اﻟﻜﺎذﺑﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺠﺘﺮئ ﺑﻬﺎ ﻋﻠﻰ أﺳﻤﺎء اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ،واﺳﺘﻌﻤﺎﻟﻬﺎ ﰲ ﻛﻞ وﻗﺖ ﰲ ﻏﻴﺮ ﻣﺤﻠﻬﺎ اﻟﺰﻣﺨﺸﺮي ﻋﺒﺮ ﺑﺎﻟﻮﺳﻢ ﻋﻠﻰ اﳋﺮﻃﻮم -وﻫﻮ اﻷﻧﻒ -ﻋﻦ ﻏﺎﻳﺔ اﻹذﻻل واﻹﻫﺎﻧﺔ؛ ﻷن اﻟﺴﻤﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺟﻪ ﺷﲔ وإذاﻟﺔ ،ﻓﻜﻴﻒ ﺑﻬﺎ ﻋﻠﻰ أﻛﺮم ﻣﻮﺿﻊ ﻣﻨﻪ!؟ اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر و ُﻋﺠﻞ اﻟﻌﻘﺎب ﻟﻬﻢ ﻗﺒﻞ اﻟﺘﻠﺒﺲ ﲟﻨﻊ اﻟﺼﺪﻗﺔ ﻷن ﻋﺰﻣﻬﻢ ﻋﻠﻰ اﳌﻨﻊ وﺗﻘﺎﺳﻤﻬﻢ ﻋﻠﻴﻪ ﺣﻘﻖ أﻧﻬﻢ ﻣﺎﻧﻌﻮن ﺻﺪﻗﺎﺗﻬﻢ ﻓﻜﺎﻧﻮا ﻣﺎﻧﻌﲔ .وﻳﺆﺧﺬ ﻣﻦ اﻵﻳﺔ ﻣﻮﻋﻈﺔ ﻟﻠﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﻮاﺳﻮن ﺑﺄﻣﻮاﻟﻬﻢ اﻷﻟﻮﺳﻲ ﻋﺰﻣﻮا ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻊ اﳌﺴﺎﻛﲔ ،وﻃﻠﺒﻮا ﺣﺮﻣﺎﻧﻬﻢ وﻧﻜﺪﻫﻢ وﻫﻢ اﻟﻘﺼﺎب ﻗﺎدرون ﻋﻠﻰ ﻧﻔﻌﻬﻢ ،ﻓﻐﺪوا ﺑﺤﺎل ﻻ ﻳﻘﺪرون ﻓﻴﻬﺎ إﻻ ﻋﻠﻰ اﳌﻨﻊ واﳊﺮﻣﺎن ﻣﺎ أﺟﻤﻞ أن ﻳﻨﻄﻠﻖ اﻟﻠﺴﺎن ﺑﺎﻻﻋﺘﺮاف ﺑﺎﻟﺬﻧﺐ ،وإن ﻛﺎن ﺻﺎﺣﺒﻪ ﻧﺎدﻣﺎً ﰲ ﻗﻠﺒﻪ ،ﺗﺄﻣﻞ ﻗﻮل أﺻﺤﺎب اﳉﻨﺔ اﻟﺬﻳﻦ أﻗﺴﻤﻮا ﻋﻠﻰ ﺣﺮﻣﺎن ﺣﻖ اﻟﻔﻘﺮاء: اﺑﻦ ﻛﺜﻴﺮ ﻋﻮﻗﺒﻮا ﺑﻨﻘﻴﺾ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﻋﻠﻴﻪ؛ ﳌﺎ ُدﻋﻮا إﻟﻰ اﻟﺴﺠﻮد ﰲ اﻟﺪﻧﻴﺎ واﻣﺘﻨﻌﻮا ﻣﻨﻪ ﻣﻊ ﺻﺤﺘﻬﻢ وﺳﻼﻣﺘﻬﻢ ،ﻛﺬﻟﻚ ﻋﻮﻗﺒﻮا ﺑﻌﺪم ﻗﺪرﺗﻬﻢ ﻋﻠﻴﻪ ﰲ اﻵﺧﺮة إذا ﲡﻠﻰ اﻟﺮب ،ﻓﻴﺴﺠﺪ ﻟﻪ اﳌﺆﻣﻨﻮن ،وﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أﺣﺪ ﻣﻦ اﻟﻜﺎﻓﺮﻳﻦ وﻻ اﳌﻨﺎﻓﻘﲔ أن ﻳﺴﺠﺪ، ﺑﻞ ﻳﻌﻮد ﻇﻬﺮ أﺣﺪﻫﻢ ﻃﺒﻘﺎً واﺣﺪاً اﺑﻦ ﺟﺰي ﻫﻮ ﻳﻮﻧﺲ وﺳﻤﺎه ﺻﺎﺣﺐ اﳊﻮت ﻷن اﳊﻮت اﺑﺘﻠﻌﻪ، وﻫﻮ أﻳﻀﺎً ذو اﻟﻨﻮن ،واﻟﻨﻮن ﻫﻮ اﳊﻮت ،وﻗﺪ ذﻛﺮﻧﺎ ﻗﺼﺘﻪ ﰲ اﻷﻧﺒﻴﺎء واﻟﺼﺎﻓﺎت ،ﻓﻨﻬﻰ اﷲ ﻣﺤﻤﺪاً ﷺ أن ﻳﻜﻮن ﻣﺜﻠﻪ ﰲ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ اﻟﻀﺠﺮ واﻻﺳﺘﻌﺠﺎل ﺣﲔ ذﻫﺐ ﻣﻐﺎﺿﺒﺎً اﺑﻦ ﻛﺜﻴﺮ أي :ﻳﻌﻴﻨﻮﻧﻚ ﺑﺄﺑﺼﺎرﻫﻢ ،ﲟﻌﻨﻰ ﻳﺤﺴﺪوﻧﻚ؛ ﻟﺒﻐﻀﻬﻢ إﻳﺎك، وﰲ ﻫﺬه اﻵﻳﺔ دﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ أن اﻟﻌﲔ إﺻﺎﺑﺘﻬﺎ وﺗﺄﺛﻴﺮﻫﺎ ﺣﻖ ﺑﺄﻣﺮ اﷲ ٣٤٦
ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﻣﻜﻴﺔ أﺳﻤﺎء اﻟﺴﻮرة اﳌﺼﺤﻒ ٦٩ ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﺑﲔ ﻳﺪي آﻳﺔ ﺳﻮرة اﳊﺎﻗﺔ ﻻﻓﺘﺘﺎح اﻟﺴﻮرة ﺑﻬﺎ وﺟﻪ اﻟﻨﺰول ٧٨ اﻟﺴﻮرة اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /ﺗﻮﻗﻴﻔﻴﺔ ﻣﻘﺼﺪ اﻟﺴﻮرة وﺟﻪ ﺳﻮرة اﻟﺴﻠﺴﻠﺔ اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻟﻮﻗﻮع ﻟﻔﻆ ﻓﻴﻬﺎ ﺣﺘﻤﻴﺔ وﻗﻮع اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﺗﺄﻛﻴﺪاً ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /اﺟﺘﻬﺎدﻳﺔ ﻟﺼﺪق اﻟﻘﺮآن ،ووﻋﺪاً ﺳﻮرة اﻟﻮاﻋﻴﺔ وﺟﻪ ﻟﻠﻤﺆﻣﻨﲔ ﺑﺎﻟﻔﺮﺣﺔ ،ووﻋﻴﺪاً اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻟﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: ﻟﻠﻤﻜﺬﺑﲔ ﺑﺎﳊﺴﺮة ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /اﺟﺘﻬﺎدﻳﺔ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺴﻮرة اﳌﻮﺿﻮع اﻵﻳﺎت اﳌﻮﺿﻮع اﻵﻳﺎت ﺗﻌﻈﻴﻢ ﻳﻮم اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ وإﻫﻼك اﳌﻜﺬﺑﲔ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ أﻫﻮال ﻳﻮم اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﺑﲔ أﺻﺤﺎب اﻟﻴﻤﲔ وأﺻﺤﺎب اﻟﺸﻤﺎل ﺗﻌﻈﻴﻢ اﻟﻜﺘﺎب اﳌﺒﲔ وﺗﺄﻛﻴﺪ ﻧﺰوﻟﻪ ﻣﻦ ﻋﻨﺪ رب اﻟﻌﺎﳌﲔ ٣٤٧
أﻏﺮاض اﻟﺴﻮرة ﺗﺪور ﺳﻮرة اﳊﺎﻗﺔ ﺣﻮل إﺛﺒﺎت ﺻﺪق اﻟﻘﺮآن ،وأﻧﻪ ﻛﻼم اﳊﻜﻴﻢ اﻟﻌﻠﻴﻢ ،وﺑﺮاءة اﻟﺮﺳﻮل ﷺ ﳑﺎ اﺗﻬﻤﻪ ﺑﻪ أﻫﻞ اﻟﻀﻼل ﻣﻦ اﻻﻓﺘﺮاء ﻋﻠﻰ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ،وﻗﺪ ﺗﻨﺎوﻟﺖ اﻟﺴﻮرة اﳊﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﻳﻮم اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ وﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ وﻗﺎﺋﻊ وﻓﺠﺎﺋﻊ ،وﲢﺪﺛﺖ ﻋﻦ اﳌﻜﺬﺑﲔ وﻣﺎ ﺟﺮى ﻟﻬﻢ ،ﻣﺜﻞ) :ﻗﻮم ﻋﺎد ،وﺛﻤﻮد ،وﻗﻮم ﻟﻮط ،وﻓﺮﻋﻮن ،وﻗﻮم ﻧﻮح( وﻏﻴﺮﻫﻢ ﻣﻦ اﻟﻄﻐﺎة اﳌﺴﺘﻜﺒﺮﻳﻦ اﳌﻔﺴﺪﻳﻦ ﰲ اﻷرض ،وﺻﻮرت ﺣﺎل اﻟﺴﻌﺪاء واﻷﺷﻘﻴﺎء ﰲ ذﻟﻚ اﻟﻴﻮم اﻟﺮﻫﻴﺐ ،ﺣﻴﺚ ﻳﻌﻄﻰ اﳌﺆﻣﻦ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺑﻴﻤﻴﻨﻪ ،وﻳﻠﻘﻰ اﻹﻛﺮام واﻹﻧﻌﺎم ،وﻳﻌﻄﻰ اﻟﻜﺎﻓﺮ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺑﺸﻤﺎﻟﻪ ،وﻳﻠﻘﻰ اﻟﺬل واﻟﻬﻮان ﻣﻨﺎﺳﺒﺎت اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ أول اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ اﻟﺴﻮرة ﺑﺂﺧﺮﻫﺎ ﳌﺎ ﻗﺒﻠﻬﺎ ﺑﺪأت ﺑﺒﻴﺎن أن ﻳﻮم اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﺣﻖ واﻗﻊ ﻻ ﻣﺤﺎﻟﺔ ﺧﺘﻤﺖ ﺳﻮرة اﻟﻘﻠﻢ ﺑﺬﻛﺮ ﻗﺼﺔ ﻳﻮﻧﺲ ﻟﺘﺴﻠﻴﺔ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ،وﺑﺪأت ﺳﻮرة اﳊﺎﻗﺔ ﺑﻘﺼﺺ أﻗﻮام ،وﺧﺘﻤﺖ ﺑﺄن ﺑﻘﻮﻟﻪ: آﺧﺮﻳﻦ ﻟﺘﻜﻤﻠﺔ ﻫﺬه اﻟﺘﺴﻠﻴﺔ اﻟﻘﺮآن ﺣﻖ: ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻐﺮﻳﺐ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﺑﺎﻟﺼﻴﺤﺔ اﻟﺘﻲ ﺟﺎوزت ﺑﺎﻟﻘﻴﺎﻣﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺮع اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ اﻟﻮاﻗﻌﺔ ﺣﻘﺎً اﻟﺘﻲ اﳊﺪ ﰲ ﺷﺪﺗﻬﺎ اﻟﻘﻠﻮب ﺑﺄﻫﻮاﻟﻬﺎ ﻳﺘﺤﻘﻖ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻮﻋﺪ واﻟﻮﻋﻴﺪ ﺳﻠﱠﻄﻬﺎ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺷﺪﻳﺪة اﻟﻬﺒﻮب ﺑﺎردة أﺻﻮل ﻧﺨﻞ ﻣﻮﺗﻰ ﻣﺘﺘﺎﺑﻌﺔ؛ ﻻ ﺗﻔﺘﺮ، وﻻ ﺗﻨﻘﻄﻊ ِﺑﺎﻟﻔﻌﻼت ذات اﳋﻄﺄ اﳉﺴﻴﻢ أﻫﻞ ﻗﺮى ﻗﻮم ﻟﻮط اﻟﺬﻳﻦ ﺧ ِﺮﺑﺔ ﻣﺘﺂﻛﻠﺔ اﻷﺟﻮاف اﻧﻘﻠﺒﺖ ﺑﻬﻢ دﻳﺎرﻫﻢ اﻟﺴﻔﻴﻨﺔ اﻟﺘﻲ ﺻﻨﻌﻬﺎ ﺑﺎﻟﻐ ًﺔ ﰲ اﻟﺸﺪة ﻧﻮح ،ﲡﺮي ﰲ اﳌﺎء ﺟﺎوز اﳌﺎء ﺣﺪه ،وارﺗﻔﻊ ﻓﻮق ﻛﻞ ﺷﻲء ٣٤٨
ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ اﻟﻨﻔﺨﺔ اﻷوﻟﻰ اﻟﺘﻲ ﻳﻜﻮن اﻟﻘﺮن اﻟﺬي ﻳﻨﻔﺦ وﲢﻔﻈﻬﺎ ﺑﻬﺎ ﻫﻼك اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻓﻴﻪ إﺳﺮاﻓﻴﻞ ﻗﺎﻣﺖ اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﻓﺪﻗﺘﺎ ،وﻛﺴﺮﺗﺎ و ُر ِﻓﻌﺖ ﻣﻦ أﻣﺎﻛﻨﻬﺎ ﺟﻮاﻧﺒﻬﺎ ،وأﻃﺮاﻓﻬﺎ واﳌﻼﺋﻜﺔ ﺿﻌﻴﻔﺔ ،ﻣﺴﺘﺮﺧﻴﺔ أﻳﻘﻨﺖ ﺧﺬوا ﻋﻠﻰ اﷲ ﻟﻠﺠﺰاء ﺛﻤﺎرﻫﺎ واﳊﺴﺎب ﻗﺮﻳﺒﺔ ﻳﺘﻨﺎوﻟﻬﺎ اﻟﻘﺎﻋﺪ واﳌﻀﻄﺠﻊ ﻗ ﱠﺪﻣﺘﻢ ﻫﻨﻴﺌﺔ ﻣﺮﺿﻴﺔ ﻣﺎ ﺟﺰاﺋﻲ؟ ﻣﺎ ﻧﻔﻌﻨﻲ ﻏﻴﺮ ُﻣﻨ ﱠﻐﺺ ،وﻻ ُﻣﻜ ﱠﺪر ذﻫﺐ ﻋﻨﻲ اﺟﻤﻌﻮا ﻳﺪﻳﻪ إﻟﻰ اﳌﻮﺗﺔ اﻟﻘﺎﻃﻌﺔ ﻋﻨﻘﻪ ﺑﺎﻷﻏﻼل ﻷﻣﺮي ،وﻟﻢ أﺑﻌﺚ أدﺧﻠﻮه ،وأﺣﺮﻗﻮه ﺑﻬﺎ ﻓﺄدﺧﻠﻮه ﻓﻴﻬﺎ ﺣﺠﺘﻲ ،وﻗﻮﺗﻲ ﻗﺮﻳﺐ ﻳﺤﻤﻴﻪ اﳌﺬﻧﺒﻮن ،اﳌُﺼ ﱡﺮون ﻣﻦ اﻟﻌﺬاب ﻋﻠﻰ اﻟﻜﻔﺮ ﻃﻮﻟﻬﺎ ﺑﺬراع اﳌﻠﻚ أﻗﺴﻢ ،و)ﻻ( :ﻟﺘﺄﻛﻴﺪ اﺧﺘﻠﻖ ،واﻓﺘﺮى ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺻﺪﻳﺪ أﻫﻞ اﻟﻨﺎر اﻟﻘﺴﻢ ﻟﻨﺪاﻣﺔ ﻋﻈﻴﻤﺔ ﺑﺴﺠﻊ ﻛﺴﺠﻊ اﻟﻜﻬﺎن اﻟﺬﻳﻦ ﻧﻴﺎط اﻟﻘﻠﺐ ،وﻫﻮ :ﻋﺮق ﻣﺘﺼﻞ ﻳ ﱠﺪﻋﻮن ﻋﻠﻢ اﳌﻐﻴﺒﺎت ﺑﻪ إذا ُﻗ ِﻄﻊ ﻣﺎت ﺻﺎﺣﺒﻪ ﻣﺎﻧﻌﲔ اﻟﻬﻼك واﻟﻌﻘﺎب ﻋﻨﻪ ﻓﻨﺰه رﺑﻚ ﻋﻤﺎ ﻻ ﻳﻠﻴﻖ ﺑﻪ ذاﻛﺮاً اﺳﻤﻪ ﻣﻦ وﺣﻲ اﻵي اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر ﻋﺎدة اﻟﻘﺮآن ﺗﻘﺪﱘ ذﻛﺮ ﻋﺎد ﻋﻠﻰ ﺛﻤﻮد إﻻ ﰲ ﺑﻌﺾ اﳌﻮاﺿﻊ ،وﻣﻨﻬﺎ :ﰲ ﺳﻮرة اﳊﺎﻗﺔ ﻓﺈﻧﻪ ﻗﺎل: ، وﺳﺒﺐ ذﻟﻚ -واﷲ أﻋﻠﻢ -أن اﻟﺴﻮرة ﳌﺎ اﺑﺘﺪأت ﺑﺬﻛﺮ- وﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺮع أﺳﻤﺎع اﻟﻨﺎس ﻣﻦ ﺷﺪة ﺻﻮﺗﻬﺎ -ﻗﺪم ذﻛﺮ ؛ ﻷن اﻟﻌﺬاب اﻟﺬي أﺻﺎﺑﻬﻢ ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ اﻟﻘﺮع إذ أﺻﺎﺑﺘﻬﻢ اﻟﺼﻮاﻋﻖ اﳌﺴﻤﺎة ﰲ ﺑﻌﺾ اﻵﻳﺎت ﺑﺎﻟﺼﻴﺤﺔ اﺑﻦ اﻟﻘﻴﻢ ﻓﺎﻟﻮﻋ ُﻲ ﺗﻮﺻﻒ ﺑﻪ اﻷذن ﻛﻤﺎ ﻳﻮﺻﻒ ﺑﻪ اﻟﻘﻠﺐ؛ ﻳﻘﺎل :ﻗﻠﺐ وا ٍع ،وأذن واﻋﻴﺔ؛ ِﳌَﺎ ﺑﲔ اﻷذن واﻟﻘﻠﺐ ﻣﻦ اﻻرﺗﺒﺎط؛ ﻓﺎﻟﻌﻠﻢ ﻳﺪﺧﻞ ﻣﻦ اﻷذن إﻟﻰ اﻟﻘﻠﺐ ،ﻓﻬﻲ ﺑﺎﺑﻪ واﻟﺮﺳﻮل واﳌﻮﺻﻞ إﻟﻴﻪ اﻟﻌﻠﻢ ،ﻛﻤﺎ أن اﻟﻠﺴﺎن رﺳﻮﻟﻪ اﳌﺆدي ﻋﻨﻪ .وﻣﻦ ﻋﺮف ارﺗﺒﺎط اﳉﻮارح ﺑﺎﻟﻘﻠﺐ ﻋﻠﻢ أن اﻷذن أﺣﻘﻬﺎ أن ﺗﻮﺻﻒ ﺑﺎﻟﻮﻋﻲ ،وأﻧﻬﺎ إذا وﻋﺖ وﻋﻰ اﻟﻘﻠﺐ ٣٤٩
اﺑﻦ اﻟﻘﻴﻢ ﺗﺄﻣﻞ ﺳﺮ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ اﻟﻌﻴﺸﺔ ﺑﺄﻧﻬﺎ راﺿﻴﺔ ﰲ ﻗﻮﻟﻪ: ، ﻓﺎﻟﻮﺻﻒ ﺑﻬﺎ أﺣﺴﻦ ﻣﻦ اﻟﻮﺻﻒ ﺑﺎﳌﺮﺿﻴﺔ؛ ﻓﺈﻧﻬﺎ اﻟﻼﺋﻘﺔ ﺑﻬﻢ ،ﻓﻜﺄن اﻟﻌﻴﺸﺔ رﺿﻴﺖ ﺑﻬﻢ ﻛﻤﺎ رﺿﻮا ﺑﻬﺎ ،وﻫﺬا أﺑﻠﻎ ﻣﻦ ﻣﺠﺮد ﻛﻮﻧﻬﺎ ﻣﺮﺿﻴﺔ ﻓﻘﻂ ،ﻓﺘﺄﻣﻠﻪ اﻟﺴﻴﻮﻃﻲ ﺧﺮج اﺑﻦ ﻋﻤﺮ وﻣﻌﻪ أﺻﺤﺎب ﻟﻪ ،ووﺿﻌﻮا ﺳﻔﺮة ﻟﻬﻢ، ﻓﻤﺮ ﺑﻬﻢ راﻋﻲ ﻏﻨﻢ ،ﻓﺪﻋﺎه اﺑﻦ ﻋﻤﺮ ؛ ﻟﻴﺄﻛﻞ ،ﻓﻘﺎل :إﻧﻲ ﺻﺎﺋﻢ! ﻓﻘﺎل اﺑﻦ ﻋﻤﺮ :أﺗﺼﻮم ﰲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﻴﻮم اﳊﺎر اﻟﺸﺪﻳﺪ ﺳﻤﻮﻣﻪ وأﻧﺖ ﰲ ﻫﺬه اﳉﺒﺎل ﺗﺮﻋﻰ ﻫﺬه اﻟﻐﻨﻢ؟ ﻓﻘﺎل: إﻧﻲ واﷲ أﺑﺎدر أﻳﺎﻣﻲ اﳋﺎﻟﻴﺔ ﻳﺪل ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﻻ ﻳﻄﻌﻤﻪ ووﺻﻔﻪ ﺑﺄﻧﻪ اﺑﻦ ﺟﺰي ﻣﻦ ﺑﺎب أوﻟﻰ ،وﻫﺬه اﻵﻳﺔ ﺗﺪل ﻋﻠﻰ ﻋﻈﻢ اﻟﺼﺪﻗﺔ وﻓﻀﻠﻬﺎ؛ ﻷﻧﻪ ﻗﺮن ﻣﻨﻊ ﻃﻌﺎم اﳌﺴﻜﲔ ﺑﺎﻟﻜﻔﺮ ﺑﺎﷲ أن رﺑﻮﺑﻴﺘﻪ اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ﻣﺎ ﺗﻀﻤﻨﻪ ﻗﻮﻟﻪ: ﳋﻠﻘﻪ ﺗﺄﺑﻰ أن ﻳﺘﺮﻛﻬﻢ ﺳﺪى؛ ﻻ ﻳﺄﻣﺮﻫﻢ ،وﻻ ﻳﻨﻬﺎﻫﻢ ،وﻻ اﺑﻦ اﻟﻘﻴﻢ ﻳﺮﺷﺪﻫﻢ إﻟﻰ ﻣﺎ ﻳﻨﻔﻌﻬﻢ ،وﻳﺤﺬرﻫﻢ ﻣﺎ ﻳﻀﺮﻫﻢ ،ﺑﻞ ﻳﺘﺮﻛﻬﻢ ﻫﻤ ًﻼ ﲟﻨْﺰﻟﺔ اﻷﻧﻌﺎم اﻟﺴﺎﺋﻤﺔ؛ ﻓﻤﻦ زﻋﻢ ذﻟﻚ ﻟﻢ ﻳﻘﺪر رب اﻟﻌﺎﳌﲔ ﻗﺪره ،وﻧﺴﺒﻪ إﻟﻰ ﻣﺎ ﻻ ﻳﻠﻴﻖ ﺑﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ٣٥٠
ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﻣﻜﻴﺔ أﺳﻤﺎء اﻟﺴﻮرة اﳌﺼﺤﻒ ٧٠ ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﺑﲔ ﻳﺪي ﺳﻮرة اﳌﻌﺎرج ﻟﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: وﺟﻪ اﻟﻨﺰول ٧٩ اﻟﺴﻮرة اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ آﻳﺔ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /ﺗﻮﻗﻴﻔﻴﺔ ﻣﻘﺼﺪ اﻟﺴﻮرة ﻻﻓﺘﺘﺎح اﻟﺴﻮرة ﺑﻬﺎ وﺟﻪ ﺳﻮرة اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﺗﺄﻛﻴﺪ وﻗﻮع اﻟﻌﺬاب ﻋﻠﻰ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /اﺟﺘﻬﺎدﻳﺔ اﻟﻜﺎﻓﺮﻳﻦ ،واﻟﻨﻌﻴﻢ ﺳﻮرة اﻟﻮاﻗﻊ وﺟﻪ ﻟﻠﻤﺼﺪﻗﲔ ﺑﻴﻮم اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻟﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /اﺟﺘﻬﺎدﻳﺔ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺴﻮرة اﳌﻮﺿﻮع اﳌﻮﺿﻮع اﻵﻳﺎت اﻵﻳﺎت ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻦ أﻫﻮال ﻳﻮم اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﺻﻔﺎت اﳌﺆﻣﻨﲔ ،وأﻓﻌﺎل اﻟﻜﺎﻓﺮﻳﻦ وﺟﺰاؤﻫﻢ ٣٥١
أﻏﺮاض اﻟﺴﻮرة ﺗﺪور ﺳﻮرة اﳌﻌﺎرج ﺣﻮل ﻛﻔﺎر ﻣﻜﺔ وإﻧﻜﺎرﻫﻢ ﻟﻠﺒﻌﺚ ﺑﻌﺪ اﳌﻮت ،واﺳﺘﻬﺰاؤﻫﻢ ﺑﺪﻋﻮة اﻟﺮﺳﻮل ﷺ ،وﻗﺪ ﺗﻨﺎوﻟﺖ اﳊﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﻳﻮم اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ وأﻫﻮاﻟﻬﺎ ،وﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺳﻌﺎدة وﺷﻘﺎوة ،وراﺣﺔ وﺗﻌﺐ ،وﺻﻮرت ﺣﺎل اﳌﺆﻣﻨﲔ ،وﻣﺎ اﺗﺼﻔﻮا ﺑﻪ ﻣﻦ ﺟﻼﺋﻞ اﻟﺼﻔﺎت ،وﻓﻀﺎﺋﻞ اﻷﺧﻼق ،وﺑﻴﻨﺖ ﻣﺎ أﻋﺪ اﷲ ﻟﻬﻢ ﻣﻦ ﻋﻈﻴﻢ اﻷﺟﺮ واﻟﺜﻮاب ﻳﻮم اﳊﺴﺎب ،وﺗﻨﺎوﻟﺖ ﺣﺎل اﻟﻜﻔﺮة اﳌﺠﺮﻣﲔ اﻟﻄﺎﻣﻌﲔ ﰲ دﺧﻮل ﺟﻨﺎت اﻟﻨﻌﻴﻢ ،ﻓﺄﺧﺰاﻫﻢ اﷲ وأذاﻗﻬﻢ ﻧﺎر اﳊﻤﻴﻢ ﻣﻨﺎﺳﺒﺎت اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ أول اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ اﻟﺴﻮرة ﺑﺂﺧﺮﻫﺎ ﳌﺎ ﻗﺒﻠﻬﺎ ﺑﺪأت ﺑﺎﻟﻮﻋﺪ ﺑﻮﻗﻮع ﻋﺬاب ﻫﺬه اﻟﺴﻮرة ﻛﺎﻟﺘﺘﻤﺔ ﻟﺴﻮرة اﳊﺎﻗﺔ اﻟﻜﺎﻓﺮﻳﻦ ﻳﻮم اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ،وﺧﺘﻤﺖ ﺑﻪ: ﰲ وﺻﻒ ﻳﻮم اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ واﻟﻨﺎر ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻐﺮﻳﺐ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻌﻠﻮ واﳉﻼل ﺑﻮﻗﻮع اﻟﻌﺬاب ﻋﻠﻴﻬﻢ دﻋﺎ دا ٍع ﻻ ﺟﺰع ﻓﻴﻪ ،وﻻ ﺷﻜﻮى ﺟﺒﺮﻳﻞ ﺗﺼﻌﺪ ﻣﻨﻪ ﻟﻐﻴﺮ اﷲ ﻗﺮﻳﺐ ﻛﺎﻟﺼﻮف اﳌﺼﺒﻮغ اﳌﻨﻔﻮش ﻣﺜﻞ ُﺣﺜﺎﻟﺔ اﻟﺰﻳﺖ اﻟﺬي ذرﺗﻪ اﻟﺮﻳﺢ ﺗﻀﻤﻪ ،وﻳﻨﺘﻤﻲ إﻟﻴﻬﺎ ﻳﺸﺎﻫﺪ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺑﻌﻀﺎً، وﻋﺸﻴﺮﺗﻪ وﻳﻌﺮﻓﻪ وﻻ ﻳﻜﻠﻤﻪ ﺗﻨﺰع ﺑﺸﺪة ﺣﺮﻫﺎ ﺟﻠﺪة اﻟﺮأس، ﻟﻴﺲ اﻷﻣﺮ ﻛﻤﺎ ﺗﺘﻤﻨﺎه أﻳﻬﺎ وﺳﺎﺋﺮ أﻃﺮاف اﻟﺒﺪن ﺟﻬﻨﻢ ﺗﺘﻠ ﱠﻬﺐ اﻟﻜﺎﻓﺮ ﻣﻦ ﺣﺼﻮل اﻻﻓﺘﺪاء ﻧﺎرﻫﺎ ،وﺗﺘﻠ ﱠﻈﻰ ٣٥٢
ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻛﺜﻴﺮ اﻷﺳﻰ واﳊﺰن ﻳﺠﺰع ﻋﻨﺪ اﳌﺼﻴﺒﺔ، أﻣﺴﻚ ﻣﺎﻟﻪ ﰲ وﻋﺎء، وﳝﻨﻊ إذا أﺻﺎﺑﻪ اﳋﻴﺮ وﻟﻢ ﻳُﺆ ﱢد ﺣﻖ اﷲ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﻳﺘﻌﻔﻒ ﻋﻦ اﻟﺴﺆال ﻧﺼﻴﺐ ُﻣﻌ ٌﲔ ﻓﺮﺿﻪ اﷲ اﳌﺎل ،واﻟﻴﺴﺮ إﻣﺎﺋﻬﻢ اﳌﻤﻠﻮﻛﺎت ﻟﻬﻢ ﻋﻠﻴﻬﻢ؛ وﻫﻮ اﻟﺰﻛﺎة ﺣﺎﻓﻈﻮن ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﺄﻣﻨﻪ أﺣﺪ ﻳﻮم اﳉﺰاء واﳊﺴﺎب ﺟﻤﺎﻋﺎت ﻣﺘﻌﺪدة اﳌﺘﺠﺎوزون اﳊﻼل ﻏﻴﺮ ﻣﺆاﺧﺬﻳﻦ وﻣﺘﻔﺮﻗﺔ إﻟﻰ اﳊﺮام اﻟﻘﺒﻮر ﻣﺆدون ﻟﻠﺸﻬﺎدة ،دون ﻣﺴﺮﻋﲔ ﻧﺤﻮك ﻗﺪ ﻣﺪوا ﺗﻐﻴﻴﺮ ،أو ﻛﺘﻤﺎن ذﻟﻴﻠ ًﺔ ،ﻣﻨﻜﺴﺮ ًة أﻋﻨﺎﻗﻬﻢ إﻟﻴﻚ ،ﻣﻘﺒﻠﲔ ﻋﻠﻴﻚ أﻗﺴﻢ ،و)ﻻ( :ﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻻ أﺣﺪ ﻳﻔﻮﺗﻨﺎ وﻳﻌﺠﺰﻧﺎ اﻟﻘﺴﻢ إذا أردﻧﺎه أﺣﺠﺎر ﺗﻌﺒﺪ ﻣﻦ ﻳُﻬﺮ ِوﻟﻮن ،وﻳُﺴ ِﺮﻋﻮن دون اﷲ ﺗﻐﺸﺎﻫﻢ ﻣﻦ وﺣﻲ اﻵي اﻟﺒﻘﺎﻋﻲ ﮋ ﮊ أي :ﻋﻠﻰ أذاﻫﻢ .وﻻ ﻳﻨﻔﻚ ذﻟﻚ ﻋﻦ ﺗﺒﻠﻴﻐﻬﻢ؛ ﻓﺈﻧﻚ ﺷﺎرﻓﺖ وﻗﺖ اﻻﻧﺘﻘﺎم ﻣﻨﻬﻢ أﻳﻬﺎ اﻟﻔﺎﰌ اﳋﺎﰎ اﻟﺬي ﻟﻢ أﺑﲔ ﻷﺣﺪ ﻣﺎ ﺑﻴﻨﺖ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻧﻪ .واﻟﺼﺒﺮ :ﺣﺒﺲ اﻟﻨﻔﺲ ﻋﻠﻰ اﳌﻜﺮوه اﺑﻦ اﻟﻘﻴﻢ إذا أردت ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﺮﺟﻞ اﻟﻬﻠﻮع ﻓﻬﻮ :اﻟﺬي إذا أﺻﺎﺑﻪ اﳉﻮع ﻣﺜ ًﻼ أﻇﻬﺮ اﻻﺳﺘﺠﺎﻋﺔ ،وإذا أﺻﺎﺑﻪ اﻷﻟﻢ أﺳﺮع اﻟﺸﻜﺎﻳﺔ ،وإذا أﺻﺎﺑﻪ اﻟﻘﻬﺮ أﻇﻬﺮ اﻻﺳﺘﻜﺎﻧﺔ ،ﻓﻼ اﺣﺘﻤﺎل ﻟﺪﻳﻪ وﻻ إﻓﻀﺎل اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ﻓﺎﻟﻨﻔﺲ ﻻ ﺗﻜﻮن إﻻ ﻣﺮﻳﺪة ﻋﺎﻣﻠﺔ ،ﻓﺈن ﻟﻢ ﺗﻮﻓﻖ ﻟﻺرادة اﺑﻦ اﻟﻘﻴﻢ اﻟﺼﺎﳊﺔ وإﻻ وﻗﻌﺖ ﰲ ا ِﻹرادة اﻟﻔﺎﺳﺪة واﻟﻌﻤﻞ اﻟﻀﺎر؛ وﻗﺪ ﮃﮄﮅﮆ ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ :ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﻓ َﺄﺧﺒﺮ ﺗﻌﺎﻟﻰ أَن اﻹﻧﺴﺎن ﺧﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﻫﺬه اﻟﺼﻔﺔ ،وأن ﻣﻦ ﻛﺎن ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺮﻫﺎ ﻓ َﻸﺟﻞ ﻣﺎ زﻛﺎه اﷲ ﺑﻪ ﻣﻦ ﻓﻀﻠﻪ و ِإﺣﺴﺎﻧﻪ اﻟﺴﺒﺎﻋﻲ ﻫﻜﺬا ﻧﻘﻞ اﻹﺳﻼم إﺳﻌﺎف اﻟﺒﺎﺋﺴﲔ ﻣﻦ أن ﻳﻜﻮن ﻣ ﱠﻨﺔ ﺗﺬل ﻛﺮاﻣﺘﻬﻢ إﻟﻰ أن ﻳﻜﻮن ﺣﻘﺎً ﻳﺄﺧﺬوﻧﻪ ﻣﺮﻓﻮﻋﻲ اﻟﺮأس ،ﻣﻮﻓﻮري اﻟﻜﺮاﻣﺔ اﺑﻦ ﺟﺰي وﰲ اﳌﻘﺼﻮد ﺑﻬﺬا اﻟﻜﻼم ﺛﻼﺛﺔ أوﺟﻪ؛ أﺣﺪﻫﺎ :ﲢﻘﻴﺮ اﻹﻧﺴﺎن واﻟﺮد ﻋﻠﻰ اﳌﺘﻜﺒﺮﻳﻦ .اﻟﺜﺎﻧﻲ :اﻟﺮد ﻋﻠﻰ اﻟﻜﻔﺎر ﰲ ﻃﻤﻌﻬﻢ أن ﻳﺪﺧﻠﻮا اﳉﻨﺔ؛ ﻛﺄﻧﻪ ﻳﻘﻮل :إﻧﺎ ﺧﻠﻘﻨﺎﻛﻢ ﳑﺎ ﺧﻠﻘﻨﺎ ﻣﻨﻪ اﻟﻨﺎس ،ﻓﻼ ﻳﺪﺧﻞ أﺣﺪ اﳉﻨﺔ إﻻ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ اﻟﺼﺎﻟﺢ؛ ﻷﻧﻜﻢ ﺳﻮاء ﰲ اﳋﻠﻘﺔ .اﻟﺜﺎﻟﺚ :اﻻﺣﺘﺠﺎج ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻌﺚ ﺑﺄن اﷲ ﺧﻠﻘﻬﻢ ﻣﻦ ﻣﺎء ﻣﻬﲔ ،ﻓﻬﻮ ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ أن ﻳﻌﻴﺪﻫﻢ؛ ﻛﻘﻮﻟﻪ :ﮋ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ٣٥٣
اﺑﻦ اﻟﻘﻴﻢ اﳋﻮض ﰲ اﻟﺒﺎﻃﻞ ﺿﺪ اﻟﺘﻜﻠﻢ ﺑﺎﳊﻖ ،واﻟﻠﻌﺐ ﺿﺪ اﻟﺴﻌﻲ اﻟﺬي ﻳﻌﻮد ﻧﻔﻌﻪ ﻋﻠﻰ ﺳﺎﻋﻴﻪ؛ ﻓﺎﻷول ﺿﺪ اﻟﻌﻠﻢ اﻟﻨﺎﻓﻊ ،واﻟﺜﺎﻧﻲ ﺿﺪ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺼﺎﻟﺢ ،ﻓﻼ ﺗﻜﻠﻢ ﺑﺎﳊﻖ ،وﻻ ﻋﻤﻞ ﺑﺎﻟﺼﻮاب؛ وﻫﺬا ﺷﺄن ﻛﻞ ﻣﻦ أﻋﺮض ﻋﻤﺎ ﺟﺎء ﺑﻪ اﻟﺮﺳﻮل ﷺ؛ ﻻ ﺑُ ﱠﺪ ﻟﻪ ﻣﻦ ﻫﺬﻳﻦ اﻷﻣﺮﻳﻦ وﰲ ﺧﺘﺎم اﻟﺴﻮرة اﻟﻜﺮﳝﺔ ﻟﻬﺬا اﻟﻮﺻﻒ واﻟﻮﻋﻴﺪ اﻟﺸﺪﻳﺪ اﻟﺸﻨﻘﻴﻄﻲ إﳕﺎ ﻫﻮ ﺗﺄﻳﻴﺪ ﻟﻠﻘﻮل ﺑﺄن ﺳﺆاﻟﻬﻢ ﰲ أوﻟﻬﺎ: اﺳﺘﺨﻔﺎف واﺳﺘﺒﻌﺎد .ﻓﺒ ﱠﲔ ﻟﻬﻢ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﻌﺪ ﻋﺮض اﻟﺴﻮرة ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﻘﺒﻠﻮن ﺑﻪ؛ ﻟﻴﺄﺧﺬوا ﺣﺬرﻫﻢ وﻳﺮﺟﻌﻮا إﻟﻰ رﺑﻬﻢ ،ﻓﺎرﺗﺒﻂ آﺧﺮ اﻟﺴﻮرة ﺑﺄوﻟﻬﺎ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ٣٥٤
ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﻣﻜﻴﺔ أﺳﻤﺎء اﻟﺴﻮرة اﳌﺼﺤﻒ ٧١ ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﺑﲔ ﻳﺪي آﻳﺔ ﺳﻮرة ﻧﻮح وﺟﻪ اﻟﻨﺰول ٧١ اﻟﺴﻮرة اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻟﺬﻛﺮﻫﺎ ﻧﻮح وﻗﺼﺘﻪ ﻣﻊ ﻗﻮﻣﻪ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /ﺗﻮﻗﻴﻔﻴﺔ ﻣﻘﺼﺪ اﻟﺴﻮرة ﻻﻓﺘﺘﺎﺣﻬﺎ ﺑﻬﺬه اﳉﻤﻠﺔ وﺟﻪ ﺳﻮرة اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﺻﺒﺮ اﻟﺪﻋﺎة وﺟﻬﺎدﻫﻢ ﰲ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /اﺟﺘﻬﺎدﻳﺔ اﻟﺪﻋﻮة ،ﻣﻦ ﺧﻼل ﻗﺼﺔ ﻧﻮح ،ﺗﺜﺒﻴﺘﺎً ﻟﻠﻤﺆﻣﻨﲔ، وﺗﻬﺪﻳﺪاً ﻟﻠﻤﻜﺬﺑﲔ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺴﻮرة اﳌﻮﺿﻮع اﳌﻮﺿﻮع اﻵﻳﺎت اﻵﻳﺎت ﻧﻮح ﻳﺪﻋﻮ ﻗﻮﻣﻪ اﷲ اﻟﺬي أرﺳﻞ ﻧﻮﺣﺎً إﻟﻰ ﻗﻮﻣﻪ ﻣﻮﻗﻒ ﻗﻮم ﻧﻮح ﻣﻦ دﻋﻮﺗﻪ وﻣﺂﻟﻬﻢ دﻋﺎء ﻧﻮح ٣٥٥
أﻏﺮاض اﻟﺴﻮرة ﺗﻨﺎوﻟﺖ اﻟﺴﻮرة ﻗﺼﺔ ﺷﻴﺦ اﻷﻧﺒﻴﺎء ﻧﻮح ﻣﻦ ﺑﺪء دﻋﻮﺗﻪ وﻣﺎ ﺗﺨﻠﻠﻬﺎ ﻣﻦ ﺟﻬﺎد ،وﺻﺒﺮ ،وﺗﻀﺤﻴﺔ ﰲ ﺳﺒﻴﻞ ﺗﺒﻠﻴﻎ اﻟﺪﻋﻮة ،ﻓﻘﺪ دﻋﺎ ﻗﻮﻣﻪ ﻟﻴ ًﻼ وﻧﻬﺎراً ،وﺳﺮاً وﺟﻬﺎراً ،ﻓﻠﻢ ﻳﺰدﻫﻢ ذﻟﻚ إﻻ إﻣﻌﺎﻧﺎً ﰲ اﻟﻀﻼل واﻟﻌﺼﻴﺎن، وﺻﻮرت ﰲ اﳋﺘﺎم ﺣﺎدﺛﺔ اﻟﻄﻮﻓﺎن اﻟﺘﻲ أﻏﺮق اﷲ ﺑﻬﺎ اﳌﻜﺬﺑﲔ ﻣﻦ ﻗﻮم ﻧﻮح ،ﺣﻴﺚ دﻋﺎ ﻧﻮح رﺑﻪ ﺑﺈﻫﻼك ﻫﺆﻻء اﳌﺴﺘﻜﺒﺮﻳﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻣﺎ ﻻﻧﺖ ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ ،وﻻ اﻧﺘﻔﻌﺖ ﺑﺎﻟﺘﺬﻛﻴﺮ واﻹﻧﺬار أﺳﻤﺎﻋﻬﻢ ،وﰲ ﻫﺬا ﺑﻴﺎن ﻟﺴﻨﺔ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ اﻟﺒﺎﻗﻴﺔ ﰲ اﻷﱈ اﻟﺘﻲ اﻧﺤﺮﻓﺖ ﻋﻦ دﻋﻮة اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ،وﺑﻴﺎن ﻟﻌﺎﻗﺒﺔ اﳌﺮﺳﻠﲔ ،وﻧﻬﺎﻳﺔ اﳌﺠﺮﻣﲔ اﳌﻜﺬﺑﲔ ،ﰲ ﺷ ﱠﺘﻰ اﻟﻌﺼﻮر واﻷزﻣﻨﺔ ﻣﻨﺎﺳﺒﺎت اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ أول اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ اﻟﺴﻮرة ﺑﺂﺧﺮﻫﺎ ﳌﺎ ﻗﺒﻠﻬﺎ وﺧﺘﻤﺖ ﺑﺪأت ﺑﺎﻟﻮﻋﻴﺪ ﻟﻠﻜﺎﻓﺮﻳﻦ: ﺗﺂﺧﻲ ﻣﻄﻠﻊ اﻟﺴﻮرﺗﲔ ﰲ ذﻛﺮ اﻟﻌﺬاب ﺑﻌﻘﺎﺑﻬﻢ: اﳌﻮﻋﻮد ﺑﻪ اﻟﻜﺎﻓﺮﻳﻦ ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻐﺮﻳﺐ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ وﺗﻐﻄﻮا ﺑﻬﺎ؛ ﻣﺒﺎﻟﻐﺔ وﻗﺖ ﻣﺠﻲء ﻋﺬاﺑﻪ وﻗﺖ ُﻣﻘ ﱠﺪر ﰲ ﻋﻠﻢ ﰲ ﻛﺮاﻫﻴﺘﻲ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ اﳌﻄﺮ رﻓﻌﺖ ﺻﻮﺗﻲ داﻋﻴﺎً أﻗﺎﻣﻮا ﻋﻠﻰ ﻛﻔﺮﻫﻢ ﻻ ﺗﺨﺎﻓﻮن ﻋﻈﻤﺔ اﷲ ﺑﺴﺎﺗﲔ ﻣﺘﺘﺎﺑﻌﺎً ،ﻏﺰﻳﺮاً ﻣﺼﺒﺎﺣﺎً ﻣﻀﻴﺌﺎً ،وﻓﻴﻪ ﺣﺮارة ،ﻛﺎﻟﺴﺮاج ﻣﺘﻄﺎﺑﻘ ًﺔ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺮاﺣﻞ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ: ﻃﺮﻗﺎً ﻓﻮق ﺑﻌﺾ ﻧﻄﻔﺔ ﺛﻢ ﻋﻘﻠﺔ ،وﻫﻜﺬا ﻻ ﺗﺘﺮﻛ ﱠﻦ ﳑﻬﺪة أﻧﺸﺄ أﺻﻠﻜﻢ ﻋﻈﻴﻤﺎً واﺳﻌ ًﺔ ٣٥٦
ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ اﻟﻜﻠﻤﺔ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﺑﺴﺒﺐ ذﻧﻮﺑﻬﻢ ﺑُﻌﺪاً ﻋﻦ اﳊﻖ ﻫﺬه أﺳﻤﺎء أﺻﻨﺎﻣﻬﻢ ﻫﻼﻛﺎً ،وﺧﺴﺮاﻧﺎً أﺣﺪاً ﺣﻴﺎً ﻋﻠﻰ اﻷرض ﻳﺪور ،وﻳﺘﺤﺮك ﻣﻦ وﺣﻲ اﻵي اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر اﻓﺘﺘﺎح دﻋﻮﺗﻪ ﻗﻮﻣﻪ ﺑﺎﻟﻨﺪاء ﻟﻄﻠﺐ إﻗﺒﺎل أذﻫﺎﻧﻬﻢ. وﻧﺪاؤﻫﻢ ﺑﻌﻨﻮان :أﻧﻬﻢ ﻗﻮﻣﻪ ﲤﻬﻴﺪاً ﻟﻘﺒﻮل ﻧﺼﺤﻪ؛ إذ ﻻ ﻳﺮﻳﺪ اﻟﺮﺟﻞ ﻟﻘﻮﻣﻪ إﻻ ﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪ ﻟﻨﻔﺴﻪ .وﺗﺼﺪﻳﺮ دﻋﻮﺗﻪ ﺑﺤﺮف اﻟﺘﻮﻛﻴﺪ ﻷن اﳌﺨﺎﻃﺒﲔ ﻳﺘﺮددون ﰲ اﳋﺒﺮ اﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻓﺠﻌﻞ اﻟﻌﺒﺎدة واﻟﺘﻘﻮى ﷲ وﺣﺪه ،وﺟﻌﻞ اﻟﻄﺎﻋﺔ ﻟﻠﺮﺳﻮل؛ ﻓﺈﻧﻪ ﻣﻦ ﻳﻄﻊ اﻟﺮﺳﻮل ﻓﻘﺪ أﻃﺎع اﷲ ﻣﺤﻤﺪ ﻣﻦ اﳊﻜﻤﺔ اﳉﻤﻊ ﺑﲔ اﻹﻋﻼن واﻹﺳﺮار؛ إزاﻟ ًﺔ ﳌﺎ ﻳﻘﻊ ﰲ اﳋﻀﺮ ﺣﺴﲔ ﻧﻔﺲ اﳌﺪﻋﻮ ﻣﻦ اﺗﻬﺎم اﻟﺪاﻋﻲ ﺑﺄﻧﻪ ﻣﺎ أراد ﻣﻦ دﻋﻮﺗﻪ ﻋﻼﻧﻴ ًﺔ إﻻ ﺗﻠﻮﻳﺚ ﻋﺮﺿﻪ ،واﻹزراء ﺑﺴﻤﻌﺘﻪ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ اﺑﻦ ﺟﺰي ذﻛﺮ أو ًﻻ أﻧﻪ دﻋﺎﻫﻢ ﺑﺎﻟﻠﻴﻞ واﻟﻨﻬﺎر ،ﺛﻢ ذﻛﺮ أﻧﻪ دﻋﺎﻫﻢ اﺑﻦ ﺟﺰي ﺟﻬﺎراً ،ﺛﻢ ذﻛﺮ أﻧﻪ ﺟﻤﻊ ﺑﲔ اﳉﻬﺮ واﻹﺳﺮار ،وﻫﺬه ﻏﺎﻳﺔ اﳉﺪ ﰲ اﻟﻨﺼﻴﺤﺔ وﺗﺒﻠﻴﻎ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺻﻠﻰ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﻴﻪ وآﻟﻪ وﺳﻠﻢ ﰲ اﻵﻳﺔ دﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ أن اﻻﺳﺘﻐﻔﺎر ﻳﻮﺟﺐ ﻧﺰول اﻷﻣﻄﺎر، وﻟﺬﻟﻚ ﺧﺮج ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﳋﻄﺎب إﻟﻰ اﻻﺳﺘﺴﻘﺎء ﻓﻠﻢ ﻳﺰد ﻋﻠﻰ أن أﺳﺘﻐﻔﺮ ﺛﻢ اﻧﺼﺮف ،ﻓﻘﻴﻞ ﻟﻪ :ﻣﺎ رأﻳﻨﺎك اﺳﺘﺴﻘﻴﺖ؟! ﻓﻘﺎل :واﷲ ﻟﻘﺪ اﺳﺘﺴﻘﻴﺖ أﺑﻠﻎ اﻻﺳﺘﺴﻘﺎء اﺑﻦ اﻟﻘﻴﻢ ﻟﻮ ﻋ ﱠﻈﻤﻮا اﷲ وﻋﺮﻓﻮا ﺣﻖ ﻋﻈﻤﺘﻪ و ﱠﺣﺪوه وأﻃﺎﻋﻮه وﺷﻜﺮوه؛ ﻓﻄﺎﻋﺘﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ واﺟﺘﻨﺎب ﻣﻌﺎﺻﻴﻪ واﳊﻴﺎء ﻣﻨﻪ ﺑﺤﺴﺐ وﻗﺎره ﰲ اﻟﻘﻠﺐ اﻟﺒﻘﺎﻋﻲ ﻓﺈن اﻟﺒﺴﻂ ﻟﻬﻢ ﰲ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻛﺎن ﺳﺒﺒﺎً ﻟﻄﻐﻴﺎﻧﻬﻢ وﺑﻄﺮﻫﻢ، واﺗﺒﺎﻋﻬﻢ ﻷﻫﻮاﺋﻬﻢ ﺣﺘﻰ ﻛﻔﺮوا واﺳﺘﻐﻠﻮا ﻏﻴﺮﻫﻢ ،ﻓﻐﻠﺒﻮا ﻋﻠﻴﻬﻢ ،ﻓﻜﺎﻧﻮا ﺳﺒﺒﺎً ﰲ ﺷﻘﺎﺋﻬﻢ وﺧﺴﺎرﺗﻬﻢ ﺑﺨﺴﺎرﺗﻬﻢ اﺑﻦ ﺟﺰي ﻳﺆﺧﺬ ﻣﻦ ﻫﺬا أن ﺳﻨﺔ اﻟﺪﻋﺎء أن ﻳﻘﺪم اﻹﻧﺴﺎن اﻟﺪﻋﺎء ﻟﻨﻔﺴﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﺪﻋﺎء ﻟﻐﻴﺮه ٣٥٧
ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﻣﻜﻴﺔ أﺳﻤﺎء اﻟﺴﻮرة اﳌﺼﺤﻒ ٧٢ ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﺑﲔ ﻳﺪي آﻳﺔ ﺳﻮرة اﳉﻦ وﺟﻪ اﻟﻨﺰول ٤٠ اﻟﺴﻮرة اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /ﺗﻮﻗﻴﻔﻴﺔ ﻻﺷﺘﻤﺎﻟﻬﺎ ﻋﻠﻰ ذﻛﺮ أﺣﻮال اﳉﻦ وأﻗﻮاﻟﻬﻢ ﻣﻘﺼﺪ اﻟﺴﻮرة ﻻﻓﺘﺘﺎﺣﻬﺎ ﺑﻬﺬا اﻟﻠﻔﻆ وﺟﻪ ﺳﻮرة اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﺗﺼﺪﻳﻖ ﻧﺰول اﻟﻘﺮآن وأﻧﻪ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /اﺟﺘﻬﺎدﻳﺔ ﻣﻦ ﻋﻨﺪ اﷲ ،ﻣﻦ ﺧﻼل إﳝﺎن اﳉﻦ ﺑﻪ ،وإﺑﻄﺎل ﻣﺰاﻋﻢ اﳌﺸﺮﻛﲔ ﻓﻴﻬﻢ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺴﻮرة اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ اﳌﻮﺿﻮع اﳌﻮﺿﻮع اﻵﻳﺎت اﻵﻳﺎت ﺗﻮﺟﻴﻬﺎت ﻟﻠﻨﺒﻲ ﷺ إﳝﺎن اﳉﻦ ﺑﺎﻟﻘﺮآن وﺑﻴﺎن رﺣﻠﺔ اﻹﳝﺎن وأﻗﺴﺎم اﳉﻦ وﻋﺎﻗﺒﺔ ﻛﻞ ﻗﺴﻢ ﻻ ﻳﻌﻠﻢ اﻟﻐﻴﺐ إﻻ اﷲ ٣٥٨
أﻏﺮاض اﻟﺴﻮرة ﺗﺪور ﻫﺬه اﻟﺴﻮرة ﺣﻮل اﳊﺪﻳﺚ ﻋﻦ اﳉﻦ ،وﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻬﻢ ﻣﻦ أﺧﺒﺎر وأﺳﺮار ،ﺑﺪءاً ﻣﻦ اﻟﺘﻔﺎﻓﻬﻢ ﺣﻮل رﺳﻮل اﷲ ﷺ ﺣﲔ ﺳﻤﻌﻮه ﻳﺘﻠﻮ اﻟﻘﺮآن ،إﻟﻰ دﺧﻮﻟﻬﻢ ﰲ اﻹﳝﺎن ،وﺗﻨﺎوﻟﺖ اﻟﺴﻮرة ﺑﻌﺾ اﻷﻧﺒﺎء اﻟﻌﺠﻴﺒﺔ اﳋﺎﺻﺔ ﺑﻬﻢ ،ﻛﺎﺳﺘﺮاﻗﻬﻢ ﻟﻠﺴﻤﻊ ،ورﻣﻴﻬﻢ ﺑﺎﻟﺸﻬﺐ اﶈﺮﻗﺔ ،وﲢﺪﺛﺖ ﻋﻦ أدﺑﻬﻢ ﻣﻊ اﷲ ،واﻧﻘﺴﺎﻣﻬﻢ إﻟﻰ ﻓﺮﻳﻘﲔ: ﻣﺆﻣﻨﲔ ،وﻛﺎﻓﺮﻳﻦ ،وﻣﺼﻴﺮ ﻛﻼ اﻟﻔﺮﻳﻘﲔ ،إﻟﻰ ﻏﻴﺮ ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻷﺧﺒﺎر اﳌﺜﻴﺮة ﺣﻮل ﻫﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺠﻴﺐ ﻋﺎﻟﻢ اﳉﻦ ﻣﻨﺎﺳﺒﺎت اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ أول اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ اﻟﺴﻮرة ﺑﺂﺧﺮﻫﺎ ﳌﺎ ﻗﺒﻠﻬﺎ اﻓﺘﺘﺤﺖ ﺑﺬﻛﺮ اﻟﻮﺣﻲ واﻟﻘﺮآن ،وﺧﺘﻤﺖ ذﻛﺮت ﺳﻮرة ﻧﻮح ﻗﺼﺔ أول اﻟﺮﺳﻞ ﻧﻮح ﻣﻊ ﺑﺬﻛﺮ اﻟﺮﺳﻮل واﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﻗﻮﻣﻪ وﻛﻔﺮﻫﻢ ﻓﻜﺎن ﻣﺼﻴﺮﻫﻢ اﻟﻄﻮﻓﺎن ،وذﻛﺮت ﺳﻮرة اﳉﻦ ﻗﺼﺔ آﺧﺮ اﻟﺮﺳﻞ ﻣﺤﻤﺪ ﷺ ﻣﻊ اﳉﻦ ،وﻛﻴﻒ أﻧﻬﻢ آﻣﻨﻮا ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺳﻤﻌﻮا اﻟﻘﺮآن اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻐﺮﻳﺐ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ اﳊﻖ ،واﻟﻬﺪى ﻳُﺘﻌ ﱠﺠﺐ ﻣﻨﻪ ﰲ ﻓﺼﺎﺣﺘﻪ، ﺟﻤﺎﻋﺔ وﺑﻼﻏﺘﻪ ،وﻣﻌﺎﻧﻴﻪ إﺑﻠﻴﺲ ﻋﻈﻤﺔ رﺑﻨﺎ ،وﺟﻼﻟﻪ، زوﺟﺔ وﻏﻨﺎه ﻃﻐﻴﺎﻧﺎً ،وﺳﻔﻬﺎً ﻳﺴﺘﺠﻴﺮون ،وﻳﺴﺘﻌﻴﺬون ﻗﻮ ًﻻ ﺑﻌﻴﺪاً ﻋﻦ اﳊﻖ ﻣﻦ دﻋﻮى اﻟﺼﺎﺣﺒﺔ واﻟﻮﻟﺪ ﳒﻮﻣﺎً ﻣﺤﺮﻗ ًﺔ؛ وذﻟﻚ ﻃﻠﺒﻨﺎ ﺑﻠﻮغ اﻟﺴﻤﺎء؛ ﳌﺎ ﺑﻌﺚ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﻻﺳﺘﺮاق اﻟﺴﻤﻊ وأن ﻛﻔﺎر اﻹﻧﺲ ﺣ ِﺴﺒﻮا أُر ِﺻﺪ ﻟﻪ؛ ﻟﻴُﺮﻣﻰ ﺑﻪ ﺧﻴﺮاً ،وﺻﻼﺣﺎً ،ورﺣﻤ ًﺔ ﻣﻮاﺿﻊ؛ ﻟﻨﺴﺘﻤﻊ إﻟﻰ أﺧﺒﺎرﻫﺎ ﻟﻦ ﻧﻔﻮﺗﻪ ،وﻧﻔﻠﺖ أﻳﻘﻨﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻀﺘﻪ ﻓﺮﻗﺎً وﻣﺬاﻫﺐ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ٣٥٩
ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ اﳉﺎﺋﺮون ،اﻟﻈﺎﳌﻮن اﻟﺬﻳﻦ وﻻ ﻇﻠﻤﺎً ﻳﻠﺤﻘﻪ ﺑﺰﻳﺎدة ﻧُﻘﺼﺎﻧﺎً ﻣﻦ ﺣﺴﻨﺎﺗﻪ ﺣﺎدوا ﻋﻦ اﳊﻖ ﰲ ﺳﻴﺌﺎﺗﻪ ﻗﺼﺪوا ﻃﺮﻳﻖ اﳊﻖ، دﻳﻦ اﻹﺳﻼم وأﻧﻪ ﻟﻮ اﺳﺘﻘﺎم اﻟﻜﻔﺎر واﺟﺘﻬﺪوا ﰲ اﺧﺘﻴﺎره ﻳﺪﺧﻠﻪ ﻟﻨﺨﺘﺒﺮﻫﻢ ﻛﻴﻒ ﻳﺸﻜﺮون ﻛﺜﻴﺮاً ﻗﺎرب اﳉﻦ ﻧﻌﻢ اﷲ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺷﺪﻳﺪاً ﺷﺎﻗﺎً ﻳﻌﺒﺪ رﺑﻪ ﻳُﻨ ِﻘﺬﻧﻲ ﻧﻔﻌﺎً ﺟﻤﺎﻋﺎت ﻣﺘﺮاﻛﺒﺔ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻓﻮق ﺑﻌﺾ ،ﻣﻦ ﺷﺪة ازدﺣﺎﻣﻬﻢ ﻟﺴﻤﺎع اﻟﻘﺮآن ﻣﻨﻪ ﻣﺎ أدري ﻟﻜﻦ أﻣﻠﻚ أن أﺑﻠﻐﻜﻢ ﻣﻠﺠ ًﺄ أﻓ ﱡﺮ إﻟﻴﻪ ﻳُﺮ ِﺳﻞ ﻣﺪ ًة ﻃﻮﻳﻠ ًﺔ ﻣﻦ ﻋﺬاﺑﻪ ﻣﻼﺋﻜﺔ ﻳﺤﻔﻈﻮﻧﻪ، اﻟﻌﺬاب اﻟﺬي ُو ِﻋﺪﰎ ﺑﻪ وﻳﺤﺮﺳﻮﻧﻪ ﻣﻦ وﺣﻲ اﻵي اﻟﺸﻮﻛﺎﻧﻲ ﰲ ﻫﺬا ﺗﻮﺑﻴﺦ ﻟﻠﻜﻔﺎر ﻣﻦ ﺑﻨﻲ آدم؛ ﺣﻴﺚ آﻣﻨﺖ اﳉﻦ ﺑﺴﻤﺎع اﻟﻘﺮآن ﻣﺮة واﺣﺪة ،واﻧﺘﻔﻌﻮا ﺑﺴﻤﺎع آﻳﺎت ﻳﺴﻴﺮة ﻣﻨﻪ، وأدرﻛﻮا ﺑﻌﻘﻮﻟﻬﻢ أﻧﻪ ﻛﻼم اﷲ وآﻣﻨﻮا ﺑﻪ ،وﻟﻢ ﻳﻨﺘﻔﻊ ﻛﻔﺎر اﻹﻧﺲ اﻟﺒﻘﺎﻋﻲ ﻫﺬا ﻣﺮﺷﺪ إﻟﻰ أﻧﻪ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪ ﰲ ﺷﻲء؛ ﻷن اﻟﺜﻘﺔ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ﺑﻜﻞ أﺣﺪ ﻋﺠﺰ ،وإﳕﺎ ﻳﻨﻜﺸﻒ ذﻟﻚ ﺑﺎﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ،واﻟﺘﻘﻠﻴﺪ ﻗﺪ ﻳﺠﺮ إﻟﻰ اﻟﻜﻔﺮ اﳌﻬﻠﻚ ﻫﻼﻛﺎً أﺑﺪﻳﺎً ،وإﻟﻴﻪ أرﺷﺪ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﻓﻴﻤﺎ أﺧﺮﺟﻪ اﻟﺸﻴﺨﺎن ﻋﻦ اﻟﻨﻌﻤﺎن ﺑﻦ ﺑﺸﻴﺮ ﺑﺄن) :ﻣﻦ اﺗﻘﻰ اﻟﺸﺒﻬﺎت اﺳﺘﺒﺮأ ﻟﺪﻳﻨﻪ وﻋﺮﺿﻪ( ،وﰲ ذﻟﻚ ﻏﺎﻳﺔ اﳊﺚ ﻋﻠﻰ أن اﻹﻧﺴﺎن ﻻ ﻳﻘﺪم وﻻ ﻳﺤﺠﻢ ﰲ أﺻﻮل اﻟﺪﻳﻦ إﻻ ﺑﻘﺎﻃﻊ اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر وأﺳﻨﺪ ﻓﻌﻞ إرادة اﻟﺸﺮ إﻟﻰ اﳌﺠﻬﻮل ،وﻟﻢ ﻳﺴﻨﺪ إﻟﻰ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﻊ أن ﻣﻘﺎﺑﻠﻪ أﺳﻨﺪ إﻟﻴﻪ ﺑﻘﻮﻟﻪ :ﮋ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﮊ ﺟﺮﻳﺎً ﻋﻠﻰ واﺟﺐ اﻷدب ﻣﻊ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﰲ ﲢﺎﺷﻲ إﺳﻨﺎد اﻟﺸﺮ إﻟﻴﻪ اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر ﻓﻠﻤﺎ ﻗﺎﻣﻮا ﻣﻘﺎم دﻋﻮة إﺧﻮاﻧﻬﻢ إﻟﻰ اﺗﺒﺎع ﻃﺮﻳﻖ اﳋﻴﺮ ﻟﻢ ﻳﺼﺎرﺣﻮﻫﻢ ﺑﻨﺴﺒﺘﻬﻢ إﻟﻰ اﻹﻓﺴﺎد ،ﺑﻞ أﻟﻬﻤﻮا وﻗﺎﻟﻮا: ،ﺛﻢ ﺗﻠﻄﻔﻮا ﻓﻘﺎﻟﻮا :ﯨ ﯩﮊ ٣٦٠
ﻣﻦ أﺣﺐ ﺗﺼﻔﻴﺔ اﻷﺣﻮال ،ﻓﻠﻴﺠﺘﻬﺪ ﰲ ﺗﺼﻔﻴﺔ اﻷﻋﻤﺎل: ﻗﺎل أﺑﻮ ﻳﻘﻮل ﺗﻌﺎﻟﻰ: اﺑﻦ اﳉﻮزي ﺳﻠﻴﻤﺎن اﻟﺪاراﻧﻲ) :ﻣﻦ ﺻ ﱠﻔﻰ ُﺻ ﱢﻔﻲ ﻟﻪ ،وﻣﻦ ﻛ ﱠﺪر ُﻛ ﱢﺪر ﻋﻠﻴﻪ(. وإﳕﺎ ﻳَﻌﺮف اﻟﺰﻳﺎدة ﻣﻦ اﻟﻨﻘﺼﺎن اﶈﺎﺳﺐ ﻟﻨﻔﺴﻪ؛ ﻓﺎﺣﺬر ﻣﻦ ﻧﻔﺎر اﻟﻨﻌﻢ ،وﻣﻔﺎﺟﺄة اﻟﻨﻘﻢ ،وﻻ ﺗﻐﺘﺮ ﺑﺒﺴﺎط اﳊﻠﻢ؛ ﻓﺮﲟﺎ ﻋﺠﻞ اﻧﻘﺒﺎﺿﻪ اﻟﺰرﻛﺸﻲ ﳌﺎ ﻛﺎن اﻟﺴﺠﻮد أﺷﺮف أﻓﻌﺎل اﻟﺼﻼة ،ﻟ ُﻘﺮب اﻟﻌﺒﺪ ﻣﻦ ر ﱢﺑﻪ، اﺷﺘُ ﱠﻖ اﺳﻢ اﳌﻜﺎن ﻣﻨﻪ ،ﻓﻘﻴﻞ :ﻣﺴﺠﺪ ،وﻟﻢ ﻳﻘﻮﻟﻮا :ﻣﺮﻛﻊ اﺑﻦ اﻟﻘﻴﻢ اﻧﻈﺮ إﺿﺎﻓﺔ اﻟﻨﺒﻲ ﺑﺎﺳﻢ اﻟﻌﺒﻮدﻳﺔ إﻟﻰ اﷲ ﰲ ﻗﻮﻟﻪ: ﻷن ﻛ ُّﻞ ﻣﺎﻧُﺴﺐ إﻟﻰ اﶈﺒﻮب ﻓﻬﻮ ﻣﺤﺒﻮب ﳌﺎ اﻧﺘﺴﺒ ُﺖ إﻟﻴﻚ ﺻﺮ ُت ﻣﻌﻈﻤﺎً وﻋﻠﻮ ُت ﻗﺪراً دون ﻣﻦ ﻟﻢ ﻳُﻨﺴﺐ اﻷﻟﻮﺳﻲ ﻓﻴﻪ ﺗﻬﺪﻳﺪ ﻋﻈﻴﻢ وﺗﻮﻛﻴﻞ إﻟﻰ اﷲ ﺟﻞ وﻋﻼ وأﻧﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻫﻮ اﻟﺬي ﻳﺠﺰﻳﻪ ﺑﺤﺴﻦ ﺻﻨﻴﻌﻪ وﺳﻮء ﺻﻨﻴﻌﻬﻢ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ٣٦١
أﺳﻤﺎء اﻟﺴﻮرة ﺳﻮرة اﳌﺰﻣﻞ وﺟﻪ ﻷﻧﻬﺎ ﺗﺘﺤﺪث ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﰲ ﺑﺪء اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ اﻟﻮﺣﻲ ﺣﻴﺚ ﻛﺎن ﻳﺘﺰﻣﻞ ﺛﻴﺎﺑﻪ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /ﺗﻮﻗﻴﻔﻴﺔ ﻣﻘﺼﺪ اﻟﺴﻮرة ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﻣﻜﻴﺔ اﳌﺼﺤﻒ ٧٣ ذﻛﺮ اﻟﺰاد اﻟﺮوﺣﻲ ﻟﻠﺪﻋﺎة ﰲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ اﻟﺸﺪاﺋﺪ وﻣﺼﺎﻋﺐ ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﺑﲔ ﻳﺪي آﻳﺔ اﳊﻴﺎة ،ﺗﺜﺒﻴﺘﺎً ﻟﻠﻨﺒﻲ ﷺ اﻟﻨﺰول ٣ اﻟﺴﻮرة وﺗﻮﻋﺪاً ﻟﻠﻤﻜﺬﺑﲔ ﺑﻪ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺴﻮرة اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ اﳌﻮﺿﻮع اﳌﻮﺿﻮع اﻵﻳﺎت اﻵﻳﺎت ﺗﻬﺪﻳﺪ اﻟﻜﻔﺎر وﺗﻮﻋﺪﻫﻢ إرﺷﺎدات ﻟﻠﻨﺒﻲ ﷺ ﰲ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﺪﻋﻮة ﻓﻀﻞ ﻗﻴﺎم اﻟﻠﻴﻞ وﺗﻮﺟﻴﻬﺎت ﻷﻫﻞ اﻹﳝﺎن ٣٦٢
أﻏﺮاض اﻟﺴﻮرة ﺗﻨﺎوﻟﺖ اﻟﺴﻮرة ﺟﺎﻧﺒﺎً ﻣﻦ ﺣﻴﺎة اﻟﺮﺳﻮل اﻷﻋﻈﻢ واﻟﻨﺒﻲ اﻷﻛﺮم ﷺ ﰲ ﺗﺒﺘﻠﻪ ،وﻃﺎﻋﺘﻪ ،وﺻﺒﺮه ،وﺟﻬﺎده، وﻗﻴﺎﻣﻪ اﻟﻠﻴﻞ ،وﺗﻼوﺗﻪ ﻟﻜﺘﺎب رﺑﻪ ،وﲢﺪﺛﺖ اﻟﺴﻮرة ﻋﻦ ﻣﻮﻗﻒ اﳌﺸﺮﻛﲔ ﻣﻦ دﻋﻮة اﻟﺮﺳﻮل ﷺ وﻗﺪ ﺟﺎءﻫﻢ ﺑﺎﳋﻴﺮ واﻟﻬﺪى ،ﻓﻌﺎﻧﺪوه وﻛ ﱠﺬﺑﻮه ،ووﻗﻔﻮا ﰲ وﺟﻪ دﻋﻮﺗﻪ ،وﺿﺮﺑﺖ ﻟﻬﻢ اﻟﺴﻮرة اﳌﺜﻞ ﺑﻔﺮﻋﻮن اﻟﻄﺎﻏﻴﺔ ،وﻣﺎ ﻛﺎن ﻣﻦ ﻋﺎﻗﺒﺔ أﻣﺮه ﰲ اﻟﻬﻼك واﻟﺪﻣﺎر ،ﲢﺬﻳﺮاً ﻟﻬﻢ أن ﻳﺤﻞ ﺑﻬﻢ ﻣﺜﻞ ذﻟﻚ اﻟﻌﺬاب ،وﺧﺘﻤﺖ اﻟﺴﻮرة ﺑﺘﺨﻔﻴﻒ اﷲ ﻋﻦ رﺳﻮﻟﻪ ﷺ وﻋﻦ اﳌﺆﻣﻨﲔ ﻣﻦ ﻗﻴﺎم اﻟﻠﻴﻞ ،رﺣﻤﺔ ﺑﻪ وﺑﻬﻢ ،ﻟﻴﺘﻔﺮغ رﺳﻮل اﷲ ﷺ وأﺻﺤﺎﺑﻪ ﻟﺒﻌﺾ ﺷﺆون اﳊﻴﺎة ﻣﻨﺎﺳﺒﺎت اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ أول اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ اﻟﺴﻮرة ﺑﺂﺧﺮﻫﺎ ﳌﺎ ﻗﺒﻠﻬﺎ ﺑﺪأت ﺑﺎﻟﻜﻼم ﻋﻦ ﻗﻴﺎم ﺧﺘﻤﺖ ﺳﻮرة اﳉﻦ ﺑﻘﻮﻟﻪ: اﻟﻠﻴﻞ ،وﺧﺘﻤﺖ ﺑﻪ ،وﺑﺪأت ﺳﻮرة اﳌﺰﻣﻞ ﺑﻘﻮﻟﻪ: اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻐﺮﻳﺐ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻋﻈﻴﻤﺎً ،ﻣﺸﺘﻤ ًﻼ ﻋﻠﻰ اﻗﺮا ِﺑﺘُﺆدة وﲤ ﱡﻬﻞ؛ ﻣﺒﻴﻨﺎً اﳌﺘﻠﻔﻒ ﺑﺜﻴﺎﺑﻪ اﻷواﻣﺮ واﻟﻨﻮاﻫﻲ اﳊﺮوف واﻟﻮﻗﻮف وأﺑﲔ ﻗﻮ ًﻻ؛ ﳊﻀﻮر أﺷﺪ ﺗﺄﺛﻴﺮاً ﰲ اﻟﻘﻠﺐ اﻟﻌﺒﺎدة اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺸﺄ ﰲ اﻟﻘﻠﺐ ،وﻗﻠﺔ اﻟﺸﻮاﻏﻞ ﺟﻮف اﻟﻠﻴﻞ ﺑﻌﺪ اﻟﻨﻮم واﻧﻘﻄﻊ ﻟﻌﺒﺎدﺗﻪ ﺗُﻔ ﱢﻮض أﻣﻮرك إﻟﻴﻪ، ﺗﺼﺮﻓﺎً ،وﺗﻘﻠﺒﺎً وﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻴﻪ أﺻﺤﺎب اﻟﻨﻌﻴﻢ ﰲ ﻣﺼﺎﳊﻚ واﻟﺘﺮف أ ﱢﺟﻠﻬﻢ زﻣﻨﺎً ﻗﻠﻴ ًﻼ ﺑﺘﺄﺧﻴﺮ أﻋﺮض ﻋﻨﻬﻢ؛ ﺗﺎرﻛﺎً اﻟﻌﺬاب ﻋﻨﻬﻢ ﻳﻨﺸﺐ ﰲ اﳊﻠﻮق ،ﻻ اﻻﻧﺘﻘﺎم ﻣﻨﻬﻢ ﻳﺴﺘﺴﺎغ؛ ﻟﻜﺮاﻫﺘﻪ ﺗﻀﻄﺮب ﻗﻴﻮداً ﺛﻘﻴﻠ ًﺔ ٣٦٣
ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﺷﺪﻳﺪاً ﺳﺎﺋ ًﻼ ﻣﺘﻨﺎﺛﺮاً رﻣ ًﻼ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎً ﻃﺮﻳﻘﺎً ﺑﺎﻟﻄﺎﻋﺔ واﻗﻌﺎً ﻻ ﻣﺤﺎﻟﺔ ﻣﺘﺼﺪﻋﺔ ﰲ ﻳﻮم اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﻟﻦ ُﳝﻜﻨﻜﻢ ﻗﻴﺎم أﻗﻞ اﻟﻠﻴﻞ ﻛﻠﻪ ﺗُﺼﻠﱢﻲ ﻣﺘﻬﺠﺪاً ﻣﻦ اﻟﻠﻴﻞ رزق اﷲ ﻳﻄﻠﺒﻮن ﺑﺎﻟﺘﻨﻘﻞ ﰲ اﻷرض ﻓﺨ ﱠﻔﻒ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﺻﺪﻗ ًﺔ ﺑﺈﺧﻼص، ﺗﺼﺪﻗﻮا وﻃﻴﺐ ﻧﻔﺲ ﻣﻦ وﺣﻲ اﻵي إذا ﻛﺎن اﷲ ﻗﺪ ﺳﻤﻰ اﻟﺼﻼة ﺗﺴﺒﻴﺤﺎً ،ﻓﻘﺪ دل ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ وﺟﻮب اﻟﺘﺴﺒﻴﺢ .ﻛﻤﺎ أﻧﻪ ﳌﺎ ﺳﻤﺎﻫﺎ ﻗﻴﺎﻣﺎً ﰲ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: اﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﺷﺸﺸﺸﺸﺶ ،دل ﻋﻠﻰ وﺟﻮب اﻟﻘﻴﺎم ،وﻛﺬﻟﻚ ﳌﺎ ﺳﻤﺎﻫﺎ ﻗﺮآﻧﺎً ،دل ﻋﻠﻰ وﺟﻮب اﻟﻘﺮآن ﻓﻴﻬﺎ، ﰲ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: وﳌﺎ ﺳﻤﺎﻫﺎ رﻛﻮﻋﺎً وﺳﺠﻮداً ﰲ ﻣﻮاﺿﻊ ،دل ﻋﻠﻰ وﺟﻮب اﻟﺮﻛﻮع واﻟﺴﺠﻮد ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺴﻌﺪي إﳕﺎ أﻣﺮه ﺑﺎﻟﺘﺮﺗﻴﻞ؛ ﻷن ﺗﺮﺗﻴﻞ اﻟﻘﺮآن ﺑﻪ ﻳﺤﺼﻞ اﻟﺘﺪﺑﺮ واﻟﺘﻔﻜﺮ ،وﲢﺮﻳﻚ اﻟﻘﻠﻮب ﺑﻪ ،واﻟﺘﻌﺒﺪ ﺑﺂﻳﺎﺗﻪ ،واﻟﺘﻬﻴﺆ واﻻﺳﺘﻌﺪاد اﻟﺘﺎم ﻟﻪ اﻟﺸﺎﻃﺒﻲ ﺳﺌﻞ ﻣﺎﻟﻚ ﻋﻦ ﻣﺴﺄﻟﺔ ،ﻓﻘﺎل :ﻻ أدري ،ﻓﻘﺎل ﻟﻪ اﻟﺴﺎﺋﻞ: إﻧﻬﺎ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺧﻔﻴﻔﺔ ﺳﻬﻠﺔ ،وإﳕﺎ أردت أن أُﻋ ِﻠ َﻢ ﺑﻬﺎ اﻷﻣﻴﺮ، وﻛﺎن اﻟﺴﺎﺋ ُﻞ ذا ﻗﺪر؛ ﻓﻐﻀﺐ ﻣﺎﻟﻚ ،وﻗﺎل :ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺧﻔﻴﻔﺔ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ﺳﻬﻠﺔ؟ ﻟﻴﺲ ﰲ اﻟﻌﻠﻢ ﺷﻲء ﺧﻔﻴﻒ ،أﻣﺎ ﺳﻤﻌﺖ ﻗﻮل اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ :ﮋ ﭦﭧﭨﭩ ﭪﮊ اﺑﻦ رﺟﺐ ﻣﺪارﺳﺔ ﺟﺒﺮﻳﻞ ﻟﻠﻨﺒﻲ ﷺ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻴ ًﻼ ،ﻓﺪ ﱠل ﻋﻠﻰ اﺳﺘﺤﺒﺎب اﻹﻛﺜﺎر ﻣﻦ اﻟﺘﻼوة ﰲ رﻣﻀﺎن ﻟﻴ ًﻼ؛ ﻓﺈن اﻟﻠﻴﻞ ﺗﻨﻘﻄﻊ ﻓﻴﻪ اﻟﺸﻮاﻏﻞ ،وﲡﺘﻤﻊ ﻓﻴﻪ اﻟﻬﻤﻢ ،وﻳﺘﻮاﻃﺄ ﻓﻴﻪ اﻟﻘﻠﺐ واﻟﻠﺴﺎن ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺪﺑﺮ ،ﻛﻤﺎ ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ :ﭭ اﺑﻦ اﻟﻘﻴﻢ أﻣﺮ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺑﺎﻟﺼﺒﺮ اﳉﻤﻴﻞ ،واﻟﺼﻔﺢ اﳉﻤﻴﻞ ،واﻟﻬﺠﺮ اﳉﻤﻴﻞ ،ﻓﺴﻤﻌﺖ ﺷﻴﺦ اﻹﺳﻼم اﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻳﻘﻮل :اﻟﺼﺒﺮ اﳉﻤﻴﻞ ﻫﻮ اﻟﺬي ﻻ ﺷﻜﻮى ﻓﻴﻪ وﻻ ﻣﻌﻪ، واﻟﺼﻔﺢ اﳉﻤﻴﻞ ﻫﻮ اﻟﺬي ﻻ ﻋﺘﺎب ﻣﻌﻪ ،واﻟﻬﺠﺮ اﳉﻤﻴﻞ ﻫﻮ اﻟﺬي ﻻ أذى ﻣﻌﻪ ٣٦٤
اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر واﺧﺘﻴﺮ ﻟﻬﻢ -أي :ﻛﻔﺎر ﻣﻜﺔ -ﺿﺮب اﳌﺜﻞ ﺑﻔﺮﻋﻮن ﻣﻊ ﻣﻮﺳﻰ ﻷن اﳉﺎﻣﻊ ﺑﲔ ﺣﺎل أﻫﻞ ﻣﻜﺔ وﺣﺎل أﻫﻞ ﻣﺼﺮ ﰲ ﺳﺒﺐ اﻹﻋﺮاض ﻋﻦ دﻋﻮة اﻟﺮﺳﻮل ﻫﻮ ﻣﺠﻤﻮع ﻣﺎ ﻫﻢ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﻋﺒﺎدة ﻏﻴﺮ اﷲ ،وﻣﺎ ﳝﻸ ﻧﻔﻮﺳﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﺘﻜﺒﺮ واﻟﺘﻌﺎﻇﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﺳﻮل اﳌﺒﻌﻮث إﻟﻴﻬﻢ ﺑﺸﺮى ﳌﻦ ﻳﺴﻌﻰ ﰲ ﻃﻠﺐ اﻟﺮزق اﳊﻼل ﺑﺎﻟﺘﺠﺎرة وﻧﺤﻮﻫﺎ ،ذﻛﺮﻫﺎ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﰲ ﻗﻮﻟﻪ: اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﺑﻌﺾ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻳﺘﺄول ﻣﻦ ﻫﺬه اﻵﻳﺔ ﻓﻀﻴﻠﺔ اﻟﺘﺠﺎرة واﻟﺴﻔﺮ ﻷﺟﻠﻬﺎ ،ﺣﻴﺚ ﻗﺮن اﷲ ﺑﲔ اﳌﺠﺎﻫﺪﻳﻦ واﳌﻜﺘﺴﺒﲔ اﳌﺎل اﳊﻼل؛ ﻳﻌﻨﻲ أن اﷲ ﻣﺎ ذﻛﺮ ﻫﺬﻳﻦ اﻟﺴﺒﺒﲔ ﻟﻨﺴﺦ ﲢﺪﻳﺪ اﻟﻘﻴﺎم إﻻ ﺗﻨﻮﻳﻬﺎً ﺑﻬﻤﺎ؛ ﻷن ﰲ ﻏﻴﺮﻫﻤﺎ ﻣﻦ اﻷﻋﺬار ﻣﺎ ﻫﻮ أﺷﺒﻪ ﺑﺎﳌﺮض، ودﻗﺎﺋﻖ اﻟﻘﺮآن وﻟﻄﺎﺋﻔﻪ ﻻ ﺗﻨﺤﺼﺮ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ٣٦٥
أﺳﻤﺎء اﻟﺴﻮرة ﺳﻮرة اﳌﺪﺛﺮ ﻻﻓﺘﺘﺎﺣﻬﺎ ﺑﻬﺬا اﻟﻮﺻﻒ اﻟﺬي وﺟﻪ وﺻﻒ ﺑﻪ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /ﺗﻮﻗﻴﻔﻴﺔ ﻣﻘﺼﺪ اﻟﺴﻮرة ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﻣﻜﻴﺔ اﳌﺼﺤﻒ ٧٤ اﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﻨﻬﻮض ﻟﻠﺪﻋﻮة، وﺗﻮﻋﺪ اﳌﻜﺬﺑﲔ ﺑﻬﺎ ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﺑﲔ ﻳﺪي آﻳﺔ اﻟﻨﺰول ٤ اﻟﺴﻮرة ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺴﻮرة اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ اﳌﻮﺿﻮع اﳌﻮﺿﻮع اﻵﻳﺎت اﻵﻳﺎت ﺗﻬﺪﻳﺪ زﻋﻤﺎء اﻟﺸﺮك ﺑﲔ أﺻﺤﺎب اﻟﻴﻤﲔ واﳌﺠﺮﻣﲔ ﺗﻮﺟﻴﻬﺎت ﻟﻠﻨﺒﻲ ﷺ ﰲ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﺪﻋﻮة اﳊﻜﻤﺔ ﰲ اﺧﺘﻴﺎر ﻋﺪد ﺧﺰﻧﺔ ﺟﻬﻨﻢ اﻟﺘﺴﻌﺔ ﻋﺸﺮ ٣٦٦
أﻏﺮاض اﻟﺴﻮرة ﺑُﺪﺋﺖ ﺑﺘﻜﻠﻴﻒ اﻟﺮﺳﻮل ﷺ ﺑﺎﻟﻨﻬﻮض ﺑﺄﻋﺒﺎء اﻟﺪﻋﻮة ،واﻟﻘﻴﺎم ﲟﻬﻤﺔ اﻟﺘﺒﻠﻴﻎ ﺑﺠﺪ وﻧﺸﺎط ،وإﻧﺬار اﻟﻜﻔﺎر، واﻟﺼﺒﺮ ﻋﻠﻰ أذى اﻟﻔﺠﺎر ،ﺣﺘﻰ ﻳﺤﻜﻢ اﷲ ﺑﻴﻨﻪ وﺑﲔ أﻋﺪاﺋﻪ ،ﺛﻢ ﻫﺪدت اﳌﺠﺮﻣﲔ وﺣﺬرﺗﻬﻢ ﻣﻦ ﻳﻮم ﻋﺼﻴﺐ ﺷﺪﻳﺪ ،ﺛﻢ ذﻛﺮت ﻗﺼﺔ اﻟﺸﻘﻲ اﻟﻔﺎﺟﺮ )اﻟﻮﻟﻴﺪ ﺑﻦ اﳌﻐﻴﺮة( اﻟﺬي ﺳﻤﻊ اﻟﻘﺮآن ،وﻋﺮف أﻧﻪ ﻛﻼم اﻟﺮﺣﻤﻦ، وﻟﻜﻨﻪ ﰲ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﺰﻋﺎﻣﺔ وﺣﺐ اﻟﺮﺋﺎﺳﺔ ،زﻋﻢ أﻧﻪ ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ اﻟﺴﺤﺮ اﻟﺬي ﺗﻌﺮﻓﻪ اﻟﺒﺸﺮ ،وﺻﻮرت اﻟﻨﺎر اﻟﺘﻲ ﺗﻮﻋﺪ اﷲ ﺑﻬﺎ اﻟﻜﻔﺎر ،وﺧﺰﻧﺘﻬﺎ اﻷﺷﺪاء ،وزﺑﺎﻧﻴﺘﻬﺎ اﻟﺬﻳﻦ ُﻛﻠﱢﻔﻮا ﺑﺘﻌﺬﻳﺐ أﻫﻠﻬﺎ ،وﻋﺪدﻫﻢ ،واﳊﻜﻤﺔ ﻣﻦ ﺗﺨﺼﻴﺺ ذﻟﻚ اﻟﻌﺪد ،وﺗﻄﺮﻗﺖ إﻟﻰ اﳊﻮار اﻟﺬي دار ﺑﲔ اﳌﺆﻣﻨﲔ واﳌﺠﺮﻣﲔ ،وﺧﺘﻤﺖ ﺑﺒﻴﺎن ﺳﺒﺐ إﻋﺮاض اﳌﺸﺮﻛﲔ ﻋﻦ اﻹﳝﺎن ﻣﻨﺎﺳﺒﺎت اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ أول اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ اﻟﺴﻮرة ﺑﺂﺧﺮﻫﺎ ﳌﺎ ﻗﺒﻠﻬﺎ ﺑﺪأت ﺑﺎﳊﺪﻳﺚ ﻋﻦ اﻹﻧﺬار ،وﺧﺘﻤﺖ ﺑﻪ ﻣﺘﺂﺧﻴﺘﺎن ﰲ اﻻﻓﺘﺘﺎح ﺑﺨﻄﺎب ﰲ ﻗﻮل ﺗﻌﺎﻟﻰ: اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ،وﻣﻄﻠﻊ ﻛﻠﺘﻴﻬﻤﺎ ﻧﺎزل ﰲ ﻗﺼﺔ واﺣﺪة اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻐﺮﻳﺐ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻃﻬﺮ ﻧﻔﺴﻚ ﻣﻦ اﺧﺼﺺ رﺑﻚ ﺑﺎﻟﺘﻜﺒﻴﺮ اﳌﺘﻐﻄﻲ ﺑﺜﻴﺎﺑﻪ اﳌﻌﺎﺻﻲ واﻵﺛﺎم واﻟﺘﻌﻈﻴﻢ اﻷﺻﻨﺎم ،وأﻋﻤﺎل ﻧﻔﺦ ﰲ اﻟﺼﻮر ﻻ ﺗﻌﻂ اﻟﻌﻄﻴﺔ ،ﻛﻲ اﻟﺸﺮك ﻧﻔﺨﺔ اﻟﺒﻌﺚ ﺗﻠﺘﻤﺲ أﻛﺜﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﻓﺮﻳﺪاً ﻻ ﻣﺎل ﻟﻪ ،وﻻ وﻟﺪ ،واﳌﺮاد ﺣﻀﻮراً ﻣﻌﻪ ﰲ ﻣﻜﺔ ﻣﺒﺴﻮﻃﺎً واﺳﻌﺎً ﺑﻪ) :اﻟﻮﻟﻴﺪ ﺑﻦ اﳌﻐﻴﺮة( ﻻ ﻳﻐﻴﺒﻮن ﻋﻨﻪ ﺳﺄﻛﻠﻔﻪ ﻋﺬاﺑﺎً ﺷﺎﻗﺎً ﻳ ﱠﺴﺮت ﻟﻪ ﺳﺒﻞ اﻟﻌﻴﺶ ﻫﻴﺄ ﻣﺎ ﻳﻘﻮﻟﻪ ﰲ اﻟﻄﻌﻦ ﻻ راﺣﺔ ﻟﻪ ﻓﻴﻪ ﺗﻴﺴﻴﺮاً ﰲ اﻟﻘﺮآن ،وﻣﻦ ﺟﺎء ﺑﻪ ﺗﺄﻣﻞ ﻓﻴﻤﺎ ﻫﻴﺄ ﻓ ُﻐ ِﻠﺐ و ُﻗ ِﻬﺮ ﻗﻄﺐ وﺟﻬﻪ ﻣﻦ اﻟﻄﻌﻦ ٣٦٧
ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻳُﻨﻘﻞ ﻋﻦ اﻷوﻟﲔ رﺟﻊ ﻣﻌﺮﺿﺎً ﻋﻦ اﺷﺘﺪ ﰲ اﻟﻌﺒﻮس ﳌﺎ ﺿﺎﻗﺖ اﳊﻖ ﻋﻠﻴﻪ اﳊﻴﻞ ﰲ اﻟﻄﻌﻦ ﻻ ﺗﺘﺮك ﻋﻈﻤﺎً ﻻ ﺗﺘﺮك ﳊﻤﺎً ﺳﺄدﺧﻠﻪ ﺟﻬﻨﻢ؛ ﻛﻲ وﻻ ﻳﺸﻚ ﻳﺼﻠﻰ ﺣﺮﻫﺎ إن اﻟﻨﺎر ﻹﺣﺪى اﺧﺘﺒﺎراً ﻟﻠﻜﻔﺎر ﻣﺤﺮﻗﺔ ﻟﻠﺠﻠﻮد، اﻟﻌﻈﺎﺋﻢ ﻣﻐﻴﺮة ﻟﻠﺒﺸﺮة ﻧﺘﺤﺪث ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻞ ﻣﻼﺋﻜﺘﻪ ﻧﻔﺎق أﺳﺪ ﻛﺎﺳﺮ ﻣﺎ أدﺧﻠﻜﻢ ﻣﺤﺒﻮﺳﺔ ﺑﻌﻤﻠﻬﺎ ُﺣ ُﻤ ٌﺮ وﺣﺸﻴﺔ اﳌﻮت ﺷﺪﻳﺪة اﻟ ﱢﻨﻔﺎر أﻫﻞ ﻷن ﻳُ ﱠﺘﻘﻰ ،وﻳُﻄﺎع ﻣﻦ وﺣﻲ اﻵي ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻣﻦ أول ﻣﺎ ﻧﺰل ﺑﻌﺪ )اﻗﺮأ( ﻗﻮﻟﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ، : ﻋﺒﺪ اﻟﻮﻫﺎب ﻓﺎﻧﻈﺮ ﻛﻴﻒ ﻗﺪم ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺗﺸﺮﻳﻊ أﺷﻴﺎء ﻛﺜﻴﺮة ﻣﻦ اﻟﻌﺒﺎدات وﻏﻴﺮﻫﺎ ،ﻓﻘﻒ ﻋﻨﺪﻫﺎ ،ﺛﻢ ﻗﻒ ،ﺛﻢ ﻗﻒ ،ﺗﺮى اﻟﻌﺠﺐ اﻟﻌﺠﻴﺐ، وﻳﺘﺒﲔ ﻟﻚ ﻣﺎ أﺿﺎع اﻟﻨﺎس ﻣﻦ أﺻﻞ اﻷﺻﻮل ،وﻫﻮ اﻟﺘﻮﺣﻴﺪ واﻟﺪﻋﻮة إﻟﻴﻪ اﻟﺴﻌﺪي وﻳﺤﺘﻤﻞ أن اﳌﺮاد ﺑﺜﻴﺎﺑﻪ اﻟﺜﻴﺎب اﳌﻌﺮوﻓﺔ ،وأﻧﻪ ﻣﺄﻣﻮر ﺑﺘﻄﻬﻴﺮﻫﺎ ﻋﻦ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻨﺠﺎﺳﺎت ﰲ ﺟﻤﻴﻊ اﻷوﻗﺎت ،ﺧﺼﻮﺻﺎً ﻋﻨﺪ اﻟﺪﺧﻮل ﰲ اﻟﺼﻠﻮات .وإذا ﻛﺎن ﻣﺄﻣﻮراً ﺑﺘﻄﻬﻴﺮ اﻟﻈﺎﻫﺮ ﻓﺈن ﻃﻬﺎرة اﻟﻈﺎﻫﺮ ﻣﻦ ﲤﺎم ﻃﻬﺎرة اﻟﺒﺎﻃﻦ اﳉﻨﻮد اﻟﺘﻲ ﻳﺨﺬل ﺑﻬﺎ اﻟﺒﺎﻃﻞ ،وﻳﻨﺼﺮ ﺑﻬﺎ اﳊﻖ ،ﻟﻴﺴﺖ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ﻣﻘﺼﻮرة ﻋﻠﻰ ﻧﻮع ﻣﻌﲔ ﻣﻦ اﻟﺴﻼح ،ﺑﻞ ﻫﻲ أﻋﻢ ﻣﻦ أن اﻟﻐﺰاﻟﻲ ﺗﻜﻮن ﻣﺎدﻳﺔ أو ﻣﻌﻨﻮﻳﺔ ،وإذا ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺎدﻳﺔ ﻓﺈن ﺧﻄﺮﻫﺎ ﻻ ﻳﺘﻤﺜﻞ ﰲ ﺿﺨﺎﻣﺘﻬﺎ ،ﻓﻘﺪ ﺗﻔﺘﻚ ﺟﺮﺛﻮﻣﺔ ﻻ ﺗﺮاﻫﺎ اﻟﻌﲔ ﺑﺠﻴﺶ ﻋﻈﻴﻢ: ﮋﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﮊ اﻟﺒﻘﺎﻋﻲ ﺗﻨﺒﻴﻬﺎً ﻋﻠﻰ أن رﺳﻮخ اﻟﻘﺪم ﰲ اﻟﺼﻼة ﻣﺎﻧﻊ ﻣﻦ ﻣﺜﻞ ﺣﺎﻟﻬﻢ، وﻋﻠﻰ أن اﻟﺼﻼة أﻋﻈﻢ اﻷﻋﻤﺎل ،وأن اﳊﺴﺎب ﺑﻬﺎ ﻳﻘﺪم ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺮﻫﺎ اﻷﻟﻮﺳﻲ إﺷﺎرة إﻟﻰ ﻋﺪم اﻛﺘﺮاﺛﻬﻢ ﺑﺎﻟﺒﺎﻃﻞ وﻣﺒﺎﻻﺗﻬﻢ ﺑﻪ؛ ﻓﻜﺄﻧﻬﻢ ﻗﺎﻟﻮا :وﻛﻨﺎ ﻻ ﻧﺒﺎﻟﻲ ﺑﺒﺎﻃﻞ ٣٦٨
اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر إﳝﺎء إﻟﻰ ﺛﺒﻮت اﻟﺸﻔﺎﻋﺔ ﻟﻐﻴﺮﻫﻢ ﻳﻮم اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﻋﻠﻰ اﳉﻤﻠﺔ، وﺗﻔﺼﻴﻠﻬﺎ ﰲ ﺻﺤﺎح اﻷﺧﺒﺎر اﺑﻦ اﻟﻘﻴﻢ ﺷﺒﻪ ﻫﺆﻻء ﰲ إﻋﺮاﺿﻬﻢ وﻧﻔﻮرﻫﻢ ﻋﻦ اﻟﻘﺮآن ﺑﺤﻤﻴﺮ رأت أﺳﻮداً ،أو رﻣﺎة ﻓﻔﺮت ﻣﻨﻬﻢ ،وﻫﺬا ﻣﻦ ﺑﺪﻳﻊ اﻟﻘﻴﺎس واﻟﺘﻤﺜﻴﻞ ،ﻓﺈن اﻟﻘﻮم ﰲ ﺟﻬﻠﻬﻢ ﲟﺎ ﺑﻌﺚ اﷲ ﺑﻪ رﺳﻮﻟﻪ ﻛﺎﳊﻤﻴﺮ ،وﻫﻲ ﻻ ﺗﻌﻘﻞ ﺷﻴﺌﺎً ،ﻓﺈذا ﺳﻤﻌﺖ ﺻﻮت اﻷﺳﺪ أو اﻟﺮاﻣﻲ ﻧﻔﺮت ﻣﻨﻪ أﺷﺪ اﻟﻨﻔﻮر ،وﻫﺬا ﻏﺎﻳﺔ اﻟﺬم ﻟﻬﺆﻻء اﺑﻦ ﻛﺜﻴﺮ ﻫﻮ أﻫﻞ أن ﻳﺨﺎف ﻣﻨﻪ ،وﻫﻮ أﻫﻞ أن ﻳﻐﻔﺮ ذﻧﺐ ﻣﻦ ﺗﺎب إﻟﻴﻪ وأﻧﺎب اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ٣٦٩
ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﻣﻜﻴﺔ أﺳﻤﺎء اﻟﺴﻮرة اﳌﺼﺤﻒ ٧٥ ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﺑﲔ ﻳﺪي آﻳﺔ ﺳﻮرة اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ وﺟﻪ ﻻﻓﺘﺘﺎﺣﻬﺎ ﺑﺎﻟﻘﺴﻢ اﻹﻟﻬﻲ ﺑﺎﻟﻘﻴﺎﻣﺔ اﻟﻨﺰول ٣١ اﻟﺴﻮرة اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻟﺘﻌﻈﻴﻤﻬﺎ وإﺛﺒﺎت وﻗﻮﻋﻬﺎ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /ﺗﻮﻗﻴﻔﻴﺔ ﻣﻘﺼﺪ اﻟﺴﻮرة ﻻﻓﺘﺘﺎح اﻟﺴﻮرة ﺑﻬﺎ وﺟﻪ ﺳﻮرة اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ إﻇﻬﺎر ﻗﺪرة اﷲ ﻋﻠﻰ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /اﺟﺘﻬﺎدﻳﺔ ﺟﻤﻊ ﺧﻠﻖ اﻹﻧﺴﺎن وﺑﻌﺜﻪ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺴﻮرة اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ اﳌﻮﺿﻮع اﻵﻳﺎت اﳌﻮﺿﻮع اﻵﻳﺎت ﺣﺮص اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺣﻲ ﻣﻦ أﻫﻮال ﻳﻮم اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﺑﲔ وﺟﻮه ﻧﺎﺿﺮه ووﺟﻮه ﺑﺎﺳﺮه ﺳﺎﻋﺔ اﳌﻮت ﺗﻘﺮﻳﺮ اﻟﺒﻌﺚ ﺑﻌﺪ اﳌﻮت ٣٧٠
أﻏﺮاض اﻟﺴﻮرة ﺗﺪور اﻟﺴﻮرة ﺣﻮل ﻏﺮض )اﻟﺒﻌﺚ واﳉﺰاء( اﻟﺬي ﻫﻮ أﺣﺪ أرﻛﺎن اﻹﳝﺎن ،وﺗﺮﻛﺰ ﺑﻮﺟﻪ ﺧﺎص ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ وأﻫﻮاﻟﻬﺎ ،واﻧﻘﺴﺎم اﻟﻨﺎس ﻓﻴﻬﺎ إﻟﻰ ﻓﺮﻳﻘﲔ :ﺳﻌﺪاء وأﺷﻘﻴﺎء ،ﻓﺎﻟﺴﻌﺪاء وﺟﻮﻫﻬﻢ ﻣﻀﻴﺌﺔ ﺗﺘﻸﻷ ﺑﺎﻷﻧﻮار، ﻳﻨﻈﺮون إﻟﻰ اﻟﺮب ﺟﻞ وﻋﻼ ،واﻷﺷﻘﻴﺎء وﺟﻮﻫﻬﻢ ﻣﻈﻠﻤﺔ ﻗﺎﲤﺔ ﻳﻌﻠﻮﻫﺎ اﻟﺬل واﻟﻘﺘﺮة ،وﻗﺪ ﺻﻮرت اﻟﺴﻮرة ﺣﺎل اﻹﻧﺴﺎن وﻗﺖ اﻻﺣﺘﻀﺎر ﺣﻴﺚ ﻳﻠﻘﻰ ﻣﻦ اﻟﻜﺮب واﻟﻀﻴﻖ ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﰲ اﳊﺴﺒﺎن ،وﺳﺎﻗﺖ ﰲ اﳋﺘﺎم اﻷدﻟﺔ واﻟﺒﺮاﻫﲔ ﻋﻠﻰ إﺛﺒﺎت اﳊﺸﺮ واﳌﻌﺎد ﻣﻨﺎﺳﺒﺎت اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ أول اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ اﻟﺴﻮرة ﺑﺂﺧﺮﻫﺎ ﳌﺎ ﻗﺒﻠﻬﺎ ﺑﺪأت ﺑﺬﻛﺮ إﺣﻴﺎء اﳌﻮﺗﻰ ،وﺧﺘﻤﺖ ﺑﻪ اﻟﺴﻮرﺗﺎن ﺗﺘﺤﺪﺛﺎن ﻋﻦ ﻳﻮم اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ وأﻫﻮاﻟﻬﺎ وأﺣﻮال اﻟﻨﺎس ﻓﻴﻬﺎ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻐﺮﻳﺐ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﳒﻌﻞ أﺻﺎﺑﻊ ﻳﺪﻳﻪ اﻟﻨﻔﺲ اﻟﺘﻲ ﺗﻠﻮم أﻗﺴﻢ ،و)ﻻ( :ﺗﺄﻛﻴﺪ ورﺟﻠﻴﻪ ﺷﻴﺌﺎً ﻣﺴﺘﻮﻳﺎً ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ ﻟﻠﻘﺴﻢ و ُﻗ ِﺮن ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﰲ اﻟﻄﻠﻮع ﻣﻦ اﳌﻐﺮب ﻣﻈﻠﻤﲔ ﲢ ﱠﻴﺮ اﻟﺒﺼﺮ ودﻫﺶ ﻣﺘﻰ؟ ﻷﻫﻮال اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﺷﺎﻫ ٌﺪ ﺗﻨﻄﻖ ﻻ ﻣﻠﺠﺄ وﻻ ﻣﻨﺠﻰ ﺟﻮارﺣﻪ ﺑﻌﻤﻠﻪ اﳌﺮﺟﻊ ،واﳌﺼﻴﺮ ﻟﻪ ﻣﻦ اﷲ ﰲ ﺻﺪرك ﻟﺘﺴﺘﻌﺠﻞ ﺣﻔﻆ ﻟﻮ ﺟﺎء ﺑﻜﻞ ﻣﻌﺬرة ﻣﺎ ﻳُﻮﺣﻰ إﻟﻴﻚ ﻳﻌﺘﺬر ﺑﻬﺎ ،ﻣﺎ ﻗﺒﻠﺖ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﻣﺎ أﺷﻜﻞ ﻋﻠﻴﻚ ﻓﻬﻤﻪ اﺳﺘﻤﻊ ﻟﻘﺮاءﺗﻪ ﻣﻦ ﺟﺒﺮﻳﻞ، ﻗﺮاءﺗﻪ ﺑﻠﺴﺎﻧﻚ ﺛﻢ اﻗﺮأه ﻛﻤﺎ أﻗﺮأك ﻣﺘﻰ ﺷﺌﺖ ﻋﺎﺑﺴﺔ ،ﻛﺎﳊﺔ ﺗﺮى رﺑﻬﺎ ﰲ اﳉﻨﺔ ﻣﺸﺮﻗﺔ ،ﺣﺴﻨﺔ ٣٧١
ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ اﻟﻜﻠﻤﺔ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ وﺻﻠﺖ اﻟﺮوح إﻟﻰ ﺣﻘﺎً ﻣﺼﻴﺒﺔ ﻋﻈﻴﻤﺔ ﺗﻘﺼﻢ أﻋﺎﻟﻲ اﻟﺼﺪر ﻓﻘﺎر اﻟﻈﻬﺮ أﻳﻘﻦ اﶈﺘﻀﺮ واﻟﺘﻔﺖ إﺣﺪى ﺳﺎﻗﻴﻪ ﻫﻞ ﻣﻦ را ٍق ﻳﺮﻗﻴﻪ، ﺑﺎﻷﺧﺮى ﻋﻨﺪ اﳌﻮت وأﻋﺮض ﻋﻦ اﻹﳝﺎن وﻳﺸﻔﻴﻪ؟ ﻳﺘﺒﺨﺘﺮ ﰲ ﻣﺸﻴﺘﻪ ﻫﻤ ًﻼ ﻻ ﻳُﺆﻣﺮ، ﺳﻮق اﻟﻌﺒﺎد ﻟﻠﺠﺰاء ﻣﺨﺘﺎﻻً وﻻ ﻳُﺤﺎﺳﺐ ﻛﻠﻤﺔ وﻋﻴﺪ ،أي: ﻳُﺼ ﱡﺐ ﰲ اﻟﺮﺣﻢ ﻫﻼك ﻟﻚ ﻓﻬﻼك ﻓﻌ ﱠﺪل ﺧﻠﻘﻪ ،وأﻋﻀﺎءه ِﻗﻄﻌ ًﺔ ﻣﻦ دم ﺟﺎﻣﺪ ﻣﻦ وﺣﻲ اﻵي اﺑﻦ اﻟﻘﻴﻢ َوﻧَ ﱠﺒﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﺑﻜﻮﻧﻬﺎ ﻟﻮاﻣ ًﺔ ﻋﻠﻰ ﺷﺪة ﺣﺎﺟﺘﻬﺎ وﻓﺎﻗﺘﻬﺎ وﺿﺮورﺗﻬﺎ إﻟﻰ ﻣﻦ ﻳُ َﻌ ﱢﺮ ُﻓﻬﺎ اﳋﻴﺮ واﻟﺸﺮ ،وﻳﺪﻟﻬﺎ ﻋﻠﻴﻪ، وﻳﺮﺷﺪﻫﺎ إﻟﻴﻪ ،وﻳﻠﻬﻤﻬﺎ إﻳﺎه؛ ﻓﻴﺠﻌﻠﻬﺎ ﻣﺮﻳﺪة ﻟﻠﺨﻴﺮ ،ﻣﺮﺷﺪة ﻟﻪ ،ﻛﺎرﻫﺔ ﻟﻠﺸﺮ ،ﻣﺠﺎﻧﺒﺔ ﻟﻪ؛ ﻟﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ اﻟﻠﻮم ،وﻣﻦ ﺷﺮ ﻣﺎ ﺗﻠﻮم ﻋﻠﻴﻪ ،وﻷﻧﻬﺎ ﻣﺘﻠﻮﻣﺔ ﻣﺘﺮددة ﻻ ﺗﺜﺒﺖ ﻋﻠﻰ ﺣﺎل واﺣﺪة ،ﻓﻬﻲ ﻣﺤﺘﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﻣﻦ ﻳُ َﻌ ﱢﺮ ُﻓﻬﺎ ﻣﺎ ﻫﻮ أﻧﻔﻊ ﻟﻬﺎ ﰲ ﻣﻌﺎﺷﻬﺎ وﻣﻌﺎدﻫﺎ ﻓﺘﺆﺛﺮه وﺗﻠﻮم ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻋﻠﻴﻪ إذا ﻓﺎﺗﻬﺎ اﺑﻦ اﻟﻘﻴﻢ اﺳﺘﺤﻀﺎر اﻟﻌﺒﺪ ﳋﻄﺎﻳﺎه وذﻧﻮﺑﻪ؛ ﲡﻌﻠﻪ ﻻ ﻳﺮى ﻟﻨﻔﺴﻪ ﻋﻠﻰ أﺣﺪ ﻓﻀ ًﻼ ،ﻓﻴﺮى أن ﻣﻦ ﺳﻠﱠﻢ ﻋﻠﻴﻪ أو ﻟﻘﻴﻪ ﺑﻮﺟﻪ ﻣﻨﺒﺴﻂ ،ﻓﻘﺪ أﺣﺴﻦ إﻟﻴﻪ ،ﻓﻤﺎ أﻃﻴﺐ ﻋﻴﺸﻪ! وﻣﺎ أﻧﻌﻢ ﺑﺎﻟﻪ! ﺧﻼﻓﺎً ﳌﻦ ﻳﺮى ﻟﻨﻔﺴﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺎس ﺣﻘﻮﻗﺎً ﻣﻦ اﻹﻛﺮام ﻳﻄﻠﺒﻬﺎ ﻣﻨﻬﻢ ،وﻳﺬﻣﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺗﺮك اﻟﻘﻴﺎم ﺑﻬﺎ اﺑﻦ اﻟﻘﻴﻢ ﻣﻦ اﻵداب اﻟﺘﻲ أ ﱠدب ﺑﻬﺎ ﻧﺒﻴﻪ ﷺ أن أﻣﺮه ﺑﺘﺮك اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ اﻻﺳﺘﻌﺠﺎل ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻘﻲ اﻟﻮﺣﻲ؛ ﻓﻬﻜﺬا ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻄﺎﻟﺐ اﻟﻌﻠﻢ وﻟﺴﺎﻣﻌﻪ أن ﻳﺼﺒﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﻠﻤﻪ ﺣﺘﻰ ﻳﻨﺘﻬﻲ ،ﺛﻢ ﻳﺴﺄل ﻋﻤﺎ أﺷﻜﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻨﻪ اﻟﺴﻌﺪي ﻷن اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻧﻌﻴﻤﻬﺎ وﻟﺬاﺗﻬﺎ ﻋﺎﺟﻠﺔ ،واﻹﻧﺴﺎن ﻣﻮﻟﻊ ﺑﺤﺐ اﻟﻌﺎﺟﻞ ،واﻵﺧﺮة ﻣﺘﺄﺧﺮ ﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻨﻌﻴﻢ اﳌﻘﻴﻢ؛ ﻓﻠﺬﻟﻚ ﻏﻔﻠﺘﻢ ﻋﻨﻬﺎ وﺗﺮﻛﺘﻤﻮﻫﺎ ﻛﺄﻧﻜﻢ ﻟﻢ ﺗﺨﻠﻘﻮا ﻟﻬﺎ ،وﻛﺄن ﻫﺬه اﻟﺪار ﻫﻲ دار اﻟﻘﺮار اﻟﺘﻲ ﺗﺒﺬل ﻓﻴﻬﺎ ﻧﻔﺎﺋﺲ اﻷﻋﻤﺎر ،وﻳﺴﻌﻰ ﻟﻬﺎ آﻧﺎء اﻟﻠﻴﻞ واﻟﻨﻬﺎر ،وﺑﻬﺬا اﻧﻘﻠﺒﺖ ﻋﻠﻴﻜﻢ اﳊﻘﻴﻘﺔ ،وﺣﺼﻞ ﻣﻦ اﳋﺴﺎر ﻣﺎ ﺣﺼﻞ اﺑﻦ اﳉﻮزي َﻣﻦ ﻟﻚ إذا أﻟـ ﱠﻢ اﻷﻟـ ُﻢ وﺳﻜﺖ اﻟﺼﻮت ،وﲤ ﱠﻜﻦ اﻟﻨﺪم ،ووﻗﻊ اﻟﻔﻮت ،وأﻗﺒﻞ ﻷﺧﺬ اﻟﺮوح ﻣﻠ ُﻚ اﳌﻮت ،وﺟﺎءت ﺟﻨﻮده ،وﻗﻴﻞ: ﻣﻦ راق؟ وﻧﺰﻟﺖ ﻣﻨﺰﻻً ﻟﻴﺲ ﲟ ْﺴﻜﻮن ،وﺗﻌ ﱠﻮﺿﺖ ﺑﻌﺪ اﳊﺮﻛﺎت اﻟﺴﻜﻮن ،ﻓﻴﺎ أﺳﻔﺎً ﻟﻚ ﻛﻴﻒ ﺗﻜﻮن؟ وأﻫﻮال اﻟﻘﺒﺮ ﻻ ﺗﻄﺎق ،أﻛﺜﺮ ﻋﻤﺮك ﻗﺪ ﻣﻀﻰ ،وأﻋﻈﻢ زﻣﺎﻧﻚ ﻗﺪ اﻧﻘﻀﻰ ،أﰲ أﻓﻌﺎﻟﻚ ﻣﺎ ﻳَﺼﻠ ُﺢ ﻟﻠ ﱢﺮﺿﺎ إذا اﻟﺘﻘﻴﻨﺎ ﻳﻮم اﻟﺘﻼق؟ ٣٧٢
أﺳﻤﺎء اﻟﺴﻮرة ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﻣﺪﻧﻴﺔ ﺳﻮرة اﻹﻧﺴﺎن ﻻﻓﺘﺘﺎﺣﻬﺎ ﺑﺬﻛﺮ اﻹﻧﺴﺎن وﺟﻪ اﳌﺼﺤﻒ ٧٦ وﺧﻠﻘﻪ ﻣﻦ ﻋﺪم اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /ﺗﻮﻗﻴﻔﻴﺔ ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﺑﲔ ﻳﺪي آﻳﺔ اﻟﻨﺰول ٩٨ اﻟﺴﻮرة ﻻﻓﺘﺘﺎﺣﻬﺎ ﺑﻬﺬه اﳉﻤﻠﺔ وﺟﻪ ﺳﻮرة اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﺳﻮرة ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /اﺟﺘﻬﺎدﻳﺔ ﻣﻘﺼﺪ اﻟﺴﻮرة ﺳﻮرة اﻷﺑﺮار ﻟﻮرود ﻧﻌﻴﻢ اﻷﺑﺮار ﻓﻴﻬﺎ وﺟﻪ اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﺗﺬﻛﻴﺮ اﻹﻧﺴﺎن ﺑﺄﺻﻠﻪ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /اﺟﺘﻬﺎدﻳﺔ وﺣﻜﻤﺔ ﺧﻠﻘﻪ وﻣﺼﻴﺮه ﰲ ﻟﻮﻗﻮع ﻟﻔﻆ اﻷﻣﺸﺎج ﻓﻴﻬﺎ وﺟﻪ ﺳﻮرة اﻷﻣﺸﺎج اﻟﺪارﻳﻦ ،وإﻇﻬﺎر ﻧﻌﻴﻢ اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ اﳉﻨﺔ ،ﺗﺜﺒﻴﺘﺎً ﻟﻠﻤﺆﻣﻨﲔ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /اﺟﺘﻬﺎدﻳﺔ ودﻋﻮة ﻟﻠﻜﺎﻓﺮﻳﻦ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺴﻮرة اﳌﻮﺿﻮع اﻵﻳﺎت اﳌﻮﺿﻮع اﻵﻳﺎت ﻋﺬاب اﻟﻜﺎﻓﺮﻳﻦ وﻧﻌﻴﻢ اﻷﺑﺮار ﰲ اﻟﻴﻮم اﻵﺧﺮ ﺧﻠﻖ اﻹﻧﺴﺎن وﻫﺪاﻳﺘﻪ ﻷﺣﺪ اﻟﻄﺮﻳﻘﲔ ﺗﻮﺟﻴﻬﺎت ﻟﻠﻨﺒﻲ ﷺ واﳌﺆﻣﻨﲔ ٣٧٣
أﻏﺮاض اﻟﺴﻮرة ﺑُﺪﺋﺖ ﺑﺒﻴﺎن ﻗﺪرة اﷲ ﰲ ﺧﻠﻖ اﻹﻧﺴﺎن ﰲ أﻃﻮار ،وﺗﻬﻴﺌﺘﻪ ﻟﻴﻘﻮم ﲟﺎ ﻛﻠﻒ ﺑﻪ ﻣﻦ أﻧﻮاع اﻟﻌﺒﺎدة ،ﺣﻴﺚ ﺟﻌﻞ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻟﻪ اﻟﺴﻤﻊ واﻟﺒﺼﺮ وﺳﺎﺋﺮ اﳊﻮاس ،ﺛﻢ ﺗﻨﺎوﻟﺖ اﻟﻨﻌﻴﻢ اﻟﺬي أﻋﺪه اﷲ ﻷﻫﻞ اﳉﻨﺔ ،وﺗﻄﺮﻗﺖ إﻟﻰ ﺷﻲء ﻣﻦ أوﺻﺎف ﻫﺆﻻء اﻟﺴﻌﺪاء ،ﻓﻮﺻﻔﺘﻬﻢ ﺑﺎﻟﻮﻓﺎء ﺑﺎﻟﻨﺬر ،وإﻃﻌﺎم اﻟﻄﻌﺎم اﺑﺘﻐﺎء ﻣﺮﺿﺎة اﻟﺮب ﺟﻞ ﰲ ﻋﻼه ،وﻏﻴﺮ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﺻﻔﺎت ،ﺛﻢ أﺷﺎدت ﲟﺎ ﻟﻬﻢ ﻋﻨﺪ اﷲ ﻣﻦ اﻷﺟﺮ واﻟﻜﺮاﻣﺔ ﰲ دار اﻹﻗﺎﻣﺔ ،وﲟﺎ ﺣﺒﺎﻫﻢ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﻦ اﻟﻔﻀﻞ واﻟﻨﻌﻴﻢ ﻳﻮم اﻟﺪﻳﻦ ،ﺛﻢ ﺻﻮرت ﻧﻌﻴﻢ أﻫﻞ اﳉﻨﺔ ﰲ ﻣﺄﻛﻠﻬﻢ ،وﻣﺸﺮﺑﻬﻢ، وﻣﻠﺒﺴﻬﻢ ،وﺧﺪﻣﻬﻢ ،وﺧﺘﻤﺖ ﺑﺒﻴﺎن أن اﻟﻘﺮآن ﺗﺬﻛﺮة ﳌﻦ ﻛﺎن ﻟﻪ ﻗﻠﺐ ﻳﻌﻲ ،أو ﻓﻜﺮ ﺛﺎﻗﺐ ﻳﺴﺘﻀﻲء ﺑﻨﻮره ﻣﻨﺎﺳﺒﺎت اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ أول اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ اﻟﺴﻮرة ﺑﺂﺧﺮﻫﺎ ﳌﺎ ﻗﺒﻠﻬﺎ ﺑﺪأت ﺑﺬﻛﺮ اﻟﺸﺎﻛﺮ واﻟﻜﻔﻮر وﺧﺘﻤﺖ ﺑﻬﻤﺎ: ذﻛﺮ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﰲ آﺧﺮ ﺳﻮرة اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﻣﺒﺪأ ﺧﻠﻖ اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻦ ﻧﻄﻔﺔ، واﻓﺘﺘﺤﺖ ﺑﺬﻟﻚ ﺳﻮرة اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻐﺮﻳﺐ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﺨﺘﻠﻄﺔ ﻣﻦ ﻣﺎء زﻣﻦ ﻃﻮﻳﻞ ﻗﺪ ﻣﻀﻰ اﻟﺮﺟﻞ وﻣﺎء اﳌﺮأة ﺑ ﱠﻴ ﱠﻨﺎ ﻟﻪ ﻃﺮﻳﻖ ﻧﺨﺘﺒﺮه ﺑﺎﻷواﻣﺮ، ﻗﻴﻮداً ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺪ اﳋﻴﺮ ،واﻟﺸﺮ واﻟﻨﻮاﻫﻲ ﺗﺸﺪ ﺑﻬﺎ أرﺟﻠﻬﻢ ﻧﺎراً ﻳﺤﺮﻗﻮن ﺑﻬﺎ ﺗُﻐ ﱡﻞ و ُﲡﻤﻊ ﺑﻬﺎ أﻳﺪﻳﻬﻢ إﻧﺎء ﺷﺮب اﳋﻤﺮ، إﻟﻰ أﻋﻨﺎﻗﻬﻢ وﻓﻴﻬﺎ ﺧﻤﺮ ﻳﺸﺮﺑﻮن ﻣﺘﻠﺬذﻳﻦ ﺑﻬﺎ ﻣﺨﻠﻮﻃﺔ ﺑﺄﺣﺴﻦ أﻧﻮاع ﻳُﺠ ُﺮوﻧﻬﺎ إﺟﺮا ًء ﻓﺎﺷﻴﺎً ﻣﻨﺘﺸﺮاً اﻟﻄﻴﺐ ،وﻫﻮ ﻣﺎء اﻟﻜﺎﻓﻮر ﺳﻬ ًﻼ ﺣﻴﺚ ﺷﺎؤوا ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺎس ﲟﺎ أوﺟﺒﻮا ﻋﻠﻰ أﻧﻔﺴﻬﻢ ﻃﻔ ًﻼ ﻣﺎت واﻟﺪه ﻗﺒﻞ ﺗﻜﻠﺢ ﻓﻴﻪ اﻟﻮﺟﻮه ﻟﻬﻮﻟﻪ ﻣﻦ اﻟﻄﺎﻋﺎت ﺑﻠﻮﻏﻪ ،وﻻ ﻣﺎل ﻟﻪ ٣٧٤ اﳌﺄﺧﻮذ ﰲ اﳊﺮب ﺷﺪﻳﺪ اﻟﻌﺒﻮس
ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ اﻷ ِﺳ ﱠﺮة اﳌﺰﻳﻨﺔ ﺑﻔﺎﺧﺮ ُﺣﺴﻨﺎً وﻧﻮراً وأﻋﻄﺎﻫﻢ اﻟﺜﻴﺎب ،واﻟﺴﺘﻮر ﻗﺮﻳﺒﺔ أﺷﺠﺎرﻫﺎ ﺷﺪة ﺑﺮد ُﺳ ﱢﻬﻞ ﻟﻬﻢ أﺧﺬ ﺛﻤﺎرﻫﺎ ﻗ ﱠﺪرﻫﺎ اﻟ ﱡﺴﻘﺎة ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺪار إﻧﺎ ًء ﳑﻠﻮءاً ﺧﻤﺮاً ﻣﺎ ﻳﺸﺘﻬﻲ اﻟﺸﺎرﺑﻮن ﻣﻦ اﻟﺰﺟﺎج ِﻏﻠﻤﺎن ﻟﻠﺨﺪﻣﺔ داﺋﻤﻮن ﻛﺎﻟﻠﺆﻟﺆ اﳌُﻔ ﱠﺮق اﳌﻀﻲء؛ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟﻬﻢ ُﺳﻤﻴﺖ ﺑﺬﻟﻚ؛ ﻟﺴﻼﺳﺔ ﳊﺴﻨﻬﻢ ،وﺻﻔﺎء أﻟﻮاﻧﻬﻢ ﺷﺮﺑﻬﺎ ،وﺳﻬﻮﻟﺔ ﻣﺴﺎﻏﻪ ﻳﻌﻠُﻮﻫﻢ اﳊﺮﻳﺮ اﻟﺮﻗﻴﻖ اﻷﺧﻀﺮ؛ وإذا أﺑﺼﺮت أي وﻫﺬا ﺑﺎﻃﻦ اﻟﺜﻴﺎب ﻻ ِرﺟﺲ ﻓﻴﻪ ،وﻻ دﻧﺲ ﻣﻜﺎن ﰲ اﳉﻨﺔ ﻋﻤﻠﻜﻢ اﻟﺼﺎﻟﺢ ﰲ اﻟﺪﻧﻴﺎ اﳊﺮﻳﺮ اﻟﻐﻠﻴﻆ؛ وﻫﺬا ﻇﺎﻫﺮ اﻟﺜﻴﺎب ﺻ ﱢﻞ ﻟﻪ أول اﻟﻨﻬﺎر ،وآﺧﺮه ِﻷﻣ ِﺮه اﻟﻘﺪري ﻓﺘﻘﺒﻠﻪ ،و ِﻷﻣ ِﺮه ﻃﺮﻳﻘﺎً إﻟﻰ اﷲ ﺑﻄﺎﻋﺘﻪ ﻋﻈﺔ اﻟﺸﺮﻋﻲ ﻓﺘﻤﻀﻲ ﻋﻠﻴﻪ وأﺣﻜﻤﻨﺎ ﺧﻠﻘﻬﻢ ﻣﻦ وﺣﻲ اﻵي ﻛﺎن اﻟﺴﻠﻒ ﻟﻌﻈﻢ ﺧﻮﻓﻬﻢ ﻣﻦ اﷲ ،وﺷﺪة ﻗﻠﻘﻬﻢ ﻣﻦ ﳊﻈﺔ وﻗﻮﻓﻬﻢ أﻣﺎم اﷲ ،ﻳﺘﻤﻨﻮن أﻧﻬﻢ ﻟﻢ ﻳﺨﻠﻘﻮا ،ﻛﻤﺎ ﻗﺎل اﻟﻔﺎروق ﳌﺎ ﺳﻤﻊ رﺟ ًﻼ ﻳﻘﺮأ :اﻟﺒﻐﻮي ، ﻓﻘﺎل ﻋﻤﺮ :ﻟﻴﺘﻬﺎ ﲤﺖ ،أي :ﻟﻴﺘﻨﻲ ﻟﻢ أﻛﻦ ﺷﻴﺌﺎً ﻣﺬﻛﻮراً اﻟﻘﺮﻃﺒﻲ وﺟﻤﻊ ﺑﲔ اﻟﺸﺎﻛﺮ واﻟﻜﻔﻮر ،وﻟﻢ ﻳﺠﻤﻊ ﺑﲔ اﻟﺸﻜﻮر واﻟﻜﻔﻮر -ﻣﻊ اﺟﺘﻤﺎﻋﻬﻤﺎ ﰲ ﻣﻌﻨﻰ اﳌﺒﺎﻟﻐﺔ -ﻧﻔﻴﺎً ﻟﻠﻤﺒﺎﻟﻐﺔ ﰲ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ اﻟﺸﻜﺮ وإﺛﺒﺎﺗﺎً ﻟﻬﺎ ﰲ اﻟﻜﻔﺮ؛ ﻷن ﺷﻜﺮ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻻ ﻳﺆدى ﻓﺎﻧﺘﻔﺖ ﻋﻨﻪ اﳌﺒﺎﻟﻐﺔ ،وﻟﻢ ﺗﻨﺘﻒ ﻋﻦ اﻟﻜﻔﺮ اﳌﺒﺎﻟﻐﺔ .ﻓﻘﻞ ﺷﻜﺮه ﻟﻜﺜﺮة اﻟﻨﻌﻢ ﻋﻠﻴﻪ وﻛﺜﺮ ﻛﻔﺮه -وإن ﻗﻞ -ﻣﻊ اﻹﺣﺴﺎن إﻟﻴﻪ اﺑﻦ رﺟﺐ ﻫﻞ ﺗﺮﻳﺪ ﺑﺎﺑﺎً ﻣﻦ أﺑﻮاب اﻟﻌﻤﻞ اﳋﺎﻟﺺ؟ إﻧﻬﺎ ﻣﺤﺒﺔ اﳌﺴﺎﻛﲔ واﻹﺣﺴﺎن إﻟﻴﻬﻢ؛ ﻷن ﻧﻔﻌﻬﻢ ﰲ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻻ ﻳﺮﺟﻰ ﻏﺎﻟﺒﺎً ،ﺗﺄﻣﻞ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: اﻟﻘﺼﺎب ﻣﻦ ﺧﺎف اﷲ ﰲ اﻟﺪﻧﻴﺎ ،وأﺧﺬ أُﻫﺒﺘَﻪ ﻣﻦ ﻃﺎﻋﺔ رﺑﻪ ،أ ﱠﻣﻨَﻪ ﻣﻦ أﻫﻮال ﻳﻮم اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ،ووﻗﺎه اﻟﻔﺰع اﻷﻛﺒﺮ ،ﺗﺄﻣﻞ ﻗﻮﻟﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻋﻦ ﻃﺎﺋﻔﺔ ﻣﻦ ﻋﺒﺎده اﶈﺴﻨﲔ ﰲ ﺳﻮرة اﻹﻧﺴﺎن :ﭼ ٣٧٥
اﺑﻦ اﻟﻘﻴﻢ ﻣﻦ ﻓﺴﺢ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﰲ اﺗﺒﺎع اﻟﻬﻮى ،ﺿﻴﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﰲ ﻗﺒﺮه وﻳﻮم ﻣﻌﺎده ،وﻣﻦ ﺿﻴﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﲟﺨﺎﻟﻔﺔ اﻟﻬﻮى ،وﺳﻊ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﰲ ﻗﺒﺮه وﻣﻌﺎده ،وﻗﺪ أﺷﺎر اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ إﻟﻰ ﻫﺬا ﰲ ﻗﻮﻟﻪ ؛ ﻓﻠﻤﺎ ﻛﺎن ﰲ اﻟﺼﺒﺮ -اﻟﺬي ﻫﻮ ﺣﺒﺲ اﻟﻨﻔﺲ ﻋﻦ اﻟﻬﻮى -ﺧﺸﻮﻧﺔ وﺗﻀﻴﻴﻖ ،ﺟﺎزاﻫﻢ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻧﻌﻮﻣﺔ اﳊﺮﻳﺮ وﺳﻌﺔ اﳉﻨﺔ اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر وأﺣﺴﻦ ﻣﻦ ﻳﺘﺨﺬ ﻟﻠﺨﺪﻣﺔ اﻟﻮﻟﺪان؛ ﻷﻧﻬﻢ أﺧﻒ ﺣﺮﻛﺔ وأﺳﺮع ﻣﺸﻴﺎً ،وﻷن اﳌﺨﺪوم ﻻ ﻳﺘﺤﺮج إذا أﻣﺮﻫﻢ أو ﻧﻬﺎﻫﻢ اﺑﻦ اﻟﻘﻴﻢ ﻣﻦ ﻃﺎل وﻗﻮﻓﻪ ﰲ اﻟﺼﻼة ﻟﻴ ًﻼ وﻧﻬﺎراً ﷲ ،وﲢﻤﻞ ﻷﺟﻠﻪ اﳌﺸﺎق؛ ﺧﻒ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻮﻗﻮف ﰲ ذﻟﻚ اﻟﻴﻮم ،وإن آﺛﺮ اﻟﺮاﺣﺔ ﻫﻨﺎ واﻟﺪﻋﺔ واﻟﺒﻄﺎﻟﺔ واﻟﻨﻌﻤﺔ؛ ﻃﺎل ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻮﻗﻮف ﻫﻨﺎك، واﺷﺘﺪت ﻣﺸﻘﺘﻪ ﻋﻠﻴﻪ ،وﻗﺪ أﺷﺎر اﷲ إﻟﻰ ذﻟﻚ ﰲ ﻗﻮﻟﻪ :ﮋ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ٣٧٦
ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﻣﻜﻴﺔ أﺳﻤﺎء اﻟﺴﻮرة اﳌﺼﺤﻒ ٧٧ ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﺑﲔ ﻳﺪي آﻳﺔ ﺳﻮرة اﳌﺮﺳﻼت ﻻﻓﺘﺘﺎﺣﻬﺎ ﺑﺎﻟﻘﺴﻢ اﻹﻟﻬﻲ وﺟﻪ اﻟﻨﺰول ٣٣ اﻟﺴﻮرة ﺑﺎﳌﺮﺳﻼت وﻫﻲ اﻟﺮﻳﺎح اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /ﺗﻮﻗﻴﻔﻴﺔ ﻣﻘﺼﺪ اﻟﺴﻮرة ﻻﻓﺘﺘﺎﺣﻬﺎ ﺑﻬﺬه اﳉﻤﻠﺔ وﺟﻪ ﺳﻮرة اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ إﺛﺒﺎت اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /اﺟﺘﻬﺎدﻳﺔ ﻣﺤﺎﺟﺔ اﳌﻜﺬﺑﲔ ﺑﺎﻷدﻟﺔ، وﺗﺘﺎﺑﻌﻬﺎ ﺑﺎﻟﻮﻋﻴﺪ واﻟﺘﻬﺪﻳﺪ ﺳﻮرة اﻟﻌﺮف وﺟﻪ اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻟﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /اﺟﺘﻬﺎدﻳﺔ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺴﻮرة اﳌﻮﺿﻮع اﻵﻳﺎت اﳌﻮﺿﻮع اﻵﻳﺎت ﻣﺼﺎرع اﻟﻐﺎﺑﺮﻳﻦ وﺳﲍ اﷲ ﰲ اﳌﻜﺬﺑﲔ ﻣﻦ ﻣﺸﺎﻫﺪ ﻳﻮم اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﲢﺬﻳﺮ اﻟﻜﺎﻓﺮﻳﻦ ﻣﻦ أﻫﻮال اﻟﻴﻮم اﻵﺧﺮ ﺗﺄﻣﻼت ﰲ ﺧﻠﻖ اﻹﻧﺴﺎن واﻟﻜﻮن ﺛﻮاب اﳌﺘﻘﲔ وﻋﺎﻗﺒﺔ اﳌﻜﺬﺑﲔ ٣٧٧
أﻏﺮاض اﻟﺴﻮرة ﺑُﺪﺋﺖ ﺑﺎﻟﻘﺴﻢ ﺑﺄﻧﻮاع اﳌﻼﺋﻜﺔ ،اﳌﻜﻠﱠﻔﲔ ﺑﺘﺪﺑﻴﺮ ﺷﺆون اﻟﻜﻮن ،ﻋﻠﻰ أن اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﺣ ﱞﻖ ،وأن اﻟﻌﺬاب واﻟﻬﻼك واﻗﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺎﻓﺮﻳﻦ ،وﲢﺪﺛﺖ ﻋﻦ وﻗﺖ ذﻟﻚ اﻟﻌﺬاب اﻟﺬي ُوﻋﺪ ﺑﻪ اﳌﺠﺮﻣﻮن ،وﺗﻨﺎوﻟﺖ دﻻﺋﻞ ﻗﺪرة اﷲ اﻟﺒﺎﻫﺮة ،ﻋﻠﻰ إﻋﺎدة اﻹﻧﺴﺎن ﺑﻌﺪ اﳌﻤﺎت ،وإﺣﻴﺎﺋﻪ ﺑﻌﺪ اﻟﻔﻨﺎء ،وﺻﻮرت ﻣﺂل اﳌﺠﺮﻣﲔ ،وﻣﺎ ﻳﻠﻘﻮن ﰲ اﻟﻨﺎر ﻣﻦ ﻋﺬاب وﻧﻜﺎل ،وﲢﺪﺛﺖ ﻋﻦ ﻣﺮﺟﻊ اﳌﺆﻣﻨﲔ ،وذﻛﺮت ﻣﺎ أﻋ ﱠﺪه اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻟﻬﻢ ﻣﻦ أﻧﻮاع اﻟﻨﻌﻴﻢ واﻹﻛﺮام، وﺧﺘﻤﺖ ﺑﺒﻴﺎن ﺳﺒﺐ اﻣﺘﻨﺎع اﻟﻜﻔﺎر ،ﻋﻦ ﻋﺒﺎدة اﷲ اﻟﻮاﺣﺪ اﻟﻘﻬﺎر ﻣﻨﺎﺳﺒﺎت اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ أول اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ اﻟﺴﻮرة ﺑﺂﺧﺮﻫﺎ ﳌﺎ ﻗﺒﻠﻬﺎ ﰲ ﻓﺎﲢﺔ اﻟﺴﻮرة ﺗﺄﻛﻴﺪ ﺑﺎﻟﻘﺴﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ أﺧﺒﺮ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﰲ ﺧﺎﲤﺔ ﺳﻮرة اﻹﻧﺴﺎن أﻧﻪ: وﻗﻮع اﻟﺴﺎﻋﺔ ،وﰲ ﺧﺎﲤﺘﻬﺎ ، إﻧﻜﺎر ﻋﻠﻰ اﳌﻜﺬﺑﲔ ﺑﻬﺎ اﻓﺘﺘﺤﺖ ﺳﻮرة اﳌﺮﺳﻼت ﺑﺎﻟﻘﺴﻢ ﻋﻠﻰ أن ﻣﺎ ﻳﻮﻋﺪون ﻟﻮاﻗﻊ ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻐﺮﻳﺐ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻗﺴ ٌﻢ ﺑﺎﳌﻼﺋﻜﺔ اﳌﻮﻛﻠﲔ ﺑﺎﻟﺴﺤﺐ ﻗﺴ ٌﻢ ﺑﺎﻟﺮﻳﺎح ﺷﺪﻳﺪة ﻗﺴ ٌﻢ ﺑﺎﻟﺮﻳﺎح ﺣﲔ ﺗﻬﺐ ﻣﺘﺘﺎﺑﻌﺔ ﻳﺴﻮﻗﻮﻧﻬﺎ ﺣﻴﺚ ﺷﺎء اﷲ اﻟﻬﺒﻮب اﳌﻬﻠﻜﺔ ﻳﻘﻔﻮ ﺑﻌﻀﻬﺎ أﺛﺮ ﺑﻌﺾ إﻋﺬاراً ﻣﻦ اﷲ ﻗﺴ ٌﻢ ﺑﺎﳌﻼﺋﻜﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻠﻘﻰ اﻟﻮﺣﻲ ﻗﺴ ٌﻢ ﺑﺎﳌﻼﺋﻜﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺰل ﲟﺎ إﻟﻰ ﺧﻠﻘﻪ ﻣﻦ اﷲ ،وﺗﻨﺰل ﺑﻪ ﻋﻠﻰ اﻷﻧﺒﻴﺎء ﻳﻔﺮق ﺑﲔ اﳊﻖ ،واﻟﺒﺎﻃﻞ ُﻣ ِﺤﻴﺖ ،وذﻫﺐ ﻧﻮرﻫﺎ ﻣﻦ أﻣﺮ اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ وﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻟﻺﻧﺬار ﻣﻦ اﷲ ﻣﻦ ﺟﺰاء ،وﺣﺴﺎب إﻟﻰ ﺧﻠﻘﻪ ُﻋ ﱢﲔ ﻟﻬﻢ وﻗﺖ وأﺟﻞ، ﺗﻄﺎﻳﺮت ،وﺗﻨﺎﺛﺮت ﺗﺼ ﱠﺪﻋﺖ ،وﺗﺸ ﱠﻘﻘﺖ ﻟﻠﻔﺼﻞ ﺑﻴﻨﻬﻢ وﺑﲔ أﳑﻬﻢ ﻟﻴﻮم ﻳُﻔﺼﻞ ﻓﻴﻪ ﻷ ﱠي ﻳﻮم ﻋﻈﻴﻢ ﻫﻼك ﻋﻈﻴﻢ وﻳُﻘﻀﻰ ﺑﲔ اﳋﻼﺋﻖ أُﺧﺮت اﻟﺮﺳﻞ ٣٧٨
ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ وﻗﺖ ﻣﻜﺎن ﺣﺼﲔ ﻣﺘﻤﻜﻦ ﺿﻌﻴﻒ ﺣﻘﻴﺮ؛ وﻫﻮ اﻟﻨﻄﻔﺔ ﻋﺬﺑﺎً ﺳﺎﺋﻐﺎً ﺟﺒﺎﻻً ﺛﻮاﺑﺖ ،ﻣﺮﺗﻔﻌﺎت وﻋﺎء ﺗﻀﻢ اﻷﺣﻴﺎء ﻻ ﻳُ ِﻈ ﱡﻞ ﻣﻦ ﺣﺮ ذﻟﻚ واﻷﻣﻮات اﻟﻴﻮم ﻳﺘﻔﺮع ﻣﻨﻪ ﺛﻼث ِﻗﻄﻊ ﻫﻮ دﺧﺎن ﺟﻬﻨﻢ ﻛﺎﻟﺒﻨﺎء اﳌﺸﻴﺪ ﰲ اﻟ ِﻌﻈﻢ واﻻرﺗﻔﺎع ﻣﺎ ﻳﺘﻄﺎﻳﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﺎر ﻻ ﻳﺪﻓﻊ ،وﻻ ﻳﻘﻲ ﻇﻞ اﻷﺷﺠﺎر اﻟﻮارﻓﺔ ﺣﻴﻠﺔ ﰲ اﳋﻼص ﻛﺄن اﻟﺸﺮر إﺑﻞ ﺳﻮد ﳝﻴﻞ ﻣﻦ اﻟﻌﺬاب ﻟﻮﻧﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﺼﻔﺮة ﻛﺘﺎب وﻛﻼم ﺑﻌﺪ اﻟﻘﺮآن ﻣﺘﻬﻨﺌﲔ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺗﻨﻐﻴﺺ ،وﻻ ﻛﺪر ﻣﻦ وﺣﻲ اﻵي اﺑﻦ اﻟﻘﻴﻢ ﻓﻼ أﺣﺴ َﻦ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﺘﻜﺮار ﰲ ﻫﺬا اﳌﻮﺿﻊ ،وﻻ أﻋﻈﻢ ﻣﻨﻪ ﻣﻮﻗﻌﺎً ،ﻓﺈﻧﻪ ﺗﻜ ﱠﺮر ﻋﺸ َﺮ ﻣﺮات ،وﻟﻢ ﻳُﺬ َﻛﺮ إﻻ ﰲ أﺛﺮ دﻟﻴﻞ أو ﻣﺪﻟﻮل ﻋﻠﻴﻪ ﻋﻘﻴ َﺐ ﻣﺎ ﻳﻮﺟﺐ اﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﺑﻪ ،ﻓﺘﺄ ﱠﻣﻞ اﻟﻘﺮﻃﺒﻲ ﺗﻀﻢ اﻷﺣﻴﺎء ﻋﻠﻰ ﻇﻬﺮﻫﺎ ،واﻷﻣﻮات ﰲ ﺑﻄﻨﻬﺎ .وﻫﺬا ﻳﺪل ﻋﻠﻰ وﺟﻮب ﻣﻮاراة اﳌﻴﺖ ودﻓﻨﻪ ،ودﻓﻦ ﺷﻌﺮه وﺳﺎﺋﺮ ﻣﺎ ﻳﺰﻳﻠﻪ ﻋﻨﻪ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ اﻟﺸﻨﻘﻴﻄﻲ ﻓﻴﻪ اﻟﻨﺺ ﻋﻠﻰ أن ﻋﻤﻠﻬﻢ ﰲ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﺳﺒﺐ ﰲ ﲤﺘﻌﻬﻢ اﻟﺴﻌﺪي ﺑﻨﻌﻴﻢ اﳉﻨﺔ ﰲ اﻵﺧﺮة ،وﺟﺎء ﰲ اﳊﺪﻳﺚ) :ﻟﻦ ﻳﺪﺧﻞ أﺣﺪﻛﻢ اﳉﻨﺔ ﺑﻌﻤﻠﻪ( ،وﻻ ﻣﻌﺎرﺿﺔ ﺑﲔ اﻟﻨﺼﲔ؛ إذ اﻟﺪﺧﻮل ﺑﻔﻀﻞ ﻣﻦ اﷲ ،وﺑﻌﺪ اﻟﺪﺧﻮل ﻳﻜﻮن اﻟﺘﻮارث ،وﺗﻜﻮن اﻟﺪرﺟﺎت، وﻳﻜﻮن اﻟﺘﻤﺘﻊ ﺑﺴﺒﺐ اﻷﻋﻤﺎل .ﻓﻜﻠﻬﻢ ﻳﺸﺘﺮﻛﻮن ﰲ اﻟﺘﻔﻀﻞ ﻣﻦ اﷲ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺑﺪﺧﻮل اﳉﻨﺔ ،وﻟﻜﻨﻬﻢ ﺑﻌﺪ اﻟﺪﺧﻮل ﻳﺘﻔﺎوﺗﻮن ﰲ اﻟﺪرﺟﺎت ﺑﺴﺒﺐ اﻷﻋﻤﺎل وﻣﻦ اﻟﻮﻳﻞ ﻋﻠﻴﻬﻢ؛ أﻧﻬﻢ ﺗﻨﺴﺪ ﻋﻨﻬﻢ أﺑﻮاب اﻟﺘﻮﻓﻴﻖ، وﻳُﺤﺮﻣﻮن ﻛﻞ ﺧﻴﺮ ،ﻓﺈﻧﻬﻢ إذا ﻛﺬﺑﻮا ﻫﺬا اﻟﻘﺮآن اﻟﺬي ﻫﻮ أﻋﻠﻰ ﻣﺮاﺗﺐ اﻟﺼﺪق واﻟﻴﻘﲔ ﻋﻠﻰ اﻹﻃﻼق ٣٧٩
أﺳﻤﺎء اﻟﺴﻮرة ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﻣﻜﻴﺔ ﺳﻮرة اﻟﻨﺒﺄ وﺟﻪ اﳌﺼﺤﻒ ٧٨ اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻟﻮﻗﻮع ﻟﻔﻆ اﻟﻨﺒﺄ ﰲ ﻓﺎﲢﺘﻬﺎ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /ﺗﻮﻗﻴﻔﻴﺔ ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﺑﲔ ﻳﺪي آﻳﺔ اﻟﻨﺰول ٨٠ اﻟﺴﻮرة ﻻﻓﺘﺘﺎﺣﻬﺎ ﺑﻬﺬه اﳉﻤﻠﺔ وﺟﻪ ﺳﻮرة اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /اﺟﺘﻬﺎدﻳﺔ ﻣﻘﺼﺪ اﻟﺴﻮرة ﺳﻮرة اﻟﺘﺴﺎؤل ﻟﻮﻗﻮع ﻟﻔﻆ وﺟﻪ ﰲ ﻣﻄﻠﻌﻬﺎ اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ إﺛﺒﺎت اﻟﺒﻌﺚ واﳉﺰاء ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /اﺟﺘﻬﺎدﻳﺔ ﺑﺎﻷدﻟﺔ واﻟﺒﺮاﻫﲔ وﺟﻪ ﻟﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﺳﻮرة اﳌﻌﺼﺮات ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /اﺟﺘﻬﺎدﻳﺔ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺴﻮرة اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ اﳌﻮﺿﻮع اﳌﻮﺿﻮع اﻵﻳﺎت اﻵﻳﺎت ﻟﻔﺖ اﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ اﻵﻳﺎت اﻟﻜﻮﻧﻴﺔ ﺗﺴﺎؤل اﳌﺸﺮﻛﲔ ﻋﻦ اﻟﻨﺒﺄ اﻟﻌﻈﻴﻢ ﻣﻦ ﻣﺸﺎﻫﺪ ﻳﻮم اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﺛﻮاب اﳌﺘﻘﲔ ٣٨٠
أﻏﺮاض اﻟﺴﻮرة ﺑُﺪﺋﺖ اﻟﺴﻮرة ﺑﺎﻹﺧﺒﺎر ﻋﻦ اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ،واﻟﺒﻌﺚ واﳉﺰاء ،وﻫﻮ اﳌﻮﺿﻮع اﻟﺬي ﺷﻐﻞ أذﻫﺎن اﻟﻜﺜﻴﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﻛﻔﺎر ﻣﻜﺔ ،ﺛﻢ أﻗﺎﻣﺖ اﻟﺪﻻﺋﻞ واﻟﺒﺮاﻫﲔ ﻋﻠﻰ ﻗﺪرة رب اﻟﻌﺎﳌﲔ ،ﺛﻢ أﻋﻘﺒﺖ ﺑﺬﻛﺮ اﻟﺒﻌﺚ ،وﺣ ﱠﺪدت وﻗﺘﻪ وﻣﻴﻌﺎده، ﺣﻴﺚ ﻳﺠﻤﻊ اﷲ اﻷوﻟﲔ واﻵﺧﺮﻳﻦ ﻟﻠﺤﺴﺎب ،ﺛﻢ ﲢﺪﺛﺖ ﻋﻦ اﻟﻨﺎر اﻟﺘﻲ أﻋ ﱠﺪﻫﺎ اﷲ ﻟﻠﻜﺎﻓﺮﻳﻦ ،وﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ أﻟﻮان اﻟﻌﺬاب اﳌﻬﲔ ،ﺛﻢ ﺗﻨﺎوﻟﺖ اﳌﺘﻘﲔ ،وﻣﺎ أﻋ ﱠﺪ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻟﻬﻢ ﻣﻦ ﺿﺮوب اﻟﻨﻌﻴﻢ ،وﺧﺘﻤﺖ ﺑﺎﳊﺪﻳﺚ ﻋﻦ أﻫﻮال ﻳﻮم اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﺣﻴﺚ ﻳﺘﻤﻨﻰ اﻟﻜﺎﻓﺮ أن ﻳﻜﻮن ﺗﺮاﺑﺎً ﻣﻨﺎﺳﺒﺎت اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ أول اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ اﻟﺴﻮرة ﺑﺂﺧﺮﻫﺎ ﳌﺎ ﻗﺒﻠﻬﺎ اﻓﺘﺘﺤﺖ ﺳﻮرة اﻟﻨﺒﺄ ﺑﺎﻻﺳﺘﻔﻬﺎم اﻹﻧﻜﺎري ﻋﻠﻰ إﻧﻜﺎر ﻗﺎل ﰲ اﳌﺮﺳﻼت: اﳌﻜﺬﺑﲔ واﺳﺘﺒﻌﺎدﻫﻢ ﻟﻬﺬا اﻟﻴﻮم اﻟﻌﻈﻴﻢ ،وﻫﻮ ﻳﻮم ،وﻗﺎل ﰲ ﺳﻮرة اﻟﻨﺒﺄ: إﻟﻰ آﺧﺮه؛ ﻓﻜﺄن ﺳﻮرة اﻟﻨﺒﺄ ﺷﺮح ﻟﻴﻮم اﻟﻔﺼﻞ اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ،وﺧﺘﻤﺖ ﺑﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: اﳌﺠﻤﻞ ﰲ ﺳﻮرة اﳌﺮﺳﻼت اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻐﺮﻳﺐ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﳑﻬﺪة ﻛﺎﻟﻔﺮاش اﳋﺒﺮ اﻟﻌﻈﻴﻢ؛ وﻫﻮ اﻟﻘﺮآن ﻋﻦ أي ﺷﻲء؟ اﻟﺬي ﻓﻴﻪ ﺧﺒﺮ اﻟﺒﻌﺚ راﺣ ًﺔ ﻷﺑﺪاﻧﻜﻢ، ﺗُﺜ ﱢﺒﺖ اﻷرض وﻗﻄﻌﺎً ﻷﻋﻤﺎﻟﻜﻢ أﺻﻨﺎﻓﺎً :ذﻛﻮراً وإﻧﺎﺛﺎً ﺳﺎﺗﺮاً ﻟﻜﻢ ﺑﻈﻠﻤﺘﻪ؛ ﻣﺼﺒﺎﺣﺎً وﻗﺎداً، ﲢﺼﻠﻮن ﻓﻴﻪ ﻣﺎ ﻛﺎﻟﻠﺒﺎس ﻣﻀﻴﺌﺎً ﺗﻌﻴﺸﻮن ﺑﻪ اﻟﺴﺤﺐ اﳌﻤﻄﺮة ﺑﺴﺎﺗﲔ ﻣﻠﺘﻔﺔ ﻣﻨﺼﺒﺎً ﺑﻜﺜﺮة أﺷﺠﺎرﻫﺎ وﻗﺘﺎً ،وﻣﻴﻌﺎداً ﻟﻠﻔﺼﻞ اﻟﻘﺮن اﻟﺬي ﻳﻨﻔﺦ ﻓﻴﻪ ﺑﲔ اﳋﻠﻖ ذات أﺑﻮاب ﻛﺜﻴﺮة؛ إﺳﺮاﻓﻴﻞ ﻟﻨﺰول اﳌﻼﺋﻜﺔ وﻧُ ِﺴﻔﺖ ﺑﻌﺪ ﺛﺒﻮﺗﻬﺎ ﻛﺎﻟﺴﺮاب اﻟﺬي ﺗﺮﺻﺪ أﻫﻠﻬﺎ ،وﺗﺮﻗﺒﻬﻢ ﻻ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻟﻪ ٣٨١
ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﺎ ًء ﺣﺎراً ﺑﺎﻟﻐﺎً ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻣﺎ ﻳُﺒ ﱢﺮد ﺣﺮ اﻟﻨﺎر ﻋﻠﻰ دﻫﻮراً ﻻ ﺗﻨﻘﻄﻊ اﳊﺮارة أﺟﺴﺎدﻫﻢ ﺻﺪﻳﺪ أﻫﻞ اﻟﻨﺎر ﻻ ﻳﺨﺎﻓﻮن ﻋﺎد ًﻻ ،ﻣﻮاﻓﻘﺎً ﺑﺴﺎﺗﲔ ﻋﻈﻴﻤﺔ ﻗﺪ ﻷﻋﻤﺎﻟﻬﻢ ﺣﻔﻈﻨﺎه ،وﺿﺒﻄﻨﺎه ﻣﻜﺘﻮﺑﺎً أﺣﺪﻗﺖ ﺑﻬﺎ اﻷﺷﺠﺎر ﰲ اﻟﻠﻮح اﶈﻔﻮظ ﻓﻮزاً ﺑﺪﺧﻮﻟﻬﻢ اﳉﻨﺔ ،أو ﻣﻜﺎﻧﺎً ﳑﻠﻮء ًة ﺧﻤﺮاً ﻳﻔﻮزون ﺑﻪ؛ وﻫﻮ اﳉﻨﺔ ﺣﺪﻳﺜﺎت اﻟﺴﻦ ،ﻧﻮاﻫﺪ ﻛﻼﻣﺎً ،وﺳﺆا ًﻻ إﻻ ﺑﺈذﻧﻪ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت ﰲ ﺳﻦ واﺣﺪة ﻻ ﻳﺸﻔﻌﻮن ﻛﺜﻴﺮاً ،ﻛﺎﻓﻴﺎً ﻟﻬﻢ ﺑﺎﻃ ًﻼ ﻣﻦ اﻟﻘﻮل ﻣﺮﺟﻌﺎً ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ اﻟﺼﺎﻟﺢ ُﻣﺼﻄﻔﲔ ﺟﺒﺮﻳﻞ اﻟﺬي ﻻ رﻳﺐ ﰲ وﻗﻮﻋﻪ ﺣﻘﺎً ،وﺳﺪاداً ﻣﻦ وﺣﻲ اﻵي اﻟﺸﻮﻛﺎﻧﻲ ذﻛﺮ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﺗﺴﺎؤﻟﻬﻢ ﻋﻦ ﻣﺎذا ،وﺑ ﱠﻴﻨﻪ ﻓﻘﺎل. : ﻓﺄورده ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ أوﻻً ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻘﺔ اﻻﺳﺘﻔﻬﺎم ﻣﺒﻬﻤﺎً ﻟﺘﺘﻮﺟﻪ إﻟﻴﻪ أذﻫﺎﻧﻬﻢ ،وﺗﻠﺘﻔﺖ إﻟﻴﻪ أﻓﻬﺎﻣﻬﻢ ،ﺛﻢ ﺑ ﱠﻴﻨﻪ ﲟﺎ ﻳﻔﻴﺪ ﺗﻌﻈﻴﻤﻪ وﺗﻔﺨﻴﻤﻪ؛ ﻛﺄﻧﻪ ﻗﻴﻞ :ﻋﻦ أي ﺷﻲء ﻳﺘﺴﺎءﻟﻮن؟ ﻫﻞ أﺧﺒﺮﻛﻢ ﺑﻪ؟ ﺛﻢ ﻗﻴﻞ ﺑﻄﺮﻳﻖ اﳉﻮاب :ﮋ ﭔ اﻟﺴﻌﺪي أي :راﺣ ًﺔ ﻟﻜﻢ ،وﻗﻄﻌﺎً ﻷﺷﻐﺎﻟﻜﻢ ،اﻟﺘﻲ ﻣﺘﻰ ﲤﺎدت ﺑﻜﻢ أﺿﺮت ﺑﺄﺑﺪاﻧﻜﻢ ،ﻓﺠﻌﻞ اﷲ اﻟﻠﻴﻞ واﻟﻨﻮم ﻳﻐﺸﻰ اﻟﻨﺎس ﻟﺘﻨﻘﻄﻊ ﺣﺮﻛﺎﺗﻬﻢ اﻟﻀﺎرة ،وﲢﺼﻞ راﺣﺘﻬﻢ اﻟﻨﺎﻓﻌﺔ اﻟﺴﻴﻮﻃﻲ ﻗﺎل ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﻤﺮو :ﻣﺎ ﻧﺰﻟﺖ ﻋﻠﻰ أﻫﻞ اﻟﻨﺎر آﻳﺔ ﻗﻂ أﺷﺪ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ،ﻓﻬﻢ ﰲ ﻣﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﻋﺬاب اﷲ أﺑﺪاً ﻣﻨﻬﺎ اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر ﻓﻠﻤﺎ أﺣﺎط ﺑﺄﻫﻞ ﺟﻬﻨﻢ أﺷ ﱡﺪ اﻷذى ﺑﺠﻤﻴﻊ ﺣﻮاﺳﻬﻢ ،ﻣﻦ ﺟﺮاء ﺣﺮق اﻟﻨﺎر وﺳﻘﻴﻬﻢ اﳊﻤﻴﻢ واﻟﻐﺴﺎق ،ﻟﻴﻨﺎل اﻟﻌﺬاب ﺑﻮاﻃﻨﻬﻢ ﻛﻤﺎ ﻧﺎل ﻇﺎﻫﺮ أﺟﺴﺎدﻫﻢ ،ﻛﺬﻟﻚ ﻧﻔﻰ ﻋﻦ أﻫﻞ اﳉﻨﺔ أﻗﻞ اﻷذى ،وﻫﻮ أذى ﺳﻤﺎع ﻣﺎ ﻳﻜﺮﻫﻪ اﻟﻨﺎس ﻓﺈن ذﻟﻚ أﻗﻞ اﻷذى اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر ﻫﺬا اﻟﺘﻔﺮﻳﻊ ﻣﻦ أﺑﺪع اﳌﻮﻋﻈﺔ ﺑﺎﻟﺘﺮﻏﻴﺐ واﻟﺘﺮﻫﻴﺐ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺴﻨﺢ اﻟﻔﺮﺻﺔ ﻟﻠﻮاﻋﻆ ﻣﻦ ﺗﻬﻴﺆ اﻟﻨﻔﻮس ﻟﻘﺒﻮل اﳌﻮﻋﻈﺔ اﻟﺒﻘﺎﻋﻲ ﻋﻦ أﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮة واﺑﻦ ﻋﻤﺮ أن اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻳﻘﺘﺺ ﻳﻮم اﻟﺒﻌﺚ ﻟﻠﺒﻬﺎﺋﻢ ،ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻣﻦ ﺑﻌﺾ ﺛﻢ ﻳﻘﻮل ﻟﻬﺎ :ﻛﻮﻧﻲ ﺗﺮاﺑﺎً، ﻓﺘﻜﻮن؛ ﻓﻴﺘﻤﻨﻰ اﻟﻜﺎﻓﺮ ﻣﺜﻞ ذﻟﻚ .ﻓﻘﺪ ُﻋ ِﻠﻢ أن ذﻟﻚ اﻟﻴﻮم ﰲ ﻏﺎﻳﺔ اﻟﻌﻈﻤﺔ ،وأﻧﻪ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ ﻛﻮﻧﻪ ٣٨٢
ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﻣﻜﻴﺔ أﺳﻤﺎء اﻟﺴﻮرة اﳌﺼﺤﻒ ٧٩ ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﺑﲔ ﻳﺪي آﻳﺔ ﺳﻮرة اﻟﻨﺎزﻋﺎت ﻻﻓﺘﺘﺎﺣﻬﺎ ﺑﺎﻟﻘﺴﻢ اﻹﻟﻬﻲ وﺟﻪ اﻟﻨﺰول ٨١ اﻟﺴﻮرة ﺑﺎﻟﻨﺎزﻋﺎت وﻫﻮ اﳌﻼﺋﻜﺔ اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /ﺗﻮﻗﻴﻔﻴﺔ ﻣﻘﺼﺪ اﻟﺴﻮرة ﻟﻮﻗﻮع ﻟﻔﻆ )اﻟﺴﺎﻫﺮة( ﻓﻴﻬﺎ وﺟﻪ ﺳﻮرة اﻟﺴﺎﻫﺮة اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ َﻗ ْﺮع اﻟﻘﻠﻮب اﳌﻜﺬﺑﺔ ﺑﺎﻟﺒﻌﺚ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /اﺟﺘﻬﺎدﻳﺔ واﳉﺰاء ،ﻣﻦ ﺧﻼل ﻋﺮض ﺳﻮرة اﻟﻄﺎﻣﺔ ﻟﻮﻗﻮع ﻟﻔﻆ )اﻟﻄﺎﻣﺔ( ﻓﻴﻬﺎ وﺟﻪ ﻣﺸﺎﻫﺪ اﳌﻮت واﻟﺒﻌﺚ اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ واﳊﺸﺮ واﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /اﺟﺘﻬﺎدﻳﺔ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺴﻮرة اﳌﻮﺿﻮع اﳌﻮﺿﻮع اﻵﻳﺎت اﻵﻳﺎت ﻗﺼﺔ ﻣﻮﺳﻰ ﻣﻊ ﻓﺮﻋﻮن ﻣﻦ أﻫﻮال ﻳﻮم اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﻣﻦ أﺣﺪاث اﻟﻴﻮم اﻵﺧﺮ ﻟﻔﺖ ﻧﻈﺮ اﻹﻧﺴﺎن إﻟﻰ ﺧﻠﻖ اﻟﺴﻤﺎوات واﻷرض ﺳﺆال اﳌﺸﺮﻛﲔ ﻋﻦ وﻗﺖ وﻗﻮع اﻟﺴﺎﻋﺔ ٣٨٣
أﻏﺮاض اﻟﺴﻮرة اﻫﺘﻤﺖ اﻟﺴﻮرة ﺑﺎﻟﻘﻴﺎﻣﺔ وأﺣﻮاﻟﻬﺎ ،واﻟﺴﺎﻋﺔ وأﻫﻮاﻟﻬﺎ ،وﻋﻦ ﻣﺂل اﳌﺘﻘﲔ ،وﻣﺂل اﳌﺠﺮﻣﲔ ،ﺣﻴﺚ ﺑﺪأت ﺑﺎﻟﻘﺴﻢ ﺑﺎﳌﻼﺋﻜﺔ اﻷﺑﺮار اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺰع أرواح اﳌﺆﻣﻨﲔ ﺑﻠﻄﻒ وﻟﲔ ،وﺗﻨﺰع أرواح اﳌﺠﺮﻣﲔ ﺑﺸﺪة وﻏﻠﻈﺔ ،ﺛﻢ ﲢﺪﺛﺖ ﻋﻦ اﳌﺸﺮﻛﲔ اﳌﻨﻜﺮﻳﻦ ﻟﻠﺒﻌﺚ واﻟﻨﺸﻮر ،ﻓﺼ ﱠﻮرت ﺣﺎﻟﺘﻬﻢ ﰲ ذﻟﻚ اﻟﻴﻮم اﻟﻔﻈﻴﻊ ،ﺛﻢ ﺗﻨﺎوﻟﺖ ﻓﺮﻋﻮن اﻟﻄﺎﻏﻴﺔ اﳉ ﱠﺒﺎر اﻟﺬي ادﻋﻰ اﻟﺮﺑﻮﺑﻴﺔ وﲤﺎدى ﰲ اﳉﺒﺮوت واﻟﻄﻐﻴﺎن ،ﻓﻘﺼﻤﻪ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ،وأﻫﻠﻜﻪ ﺑﺎﻟﻐﺮق ﻫﻮ وﻗﻮﻣﻪ اﻷﻗﺒﺎط ،ﺛﻢ ﲢﺪﺛﺖ ﻋﻦ ﻃﻐﻴﺎن أﻫﻞ ﻣﻜﺔ وﲤﺮدﻫﻢ ﻋﻠﻰ رﺳﻮل اﷲ ﷺ ،وذﻛﺮﺗﻬﻢ ﺑﺄﻧﻬﻢ أﺿﻌﻒ ﻣﻦ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻣﺨﻠﻮﻗﺎت اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ،وﺧﺘﻤﺖ ﺑﺒﻴﺎن وﻗﺖ اﻟﺴﺎﻋﺔ اﻟﺬي اﺳﺘﺒﻌﺪه اﳌﺸﺮﻛﻮن وأﻧﻜﺮوه ،وﻛﺬﺑﻮا ﺑﺤﺪوﺛﻪ ﻣﻨﺎﺳﺒﺎت اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ أول اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ اﻟﺴﻮرة ﺑﺂﺧﺮﻫﺎ ﳌﺎ ﻗﺒﻠﻬﺎ ﺑﺪأت ﺑﺎﻟﺮاﺟﻔﺔ ،وﺧﺘﻤﺖ ﺑﺎﻟﻄﺎﻣﺔ، اﻓﺘﺘﺤﺖ ﺳﻮرة اﻟﻨﺎزﻋﺎت ﺑﺎﻟﻘﺴﻢ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ وﻗﻮع وﻫﻤﺎ ﻣﻦ أﺳﻤﺎء ﻳﻮم اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﻣﺎ ذﻛﺮ ﰲ آﺧﺮ ﺳﻮرة اﻟﻨﺒﺄ ﻣﻦ أﻣﺮ اﻟﺒﻌﺚ واﳉﺰاء ﻳﻮم اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ: ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻐﺮﻳﺐ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻗﺴ ٌﻢ ﺑﺎﳌﻼﺋﻜﺔ ﺗ ُﺴ ﱡﻞ ﻧﺰﻋﺎً ﺷﺪﻳﺪاً ﻗﺴ ٌﻢ ﺑﺎﳌﻼﺋﻜﺔ ﺗﻨﺰع أرواح اﳌﺆﻣﻨﲔ ﺑﺮﻓﻖ أرواح اﻟﻜﻔﺎر ﻗﺴ ٌﻢ ﺑﺎﳌﻼﺋﻜﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺒﻖ اﻟﺸﻴﺎﻃﲔ ﻗﺴ ٌﻢ ﺑﺎﳌﻼﺋﻜﺔ اﳌُﻨ ﱢﻔﺬات ﺑﺎﻟﻮﺣﻲ إﻟﻰ اﻷﻧﺒﻴﺎء؛ ﻟﺌﻼ ﺗﺴﺘﺮﻗﻪ ﻗﺴ ٌﻢ ﺑﺎﳌﻼﺋﻜﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺒﺢ ﰲ أﻣﺮ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻧﺰوﻟﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺴﻤﺎء ،وﺻﻌﻮدﻫﺎ إﻟﻴﻬﺎ ﺗﻠﻴﻬﺎ ﻧﻔﺨﺔ أﺧﺮى ﺧﺎﺋﻔﺔ ،ﻣﻀﻄﺮﺑﺔ ﻟﻠﺒﻌﺚ ﺗﻀﻄﺮب اﻷرض ﺑﺎﻟﻨﻔﺨﺔ اﻷوﻟﻰ :ﻧﻔﺨﺔ اﻟﺼﻌﻖ اﳊﺎﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﻛ ﱠﻨﺎ ﺑﺎﻟﻴﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﰲ اﻷرض ذﻟﻴﻠﺔ ﻣﻦ ﻫﻮل ﻣﺎ ﺗﺸﺎﻫﺪ ﺑﻮﺟﻪ اﻷرض أﺣﻴﺎء ﺑﻌﺪ ﻧﻔﺨﺔ أن ﻛﺎﻧﻮا ﰲ ﺑﻄﻨﻬﺎ رﺟﻌﺔ ﺧﺎﺋﺒﺔ ذات ﺧﺴﺮان ٣٨٤
ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﺗﺘﻄ ﱠﻬﺮ ﻣﻦ اﻟﻜﻔﺮ، اﺳﻢ اﻟﻮادي اﳌُﻄ ﱠﻬﺮ وﺗﺘﺤﻠﱠﻰ ﺑﺎﻹﳝﺎن آﻳﺔ اﻟﻌﺼﺎ ،واﻟﻴﺪ وأُر ِﺷﺪك ﻳﺠﺘﻬﺪ ﰲ ﻣﻌﺎرﺿﺔ اﻟﺒﻴﻀﺎء ﻣﻮﺳﻰ ﺟﻤﻊ أﻫﻞ ﳑﻠﻜﺘﻪ ﻋﻘﻮﺑﺔ أﻋﻠﻰ ﺳﻘﻔﻬﺎ أﻇﻠﻢ ﻟﻴﻠﻬﺎ ﺑﻐﺮوب أﺑﺮز ﻧﻬﺎرﻫﺎ ﺷﻤﺴﻬﺎ ﺑﺴﻄﻬﺎ ،وأودع ﺑﺸﺮوق ﺷﻤﺴﻬﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻨﺎﻓﻌﻬﺎ ﻣﺎ ﻳُﺮﻋﻰ ﻣﻦ اﻟﻨﺒﺎت أﺛﺒﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻷرض؛ اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ،وﻫﻲ ﻛﺎﻷوﺗﺎد أُﻇ ِﻬﺮت إﻇﻬﺎراً ﺑﻴﻨﺎ اﻟﻨﻔﺨﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ اﳌﺼﻴﺮ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﲔ ﻳﺪي رﺑﻪ ﻟﻠﺤﺴﺎب ﻟﻴﺲ ﻋﻨﺪك ﻋﻠﻤﻬﺎ؛ ﻣﺘﻰ وﻗﺖ ﺣﻠﻮﻟﻬﺎ؟ ﺣﺘﻰ ﺗﺬﻛﺮﻫﺎ ﻣﺎ ﺑﲔ اﻟﻈﻬﺮ إﻟﻰ ﻏﺮوب اﻟﺸﻤﺲ ﻣﺎ ﺑﲔ ﻃﻠﻮع اﻟﺸﻤﺲ إﻟﻰ ﻧﺼﻒ اﻟﻨﻬﺎر ﻣﻦ وﺣﻲ اﻵي اﻷﻟﻮﺳﻲ ﻗﺎل ﺑﻌﺾ اﻟﺴﻠﻒ :إن اﳌﻼﺋﻜﺔ ﻳﺴﻠﻮن أرواح اﳌﺆﻣﻨﲔ ﺳ ًﻼ رﻗﻴﻘﺎً ،ﺛﻢ ﻳﺘﺮﻛﻮﻧﻬﺎ ﺣﺘﻰ ﺗﺴﺘﺮﻳﺢ روﻳﺪاً ،ﺛﻢ ﻳﺴﺘﺨﺮﺟﻮﻧﻬﺎ ﺑﺮﻓﻖ وﻟﻄﻒ؛ ﻛﺎﻟﺬي ﻳﺴﺒﺢ ﰲ اﳌﺎء؛ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺘﺤﺮك ﺑﺮﻓﻖ ﻟﺌﻼ ﻳﻐﺮق ،ﻓﻬﻢ ﻳﺮﻓﻘﻮن ﰲ ذﻟﻚ اﻻﺳﺘﺨﺮاج ﻟﺌﻼ ﻳﺼﻞ إﻟﻰ اﳌﺆﻣﻦ أﻟﻢ وﺷﺪة اﻟﻘﺮﻃﺒﻲ وﻫﺬا ﺗﺴﻠﻴﺔ ﻟﻠﻨﺒﻲ ﷺ؛ أي :إن ﻓﺮﻋﻮن ﻛﺎن أﻗﻮى ﻣﻦ ﻛﻔﺎر ﻋﺼﺮك ﺛﻢ أﺧﺬﻧﺎه ،وﻛﺬﻟﻚ ﻫﺆﻻء اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر َﺣﺜﱡ ُﻪ ﻋﻠﻰ أن ﻳﺴﺘﻌﺪ ﻟﺘﺨﻠﻴﺺ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﻦ اﻟﻌﻘﻴﺪة اﻟﻀﺎﻟﺔ ،اﻟﺘﻲ اﻟﺴﻌﺪي ﻫﻲ ﺧﺒﺚ ﻣﺠﺎزي ﰲ اﻟﻨﻔﺲ ﻓﻴﻘ َﺒ َﻞ إرﺷﺎد ﻣﻦ ﻳﺮﺷﺪه إﻟﻰ ﻣﺎ ﺑﻪ زﻳﺎدة اﳋﻴﺮ ﻓﺈن ﻣﻦ ﻳﺨﺸﻰ اﷲ ﻫﻮ اﻟﺬي ﻳﻨﺘﻔﻊ ﺑﺎﻵﻳﺎت واﻟﻌﺒﺮ ،ﻓﺈذا رأى ﻋﻘﻮﺑﺔ ﻓﺮﻋﻮن ﻋﺮف أن ﻛﻞ ﻣﻦ ﺗﻜﺒﺮ وﻋﺼﻰ وﺑﺎرز اﳌﻠﻚ اﻷﻋﻠﻰ ﻋﺎﻗﺒﻪ ﰲ اﻟﺪﻧﻴﺎ واﻵﺧﺮة ،وأﻣﺎ ﻣﻦ ﺗﺮﺣﻠﺖ ﺧﺸﻴﺔ اﷲ ﻣﻦ ﻗﻠﺒﻪ ﻓﻠﻮ ﺟﺎءﺗﻪ ﻛﻞ آﻳﺔ ﻟﻢ ﻳﺆﻣﻦ ﺑﻬﺎ اﻟﺸﻮﻛﺎﻧﻲ اﻟﻈﺎﻫﺮ أن ﺗﺒﺮز ﻟﻜﻞ راء ﻓﺄﻣﺎ اﳌﺆﻣﻦ ﻓﻴﻌﺮف ﺑﺮؤﻳﺘﻬﺎ ﻗﺪر ﻧﻌﻤﺔ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺎﻟﺴﻼﻣﺔ ﻣﻨﻬﺎ وأﻣﺎ اﻟﻜﺎﻓﺮ ﻓﻴﺰداد ﻏﻤﺎً إﻟﻰ ﻏﻤﻪ وﺣﺴﺮة إﻟﻰ ﺣﺴﺮﺗﻪ ٣٨٥
اﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻳﺤﺘﺎج اﳌﺴﻠﻢ إﻟﻰ أن ﻳﺨﺎف اﷲ ،وﻳﻨﻬﻰ اﻟﻨﻔﺲ ﻋﻦ اﻷﻟﻮﺳﻲ اﻟﻬﻮى ،وﻧﻔﺲ اﻟﻬﻮى واﻟﺸﻬﻮة ﻻ ﻳﻌﺎﻗﺐ ﻋﻠﻴﻪ -إذا ﻟﻢ ﻳﺘﺴ ﱠﺒﺐ ﻓﻴﻬﺎ ،-ﺑﻞ ﻋﻠﻰ اﺗﺒﺎﻋﻪ واﻟﻌﻤﻞ ﺑﻪ ،ﻓﺈذا ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻨﻔﺲ ﺗﻬﻮى وﻫﻮ ﻳﻨﻬﺎﻫﺎ ،ﻛﺎن ﻧﻬﻴﻪ ﻋﺒﺎد ًة ﷲ ،وﻋﻤ ًﻼ ﺻﺎﳊﺎً ،و ؛ أي: ﻗﻴﺎﻣﻪ ﺑﲔ ﻳﺪﻳﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻟﻠﺠﺰاء وأﺻﻞ اﻟﻬﻮى :ﻣﻄﻠﻖ اﳌﻴﻞ وﺷﺎع ﰲ اﳌﻴﻞ إﻟﻰ اﻟﺸﻬﻮة، وﺳﻤﻲ ﺑﺬﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻗﺎل اﻟﺮاﻏﺐ :ﻷﻧﻪ ﻳﻬﻮي ﺑﺼﺎﺣﺒﻪ ﰲ اﻟﺪﻧﻴﺎ إﻟﻰ ﻛﻞ واﻫﻴﺔ وﰲ اﻵﺧﺮة إﻟﻰ اﻟﻬﺎوﻳﺔ ،وﻟﺬﻟﻚ ﻣﺪح ﻣﺨﺎﻟﻔﻪ .ﻗﺎل ﺑﻌﺾ اﳊﻜﻤﺎء :إذا أردت اﻟﺼﻮاب ﻓﺎﻧﻈﺮ ﻫﻮاك ﻓﺨﺎﻟﻔﻪ .وﻗﺎل اﻟﻔﻀﻴﻞ :أﻓﻀﻞ اﻷﻋﻤﺎل ﻣﺨﺎﻟﻔﺔ اﻟﻬﻮى اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ٣٨٦
أﺳﻤﺎء اﻟﺴﻮرة ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﻣﻜﻴﺔ ﺳﻮرة ﻋﺒﺲ ﻻﻓﺘﺘﺎح اﻟﺴﻮرة ﺑﻬﺎ وﺟﻪ اﳌﺼﺤﻒ ٨٠ اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /ﺗﻮﻗﻴﻔﻴﺔ ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﺑﲔ ﻳﺪي آﻳﺔ اﻟﻨﺰول ٢٤ اﻟﺴﻮرة ﻟﻮﻗﻮع ﻟﻔﻈﺔ )اﻟﺴﻔﺮة( ﻓﻴﻬﺎ وﺟﻪ ﺳﻮرة اﻟﺴﻔﺮة اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /اﺟﺘﻬﺎدﻳﺔ ﻣﻘﺼﺪ اﻟﺴﻮرة ﺳﻮرة اﻟﺼﺎﺧﺔ ﻟﻮرود ﻟﻔﻈﺔ )اﻟﺼﺎﺧﺔ( ﻓﻴﻬﺎ وﺟﻪ اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﺣﻘﻴﻘﺔ دﻋﻮة اﻟﻘﺮآن، ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /اﺟﺘﻬﺎدﻳﺔ وﻛﺮاﻣﺔ ﻣﻦ ﻳﻨﺘﻔﻊ ﺑﻬﺎ، وﺣﻘﺎرة ﻣﻦ ﻳﻌﺮض ﻟﻨﺰوﻟﻬﺎ ﰲ اﺑﻦ أم ﻣﻜﺘﻮم وﺟﻪ ﺳﻮرة اﻷﻋﻤﻰ اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻋﻨﻬﺎ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /اﺟﺘﻬﺎدﻳﺔ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺴﻮرة اﳌﻮﺿﻮع اﳌﻮﺿﻮع اﻵﻳﺎت اﻵﻳﺎت ﻣﻬﻤﺔ اﻟﻘﺮآن اﻟﻌﻈﻴﻢ ﻋﺘﺎب اﷲ ﻟﻠﺮﺳﻮل ﷺ ﻣﻦ ﻣﺸﺎﻫﺪ ﻳﻮم اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﻣﻦ ﻧﻌﻢ اﷲ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺎده ٣٨٧
أﻏﺮاض اﻟﺴﻮرة ﺑُﺪﺋﺖ ﺑﻘﺼﺔ اﻷﻋﻤﻰ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ أم ﻣﻜﺘﻮم اﻟﺬي ﺟﺎء إﻟﻰ رﺳﻮل اﷲ ﷺ ﻳﻄﻠﺐ ﻣﻨﻪ أن ﻳﻌﻠﻤﻪ ﳑﺎ ﻋﻠﻤﻪ اﷲ ،ورﺳﻮل اﷲ ﷺ ﻣﺸﻐﻮل ﻣﻊ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻣﻦ ﻛﺒﺮاء ﻗﺮﻳﺶ ،ﻳﺪﻋﻮﻫﻢ إﻟﻰ اﻹﺳﻼم ،ﻓﻌﺒﺲ ﰲ وﺟﻬﻪ وأﻋﺮض ﻋﻨﻪ ،ﻓﻨﺰل اﻟﻘﺮآن ﺑﺎﻟﻌﺘﺎب ،ﺛﻢ ﲢﺪﺛﺖ ﻋﻦ ﺟﺤﻮد اﻹﻧﺴﺎن ،وﻛﻔﺮه اﻟﻔﺎﺣﺶ ﺑﺮﺑﻪ ﻣﻊ ﻛﺜﺮة ﻧﻌﻢ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﻴﻪ ،ﺛﻢ ﺗﻨﺎوﻟﺖ دﻻﺋﻞ اﻟﻘﺪرة ﰲ ﻫﺬا اﻟﻜﻮن ﺣﻴﺚ ﻳ ﱠﺴﺮ اﷲ ﻟﻺﻧﺴﺎن ﺳﺒﻞ اﻟﻌﻴﺶ ﻓﻮق ﺳﻄﺢ ﻫﺬه اﳌﻌﻤﻮرة ،وﺧﺘﻤﺖ ﺑﺄﻫﻮال اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ،وﻓﺮار اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻦ أﺣﺒﺎﺑﻪ ﻣﻦ ﺷﺪة اﻟﻬﻮل واﻟﻔﺰع ،وﺑﻴﻨﺖ ﺣﺎل اﳌﺆﻣﻨﲔ، وﺣﺎل اﻟﻜﺎﻓﺮﻳﻦ ﰲ ذﻟﻚ اﻟﻴﻮم اﻟﻌﺼﻴﺐ ﻣﻨﺎﺳﺒﺎت اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ أول اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ اﻟﺴﻮرة ﺑﺂﺧﺮﻫﺎ ﳌﺎ ﻗﺒﻠﻬﺎ ﺑﺪأت ﺑﻘﻮﻟﻪ ، :وﻫﻮ ﻣﻦ ﺻﻔﺔ اﻟﻮﺟﻪ ﺟﺎء ﰲ ﻛﻠﺘﺎ اﻟﺴﻮرﺗﲔ ذﻛﺮ ﻓﻀﻞ اﷲ ﻋﻠﻰ وﺧﺘﻤﺖ ﺑﻮﺻﻒ اﻟﻮﺟﻮه ﰲ ﻗﻮﻟﻪ: ،ﻓﻔﻲ ﺳﻮرة اﻟﻨﺎزﻋﺎت اﻹﻧﺴﺎن ﰲ ﻗﻮﻟﻪ: ﺟﺎءت ﻫﺬه اﻵﻳﺔ ﺑﻌﺪ ذﻛﺮ اﻟﺴﻤﺎء واﻟﻠﻴﻞ واﻟﻨﻬﺎر واﻷرض واﳉﺒﺎل ﻓﺠﺎءت ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم ،وﰲ ﺳﻮرة ﻋﺒﺲ ﻛﺎن اﻟﺘﻔﺼﻴﻞ واﻟﺒﻴﺎن ﺑﺬﻛﺮ أﻧﻮاع اﻟﺜﻤﺎر واﻷﻧﻌﻢ ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻐﺮﻳﺐ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻷﺟﻞ ﻣﺠﻲء ﻋﺒﺪ اﷲ وأﻋﺮض ﻗﻄﺐ وﺟﻬﻪ ،وﻇﻬﺮ ﺑﻦ أم ﻣﻜﺘﻮم أﺛﺮ اﻟﺘﻐﻴﺮ ﻋﻠﻴﻪ ﺗﺘﺸﺎﻏﻞ ﺗﺘﻌ ﱠﺮض ﻟﻪ ﻳﺘﻄ ﱠﻬﺮ ﻣﻦ ذﻧﻮﺑﻪ ﻣﻄﻴﻌﲔ ﷲ ﻻ ﻳﻌﺼﻮﻧﻪ ﻣﻼﺋﻜﺔ ﻛﺘﺒﺔ ﻳﻘﻮﻣﻮن ﻟﻴﺲ اﻷﻣﺮ ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻠﺖ ﺑﺎﻟﺴﻔﺎرة ﺑﲔ اﷲ وﺧﻠﻘﻪ ﻣﺎء ﻗﻠﻴﻞ ﻣﻬﲔ؛ ﻟُ ِﻌﻦ اﻟﻜﺎﻓﺮ ،و ُﻋ ﱢﺬب وﻫﻮ اﳌﻨﻲ ﻣﺎ أﺷﺪ ﻛﻔﺮه ﺧﻠﻘﻪ أﻃﻮاراً ﺟﻌﻞ ﻟﻪ ﻣﻜﺎﻧﺎً ﻳُﻘﺒﺮ ﺳ ﱠﻬﻞ ﻟﻪ ﻃﺮﻳﻖ ﺧﺮوﺟﻪ ﻣﻦ ﺑﻄﻦ أﻣﻪ، أﺣﻴﺎه ﻓﻴﻪ وﺑ ﱠﲔ ﻟﻪ ﻃﺮﻳﻖ اﳋﻴﺮ واﻟﺸﺮ ﻋﻠﻔﺎً ﻟﻠﺪواب ﻟﻢ ﻳُﺆد اﻟﻜﺎﻓﺮ ﻣﺎ أﻣﺮه اﷲ ﺑﻪ ﻣﻦ اﻹﳝﺎن واﻟﻄﺎﻋﺔ ٣٨٨
ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﺻﻴﺤﺔ ﻳﻮم اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ اﻟﺘﻲ ﻛ ًﻸ ﻟﻠﺒﻬﺎﺋﻢ ﻋﻈﻴﻤﺔ اﻷﺷﺠﺎر ﺗﺼ ﱡﻢ اﻵذان ﻣﻦ ﻫﻮﻟﻬﺎ ﻣﺴﺘﻨﻴﺮة ﻓ ِﺮﺣﺔ ﻳُﺸ ِﻐﻠﻪ ذﻟﺔ ،وﻇﻠﻤﺔ ﺗﻐﺸﺎﻫﺎ ُﻏﺒﺎر ،و ُﻛﺪورة اﻟﻌﺼﺎة ﺑﺄﻋﻤﺎﻟﻬﻢ اﳉﺎﺣﺪون ﺑﻘﻠﻮﺑﻬﻢ ﻣﻦ وﺣﻲ اﻵي اﻟﺴﻌﺪي ﻫﺬه ﻓﺎﺋﺪة ﻛﺒﻴﺮة ،ﻫﻲ اﳌﻘﺼﻮدة ﻣﻦ ﺑﻌﺜﺔ اﻟﺮﺳﻞ ،ووﻋﻆ اﻟﻮﻋﺎظ ،وﺗﺬﻛﻴﺮ اﳌﺬﻛﺮﻳﻦ ،ﻓﺈﻗﺒﺎﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﺟﺎء ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻣﻔﺘﻘﺮاً ﻟﺬﻟﻚ ﻣﻨﻚ ﻫﻮ اﻷﻟﻴﻖ اﻟﻮاﺟﺐ ،وأﻣﺎ ﺗﺼﺪﻳﻚ وﺗﻌﺮﺿﻚ ﻟﻠﻐﻨﻲ اﳌﺴﺘﻐﻨﻲ اﻟﺬي ﻻ ﻳﺴﺄل وﻻ ﻳﺴﺘﻔﺘﻲ ﻟﻌﺪم رﻏﺒﺘﻪ ﰲ اﳋﻴﺮ ﻣﻊ ﺗﺮﻛﻚ ﻣﻦ ﻫﻮ أﻫﻢ ﻣﻨﻪ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻚ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻋﻠﻴﻚ أﻻ ﻳﺰﻛﻰ ،ﻓﻠﻮ ﻟﻢ ﻳَﺘَ َﺰ ﱠك ﻓﻠﺴﺖ ﲟﺤﺎﺳﺐ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻋﻤﻠﻪ ﻣﻦ اﻟﺸﺮ .ﻓﺪل ﻫﺬا ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﻋﺪة :أﻧﻪ ﻻ ﻳﺘﺮك أﻣﺮ ﻣﻌﻠﻮم ﻷﻣﺮ ﻣﻮﻫﻮم ،وﻻ ﻣﺼﻠﺤﺔ ﻣﺘﺤﻘﻘﺔ ﳌﺼﻠﺤﺔ ﻣﺘﻮﻫﻤﺔ اﻟﺒﻘﺎﻋﻲ ﻓﻘﺪ ﻋﺮف ﺑﻬﺬا أن أول اﻹﻧﺴﺎن ﻧﻄﻔﺔ ﻣﺬرة ،وآﺧﺮه ﺟﻴﻔﺔ ﻗﺬرة ،وﻫﻮ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﲔ ذﻟﻚ ﻳﺤﻤﻞ اﻟﻌﺬرة ،ﻓﻤﺎ ﺷ ﱠﺮ َﻓﻪ ﺑﺎﻟﻌﻠﻢ إﻻ اﻟﺬي أﺑﺪﻋﻪ وﺻﻮره ،وذﻟﻚ ﻣﻮﺟﺐ ﻷن ﻳﺸﻜﺮه ﻻ أن ﻳﻜﻔﺮه اﻟﻘﺎﺳﻤﻲ ؛ ﻷن وﻗﺖ اﻟﺒﻌﺚ ﻏﻴﺮ ﻣﻌﻠﻮم إﳕﺎ ﻗﺎل: ﻷﺣﺪ ،ﻓﻬﻮ ﻣﻮﻛﻮل إﻟﻰ ﻣﺸﻴﺌﺔ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ،ﻣﺘﻰ ﺷﺎء أن ﻳﺤﻴﻲ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ اﳋﻠﻖ أﺣﻴﺎﻫﻢ اﺑﻦ ﺟﺰي أﻣﺮ ﺑﺎﻻﻋﺘﺒﺎر ﰲ اﻟﻄﻌﺎم ﻛﻴﻒ ﺧﻠﻘﻪ اﷲ ﺑﻘﺪرﺗﻪ وﻳﺴﺮه ﺑﺮﺣﻤﺘﻪ ،ﻓﻴﺠﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺒﺪ ﻃﺎﻋﺘﻪ وﺷﻜﺮه وﻳﻘﺒﺢ ﻣﻌﺼﻴﺘﻪ واﻟﻜﻔﺮ ﺑﻪ اﺑﻦ ﻋﺜﻴﻤﲔ ﻗﺎل أﻫﻞ اﻟﻌﻠﻢ :ﻳﻔﺮ ﻣﻨﻬﻢ ﻟﺌﻼ ﻳﻄﺎﻟﺒﻮه ﲟﺎ ﻓﺮط ﺑﻪ ﰲ ﺣﻘﻬﻢ ﻣﻦ أدب وﻏﻴﺮه اﻟﺒﻘﺎﻋﻲ أي :اﻟﺬﻳﻦ ﺧﺮﺟﻮا ﻋﻦ داﺋﺮة اﻟﺸﺮع ﺧﺮوﺟﺎً ﻓﺎﺣﺸﺎً ﺣﺘﻰ ﻛﺎﻧﻮا ﻋﺮﻳﻘﲔ ﰲ ذﻟﻚ اﻟﻜﻔﺮ واﻟﻔﺠﻮر ،وﻫﻢ ﰲ اﻷﻏﻠﺐ اﳌﺘﺮﻓﻮن اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺤﻤﻠﻬﻢ ﻏﻨﺎﻫﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻜﺒﺮ واﻷﺷﺮ واﻟﺒﻄﺮ، ﻓﻠﺠﻤﻌﻬﻢ ﺑﲔ اﻟﻜﻔﺮ واﻟﻔﺠﻮر ﺟﻤﻊ ﻟﻬﻢ ﺑﲔ اﻟﻐﺒﺮة واﻟﻘﺘﺮة ٣٨٩
ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﻣﻜﻴﺔ أﺳﻤﺎء اﻟﺴﻮرة اﳌﺼﺤﻒ ٨١ ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﺑﲔ ﻳﺪي آﻳﺔ ﺳﻮرة اﻟﺘﻜﻮﻳﺮ وﺟﻪ اﻟﻨﺰول ٧ اﻟﺴﻮرة اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /ﺗﻮﻗﻴﻔﻴﺔ ﻻﻓﺘﺘﺎﺣﻬﺎ ﺑﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: ﻣﻘﺼﺪ اﻟﺴﻮرة ﻻﻓﺘﺘﺎح اﻟﺴﻮرة ﺑﻬﺎ وﺟﻪ ﺳﻮرة اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﺗﺼﻮﻳﺮ اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /اﺟﺘﻬﺎدﻳﺔ ﺑﺎﻧﻔﺮاط اﻟﻜﻮن ﺑﻌﺪ إﺣﻜﺎﻣﻪ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺴﻮرة أﻏﺮاض اﻟﺴﻮرة اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ اﳌﻮﺿﻮع اﻵﻳﺎت ﻋﺎﳉﺖ اﻟﺴﻮرة ﺣﻘﻴﻘﺘﲔ ﻫﺎﻣﺘﲔ ﻫﻤﺎ :ﺣﻘﻴﻘﺔ اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ،وﺣﻘﻴﻘﺔ اﻟﻮﺣﻲ، ﺣﻘﻴﻘﺔ اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ واﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ،وﻛﻼﻫﻤﺎ ﻣﻦ ﻟﻮازم اﻹﳝﺎن وأرﻛﺎﻧﻪ ،ﺣﻴﺚ ﺑُﺪﺋﺖ ﺑﺒﻴﺎن اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ، ﺣﻘﻴﻘﺔ اﻟﻮﺣﻲ وﻣﺎ ﻳﺼﺎﺣﺒﻬﺎ ﻣﻦ اﻧﻘﻼب ﻛﻮﻧﻲ ﻫﺎﺋﻞ ،ﻳﺸﻤﻞ اﻟﺸﻤﺲ واﻟﻨﺠﻮم ،واﳉﺒﺎل واﻟﺒﺤﺎر ،واﻷرض واﻟﺴﻤﺎء ،واﻷﻧﻌﺎم واﻟﻮﺣﻮش ،ﻛﻤﺎ ﻳﺸﻤﻞ اﻟﺒﺸﺮ وﻳﻬﺰ اﻟﻜﻮن ﻫﺰاً ﻋﻨﻴﻔﺎً ﻃﻮﻳ ًﻼ ،ﻳﻨﺘﺜﺮ ﻓﻴﻪ ﻛﻞ ﻣﺎ ﰲ اﻟﻮﺟﻮد ،وﻻ ﻳﺒﻘﻰ ﺷﻲء إﻻ ﻗﺪ ﺗﺒﺪل وﺗﻐﻴﺮ ﻣﻦ ﻫﻮل ﻣﺎ ﻳﺤﺪث ﰲ ذﻟﻚ اﻟﻴﻮم اﻟﺮﻫﻴﺐ ،ﺛﻢ ﺗﻨﺎوﻟﺖ ﺣﻘﻴﻘﺔ اﻟﻮﺣﻲ ،وﺻﻔﺔ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ اﻟﺬي ﻳﺘﻠﻘﺎه ،ﺛﻢ ﺷﺄن اﻟﻘﻮم اﳌﺨﺎﻃﺒﲔ ﺑﻬﺬا اﻟﻮﺣﻲ ،واﻟﺮﺳﻮل اﻟﺬي ﻧﺰل ﻟﻴﻨﻘﻠﻬﻢ ﻣﻦ ﻇﻠﻤﺎت اﻟﺸﺮك واﻟﻀﻼل ،إﻟﻰ ﻧﻮر اﻟﻌﻠﻢ واﻹﳝﺎن ٣٩٠
ﻣﻨﺎﺳﺒﺎت اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ أول اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ اﻟﺴﻮرة ﺑﺂﺧﺮﻫﺎ ﳌﺎ ﻗﺒﻠﻬﺎ اﻓﺘﺘﺤﺖ ﺑﺒﻴﺎن أﻫﻮال ﻳﻮم اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ،وﺧﺘﻤﺖ ﳌﺎ ﺧﺘﻤﺖ ﺳﻮرة ﻋﺒﺲ ﺑﻮﻋﻴﺪ اﻟﻜﻔﺮة ﺑﻴﻮم ﺑﺎﻟﻮﻋﻴﺪ ﻟﻠﻜﻔﺎر ﺑﺄﻧﻪ ﻻ ﻣﻔﺮ ﻟﻬﻢ وأﻧﻬﻢ ﺳﻴﻼﻗﻮن اﻟﺼﺎﺧﺔ؛ ﳉﺤﻮدﻫﻢ ﲟﺎ ﻟﻬﺬا اﻟﻘﺮآن ﻣﻦ اﻟﺘﺬﻛﺮة، ﻋﺬاب ﻫﺬا اﻟﻴﻮم إذا أﺻﺮوا ﻋﻠﻰ ﻛﻔﺮﻫﻢ اﺑﺘﺪأت ﺳﻮرة اﻟﺘﻜﻮﻳﺮ ﺑﺈﲤﺎم ذﻟﻚ ،ﻓﺼﻮرت ذﻟﻚ اﻟﻴﻮم ﲟﺎ ﻳﻜﻮن ﻓﻴﻪ ﻣﻦ اﻷﻣﻮر اﻟﻬﺎﺋﻠﺔ ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻐﺮﻳﺐ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ أُزﻳﻠﺖ ﻋﻦ وﺟﻪ اﻷرض؛ ﺗﻨﺎﺛﺮت ،وذﻫﺐ ﻧﻮرﻫﺎ ﻟُ ﱠﻔﺖ ،وذﻫﺐ ﺿﻮؤﻫﺎ ﻓﺼﺎرت ﻫﺒﺎ ًء ﻣﻨﺜﻮراً أُﻫ ِﻤﻠﺖ ،وﺗُ ِﺮﻛﺖ اﻟ ﱡﻨﻮق اﳊﻮاﻣﻞ ُﺟ ِﻤﻌﺖ ،واﺧﺘﻠﻄﺖ؛ ﻟﻴﻘﺘ ﱠﺺ ﻟﺒﻌﻀﻬﺎ ﻣﻦ ﺑﻌﺾ ُﻗ ِﺮﻧﺖ ﺑﺄﻣﺜﺎﻟﻬﺎ ُﻣ ِﻠﺌﺖ ﺣﺘﻰ ﺧﺎﺿﺖ، وﻧﻈﺎﺋﺮﻫﺎ ﻓﺎﻧﻔﺠﺮت ،ﺛﻢ ا ﱠﺗﻘﺪت ﻧﻴﺮاﻧﺎً اﻟﻄﻔﻠﺔ اﳌﺪﻓﻮﻧﺔ ﺣﻴ ًﺔ ُﻓ ِﺘﺤﺖ ،وﺑُ ِﺴﻄﺖ ﺻﺤﻒ اﻷﻋﻤﺎل ُﻗ ِﻠﻌﺖ ،وأُ ِزﻳﻠﺖ ﻗ ﱠﺪﻣﺖ ﻣﻦ ﺧﻴﺮ أو ﺷﺮ ُﻗ ﱢﺮﺑﺖ ﻣﻦ أﻫﻠﻬﺎ أُو ِﻗﺪت ،ﻓﺄُﺿ ِﺮﻣﺖ اﻟﻨﺠﻮم اﳉﺎرﻳﺔ اﻟﻨﺠﻮم اﳌﺨﺘﻔﻴﺔ أﻧﻮارﻫﺎ ﻧﻬﺎراً أﻗﺴﻢ ،و)ﻻ( :ﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﰲ أﻓﻼﻛﻬﺎ اﻟﻘﺴﻢ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ أﻗﺒﻞ ﺑﻈﻼﻣﻪ ،وأدﺑﺮ ﻇﻬﺮ ﺿﻴﺎؤه ،واﻣﺘ ﱠﺪ اﻟﻨﺠﻮم اﳌﺴﺘﺘﺮة ذي ﻣﻜﺎﻧﺔ رﻓﻴﻌﺔ ﰲ أﺑﺮاﺟﻬﺎ ﻫﻨﺎك ﰲ اﻟﺴﻤﺎوات ﻋﻨﺪ اﷲ ﻫﻮ :ﺟﺒﺮﻳﻞ ﻣﺮﺟﻮم ،ﻣﻄﺮود ﺑﺒﺨﻴﻞ ﰲ ﺗﺒﻠﻴﻎ اﻟﻮﺣﻲ ﻣﻦ رﺣﻤﺔ اﷲ رأى ﻧﺒﻴﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﷺ ﺟﺒﺮﻳﻞ ﰲ اﻹﻧﺲ ،واﳉﻦ اﻷﻓﻖ ﻋﻠﻰ ﺻﻮرﺗﻪ اﻟﺘﻲ ُﺧ ِﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ رب اﳋﻼﺋﻖ أﺟﻤﻌﲔ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﻦ وﺣﻲ اﻵي اﺑﻦ اﻟﻘﻴﻢ ُﻗ ِﺮ َن ﻛﻞ ﺻﺎﺣﺐ ﻋﻤﻞ ﺑﺸﻜﻠﻪ وﻧﻈﻴﺮه ،ﻓ ُﻘ ِﺮ َن ﺑﲔ اﳌﺘﺤﺎﺑﲔ ﰲ اﷲ ﰲ اﳉﻨﺔ ،و ُﻗ ِﺮ َن ﺑﲔ اﳌﺘﺤﺎﺑﲔ ﰲ ﻃﺎﻋﺔ اﻟﺸﻴﻄﺎن ﰲ اﳉﺤﻴﻢ ،ﻓﺎﳌﺮء ﻣﻊ ﻣﻦ أﺣﺐ ﺷﺎء أو أﺑﻰ ٣٩١
اﻟﺸﻨﻘﻴﻄﻲ ﺳﺆال اﳌﻮؤدة ﻻ ﻳﻌﺎرض اﻵﻳﺎت اﻟﻨﺎﻓﻴﺔ اﻟﺴﺆال ﻋﻦ اﻟﺬﻧﺐ؛ اﻟﺴﻌﺪي ﻷﻧﻬﺎ ﺳﺌﻠﺖ ﻋﻦ أي ذﻧﺐ ﻛﺎن ﻗﺘﻠﻬﺎ؟ وﻫﺬا ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ذﻧﺒﻬﺎ، اﻟﺒﻘﺎﻋﻲ واﳌﺮاد ﺑﺴﺆاﻟﻬﺎ ﻫﻨﺎ ﺗﻮﺑﻴﺦ ﻗﺎﺗﻠﻬﺎ وﺗﻘﺮﻳﻌﻪ؛ ﻷﻧﻬﺎ ﺗﻘﻮل :ﻻ ذﻧﺐ ﻟﻲ ،ﻓﻴﺮﺟﻊ اﻟﻠﻮم ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻗﺘﻠﻬﺎ ﻇﻠﻤﺎً ﻫﺬا ﻛﻠﻪ ﻳﺪل ﻋﻠﻰ ﺷﺮف اﻟﻘﺮآن ﻋﻨﺪ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ،ﺑﺄﻧﻪ ﺑﻌﺚ ﺑﻪ ﻫﺬا اﳌﻠﻚ اﻟﻜﺮﱘ ،اﳌﻮﺻﻮف ﺑﺘﻠﻚ اﻟﺼﻔﺎت اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ، واﻟﻌﺎدة أن اﳌﻠﻮك ﻻ ﺗﺮﺳﻞ اﻟﻜﺮﱘ ﻋﻠﻴﻬﺎ إﻻ ﰲ أﻫﻢ اﳌﻬﻤﺎت، وأﺷﺮف اﻟﺮﺳﺎﺋﻞ ﻓﻤﻦ ﻋﻠﻢ ﻫﺬه اﻷوﺻﺎف ﻟﻠﻘﺮآن واﻟﺮﺳﻮﻟﲔ اﻵﺗﻴﲔ ﺑﻪ اﳌﻠﻜﻲ واﻟﺒﺸﺮي؛ أﺣﺒﻪ وأﺣﺒﻬﻤﺎ ،وﺑﺎﻟﻎ ﰲ اﻟﺘﻌﻈﻴﻢ واﻹﺟﻼل ،وأﻗﺒﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﻼوﺗﻪ ﰲ ﻛﻞ أوﻗﺎﺗﻪ ،وﺑﺎﻟﻎ ﰲ اﻟﺴﻌﻲ ﰲ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺄﻣﺮ ﺑﻪ واﻟﻬﺮب ﳑﺎ ﻳﻨﻬﻰ ﻋﻨﻪ ،ﻟﻴﺤﺼﻞ ﻟﻪ اﻻﺳﺘﻘﺎﻣﺔ رﻏﺒﺔ ﰲ ﻣﺮاﻓﻘﺔ ﻣﻦ أﺗﻰ ﺑﻪ ورؤﻳﺔ ﻣﻦ أﺗﻰ ﻣﻦ ﻋﻨﺪه اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ٣٩٢
Search
Read the Text Version
- 1
- 2
- 3
- 4
- 5
- 6
- 7
- 8
- 9
- 10
- 11
- 12
- 13
- 14
- 15
- 16
- 17
- 18
- 19
- 20
- 21
- 22
- 23
- 24
- 25
- 26
- 27
- 28
- 29
- 30
- 31
- 32
- 33
- 34
- 35
- 36
- 37
- 38
- 39
- 40
- 41
- 42
- 43
- 44
- 45
- 46
- 47
- 48
- 49
- 50
- 51
- 52
- 53
- 54
- 55
- 56
- 57
- 58
- 59
- 60
- 61
- 62
- 63
- 64
- 65
- 66
- 67
- 68
- 69
- 70
- 71
- 72
- 73
- 74
- 75
- 76
- 77
- 78
- 79
- 80
- 81
- 82
- 83
- 84
- 85
- 86
- 87
- 88
- 89
- 90
- 91
- 92
- 93
- 94
- 95
- 96
- 97
- 98
- 99
- 100
- 101
- 102
- 103
- 104
- 105
- 106
- 107
- 108
- 109
- 110
- 111
- 112
- 113
- 114
- 115
- 116
- 117
- 118
- 119
- 120
- 121
- 122
- 123
- 124
- 125
- 126
- 127
- 128
- 129
- 130
- 131
- 132
- 133
- 134
- 135
- 136
- 137
- 138
- 139
- 140
- 141
- 142
- 143
- 144
- 145
- 146
- 147
- 148
- 149
- 150
- 151
- 152
- 153
- 154
- 155
- 156
- 157
- 158
- 159
- 160
- 161
- 162
- 163
- 164
- 165
- 166
- 167
- 168
- 169
- 170
- 171
- 172
- 173
- 174
- 175
- 176
- 177
- 178
- 179
- 180
- 181
- 182
- 183
- 184
- 185
- 186
- 187
- 188
- 189
- 190
- 191
- 192
- 193
- 194
- 195
- 196
- 197
- 198
- 199
- 200
- 201
- 202
- 203
- 204
- 205
- 206
- 207
- 208
- 209
- 210
- 211
- 212
- 213
- 214
- 215
- 216
- 217
- 218
- 219
- 220
- 221
- 222
- 223
- 224
- 225
- 226
- 227
- 228
- 229
- 230
- 231
- 232
- 233
- 234
- 235
- 236
- 237
- 238
- 239
- 240
- 241
- 242
- 243
- 244
- 245
- 246
- 247
- 248
- 249
- 250
- 251
- 252
- 253
- 254
- 255
- 256
- 257
- 258
- 259
- 260
- 261
- 262
- 263
- 264
- 265
- 266
- 267
- 268
- 269
- 270
- 271
- 272
- 273
- 274
- 275
- 276
- 277
- 278
- 279
- 280
- 281
- 282
- 283
- 284
- 285
- 286
- 287
- 288
- 289
- 290
- 291
- 292
- 293
- 294
- 295
- 296
- 297
- 298
- 299
- 300
- 301
- 302
- 303
- 304
- 305
- 306
- 307
- 308
- 309
- 310
- 311
- 312
- 313
- 314
- 315
- 316
- 317
- 318
- 319
- 320
- 321
- 322
- 323
- 324
- 325
- 326
- 327
- 328
- 329
- 330
- 331
- 332
- 333
- 334
- 335
- 336
- 337
- 338
- 339
- 340
- 341
- 342
- 343
- 344
- 345
- 346
- 347
- 348
- 349
- 350
- 351
- 352
- 353
- 354
- 355
- 356
- 357
- 358
- 359
- 360
- 361
- 362
- 363
- 364
- 365
- 366
- 367
- 368
- 369
- 370
- 371
- 372
- 373
- 374
- 375
- 376
- 377
- 378
- 379
- 380
- 381
- 382
- 383
- 384
- 385
- 386
- 387
- 388
- 389
- 390
- 391
- 392
- 393
- 394
- 395
- 396
- 397
- 398
- 399
- 400
- 401
- 402
- 403
- 404
- 405
- 406
- 407
- 408
- 409
- 410
- 411
- 412
- 413
- 414
- 415
- 416
- 417
- 418
- 419
- 420
- 421
- 422
- 423
- 424
- 425
- 426
- 427
- 428
- 429
- 430
- 431
- 432
- 433
- 434
- 435
- 436
- 437
- 438
- 439
- 440
- 441
- 442
- 443
- 444
- 445
- 446
- 447
- 448
- 449
- 450
- 451
- 452
- 453
- 454
- 455
- 456
- 457
- 458
- 459
- 460
- 461
- 462
- 463
- 464
- 465
- 466
- 467
- 468
- 469
- 470
- 471
- 472
- 473
- 474
- 475
- 476
- 477
- 478
- 479
- 480
- 481
- 482
- 483
- 484
- 485
- 486
- 487
- 488
- 489
- 490
- 491
- 492
- 493
- 494
- 495
- 496
- 1 - 50
- 51 - 100
- 101 - 150
- 151 - 200
- 201 - 250
- 251 - 300
- 301 - 350
- 351 - 400
- 401 - 450
- 451 - 496
Pages:
