ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﻣﻜﻴﺔ أﺳﻤﺎء اﻟﺴﻮرة اﳌﺼﺤﻒ ٨٢ ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﺑﲔ ﻳﺪي آﻳﺔ ﺳﻮرة اﻻﻧﻔﻄﺎر ﻻﻓﺘﺘﺎﺣﻬﺎ ﺑﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: وﺟﻪ اﻟﻨﺰول ٨٢ اﻟﺴﻮرة اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /ﺗﻮﻗﻴﻔﻴﺔ ﻣﻘﺼﺪ اﻟﺴﻮرة ﻻﻓﺘﺘﺎﺣﻬﺎ ﺑﻬﺬه اﳉﻤﻠﺔ وﺟﻪ ﺳﻮرة اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﺗﺼﻮﻳﺮ اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﺑﺘﺒﻌﺜﺮ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /اﺟﺘﻬﺎدﻳﺔ اﳌﺨﻠﻮﻗﺎت اﳌﻨﺘﻈﻤﺔ وﺗﻐﻴﺮ ﺳﻮرة وﺟﻪ ﺣﺎﻟﻬﺎ وﻣﺴﺎرﻫﺎ اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻟﻮﻗﻮع ﻟﻔﻆ ﻓﻴﻬﺎ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /اﺟﺘﻬﺎدﻳﺔ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺴﻮرة اﳌﻮﺿﻮع اﻵﻳﺎت اﳌﻮﺿﻮع اﻵﻳﺎت ﲢﺬﻳﺮ اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻦ اﻻﻧﻬﻤﺎك ﰲ اﻟﺪﻧﻴﺎ إﺛﺒﺎت اﻟﺒﻌﺚ وأﻫﻮاﻟﻪ ﻋﻠﺔ ﺗﻜﺬﻳﺐ اﻹﻧﺴﺎن ﻟﻴﻮم اﳊﺴﺎب ﺗﻌﻈﻴﻢ ﺷﺄن ﻳﻮم اﻟﺪﻳﻦ ٣٩٣
أﻏﺮاض اﻟﺴﻮرة اﺑﺘﺪأت اﻟﺴﻮرة ﺑﺒﻴﺎن ﻣﺸﺎﻫﺪ اﻻﻧﻘﻼب اﻟﺬي ﻳﺤﺪث ﰲ اﻟﻜﻮن ،ﻣﻦ اﻧﻔﻄﺎر اﻟﺴﻤﺎء واﻧﺘﺜﺎر اﻟﻜﻮاﻛﺐ، وﺗﻔﺠﻴﺮ اﻟﺒﺤﺎر ،وﺑﻌﺜﺮة اﻟﻘﺒﻮر ،وﻣﺎ ﻳﻌﻘﺐ ذﻟﻚ ﻣﻦ اﳊﺴﺎب واﳉﺰاء ،ﺛﻢ ﲢﺪﺛﺖ ﻋﻦ ﺟﺤﻮد اﻹﻧﺴﺎن وﻛﻔﺮاﻧﻪ ﻟﻨﻌﻢ رﺑﻪ ،وﻫﻮ ﻳﺘﻠﻘﻰ ﻓﻴﻮض اﻟﻨﻌﻤﺔ ﻣﻨﻪ ﺟﻞ وﻋﻼ ،وﻟﻜﻨﻪ ﻻ ﻳﻌﺮف ﻟﻠﻨﻌﻤﺔ ﺣﻘﻬﺎ ،وﻻ ﻳﻌﺮف ﻟﺮﺑﻪ ﻗﺪره ،وﻻ ﻳﺸﻜﺮه ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻀﻞ واﻟﻨﻌﻤﺔ واﻟﻜﺮاﻣﺔ ،ﺛﻢ ذﻛﺮت ﻋﻠﺔ ﻫﺬا اﳉﺤﻮد واﻹﻧﻜﺎر ،ووﺿﺤﺖ أن اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ و ﱠﻛﻞ ﺑﻜﻞ إﻧﺴﺎن ﻣﻼﺋﻜﺔ ﻳﺴﺠﻠﻮن ﻋﻠﻴﻪ أﻋﻤﺎﻟﻪ ،وﻳﺘﻌﻘﺒﻮن أﻓﻌﺎﻟﻪ ،ﺛﻢ ذﻛﺮت اﻧﻘﺴﺎم اﻟﻨﺎس ﰲ اﻵﺧﺮة إﻟﻰ ﻗﺴﻤﲔ :أﺑﺮار ،وﻓﺠﺎر ،وﺑﻴﻨﺖ ﻣﺂل ﻛﻞ ﻣﻦ اﻟﻔﺮﻳﻘﲔ ،وﺧﺘﻤﺖ ﺑﺘﺼﻮﻳﺮ ﺿﺨﺎﻣﺔ ﻳﻮم اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ وﻫﻮﻟﻪ، وﲡﺮد اﻟﻨﻔﻮس ﻳﻮﻣﺌﺬ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺣﻮل وﻗﻮة وﺗﻔﺮد اﷲ ﺟﻞ وﻋﻼ ﺑﺎﳊﻜﻢ واﻟﺴﻠﻄﺎن ﻣﻨﺎﺳﺒﺎت اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ أول اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ اﻟﺴﻮرة ﳌﺎ ﻗﺒﻠﻬﺎ ﺑﺂﺧﺮﻫﺎ ﳌﺎ ﺧﺘﻤﺖ ﺳﻮرة اﻟﺘﻜﻮﻳﺮ ﺑﺄﻧﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻻ ﻳﺨﺮج اﻓﺘﺘﺤﺖ اﻟﺴﻮرة ﺑﺎﳋﺒﺮ ﻋﻦ ﺑﻌﺾ أﺣﻮال ﺷﻲء ﻋﻦ ﻣﺸﻴﺌﺘﻪ ،وأﻧﻪ ﻣﻮﺟﺪ اﳋﻠﻖ وﻣﺪﺑﺮﻫﻢ، ﻳﻮم اﳉﺰاء ،وﺧﺘﻤﺖ ﺑﻪ ﻛﺬﻟﻚ اﻓﺘﺘﺤﺖ ﺳﻮرة اﻻﻧﻔﻄﺎر ﺑﺄﻧﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﻧﻘﻀﻪ ﻟﻬﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ وﺧﺮاﺑﻪ؛ ﻟﻴﺤﺎﺳﺐ اﻟﻨﺎس ﻓﻴﺠﺰي ﻛ ًﻼ ﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ اﶈﺴﻦ واﳌﺴﻲء ﲟﺎ ﻋﻤﻞ ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻐﺮﻳﺐ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ اﻣﺘﻸت ،وﻓﺎﺿﺖ ،ﻓﺎﻧﻔﺠﺮت، ﺗﺴﺎﻗﻄﺖ اﻧﺸ ﱠﻘﺖ وﺳﺎﻟﺖ ﻣﻴﺎﻫﻬﺎ ﺟﻌﻠﻚ ﻣﺴﺘﻮي اﳋﻠﻘﺔ ﻣﺎ ﺧﺪﻋﻚ ،وﺟ ﱠﺮأك ﻋﻠﻰ ُﻗ ِﻠﺒﺖ ﺑﺒﻌﺚ ﻣﻦ ﻛﺎن ﺳﺎﻟﻢ اﻷﻋﻀﺎء اﻟﻜﻔﺮ ﺑﻪ ،وﻋﺼﻴﺎﻧﻪ؟ ﻣﻘﺒﻮراً ﻓﻴﻬﺎ ﳌﻼﺋﻜﺔ رﻗﺒﺎء ﻳﻮم اﳉﺰاء ،واﳊﺴﺎب ﺟﻌﻠﻚ ﻣﻌﺘﺪل اﳋﻠﻖ ﻳﻜﺘﺒﻮن أﻋﻤﺎﻟﻜﻢ ﻣﺘﻨﺎﺳﺐ اﻷﻋﻀﺎء ﻓﻼ ﻳﺨﺮﺟﻮن ﻣﻦ ﺟﻬﻨﻢ ،وﻻ ﳝﻮﺗﻮن ٣٩٤
ﻣﻦ وﺣﻲ اﻵي اﻟﺒﻘﺎﻋﻲ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﺑﺎﻟﺮب ﻣﻊ دﻻﻟﺘﻪ ﻋﻠﻰ اﻹﺣﺴﺎن ﻳﺪل ﻋﻠﻰ اﻻﻧﺘﻘﺎم ﻋﻨﺪ اﻹﻣﻌﺎن ﰲ اﻹﺟﺮام؛ ﻷن ذﻟﻚ ﺷﺄن اﳌﺮﺑﻲ ،ﻓﻜﺎن ذﻟﻚ ﻣﺎﻧﻌﺎً ﻣﻦ اﻻﻏﺘﺮار ﳌﻦ ﺗﺄﻣﻞ دون ﻗﻮﻟﻪ) :ﺑﺎﷲ( ﰲ ﺗﺄﻣﻞ ﰲ ﺳ ﱢﺮ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﺑﻘﻮﻟﻪ: ﻗﻮﻟﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ :؛ اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر ﻓﺈ ﱠن ﰲ ﻫﺬه اﻟﻠﻔﻈﺔ ﻣﻦ ﻣﻌﺎﻧﻲ اﳌﻠﻜﻮاﻟﺮﻋﺎﻳﺔ واﻟﺮﻓﻖ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺎﺳﺐ ﺗﺬﻛﺮ اﻹﻧﺴﺎن ﺑﻨﻌﻢ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ ،وﺗﺬﻛﻴﺮ ﺑﺎﺳﺘﺤﻘﺎﻗﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻟﻄﺎﻋﺔ ﻣﺮﺑﻮﺑﻴﻪ اﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻋﺪل ﰲ وﻻﻳﺔ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻮﻻﻳﺎت ﻓﺴﺎﺳﻬﺎ ﺑﻌﻠﻢ وﻋﺪل وأﻃﺎع اﷲ ورﺳﻮﻟﻪ ﺑﺤﺴﺐ اﻹﻣﻜﺎن؛ ﻓﻬﻮ ﻣﻦ اﻷﺑﺮار اﻟﺼﺎﳊﲔ ،وﻛﻞ ﻣﻦ ﻇﻠﻢ وﻋﻤﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺠﻬﻞ؛ ﻓﻬﻮ ﻣﻦ اﻟﻔﺠﺎر اﻟﻈﺎﳌﲔ ،إﳕﺎ اﻟﻀﺎﺑﻂ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ :ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮊ اﺑﻦ اﻟﻘﻴﻢ ﻻ ﲢﺴﺐ أن اﻵﻳﺔ ﻣﻘﺼﻮرةٌ ﻋﻠﻰ ﻧﻌﻴﻢ اﻵﺧﺮة وﺟﺤﻴﻤﻬﺎ ﻓﻘﻂ ،ﺑﻞ ﰲ دورﻫﻢ ،أﻋﻨﻲ :دار اﻟﺪﻧﻴﺎ ،ودار اﻟﺒﺮزخ ،ودار اﻟﻘﺮار ،ﻓﻬﺆﻻء ﰲ ﻧﻌﻴﻢ ،وﻫﺆﻻء ﰲ ﺟﺤﻴﻢ ،وﻫﻞ اﻟﻨﻌﻴ ُﻢ إﻻ ﻧﻌﻴﻢ اﻟﻘﻠﺐ؟ وﻫﻞ اﻟﻌﺬاب إﻻ ﻋﺬاب اﻟﻘﻠﺐ؟ وأي ﻋﺬاب أﺷﺪ ﻣﻦ اﳋﻮف واﻟﻬﻢ واﳊﺰن وﺿﻴﻖ اﻟﺼﺪر وإﻋﺮاﺿﻪ ﻋﻦ اﷲ واﻟﺪار اﻵﺧﺮة وﺗﻌﻠﻘﻪ ﺑﻐﻴﺮ اﷲ واﻧﻘﻄﺎﻋﻪ ﻋﻦ اﷲ ﺑﻜﻞ وا ٍد ﻣﻨﻪ ﺷﻌﺒﺔ؟! وﻛﻞ ﻣﻦ ﺗﻌﻠﻖ ﺑﻪ وأﺣﺒﻪ ﻣﻦ دون اﷲ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺴﻮﻣﻪ ﺳﻮء اﻟﻌﺬاب اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ٣٩٥
ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﻣﻜﻴﺔ أﺳﻤﺎء اﻟﺴﻮرة اﳌﺼﺤﻒ ٨٣ ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﺑﲔ ﻳﺪي آﻳﺔ ﺳﻮرة اﳌﻄﻔﻔﲔ ﻻﻓﺘﺘﺎﺣﻬﺎ ﺑﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: وﺟﻪ اﻟﻨﺰول ٨٦ اﻟﺴﻮرة اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /ﺗﻮﻗﻴﻔﻴﺔ ﻣﻘﺼﺪ اﻟﺴﻮرة ﻻﻓﺘﺘﺎﺣﻬﺎ ﺑﻬﺬا اﻟﻠﻔﻆ وﺟﻪ ﺳﻮرة اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﺗﺮﻛﺰ ﻋﻠﻰ ﺑﻴﺎن ﺣﺎل اﻟﻨﺎس ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /اﺟﺘﻬﺎدﻳﺔ ﰲ اﳌﻮازﻳﻦ واﳌﻨﺎزل ﺳﻮرة اﻟﺘﻄﻔﻴﻒ ﻷﻧﻬﺎ ﲢﺪﺛﺖ ﻋﻦ اﻟﺘﻄﻔﻴﻒ وﺟﻪ اﻷﺧﺮوﻳﺔ ،ﺗﻬﺪﻳﺪاً ﻟﻠﻤﻄﻔﻔﲔ -اﻟﺒﺨﺲ -ﰲ اﻟﻜﻴﻞ واﻟﻮزن اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ واﳌﻜﺬﺑﲔ ،وﺗﺄﻧﻴﺴﺎً ﻟﻠﻤﺆﻣﻨﲔ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /اﺟﺘﻬﺎدﻳﺔ اﳌﺴﺘﻀﻌﻔﲔ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺴﻮرة اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ اﳌﻮﺿﻮع اﻵﻳﺎت اﳌﻮﺿﻮع اﻵﻳﺎت وﻋﻴﺪ اﻟﻔﺠﺎر ﺑﺎﻟﻌﻘﺎب اﻷﻟﻴﻢ إﻋﻼن اﳊﺮب ﻋﻠﻰ اﳌﻄﻔﻔﲔ إﻛﺮام اﳌﺆﻣﻨﲔ وإﻳﻼم اﳌﺠﺮﻣﲔ ﻳﻮم اﻟﺪﻳﻦ وﻋﺪ اﻷﺑﺮار ﺑﺎﻟﺜﻮاب اﻟﻌﻈﻴﻢ ٣٩٦
أﻏﺮاض اﻟﺴﻮرة ﺑُﺪﺋﺖ ﺑﺈﻋﻼن اﳊﺮب ﻋﻠﻰ اﳌﻄﻔﻔﲔ ﰲ اﻟﻜﻴﻞ واﻟﻮزن ،اﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﺨﺎﻓﻮن اﻵﺧﺮة ،وﻻ ﻳﺤﺴﺒﻮن ﺣﺴﺎﺑﺎً ﻟﻠﻮﻗﻔﺔ اﻟﺮﻫﻴﺒﺔ ،ﺑﲔ ﻳﺪي أﺣﻜﻢ اﳊﺎﻛﻤﲔ ،ﺛﻢ ﲢﺪﺛﺖ ﻋﻦ اﻷﺷﻘﻴﺎء اﻟﻔﺠﺎر ،وﺻﻮرت ﺟﺰاءﻫﻢ ﻳﻮم اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ،ﺣﻴﺚ ﻳﺴﺎﻗﻮن إﻟﻰ اﳉﺤﻴﻢ ﻣﻊ اﻟﺰﺟﺮ واﻟﺘﻬﺪﻳﺪ ،ﺛﻢ ﻋﺮﺿﺖ ﻟﺼﻔﺤﺔ اﳌﺘﻘﲔ اﻷﺑﺮار ،وﻣﺎ ﻟﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﻨﻌﻴﻢ اﳋﺎﻟﺪ اﻟﺪاﺋﻢ ﰲ دار اﻟﻌﺰ واﻟﻜﺮاﻣﺔ ،وﺧﺘﻤﺖ ﲟﻮاﻗﻒ أﻫﻞ اﻟﺸﻘﺎء واﻟﻀﻼل اﻟﻜﻔﺮة اﻟﻔﺠﺎر ﻣﻦ ﻋﺒﺎد اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻷﺧﻴﺎر ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻬﺰءون ﻣﻨﻬﻢ ﰲ اﻟﺪﻧﻴﺎ ،وﻳﺴﺨﺮون ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻹﳝﺎﻧﻬﻢ وﺻﻼﺣﻬﻢ ﻣﻨﺎﺳﺒﺎت اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ أول اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ اﻟﺴﻮرة ﳌﺎ ﻗﺒﻠﻬﺎ ﺑﺂﺧﺮﻫﺎ ﳌﺎ ﺧﺘﻢ اﻻﻧﻔﻄﺎر ﺑﺎﻧﻘﻄﺎع اﻷﺳﺒﺎب واﻧﺤﺴﺎر اﻷﻧﺴﺎب اﻓﺘﺘﺤﺖ اﻟﺴﻮرة ﺑﺈﻋﻼن اﳊﺮب ﻋﻠﻰ اﳌﻄﻔﻔﲔ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻮم اﳊﺴﺎب ،وذﻛﺮ اﻷﺷﻘﻴﺎء واﻟﺴﻌﺪاء ،وﻛﺎن ﻣﻦ أﻋﻈﻢ ﻟﻢ ﻳﻮﻗﻨﻮا ﺑﻴﻮم اﻟﺪﻳﻦ ،وﺳﺨﺮوا ﻣﻦ اﳌﺆﻣﻨﲔ ،وﺧﺘﻤﺖ ﻣﺎ ﻳﺪور ﺑﲔ اﻟﻌﺒﺎد اﳌﻘﺎدﻳﺮ ،وﻛﺎﻧﺖ اﳌﻌﺼﻴﺔ ﺑﺎﻟﺒﺨﺲ ﺑﻘﻮﻟﻪ: ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ أدﻧﻰ اﳌﻌﺎﺻﻲ وأﺧﻄﺮﻫﺎ ،ﺣ ﱠﺬر ﻣﻦ اﳋﻴﺎﻧﺔ ﻓﻴﻬﺎ ،وذﻛﺮ ﻣﺎ أﻋﺪ ﻷﻫﻠﻬﺎ وﺟﻤﻊ إﻟﻴﻬﻢ ﻛﻞ ﻣﻦ اﺗﺼﻒ ﺑﻮﺻﻔﻬﻢ ﻓﻘﺎل: اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻐﺮﻳﺐ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻳﻨ ُﻘ ُﺼﻮن ﰲ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺒﺨﺴﻮن ﻋﺬاب ﺷﺪﻳﺪ اﳌﻜﻴﺎل ،واﳌﻴﺰان اﳌﻜﻴﺎل ،واﳌﻴﺰان ﻳﻌﺘﻘﺪ ﺳﺠﻦ ،وﺿﻴﻖ ﻛﺘﺎب أﻋﻤﺎﻟﻬﻢ، أو ﻣﺼﻴﺮﻫﻢ ﻣﻜﺘﻮب ﻛﺎﻟﺮﻗﻢ ﰲ ﻛﺜﻴﺮ اﻹﺛﻢ اﻟﺜﻮب ﻻ ُﳝﺤﻰ ﻇﺎﻟﻢ ﻣﺘﺠﺎوز ﻟﻠﺤﺪ ﻣﺤﺮوﻣﻮن ﻣﻦ أﺑﺎﻃﻴﻞ رؤﻳﺔ رﺑﻬﻢ ﻏ ﱠﻄﻰ ﻟﺪاﺧﻠﻮ اﻟﻨﺎر اﻷ ِﺳ ﱠﺮة اﳌﺰﻳﻨﺔ ﻟﻔﻲ ﻣﺮﺗﺒﺔ، ﻳﻘﺎﺳﻮن ﺣﺮﻫﺎ ﺑﺎﻟﺴﺘﻮر ،واﻟﺜﻴﺎب وﻣﻜﺎن ﻋﺎل ٣٩٧
ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ آﺧﺮه راﺋﺤﺔ اﳌﺴﻚ ﺧﻤﺮ ﺻﺎﻓﻴﺔ ﺑﻬﺠﺔ ﻳﺸﺮﺑﻮن ﻣﺘﻠﺬذﻳﻦ ﺑﻬﺎ ﻋﲔ ﰲ أﻋﻠﻰ اﳉﻨﺔ وﺧﻠﻄﻪ ﻣﺘﻠﺬذﻳﻦ ﺑﺴﺨﺮﻳﺘﻬﻢ رﺟﻌﻮا ﻳﻐﻤﺰ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺑﻌﻀﺎً ﻣﻦ اﳌﺆﻣﻨﲔ ﺑﺄﻋﻴﻨﻬﻢ اﺳﺘﻬﺰا ًء ُﺟﻮ ِزي رﻗﺒﺎء ﻳﺤﺼﻮن أﻋﻤﺎﻟﻬﻢ ﻣﻦ وﺣﻲ اﻵي ﻗﺎل ﺳﻠﻤﺎن اﻟﻔﺎرﺳﻲ ) :اﻟﺼﻼة ﻣﻜﻴﺎل ،ﻣﻦ و ﱠﻓﻰُ ،و ﱢﰲ ﻟﻪ ،وﻣﻦ ﻃﻔﻒ ،ﻓﻘﺪ ﻋﻠﻤﺘﻢ ﻣﺎ ﻗﺎل اﷲ ﰲ اﳌﻄﻔﻔﲔ( ،وﻫﺬا اﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻣﻦ ﻋﻤﻖ ﻋﻠﻢ اﻟﺴﻠﻒ ﺑﺎﻟﻘﺮآن ،ﺣﻴﺚ ﻋ ﱠﻤﻢ ﻣﻌﻨﻰ اﻟﻮﻋﻴﺪ اﻟﻮارد اﻟﺒﻘﺎﻋﻲ ،وﻟﻢ ﻳﻘﺼﺮه ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻄﻔﻴﻒ ﰲ ﰲ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: اﻟﺒﻴﻊ واﻟﺸﺮاء ﻓﺤﺴﺐ وﰲ ذﻟﻚ ﺗﻨﺒﻴﻪ ﻋﻠﻰ أن أﺻﻞ اﻵﻓﺎت اﳋﻠﻖ اﻟﺴﻲء ،وﻫﻮ ﺣﺐ اﻟﺪﻧﻴﺎ اﳌﻮﻗﻊ ﰲ َﺟ ْﻤ ِﻊ اﻷﻣﻮال ﻣﻦ ﻏﻴﺮ وﺟﻬﻬﺎ وﻟﻮ ﺑﺄﺧﺲ اﻟﻮﺟﻮه :اﻟﺘﻄﻔﻴﻒ اﻟﺬي ﻻ ﻳﺮﺿﺎه ذو ﻣﺮوءة ،وﻫﻢ ﻣﻦ ﻳﻘﺎرﺑﻮن ﻣﻞء اﻟﻜﻴﻞ وﻋﺪل اﻟﻮزن وﻻ ﳝﻠﺆون وﻻ ﻳﻌﺪﻟﻮن اﻟﻘﺮﻃﺒﻲ وﰲ ﻫﺬا اﻹﻧﻜﺎر واﻟﺘﻌﺠﻴﺐ وﻛﻠﻤﺔ اﻟﻈﻦ ووﺻﻒ اﻟﻴﻮم ﺑﺎﻟﻌﻈﻴﻢ وﻗﻴﺎم اﻟﻨﺎس ﻓﻴﻪ ﷲ ﺧﺎﺿﻌﲔ ووﺻﻒ ذاﺗﻪ ﺑﺮب اﻟﻌﺎﳌﲔ ﺑﻴﺎن ﺑﻠﻴﻎ ﻟﻌﻈﻢ اﻟﺬﻧﺐ وﺗﻔﺎﻗﻢ اﻹﺛﻢ ﰲ اﻟﺘﻄﻔﻴﻒ اﻟﺴﻴﻮﻃﻲ ﻗﺎل ﺣﺬﻳﻔﺔ ﺑﻦ اﻟﻴﻤﺎن :اﻟﻘﻠﺐ ﻣﺜﻞ اﻟﻜﻒ ،ﻓﻴﺬﻧﺐ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ اﻟﺬﻧﺐ ﻓﻴﻨﻘﺒﺾ ﻣﻨﻪ ،ﺛﻢ ﻳﺬﻧﺐ اﻟﺬﻧﺐ ﻓﻴﻨﻘﺒﺾ ﻣﻨﻪ؛ ﺣﺘﻰ ﻳﺠﺘﻤﻊ ،ﻓﺈذا اﺟﺘﻤﻊ ﻃﺒﻊ ﻋﻠﻴﻪ ،ﻓﺈذا ﺳﻤﻊ ﺧﻴﺮاً دﺧﻞ ﰲ أذﻧﻴﻪ؛ ﺣﺘﻰ ﻳﺄﺗﻲ اﻟﻘﻠﺐ ﻓﻼ ﻳﺠﺪ ﻓﻴﻪ ﻣﺪﺧ ًﻼ ،ﻓﺬﻟﻚ ﻗﻮﻟﻪ: اﺑﻦ رﺟﺐ أﻋﻈﻢ ﻋﺬاب أﻫﻞ اﻟﻨﺎر ﻫﻮ ﺣﺠﺎﺑﻬﻢ ﻋﻦ رﺑﻬﻢ ،وﳌﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ ﻗﺎﺳﻴ ًﺔ ﻻ ﻳﺼﻞ إﻟﻴﻬﺎ ﺷﻲء ﻣﻦ ﻧﻮر اﻹﳝﺎن وﺣﻘﺎﺋﻖ اﻟﻌﺮﻓﺎن ،ﻛﺎن ﺟﺰاؤﻫﻢ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﰲ اﻵﺧﺮة ﺣﺠﺎﺑﻬﻢ ﻋﻦ رؤﻳﺔ اﻟﺮﺣﻤﻦ ،واﻟﻌﺎرﻓﻮن ﺧﻮﻓﻬﻢ ﰲ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻣﻦ اﺣﺘﺠﺎﺑﻪ ﻋﻦ ﺑﺼﺎﺋﺮﻫﻢ، وﰲ اﻵﺧﺮة ﻣﻦ اﺣﺘﺠﺎﺑﻪ ﻋﻦ ﻧﻮاﻇﺮﻫﻢ اﻷﻟﻮﺳﻲ ﮋ ﯥ ﮊ أي :اﻟﺮاﻏﺒﻮن ﰲ اﳌﺒﺎدرة إﻟﻰ ﻃﺎﻋﺔ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ وأﺻﻞ اﻟﺘﻨﺎﻓﺲ اﻟﺘﻐﺎﻟﺐ ﰲ اﻟﺸﻲء اﻟﻨﻔﻴﺲ ،وﻣﺠﺎﻫﺪة اﻟﻨﻔﺲ ﻟﻠﺘﺸﺒﻪ ﺑﺎﻷﻓﺎﺿﻞ واﻟﻠﺤﻮق ﺑﻬﻢ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ إدﺧﺎل ﺿﺮر ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺮه وﻫﻲ ﺑﻬﺬا اﳌﻌﻨﻰ ﻣﻦ ﺷﺮف اﻟﻨﻔﺲ وﻋﻠﻮ اﻟﻬﻤﺔ ٣٩٨
اﻟﺴﻌﺪي أي :ﻣﺴﺮورﻳﻦ ﻣﻐﺘﺒﻄﲔ ،وﻫﺬا ﻣﻦ أﻋﻈﻢ ﻣﺎ ﻳﻜﻮن ﻣﻦ اﻻﻏﺘﺮار ،أﻧﻬﻢ ﺟﻤﻌﻮا ﺑﲔ ﻏﺎﻳﺔ اﻹﺳﺎءة واﻷﻣﻦ ﰲ اﻟﺪﻧﻴﺎ، ﺣﺘﻰ ﻛﺄﻧﻬﻢ ﻗﺪ ﺟﺎءﻫﻢ ﻛﺘﺎب ﻣﻦ اﷲ وﻋﻬﺪ أﻧﻬﻢ أﻫﻞ اﻟﺴﻌﺎدة، وﻗﺪ ﺣﻜﻤﻮا ﻷﻧﻔﺴﻬﻢ أﻧﻬﻢ أﻫﻞ اﻟﻬﺪى ،وأن اﳌﺆﻣﻨﲔ ﺿﺎﻟﻮن، اﻓﺘﺮاء ﻋﻠﻰ اﷲ ،وﲡﺮؤا ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻮل ﻋﻠﻴﻪ ﺑﻼ ﻋﻠﻢ اﻟﺒﻘﺎﻋﻲ أي :إﻟﻰ ﻣﺎ ﻳﺸﺘﻬﻮن ﻣﻦ اﳉﻨﺎن واﻷﻧﻬﺎر واﳊﻮر واﻟﻮﻟﺪان، ﻟﻴﺲ ﻟﻬﻢ ﺷﻐﻞ ﻏﻴﺮ ذﻟﻚ وﻣﺎ ﺷﺎﺑﻬﻪ ﻣﻦ اﳌﺴﺘﻠﺬات .وﻗﺎل اﻹﻣﺎم اﻟﻘﺸﻴﺮي :أﺛﺒﺖ اﻟﻨﻈﺮ وﻟﻢ ﻳﺒﲔ اﳌﻨﻈﻮر إﻟﻴﻪ ﻻﺧﺘﻼﻓﻬﻢ :ﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻳﻨﻈﺮ إﻟﻰ ﻗﺼﻮره ،وﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻳﻨﻈﺮ إﻟﻰ ﺣﻮره ،وﻣﻨﻬﻢ وﻣﻨﻬﻢ ،واﳋﻮاص ﻋﻠﻰ دوام اﻷوﻗﺎت إﻟﻰ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻳﻨﻈﺮون ﻛﻤﺎ أن اﻟﻔﺠﺎر داﺋﻤﺎً ﻋﻦ رﺑﻬﻢ ﻣﺤﺠﻮﺑﻮن اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ٣٩٩
ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﻣﻜﻴﺔ أﺳﻤﺎء اﻟﺴﻮرة اﳌﺼﺤﻒ ٨٤ ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﺑﲔ ﻳﺪي آﻳﺔ ﺳﻮرة اﻻﻧﺸﻘﺎق ﻻﻓﺘﺘﺎﺣﻬﺎ ﺑﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: وﺟﻪ اﻟﻨﺰول ٨٣ اﻟﺴﻮرة اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /ﺗﻮﻗﻴﻔﻴﺔ ﻣﻘﺼﺪ اﻟﺴﻮرة ﻻﻓﺘﺘﺎﺣﻬﺎ ﺑﻬﺬه اﳉﻤﻠﺔ وﺟﻪ ﺳﻮرة اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﺗﺼﻮﻳﺮ اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﺑﺎﺳﺘﺴﻼم ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /ﺗﻮﻗﻴﻔﻴﺔ اﻟﻜﻮن وﺧﻀﻮﻋﻪ ﻟﺮﺑﻪ ﰲ أﻣﺮه ،إﻟﺰاﻣﺎً ﺑﺎﻻﺳﺘﺴﻼم، ﺳﻮرة وﺟﻪ اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻟﻮﻗﻮع ﻟﻔﻆ ﻓﻴﻬﺎ واﺳﺘﻨﻜﺎراً ﻟﻠﺠﺤﻮد ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /اﺟﺘﻬﺎدﻳﺔ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺴﻮرة اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ اﳌﻮﺿﻮع اﻵﻳﺎت اﳌﻮﺿﻮع اﻵﻳﺎت أﺣﻮال اﻹﻧﺴﺎن ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻼﻗﻲ رﺑﻪ ﻣﻦ أﻫﻮال ﻳﻮم اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ أﺣﻮال اﻹﻧﺴﺎن ﰲ ﻫﺬه اﳊﻴﺎة ٤٠٠
أﻏﺮاض اﻟﺴﻮرة اﺑﺘﺪأت اﻟﺴﻮرة ﺑﺬﻛﺮ ﺑﻌﺾ ﻣﺸﺎﻫﺪ اﻵﺧﺮة ،وﺻﻮرت اﻻﻧﻘﻼب اﻟﺬي ﻳﺤﺪث ﰲ اﻟﻜﻮن ﻋﻨﺪ ﻗﻴﺎم اﻟﺴﺎﻋﺔ، ﺛﻢ ﲢﺪﺛﺖ ﻋﻦ ﻣﺼﻴﺮ اﻹﻧﺴﺎن ،اﻟﺬي ﻳﻜﺪ وﻳﺘﻌﺐ ﰲ ﲢﺼﻴﻞ أﺳﺒﺎب رزﻗﻪ وﻣﻌﺎﺷﻪ ،ﻟﻴﻘﺪم ﻵﺧﺮﺗﻪ ﻣﺎ ﻳﺸﺘﻬﻲ ﻣﻦ ﺻﺎﻟﺢ أو ﻃﺎﻟﺢ ،وﻣﻦ ﺧﻴﺮ أو ﺷﺮ ،ﺛﻢ ﻫﻨﺎك اﳉﺰاء اﻟﻌﺎدل ،ﺛﻢ ﺗﻨﺎوﻟﺖ ﻣﻮﻗﻒ اﳌﺸﺮﻛﲔ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻘﺮآن اﻟﻌﻈﻴﻢ ،وأﻗﺴﻤﺖ ﺑﺄﻧﻬﻢ ﺳﻴﻠﻘﻮن اﻷﻫﻮال واﻟﺸﺪاﺋﺪ وﻳﺮﻛﺒﻮن اﻷﺧﻄﺎر واﻷﻫﻮال ،ﰲ ذﻟﻚ اﻟﻴﻮم اﻟﺮﻫﻴﺐ اﻟﻌﺼﻴﺐ ،اﻟﺬي ﻻ ﻳﻨﻔﻊ ﻓﻴﻪ ﻣﺎل وﻻ وﻟﺪ ،وﺧﺘﻤﺖ ﺑﺘﻮﺑﻴﺦ اﳌﺸﺮﻛﲔ ﻋﻠﻰ ﻋﺪم إﳝﺎﻧﻬﻢ ﺑﺎﷲ ،ﻣﻊ وﺿﻮح آﻳﺎﺗﻪ وﺳﻄﻮع ﺑﺮاﻫﻴﻨﻪ ،وﺑﺸﺮﺗﻬﻢ ﺑﺎﻟﻌﺬاب اﻷﻟﻴﻢ ﰲ دار اﳉﺤﻴﻢ ﻣﻨﺎﺳﺒﺎت اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ أول اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ اﻟﺴﻮرة ﺑﺂﺧﺮﻫﺎ ﳌﺎ ﻗﺒﻠﻬﺎ اﻓﺘﺘﺤﺖ اﻟﺴﻮرة ﺑﺒﻴﺎن ﺑﻌﺾ أﺷﺮاط اﻟﺴﻮرﺗﺎن ﺗﺘﺤﺪﺛﺎن ﻋﻦ وﺻﻒ أﻫﻮال اﻟﺴﺎﻋﺔ ،واﻟﺘﻲ ﺳﻴﻜﻮن ﻣﻦ ﻧﻬﺎﻳﺔ أﻣﺮﻫﺎ ﻳﻮم اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﺑﻴﺎن ﻓﺌﺎت اﻟﻨﺎس ﺑﲔ ﻣﺆﻣﻦ وﻛﺎﻓﺮ ،وﺑﺬﻟﻚ ﺧﺘﻤﺖ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻐﺮﻳﺐ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ اﻟﻜﻠﻤﺔ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ و ُﺣ ﱠﻖ ﻟﻬﺎ أن ﺗﻄﻴﻊ وأﻃﺎﻋﺖ ﻷﻣﺮ رﺑﻬﺎ ﺗﺼ ﱠﺪﻋﺖ ،وﺗﻔ ﱠﻄﺮت ﺑﺎﻟﻐﻤﺎم ﻳﻮم اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﺳﺎ ٍع إﻟﻰ اﷲ ،وﻋﺎﻣﻞ ﻗﺬﻓﺖ ﻣﺎ ﰲ ﺑﻄﻨﻬﺎ ﺑُ ِﺴﻄﺖ ،و ُو ﱢﺳﻌﺖ، ﺑﺎﳋﻴﺮ أو اﻟﺸﺮ ﻣﻦ اﻷﻣﻮات ﻳﺪﻋﻮ ﺑﺎﻟﻬﻼك و ُد ﱠﻛﺖ ﺟﺒﺎﻟﻬﺎ ﻳﺪﺧﻞ اﻟﻨﺎر ﻳﻘﺎﺳﻲ ﺣﺮﻫﺎ ﻗﺎﺋ ًﻼ :واﺛﺒﻮراه! ﺻﺤﻴﻔﺔ ﻋﻤﻠﻪ ﺑﺎﺣﻤﺮار اﻷﻓﻖ أﻗﺴﻢ ،و)ﻻ( :ﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻟﻦ ﻳﺮﺟﻊ إﻟﻰ ﻋﻨﺪ اﻟﻐﺮوب اﻟﻘﺴﻢ اﷲ ﻟﻴﺤﺎﺳﺒﻪ أﻃﻮاراً ﻣﺘﻌﺪد ًة ،وأﺣﻮا ًﻻ ﻣﺘﺒﺎﻳﻨ ًﺔ: ﺗﻜﺎﻣﻞ ﻧﻮره ،وأﺑﺪر ﺟﻤﻊ ﻧﻄﻔﺔ ،ﺛﻢ ﻋﻠﻘﺔ ،وﻫﻜﺬا ﻳﻜﺘﻤﻮن ﰲ ﺻﺪورﻫﻢ ﻏﻴﺮ ﻣﻘﻄﻮع، ﻣﻦ اﻟﻌﻨﺎد ،واﻟﺘﻜﺬﻳﺐ وﻻ ﻣﻨﻘﻮص ٤٠١
ﻣﻦ وﺣﻲ اﻵي اﻟﺒﻘﺎﻋﻲ ﺣ ﱡﺚ ﻋﻠﻰ اﻻﺟﺘﻬﺎد ﰲ اﻹﺣﺴﺎن ﰲ اﻟﻌﻤﻞ؛ ﻷن ﻣﻦ أﻳﻘﻦ ﺑﺄﻧﻪ ﻻ ﺑﺪ ﻟﻪ ﻣﻦ اﻟﻌﺮض ﻋﻠﻰ اﳌﻠﻚ أﻓﺮغ ﺟﻬﺪه ﰲ اﻟﻌﻤﻞ ﲟﺎ ﻳﺤﻤﺪه ﻋﻠﻴﻪ ﻋﻨﺪ ﻟﻘﺎﺋﻪ اﻟﻘﺮﻃﺒﻲ ﻗﺎل أﺑﻮ ﺣﺎزم) :أﻣﺎ اﶈﺴﻦ ﻓﻜﺎﻟﻐﺎﺋﺐ ﻳﻘﺪم ﻋﻠﻰ أﻫﻠﻪ ،وأﻣﺎ اﳌﺴﻲء ﻓﻜﺎﻵﺑﻖ ﻳﻘﺪم ﻋﻠﻰ ﻣﻮﻻه( اﻟﺒﻘﺎﻋﻲ ﻓﺈﻧﻪ ﻛﺎن ﰲ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﰲ أﻫﻠﻪ ﻣﺸﻔﻘﺎً ﻣﻦ اﻟﻌﺮض ﻋﻠﻰ اﷲ ﻣﻐﻤﻮﻣﺎً ﻣﻀﺮوراً ﻳﺤﺎﺳﺐ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﻜﺮة وﻋﺸﻴﺎً ﺣﺴﺎﺑﺎً ﻋﺴﻴﺮاً ﻣﻊ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﻧﻜﺪ اﻷﻫﻞ وﺿﻴﻖ اﻟﻌﻴﺶ وﺷﺮور اﳌﺨﺎﻟﻔﲔ اﻷﻟﻮﺳﻲ وﲤﻴﻴﺰ اﻟﻜﻔﺮة ﺑﻜﻮن اﻹﻋﻄﺎء ﻣﻦ وراء ﻇﻬﻮرﻫﻢ وﻟﻌﻞ ذﻟﻚ اﻟﺸﻨﻘﻴﻄﻲ ﻷن ﻣﺆﺗﻲ اﻟﻜﺘﺐ ﻻ ﻳﺘﺤﻤﻠﻮن ﻣﺸﺎﻫﺪة وﺟﻮﻫﻬﻢ ﻟﻜﻤﺎل ﺑﺸﺎﻋﺘﻬﺎ أو ﻟﻐﺎﻳﺔ ﺑﻐﻀﻬﻢ إﻳﺎﻫﻢ ،أو ﻷﻧﻬﻢ ﻧﺒﺬوا ﻛﺘﺎب اﷲ وراء ﻇﻬﻮرﻫﻢ ﻫﺬا اﻟﻈﻦ ﳑﺎ ﻳﺸﻌﺮ أن ﻋﺪم اﻹﳝﺎن ﺑﺎﻟﺒﻌﺚ أو اﻟﺸﻚ ﻓﻴﻪ ﻫﻮ اﻟﺪاﻓﻊ ﻟﻜﻞ ﺳﻮء واﳌﻀﻴﻊ ﻟﻜﻞ ﺧﻴﺮ ،وأن اﻹﳝﺎن ﺑﺎﻟﻴﻮم اﻵﺧﺮ ﻫﻮ اﳌﻨﻄﻠﻖ ﻟﻜﻞ ﺧﻴﺮ واﳌﺎﻧﻊ ﻟﻜﻞ ﺷﺮ ،واﻹﳝﺎن ﺑﺎﻟﺒﻌﺚ ﻫﻮ ﻣﻨﻄﻠﻖ ﺟﻤﻴﻊ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺼﺎﳊﺔ ﻛﻤﺎ ﰲ ﻣﺴﺘﻬﻞ اﳌﺼﺤﻒ :ﮋ ﭚ ﭛ ﮊ اﻟﺒﻘﺎﻋﻲ أي :ﻧﺎﻇﺮاً ﻟﻪ وﻋﺎﳌﺎً ﺑﻪ أﺑﻠﻎ ﻧﻈﺮ وأﻛﻤﻞ ﻋﻠﻢ ،ﻓﺘﺮﻛﻪ ﻣﻬﻤ ًﻼ ﻣﻊ اﻟﻌﻠﻢ ﺑﺄﻋﻤﺎﻟﻪ ﻣﻨﺎف ﻟﻠﺤﻜﻤﺔ واﻟﻌﺪل واﳌﻠﻚ ،ﻓﻬﻮ ﺷﻲء ﻻ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ﳝﻜﻦ ﰲ اﻟﻌﻘﻞ ﺑﻮﺟﻪ ٤٠٢
ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﻣﻜﻴﺔ أﺳﻤﺎء اﻟﺴﻮرة اﳌﺼﺤﻒ ٨٥ ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﺑﲔ ﻳﺪي آﻳﺔ ﺳﻮرة اﻟﺒﺮوج ﻻﻓﺘﺘﺎﺣﻬﺎ ﺑﻘﺴﻢ اﷲ ﺑﺎﻟﺴﻤﺎء وﺟﻪ اﻟﻨﺰول ٢٧ اﻟﺴﻮرة ذات اﻟﺒﺮوج وﻫﻲ اﻟﻜﻮاﻛﺐ اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /ﺗﻮﻗﻴﻔﻴﺔ اﻟﺴﻴﺎرة ﰲ أﺛﻨﺎء ﺳﻴﺮﻫﺎ ﻣﻘﺼﺪ اﻟﺴﻮرة ﻻﻓﺘﺘﺎﺣﻬﺎ ﺑﻬﺬه اﳉﻤﻠﺔ وﺟﻪ ﺳﻮرة ذات اﻟﺒﺮوج اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ إﻇﻬﺎر ﻗﻮة اﷲ وإﺣﺎﻃﺘﻪ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /اﺟﺘﻬﺎدﻳﺔ اﻟﺸﺎﻣﻠﺔ وﺗﻮﻋﺪه ﻟﻠﻤﺘﺮﺑﺼﲔ ﺑﺎﳌﺆﻣﻨﲔ، ﺑﺎﻟﻌﺬاب اﻟﺸﺪﻳﺪ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺴﻮرة اﳌﻮﺿﻮع اﻵﻳﺎت اﳌﻮﺿﻮع اﻵﻳﺎت وﻋﻴﺪ ﻣﻦ ﻳﻔﺘﻨﻮن اﳌﺆﻣﻨﲔ ،وﺛﻮاب أﻫﻞ اﻹﳝﺎن ﻗﺼﺔ أﺻﺤﺎب اﻷﺧﺪود ﺗﻬﺪﻳﺪ اﻟﻜﺎﻓﺮﻳﻦ ﺑﻘﺪرة اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻗﺼﺔ ﻫﻼك ﻓﺮﻋﻮن وﺛﻤﻮد ﻣﻨﺰﻟﺔ اﻟﻘﺮآن اﻟﻌﻈﻴﻢ ٤٠٣
أﻏﺮاض اﻟﺴﻮرة ﻋﺮﺿﺖ اﻟﺴﻮرة ﻗﺼﺔ ﻋﺠﻴﺒﺔ )ﻗﺼﺔ أﺻﺤﺎب اﻷﺧﺪود( وﻫﻲ ﻗﺼﺔ اﻟﺘﻀﺤﻴﺔ ﺑﺎﻟﻨﻔﺲ ﰲ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻌﻘﻴﺪة واﻹﳝﺎن وﻣﺎ ﻳﻨﺘﺞ ﻋﻨﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﺒﺎدئ راﺳﺨﺔ ﻻ ﺗﺰﻋﺰﻋﻬﺎ رﻳﺎح اﻟﻌﺎﺑﺜﲔ ﺣﻴﺚ ﺑﺪأت اﻟﺴﻮرة ﺑﺎﻟﻘﺴﻢ ﺑﺎﻟﺴﻤﺎء ذات اﻟﻨﺠﻮم اﻟﻬﺎﺋﻠﺔ ،وﻣﺪاراﺗﻬﺎ اﻟﻀﺨﻤﺔ ،اﻟﺘﻲ ﺗﺪور ﻓﻴﻬﺎ ﺗﻠﻚ اﻷﻓﻼك ،وﺑﺎﻟﻴﻮم اﻟﻌﻈﻴﻢ اﳌﺸﻬﻮد وﻫﻮ ﻳﻮم اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ،وﺑﺎﻟﺮﺳﻞ واﳋﻼﺋﻖ ،ﻋﻠﻰ ﻫﻼك ودﻣﺎر اﳌﺠﺮﻣﲔ ،اﻟﺬﻳﻦ ﻃﺮﺣﻮا اﳌﺆﻣﻨﲔ ﰲ اﻟﻨﺎر ،ﻟﻴﻔﺘﻨﻮﻫﻢ ﻋﻦ دﻳﻨﻬﻢ ،ﺛﻢ ﺗﻼﻫﺎ اﻟﻮﻋﻴﺪ واﻹﻧﺬار ،ﻷوﻟﺌﻚ اﻟﻔﺠﺎر ﻋﻠﻰ ﻓﻌﻠﺘﻬﻢ اﻟﻘﺒﻴﺤﺔ اﻟﺸﻨﻴﻌﺔ ،ﺛﻢ ﲢﺪﺛﺖ ﻋـﻦ ﻗﺪرة اﷲ ﻋﻠﻰ اﻻﻧﺘﻘﺎم ﻣﻦ أﻋﺪاﺋﻪ اﻟﻜﻔﺮة ،اﻟﺬﻳﻦ ﻓﺘﻨﻮا ﻋﺒﺎده وأوﻟﻴﺎءه ،وﺧﺘﻤﺖ ﺑﻘﺼﺔ اﻟﻄﺎﻏﻴﺔ اﳉﺒﺎر ﻓﺮﻋﻮن ﻣﺼﺮ وﻣﺎ أﺻﺎﺑﻪ وﻗﻮﻣﻪ ﻣﻦ اﻟﻬﻼك واﻟﺪﻣﺎر ﺑﺴﺒﺐ اﻟﺒﻐﻲ واﻟﻄﻐﻴﺎن ﻣﻨﺎﺳﺒﺎت اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ أول اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ اﻟﺴﻮرة ﺑﺂﺧﺮﻫﺎ ﳌﺎ ﻗﺒﻠﻬﺎ اﻓﺘﺘﺤﺖ ﺑﺎﻟﻘﺴﻢ ﻣﻦ اﷲ اﻟﺬي ﻳﺪل اﺧﺘﺘﻤﺖ ﺳﻮرة اﻻﻧﺸﻘﺎق ﺑﺒﻴﺎن ﺣﺎﻟﻲ اﳌﺆﻣﻨﲔ ﻋﻠﻰ ﺑﺎﻫﺮ ﻗﺪرﺗﻪ ،واﺧﺘﺘﻤﺖ ﺑﺎﳊﺪﻳﺚ واﻟﻜﺎﻓﺮﻳﻦ ،وﻛﻞ ﻫﺬا ﳑﺎ ﻻ ﻳﻘﺪر ﻋﻠﻴﻪ إﻻ اﷲ ﻋﻦ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﱘ وﺣﻔﻈﻪ ،وﻫﺬا ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻘﺴﻢ ﰲ ﻓﺎﲢﺔ ﻫﺬه اﻟﺴﻮرة أﻳﻀﺎً ﻣﻦ ﺑﺎﻫﺮ ﻗﺪرﺗﻪ ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻐﺮﻳﺐ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ أﻗﺴﻢ اﷲ ﺑﻜﻞ ﺷﺎﻫﺪ ﻳﺸﻬﺪ، ﻫﻮ :ﻳﻮم اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ذات اﳌﻨﺎزل اﻟﺘﻲ ﲤﺮ وﺑﻜﻞ ﻣﻦ ﻳُﺸﻬﺪ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﻬﺎ اﻟﺸﻤﺲ ،واﻟﻘﻤﺮ اﻟﺬﻳﻦ ﺷ ﱡﻘﻮا ﰲ اﻷرض ﺷﻘﺎً ﻣﺎ ﺗُﺸﻌﻞ وﺗُﻮﻗﺪ ﻋﻈﻴﻤﺎً؛ ﻹﺣﺮاق اﳌﺆﻣﻨﲔ ﻟُ ِﻌﻦ ،و ُﻋ ﱢﺬب ،وﻫﻠﻚ ﺑﻪ اﻟﻨﺎر ﺣ ﱠﺮ ُﻗﻮا ﺑﺎﻟﻨﺎر اﻟﻌﺬاب اﶈﺮق ﺣﻀﻮر ﻳﺤﻴﻴﻬﻢ ﺑﻌﺪ ﻣﻮﺗﻬﻢ ﻳﺨﻠﻖ اﳋﻠﻖ اﺑﺘﺪاء اﻧﺘﻘﺎم اﻟﻌﻈﻴﻢ اﶈﺐ ﻷوﻟﻴﺎﺋﻪ، اﶈﺒﻮب ﻟﻬﻢ ٤٠٤
ﻣﻦ وﺣﻲ اﻵي اﺑﻦ اﻟﻘﻴﻢ ﻣﻦ اﳌﺨﻠﻮﻗﺎت ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﺸﻬﻮد ﻋﻠﻴﻪ ،وﻻ ﻳﺘﻢ ﻧﻈﺎم اﻟﻌﺎﻟﻢ إﻻ ﺑﺬﻟﻚ ،ﻓﻜﻴﻒ ﻳﻜﻮن اﳌﺨﻠﻮق ﺷﺎﻫﺪاً رﻗﻴﺒﺎً ﺣﻔﻴﻈﺎً ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺮه، وﻻ ﻳﻜﻮن اﳋﺎﻟﻖ ﺗﺒﺎرك وﺗﻌﺎﻟﻰ ﺷﺎﻫﺪاً ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺎده ﻣﻄﻠﻌﺎً ﻋﻠﻴﻬﻢ رﻗﻴﺒﺎً اﻟﻘﺮﻃﺒﻲ ﻗﺎل ﻋﻠﻤﺎؤﻧﺎ :أﻋﻠﻢ اﷲ اﳌﺆﻣﻨﲔ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻷﻣﺔ ﰲ ﻫﺬه اﻵﻳﺔ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻳﻠﻘﺎه ﻣﻦ و ﱠﺣﺪ ﻗﺒﻠﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﺸﺪاﺋﺪ ﻳﺆﻧﺴﻬﻢ ﺑﺬﻟﻚ وذﻛﺮ ﻟﻬﻢ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﻗﺼﺔ اﻟﻐﻼم ﻟﻴﺼﺒﺮوا ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﻼﻗﻮن ﻣﻦ اﻷذى واﻵﻻم واﳌﺸﻘﺎت اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﻮا ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻟﻴﺘﺄﺳﻮا ﲟﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﻐﻼم ﰲ ﺻﺒﺮه وﺗﺼﻠﺒﻪ ﰲ اﳊﻖ وﲤﺴﻜﻪ ﺑﻪ وﺑﺬﻟﻪ ﻧﻔﺴﻪ ﰲ ﺣﻖ إﻇﻬﺎر دﻋﻮﺗﻪ ودﺧﻮل اﻟﻨﺎس ﰲ اﻟﺪﻳﻦ ﻣﻊ ﺻﻐﺮ ﺳﻨﻪ وﻋﻈﻴﻢ ﺻﺒﺮه اﺑﻦ اﻟﻘﻴﻢ ﻗﺎل اﳊﺴﻦ) :اﻧﻈﺮوا إﻟﻰ ﻫﺬا اﻟﻜﺮم واﳉﻮد ،ﻳﻘﺘﻠﻮن أوﻟﻴﺎءه ،وﻳﻔﺘﻨﻮﻧﻬﻢ ،وﻫﻮ ﻳﺪﻋﻮﻫﻢ إﻟﻰ اﻟﺘﻮﺑﺔ واﳌﻐﻔﺮة( .ﻓﻼ ﻳﻴﺄس اﻟﻌﺒﺪ ﻣﻦ ﻣﻐﻔﺮﺗﻪ وﻋﻔﻮه ،وﻟﻮ ﻛﺎن ﻣﺎ ﻛﺎن ،ﻓﻼ ﻋﺪاوة أﻋﻈﻢ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻌﺪاوة ،وﻻ أﻛﻔﺮ ﳑﻦ ﺣﺮق ﺑﺎﻟﻨﺎر ﻣﻦ آﻣﻦ ﺑﺎﷲ وﺣﺪه ،وﻣﻊ ﻫﺬا ﻓﻠﻮ ﺗﺎﺑﻮا ﻟﻢ ﻳﻌﺬﺑﻬﻢ وأﳊﻘﻬﻢ ﺑﺄوﻟﻴﺎﺋﻪ اﻟﺴﻌﺪي ﻗﺎﻟﻮا اﳌﻮدة ﻫﻲ اﶈﺒﺔ اﻟﺼﺎﻓﻴﺔ ،وﰲ ﻫﺬا ﺳﺮ ﻟﻄﻴﻒ، ﺣﻴﺚ ﻗﺮن اﻟﻮدود ﺑﺎﻟﻐﻔﻮر ،ﻟﻴﺪل ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ أن أﻫﻞ اﻟﺬﻧﻮب إذا ﺗﺎﺑﻮا إﻟﻰ اﷲ وأﻧﺎﺑﻮا ﻏﻔﺮ ﻟﻬﻢ ذﻧﻮﺑﻬﻢ وأﺣﺒﻬﻢ ﮊ :ﻣﻦ اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ واﻟﺰﻳﺎدة واﻟﻨﻘﺺ ،وﻣﺤﻔﻮظ ﮋ اﻟﺴﻌﺪي ﻣﻦ اﻟﺸﻴﺎﻃﲔ ،وﻫﻮ اﻟﻠﻮح اﶈﻔﻮظ اﻟﺬي ﻗﺪ أﺛﺒﺖ اﷲ ﻓﻴﻪ ﻛﻞ ﺷﻲء .وﻫﺬا ﻳﺪل ﻋﻠﻰ ﺟﻼﻟﺔ اﻟﻘﺮآن وﺟﺰاﻟﺘﻪ ،ورﻓﻌﺔ ﻗﺪره ﻋﻨﺪ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ٤٠٥
ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﻣﻜﻴﺔ أﺳﻤﺎء اﻟﺴﻮرة اﳌﺼﺤﻒ ٨٦ ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﺑﲔ ﻳﺪي آﻳﺔ ﺳﻮرة اﻟﻄﺎرق ﻻﻓﺘﺘﺎﺣﻬﺎ ﺑﻘﺴﻢ اﷲ ﺑﺎﻟﺴﻤﺎء وﺟﻪ اﻟﻨﺰول ٣٦ اﻟﺴﻮرة واﻟﻄﺎرق وﻫﻮ اﻟﻨﺠﻢ اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /ﺗﻮﻗﻴﻔﻴﺔ اﻟﺬي ﻳﻄﻠﻊ ﻟﻴﻼً ﻣﻘﺼﺪ اﻟﺴﻮرة ﻻﻓﺘﺘﺎﺣﻬﺎ ﺑﻬﺬا اﻟﻠﻔﻆ وﺟﻪ ﺳﻮرة اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ إﻇﻬﺎر رﻗﺎﺑﺔ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /اﺟﺘﻬﺎدﻳﺔ اﷲ اﻟﻨﺎﻓﺬة وﻗﺪرﺗﻪ اﻟﺒﺎﻟﻐﺔ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺴﻮرة اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ اﳌﻮﺿﻮع اﳌﻮﺿﻮع اﻵﻳﺎت اﻵﻳﺎت اﻟﻘﺴﻢ ﻋﻠﻰ أن اﻟﻘﺮآن ﺣﻖ إﺛﺒﺎت اﻟﺒﻌﺚ ،واﳊﻔﻈﺔ ﻣﻦ اﳌﻼﺋﻜﺔ وﻋﻴﺪ اﻟﻜﺎﻓﺮﻳﻦ ٤٠٦
أﻏﺮاض اﻟﺴﻮرة ﺗﻨﺎوﻟﺖ اﻟﺴﻮرة اﻹﳝﺎن ﺑﺎﻟﺒﻌﺚ واﻟﻨﺸﻮر ،وأﻗﺎﻣﺖ اﻟﺒﺮاﻫﲔ اﻟﻘﺎﻃﻌﺔ ،واﻷدﻟﺔ اﻟﺴﺎﻃﻌﺔ ﻋﻠﻰ وﻗﻮﻋﻪ ﺣﻴﺚ ﺑُﺪﺋﺖ اﻟﺴﻮرة ﺑﺎﻟﻘﺴﻢ ﺑﺎﻟﺴﻤﺎء ذات اﻟﻜﻮاﻛﺐ اﻟﺴﺎﻃﻌﺔ ،اﻟﺘﻲ ﺗﻄﻠﻊ ﻟﻴ ًﻼ ﻟﺘﻀﻲء ﻟﻠﻨﺎس ُﺳﺒﻠﻬﻢ ،ﻟﻴﻬﺘﺪوا ﺑﻬﺎ ﰲ ﻇﻠﻤﺎت اﻟﺒﺮ واﻟﺒﺤﺮ ،وأﻗﺴﻢ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﻰ أن ﻛ ﱠﻞ إﻧﺴﺎن ،ﻗﺪ ُوﻛﻞ ﺑﻪ ﻣﻦ ﻳﺤﺮﺳﻪ ،وﻳﺘﻌﻬﺪ أﻣﺮه ﻣﻦ اﳌﻼﺋﻜﺔ اﻷﺑﺮار ،ﺛﻢ ﺳﺎﻗﺖ اﻷدﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻗﺪرة رب اﻟﻌﺎﳌﲔ ﻋﻠﻰ إﻋﺎدة اﻹﻧﺴﺎن ﺑﻌﺪ ﻓﻨﺎﺋﻪ ،ﺛﻢ أﺧﺒﺮت ﻋﻦ ﻛﺸﻒ اﻷﺳﺮار ،وﻫﺘﻚ اﻷﺳﺘﺎر ﰲ اﻵﺧﺮة ﻋﻦ اﻟﺒﺸﺮ ﺣﻴﺚ ﻻ ﻣﻌﲔ ﻟﻺﻧﺴﺎن وﻻ ﻧﺼﻴﺮ ،وﺧﺘﻤﺖ ﺑﺎﳊﺪﻳﺚ ﻋﻦ اﻟﻘﺮآن ،وﺑﻴﻨﺖ ﺻﺪﻗﻪ ،وﺗﻮﻋﺪت اﻟﻜﻔﺮة اﳌﺠﺮﻣﲔ ﺑﺎﻟﻌﺬاب اﻷﻟﻴﻢ ،ﻟﺘﻜﺬﻳﺒﻬﻢ ﺑﺎﻟﻘﺮآن اﻟﻌﻈﻴﻢ ﻣﻨﺎﺳﺒﺎت اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ أول اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ اﻟﺴﻮرة ﺑﺂﺧﺮﻫﺎ ﳌﺎ ﻗﺒﻠﻬﺎ اﻓﺘﺘﺤﺖ ﺳﻮرة اﻟﻄﺎرق ﺑﺴﻄﻮع اﻟﻨﺠﻢ وﻛﻮﻧﻪ ﺑﺮﻫﺎن ﻋﻠﻰ ﺧﺘﻤﺖ ﺳﻮرة اﻟﺒﺮوج ﺑﺎﻟﻠﻮح اﶈﻔﻮظ ،واﻓﺘﺘﺤﺖ ﻗﺪرة اﷲ ﺑﻮﺿﻮﺣﻪ ﰲ اﻷﻓﻖ ،وﺧﺘﻤﺖ اﻟﺴﻮرة ﺑﺘﻬﺪﻳﺪ ﺳﻮرة اﻟﻄﺎرق ﺑﺎﻟﺴﻤﺎء ،ﻓﺤﻔﻆ اﻟﻠﻮح ﻣﺮﺗﺒﻂ ﺑﺤﻔﻆ اﻟﺴﻤﺎء ،وﻛﻼﻫﻤﺎ ﻣﻦ ﻣﻈﺎﻫﺮ ﻗﺪرة اﻟﻜﺎﻓﺮﻳﻦ ﺗﻬﺪﻳﺪاً واﺿﺤﺎً ﻻ ﻟﺒﺲ ﻓﻴﻪ ،ﻓﺎﻧﻈﺮ ﻛﻴﻒ ﻳﺠﺘﻤﻊ اﻟﻮﺿﻮح إﻟﻰ اﻟﻮﺿﻮح ﻟﻴﺘﺸﻜﻞ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻛﻠﻪ اﳋﺎﻟﻖ ﺟﻞ ﰲ ﻋﻼه أﻣﺮ إﻟﻬﻲ واﺿﺢ اﳌﻌﺎﻟﻢ ﺑﲔ اﳋﻄﻮات ﻋﻠﻰ أن اﷲ ﻫﻮ وﺣﺪه اﻟﻘﻮي اﻟﻘﺎدر اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻐﺮﻳﺐ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﺎ ﻛﻞ ﻧﻔﺲ إﻻ اﳌﻀﻲء اﳌﺘﻮﻫﺞ اﻟﻨﺠﻢ اﻟﺬي ﻳﻄﻠﻊ ﻟﻴ ًﻼ اﻟﻈﻬﺮ ُﻣﻨﺼﺐ ﺑﺴﺮﻋﺔ ﻣﻠﻚ ﻳﺤﻔﻆ أﻋﻤﺎﻟﻬﺎ ﰲ اﻟﺮﺣﻢ ﺗُﺨﺘﺒﺮ ،وﺗُﻜﺸﻒ ﻋﻈﺎم اﻟﺼﺪر ﺿﻤﺎﺋﺮ اﻟﻘﻠﻮب رده ﺣﻴﺎً ﺑﻌﺪ اﳌﻮت ﻓﺎﺻﻞ ﺑﲔ اﳊﻖ، ذات اﻟﺘﺸﻘﻖ ﺑﺎﻟﻨﺒﺎت ﺻﺎﺣﺒﺔ اﳌﻄﺮ اﳌﺘﻜﺮر واﻟﺒﺎﻃﻞ ﻗﻠﻴ ًﻼ ٤٠٧
ﻣﻦ وﺣﻲ اﻵي اﺑﻦ اﻟﻘﻴﻢ وﰲ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ اﻷﻋﻤﺎل ﺑـ)اﻟﺴﺮ( ﻟﻄﻴﻔﺔ ،وﻫﻮ أن اﻷﻋﻤﺎل ﻧﺘﺎﺋﺞ اﻟﺴﺮاﺋﺮ ،ﻓﻤﻦ ﻛﺎﻧﺖ ﺳﺮﻳﺮﺗﻪ ﺻﺎﳊﺔ ﻛﺎن ﻋﻤﻠﻪ ﺻﺎﳊﺎً ،ﻓﺘﺒﺪو ﺳﺮﻳﺮﺗﻪ ﻋﻠﻰ وﺟﻬﻪ ﻧﻮراً وإﺷﺮاﻗﺎً ،وﻣﻦ ﻛﺎﻧﺖ ﺳﺮﻳﺮﺗﻪ ﻓﺎﺳﺪة ﻛﺎن ﻋﻤﻠﻪ ﺗﺎﺑﻌﺎً ﻟﺴﺮﻳﺮﺗﻪ ،ﻓﺘﺒﺪو ﺳﺮﻳﺮﺗﻪ ﻋﻠﻰ وﺟﻬﻪ ﺳﻮاداً وﻇﻠﻤ ًﺔ ،وإن ﻛﺎن اﻟﺬي ﻳﺒﺪو ﻋﻠﻴﻪ ﰲ اﻟﺪﻧﻴﺎ إﳕﺎ ﻫﻮ ﻋﻤﻠﻪ ﻻ ﺳﺮﻳﺮﺗﻪ ﺗﺄﻣﻞ ﻛﻴﻒ ﻧﻔﺖ ﻫﺬه اﻵﻳﺔ ﻛ ﱠﻞ ﺳﺒ ٍﺐ ﳝﻜﻦ أن ﻳﻜﻮن ﻟﻺﻧﺴﺎن ﻳﻮم اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻧﻔﻰ اﻟﻘﻮة وﻫﻲ ﻣﺎ ﻋﻨﺪ اﻹﻧﺴﺎن اﻟﺒﻐﻮي ﻣﻦ داﺧﻠﻪ ،وﻧﻔﻰ اﻟﻨﺎﺻﺮ وﻫﻮ ﻣﺎ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺧﺎرﺟﻪ اﻟﻄﺒﺮي ﻓﻤﺎ ﻟﻺﻧﺴﺎن اﻟﻜﺎﻓﺮ ﻳﻮﻣﺌﺬ ﻣﻦ ﻗﻮة ﳝﺘﻨﻊ ﺑﻬﺎ ﻣﻦ ﻋﺬاب اﷲ وأﻟﻴﻢ ﻧﻜﺎﻟﻪ ،وﻻ ﻧﺎﺻﺮ ﻳﻨﺼﺮه ﻓﻴﺴﺘﻨﻘﺬه ﳑﻦ ﻧﺎﻟﻪ ﲟﻜﺮوه ،وﻗﺪ ﻛﺎن ﰲ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻳﺮﺟﻊ إﻟﻰ ﻗﻮة ﻣﻦ ﻋﺸﻴﺮﺗﻪ ﳝﺘﻨﻊ ﺑﻬﻢ ﳑﻦ أراده ﺑﺴﻮء ،وﻧﺎﺻﺮ ﻣﻦ ﺣﻠﻴﻒ ﻳﻨﺼﺮه ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻇﻠﻤﻪ واﺿﻄﻬﺪه اﻟﺴﻌﺪي وﻳُﻌﻠَ ُﻢ ِﺑﻬﺬا َﻣﻦ اﻟﻐﺎﻟﺐ؛ ﻓﺈن اﻵدﻣﻲ أﺿﻌﻒ وأﺣﻘﺮ ﻣﻦ أن ﻳﻐﺎﻟﺐ اﻟﻘﻮي اﻟﻌﻠﻴﻢ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ٤٠٨
ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﻣﻜﻴﺔ أﺳﻤﺎء اﻟﺴﻮرة اﳌﺼﺤﻒ ٨٧ ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﺑﲔ ﻳﺪي آﻳﺔ ﺳﻮرة اﻷﻋﻠﻰ ﻻﻓﺘﺘﺎﺣﻬﺎ ﺑﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: وﺟﻪ اﻟﻨﺰول ٨ اﻟﺴﻮرة اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /ﺗﻮﻗﻴﻔﻴﺔ ﻣﻘﺼﺪ اﻟﺴﻮرة ﻻﻓﺘﺘﺎح اﻟﺴﻮرة ﺑﻬﺎ وﺟﻪ ﺳﻮرة اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﺗﺬﻛﻴﺮ اﻟﻨﻔﻮس ِﲟ ﱠﻨﺔ اﷲ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /ﺗﻮﻗﻴﻔﻴﺔ اﻷﻋﻠﻰ ،وﺗﻌﻠﻴﻘﻬﺎ ﺑﺎﳊﻴﺎة اﻷﺧﺮى ،وﺗﺨﻠﻴﺼﻬﺎ ﻣﻦ ﺳﻮرة ﺳﺒﺢ ﻷﻧﻬﺎ اﺧﺘﺼﺖ ﺑﺎﻻﻓﺘﺘﺎح وﺟﻪ اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ اﻟﺘﻌﻠﱡﻘﺎت اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /اﺟﺘﻬﺎدﻳﺔ ﺑﺼﻴﻐﺔ اﻷﻣﺮ ﺑﻜﻠﻤﺔ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺴﻮرة اﳌﻮﺿﻮع اﻵﻳﺎت اﳌﻮﺿﻮع اﻵﻳﺎت ﺗﺴﺒﻴﺢ وﺗﻌﻈﻴﻢ ﺗﻜﻠﻴﻒ واﻣﺘﻨﺎن ﻋﺎﻗﺒﺔ أﻫﻞ اﻟﺘﺬﻛﺮ إﻳﺜﺎر اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻋﻠﻰ اﻵﺧﺮة ،وﺑﻴﺎن ﺧﻴﺮﻳﺔ اﻵﺧﺮة، وأن ﻋﻘﻴﺪة اﻷﻧﺒﻴﺎء واﺣﺪة ٤٠٩
أﻏﺮاض اﻟﺴﻮرة ﺗﻨﺎوﻟﺖ ﺳﻮرة اﻷﻋﻠﻰ أﻏﺮاﺿﺎً ﺛﻼﺛﺔ ،وﻫﻲ: اﻷول :اﻟﺬات اﻟﻌﻠﻴﺔ وﺑﻌﺾ ﺻﻔﺎت اﷲ ﺟﻞ وﻋﻼ ،واﻟﺪﻻﺋﻞ واﻟﺒﺮاﻫﲔ ﻋﻠﻰ ﻗﺪرة اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ووﺣﺪاﻧﻴﺘﻪ. اﻟﺜﺎﻧﻲ :اﻟﻮﺣﻲ واﻟﻘﺮآن اﳌﻨ ﱠﺰل ﻋﻠﻰ ﺧﺎﰎ اﻟﺮﺳﻞ ﷺ ،وﺗﻴﺴﻴﺮ ﺣﻔﻈﻪ ﻋﻠﻴﻪ. اﻟﺜﺎﻟﺚ :اﳌﻮﻋﻈﺔ اﳊﺴﻨﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻨﺘﻔﻊ ﺑﻬﺎ أﻫﻞ اﻟﻘﻠﻮب اﳊﻴﺔ ،وﻳﺴﺘﻔﻴﺪ ﻣﻨﻬﺎ أﻫﻞ اﻟﺴﻌﺎدة واﻹﳝﺎن. ﻣﻨﺎﺳﺒﺎت اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ أول اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ اﻟﺴﻮرة ﺑﺂﺧﺮﻫﺎ ﳌﺎ ﻗﺒﻠﻬﺎ اﻓﺘﺘﺤﺖ اﻟﺴﻮرة ﺑﻘﻮﻟﻪ، : ﺧﺘﻤﺖ ﺳﻮرة اﻟﻄﺎرق ﺑﻘﻮﻟﻪ: وﺧﺘﻤﺖ: واﻓﺘﺘﺤﺖ ﺳﻮرة اﻷﻋﻠﻰ ﺑﻘﻮﻟﻪ: ﻓﻜﺄن اﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﺘﺴﺒﻴﺢ ﻣﺴﺒﺐ ﺑﺎﻷﻣﺮ ﺑﺎﻹﻣﻬﺎل ،وﻫﺬا ،ووﺟﻪ اﳌﻨﺎﺳﺒﺔ :إﻟﻰ أن ﻗﺮﻳﺐ إﻟﻰ ﻋﻘﻞ اﳌﺘﺪﺑﺮ ،ﻓﺎﻻﺳﺘﻌﺠﺎل ﻧﻘﻴﺼﻪ ،واﷲ اﻷﻣﺮ ﺑﺘﺴﺒﻴﺢ اﷲ وﺗﻨﺰﻳﻬﻪ ﻣﺬﻛﻮر ﻣﻨﺰه ﻋﻦ اﻟﻨﻘﺎﺋﺺ ﻓﺴﺒﺤﻪ ﳊﻠﻤﻪ ﻋﻠﻰ ﰲ اﻟﺼﺤﻒ اﻷوﻟﻰ اﳌﺴﺘﺤﻘﲔ ﻟﻌﺎﺟﻞ ﻋﻘﻮﺑﺘﻪ ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻐﺮﻳﺐ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ أﺗﻘﻦ ﺧﻠﻘﻪ ،وأﺣﺴﻨﻪ اﻟﺬي ﻟﻪ ﻋﻠﻮ اﻟﺬات، ﻧﺰه رﺑﻚ ذاﻛﺮاً وﻋﻠﻮ اﻟﻘﺪر ،وﻋﻠﻮ اﻟﻘﻬﺮ اﺳﻤﻪ ﺑﻠﺴﺎﻧﻚ ﻫﺸﻴﻤﺎً ﺟﺎﻓﺎً اﻟﻜﻸ اﻷﺧﻀﺮ ﻳﺴﺮ ﻟﻪ ﻣﺎ ﻳﻨﺎﺳﺒﻪ ﻟﻠﻄﺮﻳﻘﺔ اﳌﻴﺴﺮة ﰲ ﺷﺮﻳﻌﺘﻚ ،وﺣﻴﺎﺗﻚ إﻻ ﻣﺎ أراد اﷲ أن ﻳﻨﺴﺦ ﺗﻼوﺗﻪ ﻣﺘﻐﻴﺮاً ﻃ ﱠﻬﺮ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﻦ اﳌﻌﺎﺻﻲ، وﺣﻜﻤﻪ ،وﻳُﻨ ِﺴﻴﻚ إﻳﺎه وﺣ ﱠﻼﻫﺎ ﺑﺎﻟﻄﺎﻋﺔ ﻳﺪﺧﻠﻬﺎ ،وﻳﻘﺎﺳﻲ ﻓﺎز ،وﻇ ِﻔﺮ ﺑﺎﳌﻄﻠﻮب ﺣﺮﻫﺎ ٤١٠
ﻣﻦ وﺣﻲ اﻵي ﻓﻠﻤﺎ ﺑﻠﻎ ﻗﺮأ اﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد ﻛﻜﻜﻜﻜﻜﻜﻜﻜﻜﻜﻜﻜﻜﻜﻚ ﺗﺮك اﻟﻘﺮاءة وأﻗﺒﻞ ﻋﻠﻰ أﺻﺤﺎﺑﻪ، اﻟﺴﻴﻮﻃﻲ ﻓﻘﺎل :آﺛﺮﻧﺎ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻋﻠﻰ اﻵﺧﺮة ،ﻓﺴﻜﺖ اﻟﻘﻮم ،ﻓﻘﺎل :آﺛﺮﻧﺎ اﻟﺪﻧﻴﺎ؛ ﻷﻧﺎ رأﻳﻨﺎ زﻳﻨﺘﻬﺎ وﻧﺴﺎءﻫﺎ ،وﻃﻌﺎﻣﻬﺎ وﺷﺮاﺑﻬﺎ ،وزوﻳﺖ ﻋﻨﺎ اﻵﺧﺮة ،ﻓﺎﺧﺘﺮﻧﺎ ﻫﺬا اﻟﻌﺎﺟﻞ ،وﺗﺮﻛﻨﺎ اﻵﺟﻞ اﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻫﺬا ﻣﺜﻞ ﻟﻠﺤﻴﺎة اﻟﺪﻧﻴﺎ ،وﻟﻌﺎﻗﺒﺔ اﻟﻜﻔﺎر وﻣﻦ اﻏﺘﺮ ﺑﺎﻟﺪﻧﻴﺎ، ﻓﺈﻧﻬﻢ ﻳﻜﻮﻧﻮن ﰲ ﻧﻌﻴﻢ وزﻳﻨﺔ وﺳﻌﺎدة ،ﺛﻢ ﻳﺼﻴﺮون إﻟﻰ ﺷﻘﺎء ﰲ اﻟﺪﻧﻴﺎ واﻵﺧﺮة ،ﻛﺎﳌﺮﻋﻰ اﻟﺬي ﺟﻌﻠﻪ ﻏﺜﺎء أﺣﻮى أي :ﻫﺸﻴﻤﺎً ﻣﺘﻐﻴﺮاً اﻟﺴﻌﺪي ﻣﻦ ﻣﻔﻬﻮم ﻫﺬا أﻧﻬﺎ إن ﺿﺮت ،ﻓﺘﺮك اﻟﺘﺬﻛﻴﺮ اﳌﻮﺟﺐ ﻟﻠﻀﺮر اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻫﻮ اﳌﺘﻌﲔ اﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ اﻟﺘﺬﻛﺮ اﻟﺘﺎم ﻳﺴﺘﻠﺰم اﻟﺘﺄﺛﺮ ﲟﺎ ﺗﺬﻛﺮه؛ ﻓﺈن ﺗﺬﻛﺮ ﻣﺤﺒﻮﺑﺎً ﻃﻠﺒﻪ ،وإن ﺗﺬﻛﺮ ﻣﺮﻫﻮﺑﺎً ﻫﺮب ﻣﻨﻪ اﻟﻄﺒﺮي ﻗﺎل ﻗﺘﺎدة :واﷲ ﻣﺎ ﺧﺸﻲ اﷲ ﻋﺒﺪ ﻗﻂ إﻻ ذﻛﺮه ،وﻻ ﻳﺘﻨﻜﺐ ﻫﺬا اﻟﺬﻛﺮ زﻫﺪاً ﻓﻴﻪ وﺑﻐﻀﺎً ﻷﻫﻠﻪ إﻻ ﺷﻘﻲ ﺑ ﱢﲔ اﻟﺸﻘﺎ ُء اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر وﻗ ﱠﺪم اﻟﺘﺰﻛﻲ ﻋﻠﻰ ذﻛﺮ اﷲ واﻟﺼﻼة ﻷﻧﻪ أﺻﻞ اﻟﻌﻤﻞ ﺑﺬﻟﻚ ﻛﻠﻪ؛ ﻓﺈﻧﻪ إذا ﺗﻄﻬﺮت اﻟﻨﻔﺲ أﺷﺮﻗﺖ ﻓﻴﻬﺎ أﻧﻮار اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ اﻟﻬﺪاﻳﺔ ،ﻓﻌﻠﻤﺖ ﻣﻨﺎﻓﻌﻬﺎ وأﻛﺜﺮت ﻣﻦ اﻹﻗﺒﺎل ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﻘﺮﻃﺒﻲ ﻗﺎل ﻣﺎﻟﻚ ﺑﻦ دﻳﻨﺎر :ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻣﻦ ذﻫﺐ ﻳﻔﻨﻰ، واﻵﺧﺮة ﻣﻦ ﺧﺰف ﻳﺒﻘﻰ ،ﻟﻜﺎن اﻟﻮاﺟﺐ أن ﻳُﺆﺛﺮ ﺧﺰف ﻳﺒﻘﻰ، ﻋﻠﻰ ذﻫﺐ ﻳﻔﻨﻰ؛ ﻓﻜﻴﻒ واﻵﺧﺮة ﻣﻦ ذﻫﺐ ﻳﺒﻘﻰ ،واﻟﺪﻧﻴﺎ ﻣﻦ ﺧﺮف ﻳﻔﻨﻰ؟ ٤١١
ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﻣﻜﻴﺔ أﺳﻤﺎء اﻟﺴﻮرة اﳌﺼﺤﻒ ٨٨ ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﺑﲔ ﻳﺪي آﻳﺔ ﺳﻮرة اﻟﻐﺎﺷﻴﺔ ﻻﻓﺘﺘﺎﺣﻬﺎ ﺑﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: وﺟﻪ اﻟﻨﺰول ٦٨ اﻟﺴﻮرة اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /ﺗﻮﻗﻴﻔﻴﺔ ﻣﻘﺼﺪ اﻟﺴﻮرة ﻻﻓﺘﺘﺎﺣﻬﺎ ﺑﻬﺬه اﳉﻤﻠﺔ وﺟﻪ ﺳﻮرة اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﺗﺬﻛﻴﺮ اﻟﻨﻔﻮس ﲟﺸﺎﻫﺪ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /اﺟﺘﻬﺎدﻳﺔ اﻟﻘﺪرة اﻹﻟﻬﻴﺔ ﰲ اﻟﻌﺬاب واﻟﻨﻌﻴﻢ ،ودﻻﺋﻞ ذﻟﻚ ﰲ اﻵﻳﺎت اﳊﺎﺿﺮة ،ﻟﺘﻤﺘﻠﺊ اﻟﻨﻔﻮس رﻏﺒﺔ ورﻫﺒﺔ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺴﻮرة اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ اﳌﻮﺿﻮع اﻵﻳﺎت اﳌﻮﺿﻮع اﻵﻳﺎت ﻣﻦ آﻳﺎت اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻌﺚ ﺑﲔ ﺛﻮاب وﻋﻘﺎب وﻇﻴﻔﺔ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ٤١٢
أﻏﺮاض اﻟﺴﻮرة ﺗﻨﺎوﻟﺖ اﻟﺴﻮرة ﻏﺮﺿﲔ أﺳﺎﺳﻴﲔ ،وﻫﻤﺎ: اﻷول :اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ وأﺣﻮاﻟﻬﺎ وأﻫﻮاﻟﻬﺎ ،وﻣﺎ ﻳﻠﻘﺎه اﻟﻜﺎﻓﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻌﻨﺎء واﻟﺒﻼء ،وﻣﺎ ﻳﻠﻘﺎه اﳌﺆﻣﻦ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺴﻌﺎدة واﻟﻬﻨﺎء. اﻟﺜﺎﻧﻲ :اﻷدﻟﺔ واﻟﺒﺮاﻫﲔ ﻋﻠﻰ وﺣﺪاﻧﻴﺔ رب اﻟﻌﺎﳌﲔ ،وﻗﺪرﺗﻪ اﻟﺒﺎﻫﺮة ﰲ ﺧﻠﻖ اﻹﺑﻞ اﻟﻌﺠﻴﺒﺔ ،واﻟﺴﻤﺎء اﻟﺒﺪﻳﻌﺔ ،واﳉﺒﺎل اﳌﺮﺗﻔﻌﺔ ،واﻷرض اﳌﻤﺘﺪة اﻟﻮاﺳﻌﺔ ،وﻛﻠﻬﺎ ﺷﻮاﻫﺪ ﻋﻠﻰ وﺣﺪاﻧﻴﺔ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ،وﺟﻼل ﺳﻠﻄﺎﻧﻪ. ﻣﻨﺎﺳﺒﺎت اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ أول اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ اﻟﺴﻮرة ﺑﺂﺧﺮﻫﺎ ﳌﺎ ﻗﺒﻠﻬﺎ اﻓﺘﺘﺤﺖ ﺑﺎﳊﺪﻳﺚ ﻋﻦ اﻟﻐﺎﺷﻴﺔ وﻫﻲ اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ، ﺧﺘﻤﺖ ﺳﻮرة اﻷﻋﻠﻰ ﺑﻔﻀﻞ اﻵﺧﺮة ﻋﻠﻰ اﳊﻴﺎة وﺧﺘﻤﺖ ﺑﺬﻛﺮ اﻹﻳﺎب واﳊﺴﺎب اﻟﺪﻧﻴﺎ ،وﺟﺎءت ﻓﺎﲢﺔ ﺳﻮرة اﻟﻐﺎﺷﻴﺔ ﺻﻮرة ﺣﻴﺔ ﻣﻦ ﺻﻮر اﻵﺧﺮة ﲟﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﺸﺎﻫﺪ اﳋﺴﺎرة واﻟﺮﺑﺢ ،واﳉﺤﻴﻢ واﻟﻨﻌﻴﻢ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻐﺮﻳﺐ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ُﻣﺠﻬﺪة ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ذﻟﻴﻠﺔ ﻣﻨﻜﺴﺮة اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﺗﻐﺸﻰ اﻟﻨﺎس واﻟﺘﻌﺐ ﰲ اﻟﻨﺎر ﺑﺄﻫﻮاﻟﻬﺎ ﺷﺪﻳﺪ ًة اﻟ ﱠﺘﻮ ﱡﻫﺞ ﺷﺪﻳﺪة اﳊﺮارة ﺗﺪﺧﻞ ﻧﺎراً ،وﺗﻘﺎﺳﻲ ِﻟﻌﻤ ِﻠﻬﺎ ﺑﺎﻟﻄﺎﻋﺔ ﺣﺮﻫﺎ ﻻ ﻛﻠﻤﺔ ﻟﻐﻮ واﺣﺪة، ﰲ اﻟﺪﻧﻴﺎ وﻻ ﻧﻔﺴﺎً ﺗﻠﻐﻮ وﺗﻬﺬي ﻧﺒﺖ ﺧﺒﻴﺚ ذي ﺷﻮك، ُﻣﻌﺪة ﻟﻠﺸﺎرﺑﲔ ﻻ ﺗﺮﻋﺎه اﻟﺪواب وﺳﺎﺋﺪ ُﻣﺘﺪﻓﻘﺔ ﺑﺎﳌﺎء ِ ُﲟﺘﺴﻠﻂ ﺗُﻜ ِﺮﻫﻬﻢ ﻋﻠﻰ اﻹﳝﺎن ﺑُ ِﺴﻄﺖ ،و ُﻣ ﱢﻬﺪت ﺑُ ُﺴﻂ ﻛﺜﻴﺮة ﻣﻔﺮوﺷﺔ ﻣﺮ ِﺟﻌﻬﻢ ﺑﻌﺪ اﳌﻮت ٤١٣
ﻣﻦ وﺣﻲ اﻵي اﻷﻟﻮﺳﻲ ﮋ ﭫ ﮊ :ذﻟﻴﻠﺔ .وﻟﻢ ﺗﻮﺻﻒ ﺑﺎﻟﺬل اﺑﺘﺪاء ﳌﺎ ﰲ وﺻﻔﻬﺎ ﺑﺎﳋﺸﻮع ﻣﻦ اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ اﻟﺘﻬﻜﻢ وأﻧﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﺨﺸﻊ ﰲ وﻗﺖ ﻳﻨﻔﻊ ﻓﻴﻪ اﳋﺸﻮع ،وﻛﺬا ﺣﺎل وﺻﻔﻬﺎ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ﰲ ﻗﻮﻟﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻋﺎﻣﻠﺔ ﻧﺎﺻﺒﺔ اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر ﻟﺰﻳﺎدة اﳊﺴﻦ؛ ﻷن أﺣﺴﻦ ووﺻﻒ اﳉﻨﺔ ﺑــــ اﳉﻨﺎت ﻣﺎ ﻛﺎن ﰲ اﳌﺮﺗﻔﻌﺎت اﻟﺒﻘﺎﻋﻲ ﺑﻞ اﳌﺴﻤﻮع ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺬﻛﺮ ﻣﻦ :اﻟﺘﺤﻤﻴﺪ واﻟﺘﻤﺠﻴﺪ واﻟﺘﻨﺰﻳﻪ؛ ﳊﻤﻞ ﻣﺎ ﻳﺮى ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺒﺪاﺋﻊ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ،ﻣﻊ ﻧﺰع اﳊﻈﻮظ اﳊﺎﻣﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺮه ﻣﻦ اﻟﻘﻠﻮب ﲟﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻜﺮﻫﻮن ﻣﻦ ﻟﻐﻮ أﻫﻞ اﻟﺪﻧﻴﺎ اﳌﻨﺎﰲ ﻟﻠﺤﻜﻤﺔ اﻟﻘﺮﻃﺒﻲ ﻓﺎﻹﺑﻞ أﺟﻤ ُﻊ ﻟﻠﻤﻨﺎﻓﻊ ﻣﻦ ﺳﺎﺋﺮ اﳊﻴﻮان؛ ﻷ ﱠن ﺧﺼﺎﻟﻬﺎ أرﺑﻊ :ﺣﻠﻮﺑﺔ ،و َرﻛﻮﺑﺔ ،وأﻛﻮﻟﺔ ،و َﺣﻤﻮﻟﺔ؛ ﻓﻜﺎﻧﺖ اﻟﻨﻌﻤﺔ ﺑﻬﺎ أﻋ ﱠﻢ ،وﻇﻬﻮر اﻟﻘﺪرة ﻓﻴﻬﺎ أ ﱠﰎ اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر ﻣﻦ اﳉﻬﻠﺔ ﻣﻦ ﻳﻀﻊ ﻫﺬه اﻵﻳﺔ ﰲ ﻏﻴﺮ ﻣﻮﺿﻌﻬﺎ ،ﻓﻴﺮﻳﺪ أن ﻳﺘﺨﺬﻫﺎ ﺣﺠﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺮﻳﺔ اﻟﺘﺪﻳﻦ ﺑﲔ ﺟﻤﺎﻋﺎت اﳌﺴﻠﻤﲔ! وﺷﺘﺎن ﺑﲔ أﺣﻮال أﻫﻞ اﻟﺸﺮك وأﺣﻮال اﳌﺴﻠﻤﲔ ،ﻓﻤﻦ ﻳﻠﺤﺪ ﰲ اﻹﺳﻼم -ﺑﻌﺪ اﻟﺪﺧﻮل ﻓﻴﻪ ،-ﻳﺴﺘﺘﺎب ،ﻓﺈن ﻟﻢ ﻳﺘﺐ ،ﻗﺘﻞ، وإن ﻟﻢ ﻳﻘﺪر ﻋﻠﻴﻪ ،ﻓﻌﻠﻰ اﳌﺴﻠﻤﲔ أن ﻳﻨﺒﺬوه ،وﻳﻌﺎﻣﻠﻮه ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ اﶈﺎرب اﻟﻘﺮﻃﺒﻲ ﻗﺎل أﻫﻞ اﻟﻌﻠﻢ :وإﳕﺎ ﻗﺎل :اﻷﻛﺒﺮ؛ ﻷﻧﻬﻢ ﻋﺬﺑﻮا ﰲ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﺑﺎﳉﻮع واﻟﻘﺤﻂ واﻷﺳﺮ واﻟﻘﺘﻞ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ٤١٤
أﺳﻤﺎء اﻟﺴﻮرة ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﻣﻜﻴﺔ اﳌﺼﺤﻒ ٨٩ ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﺑﲔ ﻳﺪي ﺳﻮرة اﻟﻔﺠﺮ ﻻﻓﺘﺘﺎﺣﻬﺎ ﺑﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: وﺟﻪ اﻟﻨﺰول ١٠ اﻟﺴﻮرة اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ آﻳﺔ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /ﺗﻮﻗﻴﻔﻴﺔ ﻣﻘﺼﺪ اﻟﺴﻮرة ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺴﻮرة ﻋﺮض ﻣﺸﺎﻫﺪ اﻟﻌﻈﻤﺔ اﳌﻮﺿﻮع اﻵﻳﺎت واﻟﻘﺪرة اﻹﻟﻬﻴﺔ ﰲ اﻟﻜﻮن ﰲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻋﻈﺔ وﻋﺒﺮة وأﺣﻮال اﻹﻧﺴﺎن ،وﺑﻴﺎن ﺑﲔ أﻫﻞ اﻟﺸﻘﺎء وأﻫﻞ اﻟﺴﻌﺎدة ﻋﺎﻗﺒﺔ اﳌﻐﺘﺮﻳﻦ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ أﻏﺮاض اﻟﺴﻮرة اﺷﺘﻤﻠﺖ اﻟﺴﻮرة ﻋﻠﻰ ﺛﻼﺛﺔ أﻏﺮاض رﺋﻴﺴﻴﺔ ،وﻫﻲ: اﻷول :ذﻛﺮ ﻗﺼﺺ ﺑﻌﺾ اﻷﱈ اﳌﻜﺬﺑﺔ ﻟﺮﺳﻞ اﷲ ﻛﻘﻮم ﻋﺎد ،وﺛﻤﻮد وﻗﻮم ﻓﺮﻋﻮن ،وﺑﻴﺎن ﻣﺎ ﺣﻞ ﺑﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﻌﺬاب واﻟﺪﻣﺎر ،ﺑﺴﺒﺐ ﻓﺠﻮرﻫﻢ وﻃﻐﻴﺎﻧﻬﻢ. اﻟﺜﺎﻧﻲ :ﺑﻴﺎن ﺳﻨﺔ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﰲ اﺑﺘﻼء اﻟﻌﺒﺎد ﰲ ﻫﺬه اﳊﻴﺎة ،ﺑﺎﳋﻴﺮ واﻟﺸﺮ ،واﻟﻐﻨﻰ واﻟﻔﻘﺮ ،وﻃﺒﻴﻌﺔ اﻹﻧﺴﺎن ﰲ ﺣﺒﻪ اﻟﺸﺪﻳﺪ ﻟﻠﻤﺎل. اﻟﺜﺎﻟﺚ :ذﻛﺮ اﻟﺪار اﻵﺧﺮة وأﻫﻮاﻟﻬﺎ وﺷﺪاﺋﺪﻫﺎ ،واﻧﻘﺴﺎم اﻟﻨﺎس ﻳﻮم اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ إﻟﻰ ﺳﻌﺪاء وأﺷﻘﻴﺎء ،وﺑﻴﺎن ﻣﺂل اﻟﻨﻔﺲ اﻟﺸﺮﻳﺮة ،واﻟﻨﻔﺲ اﻟﻜﺮﳝﺔ اﳋ ﱢﻴﺮة. ٤١٥
ﻣﻨﺎﺳﺒﺎت اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ أول اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ اﻟﺴﻮرة ﺑﺂﺧﺮﻫﺎ ﳌﺎ ﻗﺒﻠﻬﺎ ﺟﺎءت ﻓﺎﲢﺔ اﻟﺴﻮرة ﻹﺛﺒﺎت ﻗﺪرة اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺧﺘﻤﺖ ﺳﻮرة اﻟﻐﺎﺷﻴﺔ ﺑﺈﻳﺎب اﳋﻼﺋﻖ إﻟﻰ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺚ اﻟﻜﺎﻓﺮﻳﻦ وﻋﻘﺎﺑﻬﻢ ،وﺧﺘﻤﺖ ﺑﺬﻛﺮ اﷲ ،وﻣﻨﻬﻢ اﻟﻜﺎﻓﺮون اﳌﻘﺼﺮون ،وأن ﻣﺼﻴﺮ اﳌﺆﻣﻨﲔ وﺛﻮاﺑﻬﻢ؛ ﻟﺘﺤﺼﻞ اﳌﻘﺎﺑﻠﺔ ﺣﺴﺎﺑﻬﻢ ﻋﻠﻰ اﷲ وﻋﻴﺪاً ﻟﻬﻢ وﺗﻬﺪﻳﺪاً ﻋﻠﻰ إﺻﺮارﻫﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﻜﻔﺮ ،ﺛﻢ اﻓﺘﺘﺤﺖ ﺑﲔ ﻣﺼﻴﺮ اﻟﻔﺮﻳﻘﲔ ﺳﻮرة اﻟﻔﺠﺮ ﺑﺎﻟﻘﺴﻢ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺎﺑﻬﻢ ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻐﺮﻳﺐ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ اﻟﻜﻠﻤﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻗﺴ ٌﻢ ﺑﻜﻞ زوج ،وﻓﺮد ﻗﺴ ٌﻢ ﺑﻠﻴﺎﻟﻲ ﻋﺸﺮ ذي اﳊﺠﺔ ﻗﺴ ٌﻢ ﺑﺎﻟﻮﻗﺖ اﳌﻌﺮوف ﻗﺒﻴﻠﺔ إرم؛ ﻧﺴﺒ ًﺔ اﻷُول ،وﻣﺎ ﺷ ُﺮﻓﺖ ﺑﻪ ﻣﻦ أﻋﻤﺎل أول اﻟﻨﻬﺎر إﻟﻰ ﺟﺪﻫﻢ ﻟﺼﺎﺣﺐ ﻋﻘﻞ ﻳﺴﺮي ﺑﻈﻼﻣﻪ ،وﺟﻮاب اﻟﻘﺴﻢ وادي اﻟﻘﺮى ﺷﻤﺎل ﻏﺮب ﻣﺤﺬوف ،ﺗﻘﺪﻳﺮه :ﻟﺘُﺒﻌﺜُ ﱠﻦ اﳉﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻗﻄﻌﻮا ﻋﺬاﺑﺎً ﺷﺪﻳﺪاً ﺻﺎﺣﺒﺔ اﻟﻘﻮة ،واﻷﺑﻨﻴﺔ ﲡﺎوزوا اﳊﺪ ﰲ اﳌﺮﻓﻮﻋﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﻋﻤﺪة ﺿ ﱢﻴﻖ اﻹﻓﺴﺎد ﺻﺎﺣﺐ اﳉﻨﻮد اﻟﺬﻳﻦ اﳌﻴﺮاث اﺧﺘﺒﺮه ﺑﺎﻟﻨﻌﻤﺔ ﺛ ﱠﺒﺘُﻮا ﻣﻠﻜﻪ ُزﻟ ِﺰﻟﺖ وﻻ ﻳﺤﺚ ﺑﻌﻀﻜﻢ ﻳﺮ ُﻗ ُﺐ اﻟﻌﺎﺻﲔ، ﺑﻌﻀﺎً و ُﳝ ِﻬﻠﻬﻢ ،ﺛﻢ ﻳﺄﺧﺬﻫﻢ ﺻﻔﻮﻓﺎً ﻛﺜﻴﺮ ًة ﻣﻔﺮﻃﺎً اﻟﺬي ﻣﺎت أﺑﻮه اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ﻣﺜﻞ إﻳﺜﺎﻗﻪ ﻗﺒﻞ ﺑﻠﻮﻏﻪ ﺷﺪﻳﺪاً اﳌﻼﺋﻜﺔ ﺟﺎء رﺑﻚ ﻟﻔﺼﻞ اﻟﻘﻀﺎء ﺑﲔ اﻟﻌﺒﺎد ﻣﺠﻴﺌﺎً ﻳﻠﻴﻖ ﺑﺠﻼﻟﻪ ﻻ ﻳ ُﺸ ﱡﺪ ﺑﺎﻟﺴﻼﺳﻞ، واﻷﻏﻼل ﻻ ﻳﻨﻔﻌﻪ اﻟ ﱠﺘﺬ ﱡﻛﺮ؛ ﻓﻘﺪ ﻓﺎت أواﻧﻪ ﻣﻦ وﺣﻲ اﻵي اﺑﻦ اﳉﻮزي ﻳﺎ ﻋﺒﺪ اﷲ؛ ﻟُﺬ ﺑﺎﳉﻨﺎب ذﻟﻴ ًﻼ ،وﻗﻒ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﺎب ﻃﻮﻳ ًﻼ، واﺗﺨﺬ ﰲ ﻫﺬه اﻟﻌﺸﺮ ﺳﺒﻴ ًﻼ ،واﺟﻌﻞ ﺟﻨﺎب اﻟﺘﻮﺑﺔ ﻣﻘﻴ ًﻼ، واﺟﺘﻬﺪ ﰲ اﳋﻴﺮ ﲡﺪ ﺛﻮاﺑﺎً ﺟﺰﻳ ًﻼ ،ﻗﻞ ﰲ اﻷﺳﺤﺎر :أﻧﺎ ﺗﺎﺋﺐ، ﻧﺎد ﰲ اﻟﺪﺟﻰ :ﻗﺪ ﻗﺪم اﻟﻐﺎﺋﺐ ٤١٦
اﺑﻦ ﺟﺰي اﺳﺘﻌﺎرة اﻟﺴﻮط ﻟﻠﻌﺬاب ﻷﻧﻪ ﻳﻘﺘﻀﻲ ﻣﻦ اﻟﺘﻜﺮار ﻣﺎ ﻻ ﻳﻘﺘﻀﻴﻪ اﻟﺴﻴﻒ وﻏﻴﺮه .ﻗﺎﻟﻪ اﺑﻦ ﻋﻄﻴﺔ ،وﻗﺎل اﻟﺰﻣﺨﺸﺮي: ذﻛﺮ اﻟﺴﻮط إﺷﺎرة إﻟﻰ ﻋﺬاب اﻟﺪﻧﻴﺎ؛ إذ ﻫﻮ أﻫﻮن ﻣﻦ ﻋﺬاب اﻵﺧﺮة ،ﻛﻤﺎ أن اﻟﺴﻮط أﻫﻮن ﻣﻦ اﻟﻘﺘﻞ اﻟﺴﻴﻮﻃﻲ ﻗﺎل ﻣﺠﺎﻫﺪ ﰲ اﻵﻳﺔ :ﻇﻦ اﻹﻧﺴﺎن ﻛﺮاﻣﺔ اﷲ ﰲ ﻛﺜﺮة اﳌﺎل، اﻟﺴﻌﺪي وﻫﻮاﻧﻪ ﰲ ِﻗﻠﱠﺘﻪ ،وﻛﺬب! إﳕﺎ ﻳُﻜﺮم ﺑﻄﺎﻋﺘﻪ ﻣﻦ أﻛﺮم ،وﻳﻬﲔ ﲟﻌﺼﻴﺘﻪ ﻣﻦ أﻫﺎن أي :ﻻ ﻳﺤﺾ ﺑﻌﻀﻜﻢ ﺑﻌﻀﺎً ﻋﻠﻰ ﻃﻌﺎم اﶈﺎوﻳﺞ ﻣﻦ اﳌﺴﺎﻛﲔ واﻟﻔﻘﺮاء؛ وذﻟﻚ ﻷﺟﻞ اﻟﺸﺢ ﻋﻠﻰ اﻟﺪﻧﻴﺎ وﻣﺤﺒﺘﻬﺎ اﻟﺸﺪﻳﺪة اﳌﺘﻤﻜﻨﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﻠﻮب اﺑﻦ رﺟﺐ ﻣﻦ أﻫﻤﺘﻪ ذﻧﻮﺑﻪ ،ﺻﺎرت ﻧﺼﺐ ﻋﻴﻨﻴﻪ وﻟﻢ ﻳﻨﺴﻬﺎ ،وﻣﻦ ﻟﻢ ﺗﻬﻤﻪ ذﻧﻮﺑﻪ ،ﻫﺎﻧﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻨﺴﻴﻬﺎ وﻟﻢ ﻳﺬﻛﺮﻫﺎ إﻟﻰ: اﺑﻦ اﻟﻘﻴﻢ اﻟﻌﺒﺪ إذا أﻋﺮض ﻋﻦ اﷲ واﺷﺘﻐﻞ ﺑﺎﳌﻌﺎﺻﻲ ،ﺿﺎﻋﺖ ﻋﻠﻴﻪ أﻳﺎم ﺣﻴﺎﺗﻪ اﳊﻘﻴﻘﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺠﺪ ﻏ ﱠﺐ إﺿﺎﻋﺘﻬﺎ ﻳﻮم ﻳﻘﻮل: اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ٤١٧
ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﻣﻜﻴﺔ أﺳﻤﺎء اﻟﺴﻮرة اﳌﺼﺤﻒ ٩٠ ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﺑﲔ ﻳﺪي آﻳﺔ ﺳﻮرة اﻟﺒﻠﺪ ﻷن اﷲ أﻗﺴﻢ ﰲ وﺟﻪ اﻟﻨﺰول ٣٥ اﻟﺴﻮرة أوﻟﻬﺎ ﺑﺎﻟﺒﻠﺪ اﳊﺮام اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /ﺗﻮﻗﻴﻔﻴﺔ ﻣﻘﺼﺪ اﻟﺴﻮرة وﺟﻪ ﺳﻮرة اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻻﻓﺘﺘﺎﺣﻬﺎ ﺑﻬﺬه اﳉﻤﻠﺔ ذﻛﺮ ﺣﺎل اﻹﻧﺴﺎن؛ ﺑﲔ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /اﺟﺘﻬﺎدﻳﺔ َﻛ َﺒﺪ اﻟﻜﻔﺮ واﻟﻌﺬاب وﺑﲔ اﻟﺼﻌﻮد ﻟﺴﻠﻢ اﻟﺮﺣﻤﺔ واﻹﳝﺎن ﰲ اﻟﺪارﻳﻦ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺴﻮرة أﻏﺮاض اﻟﺴﻮرة اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ اﳌﻮﺿﻮع اﻵﻳﺎت اﺷﺘﻤﻠﺖ ﺳﻮرة اﻟﺒﻠﺪ ﻋﻠﻰ ﺗﻌﻈﻴﻢ اﻟﺒﻠﺪ اﳊﺮام واﻟﺮﺳﻮل اﻷﻣﲔ ﷺ ،وﺗﻜﺮﱘ آدم وذرﻳﺘﻪ ،وﺑﻴﺎن أن اﻹﻧﺴﺎن ﺧﻠﻖ ﺧﻠﻖ اﻹﻧﺴﺎن ﰲ ﻛﺒﺪ ﰲ ﻣﻌﺎﻧﺎة وﻣﺸﻘﺔ ﰲ ﺣﻤﻠﻪ ووﻻدﺗﻪ ورﺳﺎﻟﺘﻪ ﰲ اﳊﻴﺎة وﺣﺴﺎﺑﻪ ﰲ اﻵﺧﺮة ،وﺟﺎﺑﻬﺖ اﻟﺴﻮرة ﺑﻌﺾ اﳌﺸﺮﻛﲔ ،وﻛﺸﻔﺖ ﺗﻜﻠﻴﻒ اﻹﻧﺴﺎن وﺑﻴﺎن ﺿﻌﻔﻪ ﺳﻮء أﻓﻌﺎﻟﻬﻢ ،ورﺳﻤﺖ اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻷﻣﺜﻞ إﻟﻰ رﺿﻮان اﷲ ٤١٨
ﻣﻨﺎﺳﺒﺎت اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ أول اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ اﻟﺴﻮرة ﺑﺂﺧﺮﻫﺎ ﳌﺎ ﻗﺒﻠﻬﺎ اﻓﺘﺘﺤﺖ اﻟﺴﻮرة ﺑﺎﻟﻘﺴﻢ ﻋﻠﻰ ﺧﻠﻖ اﻹﻧﺴﺎن ﺧﺘﻤﺖ ﺳﻮرة اﻟﻔﺠﺮ ﺑﺤﺎل اﻟﻨﻔﺲ اﳌﻄﻤﺌﻨﺔ وﻣﺎ ﻳﻜﺎﺑﺪ ﻣﺼﺎﺋﺐ اﻟﺪﻧﻴﺎ وﺷﺪاﺋﺪ اﻵﺧﺮة ،وﺧﺘﻤﺖ أﻋﺪ اﷲ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ اﳉﻨﺔ ،وﻫﻲ أﺷﺮف ﻣﺎ ﺧﻠﻖ ﻛﺮاﻣﺔ ﻟﻌﺒﺎده اﳌﺆﻣﻨﲔ ،واﻓﺘﺘﺤﺖ ﺳﻮرة اﻟﺒﻠﺪ ﺑﺒﻴﺎن ﻣﺼﻴﺮ ﻓﺮﻳﻖ اﻟﺜﺒﺎت وﻓﺮﻳﻖ اﻻﻧﻬﺰام أﻣﺎم ﻫﺬه اﻟﺸﺪاﺋﺪ ﺑﺬﻛﺮ أﺷﺮاف ﺑﻘﺎع اﻟﺪﻧﻴﺎ وﻫﻲ ﻣﻜﺔ ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻐﺮﻳﺐ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻳ ِﺤ ﱡﻞ ﻟﻚ ﻣﺎ ﺗﺼﻨﻊ ﺑﻪ ﻣﻦ اﳌﻘﺎﺗﻠﺔ، ﻣﻜﺔ أﻗﺴﻢ ،و)ﻻ( :ﻟﺘﺄﻛﻴﺪ وﻗﺪ أﳒﺰه اﷲ ﰲ اﻟﻔﺘﺢ اﻟﻘﺴﻢ ﺷ ﱠﺪة وﻋﻨﺎء ﻣﻦ أﻳﻈ ﱡﻦ؟ ﻣﻜﺎﺑﺪة اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻗﺴ ٌﻢ ﺑﻜﻞ واﻟﺪ ،وﺑﻜﻞ ﻣﻮﻟﻮد ،وﻣﻨﻬﻢ آدم وذرﻳﺘﻪ ﻃﺮﻳﻘﻲ اﳋﻴﺮ واﻟﺸﺮ ﺑ ﱠﻴ ﱠﻨﺎ ﻟﻪ ﻛﺜﻴﺮاً ﻣﺸ ﱠﻘﺔ اﻵﺧﺮة؛ ﺑﺈﻧﻔﺎق إﻋﺘﺎﻗﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺮق اﳌﺎل ،واﻟﻌﻤﻞ اﻟﺼﺎﻟﺢ ﻓﻬ ﱠﻼ ﲡﺎوز ﻣﻌﺪﻣﺎً ﻻ ﺷﻲء ﻋﻨﺪه ذا ﻗﺮاﺑﺔ ﻣﺠﺎﻋﺔ ﺷﺪﻳﺪة اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ُﻣﻄﺒﻘ ٌﺔ ُﻣﻐﻠﻘ ٌﺔ اﻟﺸﻤﺎل؛ ﺑﺄن ﻳُﺆﺧﺬ ﺑﻬﻢ اﻟﻴﻤﲔ؛ ﺑﺄن ﻳُﺆﺧﺬ ﺑﻬﻢ ذات اﻟﺸﻤﺎل إﻟﻰ اﻟﻨﺎر ذات اﻟﻴﻤﲔ إﻟﻰ اﳉﻨﺔ ﻣﻦ وﺣﻲ اﻵي اﻟﺴﻌﺪي اﳌﺮاد ﺑﺬﻟﻚ ﻣﺎ ﻳﻜﺎﺑﺪه وﻳﻘﺎﺳﻴﻪ ﻣﻦ اﻟﺸﺪاﺋﺪ ﰲ اﻟﺪﻧﻴﺎ، وﰲ اﻟﺒﺮزخ ،وﻳﻮم ﻳﻘﻮم اﻷﺷﻬﺎد ،وأﻧﻪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻪ أن ﻳﺴﻌﻰ ﰲ ﻋﻤﻞ ﻳﺮﻳﺤﻪ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﺸﺪاﺋﺪ ،وﻳﻮﺟﺐ ﻟﻪ اﻟﻔﺮح واﻟﺴﺮور اﻟﺪاﺋﻢ ،وإن ﻟﻢ ﻳﻔﻌﻞ ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﻳﺰال ﻳﻜﺎﺑﺪ اﻟﻌﺬاب اﻟﺸﺪﻳﺪ أﺑﺪ اﻵﺑﺎد ٤١٩
اﻟﺴﻌﺪي وﺳﻤﻰ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ اﻹﻧﻔﺎق ﰲ اﻟﺸﻬﻮات واﳌﻌﺎﺻﻲ إﻫﻼﻛﺎً ﻷﻧﻪ ﻻ ﻳﻨﺘﻔﻊ اﳌﻨﻔﻖ ﲟﺎ أﻧﻔﻖ ،وﻻ ﻳﻌﻮد ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ إﻧﻔﺎﻗﻪ إﻻ اﻟﻨﺪم واﳋﺴﺎر واﻟﺘﻌﺐ واﻟﻘﻠﺔ اﺑﻦ ﺟﺰي واﻟﻌﻘﺒﺔ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ اﻷﻋﻤﺎل ،اﻟﺼﺎﳊﺔ اﳌﺬﻛﻮرة ﺑﻌﺪ، وﺟﻌﻠﻬﺎ ﻋﻘﺒﺔ اﺳﺘﻌﺎرة ﻣﻦ ﻋﻘﺒﺔ اﳉﺒﻞ؛ ﻷﻧﻬﺎ ﺗﺼﻌﺐ وﻳﺸﻖ ﺻﻌﻮدﻫﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻔﻮس اﻟﻘﺮﻃﺒﻲ ﻓﻴﻬﺎ ﺗﻌﻠﻴﻢ أن اﻟﺼﺪﻗﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺮاﺑﺔ أﻓﻀﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺮ اﻟﻘﺮاﺑﺔ ،ﻛﻤﺎ أن اﻟﺼﺪﻗﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻴﺘﻴﻢ اﻟﺬي ﻻ ﻛﺎﻓﻞ ﻟﻪ أﻓﻀﻞ ﻣﻦ اﻟﺼﺪﻗﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻴﺘﻴﻢ اﻟﺬي ﻳﺠﺪ ﻣﻦ ﻳﻜﻔﻠﻪ اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر اﻟﺘﺨﻠﻖ ﺑﺎﻟﺼﺒﺮ ِﻣ َﻼك ﻓﻀﺎﺋﻞ اﻷﺧﻼق ﻛﻠﻬﺎ ،ﻓﺈن اﻻرﺗﻴﺎض ﺑﺎﻷﺧﻼق اﳊﻤﻴﺪة ﻻ ﻳﺨﻠﻮ ﻣﻦ ﺣﻤﻞ اﳌﺮء ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺨﺎﻟﻔﺔ ﺷﻬﻮات ﻛﺜﻴﺮة ،ﻓﻔﻲ ﻣﺨﺎﻟﻔﺘﻬﺎ ﺗﻌﺐ ﻳﻘﺘﻀﻲ اﻟﺼﺒﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ؛ ﺣﺘﻰ ﺗﺼﻴﺮ ﻣﻜﺎرم اﻷﺧﻼق ﻣﻠﻜﺔ ﳌﻦ راض ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ٤٢٠
ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﻣﻜﻴﺔ أﺳﻤﺎء اﻟﺴﻮرة اﳌﺼﺤﻒ ٩١ ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﺑﲔ ﻳﺪي آﻳﺔ ﺳﻮرة اﻟﺸﻤﺲ وﺟﻪ اﻟﻨﺰول ٢٦ اﻟﺴﻮرة اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /ﺗﻮﻗﻴﻔﻴﺔ ﻻﻓﺘﺘﺎﺣﻬﺎ ﺑﻘﺴﻢ اﷲ ﺑﺎﻟﺸﻤﺲ اﳌﻨﻴﺮة ﻣﻘﺼﺪ اﻟﺴﻮرة ﻻﻓﺘﺘﺎﺣﻬﺎ ﺑﻬﺬه اﳉﻤﻠﺔ وﺟﻪ ﺳﻮرة اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﺗﺮﻛﺰ ﻋﻠﻰ إﻇﻬﺎر آﻳﺎت ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /ﺗﻮﻗﻴﻔﻴﺔ اﷲ وآﻻﺋﻪ ﰲ اﻵﻓﺎق واﻷﻧﻔﺲ وأﺣﻮاﻟﻬﺎ ،ﺗﺰﻛﻴﺔ ﻟﻠﻨﻔﻮس ،وزﺟﺮاً ﻋﻦ اﻟﻌﺼﻴﺎن اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺴﻮرة أﻏﺮاض اﻟﺴﻮرة اﳌﻮﺿﻮع اﻵﻳﺎت ﺗﻨﺎوﻟﺖ ﺳﻮرة اﻟﺸﻤﺲ ﻏﺮﺿﲔ أﺳﺎﺳﻴﲔ ،وﻫﻤﺎ: اﻟﻘﺴﻢ اﻟﻌﻈﻴﻢ وﺟﻮاﺑﻪ اﻷول :اﻟﻨﻔﺲ اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ،وﻣﺎ ﺟﺒﻠﻬﺎ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ اﳋﻴﺮ واﻟﺸﺮ، ﺛﻤﻮد وﻋﺎﻗﺒﺘﻬﺎ واﻟﻬﺪى واﻟﻀﻼل. اﻟﺜﺎﻧﻲ :ﻗﺼﺔ اﻟﻄﻐﻴﺎن ﻣﺘﻤﺜﻠﺔ ﰲ ﺛﻤﻮد ﻗﻮم ﺻﺎﻟﺢ ﺣﲔ ﻛﺬﺑﻮا رﺳﻮﻟﻬﻢ ،وﻃﻐﻮا وﺑﻐﻮا ﰲ اﻷرض وﻋﻘﺮوا اﻟﻨﺎﻗﺔ اﻟﺘﻲ ﺧﻠﻘﻬﺎ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﻦ ﺻﺨﺮ أﺻ ﱠﻢ ،ﻣﻌﺠﺰ ًة ﻟﺮﺳﻮﻟﻪ ﺻﺎﻟﺢ ،وﻣﺎ ﻛﺎن ﻣﻦ أﻣﺮ ﻫﻼﻛﻬﻢ اﻟﻔﻈﻴﻊ اﻟﺬي ﺑﻘﻲ ﻋﺒﺮ ًة ﳌﻦ ﻳﻌﺘﺒﺮ ،وﻫﻮ ﳕﻮذج ﻟﻜﻞ ﻛﺎﻓﺮ ﻓﺎﺟﺮ ،ﻣﻜﺬب ﻟﺮﺳﻞ اﷲ. ٤٢١
ﻣﻨﺎﺳﺒﺎت اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ أول اﻟﺴﻮرة ﺑﺂﺧﺮﻫﺎ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ اﻟﺴﻮرة ﳌﺎ ﻗﺒﻠﻬﺎ اﻓﺘﺘﺤﺖ اﻟﺴﻮرة ﺑﺄﻗﺴﺎم ﺗﺪل ﻋﻠﻰ ﻛﻤﺎل اﻟﻘﺪرة اﻹﻟﻬﻴﺔ ،ﻓﺎﻟﺸﻤﺲ واﻟﻘﻤﺮ واﻟﻨﻬﺎر واﻟﻠﻴﻞ واﻟﻨﻔﺲ ﳌﺎ ﺧﺘﻤﺖ ﺳﻮرة اﻟﺒﻠﺪ ﺑﺬﻛﺮ أﺻﺤﺎب اﳌﻴﻤﻨﺔ، وأﺻﺤﺎب اﳌﺸﺄﻣﺔ ،ذﻛﺮ اﻟﻔﺮﻳﻘﲔ ﰲ ﺳﻮرة ﻛﻞ ذﻟﻚ ﺧﻠﻖ ﻋﻈﻴﻢ ﻳﺪل ﻋﻠﻰ ﺣﻜﻴﻢ ﺧﺒﻴﺮ، ﻣﺴﺘﺤﻖ ﻟﻠﻌﺒﺎدة وﺣﺪه ﻻ ﺷﺮﻳﻚ ﻟﻪ ،ﺛﻢ ﺟﺎءت اﻟﺸﻤﺲ ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻻﺧﺘﺼﺎر ،ﻓﻘﻮﻟﻪ: ﺧﺎﲤﺔ اﻟﺴﻮرة ﻣﺆﻛﺪة ذﻟﻚ اﳌﻌﻨﻰ ﺑﻔﻌﻞ ﻣﻦ ﻫﻢ أﺻﺤﺎب اﳌﻴﻤﻨﺔ ﰲ ﻓﻌﻠﻪ ﻳﺪل ﻋﻠﻰ ﻛﻤﺎل ﻋﺰﺗﻪ وﻗﺪرﺗﻪ ﺳﻮرة اﻟﺒﻠﺪ ،وﻗﻮﻟﻪ: وﻋﻈﻴﻢ ﻗﻮﺗﻪ ﻫﻢ أﺻﺤﺎب اﳌﺸﺄﻣﺔ ﰲ ﺳﻮرة اﻟﺒﻠﺪ ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻐﺮﻳﺐ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻛﺸﻒ ﻇﻠﻤﺔ اﻟﻠﻴﻞ ﺗ ِﺒﻊ اﻟﺸﻤﺲ ﰲ ﻗﺴ ٌﻢ ﺑﺈﺷﺮاق وأزاﻟﻬﺎ اﻟﻄﻠﻮع واﻷﻓﻮل اﻟﺸﻤﺲ ﺿﺤﻰ أﻛﻤﻞ ﺧﻠﻘﻬﺎ؛ ﻷداء ﺑﺴﻄﻬﺎ ﻳﻐﻄﻲ اﻷرض ﺑﻈﻠﻤﺘﻪ ﻣﻬﻤﺘﻬﺎ ﻃ ﱠﻬﺮﻫﺎ و ﱠﳕﺎﻫﺎ ﺑﺎﻟﻄﺎﻋﺔ ﻃﺮﻳﻖ اﳋﻴﺮ، ﺑ ﱠﲔ ﻟﻬﺎ وﻃﺮﻳﻖ اﻟﺸﺮ ﺑﺴﺒﺐ ﻃﻐﻴﺎﻧﻬﺎ ،وﲡﺎوزﻫﺎ ﺧ ِﺴﺮ اﳊﺪ ﰲ اﻟﻌﺼﻴﺎن أﺧﻔﻰ ﻧﻔﺴﻪ ،وﻧﻘﺼﻬﺎ ﺑﺎﳌﻌﺎﺻﻲ ﻧﻬﺾ ﻣﺴﺮﻋﺎً؛ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ اﺣﺬروا ﻧﺎﻗﺔ اﷲ أن ﲤﺴﻮﻫﺎ ﻟﻌﻘﺮ اﻟﻨﺎﻗﺔ ﺑﺴﻮء ،وأن ﺗﻌﺘﺪوا ﻋﻠﻰ ﺳﻘﻴﻬﺎ أﻛﺜﺮﻫﻢ ﺷﻘﺎو ًة ،وﲤﺮداً؛ وﻫﻮ ُﻗﺪار ﺑﻦ ﺳﺎﻟﻒ ﻓﻨﺤﺮوﻫﺎ ﻋ ﱠﻤ ُﻬﻢ ﺑﺎﻟﻌﻘﻮﺑﺔ؛ ﻓﻠﻢ ﻳُﻔ ِﻠﺖ ﻣﻨﻬﻢ أﺣﺪ ﻓﺄﻃﺒﻖ ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻟﻌﻘﻮﺑﺔ ﻋﺎﻗﺒﺔ ﻣﺎ ﻧﺰل ﺑﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﻌﻘﻮﺑﺔ ﻣﻦ وﺣﻲ اﻵي اﻟﺴﻌﺪي اﻟﻨﻔﺲ آﻳﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﻣﻦ آﻳﺎﺗﻪ اﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺣﻘﻴﻘ ٌﺔ ﺑﺎﻹﻗﺴﺎم ﺑﻬﺎ؛ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﰲ ﻏﺎﻳﺔ اﻟﻠﻄﻒ واﳋﻔﺔ ،ﺳﺮﻳﻌﺔ اﻟﺘﻨﻘﻞ واﳊﺮﻛﺔ، واﻟﺘﻐﻴﺮ واﻟﺘﺄﺛﺮ واﻻﻧﻔﻌﺎﻻت اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻣﻦ :اﻟﻬﻢ ،واﻹرادة، واﻟﻘﺼﺪ ،واﳊﺐ ،واﻟﺒﻐﺾ ،وﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﻟﻮﻻﻫﺎ ﻟﻜﺎن اﻟﺒﺪن ﻣﺠﺮد ﲤﺜﺎل ﻻ ﻓﺎﺋﺪة ﻓﻴﻪ ،وﺗﺴﻮﻳﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﻮﺟﻪ آﻳﺔ ﻣﻦ آﻳﺎت اﷲ اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ٤٢٢
اﻟﻘﺮﻃﺒﻲ ﻋﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻛﻌﺐ ﻗﺎل :إذا أراد اﷲ ﺑﻌﺒﺪه ﺧﻴﺮاً أﻟﻬﻤﻪ اﳋﻴﺮ ﻓﻌﻤﻞ ﺑﻪ ،وإذا أراد ﺑﻪ اﻟﺴﻮء أﻟﻬﻤﻪ اﻟﺸﺮ ﻓﻌﻤﻞ ﺑﻪ اﻟﻄﻨﻄﺎوي اﻟﻨﻔﺲ إن ﺗﺮﻛﺘﻬﺎ ،ﻛﺎﻧﺖ ﺳﻔﻴﺮة إﺑﻠﻴﺲ ﻟﺪﻳﻚ وﻋﻮﻧﻪ ﻋﻠﻴﻚ، وإن أﻟﺰﻣﺘﻬﺎ اﳌﻮﻋﻈﺔ اﻟﺪاﺋﻤﺔ واﻟﻨﺪم ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ذﻧﺐ ،ﺻﺎرت ﻟﻮاﻣﺔ ،وإن اﺳﺘﻤﺮ ذﻟﻚ ﻣﻨﻬﺎ؛ ﺣﺘﻰ ﺻﺎر ﻋﺎدة ﻟﻬﺎ ،اﺑﺘﻌﺪ اﻟﺸﻴﻄﺎن ﻋﻨﻬﺎ؛ ﻓﺼﺎرت ﻧﻔﺴﺎً ﻣﻄﻤﺌﻨﺔ اﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ إذا ﻛﺎن ﻫﺬا ﻋﺬاﺑﻪ ﻟﻬﺆﻻء ،وذﻧﺒﻬﻢ ﻣﻊ اﻟﺸﺮك ﻋﻘﺮ اﻟﻨﺎﻗﺔ اﻟﺘﻲ ﺟﻌﻠﻬﺎ اﷲ آﻳﺔ ﻟﻬﻢ؛ ﻓﻤﻦ اﻧﺘﻬﻚ ﻣﺤﺎرم اﷲ واﺳﺘﺨﻒ ﺑﺄواﻣﺮه وﻧﻮاﻫﻴﻪ وﻋﻘﺮ ﻋﺒﺎده وﺳﻔﻚ دﻣﺎءﻫﻢ ،ﻛﺎن أﺷﺪ ﻋﺬاﺑﺎً اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ٤٢٣
ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﻣﻜﻴﺔ أﺳﻤﺎء اﻟﺴﻮرة اﳌﺼﺤﻒ ٩٢ ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﺑﲔ ﻳﺪي آﻳﺔ ﺳﻮرة اﻟﻠﻴﻞ وﺟﻪ اﻟﻨﺰول ٩ اﻟﺴﻮرة اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /ﺗﻮﻗﻴﻔﻴﺔ ﻻﻓﺘﺘﺎﺣﻬﺎ ﺑﺎﻟﻘﺴﻢ اﻹﻟﻬﻲ ﺑﺎﻟﻠﻴﻞ ﻣﻘﺼﺪ اﻟﺴﻮرة وﺟﻪ ﺳﻮرة اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻻﻓﺘﺘﺎﺣﻬﺎ ﺑﻬﺬه اﳉﻤﻠﺔ ﺑﻴﺎن اﻻﺧﺘﻼف ﺑﲔ اﻵﻳﺎت ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /ﺗﻮﻗﻴﻔﻴﺔ واﻷﻧﻔﺲ وأﻋﻤﺎﻟﻬﺎ ،إﻇﻬﺎراً ﻟﻠﺘﻔﺎﺿﻞ ﺑﲔ اﳌﺆﻣﻨﲔ واﻟﻜﺎﻓﺮﻳﻦ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺴﻮرة اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ اﳌﻮﺿﻮع اﻵﻳﺎت اﳌﻮﺿﻮع اﻵﻳﺎت اﻋﻤﻠﻮا ﻓﻜﻞ ﻣﻴﺴﺮ ﳌﺎ ﺧﻠﻖ ﻟﻪ اﻟﻘﺴﻢ ﻋﻠﻰ ﺗﺒﺎﻳﻦ ﺳﻌﻲ اﻟﺒﺸﺮ إﻧﺬار وﲢﺬﻳﺮ ٤٢٤
أﻏﺮاض اﻟﺴﻮرة ﲢﺪﺛﺖ اﻟﺴﻮرة ﻋﻦ ﺳﻌﻲ اﻹﻧﺴﺎن وﻋﻤﻠﻪ ،وﻋﻦ ﻛﻔﺎﺣﻪ وﻧﻀﺎﻟﻪ ﰲ ﻫﺬه اﳊﻴﺎة ،ﺛﻢ ﻧﻬﺎﻳﺘﻪ إﻟﻰ اﻟﻨﻌﻴﻢ أو إﻟﻰ اﳉﺤﻴﻢ ،وﺻﻮرت اﻟﺴﻮرة ﺳﺒﻴﻞ اﻟﺴﻌﺎدة ،وﺳﺒﻴﻞ اﻟﺸﻘﺎء ،ورﺳﻤﺖ اﳋﻂ اﻟﺒﻴﺎﻧﻲ ﻟﻄﺎﻟﺐ اﻟﻨﺠﺎة ،وﺑﻴﻨﺖ أوﺻﺎف اﻷﺑﺮار واﻟﻔﺠﺎر ،وأﻫﻞ اﳉﻨﺔ وأﻫﻞ اﻟﻨﺎر ،وﻧﺒﻬﺖ إﻟﻰ اﻏﺘﺮار ﺑﻌﺾ اﻟﻨﺎس ﺑﺄﻣﻮاﻟﻬﻢ اﻟﺘﻲ ﺟﻤﻌﻮﻫﺎ، وﺛﺮواﺗﻬﻢ اﻟﺘﻲ ﻛ ﱠﺪﺳﻮﻫﺎ ،وﻫﻲ ﻻ ﺗﻨﻔﻌﻬﻢ ﰲ ﻳﻮم اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﺷﻴﺌﺎً ،وذﻛﺮﺗﻬﻢ ﺑﺤﻜﻤﺔ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﰲ ﺗﻮﺿﻴﺤﻪ ﻟﻌﺒﺎده ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻬﺪاﻳﺔ وﻃﺮﻳﻖ اﻟﻀﻼﻟﺔ ،وﺣ ﱠﺬرت أﻫﻞ ﻣﻜﺔ ﻣﻦ ﻋﺬاب اﷲ واﻧﺘﻘﺎﻣﻪ ،ﳑﻦ ﻛ ﱠﺬب ﺑﺂﻳﺎﺗﻪ ورﺳﻠﻪ، وأﻧﺬرﺗﻬﻢ ﻣﻦ ﻧﺎر ﺣﺎﻣﻴﺔ ،ﺗﺘﻮﻫﺞ ﻣﻦ ﺷﺪة ﺣﺮﻫﺎ ،ﻻ ﻳﺪﺧﻠﻬﺎ وﻻ ﻳﺬوق ﺳﻌﻴﺮﻫﺎ إﻻ اﻟﻜﺎﻓﺮ اﻟﺸﻘﻲ ،اﳌﻌﺮض ﻋﻦ ﻫﺪاﻳﺔ اﷲ وآﻳﺎﺗﻪ ،وﺧﺘﻤﺖ ﺑﺬﻛﺮ ﳕﻮذج ﻟﻠﻤﺆﻣﻦ اﻟﺼﺎﻟﺢ ،اﻟﺬي ﻳﻨﻔﻖ ﻣﺎﻟﻪ ﰲ وﺟﻮه اﳋﻴﺮ ،ﻟﻴﺰﻛﻲ ﻧﻔﺴﻪ وﻳﺼﻮﻧﻬﺎ ﻣﻦ ﻋﺬاب اﷲ ،وﺿﺮﺑﺖ اﳌﺜﻞ ﺑﺄﺑﻲ ﺑﻜﺮ اﻟﺼﺪﻳﻖ ،ﺣﲔ اﺷﺘﺮى ﺑﻼ ًﻻ وأﻋﺘﻘﻪ ﰲ ﺳﺒﻴﻞ اﷲ ﻣﻨﺎﺳﺒﺎت اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ أول اﻟﺴﻮرة ﺑﺂﺧﺮﻫﺎ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ اﻟﺴﻮرة ﳌﺎ ﻗﺒﻠﻬﺎ اﻓﺘﺘﺤﺖ ﺑﺎﻟﻠﻴﻞ ﺣﺎل ﻏﺸﻴﺎﻧﻪ ،ﺛﻢ ﺑﺎﻟﻨﻬﺎر ﺣﺎل ﲡﻠﻴﻪ ،إﺷﺎرة إﻟﻰ ﺣﺎﻟﲔ وﻟﻮﻧﲔ ،ﺛﻢ ﻗﺴﻢ ﳌﺎ ذﻛﺮ ﰲ ﺳﻮرة اﻟﺸﻤﺲ: أﺻﺤﺎب اﻟﺴﻌﻲ إﻟﻰ ﺷﻘﻲ ،وﺗﻘﻲ ،ﻓﺄﻣﺎ ﻣﻦ ﻏﺸﻴﻪ ﻟﻴﻞ اﻹﺛﻢ ﻓﻬﻮ اﻷﺷﻘﻰ ،وأﻣﺎ ﻣﻦ ذﻛﺮ ﰲ ﺳﻮرة اﻟﻠﻴﻞ ﻣﻦ اﻷوﺻﺎف ﻣﺎ ﻳﺤﺼﻞ ﺑﻪ أﺷﺮﻗﺖ ﻋﻠﻰ ﻗﻠﺒﻪ أﻧﻮار اﻟﻮﺣﻲ ﻓﻬﻮ اﻷﺗﻘﻰ، اﻟﻔﻼح ،وﻣﺎ ﲢﺼﻞ ﺑﻪ اﳋﻴﺒﺔ ،ﺛﻢ ﺣ ﱠﺬر ﻣﻦ ﺛﻢ ﺧﺘﻤﺖ اﻟﺴﻮرة ﺑﺬﻛﺮ ﻣﺂل اﻟﺸﻘﻲ اﻟﻨﺎر ،وذﻛﺮ ﻣﻦ ﻳﺼﻼﻫﺎ وﻣﻦ ﻳﺘﺠﻨﺒﻬﺎ واﻟﺘﻘﻲ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻐﺮﻳﺐ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ اﻟﻜﻠﻤﺔ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﳌﺨﺘﻠﻒ اﻧﻜﺸﻒ ﺑﻀﻴﺎﺋﻪ ﻳﻐﻄﻲ ﺑﻈﻼﻣﻪ ﺑﺎﻟﺜﻮاب ﻋﻠﻰ أﻋﻤﺎﻟﻪ اﻷرض ﻟﻜﻞ ﺧﻴﺮ ،وﺳﻌﺎدة ﺑﺬل ﻣﺎﻟﻪ ﻣﺘﺼﺪﻗﺎً وﻗﻊ ﰲ اﻟﻨﺎر ﻻ ﻳﺪﺧﻠﻬﺎ ،وﻳﻘﺎﺳﻲ وﻻ ﻳﻨﻔﻌﻪ ﻟﻜﻞ ﻋﺴﺮ ،وﺷﻘﺎوة ﺣﺮﻫﺎ ﺗﺘﻮ ﱠﻫﺞ ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﺒﲔ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻬﺪى؛ ﻓﻀ ًﻼ ﻣ ﱠﻨﺎ ورﺣﻤﺔ ﺗُﻜﺎﻓﺄ؛ ﻓﻠﻴﺲ إﻧﻔﺎﻗﻪ وﺳﻴُﺒﻌﺪ ﻋﻨﻬﺎ ﻣﻜﺎﻓﺄة ﳌﻦ أﺣﺴﻦ إﻟﻴﻪ ٤٢٥
ﻣﻦ وﺣﻲ اﻵي اﻟﺴﻌﺪي ﻗﺴ ٌﻢ ﺑﺨﻠﻘﻪ ﻟﻠﺬﻛﺮ واﻷﻧﺜﻰ ،وﻛﻤﺎل ﺣﻜﻤﺘﻪ ﰲ ذﻟﻚ أن ﺧﻠﻖ اﻟﺴﻌﺪي ﻣﻦ ﻛﻞ ﺻﻨﻒ ﻣﻦ اﳊﻴﻮاﻧﺎت اﻟﺘﻲ ﻳﺮﻳﺪ ﺑﻘﺎءﻫﺎ ذﻛﺮاً وأﻧﺜﻰ اﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻟﻴﺒﻘﻰ اﻟﻨﻮع وﻻ ﻳﻀﻤﺤﻞ ،وﻗﺎد ﻛ ًﻼ ﻣﻨﻬﻤﺎ إﻟﻰ اﻵﺧﺮ ﺑﺴﻠﺴﻠﺔ اﺑﻦ اﻟﻘﻴﻢ اﻟﺸﻬﻮة ،وﺟﻌﻞ ﻛ ًﻼ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻣﻨﺎﺳﺒﺎً ﻟﻶﺧﺮ ﻫﺬه اﻵﻳﺎت ﺟﻤﻌﺖ ﺟﻤﻴﻊ اﻷﺳﺒﺎب اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺎل ﺑﻬﺎ اﻟﺴﻌﺎدة؛ ﻓﺄﺳﺒﺎﺑﻬﺎ ﺛﻼﺛﺔ :ﻓﻌﻞ اﳌﺄﻣﻮر ،واﺟﺘﻨﺎب اﶈﻈﻮر ﮊ ،وﺗﺼﺪﻳﻖ ﻣﺎ أﺧﺒﺮ ﺑﻪ اﷲ ورﺳﻮﻟﻪ ،ﻓﻤﻦ ﺟﻤﻌﻬﺎ ﮋ ﮯ ﮰ ﮊ وﳑﺎ ﻳﺒﲔ اﳊﺐ ﷲ واﳊﺐ ﻟﻐﻴﺮ اﷲ :أن أﺑﺎ ﺑﻜﺮ ﻛﺎن ﻳﺤﺐ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﻣﺨﻠﺼﺎً ﷲ ،وأﺑﻮ ﻃﺎﻟﺐ ﻋﻤﻪ ﻛﺎن ﻳﺤﺒﻪ وﻳﻨﺼﺮه ﻟﻬﻮاه ﻻ ﷲ ،ﻓﺘﻘﺒﻞ اﷲ ﻋﻤﻞ أﺑﻲ ﺑﻜﺮ وأﻧﺰل ﻓﻴﻪ: ﺑﺒﺒﺒﺒﺒﺒﺒﺒﺒﺒﺒﺒﺒﺐ اﻵﻳﺎت ،وأﻣﺎ أﺑﻮ ﻃﺎﻟﺐ ﻓﻠﻢ ﻳﺘﻘﺒﻞ ﻋﻤﻠﻪ ،ﺑﻞ أدﺧﻠﻪ اﻟﻨﺎر؛ ﻷﻧﻪ ﻛﺎن ﻣﺸﺮﻛﺎً ﻋﺎﻣ ًﻼ ﻟﻐﻴﺮ اﷲ ﰲ اﻵﻳﺔ اﻹرﺷﺎد إﻟﻰ أن ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺘﻘﻮى ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻪ أن ﻳﺘﺤﻤﻞ َﻣ ﱠﻦ اﳋﻠﻖ وﻧﻌ َﻤﻬﻢ ،وإن ﺣﻤﻞ ﻣﻨﻬﻢ ﺷﻴﺌﺎً ﺑﺎدر إﻟﻰ ﺟﺰاﺋﻬﻢ ﻋﻠﻴﻪ؛ ﻟﺌﻼ ﻳﺘﺒﻘﻰ ﻷﺣﺪ ﻣﻦ اﳋﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﻧﻌﻤﺔ ﲡﺰى، ﻓﻴﻜﻮن ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻋﻤﻠﻪ ﻛﻠﻪ ﷲ وﺣﺪه ،ﻟﻴﺲ ﻟﻠﻤﺨﻠﻮق ﺟﺰاء ﻋﻠﻰ ﻧﻌﻤﺘﻪ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ٤٢٦
أﺳﻤﺎء اﻟﺴﻮرة ﺳﻮرة اﻟﻀﺤﻰ ﻻﻓﺘﺘﺎﺣﻬﺎ ﺑﺎﻟﻘﺴﻢ وﺟﻪ اﻹﻟﻬﻲ ﺑﺎﻟﻀﺤﻰ اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /ﺗﻮﻗﻴﻔﻴﺔ ﻣﻘﺼﺪ اﻟﺴﻮرة ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﻣﻜﻴﺔ اﳌﺼﺤﻒ ٩٣ ذﻛﺮ رﻋﺎﻳﺔ اﷲ ﻟﻨﺒﻴﻪ ﷺ واﻻﻣﺘﻨﺎن ﻋﻠﻴﻪ ﺑﻨﻌﻤﺔ ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﺑﲔ ﻳﺪي آﻳﺔ اﻟﻨﺰول ١١ اﻟﺴﻮرة اﻟﻮﺣﻲ ودواﻣﻬﺎ ﻟﻪ ،ﺗﺄﻧﻴﺴﺎً ﻟﻪ ،وﺗﺬﻛﻴﺮاً ﻟﻠﻤﺆﻣﻨﲔ ﺑﺎﻟﺸﻜﺮ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺴﻮرة أﻏﺮاض اﻟﺴﻮرة اﳌﻮﺿﻮع اﻵﻳﺎت ﺗﻨﺎوﻟﺖ اﻟﺴﻮرة ﺷﺨﺼﻴﺔ رﺳﻮل اﷲ ﷺ ،وذ ﱠﻛﺮﺗﻪ ﲟﺎ ﻛﺎن ﺑﻴﺎن ﻟﺒﻌﺾ ﺣﺎل ﻋﻠﻴﻪ ﰲ اﻟﺼﻐﺮ ﻣﻦ اﻟﻴﺘﻢ واﻟﻔﻘﺮ ،واﻟﻔﺎﻗﺔ واﻟﻀﻴﺎع ،ﻓﺂواه رﺑﻪ رﺳﻮل اﷲ ﷺ وﻣﻜﺎﻧﻪ وأﻏﻨﺎه ،وأﺣﺎﻃﻪ ﺑﻌﻨﺎﻳﺘﻪ ورﻋﺎﻳﺘﻪ ،وﺑﺸﺮﺗﻪ ﺑﺎﻟﻌﻄﺎء اﳉﺰﻳﻞ ﰲ اﻵﺧﺮة ،وﻣﺎ أﻋﺪه اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻟﺮﺳﻮﻟﻪ ﷺ ﻣﻦ أﻧﻮاع ﻣﻦ دﻻﺋﻞ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ وﺣﻘﻬﺎ اﻟﻜﺮاﻣﺎت ،وﻣﻨﻬﺎ اﻟﺸﻔﺎﻋﺔ اﻟﻌﻈﻤﻰ ،وﺧﺘﻤﺖ ﺑﺘﻮﺻﻴﺘﻪ ﺑﻮﺻﺎﻳﺎ ﺛﻼث ﻣﻘﺎﺑﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﻨﻌﻢ اﻟﺜﻼث ،ﻟﻴﻌﻄﻒ ﻋﻠﻰ اﻟﻴﺘﻴﻢ ،وﻳﺮﺣﻢ اﶈﺘﺎج ،وﳝﺴﺢ دﻣﻌﺔ اﻟﺒﺎﺋﺲ اﳌﺴﻜﲔ ٤٢٧
ﻣﻨﺎﺳﺒﺎت اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ أول اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ اﻟﺴﻮرة ﺑﺂﺧﺮﻫﺎ ﳌﺎ ﻗﺒﻠﻬﺎ اﻓﺘﺘﺤﺖ اﻟﺴﻮرة ﺑﺒﻴﺎن ﻧﻌﻤﺔ اﷲ ﻋﻠﻰ ﻧﺒﻴﻪ ﷺ ﳌﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺳﻮرة اﻟﻀﺤﻰ ﻧﺎزﻟﺔ ﰲ ﺷﺄﻧﻪ ﷺ وأﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺘﺮﻛﻪ وﻟﻢ ﻳﻘﻠﻪ اﻓﺘﺘﺤﺖ ﺑﺎﻟﻀﺤﻰ اﻟﺬي ﻫﻮ ﻧﻮر ،وﳌﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺳﻮرة وﺧﺘﻤﺖ ﺑﺄﻣﺮه ﺑﺎﻟﺘﺤﺪث ﺑﻨﻌﻤﺔ اﷲ وإﻓﺸﺎﺋﻬﺎ -اﻟﻠﻴﻞ ﺳﻮرة أﺑﻲ ﺑﻜﺮ -ﻣﺎ ﻋﺪا ﻗﺼﺔ اﻟﺒﺨﻴﻞ وﻛﺎﻧﺖ ﺳﻮرة اﻟﻀﺤﻰ ﺳﻮرة ﻣﺤﻤﺪ ﷺ ﻋﻘﺐ ﺑﻬﺎ وﻟﻢ ﻳﺠﻌﻞ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ واﺳﻄﺔ؛ ﻟﻴﻌﻠﻢ أﻻ واﺳﻄﺔ ﺑﲔ ﻣﺤﻤﺪ ﷺ وأﺑﻲ ﺑﻜﺮ ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻐﺮﻳﺐ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﺎ ﺗﺮﻛﻚ ﻏ ﱠﻄﻰ اﻟﻜﻮن ﻗﺴ ٌﻢ ﺑﺄول اﻟﻨﻬﺎر، ﺑﻈﻼﻣﻪ ،وﺳﻜﻦ أو ﻛﻠﻪ ﻻ ﺗﺪري اﻟﻮﺣﻲ، وﻻ ﺗﻌﻠﻢ اﻟﻘﺮآن ﻓﺂواك ،ورﻋﺎك ﻣﺎ أﺑﻐﻀﻚ ﻋﻨﺪﻣﺎ اﻟﻔﻘﻴﺮ اﻟﺬي ﻳﺴﺄل، أﺑﻄﺄ ﻋﻠﻴﻚ اﻟﻮﺣﻲ وﻃﺎﻟﺐ اﻟﻌﻠﻢ ﻻ ﺗُ ِﺴﺊ ﻣﻌﺎﻣﻠﺘﻪ، وﺗﺄﺧﺬ ﻣﺎﻟﻪ ﻓﻘﻴﺮاً ﻓﻼ ﺗﺰﺟﺮ ﻣﻦ وﺣﻲ اﻵي اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ اﻷﻟﻮﺳﻲ واﳊﺎل أن اﻵﺧﺮة ﺧﻴﺮ ﻟﻚ ﻣﻦ اﻷوﻟﻰ وأﻧﺖ ﺗﺨﺘﺎرﻫﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ ،وﻣﻦ ﺣﺎﻟﻪ ﻛﺬﻟﻚ ﻻ ﻳﺘﺮﻛﻪ رﺑﻪ؛ ﻓﻔﻴﻪ إرﺷﺎد ﻟﻠﻤﺆﻣﻨﲔ إﻟﻰ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﻼك ﻗﺮب اﻟﻌﺒﺪ إﻟﻰ اﻟﺮب ،وﺗﻮﺑﻴﺦ ﻟﻠﻤﺸﺮﻛﲔ ﲟﺎ ﻫﻢ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ اﻟﺘﺰام أﻣﺮ اﻟﺪﻧﻴﺎ واﻹﻋﺮاض ﻋﻦ اﻵﺧﺮة اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر وﻗﺪ أﻏﻨﺎه اﷲ ﻏﻨﺎءﻳﻦ :أﻋﻈﻤﻬﻤﺎ ﻏﻨﻰ اﻟﻘﻠﺐ إذ أﻟﻘﻰ ﰲ ﻗﻠﺒﻪ ﻗﻠﺔ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺎﻟﺪﻧﻴﺎ ،وﻏﻨﻰ اﳌﺎل ﺣﲔ أﻟﻬﻢ ﺧﺪﻳﺠﺔ ﻣﺸﺎرﻛﺘﻪ ﰲ ﲡﺎرﺗﻬﺎ اﻟﻌﺰ ﺑﻦ اﻟﺴﺎﺋﻞ ﻣﻨﻜﺴﺮ ﺑﺎﻟﻔﻘﺮ وذل اﻟﺴﺆال؛ ﻓﺈذا ﺿﻤﻤﺖ إﻟﻰ ﻋﺒﺪ اﻟﺴﻼم ذﻟﻚ ﺳﻮء اﻟﺮد ،ﺗﻀﺎﻋﻒ ﻛﺴﺮه ،ﻓﺈن ﻟﻢ ﲢﺴﻦ إﻟﻴﻪ ﺑﺎﻟﺒﺬل ،ﻓﻼ أﻗﻞ ﻣﻦ ﺣﺴﻦ اﻟﺮد ٤٢٨
اﻟﺴﻌﺪي ﻫﺬا ﻳﺪﺧﻞ ﻓﻴﻪ اﻟﺴﺎﺋﻞ ﻟﻠﻤﺎل واﻟﺴﺎﺋﻞ ﻟﻠﻌﻠﻢ؛ وﻟﻬﺬا ﻛﺎن اﳌﻌﻠﻢ ﻣﺄﻣﻮراً ﺑﺤﺴﻦ اﳋﻠﻖ ﻣﻊ اﳌﺘﻌﻠﻢ ،وﻣﺒﺎﺷﺮﺗﻪ ﺑﺎﻹﻛﺮام واﻟﺘﺤﲍ ﻋﻠﻴﻪ؛ ﻓﺈن ﰲ ذﻟﻚ ﻣﻌﻮﻧﺔ ﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺼﺪه ،وإﻛﺮاﻣﺎً ﳌﻦ ﻛﺎن ﻳﺴﻌﻰ ﰲ ﻧﻔﻊ اﻟﻌﺒﺎد واﻟﺒﻼد اﻷﻟﻮﺳﻲ اﻟﺘﺤﺪث ﺑﻬﺎ ﺷﻜﺮ ﻟﻬﺎ؛ وﻟﺬا اﺳﺘﺤﺐ ﺑﻌﺾ اﻟﺴﻠﻒ اﻟﺘﺤﺪث ﲟﺎ ﻋﻤﻠﻪ ﻣﻦ اﳋﻴﺮ إذا ﻟﻢ ﻳﺮد ﺑﻪ اﻟﺮﻳﺎء واﻻﻓﺘﺨﺎر وﻋﻠﻢ اﻻﻗﺘﺪاء ﺑﻪ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ٤٢٩
أﺳﻤﺎء اﻟﺴﻮرة ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﻣﻜﻴﺔ اﳌﺼﺤﻒ ٩٤ ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﺳﻮرة اﻟﺸﺮح ُﺳﻤﻴﺖ ﲟﺼﺪر اﻟﻔﻌﻞ وﺟﻪ اﻟﻨﺰول ١٢ اﻟﻮاﻗﻊ ﰲ أوﻟﻬﺎ اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /ﺗﻮﻗﻴﻔﻴﺔ ﺑﲔ ﻳﺪي آﻳﺎت اﻟﺴﻮرة ﻻﻓﺘﺘﺎﺣﻬﺎ ﺑﻬﺬه اﳉﻤﻠﺔ وﺟﻪ ﺳﻮرة اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /اﺟﺘﻬﺎدﻳﺔ ﻣﻘﺼﺪ اﻟﺴﻮرة ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺴﻮرة اﻵﻳﺎت ذﻛﺮ إﲤﺎم ﻣﻨﺔ اﷲ ﻋﻠﻰ اﳌﻮﺿــــــــــــــﻮع ﻧﺒﻴﻪ ﷺ ﺑﺰوال اﻟﻐﻢ واﳊﺮج واﻟﻌﺴﺮ ﻋﻨﻪ ،وﻣﺎ ﻣﻜﺎﻧﺔ رﺳﻮل اﷲ ﷺ ﻋﻨﺪ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻳﻮﺟﺐ ذﻟﻚ أﻏﺮاض اﻟﺴﻮرة اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ﲢﺪﺛﺖ اﻟﺴﻮرة ﻋﻦ ﻣﻜﺎﻧﺔ اﻟﺮﺳﻮل ﷺ اﳉﻠﻴﻠﺔ ،وﻣﻘﺎﻣﻪ اﻟﺮﻓﻴﻊ ﻋﻨﺪ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ،وﺗﻨﺎوﻟﺖ اﳊﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﻧﻌﻢ اﷲ اﻟﻌﺪﻳﺪة ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺪه ورﺳﻮﻟﻪ ﻣﺤﻤﺪ ﷺ ،وذﻟﻚ ﺑﺸﺮح ﺻﺪره ﺑﺎﻹﳝﺎن ،وﺗﻨﻮﻳﺮ ﻗﻠﺒﻪ ﺑﺎﳊﻜﻤﺔ واﻟﻌﺮﻓﺎن، وﺗﻄﻬﻴﺮه ﻣﻦ اﻟﺬﻧﻮب واﻷوزار ،وآﻧﺴﺘﻪ ﺑﻘﺮب اﻟﻔﺮج ،وﻗﺮب اﻟﻨﺼﺮ ﻋﻠﻰ اﻷﻋﺪاء ،وﻛﻞ ذﻟﻚ ﺑﻘﺼﺪ اﻟﺘﺴﻠﻴﺔ ﻟﺮﺳﻮل اﷲ ﷺ ﻋﻤﺎ ﻳﻠﻘﺎه ﻣﻦ أذى اﻟﻜﻔﺎر اﻟﻔﺠﺎر ،وﺗﻄﻴﻴﺐ ﺧﺎﻃﺮه اﻟﺸﺮﻳﻒ ﲟﺎ ﻣﻨﺤﻪ اﷲ ﻣﻦ اﻷﻧﻮار، وﺧﺘﻤﺖ ﺑﺎﻟﺘﺬﻛﻴﺮ ﻟﻠﻤﺼﻄﻔﻰ ﷺ ﺑﻮاﺟﺐ اﻟﺘﻔﺮغ ﻟﻌﺒﺎدة اﷲ ،ﺑﻌﺪ اﻧﺘﻬﺎﺋﻪ ﻣﻦ ﺗﺒﻠﻴﻎ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ،ﺷﻜﺮاً ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ أوﻻه ﻣﻦ اﻟﻨﻌﻢ اﳉﻠﻴﻠﺔ ٤٣٠
ﻣﻨﺎﺳﺒﺎت اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ أول اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ اﻟﺴﻮرة ﺑﺂﺧﺮﻫﺎ ﳌﺎ ﻗﺒﻠﻬﺎ ﺑﺪأت اﻟﺴﻮرة ﺑﺬﻛﺮ ﻧﻌﻤﺔ اﷲ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺪه ﷺ ﳌﺎ ﺧﺘﻤﺖ ﺳﻮرة اﻟﻀﺤﻰ ﺑﻘﻮﻟﻪ: إذ ﺷﺮح ﺻﺪره ،ﺛﻢ ﺧﺘﻤﺖ ﺑﺘﻘﺮﻳﺮ أﺣﺪ أﻋﻈﻢ ، أﺳﺒﺎب ﺷﺮح اﻟﺼﺪر أﻻ وﻫﻮ اﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﰲ ﻗﻮﻟﻪ: ﺟﺎءت ﺳﻮرة اﻟﺸﺮح ﺗﺒﻴﺎﻧﺎً ﳌﺎ أﻧﻌﻢ اﷲ ﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺪه ورﺳﻮﻟﻪ ﻣﺤﻤﺪ ﷺ ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻐﺮﻳﺐ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ذﻧﺒﻚ ﺣﻄﻄﻨﺎ ،وﻏﻔﺮﻧﺎ ﻗﺪ و ﱠﺳﻌﻨﺎ ﺑﻨﻮر اﻹﺳﻼم ﻓ ِﺠ ﱠﺪ ﰲ اﻟﻌﺒﺎدة ﺑﻌﺪ اﳊﻴﺮة واﻟﻀﻴﻖ ﻣﻦ أﺷﻐﺎل اﻟﺪﻧﻴﺎ أﺛﻘﻞ ﻓﺘﻮ ﱠﺟﻪ ،واﻃﻠﺐ ،وﺗﻀ ﱠﺮع ﻣﻦ وﺣﻲ اﻵي اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ اﻟﺸﻮﻛﺎﻧﻲ وإﳕﺎ ﺧﺺ اﻟﺼﺪر ﻷﻧﻪ ﻣﺤﻞ أﺣﻮال اﻟﻨﻔﺲ ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻮم اﺑﻦ ﻛﺜﻴﺮ واﻹدراﻛﺎت ،واﳌﺮاد :اﻻﻣﺘﻨﺎن ﻋﻠﻴﻪ ﷺ ﺑﻔﺘﺢ ﺻﺪره وﺗﻮﺳﻴﻌﻪ ﺣﺘﻰ ﻗﺎم ﲟﺎ ﻗﺎم ﺑﻪ ﻣﻦ اﻟﺪﻋﻮة ،وﻗﺪر ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻗﺪر ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺣﻤﻞ أﻋﺒﺎء اﻟﻨﺒﻮة وﺣﻔﻆ اﻟﻮﺣﻲ ﻗﺎل ﻗﺘﺎدة :رﻓﻊ اﷲ ذﻛﺮه ﰲ اﻟﺪﻧﻴﺎ واﻵﺧﺮة ،ﻓﻠﻴﺲ ﺧﻄﻴﺐ وﻻ ﻣﺘﺸﻬﺪ وﻻ ﺻﺎﺣﺐ ﺻﻼة إﻻ ﻳﻨﺎدي أﺷﻬﺪ أن ﻻ إﻟﻪ إﻻ اﷲ ،وأﺷﻬﺪ أن ﻣﺤﻤﺪاً رﺳﻮل اﷲ ﷺ اﻟﺴﻌﺪي ﺑﺸﺎرة ﻋﻈﻴﻤﺔ ،أﻧﻪ ﻛﻠﻤﺎ وﺟﺪ ﻋﺴﺮ وﺻﻌﻮﺑﺔ ،ﻓﺈن اﻟﻴﺴﺮ ﻳﻘﺎرﻧﻪ وﻳﺼﺎﺣﺒﻪ ،ﺣﺘﻰ ﻟﻮ دﺧﻞ اﻟﻌﺴﺮ ﺟﺤﺮ ﺿﺐ ﻟﺪﺧﻞ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻴﺴﺮ ،وﺗﻌﺮﻳﻒ )اﻟﻌﺴﺮ( ﰲ اﻵﻳﺘﲔ ﻳﺪل ﻋﻠﻰ أﻧﻪ واﺣﺪ ،وﺗﻨﻜﻴﺮ )اﻟﻴﺴﺮ( ﻳﺪل ﻋﻠﻰ ﺗﻜﺮاره ،ﻓﻠﻦ ﻳﻐﻠﺐ ﻋﺴﺮ ﻳﺴﺮﻳﻦ ٤٣١
أﺳﻤﺎء اﻟﺴﻮرة ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﻣﻜﻴﺔ اﳌﺼﺤﻒ ٩٥ ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﺑﲔ ﻳﺪي آﻳﺎت ﺳﻮرة اﻟﺘﲔ ﻻﻓﺘﺘﺎﺣﻬﺎ ﺑﺎﻟﻘﺴﻢ وﺟﻪ اﻟﻨﺰول ٢٨ اﻟﺴﻮرة اﻹﻟﻬﻲ ﺑﺎﻟﺘﲔ اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /ﺗﻮﻗﻴﻔﻴﺔ ﻻﻓﺘﺘﺎﺣﻬﺎ ﺑﻬﺬه اﳉﻤﻠﺔ وﺟﻪ ﺳﻮرة اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /اﺟﺘﻬﺎدﻳﺔ ﻣﻘﺼﺪ اﻟﺴﻮرة ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺴﻮرة اﻵﻳﺎت ذﻛﺮ ﻗﻴﻤﺔ اﻹﻧﺴﺎن وﺷﺮﻓﻪ اﳌﻮﺿــــــــــــــﻮع ﺑﺪﻳﻨﻪ ،وﺳﻔﻮﻟﻪ وﻫﻮاﻧﻪ ﺑﺘﺨﻠﻴﻪ ﻋﻨﻪ؛ ﻟﺬا أﻗﺴﻢ ﺗﻜﺮﱘ اﷲ ﻟﻺﻧﺴﺎن واﻧﺤﻄﺎﻃﻪ ﺑﺎﻟﻜﻔﺮ ﺑﺄﻣﺎﻛﻦ ﻧﺰول اﻟﻮﺣﻲ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ أﻏﺮاض اﻟﺴﻮرة اﺑﺘﺪأت اﻟﺴﻮرة ﺑﺎﻟﻘﺴﻢ ﺑﺎﻟﺒﻘﺎع اﳌﻘﺪﺳﺔ ،واﻷﻣﺎﻛﻦ اﳌﺸﺮﻓﺔ ،اﻟﺘﻲ ﺧﺼﻬﺎ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﺈﻧﺰال اﻟﻮﺣﻲ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ أﻧﺒﻴﺎﺋﻪ ورﺳﻠﻪ ،وﻫﻲ) :ﺑﻴﺖ اﳌﻘﺪس( ،و)ﺟﺒﻞ اﻟﻄﻮر( ،و)ﻣﻜﺔ اﳌﻜﺮﻣﺔ( أﻗﺴﻢ ﻋﻠﻰ أن اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻛ ﱠﺮم اﻹﻧﺴﺎن ،ﻓﺨﻠﻘﻪ ﰲ أﺟﻤﻞ ﺻﻮرة ،وأﺑﺪع ﺷﻜﻞ ،وإذا ﻟﻢ ﻳﺸﻜﺮ ﻧﻌﻤﺔ رﺑﻪ ،ﻓﺴﻴﺮد إﻟﻰ أﺳﻔﻞ درﻛﺎت اﳉﺤﻴﻢ، ووﺑﺨﺖ اﻟﻜﺎﻓﺮ ﻋﻠﻰ إﻧﻜﺎره ﻟﻠﺒﻌﺚ واﻟﻨﺸﻮر ،ﺑﻌﺪ ﺗﻠﻚ اﻟﺪﻻﺋﻞ اﻟﺒﺎﻫﺮة اﻟﺘﻲ ﺗﺪل ﻋﻠﻰ ﻗﺪرة رب اﻟﻌﺎﳌﲔ ،ﰲ ﺧﻠﻘﻪ ﻟﻺﻧﺴﺎن ﰲ أﺣﺴﻦ ﺷﻜﻞ ،وأﺑﻬﻰ ﺻﻮرة ،وﺧﺘﻤﺖ ﺑﺒﻴﺎن ﻋﺪل اﷲ ﺑﺈﺛﺎﺑﺔ اﳌﺆﻣﻨﲔ ،وﻋﻘﺎب اﻟﻜﺎﻓﺮﻳﻦ ٤٣٢
ﻣﻨﺎﺳﺒﺎت اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ أول اﻟﺴﻮرة ﺑﺂﺧﺮﻫﺎ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ اﻟﺴﻮرة ﳌﺎ ﻗﺒﻠﻬﺎ اﻓﺘﺘﺤﺖ اﻟﺴﻮرة ﺑﺎﻟﻘﺴﻢ ﺑﺒﻌﺾ اﻟﻨﺒﺎﺗﺎت ،وﺑﻌﺾ اﻷﻣﺎﻛﻦ اﳌﻘﺪﺳﺔ ﻋﻠﻰ إﻛﺮام اﷲ ﻟﻺﻧﺴﺎن ﺑﺨﻠﻘﻪ ﳌﺎ ذﻛﺮ اﷲ ﰲ ﺳﻮرة اﻟﺸﺮح ﻛﻤﺎل ﺧﻠﻘﻪ ﷺ وﻣﺎ ﻋﻠﻰ أﺟﻤﻞ ﺻﻮره ،وأﻧﻪ ﻗﺪ ﻳﻬﺒﻂ ﺑﻨﻔﺴﻪ وﻳﻌﺮﺿﻬﺎ ﻛﻤﻞ ﺑﻪ ،ذﻛﺮ ﰲ ﺳﻮرة اﻟﺘﲔ أﻧﻪ ﺟﻌﻞ اﻟﻨﻮع اﻟﺬي ﻟﻠﻬﻼك ﲟﺨﺎﻟﻔﺔ ﺷﺮع اﷲ ،وﺧﺘﻤﺖ ﺑﺒﻴﺎن ﻋﺪل اﷲ ﺧﻠﻖ ﻣﻨﻪ ﷺ وﻫﻮ اﻟﻨﻮع اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ أﻛﻤﻞ اﻷﻧﻮاع، ﺑﺈﺛﺎﺑﺔ اﳌﺆﻣﻨﲔ وﻋﻘﺎب اﻟﻜﺎﻓﺮﻳﻦ ﰲ ﻗﻮﻟﻪ: وأﺻﻠﻪ أﻋﻈﻢ اﻷﺻﻮل ،وﺑﻠﺪه أﻓﻀﻞ اﻟﺒﻠﺪان وﻫﻲ ﻣﻜﺔ ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻐﺮﻳﺐ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﺻﻮرة ﻣﻜﺔ ﺟﺒﻞ ﻃﻮر ﺳﻴﻨﺎء اﻟﺬي ﺑﺎﻟﺒﻌﺚ ،واﳉﺰاء ﻛﻠﱠﻢ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻮﺳﻰ ﻏﻴﺮ ﻣﻘﻄﻮع، وﻻ ﻣﻨﻘﻮص اﻟﻨﺎر؛ إن ﻟﻢ ﻳُ ِﻄﻊ اﷲ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ﻣﻦ وﺣﻲ اﻵي اﻷﻟﻮﺳﻲ اﳌﺘﺒﺎدر ﻣﻦ اﻟﺴﻴﺎق اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ ﺣﺎل اﻟﻜﺎﻓﺮ ﻳﻮم اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ، وأﻧﻪ ﻳﻜﻮن ﻋﻠﻰ أﻗﺒﺢ ﺻﻮرة وأﺑﺸﻌﻬﺎ ﺑﻌﺪ أن ﻛﺎن ﻋﻠﻰ أﺣﺴﻦ ﺻﻮرة وأﺑﺪﻋﻬﺎ؛ ﻟﻌﺪم ﺷﻜﺮه ﺗﻠﻚ اﻟﻨﻌﻤﺔ اﺑﻦ اﻟﻘﻴﻢ وﻫﺬا ﺗﻘﺮﻳﺮ ﳌﻀﻤﻮن اﻟﺴﻮرة؛ ﻣﻦ إﺛﺒﺎت اﻟﻨﺒﻮة ،واﻟﺘﻮﺣﻴﺪ، واﳌﻌﺎد ،وﺣﻜﻤﻪ ﺑﺘﻀﻤﻦ ﻧﺼﺮه ﻟﺮﺳﻮﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻛ ﱠﺬﺑﻪ ﺑﺎﳊﺠﺔ واﻟﻘﺪرة واﻟﻈﻬﻮر ﻋﻠﻴﻪ ٤٣٣
أﺳﻤﺎء اﻟﺴﻮرة ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﻣﻜﻴﺔ ﺳﻮرة اﻟﻌﻠﻖ وﺟﻪ اﳌﺼﺤﻒ ٩٦ اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻟﻮﻗﻮع ﻟﻔﻆ اﻟﻌﻠﻖ ﰲ أواﺋﻠﻬﺎ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /ﺗﻮﻗﻴﻔﻴﺔ ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﺑﲔ ﻳﺪي آﻳﺔ اﻟﻨﺰول ١ اﻟﺴﻮرة ﻻﻓﺘﺘﺎﺣﻬﺎ ﺑﻬﺬه اﳉﻤﻠﺔ وﺟﻪ ﺳﻮرة اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /ﺗﻮﻗﻴﻔﻴﺔ ﻣﻘﺼﺪ اﻟﺴﻮرة ﺳﻮرة اﻗﺮأ ﻻﻓﺘﺘﺎﺣﻬﺎ ﺑﻬﺬه اﻟﻜﻠﻤﺔ وﺟﻪ اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﺑﻴﺎن ﻛﻤﺎل اﻹﻧﺴﺎن ﺑﺎﻟﻌﻠﻢ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /اﺟﺘﻬﺎدﻳﺔ واﻟﻮﺣﻲ اﻟﺒﺎﻋﺚ ﻋﻠﻰ ﺗﻌﻠﻖ اﻟﻌﺒﺪ ﺑﺮﺑﻪ وﺧﻀﻮﻋﻪ ﻟﻪ، ﻟﻮﻗﻮع ﻟﻔﻆ )اﻟﻘﻠﻢ( ﻓﻴﻬﺎ وﺟﻪ ﺳﻮرة اﻟﻘﻠﻢ اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ وﻧﻘﺼﻪ ﲟﺨﺎﻟﻔﺔ ذﻟﻚ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /اﺟﺘﻬﺎدﻳﺔ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺴﻮرة أﻏﺮاض اﻟﺴﻮرة اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ اﳌﻮﺿﻮع اﻵﻳﺎت ﺗﻨﺎوﻟﺖ ﺳﻮرة اﻟﻌﻠﻖ ﺛﻼﺛﺔ أﻏﺮاض رﺋﻴﺴﻴﺔ ،وﻫﻲ: اﻷول :ﺑﺪء ﻧﺰول اﻟﻮﺣﻲ ﻋﻠﻰ ﺧﺎﰎ اﻷﻧﺒﻴﺎء ﻣﺤﻤﺪ ﷺ. اﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﻘﺮاءة واﻟﻌﻠﻢ واﻟﻜﺘﺎﺑﺔ اﻟﺜﺎﻧﻲ :ﻃﻐﻴﺎن اﻹﻧﺴﺎن ﺑﺎﳌﺎل ،وﲤﺮده ﻋﻠﻰ أواﻣﺮ اﷲ ﺟﻞ ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻹﻧﺴﺎن وﻧﺴﻴﺎﻧﻪ ﻟﻶﺧﺮة وﻋﻼ. ﺗﻬﺪﻳﺪ اﻟﻄﻐﺎة اﻟﺜﺎﻟﺚ :ﻗﺼﺔ اﻟﺸﻘﻲ اﳌﺮﻳﺪ )أﺑﻲ ﺟﻬﻞ( ﻓﺮﻋﻮن ﻫﺬه اﻷﻣﺔ، وﻧﻬﻴﻪ اﻟﺮﺳﻮل ﷺ ﻋﻦ اﻟﺼﻼة ،وﻣﺎ ﻧﺰل ﰲ ﺣﻘﻪ. ٤٣٤
ﻣﻨﺎﺳﺒﺎت اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ أول اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ اﻟﺴﻮرة ﺑﺂﺧﺮﻫﺎ ﳌﺎ ﻗﺒﻠﻬﺎ اﻓﺘﺘﺤﺖ اﻟﺴﻮرة ﺑﺎﻟﻘﺮاءة اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻀﻤﻦ اﻟﻌﻠﻢ ﺧﺘﻤﺖ ﺳﻮرة اﻟﺘﲔ ﺑﺬﻛﺮ اﺳﻢ اﷲ ﰲ ﻗﻮﻟﻪ: اﻟﺬي ﻫﻮ ﺳﺒﻴﻞ إﻟﻰ اﻟﻌﻤﻞ ﲟﺎ ﻓﻴﻪ اﻟﺴﺠﻮد واﻓﺘﺘﺤﺖ ﺳﻮرة اﻟﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻘﺮاءة ﺑﺎﺳﻢ اﷲ واﻻﻗﺘﺮاب اﳌﺄﻣﻮر ﺑﻬﻤﺎ ﰲ آﺧﺮ اﻟﺴﻮرة ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻐﺮﻳﺐ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻟﻴﺘﺠﺎوز اﳊ ﱠﺪ ﰲ ﺣﻘﺎً ﻗﻄﻌﺔ دم ﻏﻠﻴﻆ اﻟﻌﺼﻴﺎن ،واﻟﻜﺒﺮ اﻟﺮﺟﻮع ،واﳌﺼﻴﺮ ﺑﺴﺒﺐ أن رأى ﻧﻔﺴﻪ أﻻ ﺗﻌﺠﺐ! ﻣﺴﺘﻐﻨﻴﺎً ﲟﺎﻟﻪ ﻟﻨﺄﺧﺬﻧﻪ أﺧﺬاً ﻋﻨﻴﻔﺎً ُﲟﻘ ﱠﺪم رأﺳﻪ ﻓﻨﻄﺮﺣﻪ ﰲ اﻟﻨﺎر وأﻋﺮض ﻋﻦ اﻹﳝﺎن أﻫﻞ ﻣﺠﻠﺴﻪ ﻣﻦ ﻓﻠﻴُﺤ ِﻀﺮ ،وﻟﻴُﻨﺎد آﺛﻤﺔ ﻗﻮﻣﻪ ،وﻋﺸﻴﺮﺗﻪ ﻟﻴﺲ اﻷﻣﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﻼﺋﻜﺔ اﻟﻌﺬاب ادن ﻣﻨﻪ ﺑﺎﻟﻄﺎﻋﺔ ﻣﺎ ﻳﻈﻦ أﺑﻮ ﺟﻬﻞ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ﻣﻦ وﺣﻲ اﻵي اﺑﻦ ﺟﺰي وﺧﺺ ﻣﻦ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﺎت اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﺑﺎﻟﻘﻠﻢ ﳌﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺗﺨﻠﻴﺪ اﻟﻌﻠﻮم وﻣﺼﺎﻟﺢ اﻟﺪﻳﻦ واﻟﺪﻧﻴﺎ اﻟﻄﺒﺮي ﻗﺎل ﻗﺘﺎدة :إ ﱠن اﻟﻘﻠﻢ ﻧﻌﻤﺔ ﻣﻦ اﷲ ﻋﻈﻴﻤﺔ ،وﻟﻮﻻ ذﻟﻚ ﻟﻢ ﻳﻘﻢ دﻳﻦ ،وﻟﻢ ﻳﺼﻠﺢ ﻋﻴﺶ ﻳﺨﺒﺮ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻦ اﻹﻧﺴﺎن أﻧﻪ ذو ﻓﺮح وأﺷﺮ وﺑﻄﺮ وﻃﻐﻴﺎن اﺑﻦ ﻛﺜﻴﺮ إذا رأى ﻧﻔﺴﻪ ﻗﺪ اﺳﺘﻐﻨﻰ وﻛﺜﺮ ﻣﺎﻟﻪ .ﺛﻢ ﺗﻬﺪده وﺗﻮﻋﺪه أي :إﻟﻰ اﷲ اﳌﺼﻴﺮ واﳌﺮﺟﻊ، ووﻋﻈﻪ ﻓﻘﺎل: وﺳﻴﺤﺎﺳﺒﻚ ﻋﻠﻰ ﻣﺎﻟﻚ ﻣﻦ أﻳﻦ ﺟﻤﻌﺘﻪ وﻓﻴﻢ ﺻﺮﻓﺘﻪ ٤٣٥
أﺳﻤﺎء اﻟﺴﻮرة ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﻣﻜﻴﺔ اﳌﺼﺤﻒ ٩٧ ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﺑﲔ ﻳﺪي آﻳﺎت ﺳﻮرة اﻟﻘﺪر وﺟﻪ اﻟﻨﺰول ٢٥ اﻟﺴﻮرة اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻟﺘﻜﺮار ﻟﻔﻆ اﻟﻘﺪر ﻓﻴﻬﺎ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /ﺗﻮﻗﻴﻔﻴﺔ ﻻﻓﺘﺘﺎﺣﻬﺎ ﺑﻬﺬه اﳉﻤﻠﺔ وﺟﻪ ﺳﻮرة اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /اﺟﺘﻬﺎدﻳﺔ ﻣﻘﺼﺪ اﻟﺴﻮرة ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺴﻮرة ﺑﻴﺎن ﻋﻈﻢ ﻟﻴﻠﺔ اﻟﻘﺪر اﳌﻮﺿــــــــــــــﻮع وﻓﻀﻠﻬﺎ وﻣﺎ أﻧﺰل ﻓﻴﻬﺎ ﻓﻀﺎﺋﻞ ﻟﻴﻠﺔ اﻟﻘﺪر اﻵﻳﺎت أﻏﺮاض اﻟﺴﻮرة اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ﺗﻨﺎوﻟﺖ اﻟﺴﻮرة ﺑﺪء ﻧﺰول اﻟﻘﺮآن اﻟﻌﻈﻴﻢ ،وﻓﻀﻞ ﻟﻴﻠﺔ اﻟﻘﺪر اﻟﺘﻲ ﻧﺰل ﻓﻴﻬﺎ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ،ﻋﻠﻰ ﺳﺎﺋﺮ اﻷﻳﺎم واﻟﺸﻬﻮر ،وﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ اﻷﻧﻮار واﻟﺘﺠﻠﻴﺎت اﻟﻘﺪﺳﻴﺔ ،واﻟﻨﻔﺤﺎت اﻟﺮﺑﺎﻧﻴﺔ ،اﻟﺘﻲ ﻳﻔﻴﻀﻬﺎ اﳋﺎﻟﻖ ﺟﻞ وﻋﻼ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺎده اﳌﺆﻣﻨﲔ ،ﺗﻜﺮﳝﺎً ﻟﻨﺰول اﻟﻘﺮان اﳌﺒﲔ ،وﲢﺪﺛﺖ ﻋﻦ ﻧﺰول اﳌﻼﺋﻜﺔ اﻷﺑﺮار ﺣﺘﻰ ﻃﻠﻮع اﻟﻔﺠﺮ ،ﻓﻴﺎ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﻟﻴﻠﺔ ﻋﻈﻴﻤﺔ اﻟﻘﺪر رﻓﻴﻌﺔ اﻟﺸﺄن ،ﻫﻲ ﺧﻴﺮ ﻋﻨﺪ اﷲ ﻣﻦ أﻟﻒ ﺷﻬﺮ ٤٣٦
ﻣﻨﺎﺳﺒﺎت اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ أول اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ اﻟﺴﻮرة ﺑﺂﺧﺮﻫﺎ ﳌﺎ ﻗﺒﻠﻬﺎ اﻓﺘﺘﺤﺖ اﻟﺴﻮرة ﺑﺬﻛﺮ اﻟﻠﻴﻞ ،وﺧﺘﻤﺖ ﲟﻄﻠﻊ اﻟﻔﺠﺮ ﺟﺎءت ﺳﻮرة اﻟﻘﺪر ﺑﺎﳊﺪﻳﺚ ﻋﻦ إﻧﺰال اﻟﻘﺮآن ﰲ ﺗﻠﻚ اﻟﻠﻴﻠﺔ اﳌﺒﺎرﻛﺔ ،وﺧﺘﻤﺖ ﺳﻮرة اﻟﻌﻠﻖ ﺑﺎﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﺴﺠﻮد ﷲ وﻋﺪم اﻻﻟﺘﻔﺎت إﻟﻰ ﻣﻦ ﻳﻨﻬﻰ ﻋﻦ ﻫﺬا اﻟﺴﺠﻮد ،وﻛﺄن اﻟﻘﺮآن ﻳﺮﺷﺪﻧﺎ إﻟﻰ إﺣﻴﺎء ﻟﻴﻠﺔ اﻟﻘﺪر اﻟﺘﻲ ﺷﺮﻓﺖ ﺑﻨﺰول اﻟﻘﺮآن ﺑﺈﻛﺜﺎر اﻟﺴﺠﻮد واﻟﺘﻼوة ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻐﺮﻳﺐ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ اﻟﻜﻠﻤﺔ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ ﺟﺒﺮﻳﻞ ﻟﻴﻠﺔ اﻟﺸﺮف ،واﻟﻌﻈﻤﺔ، أﻧﺰﻟﻨﺎ اﻟﻘﺮآن ﺟﻤﻠﺔ واﺣﺪة ﻣﻦ اﻟﻠﻮح وﻛﺘﺎب اﳌﻘﺎدﻳﺮ اﶈﻔﻮظ إﻟﻰ ﺑﻴﺖ اﻟﻌﺰة ﰲ اﻟﺴﻤﺎء اﻟﺪﻧﻴﺎ أﻣﻦ ،وﺳﻼﻣﺔ ،وﺗﺴﻠﻴﻢ ﻗﻀﺎء ﻗ ﱠﺪره اﷲ ﻣﻦ اﳌﻼﺋﻜﺔ ﰲ ﺗﻠﻚ اﻟﺴﻨﺔ ﻣﻦ وﺣﻲ اﻵي اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ﺳﻮرة اﻟﻘﺪر ﻋﻠﻰ ﻗﺼﺮﻫﺎ ،إﻻ أﻧﻬﺎ ﺗﻀﻤﻨﺖ ﺗﻌﻈﻴﻢ ﻫﺬه، اﻟﻠﻴﻠﺔ ﻣﻦ ﻋﺪة أوﺟﻪ ﻣﻨﻬﺎ: اﺑﻦ ﻋﺎﺷﻮر -١ﻧﺰول اﻟﻘﺮآن ﻓﻴﻬﺎ. -٢أﻧﻪ ﺗﻜﺮر ﻓﻴﻬﺎ اﺳﻢ اﻟﻠﻴﻠﺔ ﺛﻼث ﻣﺮات ،وﻓﺨﻢ ﺷﺄﻧﻬﺎ ﺑﺎﻟﺴﺆال ﻋﻨﻬﺎ . ﺑﺼﻴﻐﺔ اﻟﺘﻨﻜﻴﺮ اﻟﺘﻲ ﺗﺪل ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻌﻈﻴﻢ. -٣ﻣﺠﻲء ، -٤اﻟﺘﻨﺼﻴﺺ ﻋﻠﻰ ﻧﺰول اﻟﺮوح -وﻫﻮ ﺟﺒﺮﻳﻞ -ﻣﻊ أﻧﻪ ﻣﻦ ﺟﻤﻠﺔ اﳌﻼﺋﻜﺔ. اﻟﺰﻣﺨﺸﺮي ﻋﻈﻢ اﻟﻘﺮآن ﻣﻦ ﺛﻼﺛﺔ أوﺟﻪ: -١أن أﺳﻨﺪ إﻧﺰاﻟﻪ إﻟﻴﻪ وﺟﻌﻠﻪ ﻣﺨﺘﺼﺎً ﺑﻪ دون ﻏﻴﺮه. -٢أﻧﻪ ﺟﺎء ﺑﻀﻤﻴﺮه دون اﺳﻤﻪ اﻟﻈﺎﻫﺮ ،ﺷﻬﺎدة ﻟﻪ ﺑﺎﻟﻨﺒﺎﻫﺔ، واﻻﺳﺘﻐﻨﺎء ﻋﻦ اﻟﺘﻨﺒﻴﻪ ﻋﻠﻴﻪ. -٣اﻟﺮﻓﻊ ﻣﻦ ﻣﻘﺪار اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي أﻧﺰل ﻓﻴﻪ. ٤٣٧
اﻟﺴﻌﺪي ﻓﺎﻟﻌﻤﻞ اﻟﺬي ﻳﻘﻊ ﻓﻴﻬﺎ ﺧﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻞ ﰲ أﻟﻒ ﺷﻬﺮ ﺧﺎﻟﻴﺔ ﻣﻨﻬﺎ ،وﻫﺬا ﳑﺎ ﺗﺘﺤﻴﺮ ﻓﻴﻪ اﻷﻟﺒﺎب ،وﺗﻨﺪﻫﺶ ﻟﻪ اﻟﻌﻘﻮل ،ﻓﻘﺪ ﻣ ﱠﻦ اﷲ ﺑﻠﻴﻠ ٍﺔ ﻳﻜﻮن اﻟﻌﻤﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﻳﻘﺎﺑﻞ وﻳﺰﻳﺪ ﻋﻠﻰ أﻟﻒ ﺷﻬﺮ ! اﺑﻦ ﻋﺜﻴﻤﲔ ﻧﺰول اﳌﻼﺋﻜﺔ ﰲ اﻷرض ﻋﻨﻮان ﻋﻠﻰ اﻟﺮﺣﻤﺔ واﳋﻴﺮ واﻟﺒﺮﻛﺔ؛ وﻟﻬﺬا إذا اﻣﺘﻨﻌﺖ اﳌﻼﺋﻜﺔ ﻣﻦ دﺧﻮل ﺷﻲء ،ﻛﺎن ذﻟﻚ دﻟﻴ ًﻼ ﻋﻠﻰ أن ﻫﺬا اﳌﻜﺎن اﻟﺬي اﻣﺘﻨﻌﺖ اﳌﻼﺋﻜﺔ ﻣﻦ دﺧﻮﻟﻪ ﻗﺪ ﻳﺨﻠﻮ ﻣﻦ اﳋﻴﺮ واﻟﺒﺮﻛﺔ ،ﻛﺎﳌﻜﺎن اﻟﺬي ﻓﻴﻪ ﺻﻮر ﻣﺤﺮﻣﺔ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ٤٣٨
أﺳﻤﺎء اﻟﺴﻮرة ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﻣﺪﻧﻴﺔ ﺳﻮرة اﻟﺒﻴﻨﺔ ﻟﻮرود ﻫﺬا اﻟﻠﻔﻆ وﺟﻪ اﳌﺼﺤﻒ ٩٨ ﰲ ﻣﻔﺘﺘﺤﻬﺎ اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /ﺗﻮﻗﻴﻔﻴﺔ ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﺑﲔ ﻳﺪي آﻳﺎت اﻟﻨﺰول ١٠٠ اﻟﺴﻮرة ﻻﻓﺘﺘﺎﺣﻬﺎ ﺑﻬﺬه اﳉﻤﻠﺔ وﺟﻪ ﺳﻮرة اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﺳﻮرة ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /ﺗﻮﻗﻴﻔﻴﺔ ﻣﻘﺼﺪ اﻟﺴﻮرة ﺳﻮرة اﻟﻘﻴﻤﺔ ﻟﻮرود ﻟﻔﻈﺔ )اﻟﻘﻴﻤﺔ( ﻓﻴﻬﺎ وﺟﻪ اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ذﻛﺮ ﻣﻨﺰﻟﺔ رﺳﺎﻟﺔ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /اﺟﺘﻬﺎدﻳﺔ اﻟﺮﺳﻮل ﷺ، ووﺿﻮﺣﻬﺎ وﻛﻤﺎﻟﻬﺎ وﺟﻪ ﺳﻮرة اﻟﺒﺮﻳﺔ اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻟﻮرود ﻟﻔﻆ )اﻟﺒﺮﻳﺔ( ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺮﺗﲔ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /اﺟﺘﻬﺎدﻳﺔ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺴﻮرة ﺳﻮرة اﳌﻨﻔﻜﲔ ﻟﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: وﺟﻪ اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /اﺟﺘﻬﺎدﻳﺔ اﳌﻮﺿﻮع اﻵﻳﺎت ﻣﻬﻤﺔ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ وﻓﻀﻴﻠﺔ اﻟﻘﺮآن ﻷﻧﻬﺎ ﲢﺪﺛﺖ ﻋﻦ أﻫﻞ اﻟﻜﺘﺎب وﺟﻪ ﺳﻮرة أﻫﻞ اﻟﻜﺘﺎب واﻓﺘﺮاق أﻫﻞ اﻟﻜﺘﺎب ﻓﻴﻪ اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /اﺟﺘﻬﺎدﻳﺔ وﻋﻴﺪ ﻟﻠﻜﺎﻓﺮﻳﻦ وﺑﺸﺮى ﻟﻠﻤﺆﻣﻨﲔ ٤٣٩
أﻏﺮاض اﻟﺴﻮرة اﺷﺘﻤﻠﺖ ﺳﻮرة اﻟﺒﻴﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺛﻼﺛﺔ أﻏﺮاض رﺋﻴﺴﻴﺔ ،وﻫﻲ: اﻷول :ﻣﻮﻗﻒ أﻫﻞ اﻟﻜﺘﺎب ﻣﻦ رﺳﺎﻟﺔ ﻣﺤﻤﺪ ﷺ ،ﺑﻌﺪ أن ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻨﺘﻈﺮون ﻗﺪوﻣﻪ ،ﻓﻠﻤﺎ ﺟﺎءﻫﻢ ﺑﺎﳊﻖ واﻟﻀﻴﺎء ﻛﺎﻧﻮا أول ﻣﻦ ﻛﺬب ﺑﺮﺳﺎﻟﺘﻪ. اﻟﺜﺎﻧﻲ :إﺧﻼص اﻟﻌﺒﺎدة ﷲ ﺟﻞ وﻋﻼ. اﻟﺜﺎﻟﺚ :ﻣﺼﻴﺮ ﻛﻞ ﻣﻦ اﻟﺴﻌﺪاء واﻷﺷﻘﻴﺎء ﰲ اﻵﺧﺮة. ﻣﻨﺎﺳﺒﺎت اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ أول اﻟﺴﻮرة ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ اﻟﺴﻮرة ﺑﺂﺧﺮﻫﺎ ﳌﺎ ﻗﺒﻠﻬﺎ ﺑﻴﻨﺖ اﻓﺘﺘﺎﺣﻴﺔ اﻟﺴﻮرة ﻋﺪم اﻧﻔﻜﺎك اﻟﻜﻔﺎر ﻋﻤﺎ ﻫﻢ ﲢﺪﺛﺖ ﺳﻮرة اﻟﻘﺪر ﻋﻦ ﻟﻴﻠﺔ ﻋﻈﻴﻤﺔ ﻧﺰل ﻓﻴﻬﺎ ﻛﺘﺎب ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺿﻼل ﻟﻠﺴﻴﺮ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻬﺪاﻳﺔ إﻻ ﺑﺎﻟﺒﻴﻨﺔ ﻋﻈﻴﻢ ﻋﻠﻰ ﻧﺒﻲ ﻛﺮﱘ ،وﺟﺎءت ﺳﻮرة اﻟﺒﻴﻨﺔ أﺛﺮ ﻫﺬا اﳌﺘﻤﺜﻠﺔ ﺑﺮﺳﻮل اﷲ ﷺ وﻣﺎ أﻧﺰل ﻋﻠﻴﻪ ،وﺧﺘﻤﺖ اﻟﻜﺘﺎب ﻓﻜﺎن ﺑﻴﻨﺔ ودﻻﻟﺔ ﻷﻫﻞ اﻟﻄﺎﻋﺔ ،ووﻳ ًﻼ وﺛﺒﻮراً ﺑﺒﻴﺎن ﺧﻴﺮﻳﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﺰم ﺑﻬﺬه اﻟﺒﻴﻨﺔ وﻣﺎ أﻋﺪ اﷲ ﻷﻫﻞ اﳌﻌﺼﻴﺔ ﻟﻪ ﻣﻦ أﺟﺮ ﻋﻈﻴﻢ ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻐﺮﻳﺐ اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ اﻟﻜﻠﻤﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ اﻟﻜﻠﻤﺔ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ اﻟﻜﻠﻤﺔ رﻗﻢ اﻵﻳﺔ واﻟﺒﻴﻨﺔ رﺳﻮل ﻣﻦ اﷲ اﻟﻌﻼﻣﺔ اﻟﺘﻲ ُو ِﻋﺪوا ﺑﻬﺎ ﺗﺎرﻛﲔ ﻛﻔﺮﻫﻢ ﰲ اﻟﻜﺘﺐ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ أﺧﺒﺎر ﺻﺎدﻗﺔ، ُﻣﻨ ﱠﺰﻫﺔ ﻣﻦ اﻟﺒﺎﻃﻞ، ﻳﻘﺮأ وأواﻣﺮ ﻋﺎدﻟﺔ ﻣﺤ ُﻔﻮﻇﺔ ﻣﻦ اﻟﺸﻴﺎﻃﲔ ﻣﻦ ﺑﻌﺪ ﻣﺎ ﺗﺒ ﱠﻴﻨﻮا اﺧﺘﻠﻒ أﻧﻪ ﻧﺒ ﱞﻲ ﺣﻘﺎً ﺗﻔﺮﻗﻮا اﻟﻴﻬﻮد واﻟﻨﺼﺎرى ﻗﺎﺻﺪﻳﻦ وﺟﻪ اﻻﺳﺘﻘﺎﻣﺔ اﷲ وﺣﺪه ﻣﺎﺋﻠﲔ ﻋﻦ اﻟﺸﺮك إﻟﻰ اﻹﳝﺎن إﻗﺎﻣﺔ ،واﺳﺘﻘﺮار اﳋﻠﻴﻘﺔ ٤٤٠
ﻣﻦ وﺣﻲ اﻵي اﻟﺒﻘﺎﻋﻲ دل ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﻏﺎﻳﺔ اﻟﻌﻮج ﻷﻫﻞ اﻟﻜﺘﺎب؛ ﻷﻧﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﳌﺎ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻢ أوﻟﻰ ﻣﻦ اﳌﺸﺮﻛﲔ ﺑﺎﻻﺟﺘﻤﺎع ﻋﻠﻰ اﻟﻬﺪى، ودل ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ أن وﻗﻮع اﻟﻠﺪد واﻟﻌﻨﺎد ﻣﻦ اﻟﻌﺎ ِﻟﻢ أﻛﺜﺮ اﺑﻦ ﺟﺰي وإﳕﺎ ﺧﺺ اﻟﺬﻳﻦ أوﺗﻮا اﻟﻜﺘﺎب ﺑﺎﻟﺬﻛﺮ ﻫﻨﺎ ﺑﻌﺪ ذﻛﺮﻫﻢ ﻣﻊ ﻏﻴﺮﻫﻢ ﰲ أول اﻟﺴﻮرة؛ ﻷﻧﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻌﻠﻤﻮن ﺻﺤﺔ ﻧﺒﻮة ﺳﻴﺪﻧﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﷺ ﲟﺎ ﻳﺠﺪون ﰲ ﻛﺘﺒﻬﻢ ﻣﻦ ذﻛﺮه اﻟﺸﻮﻛﺎﻧﻲ ﻗ ﱠﻴﺪ اﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﻌﺒﺎدة ﺑﺎﻹﺧﻼص اﻟﺬي ﻫﻮ روﺣﻬﺎ اﻟﻘﺮﻃﺒﻲ وﰲ ﻫﺬا دﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ وﺟﻮب اﻟﻨﻴﺔ ﰲ اﻟﻌﺒﺎدات؛ ﻓﺈن اﻹﺧﻼص ﻣﻦ ﻋﻤﻞ اﻟﻘﻠﺐ؛ وﻫﻮ أن ﻳﺮاد ﺑﻪ وﺟﻪ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻻ ﻏﻴﺮه اﻟﺴﻴﻮﻃﻲ ﻗﺎل أﺑﻮ ﻫﺮﻳﺮة :أﺗﻌﺠﺒﻮن ﻣﻦ ﻣﻨﺰﻟﺔ اﳌﻼﺋﻜﺔ ﻣﻦ اﷲ؟ واﻟﺬي ﻧﻔﺴﻲ ﺑﻴﺪه ﳌﻨﺰﻟﺔ اﻟﻌﺒﺪ اﳌﺆﻣﻦ ﻋﻨﺪ اﷲ ﻳﻮم اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ أﻋﻈﻢ ﻣﻦ ﻣﻨﺰﻟﺔ ﻣﻠﻚ! واﻗﺮؤوا إن ﺷﺌﺘﻢ: اﺑﻦ ﺑﺎدﻳﺲ إ ﱠن ﺷﻌﻮر اﻟﻌﺒﺪ ﺑﺮﺿﺎ اﷲ ﻋﻨﻪ؛ ﻫﻮ أﻋﻈﻢ ﻟﺬة روﺣﻴﺔ ﺗﻌﺠﺰ ﻋﻦ ﺗﺼﻮﻳﺮﻫﺎ اﻷﻟﺴﻦ! اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ اﻟﺒﻘﺎﻋﻲ ﻷﻧﻬﻢ ﻟﻢ ﻳﺒﻖ ﻟﻬﻢ أﻣﻨﻴﺔ إﻻ أﻋﻄﺎﻫﻤﻮﻫﺎ ،ﻣﻊ ﻋﻠﻤﻬﻢ أﻧﻪ ﻣﺘﻔﻀﻞ ﰲ ﺟﻤﻴﻊ ذﻟﻚ ،ﻻ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﻷﺣﺪ ﺷﻲء ،وﻻ ﻳﻘﺪره أﺣﺪ ﺣﻖ ﻗﺪره؛ ﻓﻠﻮ أﺧﺬ اﳋﻠﻖ ﲟﺎ ﻳﺴﺘﺤﻘﻮﻧﻪ أﻫﻠﻜﻬﻢ .وأﻋﻈﻢ ﻧﻌﻤﻪ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻣﺎ ﻣ ﱠﻦ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺑﻪ ﻣﻦ ﻣﺘﺎﺑﻌﺘﻬﻢ رﺳﻮل اﷲ ﷺ؛ ﻓﺈن ذﻟﻚ ﻛﺎن ﺳﺒﺒﺎً ﻟﻜﻞ ﺧﻴﺮ اﻷﻟﻮﺳﻲ اﳋﺸﻴﺔ ﻣﻼك اﻟﺴﻌﺎدة اﳊﻘﻴﻘﻴﺔ واﻟﻔﻮز ﺑﺎﳌﺮاﺗﺐ اﻟﻌﻠﻴﺔ؛ إذ ﻟﻮﻻﻫﺎ ﻟﻢ ﺗُﺘﺮك اﳌﻨﺎﻫﻲ واﳌﻌﺎﺻﻲ ،وﻻ اﺳﺘﻌﺪ ﻟﻴﻮم ﻳﺆﺧﺬ ﻓﻴﻪ ﺑﺎﻷﻗﺪام واﻟﻨﻮاﺻﻲ ٤٤١
أﺳﻤﺎء اﻟﺴﻮرة ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﻣﺪﻧﻴﺔ ﺳﻮرة اﻟﺰﻟﺰﻟﺔ ﻻﻓﺘﺘﺎﺣﻬﺎ ﺑﺎﻹﺧﺒﺎر ﻋﻦ ﺣﺪوث وﺟﻪ اﳌﺼﺤﻒ ٩٩ اﻟﺰﻟﺰال ﻗﺒﻞ ﻳﻮم اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /ﺗﻮﻗﻴﻔﻴﺔ ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﰲ ﺑﲔ ﻳﺪي آﻳﺎت اﻟﻨﺰول ٩٣ اﻟﺴﻮرة ﻻﻓﺘﺘﺎﺣﻬﺎ ﺑﻬﺬه اﳉﻤﻠﺔ وﺟﻪ ﺳﻮرة اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /ﺗﻮﻗﻴﻔﻴﺔ ﻣﻘﺼﺪ اﻟﺴﻮرة ﺳﻮرة اﻟﺰﻟﺰال ﻟﻮرود ﻟﻔﻆ اﻟﺰﻟﺰال ﰲ أوﻟﻬﺎ وﺟﻪ اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻗﺮع اﻟﻘﻠﻮب اﻟﻐﺎﻓﻠﺔ ﻧﻮع اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ /اﺟﺘﻬﺎدﻳﺔ ﻟﻠﻴﻘﲔ ﺑﺎﳊﺴﺎب واﻹﺣﺼﺎء اﻟﺪﻗﻴﻖ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺴﻮرة اﳌﻮﺿــــــــــــــﻮع اﻵﻳﺎت ﻣﻦ أﻫﻮال ﻳﻮم اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ودﻗﺔ اﳊﺴﺎب اﳌﻔﺼــــــــــــــــــــــــــــــﻞ أﻏﺮاض اﻟﺴﻮرة ﺗﻨﺎوﻟﺖ اﻟﺴﻮرة أﻫﻮال وﺷﺪاﺋﺪ ﻳﻮم اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ،وﺧﺎﺻﺔ ذﻟﻚ اﻟﺰﻟﺰال اﻟﻌﻨﻴﻒ اﻟﺬي ﻳﻜﻮن ﺑﲔ ﻳﺪي اﻟﺴﺎﻋﺔ، ﺣﻴﺚ ﻳﻨﺪك ﻛﻞ ﺻﺮح ﺷﺎﻣﺦ ،وﻳﻨﻬﺎر ﻛﻞ ﺟﺒﻞ راﺳﺦ ،وﻳﺤﺼﻞ ﻣﻦ اﻷﻣﻮر اﻟﻌﺠﻴﺒﺔ اﻟﻐﺮﻳﺒﺔ ،ﻣﺎ ﻳﻨﺪﻫﺶ ﻟﻪ اﻹﻧﺴﺎن ،ﻛﺈﺧﺮاج اﻷرض ﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﻮﺗﻰ ،وإﻟﻘﺎﺋﻬﺎ ﻣﺎ ﰲ ﺑﻄﻨﻬﺎ ،ﻣﻦ ﻛﻨﻮز ﺛﻤﻴﻨﺔ ﻣﻦ ذﻫﺐ وﻓﻀﺔ، وﺷﻬﺎدﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ إﻧﺴﺎن ﲟﺎ ﻋﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﺮﻫﺎ ،ﺗﻘﻮل :ﻋﻤﻠﺖ ﻳﻮم ﻛﺬا ،ﻛﺬا وﻛﺬا ،وﻛﻞ ﻫﺬا ﻣﻦ ﻋﺠﺎﺋﺐ ذﻟﻚ اﻟﻴﻮم اﻟﺮﻫﻴﺐ ،وﺻﻮرت اﻧﺼﺮاف اﳋﻼﺋﻖ ﻣﻦ أرض اﶈﺸﺮ ،إﻟﻰ اﳉﻨﺔ أو إﻟﻰ اﻟﻨﺎر ،واﻧﻘﺴﺎﻣﻬﻢ إﻟﻰ ﻓﺮﻳﻘﲔ ﻣﺎ ﺑﲔ ﺷﻘﻲ وﺳﻌﻴﺪ ٤٤٢
Search
Read the Text Version
- 1
- 2
- 3
- 4
- 5
- 6
- 7
- 8
- 9
- 10
- 11
- 12
- 13
- 14
- 15
- 16
- 17
- 18
- 19
- 20
- 21
- 22
- 23
- 24
- 25
- 26
- 27
- 28
- 29
- 30
- 31
- 32
- 33
- 34
- 35
- 36
- 37
- 38
- 39
- 40
- 41
- 42
- 43
- 44
- 45
- 46
- 47
- 48
- 49
- 50
- 51
- 52
- 53
- 54
- 55
- 56
- 57
- 58
- 59
- 60
- 61
- 62
- 63
- 64
- 65
- 66
- 67
- 68
- 69
- 70
- 71
- 72
- 73
- 74
- 75
- 76
- 77
- 78
- 79
- 80
- 81
- 82
- 83
- 84
- 85
- 86
- 87
- 88
- 89
- 90
- 91
- 92
- 93
- 94
- 95
- 96
- 97
- 98
- 99
- 100
- 101
- 102
- 103
- 104
- 105
- 106
- 107
- 108
- 109
- 110
- 111
- 112
- 113
- 114
- 115
- 116
- 117
- 118
- 119
- 120
- 121
- 122
- 123
- 124
- 125
- 126
- 127
- 128
- 129
- 130
- 131
- 132
- 133
- 134
- 135
- 136
- 137
- 138
- 139
- 140
- 141
- 142
- 143
- 144
- 145
- 146
- 147
- 148
- 149
- 150
- 151
- 152
- 153
- 154
- 155
- 156
- 157
- 158
- 159
- 160
- 161
- 162
- 163
- 164
- 165
- 166
- 167
- 168
- 169
- 170
- 171
- 172
- 173
- 174
- 175
- 176
- 177
- 178
- 179
- 180
- 181
- 182
- 183
- 184
- 185
- 186
- 187
- 188
- 189
- 190
- 191
- 192
- 193
- 194
- 195
- 196
- 197
- 198
- 199
- 200
- 201
- 202
- 203
- 204
- 205
- 206
- 207
- 208
- 209
- 210
- 211
- 212
- 213
- 214
- 215
- 216
- 217
- 218
- 219
- 220
- 221
- 222
- 223
- 224
- 225
- 226
- 227
- 228
- 229
- 230
- 231
- 232
- 233
- 234
- 235
- 236
- 237
- 238
- 239
- 240
- 241
- 242
- 243
- 244
- 245
- 246
- 247
- 248
- 249
- 250
- 251
- 252
- 253
- 254
- 255
- 256
- 257
- 258
- 259
- 260
- 261
- 262
- 263
- 264
- 265
- 266
- 267
- 268
- 269
- 270
- 271
- 272
- 273
- 274
- 275
- 276
- 277
- 278
- 279
- 280
- 281
- 282
- 283
- 284
- 285
- 286
- 287
- 288
- 289
- 290
- 291
- 292
- 293
- 294
- 295
- 296
- 297
- 298
- 299
- 300
- 301
- 302
- 303
- 304
- 305
- 306
- 307
- 308
- 309
- 310
- 311
- 312
- 313
- 314
- 315
- 316
- 317
- 318
- 319
- 320
- 321
- 322
- 323
- 324
- 325
- 326
- 327
- 328
- 329
- 330
- 331
- 332
- 333
- 334
- 335
- 336
- 337
- 338
- 339
- 340
- 341
- 342
- 343
- 344
- 345
- 346
- 347
- 348
- 349
- 350
- 351
- 352
- 353
- 354
- 355
- 356
- 357
- 358
- 359
- 360
- 361
- 362
- 363
- 364
- 365
- 366
- 367
- 368
- 369
- 370
- 371
- 372
- 373
- 374
- 375
- 376
- 377
- 378
- 379
- 380
- 381
- 382
- 383
- 384
- 385
- 386
- 387
- 388
- 389
- 390
- 391
- 392
- 393
- 394
- 395
- 396
- 397
- 398
- 399
- 400
- 401
- 402
- 403
- 404
- 405
- 406
- 407
- 408
- 409
- 410
- 411
- 412
- 413
- 414
- 415
- 416
- 417
- 418
- 419
- 420
- 421
- 422
- 423
- 424
- 425
- 426
- 427
- 428
- 429
- 430
- 431
- 432
- 433
- 434
- 435
- 436
- 437
- 438
- 439
- 440
- 441
- 442
- 443
- 444
- 445
- 446
- 447
- 448
- 449
- 450
- 451
- 452
- 453
- 454
- 455
- 456
- 457
- 458
- 459
- 460
- 461
- 462
- 463
- 464
- 465
- 466
- 467
- 468
- 469
- 470
- 471
- 472
- 473
- 474
- 475
- 476
- 477
- 478
- 479
- 480
- 481
- 482
- 483
- 484
- 485
- 486
- 487
- 488
- 489
- 490
- 491
- 492
- 493
- 494
- 495
- 496
- 1 - 50
- 51 - 100
- 101 - 150
- 151 - 200
- 201 - 250
- 251 - 300
- 301 - 350
- 351 - 400
- 401 - 450
- 451 - 496
Pages:
